شرح نظم قواعد الإعراب عناصر الدرس
* ألفاظ النوع الخامس: مايأتي على خمسة أوجه (أي، لو) ومعانيها.
* أحوال لو.
* النوع السادس: ما يأتي على سبعة أوجه وهو قد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى: النوع الخامس ما يأتي على خمسة أوجه وهو
شيئان.
(النوع الخامس) يعني من الأنواع الثم انية (ما يأتي من الكلمات التي
اشتهرت على الألسنة (على خمسة أوجه) يعني: على خمسة معاني. (وهو شيئان)
يعني: محصور في شيئين أي ولو, يعني: أي لها خمس معاني, ولو لها خمس
معاني. بدأ بـ أي فقال:
أيُّ كَمَنْ فِي غَيْرِ مَوصُوفٍ ودَل ... أيّ عَلَى مَعْنَى الكَمَالِ
فَاسْتَقِل
حَالَ مُعَرَّفٍ وَلِلضَّدِ صِفَة ... وَصِلْ بِهَا إِلِى نِدَاءِ
معْرِفَة
(أيُّ كمن) (أي) مبتدأ (كمن) هذا خبر الكاف
هذه للتشبيه يعني: أي مثل من. وسبق أنه بيَّن في آخر بيت في النوع
الرابع (شرطية موصولة واستفهمن * نكرة موصوفة أقسام من) إذًا مَن تأتي
شرطية, وتأتي موصولة, وتأتي استفهامية, وتأتي نكرة موصوفة, قال (أي
كمن) إذًا هنا شبه أي بمن في ماذا؟ في كونها قد تقع شرطية, وموصولة
واستفهامية, واستثنى حالة واحدة وهي كونها غير موصوفة لذلك قال (أي كمن
في غير موصوف) (أي كمن) في كونها تقع شرطية (أي كمن) في كونها تقع
موصولة (أي كمن) في كونها تقع استفهامية, أما كونها موصوفة من تقع
موصوفة؟ قال (في غير موصوف) إذًًا علم من التشبيه بالكاف أن أيًا تقع
شرطية وموصولة واستفهامية وعلم من الاستثناء قوله (في غير موصوف) أنها
لا تقع موصوفة خلافًا للأخفش, إذًا تقع أي شرطية وسبق أن الشرطية
والشرط هو: التعليق تحتاج إلى شرط وجواب يعني: أي الشرطية تحتاج إلى
شرط وجواب, لأن مما تجزم فعلين هي من أخوات إِنْ تجزم فعلين فتحتاج إلى
شرط وجوابه, والأكثر فيها أنها تزاد عليها ما الزائدة {أَيًّا مَا
تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] {أَيًّا مَا}
زيدت عليها ما وهذه "ما" حكمها أنها زائدة أيًا/ هذا اسم شرط مفعول به
منصوب مقدم وجوبًا لماذا؟ لأنه له حق الصدارة, أسماء الشروط إذا وقعت
مفعول به وجب تقديمها, لأن لها الصدارة في الكلام {أَيًّا مَا} ما
زائدة {تَدْعُوا} هذا هو فعل الشرط مجزوم بها و {فَلَهُ الْأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى} الفاء وقعت في جواب الشرط له الأسماء مبتدأ وخبر والجملة
في محل جزم جواب أي, إذًا أي الشرطية هذه تقتضي شرطًا وجوابًا لماذا؟
لأنها مثل إنْ في كونها تجزم فعلين لا بدَّ من فعل شرط ولا بد من جواب
الشرط, والأكثر فيها أن تتصل بها ما الزائدة {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ
قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: 28] {أَيَّمَا
الْأَجَلَيْنِ} أيَّ هذا اسم شرط مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه فتحة
ظاهرة على آخره ما/ تقول: زائدة. {أَيَّمَا} أيَّ مضاف والأجلين مضاف
إليه مجرور بالمضاف وجره إلى الياء نيابة عن الكسرة لأنه مثنى
{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} قضيت هذا فعل الشرط هو الناصب لأي
{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} {فَلَا}
هذه لا التبرئة {عُدْوَانَ} اسمها {عَلَيَّ} هذا خبرها والجملة في محل
جزم جواب أيَّ, إذًا تقع الشرطية وتحتاج تقع أي شرطية وتحتاج إلى شرط
وجواب, والأكثر أن تتصل بها ما نحو {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ
الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} كذلك تقع موصولة تقع موصولة يعني: تأتي اسمَ
موصول وهي من الموصولات المشتركة, لأن الموصول طبعًا يكون موصولا
اسميًّا الموصول نوعان: حرفي، واسمي. الموصول الاسمي نوعان: خاص،
ومشترك.
أيُّ من القسم الثاني وهو الموصول المشترك,
ما معنى الموصول المشترك؟ يعني: يصدق على المفرد والمثنى والجمع يصدق
على المؤنث والمذكر (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلَ) (مَرَرْتُ بِأَيٍّ
فَعَلا) (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلُوا) (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلْنَ) إذًا
أيٍّ كما هي, واستعملت في المفرد بأيٍّ فعل, ما الدليل على أنه استعمل
في المفرد؟ نقول: أيّ هذه لا بد من صلة وعائد لذلك نقول: الموصول ما
افتقر إلى صلة وعائد, يشترط في العائد: أن يكون مطابقًا للموصول
إفرادًا وتثنيةً وجمعًا لما قيل (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلَ) هنا ذكَّر
وأفرد, إذًا أيّ هنا استعملت في المفرد المذكر بدليل عوض الضمير من فعل
الذي هو صلة الموصول (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلَتْ) نقول: أيٍّ استعملت
في المفردة المؤنثة بدليل التأنيث فعلت هي (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلا)
بالألف (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلُوا) (مَرَرْتُ بِأَيٍّ فَعَلَنْ) هذه
الضمائر تعود على أيٍّ فدل على أنها استعملت مثنى وجمعًا جمعًا مذكرًا
وجمعًا مؤنثًا, كذلك تستعمل في العاقل وفي غير العاقل لا تختص بالعاقل,
وهذه استعمال أي الموصولة هذا فيه نزاع وإلاَّ ثعلب يرى أنها لا تقع
موصولة أصلاً, والجمهور على أن أيًّا تقع موصولة, وإذا وقعت موصولةً
فحكمها أنها مبنيةٌ عند سيبويه إذا أضيفتْ وحذِف صدر وصلها {ثُمَّ
لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69]
{أَيُّهُمْ} هنا مبنية على الضم وأضيفت إلى الضمير {أَيُّهُمْ} إذًا
أضيفت وحُذف صدر وصلها وهو الضمير {أَيُّهُمْ} هو {أَشَدُّ} أشد ما
إعرابه {أَيُّهُمْ أَشَدُّ}؟ تقول: خبر مبتدأ محذوف أين هو؟ تقديره هو
{أَيُّهُمْ أَشَدُّ} يعني: الذي هو أشد, هذه أي في هذه الحالة فقط
نقول: هيَ مبنية على الضم متى؟ إذا أضيفت وحذف صدر وصلها لأن لأي أربعة
أحوال
أي كما وأعربت ولم تضف ** وصدر وصلها ضمير انحذف
مدة عدم إضافتها أو مدة ما لم تضف يعني: فإن أضيفت وصَدْر وصلها ضمير
انحذف بنيَ, وما عدا هذه الأحوال نقول هي معربة, فإذا أضيفت وذُكِر صدر
الصلة نقول: هي معربة (أَعْجَبَنِي أَيُّهُمْ هُوَ قَائِمٌ) ذُكر نقول
ماذا؟ ذكر صدر الصلة (يُعْجَبُنِي أَيُّهُمْ هُوَ قَائِمٌ) أضيفت وذكر
اسم الصلة, ذكر صدر الصلة (يُعْجَبُنِي أَيٌّ هُوَ قَائِمٌ) لم تضف
وذكر صدر الصلة (يُعْجَبُنِي أَيٌّ قَائِمٌ) لم تضف ولم يذكر صدر الصلة
في هذه الأحوال الثلاثة هي معربة, وإذا أضيفت وحذف صدر الصلة هذه
مبنية, هذا على مذهب سيبويه خلافًا للكوفيين فإنهم يرون أنها معربة
مطلقًا لذا قال ابن مالك: وبعضهم أعرب مطلقًا. يعني ولو أضيفت وحذف صدر
صلتها.
أي كما أعربت مالم تضف ** وصدر وصلها ضمير انحذف
وبعضهم أعرب مطلقًا .................................
يعني سواء أضيفت وحذف صدر وصلها أم لا
خلافًا لسيبويه والبصريين, إذًا تقع شرطية وتقع موصولة وتقع أيضًا
استفهامية يعني: يستفهم بأي {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ
بِالْأَمْنِ} [الأنعام: 81] {فَأَيُّ} أي هذه اسم استفهام مبتدأ
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} {أَحَقُّ} هذا خبر
{أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} [التوبة: 124] {أَيُّكُمْ} هذا
مبتدأ وأي هنا استفهامية يعني: يستفهم بها كما يستفهم بمن, وتقع شرطية
كما تقع من شرطية, وتقع موصولة كما تقع من موصولة, ولكن من هذه تقع
موصوفة نكرة كما سبق (مَرَرْتُ بِمَنْ مُعْجِبٍ لَكَ) نقول: من هذه
نكرة موصوفة لماذا؟ لأنها وصفت بنكرة يعني: مررت بإنسان معجب بك أو
مررت بشخص معجب بك. هل نقول: مررت بأي كريم كما قيل في من؟ الجواب: أن
الجمهور على المنع أن أيًّا لا تقع نكرة موصوفة خلافًا للأخفش, فإنه
قاس على "من" و"ما" كما أن من وما تقع نكرتين أو تقعان نكرتين موصوفتين
قال: أيٌّ كذلك مثل من وما, ولكن القياس ضعيف كما قال ابن مالك لعدم
السماع, سُمع وقوع من وما نكرتين موصوفتين, ولم يسمع وقوع أيٍّ نكرة
موصوفة إذًا نبقى على السماع والأصل عدم القياس لذلك ابن مالك نص على
أن القياس في مثل هذا الموضع ضعيفٌ فلا يعول عليه خلافًا للأخفش في كون
أيٍّ تقع موصوفة (أي كمن) حينئذٍ هي مثل من في جميع أوجهها السابقة
الأربعة (في غير موصوف) إذًا لا تقع نكرة موصوفة هذه كم معنى صار لأي
الآن؟ ثلاثة معاني إذًا لها خمسة أوجه يعني: خمسة معاني.
الأول: تقع شرطية.
والثاني: تقع موصولة.
والثالث: تقع استفهامية.
أما كونها موصوفة فلا (في غير موصوف) يعني: لا تقع أيٍّ موصوفةً نكرة
موصوفة.
(ودل ** أي على معنى الكمال) هذا هو الوجه
الرابع المعنى الرابع لأيٍّ (ودل ** أيُّ على معنى الكمال) للموصوف به
في المعنى يعني: تقع أيُّ للدلالة على الكمال كمال في أي شيء؟ للموصوف
بها لأنها تقع صفةً وتقع حالاً, والحال في المعنى نعت والحال في المعنى
صفة (جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا) راكبًا/ الأصل أنه في المعنى صفة كأنه
جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا هذا الأصل, وهل تعامل معاملة النعت ومعاملة
الخبر؟ هذا فيه خلاف إذًا المعنى الرابع الذي تأتي أي له دلالته على
معنى الكمال للموصوف به في المعنى يعني: يفهم دلالة أيٍّ على الكمال
(فاستقل حال معرَّف) (فاستقل) أي: فاتضح حينئذٍ حين إذ وقوع أيٍّ
للدلالة على معنى الكمال في الموصوف به كون ماذا؟ نعم (فاستقل) أي:
فاتضح حينئذٍ كون أيٍّ الدال على الكمال حالاً من المعرف والواقع حال
المعرف, يعني: أيٍّ هذه تقع بعد معرفة وتقع بعد نكرة, إن وقعت أي
الدالة على الكمال بعد معرفة فإعرابها أنها حال, وإذا وقعت بعد نكرة
فإعرابها أنها صفة, هذا المقصود سنأتي على حل الألفاظ (مَرَرْتُ
بِزَيْدٍ أَيَّ رَجُلٍ) تقول: أَيَّ/ هذه وقعت بعد معرفة لأن زيد علم
مَرَرْتُ بِزَيْدٍ أَيَّ نقول: أَيَّ هذا حال دالة على الكمال يعني:
كاملاً مَرَرْتُ بِزَيْدٍ حال كونه كاملاً في صفاته في كل ما يمكن أن
يمدح به الرجل حينئذٍ هو ثابت لزيد (مَرَرْتُ بِزَيْدٍ أَيَّ رَجُلٍ)
أَيَّ/ منصوب على الحال لماذا؟ لكونه دالاً على الكمال وجاء بعد معرفة,
وإذا وقعت أي الدالة على الكمال في الموصوف به بأي يعني في المعنى
نقول: إذا وقعت بعد معرفة فحينئذٍ يجب أن يكون منصوبًا على الحال, ولا
يجوز فصلها بحرف العطف ولذلك انتُقد الحريري رحمه الله في قوله:
والمصدر الأصل وأي أصلِ ** ومنه
وأيُّ هنا فيه ملحوظتان:
الأولى: الفصل بالواو.
والثانية: الرفع.
لذلك لا بد من توجيهه لا بد من توجيه.
والمصدر الأصل أيَّ أصلي يعني: بالغ في الأصالة ردًا على من قال: إنَّ
المصدر أصل للفعل الماضي, والفعل الماضي أصل لسائر المشتقات هذا قال
بالأصالة لكن لا على وجه الكمال, ومن قال إن المصدر أصل لسائر المشتقات
هذا قال بالأصالة على وجه الكمال, إذًا "والمصدر أيَّ أصل" تفهم منه أن
أنه أراد أن سائر المشتقات مأخوذة من المصدر, وأن المصدر أصل من للفعل
الماضي ولغيره من المشتقات خلافًا للآخر أن المصدر أصل للفعل الماضي,
وسائر المشتقات المضارع والأمر واسم الفاعل ليس المصدر هو الأصل وإنما
الفعل الماضي نقول: هذا قال بالأصالة لكن لا على وجه الكمال, هذا إن
وقعت بعد معرفة مَرَرْتُ بِزَيْدٍ أَيَّ رَجُلٍ (مَرَرْتُ بِرَجُلٍ
أَيِّ رَجُلٍ) نقول: أَيِّ الدالة على الكمال هنا وقعت بعد نكرة
فحينئذٍ يجب أن تكون صفة والصفة لها حكم الموصوف (مَرَرْتُ بِرَجُلٍ
أَيِّ) بالجر هَذَا رَجُلٌ ماذا نقول؟ أَيُّ رَجُل. بالرفع (رَأَيْتُ
رَجُلاً أَيَّ) رَجُلٍ أَيَّ هذا نعت وليس حالاً لكن ينبغي أن ننبه على
أن أيًّا الدالة على الكمال إذا أضيفت إلى مشتق صار الكمال مختص بالصفة
التي أضيفت أي إليها, وإذا أضيف إلى جامد غير مشتق صار عامًا وإذا قلت
(مَرَرْتُ بِعَالِمٍ أَيِّ عَالِمٍ) هنا الكمال ليس على إطلاقه بجميع
الصفات, وإنما هو خاص بصفة العلم يعني: هو بالغ غايته في العلم والمدح
حصل له بالعلمية أما إذا قلت (مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَيِّ رَجُلٍ) أضفته
إلى جامد حينئذٍ هو ممدوح بكل ما يمكن مدحه به من الصفات إذًا أيّ
الواقعة صفة إن أضيفت إلى مشتق فهي للمدح بالمشتق منه خاصة (مَرَرْتُ
بِعَالِمٍ أَيِّ عَالِمٍ) المدح وقع هنا بالعالمية, وإن أضيفت إلى غير
المشتق فهي للمدح بكل صفة يمكن أن يثنى بها (مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَيِّ
رَجُلٍ) يعني: ماذا نقول؟ أي كاملاً في صفة الرجال (مَرَرْتُ بِعَالِمٍ
أَيِّ عَالِمٍ) هو كامل في صفة العلم أما ما عداها فهو مسكوت عليه أو
عنه أي ودل (أي على معنى الكمال فاستقل) أي: فاتضح حينئذٍ كون أيٍّ
الدالة على الكمال من المعرف والواقع حال معرف يعني: إذا وقع بعد معرف
فهو حال هذا مقصوده (حال معرف) (حال) هذا حال (فاستقل) أي: فاتضح. حال
كونه حالاً متى؟ بعد معرف (وللضد صفه) يعني: واتضح كونه صفة للضد,
والضد ضد ماذا؟ ضد المعرف وهو النكرة, إذًا (حال معرف) بعد معرف فهو
حال (وللضد) يعني: ضد المعرف وهو النكرة المنكر ضد المعرف وهو المنكر
(صفةٌ) يعني: يعرب صفةً, هذا هو المعنى الرابع الذي يستعمل أيّ له.
الخامس والأخير: قال (وصل بها إلى نداء
المعرفة) (وصل) يعني: أي تكون وصلة بها بأي, متى؟ قال (إلى نداء
المعرفة) ليس كل معرفة المقصود المعرفة هنا يقيد بالمبدوء بـ أل يعني
كل معرف بالألف واللام إذا أريد ندائه لا بد من وصلة, لأن يا لا تدخل
على المنداة المحلى بـ أل لا يقال: يا الإنسان. ويستثنى لفظ الجلالة يا
الله, أما يا الإنسان يا المعلم يا كذا ما يصح أن يقال أن يؤتى بـ أل,
وإذا أريد أن ينادى المحلى بـ ال حينئذ لا بد من واسطة وهذه الواسطة هي
أي واختلف إذا جيء بها هل هي منادى وما بعدها نعت؟ وهذا هو الأشهر أو
أنها وصلة وما بعدها هو المنادى {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا
غَرَّكَ} [الإنفطار: 6] {يَا أَيُّهَا} أيا نقول: هذا حرف نداء أيُّ/
منادى مبني على الضم وها/ حرف تنبيه وعوض عن المضاف إليه
{الْإِنْسَانُ} هذا نعت صفة لأي حركته حركة إعراب وأي حركته حركة بناء,
لأن المنادى مبني إذًا لأنه مفرد مبهم فحينئذٍ يبنى على ما يرفع به لو
كان معربًا فيبنى على الضم في محل نصب, إذًا أيُّ المعنى الخامس لها
أنها تستعمل وصلة يعني: وسيلة, يتوصل بها إلى نداء ما فيه ال لماذا؟
لأن الأصل أن ياء لا تدخل على ما فيه ال وإذا أردنا أن نتخطى هذا
المانع فلا بد من واسطة ولا بد من وصلة يتوصل بها إلى جواز أن ينادى ما
فيها ال, وحينئذٍ تكون أي هي المنادى وما بعده ما فيه ال نعت لها هذا
هو المشهور وقيل بالعكس إذًا هذه أحوال أي.
* ننتقل إلى الشيء الثاني الذي له خمسة معاني وهو "لو" قال:
حَرْفُ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ شَاعَ فِيهِ ... هَذَا فَيَقْتَضِي
امْتِنَاعَ مَا يَلِيه
جَوَابُهُ إِنْ لمَ يَكُنْ لَهُ سَبَب ... خِلافُ شَرْطِهِ
امْتِنَاعِهِ وَجَب
وإن يكن فغير حتم لأثر ... ورد في مدح صهيب عن عمر
هذا المعنى الأول الذي جاءت له لو.
لو حرف شرط في مضي ويقل ** .... مستقبلاً لكن قبل
الأصل والغالب كما قيده الناظم هنا أن (لو حرف شرط في مضي) يعني: في
زمان مضى يعني: مدخولها يكون الزمن الماضي: ماضي الزمن سواء استُعمل
فيه ماضي اللفظ والزمن معًا أو ماضي الزمن ويكون من جهة الصيغة مضارعًا
لأن "لو" هذه تقلب الفعل المضارع من الدلالة على الحال إلى الماضي.
وإن مضارع تلاها صرف ** إلى المضي نحو لو يفي كفى
يعني: لو وفى كفى {لَوْ يُطِيعُكُمْ} هذه سيجعل لها معنى خاص {لَوْ
يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] هذه
نقول {لَوْ يُطِيعُكُمْ} يطيع هذا فعل مضارع لكنه من جهة الزمن مستقبل
أو ماضي؟ من جهة الزمن ماضي وليس مستقبل, لأن لو تقلب كما أن لم هناك
ولما تقلب الزمن كذلك لو هذه لو شرطية غير الجازمة لو تقلب زمن المضارع
من الدلالة على الحال إلى المضي هل يكون الماضي هنا لكن ليس مراد ابن
مالك رحمه الله.
لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ فِي مُضِيَ وَيَقِلّ ... إيْلاَؤهُ مُسْتَقْبَلاً
....
مستقبل ليس مراده هنا الفعل المضارع ليس مراده الفعل المضارع بدليل
قوله بعد بيت أو بيتين:
وَإِنْ مُضَارِعٌ تَلاَهَا صُرِفَا
إذًا ليس مقصود مستقبل ابن مالك الفعل
المضارع لماذا؟ لأنه خصه بحكم خاص المراد أن الفعل الماضي من جهة اللفظ
قد يكون باقيًا على مضيه, وقد يكون مصروفًا عن مضيه إلى المستقبل,
ويمثلون لذلك بقوله تعالى {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا}
[النساء: 9] يعني: إن تركوا في المستقبل لو هنا بمعنى إن بمنزلة إن
{تَرَكُوا} هذا فعل ماضي من جهة الصيغة مثل قاموا وصلوا {لَوْ
تَرَكُوا} نقول: هذا فعل ماضي من جهة اللفظ ولكنه من جهة المعنى هو
مستقبل لأن الخطاب هنا للأوصياء {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا
مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً} إن تركوا إذًا يكون في المستقبل إذًا
قوله: ويقل إيلاؤه مستقبلاً. المراد بالمستقبل هنا ما كان ماض اللفظ
مستقبل المعنى, وأما المضارع فهذا تقلبه كما نص عليه.
وَإِنْ مُضَارِعٌ تَلاَهَا صُرِفَا ** إلى المضي .....
كذلك يصرف المضارع من الدلالة الزمني على الحال إلى الماضي, لكن الناظم
جعلها أو جعل لها معنى مستقلاً سيأتي إن شاء الله.
(لو حرف شرط) إذًا لو حرف دال على الشرطية
والمراد بالشرطية: التعليق وهنا تعليق جواب بشرط لأن لو تحتاج إلى
الشرط وتحتاج إلى جواب إذًا هو حرف دال على تعليق فعل الجواب بفعل
الشرط (لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ) جَاءَ/ لَوْ هذا حرف شرط نقول
(في مضي) يعني تدخل على ماضي الزمن هذا هو الغالب فيها إذًا تدخل على
الجملة ويكون الزمن ماضيًا (لَوْ جَاءَ زَيْدٌ) جَاءَ هذا ماضي اللفظ
وماذا؟ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ جاء/ ماض اللفظ والمعنى (لَوْ
جَاءَ لأَكْرَمْتُه) ُ هو لم يأتي لكن لَوْ جَاءَ لأَكْرَمْتُهُ
لأَكْرَمْتُه/ هذا جواب لو جَاءَ زَيْدٌ/ هذا شرط لو, هذه عند الجمهور
أنها حرف امتناع لامتناع حرف امتناع جواب لامتناع الشرط إذًا امتنع
الإكرام لامتناع مجيء زيد هكذا عند الجمهور سيأتي أنه فيه نظر حرف
امتناع لامتناع هذه عبارة الجمهور وهي المشهورة حرف امتناع للجواب
لماذا؟ لامتناع الشرط لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ إذًا امتنع
الإكرام لامتناع مجيء زيد هذا فيما إذا كان الشرط وجوابه مثبتين وقد
يكونان منفيين (لَوْ لَمْ يَجِئْ زَيْدٌ مَا أَكْرَمْتُهُ) هنا ماذا
يحصل؟ ثبوت الإكرام لثبوت مجيء زيد قد يكون الأول منفي والثاني مثبت
(لَوْ مَا جَاءَ زَيْدٌ عَتَبْتُ عَلَيْهِ) هذا أن يكون الأول منفي
والثاني مثبت قد يكون العكس أن يكون ماذا؟ الأول مثبت والثاني منفي أن
يكون الأول مثبت والثاني منفي (لَوْ قَصَدَنِي زَيْدٌ مَا رَدَدْتُهُ)
إذًا لها أربعة أحوال كما ذكرها الأزهري في الشرح إما أن يكون الشرط
وجوابه مثبتين, وإما أن يكونا منفيين, وإما أن يكون الأول مثبت والثاني
منفي أو العكس هذا أربعة أحوال لكن ينبغي التنصيص على أن لو تصير
المنفي مثبتًا والمثبت منفي (لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ) هنا
انتفى الإكرام والمجيء (لَوْ مَا جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ) انتفى
الإكرام وأثبت المجيء, إذًا تجعل القضية عكسية لهذا السر كون لو تنفي
المثبت وتثبت المنفي صار في قولهم حرف امتناع لامتناع فيه نظر, ولهذا
سيأتي أنه ورد عن عمر وقيل عن النبي ?صلى الله عليه وسلم? لكنه لم يثبت
بسند: صهيب لو لم يخف الله لم يعصيه.
إذا قلنا: لو تثبت المنفي صار لو خاف الله
"عصاه" لو لم يخف ضدها خاف, لم يعصيه عصى إذًَا صار المفهوم "لو خاف
الله لعصاه" لو خاف لعصا وهذا غير مراد سيأتي بيانه إذًا (لو حرف شرط)
يعني: حرف دال على تعليق فعل الجواب بفعل الشرط في الزمان الماضي, وهذا
هو الغالب من أوجهها كما نص عليه (شاع فيه هذا) يعني: كثر فيه في لو
هذا الوجه كونها حرف شرط (في مضي) يعني: في زمانٍ مضى ولذلك تختص
بالجملة الفعلية, لولا تدخل على الجملة الاسمية وهي في الاختصاص بالفعل
كإن, يعني: لو تختص بالجملة الفعلية لماذا؟ لأن لو للتعليق, ويلزم منه
عدم الثبوت, إذا قيل لك: لو تختص من جملة فعلية لا تدخل على الجملة
الاسمية لماذا؟ تقول: لأن لو تفيد التعليق هو الشرط الشَّرط هو
التعليق, والتعليق هذا يلزم منه عدم الثبوت, والجملة الاسمية تدل على
الثبوت أم التجدد؟ على الثبوت لا يدل على التجدد والتعليق يدل على
التجدد لا الثبوت إذًا لا تدخل على الجملة إلا الاسمية ولو ورد من ذلك
دخولها على الجملة الاسمية فحينئذٍ يجب التأويل {لَوْ أَنْتُمْ
تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ} [الإسراء: 100] {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ}
قالوا: {أَنْتُمْ} هذا توكيد لماذا؟ لأن تملكون الجملة هذه عوض عن
الفعل المحذوف الثاني إليه, لو تملكون أنتم تملكون مثل {وَإِنْ أَحَدٌ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] إن هذه لا يليها إلا
فعل, لا بد من التقدير, وهنا أنتم جاءك وظاهره أنه مبتدأ لأنه ضمير ...
حينئذٍ نقول: لا بد من التقدير تقدير فعل بعد لو _لو تملكون- (لو ذات
سوار لطمثنا) لو ذات سوار ذات/ الظاهر أنها مبتدأ إذًا دخلت لو على
الجملة الاسمية نقول: لا, لا بد من التقدير فنقول: لولا رمتني ذات سوار
لطمثنا. هكذا مثل السيوطي في "عقود الجمان" أن "لو" تختص بالجملة
الفعلية لأن لو موضوعة بالتعليق أو تدل على التعليق والتعليق يلزم منه
عدم الثبوت والجملة الاسمية هذه تدل على ثبوت وينافي عدم الثبوت الجملة
الفعلية, ولكن تختص بالزمن الماضي وإذا جاء ما ظاهره أنه وَلِي لو جملة
اسمية نقول: لا بد من التقدير {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ} لا بد أن
نقول: لو تملكون أنتم.
لو ذات سوار رمتني لولا رمتني ذات سوار (لو
حرف شرط في مضي) حرف شرط في مضي يعني: في الفعل الماضي, والمراد
بالماضي هنا أعم من الفعل من جهة الهيئة والصيغة يعني: وإن دخلت على
المضارع لفظًا نحو قول الله تعالى {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ
الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} أي: لو أطاعكم لعنتم جواب لو قلنا: لو تختص
بالجملة الفعلية ولها شرط ولها جواب, دخول لوْ على أنَّ هذا قيل قد
يضير اشتقاقها للجملة الفعلية يعني لو قيل (لَوْ أَنَّ زَيْدًا
قَائِمًا لَقُمْتُ) ماذا نقول فيها (لَوْ أَنَّ زَيْدًا قَائِمًا
لَقُمْتُ؟) دخلت لو على أنَّ وأن هذه مصدرية, ويحتمل أنها جملة اسمية
ويحتمل أنها جملة فعلية, إنْ قدرتها جملة فعلية جعلت المصدر المؤول من
أنَّ ومفعولها فاعل لفعل محذوف (لو ثبت قيام زيد لقمت) إذًا بقيت على
اختصاصها, وإذا قدرتَ أَنَّ أَنَّ ومدخولها المصدر خبر لمبتدأ محذوف أو
مبتدأ لخبر محذوف (لو قيام زيد ثابت لقمت) حينئذٍ يلزم أن نقول: إنَّ
لو خرجت عن اختصاصها بالجملة الفعلية وهذه نكت يذكرونها في لغة البلاغة
لماذا تخرج لو عن اتصالها بالزمن الماضي أو بالجملة الماضوية إلى
غيرها. ذكرها السيوطي في عقود الجمان إذًا (لو حرف شرط في مضي) ....
فعل شرط (40/ 33د) وجواب شرط (شاع فيه) يعني: كثر فيه لو هذا الوزن
(فيقتضي لو امتناع ما يليه) فيقتضي هذا فيه ردًا على الجمهور يعني:
يريد أن يفند قول الجمهور حرف امتناع لامتناع هو لا يرى ذلك تبعًا لابن
هشام, حرف امتناع لامتناع هذا يرِدُ عليه نحو (صهيب لو لم يخف الله لم
يعصه) يعني: امتنع الثاني من وجود الأول (فيقتضي لو امتناع ما يليه) ما
الذي يلي لو؟ فعل الشرط هذا لا إشكال فيه أنها حرف امتناع لفعل الشرط
(لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ) مجيء زيد ممتنع لماذا؟ لأن لَوْ
موضوعة في لغة العرب لامتناع شرطها فيقتضي يعني "لو" الضمير يعود على
لو.
فيقتضي لو امتناع ما يليه والذي يلي لو هو
فعل الشرط سواء كان مثبتًا أو منفيًا لأنه -كما سبق- فعل الشرط قد يكون
مثبتًا وقد يكون منفيًا وجواب الشرط قد يكون مثبتًا وقد يكون منفيًا
اثنين في اثنين بأربعة إذًا عندنا أربعة أحوال (امتناع ما يليه) يعني:
هو فعل الشرط فيدل لو أبدًا على انتفائه وعدم حصوله وهذا باتفاق, إنما
الخلاف في الجواب هل هو ممتنع؟ كما هو قول الجمهور لأن الامتناع فعل
الشرط يقتضي امتناعه أو نتوسط فيه فنقول: لو دلت وضعًا على امتناع
شرطها * وأما الجواز فالأصل أن "لو" لا تتعرض له لا بإثبات ولا بنفي
هذا من جهة اللفظ (لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لأَكْرَمْتُهُ) مجيء زيد هذا
منتفي, أما الإكرام من جهة الإثبات وعدمه لولا تتعرض له المحققون كابن
مالك وابن هشام على هذا وهذا ما جرى عليه الناظم: أن لو تمنع فعل الشرط
فقط, تنفي حصوله أبدًا, وأما جواب الشرط فالأصل فيه أن لولا تتعرض له
بإثبات ولا نفي, لذلك السيوطي نص على ذلك في عقود الجمان قال: لو الذي
اختاره جماعة أن لو للشرط في الزمن الماضي وأنها تفيد انتفاء الشرط
بالوضع وانتفاء المشروط اللازم والعقلي إذًا من جهة الوضع اللغوي لولا
تدل على انتفاء المشروط وإنما انتفاء المشروط جاء عقلاً من دلالة
الوجود والبحث في الوضعيات لا في العقليات, بحثُنا الآن فيما وضعته لغة
العرب هل وضعت لغة العرب الواضع لغة العرب هل وُضع لو لامتناع الجواب؟
نقول: جاءَ الأصل لا, وإنما وضع لو لامتناع الشرط فقط, وأما الجواب لم
تتعرض له وضعًا لا لإثبات ولا لنفي, ولكن لا يلزم من هذا أن لا ينتفي
الجواب لانتفاء الشرط نذكر التفصيل (لو حرف شرط في مضي شاع فيه ** هذا
فيقتضي) لو (امتناع ما يليه) هذا باختصار (جوابه) هذا فيه تفصيل أما
الأصل في وضع لغة العرب لا تتعرض لو له بإثبات ولا نفي, أما من جهة
الدلالة العقلية والوجود ففيه تفصيل (جوابه إن لم يكن له سبب) آخر
(خلاف شرطه امتناعه وجب) (جوابه) هذا مبتدأ (امتناعه) هذا مبتدأ ثاني
(وجب) هذا جملة خبر للمبتدأ الثاني والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ
الأول يقول (جوابه) يعني: جواب لو (إن لم يكن له سبب) آخر (خلاف شرطه)
يعني غير شرطه, يعني: لا يسبقه غيره ولا يقوم مقامه غيره (امتناعُهُ)
يعني: امتناع جواب (وجب) لماذا؟ لملازمته لفعل الشرط مقصودُهُ: أن توقف
جواب الشرط على فعل الشرط قد يكون توقفه عليه وهو سبب لا يقوم غيره
مقامه, فحينئذٍ يلزم امتناع جواب امتناع الشرط -المثال واضح-.
* نقول (إذا كانت الشمس طالعة فالنهار
موجود) لو نفي لو المناطقة يعممون كلام الشرطيات, "لو كانت الشمس طالعة
فالنهار" موجود النهار موجود/ هذا جواب لو نقول: على شرط لو, هل هو
منتفي؟ الشمس موجودة طلوع الشمس موجود أو منتفي؟ منتفي لماذا؟ لأنه فعل
الشرط, وفعل شرط لو أو, شرط لو هذا ممنتفٍ قطعًا, جوابه ننظر هل هناك
سبب لطلوع النهار غير طلوع الشمس؟ أو أنه منحصر في هذا؟ نقول: منحصر,
إذًا لا يكون غيره مقامه قال هنا (جوابه إن لم يكن له سبب) غير شرطه
(امتناعه وجب) يعني: يلزم للامتناع الشرط لو امتناع الجواب لماذا؟ لأن
جواب لو متوقف على سبب لا يقوم غيره مقامه, واضح؟ (جوابه إن لم يكن له)
يعني لوجوبه سبب آخر (خلاف شرطه) يعني: غير شرطه يعني لا يتلوه لا
يحتاج جملة لا يخلفه غيره, لا يخلف الشرط غيره لأن الجواب قد يكون
متوقف على آخر السبب ليس على سبب واحد, إن كان منحصرًا في سبب واحد
نقول: لزم من امتناع الشرط امتناع الجواب (إن لم يكن) يعني: لجواب لو
سبب آخر غير شرطه (فغير حتم) يعني: فامتناعه غير واجب و ... يعني:
مسكوت عنه -عن الأصل- إذا كان جواب لولا يتوقف على شرطه بل قد يكون
هناك سبب آخر, لا ينبني امتناع الشرط امتناع الجواب, بل يلزم امتناع
الشرط فقط, وأما امتناع الجواب فهذا متوقف أما الجواب فهذا متوقف فيه
لا يتعرض بإثبات ولا بنفي.
* إذا (لو كانت الشمس طالعة كان الضوء
موجودًا) طلوع الشمس ممنتفٍ لأن لو تقتضي امتناع تاليها, إذًا طلوع
الشمس ممنتفٍ, هل كلما انتفى طلوع الشمس انتفى الضوء؟ لا, لماذا؟ لأنه
الضوء سببه ليس محصورًا في طلوع الشمس الآن نحن في الضوء إذًا هناك سبب
آخر: قد يكون النار إشعال النار سببه الضوء, الكهرباء سببه للضوء طلوع
الشمس سببه أكثر من سبب لوجود جواب لو, حينئذٍ نقول: لا يقتضي امتناع
الشرط امتناع الجواب لماذا؟ لكون الجواب يُتوقف على غير على أكثر من
سبب (وإن يكن) يعني: لجواب لو, سبب آخر غير شرطه (فغير حتم) يعني:
امتناعه امتناع الجواب غير حتم غير واجب (وكذا ثبوته) يعني: لا يتعرض
له لا بإثبات ولا بنفي لو كانت الشمس طالعةً كان الضوء موجودًا لو كانت
الشمس طالعةً إذًا طلوع عدم طلوع الشمس مقطوع به أما وجود الضوء هذا لا
نثبته ولا ننفيه, لأن لولا تتعرض للجواب لماذا قلنا بهذا الترتيب؟ من
الأدلة السابقة ردًا على الجمهور أنهم يقولون حصر امتناع لامتناع
(لأثر) يعني: لدليل أثري نقلي (ورد) وثبت وذاع (ورد في مدح صهيب عن
عمر) وقيل: عن النبي صلى الله عليه وسلم (صهيب لو لم يخف الله لم
يعصيه) إذًا لو خاف لعصى نقول: لا, ترك المعصية قد يكون سببه الخوف وقد
يكون سببه الإجلال والتعظيم, قد يكون سبب ترك المعاصي الخوف وقد يكون
ترك المعاصي سببه الإجلال والتعظيم غير الخوف, إذًا ثبت له غير سبب
حينئذٍ نفيُ وامتناع فعل الشرط شرط "لو" لا يستلزم امتناع جوابها
فحينئذٍ صهيب (لو لم يخف الله لم يعصيه) نقول: لماذا لم يعصيه؟ للإجلال
والتعظيم لماذا؟ لأن ترك المعصية ليس منحصرًا في الخوف بل هناك سبب
آخر, إذًا لا بد من التفصيل في كون جواب لو يمتنع أو لم يمتنع إن كان
الجواب متوقفًا على سبب واحد وهو شرط لو حينئذٍ يمتنع الجواب امتناع
ماذا؟ امتناع الشرط, إن كان ثَمَّ سبب آخر وغير سبب الذي هو فعل الشرط
حينئذٍ لا يتعرض لجواب نفي ولا بإثبات, والامتناع أيضًا امتناع يكون
عقلاً لا وضعًا.
ولو لشرط ماضي وانتفائه ** لا لانتفاء المشروط أو بقائه
فذاك باللازم هكذا ذكر ** جماعة وشيخنا له نصر
في (شرح القواعد) أنه قال: الدلالة عليه من جهة اللزوم (وإن يكن فغير
حتم لأثر ** ورد في مدح صهيب عن عمر) هذا هو المعنى الأول الذي تأتي له
"لو" أنها حرف شرطٍ في مضيٍ.
وجاء في مستقبل كإن بلى ... جزم وحرف للتمني مهملا
المعنى الثاني: الوجه الثاني حرفُ شرطٍ في
المستقبل مرادفًا لإن الشرطية الذي ذكرناه سابقًا إذا تلاها فعلٌ مضارع
من جهة اللفظ أفردها بالمعنى الخاص لو أوردها في الأول لا إشكال (وجاء)
لو يعني: ثبت في لغة العرب (في مستقبل كإن) يعني: حرف شرطٍ في المستقبل
مرادفًا لإن الشرطية وهذا ممكن أن يعمم يعني: لا يختص بالفعل المضارع,
بل ما كان ماض اللفظ مستقبل المعنى, ما كان مضارعًا من جهة اللفظ (وجاء
في مستقبل كإن) {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ} [النساء: 9]
نقول {تَرَكُواْ} هذا مستقبل وإن كان في اللفظ ماضيًا {لَوْ
يُطِيعُكُمْ} [الحجرات: 9] لو أطاعكم هذا في اللفظ مستقبل لكنه في
المعنى ماضٍ (بلا ** جزم) على المشهور يعني: لو هذه لا تجزم لماذا؟ حرف
شرط غير جازم, والأصل فيه السماع جُزم بها بالشعر وعليه يوقف سماعًا
يعني: لا يقاس عليه مثل إذا:
إذا تصبك خصاصة فتجملِ
إذا تصبك، إذا في الشعر خاصة –سبق في الآجرومية- إذا في الشعر خاصة,
كذلك لو سمع جزمها فتختص بالشعر، وبعضهم عمم أنها لغةٌ مطردة لكن
الجمهور على أنها ليست جازمة (وجاء في مستقبل كإن) يعني: كمثل إن (بلا
* جزم) يعني: بلا عملٍ وهو الجزم لماذا؟ لأن "لو" ليست جازمةً على
المشهور من أقوال النحاة هذا المعنى الثاني.
الثالث: حرفٌ للتمني لو تأتي حرف للتمني بمنزلة ليت يعني: تدل على ما
تدل عليه ليت {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 102] يعني: ليت لنا فلو هنا بمنزلة ليت,
ولذلك قيل نصب الفعل المضارع بعد الفاء وقَعَ في جواب التمني {فَلَوْ
أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ} نكون هذا مثله {وَلَمَّا يَعْلَمِ
اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ} [آل عمران: 142]، {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36]، {يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ
فَوْزاً عَظِيماً} [النساء: 74] هذا الشاهد {يَا لَيتَنِي كُنتُ
مَعَهُمْ فَأَفُوزَ} أفوز/ هذا فعلٌ مضارع منصوبٌ بأن مضمرةً وجوبًا
بعد فاء السببية واقعة في جواب التمني مثلها {فَلَوْ أَنَّ لَنَا
كَرَّةً فَنَكُونَ} هكذا قيل وردَّه الأزهري, إذًا تأتي حرف تمني لو
حرف تمني بمنزلة ليت, أيضًا مهملة لأن ليت تعمل تنصب الاسم وترفع
الخبر, لو قيل "لو" بمنزلة ليت هل معنى ذلك أنها تعمل ترفع وتنصب؟
نقول: لا, بل هي مهملةٌ يعني: ليست عاملةً (وحرف للتمني) حال كونه
(مهملا) حال كونه مهملاً من العمل يعني: لا تنصب ولا ترفع.
وحرف مصدر بمعنى أن بلا ... نصب وفعل الود غالبا تلا
المعنى الرابع: قال (وحرف مصدر) لأنه يؤول
بالمصدر, فالمصدر سميت حروف المصادر لأنه تسبق مع ما بعدها بمصدر يعني:
تحذف هي ومدخولها ويؤتى بمصدر {وَأَن تَصُومُواْ} [البقرة:184] صيامكم
نقول: أن هذه حرف مصدري {وَأَن تَصُومُواْ} صيامكم {خَيْرٌ لَّكُمْ}،
(وحرف مصدر) لكن ليس على الإطلاق إنما هو عند بعض النحاة كابن مالك
والفراء والفارسي (وحرف مصدر بمعنى أن) يعني: تفيد ما تفيده أن, وأن
هذه تدل على الاستقبال يعني: تصير الفعل المضارع من الدلالة على الحال
إلى الاستقبال مثل السين وسوف, لو المصدرية مثلها يعني: تدل على أن ما
بعدها ماذا؟ مستقبلٌ في الزمان على أن ما بعدها مستقبل الزمان (بلا *
نصب) أيضًا نفي للعمل, لأن ما كان بمنزلة الشيء الأصل فيه أنه يعمل,
لذلك لم ينص الناظم هنا على هذا؟ نقول: ما النافية أعملت عمل ليس
لماذا؟ لأنها شابهت ليس في النفي والدلالة على الحال إذًا أشبهت ليس
فعملت عملها, هنا لو المصدرية أشبهت أنَّ المصدرية في الدلالة على
ماذا؟ على تصير ما بعدها مستقبلاً وأيضًا على سبقها مع ما بعدها بمصدر,
فالأصل في أنها تعمل عمل أنَّ, لكن لما لم يسمع بقيت على أصلها (وحرف
مصدر بمعنى أن) المصدرية لأنها تسبق ما بعدها بمصدر، وأيضًا تصير ما
بعدها مستقبلاً (بلا * نصب) يعني: بغير نصبٍ, لا تنصب ما بعدها (وفعل
الود غالبا تلا) لكنها تختص "لو" المصدرية بأنها تقع بعد ما يدل على
الود أو بعد ود ويود: بعض النحاة ينص على هذا بعد ود ويود {وَدُّوا
لَوْ تُدْهِنُ} [القلم: 9] يعني: ودوا الإدهان {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ
لَوْ يُعَمَّرُ} [البقرة: 96} {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ} التعمير {يَوَدُّ
أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} فحينئذٍ لو وما دخلت عليه في تأويل مصدر
مفعولاً به لود {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} ودوا الإدهان نقول: لو وما
دخلت عليه في تأويل المصدر مفعول به لود {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ
يُعَمَّرُ} {يَوَدُّ} فعلٌ ماضي {أَحَدُهُمْ} فاعل أين المفعول به؟
نقول {لَوْ} مصدرية وما خلت عليه في تأويل مصدر "يود أحدهم التعمير أو
تعميره" هذا مصدر هو مفعولٌ به (وفعل الود غالبا) يعني في الغالب هذا
منصوبٌ على نزعِ الخافض (تلا) أي تبع والضمير يعود على {لَوْ} يعني:
تلا فعل الود (غالبًا) أي: في الغالب من غير الغالب قيل قول بعضهم (ما
كان ضرك لو مَنَنْتَ) لو مَنَنْتَ/ هذه مصدرية, ما كان ضرك مننك, لو
مصدرية فأولت مع ما بعدها بمصدر لكن هل وقعت بعد ود ويود؟ الجواب لا،
نقول: هو في الغالب أنها تلي ود ويود, ومن غير الغالب أنها لا تلي هذين
الفعلين، (ما كان ضرك لو مننت) يعني: ما كان ضرك منك (وحرف مصدر بمعنى
أن بلا ** نصب وفعل الود غالبا تلا) قلنا هذا على قول من أثبت أن لو
تأتي مصدرية, وبعض النحاة -إن لم يكن أكثر النحاة- على أن لولا تأتي
مصدرية.
نفاته مفعول فعل قبل لو ... ثم الجواب بعده له نووا
(نفاته) يعني: نفات جمع نافت جمع فاعل فعال
(نفاته) جمع نافت يعني: مانعوا كون لو مصدرية وهم أكثر النحاة (مفعول
فعل قبل لو ** ثم الجواب بعده له نووا) (نفاته) مبتدأ (نووا) بمعنى
قدروا, الجملة خبر للمبتدأ, يرد إشكال: لو قالوا "لو" ليست مصدرية
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} لو تقتضي ماذا؟ جوابًا, وود
ويود يقتضي مفعولاً به, ود ويود تقتضي ماذا؟ مفعولاً به, ولو تقتضي
جوابًا {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} وقع الجواب إذًا: لا
إشكال، ماذا بقي؟ المفعول, هم قالوا: لو على أصلها شرطية {وَدُّوا لَوْ
تُدْهِنُ} هذه شرطية وليست مصدرية إذًا أين المفعول لودَّ؟ قالوا:
نقدره قبل لو, "ودوا الإدهان لو تدهن فيدهنون" إذًا سَلموا من كون لو
مصدرية وهذا فيه تكلف, يبقى الآية الآخرى, الآية الأولى فيها إشكال
واحد فقط وهو تقدير المفعول به والجواب موجود {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ
يُعَمَّرُ} هنا لهم تقديران: الأول جواب لو. الثاني مفعول ود أو يود,
قالوا "يود أحدهم تعميره لو يعمر ألف سنة لسره ذلك" فقدروا المفعول به
قبل لو هذه من أجل ود وودا وقدروا جوابًا لـ"لو" هذا فيه تكلف, والأصل
عدم التقدير, ما الذي دعاؤهم لهذا؟ قالوا: لولا بد لها من جواب ويود لا
بد له من مفعولٌ إذًا هو متعدي إذًا: لا بد أن نقدر مفعولاً به لود
ويود, ولا بد أن يقدر جوابًا لـ"لو", إن وجد الجواب مثل الآية الأولى
فلا إشكال يبقى التقدير لمفعول به، وإن لم يوجد فلا بد من تقديرين
(نفاته) أي: نفات كون لو حرفًا مصدريًا قالوا: لا ليست حرفًا مصدريا بل
هي حرف شرط كالسابقة (مفعولَ فعل) واقعٍ قدروا (مفعول فعل) ما هو
الفعل؟ ود ويود لماذا؟ لأنه متعدي فيحتاج إلى مفعول به إذًا لا بد من
التقدير (نفاته مفعول فعل قبل لو) يعني: نووا وقدروا مفعول فعلٍ الذي
هو "ود ويود" واقعٍ قبل لو (ثم) إن لم يوجد الجواب (الجواب بعده) قدروا
ونووا (الجواب بعده) بعد لو (له) يعني لـ"لو" لأن لولا بد لها من
جوابٍ, تقدير المفعول به قبل لو, وتقدير لجواب بعد لو وهذا فيه تكلف,
واضح البيت هذا؟ (نفاته) هذا مبتدأ (نووا) قدروا هذا جملة خبر (مفعول)
هذا بالنصب على أنه مفعول لنووا قدروا (نفاته) نوو مفعولَ فعلٍ قبل لو
ثم الجواب بعده له، لا بد من تقديرين.
ذكره للعرض في التسهيل ... وابن شام زاد للتقليل
الخامس (ذكره للعرض) (ذكره) هذا بن مالك
رحمه الله أن لو تأتي للعرض, والعرض: طلبٌ برفقٍ ولين (ذكره) يعني: ذكر
لو أن لو يكون (للعرض) للطلب برفقٍ ولين (في التسهيل) يعن في كتابه
المسمى بـ (تسهيل الفوائد) في التسهيل. (لو تنزل عندنا فتصيب مأكلا أو
خيرًا) "لو تنزل عندنا فتصيب خيرًا" ألا تنزل عندنا "لو" هنا بمنزلة
ألا إذًا للعرض، لو تنزل عندنا فتصيب مأكلا، فتصيب خيرًا، تصيب/ هذا
مفعولٌ به فعلٌ مضارع منصوبٌ بأن مضمرةً وجوبًا بعد فاء السببية
الواقعة في جواب العرض يعني (ألاَ تدلوا فتبصر ماء) مثل هذا، لو تنزل
عندنا فتصيب خيرًا (وابن هشام) ليس ابن هشام صاحِبُنَا أو صاحِبَنَا
وإنما هو: ابن هشام محمد ابن أحمد اللخمي (زاد) للو معنًى آخر ثالثًا
(للتقليل) وهو أن تكون لو مفيدةً للتقليل «اتقوا النار ولو بشق تمرة»
قال: لو هذه تفيد التقليل. إذًا هذه خمسُ معانٍ وزاد ابن هشام سادسًا
لـ"لو" تكون حرف شرط هذا الأول. والثاني: تكون حرف شرطٍ في المستقبل
مرادفًا لأن. والثالث: تكون حرفًا للتمني. والرابع: تكون حرفًا
مصدريًا. والخامس تكون حرفًا للعرض. وزاد ابن هشام النخلي للتقليل
«اتقوا النار ولو بشق تمرة» هذا مما يدل على أو له خمسة معاني قلنا: له
خمسة معانٍ وهو أي، ولو ثم قال:
اسم كحسب قد، قل فيه قدي ... واسم كيكفي فه بقدني تقتدي
النوع السادس: ما يأتي سبعة أوجهٍ وهو "قد" يعني: حرف واحد وله سبعةُ
معاني له سبعةُ معاني (اسم كحسب قد) (اسم) هذا خبر مقدم (اسم حسبٍ)
يعني (اسم كحسب) هذا الحكاية (قد) هذا ما إعرابه؟ مبتدأ قصد لفظه نقول:
مبتدأ مؤخر (قد) المعنى الأول الذي تأتي له أنها "اسمٌ بمنزلة حسب"
يعني: معناها معنى حسب تقول (حسب زيدٍ درهمٌ) (قد زيدٍ درهمٌ) أو قدِ
درهمٌ يعني: حسبي درهمٌ إذا كانت قد بمعنى حسب ففيها مذهبان من جهة
الإعراب والبناء: مذهب الكوفيين أنها معربةٌ رفعًا على الابتداء مثل
حسب (قدِ درهمٌ يعني حسبي درهمٌ) قدِ نقول: قدِ هذه مبتدأٌ مرفوعٌ
بالابتداء ورفعه ضمةٌ مقدرةٌ على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل
بحركة المناسبة قد/ مضاف والياء/ ضمير متصل مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه درهمٌ/ خبر وهل يجوز اتصالها دون الباقية؟ نعم، يجوز على
قلةٍ "قدِ درهمٌ".
ففي لدني، لدني قل وفي قد واقرا و. والحذف قد يقي ..
قدِي/ إذا كان هناك حذف والأسلم خلوها من النون, هذا مذهب الكوفيين
أنها معربة وهو الذي أشار إليه (قد فقل: فيه قدِي) فقل: أيها المعرب
فيه - يعني: في قد- فقل: فيه قدِي إذا أضِيفت إلى ياء المتكلم.
المذهب الثاني: مذهب البصريين أنها مبنيةٌ على السكون مبنيةٌ على
السكون (قدْ زيدٌ درهمًا) قدْ/ هذا اسمٌ بمعنى حرف مبنيٌ على السكون في
محل رفع مبتدأ قد/ مضاف والياء/ مضاف إليه ودرهمٌ/ هذا خبره، ويجوز
حينئذٍ أيضًا إضافتها أو لا؟ يجوز اتصاله للوقاية بها محافظةً على
السكون قدي درهمٌ (اسم كحسب قد) إذًا: قد تأتي اسمًا مثل حسب - يعني:
في معناه - وفيه مذهبان حينئذٍ.
أحدهما: أنه معربٌ رفعًا على الابتداء وما
بعده خبره -وهو مذهب الكوفيين- وعليه (فقل فيه) - يعني في قد - حال
كونه مضافًا ياء المتكلم قدي درهمٌ قدر الخبر.
المعنى الثاني: الذي تأتي له قد (واسم كيكفي) يعني: اسم فعل مضارع مثل
يكفي, اسم فعل مضارع بمعني يكفي (فُه بقدني تقتدي) هذه ليس فيه خلاف
بين النحاة بل هي مبنيةٌ اتفاقًا, لأن أسماء الأفعال أنها مبنيةٌ هذا
الأصل فيها (قدي درهمٌ) يعني يكفيني درهمٌ (قد زيدًا درهمًا) قد/ تقول
اسم بمعنى يكفي مبنيٌ على السكون لا محل له من الإعراب اسم فعل مضارع
بمعنى يكفي مبنيًا على السكون لا محل له من الإعراب زيدًا/ مفعولاً به
قد زيدًا درهمٌ/ هذا ايش إعرابه؟ -هيهات العقيقُ- فاعل اسم الفعل يرفع
فاعله لا بد له من .. فاعله ضمير مستتر تقديره أنت (قد زيدًا درهمٌ)
قد/ اسم فعل مضارع بمعنى يكفي مبني على السكوت لا محل له من الإعراب
زيدًا/ مفعولٌ به درهمٌ/ هذا فاعل, وإذا أضيفت إلى ياء المتكلم وجب
اتصالها بنون الوقاية (قدي درهمٌ) قد/ اسم فعل مضارع بمعنى يكفي مبني
على السكون لا محل له من الإعراب والنون للوقاية والياء ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب المفعول به ودرهمٌ/ فاعل إذًا: المعنى الثاني:
أنها اسمٌ يعني اسم فعلٍ مضارع بمعنى يكفي وهذا مبني اتفاقًا لا خلاف
فيه, أما قد بمعنى حسب هذا فيه مذهبان: معربٌ على مذهب الكوفيين ومبني
على مذهب البصريين, أما التي في الفعل المضارع هذه مبنيةٌ اتفاقًا على
المذهبين وتتصل بها النون وجوبًا إذا أضيف لياء المتكلم (فه) معنى (فه)
انطق (بقدني تقتدي) (بقدني) يعني: يكفيني درهمٌ في حال كونه متصلاً
بنون الوقاية إذا أضيفت إلى ياء المتكلم وجوبًا. وياء المتكلم ماذا
نعربها؟ مفعول به في محل نصب مفعول به (تقتدي) يعني تتبع من سبقك من
العرب.
حرف توقع وتحقيق على ... فعل مضارع وماض دخلا
المعنى الثالث والرابع: أشار إليه بقوله
(حرف توقع وتحقيق) يعني: تأتي قد للتوقع وتأتي قد للتحقيق, حرف توقع
هذا من إضافة الدال بالمدلول يعني حرفٌ دالٌ على انتظار وقوعٍ الفعل,
حرفٌ دالٌ على انتظار وقوع الفعل, يعني الفعل منتَظر لم يقع وإنما سيقع
(قد يقدم الغائب) قد يقدم الغائب قدوم الغائب هذا منتظر متوقع, قدومه
متوقع ليس محققًا فحينئذٍ قد يقدم الغائب والمسافر فنقول قد/ هذه حرف
توقع يقدمُ/ فعلٌ مضارع والغائب/ هذا فاعل كذلك هل تدخل على الفعل
الماضي؟ هذا فيه نزاع وسيأتي تفصيله (وتحقيق) يعني: حرف تحقيقٍ حرفٌ
دالٌ على تحقق الفعل بعده, يعني وقوعه بالفعل, التوقع انتظار ولم يقع
في الأصل, والتحقيق تدل على أن الفعل قد حصل ووجد يعني: حرفٌ دالٌ على
تحقيق وقوع الفعل بعدها, وتدخل على الفعل الماضي اتفاقًا والمضارع هذا
فيه نزاع تدخل على الفعل الماضي اتفاقًا تقول: قد أفلح كما في قوله
تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]. قد هنا حرف يفيد
تحقق وحصول الفلاح لمن اتصف بصفة الإيمان (قد خرج زيدٌ) قد تدل على
تحقيق وحصول الخروج لزيد, أما دخولها على المضارع هذا فيه نزاع: بعضهم
يمنعه والصواب جوازه ومجيئه {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ
مِنكُمْ} [الأحزاب: 18]، {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} [النور:
64] تقول تلا هنا الفعل المضارع قد وهي للتحقيق والحصول {قَدْ يَعْلَمُ
اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ} يعني: يعلم، علم الله بالمعوقين هذا حاصل
واقع إذا قد تفيد التحقيق حتى على حتى مع دخولها على الفعل المضارع
وأكثر النحاة على النفي، أكثر النحاة على أن قد التي للتحقيق إنما هي
مختصةٌ بالفعل الماضي, وأما دخولها على الفعل المضارع فهذا ضعيف
والصواب أنها ترِد له (حرف توقع) وتدخل على المضارع والماضي فيه نزاع,
و (حرف تحقيقٍ) وتدخل على الماضي اتفاقًا والمضارع فيه نزاع (على * فعل
مضارع وماض دخلا) (على * فعل) وهما أي: حرف التحقيق والتوقع (على **
فعل مضارع) وعلى فعلٍ (ماض دخلا) الألف/ هذه ألف الاثنين وعلى فعلٍ/
هذا متعلقٌ بدخل دخل على فعلٍ مضارع وماضٍ يعني إذا الناظم ماذا يرى؟
يرى أن قد التوقعية وقد التحقيقية تدخل على الأصح على الفعل المضارع
والماضي بلا استثناء.
وبعضهم قد منع التوقعا ... مع المضي إذ مضى وقعا
* وابن هشام في (المغني) يرفض أن تكون قد
للتوقع أصلاً يقول: لا تأتي للتوقع (وبعضهم قد منع التوقعا ** مع المضي
إذ مضى وَوَقعا) (وبعضهم) يعني: بعض النحاة وهم قلة, لكن الأكثر على
جواز دخول قد التي بالتوقع على الفعل الماضي, الأكثر على الجواز والقلة
على المنع, ومنهم ابن هشام رحمه الله (وبعضهم) يعني: وبعض النحاة (قد
منع التوقعا) أي: منع دلالة قد على التوقع، متى؟ إذا كان قد (مع المضي)
إذًا: حرف التوقع قد لا يدخل على الفعل الماضي لماذا؟ يقول (إذ مضى)
لماذا؟ (إذ) هذه إذ للتعليل (إذ مضى) التوقع ما هو؟ انتظار شيءٍ لم يقع
فسيقع, الماضي قد وقع, فكيف يُنتظر ما قد وقع؟ إذًا: يمتنع قد التي
للتوقع على الفعل الماضي لأن التوقع انتظار فعلٍ سيقع بعد ذلك (قد يقدم
الغائب) قدوم الغائب لم يحصل الآن, ولكنه سيحصل كيف نقول (قدم الغائب
قد خرج زيد) وننوي أو (قد ركب الأمير) وننوي أن الركب هنا أو قد للتوقع
هذا فيه تعارض وفيه تنافي, أليس كذلك؟ قد للتوقع تفيد انتظار وقوع
الفعل إذًا: لم يحصل، والفعل الماضي يدل على أي شيء؟ يدل على حدثٍ وقع
وانتهى وانقطع في الزمن الماضي فكيف يكون منتظره قد وقع! إذًا فيه
تعارض (وبعضهم قد منع التوقعا) إذا كان قد (مع المضي) لماذا؟ (إذ مضى
وقعا) إذ التوقع هو انتظار فعلٍ في المستقبل والماضي قد مضى ووقعا
والألف للإطلاق.
ماذا قال المثبتون؟ هذه علة من منع, ومنهم ابن هشام رحمه الله في
(المغني) أن قد لا تكون للتوقع أصلاً وأما عدم وقوعها على الماضي فلهذه
العلة لماذا؟ لأن قد للتوقع انتظار شيء لم يق والماضي قد وقع إذًا
بينهما تنافي.
ماذا قال المثبتون وهم الأكثر؟
(وقال مثبتوه) يعني: مثبتو التوقع لقد مع الفعل الماضي (ليس المنتظر **
نفس وقوع الفعل بل للخبر) الانتظار هنا ليس لحدوث الفعل وإنما للخبر
ينتظر الناس. هل ركب الأمير أم لم يركب؟ فيقال لهم (قد ركب الأمير) قد
هنا حرف توقع لأن الناس ينتظرون ماذا الفعل أم الخبر؟ الخبر لا الفعل,
فلذلك صح دخول قد التي للتوقع على الفعل الماضي -لا باعتبار فعل نفسه
الركوب نفسه أنه متوقع الحدوث وإنما لانتظار الناس الخبر- هل قدم زيد
من السفر؟ نقول: قد قدم زيد -إذا كان الناس ينتظرون ماذا؟ خبر قدوم
زيد- وهذا فيه تكلف (وقال مثبتوه) يعني: مثبتو دخول قد للناس للتوقع
على الفعل الماضي (ليس المنتظرُ) أو (ليس المنتظرَ) على أنه خبر مقدم
يجوز (ليس المنتظرُ) نفسه (المنتظرَ) بالنصب يجوز التقديم والتأخير
(ليس المنتظر) يعني: ليس ينتظر ويتوقع نفس وقوع الفعل الماضي؟ لا، بل
نظرًا للخبر يعني: إنما يُنتظر الخبر لوقوعه وهذا المراد بنظر الخبر.
أي: لأجل الانتظار للخبر لوقوع الفعل لا لانتظار وقوع الفعل بنفسه (قد
ركب الأمير) هكذا مثلوا لكونهم ينتظرون هذا الخبر ويتوقعون الفعل, أما
نفس الفعل فلا تعرض له، وابن هشام -رحمه الله- يقول: قد لا تفيد التوقع
أصلاً لا مع الماضي ولا مع المضارع هذا هو المعنى الثاني والثالث.
المعنى الرابع: الذي لـ"قد" أنها تأتي
لتقريب الزمن, زمن الماضي إلى الحال يعني تقربه (قام زيدٌ) قام زيد
قام/ يدل على وقوع الحدث في الزمن الماضي, والماضي هذا له بعيد وقريب
(قام زيد) يحتمل أنه الآن قبل دقائق, ويحتمل أنه قبل شهر (قام زيد)
فإذا قلت "قد قام زيدٌ" قربت الزمن، قد هذه لتقريب لزمن زمن الماضي من
البعيد إلى الحال القريب. أشار إلى هذا المعنى الخامس بقوله:
أدنى من الحال المضي فجرى ... في الحال معه مظهرا أو مضمرا
(أدنى من الحال المضي) (أدنى) يعني قرب (من الحال) يعني: من الزمن
الحال (الْمُضِيُّ) الزمن الماضي قرب من الزمن الحال بواسطة "قد",
فَعَليه يثبت على هذا وينبني عليه ويتفرع على هذا التفريع (فجرى في
الحال معه مظهرًا أو مضمراً) الجملة الحالية كما هو معلوم أنه قد يكون
جملةً فعلية, والفعلية قد تكون مضارعية وقد تكون ماضوية, إذا وقعت
الحال مصدرةً بفعلٍ ماضٍ وجب اقترانها بـ"قد" التي تقرب الزمن من
البعيد إلى الحال, لأن الأصل في الحال أنها مقارنة فلا بدَّ من أن يكون
زمن الحال مقاربًا لزم العامل (جاء زيدٌ ضحك) ضحك/ هذا الجملة حال وهو
فعل ماضي جاء زيدٌ ضحك/ قبل مجيئه أما أنه مع مجيئه؟ مع مجيئه هذا أصل
حال تكون مقارنة (جاء زيدٌ راكبًا) فنقول لابد من التقدير هنا (جاء
زيدٌ وقد ضحك) إما مع الواو وإما بدون الواو {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم
مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119]، {قَدْ فَصَّلَ} الجملة
حالية: {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} [يوسف: 65] أي: قد ردت
إلينا أو زد مع الواو (وقد ردت إلينا) إذًا: لأجل كون قد تفيد تقريب
الزمن زمن الماضي من البعيد إلى الحال: إذا وقع الحال الاصطلاحية إذا
وقع فعلاً ماضيَا وجب اقترانه بقد، وهذا على مذهب البصريين، أما عند
الكوفيين فلا يجيبون ذلك لماذا؟ لكثرة مجيء الحال فعلاً ماضيًا غير
مقترنٍ بقد, والكثرة عندهم تفيد التقعيد (أدنى من الحال) يعني: قرب من
الزمان الحال الزمان المضي الذي يقع فيه الفعل فجرى ووقع قد وجوبًا (في
الحال) الاصطلاحي ليس الحال المراد به الزمن (أدنى من الحال) الحال هنا
المراد الزمني (في الحال) المراد به الاصطلاحي (معه) مع أي شيء؟ مع
الماضي (في الحال معه) (فجرى) يعني: وقع قد وجوبًا (معه) مع ماذا؟ مع
الماضي (في الحال) الاصطلاحي يعني: حال كون وقوع الفعل حالاً اصطلاحًا
(مظهرًا) سواءٌ كان قد حال كونه مظهرًا يعني: ملفوظًا به {قَدْ فَصَّلَ
لَكُم مَّا حَرَّمَ} (أو مضمرًا) و {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ
إِلَيْنَا} ردت الجملة حال إذًا قد {رُدَّتْ إِلَيْنَا} لابد من قد
التي تقرر الزمن الماضي إلى الحال.
ثم ذكر مسألة تعرض لها ابن عصفور قال:
وإن بماض متطرف ثبت ... تجب يمينا فمع اللام ثبت
هذا موضع يجب فيه اقتران الفعل الماضي بقد,
لكن بشروط ذكرها الناظم (وإن بماضٍ) يعني: إذا أجيب القسم جواب القسم
إن وقع وحصل (بماضٍ) معنًى قريبًا من الحال (متصرف) أخرج الجامد (ثبت)
يعني: مثبتٍ أخرج المنفي إذًا (وإن بماضٍ) قريب من الحال (متصرفٍ)
احترازًا من الجامد (ثبت) أي: مثبتٍ احترازًا من المنفي (تجب يمينًا)
يعني: تجيب أنت يمينًا بماضٍ تجب يمينًا بماضٍ وإن تجب بماضٍ إن وقع
الماضي المتصرف المثبت جوابًا لقسمٍ (فمع اللام ثبت) فقد مع اللام ثبت
يعني: قبل ذلك الماضي.
(بالله لقد قام زيد) أصل التركيب: بالله لقام زيد، أو بالله قام زيد,
قام/ هذا وقع جوبًا لقسم وهو اليمين وهو فعلٌ ماض متصرف مثبت, حينئذٍ
وجب أن يقترن بالله مع قد, لذلك قال (فمع اللام ثبت) يعني: فقد مع
اللام ثبت قبل ذلك الماضي {تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا}
[يوسف: 91] {تَاللهِ لَقَدْ} اللام مع قد لماذا؟ لأن الفعل الماضي قريب
من الحال المتصرف المثبت وقع جوبًا لليمين.
هذه احترازات ما سبق قال (وإن بماضٍ متصرف ثبت) قلنا: ماضٍ قريب من
الحال, من ين أخذنا هذا الشرط؟ هو نص عليه قال:
إن يقرب الفعل من الحال وإن ... يبعد أو إن يجمد فباللام قرن
(إن يقرب الفعل من الحال) قلنا (وإن بماضٍ) الماضي هذا قد يكون بعيدًا
وقد يكون قريبًا, الذي يجب أن يقع قد مع اللام إن كان الماضي قريب
الحال من أين أخذناه؟ من قوله في البيت الذي يليه (إن يقرب) يعني: ذلك
الفعل الماضي (من الحال) يعني: من الزمان الحال هذا شرطٌ تابعٌ لما سبق
هذا متمم للبيت السابق, بقي الاحترازات (وإن * يبعد) إذًا ليس للحال
(وإن * يبعد يعني: ذلك الفعل الماضي من الحال (والله لقام زيدٌ) نقول
(فباللام قُرِن) فقط دون قد لماذا؟ لأنه هو بعيد الأصل, الأصل بعيد في
الزمن, وقد هذه تفيد التقريب, والمقصود من المتكلم أن يأتي بماضٍ
بالبعيد لا بالقريب: إذًا لماذا يأتي بقد؟ فيأتي باللام فقط (وإن *
يبعد) يعني: الزمن (أو) (يجمد) إذًا ليس بمتصرفًا قال (فباللام قرن)
دون قد (فباللام) فقط (قرن) يعني: الفعل الماضي دون قد, إذًا نقول هذه
المسألة ذكرها ابن عصفور رحمه الله: أن الفعل الماضي إذا وقع جوابًا
لقسمٍ فإن كان الماضي قريبًا من الحال وهو متصرفٌ ومثبَت وجب أن يؤتى
باللام وقد, إن لم يجتمع هذه الشروط إن كان ماضيًا من بعيد أو كان
ماضيًا جامدًا فحينئذٍ نقول: يُؤْتى باللام فقط دون قد (بالله لقد قام
زيدٌ) -والله لقام زيد- {فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} [الصافات: 75]
{فَلَنِعْمَ} هذا وقع جواب قسم "لنعم" اللام هذه وقع جواب القسم ما قال
"لقد نعم" هذه لا تدخل عليه لمَ؟ لأن قد لا تدخل على الأفعال الجامدة
لماذا؟ لأنها تدل على الحال فقط منزوعة الزمن من جهة الدلالة على
الماضي لكنها تدل على الحال "ليس ونعم وبئس وفعل التعجب" هذه الزمن
التي تدل عليه الحال فإذا كانت تدل على الحال نأتي بقد لماذا؟ للتقريب؟
ليس عندنا تقريب لا تدل على الماضي البعيد.
وحرف تقليل على ضربين في ... وقوع فعل كالكذوب قد يفي
(وحرف تقليل) هذا هو الوجه السادس أن "قد" تأتي للتقليل وهذا على ضربين
يعني على نوعين:
أحدهما: أن يكون التقليل لوقوع الفعل (قد
يصدق الكذوب) قد يصدق الكذوب وقوع الصدق من الكذوب هذا قليل إذًا:
قلّله ماذا؟ وقوع الفعل، قد يجود البخيل. نقول: قد هنا لتقليل الفعل
وهو الجود. إذًا: وقوع الجود من البخيل قليل (كالكذوب قد يفي) بوعده
الكذوب قد يفي بوعده قد هنا للتقليل.
(أو ما تعلق به) النوع الثاني: أو الضرب الثاني: الذي تقلله لا تقلل
نفس الفعل وإنما تقلل ما تعلق به الفعل (أو ما) أو يكون التقليل (في
ما) يعني: شيءٍ تعلق به الفعل الذي دخل عليه قد مثاله كقوله تعالى
{قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} [النور: 64]. قد ورد في كتاب
الله {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} متعلق الفعل ما هو؟ العلم
بما هم عليه, والتقليل هنا حاصلٌ لما هم عليه لماذا؟ لأن التقليل عندهم
أن ما هم عليه من أحوال هو أقل ما يعلمه الله, هكذا قدَّرهُ النحاة
{قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} هو الذي
قُلِّل بقد، قد هنا ليست تقليل نفس العلم وإنما تقليلٌ للمعلومات لأن
المعلومات الناس ليست كثيرة أو أحوالهم ليست كثيرة فالعلم بالأحوال
القليلة يكون قليلاً في نفسه وإلا علم الله واسع, إذًا قد تكون للتقليل
في نفس الفعل وقد تكون للتقليل في متعلقات الفعل يعني: لا تعارض للفعل.
وقيل للتحقيق والتقليل من ... صدق الكذوب لا من الحرف زكن
(وقيل للتحقيق) يعني: في المثال السابق والأمثلة السابقة (قد يصدق
الكذوب) (قد يجود البخيل) {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} نقول:
هذه ليست للتقليل وإنما هي للتحقيق وسبق معنى التحقيق (والتقليلُ من **
صدق الكذوب لا من الحرف زُكِن) إذا قيل (قد يصدق الكذوب) وقد يجود
البخيل. الكذوب/ هذه ما وزنها؟ فعول صيغة مبالغة إذا قيل: قد يصدق
الكذوب إذا قيل: يصدق الكذوب، هل تفهم القلة من الصدقِ أم لا؟ يصدق
الكذوب، الكذوب بدون "قد" يصدق الكذوب, الكذوب هذا فعول صيغة مبالغة.
إذًا كذبه كثير إذا قيل: يصدق معناه أنه قلة, لأن الكذوب كذوب, فوقوع
الصدق هنا على ندرة إذًا: فهم من الصيغة لا من قد, التقليل مفهومٌ من
الصيغة نفسها لأنه لو قيل إنَّ "الكذوب" هذا يدل على الكثرة "ويصدق"
يدل على الكثرة لحصل تناقض بين أول الكلام وآخره (يجود البخيل) البخيل
هذا فعيل صيغة مبالغة كثير البخل إذًا: إذا علمنا أنه كثير البخل
فالتعبير عنه بالفعل يدل على قلِّة ما يقابل الكثرة لأنه لو قيل
بالكثرة الفعل والصيغة تدل على الكثرة حصل التناقض إذًا: التقليل لم
يحصل من قد, وإنما حصل من نفس الصيغة (وقيل للتحقيق) قد يصدق الكذوب،
قد هذه ليست للتقليل (قد يجود البخيل) ليست للتقليل فمن أين أخذنا
التقليل؟ هذا مفهوم قال: ليس من قد (والتقليلُ) يعني: من الأحكام
السابقة (من * صدق الكذوب لا من الحرف زُكِن) عُلِمَ يعني: عُلِمَ من
صدق الكذوب لأن الكذوب هذا صيغة مبالغة وهو يدل على الكثرة, صدق الكذوب
مقابل للكثرة والذي يقابل الكثرة القلة والندرة.
إذ حمل صدقه على الكثير ... تناقض وجاء للتكثير
(إذ حمل صدقه على الكثير ** تناقض) لماذا؟
لأنه يقابل كثير، كثير الصدق وكثير الكذب, هذا ما يوجد إما كثير الصدق
وقليل الكذب, أو العكس كثير الكذب وقليل الصدق, أما أن يكون كثير في
هذا وكثير في هذا لا يمكن (إذ حمل صدقه) لو قلنا: يصدق الكذوب لحملنا
الصدق على الكثير (تناقضٌ) بين أول الجملة وآخرها آخرها ما هو؟ الكذوب
لأنه يدل على الكثرة. "يصدق" لو حملناه على الكثرة حصل تناقض بين
الجملتين.
(وجاء للتكثير) هذا هو المعنى السابع: أن قد يدل على التكثير أي:
للدلالة على الكثرة (قد يجود الكريم) يجود الكريم/ هذا لا يدل على
الكثرة لوحده ولكن بدخول "قد" دلت على الكثرة, هذه سبعةُ معاني لقد.
المعنى الأول: أنها اسمٌ بمعنى حسب، قلنا: من جهة الإعراب وبنائها فيها
مذهبان الكوفيون على الإعراب والبصريون على البناء.
والمعنى الثاني: اسم فعل مضارع بمعنى يكفي وهذه مبنيةٌ اتفاقًا.
الثالث: حرف توقعٍ وهذا قلنا: تدخل على المضارع والماضي, المضارع لا
إشكال فيه عندَ من قال به، والماضي هذا فيه نزاع.
وحرف تحقيقٍ هذا المعنى الرابع: وتدخل على الماضي والمضارع, الماضي
اتفاقًا والمضارع على قلةٍ ممن قال به.
والمعنى الخامس: تقريب الزمن من الماضي إلى الحال.
المعنى السادس: قد للتقليل.
المعنى السابع: للتكثير.
نقف على هذا.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. غدًا إن شاء
الله.
|