شرح نظم قواعد الإعراب

عناصر الدرس
* عدد ومواضع الجمل التي لها محل من الإعراب.
* روابط جملة الخبر بالمبتدأ.

قال الناظم رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا ولجميع المسلمين:
(المسألة الثانية: في الجمل التي لها محل من الإعراب) وهي سبع.
موضعها خبر مبتدا وإن ... رفع وفي كان وكاد النصب عن

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، صلَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فلا زلنا في الباب الأول من المسألة الثانية لأنه بوب وجعل في الباب الأول مسألتين:
المسألة الأولى: في الجملة وشرحها.
المسألة الثاني: في الجمل التي لها محل من الإعراب، وهي سبع.
قال: (المسألة الثانية: في الجمل) يعني: في بيان الجمل. (التي لها محل من الإعراب) يعني: التي ثبت لها محل من الإعراب وهي سبع، وقلنا: من كتب في هذا الموضع بعضهم يقدم الجمل التي لها محل من الإعراب على الجمل التي لا محل لها من الإعراب، وبعضهم يعكس، وقلنا: الأولى أن تقدم الجمل التي لا محل لها من الإعراب، لماذا؟ لأن الأصل في الجملة أنها مستقلة بنفسها ولا تؤول بمفرد، هذا هو الأصل، وتأويلها بمفرد هذا فرع، وتقديم الأصل مقدم على الفرع، يعني: الأولى تقديم الأصل على الفرع.
وابن هشام رحمه الله في ((قواعد الإعراب)) قدم الجمل التي لها محل من الإعراب، وعكس في ((المغني))، ((مغني اللبيب))، قدَّم الجمل التي لا محل لها من الإعراب على الجادة.
(في الجمل التي لها محل من الإعراب) لماذا لها محل من الإعراب؟
نقول: لأن الجملة من حيث هي مبنية، والإعراب المحلي مخصوص بالمبنيات، لماذا نقول: الجمل لها محل من الإعراب ولا يكون الإعراب ظاهرًا ولا تقديريًّا؟
نقول: لأن الجملة من حيث هي يعني: لا باعتبار التأويل، لأنك لو اعتبرت التأويل فهي في محل تقول: الجملة من حيث هي مبنية، والإعراب المحلي مخصوص للمبنيات، كما أن الإعراب الظاهر والتقديري مخصوصان بالمعربات، سبق أن الإعراب المحلي له [ثلاث مواضع] ثلاثة مواضع:
الأول: المبنيات.
والثاني: الجمل التي لها محل من الإعراب.
والثالث: المصادر المنسبكة.
والرابع مختلف فيه وهو: المجرور بحرف جر الزائد.
(التي لها محل من الإعراب)، قلنا: الإعراب إما أن يكون رفعًا، أو نصبًا، أو خفضًا، أو جزمًا، وعلى كلٍّ تأتي الجمل، وهي سبع، وهي أي الجمل التي لها محل من الإعراب معدودة بالسبع على المشهور، وإلا زاد ابن هشام رحمه الله جملتين. سَبْع هنا قلنا: أسقط التاء لتأنيث المعدود. وهي: الجمل. وهذا جائز [إذا كان المؤنث] إذا كان المعدود محذوفًا يجوز ذكر التاء كما يجوز حذفها.


الجملة الأولى التي لها محل من الإعراب: يعني: التي ثبت لها محل من الإعراب، وقلنا: إذا قيل: الجمل في محل رفع. معناه في محل ذي رفع، تفسيره أنه لو أزيلت هذه الجملة وأُتِيَ بمفرد معرب ظاهر الإعراب ليس منقوصًا ولا مقصورًا لظهر الإعراب. هذا المقصود، إذا قيل: جملة في محل رفع. يعني: في محل ذي رفع. صاحب المحل لو جيء في هذا الموضع بكلمة مفردة معربة لا مبنية لأننا قدرنا المفرد مبنيًّا للجأنا إلى التقدير المحلي أيضًا، يكون إعرابه محليًّا، لكن نقول: كلمة معربة مفردة وهذه يظهر فيها الإعراب ليس مقصورًا ولا منقوصًا، حينئذٍ نقول: الجملة في محل رفع أو في محل نصب أو في محل خفضٍ أو في محل جزم.
الجملة الأولى: الجملة الواقعة خبرًا عن المبتدأ في الأصل أو في الحال. في الحال أو في الأصل، الجملة الواقعة خبرًا أشار إليها بقوله:
موضعها خبر مبتدا وإن ... رفع وفي كان وكاد النصب عن

(موضعها) الضمير يعود إلى الجملة، يعني محلها، محل الجملة خبر مبتدأ، (موضعها خبر مبتدا) موضعها هذا مبتدأ، خبره محذوف يُفسره المذكور (رفع)، (موضعها) (رفع) حال كونها (خبر مبتدا)، (خبر) منصوب هنا على الحال، (مبتدا)، (خبر) مضاف، و (مبتدا) هذا مضاف إليه مجرور بالإضافة، أين خبر موضعها؟ (رفع). ما الذي دلَّلَ عليه؟
حذف ما يعلم جائز
لأنه في الأصل لا يعلم، لكن لما قال: (وإن رفع). إذًا حل العبارة أن يقال: (موضعها) الضمير يعود على الجملة، والموضع هنا بمعنى المحل (موضعها) يعني: محلها (رفع) حال كونها خبر مبتدأ، (وإن رفع)، (وإن) الأصل فيها إِنَّ بكسر الهمزة مع تشديد النون وخففها للوزن، (وإن رفع) يعني: وموضعها حال كونها خبر إِنَّ (رفع)، (وإن رفع) تقدير الكلام: وموضعها خبر إِنَّ خبر أو موضعها رفع حال كونها خبر إِنَّ.
(وفي كان وكاد النصب عن) يعني: وفي حال كون الجملة خبر كان وخبر كاد (النصب عن)، الأصل بالتشديد وإنما خفف من أجل الوزن، (النصب عن) يعني: عرض. أي: النصب عرض بالجملة أي محلها النصب في حال كونها خبر كاد وخبر كان، هذا هو حل البيت، إذًا أشار بهذا البيت إلى الجملة الواقعة خبرًا في الحال، وهو قوله: (موضعها خبر مبتدا .. رفع). هذا أشار إلى الجملة الواقعة خبرًا لمبتدأ في الحال، أو في الأصل أشار إليه بقوله: (وإن رفع وفي كان وكاد النصب عن). يعني: أشار إلى ثلاثة أبواب من النواصب.
نقول بعد حل البيت: الجملة الواقعة خبرًا لمبتدأ في الحال أو في الأصل لها موضعان:
موضع رفع.
وموضع نصب.


يعني: الخبر، الجملة الخبرية قد تكون في محل رفع، وقد تكون في محل نصب لذلك، حصر هنا في البيت قال: (موضعها خبر مبتدا وإن رفع). ثم قال: (وفي كان وكاد النصب عن). إذًا ليس عندنا لجملة الخبر إلا موضعان، ليس عندنا إلا موضعان: الموضع الأول متى الموضع الأول ما هو؟ الرفع، والموضع الثاني: النصب. متى تكون الجملة الخبرية في محل رفع؟ نقول: في بابين: في باب المبتدأ، وفي باب إن وأخواتها. خبر المبتدأ نقول: في محل رفع. خبر (إِنَّ) إن وقع جملة نقول: في محل رفع. متى يكون محل الجملة الخبرية النصب؟ نقول: في بابين: في باب كان وأخواتها، وفي باب كاد وأخواتها. هذا على الإجمال، أما على التفصيل فنقول: الباب الأول الذي يقع فيه الخبر جملة هو باب المبتدأ، في الأصل قبل دخول الناسخ، لأن المبتدأ نوعان:
مبتدأ له خبر.
ومبتدأ لا خبر له وإنما له فاعل أو مرفوع سد مسد الخبر.
هذا المبحث الثاني الذي هو مبتدأ وله مرفوع سد مسد الخبر لا مبحث لنا في هذا الموضع، أما الموضع الأول وهو المبتدأ الذي له خبر فنقول: الخبر إما أن يكون مفردًا وإما أن يكون جملة
ومفردًا يأتي ويأتي جملة
أما حقيقة الخبر وحقيقة المبتدأ، فهذه تبحث في كتب النحو، يعني: تعريف المبتدأ وتعريف الخبر هذا ينبغي أن يكون معلومًا في السابق. الخبر يكون مفردًا ويكون جملةً ما هو المفرد في باب الخبر؟
نقول: ما ليس في باب المبتدأ والخبر ما ليس جملة ولا شبيهًا بالجملة، ويدخل في هذا الموضع المفرد هنا يشمل المفرد في باب الإعراب كـ: زَيْد وَأَبُوكَ وأخوك .. إلى آخره، ويشمل المثنى والجمع .. لأنك لو اعتبرت التأويل فهي في محل تقول: الجملة من حيث هي مبنية، والإعراب المحلي مخصوص بالمبنيات، كما أن الإعراب الظاهر والتقديري مخصوصان بالمعربات.
سبق أن الإعراب المحلي له [ثلاث مواضع] ثلاثة مواضع:
الأول: المبنيات.
والثاني: الجمل التي لها محل من الإعراب.
والثالث: المصادر الملتبسة.
والرابع مختلف فيه وهو: المجرور بحرف جر الزائد.
(التي لها محل من الإعراب) قلنا: الإعراب إما أن يكون رفعًا أو نصبًا أو خفضًا أو جزمًا، وعلى كلٍّ تأتي الجمل. وهي سبع، وهي أي: الجمل التي لها محل من الإعراب معدودة بالسبع على المشهور وإلا زاد ابن هشام رحمه الله جملتين، سبع هنا قلنا: أسقط التاء لتأنيث المعدود وهي: الجمل. وهذا جائز [إذا كان المؤنث] إذا كان المعدود محذوفًا يجوز ذكر التاء كما يجوز حذفها.
الجملة الأولى: التي لها محل من الإعراب، يعني: التي ثبت لها محل من الإعراب وقلنا: إذا قيل الجملة في محل رفع. معناه في محل ذي رفع، تفسيره أنه لو أزيلت هذه الجملة وأُتِيَ بمفرد معرب ظاهر الإعراب ليس منقوصًا ولا مقصورًا لظهر الإعراب، هذا المقصود. إذا قيل: جملة في محل رفع. يعني: في محل ذي رفع، صاحب المحل لو جيء في هذا الموضع بكلمة مفردة معربة لا مبنية لأننا لو قدرنا المفرد مبنيًا للجأنا إلى التقدير المحلي أيضًا، يكون الإعراب محليًّا، لكن نقول: كلمة معربة مفردة، وهذه يظهر فيها الإعراب ليس مقصورًا ولا منقوصًا، حينئذٍ نقول: الجملة في محل رفع أو في محل نصب أو في محل خفض أو في محل جر.


الجملة الأولى: الجملة الواقعة خبرًا عن المبتدأ في الأصل أصل الحال، في الحال أو في الأصل، الجملة الواقعة خبرًا أشار إليها بقوله:
موضعها خبر مبتدا وإن ... رفع وفي كان وكاد النصب عن

(موضعها) الضمير يعود إلى الجملة يعني: محلها. محل الجملة خبر مبتدأ (موضعها خبر مبتدا)، (موضعها) هذا مبتدأ خبره محذوف يفسره الملفوظ (رفع) موضعها رفع، حال كونها (خبر مبتدا) خبر منصوب هنا على الحال، مبتدأ خبر مضاف ومبتدأ هذا مضاف إليه مجرور بالإضافة أين خبر موضعها؟ رفع ما الذي دلنا عليه؟
حذف ما يعلم جائز
لأنه في الأصل لا يُعلم، لكن لما قال: (وإن رفع). إذًا حل العبارة أن يقال: (موضعها) الضمير يعود على الجملة والموضع هنا بمعنى المحل ... (موضعها) يعني: محلها رفع حال كونها خبر مبتدأ، (وإن رفع)، (وإِنْ) الأصل فيها إِنَّ بكسر الهمزة مع تشديد النون وخففها للوزن، (وإن رفع) يعني: وموضعها حال كونها خبر إِنَّ رفع. (وإن رفع) تقدير الكلام وموضعها خبر إِنَّ، خبر وموضعها رفع حال كونها خبر إن، (وفي كان وكاد النصب عن) يعني: وفي حال كون الجملة خبر كان وخبر كاد النصب عنَّ، الأصل بالتشديد وإنما خفف من أجل الوزن، النصب عنَّ يعني: عرض، أي: النصب عرض للجملة أي: محلها النصب في حال كونها خبر كاد وخبر كان، هذا هو حل البيت.
إذًا أشار بهذا البيت إلى الجملة الواقعة خبرًا في الحال، وهو قوله: ... (موضعها خبر مبتدا) (رفع). حذف إلى الجملة الواقعة خبرًا لمبتدأ في الحال، أو في الأصل أشار إليه بقوله: (وإن رفع وفي كان وكاد النصب عن). يعني: أشار إلى ثلاث أبواب من النواصب.
نقول بعد حل البيت: الجملة الواقعة خبرًا لمبتدأ في الحال أو في الأصل لها موضعان:
موضع رفع، وموضع نصب.
يعني: الخبر الجملة الخبرية قد تكون في محل رفع، وقد تكون في محل نصب، لذلك حصر هنا في البيت قال: (موضعها خبر مبتدا وإن رفع). ثم قال: (وفي كان وكاد النصب عن). إذًا ليس عندنا لجملة خبر إلا موضعان:
الموضع الأول: متى؟ الموضع الأول ما هو؟ الرفع.
والموضع الثاني: النصب.
متى تكون الجملة الخبرية في محل رفع؟
نقول: في بابين، في باب المبتدأ، وفي باب إن وأخواتها، خبر المبتدأ نقول: في محل رفع. خبر إِنَّ إن وقع جملة نقول: في محل رفع. متى يكون محل الجملة الخبرية النصب؟ نقول: في بابين:
في باب كان وأخواتها.
وفي باب كاد وأخواتها.
هذا على الإجمال، أما على التفصيل فنقول:
الباب الأول الذي يقع فيه الخبر جملةً هو باب المبتدأ في الأصل قبل دخول الناسخ، لأن المبتدأ نوعان:
مبتدأ له خبر.
ومبتدأ لا خبر له، وإنما له فاعل أو مرفوع سد مسد الخبر، هذا المبحث الثاني الذي هو مبتدأ وله مرفوع سد مسد الخبر لا مبحث لنا فيه في هذا الموضع، أما الموضع الأول وهو المبتدأ الذي له خبر فنقول:
الخبر إما أن يكون مفردًا.
وإما أن يكون جملةً.
ومفردًا يأتي ويأتي جملة
أما حقيقة الخبر وحقيقة المبتدأ فهذه تبحث في كتب النحو يعني: تعريف المبتدأ وتعريف الخبر هذا ينبغي أن يكون معلومًا في السابق.
الخبر يكون مفردًا ويكون جملة، ما هو المفرد في باب الخبر؟
نقول: ما ليس [في باب المبتدأ والخبر] ما ليس جملة ولا شبيهًا بالجملة.


ويدخل في هذا الموضع المفرد هنا يشمل المفرد في باب الإعراب كـ: زَيْد وَأَبُوكَ وَأَخُوكَ .. إلى آخره، ويشمل المثنى والجمع بأنواعه جمع التكثير، وجمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم، ويشمل المركبات بأنواعها المركب المجزي، والمركب الإسنادي، والمركب الإضافي، والمركب العددي، ويشمل أيضًا الوصف مع مرفوعه فإنه في هذا المقام يُعد من المفرد، الوصف مع مرفوعه زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ، هذا مثال للوصف مع مرفوعه لأنه لا يلتبس أن يكون الجملة لا بد من تبين وإيضاح، زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ، زَيْدٌ مبتدأ، وَقَائِمٌ هذا خبر وهو وصف، يعني: اسم فاعل. واسم الفاعل يعمل عملاً فعلي لا بد من مرفوع، إن كان يطلب فاعلاً ظاهرًا رفع، وإن كان يطلب مفعولاً به نصب، قَائِمٌ هنا نقول: خبر. وهنا اعتمد على المبتدأ إذًا يطلب، قَامَ زَيْدٌ، قَائِمٌ يعمل عمل قَامَ ماذا يطلب؟ يطلب فاعل لأنه فعل لازم، وهنا قائم يعمل عمل فعله إذًا يطلب فاعلاً وهذا الفاعل كما هو مسموع ظاهر، زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ إذًا أَبُوهُ نعربه فاعل للوصف، كونه فاعلاً للوصف هل أخرجه عن كونه مفردًا في هذا الباب؟


الجواب: لا، إذًا الوصف مع مرفوعه سواء كان مستترًا أو بارزًا ظاهرًا فهو في قوة المفرد، ليس بجملة، زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ لذلك يذكرون في أول الكلام في أنواع الكلام زَيْدٌ قَائِمٌ، هل هناك تجد من يعتبر يقول: التمثيل بمثل هذا على كون الكلام يترتب من جزأين فيه نظر، لماذا؟ لأنه ليس مركبًا من كلمتين بل هو في الحقيقة مركب من ثلاث زَيْدٌ قَائِمٌ والضمير المستتر، لأن قائم وصف وهو كالفعل، ولا بد لكل فعل من فاعل كذلك الوصف لا بد من الفاعل، وهنا الفاعل ضمير لفظ مستتر، إذًا هذه ثلاثة أجزاء زَيْدٌ وَقَائِمٌ والفاعل الذي رفع وهو قائم، وهو مستتر فيه. بقي الجواب عن هذا يقال: الوصف مع مرفوعه في قوة المفرد فهو عبارة عن كلمة واحدة، الدليل على هذا أنه في التثنية والجمع لا يبرز الفاعل، تقول: زَيْدٌ قَائِمٌ. هو، الزَّيْدَانِ قَائِمَان، الزَّيْدُون قَائِمُون، الزَّيْدَانِ قَائِمَان، قائمان الألف هذه فاعل أو على ما استثني يعرب؟ على ما استثني يعرب، إذًا ليست بفاعل، لماذا لم يبرز؟ لكون قائم منزل منزلة المفرد، إذ لو كان الفاعل - خرجنا - إذ لو كان الفاعل مراعًا في هذا التركيب لوجب إبرازه، فما أبرز في نحو زَيْدٌ قَامَ، زَيْدٌ مبتدأ قَامَ فعل ماضي والفاعل ضمير مستتر، كما أنه مستتر في قوله: قَائِمٌ. من قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ. أي: هو. إذًا زَيْدٌ قَامَ الفاعل مستتر، لو سميت المبتدأ الزَّيْدَانِ قَامَا الألف هذه فاعل، إذًا برزت لماذا؟ لماذا برز الفاعل هنا مع كونه في المفرد مستتر؟ وأنه مُراعى ومعدود، زَيْدٌ قَامَ مركب من ثلاث كلمات، زَيْدٌ مبتدأ، والفعل قَامَ، والفاعل مستتر، إذًا نقول: زَيْدٌ قَامَ. هذا مركب من ثلاث كلمات، الضمير المستتر هنا معتبر ومعدود في الأجزاء، أما في قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ. نقول: الضمير هنا فيه نية المعدود وإن كان ملاحظًا من جهة الأصل، كيف ملاحظ من جهة الأصل؟ لأن قائم هذا وصف، والوصف لا بد له من فاعل يعني: لا بد أن يعمل عمل فعله. الدليل على هذا أنه مراعًى في ذاته، وليس مراعًى في التثنية والجمع - احرصوا على هذا - لماذا نجعل الوصف مع مرفوعه في قوة المفرد مع أنه ضمير مستتر، زَيْدٌ قَائِمٌ هو، ولم نجعل الضمير المستتر في نية المفرد مع زَيْدٌ قَامَ أي هو، نقول: فرق بينهما لقوته في الفعل ظهر في التثنية والجمع، الزَّيْدَانِ قَامَا، الزَّيْدُون قَامُوا، برز هو نفسه قَامَ، ولعدم ملاحظته في الوصف لم يبرز مع التثنية ولا الجمع، الزَّيْدَانِ قَائِمَان، قائمان الألف هذه لا يلتبس لأنها تدل على اثنين وليست بفاعل وهي علامة الرفع، الزَّيْدُونَ قَائِمُونَ الواو هذه علامة جمع وعلامة رفع وليست هي الفاعل.
إذًا نقول: الخبر المفرد في باب المبتدأ والخبر نقول: ما ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة. فيشمل المفرد في باب الإعراب، ويشمل المثنى، ويشمل الجمع بأنواعه الثلاث، ويشمل المركبات بأنواعها، ويشمل - هذا يُتنبه له - مهمة الوصف مع مرفوعه، سواء كان المرفوع ضمير مستترًا أو ظاهرًا، زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ، قَائِمٌ أَبُوهُ خبر عن زيد، وهل هو جملة أو مفرد؟ نقول: هو مفرد.


يُستثنى مسألة واحدة وهي اعتبار الوصف مع مرفوعه جملة أو في حكم الجملة، اتفقوا على أنه ليس بمفرد، وهو الوصف إذا وقع مبتدأً واكتفى بمرفوعه، أَقَائِمٌ الزَّيْدَان، أَقَائِمٌ الزَّيْدَان في الحقيقة هو مثل زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ، لكن اتفقوا في الأول على أنه في قوة المفرد، وهنا اتفقوا على أنه ليس بمفرد، أَقَائِمٌ الزَّيْدَان، الجملة هذه لأنه يرد إذا اعتبرناه في الأول في قوة المفرد، إذًا هنا الجملة تكون مفردة وهي جملة اسمية، كيف نقول: هي جملة اسمية وهي مفرد؟ نقول: لا في هذا الموضع يُستثنى أَقَائِمٌ الزَّيْدَان، الهمزة للاستفهام، قَائِمٌ هذا مبتدأ، وَالزَّيْدَان فاعل سد مسد الخبر، اتفقوا على أنه ليس بمفرد، واختلفوا هل هو جملة أو في حكم الجملة؟
المشهور الثاني، أنه في حكم الجملة.
إذًا عرفنا أن الخبر في باب المبتدأ نوعان: مفرد، وجملة. ما الأصل؟ المفرد
ومفرد يأتي ويأتي جملة
لذا قدمه ابن مالك، لماذا يأتي السؤال لماذا كان الخبر الأصل فيه أن يكون مبتدأ؟ قالوا: لأن المبتدأ مع خبره دائمًا متحدان، يعني: المبتدأ هو العين الخبر في المعنى، والخبر هو عين المبتدأ في المعنى. إذا قلت: زَيْدٌ عَالِمٌ. زَيْدٌ مبتدأ وَعَالِمٌ خبر، زيد هو العالم والعالم هو زيد، مدلول زيد هو ما يصدق عليه مدلول عالم، ومدلول عالم هو ما يصدق عليه مدلول زيد، هل هما ذاتان؟ إذًا ذات واحدة انصب عليها مدلول المبتدأ وانصب عليها مدلول الخبر، إذًا لكون الخبر هو عين المبتدأ في المعنى هذا دليل على أنهما متحدان في المصدق، ولا يتصور الاتحاد بدون تأويل إلا في المفرد، ولا يتصور الاتحاد بدون تأويل بلا تأويل إلا في المفرد، أما في الجملة يمكن يتصور الاتحاد وهو أن تؤول الجملة بالمفرد، ولذلك نقول: إذا صح حذف الجملة وإيقاع المفرد موقعها صح أنها في محل كذا، وإذا لم يصح فلا يصح أن توصف أنها في محل كذا، فلما صح إحلال المفرد محلها في الخبر صح جعل الجملة خبر، ولذلك نقول: الأصل في الخبر أن يكون مفردًا، لماذا؟ لأن الخبر والمبتدأ متحدان في المعنى، ولا يتصور - في العقل - الاتحاد إلا بدون تأويل إلا في المفرد، ولذلك كان الأصل في الخبر أن يكون مفردًا، وعليه إذا دلت الجملة على ما دل عليه الخبر المفرد جاز إيقاع الجملة موقع المفرد، الحكم الذي يدل عليه المفرد إذا وقع خبرًا إذا دل على هذا الحكم ما تضمنته الجملة صح إيقاع الجملة موقع المفرد، زَيْدٌ قَائِمٌ دل على حكم وهو: ثبوت القيام، زَيْدٌ قَائِمٌ، زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ، أَبُوهُ قَائِمٌ هل هو متضمن الحكم؟ إذًا تضمن الحكم، إذًا يستفاد من الجملة في إثبات الحكم ما يستفاد من المفرد، واضح هذا؟ إذا استُفيد من الجملة الاسمية أو الفعلية ما يُستفاد من المفرد وهو إثبات الحكم للمبتدأ لأن الخبر في الأصل هو محكوم به والمبتدأ محكوم عليه، فإذا أفادت الجملة ما يفيده المفرد صح إيقاع الجملة موقع المفرد.
إذًا نقول: الأصل في الخبر أن يكون مفردًا والجملة فرع عنه، لذلك أخرها ابن مالك
ومفردًا يأتي ويأتي جملة


إذًا عرفنا الخبر يقع جملة المفرد لا مبحث لنا فيه، عرفنا أن الخبر يقع جملة، هذه الجملة قد تكون جملة فعلية، وقد تكون جملة اسمية، زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ هذه جملة اسمية، زَيْدٌ مبتدأ أول، وَأَبُوهُ مبتدأ ثاني، وَقَائِمٌ خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في موضع أو في محل خبر المبتدأ الأول، إذًا وقع الخبر جملة اسمية.
ويقع الخبر جملة فعلية زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، زَيْدٌ مبتدأ - لا نقول: أول - قَامَ فعل ماضي أَبُوهُ فاعل، الجملة من الفعل وفاعله في محل رفع، رفع ماذا؟ خبر عن المبتدأ الأول، إذًا وقع الخبر جملة فعلية.
يأتي السؤال هنا هل كل جملة لا بد من مبحث حقيقة الجملة الخبرية لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، هل كل جملة يصح أن تقع خبر عن المبتدأ؟ الجواب: لا، يقال: إن الجملة التي تقع خبرًا عن المبتدأ إما أن تكون هي المبتدأ في المعنى أو لا. كيف تكون هي المبتدأ في المعنى؟ هذه ننتهي منها حتى نتفرغ لما له شروط، إما أن تكون هي المبتدأ في المعنى يعني: الخبر يكون جملة والمبتدأ يكون مفرد، مدلول المفرد مدلول الجملة. يعني: المفرد قد يدل على معنى مفرد، وقد يدل المفرد على معنى مركب، إذا دلَّ المبتدأ وهو مفرد في اللفظ على معنى مركب نقول هنا وقعت الجملة عن مبتدأ هي نفسه في المعنى (نُطْقِي اللهُ حَسْبِي) كما مثل ابن مالك
وَإِنْ تَكُنْ إِيَّاهُ مَعْنًى اكتُفَى ... بِهَا كَنُطْقِي اللهُ حَسْبِي ........

نطقي يعني: منطوقي ملفوظي قولي، نطقي الله حسبي، نطقي هذا مبتدأ أول مرفوع بضمة مقدرة لمناسبة الياء، الله هذا مبتدأ ثانٍ، حسبي خبر المبتدأ الثاني، المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ، نقول: لا يحتاج إلى اشتراط رابط بين الجملة والمبتدأ، لماذا؟ لأن الله حسبي هو نفس المنطوق {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] {هُوَ} ضمير الشأن مبتدأ أول {اللَّهُ} هذا مبتدأ ثاني {أَحَدٌ} خبر المبتدأ الثاني، المبتدأ الثاني وخبره في موضع رفع خبر الأول، لا يحتاج إلى رابط لماذا؟ لأنه هو مدلوله عين مدلول الخبر أو الخبر مدلوله عين مدلول المبتدأ، هل كل جملة يصح أن تقع خبرًا؟
نقول: لا، بل يُشترط فيها ثلاثة شروط:
الأول: أن تكون جملة الخبر سواء كانت اسمية أم فعلية مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ، لا بد أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ، وسيأتي شرح هذه الروابط.
الشرط الثاني: أن لا تكون جملة الخبر ندائية. يعني: لا تكون مصدرة بحرف نداء، زَيْدٌ يَا أَجْمَلَ النَّاس، هل يصح أن نقول: زَيْدٌ مبتدأ، يَا أَجْمَلَ النَّاس في محل رفع خبر؟ نقول: لا يصح، لأن الجملة الخبرية أجمع النحاة أنه لا يجوز أن تكون جملة نداء.
الشرط الثالث: أن لا تكون جملة الخبر مصدرةً بأحد الحروف التي تدل على ارتباط ما بعدها بما قبلها، وأن ما قبلها قد تم فائدته وهي: حتى، وبل، ولكن. (حتى، وبل، ولكن) هذه لا يصح أن تكون جملة خبر مصدرة بها، لماذا؟ لأن حتى تربط ما بعدها بما قبلها، ويدل على أن ما قبلها قد تمت فائدة، كذلك (بل) وكذلك (لكن) تدل على أن ما قبلها قد تم فائدته، وأما ما بعد (حتى، وبل، ولكن) مرتبط بما قبلها.
هذه ثلاثة شروط:


أن يكون جملة خبر مرتبطة أو مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ.
أن لا تكون جملة الخبر ندائية.
أن لا تكون جملة الخبر مصدرة بـ (بل أو حتى أو لكن).
زاد ثعلب أن لا تكون جملة الخبر قَسَمِيّة، والصحيح عند الجمهور جواز وقوع القَسَمِيّة خبرًا عن المبتدأ، زَيْدٌ وَاللهِ إِنْ أَعْطَيْتَهُ لَيُعْطِيَنَّك، زَيْدٌ وَاللهِ إِنْ أَكْرَمْتَهُ لَيُكْرِمَنَّك، زَيْدٌ مبتدأ، ثم تعرب وَاللهِ إِنْ أَعْطَاكَ الجملة في محل رفع خبر عن المبتدأ، على قول الجمهور يصح وقوع جملة الخبر قسمية.
زاد ابن الأنباري أن لا تكون جملة الخبر طلبية أو إنشائية. الطلب نوع من الإنشاء، زَيْدٌ اضْرِبْهُ، زَيْدٌ مبتدأ جملة اضْرِبْهُ نقول: في موضع رفع خبر عن المبتدأ. هذا على قول الجمهور بصحة وقوع جملة الخبر طلبية، أما عند ابن الأنباري فلا يجوز لا بد من التقدير، لا بد من .. زَيْدٌ مقول فيه اضْرِبْهُ، فيجعل مقول فيه هذا خبر المبتدأ وهو مفرد، إذًا زَيْدٌ اضْرِبْهُ نقول: على قول ابن الأنباري لا يصح إلا بالتأويل، وأن يُجعل جملة اضْرِبْهُ الجملة الطلبية معمولاً لعامل محذوف وهو القول هذا المحذوف هو خبر المبتدأ، زَيْدٌ مَقُولٌ فِيهِ، زَيْدٌ مبتدأ، مَقُولٌ هذا هو الخبر، إذًا وقع مفردًا، اضْرِبْهُ تقول: الجملة في محل نصب لمقول، لأن مادة القول تتعدى فتنصب مفعولاً به على قول الجمهور ومفعولاً مطلقًا على قول ابن الحاجب.
إذًا نقول: الصحيح عند الجمهور صحة وقوع الجملة القسمية خبرًا عن المبتدأ، وصحة وقوع الجملة الطلبية خبرًا عن المبتدأ، من نَفَى أن تكون الجملة السببية خبرًا عن المبتدأ لم يمنعها من جهة اللفظ، يعني: التركيب عنده جائز، زَيْدٌ اضْرِبْهُ هذا يجوز أن يقال، يجوز أن يقال: زَيْدٌ اضْرِبْهُ. لكن ما إعرابه؟ عند الأنباري لا يصح أن يكون اضْرِبْهُ خبر المبتدأ، عند الجمهور يصح أن يقع اضْرِبْهُ جملة اضْرِبْهُ خبر عن المبتدأ وهذا منسوب لابن الفراء، ويؤوله ابن الأنباري بأن الجملة هنا وقعت معمولاً لعامل محذوف تقديره زَيْدٌ اضْرِبْهُ، قالوا: تشبيهًا للنعت للخبر. لكن هذا مرجوح، لماذا؟ لأن النعت كالخبر يقع مفردًا ويقع جملة
وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ مُنْكَّرَا ... فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْه خَبَرَا

يعني: [يُشترط في جملة الخبر ما يُشترط في] (1) يُشترط في جملة النعت ما يشترط في جملة الخبر، لكن استثنى الجمهور قلنا: جوز الجمهور إيقاع الطلبية خبرًا عن المبتدأ، وهناك الجمهور المجوزين منعوا إيقاع الطلبية أن تقع نعتًا للمنعوت.
وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ ... وَإِنْ أَتَتْ فَالْقَوْلَ َأِضْمر تُصَبِ

وامنع هنا يعني: في باب النعت لا يصح أن يقال: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ اضْرِبْهُ. لماذا؟ لأن النعت إذا وقع جملة لا يصح أن يكون طلبًا، زَيْدٌ اضْرِبْهُ عند الجمهور يجوز أن يقع اضْرِبْهُ خبرًا للمبتدأ، وفرقوا بينهما، أن النعت إنما جيء به للبيان والإيضاح.
__________
(1) سبق.


إذًا لا بد أن يكون معلومًا قبل التكلم، لا بد أن يكون معلومًا للمخاطب قبل التكلم، والجملة الإنشائية إنما تحصل الفائدة بالتكلم نفسه لا قبل التكلم، أما الجملة الخبرية فهي ما حصلت فائدتها قبل التكلم لا بالتكلم، وهذا سبق بيانه في ((الملحة))، الفرق بين الخبر والإنشاء.
إذًا فرق بين الجملة الطلبية إن وقعت نعتًا فالأصل المنع، وإن وقعت خبرًا فالجمهور على الجواز، وفرق بين النعت والخبر أن النعت جيء به ... للإيضاح.
ووصفه للكشف والتخصيص أو ... تأكدٍ والمدح والذم رأوا

إذًا الأصل في النعت إنما جيء به لزيادة إيضاح المنعوت ولكشفه وبيانه، وهذا لا يكون إلا معلومًا عند المخاطب، ولا يصح أن يكون في الجملة الإنشائية، أما الخبر الحكم فالأصل فيه أن يكون مجهولاً هذا هو الأحسن والأفضل أن يكون مجهولاً، ولذلك يصح أن يقع بالجملة الطلبية التي لا تقع الفائدة إلا بالتكلم لا قبل التكلم.
أيضًا الذي يدل على جواز وقوع الطلبية سماعها عن العرب
وجد الفرزدق أسعف به
وجد الفرزدق أسعف، جد مبتدأ، أسعف هذا خبر، أيضًا أجاز النحاة جواز الرفع قبل الجملة الطلبية إذا اشتغل الفعل الطلبي بضمير يعود على الاسم، زَيْدٌ اضْرِبْهُ هذه يجوز فيه الوجهان، زَيْدٌ زَيْدًا
واختير نصب قبل فعل ذي طلب
زَيْدٌ اضْرِبْهُ، زَيْدًا اضْرِبْهُ، يجوز في زيد وجهان:
الرفع على أنه مبتدأ وجملة خبر، النصب على أنه منصوب بفعل محذوف وجوبًا، وتصير الفعل اضْرِبْ زَيْدًا اضْرِبْهُ.
فالسابق انصبه بفعل أضمرا ... حتمًا موافق لما قد أظهرا

واختير نصب، إذا كان الاختيار بالنصب دل على أن الرفع جائز، وإذا دل على أن الرفع جائز لا يمكن أن يكون عندنا إلا مبتدأ، وإذا كان مبتدأ لا بد أن يكون جملة اضْرِبْهُ واقعة خبر للمبتدأ.
كذلك في باب نِعْمَ وبِئْسَ يجوز عندهم تقديم المخصوص بالمدح أو بالذم، زَيْدٌ بَئْسَ الرَّجُل، بَئْسَ الرَّجُلُ زَيْدٌ هذا الأصل، ويجوز تقديم المقصود بالذم هنا، زَيْدٌ بَئْسَ الرَّجُل، ما إعراب زَيْدٌ؟ مبتدأ، أين خبره؟ جملة بَئْسَ الرَّجُل، ما نوعها؟ إنشائية، وهذا باتفاق. إذًا صح وقوع الإنشائية خبرًا عن المبتدأ.
نعود إلى الشرط الأول وهو: أن جملة الخبر لا بد أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ.
الروابط التي ذكرها النحاة المذكورة أربعة وبعضهم زاد عليها:
الأول: الضمير. أن تكون الجملة الاسمية أو الفعلية مشتملة على ضمير يعود على المبتدأ، زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ أين الضمير؟ في أَبُوهُ الذي في المبتدأ الثاني، زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، أَبُوه الذي هو الفاعل اتصل بضمير يعود على نفس المبتدأ السابق. إذًا الضمير يُعتبر من الروابط بين المبتدأ والخبر، لماذا اشترطوا أن الجملة لا بد لها من رابط؟
قالوا: لأن الجملة في الأصل كلام مستقل، الجملة قبل جعلها جزءًا للكلام هي كلام مستقل، فلما أريد جعلها جزء الكلام قالوا: لا بد من رابط بين الجزأين وهو واحد من أربعة أمور، والأصل في هذه الروابط هو الضمير وما عدا الضمير خلف عنه، قيل: لأن الضمير في الأصل موضوع لهذا الغرض وهو: الربط بين الأجزاء. هذا الضمير قد يكون:
ظاهرًا.
وقد يكون مستترًا.


وقد يكون محذوفًا للعلم به مع ملاحظته ونيته.
ظاهرًا مِثْل ما مُثِّل، زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، ملفوظًا به زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ ملفوظ به، مستتر زَيْدٌ يَقُومُ، زَيْدٌ مبتدأ يَقُومُ فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو، الجملة في محل رفع خبر عن المبتدأ، أين الرابط؟ الضمير المستتر هو.
زَيْدٌ ضَرَبْت أصل التركيب زَيْدٌ ضَرَبْتُهُ، الهاء هذا مفعول به
وحذف فضلة أجز ...
وحذف ما يعلم جائز
إذًا المفعولات فضلات والأصل فيها جواز الحذف إذا عُلِمَتْ، زَيْدٌ ضَرَبْتُ حذفت المفعول به، أين الرابط؟ زَيْدٌ مبتدأ، ضَرَبْتُ فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر عن المبتدأ أين الرابط؟ نقول: محذوف. لِمَ حُذف؟ للعلم به مع ملاحظته ونيته، لا بد أن يكون منويَّا، أما إذا حذف كليًّا فقد يُتسلط الفعل على السابق تقول: زَيْدًا ضَرَبْتُ. فيجب النقل، لذلك يشترطون في الاسم المفعول عنه أن يكون عاملاً في ضمير يعود على الاسم السابق.
إذًا الضمير هو الأصل في الروابط وهو أقوى الروابط، وما عداه خلف عنه، والعلة في ذلك أن الأصل في وضع الروابط أن تكون للضمير، هذا الرد قد يكون ملفوظًا به، قد يكون مستترًا، قد يكون محذوفًا للعلم به، يُشترط في هذا الضمير أن يكون مطابقًا للمبتدأ في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، زَيْدٌ ضَرَبْتُهُ الضمير مفرد ومذكر، هِنْدٌ ضَرَبْتُهَا الضمير هنا مفرد مؤنث، الزَّيْدَانِ ضَرَبْتُهُمَا، الْهِنْدَانِ ضَرَبْتُهُمَا، الزَّيْدُونَ ضَرَبْتُهُمْ، الْهِنْدَاتُ ضَرَبْتُهُنَّ. إذًا لا بد أن يكون الضمير مطابقًا للمبتدأ في الإفراد والتثنية والجمع، وفي التذكير والتأنيث، أما التخالف فلا يجوز، التخالف لا يجوز.


الشرط الثاني أو الرابط الثاني: اسم الإشارة. والقاعدة أن اسم إشارة كالضمير يحتاج إلى ضرب مرجع يعود إليه، اسم الإشارة كالضمير يحتاج إلى رابط يحتاج إلى مرجع يعود إليه، الضمائر لا بد لها من مرجع، لا بد لها من مفسر لأنها مبهمة، ضَرَبْتُهُ، مَنْ؟ إلى أين يرجع الضمير؟ مُبهم، من هو الذي ضربت؟ مجهول، إنما تقول: زَيْدٌ ضَرَبْتُهُ، إذًا الضمير عاد إلى زيد، زيد هذا مفسر للضمير لأنه مبهم، ذَلِكَ الرَّجُل، من هو؟ لا بد أن تقول: ذَلِكَ الرَّجُلُ زَيْدٌ، مثلاً، أو زَيْدٌ ذَلِكَ الرَّجُلُ {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ} [الأعراف: 26] لو قيل: ذَلِكَ خَيْر. ما هو؟ مبهم، لا بد من مفسر، فنقول: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ} [البقرة: 2]. هذا عاد إلى متأخر، على خلاف الأصل #45.09 ... بفائدة بلاغية {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ} لو قيل: ذَلِكَ خَيْر. نقول: هنا وقع إبهام، لأن أسماء الإشارة من المبهمات فلا بد لها من مفسر، وهذا المفسر في الأصل أن يكون متقدمًا كالضمير، لما قيل: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى}. عرفنا المراد بذلك أنه لباس التقوى {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ} هذه فيها إعرابان {وَلِبَاسُ} بالرفع وقُرِأَ بالنصب، إذا قرأ بالنصب لا شاهد فيه {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} هذا منصوب (ولباسَ التقوى) معطوف على المنصوب، والمعطوف على المنصوب منصوب، لا شاهد فيها، {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} هذه فيها أوجه المشهور عند النحاة أن {وَلِبَاسُ} هذا مبتدأ، ولباس مبتدأ، وهو مضاف والتقوى مضاف إليه، {ذَلِكَ} ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثاني، واللام للبعد، حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، {ذَلِكَ} والكاف حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، {خَيْرٌ} خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر عن المبتدأ الأول.
إذًا وقع الخبر جملة اسمية، أين الرابط؟ لا بد لها من رابط يربطها بالمبتدأ، أين الرابط؟ اسم الإشارة لأنه كالضمير، ولذلك نقول: الأصل في الروابط الضمير، فلما أُدِّيَ باسم الإشارة ما يؤدى بالضمير قلنا: الأصل في الرابط أن يكون الضمير واسم الإشارة فرع عن الضمير.
إذًا {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} نقول: الرابط هنا اسم الإشارة {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا} [الأعراف: 40] {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 39] ## {وَالَّذِينَ} هذا مبتدأ مبني على الفتح {وَالَّذِينَ}.
نحن الذين صبحوا الصباح


هذا يُستثنى {وَالَّذِينَ} هذا مبتدأ في محل رفع مبتدأ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا} كفروا هذه جملة الصلة لا محل لها من الإعراب، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} {وَاسْتَكْبَرُوا} معطوفات على كفروا {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}، {أُولَئِكَ} هذا مبتدأ ثاني {أَصْحَابُ النَّارِ} خبر المبتدأ الثاني، الجملة من المبتدأ الاسمية من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع عن المبتدأ الأول، لا بد للجملة اسمية هنا من رابط، ما هو الرابط؟ نقول: اسم الإشارة. اسم الإشارة (ذا) الضمير يحتاج إلى مرجع يُفسره، وهنا التفسير وقع بأولئك، لو قيل: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} من هم؟ لا بد من مفسر، لما قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا}. علمنا أن المشار إليه هو الجملة السابقة.
الرابط الثالث: إعادة المبتدأ بلفظه وهذا هو المشهور، أن يعاد المبتدأ بلفظه {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2] {الْحَاقَّةُ} هذه إعرابها مبتدأ، {مَا} اسم استفهام {مَا الْحَاقَّةُ} استفهام {مَا} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثاني، {الْحَاقَّةُ} خبر المبتدأ الثاني، الجملة الاسمية من المبتدأ الثاني وخبره في موضع رفع خبر عن المبتدأ الأول وهو: {الْحَاقَّةُ}، وقع الخبر جملة اسمية لا بد لها من رابط يربطها بالمبتدأ السابق، ما نوع الرابط؟ إعادة المبتدأ بلفظه، ما هو المبتدأ الأول؟ الحاقة، أعيد في نفس الجملة التي وقعت خبر عن المبتدأ، فقيل: {مَا الْحَاقَّةُ}. الخبر الثاني، الخبر عن المبتدأ الثاني هو عين المبتدأ الأول، {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1، 2]، {الْقَارِعَةُ} مبتدأ أول و {مَا} اسم استفهام في موضع رفع مبتدأ ثانٍ، {الْقَارِعَةُ} اللفظ الثاني خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في موضع رفع خبر المبتدأ الأول، لا بد من رابط تقول: الرابط هنا إعادة المبتدأ بلفظه، زَيْدٌ مَا زَيْدٌ تعرب كما عربت السابقة.
قد يُعاد المبتدأ بمعناه دون لفظه وهذه محل نزاع بين النحاة السيفُ مَا الْمُهَنَّدُ، السيفُ مبتدأ أول، مَا اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ثانٍ، الْمُهَنَّدُ خبر المبتدأ الثاني، الْمُهَنَّدُ والسيف اسمان لمسمى واحد، أليس كذلك؟ اسمان لمسمى واحد
هل وأعيد المبتدأ بلفظه؟ نقول: لا، إنما أعيد بمعناه، فجعل إعادة المبتدأ بمعناه رابطًا بين الجملة الاسمية مع المبتدأ، زَيْدٌ جَاءَنِي أَبُو عَبْدِ الله - إذا كانت كنية زيد أبا عبد الله - زَيْدٌ مبتدأ أول، جَاءَنِي هذا فعل ماضي، ... [فعل وفاعل] (1)، جَاءَنِي فعل ومفعول، فعل والياء مفعول به في موضع نصب، أَبُو عَبْدِ الله فاعل لجاء، جَاءَنِي أَبُو عَبْدِ الله الجملة في موضع خبر عن زيد، لا بد من رابط ما نوع الرابط؟ إعادة المبتدأ بمعناه، أين هو؟ أَبُو عَبْدِ الله هو عينه زيد، لأن الأول اسم والثاني كنية له، إذًا أُعيد المبتدأ بمعناه، إذًا قد يعاد المبتدأ بلفظه، مثل {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ} وقد يعاد المبتدأ بمعناه فيكون رابطًا وتصح الجمل [السيفُ مَا الْمُهَنَّدُ $ سبق] زَيْدٌ جَاءَنِي أَبُو عَبْدِ الله.
__________
(1) سبق.


الرابط الرابع: عموم يدخل تحته المبتدأ. يعني: يكون في الجملة الخبرية، الاسمية أو الفعلية عموم، والعموم هذا له أفراد، من ضمن هذه الأفراد المبتدأ السابق، فيجعل رابط بين المبتدأ والجملة الخبرية، يمثلون لذلك بباب نِعْمَ وبئس، زَيْدٌ نِعْمَ الرَّجُلُ، زَيْدٌ مبتدأ، نِعْمَ فعل ماضي، الرَّجُلُ فاعل، الجملة الفعلية من نِعْمَ الرَّجُلُ في موضع رفع خبر عن المبتدأ زيد، وقعت ... [الجملة هنا] (1) وقع الخبر جملة فعلية لا بد لها أين الرابط؟ قالوا: أل في قولنا: نِعْمَ الرَّجُلُ. للجنس استغراق الجنس، نِعْمَ الرَّجُلُ إذا قيل: ال هنا لاستغراق الجنس، والجنس له أفراد، كل فرد يصدق عليه أنه رجل يدخل في هذا التركيب، وزيد السابق من ضمن الأفراد أو لا؟ من ضمن الأفراد، إذًا دخل في العموم الذي كان في جملة الخبر، زَيْدٌ نِعْمَ الرَّجُلُ، وزيد فرد من أفراد مدخول أل، فحصل الربط بين المبتدأ والجملة الخبرية.
هذه أربعة مواضع، وبعضهم يجعل أل على قول أن أل هذه للعهد عهدية، وإذا قيل: أل عهدية. أيضًا حصل الربط، لا إشكال ولكن يكون من باب إعادة المبتدأ لمعناه، زيدٌ نعم الرجل، من هو الرجل؟ خصوص زيد عهدية العهد السابق، إذًا يكون زيدٌ أعيد في جملة الخبر بمعناه، لأن زيد هو رجل، والرجل هو زيد، إذًا أعيد بالمعنى كما قلت: السيف ما المهند.
إذًا نقول: هذه أربعة روابط لا بد في كل جملةٍ سواء كانت اسميةً أم فعلية وقعت خبر عن المبتدأ نقول: يجب أن تكون مشتملة على رابطٍ من هذه الروابط الأربعة:
الضمير، أو إعادة المبتدأ بلفظه، أو اسم الإشارة، أو عموم يدخل تحته المبتدأ.
إذًا الموضع الأول: الجملة الواقعة خبرًا لمبتدأٍ في الحال، ما معنى في الحال؟ أي يعبر به كثيرٌ من النحاة في الحال أو في الأصل، في الحال يعني: قبل دخول الناسخ على المبتدأ، لأن الجملة الاسمية مركبة من مبتدأ وخبر، قبل دخول الناسخ هي محكمة محفوظة، يعني: لم يدخل عليها ناسخٌ يزيل حكمها، حكم المبتدأ ولا حكم الخبر، لأننا نقول: النسخ في باب المبتدأ والخبر هو ما يرفع حكم المبتدأ والخبر، المبتدأ والخبر مرفوعان.
ورفعوا مبتدأً بالابتداء ... كذاك رفع خبرٍ بالمبتدا

إذًا المبتدأ مرفوعٌ بالابتداء، والخبر مرفوعٌ بالمبتدأ، العامل في المبتدأ معنوي، والعامل في الخبر لفظي، والأصل فيه إن كان مفردًا يعرف بـ
__________
(1) سبق.


الحركات، وإن كان مثنًّا أو مجموعًا يعرف بـ جمع مذكر سالم يعرف بالحروف، فنقول: الجملة الواقعة خبرًا في الحال نقول: في الحال قبل دخول الناسخ، ما هو الناسخ؟ إما باب إن وأخواتها إن كانت حروفًا، أو أفعالاً باب كان وأخواتها، أو ظن وأخواتها، أو كاد وأخواتها، هذه تعتبر من النواسخ التي ترفع حكم المبتدأ من الرفع إلى رفعٍ جديد، أو من رفعٍ في الخبر إلى نصبٍ، أو من رفعٍ في الخبر إلى رفعٍ جديد وليس هو الرفع السابق، فلذلك نقول: الجملة الخبرية هي التي وقعت خبرًا عن مبتدأٍ في الحال قبل دخول الناسخ، أو في الأصل، يعني: قبل دخول الناسخ، والنواسخ إنما أن تكون حروفًا، وإما أن تكون أفعالاً، أشار إلى الأول وهو الواقع من النواسخ وهو حروف إلى باب إن وأخواتها، (موضعها خبر مبتدا) قلنا: رفع. (وإن رفع) يعني: وموضعها حال كونها خبر إن المكسورة المشددة النون (رفع). إذًا: الموضع الثاني الذي إذا أردنا أن نفصل، الموضع الثاني الذي تقع جملة الخبر في محل رفعٍ هو خبر إن وأخواتها، إن وأخواتها تدخل على الجملة الاسمية المبتدأ والخبر [فترفع فتنقل الاسم على أنه] (1) فتنقل المبتدأ على أنه اسمٌ لها وترفع الخبر لفظًا إن كان مفردًا على أنه خبرٌ لها، ومحلاً إن كان جملةً على أنه خبرٌ لها.
لأن أن ليس لكن لعل ... كأن عكس ما لكان من عمل

عكس ما لكان، كان ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، عكسها نصب الاسم المبتدأ، ورفع الخبر، إذًا خبر إن يُشترط فيه ما يشترط في خبر المبتدأ في الحال، خبر المبتدأ في الحال نوعان: مفرد، وجملة. خبر إن حكمه حكم الخبر قبل دخول إِنَّ، كل حكمٍ ثبت لخبر المبتدأ قبل دخول إِنَّ منسحبٌ على الخبر بعد دخول إِنَّ، مفرد وجملة، والمفرد لا بحث لنا فيه، إذًا يقع خبر إِنَّ جملةً اسمية وجملةً فعلية، إِنَّ زيدًا قام أبوه، نقول: قام أبوه في موضع رفع خبر إِنَّ، ما نوعه؟ جملة، وليس مفردًا، ما نوع الجملة هنا؟ فعلية، يُشترط فيها ما يشترط في الخبر قبل دخول إِنَّ لا بد لها من رابط لا تكون ندائية، لا تقدر بأحد الحروف (حتى، وبل، ولكن) ويصح وقوع القسمية خبرًا لأن، ويصح وقوع الطلبية، نقول: لا، هذا يُستثنى، لا يجوز أن يقع خبر إِنَّ جملة إنشائية، لا يجوز أن يقع خبر إن جملةٌ إنشائية، وما ورد من ذلك يعني: وقوع خبر إِنَّ جملةً إنشائية فيجب تأويله {إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: 9] {إِنَّهُمْ سَاء}، {سَاء} هذه أخت بئس، وبئس هذه لإنشاء الذم، كذلك ساء لإنشاء الذم، إذًا هي إنشائية وقعت هنا في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ سَاء} لا بد من التقدير، إن حرف توكيد ونصب والهاء اسمها في موضع نصب {سَاء} نقول: مقولٌ لقولٌ محذوف وقع خبرًا لإن، إنهم مقولٌ فيهم ساء ما كانوا يعملون، لماذا حصل الخلاف بين دخول إِنّ أو تغير الحكم عما كان عليه قبل دخول إِنّ إلى ما بعد دخول إِنَّ، إِنَّ هذه تدل على أي شيء؟
__________
(1) سبق.


على التوكيد، إذًا: أمر موجود توكيده في الإثبات، لأن النفي قد يؤكد كما يؤكد الإثبات، إِنَّ هنا لتوكيد الإثبات، والإثبات لا بد أن يكون معلومًا قبل دخول إِنَّ، و [ما تفيده خبر] (1) ما يفيده خبر المبتدأ عمومًا هو ثبوت مضمونه للمبتدأ أو لاسم إِنَّ، ثبوت مضمون الخبر مدلوله ثابتٌ للمبتدأ، فإذا قلت: إن زيدًا أبوه قائم، هذه جملة اسمية وقع الخبر جملةٌ اسمية ويجوز، إن زيدًا أبوه قائم، مدلول ومضمون الجملة أبوه قائمٌ ثابتٌ لزيد الذي هو اسم إِنَّ، إِنَّ دخلت لتأكيد هذا الحكم في الإثبات، إذًا لا بد أن يكون معلومًا قبل دخول إِنَّ، إذ غير المعلوم لا يمكن توكيده لأنه ليس مثبت، والجملة الإنشائية - كما سبق - أنها لا يحصل مدلولها إلا بالتسلم، فقبل التسلم لم يحصل مدلول الجملة الإنشائية، فإذا لم يحصل مدلول ولم يقع ولم نستفد مدلول الجملة الإنشائية فكيف يستحق تأكيده وهو غير ثابت، فيحصل تناقض بين أول الجملة وآخرها، إن زيدًا يدل على أن مضمون الجملة وقع وحصل، لذلك أكدناه، إن زيدًا أضربه يدل على أنه سيقع في المستقل إذ لم يقع فهو معدوم، فحصل إضراب وتناقض بين أول الجملة وآخرها، إذًا نقول: يشترط في الخبر إِنَّ المكسورة ما يُشترط في الخبر قبل دخول إِنَّ، ويستثنى أن لا تكون جملة الخبر إنشائية طلبية، أمَّا قوله تعالى: {إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، {إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ} [النساء: 58]. فهو على تأويل أن الجملة {نِعِمَّا} و {سَاء} مقولان لمقول المحذوف، يعني: الخبر محذوف ليست هي الجملة، {إِنَّهُمْ سَاء}، {إِنَّهُمْ} مقولٌ فيهم، مقولٌ هو خبر، و {سَاء} في موضع نصب مفعول به لمقول {إِنَّ اللهَ نِعِمَّا} موصوفٌ أو مقولٌ فيه، مقولٌ هو خبر {إِنَّ}، {نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ} هذا في موضع نصب مفعول به للقول المحذوف الذي وقع خبرًا لأن. إذًا يشترط في خبر إن ما يشترط في الخبر قبل دخول إن ويستثنى أن لا تكون الجملة طلبية إنشائية إلا أن، أن هذه جوزوا دخول جوزوا كون الخبر جملةٌ إنشائية، وخاصةٌ إذا خُفِّفَ {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} [الأعراف: 185]، {وَأَنْ عَسَى}.
وإن تخفف أن فاسمها استكن ... والخبر اعل جملةً من بعد أن

إذا خُفِّفَت أنَّ، أنَّ الثقيلة هذه يجوز تخفيفها، وإذا خفِّفَتْ وجب إعمالها، ووجب أن يكون اسمهما ضميرًا مستترًا يعني محذوفًا.
وإن تخفف أن فاسمها استكن
واختلفوا في الاسم، هل يشترط أن يكون ضمير الشأن أو لا؟ فيه نزاع، الحاصل أن الخبر لا بد أن يكون جملة، إذا وقع الخبر خبر أن المخففة من الثقيلة خبرًا يجوز أن يقع جملةٌ إنشائية، مثاله قوله تعالى: {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}. وأن هو نقدر الضمير، الضمير الشأن، وأن هو نقول: أن مخففةٌ من الثقيلة مبنيٌ على السكون، واسمها ضمير الشأن محذوف وجوبًا، وأن هو عسى أن يكون، عسى هذه من أفعال الرجاء، والرجاء نوعٌ من أنواع الإنشاء، الرجاء، والتمني، والترجي. هذه نقول: من أنواع الإنشاء. إذًا: وقع خبر أن المخففة من الثقيلة جملة إنشائية، فهو #1.04.19 ... فيما إذا خففت.
__________
(1) سبق.


يجب وقوع الخبر في [باب إِنَّ يجب وقوع الخبر في باب إن] (1) خبر إن جملةً إذا خففت إن، يعني: نقول: الأصل في خبر (إِنَّ) أن يكون مفردًا، إلا إذا خففت كيف خففت؟ يعني أسقطت إحدى النونين.
وخففت إن فقل العمل
يعني: فقيل إِنْ، إن زيدًا قائم، يجوز فيها إنْ زيدًا قائم، خففتها بإلقاء إحدى النونين، إن زيدًا قائم هذه ترفع وتنصب، إن زيدًا قائم، ويجوز إهمالها بل هو الأكثر فيها، الأكثر فيها أنها تهمل يعني: لا تنصب ولا ترفع، إن زيدٌ لقائمٌ، إن هذه مخففةٌ من الثقيلة مهملة يعني: لا تنصب ولا ترفع، زيدٌ مبتدأ على الأصل قبل دخول إن، لقائمٌ اللام، اللام فارقة، قائمٌ هذا خبر المبتدأ، وإذا أهملت وجب إدخال اللام الابتداء الفارقةً بين إن المخففة من الثقيلة وبين إن النافية، يجب أن تُدْخَلَ اللام لام الابتداء فارقة بين إن النافية وإن المخففة من الثقيلة، هذا مبحثه في كبت النحو.
الحاصل أن خبر المبتدأ في الحال وخبر إن وأخواتها يشتركان ويفترقان، يشتركان في كل حكم ويفترقان فيما سيفهم.
أولاً: لا يجوز وقوع خبر إن جملةً إنشائية، مع كونه في الأصل أنه يجوز، والجمهور الذين أجازوا هناك منعوا هنا.
من الفوارق أن خبر المبتدأ مرفوعٌ بالمبتدأ، وخبر إنَّ مرفوعٌ بإِنَّ على الصحيح وهو مذهب البصريين، إن زيدًا قائم، قائم مرفوع بأي شيء؟ بإِنَّ على الصحيح وهو مذهب البصريين، عند الكوفيين مرفوعٌ بما رُفع به قبل دخول إِنَّ، لماذا؟ لأنه رفع، إن زيدًا قائمٌ، زيدٌ قائمٌ ما حصل تغيير، إذًا رفع مسمى هو باق، كما أنه رفع بالمبتدأ قبل دخول إن كذلك مرفوعٌ بما رفع به قبل دخول إن وهو اسم إن، أما عند البصريين فهو مرفوعٌ بإِنَّ، والجواب يعني: لِمَ قالوا: مرفوعٌ بـ (إن)؟ لأنه ليس عندنا عاملٌ ينصب ولا يرفع، باستقراء كلام العرب أن العوامل لا يجوز فيها أو بالاستقراء لا يوجد عندنا عامل ينصب ولا يرفع، فإذا قلنا مرفوعٌ بما رفع به قبل دخول إن فقلنا: إن زيدًا، زيدًا منصوبٌ بإن ولم ترفع ولم تؤثر في خبرها.
أيضًا: من الفوارق نقول: خبر المبتدأ محكم، يعني: لم يتغير، وخبر إِنَّ منشوء تغير وكما سبق أن النسخ رفع حكم المبتدأ والخبر، الرفع الذي قبل دخول إِنَّ لم يبقَ ويستمر بعد دخول إن زيدٌ قائمٌ، قائم مرفوع ورفعه ضمة، إن زيدًا قائم، قائمٌ هذا مرفوع ورفعه ضمة، هل الضمة هذه هي عين الضمة الأولى؟
الجواب: لا، بل هما متغايرتان.
الفرق الرابع: أظنه أن خبر المبتدأ ملقى إلى خال الذهن زيد قائم، أما الخبر خبر إن فهي من المؤكدات فلا يستعمل ولا تُدْخَل إِنَّ إلا لتأكيد مضمون خبرها لاسمها، وهذا لا يكون إلا في حالين:
__________
(1) سبق.


إما أن يكون المخاطب شاكًا في الخبر، أو منكرًا في أول الدرجات، الذي تخاطبه إما أن يكون خالي الذهن من الحكم الذي تضمنته الجملة الفعلية أو الاسمية، رجلٌ ما يعرف أن محمدًا مات فتقول: مات محمدٌ. إذًا: ألقيت هذا الخبر في باب خالي الذهن من الحكم، ليس عنده علم سابق هذا يسمى خالي الذهن، في هذا التركيب يَقْبُح تأكيد الخبر يعني: لا يصح أن تقول: إن محمدًا قد مات، لماذا؟ لأنه ليس شاكًا في الخبر حتى تؤكد له الخبر، المؤكدات زيادة وتقوية لإثبات الخبر، فإذا لم يكن عنده شكٌ ولا تردد إذًا: نقول: التأكيد قبيح. أو تخاطب من عنده شيءٌ من الخبر ولكنه متردد وشاكٌ فيه، فحينئذٍ يستحسن أن يؤكد بالمؤكد واحد، إن زيدًا قائم.
المرحلة الثالثة، أو المرتبة الثالثة: أن تخاطب من عنده علم ولكنه معاند ومنكر للخبر، فلا بد أن تؤكد له بمؤكدين فأكثر، إن زيدًا لقائمٌ، إن زيدًا لقائمٌ كم مؤكد؟

كم؟

إن، واللام، والجملة الاسمية. إن زيدًا، والله إن زيدًا لقائمٌ، القسم، وإن والجملة الاسمية واللام، هذه مؤكدات
فإن تخاطب خالي الذهن من ... حكمٍ ومن تردّدٍ فلتغتني
عن المؤكدات أو مرددًا ... وطالبًا فمستجيدا أكدا
أو منكرًا فأكدن وجوبا ... بحسب الإنكار فالضروب

أولها سم ابتدائيًا .. ، والثاني تُسمى طلبية، والثالث تسمى إنكارية، إن كان الكلام أُلقي إلى خالي الذهن يسمى الكلام أو الخطاب ابتدائي، إن كان الكلام أُلقي إلى شاكٍ أو مترددٍ في الخبر يسمى طلبيًّا هذه يستحسن التأكيد ولا يجب، إن كان منكرًا ومعاندًا إلقاء الكلام هنا للمخاطب يُسمى إنكاريًّا ويجب التأكيد بتوكدين فأكثر، إذًا خبر المبتدأ قبل دخول إنَّ مخالفٌ للخبر بعد دخول إن، الأول يلقى إلى خالي الذهن، والثاني يُلقى إلى الشاك أو المنكر في أول درجاته، هذه فوارق بين الخبر خبر المبتدأ في الأصل، وخبر إِنَّ.
وسيأتي الكلام على الموضع الثاني: وهو: النصب في باب كان وكاد.
ونقف على هذا.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.