شرح نظم المقصود

عناصر الدرس
* أبنية الرباعي.
* باب المطاوعة.
* أبواب المزيد على الرباعي.

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد .. ذكرنا أن الفعل المزيد فيه نوعان: مزيد على الثلاثي، ومزيد على الرباعي. المزيد على الثلاثي هذا كم نوع؟ ثلاثة أنواع: مزيد على الثلاثي بحرفٍ واحدٍ فيصير المجموع أربعة أحرف، فيسمى الرباعي المزيد فيه، مزيد على الثلاثي بحرفين فيصير المجموع خمسة أحرف، ويسمى الخماسي، مزيد على الثلاثي بثلاثة أحرف ويصير المجموع ستة أحرف، ويسمى السداسي، نقيد الرباعي المزيد فيه لأن عندنا رباعيٌ مجرد، أما الخماسي والسداسي فليس عندنا في الأفعال خماسي أو سداسي إلا وهو مزيد فيه. ذكرنا أن الثلاثي المزيد بحرفٍ واحد هذا محصور في أبنية ثلاث: أَفْعَلَ، وفَعَّلَ، وفاعل.
زَيْدُ الثلاثي أَرْبَعٌ مَعْ عَشْرِ ... وَهْيَ لِأَقْسَامٍ ثَلاَثٍ تَجْرِي

هذا يشمل المجموع بأقسام ثلاثٍ يعني المزيد بحرفٍ والمزيد بحرفين والمزيد بثلاثة أحرف، الرباعي الخماسي السداسي، ثم قال: (أولها الرباعِ) يعني أول هذه الأقسام الثلاث (الرباعِ) يعني الرباعي المزيد فيه؛ ولذلك أطلقه لأنه بيَّن في السابق الرباعي المجرد، قال: (مِثْلُ أَكْرَمَا وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ كَخَاصَمَا)، يعني مزيد بحرفٍ وهو همزة القطع في أوله ويكون الوزن أَفْعَلَ، وهذا يأتي متعدياً ولازماً، - وفَعَّلَ - وله معانٍ يأتي بيانها إن شاء الله في موضعها (فصل الفوائد). (وَفَعَّلَ) هذا بزيادة حرفٍ من جنس عينه ثم أدغمت، أدغم الحرف الزائد في الحرف الأصلي، وأيهما الزائد؟ فيه خلاف، وهذا له معانٍ ذكرناه بالأمس. (وفاعلا) هذا أصله ثلاثي مزيد بالألف، وهذه الألف تدل على المفاعلة هذا هو الأصل في باب فاعل، والألف هذه للإطلاق.
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ مِثْلُ أَكْرَمَا ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلاَ كَخَاصَمَا

قلنا: اعترض عليّش الشارح وهو اعتراض في محله أن كلام الناظم هنا قد يُفهم منه أن الأبنية أبنية الرباعي المزيد فيه ليست محصورة في ثلاث؛ لأنه قال: (مثلُ) والمثل هنا والشبه والنحو لا يدل على الحصر، إنما لابد من صيغة تدل على الحصر، قال: (أولها الرباع) يعني صوبه قال: لو قال:
أَوَّلُهَا الرُّبَاعِ وهو أَفْعَلَ ... وَفَعَّلَ وَفَاعَلَ كقاتلا


هكذا هو أبدل خاصم بقاتل. إذاً نستفيد من التصحيح أمرين: الأمر الأول: إفادة الحصر، حصر الرباعي المزيد في ثلاثة أبنية، نستفيد من التصويب والتصحيح (أولها الرباع وهو أفعل) أن أبواب الرباعي المزيد فيه محصورة في ثلاثة أبنية. الثاني: وهذا الاعتراض وإن كان فيه نظر أن عادة الصرفيين أنهم يذكرون الأوزان الكلية يقولون: أَفْعَلَ يعبرون بالفاء والعين واللام، ولا يقولون: أَكْرَمَ، لماذا؟ لأن أكرم هذا جزئي وأفعل هذا كلي، وعادتهم ذكر الأوزان الكلية لا المواد الجزئية، لكن الكثير كابن الحاجب وغيره يذكرون الموزونات كأمثلة قتلٌ وفسقٌ ثم شغلٌ رحمة, قتلٌ وفسق يعني فعْلٌ وفِعْلٌ، رَحْمَة يعني فَعْلَة، دُهْمَة يعني فُعلة، إلى آخره. يذكرون الأمثلة فيستفيدون أمرين: الأمر الأول ذكر الوزن وذكر المثال. نعم يذكرون الوزن يقول مثلاً: مصادر الثلاثي قَتْلٌ فَعْلٌ، فإذا قال قَتْلٌ، يستفيد الطالب أن وزنه فَعْلٌ ومثاله قَتْلٌ، فيستفيد فائدتين. أما إذا قيل: فعلٌ، يحتاج إلى مثال، هذا هو المزيد الثلاثي بحرفٍ واحد وهو الرباعي. ثم انتقل إلى بيان المزيد بحرفين، ثُلاثي الأصول زيد عليه حرفان صار المجموع خمسة أحرف، فيسمى خماسياً، خماسياً هذا أيضاً فيه شذوذ؛ لأن نسبته إلى خمسة فهو شاذٌ، وإنما تُفتح الخاء، قال:
وَاخْصُصْ خُمَاسِيًّا بِذِي الأَوْزَانِ ... فَبَدْؤُهَا كَا نْكَسَرَ وَالثَّانِي
اِفْتَعَلَ افْعَلَّ كَذَا تَفَعَّلاَ ... نَحْوُ تَعَلَّمَ وَزِدْ تَفَاعَلاَ


(واخصص) أي هذا أمر من التخصيص، والأصل فيه خَصَّ يَخُصُّ، المضعف الثلاثي: ما كانت عينه ولامه من جنس واحد، كمَدَّ يَمُدُّ وشَدَّ يَشُدّ، هذا فعل الأمر منه فعل فعل الأمر منه يأتي على صيغتين، يعني أنت مُخيَّر بين أن تفك الإدغام وبين أن تُبقِّي الإدغام. خَصَّ هذا مضعاف ثُلاثي مُضعَّف، يعني عينه ولامه من جنس واحد، خَصَّ يَخُصُّ، ما الأمرُ من يَخُصّ؟ لك وجهان: اخْصُصْ بالفك فك الإدغام، وخُصَّ بالإدغام. ولك وجهان خُصَّ وخُصِّ، يعني بكسر آخره للتخلص من التقاء الساكنين، والفتح تخفيفًا، الأصل الكسر، والفتح تخفيفًا، ويجوز لو كانت فاءه مضمومة جاز فيه الضم إتباعاً، إذا كانت الفاء مضمومة مثل خُصَّ خُصُّ خُصِّ خصَّ يجوز فيه ثلاثة أوجه، عضَّ يَعُضّ اُعضُضْ، عُضَّ عُضِّ يجوز فيه ثلاثة أوجه، وهو سيأتينا إن شاء الله في موضعه، الحاصل أن قوله: (اخصص) هذا أمرٌ من الثلاثي المضاعف خَصَّ يَخُصُّ، يصح أن يقال خُصَّ، ويصح أن يقال اُخْصُصْ، بالفك أو بالإدغام، (واخصص) أي اقصُر؛ لأن التخصيص والقصر عند بعض البيانيين بمعنى واحد، والمراد بالقصر أو التخصيص: إثبات الحكم في المذكور ونفيهُ عما عداه، هذا المراد بالقصر. تقول: زيدًا ضربتُ، هذا فيه قصر، وجه القصر: تقديم ما حقه التأخير، الأصل: ضربتُ زيداً، إذا قدمت المفعول به أفاد القصر والتخصيص، يعني أثبتَّ الحكم للمذكور وهو الضربُ لزيدٍ أو على زيد ونفيته عما عداه، كأنك قلت: ما ضربتُ إلا زيداً، زيداً ضربتُ أي لم أضرب إلا زيداً، هذا قصر وتخصيص، إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه. (اخصص خماسيًا) (اخصص) أيها الطالب (اخصص) أيها الصرفي فعلاً (خماسياً) منسوب إلى خمسة أحرف شذوذاً، والقياس فتح الخاء، (اخصص) فعلاً (خماسياً) يعني أصله فعل ثُلاثي مُجرد الأصول زِيدَ عليه حرفان فصار المجموع خمسة أحرف (بذي الأوزان)، (اخصص) فعلاً (خماسيًا) يعني اقصر وأثبت الحكم للمذكور وانفه عما عداه (بذي الأوزان)، يعني بهذه الأوزان، (ذي) اسم إشارة للمفردة المؤنثة.
بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ ... بِذِي وَذِهْ تِي تَا عَلَى الأُنْثَى اقْتَصِرْ


(بذي) (ذي) هذا اسم إشارة للمفردة المؤنثة، (بذي الأوزان) الباء هذه داخلة على المقصور عليه؛ لأنه أراد أن يقصر الخماسي في هذه الأوزان الخمسة، فنقول: هذه الباء داخلة على المقصور عليه، (بذي) يعني بهذه، (الأوزان) جمع وزن، وإعرابه هنا تابع إما بدل أو عطف بيان أو نعت، كل محلى بأل بعد اسم الإشارة فلك ثلاثة أوجه: إما أن تعربه نعتاً، وإما أن تعربه بدلاً، أو عطف بيان. (بذي الأوزان) يعني بهذه الأوزان. إذاً هذا الأوزان يعتبر تابعاً، (الأوزان) جمع وزنٍ، والمراد به: ما يوزن به، من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، يعني ما يوزن به، الذي يوزن به أَفْعَلْ وفَعَّلَ وفَاعَلاَ إلى آخره، يعني مراده ذكر الأوزان لا الموزونات، وفرق بين الوزن والموزون كما سبق بيانه، إطلاق المصدر مراداً به اسم المفعول؛ لأن الأوزان جمعُ وزنٍ، وزن عندما تقول: هذا وزن، يعني موزون به، أَفْعَل هذا وزن يوزن به، موزون به يوزن به أَكْرَمَ ونحوه. إذاً (واخصص خماسياً بذي الأوزان) يعني اقصر الحكم بكون هذه الأوزان خماسية ولا يتعدى الحكم إلى غيرها، وهذه الأوزان محصورة في خمسة أوزان (فَبَدْؤُهَا كا نْكَسَرَ وَالثَّانِي)، خمسة أوزان باعتبار الاستقراء والتتبع، يعني دليلها الاستقراء والتتبع، (واخصص خماسياً بذي الأوزان) هذا فيه إجمال وإبهام، فكأن سائلاً أراد أن يعرف التفصيل بعد الإجمال، وهذا فيه معنى بلاغي أن يُذكر الشيء إجمالاً ثم يُفصَّل، (فبدؤها) الفاء هذه فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرطٍ مقدر، فصيحة فعيلة بمعنى مُفعِلَة من الإفصاح، إذا عرفت أن أوزان الخماسي محصورة في خمسة وأردت معرفة تفصيلها فأقول لك: (بدؤها) يعني أولها، (فَبَدْؤُهَا كا نْكَسَرَ) (كانكسر) هذا يعني ذكر الموزون وأراد به الوزن، وعليه يكون أول الأوزان المختصة بالخماسي هو ما كان على زنة انْفَعَلَ (كانكسر)، انفعل بزيادة همزة الوصل والنون، كَسَرَ هذا هو الثلاثي الأصول كَسَرَ، زيد عليه همزة الوصل والنون في أوله فقيل: انكسر، إذاً اِنْكَسَرَ هذا نقول: خماسيٌ، وزنه اِنْفَعَلَ، اِنْفَتَحَ أصله فَتَحَ، زيدت عليه الهمزة والنون فقيل: انفتح، مَحَا انمحى، قَادَ انقاد ...... الخ، كل ما كان على وزن انفعل فأصله ثُلاثي الأصول زيد عليه الهمزة همزة الوصل في أوله ويتلوها النون.


(فبدؤها كانكسر) يعني أولها الفعل الذي (كانكسر)، يعني الفعل الماضي الذي (كانكسر) يعني الذي وزنه وزن انكسر يعني انفعل، وانفعل هذا لا يكون إلا لازماً، يعني لا يكون متعدياً البتة، لِمَ؟ قالوا: لأنه موضوع للمطاوعة، أصل وضع انفعل للمطاوعة، والمطاوعة عندهم ضابطها لأنها تأتي في عدة أوزان ضابطها: قبول تأثير الغير، كَسَرَ تقول: كَسَرْتُ الزجاج، إذا كسرت الزجاج هذا الكسر فعلك أنت، الزجاج محل لوقوع الكسر، إذا قَبِلَ ليس كل شيء تكسره فينكسر يقبل أثرك، أنت الآن تؤثر بفعل الكسرِ، فإذا قبل الذي تريد كسره تقول: انفعل، يعني طاوع، يعني قبل تأثير فعلي أنا، كسرته فانكسر، ليس كل ما كُسر فهو قابل للانكسار، إذا قبل الكسر تقول: هذا طاوعني، يعني كسرته فانكسر، فتحته فانفتح، ليس كل ما تريد فتحه ينفتح معك، إذا حصل في المقابل تأثير فعلك أنت واشتُق الفعل من الأثر الواقع على الذي تريد كسره مثلاً إذا حصل واشتُق منه انفعل نقول: هذا مطاوع لِفَعَلَ، انفعل مطاوع لفعل، يعني كسرته كَسَرَ على وزن فَعَل، إذا حصل التأثير تأثير الكسر في المقابل تقول: انفعل طاوع فعل، أزعجته فانزعج، إذا حصل الإزعاج بالفعل اشتق من انفعل دليلاً على وقوع الإزعاج، أزعجته فانزعج، أغلقت الباب فانغلق، عدلته فانعدل. إذاً يأتي باب انفعل من ثلاثة أبواب، انفعل يأتي من ثلاثة أبواب، يعني يطاوع ثلاثة أبواب: فَعَلَ، كسرته فانكسر، فتحته فانفتح، - ويأتي قليلاً - وهذا هو الكثير أنه يأتي من باب فَعَلَ، ويأتي قليلاً من باب أَفْعَلَ أزعجته فانزعج أغلقت الباب فانغلق، ويأتي أقل من ذلك من باب فَعَّلَ عدّلته فانعدل. إذاً باب المطاوعة انفعل يأتي مطاوعاً لثلاثة أبواب: فَعَلَ وأَفْعَلَ وفَعَّلَ، والأشهر والأكثر إنه مطاوعٌ لباب فَعَلَ. واضح الآن؟ المطاوعة: قَبُول تأثير الغير، ما هو الغير؟ فعلك أنت مثلاً، إذا قَبِلَ الشيء الذي تريد فتحه أو كسره إذا قبل الأثر تقول: هذا طاوع الفعل الذي حصل منك أنت، كسرته فانكسر، تقول: الزجاج قبل الانكسار، وإذا قبل الفتح الباب مثلاً ونحوه تقول: انفتح، لماذا؟ لأني أثرت فيه بفعلي أنا وهو الفتح، فقبل تأثير فتحي فانفتح، هذا يسمى المطاوعة قبول تأثير الغير. إذاً انفعل نقول: لا يكون إلا لازماً، يعني لا يأتي متعدياً، لماذا؟ لأنه وُضِعَ للمطاوعة، ولذلك خُص بما يسمى بالعلاجيات، قالوا: لما وُضِعَ للمطاوعة وهذا الأصل فيه أنه أثر فعل الفاعل، أرادوا أن يجعلوا له ما يؤيده ويقويه ويظهره فخصوه بالحسيات. إذاً انفعل يُطاوع فَعَلَ ويطاوع أَفْعَلَ ويطاوع فَعَّلَ إذا كان في الحسيات أما المعنويات فلا؛ فلا يصح أن يقال: علمته فانعلم، ولا يقال: فهمته فانفهم، أيضًا غلّطوا من قال: عَدَلْتُهُ فانعدل،
وَاخْتُصَّ بِالْعِلاَجِ فَهُوَ انْصَرَمَا ... مِنْ أَجْلِ ذَاكَ خَطَّأُوا مُنْعَدِمَا


منعدما هذا عندهم خطأ، لماذا؟ لأنه أمر معنوي، وانفعل لا يكون إلا مطاوعًا للحسيات، يعني ما يقبل العلاج الكسر، لا يحصل مرة واحدة، والفتح لا يحصل مرة واحدة، وإنما يحصل بالمعالجة، والمعالجة هذه قد تكون حسية، وقد تكون معنوية، فهمته الفهم والتفهيم هذا أمر معنوي؛ لأنه يقبله في النفس في العقل في الذهن، وإذا قيل: فهمته فانفهم، صار انفعل هنا في العلاجيات المعنوية، ولم يوضع انفعل للعلاجيات المعنوية، وإنما وضع للعلاجيات الحسية، لِمَ؟ قالوا: تقوية ليظهر أثر الفاعل، لماذا؟ لأني عندما أكسر الشيء فينكسر هذا أمر ظاهر، ترى المطاوعة تراها بعينك، كذلك عندما تفتح الباب وتحاول تفتح تفتح ثم تقول: انفتح الباب، الأثر واضح وظاهر وبيّن، أما الأمور المعنوية فلا يظهر أن يخص انفعل بالعلاجيات، لماذا؟ لأنه أمرٌ معنوي، فلا يُدرك كون هذا الفعل مخصوصاً للمطاوعة، لذلك نقول:
وَاخْتُصَّ بِالْعِلاَجِ فَهُوَ انْصَرَمَا ... مِنْ أَجْلِ ذَاكَ خَطَّأُوا مُنْعَدِمَا

لا يقال: علمته فانعلم، ولا فهمته فانفهم، ولا عَدَمتُه فانعدم، وإنما يقال: عُدِم، شرحته فانشرح، هذا الصدر أيضًا ما يأتي، أمر معنوي، إذا كان الأثر لا يُدرَك بالحس فهو أمر معنوي، وانبساط الوجه هذا أثر لما في النفس، ليس هو عينه، الذي إذا قيل انشرح صدره فحصل انبساطٌ في الوجه الانشراح ليس هو الذي في الوجه، وإنما الذي في القلب والصدر. إذاً نقول: الأول: اِنْفَعَلَ، وله معنى واحد وهو المطاوعة. (والثاني افتعل) يعني الوزن (الثاني) الذي يكون خماسياً ما كان على زنة (اِفْتَعَلَ) بزيادة همزة الوصل في أوله والتاء بين الفاء والعين, اِفْتَعَلَ نحو اِجْتَمَعَ، أصله جَمَعَ، فزيدت عليه همزة الوصل في أوله والتاء بين الفاء والعين فقيل: اجتمع، اتصل أصله افتعل، اتَّصل افتعل اتقى أصله افتعل، كيف جاء اتصل وهو افتعل؟ أصله اِوْتَصَلَ، إذا وقعت الواو فاءً لافتعل تُقلب الواو تاءً فتُدغم في التاء، سيأتينا هذا في باب المعتلات، اِوْتَصَلَ على زنة اِفْتَعَلَ، وقعت الواو فاءً لافتعل، فوجب قلبها تاءً فأدغمت التاء في التاء، اتقى أصله اِوْتَقَى؛ لأن التقوى التاء هذه منقلبة عن واو، أصلها وقوى اتقى اوتقى، تقوى أصلها وقوى، قلبت الواو تاءً، وهنا في باب افتعل وقعت الواو فاءً في باب افتعل فوجب قلبها تاءً فأدغمت التاء في التاء. الحاصل أن اتقى واتصل واضطرب واصطلم هذه كلها من باب افتعل مما زيد فيه حرفان همزة الوصل في أوله والتاء بين الفاء والعين، باب افتعل يرد لخمسة معان، انفعل له معنى واحد وهو المطاوعة، باب افتعل له خمسة معانٍ:


الأول: يأتي للمطاوعة، إذاً قبول تأثير الغير، ويطاوع الثلاثي سواءٌ كان دالاً على العلاج أم لا، يعني لا يُشترط أن يكون دالاً على المعالجة الحسية، بل هو عام جَمَعْتُهُ فاجْتَمَعَ، أيضاً غَمَمْتُه فاغْتَمَّ، هنا لا يشترط أن يكون الأثر حسياً، وإنما ينبغي أن يكون أو الذي يُشترط أن يكون افتعل مطاوعاً لفعل الثلاثي، جمعته هذا فعل الثلاثي وهو متعدي فاجتمع، إذاً جَمَعْتُهُ جَمَعْتُ المالَ مثلاً فاجتمع، إذًا قَبِلَ الجمع قَبِلَ التأثير تأثير الغير، غَمَمْتُه فاغتم أدخلت عليه الغم مثلاً فاغتم، يعني فقبل، وهذا في الغالب يكون في غير العلاجيات. إذاً المعنى الأول أن يكونَ للمطاوعة، سواء كان لاً على العلاج أم لا، ويأتي أيضًا في باب أَفْعَلَ، أَنْصَفْتُهُ فَانْتَصَفَ، جَمَعْتُهُ فَاجْتَمَعَ هذا من باب فعل، يعني وقع مطاوعاً لفَعَلَ، أما أَنْصَفْتُهُ فانتصف نقول: هذا من باب اَفْعَلَ، مثل أَزْعَجْتُهُ فَانْزَعَجَ، اِنْفَعَلَ يقع مطاوعاً لباب أَفْعَلَ، واجتمع أيضاً يقع مطاوعاً لباب أَفْعَلَ، أَنْصَفْتُهُ فَانْتَصَفَ، كذلك يقع مطاوعاً لباب فَعَّلَ، قَرَّبْتُهُ فَاقْتَرَبَ. إذاً يقع باب اجتمع باب افتعل لمطاوعة فَعَلَ الثلاثي، ويقع مطاوعاً لباب أَفْعَلَ، ويقع مطاوعاً لفَعَّلَ مُشدد العين، قرّبته فاقترب.
المعنى الثاني الذي يرد له اِفْتَعَلَ: اتخاذ فاعله ما تدل عليه أصول الفعل، يعني المصدر، اشتوى على وزن اِفْتَعَلَ، ما المراد باشتوى؟ يعني اتخد شواءً، اكتال يعني اتخذ كيلاً. إذاً دل افتعل على أي شيء؟ على المصدر الذي فعله الفاعل، إذا قيل: اشتوى، اختتم يعني اتخذ خاتماً، اتزن يعني اتخذ ميزاناً. إذاً يرد المعنى الثاني لافتعل: اتخاذ فاعله ما يدل عليه أصل فعله وهو المصدر، اتخاذ الفاعل للمصدر الذي اشتق منه افتعل، إذا قيل: اشتوى، هذا مأخوذ من الشواء، فمادة اشتوى أو صيغة اشتوى دلت على أن الفاعل قد اتخذ المصدر، وهذا واضح بيّن، اختتم يعني اتخذ خاتماً.
المعنى الثالث الذي يرد له افتعل: التشارك يعني المشاركة، اختصم زيد وعمرو يعني تشاركا في الخصام، اجتور زيد وعمرو، اشتور زيد وعمرو، يعني تشاركا في أصل المادة، وهذا مثل بابِ فَاعَلَ، قلنا هناك ضارب زيد عمرًا، ولكن ثَمَّ فرقٌ بين البابين، اختصم زيد وعمرو يُسند كل من الاسمين إلى الفعل صراحة؛ لذلك كل منهما مرفوع اختصم زيد وعمرو، حصل الفعل من زيد وحصل الفعل من عمرو، وكل منهما مرفوع، يعني أضيف أو أسند إليه الفعل صراحة إلى الاسمين، أما هناك أضيف، ضَارَبَ زيد عمرًا أضيف ضاربَ إلى زيدٍ صراحةً وإلى عمرو ضمناً، هذا الفرق بينهما، ضمناً يعني هو في المعنى فاعل، وأما في اللفظ مفعولٌ به؛ لذلك نُصب دليلاً على أنه مفعولٌ به وإن كان فاعلاً ضمنا، أما اختصم زيد وعمرو فهنا نقول: أسند اختصم إلى زيد وعمرو في الظاهر وليس عندنا فاعل هنا ضمناً. إذاً المعنى الثالث: التشارك.


المعنى الرابع: التصرف باجتهادٍ ومبالغة، اكتسبتُ المال، اكتتبت الكتاب، اكتسبتُ المال، مجيئها على زنة اِفْتَعَلَ يدل على أن ثَمَّ اجتهاد ومبالغة في العمل في تحصيل المال، من أين أخذناه؟ من مادة افتعل؛ لأن افتعل تدل على أي شيء؟ على التصرف باجتهاد ومبالغة في العمل، يعني سعي حثيث في إيجاد العمل يؤتى به على زنة افتعل، اكتسب، وبعضهم يفصل بين قوله تعالى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة:286) لهذا المعنى كسبت اكتسبت العمل الطاعة مجرد حصول النية لا يُشترط فيه أن يكون باجتهاد ومبالغة، بل يثبت الأجر بمجرد النية، وليس فيها كبير عمل، أما اكتسب فهذا يثبت الإثم بوجود المبالغة والجهد.
الخامس: الدلالة على الاختيار، يعني يأتي افتعل مراداً به الدلالة على الاختيار، اصطفى، انتقى، اجتبى، اختار، انتخب، انتحب، هذه كلها تدل على الاختيار. هذا هو المعنى الخامس. إذاً خمسة معاني لافتعل، إذا وجد افتعل في كلام ما فلابد أن يكون واحدًا من هذه المعاني الخمسة: المطاوعة، اتخاذ فاعله ما تدل عليه أصول الفعل، التشارك، التصرف باجتهاد، الدلالة على الاختيار.
(والثاني افتعل افعلّ) الثالث من الأوزان التي يأتي عليها الخماسي افعلّ، افعلّ هذا بزيادة همزة الوصل في أوله وتضعيف لامه افعلّ، وهذا خاصٌ بالألوان والعيوب؛ ولذلك لا يكون إلا لازماً، احمرّ أصله حَمِرَ هذا لون، احمرَّ اصفرّ اسودّ اعورّ اعمشّ، هذه تدل على الألوان، وتدل على العيوب؛ - لذلك لا يكون إلا - اعورّ من عورّ، اعورّ افعلّ، اعمشّ هذا من العَمَش، إذاً افعلّ لا يكون إلا لازماً، ويجيء من الأفعال الدالة على الألوان والعيوب لغرض واحد وهو قصد المبالغة فيها، حَمِرَ يدل على اتصاف الشيء باللون الأحمر، أما احمرّ يدل على المبالغة في اتصاف الشيء باللون.
الرابع: (كَذَا تَفَعَّلاَ)، (كذا) هذا خبر مقدم، و (تفعل) مبتدأ مؤخر قصد لفظه، والألف للإطلاق، (كَذَا تَفَعَّلاَ) أي مثلُ ما سبق من كون انكسر وافتعل وافعلّ من أوزان الخماسي كذلك تَفَعَّلَ، تَفَعَّلَ هذا بزيادة التاء في أوله وتضعيف عينه فهو ثلاثيٌ مزيد بحرفين، (تَفَعَّلاَ نحو تكلّم) تَعَلَّمَ، تصبَّر، تَحَلَّمَ، إلى آخره، ويرد لستة معانٍ:
أولها: مطاوعة فَعَّلَ، والمطاوعة: قبول تأثير الغير، خرجّته فتخرّج، أدّبته فتأدّب، علّمته فتعلّم، هذّبته فتهذّب، إذاً يكون مطاوعاً لباب فَعَّلَ، أدّبته فتأدب، يعني قُبِلَ التأديب هذا هو قبول تأثير الغير وهو معنى المطاوعة.
المعنى الثاني: التَّكلف، يعني حصولُ المطلوبِ شيئاً بعد شيء، علّمته فتعلّم، لذلك مثّل له (كذا تفعّلا نحو تعلّم)، و (تعلّم) هنا من باب تفعَّلَ يدل على حصول المطلوب شيئاً بعد شيء، تصبّر، تحلّم، إنما العلمُ بالتعلُّم، والحلمُ بالتحلُّم، يعني يحصل المطلوب شيئاً بعد شيءٍ إلى آخره.


الثالث: الاتخاذ، يرد تَفَعَّلَ مراداً به الاتخاذ، ومعنى الاتخاذ: الدلالة على أن الفاعل قد اتخذ المفعول فيما يدل عليه الفعل، توسّدتُ يدي، توسّد يدي، يدي مفعولٌ به، دلت الصيغة توسد على أن الفاعل قد اتخذ المفعول به وهو اليد ما دل عليه أصل الفعل وهو كونه وسادة، يعني اتخذ يده وسادةً، الدلالة على أن الفاعل قد اتخذ المفعول به فيما دل عليه أصل الفعل، توسد يدل على الوسادة اتخاذ الشيء وسادة، أين المفعول به؟ يدي، إذاً اتخذت يدي وسادة. المعنى الرابع: التجنب، يعني أن تدل الصيغة على أن الفاعل قد ترك أصل الفعل، تأثمّت يعني تركتُ الإثم، «فأخبر بها معاذٌ تأثماً» يعني خروجاً من الإثم، ترك الإثم، تحرّجتُ أي تركتُ الحرج، تهجّدتُ أي تركتُ الهجود وهو النوم.
الخامس: الدلالة على أن الفعل حصل مرة بعد أخرى، تجرّعتُ الدواء، يعني حصل شرب الدواء مرة بعد مرة، تفهّمت المسألة، يعني حصل فهم المسألة شيئاً بعد شيءٍ، تحسّيتُ الماء، يعني حصل شرب الماء شيئاً بعد شيءٍ.
السادس: الطلب، تدل صيغة تَفَعَّلَ على الطلب، تكبّر يعني طلب أن يكون كبيراً، تكبر إذا طلب أن يكون كبيراً، تَعَظَّمَ إذا طلب أن يكون عظيماً، تيقَّن إذا طلب أن يكون الخبرُ مثلاً يقيناً، تثبّت إذا طلب أن يكون الشيء ثابتاً أو مُتثبتاً فيه.
وقد يجيء تفعَّلَ موافقاً لفَعَّلَ، يعني فَعَّلَ وتَفَعَّلَ يكونا بمعنى واحد، تَوَلَّى ووَلَّى ليس بينهما فرق، فصار تَفَعَّلَ مؤدياً لمعنى فَعَّلَ. هذه ستة معانٍ تأتي لتَفَعَّلَ.
(وَزِدْ تَفَاعَلاَ) هذا هو الوزن الخامس، زد أيها الصرفي على ما سبق (تفاعلا)، تفاعلا هذا ثُلاثي الأصول زيد عليه كم حرف؟ اثنان، لكن ذكر الناظم كم هنا؟ ثلاثة، والألف الأخيرة للإطلاق، إذاً تَفَاعَلَ بزيادة التاء في أوله والألف بين الفاء والعين، إذاً هذا تفاعلَ خماسيٌ مزيد فيه، أشهر معانيه ثلاثة، يرد لمعانٍ عديدة، لكن أشهرها وأكثرها استعمالاً في لغة العرب ثلاثة: أولاً: الدلالة على المشاركة، مشاركة اثنين فأكثر، تقاتلَ زيد وعمرو وبكرٌ، إذاً حصلت المشاركة في أصل الفعل المصدر وهو القتل، إذاً دل تفاعلَ على المشاركة في أصل الفعل الثلاثي صراحةً، صراحةً إذا كان الكل مرفوعاً، وإذا كان ضمناً لابد أن يكون الذي أحدث الفعل منصوباً في اللفظ، مثل ضارب زيد عمراً، نقول: كل منهما أحدث، لكن زيد صراحةً وعمراً ضمناً، لماذا؟ لكونه منصوباً في اللفظ، وهنا أو المثال السابق اختصم زيد وعمرو حصلت المشاركة صراحة؛ لأن كل منهما مرفوع وليس عندنا منصوب، تضارب زيد وعمرو وخالدٌ هنا أسند إلى المرفوعات، فنقول: هذا حصلت المشاركة صراحة، يعني كل منهما أسند إليه الفعل صراحةً، ليس عندنا ما يدل على الفاعل ضمناً كما هو في باب ضارب زيد عمراً. إذاً المعنى الأول الذي يدل عليه تفاعل: المشاركة بين اثنين فأكثر في أصل الفعل الثلاثي صراحة، تخاصم زيد وعمرو، فرق بين تخاصم واختصم، اختصم من باب افتعل، وتخاصم من باب تفاعل، تشارك محمد وخالد إلى آخره.


المعنى الثاني: التكلف، يدل تفاعلَ على التكلف، والمراد به: الدلالة على أن الفاعل يُظهر الفعل وليس متصفاً به في الحقيقة، أن الفاعل يُظهر الفعل وليس متصفاً به في الحقيقة، تجاهل على وزن تَفَاعَلَ، هل هو جاهلٌ؟ لا، إنما تستخدم هذه الصيغة في الدلالة على أنه يُظهر الجهل وليس بجاهلٍ في الحقيقة، تغافلَ، تناوم، تكاسلَ، نقول: هذه تدل على أن الفاعل قد انتسب إلى أصل الفعل ولم يكن قائماً به في الحقيقة.
الثالث: المطاوعة، مطاوعة فاعل، باعدتُ زيداً فتباعد، فتباعد هذه مطاوعة لباعد، إذاً وقع تفاعل مطاوعاً لباب فاعل، واليته فتوالى، تابعته فتتابع. هذه ثلاثة معانٍ لتفاعلَ، إذاً الخماسي يأتي على خمسة أوزان: انفعل، الثاني: افتعل، الثالث: افعلَّ، الرابع: تَفَعَّل، الخامس: تفاعلَ، هذا الخُماسي الذي أصله ثلاثة حروف وزيد عليه حرفان. قال الناظم:
ثُمَّ السُّدَاسِيْ استَفْعَلاَ وَافْعَوْعَلاَ ... وَافْعَوَّلَ افْعَنْلَى يَلِيهِ افْعَنْلَلاَ

انتقل إلى بيان النوع الثالث من أنواع الثلاثي المزيد، وهو ما زيد عليه ثلاثة أحرف فصار المجموع ستة، ولا يزيدُ الفعل المزيد فيه على ستة أحرف، وهذه أوزانها على ما ذكرها الناظم هنا ستة: الأول: استَفْعَلاَ. (ثُمَّ السُّدَاسِيْ) (ثُمَّ) للترتيب الذكري، يعني تنبه على أن حق مدخولها أن يكون تابعاً لمتبوعها، يعني يذكر بعد متبوعها، ما هو المتبوع؟ الخماسي، السداسي تابع، (السداسي) هذا أيضاً فيه شذوذ؛ لأن الأصل فيه نسبة إلى ستة بكسر السين، السداسي: هو الفعل الثلاثي الذي زيد عليه ثلاثة أحرف فصار المجموع ستة أحرف، (استَفْعَلاَ) زيد عليه الألفُ والسينُ والتاء، وهذه سيأتينا إن شاء الله معاني استَفْعَلَ (لسين الاستفعال) سيأتي في فصل الفوائد، استَفْعَلَ نحو اسَتْخَرَجَ، اسَتْغَفَرَ، اسَتْحَجَرَ، إلى آخره سيأتينا معانيه إن شاء الله.
الثاني: (افْعَوْعَلاَ) اغدودن، (افْعَوْعَلَ) اخشوشن، اخلولق، اعشوشب، (افْعَوْعَلَ) فيه ثلاثة أحرف زائدة: همزة الوصل، والواو، وإحدى العينين، اعشوشب إحدى الشينين، وفيهما خلاف هل هي الأولى أم الثانية؟ على الخلاف السابق، اعشوشب أصلها عَشِبَ، زيدت عليه الهمزة في أوله والواو اِعْشَو والشين الثانية مثلاً، والباء كما هي صار اعشوشب على وزن افْعَوْعَلَ، وهذا لا يكون إلا لازماً. وهذه المباني السداسي كلها تدل على المبالغة إلا استفعل، كلها تدل على زيادة المعنى في موصوفها إلا استفعل، افْعَوْعَلَ نحو اغدودن، واعشوشب، واخلولق، واخشوشن.


الثالث: (وَافْعَوَّلَ) - افْعَوْعَلاَ هذا قلنا: اخشوشن لا يكون إلا لازماً - نعم (افْعَوَّلَ) هذا بزيادة الهمزة همزة الوصل والواوين، الواو المُشددة حرفان فصار المجموع ستة أحرف، (افْعَوَّلَ) نحو اَجْلَوَّزَ، أصله جَلَزَ، إذا دام في المسير بسرعة يعني، صار يُسرع في المشي، يقال: اجلوَّز، واعلوَّق البعيرَ ركبَهُ بغيرِ سرجٍ، اعلوق واَجْلَوَّزَ. إذاً افْعَوَّلَ زيدت فيه الهمزة والواوان، يعني الواو المشددة، وهذا الباب لايكون إلا لازماً نحو اَجْلَوَّزَ. (افْعَنْلَى) هذا زيدت فيه الهمزة والنون والياء الأخيرة، أصله سَلَقَ مثلاً، (افْعَنْلَى) اسلنقى أخره ياء، اسلنقى أصله اسنلقيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، إذاً اسلنقى افْعَنْلَى هذه آخرها ياء فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذا لا يكون إلا لازماً.
(يَلِيهِ افْعَنْلَلاَ) كاقعنسس، يعني بابه اقعنسس، أصله قعس، يعني دخل ظهره وخرج صدره، اقعنسس زيدت فيه الهمزة والنون وإحدى السينين، (افْعَنْلَلاَ) الألف الهمزة همزة الوصل والنون وإحدى اللامين الأولى أو الثانية على الخلاف، بابه اقعنسس، أصله قعس زيدت الهمزة والنون اقعنسسا إحدى السينين، هل هي الأولى أو الثانية؟ فيه خلاف. إذاً (افْعَنْلَلَ) هو الباب الخامس من أبنية السداسي.
الباب السادس والأخير قال:
وَافْعَالَ مَا قَدْ صَاحَبَ الَّلاَمَينِ ... .................................

(وَافْعَالَ) أصله افعالّ، افعلّ افعالّ هو نفسه، احمّر تزاد الألف بين العين واللام المشددة فيقال احمارّ، لما خفف في الوزنِ من أجل الوزن (وافعال) قال: (ما قد صاحب اللامين) (ما) هذه ظرفية مصدرية، يعني مُدةَ مُصاحبة افعال (اللامين)، يعني ذو اللام المضعفة افعالّ نحو احمارّ، احمرّ افعّل، هو نفسه افعلَّ زيدت الألف بين العين واللام المشددة فقيل: افعالّ، وهو أيضاً خاصٌ بالألوان؛ لذلك لا يكون إلا لازماً، احمارّ، اصفارّ، اخضارّ، (وَافْعَالَ مَا قَدْ صَاحَبَ الَّلاَمَينِ) (وافعال) يعني الوزن السادس الذي يكون عليه السداسي مما زيد على أصول الثلاثي ثلاثة أحرف (ما قد صاحب اللامين) مُدة مصاحبة افْعَالّ (اللامين)، يعني ذو اللام المشددة في آخره المضعفة، هذه هي أوزان الفعل السداسي، كم؟ ستة أوزان: استَفْعَلَ، افْعَوْعَلَ، افْعَوَّلَ، افْعَنْلَى، يليه افْعَنْلَلَ، افْعَالَّ بتشديد اللام. ثم انتقل إلى بيان المزيد الرباعي الكلام عليه قليل، قال:
........................ ... زَيْدُ الرُّبَاعِىِّ عَلَى نَوْعَيْنِ


هذا هو النوع الثاني من المزيد. المزيد نوعان: مزيد على الثلاثي، وهو ثلاثة أنواع، مزيد على الرباعي وهو نوعان، وتحته ثلاثة أبواب، مزيد الرباعي نوعان: سداسي، وخماسي، هو أربعة أحرف، إما أن يُزاد عليه حرفٌ واحد فيصير خماسياً، وإما أن يُزيد عليه حرفان فيصير سداسياً، ولا يمكن أن يُزاد عليه ثلاثة أحرف، لماذا؟ لأنه ليس عندنا سباعي، إذاً خُماسي وسُداسي. (زَيْدُ الرُّبَاعِىِّ عَلَى نَوْعَيْنَ) (زَيْدُ الرباعي) (زيد) كما قلنا في زيد الثلاثي، يعني مزيدُ الفعل (الرباعي)، أبواب المزيد (الرباعي) كائنة (على نوعين) على قسمين، يعني محصورة في بابينِ في قسمين، (زيدُ الرباعي) مبتدأ على حذف مضاف، يعني أبوابُ المزيد الرباعي أو الفعل الرباعي المزيد فيه، (على نوعينِ) جار ومجرور مُتعلق بمحذوف خبر للمبتدأ، كائنة (على نوعين) على قسمينِ، (ذي ستةٍ) يعني الأول السداسي، هذا بدل مُفصّل من مُجمل، (نوعين) هذا فيه إجمال فيه إبهام، (ذي) هذا مجرور بمعنى صاحب؛ لأنه من الأسماء الخمسة أو الستة أو السبعة أو الثمانية وصلت إلى الثمانية، (ذي ستةٍ) يعني صاحبِ الستة الأحرف وأصله رباعي، إذاً زيد عليه حرفان، نحو (افْعَلَلَّ) اقْشَعَرَّ، (افْعَنْلَلَ) احرنجم، هذان بابان بناءان للفعل السداسي الذي أصله رُباعي فزيد عليه حرفان، يأتي على زنة اِقْشَعَرَّ، افْعَلَلَّ اطمأنَّ، اشمأزَّ، هذا زيد فيه الهمزة في أوله واللام الأخيرة التضعيف؛ لأن أصله فَعْلَلَ على أربعة أحرف، فزيد عليه حرفان صار سداسياً، الهمزة في أوله واللام في آخره، نحو اشمأزَّ، اقشعرَّ، اطمأنَّ، ولا يكون إلا لازما؛ لأنه يدل على المبالغة، اطمأنَّ فيه المبالغة في حصول الاطمئنان، اشمأزَّ فيه حصول النفرة ونحوها، (افْعَنْلَلاَ) أيضًا هذا لا يكون إلا لازماً، احرنجم، أصله حرجم، حرجمت الإبل إذا اجتمعت، حرجم على وزن فَعْلَل، زيد فيه حرفان الهمزة همزة الوصل والنون، صار احرنجم افْعَنْلَلَ، أصله من مادة الاجتماع، حرجمت الإبل إذا اجتمعت، هذا لا يكون إلا لازماً، ويكون مطاوعاً لباب فَعْلَل.
........................ ... ثُمَّ الخُمَاسِيْ وَزْنُهُ تَفَعْلَلاَ

(ثم) هذا أراد بها العطف وليس الترتيب؛ لأن حق الخماسي أن يذكر قبل السداسي، ولكن للنظم هنا قدّم وأخّر، (ثم الخماسيْ) بالتسكين للوزن (وزنه تَفَعْلَلَا)، يعني له بابٌ واحد (وزنه تفعللا)، لماذا؟ لأنه رباعي فزيد عليه حرفٌ في أوله وهو التاء، ولا يكون إلا لازماً مطاوعاً لفَعْلَلَ، دحرجتُه فتدحرجَ، بعثرته فتبعثرَ، دعفقتُ الماء فتدعفقَ. إذاً الرباعي المزيد فيه نقول: على نوعين: إما أن يكون سداسياً، وإما أن يكون خماسياً؛ لأنه بالعقل لا يمكن أن يزاد عليه إلا حرفٌ أو حرفان، إن زيد عليه حرفان فهو سداسي وله بناءان: افْعَلَلَّ وافْعَنْلَلَ، وكلاهما لازمان لا يكونان متعديين. الخماسي له وزن واحد وهو تَفَعْلَلَ، نحو تَدَحْرَجَ.
وبهذا نكون قد انتهينا من المزيدِ فيهِ بنوعيهِ، وغداً إن شاء الله نبدأ في الفصل الثاني.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين