الروض
الأنف ت السلامي
خروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن:
ابن ذي يزن عند قيصر: ابن ابن
فلما طال البلاء على أهل اليمن، خرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى
بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم، فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن
يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من شاء من الروم، فيكون له ملك
اليمن، فلم يشكه [ولم يجد عنده شيئاً مما يريد].
توسط النعمان لابنذي يزن لدى كسرى:
فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر - وهو عامل كسرى1 على الحيرة، وما
يليها
ـــــــ
سيف بن ذي يزن وكسرى وذكر سيف بن ذي يزن وخبره مع النعمان وكسرى، وقد
ذكرنا قصته في أول حديث الحبشة، وأنه مات عند كسرى، وقام ابنه مقامه في
الطلب وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح2 بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن
قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن
زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجح وهو: حمير بن سبأ، وكسرى هذا هو
أنوشروان بن قباذ ومعناه مجدد الملك لأنه جمع ملك فارس بعد شتات.
والنعمان اسم منقول من النعمان الذي هو الدم. قاله صاحب العين والقنقل
الذي شبه به التاج هو مكيال عظيم. قال الراجز يصف الكمأة:
ما لك لا تجرفها بالقنقل ... لا خير في الكمأة إن لم تفعل
ـــــــ
1 هو أنو شروان ومعناه مجدد الملك، لأنه جمع ملك فارس الكبير بعد شتات.
2 قال في "الاشتقاق" يزن: موضع. يقال ذو أزأ وذو يزن, وهو أول من اتخذ
أسنة الحديد فنسبت إليه يقال للأسنة يزني، وأزني، يزأني، وإنما كانت
أسنة العرب قرون البقر، وإلى ذي أصبح نسب السوط فقيل: الأصبحي.
(1/173)
من أرض العراق
- فشكا إليه أمر الحبشة، فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل
عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى، وكان كسرى
يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم - فيما
يزعمون - يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا
بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما
يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى
في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له
فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك.
ابن ذي يزن بين يدي كسرى، ومعاونة كسرى له:
قال ابن هشام: حدثني أبو عبيدة:
أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الأحمق يدخل علي من
هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه؟ فقيل ذلك لسيف فقال إنما فعلت هذا
لهمي، لأنه يضيق عنه كل شيء.
قال ابن إسحاق: ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة، فقال
له كسرى: أي الأغربة: الحبشة أم السند؟ فقال بل الحبشة، فجئتك لتنصرني،
ويكون ملك بلادي لك، قال بعدت بلادك مع قلة خيرها، فلم أكن لأورط1 جيشا
من فارس بأرض العرب، لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف
وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس
فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا، ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء
الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا؟ ما جبال أرضي التي جثت منها إلا
ذهب وفضة - يرغبه فيها فجمع كسرى مرازبته2 فقال لهم ماذا ترون في أمر
هذا الرجل وما
ـــــــ
1 لأورط: أي لأنتشب في شر، والورطة: الانتشاب في الشر.
2 هم وزراء الفرس، واحدهم مرزبان.
(1/174)
جاء له؟ فقال
قائل أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه
فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم وإن ظفروا كان ملكا ازددته، فبعث معه
كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمانمائة رجل.
وهرز وسيف بن ذي يزن وانتصارهما على مسروق وما قيل في ذلك من الشعر:
واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا،
فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن فجمع
سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا،
أو نظفر جميعا. قال له وهرز أنصفت، وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك
اليمن، وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر
قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على
مصافهم قال وهرز أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه
على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء؟ قال نعم قالوا: ذاك ملكهم فقال
اتركوه قال فوقفوا طويلا، ثم قال علام هو؟ قالوا: قد تحول على الفرس،
قال اتركوه. فوقفوا طويلا، ثم قال علام هو؟ قالوا: قد تحول على البغلة.
قال وهرز بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم
يتحركوا، فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد
استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم. ثم وتر قوسه وكانت
فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها، وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم
__________
وفي "الغربيين" للهروي القنقل مكيال يسع ثلاثة وثلاثين منا1، ولم يذكر
كم المنا، وأحسبه وزن رطلين وهذا التاج قد أتى به عمر بن الخطاب - رضي
الله عنه - حين استلب من يزدجرد بن شهريار تصير إليه من قبل جده
أنوشروان المذكور فلما أتى به عمر رضي الله عنه دعا سراقة بن مالك
المدلجي،
ـــــــ
1 منا: بفتح الميم، مقصور، يكتب بالألف وهو: الكيل أو الميزان الذي
يوزن به، وتثنيته منا: منوان ومنيان، والأول أعلى.
(1/175)
رماه فصك
الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه،
ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به وحملت عليهم الفرس، وانهزموا،
فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز ليدخل صنعاء، حتى إذا أتى بابها،
قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا، اهدموا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته
فقال سيف بن ذي يزن الحميري:
يظن الناس بالملكين ... أنهما قد التأما
ومن يسمع بلأمهما ... فإن الخطب قد فقما
قتلنا القيل مسروقا ... وروينا الكثيب دما1
وإن القيل قيل النا ... س وهرز مقسم قسما
يذوق مشعشعا حتى ... يفيء السبي والنعما2
ـــــــ
فحلاه بأسورة كسرى، وجعل التاج على رأسه وقال له "قل الحمد لله الذي
نزع تاج كسرى، ملك الأملاك من رأسه ووضعه في رأس أعرابي من بني مدلج
وذلك بعز الإسلام وبركته لا بقوتنا" وإنما خص عمر سراقة بهذا ; لأن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قال له "يا سراق كيف بك إذا وضع
تاج كسرى على رأسك وإسواره في يديك" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وذكر قدوم سيف مع وهرز على صنعاء في ستمائة وقد قدمنا قول ابن قتيبة
أنهم كانوا سبعة آلاف وخمسمائة وانضافت إليهم قبائل من العرب.
صنعاء:
وذكر دخول وهرز صنعاء وهدمه بابها، وإنما كانت تسمى قبل ذلك أوال.
ـــــــ
1 القيل: الملك.
2 المشعشع: الشراب الممزوج بالماء. يفيء: يغنم.
(1/176)
قال ابن هشام:
وهذه الأبيات في أبيات له. وأنشدني خلاد بن قرة السدوسي آخرها بيتا
لأعشى بني قيس بن ثعلبة في قصيدة له وغيره من أهل العلم بالشعر ينكرها
له.
قال ابن إسحاق: وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي، قال ابن هشام:
وتروى لأمية بن أبي الصلت:
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن ... ريم في البحر للأعداء أحوالا1
يمم قيصر لما حان رحلته ... فلم يجد عنده بعض الذي سالا
ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة ... من السنين يهين النفس والمالا
متى أتى ببني الأحرار يحملهم ... إنك عمري لقد أسرعت قلقالا2
لله درهم من عصبة خرجوا ... ما إن أرى لهم في الناس أمثالا
بيضا مرازبة غلبا أساورة ... أسدا تربب في الغيضات أشبالا3
__________
قال ابن الكلبي وسميت صنعاء لقول وهرز حين دخلها: صنعة صنعة يريد أن
الحبشة أحكمت صنعها، قال ابن مقبل يذكر أوال:
عمد الحداة بها لعارض قرية ... وكأنها سفن بسيف أوال4
وقال جرير:
وشبهت الحدوج غداة قو ... سفين الهند روح من أوالا5
ـــــــ
1 ريَّم: أقام، أو هو مأخوذ من رام يريم إذا برح.
2 بنو الأحرار: الفرس. القلقال: بالكسر وبالفتح: شدة الحركة.
3 الغلب: الشداد. أساورة: رماة الفرس. تربب: من التربية. والغيضات: جمع
غيضة، وهي الشجر الكثير الملتف.
4 العارض: ما اعترض في الأفق من سحاب أو جراد أو نحل.
5 الحدوج: جمع حدج بكسر الحاء، مركب للنساء كالمحفة. وقو: يقال إنها
منزل للقاصد إلى المدينة من البصرة بعد النباح.
(1/177)
يرمون عن شدف
كأنها غبط ... بزمخر يعجل المرمي إعجالا1
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد ... أضحى شريدهم في الأرض فلالا
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا ... في رأس غمدان دارا منك محلالا
واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم ... وأسبل اليوم في برديك إسبالا2
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ـــــــ
وقال الأخطل:
خوص كأن شكيمهن معلق ... بقنا ردينة أو جذوع أوال
وقد قيل إن صنعاء اسم الذي بناها، وهو صنعاء بن أوال بن عبير بن عابر
بن شالخ فكانت تعرف تارة بأوال وتارة بصنعاء.
شرح لامية ابن أبي الصلت:
وقوله في شعر أمية بن أبي الصلت: ريم في البحر. أي أقام فيه ومنه
الروايم وهي الأثافي، كذلك وجدته في حاشية الشيخ التي عارضها بكتابي
"أبي الوليد الوقشي", وهو عندي غلط لأن الروايم من رأمت إذا عطفت وريم
ليس من رأم وإنما هو من الريم وهو الدرج أو من الريم الذي هو الزيادة
والفضل أو من رام يريم إذا برح كأنه يريد غاب زمانا، وأحوالا، ثم رجع
للأعداء وارتقى في درجات المجد أحوالا إن كان من الريم الذي هو الدرج
ووجدته في غير هذا الكتاب خيم مكان ريم فهذا معناه أقام. وقوله عمري.
أراد لعمري وقد قال الطائي:
ـــــــ
1 شدف: عظام الأشخاص، يعني بها القسي.غبط: جمع عبيط، وهي عيدان الهودج
وأدواته. الزمخر: القصب اليابس.
2 شالت نعامتهم : أهلكوا، والنعامة باطن القدم، ومن هلك ارتفعت رجلاه
فظهرت نعامة قدمه.
(1/178)
....................................................
ـــــــ
عمري لقد نصح الزمان وإنه ... لمن العجائب ناصح لا يشفق
وقوله: أسرعت قلقالا بفتح القاف وكسرها، وكقول الآخر "وقلقل يبغي العز
كل مقلقل" وهي شدة الحركة.
وقوله: "يرمون عن شدف كأنها غبط" الشدف الشخص ويجمع على شدف ولم يرد
ههنا إلا القسي وليس شدف جمعا لشدف وإنما هو جمع شدوف وهو النشيط المرح
يقال شدف فهو شدف ثم تقول شدوف كما تقول مروح وقد يستعار المرح والنشاط
للقسي لحسن تأتيها وجودة رميها وإصابتها، وإنما احتجنا إلى هذا التأويل
لأن فعلا لا يجمع على فعل إلا وثن ووثن فإن قلت: فيجمع على فعول مثل
أسود فتقول شدوف ثم تجمع الجمع فتقول شدف قلنا: الجمع الكثير لا يجمع
وإنما يجمع منه أبنية القليل. نحو أفعال وأفعل وأفعلة وأشبه ما يقال في
هذا البيت إنه جمع على غير قياس هذا إن كان الشدف القسي، ويجوز أن يكون
جمع شدفا على شدف مثل أسد وأسد، ثم حرك الدال وجائز أن يكون أراد المرح
من الخيل كما تقدم. وجعلها كالغبط لإشراف ظهورها وعلوها.
وقوله يرمون عن شدف أي يدفعون عنها بالرمي ويكون الزمخر القسي، أو
النبل. والغبط الهوادج والزمخر القصب الفارسي.
وقوله: في رأس غمدان. ذكر ابن هشام أن غمدان أسسه يعرب بن قحطان وأكمله
بعده واحتله وائل بن حمير بن سبأ، وكان ملكا متوجا كأبيه وجده.
وقوله: شالت نعامتهم، أي: هلكوا، والنعامة: باطن القدم وشالت ارتفعت
ومن هلك ارتفعت رجلاه وانتكس رأسه فظهرت نعامة قدمه تقول العرب: تنعمت
إذا مشيت حافيا، قال الشاعر:
تنعمت لما جاءني سوء فعلهم ... ألا إنما البأساء للمتنعم
(1/179)
قال ابن هشام:
هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها، إلا آخرها بيتا قوله
تلك المكارم لا قعبان من لبن1
فإنه للنابغة الجعدي. واسمه [حبان بن] عبد الله بن قيس، أحد بني جعدة
بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، في قصيدة
له.
قال ابن إسحاق: وقال عدي بن زيد الحيري، وكان أحد بني تميم. قال ابن
هشام: ثم أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، ويقال عدي من العباد
من أهل الحيرة:
ما بعد صنعاء كان يعمرها ... ولاة ملك جزل مواهبها
رفعها من بنى لدى قزع ال ... مزن وتندى مسكا محاربها2
محفوفة بالجبال دون عرى ال ... كائد ما ترتقى غواربها3
ـــــــ
والنعامة أيضا: الظلمة والنعامة الدعامة التي تكون عليها البكرة
والنعامة الجماعة من الناس وابن النعامة عرق في باطن القدم.
النابغة وعدي بن زيد:
وذكر النابغة الجعدي واسمه: قيس بن عبد الله وقيل إن اسمه حبان بن قيس
بن عبد الله بن وحوح والوحوح في اللغة وسط الوادي، قاله أبو عبيد وأبو
حنيفة وهو أحد النوابغ وهم ثمانية ذكرهم البكري، وذكر الأعاشي وهم
ـــــــ
1 القعبان: تثنية قعب، وهو قدح يحلب فيه.
2 قزع: السحاب المتفرق: المزن: السحاب. المحارب:الغرف المرتفعة.
3 يريد دون عرى السماء وأسبابها، والكائد: هو الذي كادهم، وهو الباري
تعالى. والغوارب الأعالي.
(1/180)
يأنس فيها صوت
النهام إذا ... جاوبها بالعشي قاصبها
ساقت إليه الأسباب جند بني الأحرار فرسانها مواكبها
وفوزت بالبغال توسق بالحتف وتسعى بها توالبها
حتى رآها الأقوال من طرف المنقل مخضرة كتائبها
يوم ينادون آل بربر واليكسوم لا يفلحن هاربها
وكان يوم باقي الحديث وزا ... لت إمة ثابت مراتبها
وبدل الفيج بالزرافة والأيا ... م جون جم عجائبها
بعد بني تبع نخاورة ... قد اطمأنت بها مرازبها
قال ابن هشام: وهذه الأبيات في قصيدة له. وأنشدني أبو زيد الأنصاري
ورواه لي عن المفضل الضبي قوله:
يوم ينادن آل بربر واليكسوم...الخ.
ـــــــ
خمسة عشر. والنابغة1 شاعر معمر عاش مائتين وأربعين سنة أكثرها في
الجاهلية وقدومه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنشاده إياه
ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يفض الله فاه مشهور وفي كتب
الأدب والخبر مسطور فلا معنى للإطالة به.
وذكر شعر عدي بن زيد العبادي، نسب إلى العباد وهم من عبد القيس بن أفصى
بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، قيل إنهم انتسلوا من أربعة عبد
المسيح وعبد كلال وعبد الله وعبد ياليل، وكذلك سائرهم في اسم كل واحد
منهم عبد وكانوا قدموا على ملك فتسموا له فقال أنتم العباد فسموا بذلك
وقد قيل غير هذا.
وفي الحديث المسند "أبعد الناس عن الإسلام الروم والعباد"
ـــــــ
1 الرجل العظيم الشأن، والنوابغ من الشعراء هم: زياد بن معاوية
الذبياني، وقيس بن عبد الله الجعدي، وعبد الله بن المخارق الشيباني، أو
جمل بن سعدانة، ويزيد بن أباب الحارثي، وابن لأي الغنوي والحارث بن بكر
اليربوعي والحارث بن عدوان التغلبي، والنابغة العدواني.
(1/181)
هزيمة الأحباش،
ونبوءة سطيح وشق:
وهذا الذي عنى سطيح بقوله: "يليه إرم ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا
يترك أحدا منهم باليمن". والذي عنى شق بقوله: "غلام ليس بدني ولا مدن
يخرج عليهم من بيت ذي يزن".
ـــــــ
وأحسبهم هؤلاء لأنهم تنصروا، وهم من ربيعة، ثم من بني عبد القيس والله
أعلم. والذي ذكره الطبري في نسب عدي بن زيد أنه ابن زيد بن حماد بن
أيوب بن مجروف بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم. وقد
دخل بنو امرئ القيس بن زيد مناة في العباد. فلذلك ينسب عدي إليهم.
وقوله: صوت النهام يريد ذكر اليوم وقاصبها: الذي يزمر في القصب. وقوله
فيها: دون عرى الكائد يريد عرى السماء وأسبابها، ووقع في نسخة الشيخ
عرى بفتح العين وهي الناحية وأضافها إلى الكائد وهو الذي كادهم والباري
- سبحانه وتعالى - كيده متين.
وقوله: فوزت بالبغال أي ركبت المفاوز1.
وقوله: توسق بالحتف أي أوسق البغال الحتوف، وتوالبها: جمع تولب وهو ولد
الحمار والتاء في تولب بدل من واو كما في توأم وتولج2 وفي توراة على
أحد القولين لأن اشتقاق التولب من الوالبة وهي ما يولده الزرع وجمعها:
أوالب.
وقوله: من طرف المنقل أي من أعالي حصونها، والمنقال الخرج ينقل إلى
الملوك من قرية إلى قرية فكأن المنقل من هذا، والله أعلم.
وقوله: مخضرة كتائبها. يعني من الحديد ومنه الكتيبة الخضراء3.
ـــــــ
1 المفاوز: المهالك أو الصحاري.
2 التولج، كناس الوحش، أي مولجة في الغابة.
3 وهي التي غلب عليها لبس الحديد.
(1/182)
|