شرح نظم قواعد الإعراب

عناصر الدرس
* ألفاظ النوع الرابع: ما يأتي على أربعة أوجه (لولا، إن، أن، من) ومعانيها.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى: النوع الرابع مما يأتي على أربعة أوجه وهو أربعة. (النوع الرابع) يعني من الأنواع الثمانية ما يأتي على أربعة أوجه يعني: ما يأتي من الكلمات. "ما" هذه اسم موصول بمعنى الذي يصدق على الكلمات يعني: كلمات أو كلمات تأتي وذكر هنا مراعاةً للفظ ما (على أربعة أوجه) قلنا: المراد بالوجه الذي يعبر عنه الناظم هنا المعنى على وجهين على وجه المراد به المعنى (على أربعة أوجه) يعني: على أربعة معاني, (وهو أربعة) وهو ولم يقول: وهي. مراعاة للفظ لأن ما هذا إذا كان مصدقه مؤنثًا حينئذٍ يجوز أن يعاد عليه ضمير إما بالتذكير أو بالتأنيث, إن ذَكَّرْتَ فالضمير يرجع إلى لفظ ما, وإن أنثت فالضمير يرجع إلى معنى ما, وهو أربعة أو وهي أربعة يعني: أربعة ألفاظ: لولا، وَإِنْ، وَأَنْ، ومن. هذه أربعة ألفاظ, وليته زاد معها لَمَّا.
حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودِ لَوْلا ... فِي نَحْوِ ذَا لَولا العِدَا لاسْتَعْلا


* لولا، وَإِنْ، وَأَنْ، ومن بدأ بـ لولا لَولا الامتناعية فقال (حرف امتناع لوجود لولا) لولا/ هذا مبتدأ مؤخر قصد لفظه نقول: قصد لفظه لماذا؟ لأن "لولا" في الأصل حرف, والحرف لا يكون مبتدئًا لأن المبتدأ لا يكون إلا اسمًا ولولا هذه حرف كيف وقعت مبتدأ؟ نقول: قُصد لفظه. وإذا قُصد لفظ الحرف أو الفعل نقول: صار علمًا. لذلك بعضهم يرى أن كل ما يخرج من الفم هو أسماء, ليس هناك أفعال أو حروف إلا في حين استعمالها في أمثلتها الخاصة "من" حرف جر نقول: من هنا اس (خَرَجْتُ مِنَ الدَّارِ) من/ في هذا التركيب حرف (ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا) نقول: هذا فعل لأنه قصد معناه ضَرَبَ/ فعل ماضي نقول: هذا علم (حرف امتناع لوجود) حرف/ هذا خبر مقدم ولولا/ مبتدأ مؤخر قصد لفظه لولا: حرف امتناع لوجود لولا/ حرف إذًا هي حرف ليست اسمًا (حرف امتناع لوجود) امتناع ماذا ووجود ماذا؟ نقول (حرف امتناع) يعني للجواب (لوجود) الشرط (لوجود) جار ومجرور متعلق بقوله: (امتناع) واللام هذه للتعليل (حرف امتناع) يعني: امتناع للجواب لأجل وجود الشرط ولذلك يقال فيها: لولا الامتناعية. لماذا؟ لأنها تدلُّ حرف امتناع من إضافة الدال للمدلول أي: حرفٌ دالٌ على امتناع جوابه لأجل وجود شرطه. حرف امتناع لامتناع (حرف امتناع لوجود) أي حرفٌ دالٌ على امتناع جوابه لأجل وجود شرطه, فلوجود هذا متعلق بامتناع واللام فيه للتعليل تقول: لَوْلا زَيْدٌ لأَكْرَمْتُكَ. لَوْلا هذا (حرف امتناع لوجود) ما الذي امتنع وما الذي وجد؟ الذي امتنع هو الجواب وهو: الإكرام. لماذا امتنع الإكرام؟ لوجود الشرط وهو: زيد, وهو وجود زيد إذًا (حرف امتناع) امتناع للجواب وهو وجود الإكرام لماذا؟ لامتناع الشرط الذي هو وجود زيد فلذلك قيل فيها حرف امتناع لامتناع قال (في نحو ذا لولا العدا لاستعلا). هذا مثال لـ لولا الامتناعية (في نحو) يعني: وذلك في نحو قولك (ذا) يعني هذا الشخص مثلاً زيد (لولا العدا لاستعلا) لولا هذه امتناعية دلت على امتناع الجواب لوجود الشرط (العدا) هذا مبتدأ (لاستعلا) هذه الجواب الجملة لا محل لها من الإعراب (لاستعلا) يعني: لعلا وارتفع نقول: لولا في هذا المثال دلت على امتناع الجواب لوجود الشرط يعني: دالةٌ على امتناع الاستعلاء وهو العلو والارتفاع الذي هو الجواب لوجود العدا الذي هو الشرط العدا المراد به الأعداء, لولا وجود الأعداء لاستعلا زيد مثلاً فهنا امتنع الجواب الذي هو الاستعلاء العلو والارتفاع لوجود الأعداء الذي هو الشرط هذا مثال لولا الامتناعية تدل على امتناع الجواب لوجود الشرط, يمتنع الجواب لوجود الشرط (لَوْلا زَيْدٌ لأَكْرَمْتُكَ) امتنع الإكرام لماذا؟ لوجود زيد.
وُخُصِّصَتْ بِالجُمْلَةِ الاسْمِيَّة ... أَخْبَارُهَا فِي غَالِبٍ مَنْوِيَّة


* ثم قال (وخصصت) يعني: لولا الامتناعية (وخصصت بالجملة الاسمية) (وخصصت) يعني: لولا الامتناعية. خصصت يعني: امتازت عن غيرها وانفردت عن غيرها (بالجملة الاسمية) يعني: بالدخول على الجملة الاسمية إذًا لا يليها إلا المبتدأ لولا/ كل اسم مرفوع بعد لولا فاعربه مبتدأ, كل اسم مرفوع بعد لولا فهو مبتدأ, لماذا؟ لأن لولا الامتناعية لا تدخل إلا على الجملة الاسمية, والجملة الاسمية هذه مؤلفة من مبتدأ وخبر (وخصصت) أي امتازت عن غيرها لولا الامتناعية بالجملة الاسمية يعني: بالدخول على الجملة الاسمية. فالاسْم بعدها الذي هو مرفوع لا يكون إلاَّ مبتدئًا أبدًا في كل تركيب (أخبارها في غالب منويَّة) (أخبارها) أخبار جمع خبر والمراد أخبار تلك الجملُ الاسمية التي دخلت عليها لولا, ما حكمها؟ قال (في غالب) يعني في غالب الحال. (منوية) يعني: مقدرة. وهي التي عنها ابن مالك ... وبعد لولا غالبًا حذف الخبر
إذًا نقول: لولا الامتناعية خاصة بالدخول على الجملة الاسمية ولا يلهيا إلا المبتدأ يعني: لا يكون الاسمُ المرفوع بعدها إلا مبتدأ أين خبرها؟ في الغالب في الغالب يكون منويًا يعني: مقدرًا محذوفًا واختلف في تفسير الغالب، هنا تبع ابن مالك رحمه الله ..... وبعد لولا غالبًا حذف الخبر
المرجح عند الشراح أن لولا لها استعمالان: قد يكون الخبر كونًا عامًا مطلقًا, وقد يكون كونًا خاصًا مقيدًا, غالب استعمال لولا أن يكون خبرها ماذا؟ كونًا عامًا إذًا إذا كان خبر لولا كونًا عامًا فحينئذٍ يجب حذفه. "وبعد لولا غالبًا" يعني: في غالب أحوالها. ما غالب أحوالها؟ أن يكون خبرها كونًا عامًا وسبق التفريق بين الكون العام والكون الخاص يعني: الوجود المطلق والوجود الخاص, في غالب أحوالها أن يكون خبرها كونًا عامًا وجودًا مطلقًا حينئذٍ يجب حذفه (لَوْلا زَيْدٌ لأَكْرَمْتُكَ) لَوْلا/ حرف امتناع زَيْدٌ/ مبتدأ لأَكْرَمْتُكَ/ هذه جملة لا محل لها من الإعراب بعد أن تعربها تفصيلاً لا محل لها من الإعراب جملة جواب لولا, ولولا هذه شرط غير جازم أين خبر لولا؟ وزيد هذا مبتدأ أين خبر زيد وليس لولا أين خبر زيد؟ نقول: محذوف ما حكم حذفه؟ الوجوب لماذا؟ لأنه كون عام, وإذا كان كونًا عامًا وقع خبرًا لمبتدأ دخلت عليه لولا حينئذٍ يجب حذفه وهو الذي عناه ابن مالك.
وبعد لولا غالبًا حذف الخبر


غير الغالب أن يكون خبرها كونًا خاصًا وحينئذٍ لا بد من التفصيل وهو إن دل عليه دليل جاز حذفه, وإن لم يدل عليه دليل لم يجز حذفه (لَوْلا زَيْدٌ سَالَمَنَا مَا سَلِمَ) مَا سَلِمَ/ هذا جواب لولا لَوْلا/ حرف امتناع زَيْدٌ/ مبتدأ أين الخبر؟ سَالَمَنَا/ فعل فاعل والجملة في محل رفع خبر زيد أين هذا من قولنا "وبعد لولا غالبًا حذف الخبر "؟ نقول: ذاك في الكون المطلق وهنا السلام هذا كون مقيد وجود مقيد بوصف السلامة, فحينئذٍ يجب ذكره لأنه لو حذف لما دل عليه دليل, بخلاف الكون المطلق العام (لَوْلا زَيْدٌ مُحْسِنٌ إِلَيَّ مَا أَتَيْتُ) لَوْلا زَيْدٌ مُحْسِنٌ/ هنا نقول: مُحْسِنٌ هذا خبر زيد ويجب ذكره لكن لو وقع في جواب سؤال (هَلْ زَيْدٌ مُحْسِنٌ إِلَيْك؟) فقلت: لَوْلا زَيْدٌ لَهَلَكْتُ. لَوْلا زَيْدٌ مُحْسِنٌ إِلَيَّ/ حذفت الخبر وهو كون خاص, هل يجوز في مثل هذا التركيب حذف الخبر وهو خاص؟ نقول: نعم. لماذا؟ لوقوعه جوابًا لسؤال وحينئذٍ يكون السؤال قرينةً على المحذوف إذًا قوله (أخبارها) أي: أخبار تلك الجمل الاسمية في غالب الحال منوية متى في غالب الحال؟ إذا كان الخبر كونًا عامًا أما إذا كان كونًا خاصًا فلا بد من التفصيل إن لم يدل عليه دليل وجب ذكره, وإن دل عليه دليل جاز ذكره وحذفه, لا يجب نقول: يحذف لكن جاز ذكره وجاز حذفه (أخبارها في غالبٍ منوية) يعني: مقدرة لكون حذفها واجبًا إذا كان كونًا مطلقًا.
* قيل: حُذف الخبر وجوبًا هنا لأن جملة الجواب سدَّت مسد الخبر هكذا عللوا لماذا؟ لأن جملة الجواب سدت مسد الخبر, ولأن لولا تدل على المحذوف, لولا هذا نقول لولا/ امتناع لَوْلا زَيْدٌ لأَكْرَمْتُكَ امتنع الإكرام لماذا؟ لوجود زيد إذًا دلت على الكون المطلق المحذوف, لأن لولا تدل على الامتناع امتناع الجواب لوجود الشرط, هي متضمنة للدلالة على الخبر المحذوف فلذلك استغني عن الخبر إذا كان كونًا عامًا, لأن لولا تدل عليه ضمنًا, كيف دلت عليه ضمنًا لأنك تقول في التركيب (لَوْلا زَيْدٌ لأَكْرَمْتُكَ) لو امتنع الإكرام لماذا امتنع الإكرام الذي هو جواب لولا؟ لوجود زيد من أين أخذ لوجود زيد؟ لدلالة لولا نقول: لولا حرف دال على امتناع امتنَاع الجواب لوجود هذا دلالتها نفسها مثل أن تقول "مِن" تدل على الابتداء، وفي تدل على الظرفية، لولا على أي شيء تدل؟ امتناع لوجود. إذًا الوجود مفهوم من معنى لولا فلذلك استغني عن الخبر وسد الجواب مسد الخبر هكذا قيل: والأصل السماع.
(وخصصت بالجملة الاسمية * أخبارها في غالب منوية) هذا المعنى الأول الذي جاءت له لولا أنها لولا أنها: حرف امتناع لوجود امتناع الجواب لوجود الشرطية.
وَحَرْفُ تَحْضِيضٍ وَعَرْض أيْ طَلَبْ ... بِعُنفٍ أوْ لطْفٍ مَعَ الآتِي اصْطَحَبْ


* المعنى الثاني أنه يقال فيها تارة (وحرف تحضيض وعرض) يعني: تأتي للطلب والطلب قد يكون طلبًا بحذف وإزعاج وقد يكون طلبًا برفق ولين الأول يسمى التحضيض والثاني يسمى العرض تأتي لولا مرادًا بها التحضيض وتأتي لولا مرادًا بها العرض وكلاهما يشتركان في الطلب لكن الطلب بـ في التحضيض يكون أبلغ لماذا؟ لأنه فيه عنف فيه شدة فيه إزعاج طلب بإزعاج قال (وحرف تحضيض) يعني: تأتي لولا مرادًا بها حرف تحضيض يعني: حرف يدل على التحضيض من إضافة الدال إلى المدلول, وتارة حرف عَرْض بفتح العين وإسكان الراء أي: طلب الفعل بعنف هذا التقدير أيْ هذه تفسير للتحضيض أيْ حرف تفسير بفتح الهمزة وإسكان الياء تفسير للتحضيض أراد أن يفسر لك التحضيض أولاً ثم العرض (أي طلب ** بعنف) هذا يعود على التحضيض والعنف ضد الرفق ويعبرون بأنه طلب بحث وإزعاج هذا هو المشهور (أو لطف) (أو) للتنويع والمراد به: ما يقابل التحضيض, يعني يريد أن يفسر لك معنى العرض (أو لطف) يعني: أو أيْ ومعنى العرض طلب الفعل بلطف وهو: الرفق واللين. وهذا يسمى لبقًا ونشرًا مركبًا لأنه قال (وحرف تحضيض وعرض) ثم فسر التحضيض بقوله (طلب ** بعنف) ثم فسر العرض بقوله: طلب بـ (لطف) وهو الرفق واللين قال (مع الآتي اصطحب) هذا بيان لما يدخل عليه حرف التحضيض والعرض (مع الآتي اصطحب) اصطحب مع الآتي مع/ هذا ظرف منصوب على الظرفية متعلق بقوله (اصطحب) هذا افْتَعَلَ من الصحبة أصلها اسْتَحَبَ قلبت التاء طاء لم؟ لوقوع فاء افْتَعَلَ حرفًا من حروف الإطباق وحينئذٍ يجب قلب التاء طاءً (مع الآتي اصطحب) (وحرف تحضيض وعرض أي طلب ** بعنف أو لطف مع الآتي)


(بعنف) هذا المشهور بضم العين وذكر أنه يجوز الكسر والفتح (مع الآتي اصطحب) يعني: مع الجملة الفعلية المبدوءة بالفعل الآتي ما هو الفعل الآتي؟ المستقبل الذي سيأتي الزمن الذي سيقع فيه يعبَّر عن الفعل المضارع بالآتي إذًا (مع الآتي اصطحب) مع الجملة الفعلية المبدوءة بالفعل الآتي يعني: المستقبل وهو المضارع لفظًا ومعنًى أو معنًى فقط يعني: مدخولُ لولا سواء كانت للتحضيض أو للعرض مدلولُ مدخولها الآتي يعني: المستقبل سواء كان المستقبل لفظًا ومعنًى كما إذا دخلت على فعل مضارع ومراد به ماذا؟ زمن الاستقبال أو دخلت على فعل ماض اللفظ ولكنه مرادًا به زمن الاستقبال {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي} [المنافقون: 10] هذا عرض {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي} أخر هذا فعل ماضي يعني: لولا تؤخرني. هذا الأصل فهو ماضي اللفظ مضارع المعنى إذًا مدخول لولا التي تكون حرف تحضيض وعرض يكون جملة فعلية فعلها مستقبل والمستقبل هنا النظر إلى الزمن فقط دون صيغة الفعل لماذا؟ لأن الماضي قد يكون مدلوله المستقبل وهو في اللفظ فعل ماضي مثل {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] (إِنْ قَامَ زَيْدٌ قُمْتُ) إِنْ قَامَ يعني: في زمن مستقبل, لأن إن تصرف الفعل الماضي من الزمن الماضي إلى الاستقبال (إِنْ قَامَ زَيْدٌ قُمْتُ) إِنْ قَامَ زَيْدٌ قُمْتُ هل وقع؟ لا لم يقع, إذًا سيقع في المستقبل إذًا مدخولُ لولا التي تكون للتحضيض والعرض لفظ يكون مضارعًا أو مستقبلاً لفظًا ومعنًى أو معنًى فقط {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: 46] {لَوْلَا} هذِهِ للتحضيض هلا تستغفرون الله ولا بد فلذلك فيه حذف بإزعاج فهلا تستغفرون الله يعني: استغفروه {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} [الواقعة: 62] يعني: فهلا تذكرون {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} [الفرقان: 7] يعني: هلا ينزل إليه ملك لماذا؟ لأن أنزل هذا ماضي اللفظ, وقلنا المراد به مستقبل الزمن {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} يعني: هلا يُنزل إليه ملك. في الزمن المستقبل {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ} يعني: لولا تؤخرني هذا على قول الجمهور.
* إذًا (وحرف تحضيض وعرض أي طلب ** بعنف أو لطف مع الآتي اصطحب) هذا بيان للوجه الثاني الذي تأتي له أو عليه لولا وهو إفادة التحضيض وهو الطلب بإزعاج وعنف, وإفادة العرض وهو الطلب برفق ولين مدخولها يكونُ جملةً فعليةً, والفعل الذي دخلت عليه لولا يكون مستقبل الزمن سواء كان مضارعًا في اللفظ والمعنى أو كان ماضيًا في اللفظ دون المعنى والأمثلة كما ذكرنا.
وَحَرْفُ تَوْبِيخٍ مَعَ المَاضِي وَتَم ... مَعْنَى بِهَا اسْتِفْهَام هَلْ وَنفْيُ لمَ


* ثم ذكر المعنى الثالث قال (وحرف توبيخ) يعني: ويقال فيها تارةً: حرف توبيخ من إضافة الدال للمدلول توبيخ هذا مصدر "وَبَّخَ يُوَبِّخُ تَوْبِيخًا وَبَّخَهُ أي: عيَّره بفعله القبيح توبيخ نقول: مصدر وَبَّخَهُ والمقصود عيره بفعله القبيح" قال: (مع الماضي) (وحرف توبيخ مع الماضي) يعني: ضَبَطَ لك مدخول حرف التوبيخ لولا إذا كانت للتوبيخ أن مدخولها يكون ماضي لذلك قال (مع الماضي) وحرف توبيخ إذا كانت يعني: الجملة مبدوءة بفعل ماضي {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13] {لَوْلَا جَاءُوا} {جَاءُوا} هذا فعل ماضي دخلت عليه لولا, ما المقصود بالمعنى المقصود التوبيخ يعني: هلا جاءوا عليه بأربعة شهداء. هذا فيه توبيخ إذًا المعنى الثالث الذي تجيء له لولا ماذا؟ التوبيخ ومدخولها يكون فعلاً ماضيًا ولا تدخل على المضارع ولا على الجملة الاسمية.
ثم قال: (وتم) هذه كم معنى الآن ذكرنا؟ أربعة, أي عرض وتحضيض هذان قسمان والتوبيخ هذا الثالث إذًا أربعة يعني: أربعة أوجه إذًا قسَم لنا لولا تحضيضية ولولا العرضية حرف تحضيض هذا قسم وحرف عرض هذا قسم آخر وحرف امتناع هذه ثلاثة أقسام وحرف توبيخ هذا قسم رابع إذًا أربعة أقسام لا بد من موافقة ما عَنْون له الناظم.
قال: (وتم ** معنى بها استفهام هل ونفي لم) هذا أبو عبيد الهروي رحمه الله زاد معنًى أن "لولا" تأتي استفهامية وقد تأتي نافية بمنزلة لمْ, انفرد أبو عبيدة الهروي بأن لولا تأتي استفهامية بمنزلة هل, وتأتي نافية بمنزلة لمْ وردَّه الجمهور عليه قال (وتم) فعل ماضي (وتم) بمعنى كمل (معنى بها) يعني: في المعنى (معنى) هذا منصوب بنزع الخافض وكمل معنى بها يعني: بـ لولا (استفهام هل) (استفهام) هذا إيش إعرابه؟ فاعل تم تَمَّ بمعنى كمل كَمل استفهام فاعل تم تَم بمعنى كمل كَمل استفهام تم استفهام هلْ في المعنى بـ لولا على التقديم والتأخير تقدير, وتم استفهام هلْ في المعنى بها يعني بـ لولا وتمَّ نفيٌ له في المعنى بـ لولا, إذًا تأتي استفهام هلْ استفهام مضاف قلنا: هذا فاعل وهل قُصِدَ لفظه وهو مضاف إليه (ونفيُ) بالرفع عطفًا على استفهام وهو مضاف, ولم قصد لفظه مضاف إليه إذًا تم المعنى بها عند أبي عبيدة الهروي أنَّ "لولا" تأتي استفهامية بمنزلة هل, وتأتي نافية بمنزلة لم, استدل على ذلك بقوله {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} [الفرقان: 7] {لَوْلَا أُنْزِلَ} قال: هذه استفهامية. يعني: هل أنزل عليه ملك، {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} يعني: هل أخرتني. هكذا قال ومثل لولا النافية بقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ} [يونس: 98] يعني: لم تكن قرية هذه مما استدل به أبو عبيدة الهروي على أن لولا تأتي استفهامية وتأتي كافية {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} يعني: لم تكن قرية {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي} يعني: هل أخرتني إلى أجل قريب, لكنه رده الجمهور بما ذكره الناظم.
وَالحَقُّ أنَّ العَرْضَ وَالتَّحْضِيضَ فِي ... أمْثِلَة اسْتِفْهَامِهَا غَيْر خَفِي


(والحق) يعني: في رد ما ذهب إليه أبو عبيد (والحق) يعني: القول محقق أو التحقيق (أن العرض والتحضيض) (أن العرض) الذي هو طلب بلين ورفق (والتحضيض) الذي هو طلب بحذف وإزعاج (في * أمثلة استفهامها) يعني: فيما استدل به أبو عبيد أنها للاستفهام (غير خفي) بل هو جلي خبر إن (أن العرض) أَنَّ هذه تنصب وترفع أين اسمها؟ العرض، أين خبرها؟ غير خفي، لذلك بالنصب عندكم بالفتح (غير خفي) يعني بل هو جلي وظاهر.
(والحق أن العرض والتحضيض في ** أمثلة استفهامها غير خفي)
يعني: الأمثلة التي استدل بها بأن لولا تأتي استفهامية الظاهر من السياق والتركيب: العرض والتحضيض, وعليه إذا كان المعنى ظاهرًا في العرض والتحضيض لا يُعدل عنه إلى ما قد يُتكلف في فهم المعنى من الآيتين السابقتين.
وَنَفْيُهَا التَّوبِيخَ أيْضَا يفْهَم ... لَكِنْ مَعْنى النَّفْي مِنْهُ يَلْزَم

(ونفيها التوبيخ أيضًا) (ونفيها) هذا مبتدأ (يفهم) الجملة خبر يفهم هو أيِ النفي نعم النفي (ونفيها) أي: لولا, يعني: ما مثل به بـ لولا النافية يفهم التوبيخ أيضًا أَيضًا هذا إيش إعرابه؟ مفعول مطلق, دائمًا؟ دائمًا ما تخرج عنه آضَ يَئِضُ أَيْضًا بمعنى رجع يعني كأنه يقول: قررنا لك أن ما مثَّل به أبو عبيد بـ لولا الاستفهامية الظاهرُ منه: العرض والتحضيض, نرجع رجوعًا ونبين لك أن ما استدل به على "لولا" النافية الظاهر منه التوبيخ وليس النفي (ونفيها) أي: مثال نفيها الذي مثل به أبو عبيد يُفهِم التوبيخ التوبِيخ هذا مفعول مقدم (أيضًا) رجوعًا إلى ما سبق في رد ما استدل به أبو عبيد, لكن كونها للتوبيخ لا ينفي أن يفهم منها النفي يعني: قد تكون للتوبيخ ومع ذلك يفهم لزومًا النفي لذلك قال: (لكن). هذا استدراك والاستدراك: تعقيب الكلام بما يتوهم ثبوته أو نفيه (لكن معنى النفي) يعني: الذي ذكره الهروي (منه) الضمير يعود على التوبيخ (يلزم) يلزم مِن مَاذا؟ (لكن معنى النفي منه يلزم) ما الذي يلزم؟ النفي مما من التوبيخ لماذا أين وجه الملازمة؟ قيل: أن التوبيخ يشعر بعدم الوقوع, وعدمُ الوقوع هو معنى النفي, التوبيخ يُشعر (هلا قمت مثلاً) هذا يفهم أن القيام لم يقع, وعدم وقوع القيام هو النفي إذًا التوبيخ يلزم منه النفي وليس المعنى الأصلي لـ هلا إذا كانت للتوبيخ النفي, وإنما يفهم النفي عرَضًا واستلزامًا لا أصالةً, والأصل فيها التوبيخ الحث بإزعاج (هلا قمت يا زيد) يعني هلا قمت هلا صليت هذا يفهم منه أنه لم يصل وهذا هو معنى النفي لذلك قال (لكن معنى النفي منه يلزم) إذًا هذه أربعة معاني لـ لولا حرف امتناع لوجود, حرف تحضيض، حرف عرض، حرف توبيخ, زاد أبو عبيدة الهروي "لولا" الاستفهامية و"لولا" النافية وردهما الجمهور.
* أما ما استدل به للاستفهامية فالظاهر فيه العرض والتحضير, ولا يُعدل عنه لما يتكلف من معنى الآيتين أو الآيات
وما ذكره من أن لولا نافية نقول: الأصل في التوبيخ ولا ينفي النفي أن يفهم منها النفي استلزامًا وعرضًا لا أصالةً.
شَرْطِيَّةٍ نَافِيَةٍ تخف إِنْ ... ثَقِيلَةٌ زَائِدةُ أقْسَامُ إِنْ


* ثم شرع في بيان الحرف الثاني وهو إِنْ بكسر الهمزة وسكون النون قال (شرطية نافية تخف إن ** ثقيلة زائدة أقسام إن) هذه أربعة معاني جمعها في بيت واحد فأراحنا (شرطية) هذا خبر مقدم (نافية) هذا معطوف عليه بإسقاط حرف العطف ضرورةً (تُخفّ إن ** ثقيلة) هذا فيه تكلف, لذلك الشارح يقول: لعل إن هنا مصحفة عن "من" تخف من ثقيلة وهذا المعنى أظهر تخف من ثقيلة اجعلها نسخة لعلها هكذا (زائدة) هذا المعنى الرابع وهو أنها تكون للزيادة مع إسقاط معطوف على قول شرطية مع إسقاط العطف (أقسام إن) أقسام هذا مبتدأ وهو مضاف, وإنْ قصد لفظه مضاف إليه شرطية خبرها مقدم عليها (أقسام إن) أي: معانيها التي جاءت لها إنْ بكسر الهمزة وسكون النون أربعة: أن تكون شرطية ومعنى الشرطية: تعليق حصول مضمون جملةٍ بحصول مضمون جملةٍ أخرى كما سبق في أمس "لَمَّا" قلنا: لَمَّا للارتباط ارتباط مضمون الجملة الثانية تحقق مضمون الجملة الثانية بتحقق مضمون الجملة الأولى, وهذا هو معنى الشرط وهنا الشرطية نقول تفسيرها: تعليق حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى (إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ أَقُمْ مَعَهُ) أين المعلق وأين المعلق عليه؟ (إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ يَقُمْ عَمْرٌو) هكذا إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ يَقُمْ عَمْرٌ.
الثانية: معلقة على وجود الأولى, نقول: مضمون الجملة الثانية ما هو مضمون الجملة الثانية؟ القيام, يعبر بالقيام هو الذي دلت عليه (إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ يَقُمْ عَمْرٌ) هذه جملة فعلية لو قيل لك: ما مضمونها؟ إثبات قيام عمرو هذا معلق على حصول مضمون الجملة الأولى وهو قيام زيد, هذا هو معنى الشرطية في اللغة (شرطية).
(نافية) بمنزلة ما النافية (تخفّ إن) أي: تخفف إنْ/ هذا نائب فاعل تُخَفُّ تخف هذا فعل مضارع مغيَّر الصيغة إنْ/ نائب فاعل (ثقيلة) هذا نعت لإنْ شديدة النون ثقيلة يعني مثقلة النون شديدة النون (تخفّ إن ** ثقيلة) يعني: تخفف إن ثقيلة, هذا فيه ركة ولو قيل: تخف منْ ثقيلة لكان أحسن (تخف إن ** ثقيلة) (ثقيلة) هذا نعت لـ إن هكذا أعربها الشارح (زائدة) يعني: تزاد إن للتأكيد (أقسام إن).
فِعْلَينِ بِالشَّرطِ اجْزِمَن وَأعْمِلَت ... كَلَيْسَ نَفْيًا وَقَلِيلاً عمِلَت

* ثم شرع في بيان بعض أحكام هذه الأنواع أو الأقسام الأربعة قال: (فعلين بالشرط اجزمن) إن الشرطية إذا جاءت ثقيلة هذه تجزم فعلين ولذلك نقول: الجازم ما يجزم فعلاً واحدًا وما يجزم فعلين إِنْ وأخواتها تجزم فعلين قال: (فعلين بالشرط اجزمن) اجزمن فعلين فَعلين هذا مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه. الياء لأنه مثنى (بالشرط) أي: بإن التي هي حرف شرط إذًا إن هذه تقتضي فعلين.
فعلين يقتضين شرطًا قدما ** يتلو الجزاء وجوابًا وسما
إذًا إن وأخواتها تقتضي يعني: تطلب ماذا؟ فعلين:
الفعل الأولى يسمى: شرطًا.
والفعل الثاني يسمى: جوابًا.
قال (فعلين) وأطلق الناظم, هذا يشمل ما إذا كانا ماضيين وما إذا كان مضارعين وما إذا كان مختلفين.
وماضيين أو مضارعين تنفيهما ** أو متخالفين .........


ماضيين يعني: قد يكون الأول فعل الشرط فعلاً ماضيًا, ويتحد معه جواب الشرط (إِنْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو) إن هذه شرطية تقتضي فعلين قَامَ زَيْدٌ/ هذا فعل الشرط وهو فعل ماضي قَامَ عَمْرٌو/ هذا جواب الشرط وهو فعل ماضي {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8] كذلك قد يكونا مضارعين (إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ يَقُمْ عَمْرٌ) يَقُمْ زَيْدٌ/ هذا فعل مضارع يَقُمْ عَمْرٌ هذا الجواب وهو فعل مضارع {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19] إذًا مضارع مضَارع قد يكون الأول ماضيًا, والثاني مضارعًا (إِنْ قَامَ زَيْدٌ أَقُمْ مَعَهُ) إِنْ قَامَ/ وهذا باتفاق يجوز أن يكون الأول فعل ماضي وأن يكون الثاني فعل مضارع {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ} [الشورى: 20] {مَنْ كَانَ} {مَنْ} هذه شرطية مثل إن ليست خص الكلام بـ إن {مَنْ كَانَ} {كَانَ} هذا فعل ماضي {نَزِدْ} هذا جواب فعل الشرط.
هذه ثلاثة أنواع باتفاق وإنما وقع الخلاف في الرابع وهو كون الأول مضارعًا والثاني ماضيًا أن يكون الأول مضارعًا والثاني ماضيًا (إِنْ يَقُمْ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو) هذا فيه خلاف وصوَّب ابن عقيل وغيرهم إدلالاً بحديث النبي «من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم» «من يقم» قال «غفر» إذًا وقع في الحديث في كلام النبي أنه جاء فعل الشرط فعلاً مضارعًا وجوابه فعلاً ماضيًا وعليه نقول: ثبت به (فعلين بالشرط اجزمن) يعني: اجزمن لفظًا أو محلاً متى يكون لفظًا؟ إذا كان فعلاً مضارعًا، ومتى يكون محلاً؟ إذا كان فعلاً ماضي أو جملة أحسنت, إذا كان فعلاً ماضيًا أو جملة (إِنْ قَامَ زَيْدٌ فَلَهُ دِرْهَمٌ) إِنْ قَامَ هذا مثال إِنْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ/ هذا تقول: فعل ماضي مبني على الفتح فعل الشرط مبني على الفتح في محل جزم إذًا في محل جزم فَلَهُ دِرْهَمٌ له/ هذا خبر مقدر دِرْهَمٌ/ مبتدأ مؤخر الفاء هذه وقعت في جواب الشرط لماذا؟ لأن الجواب لا يصلح الجملة الاسمية لا تصلح أن تكون جوابًا لـ إن فحينئذٍ وجب اقترانها بالفاء الجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط إذًا وقع المحل هنا فعلاً ووقع جملة اسمية
(فعلين بالشرط اجزمن وأعملت ** كليس نفيًا) هذا انتهينا من الشرطية إنْ الشرطية, الآن إن النافية التي بمنزلة ما قال (وأعملت) أعملت يعني: أعملها بعض العرب (وأعملت) وهذا على مذهب الكوفيين, أما على مذهب أكثر البصريين فإنْ النافية لا تعمل مطلقًا لا تعملْ, ولذلك لم يذكرها ابن هشام في قطر الندى أسقطها, ذَكَر ما ولا ولات ولم يذكر إنْ خلافًا لابن مالك.
في النكرات أعلمت كليس لا ** وقد تلي لات وإن ذا العملا


على قلة, ولذلك أكثر البصريين على المنع إذًا (وأعملت) إن النافية (وأعملت) على مذهب الكوفيين, وأما مذهب أكثر البصريين فإنها لا تعمل (كليس) يعني: كعمل ليس وهو رفع الاسم ونصب الخبر (نفيًا) هذا حال حَالَ كونها نفيًا يعني: حال كون إنْ نافيةً بمنزلة ما النافية (إِنْ زَيْدٌ قَائِمًا) إنْ/ حرف نفي بمنزلة ما مبني على السكون لا محل له من الإعراب إِنْ زَيْدٌ/ زيْدٌ هذا وعند من يعملها لا يشترط أن تكون أن يكون اسم معرفة أو نكرة يجوز الوجهان إِنْ زَيْدٌ زيد/ هذا اسمها مرفوع بها ورفع ضمة مقدرة على آخره قَائِمًا/ هذا خبر خَبر ماذا؟ خبر إن منصوب بها لم رفعت ونصبت؟ قالوا: حملاً على ليس, وليس هذه ترفع المبتدأ وتنصب الخبر (إن هو مستوليًا على أحد إلا على أضعف المجانين) إن هو مستوليًا يعني: ما هو مستوليًا إن بمنزلة ما نافية هو اسمها مستوليًا بالنصب على أنه خبر إن (وأعملت * كليس) حال كونها نفيًا لها شروط يذكرون في موضعين من كتب النحو (وقليلاً عملت خفيفة) (وقليلاً) هذا على قلة وعملاً قليلاً عملت إن خفيفة ما معنى خفيفة؟ يعني: ساكنة النون (خفيفة عمَلَها مشددة) النون عملها قال (وقليلاً عملت) بكسر الميم لأنه فعل ماضي قال: (خفيفة عملها) بفتح الميم لأنه مصدر (وقليلاً عملت خفيفة عملها) عمل إِنَّ حال كونها مشددة النون يعني: مثقلة إِنَّ/ بتشديد النون هذه قد تخفف وإذا خففت يعني: أُسقط إحدى النونين صارت إِنْ بإسكان النون حينئذٍ فيها وجهان: يجوز الإعمال على الأصل, ويجوز الإهمال, الإعمال والإهمال وأيهما أكثر وأرجح؟ الإهمال ولذلك قال (قليلاً عملت) إذًا مفهومه أن الإهمال أكثر من الإعمال, ولذلك إذا عملت لا تحتاج إلى اللام الفارقة تقول (إِنْ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ) إِنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ إِنْ زَيْدٌ إِنْ زَيْدًا/ بالنصب مُنْطَلِقٌ إِنْ/ تقول: هذه مخففة من الثقيلة حرف نصب وتوكيد, زَيْدًا اسمها مُنْطَلِقٌ خبرها أعملتها كما لو أعملت الأصل, يجوز الإهمال يعني لا تعملها تبطلها فتقول (إِنْ زَيْدًا لَمُنْطَلِقٌ) حينئذٍ يجب أن تدخل اللام على خبرها لماذا؟ فرقًا بينها وبين إن النافية.
وخففت إِنَّ فقَل العمل ** وتلزم اللام إذا ما تُهْمَل
يعني: إذا أهملت لا بد من إدخال اللام الفارقة على خبرها (إِنْ زَيْدٌ) لو قيل: إِنْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ: يأتي السؤال هنا هل الكلام نفي أم إثبات؟ لأن إنْ هذه يحتمل أنها نافية بمنزلة ما, إذًا مَا زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ, ويحتمل أن إن هنا مخففة من الثقيلة وأهملت إذًا لو قيل (إِنْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ) على الإهمال وهي إن المخففة من الثقيلة حينئذٍ التبست بـ إن النافية, فلذلك قيل: لا بد من إدخال اللام على خبر إنْ المخففة من الثقيلة عند الإهمال, أما إذا أُعملت لا تحتاج لماذا؟ لأن إِنْ النافية لا ترفع ولا تنصب (إِنْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ) إِنْ زَيْدًا/ نصبت إذًا إِنْ النافية لا يأتي بعدها منصوب وإنما يأتي ما بعدها مرفوع ويكون الخبر منصوبًا قال وَقَلِيلاً عمِلَت ....
خَفِيفَة عَمَلُهَا مُشَدَّدة ... وَمَا الحِجَازِيَّة كَفَّت زَائِدَة

يعني: مشددة النون, لكن إذا فُهم المعنى المقصود قيل: يجوز أن تسقط.


ونحن أبات الضيم من آل مالك ** وإن مالك كانت كرام المعادن
لذلك ابن مالك يقول:
وربما استغني عنها إن بدا ... مناطق أراده معتمدا
إذا ظهر المعنى أنه إثبات ليس نفيًا حينئذٍ يجوز إسقاط اللام, وإن مالك كانت كرام المعادن نحن أبات الضيم يعني: نمنع الظلم, "وإن مالك كانت كرام المعادن" هذا نفي أو إثبات؟ إثبات هو يريد أن يتمدَّح لو نفيت لتعارض القسم الثاني مع الشطر الأول، ونحن أبات الضيم من آل مالك نتمدح أنه يمنع الضيم الذي هو الظلم, وإن مالك كانت كرام المعادن إذًا ظهر المعنى أن المقصود هنا إنْ المخففة من الثقيلة فحينئذٍ لا تحتاج للام, والأصل وإن مالك لكان سقطت اللام لظهور المعنى.
(وما الحجازية كفت زائده) هذا الرابع الذي هو الزائدة, الزَّائدة هذه إن الزائدة (وما الحجازية كفت زائده) كفت يعني: منعت (ما الحجازية) ما/ مفعول مقدم والعامل فيه كفت (الحجازية) هذا بالنصب نعت لما, ولكن المنصوب منصوب حال كونها ماذا؟ حال كونها زائدة يعني إنْ الزائدة كفت ما الحجازية عن العمل (مَا زَيْدٌ مُوَافِقًا) مَا هذه نافية تعمل عمل ليس مَا زَيْدٌ.
فقولهم ما عامر موافقا ** كقولهم ليس سعيد صادقا
مَا زَيْدٌ مُوَافِقًا مَا/ نافية بمنزلة ليس يعني: ترفع وتنصب زَيْدٌ/ اسمها مُوَافِقًا/ هذا خبرها إذا اتصلت إن الزائدة أو دخلت إن الزائدة بعد ما كفتها يعني منعتها عن العمل فوجب حينئذٍ الإبطال والإهمال يعني: يجب أن يُرفع ما بعدها على أنه مبتدأ وخبر (مَا إِنْ زَيْدٌ قَائِمٌ) مَا/ هذه التي تعمل عمل ليس, زيدت عليها إِنْ الزائدة يعني لحقتها تبعتها فحينئذٍ بطل عملها.
بني غدانة ما إن أنتمُ ذهب ** ولا صريف ولكن أنتم الخزف
بني غدانة ما إن أنتمُ ذهب "ما أنتمُ ذهبًا" هذا الأصل على الإعمال, فإذا دخلت عليها إن حينئذٍ بَطَل عملها وهذا من شروطها شروط ماذا؟ ما النافية "إعمال ليس أعملت ما دون إن" أما إذا اتصلت بها إن حينئذٍ بطل عملها (وما الحجازية كفت زائده) أي: حال كونها زائدةً, هذه كم معنى؟ أربعة معاني.
مَتَى التَقَى إِنْ مَا فَمَا إِنْ صدرا ... نَافٍ وَإن شَرطُ وزِدْ مَا أخِّرَا

(متى التقى إن ما فما إن صدِّرا ** ناف وإن شرط وزد ما أخرا)
من فهم هذا البيت؟ (متى التَقَى) متى هذه اسم شرط ظرف زمان يعني: في أي زمان (التقى) يعني صاحب (إن ما) إن وما اجتمعا متصلين, إن وما إذا اجتمعا متفقين دون فارق بينهما: إما أن تتقدم ما على إن, وإما: أن تتقدم إن على ما, إن تقدمت ما على إن فما نافية وإن زائدة, هذا نعطيكم الخلاصة, إن تقدمت ما على إن فما نافية فما نافية وإن زائدة, وإن تقدمت إن على ما فإن شرطية وما زائدة, إذًا المتقدم هو الأصل والثاني يكون هو الزائد.


* إذا اجتمعا ما وإن مع بعض متصلين في كلام واحد نقول: ما تقدم على الأصل: إن تقدمت ما فهي نافية وإن زائدة, وإن تقدمت إن فهي شرطية وما زائدة لذلك قال (متى التقى) يعني صاحب (إن ما) بأن اجتمعا متصلين في كلام واحد (فما إن صُدِّرا ** ناف) (إن صدرا) يعني تقدم في أول الكلام (فما إن صدرا) يعني: قدم الألف هذه للإطلاق يعني: قدم (ناف) يعني حرف ناف على أصله (وإن) زائدة اختصر هنا (وإن) نحكم عليها بأنها زائدة (وإن شرط) يعني: وإن صدِّر إنْ على مَا فهي حرف شرط, وما زائدة لذلك قال (وزد ما أخرا) يعني: احكم بالزيادة على ما أخرا على ما تأخر, سواء كان ما أو إن {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] وإن ما تخافن نقول: الكلام هنا شرط أو ماذا؟ شرط لماذا؟ لأن إنْ تقدمت على ما حينئذٍ نقول: الكلام هنا على الأصل بأنه شرط انتهينا من إنْ.
أنْ حَرفُ مَصْدَرٍ مُضَارِعاً نَصَب ... وَالقَوْلُ فِي لُقِيَّهِ المَاضِي اضْطَرَب

* شرع في أَنْ قال: (أن حرف مصدر) أيضًا لها أربعة معاني أنْ يقال فيها: حرف مصدر, لماذا يقال فيها حرف مصدري؟ لأنها تؤول بمصدر مع ما بعدها وهي موصول حرفي, الموصولات الحرفية خمسة أو ستة أو سبعة.
موصول الحرفي ما أول مع ** صلته بمصدر كيف وقع
سواء وقع فاعلاً وقع نائب فاعل أيًّا كان, خبر مبتدأ متى ما وقع أنْ وما دخلت عليه في تأويل مصدر, وإعرابه على حسب موقعه.
موصول الحرفي ما أول مع ** صلته بمصدر كيف وقع
وذاك أنْ والوصل فعل صرفا ... .......


(أن حرف مصدر) نصب مضارع (مضارعًا نصب) (مضارعًا) هذا مفعول به مقدم على نصب نَصب مضارعًا لفظًا أو محلاً {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] أن/ حرف مصدري تصوموا فعل مضارع منصوب بأن والنصب هنا لفظي لماذا؟ لأنه بحذف النون والنون هنا حذف كيف نقول: لفظي؟ -لذلك سبق- كيف نقول: حذف؟ الحذف عدم ونقول: لفظًا. ونمثل بحرف النون, اللفظي: عندهم المراد به الموجود ليشمل السكون, لذلك ذكرنا في شرح الإعراب: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة أو منزل منزلة. أثر ظاهر أو مقدر لما قابله بمقدر علمنا أن الظاهر المراد به الموجود ليشمل الحذفَ والسكونَ, والمقدر ما عدا ذلك أثر ظاهر أو مقدر، ظاهرٌ يعني: موجود هكذا قال ياسين في (حاشيته على موجب النداء) أثرٌ ظاهرٌ يعني: موجود لو قلت ظاهر بمعنى ملفوظ خرج السكون والحذف لأن السكون هذا يكون جزمًا {لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص: 3] أين اللفظي؟ ليس عندنا لفظ إنما هو عدم لأن السكون عدم الحركة وتسميته حركة هذا من باب التسامح وليس بحركة, وكذلك الحذف {وَأَن تَصُومُواْ} [البقرة: 184] ما نطقت بالحذف هنا هو عدمي حينئذٍ نقول: أثرٌ ظاهرٌ أو مقدر, المراد بالظاهر الموجود ليشمل السكون والحذف، إذًا: نصب مضارعا لفظًا كما مثلنا أو محلاً (يريد النساء أن يرضعن) يرضعن هذا في محل نصب لماذا؟ لأنه مبنيٌ لاتصاله بنون الإناث وبناؤه على السكون فنقول: هو في محل نصب وأن هذه مصدرية (والقول في لقيه) بالقاف (لقيه) يعني مصاحبته (والقول) يعني قول النحاة (في لقيه) يعني: في مصاحبة أن المصدري أن حرف المصدري المتصرف الماضي (اضطرب) يعني اختلف (القول) هذا مبتدأ (اضطرب) بمعنى اختلف, هذا خبره بمعنى أنَّ النحاة اتفقوا على أن الحرف المصدري أنْ المصدرية تدخل على الفعل المضارع, لكن هل تدخل على الماضي؟ هذا فيه خلاف والصحيح أنها تدخل على الماضي, والدليل أنها تؤول مع ما بعدها بمصدر (عجبت من أن ضربت زيدًا) متى نقول هذه تؤول بمصدر؟ إذا صح أن تحل محله مصدر, فحينئذٍ تقول: هذه مصدرية (عجبتُ من أن ضربت زيدا) أن ضربت، ضربت/ هذا فعل متصرف ولذلك أطلقه السيوطي في كلامه على الموصول قال:
وذاك أن والوصل فعلٌ صُرِّفا
ليشمل المضارع الماضي المتصرف وكذلك الأمر المتصرف، أشرت إليه بأن قم يعني: بالقيام إذًا: دخلت أنْ المصدرية على الفعل الأمر لماذا نقول هذه مصدرية؟ لصحة تأويله بالمصدر (عجبت من أن ضربت) عجبت من ضربكَ إذًا صح تأويله بالمصدر (والقول) يعني قول النحاة (في لقيه) يعني مصاحبة أن المصدري للفعل الماضي المتصرف (اضطرب) اختلف، والصحيح أنها مصدرية ويجوز الدخول على الماضي المتصرف, أما الجامد فلا, وكذلك حتى المضارع يشترط فيها أن يكون متصرفة أمَّا الجامد فلا لماذا؟ لأنه لا بد من تأويله بمصدر والجامد لا مصدر له كذلك الأمر.
وَبَعْدَ لَمَّا زَائِدٌ وَفُسِّرَا ... تَالِي جُملةٍ بِهَا القَوْلُ يُرَى


(وبعد لما) هذا المعنى الثاني بعد لما (وبعد لما زائد) يعني: ويقال فيه حرفٌ زائدٌ متى؟ إذا وقعت أن بفتح الهمزة وسكون النون بعد لمَّا الوقتية يعني: التي تدل على الزمن ولذلك أقول: لو وضع لما هنا لكان أحسن لأن هذا معنى رابع للما لما قلنا: لها ثلاثة مواضع هناك، لما الوقتية هذه تأتي بمعنى حين هنا {فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ} [يوسف: 96] يعني: حين أن جاء البشير إذا وقعت أن بعد لما الوقتية, حينئذٍ نقول: أن هذه زائدةٌ الواقعة بعد لما {فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ} يعني: فلما جاء البشير هذا الأصل حين جاء البشير دخلت لما بعد أن بعد لما فحينئذٍ هي زائدة {وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً} [العنكبوت: 33]، {أَن} هذه زائدة إذًا: من مواضع زيادة أن وقوعها بعد لما الوقتية كذلك وقوعها بعد أو بين القسم ولوْ, (فأقسم أن لو التقينا وأنتم) أن تقع بين القسم ولو (فأقسم أن لو التقينا) فأقسم أن لو/ وقعت أن بين القسم فعل القسم وبين لو حينئذٍ نقول: هي زائدة, كذلك تقع بين الكاف ومجروره والمثال المشهور:
كَأَن ظَبيَةٍ تَعطو إِلى وارق السَلَم
كَأَنَّ ظَبيَةٍ/ على رواية الجر, كَأَنَّ ظَبيَةٍ/ أصله كظبيةٍ كاف/ حرف جر وظبيةٍ/ اسمٌ مجرور بالكاف كأن ظبيةٍ دخلت أن بين الكاف ومجرورها فحينئذٍ نقول: هذه زائدة هذا المشهور أَنَّ أن الزائدة تكون في ثلاثة مواضع محصورة بعد لمَّا الوقتية {فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ} الواقعة بين القسم ولو, فأقسم أن لو التقينا وأنتم، الثالث: أن تدخل بين الجار والمجرور الكاف ومجروره كما في قول الشاعر:
كَأَنَّ ظَبيَةٍ تَعطو إِلى وارق السَلَم
إذًا: (وبعد لما زائد) وهل لها فائدة من الزيادة أم هكذا؟ التأكيد والتقوية.


(وفسرا .. ** تالي جملة بها القول يرى بلا حروفه ولم يقترن ** بخافض نحو دعوت أن قني) هذه أنْ المفسرة وضابطها: أنها المسبوقة بجملةٍ فيها معنى القول دون حروفه المتأخرة عنها جملةٌ ولم تقترن بجار. هذا ضابط أنْ المفسرة متى نقول أن هذه مسفرة؟ المسبوقة بجملةٍ إذًا: لا مفرد، بجملةٍ فيها معنى القول دون حروفه المتأخرة عنها جملةٌ الثالث ولم تقترن بجار, إنْ وجدت هذه الثلاثة الأمور نقول: هذه مفسرة إن انتفى واحدٌ منها نقول: هذه ليست مفسرة (وفسرا) يعني: يقال فيها في أنْ حرف تفسيرٍ بمنزلة أيْ التفسيرية حرف التفسير ليس مختصًا بأي وإنما يكون بأن أيضًا (وفسرا) أي قالوا: فيها حرف تفسير بمنزلة أي التفسيرية حال كونه يعني: أنْ (تالي جملة) حال كونه (تالي جملة) يعني تابع (جملة) هذا الشرط الأول أن تكون مسبوقة بجملة إذًا: لو سبقت بالمفرد حينئذٍ لا نقول: هذه مفسرة {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ} [يونس: 10] {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ} هذا مفرد أو جملة؟ مفرد ... {وَآخِرُ} مضاف ومضاف إليه {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ} إذًا: أن هذه ليست مفسرة لماذا؟ لأنه لم تسبقها جملةٌ, وشرط المفسرة أن تكون مسبوقةً بجملة (تالي) يعني تابع (جملة) مطلقًا سواء كانت اسمية أم فعلية ولذلك أطلق هنا (بها القول يرى بلا حروفه بها) أي في تلك الجملة (القول يرى) يعني: يعلم ويوجد (بها) جار مجرور متعلق بقوله: (يرى) يعني: يعلم ويوجد القول بها يعني: في تلك الجملة
بِلا حُروفِهِ وَلمْ يَقْتَرِني ... بِخَافِضٍ نَحْوُ دَعَوْتُ أنْ قِنِي

(بلا حروفه) بغير حروفه جار مجرور متعلق بقوله (يرى) وهذا المراد به مسبوقةٌ بجملة فيها معنى القول دون حروفه يعني: ما يدل على القول يفهم منه القول التلفظ باللسان ولكن ليس فيه معنى القول {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ} [الصفات: 104] أن هذه نقول: مفسرة لماذا؟ لأنها سبقت بجملة {وَنَادَيْنَاهُ} هذه جملة وفيها معنى القول لأن النداء هذا نوعٌ من القول التكلم تلفظ باللسان لكن هل فيه القاف والواو واللام ليس فيه مادة القول وحينئذٍ نقول: هذه مسبوقةٌ بجملةٍ فيها معنى القول دون حروفه {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ} [المؤمنون: 27]، {أَوْحَيْنَا} هذا فيه معنى القول دون حروفه لأنه وحي {أَنِ} نقول هذه مفسرة لماذا؟ لأنها مسبوقةٌ بجملة لا مفرد, وفيها معنى القول لا نصًا فيه دون حروفه


(تالي جملة بها القول يرى بلا حروفه) يعني: بلا وجود حروف القول فيها (حروفه) الضمير يعود على (القول) (ولم يقترن ** بخافض) ولم يتصل أن (بخافض) يعني: بحرف جر, فإن اتصل حينئذٍ بحرف جر لفظًا أو حكمًا يعني: مقدرًا فحينئذٍ نقول: هذه مصدرية (أشرت إليه بأن قم) أشرت/ هذا فيه معنى القول دون حروفه, وأشرت إليه بأن قم أن/ هذه نقول مصدرية وليست مفسرة لماذا؟ لأنه دخل عليها حرف جر (كتبت إليه بأن قم) كتاب فيها الكتابة فيها معنى قول دون حروفه, نقول هذه مصدرية وليست مفسرة لأن من شرط المفسرة: ألا يقترن بها حرف الجر فإن اقترن بها حرف الجر لفظًا فحينئذٍ ليست مفسرة, لو لويت حرف الجر وحذفته (أشرت إليه أن قم) هذا يحتمل يحتمل أنها مفسرة ويحتمل أنها واصفة «وإنما الأعمال بالنيات».


إن قدرت أنَّ الأصل يحتمل (أشرت إليه أن قم) وحذفت الباء توسعًا لغةً, حينئذٍ تكون أن هذه مصدرية, وإن قلت هكذا أصالةً أشرتَ إليه أن قم فحينئذٍ أن هذه مفسرة تكون أن مفسرة إذًا هذه ثلاثة شروط وفسر تأني جملةً لا بد أن تكون مسبوقة تابعة لجملة (بها القول) يعني: في تلك الجملة معنى (القول يرى) (بلا حروفه ولم يقترن) لم يتصل أن بخاطبٍ يعني: بحرف جرٍ لفظًا أو {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ} [الصافات: 104] {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} [المؤمنون: 27] {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ} [يونس: 10] نقول هذه ليست، ليست مفسرة لماذا؟ لأنها مسبوقة بمفردٍ وليس بجملةٍ (ضربت زيدًا أن يتأدب) ضربت زيدًا أن، أن أي يتأدب أن/ هذه ليست مفسرة لماذا؟ لم يسبقها ما فيه معنى القول سبقها جملة لكن ليس فيها قول ولا معنى القول, كذلك تقول (قلت له أن افعل) أن هذه مفسرة ليست مفسرة, سبُقت بجملة لكن فيها حروف القول فيها حروف القول نعم (اشتريت عسجدًا أن ذهبًا) هل يصح هذا التركيب؟ لا, لم؟ لأنه مسبوقة بمفرد وتلاها مفرد, لا بد أن تكون متأخر عن الجملة هو لم ينص لكن ذكره في المثال, لذلك قلنا في حد المسبوق بجملة لا بد أن تسبق بجملة, فيها معنا قول دون حروفها المتأخرة عنها جملة هنا (اشتريت عسجدًا أن ذهبًا) لم يتقدمها جملة ولم يلحقها جملة, ولذلك في مثل هذا التركيب إما أن تأتي بحرف التفسير أيْ (اشتريت عسجدًا -تريد أن تفسر هذا- عسجدًا وهو مفرد تقول (أي ذهبًا) تأتي بأيْ ولا تأتي بأن لماذا؟ لأن أنْ تفسير للجمل وأي تفسير للمفردات, أو أنك تسقط حرف التفسير (اشتريت عسجدًا ذهبًا) فيكون بدل أو عطف بيان فيكون بدل أو عطف بيان نحو (دعوت أن قني) دعوت الله أي: طلبت من الله أن قني أن/ هذه نقول مفسرة لماذا؟ سبقتها جملة دعوة فعل فاعل وهي جملة فعلية وفيها معنى القول دون حروفه قني/ هذه لحقتها جملة والمتأخرة عنها جملة أن/ هل دخلا عليها حرف جر؟ لا, إذًا نقول هذه مفسرة دعوت الله أن قني أي: أحفظني قني إيش ماذا إعرابه؟ (قني) قهْ فعل أمر مبني على حرف العلة والنون هذه للوقاية والياء مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديرها أن قني (وبعد علمٍ أو كعلم خففا من الثقيل) أراد أن يبين لك المعنى الرابع أليس كذلك أن حرف مصدرٍ وزائدٍ وفسر هذا الثالث الرابع أن المخففة من الثقيلة, إنَّ قلنا تخفف فتقال إنْ وحينئذٍ يجوز الإعمال والإهمال، والإهمال أكثر, أنَّ أخت إن أيضًا تخفف فيقال فيها أنْ بفتح الهمز وسكون النون, ولكن لا يجوز فيها الوجهان كما جاز في إنْ لماذا؟ بل يجب فيها الإعمال سواء كانت مثقلةً أو مخففةً لذلك قال ابن مالك:
وإن تخفف أنَّ فاسمها سكن


إذًا لا بد من إعمالها (والخبر جعل جملةً من بعد أن) لكن متى نحكم على أن أنها مخففة من الثقيل قال (وبعد علمٍ أو كعلم) إذا وقعت أن بعد علمٍ ليس المراد أنها مادة العلم العين واللام والميم لا, إنما مادة علمٍ وما يدل عليه, تيقن تبين نقول هذه تحقق هذه كلها مدلولاتها مدلول لفظ العلم حينئذٍ إذا تقدمت على أنْ لا يدل على العلم فهي مخففة من الثقيلة لا غير {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ} [المزمل: 20] {عَلِمَ أَن} هذه نقول مخففة من الثقيلة لا غير يعني: لا تحتمل أنها ناصبة لماذا؟ لأنها مسبوقة بعلم {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ} {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: 89] بالرفع قراءة أن هذه مخففة من الثقيلة لأنها سبقتْ بما يدل على العلم وليس فيه لفظ لفظ العلم حينئذٍ نقول هذه أنْ مخففة من الثقيلة (وبعد علمٍ أو كعلم) يعني: الأصل في أنه ظن ولكنه عمِّل معاملة أو نزل منزلة اليقين نحو حسب وخال وزعم نقول إذا وقعت بعدها أن فهي محتملة فهي محتملة أن تكون ناصبةً وأن تكون مخففةً من الثقيلة, أما إذا سبقها ما يدل على العلم فنقطع أن مخففة من الثقيلة, وإذا سبقها ما يدل على الظن لفظ ظن وأخواتها أو ما يدل على معنى الظن فيحتمل أنها مخففة من الثقيلة, ويحتمل أنها ناصبة, وكونها ناصبة هو الأرجح ولذلك وحسبوا حسب هذا يحسب هذا يدل على الظن ليس يحتمل هذا يدل على الظن {وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] {وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} قرأ بالوجهين لماذا رفع؟ {وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ} على أنَّ أنْ مخففة من الثقيلة ولماذا نصفت القراءة الأخرى؟ على أنَّ أنْ ناصفة مصدرية وأيهما الأرجح والقياس؟ أنها مصدرية لم؟ للإجماع مع القراء على النص في قوله تعالى {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 1، 2] لم يقرأ أحدهم {أَن يُتْرَكُوا} {أَن يُتْرَكُون} على أن، أن هذه مخففة من الثقيلة فإجماعهم على النقل في هذه الآية رجح النقل فيما قرأ بالوجهين فيما قرأ بالوجهين, ولذلك كل ما جاء ما ودخل عليها الباء على خبرها يَحتمل أنها يحتمل أنها ما الحجازية وأنها تميمية {وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 74] هذه ما يحتمل أنها أعملت عمل ليس, وأن غافلاً هو الأصل ودخلت الباء للتأكيد, ويحتمل أنه تميمية "وما الله غافلٌ" وتزاد على الصحيح تزاد الباء في خبر ما التميمية مع الإهمال, كما أنها تزاد مع ما الحجازية مع الإعمال, لكن نقول حملها على ما الحجازية أولى لماذا؟ {مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2] {مَا هَذَا بَشَراً} [يوسف: 31] للتصريح به في بعض المواضع نحمل البقية على ما صرح به ولذلك رجحوا يعني: النحاة النصبَ أولى في مثل هذا الترتيب لماذا؟ لإجماع القراء على النقل في {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا} فلما أجمعوا على النصب هنا قالوا {وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ} [المائدة: 71] هذا أرجح من الرفع إذًا (وبعد علمٍ أو كعلمٍ خففا) من الثقيل كعلمٍ الآية السابقة التي ذكرناها من الثقيل/ يعني من أن الثقيل (تعلموا أن قد وفى) إذا علم أنًّ أنْ هذه مخففة من الثقيلة فيجب فيما بعدها أمران:


أولاً رفع الفعل الذي يليه وثانيًا أنه إذا كان غير جملة اسمية ولا جملة فعلية فعلها جامد أو متصرف فهو دعاء يجب فصله بواحد من أربعة أحرف [قد ولو وحرف النفي وتنفيس] هذه أربعة أشياء وتفصيلها في كتب النحو وليس هنا مجالاً لذكرها (تعلمون أن قد وفى) تعلموا أن قد وفى أن/ هذه مخففة من الثقيلة لماذا؟ لسبقها بالعلم لما سبقت بـ يعلم علمنا أنَّ أن هذه مخففة من الثقيلة (واسمها السكن) يعني يجب أن يكون اسمها ضميرا مستترا وهو ضمير الشأن والقصة هذا على قول ابن الحاجب, وإلاَّ الكثير على أنه يجوز أن يكون ضميرا فذاك صرح به "بأن كربيعٌ وغيث مريع وأن كهناك تكون الثمالا" بأن كربيعٌ بأن كربيع {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 105] {يَا إِبْرَاهِيمُ} أن {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} أن كَـ قدر في بيان هنا أن كائن اسم أن المخفف من الثقيلة ضمير مخاطب والجمهور على هذا أنه لا يشترط أن يكون اسمُ أنَّ المخفف من الثقيلة مع وجوب حذفه لا يشترط في التقدير أن يكون ضمير الشأن والقصة, وإنما قد يكون ضمير مخاطب هنا قال (تعلموا أن قد وفى بعهده) يعني زيد مثلاً أن قد وفى وفى/ هذا فعل ٌماضي وهو متصرف وليس دعاء, فحينئذٍ يجب أن يفصل بينه وبين أن بفاصل من أربعة حروف, وهنا فصله بقد أين اسمها؟ نقول محذوفٌ وجوبًا تقديره أنْ هو لا تشدد النون أنْ هو هكذا تخفِّف بعضهم إذا أراد أن يقدر قال: أنَّه خطأ, لأن أن مخففة من الثقيلة وليست هي المثقلة (أن هو قد وفى) إذًا هذه مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف وجوبًا وقد وفى الجملة خبر, الجملة خبر.
شَرْطِيةٍ مَوْصُولةٍ وَاسْتَفْهِمنَّ ... نَكِرةٍ مَوصُوفةٍ أَقْسَامُ مَنْ

الحرف الرابع: من، من هذه تأتي شرطية وتأتي موصلية وتأتي استفهامية وتأتي نكرة موصوفة أربعة معاني.
(من) هذا مبتدأ مؤخر في آخر البيت (شرطية) لتأتي اسم شرط فحينئذٍ هي مثل إنْ تحتاج إلى فعلين الأول فعل شرط والثاني جواب الشرط {مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] {مَن يَعْمَلْ} {مَن} هذه شرطية اسم شرط {يَعْمَلْ سُوءاً} يعمل هذا فعل شرط وهو فعل مضارع مجزوم بها {يُجْزَ} هذا جواب الشرط.


(موصولة) يعني وموصولة تكون مَن موصلةً, والموصول: كما سبق هو اسمي وحرفي ومن هذه موصولٌ اسميٌ, ولذلك هي من الموصول المشترك يعني: تصدُقُ على الواحد والاثنين والجماعة على المفرد والمذكر .. إلى آخره وتحتاج إلى صلة وعائد وسبق التفصيل في جملة الصلة (واستفهمن) يعني: أيها المعربب يعني: احكم بكونها اسم استفهام من عندك {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} [يس: 52] {مَن بَعَثَنَا} {فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه: 49] نقول هذه من استفهامية (نكرة موصوفة) على حرفٍ عاطف يعني: تحتاج إلا صفةٍ (مررت بمن معجبٍ بك) نقول من هذه لمَّا وصفة بنكرة علمنا أنها نكرة موصوفة (مررت بإنسانٍ معجبٍ بك) نكرة قد تكون موصوفة, وقيل قد تأتي تامة وفيه نزاع (نكرة موصوفة) يعني: من، من معانيها أنها تأتي نكرة يعني مصدَقها الذي يقع عليه نكرة (مررت بمن معجبٍ) نقول مَن يعني: بشخص أو بإنسان معجبٍ بك, ما الذي دلَّل على أن من هنا؟ بالطبع إما أن تكون شرطية أو موصلية أو استفهامية أو نكرة انتفت الثلاثة الأولى إذًا تعيَّن أن تكون نكرة, ودلل على ذلك أيضًا تحقيقًا وهو لفظي أنها وصفت بنكرة لذلك الموصلية تحتاج إلى جملة الصلة والعائد, والموصوفة تحتاج إلا صفة (أقسام من) (أقسام) هذا مبتدأ نقول (من) مبتدأ لا (أقسام) هذا مبتدأ يعني: معنى (من) شرطية وموصولة (واستفهمن ** نكرة موصوفة) هذه أربعة أوجه أو أربعة ألفاظ [لولا، وإن، أو ومن] لكل واحد منها أربعة معاني, ولذلك يقول ليس وزاد لما لأن لما قد تأتي بمعنى حيل, لما الوقفية وهناك ذكر لها ثلاثة معاني وعليه تكون خمسة, الخلاف الوارد بين النحاة في حرف لمَّا الرابطة هل هي حرف وجود لوجود أم أنها ظرف؟ وليس المراد أن لما لا تكون ظرفًا, لا, قد تكون ظرفًا في غير هذا التركيب, والخلاف في (لما جاء زيد جاء عمرو) لما هذه في هذا التركيب حرف وجود لوجود أفادت السببية هل هي ظرف أو حرف؟ الصحيح أنها حرف, وإذا رجحنا أنها حرف ليس المعنى ذلك أنا لما لا تكون ظرفًا لا {فَلَمَّا نَجَّاهمْ إِلَى الْبَرِّ} [الإسراء: 67] يعني: فحين نجاهم هذه ظرفية قطع إذًا تكون لها أربعة معاني أربعة معاني.
نقف على هذا.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.