الروض
الأنف ت السلامي
أمر دوس ذي ثعلبان وابتداء ملك الحبشة وذكر أرياط المستولي على اليمن
قرار دوس واستنصاره بقيصر:
قال ابن إسحاق: وأفلت منهم رجل من سبأ، يقال له دوس ذو ثعلبان على فرس
له فسلك الرمل فأعجزهم فمضى على وجهه ذلك حتى أتى قيصر ملك الروم،
فاستنصره على ذي نواس وجنوده وأخبره بما بلغ منهم فقال له بعدت بلادك
منا، ولكن سأكتب لك إلى ملك الحبشة فإنه على هذا الدين وهو أقرب إلى
بلادك، وكتب إليه يأمره بنصره والطلب بثأره.
ـــــــ
غيلان بن عقبة بن بهيش بضم الباء والشين وسمي ذا الرمة ببيت قاله في
الوتد:
أشعث باقي رمة التقليد2.
وقيل إن مية سمته بذلك وكان قد قال لها: اصلحي لي هذا الدلو فقالت له
إني خرقاء فولى وهي على عنقه برمتها، فنادته يا ذا الرمة إن كنت خرقاء
فإن لي أمة صناعا ; فلذلك سماها بخرقاء3 كما سمته بذي الرمة.
فصل:
وقوله فخاض ضحضاح البحر إلى غمره. الضحضاح من الماء الذي
ـــــــ
2 الرمة: بضم الراء وتشديد الميم وفتحها وقد تكسر الراء: قطعة من الحبل
بالية.
3 في "القاموس": خرقاء: امرأة سوداء كانت تقم مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، والخرقاء: الحمقاء. والصناع: الحاذقة الماهرة.
(1/122)
انتصار أرياط
وهزيمة ذي نواس وموته:
فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة، وأمر
عليهم رجلا منهم يقال له أرياط - ومعه في جنده أبرهة الأشرم - فركب
أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن، ومعه دوس ذو ثعلبان وسار إليه ذو
نواس في حمير، ومن أطاعه من قبائل اليمن، فلما التقوا انهزم ذو نواس
وأصحابه فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر ثم ضربه
فدخل به فخاض به ضحضاح1 البحر حتى أفضى به إلى غمره فأدخله فيه وكان
آخر العهد به. ودخل أرياط اليمن، فملكها.
شعر في دوس وما كان منه:
فقال رجل من أهل اليمن - وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة:
لا كدوس ولا كأعلاق رحله
فهي مثل باليمن إلى هذا اليوم. وقال ذو جدن الحميري:
هونك ليس يرد الدمع ما فاتا ... لا تهلكي أسفا في إثر من ماتا
أبعد بينون لا عين ولا أثر ... وبعد سلحين يبني الناس أبياتا
بينون وسلحين وغمدان: من حصون اليمن التي هدمها أرياط، ولم يكن في
الناس مثلها.
وقال ذو جدن أيضا:
يظهر معه القعر وكان أصله من الضح وهو حر الشمس كأن الشمس تداخله لقلته
فقلبت فيه إحدى الحاءين ضادا، كما قالوا في ثرة ثرثارة وفي تملل تململ2
وهو قول الكوفيين من النحويين ولست أعرف أصلا يدفعه ولا دليلا يرده
ويقال له
ـــــــ
1 الضحضاح من الماء: الذي يظهر منه القعر.
2 ثر السائل ثراً وثروراً: غزر وكثر، وثر الرجل: كثر كلامه وتشدق.
(1/123)
....................................................
ـــــــ
أيضا: الرقراق والضهل1 وقد يستعار في غير الماء كقول النبي - صلى الله
عليه وسلم - في عمه أبي طالب حين سئل عنه فقال "هو في ضحضاح من النار
ولولا مكاني لكان في الطمطام "وفي البخاري: وجدته في غمرة من النار
فأخرجته إلى الضحضاح والغمر هو الطمطام، وأما قول ذي جدن:
هونك لسن يرد الدمع ما فاتا
وهكذا روي هذا القسيم ناقصا قاله البرقي، وقد روي عن ابن إسحاق من غير
رواية ابن هشام: هونكما لسن يرد. قال وهو من باب قول العرب للواحد
افعلا، وهو كثير في القرآن والكلام.
وفيه:
أبعد بينون لا عين ولا أثر ... وبعد سلحين يبني الناس أبياتا
فبينون وسلحين مدينتان خربهما أرياط كما ذكر. قال البكري في كتاب "معجم
ما استعجم ": سميت بينون لأنها كانت بين عمان والبحرين، فهي إذا على
قوله فعلون من البين والياء أصلية وقياس النحويين يمنع من هذا، لأن
الإعراب إذا كان في النون لزمت الاسم الياء في جميع أحواله كقنسرين2
وفلسطين ألا ترى كيف قال في آخر البيت وبعد سلحين، فكذلك كان القياس أن
يقول على هذا: أبعد بينين وعلى مذهب من جعله من العرب بالواو في الرفع
وبالياء في الخفض والنصب. يقول أيضا: أبعد بينين وليس للعرب فيه مذهب
ثالث فثبت أنه ليس من البين إنما هو فيعول والواو زائدة من أبن بالمكان
وبن إذا أقام فيه لكنه لا
ـــــــ
1 الضهل أو الضحل: الماء القليل واللبن المجتمع، والضحضاح: الماء
اليسير، والطمطام: وسط البحر.
2 قنسرين: مدينة بينها وبين حلب مرحلة، وحين غلب الروم سنة/351هـ خاف
أهل قنسرين، وجلوا عنها، فلم يبق سوى خان تنزله القوافل.
(1/124)
.................................................
ـــــــ
ينصرف للتعريف والتأنيث غير أن أبا سعيد السيرافي ذكر وجها ثالثا للعرب
في تسمية الاسم بالجمع المسلم فأجاز أن يكون الإعراب في النون وتثبت
الواو وقال في زيتون إنه فعلون من الزيت وأجاز أبو الفتح بن جني أن
يكون الزيتون فيعولا من الزيت ولكن من قولهم زتن المكان إذا أنبت
الزيتون فإن صحت هذه الحكاية عن العرب، وإلا فالظاهر أنه من الزيت وأنه
فعلون وقد كثر هذا في كلام الناس غير أنه ليس في كلام العرب القدماء
ففي المعروفين من أسماء الناس سحنون وعبدون قال الشاعر - وهو ابن
المعتز
سقى الجزيرة ذات الظل والشجر ... ودير عبدون هطال من المطر
ودير عبدون معروف بالشام وكذلك دير فينون غير أن فينون يحتمل أن يكون
فيعولا، فلا يكون من هذا الباب كما قلنا في بينون، وهو الأظهر.
وأما حلزون - وهو دود يكون بالعشب وأكثر ما يكون في الرمث - فليس من
باب فلسطين وقنسرين ولكن النون فيه أصلية كزرجون1 ولذلك أدخله أبو عبيد
في باب فعلون وكذلك فعل صاحب كتاب العين أدخله في باب الرباعي فدل على
أن النون عنده فيه أصلية وأنه فعلول بلامين.
وقول ذي جدن وبعد سلحين يقطع على أن بينون: فيعول على كل حال لأن الذي
ذكره السيرافي من المذهب الثالث إن صح فإنما هي لغة أخرى غير لغة ذي
جدن2 الحميري، إذ لو كان من لغته لقال سلحون وأعرب النون مع بقاء الواو
فلما لم يفعل علمنا أن المعتقد عندهم في بينون: زيادة الياء وأن
النونين
ـــــــ
1 الرمث: مرعى للإبل من الحمض، والزرجون: الخمر.
2 لقب بهذا لحسن صوته، والجدن: الصوت بلغتهم، ويقال: إنه أول من تغنى
باليمن، واسم سيفه: ذو الكف.
(1/125)
دعيني - لا أبا
لك - لن تطيقي ... لحاك الله قد أنزفت ريقي
لدى عزف القيان إذ انتشينا ... وإذ نسقى من الخمرالرحيق
وشرب الخمر ليس علي عارا ... إذا لم يشكني فيها رفيقي
فإن الموت لا ينهاه ناه ... ولو شرب الشفاء مع النشوق
ـــــــ
أصليتان كما تقدم.
وقوله:
دعيني - لا أبا لك - لن تطيقي
أي لن تطيقي صرفي بالعذل عن شأني، وحذف النون من تطيقين للنصب أو للجزم
على لغة من جزم بلن إن كان ذلك من لغته والياء التي بعد القاف اسم مضمر
في قول سيبويه، وحرف علامة تأنيث في قول الأخفش وللحجة لهما، وعليهما
موضع غير هذا. وقوله:
قد أنزفت ريقي.
أي: أكثرت علي من العذل حتى أيبست ريقي في فمي، وقلة الريق من الحصر،
وكثرته من قوة النفس وثبات الجأش قال الراجز:
إني إذا زببت الأشداق
وكثر اللجاج واللقلاق
ثبت الجنان مرجم وداق
زببت الأشداق: من الزبيبتين، وهو ما ينعقد من الريق في جانبي الفم عند
كثرة الكلام وقوله وداق أي يسيل كالودق. يريد سيلان الريق وكثرة القول
كما قال أبو المخش في ابنه كان أشدق خرطمانيا1 إذا تكلم سال لعابه.
وقوله:
ولو شرب الشفاء مع النشوق.
ـــــــ
1 أشدق: بليغ، والخرطماني: الكبير الأنف.
(1/126)
ولا مترهب في
أسطوان ... يناطح جدره بيض الأنوق
وغمدان الذي حدثت عنه ... بنوه مسمكا في رأس نيق
بمنهمة وأسفله جرون ... وحر الموحل اللثق الزليق
مصابيح السليط تلوح فيه ... إذا يمسي كتوماض البروق
ونخلته التي غرست إليه ... يكاد البسر يهصر بالعذوق
فأصبح بعد جدته رمادا ... وغير حسنه لهب الحريق
وأسلم ذو نواس مستكينا ... وحذر قومه ضنك المضيق
__________
أي: لو شرب كل دواء يستشفى به وتنشق كل نشوق يجعل في الأنف للتداوي به
ما نهى ذلك الموت عنه.
وقوله: ولا مترهب يجوز أن يكون رفعه عطفا على ناه أي لا يرد الموت ناه
ولا مترهب. أي دعاء مترهب يدعو لك، ويجوز أن يكون مترهب رفعا على معنى:
ولا ينجو منه مترهب. كما قال:
تالله يبقى على الأيام ذو جيد1.
البيت. والأسطوان: أفعوال. النون أصلية، لأن جمعه أساطين وليس في
الكلام أفاعين. وقوله:
يناطح جدره بيض الأنوق
جدره: جمع جدار وهو مخفف من جدور وفي التنزيل {أَوْ مِنْ وَرَاءِ
جُدُرٍ} [الحشر: 14] تقيد بضم الجيم والجدر أيضا بفتح الجيم الحائط،
ولكن الرواية في "الكتاب" هكذا كما ذكرنا. والأنوق الأنثى من الرخم2!
يقال في المثل أعز من بيض الأنوق إذا أراد ما لا يوجد لأنها تبيض حيث
لا يدرك بيضها
ـــــــ
1 بقيته: بمشمحر به الظيان والآس. والبيت لمالك بن خالد الخناعي.
2 الرخم: طائر غزير الريش، أبيض اللون، مبقع بسواد،له منقار طويل قليل
التقوس.
(1/127)
.............................................
ـــــــ
من شواهق الجبال. هذا قول المبرد في الكامل ولا يوافق عليه فقد قال
الخليل الأنوق الذكر من الرخم وهذا أشبه بالمعنى، لأن الذكر لا يبيض،
فمن أراد بيض الأنوق فقد أراد المحال كمن أراد الأبلق العقوق وقد قال
القالي في الأمالي: الأنوق يقع على الذكر والأنثى من الرخم.
وقوله:
وغمدان الذي حدثت عنه: هو الحصن الذي كان لهوذة بن علي ملك اليمامة،
وسيأتي طرف من ذكره. ومسمكا: مرفعا من قوله سمك السماء والنيق أعلى
الجبل. وقوله بمنهمة هو موضع الرهبان. والراهب يقال له النهامي ويقال
للنجار أيضا: نهامي، فتكون المنهمة أيضا على هذا موضع نجر1.
وقوله وأسفله جرون. جمع جرن وهو النقير من جرن الثوب إذا لان [وانسحق].
ورواية أبي الوليد الوقشي جروب بالباء. وكذلك ذكره الطبري بالباء أيضا.
وفي "حاشية كتاب الوقشي" الجروب حجارة سود. كذا نقل أبو بحر عنه في
نسخة كتابه فإن صح هذا في اللغة وإلا فالجروب جمع جريب على حذف الياء
من جريب فقد يجمع الاسم على حذف الزوائد كما جمعوا صاحبا على أصحاب.
وقالوا: طوي وأطواء وغير ذلك. والجريب والجربة المزرعة2.
وقوله وحر الموحل بفتح الحاء وهو القياس لأنه من وحل يوحل. ولو كان
الفعل منه وحل على مثل وعد لكان القياس في الموحل الكسر لا غير وقد ذكر
القتبي فيه اللغتين الكسر والفتح والأصل ما قدمناه.
وقوله وحر بضم الحاء وهو خالص كل شيء وفي "كتاب أبي بحر" عن
ـــــــ
1 في "القاموس" الجرن بالضم: حجر منقور يتوضأ منه.
2 الجريب: مكيال قدر أربعة أقفز، جمعه: أجربة وجربان ومعناه: الوادي،
والطوى: البئر.
(1/128)
وقال ابن
الذئبة الثقفي في ذلك - قال ابن هشام: الذئبة أمه واسمه ربيعة بن عبد
ياليل بن سالم بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسي:
لعمرك ما للفتى من مفر ... مع الموت يلحقه والكبر
ـــــــ
اللأقشي: وحر الموحل بفتح الحاء والجيم من الموجل مفتوحة وفسر الموجل
فقال حجارة ملس لينة والذي أذهب إليه أن الموجل ههنا واحد المواجل وهي
مناهل الماء وفتحت الجيم لأن الأصل مأجل1 كذلك قال أبو عبيد: هي المآجل
وواحدها: مأجل. وفي آثار المدونة سئل مالك - رحمه الله - عن مواجل برقة
يعني: المناهل فلو كانت الواو في الكلمة أصلا لقيل في الواحد موجل مثل
موضع إلا أن يراد به معنى الوجل فيكون الماضي من الفعل مكسور الجيم
والمستقبل مفتوحا، فيفتح الموجل حينئذ ولا معنى له في هذا الموضع.
وقوله: اللثق الزليق. اللثق من اللثق وهو أن يخلط الماء بالتراب فيكثر
منه الزلق قال بعض الفصحاء غاب الشفق وطال الأرق وكثر اللثق فلينطق من
نطق. وفي حاشية كتاب أبي بحر اللبق بالباء المنقوطة بواحدة وذكر أنه
هكذا وجد في أصل ابن هشام، ولا معنى للبق ههنا، وأظنه تصحيفا من الراوي
- والله أعلم.
وقوله في الشعر:
يكاد البسر يهصر بالعذوق.
أي تميل بها، وهو جمع عذق بكسر العين وهي الكباسة أو جمع عذق بفتح
العين وهي النخلة وهو أبلغ في وصفها بالإيقار أن يكون جمع عذق بالفتح.
وقوله وأسلم ذو نواس مستكينا. أي خاضعا ذليلا، وفي التنزيل {فَمَا
اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} [المؤمنون 76]، قال ابن الأنباري فيه قولان
أحدهما: أن يكون من السكون، ويكون الأصل استكن على وزن افتعل ومكنوا
الفتحة فصارت ألفا كما
ـــــــ
1 في "القاموس" موجل على مثال موعد: حفرة يستنقع فيها الماء.
(1/129)
لعمرك ما للفتى
صحرة ... لعمرك ما إن له من وزر
أبعد قبائل من حمير ... أبيدوا صباحا بذات العبر
بألف ألوف وحرابة ... كمثل السماء قبيل المطر
يصم صياحهم المقربات ... وينفون من قاتلوا بالذفر1
سعالي مثل عديد التر ... اب تيبس منهم رطاب الشجر
وقال عمرو بن معدي كرب الزبيدي في شيء كان بينه وبين قيس بن مكشوح
المرادي فبلغه أنه يتوعده فقال يذكر حمير وعزها، وما زال من ملكها
عنها:
ـــــــ
قال الشاعر:
وإنني حيثما يثني الهوى بصري ... من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور
وقال آخر يا ليتها جرت على الكلكال. أراد الكلكل. والقول الآخر أن يكون
استفعل من كان يكون مثل استقام من قام يقوم. قال المؤلف رحمه الله هذا
القول الأخير جيد في التصريف مستقيم في القياس لكنه بعيد في المعنى عن
باب الخضوع والذلة والقول الأول قريب في المعنى، لكنه بعيد عن قياس
التصريف إذ ليس في الكلام فعل على وزن افتعال بألف ولكن وجدت لغير ابن
الأنباري قولا ثالثا: إنه استفعل من الكين وكين الإنسان عجزه ومؤخره
وكأن المستكين قد حنا ذلك منه كما يقال صلى، أي حنا صلاه والصلا: أسفل
الظهر وهذا القول جيد في التصريف قريب المعنى من الخضوع.
وذكر قول ابن الذئبة، واسمه، وهو: ربيعة بن عبد ياليل، وقال فيه:
لعمرك ما للفتى صحرة
وهو المتسع أخذ من لفظ الصحراء والوزر الملجأ ومنه اشتق الوزير
ـــــــ
1 المقربات: الخيل العتاق التي لا تسرح في المرعى، ولكن تحبس قرب
البيوت معدة للعدو. والذفر: الرائحة الشديدة.
(1/130)
أتوعدني كأنك
ذو رعين ... بأفضل عيشة أو ذو نواس
وكائن كان قبلك من نعيم ... وملك ثابت في الناس راسي
قديم عهده من عهد عاد ... عظيم قاهر الجبروت قاسي
فأمسى أهله بادوا، وأمسى ... يحول من أناس في أناس
نسب زبيد:
قال ابن هشام: زبيد بن سلمة بن مازن بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن
مذحج، ويقال زبيد بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة ويقال زبيد بن صعب.
ومراد يحابر بن مذحج.
سبب قول عمرو بن معدي كرب هذا الشعر:
قال ابن هشام: وحدثني أبو عبيدة قال:
ـــــــ
لأن الملك يلجأ إلى رأيه وقد قيل من الوزر لأنه يحمل عن الملك أثقالا،
والوزر الثقل ولا يصح قول من قال هو من أزره إذا أعانه لأن فاء الفعل
في الوزير واو وفي الأزر الذي هو العون همزة.
وذات العبر أي: ذات الحزن يقال عبر الرجل إذا حزن ويقال لأمه العبر1،
كما يقال لأمه الثكل. والمقربات الخيل العتاق التي لا تسرح في المرعى،
ولكن تحبس قرب البيوت معدة للعدو. وقوله وينفون من قاتلوا بالذفر. أي
بريحهم وأنفاسهم ينفون من قاتلوا، وهذا إفراط في وصفهم بالكثرة قال
البرقي: أراد ينفون من قاتلوا بذفر آباطهم أي بنتنها والذفر بالذال
المعجمة تستعمل في قوة الريح الطيبة والخبيثة. قال المؤلف - رحمه الله
- فإن كان أراد هذا فإنما قصده لأن السودان أنتن الناس آباطا وأعراقا.
وقوله سعالي شبههم بالسعالي من الجن جمع سعلاة [أو سعلاء]. ويقال:
ـــــــ
1 بضم العين وسكون الباء أو بفتحهما.
(1/131)
كتب عمر بن
الخطاب - رضي الله عنه - إلى سلمان بن ربيعة الباهلي، وباهلة بن يعصر
بن سعد بن قيس بن عيلان. وهو إرمينية يأمره أن يفضل أصحاب الخيل العراب
على أصحاب الخيل المقارف في العطاء فعرض الخيل فمر به فرس عمرو بن معدي
كرب، فقال له سلمان فرسك هذا مقرف فغضب عمرو، وقال هجين عرف هجينا مثله
فوثب إليه قيس فتوعده فقال عمرو هذه الأبيات.
صدق كهانة سطيح وشق:
قال ابن هشام: فهذا الذي عنى سطيح الكاهن بقوله "ليهبطن أرضكم الحبش،
فليملكن ما بين أبين إلى جرش". والذي عنى شق الكاهن بقوله:" لينزلن
أرضكم
ـــــــ
بل هي الساحرة من الجن، وقوله كمثل السماء أي كمثل السحاب لاسوداد
السحاب وظلمته قبيل المطر.
فصل: وقوله عمرو بن معدي كرب، ومعدي كرب بالحميرية وجه الفلاح. المعدي
هو الوجه بلغتهم والكرب هو الفلاح وقد تقدم أبو كرب فمعناه على هذا:
أبو الفلاح. قاله ابن هشام في غير هذا الكتاب. وكذلك تقدم كلكي كرب ولا
أدري ما كلكي.
وقوله قيس بن مكشوح المرادي، إنما هو حليف لمراد واسم مراد يحابر1 بن
سعد العشيرة بن مذحج، ونسبه في بجيلة، ثم في بني أحمس وأبوه مكشوح اسمه
هبيرة بن هلال ويقال عبد يغوث بن هبيرة بن الحارث بن عمرو بن عامر بن
علي بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار، وأنمار: هو والد بجيلة وخثعم،
وسمي أبوه مكشوحا، لأنه ضرب بسيف على كشحه2 ويكنى قيس: أبا شداد وهو
قاتل الأسود العنسي الكذاب هو وذادويه وفيروز وكان قيس بطلا بئيسا قتل
مع علي - رضي الله عنه - يوم صفين وله في ذلك اليوم مواقف لم يسمع
ـــــــ
1 في "الاشتقاق" لابن دريد: يحابر جمع: يحبورة بفتح أوله وهو ضرب من
الطير.
2 الكشح: بفتح الكاف وسكون الشين ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف.
(1/132)
السودان،
فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران".
(1/133)
|