شرح نظم قواعد الإعراب عناصر الدرس
* قواعد الإعراب محصورة في أربعة أبواب.
* بيان مسائل الباب الأول في الجملة وأحكامها.
* بيان المسألة الأولى شرح الجملة.
* بيان الكلام والجملة.
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
أحمد ربي الله جل منعما ... أخرج من جهل جل من عمى
فعلم البيان والإعرابا ... وألهم الحكمة والصوابا
فلاح للأذهان معنى ما خفى ... من الكتاب وحديث المصطفى
صلى على محمد وشيعته ... من أسس الإعراب في شريعته
وقد حصرت بطريق الرجز ... قواعد الإعراب حصر موجز
ليسهل الحفظ على الطلاب ... في تلكم الأربعة الأبواب
الباب الأول: في الجملة وأحكامها وفيه أربع مسائل:
(المسألة الأول: في شرحها).
فسم بالكلام لفظك المفيد ... أو جملةٍ ك: العلم خير ما استفيد
لكنها أعم معنى منه ... إذ شرطه حسن السكوت عنه
إن بدئت بالاسم فهي اسميه ... أو بدئت بالفعل قل فعليه
إن قيل ذا أبوه شأنه الندا ... فكلها غير الأخير مبتدا
بل خبر عن ثالث كما هما ... عن وسط والكل عما قدما
فجملة الأول سم كبرى ... وجملة الثالث سم صغرى
وذات حشو باعتبار ما ولي ... كبرى وصغرى باعتبار الأولِ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعين به، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،، ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
سبق الكلام أن قواعد الإعراب محصورة في أربعة أبواب كما قال الناظم:
(في تلكم الأربعة الأبواب). وهذه الأبواب شرع الناظم في بيانها وقلنا:
الأبواب الأربعة.
الباب الأول: في الجملة وشرحها وبيان أحكامها.
الباب الثاني: في الجار والمجرور.
الباب الثالث: في كلمات تحتاج إلى تفسير يحتاجها المعرب.
الباب الرابع: في كلمات تحتاج إلى تحرير. يعني: يغلط فيها المعربون.
بين الناظم هنا الباب الأول، أو شرع في بيان حقيقة مسائل الباب الأول
فقال: الباب الأول: في الجملة وأحكامها، وفيه أربع مسائل. الباب الأول
(أل) هذه نقول: للعهد الذكري؛ لأن قال: (في تلكم الأربعةِ الأبواب).
هذه الأبواب نقول: مجملة، ثم شرع يَفَصِّلُهَا بقوله: الباب. إذًا (أل)
هذه للعهد الذكري وهي التي عُهِدَ مصحوبها ذكرًا.
الباب الأول: في الجملة، الباب هذا مبتدأ، والأول هذا نعته، وفي الجملة
هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر تقديره كائن أو استقر، مستقر أو استقر
يعني: الباب الأول كائن في الجملة وأحكامها، يعني: في بيان الجملة
وبيان أحكامها.
الباب نقول: هذه ألف منقلبة عن واو أصله بَوَبٌ تحركت الواو وانفتح ما
قبلها فقبلت ألفًا، والدليل على أن هذه الألف منقلبة عن واو جمعه على
أبواب، فإن باب يجمع على أبواب قياسًا وعلى أبوبة وبيبانٍ سماعًا،
ويُصَغَّرُ على بُوَيْب، والتصغير والجمع يرد الأشياء إلى أصولها.
إذًا الباب نقول: الألف هذه أصل لأنها منقلبة عن أصل، وما انقلب عن أصل
له حكمه. الباب له معنيان: معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي.
المعنى اللغوي: المدخل للشيء. يعني: مكان
الدخول. مَدْخَل مَفْعَل اسم مكان المدخل للشيء يعني: مكان الدخول. وإن
شئت قل: فرجة في ساتر يُتَوَصَّلُ بها من داخل إلى خارج أو عكسه. فرجة
في ساتر، يعني: يكون أمامك جدار ساتر وفيه فرجة، هذه الفرجة في اللغة
تسمى بابًا؛ لأنه يتوصل بها من الدخول من خارج إلى داخل وعكسه.
أما في الاصطلاح عند أهل الاصطلاح فيقولون: الباب ألفاظ مخصوصة دالة
على معانٍ مخصوصة.
هذا حدُّ الباب وهو نوع من أنواع التراجم التي يترجم بها أهل التصانيف،
لأن التراجم ثمانية عندهم:
كتاب، وباب، وفصل، وفرع، ومسألة، وتنبيه، وتتمة، وخاتمة.
هذه ثمانية لا تخرج عنها، إما أن يكون: كتابًا، أو بابًا، أو فصلاً، أو
فرعًا والفرع هذا يكثر منه النووي في المجموع شرح المذهب، أو تتمة، أو
تنبيه، أو مسألة، أو خاتمة.
والحكمة من ذلك وضع الكتب والأبواب - كما ذكر الزمخشري - أن القارئ إذا
وجد الكتاب أو إذا كان الكتاب مبوبًا كان أنشط له في القراءة، الكتاب
إذا كان مبوبًا كان أنشط له في القراءة وفي الحفظ أيضًا، طالب العلم
إذا انتقل من باب إلى تاليه نشط في الباب الثاني خاصة إذا كان في الباب
نوع اختصار، ولذلك قال أيضًا: المسافر إذا كان في الطريق المقدرة كان
أبعث له في السفر. يعني: أنشط له. إذا علم أن الطريق هذا مثلاً مائة
كيلو ينشط أكثر مما لو جهل المسافة، فإنه يكون أضعف للهمة والحركة.
وذكر أيضًا أن القرآن كان سورًا لهذه العلة، يعني ما الحكمة في تسوير
القرآن أنه سور؟ تقول: لكونه أسهل للقارئ وأنشط لأنه كل ما انتهى من
سورة حفظًا أو قراءةً أو تدبرًا شرع في سورة أخرى.
إذًا مقصود الناظم في قوله: الباب الأولى. هنا ما هو؟ أن يكون الطالب
أنشط في قراءة الكتاب كما هو تبعًا للأصل.
إذًا الباب عرفنا معناه لغةً واصطلاحًا، الأول هذا وصف له صفةً، الأول
هذا له استعمالات في لغة العرب منها أن يكون صفةً وهو المراد هنا، وهو
إذا قيل أنه صفة يكون بمعنى أفعل التفضيل، على معنى الأسبق، الباب
الأول يعني: الباب الأسبق، وإذا كان على أفعل التفضيل وبمعنى الأسبق
أخذ حكم أفعل التفضيل من: منع الصرف، وعدم تأنيثه بالتاء، ودخول من
عليه. لذلك يقال: لَقِيتُهُ عَامًا أَوَّل. بالمنع من الصرف.
الثاني: الاستعمال الثاني: أن يكون اسمًا وعليه يكون مصروفًا، وعليه
يقول: لَقِيتُهُ عَامًا أَوَّلاً. يعني: بالتنوين لَقِيتُهُ عَامًا
أَوَّلاً، ومنه قوله: مَا لَهُ أَوَّلٌ وَلا آخر. بالتنوين، مَا لَهُ
أَوَّلٌ وَلا آخر، وذكر ابن حيان قال - في محفوظي -: أن هذا النوع
تدخله تاء التأنيث فينون فيقال: أَوَّلَةٌ وآخِرَةٌ.
النوع الثالث الذي يستعمل له أَوْل أن يكون ظرفًا. تقول: رَأَيْتُ
الْهِلالَ أَوَّلَ النَّاسِ. أي: قبلهم. قال ابن هشام: وهذا النوع هو
الذي إذا قطع عن الإضافة بني على الضم.
إذًا أول يكون له ثلاث استعمالات:
إما أن يكون بمعنى صفة، الأسبق - وهو مراد الناظم هنا -.
وإما أن يكون اسمًا، والأول يكون ممنوع من الصرف والثاني يكون مصروفًا.
الثالث: أن يكون ظرفًا. رَأَيْتُ الْهِلالَ
أَوَّلَ النَّاسِ. أي: قبلهم. وهذا هو الذي يعنون له النحاة بـ إذا
قُطِعَ عن الإضافة بُنِيَ على الضّم. يعني: ألحق بقبل وبعد.
الباب الأول. قلنا: الأول نعت للباب، ونعت المرفوع مرفوع، في الجملة
وأحكامها يعني: ثابت وكائن في بيان حقيقة الجملة. الْجُملة بالضم ضم
الجيم في اللغة جماعة الشيء، وفي الاصطلاح - كما سيأتي - اللفظ المركب
الإسنادي أفاد أم لا، وإن شئتَ قلتَ: القولُ المركبُ. كما قال السيوطي
في ((همع الهوامع)).
في الجملة وأحكامها، أحكامها هذا جمع حكم، والحكم في اللغة المنع، ومنه
قول جرير:
أبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفهاءكُم ... إِنِّي أخافُ عليكُم أنْ
أغضبا
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم يعني: امنعوا سفاءكم، ومنه سميت الحكمة
حكمة، لماذا؟ لأنها تمنع صاحبها من الوقوع في سفاسف الأمور.
والحكم في الاصطلاح: إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه؛ لأن الحكم إما يكون
سلبًا أو إيجابًا. قد يكون من جهة الإثبات، وقد يكون من جهة النفي
والسلب.
ويتنوع إما أن يكون حكمًا عقليًّا، أو حكمًا شرعيًّا، أو حكمًا
عاديًّا، أو حكمًا وضعيًّا. يعني: جعليًّا. من جَعْلِ البشر - وهذا هو
المراد هنا - لأن النحاة اصطلحوا على أحكام تتعلق بأبواب النحو.
في الجملة وأحكامها، ما المراد بأحكام الجملة؟
إما من جهة التسمية، متى تسمى الجملة جملة اسمية، ومتى تكون جملة
فعلية، هذا حكم، عندما نحكم على اللفظ بأنه جملة اسمية هذا حكم، وعندما
نحكم على اللفظ بأنه جملة فعلية هذا حكم، كذلك إذا أثبتنا الجملة
الظريفة أو الشرطية نقول: هذه كلها أحكام. كذلك من جهة الإعراب نقول:
هذه الجملة في محل الجزم، وهذه الجملة في محل رفع، وهذه الجملة في محل
نصب، وهذه في محل خفض، هذه أحكام تتعلق بالجملة.
كذلك ما مفادها هل هذه الجملة إنشائية أم خبرية؟ نقول: هذه كلها أحكام.
إذًا وأحكامها مراد الناظم بأحكام الجملة إما من جهة الإخبار أنها
خبرية أو إنشائية، أو باعتبار محلها، لأن الجمل إعرابها إعرابًا
محليًّا، لأن الأصل في الإعراب أن يكون متعلقه المفردات لا الجمل، وأما
إعراب الجمل فهو إعراب محلي لا لفظي ولا تقديري، إلا إذا قُصِدَ بها
اللفظ فحينئذٍ تعامل معاملة المفرد.
واحكم لجملة بها اللفظ قُصِدَ ... لما لمفرد ثبت ولا تحل
يعني: تعامل الجملة معاملة المفردات إذا قصد بها اللفظ، أما إذا قصد
معناها فيكون إعرابها محليًّا، كذلك من جهة الحكم الصفة أو الاسمية هل
هي جملة اسمية أو فعلية؟ هل هي جملة صغرى أم جملة كبرى؟
وفيه أربع مسائل. وفيه، يعني: في الباب. أربع مسائل، فيه جار ومجرور
متعلق بمحذوف خبر مقدم، أربع مسائل هذا مبتدأ مؤخر، أربع مسائل فيه،
يعني: كائنة فيه أربع مسائل، مسَائل جمع مسألة، وهي في اللغة السؤال،
مَسْأَلَة على وزن مَفْعَلَة، وعندهم في الاصطلاح أن المسائل نوعان:
مسائل بدهية.
ومسائل كسبية.
البدهية نسبة إلى الأمر البدهي، الذي لا
يحتاج إلى دليل ولا برهان، ولذلك قالوا في ضابطها: مطلوب خبري لا
يُبَرْهَنُ عليه. مطلوب خبري ما معنى مطلوب خبري؟ يعني: مبتدأ وخبر، أو
فعل وفاعل أو نائبه، يعني: جملة فعلية أو جملة اسمية، تضمنت حكمًا، هذا
الحكم لا يحتاج إلى برهان، النَّارُ مُحْرِقَة تقول: ما الدليل؟ أثبت
لي أن النار محرقة؟ لا يحتاج. إذًا هذا مطلوب خبري لا يُبَرْهَنُ عليه
لماذا؟ استغناءً ببداهة الأمر وظهوره على أن يقام عليه الدليل
والبرهان، السَّمَاءُ فَوْقَنَا، يحتاج إلى دليل؟
لا يحتاج، عند العقلاء لا يحتاج. الأَرْضُ تَحْتَنَا هذا مطلوب خبري
مركب من جملة اسمية مبتدأ وخبر وتضمنت حكمًا، وهذا الحكم أمر بدهي
ومسألة بدهية لا تحتاج إلى قيام دليل أو برهان.
المسألة الثانية أو النوع الثاني: مسائل الكسبية نسبة إلى الكسب، يعني
تحتاج إلى إقامة دليل. حدُّها أو ضابطها مطلوب خبري يُبَرْهَنُ عليه في
ذلك العلم، مطلوب خبري ما المراد بالمطلوب الخبري؟
نقول: جملة اسمية أو جملة فعلية تضمنت حكمًا، هذا الحكم من جهة الإثبات
أو السلب [لا يحتاج إلى أو] (1) يحتاج إلى إقامة دليل عليه.
الصَّلاةُ وَاجِبَة، مبتدأ وخبر تضمنت حكمًا، وهو: الحكم بوجوب الصلاة
أو إيجاب الصلاة. هذا هو الحكم إيجاب الصلاة. نقول: هذا يحتاج إلى
دليل، يحتاج إلى برهان خاصة لحديث عهد بالإسلام يحتاج أي إثبات، كذلك
لو قيل: الوتر سنة. نقول: يحتاج إلى دليل.
قال: في ذلك العلم يُبَرْهَنُ عليه في ذلك العلم. يعني: كل مسائل علم
يُبَرْهَنُ عليها بما يُذْكَرُ في ذلك العلم، إن كان فقهًا يُبَرْهَنُ
عليه على طريقة الفقهاء، الفاعل مرفوع هذه قاعدة عامة قضية كلية تحتاج
إلى إثبات من جهة استقاء كلام العرب وإثبات أن كل فاعل في لغة العرب
إنما يكون مرفوعًا، المضاف إليه لا يكون إلا مجرورًا قاعدة عامة تحتاج
إلى برهان.
إذًا مسائل المسائل نوعان:
مسائل بدهية لا تحتاج إلى إقامة برهان ودليل.
ومسائل كسبية تحتاج إلى إقامة برهان ودليل.
وذلك بحسب كل فن أو كل أصحاب فن في فنهم أو فنونهم.
(المسألة الأول: في شرحها) إذًا فيه أربع مسائل (المسألة الأول: في
شرحها) الشرح لغةً: الكشف والبيان. يقال: شَرَحَ يَشْرَحُ شَرْحًا. إذا
كشف وبين فالشرح هو: الكشف والبيان والتفسير والإيضاح.
الشرح عندهم في الاصطلاح عند أهل الوضع، أهل الاصطلاحات - يقولون:
ألفاظ [مخصوصة دالة على معانٍ أو] (2) موضوعة على معانٍ مخصوصة، ألفاظ
مخصوصة موضوعة على ألفاظ مخصوصة، ذلك حَدُّ الباب، أما الشرح عندهم
ألفاظ مخصوصة موضوعة على ألفاظ مخصوصة. يعني: المتن هو ألفاظ مخصوصة
وضع عليه ألفاظ مخصوصة لأن اللفظ قد يكون مطلقًا وقد يكون خاصًا، قد
يكون عامًا وقد يكون خاصًا، وكل معنى خاص إنما يعبر عنه باللفظ الخاص
الذي يدل عليه، ولذلك يقولون في الحاشية أيضًا: ألفاظ مخصوصة موضوعة
على ألفاظ مخصوصة موضوعة على ألفاظ مخصوصة. $ 16.00
__________
(1) سبق.
(2) سبق.
الحاصل: أن المسألة الأولى في شرح الجملة،
قدَّم لك الناظم بيان الجملة، لم؟ لأن هذه الرسالة موضوعة في بيان
الإعراب، قواعد الإعراب، والجملة أو الكلام محل للإعراب، ومعرفة المحل
سابقة على معرفة الحال، لأن الإعراب يحل في الجملة، والجملة محل
للإعراب، أيهما أولى بالتقديم عقلاً؟
معرفة المحل، إذًا لا بد من بيان حدّ الكلام، ولا بد من بيان حدّ
الجملة. ولك أن تقول: الإعراب صفة أو كالصفة، والجملة أو الكلام
كالموصوف، ورتبة الموصوف مقدمة على رتبة الصفة كما تقول: جَاءَ زَيْدٌ
الْعَالِمُ. الْعَالِمُ هذا صفة وزيد هذا موصوف، ورتبة الموصوف مقدمة
على رتبة الصفة، كذلك الإعراب كالصفة والكلام والجملة الموصوف، ورتبة
الموصوف مقدمة على رتبة الصفة.
قال رحمه الله:
فسم بالكلام لفظك المفيد ... أو جملة ك: العلم خير ما استفيد
ضمن البيت هذا تعريف الكلام، فقال: (فسم). التسمية عندهم إطلاق الاسم
أو جعل الاسم علمًا على مسماه، الاسم ما دل على مسماه، نفس اللفظ.
الاسم ما دل على مسماه.
الْمُسمَّى هو ما جُعِلَ اللفظ دليلاً عليه.
التسمية فعل الفاعل. كونك تأخذ هذا الاسم وتضعه على هذا المسمّى فعلك
هذا يُسمَّى تسمية. قال: (فسم بالكلام لفظك المفيد). (سم) يتعدى إلى
مفعولين، أحدهما بنفسه، الأول بنفسه، والثاني بحرف جر، فسم لفظك المفيد
بالكلام هذا الترتيب، فسم لفظك المفيد بالكلام. إذًا الكلام اسم، اللفظ
المفيد مُسَمَّى، وعليه نقول: مسمى الكلام لفظ، مسمى اللفظ لفظ كما
يكون مسمى الاسم العين وقد يكون مسمى الاسم المعنى، كذلك قد يكون مسمى
اللفظ هو اللفظ، إذا قيل: زيد ما مسماه؟ الذات المشخصة، إذًا هو شخص هو
عين جسم جوهر، إذا قيل: علم مسماه المعنى ليس بذات، المعلوم ليس بذات
وليس بشخص وإنما هو أمر معقول، فمسمى العلم معقول ومعنى، ومسمى زيد ذات
وجسم وجوهر، ومسمى الكلام لفظ، كما أن الكلمة في الأصل قول مفرد، مسمى
الكلمة لفظ، كما تقول: اسمك أحمد. مسمى الشخص نفسه، إذا قيل: كلام ما
مسماه؟ اللفظ المفيد. إذا قيل: كلمة. هي القول المفرد. زيد هل نقول: هو
كلمة؟ باعتبار كونه اسمًا أم باعتبار كونه قولاً مفيدًا؟ باعتبار كونها
قولاً مفيدًا، [أو قولاً وضع] (1) قول مفرد باعتبار كونها قول مفرد لأن
الكلمة هي القول المفرد.
الحاصل أن مراده هنا (فسم بالكلام) أن الكلام لفظ، مسماه لفظ أيضًا، لا
جوهر ولا معنى، (فسم بالكلام لفظك المفيد أو جملة) بَيَّن لك بهذا أن
الكلام عند النحاة هو اللفظ المفيد، والكلام هذا له حدَّان - أي
تعريفان - عند النحاة منهم من عرفه بأنه: اللفظ المركب المفيد بالوصف،
وهذا تعريف ابن معطي في ((الفصول الخمسون)) وهو الذي اشتهر على ألسنة
المعاصرين تبعًا لما ذكره ابن آجروم رحمه الله، وهو أجود من المختصر.
والمختصر هو ما يذكره ابن مالك وابن هشام ومن تبعهما: اللفظ المفيد.
كلامنا لفظ مفيد كاستقم. هكذا قال ابن مالك، وعرفه ابن هشام أيضًا في
((القطر)) أنه: اللفظ المفيد. ولكن أجود منه اللفظ المركب المفيد
بالوصف.
إن الكلام عندنا فلتستمع ... لفظ مركب مفيد قد وضع
هنا قال: (فسم بالكلام). الكلام له معنيان:
__________
(1) سبق.
معنًى لغوي، ومعنًى اصطلاحي.
المعنى اللغوي هو: القول وما كان مكتفيًا بنفسه. القول له حدّ، وما كان
مكتفيًا بنفسه له ضابط، ما معنى القول؟
نقول: القول مصدر بمعنى المقول، وأيضًا هو لفظ مسماه لفظ، والمراد به
اللفظ الدال على معنًى، مفردًا كان أو مركبًا، مفيدًا كان أم لا.
إذًا القول قد يكون مفردًا، وقد يكون مركبًا، زيد هذا قول وهو مفرد،
قَامَ زَيْد هذا قول مركب، إِنْ قَامَ زَيْد هذا قول مركب، الأول أفاد،
والثاني لم يفد.
إذًا لا يشترط في القول إن كان مركبًا أن يكون مفيدًا، ويشمل المفرد
وغير المفرد، وما كان مكتفيًا بنفسه مقصودهم بما دل على فائدة الكلام
وليس لفظًا، ما كان مكتفيًا بنفسه ما يعني: شيء. اكتفى بالدلالة على
المعنى بنفسه، يعني: بذاته دون ضميمة لفظ المعنى، ويمثلون لذلك بالدوال
الأربع:
كالكتابة تكتب زَيْدٌ قَائِمُ قَامَ زَيْد هذا مكتوب، تقرأ قَامَ
زَيْد، هل هو كلام؟ نقول: ليس بكلام. هل هو مفيد؟ نعم مفيد. أفاد فائدة
تامة ولكنه لا يُسمَّى في اصطلاح النحاة كلامًا، وإن سُمِّيَ كلامًا
عند أهل اللغة.
الإشارة تشير بيدك تفهم ماذا؟ معنى الأمر بالجلوس، هذه فائدة هل هي
كلام؟ نقول: ليس بكلام عند النحاة وإنما هي كلام عند أهل اللغة.
كذلك النُّصب ما ينصب علامة كالمحاريب ونحوها. هذه تدل على معنى وتفيد
فائدة وهي جهة القبلة يدخل المسجد ويعرف أن القبلة في هذه الجهة، ما
الذي دله؟ وجود المحارب. إذًا المحراب أفاد فائدة، وهل هي كلام؟ نقول:
كلام عند أهل اللغة وليست كلامًا عند النحاة.
كذلك العقد، وكذلك لسان الحال.
كل ما أفاد فائدة وليس لفظًا لا يسمى كلامًا عند النحاة ويسمى كلامًا
عند أهل اللغة.
إذًا الكلام عند أهل اللغة القول وما كان مكتفيًا بنفسه.
القول هو اللفظ الدال على معنى مفردًا كان أو مركبًا أفاد أم لا، وما
كان مكتفيًا بنفسه يعني: شيء أفاد بنفسه دون ضميمة لفظ معه، أفاد على
أي شيء أو دل على أي شيء، دل على معنًى قد يستفاد باللفظ. هذا معنى
الكلام عند أهل اللغة.
أما في الاصطلاح عرفه الناظم بقوله: (لفظك المفيد). (لفظك) هذا مصدر
مراد به اسم المفعول أي: ملفوظك المفيد. لأن اللفظ هو التلفظ كالتسمية،
والمراد بالكلام هو الشيء الملفوظ، وفرق بين اللفظ والملفوظ به.
إذًا نقول: الكلام هو اللفظ المفيد. هذان ركنان لا بد من اجتماعهما في
حدّ الكلام الاصطلاحي، أن يكون لفظًا، واللفظ هنا نقول: مصدر بمعنى اسم
المفعول وهذا عندهم يسمى مجازًا من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول،
اللفظ كالخلق بمعنى المخلوق {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي} [لقمان:
11] يعني: هذا مخلوقات الله. ليس الإشارة إلى الصفة صفة الرب وإنما
المراد أثر الصفة، وهي فعله المخلوقات.
اللفظ في اللغة نقول: بمعنى الرمي والطرح
يقال: لفظت الرحى الدقيق إذا طرحته ورمته. وأكلت التمرة ولفظت نواها،
إذا رميتها وطرحتها، وعليه يكون الرمي هنا سواء كان من الفم أو من
غيره، لفظت الرحى الدقيق هذا رمي وطرح، هل هو من الفم؟ ليس من الفم.
أكلت التمرة ولفظت نواها، هذا طرح مقيد بالفم إذًا اللفظ في اللغة يشمل
الطرح سواء كان من الفم أو من غيره خلافًا لمن خصه بالرمي الخاص وهو
كونه من الفم. نقول: لا، بل هو عام في اللغة يشمل ما كان مرميًّا
ومطروحًا من الفم أو من غيره.
أما في الاصطلاح فعندهم اللفظ هو الصوت المشتمل على بعض الحروف
الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء مهملاً كان أو مستعملاً. إذًا
اللفظ عند النحاة في اصطلاح النحاة الصوت المشتمل على بعض الحروف، ما
معنى الصوت؟
نقول: الصوت كل ما يُسمع سواء كان خارجًا من الفم أو من غيره، ولكن
المقصود هنا الصوت الخارج من الفم؛ لأن الذي تسمعه مثل هذه - طرقة على
المنضدة - تقول: هذا صوت. لكنه ليس خارج من الفم.
المشتملُ على بعض الحروف الهجائية، المشتملِ على أو المشتملُ على بعض
الحروف الصوت الخارج من الفم نوعان:
صوت مشتمل على بعض الحروف.
وصوت غير مشتمل على حرف.
لأن ما يخرج من الفم الذي يُسمع وهو خارج من الفم قد يكون صوتًا ساذجًا
يعني: بدون حرف، قد الإنسان يضغط على أسنانه فيخرج صوت هل هو مشتمل على
حرف؟ ليس مشتملاً على حرف، هذا يسمى عند أهل الاصطلاح يسمى صوتًا
ساذِجًا، أو ساذَجًا بفتح الذال يعني: خاليًا من الحرف. والمقصود هنا
الذي معنا الصوت المشتمل يعني: اقترن به حرف من الحروف الهجائية.
المشتمل على بعض الحروف، إذًا لا يمكن أن يشتمل على كل الحروف.
الهجائية نسبة إلى الهجاء، والمقصود بالهجاء التقطيع، سميت حروف الهجاء
لأنها تقطع لبيان معرفة ما تركبت منه الكلمة، يقال: زيد. تقطعها لتعرف
من أي شيء تركبت هذه الكلمة، فتقول: زَ يَ دَ. هذا هو التقطيع، سميت
هجائية لذلك، لأن الكلمة تقطع من أجل معرفة ما تركبت منه الكلمة.
الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء
مهملاً كان أو مستعملاً. إذًا اللفظ نوعان:
لفظ مهمل لم تضعه العرب، وإنما وضع عليهم مَثَّلُوا له بقولهم: ديز
مقلوب زيد. العرب وضعت زيد دليلاً على مسماه وهل وضعت ديز؟ نقول: لا،
إذًا هذا يُسمى مهملاً يعني: متروكًا، مهملاً من الحطِّ والترك يعني:
ترك ولم تضعه العرب، ليس كل ما عنى للإنسان أن يُرَكِّب من حروف فيركب
ويقول: وضعته العرب. لا، وإنما ما وضع ترتيبًا بين الحروف في كلمات
العرب هو الذي يسمى مستعملاً وما عداه فلا يسمى مستعملاً، وإنما يكون
مهملاً.
إذًا اللفظ قد يكون مهملاً وهو الذي لم تضعه العرب، أو مستعملاً وهو
الذي وضعته العرب، سواء كان مفردًا أو مركبًا.
إذًا اللفظ جنس، يشمل المهمل والمستعمل، فنقول في ذلك: إذا جعلنا اللفظ
جنسًا صَلُحَ أن يكون للإخراج والإدخال، أخرج ماذا؟
.
لا، اللفظ.
.
أخرج الكتاب والإشارة والنصب والعقد وما كان مكتفيًا بنفسه، لماذا؟ لأن
هذه ليست بلفظ، والكلام الاصطلاحي لا يكون إلا ملفوظًا به.
إذًا كل ما أفاد فائدة ولو حسن السكوت
عليها عند القارئ ونحوه [نقول: لا تسمى] (1) وليست بلفظ لا تسمى كلامًا
في اصطلاح النحاة، إنما لا بد أن تكون صوتًا، فكل ما أفاد وليس بصوت لا
يسمى كلامًا في اصطلاح النحاة.
إذًا اللفظ أخرج الكتابة والإشارة والعقد والنصب ولسان الحال، خمسة
أشياء، وأدخل المهمل والمستعمل.
(المفيد) أخرج المهمل، بقي معنا المستعمل. المستَعمل هذا على أنواع:
مفرد، ومركب.
والمركب هذا على أنواع: مركب إضافي، مركب مزجي، مركب توصيفي، مركب
إسنادي. وبعضهم يزيد المركب العددي، والمركب الصوتي غاق غاق زاده
الشوكاني في ((إرشاد الفحول)).
إذًا نقول: المركبات أربعة على المشهور أو ستة، المفيد هذا وصف للإخراج
أخرج المفرد وأخرج المركب المزجي، وأخرج المركب الإضافي، وأخرج المركب
التوصيفي، وأخرج بعض المركب الإسنادي - سيأتي تفصيلها.
(المفيد) نقول: (المفيد). هذا [اسم مفعول] (2) اسم فاعل أصلها مُفْيِد
على وزن مُفْعِل من أَفَادَ الرباعي، أَفَادَ كـ أَخْرَجَ يُخْرِجُ فهو
مُخْرِج. (المفيد) أَفَادَ يُفِيدُ فهو مُفِيد أصلها مُفْيِد على وزن
مُفْعِل، استثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى ما قبلها.
(المفيد) في اللغة مأخوذ من الْفَيْدِ وهو ما استحدث من المال والخير.
أما في الاصطلاح عند النحاة، فالمفيد يعنون به ما يحسن السكوت عليه من
المتكلم بحيث لا يصير السامع منتظرًا لشيء آخر انتظارًا تامًا، ما يحسن
السكوت عليه من المتكلم، وقيل من السامع، وقيل منهما، بحيث لا يصير
السامع منتظرًا لشيء آخر انتظارًا تامًا، يَعْنُون بهذا أن يكون اللفظ
قَدْ جِيء به مركبًا من مُسْنَد ومسند إليه، يعني: مركب من مبتدأ وخبر
أو فعل وفاعله أو نائبه، لماذا؟
لأن هذا هو الذي يحسن السكوت عليه، تقول: قَامَ زَيْدٌ. هل ينتظر
السامع شيئًا آخر؟ لا ينتظر. زَيْدٌ قَائِمٌ هل ينتظر شيئًا آخر؟ لا
ينتظر. ضَرَبْتُ زَيْدًا؟ لا ينتظر. لكن لو قال: زيد ما أحسن في
الكلام، لماذا؟ لأن السماع ينتظر ماذا زيد؟ في الدار وسكت، إِنْ قَامَ
زَيْدٌ ماذا؟ ينتظر شيء آخر.
إذًا لا يحسن السكوت على مثل هذه المفردات أو المركبات الناقصة.
(المفيد) نقول: أخرج أربعة أشياء:
المفرد، والمركب الإضافي. المفرد نحو: زيد. لماذا؟ لأنه لا يفيد فائدة
تامة بحيث يصير السامع لا ينتظر لمزيد من المتكلم لإيضاح الكلام، هذا
المفرد، لأنه إذا قال: زيد. أو قال: الدار. أو قال: المسجد. أو قال:
البيت. هذا لا يَحُسن به أو لا يصلح أن يقف المتكلم عنده بحيث لا يصير
السامع منتظرًا شيئًا آخر.
المركب الإضافي. لو قال: غُلامُ زَيْدٍ. ماذا به غلام زيد؟ هذا مسند
إليه، أين المسند؟ أين الحكم؟ إذًا لم يتركب من مسند ومسند إليه، لم
تتم الفائدة به، غُلامُ زَيْد لو قال: أَحَدَ عَشَر، اثْنَا عَشَر. هل
حصلت الفائدة؟
__________
(1) سبق.
(2) سبق.
نقول: ما حصلت الفائدة. لو قال: بَعْلَبَك،
حَضْرَمَوْت. هذا مركب مزجي، هل حصلت به الفائدة؟ لم تحصل به الفائدة.
لو قال: زَيْدٌ الْعَالِمُ، جَاءَ زَيْدٌ الْعَالِمُ. المركب التوصيفي
يعنون به التقييدي، الموصوف مع صفته، المنعوت مع نعته، لو قيل: الإنسان
حيوان ناطق. قيل: حيوان ناطق. هكذا هل حصل به فائدة؟ ما حصلت به
الفائدة.
إذًا نقول: المفيد أخرج المفرد لأنه لا تتم الفائدة به، وأخرج المركب
الإضافي كغلام زيد، وأخرج المركب المزجي كبعلبك وحضرموت. وأخرج المركب
التوصيفي كـ: الإنسان حيوان ناطق، وأخرج المركب العددي كـ أحد عشر،
واثنا عشر.
المركب الإسنادي، المركب الإسنادي هذا هو محط الفائدة في العلاقة بين
الجملة والكلام، لا بد من فهمه، كل ما سبق يمكن أخذه من الكتب، المركب
الإسنادي نقول: ثلاثة أنواع، المركب الإسنادي.
أولاً: ما حقيقة المركب الإسنادي؟ نقول: المركب الإسنادي هذا نسبة إلى
الإسناد، ما معنى الإسناد؟
نقول: حقيقة الإسناد نسبة حكم إلى اسم إيجابًا أو سلبًا. نسبة حكم نسبة
يعني: إضافة. إضافة حكم إلى اسم، حكمٍ المقصود به عند النحاة هنا في
هذا الباب الفعل والخبر، لأنه هو الحكم في المعنى، إلى اسم المراد به
عند النحاة المبتدأ والفاعل أو نائبه، فإذا قلت: زَيْدٌ قَائِم. نسبت
الحكم الذي هو القائم إلى زيد، نسبة حكم إلى اسم، حكمت على زيد بكونه
قائمًا، هذه المقصود بالنسبة يعني: ارتباط معنوي بين الكلمتين.
ما هو هذا الارتباط في نحو: زَيْدٌ قَائِمٌ؟
تقول: ثبوت القيام لزيد. وهو أمر إيجابي ثبوتي. قَامَ زَيْد قام هذا
حكم، وزيد هذا فاعل، المعنى الذي يفهم من هذا التركيب أنك حكمت على زيد
بالقيام في الزمن الماضي، فإذا قلت: قَامَ زَيْدٌ. زيد محكوم عليه،
حكمت عليه بأي شيء؟ بالقيام، متى؟ في الزمن الماضي.
إذًا نسبة حكم إلى اسم، قد نسبت الحكم وهو ثبوت القيام إلى الفاعل وهو
زيد، متى؟ في الزمن الماضي، إيجابًا أو سلبًا يعني: [قد يكون الكلام
أو] يكون الإسناد بالإيجاب بالثبوت وقد يكون بالسلب والنهي. تقول: مَا
قَامَ زَيْدٌ. نفيت الحكم الذي هو القيام عن زيد، الحكم كما يكون
بالإثبات يكون بالنفي، نسبة حكم إلى اسم إيجابًا أو سلبًا.
إذًا عرفنا حقيقة الإسناد. نقول: الإسناد هذا لا بد إذا كان فيه حكم
ومحكوم عليه إذًا لا بد من مسند ومسند إليه. إذا قلنا: الإسناد نسبة
حكم إلى اسم إذًا علاقة بين كلمتين، إذًا لا يمكن أن يوجد الإسناد إلا
بين كلمتين، الأولى تسمى مسندًا إليه والثانية تسمى مسند.
المسند إليه هو المحكوم عليه، والمسند هو المحكوم به. المصدق واحد
والعبارات تختلف ولذلك من ضوابط معرفة المبتدأ إذا أشكل على الطالب
ينظر في الجملة أي الكلمات التي حكم عليها؟ وتجعلها مبتدأً. وتنظر في
الكلمات أو الجمل أيها المحكوم بها فتجعلها هي الخبر.
إذا عرفنا الإسناد وعرفنا أنه لا بد له من مسند ومسند إليه، وهذا يتنوع
إلى جملة اسمية وجملة فعلية، نقول: الإسناد على ثلاثة أنواع، المركب
الإسنادي ثلاثة أنواع، لماذا نقول: مركب إسنادي؟ لأنه لا يمكن الإسناد
أن يوجد إلا بين كلمتين فأكثر، إذًا لا يمكن أن يكون في مفردات.
إذًا المركب الإسنادي نقول: ثلاثة أنواع:
مركب إسنادي مقصود لذاته.
ومركب إسنادي مقصود لغيره غير مستقل.
ومسمًى به، ومركب إسنادي مسمًى به. هذه ثلاثة أنواع.
المركب الإسنادي المسمى به نبدأ به لأنه أسهل، المركب الإسنادي المسمى
به هو في الأصل جملة مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل، نقلته من المركب
الإسنادي فجعلته علنًا، تأبط شرًا، هذا علم لرجل اسمه تأبط شرًا، تأبط
في الأصل قبل جعله علمًا على مسماه كان جملة فعلية، تَأَبَّطَ فعل ماضي
والفعل مستتر وشَرًّا هذا مفعول به، جعلته علمًا لشخص سميت ابنك تأبط
شرًا فقلت: جاء تأبط شرًا، رأيت تأبط شرًا، مررت بتأبط شرًا، إن تأبط
شرًا قائم. فتعامل الجملة بعد نقلها من المركب الإسنادي إلى
الْعَلَمِيَّة تعامل معاملة المفرد، فتقول: جاء تأبط شرًا، جاء فعل
ماضي، تأبط شرًا هذا فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره، كما تقول:
جاء زيد. جاء تأبط شرًا فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من
ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، مررت بتأبط شرًا كما تقول: مررت
بالفتى، مررت بزيد. إذًا تعامل أو يعامل المركب الإسنادي المسمى به
معاملة المفرد.
هذا خرج بقوله: (المفيد). أخرجناه، لماذا؟ لأنه لا تتم به الفائدة
التامة، هو كزيد لأنه مفرد في حكم المفرد، كما أخرجنا بالمفيد زيد
والدار والبيت والمسجد، كذلك أخرجنا المركب الإسنادي إذا سمي به.
المركب الإسنادي. النوع الثاني: المقصود لغيره، المقصود لغيره يعني
عندنا جملة اسمية أو جملة فعلية، الأصل في أن تقول: قَامَ زَيْد. قام
فعل ماضي، زيد فاعل، الأصل في هذه الجملة أن تدل على ثبوت القيام لزيد،
هذا هو مقصودها، المقصود الأصلي، زيد قائم ثبوت القيام لزيد.
إذًا مدلول الجملة مقصود لذاته، قَامَ زَيْد، زَيْدٌ قَائِم، قد يؤتى
بهذه الجملة الفعلية مكملة لغيرها، فتقول: زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ،
زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ. زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ جملة قَامَ أَبُوهُ من
قولك: زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ. هل هي مقصودة لذاتها أم جيء بها لكونها
مكملة لغيرها؟
مكملة لغيرها، إذًا ليست مقصودة بذاتها. فالمركب الإسنادي الجملة
المركبة من مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل أو نائبه إذا ذكرت في الكلام خبرًا
متتمًا للمبتدأ فنقول: لا تسمى كلامًا فأخرجناها بقولنا: (المفيد).
لأنها لا تفيد فائدة تامة، ولك أن تحصر الموضوع فتقول: المركب الإسنادي
المقصود لغيره محصور في سبعة جمل ولا يزيد عليه. والحصر هذا يفيد جملة
الخبر، جملة الصفة، جملة الحال، جملة الصلة، جملة الشرط، جملة الجواب،
جملة القسم. هذه كم؟ سبعة.
جملة الخبر كما مثلنا، جملة اسمية أو جملة فعلية، تقول: زَيْدٌ قَامَ
أَبُوهُ. زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ هذه جملة كبرى كما سيأتي، مقصودة
لذاتها، مركب إسنادي من مبتدأ وخبر قصد لذاته يعني: أريد بهذه الجملة
الدلالة بمعناها ذاتًا دون أن تكون متتمة لغيرها، أما قولك: قَامَ
أَبُوهُ. من نفس التركيب الذي هو الخبر نقول: هذا لم يقصد لذاته، وإنما
قصد به أن يكون مكملاً ومتممًا للمبتدأ، هذا جملة الخبر.
جملة الصفة تقول: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ
أَبُوهُ قَائِمٌ. مَرَرْتُ بِرَجُلٍ فعل، مَرَرْتُ فعل وفاعل، بِرَجُلٍ
جار ومجرور، أَبُوهُ قَائِمٌ الجملة في محل جر صفة لرجل، أَبُوهُ
قَائِمٌ مركب إسنادي مبتدأ وخبر، هل قصد لذاته أم جيء به متممًا لغيره؟
نقول: جيء به متممًا لغيره ولم يقصد به الدلالة على معناه الذاتي.
جملة الحال. جَاءَ زَيْدٌ يَضْحَك، يَضْحَكُ هذه جملة، فعل وفاعل،
تقول: في هذا التركيب جملة يَضْحَكُ من قولك: جَاءَ زَيْدٌ يَضْحَك.
مقصود بها ماذا؟
تقييد الحال، وصف الحال، لأن الحال قُيْدٌ لعاملها ووصف لصاحبها،
المراد بهذه الجملة تقول: قيدًا للعامل ووصفًا لصحابها، إذًا هل هي
مقصودة بالذات؟
نقول: لا، ليست مقصودة بالذات.
جَاءَ الَّذِي أَبُوهُ قَائِمٌ. أَبُوهُ قَائِمٌ هذه صلة موصولة لا محل
لها من الإعراب، جيء بها لكونها متممة للموصول لأن الموصول مبهم ويفسر
ويوضح ويبين بالصلة.
كذلك جملة الشرط إِنْ قَامَ زَيْدٌ قَمْتُ، إِنْ قَامَ زَيْدٌ لو قيل
هكذا: قَامَ زَيْدٌ. تقول: هذه جملة أصلية وهي مركبة إسنادي قصد لذاته،
لكن لَمَّا وردت هذه الجملة وهي مركب إسنادي في موضع جملة الشرط صار
المقصود بها غيرها لا ذاتها.
قُمْتُ من قولك: إِنْ قَامَ زَيْدٌ قُمْتٌ. هذه جملة الجواب، تقول: هذه
قُصِدَ بها غيرها ولم تقصد لذاتها.
جملة القسم أَحْلِفُ بِاللهِ لَزَيْدٌ قَائِم، أَحْلِفُ بِاللهِ هذه
الجملة من فعل وفاعل المقصود بها تأكيد ما بعدها، لو قال: أَحْلِفُ
بِاللهِ. انتهى ما تم الكلام. إذًا المركب الإسنادي غير المستقل الذي
قصد به تتميم غيره هو المحصور في هذه السبعة أن يكون جملة الخبر أن تقع
الجملة خبرًا، أو صفةً، أو صلةً، أو حالاً، أو جملة الشرط، أو جملة
الجواب، أو جملة القسم.
إذًا هذا هو النوع الثاني من المركبات.
النوع الثالث: ما ليس هذا ولا ذاك، ما ليس مسمًى به وما قصد لغيره لم
يقصد لغيره وإنما قصد لذاته.
قوله: (المفيد). أخرج قلنا: بعض المركب الإسنادي، وهو المركب الإسنادي
المسمى به، والمركب الإسنادي المقصود لغيره.
إذًا نقول: حَدُّ الكلام هو اللفظ المركب.
لم يقل [اللفظ المفيد $ هل سبق] لم يقل المركب لماذا؟ لكون المفيد في
بهذا المعنى السابق كون المراد به الفائدة التامة يستلزم التركيب، لأنه
لا يكون مفيدًا فائدة تامة إلا إذا وجد مركبًا من مسند ومسند إليه،
ولكن كثير من أصحاب الحدود يرون أن دلالة الالتزام مأجورة التعاريف،
لأن المقصود بالتعريف هو الكشف والإيضاح والبيان، لأنه جيء به لبيان
الحقيقة، لذلك يسمى بالقول الشارح يعني الذي يشرح الماهية وحقيقة
الشيء، فلا بد [أن يكون] (1) أن يؤتى به بجنس وفصول أو فصلٍ موضحًا
كاشفًا لا يُحيل على غير المذكور، لأن الحدود في الأصل إنما تكون لمن
يجهل لا لمن يعلم، فالعالم لا يقال له: الكلام هو اللفظ المركب المفيد
بالوضع. إنما يسأل الطالب وهو يجهل يقول: ما حقيقة الكلام؟ يقال له:
اللفظ المركب المفيد بالوضع. أما إذا قيل: اللفظ المفيد وهو جاهل فنقول
له: دلالة المفيد تدل التزامًا على المركب، هذا فيه طرد أو إحالة على
مجهول، وأيضًا المفيد على الصحيح يشمل المفيد فائدة جديدة والمفيد
فائدةً قديمة، يعني: لا يشترط في الكلام على الصحيح أن يكون مشتملاً
على فائدة جديدة، فيشمل أيضًا السَّمَاءُ فَوْقَنَا، ابن مالك رحمه
الله اشترط تجدد الفائدة قال: لا بد من أن يكون الكلام كلامًا
اصطلاحيًّا أن يكون مشتملاً على فائدة جديدة يجهلها المخاطب، فإن خاطبت
غيرك بكلام يعلمه لا يسمى كلامًا في اصطلاح بعض النحاة، لماذا؟ لأنهم
يشترطون في المفيد أن يكون فائدة جديدة يجهلها المخاطب، لكن الصحيح أنه
يشمل ذاك وذاك، لذلك أبو حيان رد هذا الكلام، قال: يلزم عليه أن يكون
المتكلم الواحد يتكلم بكلام هو لبعضهم كلام اصطلاحي ولبعضٍ الآخر ليس
بكلام. لذلك هذا الكلام الذي أذكره ملخص من شرح ((الملحة)) لبعضهم قد
يكون جديد ولبعضهم قديم، فيكون نفس الكلام ونفس شرح المتكلم باعتبار من
سمع الكلام السابق ... [يسمى] (2) لا يسمى كلامًا في اصطلاح النحاة،
وباعتبار الإخوة الجدد فهذا يسمى كلامًا اصطلاحيًّا، وهذا تناقض كيف
يسمى الشيء الواحد والمتكلم الواحد في زمن واحد واللفظ الواحد يسمى
كلامًا وليس بكلام، لذلك ردَّه أبو حيان وتقول: الصواب أن المفيد يشمل
المفيد فائدة جديدة أو المفيد فائدة يعلمها المخاطب، كـ النَّارُ
مُحْرِقَة، تقول: هذا كلام على صحيح، والسَّمَاءُ فَوْقَنَا، هذا أيضًا
كلام على الصحيح، وَالأَرْضُ تَحْتَنَا، هذا كلام على الصحيح.
(أو جملة) انتقل الناظم إلى بيان حقيقة الجملة، الجُملة عندهم كما سبق
فُعْلَة بضم الجيم وهي جماعة الشيء في اللغة.
وفي الاصطلاح: المركب الإسنادي اللفظ المركب الإسنادي أفاد أم لا، إذا
فهمت المركب الإسنادي في حدَّ الكلام تفهم الجملة، قلنا: المركب
الإسنادي يشمل ثلاثة أنواع:
المسمى به.
المقصود لغيره.
المقصود لذاته.
__________
(1) سبق.
(2) سبق.
المسمّى به هذا حكمه حكم المفردات، يعني:
يُسمى مركبًا إسناديًّا باعتبار الأصل، الآن لا يُسمى مركب إسنادي تأبط
شرًا ليس مركبًا إسناديًّا إذا قلت: جَاءَ تَأَبَّطَ شَرًّا. وإنما
باعتبار الأصل، إذًا خرج، ليس هذا المقصود، ليس هذا داخلاً معنا، ماذا
بقي؟
بقي نوعان:
المركب الإسنادي غير المستقل. يعني: الذي قصد لغيره، والمركب الإسنادي
المقصود لذاته، النوعان يسميان جملة.
النوعان المركب الإسنادي المقصود لغيره، والمركب الإسنادي المقصود
لذاته في اصطلاح بعض النحاة أو الجماهير أنه يسمى جملةً، أما الكلام
فهو خاصٌ باللفظ المفيد المركب الإسنادي المقصود لذاته، وعليه أيهما
أعم؟
الجملة أعم، لماذا؟
لأن الإسنادي المفيد [لا يُسمَّى إلا] (1) أو يسمى كلامًا ويسمى جملةً،
أما المركب الإسنادي غير المفيد فهذا يسمى جملةً فقط ولا يسمى كلامًا.
إذًا بينهما العموم والخصوص المطلق
فِي عِلْمَيِ الْبَيَانِ وَالمَعَانِي ... أَرْجُوزَةً لَطِيفَةَ
المَعَانِي
كل كلامٍ جملة لا تنعكس ** وجملة قسمان ليس تلتبس
لفظ مفيد بالكلام يدعى
[وجملةٌ تدعى بالكلام]
وجملةٌ فهي أعم قطعًا
كل كلام جملة لا تنعكس.## 50.51
إذًا: بينهما العلاقة بين الكلام والجملة العموم والخصوص المطلق،
يجتمعان في مادة وينفرد أحدهما بمادة، يعني: عندنا مثال يصدق عليه أنه
كلام وجملةً معًا، قام زيدٌ تقول: هذا مركبٌ إسنادي قصد لذاته، قام
زيدٌ، هو كلام وهو جملةٌ أيضًا، لماذا هو كلام؟ لأنه مركبٌ إسنادي
مفيدٌ فائدةً تامة، لماذا هو جملة؟ لأنه مركب إسنادي، بقطع النظر عن
الإفادة، لوجود الفائدة في قام زيد الفائدة التامة، ولوجود الإسناد
التركيب الإسنادي سمي قام زيد كلامًا وسمي جملة.
إِنْ قَامَ زَيدٌ قُمْتُ. قُمْتُ من قولك إن قام زيدٌ قُمْتُ هل هي
كلام؟
ليست بكلام، لماذا؟
لأنه وإن كان مركبًا إسناديًا إلا أنه لم يفد فائدةً تامة بحيث يحصل
سكوت المتكلم عليها، إذًا انتفى الكلام بانتفاء الفائدة التامة؛ لأن
شرط الكلام أن يكون مفيدًا فائدةً تامة، قُمْتُ من قولك: إن قام زيد
قُمْتُ ليس مفيدًا فائدةً تامة وإن كان مركبًا إسناديًا، ويسمى جملة،
لماذا؟ لوجود التركيب الإسنادي.
إذًا انفرد مثال يصدق عليه أنه جملة ولا يصدق عليه أنه كلام، هل يوجد
مثال يصدق عليه أنه كلام وليس بجملة؟ لا، لِمَ؟
__________
(1) سبق.
لأن الجملة أعم والكلام أخص، الأخص لا بد
أن يكون داخلاً تحت الأعم، فينفرد الأعم بمثالٍ لا يصدق عليه الأخص،
أما أن ينفرد الأخص بمثالٍ لا يصدق عليه الأعم فهذا مش ممكن، كذلك
[العام يستلزم] (1) الخاص يستلزم العام ولا عكس، الخاص يستلزم العام من
غير عكس، (ك: العلم خير ما استفيد) هذا مثل بمثالٍ واحد يجتمع فيه أنه
كلام وأنه جملة ... (ك: العلم خير) (العلم) مبتدأ و (خير) خبر، (ما
استفيد) الذي استفيد يعني (جملة) في محل جر مضاف إليه، (العلم خير ما
استفيد)، (العلم) مبتدأ و (خير) خبر، إذًا وجد التركيب الإسنادي وأفاد
فائدةً تامة لوجود الفائدة التامة سُمِّيَ كلام، ولوجود التركيب
الإسنادي سمي جملة إذًا اجتمعا في قولك (العلم خير ما استفيد) وانفرد
الجملة أو انفردت الجملة بنحو قُمْتُ من قولك: إِنْ قَامَ زَيْدٌ
قٌمْتُ، (لكنها) لما سوى بينهما (لكنها أعم معنى منه)، الفرق بين
الكلام والجملة هذا على قول الجماهير أما بعضهم قد سوى بينهما جعل
الجملة بمعنى الكلام، والكلام بمعنى الجملة كالزمخشري في ((مفصله))،
قال: وإن سمَّى جملة. وإن كان عبارات ليست بصريحة عَرَّفَ الكلام قال:
وإن سمَّى جملة. فهم الشراح وغيرهم أنه يسوي بين الجملة والكلام، وإن
كان ليس نصًا في ذلك، (لكنها) هذا استدراك، استدراك من أي شيء؟ لما
قال: (فسم بالكلام لفظك المفيد أو جملة). قد يفهم منه استواء أو
الترادف بين الكلام والجملة، قال: (لكنها). هذا استدراك، والاستدراك:
تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه، وهنا يتوهم ثبوت استواء
الجملة والكلام، إذًا نحتاج إلى استدراك. قال: (لكنها أعمّ معنى منه)،
(أعم)، وعام، يقال: أعمّ وعامّ. ويقال: أخصّ وخاصّ، اللفظ يوصف بكونه
عامّ، والمعنى يوصف بكونه أعمّ.
يقال للمعنى أخص وأعم ... والخاص والعام به اللفظ اتسم
# 55.33
يقال للمعنى أخص وأعم، يقال للمعنى أخص من كذا، وأعم من كذا.
والخاص والعام به اللفظ اتسم.
إذًا: يوصف اللفظ بكون عامًا ولا يقال أعمّ، ويوصف المعنى بكونه أعم
ولا يقال عام، هذا على قول من يرى العموم المعنوي وهو الصحيح، أن العام
قد يكون من جهة اللفظ وقد يكون من جهة المعنى، (لكنها أعم معنى)
والمعنى ما يؤخذ من اللفظ (أعم معنى منه) أعم منه معنًى، (منه) جار
مجرور متعلق بقوله: (أعم). لماذا؟ قال: (إذ). هذه للتعليل، لِمَ؟ ما
وجه كون الجملة أعم من الكلام؟ قال: (إذ شرطه). يعني: شرط الكلام -
والشرط: ما يلزم من وجوده الوجود، ولا يلزم من عدمه العدم - هنا يلزم
من وجود الفائدة وجود الكلام - الفائدة التامة -، ويلزم من عدمه العدم
ولا يلزم من وجوده وجودٌ لذاته ولا عدم. إذًا نقول: ما يلزم من عدمه
العدم، ما يلزم من عدم الفائدة التامة عدم الكلام، واضح؟ ما يلزم من
عدم وجود الفائدة التامة عدم الكلام. (إذ شرطه) يعني: شرط الكلام (حسن
السكوت عنه) وهو الفائدة التامة، يعني: يحصل السكوت، والسكوت هو: ترك
الكلام مع القدرة عليه، السكوت ترك الكلام مع القدرة عليه، فإن ترك
الكلام لا مع القدرة يسمى أخرس.
__________
(1) سبق.
(حسن السكوت عنه) يعني: أن يحسن من المتكلم
أو من المتكلم والسامع السكوت عنه، (عنه) يعني: لا يزاد عليه على
المسند والمسند إليه، بحيث أن المتكلم إذا أتى بالمسند والمسند إليه
ولو بقي شيءٌ من الفضلات تقول: حسن سكوت المتكلم عليه. ولذلك قيده هنا
بحيث لا ينتظر السامع انتظارًا تامًا، لأن هناك انتظار، نعم، وهو
الفضلات، تقول: ضربْتُ وجد المسند والمسند إليه، ضَرَبْتُ حصل الكلام،
وجدت الفائدة التامة؟ تقول: وجدت الفائدة التامة. لماذا؟ لأن ضابط
الفائدة التامة أن يؤتى بالمسند والمسند إليه، بالمبتدأ والخبر، ثم إذا
ترك بعض المتعلقات نقول: هذا لا يضر، لماذا؟ لكون أصل الكلام قد فُهِمَ
بإيجاد المسند والمسند إليه، إذا قيل: ضَرَبْتُ زيدًا، هذا حصرت
الفائدة التامة بذكر المفعول به، لو قال: ضربت ولم يذكر المفعول به؟ لم
تحصل الفائدة التامة؟ لا، نقول: حصلت الفائدة التامة، لأن المصطلح عليه
عندهم أن الفائدة التامة تقع وتوجد في وجود المسند والمسند إليه، وهنا
ضربْتُ مسند ومسند إليه، فيكون الفائدة من هذا إخبارك بوقوع الضرب منك
في الزمن الماضي. إذًا حصلت الفائدة التامة، أمَّا كون هذا الضرب قد
وقع على زيد أو على عمرو، هذا لا يضر عدم علمه في مفعول الفائدة
التامة، عدم علم متعلق العامل لا يضر في حصول الفائدة التامة، بل متى
ما وجد المسند والمسند إليه، نقول: وجدت الفائدة التامة، ومتى ما انتفى
أحدهما نقول: انتفت الفائدة التامة، ولو جدا معًا وانتفى الفضلات أو
المتعلقات نقول: وجدت الفائدة التامة ولو لم يذكر المفعول به ولا الحال
ولا التمييز، بعضهم يقيد إن ضرّ حذف الفضلات انتفت الفائدة التامة،
وهذا مذهب للصبان ذكره في شرحه على الأشموني، يقول: إذا انتفت الفائدة
أو إذا ضرَّ حذف الفضلة ضرَّت الفائدة التامة، مَثَّلَ لذلك بالمقصود،
لو قيل: ما ضربت إلا زيدًا. ما المقصود هنا؟ نفي الضرب عن كل أحدٍ إلا
على زيد، يقول: في مثل هذا التركيب لا يصح حذف الفضلة وعليه يكون جزءًا
من الكلام، كذلك الحال قد لا يجوز حذفه {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ
مَرَحاً} [الإسراء: 37] {مَرَحاً} هذه لا يجوز حذفها، لأنك لو حذفتها
أضر بأصل الكلام بأصل الفائدة، {وَلاَ تَمْشِ} صار نهيًا مطلقًا، ولو
ذكرت الحال لصار نهيًا مقيد لأن الحال تقيد العام، {وَلاَ تَمْشِ فِي
الأَرْضِ مَرَحاً} عليه على هذا الكلام مذهب الصبان أن الفضلات إذا
ضرَّ حذفها في فهم الكلام كانت جزءًا من الكلام، وكانت جزءًا في حصول
الفائدة التامة، وإلا فلا، ولكن أكثر أهل النحو علماء النحو أنهم
يعممون مطلقًا في الفضلات وهذا مذهبٌ للصبان رحمه الله.
إذًا:
فسم بالكلام لفظك المفيد ... أو جملة ك: العلم خير ما استفيد
لكنها أعم)، (لكنها) يعني: الجملة (أعم معنى منه) لماذا؟ لكونها تشتمل
على شيئين:
المركب الإسنادي لكونها تتضمن شيئين يعني: مفردين مثالين تصدق على ما
يصدق عليه كلام، وتنفرد على ما لا يصدق عليه الكلام، يتحدان ويفترقان،
يتحدان وتفترق الجملة دون الكلام. (إذ شرطه حسن السكوت عنه) يعني: شرط
الكلام أن يحصل السكوت عليه من المتكلم، أو من السامع، أو منهما.
والظاهر أنه منهما.
إن بدئت بالاسم فهي اسميه ... أو بدئت
بالفعل قل فعليه
أقف؟
أقف؟
.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وسلم.
|