شرح نظم قواعد الإعراب عناصر الدرس
* ألفاظ النوع الثالث: ماجاء على ثلاثة أوجه عددها ومعانيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
أما بعد:
فلا زال الحديث في النوع الثالث من الباب الثالث.
قلنا: النوع الأول ما جاء على وجه واحد. أصلاً هذا الباب معقود في
تفسير كلمات يحتاج إليها المعرب يعني: إلى معرفتها وهذه قسَّمها على
ثمانية أنواع منها ما جاء على وجه واحد يعني: معنى واحد وهو أربعة أو
خمسة ألفاظ.
النوع الثاني: ما جاء على وجهين. يعني: يستعمل في معنيين وهو إذا تكون
ظرفية وتكون فجائية.
النوع الثالث: ما جاء على ثلاثة أوجه. يعني: على ثلاثة معاني لفظ واحد
له ثلاثة معان, (وهو سبعة) معدود بالسبع يعني: سبعة ألفاظ (إذ) وهذه
سبق الحديث عنها و (لما نعم إي حتى) إي وليست أي إي حتى (كلا لا) هذه
ستة ألفاظ سيأتي الحديث عنها متوالية.
حرف وجود لوجود لما ... في نحو: لما جئت جاء الأسى
قال في أوجه لما في تفسير "لما" على أي الأوجه تأتي قال: على ثلاثة
أوجه كما عنون في الباب. (حرف وجود لوجود لما) لما هذه على مذهب
الكوفيين أنها مركبة, ليست بسيطة أصلها "لم" وزيدت عليها "ما", ولذلك
يقال: هل هي بسيطة أم مركبة؟ بسيطة يعني: أصلها كذا لام ميم مشددة ثم
ألف, عند الكوفيين هي مركبة يعني: هي فرع وليست أصل, لم توضع أصلاً على
هذا التركيب لما, وإنما الأصل فيها ل"لم" وزيد عليها ما الزائدة, وعند
سيبويه أنها بسيط يعني: هكذا وضعت لماذا؟ لأنها لو كانت في معنى لَمَّا
أو أصلها لَمَّا: لَمَا استعملت مفردةً, لأنه يقال (أَقَدِمَ زَيْدٌ)
يقال: لَمَّا, هنا لا يقال لم, لأن من الفروق بين لَمَّا ولم: أن
لَمَّا/ يصح حذف مدخولها بخلاف لم (هَلْ دَخَلْت الْبَلَد؟) يقول:
قَرَبْتُهَا ولَمَّا يعني: ولَمَّا أدخلها لأن لَمَّا هذه من الجوازم
تجزم فعلاً قال (ولَمَّا) يعني: ولَمَّا أدخلها حذف مدخولها بخلاف لَمْ
فإنه لا يجوز أن نقول (هَلْ دَخَلْت الْبَلَد؟) فيقول: لَمْ
أَدْخُلْهَا. لَمْ ويسكت! وهذا لا يجوز لماذا؟ للفرق بين لَمْ ولَمَّا
كما سيذكره الناظم.
إذًا هي مركبة على مذهب الكوفيين بسيطة على
قول سيبويه رحمه الله (حرف وجود لوجود لما) لَمَّا بفتح اللام وتشديد
الميم مبتدأ لَمَّا/ مبتدأ قُصد لفظه (حرف وجود لوجود) هذا خبر مقدم
لما/ حرف وجود لوجود يعني: لما تأتي على أوجه وعلى معاني أحدها: أنها
(حرف وجود لوجود) (وجود) بمعنى ثبوت (لوجود) يعني: لثبوت. وهذه التي
يعنون لها النحاة بـ لَمَّا الرابطة, تكون رابطة لوجود شيء بوجود شيء
آخر تكون رابطة بوجود شيء لوجود شيء آخر تقول (لَمَّا جَاءَنِي زَيْدٌ
أَكْرَمْتُهُ) هنا ربطت مضمون أو تحقق مضمون الجملة الثانية بتحقق
مضمون الجملة الأولى يعني: مضمون الإكرام الذي دلت عليه الجملة الثانية
-جملة الجواب- هذا مضمونه متحقق بتحقق مضمون الجملة الأولى يعني: وجود
الإكرام مرتب على وجود المجيء من زيد (لَمَّا جَاءَنِي زَيْدٌ
أَكْرَمْتُهُ) متى أكرمته؟ لَمَّا جاء زيد إذًا الثاني مركب على الأول,
لذلك يعبر عنها النحاة "لتحقق مضمون الجملة الثانية" وهو: ثبوت
الإكرام. هذا هو المضمون بتحقق مضمون الجملة الأولى وهو: مجيء زيد.
ارتباط السببية يعني: أنها تدل على الشرط اللغوي الذي هو معنى التعليق
"ارتباط السببية" لأنها تدل على معنى الشرط, ولذلك لا يصح دخول إن
الشرطية عليها, بخلاف لَمْ لمْ هذه ليست رابطة {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} دخلت إن
الشرطية على لم لأن لَمْ هذه لا تفيد معنى الشرط اللغوي, أما (إن
لَمَّا قَامَ زَيْدٌ أَكَرَمْتُه) هذا لا يصح لماذا؟ لأن إن شرطية تفيد
الارتباط والسببية, ولما نفسها تفيد الارتباط والسببية, ولا يجمع بين
حرفين مدلولهما واحد. إذًا هذه لَمَّا نقول: رابطة (لَمَّا جَاءَنِي
زَيْدٌ أَكْرَمْتُهُ) ثبوت الإكرام وجود الإكرام مرتب على وجود المجيء
(حرف وجود لوجود لما) يعني: حرف يدل على وجود شيء لوجود غيره (في نحو)
قولك أيها المعرب (لما جئت جاء الأسمى) (لَمَّا جَاءَنِي زَيْدٌ
أَكْرَمْتُهُ) نفس التركيب لَمَّا هذه حرف وجود لوجود هذا عند سيبويه
أنها حرف (لما جئت جاء الأسمى) الأسمى يعني: جاء الرجل أو الشخص الأسمى
الأَسمى يعني: الأرفع والأعلى لأنه اسم تفضيل من السمو, والسمو معناه
لغةً العلو والارتفاع (لما جئت جاء الأسمى) وجود الرجل أو وجود مجيء
الرجل الأسمى لأجل وجود المتكلم (لما جئت جاء الأسمى) إذًا مجيء الأسمى
وجود وثبوت مجيء الأسمى مرتب على وجودي أنا المتكلم لَمَّا جِئْتُ أو
جِئْتَ أو جِئْتِ جاء الرجل الأسمى, فهنا لَمَّا تكون رابطة للجملة
بفعل الشرط جملة الجواب لجملة الشرط.
واختص بالماضي وقيل إنه ... ظرف بمعنى الحين وانو وهنه
(واختص بالماضي) لَمَّا الوجودية أو لَمَّا
الرابطة هذه تختص بالماضي يعني: بالدخول على الفعل الماضي على الأصح,
ماضي اللفظ والمعنى وحينئذٍ تقتضي جملتين وُجدت الثانية لوجود الأولى.
إذًا لما الوجودية هذه (لَمَّا قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌ) ولا يصح أن
يقال: (لَمَّا يَقُومُ زَيْدٌ يَقُومُ عَمْرٌ) وإنما تختص بالفعل
الماضي لفظًا ومعنًى. إذًا لَمَّا/ حرف وجود لوجود هذا مذهب سيبويه وهو
المرجح عند الجمهور, وذهب بعض النحاة كأبي علي الفارسي وابن السرَّاج
وابن جني إلى أن لَمَّا الرابطة ظرف بمعنى حين, ولذلك أشار إليه
تضعيفًا لهذا القول فقال (وقيل) قيل في أي شيء؟ في لَمَّا الرابطة أنها
ليست حرف وجود لوجود كما قال سيبويه, بل إنه ظرف للزمان بمعنى الحين:
الذي هو ظرف زمان مبهم وعليه (لَمَّا جَاءَ عَمْرٌ جَاءَ زَيْد) يكون
التركيب والتقدير "حِينَ جَاءَ زَيْدٌ جَاءَ عَمْرٌ" ليس فيه ترتيب
الجملة الثانية على الأولى, ولذلك مدلولهم على هذا التركيب يعني: أنها
لمعنى الحين يكون وقت زمان الجملة الأولى هو نفسه وقت زمان الجملة
الثانية "حِينَ جَاءَ زَيْدٌ جَاءَ عَمْرٌ" إذًا اشتركا في وقت المجيء
زمنهما واحد, وهذا هو سبب التضعيف أنه لا يلزم من إثبات لَمَّا بأنها
حرف بأنها ظرف أن يكون زمن الجملتين واحد وهذا هو السبب في التضعيف
ولذلك قال (وانو وهنه) يعني: اعتقد أنت أيها المعرب وهنه وهن ماذا؟
يعني: ضعف القول بأن لَمَّا الوجودية أو لَمَّا الرابطة أنها ظرف
لماذا؟ لأنه يلزم حينئذٍ أن يكون زمن الجملتين واحدٍ وهو ليس لازمًا,
لأنه على معنى الترتيب والسببية والربط (لَمَّا قَامَ زَيْدٌ قَامَ
عَمْرٌ) متى قام زيد متى قام عمر؟ هل زمنهما واحد؟ لا ليس وزمنهما
واحد, لذلك إذا قيل (لَمَّا وَصَلَ زَيْدٌ وَصَلَ عَمْرٌ) يعني: لَمَّا
وَصَلَ زَيْدٌ إلى مكة مثلاً يوم السبت وَصَلَ عَمْرٌ يوم الأربعاء, لا
يلزم وصول أو أن يتفق زمن الوصول الجملتين في وقت واحد, ولذلك لَمَّا
دل عليه الظرف وهو: اتحاد الزمنيين صار مدخلاً لتضعيف هذا القول هذا من
جهة المعنى, كذلك من جهة الإعراب أورد ابن هشام رحمه الله دليلاً في
الاستدلال على أن لَمَّا الوجودية والرابطة أنها حرف لا اسمً {فَلَمَّا
قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ} [سبأ: 14] لَمَّا هذه
رابطة وجودية {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ
عَلَى مَوْتِهِ} على القول بأن لَمَّا ظريفة وهي اسم نقول: الظرف محله
ما محله؟ النصب إما لفظًا أو محلاً.
والكل منصوب على إضمار في ** فاعتبر الظرف بهذا واكتفي
فانصبه بالواقع فيه إذًا هو منصوب لفظًا أو
محلاً, وهنا في سياق الآية يحتمل إمَّا أن يكون العامل "قضينا أو دل",
وليس عندنا عامل ثالث أليس كذلك؟ ليس عندنا عامل ثالث, أما الاحتمال
بأن يكون العامل في لَمَّا وهي ظرف على قولهم أن يكون العامل الأول وهو
قضينا هذا فاسد وعلى مذهبهم لماذا؟ لأن لَمَّا وهي ظرف عند الفارسي هي
مضافة إلى الجملة التي تليها إذًا {فَلَمَّا قَضَيْنَا} مضاف أو مضاف
إليه {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ} [المائدة: 119] مثله
{يَوْمُ} مضاف وجملة {يَنْفَعُ} في محل جر {فَلَمَّا} هذا ظرف
{قَضَيْنَا} مثل ينفع في محل جر والقاعدة [أن المضاف إليه لا يعمل في
المضاف] إذًا بطل أن يكون متعلق لما هو قضينا بقي ماذا احتمال؟ دل
دَلَّ هذا فعل أيضًا ويصح أن يتعلق به الظرف, ولكنه مصدَّر بما النافية
وما النافية لها صدارة الكلام, ولا يعمل ما بعدها في ما قبلها وعليه
حينئذٍ لا محل لـ لَمَّا, وإذا ثبت أنه لا موضع لها من الإعراب نقول:
هي حرف, لأن الذي لا موضع له من الإعراب وهو من المفردات هو الحرف
فتعين حينئذٍ أن يكون لَمَّا الوجودية أو لَمَّا الرابطة حرف لا اسم
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ} يمتنع أن يكون
{قَضَيْنَا} لأنه مضاف إليه والمضاف إليه لا يعمل في المضاف, ويمتنع أن
يكون دل لأنه مصدّر ومسبوق بما النافية, وما النافية لها الصدارة في
الكلام لا يعمل ما بعدها فيما قبلها إذًا لا عامل لها, وإذا لم يكن لها
عامل لا محل لها من الإعراب وعليه تكون حرفًا (وقيل إنه) أي: لَمَّا
الوجودية ظرف للزمان (بمعنى الحين) قال (وانو وهنه) يعني: اعتقد أيها
المعرب وهن هذا القول وهو: أنه لَمَّا الوجودية ظرف زمان لما بينا فيما
ذكرنا هذا هو المعنى الأول الذي تأتي عليه لَمَّا أنها حرف وجود لوجود.
وحرف جزم نفيه المضارعا ... يقلب معناه مضيا وقعا
متصل النفي بوقت الحال ... منتنظر الثبوت في المثال
الوجه الثاني: أنها حرف جزم, وهذه باتفاق
أنها حرف لا خلاف فيها لَمَّا الإيجابية/ التي تكون استثناءً بمعنى إلا
ولَمَّا النافية/ التي تكون بمنزلة لَمْ هذه باتفاق أنها حرفان لا خلاف
فيها, أما لَمَّا الوجودية لَمَّا الرابطة هذه فيها نزاع بين سيبويه
والفارسي ومن تبعه (وحرف جزم) متى؟ إذا دخلت على الفعل المضارع. من أين
أخذنا إذا دخلت الفعل المضارع؟ لأنه قال (جزم) والجزم هذا محله الفعل
المضارع لا الماضي ولا الأمر (وحرف جزم) نصَّ على أنها حرف لأنه متفق
عليه (وحرف جزم) لأنها تدخل على الفعل المضارع فتجزمه {لَمَّا
يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8] {يَذُوقُوا} هذا فعل مضارع دخلت عليه لَمَّا
فجزمته لماذا جزمته؟ لأنها تجزم فعلاً واحدًا وهذا الفعل مختص بالمضارع
لا يكون ماضيًا ولا أمرًا, وجزمه كما في الآية حذف النون. لماذا؟ لأنه
من الأمثلة الخمس حذف النون "يذوقون الأصل" أسقطت النون للجازم إذًا
حرف جزم إذا دخلت على الفعل المضارع نحو {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}
{يَذُوقُوا} فعل مضارع مجزوم بـ لَمَّا وجزمه حذف النون لأنه من
الأمثلة الخمسة {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس: 23] {لَمَّا} حرف
نفي وجزم وقلب {يَقْضِ} إيش إعرابه؟ فعل مضارع مجزوم بـ لَمَّا وجزمه
حذف حرف العلة لماذا؟ لأنه معتل الآخر بالياء (نفيه المضارعا ** يقلب
معناه مضيا) أراد أن يبين لك معنى "لمْ" التي تكون جازمة (وحرف جزم) ثم
قال (نفيه) الضمير يعود على لَمَّا الجازمة التي تكون نافية بمنزلة
لَمْ (نفيه المضارعا) الألف هذه للإطلاق و (المضارعا) هذا مفعول به
منصوب والعامل فيه؟ نفيه لم عمل؟ لأنه مصدر مضارع.
بمثله المصدر ألحق في العمل ** مضافًا أو مجردًا أو معه ....
بمثله المصدر ألحق في العمل
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} {النَّاسَ} إيش إعرابه؟ مفعول به
العامل فيه {دَفْعُ} إيش إعراب {دَفْعُ}؟
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ} مبتدأ.
وبعد لولا غالبًا حذف الخبر
هذه لولا التي يغلب حذف الخبر بعدها.
وبعد لولا غالبًا حذف الخبر ... حتما
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ}
{النَّاسَ} هذا مفعول به والعامل فيه وهو مضاف وكثير فيه أنه يضاف
فيعمل بشرطه (نفيه المضارعا) المضارعا هنا قلنا مفعول بالمصدر لكنهم
على حذف المضارع يعني: نفي لَمَّا الجازمة حَدَث المضارع لأن المضارع
هذا اسم للفعل, والمنفي هو الحدث, إذا قيل (لَمَّا يَقُمْ) القيام الذي
هو الحدث هو الذي نفي, وليس الفعل المضارعين لأنه ملفوظ به فنقول
(لَمَّا) تنفي حدث المضارع, ولا تنفي المضارعين لأنه المضارع هذا وصف
للفظ وصف للفعل نفسه وهو ملفوظ به فنقول (نفيه المضارعا) أي: نفيه نفي
لَمَّا حَدَث المضارعُ أي: معناه وهو المصدر (لَمَّا يَقُمْ) النفي هنا
مسلط على القيام عدم القيام لا على الفعل المضارع لفظه (يقلب معناه
مضيا) هذا باعتبار الزمن أن النفي يكون أو أن لَمَّا تَقلب بمعنى تحول
وتُصَيِّر مدلول الفعل المضارع من الزمن الحال أو الاستقبال على رأي
الجمهور إلى المضي (لَمَّا يَقُمْ زَيْدٌ) هذا متى؟ البارحة! لَمَّا
يَقُمْ زَيْدٌ يعني: في الماضي. النفي هنا نفي القيام عن زيد في الزمن
الماضي (يقلب معناه) (يقلب) هذا فعل مضارع عندكم يُقْلَبُ الصواب
يَقْلِبُ (يقلب) فعل مضارع نفي مبتدأ (يقلب) فعل مضارع والفاعل ضمير
مستتر يرجع لنفي والجملة في محل رفع خبر المبتدأ (معناه مضيا) معمولاًن
ليقلب (يقلب معناه مضيا) يعني: يُصيّر معنى المضارع من الدلالة على زمن
الحال أو الاستقبال إلى الماضي (واقعا) هذا بدلٌ من مضيًا أو نعت له
بدل منه يعني: يقلب معناه مضيًا واقعًا في الزمان الماضي حال كون
المضارع الذي دخل عليه لَمَّا متصلاً نفي (واقعًا) هذا نقول: بدلاً من
مضيًا (واقعًا) ما معنى واقع؟ يعني: حدث نزل ألا نقول (قَامَ زَيْدٌ)
قام/ هذا فعل ماضي يدل على وقوع الحدث في الزمن الماضي هنا قال (يقلب
معناه مضيًا واقعا) يعني: كأن الحدث قد وقع في الزمن الماضي (واقعا)
هذا اسم فاعل ويرفع ضمير مستترًا ضميره هو (متصل النفي) متصل/ هذا حال
من فاعل واقع لذلك نقول (واقعًا) أي: واقعًا في الزمن الماضي حال كون
المضارع الذي دخل عليه لَمَّا (متصل النفي) يعني: مستمر النفي لمدلوله
(بوقت الحال) يعني: بزمن الحال. وهذا من الفوارق بين لَمْ ولَمَّا،
لَمْ وَلَمَّا كلاهما يجزمان فعلاً مضارعًا واحدًا لأن الجوازم نوعان:
ما يجزم فعلاً واحدًا، وما يجزم فعلين. ما يجزم فعلاً واحدًا خمسة
أدوات: لَمْ، ولَمَّا، ولا في الأمر والدعاء، واللام لام الأمر
والدعاء، والخامس هذا مختلف فيه وهو ما هو؟ وقوعه في جواب الطلب {قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ} [الأنعام: 151] هذه خمسة لَمْ ولَمَّا يتفقان في
خمسة أشياء لَمْ ولَمَّا.
أولاً: في الحرفية كل منهما حرف.
الثاني: في الاختصاص بالفعل المضارع لَمْ/ لا تدخل إلا على الفعل
المضارع ولَمَّا/ لا تدخل إلا على الفعل المضارع.
ثالثًا: جزمه يعني: تعمل الجزم في الفعل المضارع.
رابعًا: النفي تنفي وقوع الحدث في الزمن الحال أو الاستقبال.
خامسًا: تقلب زمنه من الحال إلى الماضي من الحال أو الاستقبال على
الخلاف إلى الماضي.
هذه خمسة أشياء تتحد فيها لَمْ مع لَمَّا
ما هي؟ الحرفية, والاختصاص بالمضارع, والجزم, والنفي, وينقلب معناه إلى
الماضي, ولذلك نقول "لَمْ" حرف نفي وجزم وقلب.
(حرف نفي) تنفي الحدث (جزم) تعمل الجزم (قلب) تقلب زمنه معناه من الحال
إلى الماضي. هذه ما يتفق فيه لَمْ ولَمَّا. أما ما يفترقان فيه فهي
أربعة أشياء ذكر الناظم شيئين:
أولاً: (متصل النفي بوقت الحال) أن لَمَّا نفيها مستمر النفي إلى وقت
زمن التكلف إذا قيل (لَمَّا يَقُمْ زَيْدٌ) يعني: الحدث منفي وهو
القيام إلى زمن النطق بالعبارة بخلاف "لَمْ" قد يكون متصل وقد يكون
منقطعًا {لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: 3] هذا منفصل ومتسمر إلى الأبد {هَلْ
أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا
مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] {لَمْ يَكُنْ} هل استمر النفي؟ فكان إذًا
انقطع أو استمر؟ نقول انقطع {لَمْ يَلِدْ} هذا مستمر و {لَمْ يَكُنْ
شَيْئًا مَذْكُورًا} يعني: فكان شيئًا مذكورًا نقول هذا منقطع. إذًا
لَمَّا نفيها مستمر النفي الذي عبر عنه الناظم (متصل النفي) لمدلوله
(بوقت الحال) يعني: إلى وقت التكلم الذي هو الآن, عبَّر عن الحال
بالآن, عبر عن الآن بالحال (لَمَّا يَقُمْ زَيْدٌ) يعني: إلى زمن
التكلم ولذلك يلحّن من يقول (لَمَّا يَقُمْ زَيْدٌ ثُمَّ قَام) هذا غلط
لم؟ ويصح أن يقال (لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ ثُمَّ قَام) لَمَّا يَقُمْ
زَيْدٌ قلنا: النفي متصل. إذًا القيام منفي عن زيد إلى زمن التكلم
ثُمَّ قَام ما وجهها؟ قام يدل على وقوع الحدث في الزمن الماضي, ونحن
نقول: إذًا دل على ثبوت الحدث قَامَ ثُمَّ قَامَ ونحن نقول: نفي الحدث
مستمر إلى زمن التكلم (لَمَّا يَقُمْ) إذًا القيام منفي إلى أن نطق
بهذه العبارة (ثُمَّ قَال) هذه ما وجهها؟ هذا تناقض هذا يعتبر تناقضًا,
أما (لَمْ يَقُمْ ثُمَّ قَام) لا إشكال لأن هذه لا تدل على استمرار
المنفي إلى زمن التكلم.
* إذًا مما تفترق فيه لَمَّا عن لَمْ أن المنفي بلمَّا مستمر النفي إلى
زمن الحال بخلاف لَمْ قد يكون مستمرًا {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}
وقد يكون منقطعًا {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}.
الثاني: مما تفترق فيه لَمَّا مع لَمْ قال:
(منتظِرَ الثبوت) أو منتظَرَ الثبوت يعني: وحال كونه أيضًا (منتظَر
الثبوت في المآل أي: متوقع ثبوت مدلوله في الزمن المستقبل ولذلك يقال
"لَمَّا" تؤذن بتوقع حصول مدلوله مدلول ما بعدها. وهو الفعل المضارع
{لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} هذه ماذا تفيد؟ تفيد أن ذوقهم يعني: ذوق
الكافرين ذوقهم من عذاب منفي إلى زمن التكلم ولكنهم "فيذوقونه" إذًا
فيها إشارة إلى أن ما بعدها سيقع يعني: تُؤذن بتوقع وقوع مدخولها ولذلك
قال ابن هشام: والاستعمال والذوق يشهدان به. يعني: القول بأن ما بعد
لَمَّا أو أن لَمَّا تفترق عن لَمْ بتوقع وقوع مدلول مدخولها الذي هو
الفعل المضارع إذًا {لَمَّا يَذُوقُوا} وسيذوقونه ولذلك يقال (لَمَّا
يَقُمْ وَقَدْ يَقُومُ) ولا يصح أن نقول (لَمَّا يَقُمْ ثُمَّ قَامَ)
تصحيح العبارة (لَمَّا يَقُمْ وَقَدْ يَقُومُ) لماذا وَقَدْ يَقُومُ؟
لأن لَمَّا تؤذن بتوقع حصول مدلول الفعل الذي دخلت عليه لذلك قال
(منتظر الثبوت) أي: متوقع ثبوت مدلوله في المعاني يعني: في الاستقبال.
هذا هو الوجه الثاني لـ لَمَّا الوجه الأول حرف وجود بوجود، الوجه
الثاني أن تكون حرف جزم. 26
الوجه الثالث: الذي تأتي عليه لَمَّا حرف استثناء والتي يقال فيها
"لَمَّا الإيجابية" عبَّر هنا ابن هشام في (القطر) لَمَّا الإيجابية
يعني: التي تأتي بمعنى إلا الاستثنائية قلت: تسمى لَمَّا الاستثنائية
أيضًا. وهي حرف باتفاق لا خلاف بين النحاة في حرفيتها.
وحرف الإستثناء عند من شدا ... لما عليها حافظ مشددا
قال (وحرف الاستثناء) بمنزلة إلا
الاستثنائية وخصها بعض النحاة بلغة هذيل (عند من شدا ** لما عليها حافظ
مشددا) (عند من شدا) يعني: عند من قرأ قوله تعالى {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ
لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] حال كونه يعني {لَمَّا} مشددة
لأن فيها قراءتان ما هما؟ (إن كل نفس لَمَا عليها حافظ) التخفيف وهذه
لا شاهد فيها وإنما بالتشديد {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا} بالتشديد
{عَلَيْهَا حَافِظٌ} {لَمَّا} هذه بمنزلة إلا الاستثنائية وإن هذه
نافية, إنْ تأتي نافية {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} إذا وجدت إلا
بعد إِنْ بكسر الهمزة وسكون النون فهي نافية بمنزلة ما النافية {إِنِ
الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} يعني: ما الحكم إلا لله {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ
لَمَّا} لما هذه بمنزلة إلا إذًا إن تكون بمنزلة ما النافية, ولذلك
المعنى "ما كل نفس إلا عليها حافظ" وتدخل لما الاستثنائية على الجملة
الاسمية كما في الآية {عَلَيْهَا حَافِظٌ} {عَلَيْهَا} خبر مقدر و
{حَافِظٌ} هذا مبتدأ مؤخر وقد تدخل على الماضي لفظًا لا معنًى, قد تدخل
على الجملة الفعلية المصدرة بفعل ماضي لفظًا لا معنًى (عَزَمْتُ
عَلَيْكَ لَمَّا فَعَلْتَ كَذَا) يعني: إلاَّ فعلت كذا. التقدير "ما
أطلب منك إلا فعلك ذلك" هذه الرازي يقول رحمه الله: إن المستثنى منه
محذوف. والتقدير "ما أطلب منك شيئًا إلا فعل كذا" شيئًا هذا هو
المستثنى منه إذًا لَمَّا الاستثنائية تكون بمنزلة إلا, وتدخل على جملة
الاسمية وتدخل على الجملة الماضوية لفظًا لا معنًى (وحرف الاستثناء عند
من شدا) يعني: عند من قرأ قوله تعالى {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} {إِنْ
كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (لما عليها حافظ مشددا) يعني:
حال كونه يقصد لَمَّا مشددًا ميمه, وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة
وأبي جعفر هذه أو هذا الحرف الثاني وهو " لَمَّا" له ثلاثة معان.
* لَمَّا الوجودية الرابطة، حرف وجود لوجود وهو الصحيح , ولَمَّا جازمة
نافية بمنزلة لَمْ ولَمَّا الاستثنائية.
ذكرنا فرقين مما تفترق فيه لَمَّا عن لَمْ:
الأول: استمرار النفي إلى زمن التكلم.
الثاني: أن لَمَّا توزن بتوقع حصول مدلول الفعل الذي دخلت عليه.
الثالث: أنه يجوز حذف مدخولها هَلْ دَخَلْتَ الْبَلَدَ؟ فيقول:
قَارَبْتُهَا وَلَمَّا. يعني: ولَمَّا أدخلها يجوز حذف الفعل بخلاف
"لَمْ" لا يجوز.
الرابع: أن لَمَّا لا يجوز أن تدخل عليها إنْ الشرطية (إِنْ لَمَّا
قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌ) لا يصح بخلاف لَمْ يجوز أن تدخل عليه إِنْ
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} دخلت عليها إن الشرطية, والسر والله أعلم ما
ذكرناه سابقًا أن لَمَّا فيها ارتباط السببية لذلك كأنها تؤدِّي معنى
إن الشرطية (لَمَّا جَاءَ زَيْدٌ جَاءَ عَمْرٌ).
وحرف تصديق نعم بعد الخبر ... وبعد الاستفهام للإعلام قر
الحرف الثالث: نَعَمْ بفتح النون والعين, ويجوز كسر النون مع فتح
العين, ويجوز كسر النون والعين, ويجوز قلب العين حاء فيها أربع لغات.
اللغة الأولى: المشهورة وبعضهم يرى أنها الصحيحة ويخطأ غيرها نَعَمْ
بفتحين مع إسكان الميم.
الثانية: نِِعَم بكسر النون مع فتح العين
هذه لك أن تلغز بها (جَاءَ زَيْد؟) تقول: نِعَم.
الثالثة: نِعِم بكسر النون والعين, نِعِم بكسر النون والعين.
الرابعة: نَحَم بقلب العين حاء نَحَم مثل "حتى حي عتى عي" هذه لغة هذيل
أو عقيل نسيت الان بقلب الحاء عينًا وهذه بقلب العين حاءً إذًا الحرف
الثالث نَعَم (وحرف تصديق نعم) نعم إيش إعرابه؟ مبتدأ وهي حرف نقول:
قُصد لفظه. إذًا نعم حرف تصديق. المعنى الأول الذي تأتي له نعم أنها:
حرف تصديق حرف تصديق للمخبَر به أو للمخبِر إن أردت أنَّ التصديق حاصل
لنفس المتكلم, حرف تصديق للمخبَر متى؟ قال (بعد الخبر) يعني: حالة كون
نعم واقعًا بعد الخبر المثبت والمنفي تقول (جَاءَ زَيْد) أو يقول لك
القائل (جَاءَ زَيْد) فتقول: نَعَم. تصديق للمخبِر (مَا جَاءَ زَيْد في
النفي) فتقول: نَعَم. تصديقًا للمخبر إذًا حرف تصديق نَعم, نَعَم تأتي
حرف تصديق تصدِيق لأي شيء؟ للمخبر به متى؟ (بعد الخبر) حالة كونه
واقعًا بعد الخبر المثبت والمنفي إذًا نَعَم تكون لتصديق الخبر إذا
وقعت في جواب خبر مثبتًا كان أو منفيًا.
(وبعد الاستفهام) هذا الوجه الثاني, ونعم حالة كونه واقعًا بعد
الاستفهام حرف للإعلام (قرَّ) هذا فَعَلَ بمعنى اسْتَفْعَلَ يعني:
استقر وثبت أن يقال فيه حرف إعلام لماذا؟ لأنه دال على إعلام المستخبر
يقال (أَزَيْدٌ قَائِمٌ؟) فتقول: نَعَم. نَعَم هذه حصلت بها الفائدة
التامة وهي حرف ما الجواب؟ ما بعدها, "نعم" هي حرف ولذلك ابن طلحة يرى
أنه قد يحصل الإسناد بحرف ورُد عليه, استدل بنعم ولا الجوابيتين (جَاءَ
زَيْد؟) يقول: لا, حصل به الفائدة التامة قال أيضًا يحصل الإسناد بحرف
واحد, وخصه بنعم ولا, والجواب جواب الجمهور أن الفائدة التامة حصلت بما
بعدهما إذا قيل (أَجَاءَ زَيْدٌ) أو (أَزَيْدٌ قَائِمٌ) تقول: نعم,
يعني: زيد قائم المبتدأ والخبر محذوفان (أَجَاءَ زَيْدٌ قَائِمٌ
أَزَيْدٌ جَاءَ؟) تقول: نعم, يعني: جاء زيد أو زيد جاء إذًا (وبعد
الاستفهام) تكون حرفًا للإعلام يعني: دالٌ على إعلام المستخبر يعني:
أعلمك أنت أيها السائل (أَزَيْدٌ قَائِمٌ) أقول: نعم أَزَيْدٌ قَائِمٌ
حصل إعلام للمتكلم من المستفسر هذا متى؟ إذا وقعت بعد الاستفهام.
للوعد بعد طلب إي كنعم ... كإي وربي خصصت إي بالقسم
قال (للوعد بعد طلب) المعنى الثالث الذي تأتي له "نعم" يقال فيه حرف
وعد متى؟ قال (بعد طلب) يعني: حال كونه واقعًا بعد طلب, والمراد بالطلب
هنا مطلق الطلب الذي يقابل الخبر, لأنها إن وقعت جوابًا لخبر كانت حرف
تصديق, طيب يأتي سؤال يطابق خبر الطلب نقول: حرف وعد (أَحْسِنْ إِلَى
زَيْدٍ) تقول: نعم. هذا فيه وعد للمتكلم بالإحسان إلى زيد (أَكْرِمْ
عَمْرًا) فتقول: نعم, هذا فيه وعد للمتكلم بالإكرام بما طلب منه إذًا
(وحرف تصديق نعم) نعم تكون حرف تصديق إذا وقعت بعد الخبر المثبت
والمنفي, وتكون حرف إعلام إذا وقعت بعد الاستفهام, وتكون حرف وعد إذا
وقعت بعد طلب يعني: حرفٌ دال على وعد المتكلم به للطالب (أَحْسِنْ
إِلَى زَيْد) نعم يعني: أَعِدُكَ بالإحسان إلى زيد.
الرابع: (إي) بكسر الهمزة وسكون الياء إي
قال (إي كنعم) ونعم لها كم معنى؟ ثلاثة معانٍ:
* حرف تصديق بعد الخبر فتقول (قَامَ زَيْدٌ) إِي وَرَبِّي (مَا قَامَ
زَيْد) بعد النفي تقول: إِي وَرَبِّي. بعد الاستفهام (أزَيْدٌ
قَائِمٌ؟) (هَلْ زَيْدٌ قَائِمٌ؟) إِي وَرَبِّي. بعد الطلب (أَحْسِنْ
إِلَى زَيْد) إِي وَرَبِّي إذًا هي كنعم في المعاني السابقة الثلاث هذا
على رأي بعض النحاة وهناك نزاع قال (إي كنعم) يعني: مثل نعم في المعاني
الثلاثة السابقة (كإي وربي) يعني: كقوله تعالى {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ
أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي} [يونس: 53] هذا مثال لوقوعه في جواب
الاستفهام {أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي} قال: (خصصت إي بالقسم)
يعني: إي كنعم في الدلالة على المعنى, لكنها افترقت عنها وخصصت وتميزت
إي بالقسم أي بكونها مع القسم, ولذلك يتلوها القسم فيقال {إِي
وَرَبِّي}. وربي هذا قسم يعني: يمين أي: لا يجاب بها إلا مع القسم. هذه
إي وهي الحرف الرابع.
وجر حتى اسما صريحا كإلى ... معنى كذا في جرها المؤولا
من أن وآت تارة وأخرى ... ككي كجد حتى تحوز فخرا
الخامس: حتى ولها ثلاث معانٍ, وأشار إليها بقوله
(وجر حتى) جر هذا فعل ماضي (حتى) فاعل (اسمًا) مفعول به (صريحًا) صفة
نعم (وجر حتى اسمًا صريحًا كإلى) يعني: حتى تكون جارة, وجرها يكون
للاسم الصريح وللاسم المؤول بالصريح, لكن إذا جرت الاسم الصريح لها
معنى, وإذا جرت الاسم المؤول بالصريح لها معنى, ولذلك قال (وجر حتى
اسمًا صريحًا) لأن حتى تدخل إلا على الظاهر لا تدخل على الضمير.
للظاهر اخصص منذ مذ وحتى
حتى أتى هذا شاذ, تقول على الضمير هذا شاذ
(وجر حتى اسمًا صريحًا) صريحًا هنا المراد به: ما يقابل المؤول والمضمر
لماذا المضمر؟ لأنه معلوم من القاعدة الخارجية أن حتى لا تدخل على
المضمر لا تدخل إلا على الظاهر لماذا الصريح الذي هو الظاهر؟ نقول:
لأنه قابله بالمؤول فقال (كذا في جرها المؤولا) إذًا قابل المؤول
بالصريح فمراده بالصريح هنا: الاسم الظاهر والمضمر الاسم الظاهر لا ما
يقابل المؤول والمضمر يعني: الاسم الظاهر صراحةً الذي لا يحتاج إلى
تقدير (وجر حتى اسمًا صريحًا) {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5]
{مَطْلَعِ} هذا اسم صريح وجر بـ حتى {حَتَّى حِينٍ} حين/ هذا اسم صريح
ظاهر وجر بحتى, ما معناها إذا جرت الاسم الصريح الظاهر؟ قال (كإلى **
معنى) يعني: كإلى في المعنى تفيد حتى الجارة للاسم الصريح معنى إلى,
ومعنى إلى انتهى الغاية, إذًا حتى التي تدخل الاسم الصريح فتجره معناها
معنى إلى وهو انتهاء الغاية (وجر حتى اسمًا صريحًا كإلى) يعني: مثل إلى
في المعنى (معنًى) ويشترط في مجرور حتى التي تجر اسمًا صريحًا اسما
ظاهرًا: أن يكون المجرور جزءًا مما قبلها (أَكَلْتُ السَّمَكَةَ حَتَّى
رَأْسِهَا) الرأس هذا جزء من السمكة أليس كذلك؟ (أَكَلْتُ السَّمَكَةَ
حَتَّى رَأْسِهَا) هذا المجرور بحتى نقول: جزء مما قبلها أو ملاقي لآخر
جزء منه {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} {سَلَامٌ هِيَ}
وقتها ليلاً {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} {مَطْلَعِ الْفَجْرِ} ليس هو
جزء من الليل, وإنما هو جزء ملاقٍ لآخر جزء من الليل. إذًا يشترط في
مجرور حتى الاسم الصريح إذا كانت اسمًا صريحًا ظاهرًا أن يكون جزءًا
مما قبلها أو يكون ملاقيًا لآخِر جزء مما قبلها (كذا في جرها المؤولا)
يعني: إذا دخلت على المؤول قال (كذا) ذا/ اسم إشارة والمشار إليه أنها
تكون بمعنى إلى أن تكون بمعنى إلى (كذا) أي: مثل ما كان في معنى إلى
إذا دخلت على اسم صريح (في جرها المؤولا) يعني: في حالةِ جرها
-جرحتى-الاسم المؤولا يعني: المنثبت (من أن وآتٍ المؤولا) من أن وآت
(من أن) هذا متعلق بقوله (المؤولا من أن) الناصبة مضمرة وجوبًا أو
(وآت) يقصد به الفعل المضارع لأن ال حتى متى تكون داخلة على أو متى
يكون الفعل المضارع بعدها منصوبًا؟ إذا كان الفعل مقدرًا بأن الناصبة
بعد حتى, هذا على قول البصريين أنَّ حتى ليست ناصبة.
* إذا دخلت حتى على فعل مضارع وهو منصوب
بعدها نقول (حتى يرجع) هذا الظاهر اللفظ حتى يرجع ما الناصب ليرجع؟ على
مذهب الكوفيين حتى نفسها وليس عندهم تقدير, على مذهب البصريين حتى ليست
ناصبة وإنما الناصب ليرجع أنْ مضمرة وجوبًا بعد حتى, أن وما دخلت عليه
الفعل المضارع نقول: هو اسم مؤول بالصريح هذا الذي يعنيه الناظم (في
جرها المؤولا) يعني: الاسم المؤول (من أن وآت) إذا قيل: أن الفعل
المضارع منصوب بأن بعد حتى وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر ما إعراب
المصدر؟ مجرور بحتى. إذًا ما معنى حتى الداخلة على الاسم المؤول الذي
من أن وآت قال (كذا) أي: مثل المعنى الذي دخلت عليه وهو اسم صريح وهو
انتهاء الغاية إذًا قوله (كذا) أي مثل ذا في كون حتَّى بمعنى إلى التي
تدلُّ على انتهاء الغاية في المعنى نقول: مثل ذا في حالة جرها المؤولة
يعني: الاسم المؤول الم ... من أن مضمرة وجوبًا (وآت) يعني فعل مضارع
(تارة) يعني: مرة, ليس على الإطلاق ليس كلما وجد حتى وبعدها فعلٌ مضارع
منصوبٌ بأن مضمرة وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بحتى وحتى
تكون بمعنى إلى ليس على الإطلاق وإنما (تارة) يعني: مرةً من المرات
وضابطه إذا كان ما بعدها غايةً لما قبلها {قَالُوا لَن نَّبْرَحَ
عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91]
{حَتَّى} حرف جر {يَرْجِعَ} فعلٌ مضارع منصوب والناصب له أن مضمرةً
وجوبًا بعد حتى أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر "حتى رجوع موسى" رجوع
موسى غاية للعكوف على عبادة العجل إلى أن يرجع علينا موسى إلى رجوع
موسى هذا التقديم إلى رجوع موسى فإذا كان ما بعدها غايةً لما قبلها
فحتى حينئذٍ تكون بمعنى إلى (وأخرى ** ككي) يعني: إذا دخلت حتَّى على
الاسم المؤول قد تكون بمعنى إلى -كما سبق- إذا كان ما بعدها غايةً لما
قبلها، وقد تكون بمعنى كي التعليلية, وذلك قال (وأخرى) يعني: وتكون حتى
مرة أخرى (ككي) يعني: مثل كي التعليلية متى؟ إذا كان ما قبلها علةً لما
بعدها (أسلم حتى تدخل الجنة) أسلم/ هذا فعل أمر حتى/ حرف جر تدخل/ هذا
فعلٌ مضارع منصوبٌ بأن وجوبًا مضمرةً وجوبًا بعد حتى تدخل/ فعلٌ مضارع
منصوبٌ بأن، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر ما يراه هذا المصدر؟ نقول:
المجرور, ما معنى حتى حينئذٍ وهي دخلت على الاسم المؤول؟ نقول: بمعنى
كي لماذا؟ لأن ما بعدها علةٌ لما قبلها ما قبلها علةٌ لما بعدها أسلم
يعني: الإسلام "دخولك في الإسلام علةٌ لدخولك الجنة, أسلم حتى تدخل
الجنة" أي: كي تدخل الجنة ولو قيل (لأسيرنَّ حتى تطلع الشمس) غاية أو
بمعنى كي؟ غاية, ما يصلح أن تقول كي؟
(لأسيرنَّ كي تطلع الشمس) ما, يأتي لماذا؟
ليس عندك, لو سار ما سار الشمس لن تطلع إلا في وقتها إذًا "لأسيرنَّ
إلى أن تطلع إلى طلوع الشمس". إذًا: حتى الداخلة على الاسم المؤول لها
معنيان: تأتي بمعنى إلى وهو انتهاء الغاية وذلك إذا كان ما بعدها غايةٌ
لما قبلها, والمرة الأخرى تأتي بمعنى كي التعليلية إذا كان ما قبلها
علةٌ لما بعدها مثل الناظم لحتى بمعنى كي فقال (كجد) أنت (حتى تحوز
فخرا) (جد) أنت بالخير (حتى تحوز) يعني: تجمع حتى تجمع (فخرا) يعني: ما
يفتخر به يعني: ما يتمدح به من الخصال المحمودة (جد حتى تحوز) ما بعدها
والجود علة لحصول المفاخرة إذًا: حتى هنا بمعنى كي (جد كي تحوز فخرا)
(تحوز) هذا فعلٌ مضارع منصوبٌ بأن مضمرةٌ وجوبًا بعد حتى أن وما دخلت
عليه في تأويل مصدر حتى حوزك يعني: جمعك، حتى هنا تعليلية بمعنى كي.
وقيل قد تأتي بمعنى إلا ... وجاء في شعرهم المحلا
هذا معنًى ثالث زاده بعضهم, أكثر النحاة على أن حتى الداخلة على الاسم
المؤول من أن والفعل المضارع لا تخرج عن المعنيين بمعنى "إلى وبمعنى
كي", زاد بعضهم أنها تكون استثنائية بمنزلة إلا الاستثنائية (وقيل)
يعني: قال ابن هشام الخضراوي وتبعه ابن مالك رحمه الله (قد تأتي) حتى
على وجه القلة واللزوم. ولذلك عبر بقد للتقليل (قد تأتي) حتى بوجه
اللزوم بمعنى إلا الاستثنائية, وحينئذٍ يكون الاستثناء منقطعًا (وجاء
في شعرهم) (وجاء) يعني: وقع هذا مجيء حتى معنيين لا (في شعرهم) يعني:
في شعر العرب (المحلا) أي: المزين البديع لفظًا ومعنًى.
ليس العطاء من الفضول كما حسن ** حتى تجود وما لديك قليل
قيل: حتى هنا حتى جود بمعنى إلا, إلا أن تجود لماذا؟ لأنه يكون حينئذٍ
استثناءً منقطعًا, لأن الجود في حال قلة المال ليس من جنس الجود في حال
كثرة المال.
ليس العطاء من الفضول كما حسن ** حتى تجود
يعني: إلا أن تجود، وما بعد إلا ليس من جنس ما قبله لماذا؟ لأن ما بعده
جودٌ مع قلة, وما قبله جودٌ مع كثرة وهما ليسا من جنسٍ واحد.
إذًا المعنى الثالث الذي أثبته ابن هشام الخضراوي وتبعه ابن مالك: أن
حتى تأتي بمعنى "إلا" لكنه على قلةٍ، هذا المعنى الأول وهو أن حتى تكون
جارةً.
وحرف عطف مطلق الجمع تفيد ... كالواو تاليها بأمرين يزيد
المعنى الثاني: أو الوجه الثاني التي تأتي له حتى: أن تكون حرف عطف,
وهذا خلافًا للكوفيين, الكوفيون ينفون أن تكون حتى حرفًا للعطف يعني:
لا يُعطف بحتى وأثبته البصريون إذًا (وحرف عطفٍ) هذا معطوفٌ على (وجر
حتَّى) يعني: وتكون حتى حرف عطفٍ (مطلق الجمع تفيد ** كالواو) إذا قيل
حتى حرف عطف، حرف العطف لا بد أن يدل على معنى كالفاء والواو وثم وأو
وبل إلى آخره, إذا قيل حتى حرف عطف ما معناها؟ قال (كالواو) لـ (مطلق
الجمع) يعني: لا تفيد ترتيب ولا معية ولا عدم التثنية, لا تفيد ترتيبًا
ولا معية ولا عدم التثنية, لا تدل على الترتيب ولا عدم الترتيب ولا
تقتضي المعية لذلك إذا قيل (جاء زيدٌ وعمرٌو) احتمل ثلاثة أوجه: جاء
زيدٌ وعمرٌو.
احتمل أن يكون زيد قبل عمرو، هذا واحد.
الثاني: أن يكون عمرو قبل زيد. الثالث: أن يكونا معًا. (جاء القوم حتى
زيدٌ) هذا معطوف بحتى, هذا يحتمل أن القوم جاءوا قبل زيد، ويحتمل أن
زيد جاء قبل القوم، ويحتمل أنهما جاءا معًا. إذًا: هي كالواو لمطلق
الجمع لا تدل على الترتيب ولا عدم الترتيب ولا تفيد معيةً (وحرف عطف
مطلقَ الجمع تفيد) (مطلقَ) هذا بالنصب على أنه مفعولٌ لـ (تفيد) (مطلق
الجمع) هذا مفعولٌ مقدم (تفيد) حتى العاطفة مطلق الجمع بن المتعاطفين
تفيد مطلق الجمع بن المتعاطفين (كالواو) يعني: مثل الواو أنها لمطلق
الجمع يعني: لا تدل على ترتيب ولا عدم ترتيب ولا تقتضي معية, فيجوز في
حتى العاطفة ثلاثة أوجه كما جاز في الواو، ثم قال:
(تاليها) إذًا: مما تفترق فيه حتى عن الواو هي لمطلق الجمع كالواو لكن
في المعطوف فيه زيادة شرطٍ فقال (تاليها) يعني: تابع حتى الذي هو
المعطوف بها (جاء القوم حتى زيد) زيد هذا تالي حتى (تاليها بأمرين
يزيد) يزيد بأمرين (بأمرين) جار مجرور متعلق بقوله (يزيد) (بأمرين)
يعني: مشترطين فيه (يزيد) على المعطوف بالواو، المعطوف بالواو لا يشترط
فيه ما ذكره في حتى تالي/ هذا مبتدى أين خبره؟ جملة (يزيد) يزيد بأمرين
هذا خبر (تاليها) ما هما الأمران الزائدان على المعطوف بالواو؟ واللذان
يشترطان في المعطوف بحتى؟
بكونه بعضا وغاية شرف ... وعكسه لما عليه قد عطف
قال (بكونه بعضا) (بكونه) هذا جار مجرور بدل مفصل من قوله (بأمرين) بدل
مفصل من مجمل (بأمرين) (بكونه) هذا تفصيل بعد إجمال فهو بدلٌ مفصل من
مجمل (بكونه بعضا) يعني: يكون المعطوفُ بها بعضًا لما قد عطف عليه: أن
يكون المعطوف بعضًا مما قبله, وهذا مثل حتى الجارة أنه لا بد أن يكون
المعطوف أن يكون المجروربها: جزءً من ما قبلها (أكلت السمكة حتى رأسها)
هنا يشترط أن يكون ما بعدها مجرورها الاسم الصريح جزءً مما قبلها, كذلك
في حتى العاطفة يشترط أن يكون المعطوف بها جزءً من المعطوف عليها (جاء
زيدٌ وعمرٌو) عمرٌو ليس جزءً من زيد، لكن حتى يشترط في المعطوف بها أن
يكون جزءًا مما قبلها قال (بكونه بعضا) مثَّل له بعضهم بقوله (مات
الناس حتى الأنبياء) الأنبياء هذا بالرفع أو بالجر؟ بالرفع، ماتَ
الناسُ، مات/ فعلٌ ماضي، والناس/ فاعل حتى/ حرف عطف الأنبياء/ اسمٌ
معطوفٌ على الناس والمعطوف على المرفوع مرفوع رفعه ضمة ظاهرة على آخره،
الأنبياء/ جزءٌ وبعضٌ مما عطف عليه بحتى وهو الناسُ -وهذا سيأتي أنه
يتحقق في الشرط الثاني أيضًا- إذًا (بكونه بعضا) لو أيضًا مثلنا
بالمثال السابق (أكلتُ السمكةَ حتى رأسَها) يصح؟
يصح (وحتى رأسِهَا؟) (وحتى رأسُها) يجوز،
يجوز ثلاثة أوجه , يجوز الكسر والجر، أكلتُ السمكةَ حتى رأسِها، وهذا
مثال حتى الجارة وما بعدها جزءٌ من ما قبلها (أكلتُ السمكةَ حتى
رأسَها؟) هذا قد تكون عاطفة {إنما الأعمال بالنيات} إذا قدرت أن حتى
عاطفة فتنصب ما بعدها (أكلتُ السمكة حتى رأسَها) وعليه الرأس مأكول أو
لا؟ يكون الرأس مأكولا مثل ما قبله (أكلتُ السمكةَ حتى رأسُها) رأس صار
مبتدأ وحتى هذه هي المعنى الثالث "حتى الابتدائية" رأسُها مأكولٌ رأس
هذا مبتدأ والخبر محذوف. إذًا: يجوز فيه ثلاثة أوجه تمثل به لحتى
الجارة وتمثل به لحتى العاطفة ولحتى الابتدائية, حتى رأسُها: لكن حتى
رأسِها هذا فيه خلاف هل ما بعد حتى داخلٌ في ما قبله؟ خلاف طويل عند
النحاة والأصوليين، هذا فيما إذا كان ما بعدها ما بعد حتى قال (بكونه
بعضا) مما قبله حقيقةً أو حكمًا, حقيقةً كما سبق (أكلتُ السمكة حتى
رأسها) (ماتَ الناسُ حتى الأنبياء) (قدم الحجاج حتى المشاة) ظهر من ما
قبله (أعجبتني الجاريةُ حتى كلامُهَا) بالضم بالرفع نقول: حتى/ هذه
عاطفة وكلامُ/ هذا معطوفٌ على ما قبلها وهل تحقق فيه الشرط أنه بعضٌ من
ما قبله؟ نقول: نعم تحقق حكمًا لا حقيقةً لماذا؟ لأن الكلام ليس جزءً
مستقلاً عن المتكلم هو ملابسٌ له هو كالجزء منه.
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ** والزاد حتى نعله ألقاها
ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ** والزاد حتى نعله ...
(نعل) هذا ليس من الزاد, وإنما على تأويل ألقى ما يثقله حتى نعله.
إذًا: هو داخلٌ فيما قبله حكمًا لا حقيقةً (بكونه بعضا وغاية) هذا هو
الشرط الثاني الذي زاد على المعطوف بالواو: أن يكون غايةً يعني: بكونه
نهاية لما قد عطف عليه في الشرف غاية الشرف وغايةً شرف (وغايةً) هذا
معطوف على بعض يعني: بكونه غايةً (شرف) يعني: في الشرف هذا منصوب على
نزع الخاص, ولكنه وقف عليه على لغة ربيعة, أصلها شرفًا وقف عليه على
لغة ربيع ما هي لغة ربيعة؟ تقف على المنصوب كوقفه على المجرور والمرفوع
(جاء زيد مررت بزيد رأيت زيد) والجمهور على التفرقة بين المنصوب
والمرفوع والمجرور.
وفق على المنصوب منه بالألف ... كمثل ما تكتبه لا يختلف
إذًا (وغاية شرف) هذه هو الشرط الثاني يعني: بكونه المعطف بكونه غايةً
في الشر مثل مات الأنبياء (مات الناس حتى الأنبياء) الناس فيهم كمالات,
وأعلى الدرجات كما النبوة إذًا أكملهم وأشرفهم الأنبياء (مات الناس حتى
الأنبياء) (وعكسه) يعني: بكونه غايةً من معطف عليه في عكس الشرف, وما
عكس الشرف؟ الدناءة (زارني الناس حتى الحجامون) هكذا قيل (زارني الناس
كلهم حتى الحجامون) الذين يعتبرون أدنى رتب الناس هذا غاية في الدناءة
(لما عليه قد عطف) هذا متعلق بقوله غاية شرف لما عليه قد عطف يعني:
بالمعطف عليه غايةً للمعطف عليه بعضًا للمعطوف عليه (لما عليه قد عطف)
للذي قد عطف عليه للذي قد عطف عليه, الاسم الموصول مع صلته بقوة المشتق
إذًا للمعطوف عليه هذا متعلق بقوله (بعضا وغاية) بكونه بعضًا للمعطوف
عليه بكونه غايةً للمعطوف عليه في الشرف والدناءة.
ضابطها ما صح أن يستثنى ... صح دخولها عليه معنى
(ضابطها) أراد أن يضبط لك حتى العاطفة قال
لها ضابط لك أن تقيس عليه, فتقول [كل ما صح عن مستثنى مما قبله
استثناءًا متصلاً صح دخولها] يعني: حتى عليه حالة كونها عطف, كل ما صح
أن يستثنى ما قبله صح أن تكون عاطفةً ضابطها يعني: رابط معطف حتى الذي
يجوز أن يعطف به دون غيرها أن كل ما صح أن يستثنى مما قبله استثناءًا
متصلاً لا منقطعًا (صح دخولها) يعني: حتى عليه في المعنى فيعطف بها
حينئذٍ (مات الناس حتى الأنبياء) (مات الناس حتى الأنبياء) أو ليس هذا
(أعجبتني الجارية حتى كلامها) (أعجبتني الجارية حتى كلامها) هل يصح أن
نأتي بإلاَّ مكان حتى؟ فتقول إن كلامَها أو كلامُها أو فيه قولان؟
(أعجبتني الجارية إلا كلامَها) لأنه مستثنى تام مثبت موجب إذًا صح أن
يأتي بإلا مكان حتى, وإذا لم يصح فلا يصح العطف بحتى, مثل الأزهري أظن
(ضربت الرجلين حتى أفضلَهما) هذا لا يصح لماذا؟ لأنه لا يصح أنه ضربت
الرجلين إلا أفضلَهما لا يصح (أعجبتني الجارية حتى ولدُها) لا يصح
لماذا؟ لأنه ليس لك أن تقول "إلا ولدَها" لأنه ليس جزءًا مما قبله,
(ضابطها ما صح أن يستثنى صح دخولها عليه معنى) يعني: في المعنى فيعطف
به حينئذٍ.
حرف ابتداء بمضارع رفع ... أو ماض أو جلة الأسماء جمع
المعنى الثالث لـ"حتى قد (حرف ابتداء) (حرف ابتداء) يعني: حرفٌ يبدأ
بعده بالجمل تقع الجملة بعدها, لا يليه المفرد الاسم ولا الفعل لوحده,
وإنما يليه الجمل -كما سيبينه- وهي ثلاث جمل.
(حرف ابتداء) قال (بمضارع رفع) (حرف ابتداء) يعني: حرف يبدأ بعده
بالجمل (بمضارع) إذا كانت الجملة التي تلي حتى الابتدائية مفتتَحة بفعل
مضارعٍ (رفع) يعني: مرفوع {وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ}
[البقرة: 214] حتى هذا نقول ابتدائية وتلاها فعلٌ مضارعٌ مرفوع لم قيده
بالرفع؟ لأنه إذا كان ما بعده ما بعده حتى فعل منصوب دخلت في حتى
السابقة وهي الجارة, إذا كان منصوبًا دخلت في حتى الجارة (بالاسم
المؤول من أن وآت) كما ذكره فيما سبق ولذلك قال (بمضارع رفع) يعني:
جملة فعلية مبدوءة بفعل مضارعٍ مرفوع (سرت حتى أدخل المدينة) أدخلَ أو
أدخلُ؟ ابتدائية يجوز الوجهان ولا؟ يجوز النصب والرفع؟ يجوز, نعم يجوز
متى تنصب؟ يشترط في الفعل الذي تنصبه حتى أن يكون مستقبلاً, إذا كان
قُصد (سرت حتى أدخل إلى أن أدخل) صحَّ, إذا كان الدخول مستقبلاً صح
النقل بـ"حتى", وإذا كان حالاً لا يصح, وإنما يجب يجب الرفع (سرتُ حتى
أدخل) إذا قال ذلك وقت الدخول, أو ذكره على جهة الحكاية. إذًا حرف
الابتداء تكون "حتى" ابتدائية ويليها جملة فعلية مبدوءة بفعل مضارعٍ
مرفوع احترازًا من الفعل المضارع المنصوب (أو ماض) يعني: جملة فعلية
مبدوءة بفعلٍ ماضٍ {حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا}
[الأعراف: 95] {حَتَّى عَفَواْ} هذا جملة فعلية {عَفَواْ} فعل ماض
واتصل به واو الفاعل وحتى هذه نقول ابتدائية (أو جملة الأسماء جمع)
يعني: حتى مع بقية الأمثلة يعني: حتى الابتدائية تدخل على جملة فعلية
مفتتح بفعل مضارع مرفوع, وعلى جملة فعلية مفتتحة بالفعل الماضي, وعلى
الجملة الاسمية إذًا على الجمل ولا تدخل على المفردات,
فما زالت القتلى تمد دمائها ... بدجلة حتى
ماءُ دجلة أشكل
(حتى ماءُ) بالرفع فهو مبتدأ أشكل/ خبرها نقول: حتى هذه ابتدائية (حتى
زيد قائم) نقول: حتى زيد قائم دخلت على جملة الاسمية إذًا ثلاث معانٍ
(جمع) هنا المقصود به أنَّ حتى تدخل على هذه الجمل الثلاث يصح دخولها
على الجمل الثلاث إذًا ثلاث معاني ل حتى تكون جارةً وتكون عاطفةً وتكون
حرف ابتداء.
ولفظ كلا حرف ردع اشتهر ... وحرف تصديق ككلا والقمر
الحرف السادس: كلا بفتح الكاف وتشديد اللام, الكلام فيها قليل, كلا
أيضًا لها ثلاث معاني قال (ولفظ كلا حرف ردع) كلا بفتح الكاف وتشديد
اللام (حرف ردع) وزجرٍ يعني: حرف دال على الردع والزجر لإضافة الدال
إلى المدلول الرفع هو الزجر (اشتهر) يعني: القول الذي قد اشتهر يعني:
هو قول الجمهور جمهور البصريين أن كلا تكون حرف ردعٍ وزجرٍ حرف ردعٍ
وزجرٍ {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا} [الفجر: 16، 17]
{فَيَقُولُ رَبِّي} {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ
رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا} [الفجر: 16، 17] كلا
يعني: انتهِي وانزجر عن هذه المقالة, وهي كون أن التقدير وهو تقدير
المال أنه سبب أو دليل على الإهانة لا لا يدل, الفقر لا يدل على عدم
إرادة الخير بالعبد, إذًا كلا تكون حرف ردع مثالها {فَيَقُولُ رَبِّي
أَهَانَنِ * كَلَّا} يعني: انتهي وانزجر هذه كلا حرف ردعٍ وزجرٍ (وحرف
تصديق) يعني: وحرف جوابٍ وتصديق بمنزلة إيْ التي بكسر الهمزة وإسكان
الياء كقوله تعالى {كَلَّا وَالْقَمَرِ} [المدثر: 32] يعني: إي والقمر
هذه متى تكون؟ إذا وقعت جوابًا لخبر, لأنَّ حرف التصديق هنا كإي قلنا
كنعم, ونعم تكون حرف تصديق قال (بعد الخبر) يعني: سواء كان مفنيًا أو
مثبتًا هذا المعنى الثاني (وحرف تصديق) يعني: جواب وتصديقٍ بمنزلة إي
{كَلَّا وَالْقَمَرِ} كقوله تعالى {كَلَّا وَالْقَمَرِ} يعني: إي
والقمر ونحو كلا إي والقمر جوابًا للخبر (وحرف تصديق نعم بعد الخبر).
ونحو: كلا لا تطعه حلا ... كحقا أو ألا وهذا أولى
إذ كسر إن حكمها استحقا ... فحق الاستفتاح دون حقا
هذا المعنى الثالث الذي تأتي له كلا.
الوجه الثالث: حرفٌ بمعنى حقًا أو حرفٌ
بمعنى ألا الاستفتاحية على الخلاف على الخلاف, مثاله نحو قوله سبحانه
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ} [العلق: 19] {كَلَّا} يعني حقًا {لَا
تُطِعْهُ} (أو ألا لا تطعه) فيه خلاف هل كلا في مثل هذا التركيب بمعنى
حقًا؟ أو بمعنى ألا؟ سيذكر الناظم أن الصحيح أنها استفتاحية بمنزلة
"ألا" قال: ونحو قول سبحانه {كَلَّا لَا تُطِعْهُ} (حلَّ) أي وقع (كلا
كحقًا) يعني بمعنى حقًا (أو) على التنويع والخلاف بين النحاة (أو ألا)
الاستفتاحية قال (وهذا أولى) وهذا أي الأخير بالقول بأن كلا في قوله
تعالى {كَلَّا لَا تُطِعْهُ} بمنزلةِ الاستفتاحية (أولى) يعني أفضل
وأصوب من القول من أن كلا بمنزلة حقًا, ما الدليل؟ قال (إذ) هذا إذ
تعليلية (إذ كسر إن حكمها استحقا) إذ كسر إن حكمها استحقا {كَلَّا
إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: 6] {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ}
{كَلَّا} وقعت بعدها إن بكسر الهمزِ, وكلا التي بمعنى: حقًا تأخذ حكم
حقًا وهو أن حقًا إذا جاءت بعدها إنَّ وجب فتح همزتها, ولذلك قال
الشاعر:
أحقًا أن جيرتنا استقلوا
فلو كانت كلا بمنزلة حقًا لما كسرت الهمزة بعد كلا, فدل على أن كلا
بمنزلة ألا الاستفتاحية, لأن ألا الاستفتاحية حكم همزة إن بعدها الكسر
{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ} [يونس: 62] هنا الكسر فدل على أن كلا
هذا منزلة ألا الاستفتاحية لا بمنزلة كلا التي بمعنى حقًا. هناك نقاش
في هذه المسألة لذلك قال (إذ) هذا لأنَّ تعليل لأجل (إذ كسر إن) إذ كسر
همزة إن بعد كلا كما في قوله تعالى {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ
لَيَطْغَى} (حكمها استحقا) يعني: استحقا الألف هذه للإطلاق استوجب الذي
هو كسر الهمزة فحق حينئذٍ لمَّا كسرة بعد كلا فحق لكلا الاستفتاح, يعني
أن تكون بمنزلة ألا الاستفتاحية (دون حقا) يعني: دون كونها بمعنًى حقا
واضح الدليل؟ تقول {كَلَّا لَا تُطِعْهُ} هل كلا هذه بمعنى حقًا أو
بمعنى ألا؟ قيل جاءت كلا هذه وكسرت همزة إن بعدها, فلو كانت بمعنى حقًا
[القاعدة أن إن بعد حقا تفتح همزتها] لكن لما كسرت بعد كلا, والخلاف هل
هي حقًا أو ألا؟ نقول حملها على الاستفتاحية أولى, لكسر همزة إن بعدها,
فلو كانت بمنزلة حقًا لفتحت الهمزة بعد كلا.
ناف وناه زائد لا الأول ... في اسم منكر كثيرا يعمل
عمل إن وقليلا عملا ... ليس وبالنهي اجزم المستقبلا
ثم ذكر الحرف السابع وهو"لا" قال (ناف وناه زائد لا) لا مبتدأ (ناف)
هذا خبر مرفوع ورفعة ضمة مقدرة على الياء المحذوفة تخلصًا من التقاء
الساكنين.
ونون المنكَّر المنقوص ... كرفعهِ وجره خصوصا
حذفت الياء هنا تخلصًا من التقاء الساكنين (ناف) يعني: حرف نفيٍ "لا
نافٍ" يعني: حرف نفيٍ يدل على النفي من إضافة الدال إلى المدلول
(وناهٍ) أيضًا مرفوع على, تقديرًا وحذفت الياء تخلصًا من التقاء
الساكنين أي: وحرف نهي لا حرف نفيٍ من إضافةِ الدال إلا المدلول و
(زائد) على حذف حرف الواو العطف (ناه زائد) أي وزائد وهذا يجوز حذفه في
الشعر مختلف في النثر. إذًا لا تأتي على ثلاث معان. تكون نفيًا، وتكون
نهيًا، وتكون زائدةً.
الأول: الذي هو للنفي (فالأول في اسم منكر
كثيرًا يعمل) فالأول/ هذا مبتدأ (يعمل في اسمٍ منكرٍ) جار ومجرور متعلق
بقوله (يعمل) (كثيرا) هذا في الأصل أنه صفة لموصوفٍ محذوف "عملاً
كثيراً" كثيرا هذا وصف للعمل (في اسم منكرٍ) لا معرفةٍ (كثيرًا يعمل
عمل إن) يعني: عملاً مثل عمل إن, هذا متى؟ إذا أريد به التنصيص على نفي
الجنس, يعني: لا النافية على مرتبتين -أراد أن يبين لك لا النافية التي
حرف نفي على مرتبتين-:
مرتبة تعمل عمل إن, وذلك إذا أريد بها التنصيص على نفي الجنس’ التي
تسمى لا التبرعة, التي تنصب الاسم وترفع الخبر تعمل عمل إن.
عَمَلَ إنَّ اجْعَلْ لِلاَ فِي نَكِرَهْ ... مُفْرَدَةً جَاءَتْكَ أوْ
مُكَرَّرَه
فَانْصِبْ بِهَا مُضَافاً أوْ مُضَارِعَهْ ... وَبَعْدَ ذَاكَ
الْخَبَرَ اذْكُرْ رَافِعَهْ
وَرَكِّبِ الْمُفْرَدَ فَاتِحاً كَلاَ ... حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ
والثانِ اجعلا
هذا عملها (فانصب) لفظًًا المضاف الشبيه بالمضاف, ويبنَ معها المفرد
الذي ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف -هذا تفصيله في باب النحو- المقصود
هنا قال (الأول) الذي كونه للنفي (في اسم منكر) يعني يعمل عملاً كثيرًا
(في اسم منكرٍ عمل إن) يعني: عملا مثل عمل إن (فتنصب الاسم وترفع
الخبر) ولكن الكثير في خبره أن يكون محذوفًا.
وَشَاعَ فِي ذَا البَابِ إسْقَاطُ الخَبَرْ ... إذَا الْمُرَادُ مَعْ
سُقُوطِهِ ظَهَرْ
(وقليلا عملا ** ليس) يعني: وتارةً تعمل عملاً قليلاً عمل ليس متى؟ إذا
كان المراد بها نفي الجنس لا على التنصيص وإنما ظاهرًا, أو نفي الوحدة
نفي الوحدة, فتعمل حينئذٍ عمل ليس "ترفع الاسم وتنصب الخبر".
إِعْمَالَ لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا دُونَ إنْ ... مَعَ بَقَا النَّفْي
وَتَرْتيبٍ زُكِنْ
(ما زيدٌ قائمٌ)
وَمَا الَّتِي تَنْفِي كَلَيْسَ النَّاصِبَهْ ... فِي قَوْلِ سُكَّانِ
الْحِجَازِ قَاطِبَهْ
فَقَوْلُهُمْ: مَا عَامِرٌ مُوَافِقًا ... .........................
(ما) هذه. لا ليست ما, هو في "لا".
إِعْمَالَ لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا
يعني: لا ما ولا ولات التي هي "لا" وزيدت
عليها التاء {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] هذه تعمل عمل ليس حملاً
لها عَلى ليس, فترفع المبتدأ على أنه اسمٌ له وتنصب الخبر على أنه خبرٌ
لها, تقول (لا رجلٌ في الدار) (لا رجلٌ في الدار) هذا على أنها تعمل
عمل ليس ما الدليل؟ الرفع حينئذٍ تحتمل أنها نفيٌ للجنس لكنه ظاهرًا لا
تنصيص له, وتحتمل أنها نفي للوحدة ولذلك إذا كان نفي الجنس ظاهرًا
الأصل فيه أن ينصب اسمها (لا رجلَ في الدار) حينئذٍ صارت نصًا في نفي
الجنس, ولا يجوز عند ذلك أن يقال (لا رجلَ في الدار بل رجلان) لماذا؟
لأنك ما نفيت الوحدة حتى تثبت الاثنين والثلاث, أنت نفيت جنس الرجل
فكيف تثبت المثنى؟ (لا رجلٌ في الدار) فلا يصح أن تقول (بل رجلان).
ويصح أن تقول (لا رجلَ في الدار بل امرأة) لماذا؟ لأنه ليس نفيك في
الأول ليس للجنس المرأة وإنما لجنس الرجل (لا رجلٌ في الدار بل رجلان)
هذه صارت (لا رجلٌ في الدار بل رجلان) هذه تعمل عمل ليس, والمنفي هنا
نفي الوحدة وليس نفيَ الجنس, ولكن لو أردت نفي الجنس وهي تعمل عمل ليس
تقول (لا رجلٌ في الدار) ولا يصح أن تقول (بل رجلان) ويجوز أن تقول (لا
رجلٌ في الدار بل امرأتان) أو (بل امرأة) بل امرأة (لا رجلٌ في الدار
بل امرأة) هذا يصح إذا قصدت في الأول أنه نفي للجنس لكن على جهة الظهور
-وهذا بابه النحو ليس هنا-.
* هنا المراد أن لا تأتي نافية فتنصب وترفع، وترفع وتنصب, الأول كثير
لذلك قال (كثيرا) يعني تعمل عمل إن و (قليلًا) عمل ليس يعني: يعمل لا
عملًا مثل عمل ليس متى؟ إذا كان لنفي الجنس على الظهور أو لنفي الوحدة.
(وبالنهي اجزم المستقبلا) اجزم بالنهي يعني: أل "لا" الدالة على النهي
(المستقبلا) يعني الفعل المضارع المستقبل متى؟ إذا كانت لا ناهيةً {لَا
تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13] هذه ناهية, وقد تكون لا دعائية {لاَ
تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286] هنا نهي لكنه نهي بمعنى الدعاء لأنه من
الأدنى إلى الأعلى, إذا كان من الأعلى إلى الأدنى يسمى نهيًا بقي ماذا؟
مثال للزائدة {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}
[الأعراف: 12] لا هذه زائدة, وليس المراد زائدة دخولها كخروجها نقول:
هنا لم تفد النفي {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29]
يعني: ليعلم أهل الكتاب, الكلام نفي أو إثبات؟ إثبات, كما نقول
{لِئَلَّا يَعْلَمَ} ليعلم أهل الكتاب إذا الكلام في الإثبات فنقول:
هذه لا زائدة يعني لم تفدِ النفي, وأفادت التقوية والتوكيد, وهذا قاعدة
العرب أنهم [إذا زادوا حرفًا إنما يزيدونه لفائدة] لذلك دائما نردد
"زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى" إذًا ليس عندنا حرف زائد لا معنى
له دخوله كخروجه! بإجماعِ النحاة, لا يقول واحد منهم أن الحرف يدخل
ويخرج والمعنى واحد لا! إنما يزاد ويراد به التقوية والتأكيد.
نقف على هذا.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|