شرح نظم قواعد الإعراب

عناصر الدرس
* مواضع تكون الجملة فيها خبراً لمبتدأ في الحال والأصل.
* الجمل الواقعة حالاً.
* مواضع الجملة التي تكون مفعولاً به.

قال الناظم رحمه الله تعالى غفر الله له ولشيخنا ولجميع المسلمين:
(المسألة الثانية: في الجمل التي لها محل من الإعراب) وهي سبع.
موضعها خبر مبتدا وإن ... رفع وفي كان وكاد النصب عن
والحال والمفعول أربع جمل ... مما حكوا أو علقوا عنها العمل
أو كان أخر مفاعل أرى ... أو ظن أو تضف إلى الوقت أجررا
وكلما من بعد إذ حيث إذا ... ................................

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله، صلَّ الله عليه، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
لا زال الحديث في الجمل التي لها محل من الإعراب. قلنا:
الجملة الأولى هي: الجملة الواقعة خبرًا لمبتدأ في الحال أو في الأصل، في الأصل أو في الحال. يعني: الجملة التي تقع خبرًا لمبتدأ في الأصل أو في الحال، وقلنا: هذا في إما أن يكون موضعها الرفع أو النصب، يعني: لها موضعان.
الجملة التي تقع خبرًا لمبتدأ في الأصل أو في الحال:
إما أن يكون موضعها الرفع.
وإما أن يكون موضعها النصب.
يعني: لا تكون في موقع جر، ولا تكون في موقع أو موضع جزم، وإنما تلتزم إحدى حالين: النصب أو الرفع.


وذكرنا أن الرفع يكون في بابين وهما باب المبتدأ، وإن وأخواتها. ... (موضعها خبر مبتدا)، قلنا: (موضعها) يعني: موضع الجملة. يعني: محل الجملة (خبر مبتدا) حال كونها خبر مبتدأ، أين الخبر؟ (موضعها) مبتدأ أين خبره؟ نقول: محذوفًا تقديره (رفع). إذًا هذا لمقصود بالجملة الخبرية التي وقعت خبرًا لمبتدأ في الحال، يعني: وقت لفظه الخبر خبر المبتدأ في الحال يعني: إذا أعرب مبتدأ، نحو: زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ. نقول: زَيْدٌ هذا مبتدأ، وَأَبُوهُ قَائِمٌ الجملة خبر، وقعت خبرًا لمبتدأ في الحال، يعني: الآن أو التعبير أو الإطلاق الجملة ابتدائية زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، هذه الجملة فعلية إذًا وقع الخبر جملة فعلية، ما نوع الخبر هنا؟ نقول: خبر مبتدأٍ في الحال. في الأصل إذا دخل ناسخ على مبتدأ لأن المبتدأ تدخل عليه نواسخ ترفع حكمه وحكم الخبر، نقول: باعتباره الآن بعد دخول الناسخ هل هو مبتدأ كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، زَيْدٌ قَائِمًا مبتدأ وخبر، كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، زيد هل هو مبتدأ الآن؟ لا، لكنه قبل دخول كان هو مبتدأ، إذًا نقول: زيد مبتدأ باعتبار الأصل يعني: قبل دخول الناسخ. زَيْدٌ قَائِمٌ هذا مبتدأ الآن، هذا الفرق بين المسألتين، الجملة واقعة خبرًا لمبتدأ في الحال يعني: إذا أعربته مبتدأ قبل دخول الناسخ، في الأصل يعني الآن ليس بمبتدأ إنما اسم إِنَّ أو اسم كَانَ أو مفعول أول لظنّ، هو في الأصل قبل دخول الناسخ نقول: مبتدأ. إذًا الواقعة خبرًا لمبتدأ في الحال هي التي أشار إليها بقوله: (موضعها). أي: موضع الجملة حال كونها خبر مبتدأ في الحال (رفع)، (وإن رفع)، (وإن) قلنا: إن هنا المراد بها؟ إِنَّ، وإنما خَفَّفَ من أجل الوزن، يعني: وموضعها حال كونها خبر إِنَّ (رفع)، هذا هو الموضع الثاني الذي تكون فيه الجملة في المضوع خبر لمبتدأ لكنه مبتدأ في الأصل لا في الحال، إِنَّ زَيْدًا أَبُوهُ قَائِمٌ، إِنَّ هذا حرف توكيد ونصب، زَيْدًا هذا اسم إِنَّ، الآن يعرب اسم إِنَّ، وقبل دخول إِنَّ هو مبتدأ، إذًا هو في الأصل مبتدأ، والآن ليس مبتدأ في الإعراب وإن كان في المعنى هو مبتدأ، إِنَّ زَيْدًا أَبُوهُ قَائِمٌ، أَبُوهُ مبتدأ، قَائِمٌ خبر، والجملة من المبتدأ والخبر في موضع رفع خبر.
إِنَّ زَيْدًا قَامَ أَبُوهُ، إِنَّ زَيْدًا إِنَّ حرف توكيد ونصب، زَيْدًا هذا اسم إِنَّ، والآن يعرب باسم إِنَّ وفي الأصل قبل دخول إِنَّ هو مبتدأ إذًا هو مبتدأ باعتبار الأصل لا باعتبار الحال، قَامَ أَبُوهُ فعل وفاعل، جملة ماضوية، والجملة في موضع رفع خبر إِنَّ.
إذًا موضع الجملة الخبرية يكون رفعًا في باب المبتدأ، وفي باب إِنَّ، إذا وقع جملة فعلية أو جملة اسمية.


الموضع الثاني الذي تكون فيه الجملة الخبرية هو: النصب. وأشار إليه بقوله: (وفي كان وكاد النصب عن). (وفي كان وكاد) وفي حال كون الجملة خبر (كان)، وخبر (كاد النصب عن)، (النصب) مبتدأ وعَنَّ بالتشديد وخفف للوزن يعني: عرض. والمقصود أن النصب عرض للجملة أي: أن محل الجملة النصب. متى؟ إذا وقعت الجملة الخبرية سواء كانت جملة فعلية أو جملة اسمية إذا وقعت خبرًا في بابي كان وكاد، من النواسخ نواسخ المبتدأ التي تدخل على المبتدأ فترفع حكمه وحكم الخبر كان وكاد، إِنَّ حرف، كان وكاد أفعال إن حروف وكلها حروف، إن، أن، ليس، لكن، لعل، كأن، هذه كلها حروف.
تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمًا وَالْخَبَرْ ... تَنْصِبُهُ كَكَانَ سَيِّدًا عُمَرْ

ثلاثة عشر فعلاً هذه كلها أفعال وليس فيها خلاف على الصحيح أنها فعل، نقول: تدخل إِنَّ على المبتدأ والخبر فتنصب المبتدأ على أنه اسم لها، وترفع الخبر لفظًا إن مكان مفردًا على أنه خبر لها، ومحلاً إن كان جملة فعلية أو اسمية على أنه خبر لها، كذلك كان تعتبر من النواصب تدخل على المبتدأ والخبر الجملة الاسمية فترفع المبتدأ - هو المبتدأ في الأصل مرفوع - فترفع المبتدأ رفعًا حادثًا ليس هو الرفع السابق لأن العامل في المبتدأ هو الابتداء فيقتضي رفعًا خاصًا، والعامل في كَانَ زَيْدٌ، زيد الذي هو في الأصل مبتدأ العامل فيه كان، وفرق بين أن يكون الرفع قد أُحدث بعامل معنوي أو بعامل لفظي، خلافًا للكوفيين، هذا مذهب البصريين أن الرفع في اسم كان رفع حادث وليس كالرفع السابق، والكوفيون عندهم أن كان نصبت الخبر فقط ولم ترفع المبتدأ وإنما هو مرفوع بما رفع به أولاً، وهذا ضعيف من جهة أن لا يوجد في استقراء كلام العرب أن عاملاً ينصب ولا يرفع، هذا الرد على مذهب الكوفيين، أنه لا يوجد عامل ينصب ولا يرفع، فمثله في باب إنَّ، إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ عندهم إِنَّ نصبت فقط ولم تحدث الرفع في الخبر، نقول: لا يوجد عندنا عامل ينصب ولا يرفع.
إذًا نقول: كان ترفع المبتدأ على أنه اسم لها، وتنصب الخبر لفظًا متى؟
إن كان مفردًا ويظهر فيه الإعراب، أو مقدرًا إن كان لا يظهر فيه الإعراب، كأن يكون مبنيًا أو مقصورًا، أو منقوصًا؟!
..
إن كان منقوصًا، المنقوص يظهر فيه النصب، المنقوص القاضيَ يظهر فيه النصب، إذًا نقول: يظهر النصب في خبر كان إن كان مفردًا معربًا لا مبنيًّا، وإن كان مما يظهر فيه الإعراب، وأما ما لم يظهر فيه الإعراب كالمقصور فإنه يقدر، أو محلاً إن كان خبر كان جملة اسمية أو فعلية، وهذا هو الموضع الثالث الذي ذكره هنا أو الموضع الثاني أن تقع الجملة الخبرية خبرًا لكان، كَانَ زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ، كَانَ زَيْدٌ، كَانَ فعل ماضي ناقص زَيْدٌ اسم كان مرفوع بها ورفعه ضمة ظاهرة على آخره، أَبُوهُ قَائِمٌ، أَبُوهُ مبتدأ، قَائِمٌ خبر، والجملة من المبتدأ والخبر في موضع نصب خبر كان. إذًا نقول: وقعت الجملة هنا جملة اسمية ومحلها النصب لأنها خبر كان، لماذا قلنا: محلها النصب؟
..
نعم.
..
نقول هذا الأصل، ما هو الأصل؟
..
أن خبر كان مفرد، والجملة تحل محل المفرد.


وَمُفْرَدًا يَأْتِي وَيَأْتِي جُمْلَةْ ... حَاوِيَةً مَعْنَى الَّذِي سِيقَتْ لَهُ

لذلك كل ما جاز أو وجب في باب الخبر خبر المبتدأ، فإنه يستصحب الحكم بعد دخول الناسخ، جميع شروط الجملة الخبرية هي شروط الجملة الخبرية هنا في باب كان ويستثنى شرط واحد فقط وهو: أنه لا يصح وقوع الجملة الخبرية خبرًا لكان إلا إذا كانت خبرًا لا إنشاءً. يعني: الجملة الخبرية هنا لا تقع إنشائية بخلاف هناك قلنا: زَيْدٌ اضْرِبْهُ. الصواب على قول الجمهور أن زيد مبتدأ واضربه الجملة في موضع رفع خبر المبتدأ، لكن في باب كان لا، لا يصح أن تقول: كَانَ زَيْدٌ اضْرِبْهُ. لماذا؟
في التعليل السابق في باب إِنَّ، لأن الإنشاء إنما يفيد بالتسل #11.25 ... ، وكان تدل على تقييد مضمون الخبر للاسم في الزمن الماضي، فإذا كان اضربه سيقع كَانَ زَيْدٌ اضْرِبْهُ في المستقبل، وأنت تصف زيد بأن الضرب مأمور به أو سيوقع الضرب في الزمن الماضي حصل تناقض بين الطرفين بين الصدر والعجز.
إذًا لا يصح أن تقع الجملة الخبرية وهي خبر كان لا يصح أن تقع إنشائية، وما عدا ذلك فهو كما سبق، كَانَ زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ وقعت جملة اسمية {بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 162] {كَانُوا} كان واسمها وهو الواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم كان، {يَظْلِمُونَ} فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل، والجملة في محل نصب خبر كان، لماذا قلنا: [نصب] في محل نصب خبر كان؟ لأن الأصل في خبر كان وهو مفرد أن يكون منصوبًا، والجملة إذا وقعت خبر فهي فرع عن المفرد، فتأخذ حكمه.
إذًا عندنا باب كان الخبر يكون فيه مفردًا ويكون جملة. المفرد هو الأصل ويأتي أو تأتي الجملة نيابة عن المفرد، يشترط فيها ما يشترط في الخبر خبر المبتدأ، ويستثنى شرط واحد وهو أنه في باب الخبر هنا يصح أن تقع الجملة إنشائية، زَيْدٌ اضْرِبْهُ فعل أمر، أما هنا نقول: لا يصح أن تقع الجملة إنشائية خبرًا لكان لأنه يحصل تناقض بين طرفي الجملة.
النوع الثاني قال: (وكاد). يعني: [حال كونه] (1) وفي حال كون الجملة خبر كاد، كَاد تعمل عمل كان، يعني: ترفع المبتدأ على أنه اسم لها وتنصب الخبر لفظًا أو تقديرًا أو محلاً على أنه خبر لها.
كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ ... غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ

إذًا كَكَانَ كَادَ، كَاد تعمل عمل كان، تدخل على الجملة الاسمية يعني: تختص بالمبتدأ والخبر، ترفع المبتدأ [على أنه اسم لها] (2) على أنه فاعل مجازًا، وتنصب الخبر على أنه خبر لها، تنصبه لفظًا، أو تقديرًا، أو محلاً. لفظًا أو تقديرًا هذا محل نزاع لأن أكثر النحاة على أنه لا يصح أن يقع خبر كاد إلا جملة فعلية، ولكن نص ابن مالك أن غير المضارع ندر قليل، أن غير المضارع قليل وهو نادر، لكن الذي عليه الجمهور أن خبر كاد ليس كخبر كان، يعني: لا يقع مفردًا
__________
(1) سبق.
(2) سبق.


و (نَدَرْ غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ) يعني: يشترط في خبر كاد وأخواتها أن يكون جملة فعلية فعلها مضارع، هذا على قول الجمهور، وأجاز بعضهم أن يكون مفردًا اسمًا، عَسَيْتُ صَائِمًا، إِنِّي عَسَيْتُ صَائِمًا، صَائمًا هذا خبر عَسَيْتُ وهو مفرد {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] {كَادُوا} كاد والواو كاد هذا فعل ماضي، والواو هنا ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم كاد، وبعضهم يعبر بأنه فاعل مثل كان، [{يَظْلِمُونَ} {بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ}] {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}، {يَفْعَلُونَ} نقول: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل والجملة في محل نصب خبر كاد، هل يأتي غير المضارع خبرًا لكاد؟
هذا محل نزاع.
كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ ... غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ

الذي هو كاد وعسى، عَسَى زَيْدٌ أَنْ يَقُومَ {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} [المائدة: 52] عَسَى زَيْدٌ أَنْ يَقُومَ، عَسَى هذا فعل ماضي ناقص مبني على الفتحة المقدرة، عَسَى زَيْدٌ، زيد اسمها أو فاعلها مجازًا، أَنْ يَقُومَ، أَنْ هذه حرف مصدري، يَقُومَ فعل مضارع منصوب بأن، والجملة أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل نصب خبر عسى. إذًا يقع خبر كاد كما يقع خبر عسى جملة فعلية، ويشترط في هذا الفعل أن يكون فعلاً مضارعًا لا يصح أن يقع فعلاً أمرًا ولا أن يقع فعلاً ماضيًا، وكاد الكثير فيها أن يخلو خبرها من أن المصدرية، وعسى بعكس كاد، الكثير أن يتصل خبرها بأن المصدرية، ولذلك لم يأت في القرآن إلا متصلاً بأل المصدرية ... {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ}، {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ}، {أَنْ يَأْتِيَ} هذا في محل نصب خبر، لكن يرد إشكال وهو أن القاعدة أَنَّ أنْ وما دخلت عليه في تأويل مصدر، والمصدر معنًى أو ذات؟
معنى، المصدر معنى، إذا قلت: عَسَى زَيْدٌ أَنْ يَقُومَ. عَسَى زَيْدٌ، زيد هذا اسم عسى، أَنْ يَقُومَ في تأويل مصدر القيام، إذًا الخبر معنى وزيد ذات.
وَلا يَكُونُ اسْمُ زَمَان خَبَرَا ... عَنْ جُثَّةٍ ........................

إذًا هل يقع اسم المعنى خبرًا عن الجثة؟
هذا سَبَقَ، هل يقع خبر المبتدأ وهو جثة المبتدأ، فيقع الخبر اسم معنى؟
..
إن أفاد - هذا على رأي ابن مالك رحمه الله - لكن الكثير على المنع مطلقًا، إن أفاد بدون تأويل، وعند البصريين لا بد من تأويل، اللَّيْلَ كَالْهِلالُ، ابن مالك يجوز مطلقًا اللَّيْلَ كَالْهِلالُ، لأنه أفاد، عند البصريين جموع البصريين لا بد من التأويل اللَّيْلَة طُلُوعُ، إذًا وقع الليلة وطلوع، الليلة معنى وطلوع معنى، هذا على رأي البصريين يعني: لا بد من تأويل. لا يصح إلا بتأويل، وعند ابن مالك يصح بدون تأويل إن أفاد.
وَلا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَا ... عَنْ جُثَّةٍ وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا


هنا نقول: عَسَى زَيْدٌ الْقِيَامَ. نقول: لا يصح، لن القيام معنى وزيد ذات، والأصل قبل دخول عسى أن الجملة اسمية مركبة من مبتدأ وخبر، إذًا نقول: لا بد من التأويل، إما أن يُجعل الكلام على حذف المضاف من الاسم أو من الخبر عَسَى زَيْدٌ الْقِيَامَ، عَسَى صَفَةُ زَيْدٌ الْقِيَامَ، فنكون قد أخبرنا عن الصفة، الصّفة معنى والقيام معنى، إذًا أخبرنا بالمعنى عن المعنى، عَسَى حَالُ زَيْدٍ الْقِيَامَ، أو هذا على التقدير من الاسم، أو الحذف المضاف من الاسم، قد نجعله من الخبر عَسَى زَيْدٌ ذَا قِيَامِ، حذف المضاف من الخبر، عَسَى زَيْدٌ ذَا قِيَامِ، فنكون قد أخبرنا عن اسم الذات زيد بما يدل على اسم الذات ذا، بمعنى صاحب، اسم صاحب وصاحب يدل على الذات، ولا نقول: هو اسم ذات. زيد اسم ذات ذا اسم يدل على الذات ولا نقول: أخبر باسم الذات عن اسم الذات. وإنما نقول: أخبر باسم يدل على الذات عن اسم الذات. لماذا؟
لأن زيد هذا مدلوله ذات فقط، وذا مدلوله صفة أو ذات متصفة بوصف، إذًا لا بد من التصحيح، فنقول: لا بد من التقدير إما من الاسم أو من الخبر، عَسَى زَيْدٌ الْقِيَامَ عَسَى حال زَيْدٌ الْقِيَامَ، عَسَى زَيْدٌ ذَا قِيَامِ، هذا على التقدير، وبعضهم يرى أن خبرها خبر عسى هنا في مثل هذا التركيب في قوة المشتق، عَسَى زَيْدٌ قَائِمًا، وهذان المشهوران، وبعضهم يرى أن الخبر هنا أريد به المبالغة كأنه القيام كله.
فالحاصل: أن هذا التركيب لا بد من التأويل لأنه لا يستقيم مع القاعدة السابقة وهو أن عسى وأخواتها دخلت على المبتدأ والخبر، وعسى الغالب وبعضهم يرى الاشتراك كالبصريين أن تدخل أن المصدرية على خبرها، فإذا دخلت أن المصدرية على خبرها لا بد من التأويل بمصدر، والمصدر اسم معنى وإذا كان الاسم اسم ذات لا يصح الإخبار باسم المعنى عن اسم الذات فلا بد من التأويل، إما أن تجعل الكلام على حذف المضاف من الاسم موافق الخبر، أو أن تجعل الخبر على حذف مضاف يوافق الاسم، أو أن تجعل الخبر في قوة المشتق عَسَى زَيْدٌ قَائِمًا، ومثله {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ}، {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} [الإسراء: 8] {رَبُّكُمْ} اسم ذات متصفة بوصف الربوبية {أَنْ يَرْحَمَكُمْ} الرحمة صفة نقول هنا: عسى صفة ربكم الرحمة، أو عسى ربكم ذا رحمة، أو عسى ربكم رحيمًا، تأويل بالمشتق.
الحاصل: أن الجملة الخبرية إذا وقعت خبر كاد وأخواتها نقول: يجب أن يكون جملة فعلية فعلها مضارع - هذا هو الغالب الكثير - وبعضهم سوغ غير ذلك، لكن هذا هو المشهور إيش بيت ابن مالك.
[تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمًا وَالْخَبَرْ ** تَنْصِبُهُ كَكَانَ .. ] (1)
كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ ... غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ

نادر أن يقع غير المضارع خبرًا لعسى وكاد.
وَكَََََوْنُهُ بِدُونِ أَنْ بَعْدَ عَسَى ... نَزَرٌ وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا
__________
(1) رجع الشيخ عن الشاهد إذ ليس هو المقصود وأتى بالذي في الموضوع نفسه.


وكونه يعني: المضارع الذي وقع خبرًا لعسى وكاد، وكونه بدون أن بعد عسى نزر، يعني: قليل وقوعه بعد عسى بدون أن، عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي بِهِ اللهُ، عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي، يأتي هذا خبر عسى وقع بدون أن، هذا قليل، والبصريون يقولون: هذا شاذٌّ إنما يأتي في ضرورة الشعر فقط، لذلك لم يسمع في القرآن إلا بأن.
وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا، يعني: الكثير خلوه من أن. لماذا؟
لأن مدلول كاد تقريب ودنو حصول الخبر، وعسى للترجي، والترجي يناسبه الاستقبال، وأن المصدرية تدل على المستقبل، إذًا عسى أن يقوم هذا في المستقبل لأن عسى للترجي، والترجي الأصل فيه أن يكون للمستقبل فناسبه أن تدخل عليه أن المصدرية التي تدل على الاستقبال، أما كاد فتدل على دون حصول مضمون الخبر للاسم، كَادَ زَيْدٌ يَقُومُ، يعني: قرب من الحال، وإذا قرب من الحال كاد تدل على دنو القرب، وتأتي أن تدخل أن لتدل على المستقبل، هذا فيه تعارض وتنافي، ولذلك البصريون على المنع مطلقًا، جمهور البصريين مخالفةً لابن مالك - ابن مالك رحمه اتبع سيبويه - أن الكثير دخول أن في خبر عسى ويقل تجردها، والكثير خلو خبر كاد من أن ويقل اقترانه بأن، لكن عند البصريين لا تدخل في النثر أبدًا في سعة الكلام (أن) على خبر كاد، ولا يجوز عندهم خلو خبر عسى من (أن)، فإن وقع من ذلك فهو في الشعر خاصة.
عسى فرج يأتي به الله إنه ... له كل يوم في خليقته أمر

عسى فرج يأتي به الله، هذا حجة ابن مالك، كَادَت النَّفْسُ أَنْ تَفِيضَ عَلَيْهِ، دخلت (أن) على خبر كاد، أما خبر كان فيجوز فيه الأمران، يعني: لا يشترط فيه خلوه من (أن) أو اتصاله بأن، يجوز فيه الوجهان، وهذا من الفروق بين البابين بين خبر كان وخبر كاد، كلا الخبرين يقعان جملة، أما الخبر في باب كان فيقع جملة اسمية وجملة فعلية كما سبق المثال، وخبر كاد وأخواتها عسى ونحوها لا يقع إلا جملة فعلية فعلها مضارع، خبر كان يجوز اقترانه بأن المصدرية كما يجوز خلوه من (أن) المصدرية، خبر كاد وعسى على التفصيل الذي ذكرناه، وبعض أفعالها يجب اقترانها بأن، لكن هذا موضعه كتب النحو.
وَكَوْنُهُ بِدُونِ أَنْ بَعْدَ عَسَى ... نَزْرٌ وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا
وكَعَسَى حَرَى وَلَكن جَعَلا ... خبرها حتمًا بأن متصلا
ومثل كاد في الأصح اقترب ... وصرف أن بعد الشروع وجب

وكَعَسَى حَرَى وَلَكن جَعَلا ... خبرها حتمًا ....................

إذًا يجب اتصاله بأن.
على كلٍّ الحاصل أن خبر كاد وكان يجب في بعض المواضع ويجوز الترك والاتصال في بعض المواضع والمسألة فيها خلاف.


أيضًا خبر كان منصوب سواء كان مفردًا أو جملة، النصب في الأول ظاهر أو مقدر والثاني محلي، لكن اختلفوا في نصبه على أي وجه؟ جمهور البصريين على أنه خبر لها تشبيهًا له بالمفعول به، وعند الكوفيين أنه منصوب على حال كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا قائمًا هذا حال عند الكوفيين. قالوا: تشبيهًا له بالفعل خاصة. ذَهَبَ زَيْدٌ مُسْرِعًا ذَهَبَ فعل ماضي زَيْدٌ فاعل مُسْرِعًا ما إعرابه؟ حال هذا لا إشكال، ذَهَبَ زَيْدٌ مُسْرِعًا قالوا: كان مثل ذهب. فعل قاصر. يعني: لازم لا ينصب بنفسه، كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، وقع المنصوب بعد فعل قاصر فهو حال، إذًا كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا، كَانَ زَيْدٌ فعل فاعل أو اسمها، وَقَائِمًا هذا منصوب على الحال باسم كان.
وذهب الفراء إلى أنه منصوب على التشبيه بالحال، ومذهب جمهور البصريين على أنه مفعول به يعني: منصوب على أنه خبر كان تشبيهًا له بالمفعول به، ولا يصح أن يكون حالاً ولا مشبه بالحال لماذا؟
لأنه يقع ضميرًا، «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّط عَلَيْك». إِنْ يَكُنْهُ، يكُنْهُ الهاء هذا في موضع نصب خبر كَانَ، يَكُنْهُ هو، هل تقع الحال ضمير؟
لا تقع ضمير، الحال لا بد أن تكون مشتقة والضمير جامد، الضمير جامد ليس من المشتقات وشرط الحال أن تقع مشتقة.
وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً مُشْتَقًّا ... يَغْلِبُ لَكِنْ لَيْسَ مُسْتَحَقًّا

إذًا يقع خبر كان ضميرًا والحال والشبيه بالحال لا يكون ضميرًا، كذلك يقع جامدًا صريحًا والحال الأصل فيها أنها تقع مشتقة.
خبر كان لا يُستغنى عنه لأنه خبر في الأصل، الأَصل أنه لا يحذف إلا للعلم به، الحال في الأصل أنه يُستغنى عنه لأنه فضلة، وقد لا يستغنى عنه.
إذًا هذه أمور ترجح أن المنصوب بعد كان هو خبر كان لا حالاً ولا شبيهًا بالحال لكونه يقع جامدًا، ويقع ضميرًا، ويقع معرفةً أيضًا، والحال لا يكون معرفة، وأيضًا لا يمكن الاستغناء عنه والحال يستغنى عنها.
إذًا (وفي كان وكاد النصب عن) يعني: النصب ظهر وعرض في خبر أو في حال كون الجملة خبر كان، وفي حال كون الجملة خبر كاد على الخلاف بينهما فيما ذُكِر.
هذه هي الجملة الأولى وهي الواقعة خبرًا لمبتدأ في الأصل أو في الحال، نقول: لها موضعان:
الموضع الأول: الرفع ولها بابان: المبتدأ، وإن وأخواتها.
والموضع الثاني: النصب ولها بابان: باب كان، وباب كاد.
هذا الأصل.
الجملة الثانية التي لها محل من الإعراب قال: والحال. أي: (النصب عن). يعني: ظهر في حال كون الجملة في موضع الحال، و (النصب عن) أي: النصب عرض في حال كون الجملة في موضع الحال.
الحال كالنعت كالخبر يعني: يكون مفردًا، ويكون جملة. الأصل في الخبر أن يكون مفردًا، والأصل في الحال أن يكون مفردًا، والأصل في النعت أن يكون مفردًا، ويأتي أو تأتي الجملة موضع المفرد في باب الخبر.
وَمُفْرَدًا يَأْتِي وَيَأْتِي جُمْلَةْ ... حَاوِيَةً مَعْنَى الَّذِي سِيقَتْ لَهُ

كذلك في باب النعت الأصل في النعت أن يكون مفردًا.
وَانْعَتْ بمشْتَقّ كَصَعْبٍ وَذَرِبْ ... وَشِبْهِهِ كَذَا وَذِي وَالْمُنْتَسِبْ

هذا هو الأصل وقد تأتي الجملة في موضع المفرد فهي فرع عنه.


وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ مُنَكَّرَا ... فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيْهُ خَبَرَا

إذًا يقع النعت جملة كما يقع مفردًا.
الحال الأصل فيها أنها مفردة كالخبر والنعت، لماذا الأصل في هذه الأبواب الثلاثة أنها مفردة؟
لأنها تجتمع في أمر معنوي مشترك، وهو أنها أوصاف، الخبر في الأصل أو في المعنى وصف، زَيْدٌ قَائِمٌ، وصفت زيد بالقيام، جَاءَ زَيْدٌ الْعَالِمُ، العالم نعت واضح لا إشكال، رَأَيْتُ زَيْدًا الْعَالِمَ رأى البصرية هنا لا تنصب مفعولاً ثانيًا العامل هذا حال من زيد فهو وصف له في المعنى هذا هو الأصل، ولذلك كان الأصل في التراكيب هذه أن يوصف موصفها سواء كان مبتدأً أو صاحب الحال أو منعوتًا بالمفرد، وإذا دلت الجملة على ما دل عليه المفرد صح إيقاع الجملة موقع المفرد، ولذلك نقول: لم كان الأصل في الخبر أن يكون مفردًا؟
..
لأنه - هذا أخذناه في الدرس الماضي - لأنه ما هو الأصل؟ لم كان الأصل في الخبر أن يكون مفردًا؟
لأنه عين المبتدأ، يعني: في الغالب أن يكون الخبر متحدًا في المعنى مع أو دائمًا يكون الخبر متحدًا مع المبتدأ، زَيْدٌ قَائِمٌ زَيْدٌ مدلوله الذات، قَائِمٌ مدلوله ذات متصفة، إذًا هما الشيئان في اللفظ مدلولهما واحد، إذًا هما متحدان زَيْدٌ عَالِمٌ، مدلول زيد الذات، مدلول عالم ذات متصفة، هل الذات الثانية غير الذات الأولى؟
لا، هي عينها، إذًا هما متحدان، هذا هو الأصل، قالوا: ولا يتصور الاتحاد بلا تأويل إلا في المفرد فلزم أن يكون الخبر مفردًا، ولما دلت الجملة على ما دل عليه الخبر وهو إثبات الحكم صح إيقاع الجملة موقع المفرد، لما دلت الجملة على ما دل عليه الخبر المفرد صح إيقاع الجملة موقع الخبر المفرد، كذلك في الحال الأصل فيه أن تكون مفردًا.
الْحَالُ وَصْفٌ فَضْلَةٌ منتصب ... مُفْهِمُ فِي حَالِ كَفَرْدًا أَذْهَبُ

هذا الأصل فردًا أذهب، أَذهب فردًا، فَردًا هذا حال وهو مفرد، لَمَّا دلت الجملة على ما دل عليه المفرد صح إيقاع الجملة موقع المفرد، وموضع الحال تجيء جملة، دل على أن الأصل في الحال هو المفرد لأنه قال: وموضع الحال تجيء جملة. إذًا تجيء جملة موضع الحال تفهم من هذا الترتيب أن الأصل في الحال هو المفرد، وأن الجملة وقوعها موقع الحال المفرد فرع وليس بأصل، ولذلك يشترط في جملة الحال أربعة شروط، كل ما جاء أي أمر أي مسألة تأتي على خلاف الأصل لا بد من شروط دائمًا، لذلك الفعل يعمل بلا شرط، الوصف الاسم لا بد من شروط، الحرف الأصل فيه أنه لا يعمل وإذا عمل لا بد من السؤال لم عَمِلَ؟
الشرط الأول في جملة الحال التي يصح أن تقع جملة حال: أن تكون مشتملة على رابط يربطها بصاحب الحال، لا بد أن تكون مشتملة على رابط يربطها بجملة الحال، وهذا الرابط هنا في باب الحال - الجملة الحالية - واحد من ثلاثة أمور، ولك أن تجعلها اثنين: إما الضمير، وإما الواو، وإما هما معًا.
إما الضمير، وإما الواو وهو الحال، وإما هما معًا.


الضمير تقول: جَاءَ زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ. جَاءَ زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، جَاءَ زَيْدٌ فعل فاعل، وزيد هذا علم نعرفه، الجمل بعده - كما سيأتينا هذا منصوص عليه - الجمل بعد المعارف في الغالب أن تعرب أحوال، جَاءَ زَيْدٌ أَبُوهُ قَائِمٌ، أَبُوهُ مبتدأ، قَائِمٌ خبر، المبتدأ وخبره في موضع نصب حال من زيد، قلنا: لا بد من وجود رابط. أين الرابط؟
الضمير الذي اتصل بالمبتدأ أَبُوهُ، عاد على صاحب الحال زيد، زَيد صاحب الحال الذي جيئت منه الحال يسمى صاحب، جَاءَ زَيْدٌ، زيد صاحب الحال وهو فاعل، أَبُوهُ قَائِمٌ نقول: مبتدأ وخبر في موضع نصب الحال من زيد، لا بد من رابط هنا الضمير، جَاءَ زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، أي جَاءَ زَيْدٌ يَقُومُ أَبُوهُ، يَقُومُ أَبُوهُ جملة فعلية فعل فاعل وقعت بعد زيد، وزيد معرفة، والجملة بعد المعارف في الغالب أحوال، فنقول هنا الجملة في موضع نصب الحال ما الرابط بينها؟
الضمير الذي هو في الفاعل، جَاءَ زَيْدٌ يَدُهُ عَلَى رَأْسِهِ - كما مثل ابن عقيل -، جَاءَ زَيْدٌ يَدُهُ عَلَى رَأْسِهِ، يَدُهُ هذا مبتدأ، عَلَى رَأْسِهِ خبر متعلق بمحذوف خبر، والجملة مبتدأ وخبره في موضع نصب حال من زيد، فهو صاحب الحال، نقول: هنا ضمير يَدُهُ يعني: يد زيد يعود على زيد، فالضمير هنا ربط بين الجملة وبين صاحب الحال، لِمَ اشترطنا أن يكون ثَمَّ رابطًا بين الجملة وصاحب الحال؟
..
لأن الجملة مستقلة، فإذا.
..
نعم، فإذا جعلنا الجملة جزء الكلام لا بد من رابط بينهما، الأصل يَدُهُ عَلَى رَأْسِهِ كلمة مستقلة جملة مستقلة، جَاءَ زَيْدٌ هذه جملة مستقلة، فإذا أردنا أن نجعل الجملة الثانية جزءًا من الجملة الأولى لا بد من رابط بين الجزأين، أمر عقلي متصور، لا بد من رابط بين الجزأين، وهنا إما الضمير - كما مثلنا - وإما الواو - وهي: واو الحال -. تسمى واو الحال أو واو الابتداء.
جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرو قَائِمٌ، جَاءَ زَيْدٌ فعل فاعل، وَعَمْرو قَائِمٌ، عَمْرو مبتدأ وَقَائِمٌ خبر، و [الجملة نقول: في موضع] (1) الجملة من المبتدأ والخبر في موضع نصب حال من زيد.
ما الرابط بين الجملة وصاحب الحال؟
نقول: الواو.
يقولون: صحة هذه الواو أن يحل محلها إذ، جَاءَ زَيْدٌ إِذْ عَمْرو قَائِمٌ يعني: وقت قيام عمرو، قد يجتمعان الضمير والواو، جَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ نَاوٍ رِحْلَة كما قال ابن مالك.
وَمَوْضِعَ الْحَالِ تَجِيءُ جُمْلَةْ ... كَجَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ نَاوٍ رِحْلَةْ

وَهُوَ نَاوٍ جَاءَ زَيْدٌ، الواو واو الحال، هو مبتدأ نَاوٍ خبر، الجملة من المبتدأ والخبر في موضع نصب حال من زيد الذي هو الفاعل، ما الرابط؟
الواو والضمير الذي هو جزء الجملة، الذي هو المبتدأ، وَهُوَ نَاوٍ، هو، مثل ما نقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] الضمير قد يكون جزء الجملة كالمبتدأ هنا كـ جَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ نَاوٍ رِحْلَة.
إذًا الشرط الأول في الجملة الحالية أن تكون مشتملة على رابط يربطها بصاحب الحال وهو واحد من ثلاثة أمور:
إما الضمير فقط.
وإما الواو فقط، جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌ قَائِمٌ.
وإما هما معًا.
__________
(1) سبق.


لكن استثنوا إذا كانت الجملة جملة الحال فعلية فعلها مضارع مثبت هنا لا يصح الإتيان بالواو، وإنما يتعين الضمير، جَاءَ زَيْدٌ يَضْحَكُ، يضحك هذه جملة فعلية فعلها مضارع، هل هي مثبتة أو منفية؟ مثبتة. قالوا: في مثل هذا التركيب يجب أن لا يكون الرابط واو، وإنما يجب أن يتعين أن يكون الرابط هو الضمير جَاءَ زَيْدٌ يَضْحَكُ، يضْحَكُ في موضع نصب من زيد على أنه حال منه، وهل يصح أن يقال: جَاءَ زَيْدٌ وَيَضْحَكُ؟ لا يصح.
وَذَاتُ بدء بِمُضَارِعٍ ثَبَتْ ... حَوَتْ ضَمِيرًا ومِنَ الْوَاوِ خَلَتْ
وَذَاتُ وَاو بَعْدَهَا انْوِ مُبْتَدَا ... لَهُ الْمُضَارِعَ اجْعَلَنَّ مُسْنَدَا

يعني: لو سمع من كلام العرب ما ظاهره أنه جملة فعلية فعلها مضارع مثبت وعطفت بالواو لا بد من التأويل، ما هو وجه التأويل؟
أن نجعل الفعل المضارع خبرًا لمبتدأ محذوف والجملة في محل نصب حال، جَاءَ زَيْدٌ وَيَضْحَكُ، لو سمع هكذا، جَاءَ زَيْدٌ وَيَضْحَكُ، نقول: يَضْحَكُ وَيَضْحَكُ، الواو هذه واو الحال، وَيَضْحَكُ فعل مضارع مثبت والأصل أنه لا يربط بين الجملة الفعلية التي فعلها مضارع مثبت مع صاحب الحال بالواو ماذا نصنع؟
نقول: هنا على التأويل، جَاءَ زَيْدٌ وَهُوَ يَضْحَكُ، يضحك خبر وليس هو الحال، فإنما الخبر لمبتدأ محذوف والجملة من المبتدأ وخبره في موضع نصب حال من زيد والرابط هو الواو.
إذًا الواو واو الحال، إذًا هذا مما يستثنى من الشرط السابق.
الشرط الثاني: أن تكون الجملة خبرية. إذًا الإنشائية لا يصح أن تقع حالاً، وإنما يتعين أن تكون خبرية، وبهذا يكون قد خالف حكم الجملة الخبرية هناك، الجملة الخبرية يصح أن تقع إنشائية على قول الجمهور زَيْدٌ اضْرِبْهُ، أما هل يصح أن تقع الجملة الحالية جملة إنشائية؟
نقول: لا يصح. جَاءَ زَيْدٌ اضْرِبْهُ. هذا ما يصح، لماذا؟ لأنه كما سبق قلنا: الحال وصف، جَاءَ زَيْدٌ اضْرِبْهُ، الحال هي وصف يبين هيئة صاحبها، فإذا قلت: جَاءَ زَيْدٌ اضْرِبْهُ. هل بينت وصف صاحبها؟ لم تبين إنما مدلول اضربه سيقع بعد مجيء زيد، ولا بد أن تكون الحال في الأصل أنها مقارنة لصحابها، لا بد أن تكون مقارنة لصاحبها.
الشرط الثالث: أن لا تكون تأديبية. لا يصح أن تقع جملة الحال جملة تأديبية، جَاءَ زَيْدٌ مَا أَجْمَلَهُ، لا يصح أن تجعل مَا أَجْمَلَهُ حال، إنما لا بد من التأويل # .. 42.30.
الشرط الرابع: أن لا تكون مصدرة بما يدل على الاستقبال، يعني: لا تكون جملة الحال مصدرة بسوف أو السين أو لن أو أدوات الشرط لماذا؟
لأن هذه تدل على الاستقبال، والعلة فيها هي العلة في الجملة الإنشائية لماذا؟
لأنها إذا جَاءَ زَيْدٌ سَيَقُومُ، جَاءَ زَيْدٌ سَيَضْحَكُ، هل سيضحك حال من مجيء زيد؟
نقول: الحال وصف لصاحبها قيد لعاملها، يعني: جاء زيد وقت مجيئه متصف بالضحك، جَاءَ زَيْدٌ يَضْحَكُ، تفسير الجملة جَاءَ زَيْدٌ وقت مجيئه متصف بهذه الصفة وهي: الضحك، لكن جَاءَ زَيْدٌ سَوْفَ يَضْحَكُ حصل تعارض بين أصل الجملة وعجزها.
إذًا نقول: يشترط في الجملة الحالية [واحد من] (1) أربعة شروط لا بد من جميعها:
__________
(1) سبق.


الأول: أن تشتمل على رابط يربطها بصاحب الحال، والرابط واحد من ثلاثة أمور.
الثاني: أن لا تكون إنشائية.
الثالث: أن لا تكون تأدبية.
الرابع: أن لا تكون مصدرة بما يدل على الاستقبال، كأدوات الشرط ولن والسين وسوف.
(والحال والمفعول). إذًا الجملة الثانية الجملة التي تقع حالاً، محلها النصب، هل يأتي محلها الرفع أو الجر؟ لا. إذًا يتعين النصب لها بخلاف الجملة الخبرية تترد بين الرفع والنصب، (والمفعول) هذا عطف على السابق، (النصب عن) يعني: النصب عرض في حال كون الجملة في موضع المفعول. والمراد بالمفعول هنا المفعول به، يعني: تقع الجملة سواء كان جملة فعلية أو جملة اسمية تقع في محل نصب مفعول به، هذا إن لم تنوب عن فاعل.
اختلف النحاة هل تقع الجملة الفعلية أو الاسمية فاعلاً في محل رفع فاعل؟
الجماهير على المنع وعليه ينبني هل تقع الجملة فعلية أو الاسمية في موضع رفع نائب فاعل ينبني على الخلاف السابق. استثنى ابن هشام رحمه الله أنه يصح وقوع الجملة نائب فاعل في باب القول فقط، {يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: 17] {يُقَالُ هَذَا الَّذِي}، {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} قال: في موضع رفع نائب فاعل ليقال. يقال هذا مبني للمعلوم أو مغير الصيغة؟
مغير الصيغة، وأصله يقول، يَقول هذا مبني للمعلوم، يُقَالُ هذا مبني للمجهول، لا نقول في القرآن: مبني للمجهول نقول: مغير الصيغة. في القرآن لا نقول: مبني للمجهول. لكن الأولى ترك هذه العبارة، {يُقَالُ} يقول كيف صارت يَقُولُ يُقَالُ؟ الذي يعرف يجيب.
..
نعم.
.
أصلها.

نعم.
..
يقول يقال، المبني للمفعول يُضم أوله ويُفتح ما قبل آخره، يُقَالُ يُقْوَلُ يُقْ القاف ساكنة والواو مفتوحة يُقْوَلُ، نقول: استثقلت [الضمة على] (1) الفتحة على الواو فنقلت إلى القاف، صار يُقَ، ثم الواو ساكنة نقول: عندنا أصل وفرع يُقْوَلُ أصل وَيُقَو الواو ساكنة ما ينطق به هذا فرع، نقول: تحركت الواو باعتبار الأصل وفتح ما قبلها باعتبار الآن فقلبت ألفًا، فصار يُقَالُ، {يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} إذًا الجملة في موضع رفع نائب فاعل عند ابن هشام.
الجملة التي تقع مفعولاً به لها أربع مواضع لها أربعة مواضع - أشار إليها الناظم - لذلك قال: (أربع جمل). أربع هذا خبر مبتدأ محذوف يعني: وهو أي الجملة التي تقع في محل نصب مفعولاً به تقع في واحد من أربعة مواضع، (أربع جمل) جمع جملة (مما حكوا) هذا أولاً.
(أو علقوا عنها العمل) هذه الثانية.
(أو كان أخر مفاعل أرى)، هذا الثالث.
(أو ظن) هذا الرابع ولك أن تجعل الثالث والرابع موضعًا واحدًا.
الموضع الأول: أن تقع الجملة محكية بالقول أو مرادفه، الموضع الأول الذي تقع فيه الجملة الفعلية أو الاسمية في محل نصب مفعول به أن تقع محكية بالقول. {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 30]، {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} هذه الجملة في موضع نصب اختلفوا فيه - الذي بعد القول - هل موضع النصب هنا مفعول به أو مفعول مطلق؟
__________
(1) سبق.


الجمهور على أنه مفعول به، وابن الحاجب رحمه الله على أنه مفعول مطلق نوعي، والمصحح عند الجماهير هو الأول، لماذا؟
لأن ضابط المفعول به أن يصح الإخبار عنه باسم مفعول مشتق من مادة الفعل، ضَرَبْتُ زَيْدًا، زيدًا هذا مفعول به، علامته أن يصح أن تخبر عنه، يعني: تجعله مبتدأ، ثم تأتي بالعامل ضَرَبْتُ فتأخذ منه اسم مفعول - وهو مضروب - فإذا استقام التركيب فزيد هذا مفعول به.
ضَرَبْتُ زَيْدًا تقول: زَيْدٌ مَضْرُوبٌ. جعلت المفعول به في ضَرَبْتُ زَيْدًا أو الأصح جعلت المنصوب في ضَرَبْتُ زَيْدًا مبتدأً، زيدٌ ثم أخبرت عنه باسم مفعول من العامل في (زيدًا)، فقلت: زَيْدٌ مَضْرُوبٌ. قال ابن مالك ابن هشام رحمه الله {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} يصح الإخبار عن الجملة بأنها مقولة: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} مقولة لزيد مثلاً أو لزكريا أو كذا، {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} مقولة إذًا صح الاشتقاق من مادة العامل وهو (قَالَ) مَقُول، قَالَ مَقُول اسم مفعول وأخبرت به عن مدخول قَالَ، فدل على أنه مفعول به لأنهم اتفقوا على {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} في موضع نصب، لا بد أن يكون منصوبًا لكن وجه النصب ما هو؟
ابن الحاجب عنده أنه منصوب على أنه مفعول مطلق نوعي، وعند الجمهور على أنه مفعول به، رجح ابن هشام الثاني، دليله: صدق علامة المفعول به، وهو أن يشتق من العامل مفعولٌ به على زنة مفعول به، ويخبر به عن المنصوب، فيدل على أنه مفعولٌ به.
{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} أيضًا الكسر، الكسر بعد {قَالَ} يدل على أنها في أول الجملة.
(أربع جمل مما حكوا)، (مما حكوا) (أربع جمل) يعني: أولها: الجملة الكائنة من الجمل التي حَكَوا، من الذي حكوا؟
يحتمل أنه النحاة، أو العرب، الواو يصدق على النحاة ويصدق على العرب، يعني: (مما حكوا) الجملة بعد القول {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، هذا هو الموضع الأول أن تقع محكية بالقول، أو مرادفه يعني: ما يدل على معنى القول دون حروفه، وهذا نصوا على أنه على مرتبتين:
إما أن يقترن به حرف التفسير (كتبتُ إليه أن قم)، إذ صُرِّحَ بالباء كتبت إليه بأن قم قطعًا أنها مصدرية، يعني: كتبت إليه بالقيام ليست معنا، (كتبتُ إليه أن قم) إن قدرت الباء فهي كالأولى يعني: مصدرية وما بعده تأويل مصدر وتكون متعلقة بكتبت.
الثالث: أن لا تنوي الباء، وبالتالي أن لا تلفظ بها، حينئذٍ تكون أن هذه تفسيرية والجملة بعدها مفسِّرةً للفعل فلا موضع لها من الإعراب. يعني: داخلة في الجمل التي لا محل من الإعراب. هذا ما يُرادف القول ومعه حرف التفسير، تكون الجملة مفسرة ما يرادف القول كتبت إليه، ونادى، ووصى، هذه كلها فيها معنى القول دون حروفه، فإن اقترن بمدخولها حرف التفسير فكما ذكرنا، إما (أن) يكون ملفوظًا به أو منويًا، فتكون (أن) هذه إن كان الحرف التفسير (أن) تكون في تأويل مصدر وما بعدها متعلقٌ بما قبلها. إن لم يذكر حرف الجر أو ينوى فـ (أن) تكون مفسرة وما بعدها جملة لا محل لها من الإعراب، تكون مفسرة للفعل كتبتُ إليه أن قم يعني: الكتابة هنا مفسرة بالأمر بالقيام.


النوع الثاني: أن لا يُذكر معه حرف التفسير {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ} [البقرة: 132]، {إِنَّ اللهَ} هذه اتفقوا يعني: البصريون والكوفيون على أنها في موضع نصب، {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا} [هود: 42]، {ارْكَب مَّعَنَا} هذه في موضع نصب، [فنادى ربه أي ونادى ربه] (1) {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} [القمر: 10] في قراءة (إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) هذه الجمل الثلاث في موضع نصبٍ باتفاق على أنها مفعول به، {وَوَصَّى} هذا فيه معنى القول دون حروفه، {وَوَصَّى}، {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} {ارْكَب مَّعَنَا} هذه متعلقة بـ {نَادَى} إذًا: هي مقول لكنها الذي دل على القول المعنى لا حروفه، الذي دل على القول معنى القول {نَادَى} لكن هل تضمنت {نَادَى} حروف القول؟ الجواب: لا.
هل اقترنت بحرف تفسيري؟
الجواب: لا.
نقول: في هذا التركيب اتفقوا على أنه في موضع نصبٍ مفعولٍ به، لكن ذهب الكوفيون إلى أن العامل المذكور هو الناطق {وَوَصَّى}، {إِنَّ اللهَ}، {إِنَّ اللهَ} في موضع نصب والعامل فيه
.
{وَوَصَّى}، {وَنَادَى نُوحٌ} {ارْكَب مَّعَنَا}، {ارْكَب مَّعَنَا} هذا في موضع نصب والعامل فيه {نَادَى} لأنه فيه معنى القول دون حروفه.
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ} [القمر: 10] ليس الشاهد في هذه القراءة (فَدَعَا رَبَّهُ إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) (إِنِّي) بالكسر في موضع نصب و {فَدَعَا} هذا فيه معنى القول دون حروفه، عند الكوفيين {فَدَعَا} هو الناصب و {نَادَى} هو الناصب و {وَصَّى} هو الناصب، وعند البصريين، لا، العامل مقدرٌ من لفظ القول. {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ} قال {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ}، {إِنَّ اللهَ} في موضع نصب والعامل فيه قال المقدر المحذوف.
{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ} يعني: فقال أو قال يا بني اركب معنا قالوا: ابن هشام رحمه الله يميل إلى هذا القول يقول: والذي يدل على هذا التصريح به في بعض المواضع {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [مريم: 3، 4]. {قَالَ رَبِّ} إذًا: صرح هنا به أيضًا في قوله: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي} [هود: 45]. إذًا صرح بالقول، كونه صُرِّحَ به في بعض المواضع ولم يصرح به في بعض المواضع نقول: نحمل ما لم يصرح به على ما صُرِّحَ به. فنقول: العامل فيه قولٌ مقدر. إذًا: (أربع جمل مما حكوا) الأول

أن تكون الجملة محكيةً بالقول أو بمرادفه، بالقول مثاله: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 38]، مرادفه مرادف القول يعني: ما فيه معنى القول دون حروفه مثل: {وَصَّى}، و {نَادَى}، {فَدَعَا}، العامل فيه على مذهب البصريين قولٌ مقدر، انتهينا من الموضع الأول الذي تكون فيه الجملة في موضع نصب مفعول به.
__________
(1) سهو.


(أو علقوا عنها العمل) (أو) يعني: الثاني، الأول أشار إليه بقوله: (مما حكوا أو علقوا عنها العمل). (علقوا) يعني: منعوا يعني: الجملة التي منع النحاة عنها عن لفظها العمل وهذا في باب ظن، فقط؟ كل فعلٍ قلبي إذا عُلِّقَ بمعلقٍ مما سيذكر يدخل معنا وليس خاصًا بباب ظن وأخواتها، هذا المرجح عند ابن مالك وابن هشام رحمه الله، (أو علقوا عنها العمل) باب ظن الذي هو المشهور عندك باب ظن يجوز فيه أن يتعلق بأحكامها ما يُسَمَّى بالإلغاء، وهو إذا تقدمت أو تأخرت أو توسطت، ظننت زيدًا قائمًا، زيدًا ظننت قائمًا، زيدًا قائمًا ظننت. هذه إذا تقدمت أو تأخرت، أو توسطت إن أعملت على الأصل، إن ألغيت يسمى إلغاء، مثل: زيدٌ قائمٌ ظننت، هذا منعه البصريون يعني: منعوا الإعمال زيدًا قائمًا ظننت هذا ممتنع عند البصريين جائزٌ عند الكوفيين، زيدًا ظننت قائمًا، هذا فيه نزاع، ظننت زيدًا قائمًا هذا يجب الإعمال عند البصريين، ويجوز الإلغاء عند الكوفيين، هذا ليس الذي هو معنا، المراد الحكم الثاني وهو: ما يسمى بالتعليق، الأول: الإلغاء، إفساد عمل ظن وأخواتها لفظًا ومحلاً، يعني: لا نقدر، ظننت زيدٌ قائمٌ على مذهب الكوفيين ظننت زيدٌ قائمٌ، ظننت فعل فاعل ملغاة، زيدٌ قائمٌ مبتدأ وخبر، هل هناك أثرٌ لظنة زيدٌ قائم؟ لا.
هل نقول: زيدٌ قائمٌ في محل نصب مفعولي ظن؟ نقول: لا.
هذا يسمى الإلغاء، أما التعليق فلا، إنما يمنع عمل العامل في اللفظ فقط، وفي المحل يكون لها أثر، فنقول: الجملة في موضع نصب مفعولي ظن، لكن ما هو العامل لذلك نقول: التعليق هو إبطال عملها لفظًا لا محلاً، متى؟
إذا اعترض بين العامل ومعموليه ما له حق الصدارة في الكلام، مثل: إن النافية، وما، ولا، والقسم، ولام الابتداء. ظننت لزيدٌ قائم، هذه شرحها في كتب النحو، أُمَثِّلُ فقط، ظننت لزيدٌ قائمٌ، أصلها: ظننت زيدًا قائمًا، على مذهب البصريين يجب الإعمال، ظننت فعل وفاعل، زيدًا مفعولٌ بأول لظن، وقائمًا مفعولٌ ثانٍ، دخلت لام الابتداء وقعت بين العامل والمعموليها ظننت لزيدٌ قائمٌ، تقول: هنا يجب الإلغاء وهو: أن لا يكون زيدٌ قائمٌ معمولي لطن في اللفظ، فيجب رفعهما على أنهما مبتدأ وخبر، ظننت لزيدٌ قائمٌ، ظننت فعل وفاعل، لزيدٌ لام الابتداء، زيدٌ مبتدأ، وقائمٌ خبر، كما تقول: زيدٌ قائمٌ. لكن لكون ظن أُلْغِيَتْ في اللفظ ولم تلغ في المحل فنقول الجملة في محل نصب مفعولي ظن، أو سدَّت فعولي ظن، إذًا: هذا ما يٌسمى بالإلغاء، أبطل عملها في اللفظ دون المحل، يسمى تعليقًا، قيل: شبه بالمرأة المعلقة. المرأة المعلقة لا مزوجة ولا مطلقة، وهذا يقولون: عامل لا عامل، ظننت لزيدٌ قائمٌ هذا عامل وليس بعامل صحيح؟ عاملٌ أين؟
في المحل، لا عامل؟ في اللفظ. لا مزوجة لا مطلقة مثلها، إذًا: نقول: ظننت لزيدٌ قائمٌ، لزيدٌ قائمٌ الجملة هنا المفعولان عُلِّقَا في اللفظ لا في المحل، يعني: بطل إعمال ظن لفظًا فلم ينفصل (زيد) و (قائم) على أنهما مفعولان لظن وإنما هما في المحل مفعولان، واضح هذا؟


ظننت إن زيدٌ قائمٌ، نفس الكلام قال: المبتدأ والخبر هنا الأصل أنهما مفعولان، ظننت زيدًا قائمًا فدخل ما له حق الصدارة في الكلام وهو: إن النافية فارتفع ما بعدهم على أنه مبتدأ وخبر، والجملة [في موضع نصب حال] (1) في موضع نصب مفعولي ظن.
(أو علقوا عنها العمل) يعني: الجملة الثانية التي تقع مفعولاً به مِمَّا علق يعني: منع النحاة عنها العمل في اللفظ لا في المحل، (أو كان آخر مفاعل أرى أو ظن) يعني: باب ظن قد يقع

ظن تدخل على المبتدأ والخبر، أليس كذلك؟ إذا كان الخبر الذي دخل عليه ظن جملةً أين يقع في باب ظن؟
المفعول الثاني، ظننت زيدًا يقرأُ، أصل التركيب قبل ظن

زيدٌ يقرأ، زيدٌ مبتدأ، ويقرأ الجملة خبر، لو أدخلت عليه ظن تقول: ظننت زيدًا، ارتفع زيد وهو مبتدأ على أنه مفعولٌ أول لظنَّ، أليس كذلك؟ يقرأ ما موضعه؟
.
في محل نصب مفعول ثانٍ لظن.
إذًا: تقع الجملة سواء كانت جملةً اسمية أو فعلية في محل نصبٍ مفعول ثاني لظن، وهل يصح أن تقع مفعولاً أول؟

عندكم؟
لا يصح، لِمَ؟
لأنه مبتدأ، المفعول الأول في باب ظن مبتدأ، فالمبتدأ هل يقع جملة فعلية اسمية؟
لا يقع. قلنا: ظننت زيدًا، زيدًا هذا مبتدأ، زيدٌ يقرأ هذا في الأصل والمبتدى لا يقع جملة فعلية ولا اسمية ولا جارًا ولا مجرورًا ولا ظرفًا، فإذا دخل عليه ظن نقول: يجب نصبه ولا يصح أن يقع جملةً، و (يقرأ) هذه الجملة التي هي خبر المبتدأ في الأصل خبرٌ للمبتدأ في الأصل نقول: [في موضع نصب الخبر] (2) في موضع نصبٍ مفعول ثاني لظن، أعلمت زيدًا عمرًا يقرأ، أعلم وأرى تَتَعَدَّى إلى ثلاث مفاعيل، أصلها رأى وعلم.
إِلَى ثَلاثَةٍ رَأَى وَعَلِمَا ... عَدُّوا إِذا صَارا أَرَى وَأَعْلَمَا

علم زيدٌ عمرًا فاضلاً، كم مفعول نصبت؟

مفعولين، إذا دخلت عليه الهمزة همزة التعدية عدتها إلى مفعولٍ ثالث
إِلَى ثَلاثَةٍ رَأَى وَعَلِمَا ... عَدُّوا إِذا صَارا أَرَى .......

إذًا: أصلها رأى إذا صارت أرى، وأعلم أصلها علما، فإذا صارت أعلم تَعَدَّتْ إلى ثلاثة، أعلمتُ زيدًا بكرًا يقرأُ، تعرب؟
أعلمتُ زيدًا بكرًا يقرأُ ...

نعم

نعم
ويقرأ فعل مضارع ...
أي، وقعت الجملة هنا في موضع نصب مفعول ثالث لأعلم، هل يصح أن يقع المفعول الثالث في باب أعلم وأرى جملةً فعلية واسمية؟

الثاني

ما أصل التركيب قبل أعلم؟
زيدٌ يقرأ
زيدٌ يقرأ نعم، أعلمتُ زيدًا عمرًا يقرأُ، أصل التركيب أو بكرًا يقرأ أصل التركيب بكرٌ يقرأ مبتدأ وخبر، أعلمتُ زيدًا بكرًا نصبت المبتدأ، هل يصح المفعول الثاني هذا يقع جملة؟
لا يقع
لا يقع لِمَ؟

لأنه في الأصل مبتدأ، والمبتدأ لا يكون جملةً فعلية ولا اسمية.
إذًا: الموضع الثالث (أو كان آخر مفاعل أرى)، (مفاعل) جمع مفعول، يُجمع على مفاعل ومفاعيل، (أو كان) يعني: أو وقعت الجملة في موضع نصب مفعولٍ به إذا (كان آخر مفاعل أرى) وأعلم، أعلمت زيدًا بكرًا يقرأُ، يعني: إذا وقعت المفعول الثالث، وعين الثالث لماذا؟
__________
(1) سبق.
(2) سبق.


لأن الثاني مبتدأ والأول مفعول منفك منفصل أعلمت زيدًا، (أو ظن) هذا الذي ذكرناه، (أو ظن) ظننت زيدًا يقرأُ، يقرأُ في موضع نصب مفعول ثاني لظن ولا يصح أن يقع المفعول الأول في باب ظن جملةً فعلية ولا جملةٌ اسمية.
إذًا نقف على هذا ونقول:
الجملة الأولى: هي الواقعة خبرًا لمبتدأٍ في الأصل أو في الحال.
الجملة الثانية: التي لها محلٌ من الإعراب الجملة الحالية.
الجملة الثالثة: التي لها محل الإعراب والجملة التي تقع مفعولاً به ولها واحدٌ من ثلاثة مواضع: إما أن تكون محكية بالقول أو مرادفه، أو تكون معلقةً في باب ظن وأخواتها، أو تكون المفعول الثالث في باب أعلم وأرى، والمفعول الثاني في باب ظن.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.