شرح نظم المقصود عناصر الدرس
* حد الإلحاق.
* الملحق الرباعي وأبوابه.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبينا محمدًا عبده
ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ... أما بعد
.. فلا زال الحديث مع الفعل المجرد والمزيد. ذكرنا أن الفعل قسمان
مجردٌ ومزيدٌ فيه، وذكرنا أن حد المجرد: ما تجرد ماضيه عن الزائد.
والمزيد فيه الذي يسميه بعضهم بالأصلي أو ذو الأصل: ما اشتمل ماضيه على
الزائد. ثم ذكرنا أن الفعل المجرد قسمان: ثلاثي، ورباعي. وذكرنا أن
الثلاثي له أبنية ثلاث: فعَل وفعِل وفعُل. وأن لكل بناءٍ بناء خاص من
الأفعال، استوفى فعَل الأبواب الثلاثة، ونقصت فعِل عن فعَل باباً واحدا
وهو فعِل يفعُل، ونقص فعُل عن فعِل وفعَل بابان: وهو فعُل يفعِل وفعُل
يفعَل بالفتح وبالكسرِ، وجاء فعُل يفعُل. هذا الثلاثي وانتهينا منه. ثم
ذكر الناظم الرباعي وهو النوع الثاني من المجرد؛ الرباعي: ما كان على
أربعة حروف أصول. ولابد من التقييد بأصول، لماذا؟ لأن الرباعي عندنا
نوعان: رباعي مجرد، ورباعيٌ مزيد. أما الثلاثي فلا يحتاج إلى تقييد
نقول: ثلاثي ونسكت، ليس عندنا ثُلاثي مزيد، لماذا؟ لأن أقل ما يكون
عليه الفعل هو ثلاثة أحرف. إذاً لا تكون إلا أصولاً، أما الرباعي فيأتي
مجرداً، ويأتي مزيداً. الفعل الرباعي المجرد الذي تكون من أربعة أحرف
أصول قلنا بابه واحد وهو فَعْلَلَ، لم يزد عليه لم يُسمع غير فَعْلَلَ،
وذكرنا العلة من جهة العقل أنه يقتضي أن يكون على ثمانية وأربعين باباً
أو وزناً أو بناءً، ولكن المسموع هو فَعْلَلَ فقط بإسكان عينه مع
الفتحات، لماذا؟ قال: لأنه ثقيل، الفعل في أصله ولو كان ثلاثياً فهو
ثقيل، فلم يزيدوا عليه أولم يقتضِ أن يزاد على الثلاثي مع كونه ثقيلاً
إلا بالتزام الفتحاتن أن يكون مفتوحاً في أوله وثانيه وثالثه ورابعه،
ولكن لما كرهوا توالي أربع متحركات فيما هو كلمة واحدة اضطروا إلى
تسكين ثانيه، وذكرنا وجه الاضطرار هنا فصار فَعْلَلَ، إذاً ليس عندنا
إلا فَعْلَلَ، وفَعْلَلَ يأتي لازماً ويأتي متعدياً، والأكثرُ فيه
التعدي، نحو ماذا متعدي؟ نحو دَحْرَجَ، دحرج هذا متعدي، دحرج زيدٌ
عمراً، دحرج زيدٌ الحجر مثلاً فنقول: الحجر هذا مفعول به، ودحرج فعلٌ
ماضٍ، وزيدٌ هذا الفاعل. ويأتي لازماً نحو بَرْهَمَ وحَصْحَصَ {الآن
حَصْحَصَ الحقُ} [يوسف:51]، أي بان الحق وظهر، هذا فعلٌ رُباعي مُجرد
الأصول وهو لازمٌ، يعني رفع فاعلا ولم ينصب مفعولاً. إذاً بابه
فَعْلَلَ يأتي لازماً ويأتي متعدياً، والأكثر فيه التعدي. والمضارع على
كم باب؟ باب واحد، بابُ المضارع مضارع فَعْلَلَ واحد كماضيه وهو
يُفَعْلِلُ.
إذا أردت أن تحفظ الوزن فاحفظ مثالاً له،
يُدَحْرِجَ يُفَعْلِلُ، إذا أردت أن تحفظ يُفَعْلِلُ قد يُشكل عليك لكن
قل: يُدَحْرِجَ، دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ يُفَعْلِلُ فعْلَلَ يُفعْلِلُ.
إذاً لم يُسمع إلا بابٌ واحدٌ فقط. قال: (وَالْحِقْ بِهِ سِتًّا
بِغَيرِ زَائِدِ) قلنا: باب الإلحاق ما حده؟ أن تُجعل كلمةٌ مثل كلمة
أخرى. يعني تكون كلمة مساوية لكلمة أخرى بسبب زيادة حرفٍ أو أكثر،
لِمَ؟ قالوا: من أجل أن يُتصرف في الكلمة المُلحقة مثل تصاريف الكلمة
المُلحق بها، أن يُزاد في كلمة لتكون مثل كلمة أخرى، إلحاق بناءٍ
ببناءٍ آخر، لماذا؟ قالوا: ننظر في الكلمة المُلحقة فنزيدُ عليها حرفاً
أو حرفين لتصير مساوية لكلمة أخرى، فيحصل التساوي في عدد الحروف، وفي
الحركات المعينة وفي السكنات، وقلنا: شرطه: اتحاد المصدرين، لابد من
اتحاد المصدرين، وأن يكون اللفظ المُلحق موافقاً للمُلحق به في الأصالة
والزيادة؛ لأن الذي ذكره الناظم هنا المُلحق ببابِ فَعْلَلَ فقط، وإلا
المُلحق قد يكون بالرباعي المزيد بحرف مثل تدحرج واحرنجم هذه ثلاثة
أنواع، لكن الذي ذكره واكتفينا به هو النوع الأول: أن يُزاد على
الثلاثي حرفٌ واحد يصير بهذا الحرف موازناً ومساوياً لدحرج. دحرج هذا
رباعي وأصوله أربعة، إذاً ليس من الرباعي المزيد، زيد على الثلاثي حرفٌ
واحد من أجل أن يصير مساوياً لدحرج فَعْلَلَ، في ماذا؟ في عدد الحروف؛
لأنه ثُلاثي فزيد عليه حرفٌ فصار أربعة، أيضاً موازياً لفَعْلَلَ في
الحركات والسكنات أيضاً، شرطه الأصلي أن يكون متحداً معه في المصدر، أن
يكون مصدر المُلحق موازناً لمصدر الملحق به دحرج، دَحْرَجَ له مصدران
دحرج يُدحرج دحرجةً ودحراجاً، قلنا: الذي يشترط أن يكون الملحق موازناً
أو موافقاً لمصدر الملحقِ به الأول أو الثاني؟ الأول فَعْلَلَ، أما
الثاني فلا يُشترط لعدم اطراده، وإلا لخرج عربد، فإنه لا يأتي منه
الفِعلان، وكذلك قحطب، ولدخل معنا باب الإفعال أكرم يُكرِم إكراماً،
ولكن الذي يُشترط هو المصدر الأول فَعْلَلَ، مثالُ ذلك قالوا: جلْبَبَ
أصله جلب؛ جلب هذا فعلٌ ماضي ثُلاثي أتى بشيء من خارج ليُباع من بلدٍ
لآخر، جلب زيدت عليه الباء صار جلبب على وزن فَعْلَلَ، إذاً صار جلبب
كدحرج، نقول: دحرج فعلٌ ماضي جلبب فعلٌ ماضي، دحرج المضارع منه يُدحرِج
يُفَعْلِلُ، إذاً المضارع من جلبب يُجَلْبِبُ، لماذا قلنا المضارع من
جلبب يجلبب؟ لأننا زدنا في جلب من أجل أن يكون المضارع من جلبب موازناً
ليدحرج، كذلك الأمر جَلبِب دَحرِج، المصدر من دحرج فعللة، إذاً يأتي
المصدر من جَلْبَبَ جَلْبَبةً، هل يأتي جِلْبَابَ؟ نعم يأتي جِلْبَابَ
سُمع هكذا جلبب يجلببُ جلببة وجلباباً، إذاً سمع فيه المصدر الأول،
وسُمع فيه المصدر الثاني، مثل ما يقال دحرج يُدحرجُ دحرجةً ودحراجاً،
شملل يُشمللُ شمللةً وشملالاً. بالاستقراء أن المُلحق بالفعل الرباعي
المُجرد كم وزن؟ كم بناء؟ ستة (وَالْحِقْ بِهِ سِتَاً بِغَيْرِ
زَائِدِ) (ستاً) يعني (ستاً) كائنة (بغيرِ) بابٍ (زائدٍ) عليها، هذا
على اختيار الناظم، وإلا زيد عليه.
الوزن الأول قلنا: (فَوْعَلَ)، قلنا: فوعل
مثال حوقل، حوقل زيد فيه أصله حقل من الضعف وليس حوقل اختصار لا حول
ولا قوة إلا بالله تلك شيءٌ آخر، حوقل أصلها حقل زيدت عليه الواو بين
الفاء والعين فصار حوقل على وزن فعلل، إذاً صار موازناً لدحرج فنأتي
بالفعل المضارع والمصدر من حوقل كما نأتي به من دحرج، حوقل يحوقِل
حوقلةً وحيقالاً، أصلها حوقالاً سكنت الواو وكُسِر ما قبلها فقلبت
الواو ياءً فصار حيقالاً، حوقل يحوقل حوقلة وحيقالاً. (فَعْوَلَ)
الثاني نحو جوهر، أصلُهُ جَهَرَ رفع صوته جوهر جهور فعول فوعل فعول
جهور، جهر زيدت عليه الواو بين الهاء والراء جهور، فنقول في مضارعه:
جهور جهورةً وجهواراً، يعني سمع فيه المصدران. الثالث: (فَيْعَلَ) نحو
بيطر، أصله بطر بمعنى شقّ يأتي من باب ضرب ونصر، بطر يبطِر وبطر يبطُر
يعني بابه نصر وضرب، فنقول: بيطر يُبيطِرُ بيطرة وبيطاراً، كما يقال
دحرج يُدحرج دحرجةً ودحراجاً. الرابع: (فَعْيَلَ) نحو عثير، الأصل فيها
أنه عثر بمعنى سقط، عثير يُعثيرُ زيدت الياء بين العين واللام، يُعثيرُ
عثيرةً وعثياراً عثيرةً وعثياراً. الخامس: (فَعْلَى) نحو سلقَى، سَلَقَ
هذا الأصل زيدت عليه الياء سلقيَ دحرج تحركت الياء وانفتح ما قبلها
فقلبت الياء ألفاً، يُسلقيُ هذا الأصل يُدحرجُ يُسلقيُ استثقلت الضمة
على الياء فأسقطت يُسلقي سلقيةً وسلقاياً سلقيةً دحرجةً سِلقاياً بكسر
السين سلقيةً دحرجة فَعْلَلَةً بفتح السين سلقاياً دحراجاً هذا الأصل
تطرفت الياء بعد ألفٍ زائدة فقلبت همزة سلقاءً. (وَكَذَاكَ فَعْلَلَ)
الذي هو جلبب وشَمْلَلَ وسبق مثاله. زاد بعضهم (فَنْعَلَ) و
(فَعْنَلَ)، فعنل نحو قلنس، وفنعل نحو سنبل الزرع، وسيأتينا هذا. ثم
ذكر الناظم - رحمه الله تعالى - بعد أن انتهى من الرباعي المجرد الأصول
(زيدُ الثلاثي) يعني شرع في ذكر المزيد مع أن الملحق بالفعل الرباعي
المجرد هو مزيد (والْحِقْ بِهِ سِتَاً بِغَيْرِ زَائِدِ) هذه من المزيد
بحرفٍ زائد أيضاً، لكن قلنا: إنه ذكرها مع الرباعي المجرد لاتحاد
المصدرين، فلما اتحد مصدر الرباعي المُلحق بالرباعي المجرد كأنه منه،
فلذلك ناسب أن يذكره تلوه يعني بجواره، أما الرباعي الذي سيأتي
(أَوَّلُهَا الرباعي مِثْلُ أَكْرَمَا) فهذا لم يستوِ مصدره مع مصدر
الرباعي المجرد، لذلك أكرم يكرم إكراماً إذاً هذا بَعُد عن الرباعي
الملحق بالرباعي المجرد الأصول. قال: (زيدٌ الثلاثي) هذا هو النوع
الثاني من أنواع الفعل وهو المزيد فيه: ما اشتمل ماضيه على حرف زائد.
وهو نوعان: مزيد ثُلاثي ومزيد رُباعي. يعني الثلاثي المجرد ُيزاد عليه
حرفٌ زائد أو أكثر، والرباعي المجرد يُزاد عليه حرفٌ أو أكثر. إذاً كل
منهما كما يكونا مجردين يكونا مزيدين. أن كل من الثلاثي والرباعي كما
يكونان مجردين يكونان مزيدين. إذاً مزيد على الثلاثي ومزيد على
الرباعي، شرع في بيان المزيد على الثلاثي، وسيأتي المزيد على الرباعي.
قال رحمه الله:
زَيْدُ الثلاثي أَرْبَعٌ مَعْ عَشْرِ ... وَهْيَ لِأَقْسَامٍ ثَلاَثٍ
تَجْرِي
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ مِثْلُ أَكْرَمَا ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ
كَخَاصَمَا
(زَيْدُ الثلاثي أَرْبَعٌ مَعْ عَشْرِ)
(زَيْدُ الثلاثي) (زيدُ) هذا مصدر زاد يزيدُ زيداً، زادا زاد الألف هذه
منقلبة عن الياء، ما الدليل؟ زيادة، وأيضاً؟ الفعل المضاع، والمصدر
زيد، زاد يزيد زيداً، لما قيل: زيد عرفنا أن العين لامٌ، لكن للفائدة
إذا قيل زاد فعلٌ ماضي زاد هذه الألف منقلبة عن ياء، هل هو من باب فعَل
أو فعِل أو فعُل؟ فعَل، ما الدليل على أنها من باب فعَل؟ ما الدليل هذا
غيب الآن زاد لابد من دليل حسي؟ المضارع؛ لأن زاد قطعاً ليس من فعُل،
لماذا؟ لأن فعُل كما سبق أنه يدل على الصفات اللازمة، والزيادة ليست
صفة لازمة. إذاً تعرف من نفس اللفظ الحروف المادة الجوهر تعرف أنه ليس
من باب فعُل، أيضاً يزيدُ يزيِدُ، هذا الأصل لو كان من باب فعُل الألف
هذه مُنقلبة عن ياء مضمومة لم يأتِ منه المُضارع على يفعِل؛ لأنه كما
سبق فعُل يأتي على يفعُل وعندنا يزيدُ من باب يفعِلُ إذاً قطعاً زاد
ليس من باب فعُل، وقطعاً أنه ليس من باب فعِل بكسرِ العين، لماذا؟ لأن
فعِل يفعِل هذا محصور في ألفاظ معدودة، سواء كانت شاذة فقط أو شاذة مع
القياس، وزاد يزيدُ ليس منها، لذلك إذا حفظت تلك الشواذ تعرف تقيس في
مثل هذه التراكيب، فتقول: زاد ليس من باب فعِل قطعاً، لماذا؟ لأن
مضارعه جاء على وزن يفعِل، وفعِل يفعِل محصورٌ في الفاظ معدودة، وزاد
يزيد ليس منها، ليس من باب حسِب يحسِب ولا وثِق يثِق. إذاً يبقى معنا
أنه من باب فعَل. تقول: زاد أصله زَيَد تحركت الياء وانفتح ما قبلها
فقلبت الياء ألفاً. إذاً إذا أشكل عليك هذه الألف مُنقلبة عن عين
مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة تصل إليها بهذه الطريقة، إما أن تنظر في
مادة الفعل فتصل إلى أنه هل هو من الصفات اللازمة أو لا، وتنظر في
المضارع، وهذا من فائدة أن تحفظ فعَل يأتي على ثلاثة أوزان وتعرف الشاذ
فيه، وفعِل تحفظ القياس فيه أنه يفعَل، وفعِل يفعِل أنه شاذ محصورٌ في
ألفاظ معدودة، وفعُل يأتي على وزن يفعُل، وأن فعُل ويفعُل مضطردان في
الصفات اللازمة، فكل ما جاء من الصفات غير اللازمة لا يكون من بابِ
فعُل يفعُل إلا إذا كان منقولاً من فعِل وفعَل كما سبق، علِم علُم فهِم
نصَر نصُر ضرَب ضرُب، متى ننقل فعَل إلى فعُل؟ إذا أريد الدلالة على أن
هذا الوصف صارت لازماً أو كاللازم لموصوفه، ضرُب زيدٌ عمراً إذا كان
دائماً كل ما رآه ضربهُ، يعني كأن الصفة هذه لازمة فيه مُستقرة كما
يستقر فيه صفة الكلام والشجاعة والكرم ونحو ذلك، فنقول: ضرُب وعلُم
وفهُم وقرُأ إذا كانت هذه الصفات القراءة والضرب وإلى آخره كالصفات
اللازمة في موصوفها، فحينئذٍ يجوز نقل فعَل وفعِل إلى فعُل من غيرِ
عكس.
إذاً (زيدُ الثلاثي) نقول: زيدُ هذا مصدر
زاد يزيدُ زيداً، والمصدر هنا ليس مراداً معناه الأصلي، وإنما مُراداً
به اسمُ المفعول وهو مجازٌ عند أهل المجاز أنه مجازٌ مرسل من إطلاق
المصدر وإرادة اسم المفعول، (زيدُ الثلاثي) أي مزيد هذا هو اسم المفعول
كما سيأتينا مزيدُ الثلاثي، إذاً زاد هنا ليس المراد به المعنى الأصلي
للمصدر، وسيأتينا المعنى الأصلي للمصدر ونقله إلى اسم المفعول واسم
الفاعل؛ لأن المصدر قد يُطلق ويُراد به معناه الأصلي، وقد يُطلق ويُراد
به المعنى معنى اسم المفعول، وقد يُطلق ويُراد به اسم الفاعل. (زيدُ
الثلاثي) إذاً مزيدُ الثلاثي هذا مبتدأ مزيدُ الثلاثي مزيد: زيدُ مُضاف
والثلاثي مضافٌ إليه، وسبق أنه إذا أطلق الرباعي والثلاثي من جهة اللفظ
تُعربها على حسب موقعها من الإعراب، فتقول: (زيدُ) مضاف و (الثلاثي)
مضاف إليه، لكن إذا أريد الحل حل التركيب من جهة المعنى فلابد أن يكون
الثلاثي ونحوه كالرباعي صفة لموصوف محذوف، (زيدُ الثلاثي) أي مزيدُ
الفعل الثلاثي، إذاً الفعل هذا لم قدّرناه؟ لأن الثلاثي هذا ليس وصفاً
مُستقلاً بذاته، ليس عندنا الثلاثي وليس بفعلٍ أو اسم، لابد أن يكون
صفة لموصوفٍ محذوف، فنقول: (زيدُ الثلاثي) أي مزيد الفعل الثلاثي هذا
عند الحل، وإلا في الإعراب تقول: (زيدُ) مضاف، و (الثلاثي) مضاف إليه،
إذاً مزيد الفعل الثلاثي. (زيدُ) مضاف، ما إعرابه؟ مبتدأ، والمبتدأ قد
يكون مفرداً وقد يكونُ مُركباً تركيباً إضافياً، إذا قيل: مضاف لا
ينافي كونه مبتدأ، إذاً هو مبتدأ وهو مُضاف، و (الثلاثي) مضاف إليه.
إذاً نقول: هذا من بابِ إضافة الصفة إلى موصوفها، أصل التركيب: الفعل
الثلاثي المزيد. أين الصفة؟ المزيد، أين الموصوف؟ الثلاثي، حتى نصل إلى
تركيب الناظم. الثلاثي هو الموصوف، إذا قدّمت المزيد على الثلاثي ثم
جعلته مضافاً والثلاثي مضافاً إليه (زيدُ الثلاثي) أي مزيدُ الثلاثي
نقول هذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها؛ لأن (زيد) هذا مُضاف، و
(الثلاثي) مضافٌ إليه، قبل الإضافة كان (زيد) صفةً، و (الثلاثي)
موصوفاً, فقدّمت وأخّرت وأضفت الصفة إلى موصوفها. الحاصل نقول: (زيد)
مبتدأ على حذف مضاف, يعني أبواب الفعل الثلاثي المزيد هذا أصل التركيب،
ولكن لما قُدِم وأُخّر نقول: هذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها، يعني
(زيد) صفة، و (الثلاثي) موصوف. واضح هذا؟ قد تُضاف الصفة إلى موصوفها
وهذا كثير, وقد يضاف الموصوف إلى صفته, والذي معنا هنا من باب إضافة
الصفة إلى موصوفها، الحاصل أن (زيد) هنا مبتدأ على حذف مضاف، وهو من
باب إضافة الصفة إلى موصوفها, أي أبواب الفعل الثلاثي المزيدِ فيه
(أَرْبَعٌ مَعْ عَشْرِ) للنظمِ فكّ التركيب، وإلا في الأصل أربعة عشرا
باباً، (زيدُ الثلاثي) مبتدأ، أين الخبر؟ (أربع)، (أربعٌ) هذا خبر،
والأصل أربعة، لِمَ؟ لأن المعدود هو الأبواب، قال: (أَرْبَعٌ مَعْ
عَشْرِ)، يعني أربعة عشر باباً, باباً هذا هو المعدود وهو مُذكر،
والقاعدة: أنه التخالف، يعني الجزء الأول يُخالف المعدود، والمعدود
مُذكر إذاً لابد أن يكون العدد هنا مؤنثا.
إذاً (أربعٌ) أصلها أربعةٌ، إذاً ما
المسوغُ له أن يحذف التاء هنا؟ لم أسقط التاء؟ لكون المعدودِ محذوفاً.
مثاله في السُنة: حديث «من صام رمضان ثم أتبعة ستاً» , (ستاً) يعني ست
ليالٍ أو ستة أيام؟ الصوم يكون في اليوم في النهار لا في الليل، إذاً
(ستاً) هذه على حذف التاء، والذي سوغ وسهل حذف التاء حذف المعدود.
(أَرْبَعٌ مَعْ عَشْرِ) باباً، حذف باباً، إذاً يجوزُ حذف التاء من
أربع، ويجوزُ ذكرُها، والإثباتُ أولى. (مع عشرِ) (مع) هذا ظرفٌ، وفيها
لغتان بفتح العين والسكون،
وَمَعَ مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ ...... ... ........................
الأفصح والأكثر معَ، ويجوز فيها تسكينُ العين.
وَمَعَ مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ وَنُقِلْ ... فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ
يَتَّصِلْ
يعني معَ هو الأصل، ويجوز في لغة قليلة تسكين العين، وإذا التقى هذه
اللغة مع ساكن آخر لك وجهان: إما أن تفتح وإما أن تكسر، سرتُ معَ
العالِمِ، لو قلت معْ على اللغة الثانية وهي التسكين التقى ساكنان: مع،
ال، لك وجهان: إما أن تفتح مراعاة للأصل أصل اللغة؛ لأن التسكين فرعٌ
عن الفتح، وإما أن تكسر مراعاة للقاعدة وهي أن التخلص من التقاء
الساكنين يكون بكسر أوله، فتقول: سرت مِعِ العالمِ بالكسرِ على الأصل،
وسرتُ معَ العالم بالفتح مراعاة لأصل اللغة.
وَمَعَ مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ وَنُقِلْ ... فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ
يَتَّصِلْ
إذاً (مع) نقول هنا ظرف، والظرف لابد أن يكون متعلقا بمحذوف وقع صفة لـ
(أربع)، (أربعٌ) قلنا: خبر، ما إعراب (مع)؟ نقول: هذا ظرف، والظرف هنا
متعلق بمحذوف؛ لأن الخبر إذا وقع جاراً ومجروراً أو ظرفاً لابد أن يكون
متعلقا بمحذوف،
وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ اوْ بِحَرْفِ جَرْ
إذاً (مع) هنا وقع الظرف خبراً، إذاً لابد أن يكون منوياً معنى استقر
أو مُستقر، (أربعٌ) كائنةٌ هذا صفة لـ (أربع)، كائنة (مع عشرِ)، (مع)
مُضا ف، و (عشرِ) بإسكان الشين مضافٌ إليه، (مع عشْر) (مع) مضاف، و
(عشر) مضاف إليه، والأصل في عشْرِ عشَرة، ولكن يجوز تسكينها إذا ركبت
مع المؤنث إحدى عشْرة، إحدى عشِرة على لغة تميم، يجوز التسكين، ويجوز
الكسر على لغة تميم. الحاصل أنه أشار بهذا الشطر إلى أن الفعل الثلاثي
المزيد فيه يأتي على أربعة عشر باباً.
(وَهِيَ لأَقْسَامٍ ثَلاَثٍ تَجْرِي) أي
هذه الأبواب الأربعة عشر (تجري) يعني ترجِعُ (لأقسامٍ ثلاثٍ)، (تجري)
يعني ترجع هذه الأقسام أو هذه الأبواب الأربعة عشر من أبواب الثلاثي
المزيد (لأقسامٍ ثلاثٍ). إذاً هناك جنس عام ثلاثة أقسام يندرجُ تحت كل
قسم من الأربعة عشر، فنقول: (لأقسامٍ ثلاثٍ)؛ لأن الكلام في الثلاثي
المجرد، إذاً هو ثلاثة أقسام إما القسمة العقلية تابع للاستقراء، الفعل
الثلاثي المجرد إذا زيد عليه إما أن يُزاد عليه حرفٌ واحدٌ فقط، أو
يُزاد عليه حرفان، أو ثلاثة أحرف. إما أن يُزاد حرفٌ واحد ثُلاثي مزيد
بحرف واحد، ثُلاثي مزيد بحرفين، ثلاثيٌ مزيد بثلاثة أحرف. وأقصى ما
يصلُ إليه الفعل بالزيادة ستة، الاسم أقصى ما يصلُ إليه بالزيادة سبعة،
وأما الفعل أقصى ما يصل إليه بالزيادة فهو ستة. إذاً الثلاثي لا يمكن
أن يُزاد عليه أربعة أحرف لأنه يصيرُ سباعياً، وليس عندنا في اللغة
فعلٌ مزيدٌ فيه وهو على سبعة أحرف. الثلاثي المزيد بحرفٍ له ثلاثة
أبنية، الثلاثي المزيد بحرفين له خمسة أبنية، خمسة وثلاثة كم؟ الثلاثي
المزيد بثلاثة أحرف له ستة أبنية، المجموع أربعة عشرا بناءً. يسمى
الأول الثلاثي المزيد بحرفٍ يسمى الرباعي المزيد؛ لذا قال: (أولها
الرباعي)، الثلاثي المزيد بحرفين يسمى الخماسي، والثلاثي المزيد بثلاثة
أحرف يسمى السُداسي. إذاً أنواع الفعل الثلاثي المزيد فيه رُباعي
وخُماسي وسُداسي، أشار إلى الأول بقوله: طبعاً (وهي لأقسام ثلاثٍ تجري)
(وهي) إعرابه مبتدأ، ضميرٌ مبنيٌ على الفتح في محل رفع مبتدأ، أو مبتدأ
مبنيٌ على الفتح في محل رفع لك وجهان، إما أن تقول: مبتدأٌ مبنيٌ على
الفتح في محل رفع، أو تقول ضمير مبنيٌ على الفتح في محل رفع مبتدأ،
(وهي لأقسامٍ ثلاث ((لأقسامٍ) جمع قسم المراد به النوع والضرب،
(لأقسامٍ) جار ومجرور متعلقٌ بقوله: (تجري)، و (تجري) هذا ضمّنه معنى
ترجعُ، (ثلاثٍ) صفة أقسامٍ ثلاثٍ، (أقسام) مذكر أو مؤنث؟ وكل جمعٍ مؤنث
الزمخشري يقول, (ثلاثٍ) الأصلُ ثلاثةٍ، وإنما أسقطت التاء هنا لضرورة
الوزن، (تجري) هذا فعل مُضارع مرفوع وعلامة رفعة ضمةٌ مقدّرة على آخره
منع من ظهورها الثقل، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي ترجع إلى أبواب
الثلاثي أو إلى أقسام الثلاثة. (وَهِيَ لأَقْسَامٍ ثَلاَثٍ تَجْرِي)
يعني الأربعة عشر ترجع إلى أقسام ثلاثة، والجملة في محل رفع خبر
المبتدأ. (أولها الرباعي) شرع في بيان الرباعي المزيد، وعندنا الرباعي
قلنا قسمان: رُباعيٌ مُجرد، ورُباعيٌ مزيد فيه. سبق بيان الرباعي
المُجرد وقُلنا حدّه: ما كان ماضيه على أربعة أحرف أصول. والرباعي
المزيد فيه: ما كان ماضيه على أربعةٍ بزيادة, بزيادة حرف واحد على
الثلاثي. (أولها الرباعي) (أول) هذا يُقال أن أصله وول يعني بواوين على
وزن فعَل وول، أدغمت الواو الأولى في الثانية بعد سلب حركتها فصار أوله
ساكناً، فاجتلبت الهمزة للابتداء بالساكن فقيل أوّل. وقيل: أصله
أوْأَل، قُلبت الهمزة الثانية واواً ثم أُدغِمت الواو الأصلية في الواو
المُنقلبة عن الهمز بعد سلب حركة الواو الأولى، فقيل: أوّل هكذا قيل.
أما في استعمال لغة العرب فأول له ثلاث
استعمالات: يأتي اسماً، ويأتي صفةً، ويأتي ظرفاً. إذا جاء صفةً فهو
أفعل التفضيل، يعني يكون ممنوعاً من الصرف، ولا يجوز أن يؤنث بالتاء
ولا تُدخل عليه مِنْ، يقال: لقيته عاماً أول ممنوع من الصرف عاماً أولَ
ممنوع من الصرف لوزن الفعل والوصفية للوصفيةِ ووزن الفعل.
الثاني: أن يكون اسماً، وعليه يكون فقد الوصفية مع كونه على وزن الفعل،
فحينئذٍ نقول: يُصرف ويصح تأنيثه بالتاء كما نصّ على ذلك أبو حيّان،
فيقال: لقيته عاماً أولاً، ومنه ماله أولٌ ولا آخر. قال أبو حيان: وفي
محفوظي أن هذا يؤنث ويُصرف، فيقال أولةٌ وآخرةٌ.
الثالث: أن يكون ظرفاً, رأيت الهلال أول الناس، يعني قبل الناس، رأيت
الهلال أول الناس أي قبل الناس. قال ابنُ هشام: وهذا النوع الثالث الذي
هو الظرف هو الذي إذا قُطِعَ عن الإضافة بُني على الضم. والذي معنا هنا
أول بمعنى أسبق الذي هو الصفة. إذاً (أولها) يعني أسبقها، (أولها)
الضمير يعود إلى الأقسام الثلاثة ليست للأربعة عشر، وإنما للأقسام
الثلاثة، أي النوع الأول من الفعل الثلاثي المزيد هو الرباعي المزيد
فيه (أولها الرباعي)، (الرباعي) هذا نسبة إلى أربعة، وقلنا فيه ثلاثُ
شذوذات: حذفُ الهمزِ الهمزة أولاً، وزيادة المد بعد الباء، وضمُ الراء.
والأصل أنه منسوبٌ إلى أربعة. (أولها الرباعي) أين ياء النسب، أصلها
الرباعي؟ خُفف من أجل الوزن لضرورة الوزن. (أولها الرباعي) ما إعراب
الجملة هنا؟ ضمةٌ ظاهرة على الياء المحذوفة للضرورة - ضرورة الوزن -
هذا قول (أولها الرباعي)، إذا جاء الجزءان معرفتين وكل منهما صالحٌ أن
يُعرب مبتدأ (أولها) هذا معرفة، و (الرباعي) معرفة، مثل هذا التركيب
يجوز أن تجعل (أولها) مبتدأٌ، و (الرباعي) خبرٌ، ويجوز العكس هذا على
المشهور، وإلا فالنُحاة مختلفون في مثل هذا التركيب على أربعة أوجه،
ابن مالك - رحمه الله - يوجب أن يكون الأول مبتدأ. والثاني خبر.
فَامْنَعْهُ حَيْنَ يَسْتَوِي الْجُزْءَانِ ... عُرْفاً وَنُكْراً
عَادِمَي بَيَانِ
يعني إذا كان كل من المبتدأ والخبر معرفتين
(فامنعه) أي امنع تقدم الخبر على المبتدأ، فيتعين أن يكون الأول مبتدأ
والثاني خبراً. إذاً (أولها) يجب أن يكون عند ابن مالك - رحمه الله -
أن يكون مبتدأ، و (الرباعي) خبر. وجوز بعضهم الوجهين، يعني يجوز أن
تجعل (أولها) مبتدأ و (الرباعي) خبر، ويصح أن تجعل (أولها) خبراً
مقدماً، و (الرباعي) مبتدأً مؤخر هذا القول الثاني. القول الثالث: إذا
كان في التركيبِ لفظا مشتقا جُعِل هو الخبر سواءً تقدم أو تأخر، مشتق
والرباعيّ هذا سبق معنا أنه من باب النسب، وبابُ النسب من المشتقات،
يعني فعلٌ منسوبٌ لأربعة أحرف، زيدٌ قرشيٌ، يعني زيدٌ منسوبٌ إلى قريش؛
ولذلك إذا أعتمد على استفهام أو نفي صح أن يرفع فاعلا يسد مسد الخبر،
أقرشيٌ الزيدان, قرشيٌ هذا مبتدأ والزيدان فاعل سدّ مسد الخبر، لم عمل؟
لأن قرشي في قوة المشتق، أيُنسب الزيدان إلى قُريش؟ أو يُنسب الزيدان
إلى قُريش. إذاً (الرباعي) هذا مشتق، على القول الثالث يكون (أولها)
مبتدأ و (الرباعي) خبر، إن لم يكن على هذا القول الثالث إن لم يكن في
اللفظ مشتق بأن كان مشتقين استويا في الاشتقاق أو كانا جامدين جُعل
الأول مبتدأ والثاني خبر، هذا القول الثالث.
القول الرابع: أن الأعرف عند المخاطب هو المبتدأ، سواء تقدم أو تأخر،
لماذا؟ لأن الخبر إنما يُجاء به لبيان الحكم، والأصل في الخبر الجهل أو
العلم؟ الجهل، والأصل في المبتدأ العلم. إذاً إذا كان الجزء الأول هو
الأعرف أو الثاني جُعل الأعرف هو المبتدأ والثاني الخبر. هذه أربعة
أقوال، ولك أن تختار ما شئت، لكن القول بأن المشتق إذا وجد أن يكون
خبراً هذا له وجه قوي، لِمَ؟ لأن الأصل في الاشتقاق أن يدل على ذاتٍ
ووصف، والخبر الأصل فيه أنه وصف؛ لذلك نقول: الخبر والنعت والحال أنها
في المعنى صفات. إذاً ما كان صفةً الأصل فيه أن يكون محكوماً به وهو
الخبر.
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ مِثْلُ أَكْرَمَا ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ
كَخَاصَمَا
إذاً الرباعي المزيدُ فيه له ثلاثة أبنيةٍ: (أولها أكرما)، لكن قوله:
(مثلُ) قد يُفهم منه أن الأوزان الثلاثة ليست محصورة في الثلاثة؛ ولذلك
قال شارح النظم عليّش: أن الأولى أن يُقال:
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ وهو أفعلا ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ كقَاتَلاَ
لماذا؟ قال: لأنهم أكرم هذه مادة وجزء،
وأفعل هو الوزن الكلي، والأصل في التمييز عند الصرفيين أن تُذكر
الأوزان الكلية لا الموزونات الجزئية؛ لأن أكرم هذا موزون جزئي، ولا
يدل على غيره، أما إذا قيل: أفعل، فيدخل فيه أكرم وغيره. أما إذا قيل:
أكرم، فقد يُفهم الاختصاص بهذا الفعل دون غيره. إذاً يُفهم من قوله:
(مثلُ) أن هذه الأبنية الثلاث قد لا يكون الرباعي المزيد فيه محصوراً
فيها، ولذلك عدل عنه إلى قوله: (أولها الرباعي وهو) ليفيد الحصر أن
الرباعي المزيدُ فيه محصورٌ في ثلاثة أبنية ولا زيادة عليها (أولها)
(أفعل) يعني بزيادة همزة القطع في أوله، كرُم ثُلاثي مُجرد الأصول،
زيدت عليه في أوله همزة القطع فقيل: أكرم على وزن أفعل؛ ولذلك يُعبر عن
هذا الباب بباب الإفعال، لِمَ؟ لأن مصدره الإفعال أكرم يُكرمُ إكراماً.
إذاً الباب الأول أو الوزن الأول من الرباعي المزيد فيه: هو أفعل، أن
يُزاد على الثلاثي المجرد الأصول أن يزاد عليه همزة قطع في أوله
فيُقال: أفعَلَ، هذا الباب يأتي متعدياً ويأتي لازماً، والغالب فيه
التعدي، أكرم زيدٌ عمراً، كرُم أكرم زيدٌ عمراً، خرج أخرج زيدٌ بكراً،
هذا المتعدي، أسقط محمدٌ خالدً هذا متعدي أصله سقط. ويأتي أيضاً لازماً
نحو أدبر زيدٌ، وأجرب عمرٌو، وكلاهما المتعدي واللازم يأتي المصدر على
الإفعال، أكرم يُكرم إكراماً، وأخرج يُخرجُ إخراجاً، وأسقط يُسقطُ
إسقاطاً، وأدبر يُدبرُ إدباراً، وأجرب يُجربُ إجراباً, إجراباً
إفعالاً. هذا هو الوزن الأول، وهذا الوزن أفعل لهمزة القطع فيه سبعة
معاني تأتينا إن شاء الله في فصل الفوائد منظومةً نظمها الناظم، ولم
يذكرها في هذا الوزن، لِمَ في هذا الموضع؟ لأن الزيادة هنا كما سبق
الفرق بين زيادة الإلحاق وبين الزيادة التي يُشترط أن تكون من
سألتمونيها: أن الزيادة التي للإلحاق لا تدل الكلمة بعد زيادة الإلحاق
على معنى مغاير قبل زيادة الإلحاق. أما ذكرنا هذا؟ أن الكلمة إذا زيد
عليها حرف من أجل الإلحاق نقول: حرف الإلحاق لا يُزاد من أجل المعنى،
وإنما الغرض منه لفظي مساواة وزنٍ في اللفظ بوزن آخر. إذاً لا يتعرض
للمعنى هذا هو الغالب والأكثر، وقد تدل على معنى مثل كوكب، قلنا: الواو
هذه للإلحاق، وأصله ككب، وليس عندنا في اللغة ما هو ككب، إذاً أفادت
معنى لكنه قليل، أما زيادة سألتمونيها والتي ستُذكر في جميع الأبواب
الآتية فهذه لابد أن يكون الفعلُ بعد الزيادة فيه معنى ليس في المجرد
من الزيادة، أن يدل الفعل بعد الزيادة التي تُشترط أن تكون من
سألتمونيها،
وَالأَحْرَفُ التَّي تُزَادُ فِي الْكَلِمْ ... مَجْمُوعُهَا قَولُكَ
سَائِلْ وَانْتَهِمْ
إذاً كل حرف يكون من هذه الأحرف العشرة
لابد أن يكون دالاً على معنى في الفعل المزيد فيه، لو جُرد الفعل من
الزيادة لجُرد المعنى الزائد على الفعل الأصلي. إذاً لابد أن يكون
لأفعل أكرم معنى زائد ليس في كرُم، وأخرج ليس في خرج، وهذه ستأتينا
سبعة معاني. البناء الثاني قوله: (وَفَعَّلَ) , (وَفَعَّلَ) هذا الأصل
أنه ثلاثيٌ مُجرد زيد عليه حرفٌ من جنس عينه، يعني حرفٌ كحرف عينه أو
كالحرف الذي جاءت العين عليه، نحو خرج هذا على وزن فعَل زدّ حرفاً من
جنس عينه وهو الراء، تقول: خرّج هذا بالتشديد، واختُلِف في الزائد هل
هو الحرف الأول أو الثاني أو يجوز الوجهان؟ الجمهور على أن الزائد هو
الثاني خرّج الراء الثانية هي الزائدة، لماذا؟ قالوا: لأن الأنسب في
الحرف الزائد هو الأخير. إذاً كلما كان عندنا حرفان أحدهما زائد
فالثاني أولى؛ لأن الآخر دائماً يكون محل للإلحاق والزيادة. ذهب الخليل
إلى أن الأول هو الزائد، لِمَ؟ لأنه ساكن، قال: والحكم بالزيادة للحرف
الساكن أولى؛ لأنه قليل. وجوز سيبويه الأمرين أن يكون الأول هو الزائد
أو الثاني قال لتعارض الدليلين يعني كلٌ من الدليل دليل الجمهور ودليل
الخليل أنه مُعتبر يعني له وجه هذا له وجه وهذا له وجه إذاً يجوز أن
يكون الحرف الأول هو الزائد أو أن يكون الحرف الثاني هو الزائد فعّل
نحو خرّج وكرّم وكلّم، أيضاً لابد للزيادة أن يكون لها معنى تُغاير
الفعل المزيد عن الفعل المُجرد، أول المعاني التي يدل عليها فعّل هو
التكثير، فعّل تدل على التكثير، وهذا التكثير قد يكونُ في الفعل وقد
يكون في الفاعل وقد يكونُ في المفعول؛ قد يكونُ في الفعل وقد يكون في
الفاعل وقد يكونُ في المفعول به، جوّلتُ جوّل على وزن فعّل، إذا قال:
جوّلتُ، أفاد هذا الفعل على تكثير الجوالان وهو الحدث، على تكثير الفعل
الذي هو الحدث، جوّلت هذا يدل على أن وقوع الفعل وهو الجولان كثير،
إذاً دلت صيغة فعَّلَ على تكثيرٍ في الفعل، طوّفتُ يدل على تكثير
الطواف،
أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي ... بِيتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ
إذاً المعنى الأول أن يكون التكثير في
الفعل، يعني تدل صيغة فعّل على أن الحدث هذا وقع بكثرة، أطُوّف مأطوف
يعني طوافي وقع كثيراً فهو تكثيرٌ للفعل, قد يكون تكثير للفاعل موّتت
الإبلُ، موّتت موّت على وزن فعّل، هذا التركيب يدل على أن الميت من
الإبل كثير، إذاً ليس في الفعل، الموت شيء واحد لا يتاكثر في نفس الإبل
التي ماتت، فقوله موتت الإبل أفاد تكثير الموت في الإبل، بمعنى أن
الميت من الإبل كثير، فالتكثير هنا وقع لا للحدث الذي هو الموت، وإنما
للفاعل موتت الإبل، برّكت الإبل يعني البارك منها كثير، التكثير، في
المفعول غلّقت الأبواب، {وَغَلَّقْتِ الأَبْوَابَ} [يوسف:23] يعني أغلق
أو أغلقت أبواباً كثيرة، غلّقت الأبواب الأبواب هذا: مفعولٌ به، هنا
ليس التكثير في نفس الحدث، وليس التكثير في الفاعل؛ لأنه شيءٌ واحد
غلقتُ، وإنما التكثير في المفعول، غلقتُ الأبواب، أي أغلقتُ أبواباً
كثيرة، هذا هو المعنى الأول لفعّل وهو التكثير أن يدل على التكثير،
والتكثير قد يكون في الفعل، وقد يكون في الفاعل، وقد يكون في المفعول.
المعنى الثاني الذي يكون لفعّل: هو التعدية, التعدية: يعني أن يكون
الفعل مضمناً معنى صيّر، فإذا كان لازماً عداه إلى مفعولٍ واحد، وإذا
كان متعدياً لِوَاحد عدّاه إلى مفعولين، خرج زيدٌ هذا لازم أو متعدي؟
لازم، خرّجتُ زيداً، إذاً الفعل بعد تضعيفُ عينه عَدَّ يعني صيّر
الفاعل مفعولاً له، صير الفاعل خرج زيدٌ خرج فعل ماض وزيدٌ فاعل، إذا
ضعّفت العين نقول: تعدى الفعل بمعنى أنه ضُمن معنى التصيير فصار الفاعل
وهو فعلٌ لازم صار الفاعل له مفعولاً، أليس كذلك؟ خرّجتُ زيداً, كرّمت
عمرًا، أصلها كرُم زيدٌ، كرُم عمرٌ، كرّمتُ زيداً. فرِح زيدٌ إذا ضعفت
تقول فرّحتُ زيداً، فرّحته وكرّمته، فهم زيدٌ المسألة يتعدى إلى مفعولٍ
واحد، فهّمته المسألة يتعدى إلى مفعولين الأول الهاء الضمير والثاني
فهّمته المسألة، علِم زيدٌ النحو، علِم فعل ماض، زيدٌ فاعل، النحو
مفعول به، علّمته النحو تعدى إلى مفعولين الأول هو الضمير والثاني هو
النحو. إذاً من معاني فعّل التعدية، يعني تُضمن معنى التصيير فيصير
الفاعل مفعولاً إذا كان لازماً، ويصير المفعول الأول مفعولاً ثانيا إذا
كان متعدياً.
المعنى الثالث: السلبُ، ومعناه أن يُزيل الفاعل عن المفعول أصل الفعل،
يعني يرفع عن المفعول الحدث الذي دلّ عليه الفعل، جلّدت البعير، قال:
معنى هذا التركيب أزلتُ الجلد عن البعير بالسلخ، أزلتُ الجلد عن
البعير، قشّرت الفاكهة يعني أزلتُ القشر عن الفاكهة. إذاً الإزالة أو
السلبُ: أن يُزال أن يُزيل الفاعل عن المفعول أصل الفعل، جلّدتُ البعير
يعني أزلتُ عن البعير الجلد، وهذا يكون بالسلخ، قشّرت الفاكهة بمعنى
أزلت عن الفاكهة قشِرها، وهذا سلبٌ للمفعول بأصل الفعل.
المعنى الرابع: التوجه نحو ما أُخذ الفعل
منه، شرّقَ زيدٌ، شرّق زيدٌ من أين أُخِذَ شرّق؟ من الشرق. إذاً شرّق
زيدٌ دل فعَّلَ على التوجه إلى ما أُخذ الفعل منه، يعني شرّق زيدٌ أي
سار زيدٌ جهة الشرق، ما الذي دلنا عليه؟ كون شرّق فعّل أُخذ من الشرقِ،
فدل على توجه الفعل أو توجه الفاعل إلى مادة الفعل، غرّب عمرٌ يعني
توجه عمرٌ جهة الغربِ، صوّب زيدٌ عمراً يعني توجه إلى الصوابِ وهو ما
أُخذ منه الفعل.
الخامس: نسبة المفعول إلى أصل الفعل، إذاً هذا يكون متعدياً فتنسب
المفعول إلى المصدر الذي أُخذ منه الفعل، كذب تقول: كذّبتُ زيداً، نسبة
المفعول إلى ما أُخِذَ منه الفعل، إذاً نسبت زيدًا إلى الكذب، كذّبت
زيداً أي نسبت زيداً إلى الكذب، هنا النسبة نسبة المفعول إلى ما أُخذ
منه الفعل إلى أصل الفعل وهو المصدر، كذّبت زيداً أي نسبت زيداً إلى
الكذب، فسّقت عمراً أي نسبت عمراً إلى الفسق، بدّعت بكراً أي نسبت
بكراً إلى البدعة، كفّرت محمداً أي نسبت محمداً إلى الكفرِ. واضح هذا؟
إذاً أن يدل على ماذا؟ نسبة المفعول إلى ما أُخذ منه الفعل. السادس:
اختصار حكاية المُركب، هلّل على وزن فعّل، يدل على ماذا؟ يعني قال لا
إله إلا الله، كبّر يعني قال الله أكبر، لبّى يعني قال لبيك، سبّح يعني
قال سبحان الله، حمّد يعني قال الحمدُ لله. إذاً يدل فعَّلَ على اختصار
المركب، ما هو المركب؟ الجملة التي وهذا نوع من النحت.
السابع: الدلالة على أن الفاعل يُشبه ما أخذ منه الفعل، يعني فعّل تدل
على أن الفاعل يُشبه ما أُخذ منه الفعل، قوّس عمرو، يعني انحنى ظهره
حتى صار شبيهاً بالقوس, حجّرتُ أو حجّر زيدٌ، يعني صار زيدٌ كالحجر في
الصلابة، الدلالة على أن الفاعل أشبه ما أُخذ منه الفعل، فإذا قلت:
حجّر زيدٌ أخذت حجّر من الحجر، يعني زيدٌ صار مُشابهاً للحجر في
الصلابة. هذا هو النوع الثاني أو البناء الثاني، يأتي لمعاني سبعةٍ هذه
سبع معاني أو سبعة معاني.
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ مِثْلُ أَكْرَمَا ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ
كَخَاصَمَا
الثالث: فاعل بزيادة الالف بين الفاء
والعين، قيل: زيدت هنا بين الفاء والعين للضرورة؛ لأنها لو زيدت في
الأول قبل الفاء لأشبه أفعلُ المتكلم، ولو زيدت في النهاية بعد اللام
لأشبه المثنى، فلم يبقَ إلا بين الفاء والعينِ، فاعل (وفاعلا) هذه فاعل
الأصل فيه أنه يدل على التعدي، هذا هو الغالب أن يكون متعدياً؛ لذلك
المعنى الذي يدل عليه: المفاعلة، هذا هو المعنى الأصلي العام المفاعلة،
يعني المُشاركة بين اثنين في حدثٍ كلٌ منهما قد أحدث بالآخر ما أحدثه
الآخر به. ضارب زيدٌ عمراً، لذلك لابد أن يكون مُشتركاً بين اثنين هذا
هو الأصل، أن يكون مشتركا بين اثنين، إذا قلت: ضارب زيدٌ عمراً، ضارب
فعلٌ ماض، زيدٌ فاعل، عمراً مفعول به، دلّ هذا ضارب بزيادة الألف ألف
المفاعلة على أن زيد وعمرو اشتركا في حدثٍ وهو الضرب، كلٌ منهما أحدث
بالآخر ما أحدثه الآخر به, ولذلك يُسند إلى ما بعده على أنه فاعلٌ
صراحة يعني في اصطلاح النُحاة وهو مفعول به ضمناً، والثاني عمراً يُسند
إليه الفعل على أنه مفعول به صراحةً يعني يُنطق به منصوب وهو فاعلٌ
ضمناً، لماذا؟ إذا قلت: ضارب زيدٌ، زيدٌ هذا أحدث الضرب فقط؟ لو كان
المُراد أحدث الضرب لكان خطأ أن تأتي بالوزن ضارب؛ لأن هذا هو مدلول
ضرب، ضرب زيدٌ عمراً، بمعنى أن زيد فاعل الضرب قد أحدث الضرب بعمرو
فقط، وهل عمرو أحدث الضرب على زيد؟ الجواب, لا، لِمَ؟ لأن صيغة ضرب تدل
على إيقاع الحدث من الفاعل على المفعول فقط، أما أن تكون مشاركة من
المفعول على الفاعل فلا، فإذا أريد أن زيد أوقع الضرب على المفعول
والمفعول أيضاً شاركه في الحدثِ فأوقع الضرب عليه لابد من العدول عن
زنة ضرب إلى ضارب، إذاً ضارب نقول: يدل على المُفاعلة، ما معنى
المفاعلة؟ المشاركة بين اثنين كلُ واحد منهما قد أحدث بالآخر ما أحدثه
الآخر به، فتقول: ضارب زيدٌ عمراً. زيدٌ في اللفظ فاعل وهو في المعنى
مفعول به؛ لأنه أوقع ضرباً وأوُقِع عليه ضرب أيضاً، ضارب زيدٌ عمراً.
عمراً هذا مفعولاً به في اللفظ، لماذا؟ لأن زيد أوقع عليه الضرب، وهو
فاعلٌ ضمناً، لماذا؟ لأنه أخذ نصيبه هو مضروب وأيضاً أوقع الضرب على
زيدٌ. فكلٌ منهما شارك الآخر، هذا هو المعنى الأول: المفاعلة المشاركة
بين اثنين غالباً بأن يفعل كل واحد منهما مثل ما يفعله به الآخر.
المعنى الثاني: التكثير، فاعل يدل على التكثير، ضاعفتُ أجره، يعني
كثّرتُ أجره، وكاثرتُ إحساني عليه، كاثرتُ من الكثرة فيدل من جهة اللفظ
ومن جهة الوزن {وَإِنْ تَكُ حَسَنةً يُضَاعِفْهَا} [النساء:40] هذا يدل
على المكاثرة.
الثالث: الموالاة، فاعل يدل على الموالاة: وهي أن يتكرر الفعل تلوا، أو
أن يتكرر الفعل يتلوا بعضُه بعضاً، تقول: واليتُ الصوم، واليت على وزن
فاعل، يعني أوقعت الصوم بعضه يتلوا بعضاً، تابعتُ القراءة، يعني أوقعت
القراءة بعضها يتلوا بعضاً. هذه ثلاثة معانٍ لفاعل: أولاً: المفاعلة
المشاركة. ثانياً: التكثير. ثالثا: الموالاة.
قد يأتي فاعل بمعنى فعَل، يعني لا يدل على
شيء مما مضى، يُقال: سافر زيدٌ، سافر هل هناك مشاركة؟ ليست هناك
مشاركة، نقول: سافر هنا بمعنى فعَل، لماذا؟ لأنه لم يُسمع سفر هو اسم
سَفَرٌ هذا اسم، ليس عندنا سَفَرَ فعل ماضي، إذاً أغنى فاعل عن فعل؛
لأنه لم يرد فعَل. هاجر زيدٌ هنا ليس عندنا مشاركة، جاوز زيدٌ البحر هل
هناك مشاركة بين البحر وزيد؟ ليست هناك مشاركة. إذاً قد يأتي فاعل
مراداً به فعل، إما لكون فَعَلَ لم يُسمع، أو لكون فاعل أغنى واستغنى
به عن فعل، إما مع وجود فعل، وإما لكونه لم يوجد فعل، فتقول: سافر زيدٌ
الألف هذه في الأصل أنها للمفاعلة لكن هنا لا تدل على المفاعلة.
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ مِثْلُ أَكْرَمَا ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ
كَخَاصَمَا
(كَخَاصَمَا) الكاف هذه للتمثيل، ليست للاستقصاء، عندهم الكاف قد تأتي
تمثيلية، وقد تأتي استقصائية، إذا كان ما بعدها محصوراً فتسمى
استقصائية، وإذا كان ما بعدها ليس محصوراً فتسمى تمثيلية. هل فاعل
محصور في خاصما؟ لا، عندنا قاتل وباعد وبايع إلى آخره، تقول مثلاً:
أولو العزمِ من الرسلِ كمحمدٍ وإبراهيم ونوحٍ وموسى وعيسى هذه
استقصائية، لو قيل: أولوا العزم من الرسل كإبراهيم وسكت، نقول: هذه
تمثيلية، إذا استوفي ما بعدها لم يبقَ جزء نقول: هذه استقصائية، خاتم
الرسل كمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، ليس عندنا خاتم إلا واحد، ويجوز
أن يؤتى بالكاف في مثل هذا، كمحمد نقول: هذه الكاف استقصائية، ليس
عندنا غير محمد - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الرُّسُل، واضح هذا.
إذاً الكاف هنا تمثيلية وليست استقصائية. إذاً نخلُص من هذا أشار
الناظم رحمه الله تعالى الخلاصة إلى أن الفعل الثلاثي المزيدُ فيه يكون
رباعياً بزيادة حرفٍ على الثلاثي، ويكون خماسياً بزيادة حرفين على
الثلاثي المجرد، ويكون سداسياً بزيادة ثلاثة أحرف على الثلاثي، ولا
يزيد على ذلك. الرباعي له ثلاثة أبنية: أفعل كأكرم، وفعّل كخرّج، وفاعل
كقاتل. هل هناك وزن رابع؟ الجواب: لا. لكل وزن من هذه الأوزان معانٍ
جديدة تدل على أن الفعل بعد الزيادة ليس كالفعل المجرد؛ لأن الزيادة
هذه مأخوذة من سألتمونيها، وكلُ حرفٍ زيد من سألتمونيها وليس للإلحاق -
لأنه قد يُزاد من سألتمونيها ويكون للإلحاق نحو شملل, شملل اللام هذه
من سألتمونيها - نقول: كل حرف زيد من سألتمونيها وليس للإلحاق فلابد أن
يكون دالاً على معنى جديد في الفعل، يزيد على المعنى الأصلي للفعل
الثلاثي المجرد. ويأتينا إن شاء الله الخماسي ونقف على هذا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|