شرح نظم قواعد الإعراب

عناصر الدرس
* الباب الثالث: في تفسير كلمات.
* أنواع الكلمات.
* ألفاظ النوع الأول ماجاء على وجه وعددها ومعانيها.
* النوع الثاني ماجاء على وجهين (إذا: ظرفية، فجائية).

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
هذا هو الباب الثالث من هذا الكتاب وذكر فيه كما نبهت سابقًا بعض الألفاظ التي عدها بالعشرين وزاد بعضهم عليها اثنين صارت اثنين وعشرين أو اثنتين وعشرين كلمة, هذه الكلمات يكثر دورانها في ألسنة المعربين على جهة الخصوص ولذلك قال المعرب, وهذه العلم بها جميلٌ ومحمودٌ, والجهل بها قبيح ومذموم يعني: يقبح بالمعرب والواقف على قواعد النحاة أن يجهل معاني هذه الألفاظ لذلك قال: (الباب الثالث) من الأبواب الأربعة الرسالة كلها في أربعة أبواب هذا الباب الثالث من الأبواب الأربعة المشتمل عليها الكتاب (في تفسير كلمة) يعني: في إيضاح بيان لأن التفسير مأخوذ من الفسر وهو الإيضاح, في بيان وتعداد كلمات كثيرة هذه الكلمات يحتاج إليها المعرب, يعني إلى معرفتها, والوقوف على معانيها لأنها تفتر وتشكل في الإعراب على جهة الخصوص ومن جهة المعنى أيضًا لفهم التركيب (يحتاج إليها المعرب) يعني: يحتاج إلى معرفتها. (وهي) أي تلك الكلمات عشرون كلمة (على ثمانية أنواع) يعني: وزعها وفرقها على ثمانية أنواع لماذا؟ لأن منها ما له معنًى واحدًا ومنها ما له معنيان, ومنها ما له ثلاثة معاني , ومنها ما له أربعة معاني, إذًا تختلف فجمع ما له معنًى واحد في باب, وما له معنيان في باب, وما له ثلاثة معاني في باب, من أجل التقريب والحصر للطلاب وهي عشرون على ثمانية أنواع.
النوع الأول: من هذه الثمانية الأنواع ما جاء على وجه, يعني (ما جاء) يعني لفظ من هذه العشرون جاء وورد وثبت (على وجه) يعني: على معنى واحد لا غير ليس له إلا معنى واحد, (وهو أربعة ألفاظ) هو ذكر خمسة ألفاظ لكن لعله جعل أبدًا داخلة في عوض, ابن هشام رحمه الله ذكر أربعة وذكر أن أبدًا مثل عوض في المعنى, فإن شئت عدَدْت عوض وأبدًا اثنين, وإن شئت عددتها بواحد, لأنها خمسة عند ال .... عوض وأبدًا وقط هذه ثلاث, وأجل وبلى التي ذكرها في هذا الباب خمسة (عوض وأبدًا وقط وأجل وبلى) هو نظَّر "عوْض" مثل أبدًا يعني: ذكر أبدًا استطرادًا فإن شئت عدها خمسة فلا إشكال.
عَوْضُ افْتَحْ العَيْنَ وَثَلِّثِ الأَخِيرُ ... وَإنْ أَضَفْتَهُ فَبِالفَتْحِ جَدِيرُ


(عوض) هذه أولها مما جاء على معنى واحد يعني: لا يستعمل إلا في معنى واحد لكن ضَبَط عوض هذه من جهة الشكل لأنها تختلف لغةً (عوْض افتح العين) عوض هذا مبتدأ, عوض مبتدأ (افتح العين) (افتح) أيها المعرب العين منه "عَوض" ليس لها إلا فتح العين, مع تسكين الثاني عَوْ تسكن الثاني الكلام والتفصيل في الثالث قال: (وثلث الأخير). الأخير الذي هو الضاد (وثلث الأخير) أي: وثلث الحرف الأخير يعني: يجوز بناؤه على الحركات الثلاث, يجوز أن يبنى على الكسر ويجوز أن يبنى على الضم ويجوز أن يبنى على الفتح (وثلث الأخير) أي: وثلث الحرف الأخير يعني: يجوز بناؤه على الحركات الثلاث تقول (عَوْضَ) هو مبني عَوْضُ هذا مبني في الحالات الثلاث لماذا بني؟ قيل: لشبهه بالحرف في الإبهام لشبهه بالحرف في الإبهام لماذا؟ لأنه يقع على كل زمان متأخر ففيه إبهام (عَوْضَ) هذا بناؤه على الفتح طلبًا للخفة لاجتماع الواو والضم (عَوْضِ) بالكسر على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين لأن عَوْض الأصل في المبني أن يسكن التقى ساكنان الواو والضاد نقول: قد نفتحه تخفيفًا "عَوْضَ" ونكسره على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين (عَوْضُ) بالضم حملاً له على قبل وبعد, حملاً له على قبل وبعد, إذًا عرفنا بهذا الشطر أن عَوْضُ الأصل فيها البناء وهذا إذا لم تضف إذًا يجوز تحريك الأخير الحرف الأخير وهو الضاد بالحركات الثلاث إن لم يضف, وأما إن أضيف فبين الناظم فقال (وإن أضفته) يعني: وأما إن أضفته تفهم أن الحركات السابقة فيما إذا قطع عن الإضافة يعني: إذا لم يضف, وأما إن أضفته (فبالفتح جدير) بالفتح جار ومجرور متعلق بقوله (جدير) وجدير/ هذا معناه حقيق حقيقٌ يعني: جديرٌ حقيقٌ (فبالفتح جدير) متى؟ إذا أضيف إلى ما بعده (لا أَفْعَلُهُ عَوْضَ الْعَائِضِين) يعني: أبد الدهر, عَوْضَ الْعَائِضِين حينئذٍ لا يجوز إلا أن يكون مفتوحًا لأنه معرب, وحينئذٍ يكون ظرفًا منصوبًا ليس مبنيًا, والأحوال الثلاث السابقة عَوْضُ عَوْضَ عَوْضِ هذه فيما إذا بني ولم يضف, أما إذا أضيف فهو معرب ويلزم النقص {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ} [الأنفال: 42] دائمًا يكون منصوب كذلك (لا أسرق لا أَفْعَلُ الشَّيْءَ عَوْضَ الْعَائِضِين) يعني: أبد الدهر, حينئذٍ يكون معربًا وملازمًا للنصب على الظرفية لذلك لا يجوز أن يقال "عَوْضِ" وعَوْضُ", لا موجب له وإنما هنا يجب أن يكون منصوبًا على الظرفية.
والكل منصوب على إضمار في ** فاعتبر الظرف بهذا واكتفي


والكل منصوب يعني: كل من ظرف الزمان وظرف المكان: منصوب على إضمار في إذًا هذا الأصل في الظرف أن يكون منصوبًا لفظًا أو محلاً إذًا (وإن أضفته فبالفتح جدير) يعني: فهو حقيق بالإعراب والنصب على الظرفية (فبالفتح جدير) (جدير) هذا نقول: إيش إعرابه؟ مبتدأ (فبالفتح) جار ومجرور متعلق بـ (جدير) خبر مبتدأ محذوف يعني: فهو جدير بالفتح, والجملة في محل جزم جواب الشرط إنْ, إِن/ شرطية أضفت/ هذه جملة فعل الشرط أضفت/ أضاف أين جوابه؟ فهو جدير بالفتح الفاء واقعة في جواب الشرط لماذا؟ لأنه جملة اسمية فجدير هذا خبر مبتدأ محذوف إذًا إذا أضيفت عَوْضُ نقول: وجب إعرابها وحينئذٍ تكون منصوبة على الظرفية مثاله المشهور عن العرب لا أَفْعَلُهُ عَوْضَ الْعَائِضِين يعني: أبد الدهر. عَوْضَ هذا ظرف منصوب على الظرفية والعامل فيه أَفْعَلُهُ.
وأَبَدًا ظَرْفَانِ لِلْمُسْتَقْبَل ... اسْتَغْرَقَاه قَطّ بِالعَكْسِ اجْعَل

ثم قال (وأبدا) هذا عطف على المبتدأ (عَوْضُ وأَبَدًا) أبدًا هذه في المعنى مثل عَوْضُ وإن تختلف عنها في بعض الأمور سيأتي التنصيص عليها, عَوْضُ وأبدًا ظرفان عَوْضُ قلنا: مبتدأ. أين خبره؟ (ظرفانِ) ما بين عَوْضُ: المبتدأ والخبر نقول: اعتراض لا محل له من الإعراب, أصل التركيب عَوْضُ وأبدًا ظرفان, ثم اعترض بين الجملتين بين المبتدأ والخبر بجمل معترضة أو جملة معترضة في أثناء جملة معترضة في بيان حالتي "عَوْضُ" كونها مبنية وكونها معربة, مبنية إن لم تضف ويكون بناؤها على الفتح أو الكسر أو الضم, وتكون منصوبة لفظًا إذا أضيفت إلى ما بعدها. ما معناها؟ قال (ظرفان)


(عوض وأبدًا ظَرفان) هذا خبر للمبتدأ وما عطف عليه هكذا لا بد أن نقول: ظرفان خبر للمبتدأ عوض وما عطف عليه, لماذا نقول هذا يا عبد القدوس؟ ظرفان نقول: خبر للمبتدأ عوض وما عطف عليه؟ مفردة أحسنت المبتدأ عَوْضُ مفرد وظرفان مثنى, ويشترط في المبتدأ والخبر (التطابق إفرادًا وتثنيةً وجمعًا) هنا لم يحصل التطابق فنقول: ظرفان هذا خبر للمبتدأ "عَوْضُ وما عطف عليه" قال (ظرفان للمستقبل) أي: لما يأتي من الزمان (استغرقاه) استغرقا أي: "عوض وأبدًا" استغرقا الزمن المستقبل, إذًا نقول: عوض وأبدًا ظرفان للزمان المستقبل على جهة الاستغراق يعني: لا يفوته جزء من أجزائه "عوض" ظرف لاستغراق ما يستقبل من الزمان, و"أبدًا" ظرف لاستغراق ما يستقبل من الزمان لكن عوض بعضهم يقول: غالبًا, لأنها قد تأتي بمعنى قط (مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ عَوْضُ) عوض هنا جاءت للماضي يعني: موضع قط. ولذلك بعضهم يقول: ظرف الاستغراق ما يستقبل من الزمان غالبًا, احترازًا مما إذا استعملت عوض في الزمن الماضي, لأن الأصل فيها أن تُستعمل للزمن المستقبل مثل أبدا, عَوْضُ وَأَبَدًا ظرفان (للمستقبل) أي: لما يأتي من الزمان (استغرقاه) يعني: استغرق عوض وأبدًا الزمان المستقبل, لكن عوض هذه لا تكون إلاَّ مبنية إذا أفردت عن الإضافة, أبدًا/ هذه لا تبنى يكون دائمًا منصوب على الظرفية عوض/ لا تستعمل إلا في النفي يعني: ملازمة للنفي تقول (لا أَفْعَلُهُ عَوْضَ) يعني: لا أسرق عوض. معناه لا يصدر مني فعله في جميع أزمنة المستقبل "عَوْضُ ملازم" للنفي بخلاف أبدًا فلا يبنى ولا يختص بالنفي يعني: أبدًا. {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} لا أَفْعَلُهُ أبدا يعني: يكون مع النفي ويكون مع الإثبات, أما "عوضُ" لا يكون إلا مع النفي أما "أبدًا" تكون مع النفي وتكون مع الإثبات قيل: عوض لماذا سمي الزمان عوضًا؟ قيل: لأنه كلما ذهب ذهبت منه مدة عوضتها مدة أخرى. لم سمي الزمان عوضًا لم أطلق عليه هذا اللفظ؟ من باب الحكمة التماس الحكمة قيل: كلما ذهبت منه مدة عوضته مدة أخرى. هكذا قيل إذًا "عوضُ وأبدًا" يقال في كل واحد منهما ظرف لاستغراق ما يستقبل من الزمان, لكنه يقيَّد في عوض بأنه على جهة الغلبة يعني: غالبًا. وقد يأتي بمعنى قط يعني: لاستغراق الزمن الماضي تقول (مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ عَوْضُ) يعني: قط. في الزمن الماضي عوض وأبدًا ظرفان لمستقبل استغرقاه.
ثم شرع في بيان اللفظ الثاني مما له معنى واحد قال (قط بالعكس اجعل). (قط) هذا مفعول به (بالعكس اجعل) (بالعكس) متعلق بـ (اجعل) اجعل هذا فعل أمر (اجعل) أيها المعرب يعني: صيِّرِ. (قط بالعكس) يعني: بالعكس بعكس عوضُ وأبدًا في المعنى ما معنى عوضُ وأبدًا؟ ظرفان لاستغراق ما يستقبل من الزمان, قط عكسها ما هو؟ ظرف لاستغراق ما مضى من الزمان إذًا (قطٌّ) بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة هي اللغة الفصيحة (بالعكس اجعل) يعني اجعل قط بالعكس عكس عوض وأبدًا أيها المعرب في المعنى, فتكون حينئذٍ قط لاستغراق ما مضى من الزمان.
بِفَتْحِ قَافِهِ وَضَمِّ الطَّاءِ ... مُشَدَّدًا فِي اللُّغَةِ الفَُصَحَاءِ


* ثم شرع في بيان ضبط قط لأن لها خمس لغات (بفتح قافه وضم الطاء * مشددًا) (بفتح قافه) قَا (وضم الطاء) منه حال كونه يعني: كون الطاء. (مشددًا) قال: (في اللغة الفصحاء) يعني: من اللغات الخمس يقال: قَطُّ. بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة، ويقال: قَطِّ. بفتح القاف وتشديد الطاء مكسورة، ويقال: قُطُّ. ضم القاف إتباعًا للطاء مشددة مضمومة، ويقال: قَطُ. بفتح القاف وتخفيف الطاء مضمومة، ويقال: قَطْ. بفتح القاف وتسكين الطاء. (قَطُّ) بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة هذه الأولى وهي الفصحى (قَطِّ) بفتح القاف وتشديد الطاء مكسورة (قُطُّ) إتباع القاف للطاء يعني كالأولى (قَطُ) بفتح القاف وتخفيف الطاء مضمومة (قَطْ) بفتح القاف وإسكان الطاء هذه خمس لغات, لكن الفصيحة (بفتح قافه وضم الطاء ** مشددًا في اللغة الفصحاء) إذًا قَطُّ نقول: ظرف لاستغراق ما مضى من الزمان لكنه ملازم للنفي يعني: لا يستعمل في الإثبات تقول (لا أَفْعَلُهُ قَطُّ) مَا فَعَلْتُهُ, لا أَفْعَلُهُ هذا لحن لماذا؟
لأن أَفْعَل هذا للاستقبال, وإنما تأتي للفعل الماضي تقول (مَا فَعَلْتُهُ قَطُّ) أما (لا أَفْعَلُهُ قَطُّ) قال ابن هشام في قواعد الأصل: إنه لحن من لحن العوام, وإنما يقال (مَا فَعَلْتُهُ قَطُّ) هَذَا الشَّيْءُ مَا فَعَلْتُهُ قَطُّ أي: لم يصدر مني فعله في جميع أزمنة الماضي, قيل: قط هذا مشتق من القَطِّ وهو القطعُ (مَا فَعَلْتُهُ قَطُّ) أي: ما فعلته فيمن قطع من عمري لأن قط هذا مشتق من القطع لأن الزمن الماضي منقطع عن الحال والمستقبل ولذلك يلحنوا (لا أَفْعَلُهُ قَطُّ) إذًا هذا هو الثاني أو الثالث يحتمل.
حَرْفُ أَجَلْ تَصْدِيقُ إِخبَار جَلا ... حَرْف بَلَى جَوَاب نَفْي مُسْجَلا

ذكر الثالث بقوله (حرف أجل) أَجَلْ بفتح الهمزة والجيم وإسكان اللام, بفتح الهمزة همزة القطع والجيم وإسكان اللام ويقال فيها "بَجَلْ" بقلب الهمزة باء بَجَلْ كـ أَجَلْ في لغة فيها, أَجَلْ/ هذه حرف موضوع لتصديق الخبر مثبتاً كان أو منفيًا في تصديق الخبر مثبتًا كان أو منفيًا يقول (جَاءَ زَيْد) يقول لك القائل (جَاءَ زَيْد) فتقول له: أَجَلْ يعني: صدقت لأنه يقول أَجَلْ/ حرف موضوع لتصديق الخبر يعني: خبر المخبر جَاءَ زَيْدٌ هذا مثبت فتقول: أَجَلْ يعني: صدقت. مَا جَاءَ زَيْد فتقول: أَجَلْ يعني: صدقت. إذًا تستعمل أجل في الكلام سواء كان مثبتًا جوابًا سواء كان مثبتًا أو منفيًا (حرف أجل تصديق إخبار) (حرف) هذا مبتدأ و (جلا) بمعنى ظهر والفاعل ضمير مستتر يعود على "أَجَلْ" والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ (تصديق) هذا يقول الشارح إنه مفعول لـ (جلا) مقدر يعني: حرف أَجَلْ جلا تصديق إخبار. وهذا فيه إشكال, تصديق إخبار يعني: تصديق إخبار مخبر يعني: يخبرك مخبر سواء كان الخبر مثبتًا أو منفيًا فتجيبه بـ أَجَلْ. يعني: صدقت في كلامك أيها المخبر إذًا (أَجَلْ) هذه نقول: حرف موضوع لتصديق الخبر مثبتًا كان أو منفيًا.
.............................. ... حَرْف بَلَى جَوَاب نَفْي مُسْجَلا


الرابع: (حرف بلى). (نفي مسجلا) نقول: (بلى) هذه مركبة من ثلاثة أحرف: حرف موضوع لإيجاب الكلام المنفي. ما معنى لإيجاب الكلام؟ يعني: إثبات, ألا نقول: سلب وإيجاب؟ سلب النفي, والإيجاب الإثبات, حرف موضوع لإيجاب الكلام المنفي يعني: لإثباته ولذلك تثبت ما بعدها عكس حكم ما قبلها أليس كذلك قال (مسجلاً) (مسجلاً) يعني: مطلقًا سواء كان النفي مجردًا عن الاستفهام أو مقرونًا به لماذا؟ لأن بلى هذه خاصة بالمنفي ولا تقع جوابًا للمثبت {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} نفوا البعث {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7] بلى أبطلت النفي السابق, وأثبتت ما بعدها نقيض ما قبلها الأول ما قبلها/نفي البعث ما بعدها/ بلى لتبعثن هذا في النفي المجرد {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍعَبْدَهُ} [الزمر: 36] بلى كاف عبده إذًا عكس ما قبلها إذًا بلى هذه لإيجاب حرف موضوع لإيجاب الكلام المنفي, لا تكون إلا جوابًا لكلام منفي ولا تكون جوابًا لكلام مثبت {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] إذًا حرف بلى/ إيجاب نفيٍ يعني: حرف إيجاب الكلام المنفي (مسجلا) يعني: مطلقًا, دائمًا في النظم يعرفون بمسجلاً عن مطلقًا يعني: بدون قيد لأن الكلام المنفي قد يكون مقرونًا باستفهام, وقد يكون غير مقرون باستفهام يعني: نفيًا مجردًا مثل {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} هذا نفي مجرد غير مقرون بالاستفهام {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] بلى نقول: هذا نفي مقرون بالاستفهام {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80] ... إلى آخره, إذًا حرف بلى إيجاب نفي مسجلا يعني: مطلقًا, ولا تقع بعد المثبت (إيجاب نفي) يعني تصيره موجبًا بعد أن كان منفيًا إذًا هذا هو النوع الأول: ما جاء على وجه واحد يعني: على معنى واحد وهو عَوْضُ وأبدًا هذا واحد, قَطُّ وَأَجَلْ وبلى, عَوْضُ/ ظرف لاستغراق ما يأتي من الزمان هذا عَوْضُ قَطُّ/ لما مضى من الزمان أَجَلْ/ حرف موضوع لتصديق المخبر وبلى/ هذا حرف موضوع لإيجاب النفي يعني: لإثباته.
ثم انتقل إلى النوع الثاني وهو: ما جاء على وجهين.

النوع الثاني: ما جاء على وجهين. أي: معنيين. وهو: "إذا" إِذَا بغير التنوين بغير النون ليس هو إذًا إذا قال رحمه الله:
مُسْتَقِبلٌ ظَرْف إذَا شَرَطا يجَر ... جَوَابُهُ يَنْصِبُه فَلا يَُضَر

من يعرب هذا البيت؟
(مستقبَل) هذا بفتح الباء مستقبَل يعني: ما يستقبل من الزمان. (مستقبل ظرف إذا) إذا ظرف مستقبل هذا الأصل (مستقبل) هذا خبر مقدم (ظرف) هذا نعته (إذا) هذا مبتدأ ومقصوده أن لفظ إذا لا بد أن نقدر لفظ إذا لم؟


لأن المقصود هنا لفظه, ليس المقصود معناه, لفظ "إذا" ظرف مستقبلٌ أي: دال على ما يستقبل من الزمان غالبًا أيضًا نقيده (غالبًا) ظرف مستقبل أي: دالٌ على ما يستقبل من الزمان غالبًا "إذا" ظرف مستقبل غالبًا لأنها قد تخرج عن الاستقبال فتكون للمضيِّ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] {وَإِذَا رَأَوْا} هذا متى؟ في الماضي إذًا خرجت عن الاستقبال إلى المضي, وقد تكون ظرفًا للحال فيما إذا وقعت بعد القسم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: 1] هذا للحال الآن, وقد تكون لغير الشرط كما في قوله تعالى {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37] إذا/ هذه ليست للظرف المستقبل الزماني, وإنما هي لغير الشرط لأن التي معنا ضمنت معنى الشرط, ولذلك قال (شرطًا يجر*جوابه ينصبه) إذًا لها شرط ولها جواب وشرطها أيضًا في محل الجر بإضافة إذا إليها, أما التي لغير الشرطية فهذه لا تحتاج لا لشرط ولا لجواب ولا يكون ما بعدها مضافًا إليها, بل تكون بمعنى وقت {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} {وَإِذَا مَا} ما هذه.
يا طالبًا خذ فائدة ** ما بعد إذا زائدة
والتقدير "هم يغفرون" وقت غضبهم يعني: ليس فيه معنى الشرط. إذًا (ظرف إذا) مستقبل ظرف إذا قصد لفظه وهو مبتدأ ظرف مستقبل غالبًا يعني: يدل على الاستقبال الزمن المستقبل ولكنْ نقيده غالبًا (شرطًا يجر) يجر شرطًا له, يجر ما هو؟ إذَا, يجر أين الفاعل؟ ضمير مستتر تقديره هو يعود على إذا شرطًا هذا مفعول به مقدم شرطًا له يعني: لـ إذا إذًا إذا مستقبل ظرف يَجرُّ شرطًا له بإضافته إليه يجر كيف يجر؟ هو ليس حرف جر لأن المجرور إما أن يكون بحرف أو مضاف, وإذا ليست حرف جر إذًا بماذا؟ بإضافته إليه واضح هذا قوله (يجر إذا شرطًا له) معلوم من السياق أنه بإضافته إليه لأن إذا ليست حرفًا لأنه محصور في قسمين يعني: الجر لا يكون إلا بحرف جر الذي هو الكسر, أو بالمضاف, وإذَا هنا تضاف إلى شرطها (جوابه ينصبُهُ) الضميران يعودان إلى الاثنان؟ (جوابه ينصبه) الضميران يعودان على إذا ,نعم أحسنت (جوابه ينصبه) يعني: جواب "إذا" ينصب "إذا" هذا التقدير جواب "إذا" ينصب "إذاط وهذه المشهورة على ألسنة المعربين أن يقولوا فيها: ظرف مستقبل خافض لشرطه منصوب بجوابه. إذًا (جوابه) هذا مبتدأ (ينصبه) الجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع خبر المبتدأ, الإعراب يميز لك المعنى (جوابه) أي: جواب إذا. (ينصبه) إذًا إذا هذه تخفض شرطها فيكون في محل جر, وهي هي ظرف والكل منصوب على إضمار فيه, تنصبه فيه الواقع فيه إذًا ما العامل فيه؟ إذا هي ظرف منصوبة على الظرفية محلاً هنا لأنها مبنية في اللفظ ما العامل فيه؟ جوابه (جوابه ينصبه) ينصبه على أي شيء؟ على الظرفية, أمَا قلنا في الأصل "إذا" ظرف مستقبل, وكل ظرف لا يكون إلا منصوبًا، وكل منصوبٍ على إضمار فيه, إذا تعمل في ما بعدها تضاف إليها تعمل الجر محلاً هي منصوبة محَلاً ما العامل فيها؟ الجواب, لماذا لا يكون الشرط؟ لأن المضاف إليه لا يعمل فيه المضاف, وذلك المشهور على ألسنة المعربين: ظرفٌ مستقبلٌ خاطبٌ لشرطه منصوبٌ لجوابه.


فانصبه بالواقع فيه مظهَرا ** كان وإلا فانوه مقدرا
(فلا يضر) قال (جوابه ينصبه) يعني: كون الجواب ينصبه لا يضر لماذا؟ لأنَّ الجواب متأخر, و "إذا" متقدمة فكيف ينصبه يقول: لا يضر, لماذا؟ لأن الأصل في إذا التأخير والأصل في الجواب التقدير تقول (إذا جاء زَيْدٌ أُكْرِمُكَ) إذا جاء زيد أُكْرِمُكَ طيب إذا جاء، إذا/ هذه نقول: ظرفٌ مستقبلٌ يعني: يدل على الاستقبال زمنه الاستقبال، إذا جاء زيد/ هذا فعل الشرط إذًا: إذا مضاف وجاء زيد/ هذا في محل جر مضاف إليه والعامل فيه/ إذا أَكْرَمْتُهُ أو أَكْرَمْتُكَ أو أُكْرِمُكَ قدر ما شئت نقول: هذا جواب الشرط، والجملة لا محل لها من الإعراب, لأنَّ الجملة الواقعة جوابها أداة شرطٍ غير جازمة هذه من الجمل التي لا محل لها من الإعراب (أُكْرِمُكَ) هذا هو الجواب هو العامل في إذا النصب, كيف؟ والعامل متأخر والمعمول متقدم؟ نقول الأصل (أُكْرِمُكَ إذا جاء زيد) هذا الأصل أُكْرِمُكَ إذا جاء زيد، أُكْرِمُكَ فعل فاعل ومفعولٌ به إذا منصوب على الظرفية محلاً متعلق بأكرمك جاء زيد، وإذا مضاعف لأنه ظرف، وجاء زيد هذه الجملة في محل جر مضاف إليه, حصل تقديمٌ وتأخير (إذا جاء زيد أكرمك) لتضمنها معنى الشرط والأصل في أداة الشرط أن تكون متقدمة, لها الصدارة واضح هذا يا إخوان؟ إذًا (مستقبل ظرف إذا شرطا يجر ** جوابه ينصبه) لماذا ينصبه؟ لأنه ظرف, لأنه ظرف وكل ظرفٍ منصوبٌ محلاً أو لفظًا، لفظًا أو محلاً، (فلا يضر) يعني: فلا يضر كون الجواب ناصبًا له مع تأخيره عنه في اللفظِ, لأنه متقدمٌ أصالةً, والأصل (أكرمك إذا جاء زيدٌ) فتقدَّمت إذا أو تأخر جواب الشرط لأنه ماذا؟ لأن إذا لها الصدارة في الكلام هذا الأصل فيها.
واخْتَصَّ ذَا بِالجُمْلَةِ الفِعْلِيَّةِ ... وذُو المُفَاجَأَةِ بِالِإسمْيَِّة

(واختص ذا بالجملة الفعلية) إذا هذه لا تضاف إلاَّ إلى الجملة الفعلية, الاسمية لا تدخل عليها، (واختص ذا) أي: هذا الظرف الذي هو إذا (بالجملة الفعلية) يعني: بالدخول على الجملة الفعلية على الأصح, بالجملة الفعلية على الأصلح لماذا على الأصح؟ خلافًا لأبي الحسن الأخفش فإنه جوَّز دخول إذا وإن على جهة الخصوص من أدوات الشرط على الجملة الاسمية, ولذلك نقول: الصحيحُ أنها لا تدخل إلاَّ على الجملة الفعلية ولذلك يؤول {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة: 6] {أَحَدٌ} هذه إيش إعرابه؟ نقول: فاعل وليس مبتدأ.


* اتفق البصريون والكوفيون يعني: الجماهير منهم على أن الاسم المرفوع بعد أداة الشرط سواءٌ كانت عاملة جازمةً أو لا أنه ليس معمولاً أنه ليس مبتدئًا, فقدَّره جمهور البصريين فاعلاً لفعلٍ محذوف {وَإِنْ أَحَدٌ} أي وإن استجارك أحدٌ، وقدَّره الكوفيون جمهور الكوفيين على أنه فاعل أيضًا ليس مبتدأ, فاعلٌ للفعل المذكور بعده {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} استجار هذا أين فاعله؟ قالوا {أَحَدٌ} تقدم عليه بناءً على قاعدتهم من (جواز تقديم الفاعل على العامل) (زيدٌ قام) قام زيدٌ/ يجوز عند الكوفيين أن يتقدم الفاعل على الفعل بناءً على هذا قالوا: إذا جاء الاسم المرفوع بعد إنْ الشرطية وإذا الشرطية لأنه يغلب أن يلي هذين الأداتين أو هاتين الأداتين اسم مرفوع, إذا جاء الاسم المرفوع بعد إن الشرطية أو إذا الشرطية عند البصريينَ: أنه فاعل وليس مبتدأ والعامل فيه فعلٌ محذوف يفسِّره المذكور وهو من باب الاشتغال، وعند الكوفيين أيضًا لا يكون مبتدئًا لأن إنْ وإذا لا يليها إلا الفعل, وحينئذٍ يجب التأويل قالوا: هذا الاسم المرفوع فاعلاً مقدمًا للعامل المذكور بما وراءها أو بعدها عند أبي الحسن الأخفش أن {أَحَدٌ} و {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] في هذا التركيب أنه مبتدأ والجملة بعدها خبر قال: لكثرة ما ورد من الأسماء المرفوعة بعد إنْ وإذا, ولا حاجة للتقدير فنقول {السَّمَاء} مبتدأ، والجملة {انشَقَّتْ} خبر {أَحَدٌ} هذا مبتدأ {اسْتَجَارَكَ} الجملة خبر, لكن المرجح أنه لا يلي إذا الشرطية ولا إن الشرطية إلاَّ الأفعال الجملة الفعلية, لأن الشرط تعليق، تعليق شيءٍ بشيء وهذا لا يحصل إلا بالأفعال, الأسماء جامدة الأصل أنها لا يعلق شيءٌ على شيء بالأسماء, وإنما لذلك خصص الجوازم التي تعلم في فعلين اختص في ماذا؟ بالفعل .. ولا تصنع الجملة اسمية لا تكون مجزومةً لا الاسم, ولا الجملة أصالةً, لا الاسم أعني الاسم الجملة لا تكون في محل جزم إذا وقعت جواب جوابًا لشرط لكن الاسم المفرد لا يتسلط عليه الجزم لماذا؟ لأن الجزم من خصائص الأفعال, إذا كان عاملاً واحدًا يعني يجزم فعلاً واحدًا لا إشكال فيه, إن كان يجزم فعليه هذا يسمى أداة الشرط ما معنى الشرط؟ تعليق شيءٍ بشيءٍ، تعليق شيءٍ بشيءٍ هذا لا يليق بالجواب لأن الأصل في الاسم أن يكون جامدا, وإذا وجد اسمٌ فيه معنى الحدث فهذا تجده متصلاً بالأفعال بعيدًا عن معنى الأسماء, فلذلك نقول "إذَا" لا تدخل إلا على الجملة الفعلية ودخولها على الماضي أكثر من دخولها على المضارع لذلك قال (واختص) يعني (ذا)، (ذا) اسم إشارة المفرد المذكر مرجعه الإشارة (بالجملة) يعني بالدخول على الجملة الفعلية
وألزموا إذًا إضافةً إلى ** جمل الأفعال كهن إذا
(واختص ذا بالجملة الفعلية) يعني: بالدخول على الجملة الفعلية على الأصح خلافًا لأبي الحسن الأخفش, وإذا دخلت على الجملة الاسمية أو ظاهره أنه اسمٌ مرفوع نقول: مؤول {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ} [الانفطار: 1]، {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} نقول: {السَّمَاء} هذا فاعلٌ لفعلٍ محذوف هذا مذهب جمهور البصريين يفسره الاسم الفعل المذكور.


(وذو المفاجأة) هذا النوع الثاني، نقول: إذا لها وجهان معنيان:
المعنى الأول: كونها اسمًا وهي ظرفٌ لما يستقبل من الزمان.
النوع الثاني: أن تكون للمفاجأة وهي التي تسمى "إذا الفُجائية" بضم الفاء، إذا الفجائية لدلالتها على الفجأة يعني البغتة والهجوم, والغرض الإتيان به الدلالة على أن ما بعده يحصل بعدَ وجوبِ ما قبله على سبيل البغتة, يعني يستدل بإذَا أو يُؤتى بها للدلالة على أن ما بعدها يحصل بالنسبة لما قبلها على جهة الهُجوم والبغتة (خرجت فإذا الأسد) يعني حاضر أو (فإذا الأسد موجدٌ) نقول: إذا هذه إذا الفجائية ماذا استفدت منهما عندما تسمع هذا التركيب؟ أنك فوجئت وهجم عليك وجود الأسد بعد الخروج إذًا: ما بعدها يحصل بعد ما قبلها فجأةً على الهجوم والفجأة، ومعناه الحال لا الاستقبال (خرجت فإذا زيدٌ قائم) يعني "ففي الحضرة" كما يعبر ابن عقيل, ففي الحضرة زيدٌ قائمٌ لذلك معناها الحاء (وذو المفاجأ) هذه ذو هنا ذو بمعنى ماذا؟ صاحبة معطوفٌ على ذا واختص ذا بالجملة اسم إشارة (وذو المفاجأة) (وذو المفاجأة) يعني: إذا التي للمفاجأة من إضافة الدال للمدلول, اختص بماذا؟ بالاسمية يعني: بالدخول على الجملة الاسمية دون الجملة الفعلية وهي التي يقع مبتدأ بعدها, وهذا على الصحيح أنها حرف وأنها تختص بالجملة الاسمية ثم قال:
والخُلْفُ فِيهِ هَلْ يُعَدُّ حَرْفًا ... أَوْ لِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ ظَرْفَا

اختلف النحاة هل إذا الفجائية حرف أم اسمٌ؟ وإذا قيل اسم هي ظرف لا شك فيه, هل هي ظرف مكان أم ظرف الزمان ثلاثة أقوال؟ المرجح عند المحققين كابن مالك رحمه الله إنها حرفٌ وليست ظرف, وذهب بعض على أنها ظرف مكان وبعضها إلى أنها ظرف مكان ففيه ثلاث أقوال (والخُلْفُ) بضم الخاء وإسكان اللام اسم مصدر بمعنى الخلاف بخلف بضم الخاء وإسكان اللام اسم مصدر بمعنى الخلاف يعني: والخلاف خاصٌ فيه الضمير يعود على إذ الفجائية هل يعد عندهم عند النحاة حرفًا من الحروف؟ وأوْ للتنويع أوْ ظرفًا لمكانٍ أوْ زمانٍ أوْ ظرفًا لمكانٍ أو زمانٍ؟ هذه ثلاثة أقوال؟ المرجَّح أنها حرفٌ (خرجتُ فإذا إنَّ زيدًا بالباب) خرجت هذا أورده الشارح خرجت فإذا إنَّ زيدًا بالباب خرجت فإذا/ هذه إذا الفجائية إنَّ زيدًا/ إن بعد إذا الفجائية يجوز فيها الكسر والفتح وهذا مبني على أنها حرفٌ.
بعدَ إذَا فُجاءة أوْ وقسم ... لا لامَ بعده بوجهين نُمِي


بعدَ إذَا فُجاءة أوْ وقسم ... لا لامَ بعده بوجهين نُمِي يعني: يجوز الكسر ويجوز الفتح, يجوز الكسر فتجعل ما بعدها جملة تامة ويجوز الفتح ويجعل ما بعدها مصدر فهو مفرد فتقدر له خبر أو تقدر له مبتدأ خرجت فإذا إن على القول بالكسر فإذا إن زيدًا بالباب إذا قيل إذا ظرف من العمل فيها, لا بد أن يكون ما بعد إنَّ, وما بعد إنَّ لا يعمل في ما قبلها, فإذ انتفى العامل إذا الفجائية إذا انتفى العامل إذا الفجائية انتفى المحل, وإذا انتفى المحل دلَّ على أنها حرف لماذا؟ لأن الحرف هو الذي لا محل له, نقول (خرجت فإذا إن زيدًا بالباب) فإذا/ إذا هذه نقول حرف ما الدليل على حرفيتها أنه ليس لها عامل وإذا لم يكن لها عامل لا محل لها وإذا لم يكن لها محل هذا هو حقيقة الحرف لأنه لو كانت اسمًا لكانت ظرفًا, ومحل الظرف النصب, والنصب لا بد له من عامل هنا ليس عندنا عامل, لا يمكن أن يكون ما بعد إن لأن ما بعد إن لا يعمل فيما فيما قبلها فتعيَّن القول بحرفيتها.
* إذًا إذا نقول لها معنيان: تكون ظرفًا لما يستقبل من الزمان وهي التي يعبر عنها المعربون ظرفٌ لما يستقبل منت الزمان متضمن معنى الشرط خاص بشرطه منصوبٌ بجوابه. والنوع الثاني: إذا الفجائية وهي حرفٌ على خلافٍ.
* ثم قال النوع الثالث: ما جاء على ثلاثة أوجه ما جاء على ثلاثة أوجه يعني: على ثلاثة معاني أداةٌ واحدة لها ثلاثة معاني ليس في وقت واحد وإنما في أسانيد متفرقة ما جاء على ثلاثة أوجه يعني: على ثلاثة معاني وهو سبعة ألفاظ يعني: معدودة بالسبعة إن، ولم، ونعم، وأي، وحتى، وكلا، ولا.
هذه سبعة ذكر إذ بقوله:
إذْ ظَرْفُ مَا مَضَى وَتَلْقَى الجُمْلَتَيْنِ ... كَسَادٍ إذْ شَبَّ وَإذْ هُوَ دُوَيْن

(إذ ظرف ما مضى) يعني من الزمان, إذ ظرف ما مضى من الزمان عكس إذًا, إذا ظرف لما يستقبل من الزمان وإذ ظرف لما مضى من الزمان قلنا: إذَا نكون غالبة لماذا لأنها قد تأتي بمضي, وتجرد عن الشرط وقد تكون بمعنى الحال كذلك إذْ الأصل فيها أنه لما مضى من الزمان لكن نقول غالباً لأنها قد تستعمل للمستقبل {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ} [غافر: 70، 71] {إِذِ} هذا منصوبٌ على الظرفية محلاً متعلق ب {يَعْلَمُونَ} و {يَعْلَمُونَ} هذا في المستقبل هذا على رأي ابن مالك والجمهور على النفي كما سيأتي (إذ ظرف ما مضى) من الزمان غالبًا لأنها قد تخرج عن كونها للزمن الماضي (وتلقى الجملتين) (وتلقى) أي تصحب إذ الجملتين, لأن الجملة الاسمية والجملة الفعلية تضاف إذ إلى الجملة الاسمية والجملة الفعلية, إذا قيل ظرفاً فهذه حينئذٍ يكون ماذا؟ ملازمة الإضافة, والملازم للإضافة قد يلازم الإضافة للمفرد وقد يلازم الإضافة للجملة وإذ هذه ملازمة الإضافة إلى الجمل.
وَأَلْزَمُوا إِضَافَةً إِلَى الْجُمَلْ ... حَيْثُ وَإِذْ وَإِنْ يُنَوَّنْ يُحْتَمَلْ
إِفْرَادُ إِذْ وَمَا كَإِذْ مَعْنَىً كَإِذْ ... أَضِفْ جَوَازَاً نَحْوُ حِيْنَ جَا نُبِذْ


إذًا إذ هذه ملازمة للإضافة إلى الجمل مطلقًا سواء كان جملة اسمية أو جملة فعلية, لكن يُستحسن إذا وقع المضاف إليه ما أضيفت إذ إليه وهو جملة اسمية: ألا يكون العجز ماضيًا وأن يكون اسمًا أو فعلاً مضارعًا هذا يستحسن (جئتك إذ زيد قائمٌ* جئتك إذ زيد يقومُ جئتك إذ زيد قائمٌ مبتدأ وخبر ووقع الخبر هنا اسمًا جئتك إذ زيد يقمُ أو يقرأ أو يكتب وقع الخبر هنا فعلاً مضارعًا, هذا أحسن من أن يأتي بالماضي (جئتك إذ زيد قَامَ) هذا فيه تعارض أو نوع تعارض (إذ ظرف ما مضى وتلقى الجملتين) يعني: اسمية والفعلية {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ} [الأنفال: 26] {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ} {أَنتُمْ قَلِيلٌ} مبتدأ وخبر والجملة في محل الجر لإضافة إذ أليها, واذكروا إذ كنتم قليلا/ واذكروا إذ كنتم كنتم قيلاً/ كان واسمها وخبرها والجملة في محل جر لإضافة إذ إليها, مثل الناظم بمثالين (كساد إذ شبَّ) (كساد) الكريم الحكيم أو الملك ونحوه (كساد إذ شب) (إذ) هذه ظرف لما مضى من الزمان (شب) هذا فعلٌ ماضي والفاعل ضمير مستتر مأخوذ من الشباب (إذ شب) أي زمان كونه شابًا (وإذ هو دوين) (وإذ هو) (هو) مبتدأ (دوين) تصغير دون أي زمان هو دون الشباب مثالين ... (غير واضح (44/ 48د) أجود وأحسن (إذ شب) أضاف إلى الجملة الفعلية (وإذ هو دوين) أضاف إلى الجملة الاسمية ثم قال:
وَقَدْ تَلِي الآتِي كَمَا تَلِي المُضِي ... إِذَا وَكلها بِمَنزل المُضِي

(وقد) يعني قد هذه للتقليل قد هنا للتقليل لأننا قلنا (إذ ظرف ما مضى) من الزمان غالبًا, أراد أن يفسر ما عدا الغالب ما هو قال (وقد) يعني: بالقليل تقليل (وقد تلي إذ) يعني قد تخرج عن كونها ظرفًا لما مضى قد تخرج إذ عن كونها ظرفًا لما مضى على وجه القلة, فتكون ظرفًا للمستقبل, الأصل فيها أنه ظرف لما مضى, وقد تخرج عنه وستكون ظرفًا لما يستقبل من الزمان يعني: تحل محل إذا, إذ تحل محل إذَا في المعنى, وقد تلي إذ (الآتي) يعني المستقبل وقد تلي إذ الآتي يعني: الزمن المستقبل (كما تلي المضي ** إذا) كما قد تلي يعني تتبع الماضي إذا يعني: كما تخرج إذا عن كونها ظرف لما يستقبل من الزمان فتكون ظرفًا لما مضى على وجه القلة, كل منهما ينوب عن الآخر كل منهما ينوب عن الآخر لذلك شبَّه هذه بتلك (وقد تلي الآتي كما تلي المضي * إذا) (إذا) تأتي بمعنى الماضي بمعنى إذ, والأصل فيها أنها ظرف لما يستقبل (إذ) تأتي بمعنى إذا والأصل فيها أنها ظرف لما مضى {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ} {إِذِ} هنا بمعنى: إذا وهذا على رأي ابن مالك {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] {إِذَا} بمعنى: إذ إذًا كل منهما ينوب عن الآخر.


(وكلها) أي: إذ في الموضعين (بمنزل) أي: بمثابةٍ مضي أي الواقع عند الجمهور, الجمهور لا يقولون: إذ هنا حلت محل إذا, أو أنها دلت على الزمن المستقبل, ولا يقولون في إذا دلت على الزمن الماضي, وإنما يقولون هذا أسلوبٌ كما في قوله {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [يس: 51] {أَتَى أَمْرُ اللهِ} [النحل: 1] {أَتَى أَمْرُ اللهِ} ماذا حصل في أتى أو سيأتي؟ عبِّر عن المستقبل بالماضي للدلالة على تحقق وقوعه, ولم يستعمل أصلاً أتى يخرج عن يسلب عن ماضيه في الدلالة على الماضي وقوع الحدث في الزمن الماضي فيستعمل في المضارع إنما باقٍ على أصله, واستعمل الماضي في موضع المستقبل للدلالة على تحقق الوقوع, إذًا هو نوع أسلوبٍ إن شئت قل مجازاً, إما تغير في الأسلوب فب التراكيب, وإما إنه ماذا؟ مجاز إما تقول هذا أو ذاك لا أشكال فيه, أما ابن مالك فيرى لا يقول إذا الأصل فيها للزمن الماضي وقد تأتي للمستقبل يعني: لم تستعمل استعمال {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} و {أَتَى أَمْرُ اللهِ} بل العربية أو اللغة العربية في أصل وضعها وضعتها للماضي أصالةً, وقد تستعملها حقيقةً في المستقبل, وإذَا كذلك الأصل فيها أنها للمستقبل وقد تستعملها في الماضي حقيقةً, الجمهور لا, ولذلك هنا قال: وكلها إذ وإذا أو إذا إذ (بمنزل المضي) يعني: بمثابة المضي عندهم أي: الواقع عند الجمهور تنزيلاً للمستقبل مُنَزَّلة الماضي هذا هو المعنى الأول في إذْ أنها ظرف لما مضى.
المعني الثاني قال:
وَحَرْفَ تَعْلِيلٍ بِهِ القُرْآنُ قَدْ ... جَاءَ وَحَرف فَجْأةٍ نَظْمًا وَرَدْ

(وحرف تعليل) أي: تدل على التعليل, وهذا أيضًا مختلف فيه هل هي حرفٌ أم اسم يعني ظرف وهي ظرف مكان أو زمان أظن هكذا الخلاف فيها فيها خلاف هل هي حرفٌ أم أسمٌ؟ والمرجح أنها حرفٌ (وحرف تعليل به) أي: بكون إذ للتعليل (القرآن قد ** جاء) يعني: ورد في القرآن استعمال إذْ كحرف التعليل الآم {وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ} [الزخرف: 39] {إِذ ظَّلَمْتُمْ} {إِذ} هذه حرف تعليل, لظلمكم أو لأجل ظلمكم {أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} {وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ} {إِذ} هذه للتعليل فورودها في القرآن يكفي في إثباتِ معناها لغةً (وحرف فجأة) هذا هو النوع الثالث في "إذ" تكون ظرفًا في ما مضى, وتكون حرف تعليل, وتكون حرف فجأة مثل إذَا الفجائية (وحرفُ فجأة) يعني: يدل على المفاجأة والبغتة والهجوم, مثل إذا الفجائية متى؟ لكنها مقيدة فيما إذا وقعت بعد بين أو بينما, فيما إذا وقعت بعد بين أو بينما, تقول (بينما أنا في ضيقٍ إذ جاء الفرج) بينما أنا في ضيقٍ إذ جاء الفرج إذ/ هذه تدل على المفاجأة (وحرف فجأة نظما ورد) يعني ورد في النظم الشعريِّ وهو قول الشاعر: فبينما العسر إذْ دارت مياسير ... فبينما العسر إذْ دارت مياسير
إذًا: إذ لها ثلاثة معان: تكون ظرفًا لما مضى من الزمان, وقد تخرج عنه إلى المستقبل عند ابن مالك رحمه الله, وعند الجمهور تستعمل في الدلالة على المستقبل المحقق الوجود بالدلالة على التحقق وجوده, وتستعمل حرف تعليل, وتستعمل أيضًا حرف فجأة ونقف على هذا.


وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.