الروض الأنف ت السلامي

استبداد قوم من خزاعة بولاية البيت
قال ابن إسحاق: ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بني بكر بن عبد
__________
قصي وخزاعة وولاية البيت:
فصل: في حديث قصي ذكر فيه أن قريشا قرعة ولد إسماعيل هكذا بالقاف

(2/19)


مناة وكان الذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشاني، وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبشية ابن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
قال ابن هشام: يقال حبشية ابن سلول.
__________
وهي الرواية الصحيحة وفي بعض النسخ فرعة بالفاء والقرعة بالقاف هي نخبة الشيء وخياره وقريع الإبل فحلها، وقريع القبيلة سيدها، ومنه اشتق الأقرع بن حابس وغيره ممن سمي من العرب بالأقرع.
وذكر انتقال ولاية البيت من خزاعة إليه ولم يذكر من سبب ذلك أكثر من أن قصيا رأى نفسه أحق بالأمر منهم وذكر غيره أن حليلا كان يعطي مفاتيح البيت ابنته حبى، حين كبر وضعف فكانت بيدها، وكان قصي ربما أخذها في بعض الأحيان ففتح البيت للناس وأغلقه ولما هلك حليل أوصى بولاية البيت إلى قصي، فأبت خزاعة أن تمضي ذلك لقصي فعند ذلك هاجت الحرب بينه وبين خزاعة، وأرسل إلى رزاح أخيه يستنجده عليهم.
ويذكر أيضا أن أبا غبشان من خزاعة، واسمه سليم - وكانت له ولاية الكعبة - باع مفاتيح الكعبة من قصي بزق خمر فقيل أخسر من صفقة أبي غبشان1 ذكره المسعودي والأصبهاني في "الأمثال".
وكان الأصل في انتقال ولاية البيت من ولد مضر إلى خزاعة أن الحرم حين ضاق عن ولد نزار وبغت فيه إياد أخرجتهم بنو مضر بن نزار، وأجلوهم عن مكة، فعمدوا في الليل إلى الحجر الأسود، فاقتلعوه واحتملوه على بعير فرزح البعير به وسقط إلى الأرض وجعلوه على آخر فرزح أيضا، وعلى الثالث ففعل مثل ذلك
ـــــــ
1 بضم الغين أو فتحها وفي "القاموس" أيضاً قصة أبي غبشان، وفيه يقول: ضربت به الأمثال في الحمق والندم وخسارة الصفقة.

(2/20)


ـــــــ
فلما رأوا ذلك دفنوه وذهبوا، فلما أصبح أهل مكة، ولم يروه وقعوا في كرب عظيم وكانت امرأة من خزاعة قد بصرت به حين دفن فأعلمت قومها بذلك فحينئذ أخذت خزاعة على ولاة البيت أن يتخلوا لهم عن ولاية البيت ويدلوهم على الحجر، ففعلوا ذلك فمن هنالك صارت ولاية البيت لخزاعة إلى أن صيرها أبو غبشان إلى عبد مناف هذا معنى قول الزبير.

(2/21)