شرح الدرة اليتيمة عناصر الدرس
* بيان الحال حده شروطه وأحكامه وصاحبه.
* الفرق بين الحال والتمييز.
* التمييز حده وأقسامه وشروطه وأقسام تمييز النسبة.
*
الإستثناء حده وأدواته وأحوال المستثنى بإلا.
* المنادى حده وأنواعه.
* المفعول له حده وشروطه.
* المفعول معه حده وأنواع العامل فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه
أجمعين.
أما بعد:
فلا زال الحديث في ذكر منصوبات من الأسماء، ذكرنا فيما سبق أن المفعول
به، والمفعول المطلق، والمفعول فيه الذي يعبر عنه بظرف الزمان وظرف
المكان يسمى المفعول فيه.
ثم ربع بالحال قال:
وَالْحَالِ مِنْ مَعْرِفَةٍ مُنَكَّرَا ... وَفَضْلَةً وَصْفًَا
كَجِئْتُ ذَاكِرَا
الحال هذه الألف منقلبة عن واو، أصله حَوَل تحركت الواو وانفتح ما
قبلها فقلبت ألفًا.
الحال في اللغة ما علم الإنسان من خير أو شر، واللفظ يذكر ويؤنث يقال:
حالٌ وحالةٌ.
إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ ... فدعه وواكب أمره واللياليَ
إذا أعجبتك الدهر حالٌ من امرئ، فيقال: حالة بالتاء على حالة.
لو أن في القوم حاكم على ..... # 1.08
إذًا على حالة، وإذا قيل: حال بفتح التاء يجوز فيه الصفة والضمير،
التأنيث والتذكير تقول: حال حسنة، وحال حسن. يجوز فيه الوجهان، أما
بالتأنيث فلا إشكال فيه تقول: حالة حسنة، أما حال بدون تأنيث بدون تاء
يجوز فيه اللفظ أنواع اللفظ تقول: حالٌ حسنٌ، ويجوز أن يقال: حالةٌ
حسنةٌ بالتأنيث.
الحال في الاصطلاح عندهم وصف فضلة يقع في جواب كيف
الحال وصف فضلة منتصب ... مفهم في حال كفردًا أذهب
قال ابن مالك هكذا.
وصفٌ المراد بالوصف هنا ما دل على ذات وحدث كما سبق، رده اسم الفاعل،
اسم المفعول، والصفة المشبهة، دائمًا المشتقات هي اسم فاعل لأنها تدل
على ذات ومعنى، صائم، عالم، ضاحك، تقول: هذه تدل على ذات متصفة بحدث.
كل ما دل على ذات وحدث فهو وصف.
إذًا الحال في الأصل لا تكون جامدةً إلا إذا أُوِّلت بالمستقبل كما
قلنا في باب النعت:
تابع مشتق أو مؤول به
يعني: في اللفظ هو جامد، لكنه في المعنى
يؤول بالمشتق. كذلك هنا حال الأصل فيها أنها تكون مشتقة، ويجوز أن تكون
جامدةً في اللفظ ولكنها تؤول في المعنى بالمشتق. (وَفَضْلَةً) المقصود
بالفضلة هنا ما يقع بعد تمام الجملة، إذا استوفت الجملة الفعل والفاعل
نقول: تأتي الفضلات. المنصوبات كلها فضلات هذا الأصل فيها إلا ما كان
أصله عمدة كخبر كان واسم إن، خبر كان نقول: هذا كان زيدٌ قائمًا،
قَائمًا هذا لا تقول: إنه فضلة. وإن كان منصوبًا، لماذا؟ لأنه في الأصل
هو خبر إذًا هو عمدة، كذلك إِنَّ زَيْدًا قَائم، زيدًا هذا أصله مبتدأ
إذًا هو منصوب. فنقول: [الفضلات] (1) المنصوبات فضلات إلا ما كان أصلها
عمدةً كخبر كان واسم إن. نقول: الفضلة هنا ما يقع بعد تمام الجملة، هذا
فيه رد لما قبله، شاع حتى على ألسنة النحاة أن الفضل ما يُستغنى عنه،
وهذا ليس بصحيح، ليس الفضلة ما يستغنى عنه، بل الفضلة ما يقع بعد تمام
الجملة، يعني: إذا جاء الفعل والفاعل تمت الجملة لأن الكلام لا يكون
إلا بالإسناد، والإسناد يقتضي مسندًا ومسندًا إليه، المسند والمسند
إليه قد يكون فاعلاً وقد يكون مبتدأً، والمسند قد يكون خبرًا وقد يكون
فعلاً. إذًا إذا وجد المسند والمسند إليه نقول: تمت الجملة. ولذلك نقول
هنا في حل المفيد: ما يحسن السكوت عليه من المتكلم بحيث لا ينتظره
السامع شيئًا آخر انتظارًا تامًا. قلنا: الانتظار التام هنا يقصد به
ماذا؟ بالفعل وفاعله، ولو بقي المفعول به أو الظرف، لماذا؟ لأن التعلق
النفسي بالمنصوبات ليس على جهة السماع، تقول: ضَرَبْتُ زَيْدًا لو لم
تذكر زيدًا وهو مفعول به زاد التركيب، ضَرَبْتُ فعل وفاعل تمت الجملة،
قد يقول قائل: لم يذكر المفعول به. نقول: نعم النفس تنتظر المفعول به
لكن انتظارها للمفعول به ليس كانتظارها للأصل الفعل والفاعل، لو قيل:
ضَرَبَ. وسكت ما حسن الكلام ما حسن الوقف من أو السكوت من المتكلم، لكن
لو قال: ضَرَبَ زَيْد. حصلت الجملة وهو نسبة الضرب إلى زيد، إذًا لا
يَرِدُ على كون الحال فضلةً قوله تعالى - لأن بعضهم يُوْرِد - {وَلَا
تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} يقول: {مَرَحاً} هذه حال وأنتم تقولون
الحال فضلةً، والفضلة ما يستغنى عنها ولا يصح أن يستغنى عنها هنا
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ} لو حذفنا {مَرَحاً} قلنا: هذه يُستغنى
عنها هل اختل المعنى؟
.
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ} قف، لكن {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ
مَرَحاً} إذًا النهي عن مشي معين، وإذا قيل: {وَلَا تَمْشِ فِي
الْأَرْضِ} وحذفنا الحال صار النهي عامًا مطلقًا لجميع أنواع المشي،
إذًا حذف الفضلة هنا ليس معناه أو كون الحال فضلةً في نحو {وَلَا
تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} ليس لكونه يجوز الاستغناء عنه، وإنما
لكونه وقع بعد الفعل والفاعل {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ
وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} {لَاعِبِينَ} إيش إعرابه؟ حال، لو قيل:
ما استغني عنها {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا} هذا نفي، هل فسد المعنى؟ نقول: نعم يفسد المعنى.
__________
(1) سبق.
إذًا المقصود أن الفضل المقصود بها ليس ما
شاع على ألسنة كثير من النحاة أنه ما يجوز أن يُستغنى عنه بحيث إذا
حذفَ تم المعنى. قلنا: لا، ليس هذا مراد، المرَاد أنه جاء بعد الفعل
والفاعل والمبتدأ والخبر.
يقع جواب كيف، يعني من ضوابط الحال أنه يصح أن يقال: كيف؟ تقول: جَاءَ
زَيْد، كَيْفَ جَاءَ زَيْد؟ ضاحكًا، جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا، هل يصح أن
تقع رَاكِبًا في جواب كيف؟ تقول: نعم، كَيْفَ جَاءَ زَيْد؟ رَاكِبًا،
ضَرَبْتُ اللِّصَّ مَكْتُوفًا ضَرَبْتُ اللِّصَّ كَيْفَ؟ مَكْتُوفًا،
إذًا صار صح أن يقع في جواب كيف.
ثمّ تُرَى عندَ اعتبارِ مَنْ عَقَلْ ... جوابَ كيفَ في سؤالِ مَنْ
سَألْ
إذًا الأصل في الحال أن تكون مشتقة.
والأصل في الحال أن تكون فضلة، ومعنى الفضلة أنها تقع بعد تمام الجملة.
الأصل في الحال أنها تقع في جواب كيف.
عرفنا الحال ما حكمها؟
نقول: وجوب النصب.
صاحب الحال كما قال الناظم هنا: (وَالْحَالِ مِنْ مَعْرِفَةٍ). صاحب
الحال هو من كانت الحال وصفًا له في المعنى، ولذلك عند الأصوليين أن
الحال هو وصفٌ لصاحبها قيد لعامله. وهي من مفاهيم المخالفة، وصفٌ
لصحابها جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا، راكبًا هذا وصف لمن؟ لزيد. إذًا هو
صاحب الحال ولذلك يشترط فيه أن يكون معرفة أو نكرة يجوز أن يُبتدئ بها،
إما أن يكون معرفة كهذا المثال جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا وكقوله تعالى:
{خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} [القمر: 7] يخرجون خُشعًا خشعًا
هذا حال وهو وصف لأنه جمع خاشع لأن فَاعِل يجمع على فُعَّل وَفُعَّال
نُصَّاب وَنُصَّب، هنا خُشّع هذا ليس خاشع، إذًا هو مشتق وصاحب الحال
هو الواو الذي في يخرجون، يخرجُون خُشَّعًا {أَبْصَارُهُمْ} إيش
إعرابها؟ {خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ}.
..
{أَبْصَارُهُمْ} بالضم، فاعل لِمَ؟ خُشَّعًا [أحسنت]. {خُشَّعاً
أَبْصَارُهُمْ} أبصارهم هذا فاعل، لماذا، لأن خُشّع اسم فاعل، واسم
الفاعل يعمل مفردًا ومثنًى وجمعًا، أبصارهم هذا فاعل لخشع، خُشَّعًا
حال من فاعل يخرجون إذًا صاحب الحال هو الواو، وهو المعرفة لأنه ضمير.
قد يعرف بـ أو يكون صاحب الحال مخصصًا مَرَرْتُ بِرَجُلٍ طَوِيلٍ
ضَاحِكًا، ضاحكًا هذا حال من رجل، والأصل في الحال صاحب الحال أن يكون
معرفة كيف جاء هنا معرفة، وصاحب الحال نكرة نقول: خصص كما أن المبتدأ
إذا وقع نكرة وجاء وصفه صح الابتداء به،
وَلا يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ ... ما لم تفد
.................
إن أفادت بوصف حينئذٍ جاز أن يُبتدئ بها، كذلك هنا صاحب الحال إن وصف
أو أضيف في {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء} [فصلت: 10]، {سَوَاء} هذا
حال من أربعة، وأربعة نكرة نقول: ما الذي سوغ أن يكون صاحب حال وهو ليس
معرفة؟ لكونه أضيف إلى ما.
{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء} اكتسب التخصيص، مَرَرْتُ بِرَجُلٍ
طَوِيلٍ ضَاحِكًا، رجل هذا موصوف وهو نكرة لكنه تخصص بالصفة وهو طويل
ضاحكًا هذا حال منه.
كذلك العموم {وَمَا أَهْلَكْنَا مِن
قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} [الشعراء: 208] {لَهَا مُنذِرُونَ}
مبتدأ وخبر، {لَهَا} خبر مقدم و {مُنذِرُونَ} هذا مبتدأ مؤخر، والجملة
في محل نصب حال {مِن قَرْيَةٍ}، ما الذي سوغ أن يكون صاحب الحال هنا
نكرة والأصل أن يكون معرفة؟ نقول: النكرة في سياق النفي تعم. كما قلنا
هناك: مَا رَجُلٌ فِي الدَّارِ، {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ}. قلنا: إذا
عمت النكرة لوقوعها في سياق النفي أو الاستفهام جاز أن تكون مبتدأ
للعموم، كذلك هنا صاحب الحال الأصل أنه يعطى حكم المبتدأ فلا يكون إلا
معرفة أو نكرة بمسوغ. لذلك قال الناظم: (وَالْحَالِ مِنْ مَعْرِفَةٍ).
يعني: يقصد به صاحب الحال أن يكون معرفة، أو في قوة المعرفة، متى يكون
في قوة المعرفة؟ إذا كان نكرة موصوفة أو مضافة أو أفادت التعميم، يقال
فيها ما قيل في المبتدأ.
صاحب الحال قد يكون فاعلاً يعني: مما تجيء منه الحال. وقد يكون فاعلاً،
وقد يكون مفعولاً، وقد تأتي منهما أو محتملة لواحد منهما. جَاءَ زَيْدٌ
رَاكِبًا، راكبًا هذا حال من زيد وهو صاحب الحال وهو معرفة وهو فاعل،
جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا، جَاءَ فعل ماضي، وزَيْدٌ فاعل، وَرَاكِبًا حال
من الفاعل. هذا لا إشكال فيه. ضَرَبْتُ اللِّصَّ مَكْتُوفًا، مكتوفًا
هذا حال من اللص وهو مفعول به، إذًا وقعت الحال من المفعول به، صاحب
الحال مفعول به. لَقِيتُ زَيْدًا رَاكِبًا، لَقِيتُ فعل وفاعل، زَيْدًا
مفعول به، رَاكِبًا هذا حال، محتمل أن يكون حالاً من الضمير التام
لَقِيتُ، ويحتمل أنه من المفعول به، يعني محتمل لهذا أو لذاك. يحتمل
لَقِيتُ أنا حال كوني راكبًا وزيدًا ماشيًا، ويحتمل أني أنا أكون
ماشيًا وزيدًا راكبًا، لَقِيتُ زَيْدًا رَاكِبَيْنِ، هذا حال منهما.
إذًا الحال قد تكون من الفاعل، وقد تكون من المفعول، وقد تكون منهما
معًا، أو محتملة لواحد منهما، وهل تكون من المبتدأ؟
هذا فيه خلاف، سيبويه رحمه الله جوزه، والجمهور على المنع
لمية موحش طلل
طلل موحشًا، طلل مبتدأ، ولِمية جار ومجرور متعلق بخبر مقدم، موحشًا هذا
حال من المبتدأ قُدِّمَت عليه، وهذا فيه خلاف، الجمهور على أنه حال من
الضمير المستتر فيه لمية لأنه متعلق بمحذوف، المهم فيه خلاف، الجمهور
على المنع، أن الحال لا تأتي من المبتدأ، وسيبويه على الجواز وأنصاره
على ذلك.
(وَالْحَالِ مِنْ مَعْرِفَةٍ مُنَكَّرَا)
يعني الحال تكون نكرة. الأصل في الحال أن تكون نكرة، لماذا؟ قالوا: لأن
الحالة جيئ بها لبيان هيئة موصوفها أو صاحبها، ولذلك يقولون: الحال
مفسرة لِمَا انْبَهَمَ من الهيئات، والتمييز مفسر لِمَا انبهم من
الزوائد، كل منهما فاسر موضح رافع للإبهام، إلا أن الإبهام الذي يرفعه
أو ترفعه الحال هو إبهام هيئة، يعني: صفة. والإبهام الذي يرفعه التمييز
هو إبهام ذات. تقول: عندي عشرون. يعني: عندي عشرون شيئًا مما يُعَدّ،
وعدّه يكون بالعشرين، ما هو هذا؟ هل هو معروف؟ هل ذات معروفة؟ ليست
معروفة فإذا جئت بالتمييز وقلت: عندي عشرون كتابًا. إذًا كتابًا هذا
تميز رفع الإبهام عن الذات، لأن ذات العشرين ليست معروفة، فإذا قلت:
عندي عشرون كتابًا أو قلمًا. فحينئذٍ جئت بالتمييز لرفع الإبهام عن
الذات، التي ليست معروفة وعشرون هذا مبهمة، أما الحال فهي الذات تكون
واضحة موصوفة لكن هيئة الذات تكون منبهمة، جَاءَ زَيْدٌ إذًا الذات
واضحة معروفة زيد، مجيء زيد يقع على صفات هل بين به قوله: جَاءَ زَيْد؟
نقول: فيه إبهام لأن المجيء قد يكون ماشيًا قد يكون راكبًا قد يكون على
كذا على أربع على رجلين، فإذا قيل: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا. نقول: قيد
المجيء، ولذلك يقولون: قيد صفة لصاحبها. لأنها في المعنى كالخبر
وكالنعت، وقيد لعاملها جَاءَ هذا مطلق، الفعل من قبيل المطلق لا من
قبيل العموم كما هو عند الأصوليين، جَاءَ هذا مطلق يحتمل عدة أشياء من
أنواع المجيء فإذا قيل: رَاكِبًا. قيده {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً
مُّتَعَمِّداً} [النساء: 93] القتل يقع على وجوه: متعمد، وشبه عمد،
وخطأ. قيل: {مُّتَعَمِّداً} من القيد لعامله، وصف لصاحبها. هنا قال:
(مُنَكَّرَا). لماذا اختصت الحال بالنكرة؟ قالوا: لأن المعنى الذي
يُراد من الحال وهو بيان هيئة الذات لا الذات، حاصل بالأصل. ما هو
الأصل في الأسماء؟ النكرة، إذا أريد أن يعبر عن وصف أو عن معنى الأصل
أن يُستعمل النكرة لأن الأصل في الأسماء النكرة، والمعرفة زيادة على
النكرة، فلا يُعدل عن الأصل إذا استوفى المعنى به إلى الفرع إلا #17.05
.... وحينئذٍ لا يجوز العدول إلى المعرفة لوجود الزيادة فيها على
النكرة إلا إذا لم تؤدي النكرة المعنى المقصود من الحال، وهنا الحال قد
أدي بالنكرة واستوفى المعنى بالنكرة إذا قيل: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا.
جَاءَ زَيْد الراكب لم نستفد بأل عنها زيادة عن النكرة، إذًا لا نأتي
بشيء زائد على ماذا؟ على النكرة، فلذلك يعدُّه بعضهم من الحد الذي لا
معنى، ولذلك قيل الأصل في الحال أن تكون نكرة، فإن جاءت معرفة أولت
بالنكرة.
والحال إن عرف لفظًا فاعتقد ... تنكيره معنى فوحدك اجتهد
هكذا قال ابن مالك.
والحال إن عرف لفظًا فاعتقد ... تنكيره معنى فوحدك اجتهد
اجتهد وحدك، وَحدك هذا في النظم إنه حال وهو معنى، نقول: اعتقد تنكيره.
يعني: اجتهد منفردًا. دخلوا الأول فالأول هذا حال، أي: دخول مرتبين
أرسلها العراك، أي: معتركًا.
الحاصل: أنه إذا جاءت الحال معرفة وجب تأويلها بنكرة، لماذا؟ لأن الأصل
في الحال أن تكون نكرة، ولا يجوز العدول عنها إلا لفائدة وهي منعدمة
هنا.
(وَالْحَالِ مِنْ مَعْرِفَةٍ مُنَكَّرَا **
وَفَضْلَةً) يعني حال كونه معطوف على منكرًا، مُنكرًا حال (وَفَضْلَةً)
هذا معطوف على منصوب والمعطوف على المنصوب منصوب، (وَفَضْلَةً) عرفنا
المراد بالفضلة أنه ما يأتي بعد تمام الجملة، (وَصْفًَا) المراد به أنه
يكون مشتقًا يعني: دالاً على ذات وحدث، ولذلك الأصل في الحال أن تكون
منتقلة وهذا هو الغالب فيها.
وكونه منتقلاً مشتقًا ... يغلب لكن ليس مستحقا
وكونه أي: الحال. وكونه منتقلاً مشتقًا الأصل في الحال أن تكون دالةً
على الانتقال، يعني وصف ليس لازمًا. ولذلك قيل: الحال مأخوذ من التحول
وهو الانتقال، يعني: أصل الوصف الذي وصف به صاحب الحال أن يكون وصفًا
غير لازمٍ، جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا، زيد هل هو متصف بالركوب مدة حياته
وطيلة الوقت؟ لا، إذًا الوصف يكون ولا يكون، هذا الأصل في الحال وإذا
جاء في بعضها ما يكون لازمًا فهذا يعتبر مسموعًا وهو على خلاف الأصل،
دعوتُ اللهَ سميعًا، دعوت الله فعل فاعل مفعول به، سمعيًا حال من
المفعول به نقول: دلالة. لازمة أو منتقلة؟ لازمة، إذًا جاءت حال وهي
لازمة، لأن الله عز وجل لا ينفك عن صفاته. خلق الله الزرافة يديها أطول
من رجليها، أطول هذا حال، رأيتم الزرافة؟ يديها أطول من رجليها - أحفظه
ولا #20.22 .... ، خلق الله الزرافة يديها أطول، أطولَ هذا حال والأصل
في الحال أن تكون منتقلة، وهنا منتقلة أو لا؟ لازمة؛ لأنها لا تكون في
الصباح أطول وفي النهار أقصر، إنما تكون لازمةً إذًا الأصل في الحال أن
تكون منتقلة، والأصل فيها أن تكون مشتقة، فإذا جاءت غير مشتقة وجب
تأويله بالمشتق، وإذا جاءت لازمةً حفظت ولا يقاس عليها.
(وَفَضْلَةً وَصْفًَا كَجِئْتُ ذَاكِرَا) جئت فعل فاعل ذاكرًا الله
مثلاً أو ذكرًا لموعدي ذاكر نقول: هذا حال، وهو حال للضمير جئت وهو
معرفة، وهو منكر وفضلة ووصف، ذاكر على وزن فَاعِل وهو اسم فاعل، هذا هو
النوع الأول الذي معنا اليوم الحال.
ثم قال:
وَكُلُّ تَمْيِيْزٍ بِشَرْطٍ كَمُلا ... كَطِبْتُ نَفْسًا وَكَمَنٍّ
عَسَلا
(وَكُلُّ تَمْيِيْزٍ) هذا معطوف على المفعول به، ثم يأتي معطوفًا على
الأول.
ومصدر ونائب ظرف الزمان والحال وكل تمييز
إذا كان العطف بالواو يكون العطف على
الأول، وإذا كان العطف بما يدل على الترتيب فكل معطوف على ما قبله،
(وَالْحَالِ)، (وَكُلُّ تَمْيِيْزٍ) تمييز تفعيل، مَيَّزَ يُمَيِّزُ
تَمْيِزًا، خَرَّجَ يُخَرِّجُ تَخْرِيجًا، إذًا هو مصدر والمراد به اسم
الفاعل من إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل، وهو مجاز مرسل عند أرباب
المجاز. (وَكُلُّ تَمْيِيْزٍ) يعني: وكل مميز هذا التمييز هذه عبارة
البصريين، وعند الكوفيين يسمى التبيين والتفسير، ولذلك تجد في بعض
التفاسير يقول: كذا تفسير. ويقصد به التمييز - لا بد أن تعرف مصطلحات
الكوفيين -. (وَكُلُّ تَمْيِيْزٍ بِشَرْطٍ كَمُلا) يعني: التمييز يعد
من المنصوبات، ولكنه ليس على جهة الوجوب إلا في بعض المواضع وإلا الأصل
في التمييز أنه جائز النصب لا واجب النصب بخلاف الحال الحَال واجبة
النصب، (بِشَرْطٍ كَمُلا) يعني: بشرط المعتبر عند النحاة المفهوم من
المثالين المذكورين (كَطِبْتُ نَفْسًا وَكَمَنٍّ عَسَلا) التمييز عند
النحاة يشارك الحال في ثلاثة أمور: (كونه اسمًا، وفضلة، ونكرة).
نكرة كالحال لأنه أودي المعنى بالأصلي وهو النكرة فلا حاجة إلى العدول
إلى الفرع وهو المعرفة لأنها زيادة وزيادتها بدون موجب تعتبر حشوًا في
الكلام.
كونه ماذا؟ اسمًا كذلك الحال كونه اسمًا.
فضلة يعني: يقع بعد تمام الجملة، ويختلف معه في كونه جامًدا يعني:
التمييز يكون جامدًا لا مشتقًا، ويكون مفسرًا لما انبهم من الذوات أو
النسبة. إذًا مفسر لما انبهم من #23.36 ... اشتركا في الرفع رفع
الإبهام إلا أن الحال ترفع إبهام ماذا؟ إبهام الذات، والذات معلومة،
وهنا التمييز يرفع إبهام الذات هي غير معلوم، عندي عشرون هذا يحتمل ثم
قلت: كتابًا. رفعت الإبهام هذا إن كان التفسير أو المفسر للمفرد، وقد
يكون مفسرًا لجملة.
إذًا نقول التمييز نوعان:
مفسر للمفرد.
ومفسر للنسبة. يعني: لمضمون الجملة. قد يكون الإبهام في المفرد، وقد
يكون الإبهام في مدلول الجملة، والذي يرفع الإبهام عن المفرد يسمى
تمييزًا عن ذات المفرد، والذي يرفع الإبهام عن مضمون الجملة يسمى
تمييزًا.
إذًا المفسر نوعان: مفسر للمفرد، ومفسر للنسبة.
المفسر للمفرد له مظان أشهرهما اثنان: بعد المقادير يعني: يرد بعد
المقادير، وهي عبارة عن ثلاثة أمور: المساحات، والمكيلات، والموزونات.
المساحات نحو: عِنْدِي جَرِيب النَّخْلَة. جريب هذا قطعة من الأرض
معلومة، عِنْدِي جَرِيب النَّخْلَة هذا مثال للمساحات.
والمكيلات: عِنْدِي صاع تمرًا.
والموزونات: عِنْدِي منوان عسل.
نقول: عِنْدِي جَرِيب، هذا فيه إبهام قوله: نخلاً. هذا تمييز، رفع
الإبهام عن مفرد فانتصب على أنه تمييز له، عندي صاعٍ من أي شيء؟ من
بُرٍّ من زبيب قال: تمرًا. صاع هذا مبهم، صاع من أي شيء؟ لا تدري، فإذا
قيل: تمرًا، نقول: هذا تميز رفع إبهام المفرد الزائد. عندي مَنَوانِ،
مَنوانِ تثنية منى كعصف# 35.37 يعني: شيء يكال به. عسلاً هذا رفع
الإبهام، هذا التمييز هنا في هذه المثل، هذه المثل منصوب ولكن نصبه على
الجواز لا على الوجوب، عِنْدِي جَرِيب النَّخْلَة نقول: يجوز فيه ثلاثة
أوجه من الإعراب:
عِنْدِي جَرِيبَ النَّخْلَ نصبه على
التمييز، ويجوز على الإضافة عِنْدِي جَرِيب نَخْلٍ عندي خبر مقدم جريب
هذا مبتدأ مؤخر وهو مضاف ونخل مضاف إليه، صار تمييزًا لكنه مجرور،
والأول تمييز أيضًا لكنه منصوب، ولذلك التمييز لا يكون دائمًا منصوبًا
قد يكون مجرورًا وقد يكون منصوبًا، ونصبه ليس على جهة الإيجاب. عِنْدِي
جَرِيب مِن نَخْلٍ أن يجر بمن، ولذلك بعضهم يعرف التمييز أنه على
إجماله.
اسم بمعنى من مبين نكره
هكذا قال ابن مالك، اسم بمعنى مِنْ يعني: من التي لبيان الجنس، لأنه
يجوز أن يجر التمييز بمن التي لبيان الجنس. إذًا عندي جريب نخل نقول:
النخل هذا تمييز، هل نصبه على الوجوب؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأنه يجوز في
هذا الترتيب ثلاثة أوجه، النصب والإيضاح عندي جريب نخل، وعندي جريب من
نخل، كذلك عندي صاع تمرًا، وعندي صاع تمرٍ، وعندي صاع من تمرٍ، عندي
منوان عسل وعندي.
.
إيش.
.
كيف.
.
منوان لماذا؟
وتَسقُطُ النُّونانِ في الإضَافَهْ ... [نحوُ رأيتُ ساكِني
الرَّصَافَهْ] (1)
إذًا النون هذه نون التثنية وتسقط عند الإضافة عندي منوا عسل، وعندي
منوان من عسل، يجوز فيه ثلاثة أوجه، هذا المفسر لما انبهم من الذوات.
النوع الأول: بعد المقادير.
الثاني: بعد العدد، ويكون منصوبًا على #27.58 ... الذي ذكره الناظم هنا
من أحد عشر إلى تسعة وتسعين، هذا يكون مفردًا منصوبًا، {إِنِّي
رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} [يوسف: 4] {كَوْكَباً} هذا تمييز
{أَحَدَ عَشَرَ}، {أَحَدَ عَشَرَ} ماذا؟ {كَوْكَباً}، {كَوْكَباً} هذا
تميز لمفرد وهو العدد، يعني: شيء معدود بـ {أَحَدَ عَشَرَ} ما نوعه ما
ذاته؟ قال: {كَوْكَباً}، {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ
نَعْجَةً} [ص: 23] إذًا أحد عشر إلى تسع وتسعين هذا يكون مفردًا
منصوبًا، من الثلاث إلى عشر يكون جمعًا مضافًا {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}
[البقرة: 228] جمع مضاف. إذًا التمييز في أحد عشر منصوب، ومن الثلاثة
إلى عشرة نقول: هذا مضاف مجرور إلى العدد، عِنْدِي عَشْرَةُ رِجَال
وَعَشْرُ نِسَاء نقول: هذا تميز لكنه مجرور. والمائة لا تكون مفردًا.
__________
(1) قال الشيخ: نحو لقيت صاحبي، ولعله سبق وتكملة البيت من الملحة كما
ذكرنا إلا أن يقصد الشيخ شاهدًا آخر.
النوع الثاني: المفسر لما، المفسر للجملة
أو للنسبة، هذا على نوعين محول وغير محول. المحول إما أن يكون محولاً
عن فاعل، وإما يكون محولاً عن مفعول، وإما أن يكون محولاً عن مبتدأ،
وغير المحول سماعي لا قياسي، امْتَلأَ الإِنَاءُ مَاءً امْتَلأَ
الإِنَاءُ فعل فاعل، امْتَلأَ فعل ماضٍ، الإِنَاءُ فاعل، امْتَلأَ
بماذا؟ قال: مَاء. إذًا رفع الإبهام عن أي شيء؟ عن مضمون الجملة، لأن
القضية هنا قضية إسنادية امْتَلأَ الإِنَاءُ فعل فاعل امْتَلأَ بماذا؟
أسندت الفعل إلى الفاعل هناك إبهام جَاءَ مَاءً كشف ورفع هذا الإبهام،
أما المحول عن الفاعل فمثاله {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} [مريم:
4] المثال المشهور {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} اشتعل فعل ماضٍ،
والرأس فاعل، والشيب هذا تيميز، اشتعل الرأس ماذا؟ نارًا أم قملاً؟
يحتمل هذا وذاك، فتقول: {شَيْباً}. إذًا رفع الإبهام، إبهام ماذا؟
مضمون الجملة، كيف عرفنا أنه محول عن فاعل؟ قالوا: الأصل اشتعل شيب
الرأس، فحُذِفَ المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، فارتفع ارتفاعه فحصل
اللبس والإبهام، فجيء بالمحذوف رفعًا لهذا الإبهام. ... {وَفَجَّرْنَا
الْأَرْضَ عُيُوناً} [القمر: 12] {عُيُوناً} هذا تمييز {وَفَجَّرْنَا
الْأَرْضَ} فجرنا فعل وفاعل، {الْأَرْضَ} مفعول به {عُيُوناً} نقول
الأصل: وفجرنا عيون الأرض. حُذِفَ المفعول به عيون وأقيم المضاف إليه
مقامه فانتصب انتصابه فحصل الإبهام في النسبة فجيء بالمضاف المحذوف على
أنه ماذا؟ على أنه تمييز رافع لماذا؟ للنسبة {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ
عُيُوناً} أيهما أبلغ؟
..
ما الفرق بينهما؟ {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} وفجرنا عيون
الأرض؟
.
كلها عيون، [نعم فتح الله عليك] {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً}
يعني: كأن الأرض كلها صارت عيونًا، أما فجرنا عيون الأرض لا الجملة
صارت، منطوقها هكذا فالمعنى يختلف، المحول عن المبتدأ تقول: زَيْدٌ
أَكْثَرُ مِنْكَ عِلْمًا. عِلْمًا هذا تمييز رافع لإبهام النسبة هنا في
المبتدأ والخبر، أصل التركيب عِلْمُ زَيْدٍ أَكْثَرُ مِنْكَ، حُذِفَ
المبتدأ وأقيم زيدٍ الذي هو مضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه، زَيْدٌ
أَكْثَرُ مِنْكَ ماذا؟ هذا فيه إبهام عِلْمًا مَالاً تَقْوًى صَلاحًا،
ما الذي يُعَيِّن؟ التمييز فجيء بالمحذوف الذي هو المبتدأ فانتصب على
أنه ماذا؟ على أنه تمييز. (وَكُلُّ تَمْيِيْزٍ بِشَرْطٍ كَمُلا) كَمُل
كَمَلَ كَمِلَ مثلث الميم، يقال: كَمَلَ كَمُلَ كَمِلَ. ... (كَطِبْتُ
نَفْسًا وَكَمَنٍّ عَسَلا) طبت نفسًا هذا مثال لأي شيء؟ طبت نفسًا؟ أي
نوعي التمييز المفرد أو النسبة؟
..
النسبة، إذا رأيت ما قبله جملة فاعلم أنه كاشف ورافع للمضمون نسبة،
(وَكَمَنٍّ عَسَلا) هذا لمفرد، منٍّ هذا مفرد منا (1) أو مفرد منوان
بالتثنية (وَكَمَنٍّ عَسَلا).
ثم ننتقل إلى الثالث من المنصوبات درسنا اليوم قال:
كَذَاكَ مُسْتَثْنَى بِنَحْوِ أَلا بَدَا ... مِنْ نَحْوِ قَامَ
الْقَوْمُ إِلا وَاحِدَا
__________
(1) المنا: مقصور عيار قديم والتثنية (منوان)، والجمع (أمناء).
[المفرغ].
المستثنى هذا اسم مفعول، اسْتَثْنَى
يَسْتَثْنِي مُسْتَثْنِيُ وَمُسْتَثْنَى، مأخوذ من الثني وقيل: الرجوع
إلى الشيء بعد الانصراف عنه.
وحدَّه عندهم - عند النحاة - وكذلك هو من مباحث الأصوليين ولهم [تفصيل]
يختلف عن النحاة، الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها.
الاستثناء أيضًا من المنصوبات لكن في بعض أقسامه، لأنه قد يجب في بعض
النقل وقد يجوز ولا يتعين النقل ببعضها، وقد يجب غير النقل في بعض
الآخر، لأنه يختلف وله أحوال متعددة.
التركيب عندنا في المستثنى عندنا مستثنى ومستثنى منه وأداة استثناء،
مستثنى منه، ومستثنى، وأداة استثناء. قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا أين
المستثنى منه؟ القوم الذي قبل إلا، هذا مستثنى منه مخرج منه، أين
المستثنى؟ زيد لأنك أخرجت زيد من القوم، تثبت لما بعد إلا الحكم
المخالف لما قبلها، أداة الاستثناء إلا هي أم الباب، ولذلك قيل: هي
الناصبة للمستثنى قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا، ما الناصب قَامَ هذا
فعل لازم ليس متعدِّيًا أليس كذلك؟ قَامَ زَيْدٌ فعل وفاعل أين مفعوله؟
نقول: هذا فعل لازم ولا يتعدَّى.
وكُلُّ فعلٍ مُتَعَدَ يَنصِبُ ... مفعولَهُ مثلُ .............
إذًا الذي لا ينصب يكون لازمًا لا مفعولاً، قَامَ الْقَوْمُ إِلا
زَيْدًا زيدًا ما الناصب له؟
..
على رأي ابن مالك رحمه الله تبعًا لبعض النحاة أن إلا لوحدها هي
الناصبة، وقيل: إلا بواسطة الفعل، لذا قال ابن مالك:
مَا اسْتَثْنَتِ إِلا مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ ... وَبَعْدَ نَفْيٍ
أَوْ كَنَفْيٍ انْتُخِبْ
إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ ...
.............................
ما استثنت إلا إذًا نسب الحكم إلى إلا نفسها وهذا رأي ابن مالك أن
الناصب للمستثنى هو ماذا؟ هو إلا، كما قلنا هناك، أو كما قيل في
التمييز عندي عشرون كتابًا، كِتابًا هذا الناصب له نفي المميز الذي هو
لفظ العشرين وإن كان جامدًا، إذًا عرفنا المستثنى منه والمستثنى.
ثم نقول: المستثنى على نوعين:
مستثنى متصل.
ومستثنى منقطع.
المتصل ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه.
والمنقطع ما لم يكن كذلك.
قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا، زيدًا هل هو من جنس القوم؟ نعم، إذًا
هذا مستثنى متصل، قَامَ الْقَوْمُ إِلا حِمَارًا، حمارًا هذا مستثنى
والمستثنى منه منقطع، المستثنى منه في التركيب الاصطلاحي هو القوم، لكن
نقول: هذا الاستثناء يسمى استثناءً منقطعًا لأن المستثنى ليس من جنس
المستثنى منه، أو ليس بعضًا مما قبله ولذلك يقال: إلا هنا على معنى
لكن، يعني: لكن الاستدراكية.
إذًا عرفنا هذه المصطلحات وعليه نقول: المستثنى يكون منصوبًا واجبَ
النصب إذا كان في كلام تام موجب، المستثنى الذي بعد إلا يكون واجب
النصب، قلنا: المستثنى قد يكون واجب النصب وقد لا يكون، متى يكون
المستثنى واجب النصب؟ نقول: إذا وقع بعد كلام تام موجب. إذًا لا بد من
توفر ثلاثة أشياء:
أن يكون الاستثناء بـ إلا هذا أولاً.
ثانيًا: أن يكون الكلام تامًا. يعني: ذكر المستثنى منه ولم يحذف. ذُكر
المستثنى منه.
أن يكون موجبًا، يعني لم يسبقه نفي أو
شبهه، قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا، نقول: قَامَ الْقَوْمُ إِلا
زَيْدًا. الاستثناء بـ إلا هذا أولاً، المستثنى منه وهو القوم مذكور لم
يحذف، الكلام منه قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا. لم يتقدم قام نفي ولا
شبه نفيٍ، والمراد بشبه النفي هنا الاستفهام والنهي، الاستفهام والنفي
والنهي ثلاثة أشياء، إذا لم يتقدمه نفي وكان الاستثناء بـ إلا وذكر
المستثنى منه نقول: وجب النصب. قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا، زيدًا
هذا مستثنى وحكمه وجوب النصب، والعامل فيه إلا وحدها على رأي ابن مالك،
أو إلا بواسطة الفعل، مطلقًا سواء كان الاستثناء منفصلاً أو منقطعًا،
قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا، واجب النصب، قَامَ الْقَوْمُ إِلا
حِمَارًا هذا واجب النصب، وهذا باتفاق الحجازيين والتميميين. إذًا هذا
النوع الأول الذي يكون المستثنى واجب النصب أن يكون الكلام تامًا
موجبًا متصلاً أو منقطعًا.
النوع الثاني: أن يكون الكلام تامًا غير موجب. يعني: أن يتقدمه نفي،
مثل ماذا؟ لو قلت: مَا قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا. نقول: هذا الكلام
تام، ولكنه غير موجب، لماذا؟ لأنه تقدمه نفي، ونمثل بالنفي فقط. مَا
قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا هنا في هذا التركيب إذا كان الكلام تامًا
غير موجب نعكس النص. نقول: الاستثناء نوعان:
متصل. ومنقطع.
إن كان الاستثناء متصلاً جاز لك وجهان:
النصب على الاستثناء.
والرفع أو الإتباع نقول: الإتباع. الإتباع على البدلية، يكون تابعًا
لما قبله، حينئذٍ يجوز لك أن تقول في مثل هذا التركيب مَا قَامَ
الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا، هذا بالنصب على الاستثناء مَا قَامَ الْقَوْمُ
إِلا زَيْدٌ بالرفع يجوز، والرفع أرجح من النصب.
مَا اسْتَثْنَتِ إِلا مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ ... وَبَعْدَ نَفْيٍ
أَوْ كَنَفْيٍ انْتُخِبْ
إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ ..
انتخب يعني اختير.
إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ ... وَعَنْ تَمِيمٍ
فِيهِ إِبْدَالٌ وَقَعْ
إذًا إذا كان الكلام تامًا غير موجبٍ وكان الاستثناء متصلاً جاز لك
وجهان:
الأول: النصب على الاستثناء وهو مرجوح.
الثاني: الإتباع لما قبله.
فيكون إعرابه بدل بعض من كل: [قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدٌ] (1)، مَا
قَامَ المثال بالنفي: مَا قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدٌ. القوم فاعل إلا
أداة استثناء ملغاة، زيدٌ بدل بعض من كلّ أو عطف بيان، والمشهور أنه
بدل بعض من كلّ، وبدل المرفوع مرفوع، تقول: مَا رَأَيْتُ الْقَوْمَ
إِلا زَيْدًا. من يوجه مَا رَأَيْتُ الْقَوْمَ إِلا زَيْدًا كم موجه
يجوز هنا؟ يجوز الوجهان الأول؟
....
منصوب على الاستثناء والثاني؟
....
مرفوع. أوقعتك [ها ها] مَا رَأَيْتُ الْقَوْمَ.
..
منصوب على الاستثناء أو منصوب على الإتباع؛ لأن البدل يأخذ حكم المبدلة
منه، مَا رَأَيْتُ الْقَوْمَ مَا رَأَيْتُ فعل فاعل، والقوم هذا مفعول
به، وزيدًا هذا إما أن يكون منصوبًا على الاستثناء، وإما أن يكون
منصوبًا على أنه بدل بعض من كل لأن القوم منصوب.
مَا مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ إِلا زَيْدًا أو إِلا زَيْدٍ.
__________
(1) سبق.
مَا مَرَرْتُ بِالْقَوْمِ إِلا زَيْدًا على
النصب على الاستثناء وهو مرجوح، وإِلا زَيْدٍ على الإتباع، والإتباع
الأرجح كما قال ابن مالك:
[وانتخب أو نعم].
مَا اسْتَثْنَتِ إِلا مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ ... وَبَعْدَ نَفْيٍ
أَوْ كَنَفْيٍ انْتُخِبْ
إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ ............. ... ...........................
إذًا هذا إذا كان الاستثناء متصلاً يجوز فيه الوجهان.
الحالة الثانية: أن يكون الاستثناء لكلام تام غير موجب أن يكون منقطعًا
يعني: أن يكون المستثنى من المستثنى منه عند الحجازيين يجب النصب، مَا
قَامَ الْقَوْمُ إِلا حِمَارًا ولا يجوز الإبدال، وعند تميم يجوز
الإبدال ويجوز النصب على الاستثناء، يعني: لا يفرقون بين المتصل وبين
المنقطع.
وَعَنْ تَمِيمٍ فِيهِ إِبْدَالٌ وَقَعْ
... وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ ... وَعَنْ تَمِيمٍ فِيهِ إِبْدَالٌ
وَقَعْ
إذًا ما كان الاستثناء ما كان الكلام فيه تامًا غير موجب عند الحجازيين
فيه تفصيل، ما كان متصلاً فيه وجهان، ما كان منقطعًا وجب فيه النصب،
عند تميم يجوز الوجهان في المتصل وفي المنقطع، هذا النوع الثاني.
النوع الثالث من الاستثناء: ما يسمى بالاستثناء المفرغ. وهو فيما إذا
حذف المستثنى منه. مَا قَامَ إِلا زَيْد، مَا رَأَيْتُ إِلا زَيْد، مَا
مَرَرْتُ إِلا بِزَيد. ما حكمه؟ حكمه كما لو لم تكن إلا موجودة في
الكلام، احذف إلا، مَا قَامَ إِلا زَيْد، ما قام زيد، إيش إعراب زيد؟
فاعل كذلك تقول: مَا قَامَ إِلا زَيْد ما نافية، قام فعل ماضٍ، إلا
أداة استثناء ملغاة، زيد فاعل، تعرب ما بعد إلا كما لو تكن إلا موجودة
في الكلام، مَا رَأَيْتُ إِلا زَيْدًا، مَا رَأَيْتُ فعل فاعل إِلا
ملغاة، زَيْدًا مفعول به، مَا مَرَرْتُ إِلا بِزَيْد، الباء حرف جر
وزيد اسم مجرور.
(كَذَاكَ مُسْتَثْنَى بِنَحْوِ أَلا بَدَا)، (بِنَحْوِ أَلا) يعني: ما
كان مثل إلا، لماذا؟ لأن التسليم هنا بالأصل لأن الأصل في الاستثناء أن
يكون بـ إلا أو إحدى أخواتها، إحدى أخواتها مثل ماذا؟ غير، وسوى.
يستثنى بغير وسوى، ما حكم غير؟
وراؤها احكم في إعرابها ... مثل اسم إلا حين يُستثنى بها
تقول: جَاءَ الْقَوْمُ غَيْرَ زَيْدًا بالنصب وجوبًا، جَاءَ الْقَوْمُ
غَيْرَ حِمَارٍ، الأول جَاءَ الْقَوْمُ غَيْرَ زَيْدًا على أنه استثناء
متصل، جَاءَ الْقَوْمُ غَيْرَ حِمَارٍ تحرك غير بما حركت به بعد إلا في
مثل هذا التركيب.
وراؤها احكم في إعرابها ... مثل اسم إلا حين يُستثنى بها
اسم إلا الذي بعد إلا ما حكمه في نحو مَا
قَامَ الْقَوْمُ إِلا زَيْدًا ما حكمه؟ وجوب النصب، إذًا تحرك راء غير
بالنصب، تقول: قَامَ الْقَوْمُ غَيْرَ زَيْدٍ بالنصب على الحال أو
الاستثناء، قَامَ الْقَوْمُ غَيْرَ حِمَارٍ، لماذا؟ لأنه كلام تام
موجب، وما بعد إلا للكلام التام الموجب يجب نصبه كذلك غير يجب نصبها،
مَا قَامَ الْقَوْمُ غَيْرَ زَيْد، مَا قَامَ الْقَوْمُ غَيْرُ زَيْد
بالنصب وبالرفع لأن ما بعد إلا في مثل هذا التركيب يجوز فيه الوجهان
الإتباع والنصب على الاستثناء، فيجوز في غير كذلك. مَا قَامَ غَيْرُ
زَيْدٍ على أنه فاعل، مَا رَأَيْتُ غَيْرَ زَيْدٍ مفعول به، مَا
مَرَرْتُ بَغَيْر زَيْد، إذًا غير يستثنى بها ويكون المستثنى هو
المضاف، غير ملازم للإضافة مَا قَامَ الْقَوْمُ غَيْرَ زَيْدٍ، زيد هو
المستثنى من الأصل هو الذي أخرج من الحكم ولكن الأداة هنا تغيرت كانت
حرفًا وهي إلا وجاء وغير وهي اسم.
كذلك سِوَى مثلها لكن لا يظهر عليها الإعراب.
[ليس] جَاءَ الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا هذا دائمًا يكون منصوبًا ولا
يكون متبوعًا ولا يكون تابعًا لما قبله، لماذا؟ لأن ليس من أخوات كان
فترفع [معي هنا] فترفع الاسم المبتدأ على أنه اسم لها، وتنصب الخبر
وخبرها هذا يجوز فيه الوجهان أو ثلاث، يتعين فيه النصب. إذًا جَاءَ
الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا قولاً واحدًا، وتُعْرِب زيدًا هذا على أنه
خبر ليس. لَيس فعل ماضٍ ناقص واسمها ضمير مستتر وجوبًا تقديره هو يعود
على بعض المفهوم من القوم وزيدًا هذا خبرها.
جَاءَ الْقَوْمُ لا يَكُون زَيْدًا، مثل لَيْسَ زَيْدًا.
بقي (خلا، وحاشا، وعدا)، خلا، وحاشا، وعدا، هذه خلا وعدا إما أن تتقدم
عليها ما أو لا، إن تقدمت عليها ما فهي فعل فتنصب ما بعدها، فتقول:
جَاءَ الْقَوْمُ مَا عَدَا مُحَمَّدًا بالنصب قولاً واحدًا، وجوز ابن
مالك قال:
وانجرار قد يرد
على لغة مسموعة ضعيفة، لكن الجمهور على أنه لا يجوز الجرّ، ولذلك نقله
ابن مالك:
وانجرار قد يرد
إذا سبقت عدا وخلا ما المصدرية فتقول: جَاءَ الْقَوْمُ مَا عَدَا
مُحَمَّدًا، محمدًا هذا مفعول به، وما مصدرية وعدا فعل ماضي فاعلها
ضمير مستتر وجوبًا تقديره يعود على بعض المفهوم من القوم، وزيدًا هذا
مفعول به ولا تقل أنه منصوب على الاستثناء.
جَاءَ الْقَوْمُ مَا خَلا زَيْدًا، يقال فيها ما قيل في ما عدا.
إذا لم تتقدمها ما جاز لك وجهان، إما تعتقد أنها فعل، وإما تعتقد أنها
حرف جرٍّ، إذا اعتقدت أنها فعل فهي ناصبة، جَاءَ الْقَوْمُ خَلا
زَيْدًا، جَاءَ الْقَوْمُ عَدا زَيْدًا، جَاءَ الْقَوْمُ خَلا زَيْدٍ
عَدَا زَيْدٍ على أنها حرف جرٍّ، ومثالها حاشا ولكن كما قال ابن مالك:
ولا تصحب ما
يعني: لا تتقدمها ما المصدرية.
إذًا إذا تقدم ما المصدرية ما عدا وخلا فهي أفعال، وإذا لم تتقدمها ما
فيجوز لك أن تنوي أنها أفعال فتنصب بها ما بعدها، ويجوز لك أن تجر بها
على أنها حرف جرٍّ، وأما حاشا ويقال حشا بدون الألف لغة فيها، وهذه لا
يجوز أن تصحب ما، فلذلك قال ابن مالك:
وَلا تَصْحَبُ مَا ** وَقِيلَ حَاشَ وَحَشَا ..
وَمَا تُنَادِيْهِ كَيَا كَنْزَ الْغِنَى
... وَيَا رَحِيْمًا بِالْعِبَادِ مُحْسِنَا
المنادى هذا نوع من المفعول به، ولذلك ابن هشام رحمه الله في ((قطر
الندى)) لما عرَّف وذكر حكم المفعول به، قال: ومنه المنادى. يعني بعض
المفعول به المنادى لِمَ؟ لأن الأصل في النداء أن يكون بياء وهذه هي
الأصل، يا زَيْدُ أصل التركيب قبل أن ينادى بيا عن الشيء أدعو زيدًا،
هذا الأصل، يَا زَيْدُ، زيد هذا الأصل فيه أنه مفعول به والعامل فيه
محذوف، أَدْعُو زَيْدًا، أُنَادِي زَيْدًا، فحُذِفَ الفعل الذي هو
أُدْعُو وَأُنَادِي وأنيب عنه ياء الندائية، ورُكِّبَ مع زيد تركيب
خمسة عشر .. #50.18 معه.
إذًا نقول هو من المنصوبات ولكن في بعض الأحوال، وإذا رأيت حالة البناء
أنه في محل نصب حينئذٍ نقول: هو منصوبٌ مطلقًا إما لفظًا وإما محلاً.
وما في هذه يعني: والذي تناديه هذا على ثلاثة أنحاء يعني: الذي يكون
منصوبًا ثلاثة أنحاء، ثلاثة أنواع لأنه الذي ذكره معًا:
- إما أن يكون مضافًا.
- وإما أن يكون شبيهًا بالمضاف.
- وإما أن يكون نكرةً [مقصودة] (1) غير مقصودة، نكرة غير مقصودة.
المضاف هنا كما مثَّل الناظم (يَا كَنْزَ الْغِنَى)، (يَا) حرف نداء،
(كَنْزَ) هذا منادى منصوبٌ وعلامةُ نصبه فتحة ظاهرة.
وتنصب المضاف في النداء ... كقولهم يا صاحب الرداء
(يَا كَنْزَ الْغِنَى) هذا نقول: منادى منصوبٌ لفظًا ينطق به وعلامة
نصبه فتحة ظاهرة على آخره، لِمَ نُصِبَ؟ لكونه مضافًا (كَنْزَ) مضاف و
(الْغِنَى) مضافٌ إليه.
(وَيَا رَحِيْمًا بِالْعِبَادِ) هذا مثالٌ للنوع الثاني، وهو الشبيه
بالمضاف، ما المراد بالشبيه بالمضاف؟ ما اتصل به شيءٌ من تمام معناه،
يعني يكون عندنا اسمٌ يعمل فيما بعده (وَيَا رَحِيْمًا بِالْعِبَادِ)
(يَا رَحِيْمًا) بمن؟
بالعباد.
إذًا اتصل به شيءٌ يتمم معناه، (بِالْعِبَادِ) جار مجرور متعلق بقوله:
(رَحِيْمَاً).
يا طالع الجبل، طالع هذا اسم فاعل منادى منصوب وعلامة نصبه فتحة ظاهرة
على آخره لما نصب لفظًا؟ لكون شبيهًا بالمضاف، ما معنى شبيهًا بالمضاف؟
له معمول وهو اسمٌ هنا، والاسم هنا مرفوع يا طالع الجبل.
يا حسنًا وجهه، حسنًا هذا صفةٌ مشبهة، وجهه هذا فاعل مرفوعٌ بها. إذًا
له تعلقٌ بما بعده، المضاف هذا لا تعلق له بما بعده (يَا كَنْزَ
الْغِنَى)، يا صاحب الرداء، يا غلام زيد، أما الشبيه بالمضاف لا بد من
كلمةٍ تتمم معناه هذه الكلمة قد تكون مرفوعة، قد تكون منصوبة، قد تكون
مجرورة، يا خيرًا من زيدٍ عندنا، يا خيرًا هذا أفعل للتفضيل، خيرًا
أصله أخير قال ابن مالك:
وغالبًا أغناهم خيرٌ وشر ... عن قولهم أخير منه وأشر
خير وشر هذه متصلة من أخير على وزن أفعل، وأشير على أفعل.
وغالبًا أغناهم خيرٌ وشر ... عن قولهم أخير منه وأشر
إذًا:
وَمَا تُنَادِيْهِ كَيَا كَنْزَ الْغِنَى ... وَيَا رَحِيْمًا
بِالْعِبَادِ مُحْسِنَا
بقي النوع الثالث وهو النكرة غير المقصودة: يا رجلا خذ بيدي، كقول
الأعمى هكذا يقول، كقول الأعمى: يا رجلاً رجل هذا نكرة وهو منصوب بماذا
نصب؟ بكونه منادًى وهو نكرةٌ غير مقصودة، يا رجل خذ بيدي. أي واحد،
المهم أن يأتي من يأخذ بيده.
__________
(1) سبق.
بقي نوع واحد، وهو المبني، متى يبنى
المنادى؟ نقول: يبنى بشرطين:
أولاً: إفراده.
وثانيًا: تعريفه.
والمراد بالمفرد في باب المنادى ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف،
فيدخل فيه زيد، ويدخل فيه رجل، ويدخل فيه زيدان، ورجلان، وزيدون،
ورجال، وهندٌ، وهندان، وهندات، كل ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف
نقول: هذا مفردٌ في باب المنادى.
حكمه: أنه يبنى على ما يُرفع به لو كان معربًا، إذا قيل: يا زيد. تقول:
زيد هذا مبني، يُبنى عليه أي شيء على الضمة، لماذا؟ لأنه لو أعرب زيد
في حالة الرفع أعرب رفعًا بالضمة.
يا زيدان هذا منادى مبني على الألف، لماذا؟ لأنه مثنى ولو رفع المثنى
في غير المبني هنا نقول إيش؟ يُرفع بالألف، إذًا يبنى على الألف.
يا زيدونَ
يبنى على الواو، لماذا؟ لأنه لو أعرب رفعًا لأعرب بالواو
وَمَا تُنَادِيْهِ كَيَا كَنْزَ الْغِنَى ... وَيَا رَحِيْمَاً
بِالْعِبَادِ مُحْسِنَا
وَانْصِبْ وَرَاعِ الشَّرْطَ مَفْعُولاً لَهُ ... كَقُمْتُ إِجْلالاً
وَتَعْظِيْمَاً لَهُ
المفعول له هو ما توفرت فيه أربعة شروط:
- أن يكون: مصدرًا.
- الثاني: أن يكون معللاً لحدثٍ.
- الثالث: أن يكون فضلة.
-الرابع: أن يكون مشاركًا لعامله وقتًا وفاعلاً.
لا بد أن يكون مصدرًا. ولا بد أن يكون فضلة. ولا بد أن يكون معلِّلاً
يعني: ذكر علةً للحدث. والرابع أن يكون مشاركًا لعامله وقتًا وفاعلاً.
(كَقُمْتُ إِجْلالاً وَتَعْظِيْمَاً لَهُ)، (قُمْتُ إِجْلالاً)،
(قُمْتُ) فعل فاعل (إِجْلالاً) نقول: هذا مفعولٌ له يقال: المفعول له،
والمفعول لأجله، والمفعول من أجله، ثلاثة أسماء (إِجْلالاً) هذا مصدر،
وذكر علةً للحدث وهو القيام، لأن ضابط المفعول له أن يصح وقوعه في جواب
لِمَ قال الحريري:
وغالبُ الأحوالِ أَن تَرَاهُ ... جوَابَ لِمْ فعلْتَ ما تَهوَاهُ
وغالب الأحوال هذا انتقد فيه قال: بل هو مطرد ليس في غالب الأحوال، بل
مطرد.
وغالبُ الأحوالِ أَن تَرَاهُ ... جوَابَ لِمْ فعلْتَ ......
سكَّن الميم للوزن، لِِمَ فعلت ما تفعل، لِمَ قُمْتَ؟ إجلالاً، إذًا هو
علةٌ لوقوع القيام، وهو متحدٌ مع عامله وقتًا وفاعلاً، الزمن زمن
الإجلال الذي قام في القلب هو زمن القيام، وفاعل الإجلال وفاعل القيام
هو واحد، إذا توفرت هذه الشروط الأربعة نقول: يجوز نصبه على المفعولية
له. إذًا لا يجب، وإنما يجوز نصبه على أنه مفعولٌ له.
كَذَاكَ بَعْدَ الْوَاوِ مَفْعُولٌ مَعَهْ ... كَسِرْتُ وَالنِّيْلَ
وَشَخْصًا ذَا سَعَهْ
هذا المفعول معه، وحدُّهُ: اسم فضلة بعد واوٍ أريد بها التنصيص على
المعية. مسبوقةٍ بفعل أو ما فيه حروفه ومعناه.
اسمٌ: إذًا لا فعل ولا جملة، اسمٌ أخرج ما وقع من الأفعال منتصبًا بعد
واو المعية لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وتشرب هذا وقع فعل منصوبٌ بأن
مضمرة وجوبًا بعد واوٍ المعية ـ هل هو مفعولٌ معه؟
نقول: لا، لماذا؟ لأنه يشترط فيه أن يكون اسمًا، لا تنهى عن خلقٍ
وتأتِيَ. هذا مثل تشرب. كذلك جاء زيدٌ والشمس طالعة يعني: مع طلوع
الشمس نقول: هذا ليس مفعولاً معه لأنه جملةٌ.
اسمٌ فضلةٌ أخرج العمدة نحو: اشترك زيدٌ وعمرٌو الواو هنا بمعنى مع،
ولكن ما بعدها عمدةٌ لا فضلة.
(بَعْدَ الْوَاوِ) أخرج ما وقع بعد (مع)،
لو قيل: جاء زيدٌ مع طلوع الشمس نقول: هذا ليس مفعولاً معه؛ لأن
المفعول معه لا يكون إلا بعد واوٍ.
أريد به التنصيص على المعية: أخرج نحو: جاء زيدٌ وعمرٌو، وعمرٌو الواو
هذه للعطف وتحتمل المعية، لذلك يجوز نصب ما بعدها على ضعف. يجوز أن
يقال: جاء زيد وعَمْرًا على أنه مفعولٌ معه لكنه فيه ضعف. والأرجح أن
يكون معطوفًا.
مسبوقٍ بفعل: إذًا العامل فيه أن يكون فعلاً، أو ما فيه معنى الفعل
وحروفه (سِرْتُ وَالنِّيْلَ)، (وَالنِّيْلَ) هذا مفعولٌ معه. واسمٌ
فضلةٌ يعني: وقع بعد تمام الجملة، اسمٌ فضلةٌ بعد واوٍ أريد بها
التنصيص على المعية، يعني: نصت المعية لا تحتمل العطف، مسبوقةٍ بفعلٍ
(سِرْتُ وَالنِّيْلَ)، العامل فيه (سِرْتُ) أنا سائرٌ والنيل، والنيل
هذا معمول لأي شيء؟ لسائر، هل هو فعل؟ نقول: لا، هو فيه معنى الفعل
وحروفه. إذًا ينصب المفعول معه الفعل وما فيه معنى الفعل وحروف #$ ...
59.57 (كَسِرْتُ وَالنِّيْلَ)،
كَذَاكَ بَعْدَ الْوَاوِ مَفْعُولٌ مَعَهْ ... كَسِرْتُ وَالنِّيْلَ
وَشَخْصَاً ذَا سَعَهْ
يعني: سرت وشخصًا ذا سعة يعني: ذا غنى
وَنَصْبُ مَفْعُولَيْ ظَنَنْتُ وَجَبَا ... وَنَحْوِهَا كَخِلْتُ
زَيْدَاً ذَاهِبَا
هذا النوع الثالث من النواسخ، سبق أن المبتدأ والخبر يدخل عليهما ما
يَنْسَخ حكمه، والناسخ إما أن يكون كان وأخواتها، وإما أن يكون إن
وأخواتها، وإما أن يكون ظن وأخواتها، وتسمى أفعال القلوب لأن معانيها
قائمةٌ في القلب، وتسمى أفعال الشك واليقين لأن منها ما يفيد في الخبر
شَكًّا كزعم وخال، ومنها - وتسمى أفعال اليقين - لأن منها ما يفيد في
الخبر يقينًا كعلم ورأى ونحوها.
تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما معًا على أنهما مفعولان لها، بعد
استيفاء فاعلها يعني: هي تحتاج إلى فاعل تقول: زيدٌ قائمٌ، أدخل عليها
(ظن) تقول: ظننت لا بد من استيفاء الفاعل [وبعد فاعل] (1)، وبعد فعلٍ
فاعل، إذًا لا بد من فاعل ظننتُ استوفتْ فاعلاً زيدًا هذا هو المبتدأ
قائمًا هذا هو الخبر، فنصبتهما على أنهما مفعولان لها (وَنَصْبُ
مَفْعُولَيْ ظَنَنْتُ وَجَبَا) هذا يجب متى؟ الوجوب عنها ليس على
إطلاقه، يجب إذا تقدم ظن على معموليها، لأن ظن باعتبار معموليها إما أن
تتقدم، وإما أن تتوسط، وإما أن تتأخر، ظننت زيدًا قائمًا، زيدًا ظننت
قائمًا، زيدًا قائمًا ظننت، هذه ثلاثة أوجه، ظننت زيدًا قائمًا هنا على
رأي البصريين يجب النصب ولا يجوز الإلغاء، لا يصح أن يقال ظننت زيدٌ
قائمًا وأجازه الكوفيون والصواب أنه يمنع، لذلك قال: (وَجَبَا). إذا
تقدمت (ظن) على معموليها، أما إذا توسطت أو تأخرت فحينئذٍ يجوز فيها
الوجهان الإلغاء [وال ... نعم] الإعمال والإهمال، تقول: زيدٌ ظننت
قائمٌ، زيدٌ مبتدأ ظننت فعلٌ فاعل وجملةٌ لا محل له من إعرابها جملة
اعتراضية قائمٌ هذا خبر، ويجوز لك أن تقول: زيدًا ظننت قائمًا، زيدًا
مفعولاً أول مقدم على ظننت، ظننت فعل وفاعل قائمًا هذا ... [خبرها] (2)
مفعولٌ ثاني لها.
__________
(1) سبق.
(2) سبق.
النوع الثالث: زيدٌ قائم ظننت، هنا تأخرت،
هنا يجوز الإلغاء وزيدٌ قائمٌ ظننت، ويجوز الإعمال زيدًا قائمًا ظننت،
ولكن الإلغاء أرجح، الإلغاء والإهمال أرجح من الإعمال بخلاف فيما إذا
توسطت، فالجمهور على أنها سيان الإعمال والإهمال ولكن المرجح أنه أن
الإعمال أولى.
وَنَصْبُ مَفْعُولَيْ ظَنَنْتُ وَجَبَا ... وَنَحْوِهَا كَخِلْتُ
زَيْدَاً ذَاهِبَا
(خِلْتُ) فعل فاعل زيدًا هذا مفعولٌ أول و (ذَاهِبَا) مفعولٌ ثاني
وَمَا أَتَى لِنَحْوِ كَانَ مِنْ خَبَرْ ... وَاسْمٍ لِنَحْوِ أَنَّ
وَلا كَلا وَزَرْ
(وَمَا أَتَى لِنَحْوِ كَانَ مِنْ خَبَرْ) بالتسكين (وَمَا أَتَى
لِنَحْوِ كَانَ مِنْ خَبَرْ) هذا سبق معنا أن كان ترفع المبتدأ وتنصب
الخبر، ونصب الخبر على جهة الوجوب ولا يجوز إلا إذا دخل عليه في ما كان
من خبر ليس.
والبَاءُ تختَصُّ بليسَ في الخَبَرْ ... كقولِهم ليسَ الفتَى
بالمُحتَقَرْ
يجوز حينئذٍ دخول الباء فيجر خبر ليس لفظًا لا محلاً {أَلَيْسَ اللَّهُ
بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] إيش إعراب {بِأَحْكَمِ}
وبعد ما وليس جر البا الخبر ... وبعد لا ونفي كان قد يجر
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ} الأصل التركيب: أليس الله أحكم بالنصب
على أنه خبرٌ ليس، دخلت عليه الباء الزائدة للتأكيد فتقول: {أَلَيْسَ
اللَّهُ} ليس فعلٌ ماضٍ ناقص، لفظ جلالة الله اسمها، الباء حرف جر
زائدة صلة للتأكيد، أحكم خبره ليس منصوبٌ وعلامة نصبه فتحةٌ مقدرةٌ على
آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. ولا يصح القول
{بِأَحْكَمِ} جار مجرور متعلق بـ .. فلا يصح، لا إله إلا الله، لا إله
حقٌ بحقٍ، إما أن تقدر بالجر بالباء وإما لا.
وَمَا أَتَى لِنَحْوِ كَانَ مِنْ خَبَرْ ... وَاسْمٍ لِنَحْوِ إَِنَّ
............
إِنَّ اسمها منصوبٌ لأن (إِنَّ أَنَّ) هذه تدخل على المبتدأ والخبر،
فتنصب المبتدأ على أنه اسم لها، وترفع الخبر على أنه خبرٌ لها.
واسم إِنَّ (لِنَحْوِ إِنَّ) التي هي خبر $# ... 1.05.16
(وَلا كَلا وَزَرْ) ما المقصود بها هذه سبق معنا (لا) النافية للجنس
عمل إن اجعل للا في نكره
عمل إن مضى عمل إن النصب
عمل إن اجعل للا في نكره ... مفردة جاءتك أو مكرره
فانصب بها مضافًا أو مضارعه ... وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
|