شرح نظم قواعد الإعراب

عناصر الدرس
* أقسام الجملة باعتبار التسمية وضابطها.
* أنواع الجملة الاسمية.
* أقسام الجملة باعتبار الوقع (صغرى، وكبرى).

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى:
الباب الأول: في الجملة وأحكامها وفيه أربع مسائل:
(المسألة الأول: في شرحها
فسم بالكلام لفظك المفيد ... أو جملة ك: العلم خير ما استفيد
لكنها أعم معنى منهُ ... إذ شرطه حسن السكوت عنه
إن بدئت بالاسم فهي اسميه ... أو بدئت بالفعل قل فعليه
إن قيل ذا أبوه شأنه الندا ... فكلها غير الأخير مبتدا
بل خبر عن ثالث كما هما ... عن وسط والكل عما قُدِّمَا
فجملة الأول سم كبرى ... وجملة الثالث سم صغرى
وذات حشو باعتبار ما ولي ... كبرى وصغرى باعتبار الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فلا زال الحديث في الباب الأول الذي عقده الناظم رحمه الله تعالى في بيان الجملة حقيقتها وشرحها وأحكامها، وذكر أن في هذا الباب أربع مسائل، المسألة الأولى في شرحها، وضمن البيتين الأولَيْنِ حدّ الكلام والجملة، فقال رحمه الله: (فسم بالكلام لفظك المفيد أو جملة) يعني: يريد أن يقدم لك مقدمة وهي أن الكلام والجملة ومحلان للإعراب، ومعرفة المحل مقدمةٌ على معرفة الحال، لذلك ناسب أن يذكر الكلام والجملة وإن كان الأصل في التركيب أن الإعراب يترتب على الجملة، وذكر الكلام من باب الاستطراد لبيان العلاقة بينهما، فقال: (فسم بالكلام لفظك المفيد) أخذنا من هذا أن حدّ الكلام هو اللفظ المفيد ويسمّى جملة، إذا قال: (أو جملة) فسم لفظك المفيد. أي: ملفوظك المفيد سمه بالكلام (أو جملة) هذه (أو) للتنويع والتخفيف، يعني: كما يسمى اللفظ المفيد كما يسمى كلامًا. كذلك: يسمى جملة. ثم بين أو ذكر لك مثالاً يشمل أو يَصْدُق عليه أنه كلام وأنه جملة، فقال: (ك: العلم خير ما استفيد)، (ك: العلم) الكاف هذه تمثيلية ومثلها محذوف عند قولك: (العلم خير ما استفيد) العلم مبتدأ، و (خير ما استفيد) هذا خبر، وهو كلام لأنه لفظ مفيد، وهو جملةٌ أيضًا لأنه لفظٌ مفيد.
لكنها أعم معنًى منه ... إذ شرطه حسن السكوت عنه

القدر المشترك بين الكلام والجملة هو التركيب الإسنادي.
قلنا: المركب الإسنادي إما أن يكون مفيدًا أو لا، وهذا هو ضابط الجملة، إذ قيل: حدّ الجملة أو حدّ الكلام هو: اللفظ المفيد، فما حدّ الجملة؟ نقول: اللفظ المركب الإسنادي أفاد أم لا، وذكر كاف هنا لحدّ الجملة كقوله: القول المركب كما نقله عن السيوطي في همع الهوامع: القول المركب. وهذا أخصر من قولنا: اللفظ المركب الإسنادي أفاد أم لا. لِمَ؟


لأن القول - كما سبق - أنه لفظٌ دالٌ على معنى، هو اللفظ الدال على معنى، هذا هو حقيقة القول، يشمل المفرد والمركب، فقلنا: المركب الذي يصدق عليه أنه قول قد يكون مفيدًا وقد لا يكون. احتجنا إلى إخراج إفراد المفرد وقلنا: القول المركب، المركب هذا قيد يُخْرِجُ المفرد، لأن المفرد قول وليس بمركب، والجملة مركبٌ وليست بمفرد، إذا نحتاج إلى إخراج المفرد، فقال: القول المركب. المركب هذا جنس أو عام يشمل المركب المفيد ويشمل المركب غير المفيد. إذًا: القول المركب هذا أخصر من قولنا: اللفظ المركب الإسنادي أفاد أم لا.
إذًا نقول: المركب الإسنادي قد يكون مفيدًا وقد يكون غير مفيد.
غير المفيد هذا يسمى جملةً فقط ولا يسمى كلامًا، والقول المفيد يسمى كلامًا ويسمى جملةً.
لذا قال: (لكنها أعم معنى منه)، (لكنها) أي: الجملة (أعم معنى منه) يعني: من الكلام. لِمَ؟ (إذ شرطه حسن السكوت عنه)، (عنه) بمعنى عليه، (عنه) عن بمعنى على، يعني عن تأتي في اللغة للاستعلاء: ... {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} [محمد: 38]. يعني: على نفسه. (إذ شرطه) لما كانت الجملة أعم من الكلام (إذ شرطه) شرط الكلام حكم السكوت عنه عليه، لأنه يُشْتَرَط في الكلام الفائدة، ولا يشترط في الجملة الفائدة.
يُشترط في الكلام أن يكون مفيدًا، والمراد بالفائدة هنا الفائدة التامة، إذا أطلقت عند النحاة الفائدة فيعنون بها الفائدة التامة لا الفائدة الناقصة. الفائدة الناقصة هذه أخص من الفائدة التامة، لِمَ؟
لأنها توجد في المفرد وتوجد في المركب الناقص، إن قلت: زيد. هذا أفاد لكنها فائدة ناقصة فائدة إفرادية، فائدة جزئية، إن قام زيد وسَكَتَّ هذا أفاد، لكنها ليست فائدة مفيدة ليست فائدة تامة، لِمَ؟
لأن: إن قام زيد. هنا استفدت أن الحكم معلق على شخص اسمه زيد، وأن الحدث الذي عُلِّقَ على هذا الشخص هو القيام، إذًا هناك فائدة، وأن هذا القيام لم يقم بعد، لم يقع بعد، لأنه عُلِّقَ بأداة شرط المستقبل، إن قام زيد، إذًا لم يقم الآن، والحدث هو القيام وزيد هو الفاعل، إذًا استفدنا ثلاثة أمور. (إذ شرطه حسن السكوت عنه) يُشترط في الكلام الفائدة التامة، والشرط هنا ذكرنا في الدرس الماضي أنه بمعنى الشرط الاصطلاحي، والظاهر والله أعلم أنه بمعنى السبب. لِمَ؟
لأن السبب هنا أو السبب عمومًا ما يلزم منه وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم، هذا هو السبب، وهنا لو نظرنا إلى الفائدة التامة كلما وجدت الفائدة التامة وجد الكلام، وكلما انتفت الفائدة التامة انتفى الكلام.


إذًا: يكون بمعنى: السبب أقرب من أن نجعله معنى الشرط، الشرط ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم لذاته. فإذا قلنا: الفائدة التامة شرطًا يلزم من عدمها عدم الكلام، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم، إذًا لا يلزم من وجود الفائدة التامة وجود الكلام، وهذا منتفي ليس بصواب، إنما نقول: إن الشرط لعله عممه وأراد به معنى السبب، لأنه كلما وجدت الفائدة التامة وجد الكلام الاصطلاحي عند النحاة، وكلما انتفت الفائدة التامة انتفى الكلام الاصطلاحي عند النحاة. وقلنا: السكوت هنا بمعنى ترك الكلام مع القدرة عليه، بحيث لا ينتظر السامع لشيءٍ آخر انتظارًا تامًا، انتظارًا تامًا احترازًا من الفضلات، لأن السامع لو انتظر الفضلات نقول: قد وقعت الفائدة التامة بوجود المسند والمسند إليه، وإذا سمى الكلام التركيب الإسنادي بوجود المسند والمسند إليه نقول: حصلت الفائدة التامة ولو بقي السامع منتظرًا لشيءٍ آخر وهو المفعول به مثلاً ونحوه. نقول: حصلت الفائدة التامة.
إن بدئت بالاسم فهي اسميه ... أو بدئت بالفعل قل فعليه

الجملة عند النحاة تنقسم باعتبار التسمية - عند جمهورهم - باعتبار التسمية إلى جملةٍ اسمية وجملةٍ فعلية، تنقسم إلى جملةٍ اسمية وإلى جملةٍ فعلية.
(إن بدئت بالاسم فهي اسميه)، (إن بدئت) يعني: الجملة الضمير هنا يعود على الجملة وهي نائب فاعل، الضمير نائب فاعل، (إن بدئت) يعني: افتتحت (بالاسم فهي اسميه). إذًا: الجملة الاسمية هي التي صُدِّرَتْ باسمٍ سواءٌ كان اسمًا صريحًا: زيدٌ قائمٌ. زيدٌ هذا اسمٌ وهو اسمٌ صريح يعني: لا يحتاج إلى جعله مبتدأ إلى تأويل، أو كانت اسمًا مؤولاً بالصريح، نحو: ... {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 184]، {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} نقول: هذه الجملة اسمية، مع أنها بدأت بـ (أن) المصدرية ومدخولها. نقول: هذا الفعل في تأويل مصدر، والمصدر لا يكون إلا اسمًا. إذًا: هذه الجملة اسمية، وإن بدئت باللفظ بالفعل في اللفظ إلا أنه في الحقيقة مرجعه إلى المصدر، والمصدر لا يكون إلا اسمًا.
أو كانت الجملة مفتتحة بوسط رافعٍ لفاعل سد مسد الخبر: أقائمٌ الزيدان.
أقائمٌ هنا: مبتدأ، والزيدان فاعل سد مسد الخبر.
هل هي جملةٌ اسمية؟ نقول: نعم هي جملةٌ اسمية، لأن قائم ليس اسمًا صريحًا، وليس مؤولاً بالصريح، بل هو مؤولٌ بالفعل لأن قولك: أقائمٌ الزيدان في قوة قولك: أيقوم الزيدان. بل هو مؤول بالفعل وليس مؤولاً بالاسم. إذًا نقول: هذه جملةٌ اسمية وإن بدئت بوسطٍ رافع لمختتم به عن الخبر، كذلك إن بُدِئَتْ باسم الفعل: هيهات العقيق. هيهات ليس اسمًا صريحًا، وليس مؤولاً بالصريح، ولا وسط، وإنما هو اسمُ فعلٍ ماضي هنا في هذا التركيب [لا محل] (1) مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب. إذًا قوله: (إن بدئت بالاسم) هذا يشمل أربعة أنواع، سواءٌ كان الاسم صريحًا - يعني: لا يحتاج إلى جعله مبتداً إلى تأويل، أو ك: زيدٌ قائمٌ، أو كان مؤولاً بالصريح نحو: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ}، لو سئلت {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} هل هي جملةٌ اسمية أم جملةٌ فعلية؟ نقول: جملةٌ اسمية.
__________
(1) سبق.


كيف جملة اسمية وهي في اللفظ فعل؟ نقول: هذا الفعل في تأويل مصدر، والمصدر لا يكون إلا اسمًا، فهو مبتدأ {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} لصيامكم لصومكم خيرٌ لكم.
كذلك الثالث: أن يكون الاسم أو الجملة الاسمية مفتتحة بوسطٍ رافعٍ لمختتم به عن الخبر، أقائمٌ الزيدان، لم جعلنا هذا قسمًا مستقلاً ليس داخلاً في الأول، ولا في الثاني؟ نقول: لأن قائم هذا في معنى فعل، فليس اسمًا صريحًا ك: زيد، وليس مؤولاً بالصريح لأن المؤول بالصريح أن تدخل أداة التأويل أن أو ما ونحوها {وَأَن تَصُومُواْ} هذا ليس اسمًا صريحًا وليس وسطًا، إنما هو مؤول بالصريح. إذًا وسطًا نقول: أقائمٌ الزيدان. لما جعلناه قسمًا مستقلاً أو نوعًا مستقلاً؟
نقول: لأن أقائمٌ الزيدان، قائم هذا ليس اسمًا صريحًا ك: زيد، وليس مؤولاً بالصريح كقوله: {وَأَن تَصُومُواْ}، وإنما هو مؤولٌ بالفعل لذلك لم يعمل إلا لكونه ضمن معنى الفعل: أقائمٌ الزيدان في قوة قولك: أيقوم الزيدان. لذلك رفع فاعلاً وهذا الفاعل أغنى عن الخبر. لِمَ استغنى به عن الخبر؟ لأنه في قوة الفعل، والفعل يطلب فاعلاً ولا يطلب خبرًا.
الرابع من أنواع الجملة الاسمية: أن يقع المبتدأ أو الاسم المفتتح به اسم فعلٍ نحو قولك: هيهاتَ العقيق. هيهات هذا ليس اسمًا صريحًا وليس مؤولاً بالصريح وليس وسطًا وإنما هو اسم فعل ماضي والعقيق هذا فاعل.
إذًا قوله: (إن بدئت بالاسم) هذا يشمل أربعة أسماء، إن وجد واحدٌ منها (فهي اسميه) يعني فالجملة اسمية. اسمها: اسمية نسبةً إلى نوع المبتدأ، والمبتدأ لا يكون إلا اسمًا.
إذا دخل على الاسم المفتتح به حرفٌ نقول: بقي على أصله. يعني إذا قلنا: هل إذا دخل على الجملة الاسمية حرفٌ ما هل يخرجها عن كونها اسمية؟
نقول: لا مطلقًا، سواءٌ كان الحرف الداخلُ على الاسم مغيرًا للمعنى والإعراب، أو مغيرًا للإعراب دون المعنى، أو للمعنى دون الإعراب، أو لم يغير واحدًا منهما.
الحرف الذي يدخل على الجملة الاسمية قد يغير الإعراب دون المعنى. مثاله: إن وأخواتها.
زيدٌ قائمٌ. هذه جملةٌ اسمية، لِمَ؟ لكونها مفتتحة باسم صريح: زيدٌ قائمٌ، زيدٌ: مبتدأ، وقائمٌ: خبر. إذا دخل عليها إن، إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، هل خرجت بدخول إن على كونها اسمية؟ نقول: لا، بل هي باقية على الأصل وأنها جملة اسمية، وهي مفتتحة بالاسم، هذا الحرف ماذا صنع في الجملة الاسمية؟
غير الإعراب، لأن المبتدأ مرفوعًا وتارة منصوبًا، والخبر كان مرفوعًا بالمبتدأ وصار مرفوعًا بـ إن، إذًا تغير الإعراب هل تغير المعنى؟


لم يتغير المعنى، والمراد بالمعنى أصل المعنى، هي أفادت التأكيد زَيْدٌ قَائِمٌ، إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، زَيْدٌ قَائِمٌ أفاد ثبوت القيام لزيد، إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ أفاد ثبوت القيام لزيد، إذًا المعنى الأصلي موجود قبل إِنَّ وموجود بعد إِنَّ، ولكن دخول إِنَّ أكد المعنى فقط، والتأكيد هذا فرع وليس بأصل، لأنه يعتبر من الفضلات، إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ في قمة قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ زَيْدٌ قَائِمٌ. الحرف المؤكد في قوة تكرار الجملة مرتين أو ثلاثة، على النزاع. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] في قوة قوله: ليس مثله شيء ليس مثله شيء. لأن الكاف هنا صلة زائدة، وهو في قوة تكرار الجملة مرتين، لكن المعنى الأصلي ثابت، إذًا إِنَّ دخلت على الجملة الاسمية وغيرت الإعراب، وبقي المعنى على أصله، هل يدخل الحرف على الجملة الاسمية ويغير المعنى دون الإعراب؟ مثل هل، هَل حرف استفهام، والاستفهام من قسم الإنشاء وليس من قسم الخبر، فإذا قلت: زَيْدٌ قَائِمٌ. هذه الجملة خبرية محتملة للصدق والكذب، زَيْدٌ قَائِمٌ يحتمل أنه مطابق للواقع ثبت قيام زيد، ويحتمل أنه غير مطابق للواقع فيثبت أنها كذب، فهي جملة اسمية مفتتحة باسم، لو قيل: هَلْ زَيْدٌ قَائِمٌ. تقول: هل حرف دخل على الجملة الاسمية، هل غير الإعراب؟ زَيْدٌ قَائِمٌ مبتدأ وخبر، مبتدأ وخبر قبل دخول هل، وبعد دخول هل، لكن المعنى تغير، كانت الجملة خبرية فصارت إنشائية، هَلْ زَيْدٌ ... قَائِمٌ؟ نَعَم زَيْدٌ قَائِمٌ، لا زَيْدٌ لَيْسَ بقَائِمٍ. إذًا صارت إنشائية، تغير المعنى دون الإعراب، قد يدخل الحرف ويغير المعنى والإعراب معًا وتبقى الجملة اسمية على أصلها، ما النافية عند الحجازيين تدخل على الجملة الاسمية وتعمل عمل زيد، تقول: زَيْدٌ قَائِمٌ، مبتدأ وخبر، لو دخلت عليها ما الحجازية التي تعمل عمل ليس، ترفع الاسم المبتدأ على أنه اسم لها وتنصب الخبر على أنه خبر لها.
وما التي تنفي كليس الناصبة ... كقول سكان الحجاز قاطبةً

زَيْدٌ قَائِمٌ أدخل عليها ما النافية، تقول: مَا زَيْدٌ قَائِمًا. هل تغير الإعراب؟


تغير الإعراب، الاسم كان مرفوعًا على أنه مبتدأ مرفوع بالابتداء ثم رفع بما، وهذا تغيير الرفع الأول ليس هو عين الرفع الثاني، قَائِمٌ كان خبرًا مرفوعًا بالمبتدأ فصار قائمًا بالنصب على أنه خبر لـ (ما). إذًا تغير الإعراب، هل تغير المعنى؟ نقول: نعم تغير المعنى، لِمَ؟ لأن الخبر كان مُثْبَتًا زَيْدٌ قَائِمٌ، ثم صار منفيًّا، إذًا الحرف (ما) دخل على الجملة الاسمية فغير الإعراب والمعنى معًا، وبقيت الجملة الاسمية على أصلها جملة اسمية لم تخرج عن الاسمية، قد يدخل الحرف ولا يغير المعنى ولا الإعراب، لام الابتداء هذه مختصة بالمبتدأ، يعني: لا تدخل إلا على جملة اسمية، زَيْدٌ قَائِمٌ مبتدأ وخبر وجملة اسمية، لَزَيْدٌ قَائِمٌ اللام هذه تسمى لام الابتداء، تختص بالمبتدأ، لَزَيْدٌ قَائِمٌ، هي مثل إِنَّ في التأكيد إلا أَنّ إِنَّ تنصب وترفع، ولام الابتداء تفيد ما تفيده إِنَّ من جهة التأكيد ولكنها لا تنصب ولا ترفع، لَزَيْدٌ قَائِمٌ في قوة قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ زَيْدٌ قَائِمٌ. لذلك يَعُدّها البيانيون من المؤكدات، لَزَيْدٌ قَائِمٌ في قوة قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ زَيْدٌ قَائِمٌ. إذًا أفادت التوكيد، دخلت على المبتدأ والخبر، هل غيرت الإعراب؟
لم تغير الإعراب، بقي على أصله مبتدأ وخبر، هل تغير المعنى؟ لم يتغير المعنى.
إذًا نقول: الجملة الاسمية تبقى جملة اسمية ولو دخل عليها حرف سواء غير الإعراب دون المعنى كقولك: إِنَّ زَيْدًا قَائِم، أم غير المعنى دون الإعراب كقولك: هَلْ زَيْدٌ قَائِمٌ، أم غيرهما معًا كقولك: مَا زَيْدٌ قَائِمًا، أم لم يغير واحدًا منهما كقولك: لَزَيْدٌ قَائِمٌ.
(إن بدئت بالاسم فهي اسميه أو) هذا للتنويع والتقسيم.
النوع الثاني من أنواع الجملة: الجملة الفعلية وضابطها هي التي بُدِئَتْ بالفعل، يعني: التي صدرها فعل، (أو بدئت بالفعل) نقول: الفعل هنا مطلق عام، يشمل الفعل الماضي والفعل المضارع وفعل الأمر، وسواء كان متصرفًا أم جامدًا، تامًا أم ناقصًا، مبنيًّا للفاعل أم مبنيًّا للمفعول، قَامَ زَيْدٌ، نقول: هذه جملة فعلية لكونها ابتدأت بـ أو افْتُتِحَتْ بفعل ماضي، يَقُومُ زَيْدٌ جملة فعلية لكونها مصدرة أو مفتتحة بفعل مضارع، قُمْ يَا زَيْد، جملة فعلية لكونها مفتحة ومصدرة بفعل أمر، متصرفًا كالأمثلة السابقة، أو جامدًا نحو: {نِعْمَ الْعَبْدُ}، {نِعْمَ الْعَبْدُ} هذه جملة فعلية مصدرة بفعل جامد، لأن نِعْمَ فعل جامد غير متصرف، تامًا - كما سبق - أو ناقصًا كـ كان وأخواتها وكاد وأخواتها، كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، تقول: هذه جملة فعلية. لكونها مصدرة بفعل، وهذا الفعل ناقص أم تام؟ نقول: ناقص. نقول: الفعل ناقص سواء كان مبنيًّا للفاعل ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، أو مبنيًّا للمفعول ضُرِبَ زَيْدٌ، ضُرِبَ زَيْدٌ نقول: هذه جملة فعلية. لِمَ؟ لكونها افتتحت وبدئت بفعل، ونوع هذا الفعل مُغَيَّرِ الصيغة مبني لِمَا لَمْ يُسَمَّ فاعله.


إذًا قوله: (أو بدئت بالفعل). مطلق الفعل، قل في اسمها إنها جملة فعلية نسبة إلى الفعل، كما قيل في الاسمية نسبة إلى الاسم، كذلك في الفعل سواء تقدم عليه حرف أم لا فهي جملة فعلية، تقديم الحروف على الجمل الاسمية أو الجمل الفعلية لا يزيل عنها وصفها الأصلي أنها اسمية أو أنها فعلية، إذا قيل: {لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: 3] نقول: هذه جملة فعلية. هل افتتحت في اللفظ بالفعل؟ نقول: لا، وإن كان الأصل اعتباط الفعل والحرف لا يخرج الجملة عن كونها فعلية، لَنْ يَضْرِبَ زَيْدٌ عَمْرًا، نقول: تقدم لن هنا على الفعل المضارع، هل أخرجها عن كونها جملة فعلية؟ نقول: لا، لَمَّا يَقُمْ زَيْدٌ، يقم نقول: تقدمت عليها لَمَّا وهي من خواص الفعل المضارع، هل أخرجتها عن كونها جملة فعلية؟ الجواب: لا، هَلْ قَامَ زَيْدٌ الجملة فعلية، أَقَامَ زَيْدٌ الجملة فعلية، أيضًا سواء كان الفعل مذكورًا أم محذوفًا، يعني: العبرة بما تقدم في الأصل، ومن المعلوم أن الفعل قد يحذف للعلم به وقد يكون حذفه جائزًا وقد يكون حذفه واجبًا، هذه تعرف في مواضعها من فن النحو، جملة يَا زَيْدُ يَا عَبْدَ الله، هذه جملة اسمية أم فعلية؟
تقول: جملة فعلية. لِمَ؟
لأن العبرة بالأصل، يَا هذه حرف نداء أنيب مناب أَدْعُو، وأصل التركيب أَدْعُو زَيْدًا، أَدْعُو عَبْدَ الله. إذًا جملة النداء يَا زَيْدُ يَا عَبْدَ الله ... نقول: هذه جملة فعلية لأن أصل التركيب أَدْعُو زَيْدًا فحذف الفعل وأنيب منابه ياء النداء، ولا يجمع بينهما لأنه لا يُجْمَع بين الْعِوَض والْمُعَوَّض عنه، لأن الياء عِوَض عن الفعل المحذوف {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا} [النحل: 5] نقول: هذه جملة فعلية. لِمَ؟ لأنها من باب الاشتغال {وَالْأَنْعَامَ} هذا مفعول به والعامل فيه فعل محذوف وجوبًا يفسره العامل المذكور، وخلق الأنعام. إذًا هذه جملة فعلية والعبرة بالأصل لا بالفرع، {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] {وَإِنْ أَحَدٌ}، {أَحَدٌ} هذه الجملة نقول: {وَإِنْ أَحَدٌ} جملة فعلية أم اسمية؟ نقول: جملة فعلية. ... لِمَ؟ لأن إن الشرطية وإذا الصحيح أنه لا يليها إلا الفعل، واختلف البصريون مع الكوفيين في تقدير الفعل، {وَإِنْ أَحَدٌ} هذا مصدر، فاعل لفعل محذوف وجوبًا عند البصريين، وفاعل للفعل المذكور بعده عند الكوفيين بناء على مذهبهم من جواز تقديم الفاعل على عامله، إذًا اتفقا البصريون مع الكوفيين أن أحد جملة فعلية أن هذه الجملة جملة فعلية، واختلفا في التقدير فقط، فأحد فاعل للفعل المتأخر وعند البصريين فاعل لفعل محذوف.
إذًا {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وإن استجارك أحد، فالجملة فعلية لا اسمية.
{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1، 2] هل هذه جملة اسمية فعلية؟
..
فعلية أم اسمية؟
[فعلية].


نعم، الواو هذه نابت مناب فعل القسم، الجملة قسميه فعلية في الأصل {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} {وَأَقْسَمُوا} هذا فعل، قد يحذف الفعل ويناب عنه الباء أو الواو {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ} أقسم والعصر، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] أقسم والليل إذا يغشى، وهذه الجمل كلها باعتبار أصولها هي جملة فعلية.
كذلك العبرة في الجملة الاسمية والجملة الفعلية بما قدم أصالةً، أما إذا تقدم ما حقه التأخير نقول: هذا لا يُخْرِج الجملتين عن وصفهما الحقيقي الأصلي {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ} [البقرة: 87] هذه جملة اسمية أم فعلية؟
فعلية، لِمَ مع أنه قال: {فَفَرِيقًا}. هذا بدئت بماذا؟ باسم منصوب، والقاعدة أنه إذا فتح بالاسم فهي جملة اسمية.
نقول: لا، الافتتاح والبدء المراد به أصالة، يعني: المسند والمسند إليه باعتبار الأصل، الأَصل تقديم المبتدأ على الخبر، والأصل تقديم الفعل على فاعله وعلى مفعوله، وهنا قال: {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ}. قدم المفعول على العامل، وأصل التركيب كذبتم فريقًا، فإذا قُدِّمَ ما حقه التأخير لا يخرج الجملة عن كونها فعلية.
كَيْفَ جَاءَ زَيْدٌ؟ كَيْفَ هذه اسم، وَجَاءَ زَيْدٌ فعل فاعل، هل هذه جملة اسمية أم فعلية؟
فعلية، لِمَ؟ لكون كيف في محل نصب حال، وهنا واجبة التقديم لأنها لها حق الصدارة، اسم الاستفهام إذا وقع مفعولاً به أو حالاً وجب تقديمه، لأن الاستفهام له حق الصدارة، إن كَيْفَ جَاءَ زَيْدٌ نقول: هذه الجملة فعلية وليست اسمية، كَيْفَ اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال، جَاءَ فعل ماضي، زَيْدٌ فاعل وصاحب الحال هو فاعل.
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} [القمر: 7] اسمية أم فعلية؟
فعلية، أصل التركيب يخرجون خُشَّعًا أبصارهم، أبصَارهم هذا فاعل لخشع، خشعًا حال من الواو في يخرجون، وتقديم ما حقه التأخير لا يخرج الجملة عن كونها فعلية.
إذًا الحاصل أن الجملة - عند الجمهور - تنقسم إلى قسمين:
جملة اسمية، وهي المبدوءة باسم سواء كان اسمًا صريحًا أو مؤولاً بالصريح، أو وصف رافعًا لمختتم به، أو اسم فعل. وإذا تقدم على الجملة اسمية حرف لا يخرجها عن كونها جملة اسمية، الحاصل مطلقًا سواء غير الإعراب أم لا .. إلى آخر ما ذكر.
كذلك النوع الثاني: الجملة الفعلية، وهي المصدرة والمفتتحة والمبدوءة بفعل مطلقًا، سواء كان جامدًا متصرفًا ماضيًا .. إلى آخره، سواء تقدم عليه حرف أَثَّرَ فيه عمل فيه أم لا، سواء تقدم عليه معموله أم لا، فالجملة تعتبر جملة فعلية، سواء ذُكِرَ العامل الفعل أم حذف، فالجملة تعتبر جملة فعلية.


هذا التقسيم هو المشهور عند النحاة، زاد ابن هشام رحمه الله قسمًا ثالثًَا سماه الجملة الظرفية، قال: وهي المصدرة بظرف أو بمجرور. أَفِي الدَّارِ زَيْدٌ، أَعِنْدَكَ عَمْرٌو. قال: هذه جملة ليست اسمية ولا فعلية، [بناءً على] (1) هذا الجملة يجوز فيها عدة إعرابات، بناء على أن زيد مرفوع للظرف، أَعِنْدَكَ زَيْدٌ، زيد هذا مرفوع للظرف لا بالاستقرار المحذوف، كأن الأصل في الظرف والجار والمجرور أن يتعلقا بعامل محذوف، اختلف فيه هل هو اسم أم فعل، نقول: نقدره استقر أو مستقر كائن أو كان ثابت أو تثب، إما من الثبوت، أو من الكون، أو من الاستقرار، أَفِي الدَّارِ زَيْدٌ، أو أَعِنْدَكَ زَيْدٌ، عِنْدَكَ في الأصل ما هو متعلق بمحذوف، قد يكون فعلاً وقد يكون اسمًا، بناءً على مذهب ابن هشام يجب أن يكون المقدر هنا فعلاً لا اسمًا، وأن هذا الفعل قد حُذِفَ وانتقل الضمير إلى الظرف، وعندهم إذا حُذِفَ العامل لا بد قبل حذفه أن يكون عاملاً في الظرف، وإنما الناصب له أَعِنْدَ، عِنْدَ هذا منصوب على الظرفية، ما العامل فيه؟ نقول: الاستقرار المحذوف. الذي حذف وانتقل منه الضمير إلى الظرف، ثم صار نسيًا منسيًا، ثم صار بعد حذفه نسيًا منسيًا، كأنه لم يوجد في اللفظ ولا في التقدير، فقال: زَيْد. مرفوع على أنه فاعل للظرف أَعِنْدَكَ زَيْدٌ، الهمزة للاستفهام، عِنْدَ هذا ظرف منصوب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف واجب الحذف، وقد صار هنا نسيًا منسيًا، يعني: لا يُلتفت إليه عند التقدير إلا من باب بيان لم أعرب عند.
وَزَيْدٌ هذا فاعل لِعِنْدَكَ كما تقول: قَامَ زَيْدٌ. زَيْدٌ فاعل لقام، زَيْدٌ فاعل لِعِنْدَ، أو فِي الدَّارِ زَيْدٌ، على كل هذا فيه نوع تكلف، والجمهور لم يلفظوا هذا من ابن هشام رحمه الله، بل قالوا: الجملة هذه إما أن تكون اسمية أو أن تكون فعلية.
النوع الرابع الذي زاده الزمخشري هي الجملة الشرطية. إِنْ قَامَ زَيْدٌ قُمْتُ. قال: هذه ليست اسمية وليست فعلية، والصحيح أنها جملة فعلية بناءً على أن الحرف إذا دخل على الفعل لا يُخرجه عن كونه جملة فعلية.
إذًا الجملة من جهة الوجود في كتب النحو نقول: هي أربعة أقسام:
جملة اسمية.
وجملة فعلية.
وجملة ظرفية.
وجملة شرطية.
والصواب أنها نوعان، ومَرَدّ الظرفية إلى الاسمية أو الفعلية، يعني: إن قُدِّرَ المحذوف فعلاً تقول: الجملة فعلية، وإن قدر اسمًا نقول: الجملة اسمية. أَفِي الدَّارِ زَيْدٌ، أَفِي الدَّارِ اسْتَقَرَّ زَيْدٌ، هذه جملة فعلية، أَفِي الدَّارِ زَيْدٌ أَفِي الدَّارِ مُسْتَقِرٌّ زَيْدٌ اسمية.
وسيأتي لها توجيه آخر، والشرطية هذه أيضًا مردها إلى الجملة فعلية لأن الحرف لا يخرجها عن كونها فعلية.
هناك بعض الجمل يحتاج إلى الحكم عليها بكونها جملة اسمية أو جملة فعلية عن السؤال والكشف عن حال المتكلم أو السائل، مَثَّلُوا لذلك في البسملة بسم الله الرحمن الرحيم هل هي جملة اسمية أم جملة فعلية؟
__________
(1) سبق.


نقول: على الخلاف في متعلق الجار والمجرور، إن قدرته فعلاً - وهو الصحيح - فهي جملة فعلية، وإن قدرته اسمًا فهي جملة اسمية، بسم الله الرحمن الرحيم أَقْرَأُ هذه جملة فعلية - وهي الصواب - بسم الله الرحمن الرحيم قراءتي، هذه مصدر وهي جملة اسمية. فِي الدَّارِ زَيْدٌ هل هذه جملة اسمية أم جملة فعلية؟
تقول: هذا بناءً على المتعلق، إن كان المتعلق فعل فالجملة فعلية فِي الدَّارِ زَيْدٌ، إن كان المتعلق اسمًا فالجملة اسمية، {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] على قراءة الرفع {أَبَشَرٌ} يحتمل بشر هذا أنه مبتدأ، و {يَهْدُونَنَا} الجملة خبر فهي اسمية، ويحتمل - وهو أرجح - بشر فاعل لفعل محذوف، أَيَهْدِي بشر يهدوننا، إِنْ قَدَّرت بشر على أنه مبتدأ والجملة التي بعدها خبر فهي جملة اسمية، وإن قدرت الجملة هنا بشر على أنه فاعل لفعل محذوف فالجملة فعلية.
إذًا لا نحكم على هذه مطلقًا هكذا بأنها جملة اسمية أو جملة فعلية إلا إذا حصل السؤال عن رأي السامع - إن كان ممن له رأي -، كذلك نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ، هذا لها توجيهان:
نِعْمَ الرَّجُلُ فعل وفاعل والجملة في محل رفع خبر مقدم، وزَيْدٌ مبتدأ مؤخر، وعليه الجملة تكون اسمية.
نِعْمَ الرَّجُلُ فعل فاعل، وزَيْدٌ خبر لمبتدأ محذوف صارت الجملة فعلية.
إذًا هناك أنواع ذكر ابن هشام في المغني عشرة أنواع، هذه خمسة منها: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فِي الدَّارِ زَيْدٌ، {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}، نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ. هذه لا يُحكم مطلقًا بكونها جملة فعلية أم جملة اسمية، بل لا بد من الاستفسار والكشف.
إن بدئت بالاسم فهي اسميه ... أو بدئت بالفعل قل فعليه

ثم انتقل إلى تقسيم الجملة باعتبار الوصف، الأول باعتبار التسمية ماذا تسمى؟ الآن قسم لك الجملة باعتبار الوصف إلى جملة صغرى وجملة كبرى.


الجملة الصغرى عنده، الجملة الصغرى ما كانت خبرًا عن المبتدأ، إذا وقعت الجملة خبرًا عن المبتدأ تسمى هذه الجملة أو توصف بأنها صغرى، بأنها جملة صغرى، سواء كانت الجملة فعلية أم اسمية، زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ، زَيْدٌ مبتدأ، أَبُوهُ مبتدأ ثاني قَائِمٌ خبر للمبتدأ الثاني، الجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول، أين الجملة الصغرى هنا؟ أَبُوهُ قَائِمٌ، لِمَ سميت صغرى؟ لكونها مبنية على المبتدأ، أو وقعت خبرًا عن المبتدأ، زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، زَيْدٌ مبتدأ قَامَ أَبُوهُ فعل فاعل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، تقول: هذه الجملة قَامَ أَبُوهُ من قولك: زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ. جملة صغرى لِمَ؟ لكونها وقعت خبرًا عن المبتدأ، أو كانت مبنية على المبتدأ، [هذا في الأصل $ هل سبق 39.50] هذا باعتبار الحال، وقد تكون باعتبار الأصل وذلك إذا دخل أحد النواسخ على جملة المبتدأ وخبرها جملة، زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ، إِنَّ زَيْدًا أَبُوهُ قَائِمٌ، زيدًا قبل دخول إن مبتدأ، أبوه قائمٌ هذا باعتبار الأصل قبل دخول إن جملةٌ صغرى، كان زيدٌ أبوه قائمٌ، كان هذا من النواسخ، زيدٌ اسم كان أو فاعلها مجاز، قبل دخول كان زيدٌ إعرابه أنه مبتدأ، أبوه قائمٌ الجملة خبر، إذًا: وقعت الجملة خبرًا باعتبار الحال قبل دخول الناسخ زيدٌ قام أبوه، زيدٌ أبوه قائم ووقعت الجملة الصغرى خبرًا عن المبتدأ باعتبار الأصل قبل دخول الناسخ.
النوع الثاني: ما يُسمى بالجملة الكبرى، وهي الجملة الاسمية التي خبرها جملة. زيدٌ قام أبوه، الجملة برمتها المبتدأ والخبر تسمى جملةً كبرى لِمَ؟ ... [لكون المبتدأ] (1) لكون الخبر وقع جملةً، زيدٌ أبوه قائمٌ، الجملة برمتها زيدٌ أبوه قائمٌ، تقول: هذه جملةٌ كبرى، لِمَ؟ لكون خبرها وقع جملة. إذًا: الجملة نفسها توصف بكونها كبرى باعتبار، وجملة صغرى باعتبار. زيدٌ قام أبوه الجملة كبرى لماذا؟
لأن زيد مبتدأ وخبره وقع جملةً. جملة قام أبوه من قولك زيدٌ قام أبوه جملة صغرى لِمَ؟ لكونها وقعت خبرًا عن المبتدأ.
اصطلاح النحاة: أن الجملة الصغرى تقع جملةً فعلية كما تقع جملةً اسمية، كما مُثِّلَ زيدٌ قام أبوه، قام أبوه جملة فعلية، وزيدٌ أبوه قائمٌ، أبوه قائم جملة صغرى وقع جملة اسمية، لكن ظاهر كلامهم في الجملة الكبرى أنها لا تقع إلا اسمية، وجوز ابن هشام في ((المغني)) أن تكون باعتبار الأصل جملةً فعلية، ظننت زيدًا يقوم أبوه، لكن أكثر النحاة على أنها مختصةٌ بالجملة الاسمية لأنه لا بد من ثلاث مبتدآت.
__________
(1) سبق


قد توصف الجملة بالاعتبارين: تكون في نفس الوقت هي جملةٌ صغرى، وتكون في نفس الوقت جملةٌ كبرى، يعني: بنظرين منفكين مَثَّلَ الناظم هنا (إن قيل ذا أبوه شأنه النَّدا) هذا أربع كلمات أربع مفردات، (ذا) إعرابه مبتدأ أول، (أبوه) مبتدأ ثاني، (شأنه) مبتدأٌ ثالث، (النَّدا) خبرٌ عن المبتدأ الثاني، المبتدأ الثالث وخبره خبر عن المبتدأ الثاني، المبتدأ الثاني وخبره الجملة الاسمية خبرٌ عن المبتدأ الأول، (فكلها غير الأخير مبتدا)، (فكلها غير الأخير) (كلها) التي هي الكلمة الأولى: (ذا)، والكلمة الثانية: (أبوه)، والكلمة الثالثة: (شأنه)، كلها مبتدأ، لكن ليست كلها مبتدأ باعتبار الجميع وإنما الأول: يعتبر مبتداً أولاً، والثاني: مبتدأً ثانيًا، والثالث: مبتدأً ثالثًا، (غير الأخير مبتدا بل خبر عن ثالث) يعني: (الندا) معناه الاجتماع، (شأنه النَّدا) شأنه الاجتماع، ندى القوم ندوًا إذا اجتمعوا، (بل خبر عن ثالث)، (النَّدا) خبرٌ عن ثالثٍ الذي هو قوله: (شأنه). (كما هما)، (شأنه الندا) المبتدأ الثالث وخبره (كما هما عن وسط) خبر يعني (عن وسط) خبر، (كما هما) خبر (عن وسط)، ما هو الوسط هنا؟ (أبوه) المبتدأ الثاني، (والكل) (أبوه شأنه الندا)، ... (عما قُدِّمَا) خبرٌ (عما) عن مبتدأ (قدما) والألف هنا للإطلاق.
(ذا أبوه شأنه الندا) نقول: هذه جملةٌ كبرى لا غير، (ذا) مبتدأ أين خبره؟ (أبوه شأنه الندا) إذًا وقع الخبر جملة، وإذا وقع الخبر جملةً للمبتدأ نسمى الجملة برمتها كبرى، إذًا قوله: (ذا أبوه شأنه الندا). جملةٌ كبرى لا غير.
قوله: (شأنه الندا) هذه جملةٌ صغرى لا غير، لِمَ؟ لكون الخبر فيها مفردًا وهي وقعت خبرًا عن مبتدأ الذي هو (أبوه)، جملة (أبوه شأنه الندا) توصف باعتبارين:
إن نظرنا إلى كونها إلى كون خبرها جملةً صارت جملة كبرى، وإن نظرنا إلى كونها وقعت خبرًا عن المبتدأ (ذا) فهي جملةٌ صغرى، إذًا: جملة (ذا أبوه شأنه الندا) برمتها جملةٌ كبرى لأن الخبر وقع فيها جملة، جملة (شأنه الندا) جملةٌ صغرى لا غير لأنها وقعت خبرًا عن المبتدأ، جملة (أبوه) المبتدأ الثاني و (شأنه) المبتدأ الثالث أن (ذا) الخبر الثالث هذه الجملة لها وصفان باعتبارين: إن نظرنا إلى المبتدأ الأول فهي جملةٌ صغرى لأنها خبر، وإن نظرنا إلى كون الخبر فيها جملة فهي جملةٌ كبرى.
(بل خبر عن ثالث) يعني: (الندا) (فكلها) الكلمات الأربع (غير الأخير) استثنى الأخير الذي هو (الندا) (مبتدا) مبتدأ أول، وثاني، وثالث، (بل خبر عن ثالث) يعني: الذي استثني الأخير (خبر عن ثالث) الذي قوله: (شأنه). (كما هما) (شأنه الندا) خبر (عن وسط) الذي هو (أبوه)، و (والكل) (أبوه شأنه الندا) خبر (عما)، (عما) ما هذه تصدق على المبتدأ الأول عن مبتدأ (قدما)، (فجملة الأول سم كبرى)، (فجملة الأول) ما مقصده بالأول؟


(ذا) [نعم الله يفتح عليك نعم] (ذا)، (فجملةَ الأول) بالنصب (فجملة الأول) الذي هو (ذا أبوه شأنه الندا) (سم كبرى) سمها جملةً كبرى، (وجملة الثالث) الذي هو: (شأنه الندا) (سم صغرى) يعني: سمها جملةً صغرى لا غير، (وذات حشو) التي وقعت بالحشو، والحشو ما يسد به الوسادة أو ما تملآ به الوسادة، (وذات حشو) يعني: صاحبة حشوٍ (باعتبار ما ولي كبرى) ذات حشوٍ التي هي (أبوه شأنه الندا)، (باعتبار ما ولي) ما تبعه (كبرى) لِمَ؟ لكونها أو لكون الخبر وقع فيها جملةٌ، (وذات حشو) (أبوه شأنه الندا) (باعتبار ما ولي) باعتبار كون خبرها جملة تسمى جملةٌ (كبرى وصغرى باعتبار الأول) لكونها وقعت خبرًا عن المبتدأ، أعطيكم مثال وأنتم، ذكر ابن هشام في قواعد الأصل زيدٌ أبوه غلامه منطلقٌ. زيدٌ - انتبهو للمثال - زيدٌ أبوه غلامه منطلقٌ، الذي يعرف يشير، نعم

زيدٌ أبوه

نعم

غلامه

نعم ... وأين الجملة الصغرى؟ الذي يصدق عليها أنها صغرى، جملة كبرى لا غير

.
هذه كبرى لا غير

صغرى لا غير

نعم، غلامه منطلقٌ، والتي باعتبارين؟

أبوه غلامه منطلقٌ، باعتبار إيش .... ؟

باعتبار

أي خبر نوعه

جملة، نعم

نعم، أبوه، زيدٌ أبوه غلامه منطلقٌ، زيدٌ هذا مبتدأ أول، أبوه مبتدأ ثاني، غلامه مبتدأ ثالث، منطلقٌ خبر الثالث، زيدٌ أبوه غلامه منطلقٌ جملة كبرى لا غير، زيدٌ مبتدأ، أبوه غلامه منطلقٌ خبر، وإذا وقع الخبر جملةً نقول: هذه جملةٌ كبرى، قلنا: لا غير، غلامه منطلقٌ مبتدأ وخبر، نقول: هذه صغرى لا غير، لكون الخبر فيها مفرد وليس بجملة، أبوه غلامه منطلقٌ لها جهتان: إن نظرنا إلى المبتدأ الأول وأنها خبر فهي جملةٌ صغرى، وإن نظرنا إلى نفسها إلى ذاتها وأنها مبتدأ ثاني وخبرها جملة فهي جملةٌ كبرى.
{لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38]. نعم

نعم، لكن أنا، سُهِّلَت الهمزة وحذفت تخفيفًا فأدغمت النون في النون {لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} لكن أنا.

مبتدأ إيش؟

أول، أي نعم

يعني:

نعم

والجملة {اللَّهُ رَبِّي}

{هُوَ اللَّهُ رَبِّي}

الأول {لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ} لكن أنا، هو الله، أنا مبتدأ أول، هو مبتدأ ثاني، الله مبتدأ ثالث، ربي هذا خبر الثالث، والثالث وخبره خبر الثاني، والثاني وخبره خبر الأول. أنا هو الله ربي جملةٌ كبرى لا غير، الله ربي صغرى لا غير، هو الله ربي باعتبار المبتدأ الأول أنا تعتبر جملة صغرى لأنها وقعت خبرًا عن مبتدأ، وهو الله ربي من جهة كون الخبر فيها جملةً فهي جملةٌ كبرى، وعليه إذا لم يكن الخبر جملةً تسمَّى جملةً أصلية وأن هذا التقسيم باعتبار [كون المبتدأ ماذا]؟ كون الخبر جملة، أما إذا وقع مفردًا زيدٌ قائمٌ هذه لا توصف بكونها صغرى ولا كبرى، لماذا؟ لكون الخبر فيها مفرد، أما الوصف بكونها كبرى أو صغرى إذا وقع الخبر جملةً سواء كان جملةً اسمية أو جملةً فعلية.
بعضهم يقسم الجملة كبرى إلى قسمين:
ذات وجهين.
وذات وجهٍ.


أما الكبرى التي يصدق عليها أنها ذات وجهين إذا وقع الخبر جملةً فعلية، والتي عبر عنها في باب الاشتغال التي قدرها اسمٌ، وعجزها فعلٌ. زيدٌ يقوم أبوه، أين صدر الجملة، زيد المبتدأ، أين عجزها؟ يقوم أبوه. إذا وقع جملةً فعلية يسمى الجملة الكبرى ذات وجهين، لأن اجتمع فيها الاسمية والفعلية، الاسمية باعتبار المبتدأ الصدر، وفعلية باعتبار الخبر، وإذا وقع جملةٌ اسمية فصدرها وعجزها اسمان وتسمى جملةً كبرى ذات وجه، زيدٌ أبوه قائمٌ، زيدٌ هذا هو صدر الجملة، وأبوه قائمٌ هذا عجزها، وهل اختلفا؟ لم يختلف هذا اسمٌ وهذا اسمٌ، هذا مجرد اصطلاح.
قد تحتمل الجملة أيضًا كبرى أو صغرى باعتبار، أو كما قلنا في السابق أن بعض الجمل يُسأل عنها ويستكشف ماذا تعني؟ إذا سئل هل هذه جملةٌ اسمية أم جملةٌ فعلية؟ تقول: هنا أيضًا كذلك يأتي معنا أو يتأتى معنا كما في نحو: {أَنَا آتِيكَ بِهِ} [النمل: 39]، {أَنَا آتِيكَ}، {أَنَا} هذا مبتدأ، {آتِيكَ} جوز ابن هشام أن يكون فعلاً مضارعًا ومفعوله ... {آتِيكَ} إذا قلنا هو فعل مضارع صارت الجملة

{أَنَا آتِيكَ} صارت كبرى، و {آتِيكَ} هذه صغرى، ويحتمل {أَنَا آتِيكَ}، {آتِيكَ} هذا اسم فاعل أضيف إلى الكاف، وعليه تكون الجملة أصلية.
كذلك في نحو: زيدٌ في الدار، زيدٌ في الدار جار مجرور متعلق بمحذوف إن قدرته فعلاً زيدٌ استقر في الدار صارت الجملة كبرى باعتبار، وصغرى استقر في الدار، إن قلتَ: زيدٌ مستقرٌ في الدار، قدرت المحذوف اسم فاعل صارت الجملة أصلية، لا نصفها بكونها جملةٌ كبرى ولا جملةً صغرى، إنما أنت سيرًا، سيرًا ما إعرابه؟

مفعول مطلق، عامله؟

إنما أنت تسير سيرًا، إنما أنت سائرٌ سيرًا، يجوز أن تقدره فعل ويجوز أن تقدره اسمًا، إن قدرته فعلاً فالجملة توصف بأنها كبرى من جهة، وصغرى من جهة. وإذا قدرته اسمًا صارت الجملة أصلية يعني: ليس عندنا خبر جملة بل هو مفرد، زيدٌ قائمٌ أبوه، زيدٌ مبتدأ، قائمٌ خبر، أبوه فاعل لقائم، صارت الجملة أصلية لأن الخبر هنا مفرد، زيدٌ مبتدأ، وقائمٌ خبر، والوسط مع مرفوعه ليس بجملة، بل هو في قوة المفرد إلا في موضعٍ واحد، وهو إذا وقع مبتدأً رافعًا لمختتم به، أقائمٌ الزيدان، قائم هذا وصفٌ رفع فاعل، نقول: في هذا التركيب هو جملة باتفاق، أما إذا لم يقع مبتدأً ففيه نزاع، مثل التركيب الذي معنا، زيدٌ قائمٌ أبوه، لو قيل: أقائمٌ أبوه. صار جملة لكونه مبتدأً رفعًا، أمَّا زيدٌ قائمٌ أبوه فليس بمبتدأ وأكثر النحاة على أنه في قوة الجملة وليس بجملة، زيدٌ مبتدأ، قائمٌ خبره، أبوه فاعل لقائم، إذًا: الجملة هذه جملةٌ أصلية لكون الخبر فيها مفردًا لا جملةً.
يجوز إعراب آخر، زيدٌ قائمٌ أبوه، زيدٌ مبتدأ، قائمٌ خبرٌ مقدم، أبوه مبتدأٌ مؤخر، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ وعليه تكون الجملة كبرى باعتبار، وصغرى باعتبار، ليست جملةٌ أصلية.
إذًا: {أَنَا آتِيكَ بِهِ} به يحتمل الكبرى والصغرى، إنما أنت سيرًا يحتمل الصغرى والكبرى، في الدار زيدٌ يحتمل الصغرى والكبرى، - الأخير الذي معنا -
.
زيدٌ قائمٌ أبوه يحتمل أنه صغرى وكبرى.


ونقف على هذا، وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.