شرح نظم المقصود عناصر الدرس
* معان سين الإستفعال.
* ذكر حروف العلة وأسماءها وسبب تسميتها.
* بيان المعتل والناقص والأجوف واللفيف المقرون والمفروق.
* أنواع الملحق بالمعتل.
* الصحيح وأقسامه وسبب تقديم المعتل عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده
ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد:
فلا زال الحديث في سرد الفوائد التي ذكرها الناظم بقوله: (فصل في
فوائد)، وذكرنا بالأمس الفائدة الخامسة: وهي قوله: (وغالب الرباع) ...
الخ، ثم ذكر الفائدة السادسة: وهي بقوله: (لهمز إفعال معانٍ) ... الخ
وأشار إلى الفائدة السابعة بقوله:
لِسِينِ الِاسْتِفْعَالِ جَا مَعَانِي ... لِطَلَبٍ صَيْرُورَةٍ
وِجْدَانِ
كَذَا اعْتِقَادٌ بَعْدَهُ التَّسْلِيْمُ ... سُؤَالُهُمْ
كَاسْتَخْيَرَ الكَرِيمُ
أراد بهذين البيتين أن يبين لك معاني السين
(سين الاستفعال)، سبق أن الأبنية الأوزان الفعل الماضي وغيره أن
الزيادة في الأصل أنها تكون لمعنى، وهذه المعاني تختلف من صيغة إلى
أخرى، اِنْفَعَلَ لها معانٍ، اِفْتَعَلَ لها معانٍ، أَفْعَلَ له معانٍ،
فَعَّلَ فَاعَلَ تَفَاعَلَ لكل زنة لكل وزن له معاني، هذه المعاني
عديدة لكن يذكرون الأشهر كما ذكر هنا: (لهمز إفعال معانٍ سبعة)، أوصلها
بعضهم إلى عشرة لكن المشهور هي هذه السبعة، أيضاً (لسين الاستفعال جا
معاني) ذكر منها الناظم هنا ستة، وأوصلها في المطلوب إلى عشرة، ولكن
هذه هي المشهورة، الستة هي المشهورة، (لسين الاستفعال) هذا كما ذكرنا
في السابق (لهمز إفعال) من إضافة الجزء إلى الكل؛ لأن السين هذا حرف
معنى وقد اتصل بمدخوله فصار كالجزء من الكلمة؛ لأنك تقول: استغفر أصله
غَفَرَ، زيدت عليه الألف والسين والتاء، قيل: (سين الاستفعال)، مع كون
استفعل فيه ثلاثة أحرف زوائد: الهمزة والسين والتاء، لِمَ خصت السين مع
كون الألف والتاء بل الثلاثة الأحرف زوائد؟ لكون الفرق بين الأبنية
لهذا البناء عن غيره إنما حصل بالسين؛ لأن اِنْفَعَلَ هذا فيه زيادة
الألف والنون إذاً فيه الألف، اِسْتَفْعَلَ اِفْتَعَلَ فيه الألف
والتاء إذاً اجتمع فيه الألف والتاء، فلو لم يكن للسين مزية لاستوى
اِسْتَفْعَلَ مع اِفْتَعَلَ، إذاً نقول: لم خصت السين (سين الاستفعال)
بكونها دلت على معنى؟ نقول: لأن الألف والتاء أيضاً زائدان، ولكنهما
لوجودهما في غير اِسْتَفْعَلَ حصل التمييز لاِسْتَفْعَلَ بالسين، وإلا
اِفْتَعَلَ زيدت فيه الهمزة والتاء كما أنها موجودة في اِسْتَفْعَلَ،
ما الفرق بين اِسْتَفْعَلَ واِفْتَعَلَ؟ نقول: السين؛ لأن الحرفين
الأولين الألف والتاء موجودان في اِفْتَعَلَ كما هما موجودان في
اِسْتَفْعَلَ، إذاً (لسين الاستفعال) لما دلت على معنى وهذا المعنى صار
كالجزء من مدلول الفعل فصار الفعل كل والسين كالجزء منه، إذاً صارت
السين لما أضفناها إلى اِسْتَفْعَلَ قلنا: من إضافة الجزء إلى الكل،
كيف جاءت وهي حرف زائد؟ نقول: دلالتها على معنى متى حصل؟ لما امتزجت
بالفعل، لأننا لا نقول: اِسْتَفْعَلَ السين فقط هي التي تدل، لا، نقول:
الفعل ووزنه اِسْتَفْعَلَ الفعل يدل على الطلب، بأي شيء حصل له الطلب
مثلاً؟ بالسين، إذاً السين لها معنى امتزجت مع الفعل فصارت كالجزء منه،
(لسين الاستفعال) (الاستفعال) هذا مصدر اِسْتَفْعَلَ، هل المراد به
(سين الاستفعال) المصدر فقط أم ماذا؟ المادة، إذاً لابد من التقدير
(لسين) مادة (الاستفعال) فيشمل الماضي اِسْتَفْعَلَ والمضارع
يَسْتَفْعِلُ، اِسْتَفْعِلْ اِسْتَغْفِرْ الأمر، كذلك مُسْتَفْعِل
ومُسْتَفْعَل، والاستفعال الذي هو المصدر، السين في هذه المواد كلها
تدل على الطلب وغيره من المعاني الآتي ذكرها، (لسين الاستفعال جا
معاني) (لسين الاستفعال) اللام هذه حرف جر، و (سين) اسم أم حرف؟ اسم،
كيف نقول: استفعل (لسين الاستفعال)؟ نقول: اللام حرف جر، اِسْتَفْعَلَ
السين هذه من حروف سألتمونيها، كيف دخل اللام على السين؟ سين هذا حرف
أم اسم؟ اسم، إذاً كيف نقول: دخل على حرف؟ (لسين
الاستفعال) يعني (لـ) مسمى (سين
الاستفعال)، استفعل استكبر استغفر، اس سه، سه هذا مسمى اسمه السين،
السين لفظه اسم بدليل تنوينه ودخول أل عليه والإخبار عنه، كونه مسنداً
ومسنداً إليه، وسه الذي هو مسمى السين هو الذي يدل على الطلب وهو الذي
يدخل على الفعل، اِسْتَغْفَرَ، اس سه، هذا هو مسمى السين، وهنا اللام
دخلت على الاسم لا على المسمى، إذاً (لسين الاستفعال) تُقدِّرُ (لـ)
مسمى (سين الاستفعال) الذي هو سه، الذي يُنطق به مع الألف والتاء في
دخوله على الفعل، استغفر سه هو الذي يدل على معانٍ، اسمه السين، اللام
هنا دخلت على الاسم لا على المسمى فيكون التقدير هنا (لـ) مسمى (سين
الاستفعال) ما هو مسمى (سين الاستفعال)؟ تقول: سَهْ, واضح، (لـ) مسمى
(سين) مادة (الاستفعال)، ليشمل الماضي والمضارع والأمر والمصدر واسم
الفاعل واسم المفعول، (لسين) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (جا)، (جا
معاني)، (جا معاني) لسين الاستفعال، (جا) هذا فعل ماضٍ بالقصر لغة فيه،
جاء وجا بدون همز لغة فيه وهنا أيضاً للوزن، يعني نقول: لغةً ووزناً،
إذاً (لسين الاستفعال) جار ومجرور متعلق بـ (جا)، (معاني) جمع معنى كما
سبق، والمراد به: ما يقصد من اللفظ، والمعنى والمدلول والمفهوم واحد،
(معاني) هذا فاعل (جا) مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهروها
الثقل، (جا معاني) ستة، عد منها ستة، أوصلها بعضهم إلى عشرة بل أكثر من
العشرة، لكن يذكرون المشهور، (لطلب) جا (لطلب) الجار والمجرور متعلق
بقوله: (جا) الفعل (لطلب)، إذاً جا معانٍ لسين الاستفعال، (لطلب) جار
ومجرور متعلق بقوله: (جا)، (لطلب) هذا مصدر طَلَبَ يَطْلُبُ طَلَباً،
وقلنا: هنا لم يتغير المشتق مع المشتق منه، وقلنا:
لَابُدَّ لَلْمُشْتَقِّ مِنْ تَغْيِيِرِ ... مُحَقَّقٍ أَوْ كَانَ ذَا
تَقْدِيرِ
إذاً لابد أن نقدر أن الفتحة التي على اللام في الفعل ليست هي التي في
المصدر، طَلَبَ على وزن فَعَلَ، هذا مشتق مصدره طَلَبٌ إذاً استويا
بفتح الفاء والعين بفتح الفاء والعين، والمشتق لابد أن يكون مغايراً
للمشتق منه، فنقدر أن الحركة التي في اللام في طَلَبَ فعل مغايرة
للحركة التي في طَلَبٍ التي هي مصدر،
لَابُدَّ لَلْمُشْتَقِّ مِنْ تَغْيِيِرِ ... مُحَقَّقٍ أَوْ كَانَ ذَا
تَقْدِيرِ
(لطلب) إذاً المعنى الأول الذي تدل عليه
(سين الاستفعال): هو الطلب، وهذا أشهر معانيها وهو الغالب فيها،
والمراد بالطلب: نسبة الفعل إلى الفاعل للدلالة على إرادة تحصيل الحدث
من المفعول، وهذا هو الغالب في الصيغة، قد يكون الطلب حقيقة وقد يكون
مجازاً، قد يكون الطلب حقيقة نحو اِسْتَغْفَرْتُ اللهَ حصل الطلب
حقيقة، استشرت علياً حصلت الاستشارة حقيقة، وقد يكون مجازاً استخرجتُ
الذهب من الأرض، استخرجت الذهب، هل طلبت الذهب من الأرض؟ نقول: هذا
مجاز وليس حقيقة، استنبطت الماءَ السين هنا للطلب لكنه مجاز، استوقدتُ
النارَ السين للطلب لكنه مجاز. إذاً المعنى الأول الذي تدل عليه (سين
الاستفعال): هو الطلب، وهذا هو الغالب عليها وهو المشهور فيها. (لطلب
صيرورة) يعني و (صيرورة) على حذف الواو، وهو جائز بإجماع في الشعر
مختلف فيه في النثر، وجوزه ابن مالك رحمه الله في النثر، (صيرورةٍ) كما
سبق أنه مصدر لصار يصير صيرورة، والمراد بالصيرورة هنا: التحوُّل،
ومعناه الدلالة على أن الفاعل قد انتقل من حالته إلى الحالة التي يدل
عليها الفعل، تدل على أن الفاعل قد انتقل من الدلالة على أن الفاعل قد
انتقل من حالته إلى الحالة التي يدل عليها الفعل، مثلوا له بالمثال
السابق استنوقَ الجملُ، فهذه السين للصيرورة هي سين استفعل، استنوق على
وزن استفعل، هل نقول: السين هنا للطلب؟ الجواب لا، وإنما نقول:
للصيرورة وهو التحول، تدل على أن الفاعل قد اتصف بمدلول أو تحول إلى
مدلول الفعل، والمراد هنا بأن استنوق الجملُ بأن الجمل قد تخلق بأخلاق
الناقة، استسيست الشاة يعني تخلقت بأخلاق التيس، إذاً ليس هو في البشر
فقط، استسيست الشاة يعني تخلقت بأخلاق التيس وهذا على وجه التشبيه، وقد
يكون الصيرورة حقيقة استحجر الطينُ أي صار حجراً، استنوق الجمل هل صار
الجمل ناقة بالفعل؟ لا، حقيقته باقية، وإنما هذا التمثيل على جهة
التشبيه، أي أفعاله هيْأَته وصورته أو كذا صارت كالناقة، أما استحجر
الطين نقول: السين هذه للصيرورة يعني صار تحول الطين إلى حجر، استحجر
الطين، هذا هو المعنى الثاني. (لطلب صيرورة وجدان) (وجدان) هذا معطوف
على (لطلب)، (وجدان) كما سبق مصدر وَجَدَ بمعنى أدرك ويطلق عليه بعضهم
بالمصادفة، يقول: تأتي السين للمصادفة، ومرادهم به الواجدان بمعنى
أدرك، ومدلوله أن الفاعل قد وجد المفعول على معنى أصل الفعل، استجدتُهُ
على وزن اِسْتَفْعَلَ، استجدتُ زيداً يعني وجدته جيداً، استكرمته أي
وجدته كريماً، استعظمته أي وجدته عظيماً، فهذه السين تدل على الوجدان
وهو أن الفاعل قد وجد المفعول على معنى أصل الفعل يعني قد اتصف
بالمصدر. (كذا اعتقاد) (كذا) الكاف حرف تشبيه أي مثل (ذا) المشار إليه
الطلب وما عطف عليه، (كذا اعتقاد) أي مثل المذكور من الطلب وما عطف
عليه (اعتقاد)، (كذا) هذا متعلق بمحذوف خبر مقدم، (اعتقاد) هذا مبتدأ
مؤخر، (اعتقاد) افتعال مصدر اعتقد بمعنى أدرك، استكرمت زيداً أي
اعتقدته كريماً.
(بعده التسليم) (بعده) الضمير هنا يعود على
(اعتقاد)، (بعدَه) الناصب لـ (بعد) هنا متعلَّقه المحذوف، التسليم
بعده، (التسليم) هذا مبتدأ مؤخر، و (بعده) تقول: ظرف متعلق بمحذوف خبر
مقدم، (التسليم) كائن (بعده)، يعني بعد الاعتقاد، (التسليم) مصدر
سَلَّمَ بمعنى عدم المعارضة، والطاعة والانقياد والإذعان، على معناه
الأصلي التسليم بمعنى الطاعة والانقياد، تقول: استرجع القوم عند
المصيبة أي قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون تذللاً وطاعة وإذعاناً
وانقياداً، وبعضهم يعبِّر عن هذه يقول: اختصار حكاية المركب، لأن إنا
لله وإنا إليه راجعون هذه اختصرت في استرجع القوم، لكن الأكثر على
الأول أنه يدل على التسليم وهو الطاعة والإذعان. (كذا اعتقاد بعده
التسليم) هذا هو المعنى الخامس. (سؤالهم) هذا مصدر سؤال فُعَال من
إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله، (سؤالُهم) الضمير هنا يعود على
العربي على المتكلم العربي، (سؤالهم) يعني تدل السين (سين الاستفعال)
على السؤال، مثَّل له وذلك (كـ) قولك: (استخيرَ) على وزن استفعل،
(استخير الكريمُ) أي سأل الخير، (استخير الكريمُ) هذا على وزن استفعل
فنقول: السين هنا تدل على السؤال، وهذا يعرف بالمقام يعني القرينة،
(اسخير) أي سَأَلَ الخيرَ، (الكريمُ) هذا فاعل، فَعِيل بمعنى صفة مشبهة
من الكرم بمعنى الشرف والنفاسة. إذاً هذه ست معانٍ (لسين الاستفعال)،
(لسين الاستفعال جا معاني): أولها: الطلب، ثم الصيرورة الثاني، الثالث:
الوجدان، يعبر عنه بعضهم بالمصادفة، الرابع: الاعتقاد بمعنى الإدراك،
الخامس: التسليم، السادس: (سؤالهم) أي السؤال. هناك معانٍ أخرى تجدونها
في مظانها، هذه هي الفائدة السابعة. ثم انتقل إلى بيان الفائدة
الثامنة: وهي تقسيم الأبنية إلى صحيح ومعتل، وذكرنا أن هذا الفصل تتميم
لما سبق،
فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ ... أَبْوَابُهُ سِتٌّ كَمَا
سَتُسْرَدُ
والفعل ينقسم إلى قسمين: صحيح ومعتل، المعتل عندهم: ما كان أحد أصوله
حرفاً من حروف العلة الثلاثة - الواو والياء والألف - هذه تسمى حروف
العلة كما سيذكره الناظم، إذاً ما كان أحد أصوله حرفاً من حروف العلة،
إذاً ما كان مقابل الفاء حرفاً من حروف العلة لأن الفاء هو أصل الكلمة،
ما كان مقابل العين حرفاً من حروف العلة، ما كان مقابل اللام حرفاً من
حروف العلة نحكم على الفعل والاسم أيضاً أنه معتل، يعني وجد مقابل أصل
من أصوله حرف من حروف العلة الثلاثة،
وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ جَمِيعاً وَالأَلِفْ ... هُنَّ حُرُوفُ
الاِعْتِلَالِ الْمُكْتَنِفْ
الصحيح: ما سلمت أصوله من حروف العلة، يعني لم يقع محل الفاء حرف من
حروف العلة، لم يقع محل العين حرف من حروف العلة، لم يقع محل اللام حرف
من حروف العلة،
وَانْقَسَمَ الأُصُولُ عِنْدَ الْحَلِّ ... إِلَى صَحِيحٍ وَإِلَى
مُعْتَلِّ
(عند الحل) يعني النظر في الأحرف الهجائية، لأنك تنظر قام تنظر إلى
القاف تحل اللفظ لذلك نقول: الهجاء هو التقطيع، لِمَ؟ لأنك تقطع الكلمة
من أجل أن تعرف مما تركبت، (وانقسم الأصول عند الحلِّ) يعني عند النظر
في كل جزء من أجزاء الكلمة، (إلى صحيح وإلى معتل)،
مُعْتَلُّهُمْ مَا فِيهِ حَرْفُ عِلَّهْ
... صَحِيحُهُمْ خِلَافُهُ مَحِلَّهْ
وهذا المعتل عند من؟ عند الصرفيين، لأن ثم فرقاً بين المعتل والصحيح
عند الصرفيين وعند النحاة، النحاة لما نظروا إلى الحرف الأخير وهو
اللام، إن كان حرف علة قالوا: هو معتل، وإن كان ليس حرف علة بل حرف
صحيح قالوا: هو صحيح ولو كانت فاؤه أو عينه حرفاً من حروف العلة،
فوَعَدَ عندهم صحيح، وقال صحيح، لِمَ؟ لكون اللام محل نظر النحوي فإن
صحت لم تكن حرف علة حكموا عليه بأنه صحيح، وإن كان حرفاً من حروف العلة
حكموا عليه بأنه معتل، إذاً قد يتفقان وقد يفترقان، محل الاتفاق الأخير
إن كان حرف علة فنقول: غزا رمى يخشى نقول: هذه معتلة عند الصرفيين وعند
النحويين، وعد قال هذا معتل عند الصرفيين صحيح عند النحاة، (معتلهم ما
فيه حرف علة) (ما فيه) يعني فعل أو اسم (فيه) يعني أحد أصوله الفاء أو
العين أو اللام (حرف علة، صحيحهم خلافه) خلاف حرف العلة وهو الصحيح
(محله) يعني مكانه، فنقول إذاً: ينقسم إلى صحيح وإلى معتل، ذكر الناظم
أولاً حروف العلة، ليبني عليها الأحكام التي ستأتي، قال:
حُرُوْفُ وَاي هِيَ حُرُوفُ العِلَّةِ ... والمَدِّ ثُمَّ اللِيْنِ
وَالزِّيَادَةِ
(حروف واي) (واي) هذه كلمة جَمَعَ فيها أحرف العلة الثلاثة؛ لأن أحرف
العلة ثلاثة: واو ألف ياء، جمعها في كلمة واحدة كما قيل: سألتمونيها
أمان وتسهيل، جمعوا فيها حروف الزيادة، كذلك جمعوا حروف العلة في
(واي)، (حروف واي) (حروف) هذا مبتدأ أول وهو مضاف، و (واي) مضاف إليه
مضاف ومضاف إليه، والإضافة هنا للبيان يعني (حروف هي) الواو والألف
والياء، إذا قيل: الإضافة للبيان فإنك تفصل بين الجزأين (حروفٌ هي)
الواو والألف والياء، ويحتمل أنه من إضافة الجزء للكل من إضافة الأجزاء
للكل، أي (حروفٌ) التي تركب منها كلمة (واي)، (حروف واي) قلنا: هذا
مبتدأ (هي حروف العلة) (هي) هذا ضمير مبتدأ ثانٍ، وخبره (حروف العلة)،
والجملة من المبتدأ والخبر خبر المبتدأ الأول، هذا على جعل (هي) ضمير،
ويحتمل أنه فصل فيكون لا محل له من الإعراب، (حروف واي) مبتدأ، (هي)
ضمير فصل لا محل له من الإعراب، (حروف العلة) هذا خبر المبتدأ، يجوز
الوجهان، (حروف) هذا على وزن فُعُول، وهو من جموعِ القلة أم الكثرة؟
الكثرة، والثلاث هنا الواو والألف والياء هل يُدَلُّ عليها بجمع القلة
أم بجمع الكثرة؟ على الخلاف، إن قيل: إن مبدأ جمع الكثرة أحد عشر كما
هو قول الجمهور فيكون هذا مجاز من إطلاق جمع الكثرة مراداً به جمع
القلة، وإن قلنا على الصواب: أنهما يتفقان مبدأً ويختلفان انتهاءًا،
نقول: جمع الكثرة أريد به جمع القلة إطلاق حقيقي، إذا قيل: إن المبدأ
واحد وهو الثلاثة أقل ما يدل عليه صيغة الجمع ثلاثة، وقيل: اثنان
والجمهور على أنه ثلاثة،
وَفِي أَقَلِّ الْجَمْعِ مَذْهَبَانِ ... أَقْوَاهُمَا ثَلَاثَةٌ لَا
اثْنَانِ
أقل الجمع ثلاثة إذاً يشترك فيه جمع القلة
وجمع الكثرة ثم يسيران إلى العشرة، فيقف جمع القلة ويستمر جمع الكثرة،
إذا قلنا بهذا يجوز إطلاق جمع الكثرة مرادًا به جمع القلة، ويكون
الإطلاق هنا حقيقي، وهذا من الفوارق من جهة الاستعمال، فإذا قلنا:
اتحدا مبدأً فـ (حروف) فُعُول هنا أطلقه مراداً به الثلاثة: الألف
والواو والياء، نقول: هذا الاستعمال حقيقي، لِمَ؟ لأنه استعمل فُعُول
وهو جمع كثرة في مدلوله؛ لأن مدلوله أقل ما يدل عليه الثلاثة، لكن
نقول: هذا من جهة الدقة في الاستعمال مخالف للقواعد، أما إذا قلنا: إن
أقل جمع القلة ثلاثة ثم يسير إلى العشرة ثم يبدأ جمع الكثرة، إذاً لا
يجتمعان، فنقول حينئذٍ: على هذا استعمال صيغة الكثرة مراداً بها جمع
القلة نقول: هذا من استعمال المجاز استعمال مجازي؛ لأنه استعمل الشيء
أو استعمل اللفظ في غير موضوعه، يعني في غير ما وضع له؛ لأن فُعُول لا
يدل على الثلاثة، إنما يدل على أقل ما يدل عليه أحد عشر، فإذا استعمله
في الثلاث نقول: هذا استعمال للفظ في غير ما وضع له، وهذا هو المجاز
عندهم، هذا من الفروق بين المذهبين، هناك فروق أيضاً فقهية، لو مات
رجلٌ وقال: علي دنانير، دنانير هذا جمع كثرة ولم يحدد، فماذا نخرج من
تركته ثلاثة أم أحد عشر؟ نقول: أقل ما يصدق عليه اللفظ، إن قلت: ثلاثة،
فتخرج ثلاثة، وإن قلت: أحد عشر أقل جمع الكثرة أحد عشر فيكون ما تخرجه
أحد عشر، بعضهم بنى مثل هذه المسائل على الخلاف في أقل ما يصدق عليه أو
على الفروق بين جمع الكثرة وجمع القلة. إذاً (حروف واي هي) هذا إما أن
يكون ضميراً يعود على (حروف واي) أو على (واي)، أو ضمير فصل، إما أن
يكون ضميراً وإما أن يكون فصلاً، (هي حروف العلة) إذاً تسمى الواو
والألف والياء تسمى (حروف العلة) يعني في عرف النحاة، لِمَ؟ لأنهم
نظروا إلى هذه الحروف فإذا بها يكثر تغيراتها، الألف والواو والياء
يطرأ عليها التغيير أكثر من غيرها، فلما نظروا فإذا بها يكثر تغيراتها
قالوا: حقيقة العلة: تحول الشيء أو تغير الشيء عن حاله، فسميت هذه
الأحرف حروف علة، لِمَ؟ لكثرة تغيراتها؛ لأنه يعتريها النقص وتزاد يعني
تحذف وتقلب وتبدل، إذاً يعتريها النقص والقلب والإبدال والزيادة
والحذف، إذاً هذه تغيرات على الكلمة فلما طرأ على الكلمة التي فيها ألف
أو واو أو ياء هذه التغيرات سميت حروف علة؛ لأن حقيقة العلة: هي تغير
الشيء عن حاله، وهذه الحروف تكون في جميع أنواع الكلمات تكون في
الأسماء وفي الأفعال وفي الحروف، ثوبٌ بيتٌ مالٌ هذه في الأسماء، ثوب
الواو، بيت الياء، مال الألف، تكون في الأفعال قَايَلَ فعل ماضٍ من
القيلولة، قَايَلَ هذه في الياء في الفعل، قَوَلَ أصل قال، بَيَعَ أصل
باع، هذه في الأفعال، كذلك في الحروف وإن كان أصلها لا يعتريها تصريف
لكنها توجد، يعني الحكم على الشيء لا يلزم منه أن يدخله التصريف لو كي
ما، لو حرف مختومة بالواو وهي حرف من حروف العلة، كي حرف وهي مختومة
بالياء حرف من حروف العلة ما النافية حرف وهي مختومة بالألف وهي حرف من
حروف العلة.
إذاً (حروف واي هي حروف العلة) تسمى أولاً
(حروف العلة) للسبب الذي ذكرناه، (والمد) يعني تسمى حروف المد كما سميت
حروف العلة، يعني لها أسماء، من أسمائها حروف المد، مدِّ هذا مصدر
مَدَّ يَمُدُّ مَدَّاً يعني ماذا؟ (والمد) ضد القصر، سميت حروف مدٍّ
لِمَ؟ لامتداد الصوت عند النطق بها قال يقول يبيع، إذاً يمتد الصوت عند
النطق بها لذلك سميت حروف مدِّ، ولا تكون كذلك إلا إذا كانت ساكنة،
فشرط تسميتها حروف مدٍّ أن تكون ساكنة، ولا يشترط في عين حركة ما قبلها
شرط يعني مطلق الحركة، أن تكون هذه الثلاثة الأحرف حروف مد، متى؟ إذا
كانت ساكنة، هل يشترط في الحركة التي تسبقها أن تكون من جنس الحرف؟
الجواب: لا، إذاً متى ما سكنت حروف العلة الواو والياء، نقول فيها:
حروف مدّ، هل لابد أن ننظر إلى الحركة السابقة؟ الجواب: لا، إذاً
(والمد) أي تسمى (حروف واي) حروف المد ضد القصر، (ثم اللين) (ثم) بمعنى
الواو؛ لأنه ليس للترتيب هنا فائدة، (ثم اللين) مصدر لَانَ ضد اليبوسة،
سميت حروف لين لما فيها من اللين، لِمَ؟ لاتساع مخرجها، وذلك إذا كانت
ساكنة أيضاً، يعني لا تكون هكذا إلا إذا كانت ساكنة، (والزيادة) يعني
(و) تسمى (حروف واي) حروف (الزيادة)، كما تسمى حروف العلة كما تسمى
حروف المد كما تسمى حروف اللين، تسمى حروف (الزيادة) هذا مصدر زاد يزيد
زيادة وزيداً، هذا ضد النقص، لم سميت حروف الزيادة؟ هذا ظاهر لأنها من
حروف سألتمونيها، يرد عليه إشكال كيف تقول: هي حروف الزيادة وحروف
الزيادة ليست منحصرة في ثلاث بل هي عشرة؟! نقول: هذا من إطلاق العام
على بعض أفراده لمزية، وهذا لا ينافي أن يكون عاماً، إذاً حروف الزيادة
هل هي محصورة في الواو والألف والياء؟ نقول: لا، بل هي مجموعة في قولك:
سألتمونيها أمان وتسهيل، لم سميت (حروف واي) حروف الزيادة مع كونها
أكثر من ثلاث؟ نقول: هذا من باب إطلاق العام على بعض أفراده لمزية،
وهذا لا ينافي عمومه، لم سميت أيضاً ما علة التسمية؟ لكثرة زيادة هذه
الأحرف، إذا قيل: حروف الزيادة عشرة، هل كلها مستوية على السواء؟ هل
زيادة السين مثل الواو؟ الجواب: لا، أكثر ما يزاد في الكلمات الأسماء
والأفعال إما أن يكون من الواو أو الياء أو الألف، إذاً تسميتها لا
غرابة فيها؛ لأن الغالب في أحرف الزيادة أن يكون من هذه الحروف
الثلاثة.
إذاً تسمى (حروف واي) تسمى (حروف العلة)
وتسمى حروف (المد) وتسمى حروف (اللين) وتسمى حروف (الزيادة)، (حروف
العلة) الألف دائماً ساكنة وما قبلها مفتوح، إذاً وجد فيها شرط اللين
ووجد فيها شرط المد؛ لذلك يقال: هي حرف مد ولين أبداً، على التأبيد،
لِمَ؟ لكون شرط حرف اللين أن يكون حرف العلة ساكناً بقطع النظر عن
الحركة التي قبل حرف العلة، وشرط حرف المد أن يكون ساكناً وما قبله
حركته مجانسة لحركة حرف العلة، يعني إن كان حرف العلة ألف يجانسه
الفتح، إن كان واواً يجانسه أن يكون ما قبله مضموماً، إن كان ياءً ما
قبله يكون مكسوراً، والألف هل يمكن أن تنتقل عن السكون؟ الجواب: لا، هي
ملازمة للسكون، هل يكسر ما قبلها أو يضم وتبقى على حالها؟ الجواب: لا،
إذاً هي ملازمة للسكون، وملازمة يعني ما قبلها للفتح، إذاً هي حرف مد
ولين أبداً، هذه الألف بقي معنا الواو والياء، الواو والياء إن سكنتا
ولم تكن حركة ما قبلهما من جنس الواو أو الياء فهي حرف لين فقط،
قَوْلٌ، قولٌ هذا مصدر، الواو ساكنة ما قبلها مفتوح نقول: هذا حرف لين
فقط، ولا نقول: هو حرف مد مع كونه ساكناً، لِمَ؟ لأن شرط حرف اللين أن
يكون حرف العلة ساكناً بقطع النظر عن حركة ما قبله، وقولٌ سكنت الواو،
إذاً هي حرف لين، بيع مصدر، بَيْعٌ سكنت الياء وما قبلها مفتوح فنقول:
هذان الموضعان الواو والياء حرفا لين فقط، وقد يجتمعان اللين والمد،
متى؟ إذا سكن حرف العلة الواو أو الياء وكان ما قبلهما من جنس الواو أو
الياء، يَقُولُ يقول هذه الواو ساكنة ما قبلها مضموم، إذاً نقول: هذه
حرف مد ولين، ويبيع الياء ساكنة وما قبلها مكسور، فنقول: هنا اجتمع
الوصفان كونهما حرفي مد ولين، أيهما أعم؟ أيهما وجوده يستلزم الآخر؟
حرف المد يستلزم حرف اللين، لذلك نقول: كل حرف مد فهو حرف لين ولا عكس،
أليس كذلك؟ لأنك تقول: يقول هذا حرف مد ولين، هل يوجد حرف المد دون
اللين؟ الجواب: لا، لم؟ لأن شرط اللين أن يكون واواً أو ياء ساكنين وقد
وجدا، متى ما وجدا حكمنا أنه حرف لين، إن طابقت الحركة جنس الحر فنقول:
زِيدَ عليه وصف آخر وهو كونه حرف مد، وقد تكون الواو والياء ليستا حرف
مد ولا لين، متى؟ إذا تحركتا، وَعَدَ الواو هنا هل نقول: حرف مد أو
لين؟ لا، ليست حرف مد؛ لأنه لم تسكن وليست حرف لين كذلك، يَسَرَ الياء
هنا لست حرف مد ولا لين.
إذاً نقول: الواو والألف والياء هذه حروف
العلة، وتسمى حروف مد، وحروف لين، وحروف الزيادة، ما الذي ينبني على
هذه المسألة؟ تقسيم الفعل؛ لأننا ننظر في الواو أو الياء أو الألف، لأن
الفاء فاء الكلمة قد تكون حرفاً من حروف العلة، كذلك العين، كذلك
اللام، لكن ليس على إطلاقه، الألف لا تقع فاءًا لا يمكن أن تقع، إذا
قلنا: المعتل: ما أحد أصوله حرف من حروف العلة، هذا عام يشمل أن الألف
قد تقع فاء الكلمة، وهل يمكن هذا؟ الجواب: لا، إذاً نسقط نوعاً من
أنواع المعتل وهو كون الفاء ألفاً، لا يمكن أن تقع الألف الساكنة فاء
الكلمة أبداً، لا في الأسماء ولا في الأفعال، لم؟ لكون الألف ساكنة
ويتعذر الابتداء بالساكن، إذاً أين تكون الألف؟ إما عيناً أو لاماً،
وإذا وجدت الألف في الفعل الماضي الثلاثي المجرد فلا تكون أصلاً البتة،
بل لابد أن تكون منقلبة عن واو أو ياء، إذا وجدت ألفاً في الفعل
الثلاثي المجرد أو الاسم فهي إما أن تكون منقلبة عن واو أو ياء، ولا
تكون أصلاً البتة، إذاً ماذا بقي معنا؟ الواو والياء، الواو والياء قد
تكون فاء الكلمة، وقد تكون عين الكلمة، وقد تكون لام الكلمة، متى؟ إذا
وجد حرف واحد من حروف العلة في الكلمة، لأنك لو قسمت عقلاً الكلمة
اللفظ الثلاثي سواء كان اسماً أم فعلاً ونظرت إليه بكون حرف العلة يجوز
أن يكون أحد أصوله، فالقسمة العقلية تقتضي إما أن يكون حرفاً أو حرفين
أو ثلاثة، إما أن يكون حرفاً واحداً في الكلمة، وإما أن يكون حرفين،
وإما أن يكون ثلاثة، أليس كذلك؟ إذا قيل: حرف العلة يكون في اللفظ
الثلاثي اسماً أم فعلاً، فنقول: إما أن يكون حرفاً واحداً يدخل الكلمة،
أو يكون حرفين، أو ثلاثة، إن كان حرفاً واحداً فإما أن يكون فاء أو
عيناً أو لاماً، لكل من هذه اسم خاص اصطلح عليه الصرفيون، إن كان ثنائي
إما أن يكون الفاء والعين، وإما أن يكون العين واللام، وإما أن يكون
الفاء واللام، هل هناك قسم رابع؟ لا، ليس هناك قسم رابع، لكن الثلاثة
هذه توجد بكمالها في الأسماء، أما الفعل لا يكون معتل الفاء والعين مع
صحة اللام، وإنما يكون معتل العين واللام أو معتل الفاء واللام، فهذا
التقسيم الثلاثي باعتبار الثنائي لحرف العلة في اللفظ نقول: إما أن
يكون الفاء والعين حرفي علة، وهل هذا يوجد في الأفعال؟ لا، لا يوجد،
هذا قسم تجعله خاصاً بالأسماء، حتى الأسماء معدودة يوم ويوح وويل
معدودة الذي يكون فيه الفاء والعين حرفي علة، ماذا بقي معنا؟ العين
واللام والفاء واللام، أسقطنا نوعاً جعلناه خاصاً بالأسماء وهو كون
الفاء والعين حرفي علة، هذا موجود لكنه ليس في الأفعال، النوع الثالث:
أن تكون الفاء والعين واللام حروف علة، أن تجتمع الجميع، هذا لا يوجد
في الأفعال، وقيل: يوجد في الأسماء في واوٍ وياء ونحو ما ذكره الناظم
هنا (واي)، إذاً ألفاظ قليلة يكون فيه الفاء والعين واللام حروف علة،
يعني تجتمع حروف العلة أو تكون أصول الكلمة الفاء والعين واللام كلها
حروف علة، لكن لا يوجد في الأفعال، وإنما يكون في الأسماء في لفظتين أو
ثلاثة، وبعضهم ينازع في أصل هذه المسألة، هنا فَرَّع على هذا التقسيم،
فقال:
فَإن يَّكُن بِبَعْضِهَا المَاضِي
افْتَتَحْ ... فَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِثَالاً كَوَضَحْ
(فإن يكن) الفاء هذه للتفريع يعني يتفرع على ما سبق، قد يأتي السؤال لم
ذكر حروف العلة أولاً؟ بيَّن لك ما هي حروف العلة حتى إذا وجدت حرفاً
من هذه الحروف الثلاث في فعل حكمت عليه بأنه فعل معتل، (فإن يكن
ببعضها) (فإن) نقول: الفاء هذه للتفريع، (فإن يكن) (إن) حرف شرط، (يكن)
فعل شرط، (يكنْ) مجزوم، أين الجزم؟ (فإن يكن) من يعرب؟ (يكن) فعل مضارع
ناقص مجزوم وعلامة جزمه السكون على النون المنقلبة أو المدغمة في باء
(بعضها)، (فإن يكن ببعضها) أين النون؟ ما تنطق بالنون أنت، (فإن يكن
ببعضها)، إذاً السكون هنا على حرف مدغم أو منقلب فيما بعده، (فإن يكن
ببعضها) (ببعضها) الضمير يعود على (حروف واي)، (فإن يكن) الماضي افتتح
ببعضها، (فإن يكن) هذا فعل مضارع ناسخ يحتاج إلى اسم وخبر، أين اسمه؟
(الماضي)، (فإن يكن) الماضي، أين خبره؟ جملة (افتتح)، (افتتح) هذا فعل
ماضٍ، فاعله ضمير المتكلم ومفعوله محذوف ضمير الماضي افتتحه، من
المفتتح؟ المتكلم، افتتح ماذا؟ (الماضي)، (ببعضها) أي ببعض (حروف واي)،
ما المراد بالافتتاح هنا؟ يعني نطق أول ما نطق بحرف من حروف العلة، وما
الذي أو ل ما ينطق؟ الفاء، إذا قلت: الفعل الماضي أول ما تنطق به قام،
تقول قَ نطقت بالفاء، (فإن يكن ببعضها الماضي افتتح) إن يكن الماضي
افتتح ببعضها يعني أول ما نطقت بالفعل الماضي الذي يحكم عليه بأنه فاء
الكلمة وكانت الفاء حرفاً من (حروف واي) (فسمِّ معتلاً)، يعني مراده أن
الفاء وقعت حرفاً من حروف العلة، أن الياء أو الواو أو الألف وقعت فاء
الكلمة، لكن نقول: الألف لا تأتي لذلك قال: (ببعضها)، لم قال: (ببعضها)
ولم يقل: بها؟ لأن الألف لا تقع فاء الكلمة، لا يمكن أن يفتتح بها؛
لأنها ساكنة ويتعذر الابتداء بالساكن، إذاً نقول: (فإن يكن) (الماضي)
الفعل (الماضي)، لم خص الفعل الماضي هنا دون غيره؟ نقول: الحكم عام في
الماضي والمضارع والأمر، يعني يسمى معتلاً سواء كانت الفاء وقعت حرفاً
من حروف العلة في الماضي أو المضارع أو الأمر أو اسم الفاعل أو اسم
المفعول أو المصدر نقول: هذا معتل، والحكم عام، لم خص الماضي؟ نقول:
لتيَسُّر الفهم بتطبيق القواعد عليه، وأيضاً لتجرده فهو أدخل في الضبط،
فتخصيص الماضي هنا بالأحكام ليس لذات الماضي فيُنفى الحكم عن غير
الماضي لا، إنما المراد أن الماضي الأصل فيه أنه مجرد، وهذا هو المراد
به الماضي هنا الماضي المجرد الثلاثي، بدليل قوله: (كوَضَح)، فالمثال
قيد لقوله: (الماضي)، إذاً خص الأحكام بالماضي نقول: لفائدتين: أولاً:
تيسر فهم الأحكام؛ لأنك لو فتحت الباب وقلت: انطلق وينطلق وافعالَّ
ضاعت الأحكام، لكن عندما تطبق على قام وباع استطعت أن تدرك الأحكام.
ثانياً: أدخل في الضبط، يمكنك ضبط المسائل إذا قيدتها بالفعل الثلاثي
المجرد، ثم تقيس ما عدا ذلك على الفعل الماضي المجرد.
إذاً (فإن يكن) الماضي (ببعضها) يعني ببعض
هذه الحروف وهو الواو أو الياء (افتتح) يعني أول ما نطق ووقعت الفاء
حرفاً من حروف العلة الواو أو الياء (فسم معتلاً) يعني (سمِّـ) ـه
(معتلاً)، لم سمي معتلاً؟ لكون الفاء حرفاً من حروف العلة، إذاً هو
معتل، المعتل هذا جنس عام، كلما وجد حرف العلة في أحد أصول الفعل أو
الاسم نقول: هو معتل، إذاً ما كانت فاؤه حرفاً من حروف العلة نقول: هذا
معتل، (فسم معتلاً) (فسم) (سمِّـ) ـه يعني (سمِّ) الماضي هذا المفعول
الأول قد حذف، المفعول الأول محذوف أي الماضي المفتتح ببعض حروف العلة
(سمِّـ) ـه (معتلاً)، (معتلاً) هذا اسم فاعل من اعتَلَّ، وسمه (مثالاً
كوَضَح) (وضح) على وزن فَعَلَ، أين فاؤه؟ الواو، إذاً وقعت الفاء حرفاً
من حروف العلة، والمثال قد يكون مثالاً واوياً وقد يكون مثالاً يائياً،
ولا يكون ألفياً، لِمَ؟ لأن الألف لا تقع في أول الكلمة، وإنما الذي
يقع معنا هو الواو أو الياء، (كوَضَح) ويَسَرَ، يَسَرَ هذا مفتتح
بالياء، لم سمي مثالاً؟ قيل: لأنه ماثل الصحيح يعني الحرف الصحيح، ماثل
الحرف الصحيح في عدم تغيره واحتمال الحركات: الفتحة والضمة والكسرة،
ولكن التعليل بالتسمية بكونه ماثل الصحيح هذا في الأغلب، وإلا قد يحذف
حرف العلة الذي هو الواو كما في المضارع والأمر، وَعَدَ نقول: يَعِدُ،
إذاً لم يماثل الصحيح، ووعد يعد نقول: الأمر عِدْ، إذاً حُذف الواو، هل
هو مماثل للصحيح في هذا التركيب؟ الجواب: لا، إنما قصدهم - الصرفيون
يعني قصدهم - أن المثال سمي مثالاً لكونه ماثل الحرف الصحيح في عدم
تغيره يعني في الأغلب وفي الجملة، أما احتمال الحركات فإنه يكون
مفتوحاً الواو وَعَدَ، ويكون مضموماً في المبني للمجهول وُعِدَ، ويكون
مكسوراً في المصدر وِعْدَة وِجْهَة، إذاً قبل الواو الفتحة والضمة
والكسرة.
وَنَاقِصَاً قُلْ كَغَزَا إِنِ اخْتُتِمْ ... بِهِ
.......................
(وناقصاً) هذا اسم فاعل من نقص، (قل) يعني سمه (ناقصاً)، (قل) هنا ضمن
معنى سمه، سمه (ناقصاً)، (ناقصاً) هذا مفعول لـ (قل) مقدم عليه، متى؟
(إن اختتم به)، (إن) هذا حرف شرط، (اختتم) هذا فعل الشرط فعل ماضٍ مغير
الصيغة، وهو فعل الشرط، (اختتم به) أي ببعض (حروف واي)، لم؟ لأن اللام
لا تكون إلا واواً أو ياءًا، فإن وجدت ألفاً في آخر الفعل الثلاثي فهي
إما منقلبة عن واو أو ياء، أما أن تكون الألف أصلية فلا، لا تكون
أصلية، إذاً (وناقصاً قل كغزا) يعني مثل (غزا)، (غزا) أصلها غَزَوَ،
إذاً هو واوي اللام، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، وقد
يكون يائي اللام رمى أصله رَمَيَ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت
ألفاً، (إن اختتم به) أي ببعض (حروف واي)، يعني إذا وقعت اللام واواً
أو ياءً فهو معتل وناقص، معتل لم سمي معتلاً؟ لكون لامه حرفاً من حروف
العلة، لم سمي ناقصاً؟ لأنه يُنقَص هذا الحرف إذا دخل عليه جازم، يقول:
لم يغزُ لم يرمِ لم يخشَ، إذاً نقص حرف منه في آخره عند دخول الجازم،
أو لكونه يُنقص الضمة في حالة الرفع يغزو يرمي يخشى، كذلك الفتحة على
الألف يخشى لا تظهر الفتحة، إذاً نقص بعض الحركات.
......................
وَإِنْ بِجَوْفِهِ اجْوَفَا عُلِمْ
(وَنَاقِصَاً قُلْ كَغَزَا إِنِ اخْتُتِمْ بِهِ) أين جواب الشرط؟ فقل
ناقصاً يعني محذوفاً دل عليه (وناقصاً قل)، يعني فـ (قل ناقصاً)، يعني
فسمه ناقصاً، (وإن بجوفه أجوفا عُلِمْ)، (وإن) هذا حرف شرط، (بجوفه)
هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف، (وإن) كان بعض (حروف واي) كائناً (بجوفه)
يعني في وسطه، الجوف هنا بمعنى الوسط، (أجوفاً عُلِمْ) هذا الأصل،
الهمزة همزة قطع ولكنه أسقطها من أجل ضرورة الوزن، (بجوفهِ اجْوَفَاً)
يعني تُسقط همزة القطع، عُلِمَ أجوفاً هذا الأصل، عُلِمَ أجوفاً، (علم)
هذا فعل ماضٍ مغير الصيغة، المفعول الأول رفع على أنه نائب فاعل، و
(أجوفا) مفعول ثانٍ مقدم على (عُلِمَ) أي عُلِمَ الماضي أجوفا. إذاً
البيت هذا أشار به إلى مسألتين، البيت الأول (فإن يكن ببعضها الماضي
افتتح) إن وقعت الفاء واواً أو ياءًا فسمه معتلاً أو مثالاً، وإن وقعت
اللام واواً أو ياءًا فسمه معتلاً أو ناقصاً، وإن وقعت الواو أو الياء
وسط يعني عين الكلمة فسمه أجوفا، من الجوف وهو الوسط.
وَبِلَفِيْفٍ ذِي اقْتِرَانٍ سَمِّ إِنْ ... عَيْنٌ لَهُ مِنْهَا
كَلاَمٍ تَسْتَبِنْ
(وبلفيف) انتقل مما دخله حرف علة واحد إلى
النوع الثاني وهو مما دخله حرفا علة، (وبلفيف ذي اقتران سمِّ)، (سمِّ)
(بلفيفٍ ذي اقتران)، (بلفيفٍ) هذا متعلق بقوله: (سمِّ)، يعني (سمـ) ـه
(بلفيف)، متى؟ (إن عين له منها كلام تستبن)، (إن عينٌ) (إن) حرف شرط،
أين فعله؟ محذوف، دلَّ عليه قوله: (تستبن) أصلها تستبين، إن تستبين إن
تستبن عين، إن تظهر عين، إذاً (عينٌ) هذا فاعل لفعل الشرط المحذوف،
(له) الضمير يعود على الماضي، (إن عين له) (إن عين) كائنة (له) للماضي،
(منها) حال كونها كائنة (منها) أي من بعض (حروف واي)، حال كونها أيضاً
كائنة (كلامٍ) للماضي، إذاً التركيب هكذا - هذه مشاكل النظم - (إن عين
له منها كلامٍ) إن تستبن يعني تظهر، إن تظهر عين للماضي كلامٍ، يعني
متى؟ إذا كانت العين واللام حرفي علة، إن تظهر العين له للماضي، (منها)
يعني من (حروف واي)، (كلام) حال كونها (كلامٍ)، (منها) يعني من الماضي؛
لأن (كلام) لابد من جار ومجرور يقع صفة له، تقديره له (كلام) له،
(تستبن) الأخير هذا تتميم هو دليل فعل الشرط، تستبينْ هذا الأصل سكنت
النون فالتقى ساكنان الياء والنون فحذفت الياء، (وبلفيف ذي اقتران سم
إن عين له منها كلام) فسمه بلفيف، جواب الشرط محذوف دل عليه ما سبق،
(بلفيف) فَعِيل إما أن يكون بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول، سمي لفيفاً
لالتفاف أحد حرفي العلة بالآخر، كل منهما التف على الآخر، (ذي اقتران)
أي صاحب (اقتران)، الاقتران التوالي، يعني أن يكون العين واللام حرفي
علة، هذا يسمى لفيفاً مقروناً، لم سمي لفيفاً؟ لالتفاف أحد حرفي العلة
بالآخر، لم سمي مقروناً؟ للاقتران يعني لم يفصل بينهما حرف صحيح، تقول:
قَوِيَ، قوي على وزن فَعِلَ الواو وقعت عين الكلمة والياء وقعت لام
الكلمة، إذاً عينه ولامه حرفي علة، نسمي هذا لفيفاً مقروناً، لم
لفيفاً؟ لالتفاف أو التفات أحد حرفي العلة بالآخر، لم مقروناً؟
للاقتران، لم سميناه لفيفاً مقروناً؟ لأنه لم يفصل بين حرفي العلة حرف
صحيح مقابل للمفروق، (وبلفيف ذي اقتران) أي صاحب (اقتران سم) المفعول
الأول محذوف أي الماضي، إن يستبن عين له أي الماضي منها أي حروف واي
حال كونها كلام للماضي تستبن، هذا هو النوع الأول مما كان فيه حرفا
علة، يسمى اللفيف المقرون، مثاله: قوي وحَيِيَ ورَوِيَ وطوى وشوى وهوى،
طوى الواو والياء، طَوَيَ أصله تحركت الياء وانفتح ما قبلها.
وَإِنْ تَكُنْ فَاء ٌ لَهُ وَلاَمُ ... فَذُو افْتِرَاقٍ كَوَفَى
الغُلاَمُ
يعني يكون الفاء حرفاً من حروف العلة
واللام حرفاً من حروف العلة، إذاً اجتمع فيه حرفا علة إلا أن بينهما
حرف صحيح، إذاً هذا نسميه اللفيف المفروق، لِمَ سمي لفيفًا؟ لالتفات
أحد حرفي العلة بالآخر. لِمَ سمي مفروقًا؟ لأنه فرق بين الحرفين حرفي
العلة بحرف صحيح، وفى الواو وقعت فاء الكلمة والألف هنا من الوفا لام
الكلمة، فصل بينهما بالفاء وهو حرف صحيح، (وإن تكن) (إن) حرف شرط،
(تكن) هذا فعل الشرط، (فاءٌ) اسم تكن، (له) يعني للماضي جار ومجرور
متعلق بمحذوف نعت لـ (فاء)، (تكن فاء) كائنة (له) للماضي نعت له،
(ولام) هذا معطوف على (فاء) حذف نعته يعني (ولام) له كائنة له، أين خبر
(تكن)؟ (وإن تكن فاء) هذا اسمها، (له ولام) نعت ومعطوف عليه، الخبر
محذوف تقديره منها، (وإن تكن فاء ولام) منها أي من (حروف واي)، (فذو
افتراق)، (فـ) الماضي (ذو افتراق) يعني صاحب (افتراق) مصدر افترق يعني
يسمى لفيفاً مفروقاً، لفيفاً لوجود الحرفين والالتفات، ومفروقاً لكونه
افترق بحرف صحيح بينهما (كوفى الغلام) الكاف حرف تشبيه، (وفى) هذا فعل
ماضٍ، و (الغلام) هذا فاعل، لكن هناك ضابط في المفروق: وهو أنه اللام
لا تكون فيه إلا ياءًا والفاء لا تكون إلا واواً، هذا بالاستقراء
والتتبع أن لام المفروق لا تكون إلا ياءًا وفاؤه لا تكون إلا واواً،
ويأتي من بابين: وَقَي يقِي ووَلِيَ يَلِي، وَقَى يقِي فَعَلَ يَفعِلُ،
وولي يلي فَعَلَ يَفعِلُ. إذاً أشار بهذا البيت إلى أن النوع الثاني
مما يدخله حرفا علة يسمى اللفيف المفروق، وهو ما كانت فاؤه ولامه حرفي
علة. ثم أشار إلى ما ألحق بالمعتل وهو نوعان: المضاعف والمهموز، المضعف
كما سبق في الثلاثي: ما كانت عينه ولامه من جنس واحد، فنسميه المضاعف،
هذا في الثلاثي، أما في الرباعي: ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنسٍ
وعينه ولامه الثانية من جنسٍ، هذا يسمى المضاعف الرباعي، لكن لا يبحثون
فيه، لم؟ لأن التغيرات إنما تكون في المضاعف الثلاثي.
وَادْغِمْ لِمِثْلَي نَحْوُ يَازَيْدُ اكْفُفَا ... فَكُفَّ قُلْ
وَسَمِّهِ المُضَاعَفَا
(وادغم لمثلي) (وادغم) هذا أمر من أَدْغَمَ يُدْغِمُ، أَدْغَمَ هذا على
وزن أَفْعَلَ، الأمر منه أَفْعِلْ أَكْرِمْ، همزته همزة قطع، أين هي؟
حذفت للوزن، إذاً (وادغم) هذا أصله أدغم بهمزة القطع، حذفت من أجل
الوزن، (وادغم) هذا أمر من الإدغام، والإدغام لغة عندهم: إدخال شيء في
شيء. واصطلاحاً: إسكان أول الحرفين المتماثلين أو المتقاربين وإدراجه
في الثاني. إسكان أول الحرفين المتماثلين، متماثلين دال ودال شَدَّ
شَدَدَ، أو المتقاربين {قَالَت طَّائِفَةٌ} [آل عمران:72] {وَقَد
تَّعْلَمُونَ} [الصف:5] هذان متقاربان وليسا مثلين وإدراجه في الثاني،
(وادغم) أيها الصرفي مفعوله وصلته محذوفان (وادغم) أولاً كائناً (لمثلي
نحو يا زيد اكففا)، (لمثلي) هذا تثنية مثل، والنون إذا أضيف المثنى
تحذف عند الإضافة
وَتَسْقُطُ النُّونَانِ فِي الْإِضَافَهْ ... ....................
هنا لمثلين أصلها، وادغم لمثلين (نحو يا
زيدُ) (نحو) قولك (يا زيدُ اكففا)، (اكففا) هذا أمر من الكف، أصله
كَفَّ، (اكففا) هذا أمر من الكف، الألف هذه مبدلة عن النون نون التوكيد
الخفيفة، قال: (أدغم لمثلي)، أين المثلان؟ الفاءان الأولى وقعت عيناً
والثانية وقعت لاماً، (أدغم لمثلي اكففا)، متى؟ بقد نقل حركة الفاء
الأولى إلى الكاف، يعني عندنا إعلال بالنقل تنقل حركة الفاء الأولى
الضمة إلى الكاف قبلها، ثم تسقط همزة الوصل، لِمَ؟ لأنك جئت بها من أجل
الابتداء بالساكن، فإذا نقلت الضمة إلى الكاف سكنت الفاء الأولى
والثانية متحركة، فاجتمع مثلان فوجب الإدغام فتقول: كُفَّ، (فكُفَّ
قل)، (كُفَّ) هذا مفعول لـ (قل) قُصد لفظه، (كُفَّ) بضم الكاف وشدِّ
الفاء، من أين جاءت ضمة الكاف؟ نقول: هي حركة العين نقلت إلى الكاف
الساكنة من أجل التوصل إلى إدغام الحرف الأول في الثاني؛ طلباً للخفة
ودفعاً للثقل، (فكف قل وسمه) أي بعد الإدغام (اكففا) هذا لا يسمى
مضاعفاً، لكن لما أدغمت قلت: (كُفَّ)، (وسمه) بعد الإدغام (المضاعفا)،
(المضاعفا) الألف هذه للإطلاق مفعول ثان لـ (سم)، (سمه) الضمير هذا هو
المفعول الأول، و (المضاعفا) هذا المفعول الثاني، يسمى مضاعفاً لتضاعف
بعض حروفه، ومأخوذ من ضَاعَفَ الشيء إذا زاد عليه فجعله اثنين. إذاً
أشار بهذا البيت إلى أن ما كانت عينه ولامه من جنس واحد وجب إدغام
الأول في الثاني ويسمى مضاعفاً.
مَهْمُوزٌ الَّذِي عَلَى الهَمْزِ اشْتَمَلْ ... نَحْوُ قَرَا سَأَلَ
قَبْلَ مَا أَفَلْ
أشار بهذا البيت إلى النوع السابع وهو المهموز؛ لأن الأقسام ثمانية:
المثال والأجوف والناقص، واللفيف المفروق واللفيف المقرون والمضاعف هذا
السادس، والمهموز هذا السابع، (مهموز) هذا اسم مفعول من هَمَزَهُ فهو
مهموز، هذا خبر مقدم، (مهموز) ما هو؟ (الذي على الهمز اشتمل)، (الذي)
يعني الفعل (الذي)، (الذي) لابد من قيد عند البيان والإيضاح أي الفعل
الذي اشتمل على الهمز، (اشتمل) هذا صلة (الذي)، (على الهمز) هذا متعلق
بـ (اشتمل)، إذاً الفعل إذا اشتمل على همز مهموز، (الذي) مبتدأ اشتمل
على الهمز صلته، أين خبره؟ مقدم عليه (مهموز)، (مهموز) هذا خبر مقدم، و
(الذي) مبتدأ مؤخر، ثم المهموز الذي اشتمل على الهمز قد يكون فاء
الكلمة فيسمى مهموز الفاء، وقد يكون الهمز عين الكلمة فيسمى مهموز
العين، وقد يكون لام الكلمة فيسمى مهموز اللام، (نحو قرا) أصله قرأَ،
أبدلت الهمزة ألفًا من أجل الوزن، قرأ أين الهمز؟ وقع لام الكلمة
فنسميه مهموز اللام، (سأل) مهموز العين لكون عينه همزاً، (قبل ما
أَفَلْ) (قبل) هذا مضاف للمصدر المصوغ من قوله: (ما أفل) تنازعه (قرأ
وسأل)، (ما أفل) أَفَلَ فلانٌ إذا غاب، يقال: مهموز الفاء، لم سمي
مهموز الفاء؟ لكون فائه همزاً، أَفَلَ فلانٌ عن البلد إذا غاب عنها.
إذاً حاصل هذا البيت أن من الفعل ما يسمى مهموزاً إذا وقعت فاؤه أو
عينه أو لامه همزاً.
ثُمَّ الصَّحِيْحُ مَا عَدَا الَّذِي ذُكِرْ ... كَاغْفِرْ لَنَا
رَبِّي كَمَنَ لَهُ غُفِرْ
(ثم الصحيح) (ثم) هنا للترتيب والتراخي،
ذكر المعتل أولاً (ثم الصحيح)، أي (ثم) الفعل (الصحيح)، أخر (الصحيح)
عن المعتل مع كونه الأصل أن يبدأ بالصحيح ثم المعتل، ولكن التقسيم هنا
أو التأخير من جهة التقسيم، أما في التصريف فالصحيح سابق على المعتل،
ولذلك كل ما سبق مختص بالصحيح، قيل: قدَّمه يعني المعتل على الصحيح لأن
مفهومه وجودي والصحيح مفهومه عدمي، والوجود أشرف من العدم. مفهومه
وجودي المعتل؛ لأن ما كانت فاءه أو عينه لا لامه حرفاً من حروف العلة
هذا إثبات، الصحيح: ما خلت أصوله، هذا عدم نفي سلب، والوجود الإثبات
مقدم على السلب والنفي، هكذا قيل. (ثم الصحيح) أي (ثم) الفعل (الصحيح)
(الصحيح) هذا صفة مشبهة من الصحة ضد المرض، وحدُّه عندهم: ما سلمت
أصوله يعني فاءه أو عينه أو لامه من حروف العلة. ومن فرّق بينه وبين
السالم زاد عليه: ما سلمت حروفه من حروف العلة والهمز والتضعيف، هذا
عند من فرق بين الصحيح والسالم؛ لأن السالم: هو ما خلا من حروف العلة،
خلت أصوله من حروف العلة، لكنه مشتمل على همز أو تضعيف، شدَّ هل هذا
صحيح، ليس بصحيح، لماذا؟ لكونه مضاعفاً، وشرط الصحيح عند بعضهم أن يسلم
من حروف العلة ومن التضعيف ومن الهمز، سأل قرأ هذا سالم وليس بصحيح،
وشدَّ ومدَّ هذا سالم وليس بصحيح، خَرَجَ؟ الصحيح: ما سلمت أصوله من
أحرف العلة والهمز والتضعيف. والسالم: ما سلمت أصوله من حروف العلة. كل
سالم صحيح ولا عكس، يكون السالم ما هو؟ ما خلت أصوله من حروف العلة ومن
الهمز والتضعيف، والصحيح: ما سلمت أصوله من حروف العلة فقط.
وَانْقَسَمَ الأُصُولُ عِنْدَ الْحَلِّ ... إِلَى صَحِيحٍ وَإِلَى
مُعْتَلِّ
مُعْتَلُّهُمْ مَا فِيهِ حَرْفُ عِلَّهْ ... صَحِيحُهُمْ خِلَافُهُ
مَحِلَّهْ
إذاً ما سلمت أصوله من حروف العلة فهو صحيح، ثم إن سلم من الهمز
والتضعيف فهو سالم، إذاً شدَّ نقول: صحيح وليس بسالم، وقرأ صحيح وليس
بسالم، هذا عند بعضهم، لكن الكثير على التسوية بين الصحيح والسالم، كل
صحيح سالم وكل سالم صحيح، لِمَ؟ لأن المقابلة بين حروف العلة وغيرها،
ما كانت فيه أحد حروف العلة فهو معتل، ما سلمت من حروف العلة فهو صحيح،
سواء كان مهموزاً أو مضاعفاً. (ثم الصحيح) في عرفهم هو (ماعدا) أي
الفعل الذي (عدا) يعني جاوز (الذي ذكر) آنفاً من الأقسام السابقة،
المثال والأجوف ... الخ، مثاله: وذلك (كاغفر لنا ربي)، (اغفر لنا ربي)
يعني (كـ) الفعلين الكائنين في قولنا: (اغفر لنا)، (اغفر) هذا فعل
دعاء، فاؤه الغين عينه الفاء لامه الراء، هل سلمت من حروف العلة نقول:
نعم، إذاً هو صحيح، (كاغفر لنا ربي) يعني (اغفر لنا) معاشر المؤمنين يا
(ربي كمن له غُفِرْ)، يعني (كـ) مذنب (له غُفِرَ)، غفر له، (له) متعلق
بـ (غفر) فعل ماضٍ مغير الصيغة نائبه ضمير الغفر، (غفر) أيضاً يقال فيه
ما قيل في (اغفر) سلمت حروفه من أحرف العلة فنحكم عليه أنه صحيح.
وجزاكم الله خيرا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|