شرح نظم المقصود

عناصر الدرس
* تكملة أحوال الماضي.
* كيفية بدء الفعل المعلوم والمجهول الماضي.
*
تعريف همزة الوصل وذكر ما يتعلق به.

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .. أما بعد: ذكرنا أن الناظم شرع في بيان المشتق السابع أو السادس وهو الماضي، وقدم لبيان حكم آخر الفعل الماضي، وهذا المبحث الأصل فيه أنه من مباحث فن النحو، لماذا؟ لأن آخر الكلم سواء كان إعراباً أو بناءًا مبحثه يكون في فن النحو، ولذلك يحد علم النحو بأنه: علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعراباً وبناءًا. وإنما ذكر الناظم بيان حال آخر الماضي الفعل الماضي يمكن أن نلتمس له أنه كالتوطئة لذكر الأول؛ لأنه قال: (وآخر الماضي افتحنه) ثم قال: (وبدء معلوم)، وقد يذكر الشيء لمناسبة غيره، يسمى استطراداً.
وَآخِرَ المَاضِي افْتَحَنْهُ مُطْلَقَا ... وَضُمَّ إِنْ بِوَاوِ جَمْعٍ أُلْحِقَا
وَسَكِّنِ انْ ضَمِيْرَ رَفْعٍ حُرِّكَا ... ............................


جرى الناظم على ما عليه المتأخرون من كون الفعل الماضي له ثلاثة أحوال: الحال الأولى: أنه يبني على الفتح (آخر الماضي) يعني (آخر) الفعل (الماضي افتحنه) يعني اِبنه على الفتح لفظاً أو مقدرًا، (مطلقاً) يعني حال كون الماضي مطلقاً عن التقييد لا يقيد، يعني سواء كان ثلاثياً أو رباعياً، رباعياً مجرداً أو مزيداً فيه خماسياً أو سداسياً، مبنياً للمعلوم أم مبنياً للمجهول، متعدياً أم لازماً (افتحنه)، والقيد هنا في كونه مفتوح الآخر يعرف بضده أو بمقابله؛ لأنه قال: (افتحنه) ثم قال: (وضم) (وسكن) قيد (ضم) وقيد (سكن)، إذاً يكون الأول (افتحنه) ما لم يتصل به ما يقتضي بناءه على الضم، وما لم يتصل به ما يقتضي بناءه على السكون. إذاً ليس النفي في الأول جميع ما يمكن أن يتصل بالفعل، بل المراد ما يتصل به مما ينقله عن بنائه عن الفتح إلى الضم أو السكون، إذاً قوله: (آخر الماضي افتحنه) أي احكم عليه بالبناء على الفتح، متى؟ إذا لم يتصل به واو جمع، أو لم يتصل به ضمير رفع متحرك، فإن اتصل به واو جمع انتقل حكمه من البناء على الفتح إلى البناء على الضم، وإن اتصل به ضمير رفع متحرك انتقل حكمه من البناء على الفتح إلى البناء على السكون، هذا على ما اختاره الناظم. فإن اتصل به تاء التأنيث الساكنة نقول: على الأصل، لماذا؟ لأن تاء التأنيث الساكنة تتصل بالفعل ولا تنقله عن أصله ضرَبَت هند، ضربت نقول: مبني على الفتح، وكذلك ألف الاثنين الزيدان ضربَا، فعلى الأصح الفتح هنا فتح بناء. (وآخر الماضي افتحنه مطلقا وضم) يعني آخر الماضي (إن بواو جمع ألحقا) يعني إن ألحق الماضي بواو جمع، (واو جمع) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (ألحقا) والضمير كما ذكره الشارح يعود على (الماضي)، وإن جعلناه على الواو لا إشكال. وقلنا: (واو جمع) من إضافة الدال إلى المدلول، يعني واو يدل على جماعة الذكور، (وضم) أي - احكم على - أو احكم بكون آخر الماضي مبني على الضم إن ألحق بواو جمع، وذكرنا أن (ألحق) هذا هو فعل الشرط وجوابه محذوف يدل عليه (ضم)، إن الحق بواو جمع ضمه، يعني ضم آخره. (وسكن إن ضمير رفع حركا) (وسكن) أيها الناظر أو أيها النحوي (آخر الماضي) يعني اِبنه على السكون، متى؟ (إن ضمير رفع حركا) (ضميرَ) هذا بالنصب، و (إن) حرف شرط، وهنا (ضمير) منصوب على أنه خبر لكان المحذوفة مع اسمها؛ لأن كان تحذف مع اسمها ويبقى الخبر، ويحذفونها ويبقون الخبر
وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ ... وَبَعْدَ إِنْ وَلَوْ كَثِيراً ذَا اشْتَهَرْ


يعني كثير أنه بعد (لو) (ولو خاتماً من حديد) يعني ولو كان الملتمس، (التمس ولو خاتماً من حديد) في الحديث: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (خاتماً) ما إعرابه؟ تقول: خبر لكان المحذوفة مع اسمها، التمس ولو كان الملتمس (خاتماً من حديد). (وسكن) إن كان الملحق (ضمير رفع حركا) (ضمير رفع) يعني لا اسم ظاهر، فإن كان اسماً ظاهراً فهو على الأصل (افتحنه مطلقاً)، (ضمير رفع) احترازاً من ضمير النصب فإنه معه حينئذ يكون مبنياً على الأصل وهو الفتح، ولذلك لا يجعل هذا - كما قد سأل البارحة بعض الطلاب - يقول: لِمَ لَمْ نجعله مع التاء وألف الاثنين؟ ضربَك، ضربَنا، نقول: هذا لا يجعل في الصف الأول، لِمَ؟ لأن ضربَت هند، والزيدان ضربَا، هنا التاء والألف اتصلتا بالفعل مباشرة في اللفظ والتقدير، أما ضربَك زيد هنا ضربك الكاف اتصلت بالفعل في اللفظ فقط، أما في التقدير فهو منفصلة،
وَالأَصْلُ فِي الْفَاعِلِ أَنْ يَتَّصِلَا ... وَالأَصْلُ فِي الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلَا


(والأصل) يعني الغالب الكثير الراجح، (والأصل في الفاعل أن يتصلا) يعني يتصل بعامله لا يفصل بينهما فاصل، (والأصل في المفعول أن ينفصلا) عن العامل بالفاعل، إذاً ضربَك زيد ضربك هل نقول: الكاف اتصلت بالفعل؟ نقول: في اللفظ نعم، أما في التقدير فلا، فلذلك لا نقول: هي مثل التاء والزيدان ضربَا؛ لأن تلك اتصلت به مباشرة لأنه فاعل، والفاعل الأصل أن يكون متصلاً بالفعل، وضربك هذا مفعول به، والأصل فيه أنه منفصل عن فعله عن عامله، ولو اتصل به لفظاً فهو في نية الانفصال. (ضمير رفع حركا) (حركا) قلنا: هذه الجملة صفة لـ (ضمير)، وهو احترازاً من ضمير رفع ساكن وهو الواو؛ لأن الواو هذه هي تتصل بالفعل الماضي فيبنى معه على الضم. - (وآخر الماضي) - (ضربا) هذه في خلاف فيه ثلاثة أقوال: مبني على الفتح الظاهر وهو قول الجمهور، مبني على فتح مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة، مبني على النون حذف النون، لأنه أخو اضربا، قالوا: الماضي شقيق للأمر، والأمر اضربا هذا مبني على حذف النون، كذلك ضربا، لكن هذا قول ضعيف، الصحيح أنه مبني على فتح ظاهر. هنا يقول: قال الناظم: (وضم إن بواو جمع حركا) لكن نجد بعض الأفعال مثل يخشون ويرضون غير مضمومة، وضحوا ذلك. يخشون يرضون يخشون هذا فعل ماض أو مضارع؟ مضارع، والكلام في أي شيء؟ في الماضي يرضون هذه مضارع ليس بماض، مضارع وليس بماض. لكن الإشكال عند السائل - أن الواو يناسبها - لأننا رددنا على القول (وضم) أن الصحيح أن الفتحة مقدرة، ضربوا هذه الضمة ضمة عارضة، لِمَ؟ لأنها جلبت لمناسبة الواو، لأن الواو لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مضموماً، يخشون هذه واو الجماعة أيضاً، مثل خرجوا ونصروا هذه الواو واو الجماعة فاعل. يرضون يخشون هذه الواو واو الجماعة، ضم في نصروا وخرجوا لأجل الواو، وهنا يخشون لم يضم لأجل الواو، فلم؟ هكذا ينبغي أن يكون السؤال؟ فالجواب أنه أن الضمة قبل الواو قد يكون لفظاً وقد يكون مقدراً، لفظاً نحو ينصرُون يخرجُون، نقول: هذه الضمة قبل الواو ملفوظ بها، يخشى آخره ألف مبدلة عن ياء، فإذا اتصل به واو الجماعة واو الذكور، نقول: هل يمكن تحريك الألف بالضم لمناسبة الواو؟ لا يمكن، إذاً نقدر الضمة على الألف، لأنه كما تقدر حركة الإعراب كذلك تقدر الحركة العارضة، لكن هل يمكن هنا لفظ الألف مع الواو الجمع بينهما؟ الجواب: لا. إذاً يخشون نقول: اجتمع ساكنان الألف والواو، لا يمكن تحريك الأول الذي هو الألف، ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي الحذف ووجود دليل يدل عليه، لا يجوز الحذف إلا بوجود شرطين: الأول: أن يكون حرف لين حرف علة. الثانية: أن يوجد دليل يدل عليه، يعني الحرف إذا حذفناه لا بد أن يكون قبله حرف من جنس الحرف المحذوف، إن كان المحذوف واواً لا بد أن يكون قبلها ضمة تبقى لتدل على أن المحذوف واو، وإن كان المحذوف ياء يجب أن تبقى كسرة لتدل على أن المحذوف ياء، والفتحة فتحة أيضاً.


يخشى يخشاْوْن التقى ساكنان، نقول: يخشى الشين مفتوحة، إذاً والألف هذه حرف لين علة تُحذف لأنه لا يمكن التحريك، ننتقل للمرحلة الثانية الحذف، تبقى الفتحة دليلاً على الألف المحذوفة نقول: يخشون، الواو يناسبها ما قبلها أن يكون مضموماً، هنا نقول: الضمة مقدرة على الألف المحذوفة، لِمَ؟ لأنه لا يمكن أن نلفظ بالضمة قبل الواو، لأننا لو لفظنا بالضمة قبل الواو لسقط دليل الألف المحذوفة، وهذا لا يجوز، لا يجوز أن يسقط الحرف ودليله، وإنما يسقط الحرف ويحافظ ويدافع عن دليله ليبقى دليلاً على المحذوف، فإذا قيل: يخشُون بضم الشين لمناسبة الواو نقول هذا لا يصح، لماذا؟ لأن الألف إنما جاز حذفها لوجود الفتحة دليلاً عليها ولا يجوز إسقاطها، إذاً يخشون يرضون يرضى، جاءت الواو، التقى ساكنان حذفت الألف، يرضون لا يمكن تغيير الضاد بالضم لمناسبة الواو، لماذا؟ لأن الفتحة دليل على المحذوف. اشتروا هذه يرضون ويخشون في الفعل المضارع، اشتروا ولعل السائل يقصد هذه، اشتروا كيف نقول: مبني على (وضم إن بواو جمع ألحقا)، إذاً يبنى على الضم خرجوا نصروا، اشتروا من يعرب؟ لا أريد على مذهب الناظم، اشتروا مبني على ضم مقدر، أين هو؟ على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين. إذاً يضم ما قبل الواو لفظاً أو تقديراً، كما نقول: (افتحنه) لفظاً أو تقديراً. ثم انتقل بعد أن بين لنا رحمه الله حال آخر الفعل الماضي انتقل إلى بيان أول الفعل الماضي، وهذا هو المقصود بالكلام، إذاً شرع في بيان هيئة أوله بعد أن بين لنا هيئة آخره، قال:
.................... ... وَبَدْءُ مَعْلُوْمٍ بِفَتْحٍ سُلِكَا


(وبدء) هذا مصدر بدأ يبدأ بدءًا، (بدء) نقول: هذا مصدر بدأ يبدأ بدءً، وهنا أطلق هذا اللفظ على الحرف ومقصوده الحرف المبدوء به، (بدء) ماض (معلوم) أي الحرف المبدوء به، وعليه يكون المصدر هنا بمعنى اسم المفعول الحرف المبدوء به، بقرينة الكلام السابق (وآخر) الفعل (الماضي)، قال: (وبدء معلوم) إذاً بعد أن بين لنا الآخر شرع لنا في بيان الأول، (وبدء) أي الحرف المبدوء به، (وبدء معلوم) (معلوم) هذا صفة لموصوف محذوف لا بد من ذكره في مقام حل العبارة، أي (وبدء) أي الحرف المبدوء به في فعل ماض (معلوم) وهذا للاحتراز؛ لأنه الماضي والمضارع كل منهما ينقسم إلى: معلوم ومجهول، مبني للمعلوم وهو المبني للفاعل، والمبني للمجهول، الآن قدم المبني للمعلوم المبني للفاعل لأنه هو الأصل، والمبني للمجهول هذا فرع، والمبني للفاعل كثير والمبني للمجهول قليل، فناسب أن يبين الأصل أولاً، ويقدم الكثير أولاً، ثم يثني بالقليل والفرع، قال: (وبدء معلوم) أي (بدء) الحرف المبدوء به في ماض (معلوم)، (معلوم) هذا اسم مفعول من عَلِم، علم يعْلم وهو معلوم واسم الفاعل عالم لأنه ثلاثي، (وبدء معلوم) أي الحرف المبدوء به في فعل ماض (معلوم) يعني مبني للفاعل، احترازاً من المبني للمجهول مطلقاً، هنا لم يقيده يعني سواء كان ثلاثياً أو رباعياً أو مزيداً فيه، القاعدة عامة، الثلاثي الرباعي المجرد الرباعي المزيد فيه، الخماسي، السداسي، هذه قاعدة عامة. (وبدء معلوم) مطلقاً (بفتح سلكا) يعني حركة أول الفعل الماضي على الإطلاق الفتح (سُلكا) (سُلِكَ) هذا فعل ماض مغير الصيغة وفاعله ضمير يعود على (بدء) الحرف الأول، والألف هذه للإطلاق، (بدء) مبتدأ، و (سلكا) الجملة خبر، وقوله: (بفتح) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (سلكا)، (سلكا) السلوك في الأصل: هو الذهاب في الطريق، وسَلَكَ يده في جيبه أدخلها فيه، وقيل: السِلْكَةُ كما في القاموس الخيط يُخاطُ به. إذاً شبه الناظم أو استعار أو مجاز أن الحرف الأول (سُلِك) يعني اتجه فيه الفتح كأنّ الفعل الماضي صار كالخيط، وصار الفتح فيه طريقاً ليكون أول الفعل، كأنه سبحة ووضعت فيه الخرزة، كذلك الفعل الماضي كأنه خيط ووضع في أوله الفتح.


إذاً القاعدة العامة التي ذكرها الناظم هنا: أن الحرف المبدوء به في الفعل الماضي مطلقاً وهو مبني للمعلوم احترازاً من المبني للمجهول سواء كان الماضي ثلاثياً أو رباعياً خماسياً أو سداسياً الفتح، ضَرب، الضاد هذه أول الفعل الماضي، فنقول: هي مفتوحة ضَرب، قَتل، دَحرج، تَدحرج، نقول هذه أفعال ماضية وهي مبدوءة بالفتح، (إلا الخماسي والسداسي) الاستثناء عندهم معيار العموم، لذلك قلنا الكلام الأول (وبدء معلوم بفتح) هذا يشمل جميع أنواع الفعل الماضي فيدخل فيه الخماسي والسداسي، ثم أخرجه فقال: (إلا الخماسي والسداسي) يعني إلا الماضي (الخماسي) يعني ما كان مؤلفاً من خمسة أحرف، سواء كان ثلاثياً أصول، أو رباعي الأصول، الخماسي قد يكون أصله ثلاثي زيدت عليه ثلاثة أحرف، وقد يكون رباعي زيد عليه حرفان، إذاً (الخماسي) سواء كان ثلاثي الأصول أو رباعي الأصول، (والسداسي) يعني والماضي (السداسي) سواء كان أصله ثلاثي الأصول فزيد عليه ثلاثة أحرف، أو رباعي الأصول فزيد عليه حرفان، (إِلاَّ الخُمَاسِيَ والسُّدَاسِيَ) هذا هو الأصل منصوب على الاستثناء، وهو استثناء تام موجب، (وَبَدْءُ مَعْلُوْمٍ بِفَتْحٍ سُلِكَا إِلاَّ الخُمَاسِيَ والسُّدَاسِيَ) ولكن سكنه من أجل ضرورة النظم، (إلا الخماسي والسداسي) ما حكمه؟ إذاً ما بعد المستثنى يخالف حكمه حكم المستثنى منه، لأنه أثبت في الأول فتح الحرف الأول، أثبت في الجملة السابقة القاعدة الكلية: (وبدء معلوم بفتح سلكا) هذا عام، (إلا الخماسي) ما بعده ينافي ما قبله في الحكم؛ لأن الاستثناء إخراجٌ للمستثنى من المستثنى منه وحكمه. ما هو المستثنى منه؟ (بدء معلوم بفتح) كل فعل مبني للمعلوم وهو ماض حكمه الفتح، إذاً نستثني من الماضي الخماسي والسداسي، ونستثني من الحكم الفتح، ونثبت للمستثنى ضد ما أثبتناه للمستثنى منه، إذاً ما حكمه المخالف للمستثنى منه؟ قال: (فاكسرن) الفاء هذه فاء الفصيحة - يعني كأنه قال - لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، هنا يأتي سؤال (وبدء معلوم بفتح سلكا إلا الخماسي والسداسي) إذاً ما حكمه؟ قال: (فاكسرن) الفاء هذه فاء الفصيحة لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، (اكسرن) هذا فعل أمر من الكَسْر، كسَر يكْسِر (اكسرن) والنون فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، ومفعوله محذوف والتقدير: (فاكسرن) أيها الناظم بدأهما، يعني الحرف المبدوء بهما، فيهما يعني في الخماسي والسداسي.


إذاً ما حكم الخماسي والسداسي؟ نقول الحرف الأول المبدوء به الخماسي أو السداسي الكسر، تقول: اِنطلق اِنفعل، سبق أنه من أوزان الخماسي، اِنطلق اِجتمع اِحمرّ، هذه أفعال خماسية، فنقول: حكمها أن الحرف المبدوء به هذا خماسي الكسر لا الفتح، كذلك السداسي اِستخرج اِستوعب اِستغفر، نقول: الحرف الأول من هذه الأفعال حكمه الكسر يعني يكسر أوله، (إلا الخماسي والسداسي) يعني إلا الفعل الماضي (الخماسي) وإلا الفعل الماضي (السداسي) وحكمه (فاكسرن) بدأهما، يعني انطق بأول الخماسي مكسوراً، وانطق بأول السداسي مكسوراً، خلافاً للقاعدة العامة وهو أنه يفتح أول الماضي، متى؟ هل كل ماضٍ خماسي يكسر أوله؟ هل كل ماضٍ سداسي يكسر أوله؟ قيده بقوله: (إن بدءا بهمز وصل)، (إن) حرف شرط، (بدءا) هذا فعل الشرط فعل ماضٍ مغير الصيغة، والألف هذه ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل، (إن بدءا بهمز وصل) (بهمز وصل) جار ومجرور متعلق بقوله: (بدءا)، (بدءا) هذا فعل الشرط، أين الجواب؟ محذوف، دليله (فاكسرن) السابق، لأنه كما سبق أن جواب الشرط يجوز حذفه إذا دل عليه دليل، وهنا دل عليه دليل، (فاكسرن إن بدءا بهمز وصل) فاكسرن، لأنه كلام جديد، (إن بدءا) (بدءا) جملة فعلية سُلط عليها حرف الشرط لا بد له من جواب، أين الجواب؟ نقول: محذوف تقديره: فاكسرن، (إن بدءا بهمز وصل) إذاً ليس كل فعل خماسي نقول: يُبدأ بالكسر، تَدحرج هذا ما نوعه؟ خماسي، إذا قلنا على الأصل (إلا الخماسي والسداسي فاكسرن) إذاً نكسر التاء، نقول: لا، إنما ليس كل فعل خماسي يُبدأ بالكسر، وإنما كل فعل خماسي مبدوء بهمزة الوصل، وكل فعل سداسي مبدوء بهمزة الوصل، وما عداهما فهو على الأصل (وبدء معلوم بفتح سلكا). إذاً إذا أردنا أن نُقَعِد نقول: القاعدة في الفعل الماضي أن أوله مفتوح أبدا، ويستثنى منه الخماسي والسداسي، والخماسي والسداسي نوعان: مبدوء بهمزة وصل، ليس مبدوءاً بهمزة وصل، ما كان مبدوءًا بهمزة وصل خالفنا القاعدة وكسرنا أوله، ما ليس مبدوءاً بهمزة وصل كتَدحرج وتغافل فنقول: هذا على الأصل وهو أنه يُبدأ بالفتح. (إن بدءا بهمز وصل) مفهومه إن لم يُبدأ بهمز وصل فهو على الأصل، إذاً في هذا التركيب قسم لك الخماسي والسداسي إلى نوعين: (إن بدءا بهمز وصل فاكسرن) مفهوم الشرط: إن لم يُبدأ بهمز وصل يفتحا، داخل في المستثنى منه، داخل في حكم المستثنى منه وهو (بدء معلوم بفتح). (إن بدءا بهمز وصل) (همز وصل) هذه الهمزة همزة الوصل: هي التي تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج، كما عرفها الناظم:
ثُبُوْتُهَا ِفي الاِبْتِدَا قَدِ التُزِمْ ... كَحَذْفِهَا فِي دَرْجِهَا مَعَ الكَلِمْ


إذاً كل همزة ثبتت في الابتداء وسقطت في الدرج - يعني وصل الكلام - فهي همزة وصل. وعرفها ابن هشام في أوضح المسالك بقوله: هي همزة سابقة موجودة في الابتداء مفقودة في الدرج. يعني وصل الكلام، إذا وصل الكلام اتصل ما بعده بما قبله سقطت الهمزة، قالت خْرج أصلها اُخرج، جيء بهمزة الوصل هنا مضمومة لضم العين، إذا قيل: اُخرج ثبتت في الابتداء، يعني نُطق بها همزة اُخرج، إذا اتصلت سُبقت بكلمة نقول: هذه الهمزة تسقط في درج الكلام، يعني إذا لم يُبتدأ بها وإنما اتصلت بما قبلها نُطق بلفظٍ قبلها فوصل اللفظ بما دخلت عليه همزة الوصل، قالت خْرج، إذاً سقطت همزة الوصل. لذلك قال ابن هشام: همزة سابقة - يعني في أول الكلام - موجودة في الابتداء - ملفوظ بها - موجودة في الابتداء مفقودة في الدرج - تسقط في الدرج -. همزة الوصل إذا قيل: تسقط في الدرج ووجودها إنما يكون في الابتداء، إذاً كيف تسمى همزة الوصل؟! هي في حالة الوصل ساقطة غير موجودة، فكيف نقول: همزة الوصل؟ الأصل كما قال بعضهم: أنه من باب الضدية، يعني مجاز علاقته الضدية أطلق الشيء على الشيء بمقابله، والأصل أن تسمى همزة الابتداء لأنه يبتدأ بها؛ اُخرج هذه همزة موجودة، والحكم يكون بالموجود على الموجود لا على المعدوم، قالتُ خرج أين الهمزة؟ ليس عندنا همزة هي مفقودة في الدرج، إذاً كيف نقول: همزة الوصل؟ قيل: هذا مجاز علاقته الضدية، يعني من إطلاق الشيء على ضده، فهي همزة ابتداء أطلق عليها بضدها وهو الوصل. وقيل: لا، ليس عندنا مجاز، وإنما سميت همزة وصل لأنها تصل ما بعدها بما قبلها. وقيل وهو مذهب البصريين: أنها سميت همزة وصل لأنه يتوصل بها للابتداء بالساكن. وهذا هو المشهور على الألسنة. أن همزة الوصل إنما جيء بها أو سميت همزة وصل لأنه يبتدأ بالساكن بها. لأنه لا يبتدأ بساكن، يخْرج إذا أردت أن تأتي بفعل الأمر تسقط حرف المضارعة وثانيه ساكن، وتسكن الجيم لأنه مبني على السكون، هل يمكن أن ينطق بالخاء وهو ساكن، لا يمكن، لا يبتدأ بساكن، إذاً اجتلبوا هذه الهمزة ليتوصل للابتداء بهذا الساكن. قيل: إذا قيل هذا أنها همزة وصل للابتداء بالساكن ينبغي أن تسمى همزة الوصول أو التوصل، لا يقال: همزة الوصل، وإنما يقال: الوصول أو التوصل، هكذا ذكره الخضري في حاشيته على ابن عقيل. وهل هي ساكنة في الأصل ثم حركت للتخلص من التقاء الساكنين، أم أنها اجتلبت مكسورة أصالة؟ فيه نزاع، والمشهور أنها ساكنة في الأصل، لأنها حرف مبني،
................. ... وَالأَصْلُ فِي الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا


فلما التقى ساكنان اخرج الخاء ساكنة والهمزة ساكنة حركنا الأول بالكسر على الأصل، إلا إذا دعا داعٍ أن تضم. إذاً (إن بدءا بهمز وصل فاكسرن) يعني اكسر الحرف المبدوء به في أول الخماسي، وفي أول السداسي، متى؟ اِنطلق اِستخرج اِجتمع (اِمتحن) كما عبر الناظم هنا أو مثل (كامتحن)، (اِمتحن) (كامتحن) لأنها تسقط همزة الوصل في المثال هنا. إذاً (اِمتحن) اِختبر هذه الهمزة هنا همزة وصل، لماذا سميت همزة وصل؟ لأنه يبتدأ بها، ليتوصل بها إلى الابتداء بالساكن، والأصل فيها أنها ساكنة، فلما جيء بها ساكنة والحرف الأول ساكن التقى ساكنان فحركت بالكسر على الأصل. وقيل: هي مكسورة أصالة.
إِلاَّ الخُمَاسِيْ والسُّدَاسِيْ فاكْسِرَنْ ... إِنْ بُدِئَا بِهَمْزِ وَصْلٍ كَامْتَحَنْ


(كامتحن) يعني اختبر. (ثبوتها) أراد أن يعرف لك هذه الهمزة همزة الوصل فقال رحمه الله: (ثبوتها) يعني وجودها التي عبر عنها ابن هشام بقوله: سابقة موجودة في الابتداء، (ثبوتها في الابتداء قد التزم) (ثبوت) هذا مصدر ثبَت يثبُت ثبوتاً، قعَد يقعُد قعوداً، إذاً (ثبوتها) الضمير يعود على همزة الوصل، (ثبوتها) أي ثبوت همزة الوصل من إضافة المصدر إلى فاعله لأنها هي التي تثبت بنفسها، (ثبوتها) يعني وجودها (في الابتدا) يعني (في) حال (الابتداء) بالكلمة المبدوءة بهمزة الوصل، (في الابتدا) يعني ثبوتها في حال الابتداء بالكلمة المبدوءة بهمزة الوصل والنطق بها أولاً غير مسبوقة بكلمة متصلة بها، (قد التزم) (في الابتدا) جار ومجرور متعلق بقوله: (ثبوت) وهو مبتدأ لأنه مصدر، والمصدر من متعلقات الجار والمجرور، الجار والمجرور له عشر متعلقات منها المصدر، (قد التزم) (قد) هذا حرف تحقيق مبني على سكون مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، وهي للتحقيق هنا، (قد التزم) (التزم) هذا فعل ماضٍ، و (أل) هذه ليس اسماً؟ أصله (التزم) افتعل، التاء هذه تاء الافتعال كما هنا تاء الافتعال، قد يظن الظان أن (أل) هذه تدخل على الاسم (قد التزم) إذاً هو فعل ماضٍ مغير الصيغة، (قد التزم) مبني بفتح مقدر هنا تقول: مبني بفتح مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون الروي أو الضرب، لماذا؟ لأن الإعراب دائماً تعرب الذي تلفظ به وأنت لن تلفظ هنا بالفتح (التزم)، إذا قلنا: جاء زيد، إذا أردت فلسفة الإعراب تقول: جاء فعل ماضٍ، زيد فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الوقف. لا تقول: مبني مرفوع بضمة ظاهرة، أين الضمة الظاهرة جاء زيد؟ أنت ما تقول: جاء زيدٌ، في الوقف تقول: جاء زيدْ مررت بزيدْ، زيد تقول: اسم مجرور بالباء وجره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الوقف، هكذا تعربه إن كنت من المتحذلقين. (ثبوتها في الابتدا قد التزم) يعني (قد) تحتم ووجب، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يبتدأ بالساكن إلا بوجود همزة الوصل. إذاً وجودها ثابت لزوماً متحتماً، هذا خبر الجملة (قد التزم) الضمير هنا يعود على (ثبوت) يعني التزم ثبوتها، وجودها في الابتداء فالجملة تعتبر من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ. (كحذفها في درجها مع الكلم) (كحذفها) (حذف) هذا مصدر وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله، في الأول (ثبوتها) من إضافة المصدر إلى الفاعل، (حذفها) أنت الذي تحذفه لأنها تحذف في الوصل وأنت الذي تصل الكلام، (كحذفها) الكاف هذه للتشبيه، شبه الحذف بالثبوت في الالتزام، يعني كما التزم ثبوتها في الابتداء كذلك التزم حذفها في الوصل والدرج درج الكلام. إذاً (كحذفها) نقول: التشبيه هنا لأي شيء؟ شبه الحذف بالثبوت في اللزوم، كما أنه يلزم في الابتداء أن تأتي بهمزة الوصل كذلك يلزمك أن تسقطها في درج الكلام، فكل منهما لازم الثبوت والحذف.


(كحذفها في درجها) (في درجها) يعني في وصلها إذا وصلت بما بعدها سقطت الهمزة تحذف (مع الكلم) السابق عليها في النطق، (الكلم) هذا اسم جنس جمعي مفرده كلمة، - والفرق بين الجنس الجمعي - اسم الجنس الجمعي: هو الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء غالباً. إذاً عرف لنا همزة الوصل:
ثُبُوْتُهَا ِفي الاِبْتِدَا قَدِ التُزِمْ ... كَحَذْفِهَا فِي دَرْجِهَا مَعَ الكَلِمْ

إذاً هي كل همزة ثبتت في الابتداء وسقطت وحذفت في درج الكلام في الوصل. (كهمز أمرٍ) إذاً انتهى الناظم رحمه الله من بيان أن همزة الوصل تكون في - الخماسي والسداسي الماضي - في الفعل الماضي الخماسي والفعل الماضي السداسي، هذان موضعان همزة الوصل تكون في الفعل الماضي الخماسي والفعل الماضي السداسي. استطرد رحمه الله في بيان مواضع همزة الوصل، أراد أن يبين لك المواضع، لماذا؟ لأنه عند بعضهم أن همزة الوصل محصورة، تعرف المواضع التي تكون همزتها همزة وصل وما عداها فهي همزة قطع، يمكن حصرها والعلم بها،
كَهَمْزِ أَمْرٍ لَهُمَا وَمَصْدَرِ ... وَأَلْ وَأَيْمُنٍ وَهَمْزِ كَا جْهَرِ


(كهمز أمر لهما) (كهمز) فعل (أمر) لا بد من التقدير، (كهمز) فعل (أمر لهما) يعني كائن (لهما)، (كهمز أمر) كائن (لهما) الضمير يعود على (الخماسي والسداسي)، يعني كما تكون همزة الوصل في الماضي السداسي وفي الماضي الخماسي تكون في الأمر من الخماسي وتكون في الأمر من السداسي، هذه أربعة مواضع لهمزة الوصل: ماضي الخماسي وأمر الخماسي، تقول: اِنطلَقَ همزة الوصل مكسورة ايت بالأمر منه اِنطلِق، إذًا كسرت همزة الوصل اِنطلقْ، اِستخرجَ هذا فعل ماضٍ مبدوء بهمزة وصل مكسورة، وهي همزة وصل مكسورة، في الأمر من اِستخرَج ماذا تقول؟ اِستخرِجْ اِستغفِرْ اِستوعِبْ استدرِكْ، إذاً بكسر همزة الوصل. تكون همزة الوصل مكسورة في هذه المواضع. (كهمز أمر لهما) أي كما تكون الهمزة همزة وصل في الماضي السداسي والماضي الخماسي كذلك تكون في الأمر منهما. (ومصدر) يعني كهمز مصدر لهما، يعني للخماسي والسداسي، يعني أن المصدر مصدر الفعل الخماسي تكون همزته همزة وصل ومصدر الفعل الماضي السداسي تكون همزته همزة وصل، اِنطلق ينطلق اِنطلق هذا همزة وصل، اِنطلاقاً هذا مصدر همزته همزة وصل، اِستغفَر يستغفر اِستغفِر اِستغفاراً، اِستوعَبَ يستوعب اِستوعِب اِستيعاباً، اِستدركَ يستدرك اِستدرِك اِستدراكاً. إذاً همزة الوصل تكون في الفعل الماضي الخماسي وتكون في الأمر من الخماسي وتكون في مصدر الخماسي، وتكون في ماضي السداسي والأمر من السداسي ومصدر السداسي. إذاً (كهمز أمر لهما) أي أن الهمزة تكون في الأمر لهما للخماسي والسداسي تكون همزة وصل كما كانت في الماضي الخماسي والسداسي، (ومصدر) لهما، (و) كهمز (مصدر) لهما، يعني كما كانت في الماضي والسداسي الخماسي همزة وصل كذلك في المصدر لهما. (وأل) يعني (و) كهمز (أل)، (أل) تكون معرّفة وتكون زائدة وتكون موصولة، وعلى القول بأن الموصولة حرفية (أل) مطلقاً حرف وهمزتها همزة وصل. وإذا كانت الموصولة اسمية تقول: (أل) الحرفية المعرّفة والزائدة حرف وهمزتها همزة وصل إلا عند الخليل، والموصولة هذه ملحقة بالأسماء العشرة التي يأتي ذكرها (ابن) مع ما بعده. إذاً (وأل) نقول: همزة (أل) موصولة عند غير الخليل، أما الخليل فعنده همزة (أل) المعرّفة همزة قطع وصلت لكثرة الاستعمال. إذا قيل: الرجل العالم، اللام عند الجمهور هي المعرفة تبعاً للأخفش، وعند الخليل (أل) برمتها هي المعرفة وهمزتها همزة قطع. كيف همزة قطع يا خليل وأنت تقول: قال العالم، تسقط؟! قال: لا، الأصل هي همزة قطع ووصلت لكثرة استعمالها. المذهب الثالث: أن (أل) برمتها للتعريف وهمزتها همزة وصل اعتد بها وضعاً، هذا نسب لسيبويه. المذهب الرابع: مذهب المبرِّد أن الهمزة هي المعرف واللام زائدة للفرق بين همزة التعريف وهمزة الاستفهام. فهذه أربعة مذاهب: مذهبان أن الهمزة همزة قطع لأن همزة الاستفهام همزة قطع على المبرّد، وقول الخليل، وقولان أنهما همزة وصل؛ لذلك يقال: اثنان ثنائيان واثنان أُحاديان. هذه احفظوها ما هي موجودة في الكتب في الأربعة المذاهب هذه تؤخذ من الأفواه.


اثنان ثنائيان واثنان أُحاديان، اثنان ثنائيان يعني اثنان من العلماء قال بأن المعرف ثنائيان، من هما؟ الخليل وسيبويه. اثنان ثنائيان يعني اثنان من العلماء قالا بأن المعرف حرفان اثنان، اثنان ثنائيان الألف واللام معًا، واثنان أُحاديان من هما؟ الأخفش والمبرد، أُحاديان يعني اللام فقط والهمزة فقط، أُحادي واحد حرف واحد. اثنان ثنائيان واثنان أُحاديان.
وَآَلَةُ التَّعْرِيفِ أَلْ فَمَنْ يُرِدْ
تَعْرِيفَ كَبْدٍ مُبْهَمٍ قَالَ الْكَبِدْ
وَقَالَ قَوْمٌ إِنَّهَا اللَّامُ فَقَطْ ... إِذْ أَلِفُ الوَصْلِ مَتَى يُدْرَجْ سَقَطْ


هذا قول من؟ قول الحريري رحمه الله تعالى. إذاً (وأل) (و) كهمز (أل)، (أل) هذه همزتها همزة وصل، (وايمن) (و) كهمز (ايمن)، (ايمن) هذا مختلف فيه عند البصريين همزته همزة وصل، وعند الكوفيين همزته همزة قطع، والخلاف فيه هل هو جمع يمين أو أنه لفظ وضع للقسم على جهة الخصوص؟ وهمزته على المشهور جماهير النحاة أن همزته همزة وصل لا قطع، خلافاً لما عليه الكوفيون. (وايمن وهمز كاجهر) (اجهر) ما ضابطه؟ (اجهر) ماذا تفهم من هذا المثال؟ خذ القيد من المثال، ما هو؟ فعل أمر (وهمز كاجهر) (كاجهر) (اجهر) أصله جهر إذاً أصله ثلاثي، يجهر الأمر منه بإسقاط حرف المضارعة ثم ننظر في الثاني قد يكون ساكناً وقد يكون متحركاً، إن كان متحركاً لا إشكال، تقول: - تدحرج، كيف تأمر منه؟ - يتدحرج إذا أردت أن تأتي بالأمر منه تحذف حرف المضارعة وهو الياء، يَتَـ الحرف الثاني متحرك، إذاً لا نحتاج أن نأتي بهمزة الوصل. يضْرب احذف حرف المضارعة، يأتينا الضاد وهو ساكن لا يمكن الابتداء بالساكن، إذاً لا بد من همزة يتوصل بها للابتداء بالساكن، اِضرب. إذاً (وهمز كاجهر) يعني (وهمز) أمر الثلاثي الذي سكن ثانيه لفظاً، (وهمز كاجهر) يعني (و) كـ (همز) أمر الثلاثي الذي سكن ثاني مضارعه لفظاً، يضْرب يجْهر سكن ثانيه، يجْهر سكن ثانيه، يضْرب يكْتب يخْرج نقول: يقْتل الثاني ساكن بعد حرف المضارعة، حينئذ إذا أسقطنا حرف المضارعة من أجل التوصل لصيغة البناء بقي الثاني ساكن لا بد من حرف يبتدأ به، يقْتل قلنا: لفظاً يعني ما ينطق به، أن يكون الثاني ساكناً لفظاً، أما إذا كان ساكناً تقديراً فلا. يقُول كيف تأمر منها؟ قل، حذفت حرف المضارعة، أين الواو؟ قول هذا الأصل، سكنت اللام والواو ساكنة، لا يمكن أن تقول قول - مشى الرجل وأنت ما انتهيت من الكلمة – قول، التقى ساكنان، نقول: نحذف الأول صار قل، طيب يقول هذا فرع أم أصل؟ فرع، فرع ماذا؟ يَقْوُل فرع يقْوُل، إذاً الثاني ساكن أو لا؟ ساكن، هل اعتبرناه في مسألة همزة الوصل؟ لا، إذاً لو كان ساكناً تقديراً مثل يقول ويخاف نقول: لا نحتاج إلى همزة وصل، فلا بد أن نقيد نقول: أمر الثلاثي الذي سكن مضارعه لفظاً لا تقديراً، فإن سكن تقديراً كما في يقول فحينئذ لا نحتاج إلى همزة وصل؛ لأننا نأخذ الأمر من الفرع لا من الأصل، يقول القاف هذه ساكنة، والضمة هذه عارضة والعبرة بالأصل لا بما عرض. إذاً (وهمز كاجهر) المراد به أمر الثلاثي الذي سكن ثاني مضارعه لفظاً، أما إذا لم يسكن فلا نحتاج، أو سكن تقديراً فلا نحتاج، لم يسكن مثل يتدحرج يتقاتل، تقول: يتقاتل، ماذا تقول؟ يتضارب تضارب تقاتل، تقول ضاربْ قاتل، يتخاصم تخاصم يتخاصم تقول: خاصم، فلا نحتاج إلى همزة الوصل لأن الثاني متحرك وليس بساكن. (وابنم) يعني (و) كهمزة (ابنم)، (ابنم) الميم هذه زائدة وأصله ابن، ابن أصله بَنَوٌ، حذفت الواو تخفيفاً أو اعتباطاً وسُكن أوله وجيء بهمزة الوصل توصلاً وتعويضاً، توصلاً للابتداء بالساكن وتعويضاً فزيدت عليه الميم للمبالغة في المعنى، الميم هذه زيدت على ابن، أصلها ابن، فزيدت عليه الميم للمبالغة في معناه.


(وابنم) يعني (و) كهمز (ابنم) همزته همزة وصل، لماذا؟ لأنه جيء بها للتمكن من الابتداء بالساكن، أين الساكن؟ الباء. (ابن) يعني و (ابن) على حذف حرف العطف، وهذا يجوز في الشعر ومختلف فيه في النثر، وابن مالك أجازه مطلقاً. (وابنم ابن) يعني و (ابن)، (ابن) يقال فيه ما قيل في الأول أن أصله بَنَوٌ، حذفت اللام التي هي الواو اعتباطاً، تخفيفاً وسكن أوله الباء وجيء بهمزة الوصل تعويضاً وتوصلاً. (ابنة) يعني و (ابنة) على حذف حرف العطف، هو ابن وزيدت عليه تاء التأنيث، (واثنين) (اثنين) قيل: أصله ثَنَيَان فَعَلَان بفتح الثاء والنون ثَنَيان، لامه الياء فعلان حذفت اللام تخفيفاً وسكن أوله وهو الثاء وجيء بهمزة الوصل للتمكن من الابتداء بالساكن فقيل: (اثنين)، وهو ملحق بالمثنى يعني يرفع بالألف نيابة عن الضمة وينصب ويجر بالياء نيابة عن الفتحة والكسرة. إذاً (اثنين) أصله ثنيان، فحذفت لامه وسكن أوله وجيء بهمزة الوصل توصلاً وتعويضاً. (وامرئ) أصله مَرْءٌ نقلت حركة الهمزة إلى الراء تخفيفاً، وسكن أوله وجيء بهمزة الوصل توصلاً وتعويضاً، ثم رجعت الهمزة، (امرئٌ) مرءٌ حذفت حركة الهمزة ثم حذفت الهمزة تخفيفاً صار مَرَ، سكن أوله وجيء بهمزة الوصل توصلاً وتعويضاً ثم رجعت الهمزة، هكذا يقال رجعت الهمزة بعد أن أَسقطَت حركتها. (امرأة) يقال فيه ما قيل في (امرئ) همزته همزة وصل يعني (و) كهمز (امرئ) وكهمز (امرأة)، (امرأة) يقال مرأه وامراه يعني فيها لغات. (واثنتين) يعني (و) كهمز (اثنتين) مؤنث اثنين بزيادة التاء تاء التأنيث. (كذا اسم است) (كذا اسم) (اسم) همزته همزة وصل أصله سِمْوٌ أو وَسْمٌ على الخلاف كما ذكر سابقاً في البسملة، سِمْوٌ ما الذي حذف؟ اللام اعتباطاً وسكن أوله، يعني يريد تخفيفه من الطرفين، وسكن أوله فجيء بهمزة الوصل فقيل: اسم. وسْمٌ حذفت الفاء على قول الكوفيين، سكنت السين وهي ساكنة أصالة جيء بهمزة الوصل (اِسم) وزنه على مذهب الكوفيين اِعْلٌ، وزنه على مذهب البصريين اِفْعٌ. (اسم) (كذا اسم) يعني مثل الذي ذكر سابقاً في أن همزته همزة وصل (اسم) (اسم) مبتدأ مؤخر، (كذا) خبر مقدم. (است) (است) قيل: أصله سَتَهٌ تعب تعباً كستهاً، هكذا في الخضري، سَتَهٌ حذفت الهاء التي هي اللام، وسكن أوله وجيء بهمزة الوصل توصلاً وتعويضاً. إذاً هذه عشرة أسماء: ايمن، وابنم، وابن، وابنة، واثنين، وامرئ، امرأة، اثنتين، اسم, است، هذه عشرة أسماء. ابن هشام قال: ينبغي أن يزاد عليها (أل) الموصولية، وعليه تكون الأسماء التي تفتتح بهمزة الوصل أحد عشر اسماً، ولا يوجد في غيرها، لا يوجد في غيرها قياساً إلا في مصدر الخماسي والسداسي. ولذلك إذا أردنا أن نرتب ونقول: همزة الوصل في الأسماء في ثلاثة مواضع: الأسماء العشرة، هذه محفوظة فقط زد عليها (أل)، مصدر الخماسي، مصدر السداسي فقط. لا يوجد همزة وصل إلا في هذه الثلاثة المواضع. الأسماء العشرة، ومصدر الخماسي، ومصدر السداسي، هذه المواضع يكون فيها الهمزة همزة وصل.


والأفعال يكون في خمسة مواضع: الماضي الخماسي، الماضي السداسي، - الأمر من الخماسي - أمر ماضي الخماسي، أمر ماضي السداسي، أمر الثلاثي ساكن الثاني من مضارعه لفظاً. هذه خمسة مواضع في الأفعال. في الحروف لا يوجد إلا (أل) فقط. كل حرف همزته همزة قطع، يعني تثبت في الوصل وفي الدرج لا تسقط في الدرج إنما تثبت، أو إلى أم هذه كلها همزة قطع، كل حرف مبدوء بهمزة فهمزته همزة قطع إلا (أل) على رأي غير الخليل، أما على رأي الخليل فكل الحروف همزتها همزة قطع وإن عرض على همزة (أل) التسهيل من جهة كثرة الاستعمال. إذاً هذه المواضع تحفظ في الأسماء ثلاثة مواضع همزتها همزة وصل، ما هي؟ الأسماء العشرة، أحد عشر زد عليها (أل)، مصدر الخماسي، ومصدر السداسي، هذه في الأسماء، ما عدا هذه الأنواع الثلاثة همزته همزة قطع. أخ تقول: هذا همزته همزة قطع. في الأفعال خمسة مواضع: الماضي الخماسي اِنطلق، الماضي السداسي اِستخرجَ، الأمر من الخماسي اِنطلِقْ، الأمر من السداسي استخرجْ، الأمر من الثلاثي الذي ثاني مضارعه ساكن لفظاً. (في الجميع فاكسرن) إذاً عرفنا مواضع همزة الوصل، وعرفنا أنها في الأصل ساكنة، ما حركتها؟ همزة الوصل الأصل فيها الكسر، لماذا؟ لأنه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، إذا قيل: انصر، أو تقول: اِنطلق النون هذه ساكنة همزة الوصل في الأصل أنها ساكنة، التقى ساكنان الأصل في التخلص من التقاء الساكنين هو الكسر.
وَإِنْ تَلَاهُ أَلِفٌ وَلَامُ ... فَاكْسِرْ وَقُلْ لِيَقُمِ الْغُلَامُ

قد يكون مكسوراً على الأصل، وقد يخرج عن الكسر إلى الضم أو الفتح، يعني همزة الوصل قد تكون مكسورة وقد تكون مفتوحة وقد تكون مضمومة، ما جاء على الأصل هل هو يقيد أو يطلق؟ ما جاء على الأصل هل نقيده نقول: في مواضع كذا وكذا؟ لا، إذاً الذي نقيده ما كان مضموماً أو مفتوحاً، وما عداه فهو على الأصل في الكسر. إذاً متى تضم همزة الوصل؟ نقول في موضعين: الأول ما هو؟ الفعل الماضي المبدوء بهمزة الوصل كالخماسي والسداسي مبنياً للمجهول، اُنطلقَ أصله اِنطلَقَ، إذا أردت أن تبنيه للمجهول ماذا تصنع؟ تضم أوله وتتبع الثالث الأول وتكسر ما قبل آخره، اُنطُلق أصله اِنطَ الطاء مفتوحة، والقاعدة أنه في المبني للمجهول أنه يضم أوله مطلقاً،
فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ ..... ... ........................

مطلقاً سواء كان ثلاثياً أم رباعياً أو خماسياً أم سداسياً مطلقاً، كل فعل مبني للمجهول الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي مبدوءًا بهمزة وصل أم لا حكمه أنه يضم، إذاً منه الخماسي والسداسي تضم أوله، إذاً ضمت همزة الوصل في الفعل السداسي المبني للمجهول والفعل الخماسي المبني للمجهول.
وَثَالِثَ الَّذِيْ بِهَمْزِ الْوَصْلِ ... كَالأَوَّلِ اجْعَلَنَّهُ كَاسْتُحْلِي


(كَالأَوَّلِ) ما حكم الأول؟ (فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ) إذاً ضُم الثالث كما تضم الأول، هذا الموضع الأول الذي تضم فيه همزة الوصل. الموضع الثاني: في الأمر من الثلاثي الذي مضارعه على زنة يفعُل بضم العين، خرج يخرُج تقول: اُخرُج، تضم الهمزة همزة الوصل، لماذا؟ لمناسبة العين، لأنه لو كسرت على الأصل لحصل انتقال من الكسر إلى الضم وهو ثقيل عندهم، يتحاشون أن ينتقل من الكسر إلى الضم ومن الضم إلى الكسر، أين الانتقال والخاء حرف موجود؟ قالوا: الحرف الساكن حاجز غير حصين، يعني كأنه غير موجود، فقيل: اُخْرُج. لو قيل: اِخْرُج، هذا فيه ثقل انتقال من كسر إلى ضم، اُخْرُج هذا مناسب وأسهل على اللسان مما لو كسرت فيه همزة الوصل، كتب يكْتُب التاء مضمومة وهي العين، تقول في الأمر: اُكتُب، قتل يقتل تقول في الأمر: اُقْتُل، نصر ينصُر اُنصر، قعد يقعُد اُقعد. إذاً تُضم همزة الوصل في الأمر الذي عينه مضمومة في المضارع. هذان موضعان: الأول: المبني للمجهول في اُنطلق واُستخرج واُستغفر. والثاني: في الأمر من الثلاثي إذا كانت عينه مضمومة. الفتح يجب في (أل) هذا واجب، وفي (ايمن) هذا راجح، يعني يجوز الفتح والكسر إلا أن الأرجح فيه الفتح. ما عدا هذه المواضع فالكسر، تقول: ذهب يذهب الأمر اِذهَب، عينه مفتوحة إذاً ليست مضمومة، جلس يجلس اِجلس، ضرب يضرب اِضرب. إذاً الذي جاء على الأصل لا يقيد، وإنما يقيد ما خرج عن الأصل وهو الضم والفتح. (في الجميع فاكسرن لها) (في الجميع) يعني جميع ما تقدم ذكره من همزة الوصل، (فاكسرن) يعني (اكسرن) ـها، اللام هذه (فاكسرن لها) (اكسر) أولاً فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، يعني انطق بها مكسورة في جميع ما تقدم، (لها) اللام هذه؟ زائدة، لم زائدة؟ اكسرها (فاكسرن) ـها، إذاً الفعل هنا يتعدى بنفسه يتعدى إلى مفعول بنفسه، وهذه اللام هنا نقول: زائدة، لماذا؟ لأن الفعل إذا تعدى بنفسه للمفعول وزيد عليه حرف يعني عُدي بحرف وهو لا يحتاج إلى الحرف حكم بزيادته.
وَزِيدَ وَالظَّرْفِيَةَ اسْتَبِنْ بِبَا ... ........................

(لها) والهاء هذا يعود على همزة الوصل. إذاً نقول: (لها) من يعرب (لها)؟ (فاكسرن لها) اللام حرف جر، طيب (لَهَا) تقول: لزيد ولَزيد؟ لَزيد، كيف تقول: (لَها)؟ في الضمائر لَه لَهما لَك تكون مفتوحة، لِزيد مع الاسم الظاهر تكون مكسورة. طيب (لها) اللام حرف جر زائد مبني على الفتح، والهاء؟ الهاء ضمير لا يظهر فيه الإعراب فنقول: له محلان: محل وهو الجر الذي اقتضاه اللام، ومحل آخر وهو النصب الذي اقتضاه (اكسرن). إذاً له محلان نقول: ضمير مبني على الفتح في محل جر باعتبار كونه مجروراً بحرف الجر الزائد، وفي محل نصب باعتبار كونه مفعولاً به. إذاً (فاكسرن) (في الجميع) أي جميع ما تقدم أيها الطالب (فاكسرن) أي احكم أو انطق بهمزة الوصل مكسورة في جميع ما تقدم (لها سوى في ايمن أل افتحن)، (سوى) هذه أداة استثناء مثلها مثل غير،
وَاسْتَثْنِ مَجْرُوراً بِغَيْرٍ مُعْرَبَا ... بِمَا لِمُسْتَثْنَى بِإِلَّا نُسِبَا
وَلِسِوًى سُوًى سَوَاءٍ اجْعَلَا ... عَلَى الأَصَحِّ مَا لِغَيْرٍ جُعِلَا


فيها أربع لغات: سِوى، وسُوى، وسِواء، وسَواء أربع لغات، ذكر ابن مالك ثلاث فقط، (سوى) هذا استثناء (في ايمن أل افتحن) (افتحن) هذا فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، أين مفعوله؟ محذوف (افتحنـ) ـها، يعني اِيت (سوى في ايمن أل افتحنـ) ـها، (افتحنـ) ـها الضمير يعود على (ايمن وأل)، (سوى) يعني غير، (في ايمن ألِ افتحن) (أل) الأصل فيها أنها ساكنة ولكن التقى ساكنان هنا وحركت بالكسر، (في ايمن أل) لا تكسر همزة الوصل بل (افتحنـ) ـها فيهما، ولكن الفتح في (أل) واجب، والفتح في (ايمن) جائز راجح ليس بواجب.
وَأَمْرُ ذِي ثَلاَثَةٍ نَحْوُ اقْبُلاَ ... ضُمَّ كَمَا بِمَاضِيَيْنِ جُهِلاَ


(وأمر) هذا مبتدأ، (ذي ثلاثة) (وأمر) مبتدأ، (أمر ذي) أحرف (ثلاثة) يعني (أمر) الثلاثي هذا المقصود، (أمر) الثلاثي (نحو اقبلا) يعني مثل (اُقبُلا) الذي من باب فَعَل يفعُل، يعني الذي مضارعه مضموم العين، (اقبلا) هذا أشكل عليّ ولكن رجعت إلى القاموس فإذا به يقول: القَبُول: ريح الصَّبا لأنها تقابل الدبور، وفلان قَبُول إذا قَبِلته النفس، وقد قَبَلَت به كنَصَر هذا الشاهد، وقد قبلت به كنَصَر إذاً يأتي كنصَر، يعني من باب نصَر نصَر ينصُر، قَبَل قبلت نفسي زيداً، قبولُ فلان قبولٌ إذا قبلت به، قَبَلَتْ هكذا على فَعَلَت، يعني من باب نصر ينصُر، إذا كان من باب نصر ينصر صح المثال وسلمنا من الاعتراض، كذلك في مختار الصحاح قال: وقد قَبَلَ به كَنَصَر، وسَمِع وضَرب وبان، إذاً يأتي من باب نصر هذا الشاهد. إذاً (اقبلا) يقبُل (اُقبُلا) من باب يخرج اُخرج، نصر ينصُر انصر، قَبَل يقبُل اُقبُل، قيِّدوها لأن الشارح ما ذكر هذه المسألة. إذاً في (أمر ذي الثلاث) إذا كان مضارعه من باب يفعُل يكون الأمر همزة الوصل فيه مضمومة، تكون همزة الوصل فيه مضمومة، (اقبلا) الألف هذه يحتمل أنها بدل من نون التوكيد الخفيفة، ويحتمل أنها ألف اثنين، يحتمل أنه ألف الاثنين اضربا، (ضم) هذا خبر (أمر)، (ضم) هو خبر يحتمل أنه فعل أمر ويحتمل أنه فعل ماضٍ، وعليه إذا قيل: (ضم) فعل أمر الجملة الطلبية في محل رفع خبر المبتدأ، (ضم) فعل ماضٍ الجملة خبرية في رفع خبر المبتدأ، (ضم) ماذا؟ (ضم) همزة الوصل فيه (كما بماضيين جهلا)، (كما) يعني (كـ) ضم همزة الوصل الذي ثبت (بماضيين) الذي هو الخماسي والسداسي (جهلا) أي بنيا للمجهول، (كما بماضيين) يعني تضم أمر الثلاثي من يفعُل تضم همزته كما تضم همزة الوصل الذي ثبت (بماضيين)، ما هما الماضيان؟ الخماسي والسداسي، الخماسي والسداسي (جهلا) الألف هذه نائب فاعل، و (جهل) فعل ماضٍ مغير الصيغة، والجملة من الفعل الماضي المغير الصيغة وفاعله في محل جر صفة لـ (ماضيين)، (ماضيين) مجهولين. إذاً الحالة الثانية التي يضم همزة الوصل فيها: هي المبني للمجهول من الخماسي والسداسي، اُنطلق واُستخرج. واضح هذا. إذاً نقول: (في الجميع فاكسرن لها) هذا هو القاعدة العامة أن الأصل في همزة الوصل تكون مكسورة للتخلص من التقاء الساكنين، والأصل في التخلص من التقاء الساكنين الكسر، تفتح في (أَيمنٍ وأَل)، (أل) وجوباً، و (ايمن) جوازاً راجحاً، تضم في موضعين: الأول: إذا كان أمراً من الثلاثي الذي عينه مضمومة، انصُر. الموضع الثاني: الخماسي والسداسي المبني للمجهول. (وبدء مجهول) هنا انتهى من (وبدء معلوم) قال: (وبدء معلوم) قلنا: احترازًا من (بدء مجهول)،


(وبدء مجهول) أي حرف مبدوء به في ماض (مجهول) يعني مجهول فاعله، وهذه التسمية المشهورة أنه مبني للمجهول، وهذا فيه تسامح، لماذا؟ لأنه ليس كل فاعل يحذف للجهل به، وإنما يحذف الفاعل لغرض لفظي أو معنوي، وهل الجهل من الغرض المعنوي أو لا؟ فيه نزاع، بعضهم لا يعده، يجعله غرضاً مستقلاً كما ترونه في حواشي محي الدين، يرى أنه الجهل ليس داخلاً في الغرض اللفظي ولا المعنوي. إذاً (مجهول) هذا فيه تعميم، فنقول: مغير الصيغة، وخاصة في القرآن لا ينبغي أن يقال في مواضع يكون الله عز وجل هو الفاعل الذي حذف للعلم به فتقول: مبني للمجهول.
قُلْتُ وَلِلْمَفْعُولِ إِنَّمَا بُنِي ... لِكَوْنِهِ فِي الذِّكْرِ نُصْبَ الْأَعْيُنِ
أَوِ السِّيَاقُ دَلَّ أَوْ لَا يَصْدُرُ ... عَنْ غَيْرِهِ أَوْ كَوْنِهُ يُحَقَّرُ
كَذَاكَ لِلْجَهْلِ وَالاخْتِصَارِ ... وَالسَّجْعِ وَالرَّوِيِّ وَالإِيْثَارِ

هكذا نظمها السيوطي في عقود الجمان أغراض حذف الفاعل، ليس خاصًا بالجهل، لا، قد يحذف للعلم به. نعم. (وبدء مجهول) يعني الحرف الذي يبدأ به في ماض (مجهول) فاعله مطلقاً، سواء كان ثلاثياً أو رباعياً خماسياً سداسياً (بضم حتما)، (بدء) مبتدأ وهو مصدر من إطلاق المصدر مراداً به اسم المفعول، (بضم) جار ومجرور متعلق بقوله: (حتما)، (حتم) يعني أوجب، (حتم) هذا فعل ماضٍ مغير الصيغة مثال للقاعدة، (وبدء مجهول بضم) يعني (بدء) الحرف الأول مثاله (حتما)، (حتما) هذا فعل ماضٍ مغير الصيغة والألف هذه للإطلاق، والنائب ضمير (بدء)، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، (وبدء مجهول) مطلقاً (بضم حتما). (فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ) هكذا قال ابن مالك، (فَأَوَّلَ الْفِعْلِ اضْمُمَنْ) مطلقاً لا يكون تقديراً هنا بخلاف ما قبل آخره، (ككسر سابق الذي قد ختما) (ككسر) الكاف للتشبيه، في ماذا؟ في اللزوم والتحتم، كما يتحتم أن تبدأ المجهول بضم كذلك يتحتم كسر ما قبل آخره. إذاً القاعدة أن المبني للمجهول يضم أوله ويكسر ما قبل آخره لفظاً أو حكماً، لأنه قد يكون مكسوراً، أول الماضي لا يكون مضموماً، إذاً دائماً يكون ملفوظاً به، أما ما قبل آخره فقد يكون مكسوراً، عَلِمَ تقول ضم أوله: عُ، اكسر ما قبل آخره هو مكسور تقول: إما أن تقدر الكسرة غير الكسرة المذكورة، وإما أن تكتفي بالمذكور عن الأصل. (ككسر سابق) (ككسر) هذا مصدر مضاف لمفعوله يعني (ككسر) حرف (سابق)، (سابق) اسم فاعل من سَبَق، (سابق) الحرف الذي، (سابق) هذا اسم فاعل مضاف لمفعوله، (سابق) الحرف (الذي قد ختما)، (ختما) الألف هذه للإطلاق، و (ختم) هذا فعل ماضٍ مبني للمعلوم والفاعل ضمير يعود على الموصول حرف الذي (ختما) يعني الخاتم، والمفعول محذوف أي الماضي المجهول.
إذاً القاعدة أن الفعل الماضي إذا أريد بناءه للمجهول إذا حذف الفاعل لغرض ما نقول: يضم أوله ويكسر ما قبل آخره. ضَرَب تقول: ضُرِب تضم الضاد وتكسر الراء، عَلِمَ عُلِم تضم الأول وتكسر ما قبل آخره، تدحرج تُدحرِج إذا كان مبدوءًا بالتاء تتبع الثاني الأول،
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ تَا الْمُطَاوَعَهْ ... كَالأَوَّلِ اجْعَلْهُ بِلَا مُنَازَعَهْ


إذاً إذا كان مبدوءًا بالتاء الفعل الماضي الذي تريد بناءه للمجهول تضم أوله وتضم الثاني معه، تعلّم تُعلم تضم الأول التاء ثم تضم العين معه تُعُلِّم، تَصبّر تُصُبر، تحلّم، تكسّر تُكُسر فتضم الثاني تتبعه الأول، وإن كان مبدوءاً بهمزة الوصل كما سبق تتبع الأول الثالث، يعني كما تضم الأول تضم الثالث، اِنطلق اُنطُلق ضممت الثالث،
وَثَالِثَ الَّذِيْ بِهَمْزِ الْوَصْلِ ... كَالأَوَّلِ اجْعَلَنَّهُ كَاسْتُحْلِي

مُضَارِعًا سِمْ بِحُرُوْفِ نَأْتِي ... حَيْثُ لِمَشْهُوْرِ المَعَانِي تَأْتِي

نقف على هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين