الروض
الأنف ت السلامي
ذكر بئار قبائل قريش بمكة
:
الطوي ومن حفرها:
قال ابن هشام: وكانت قريش قبل حفر زمزم قد احتفرت بئارا بمكة فيما
حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حفر عبد شمس بن
عبد مناف الطوي وهي البئر التي بأعلى مكة عند البيضاء دار محمد بن يوسف
الثقفي .
بذر ومن حفرها:
وحفر هاشم بن عبد مناف بذر وهي البئر التي عند المستنذر، خطم الخندمة
ـــــــ
بئار قريش بمكة:
وقوله وكانت قريش قبل حفر زمزم قد اتخذت بئارا بمكة. ذكروا أن قصيا كان
يسقي الحجيج في حياض من أدم وكان ينقل الماء إليها من آبار خارجة من
مكة منها:
(2/77)
على فم شعب أبي
طالب، وزعموا أنه قال حين حفرها: لأجعلنها بلاغا للناس.
قال ابن هشام: وقال الشاعر :
سقى الله أمواها عرفت مكانها ... جرابا وملكوما وبذر والغمرا
سجلة ومن حفرها:
قال ابن إسحاق: وحفر سجلة، وهي بئر المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف
التي يسقون عليها اليوم. ويزعم بنو نوفل أن المطعم ابتاعها من أسد بن
هاشم ويزعم بنو هاشم أنه وهبها له حين ظهرت زمزم، فاستغنوا بها عن تلك
الآبار.
الحفر ومن حفرها:
وحفر أمية بن عبد شمس الحفر لنفسه.
سقية ومن حفرها:
وحفرت بنو أسد بن عبد العزى: سقية1 وهي بئر بني أسد.
أم أحراد ومن حفرها:
وحفرت بنو عبد الدار أم أحراد.
ـــــــ
بئر ميمون الحضرمي، وكان ينبذ لهم الزبيب ثم احتفر قصي العجول في دار
أم هانئ بنت أبي طالب، وهي أول سقاية احتفرت2 بمكة وكانت العرب إذا
استقوا منها ارتجزوا، فقالوا:
نروى على العجول ثم ننطلق ... إن قصيا قد وفى وقد صدق
[بشبع الحج وري مغتبق]3
ـــــــ
1 كذا في "معجم البلدان" وفي الأصول: شفية، وهي بئر قديمة كانت بمكة.
2 في "المراصد": أن العجول أول بئر حفرت بمكة، وقيل: حفرها عبد شمس قبل
خم.
3 الزيادة من "معجم" البكري، ومغتبق: أصل الغبوق –كصبور- ما يشرب
بالعشي.
(2/78)
السنبلة ومن
حفرها:
وحفرت بنو جمح السنبلة وهي بئر خلف بن وهب.
الغمر ومن حفرها:
وحفرت بنو سهم: الغمر، وهي بئر بني سهم.
رم ونخم والحفر وأصحابها:
وكانت آبار حفائر خارجا من مكة قديمة من عهد مرة بن كعب، وكلاب بن مرة،
وكبراء قريش الأوائل منها يشربون وهى رم، ورم: بئر مرة بن كعب بن لؤي.
وخم، وخم بئر بني كلاب بن مرة، والحفر. قال حذيفة بن غانم أخو بني عدي
بن كعب بن لؤي:
قال ابن هشام: وهو أبو أبي جهم بن حذيفة:
وقدما غنينا قبل ذلك حقبة
ولا نستقي إلا بخم أو الحفر
قال ابن هشام: وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها إن شاء الله في موضعها.
فضل زمزم وما قيل فيها من شعر:
قال ابن إسحاق: فعفت زمزم على البئار التي كانت قبلها يسقى عليها الحاج
ـــــــ
فلم تزل العجول قائمة حياة قصي، وبعد موته حتى كبر عبد مناف بن قصي،
فسقط فيها رجل من بني جعيل فعطلوا العجول واندفنت واحتفرت كل قبيلة
بئرا، واحتفر قصي سجلة، وقال حين حفرها:
أنا قصي، وحفرت سجله ... تروي الحجيج زغلة فزغله1
وقيل بل حفرها هاشم ووهبها أسد بن هاشم لعدي بن نوفل وفي ذلك تقول
خالدة بنت هاشم:
ـــــــ
1 الزغلة: الجرعة.
(2/79)
وانصرف الناس
إليها لمكانها من المسجد الحرام ; ولفضلها على ما سواها من المياه
ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وافتخرت بها بنو عبد مناف
على قريش كلها، وعلى سائر العرب، فقال مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن
عبد شمس بن عبد مناف وهو يفخر على قريش بما ولوا عليهم من السقاية
والرفادة وما أقاموا للناس من ذلك وبزمزم حين ظهرت لهم وإنما كان بنو
عبد مناف أهل بيت واحد شرف بعضهم لبعض شرف وفضل بعضهم لبعض فضل:
ورثنا المجد من آبا ... ئنا فنمى بنا صعدا
ـــــــ
نحن وهبنا لعدي سجله ... تروي الحجيج زغلة فزغله
وأما أم أحراد التي ذكرها، فأحراد جمع: حرد وهي قطعة من السنام فكأنها
سميت بهذا، لأنها تنبت الشحم أو تسمن الإبل أو نحو هذا والحرد القطا1
الواردة للماء فكأنها تردها القطا والطير فيكون أحراد جمع: حرد بالضم
على هذا. وقالت أمية بنت عميلة بن السباق بن عبد الدار امرأة العوام بن
خويلد حين حفرت بنو عبد الدار أم أحراد:
نحن حفرنا البحر أم أحراد ... ليست كبذر البرور الجماد
فأجابتها ضرتها: صفية بنت عبد المطلب أم الزبير بن العوام رضي الله
عنه:
نحن حفرنا بذر ... نسقي الحجيج الأكبر
من مقبل ومدبر ... وأم أحراد شر
وأما جراب فيحتمل أن يكون بمعنى: جريب2 نحو كبار وكبير والجريب
ـــــــ
1 قطا حرد: سراع، وقال الأزهري عن هذا: إنه خطأ، وذكر أن القطا الحرد
هي القصار الأرجل وفي "المراصد": عن أم أحراد أنها جمع حريد: وهو
المنفرد عن محلة القوم.
2 الجريب من الطعام والأرض: مقدار معلوم، والجريب، مكيال قدر أربعة
أقفرة، والجريب: قدر ما يزرع فيه من الأرض.
(2/80)
....................................................
ـــــــ
الوادي، والجريب أيضا: مكيال كبير والجريب أيضا: المزرعة.
وأما ملكوم فهو عندي مقلوب والأصل ممكول من مكلت البئر إذا استخرجت
ماءها، والمكلة ماء1 الركية وقد قالوا: بئر عميقة ومعيقة فلا يبعد أن
يكون هذا اللفظ كذلك يقال فيه ممكول وملكوم، والملكوم في اللغة المظلوم
إذا لم يكن مقلوبا.
وأما بذر فمن التبذير وهو التفريق ولعل ماءها كان يخرج متفرقا من غير
مكان واحد وهذا البناء في الأسماء قليل نحو: شلم وخضم2 وبذر وهي أسماء
أعلام وشلم اسم بيت المقدس، وأما في غير الأعلام فلا يعرف إلا البقم
ولعل أصله أن يكون أعجميا، فعرب.
وأما خم وهي بئر مرة فهي من خممت البيت إذا كنسته، ويقال فلان مخموم
القلب أي نقيه فكأنها سميت بذلك لنقائها.
وأما غدير خمت الذي عند الجحفة، فسميت بغيضة عنده يقال لها: خم فيما
ذكروا. وأما رم بئر بني كلاب بن مرة، فمن رممت الشيء إذا جمعته
وأصلحته، ومنه الحديث كنا أهل ثمة ورمة ومنه الرمان في قول سيبويه،
لأنه عنده فعلان وأما الأخفش فيقول فيه فعال فيجعل فيه النون أصلية
ويقول إن سميت به رجلا صرفته. ومن قول عبد شمس بن قصي:
حفرت رما، وحفرت خما ... حتى ترى المجد بها قد تما
وأما شفية بئر بني أسد، فقال فيها الحويرث بن أسد:
ـــــــ
1 في "اللسان": ملكوم في مادة: لكم.
2 خضم: اسم عنبر بن تميم، وقال في "اللسان" عن شلم: إنها عبرانية.
(2/81)
ألم نسق الحجيج
ونن ... حر الدلافة الرفدا
ـــــــ
ماء شفية كماء المزن ... وليس ماؤها بطرق أجن1
وأما سنبلة: بئر بني جمح وهي بئر بني خلف بن وهب - فقال فيها شاعرهم:
نحن حفرنا للحجيج سنبله ... صوب سحاب ذو الجلال أنزله
ثم تركناها برأس القنبله ... تصب ماء مثل ماء المعبله
نحن سقينا الناس قبل المسأله
من شرح شعر مسافر:
وأما الغمر: بئر بني سهم، فقال فيها بعضهم:
نحن حفرنا الغمر للحجيج ... تثج ماء أيما ثجيج
ذكر أكثره أبو عبيد البكري، وبعض هذه الأرجاز أو أكثره في كتاب الزبير
بن أبي بكر رحمة الله عليه.
فصل: وذكر شعر مسافر بن أبي عمرو بن أمية. واسم أبي عمرو: ذكوان، وهو
الذي يقول فيه أبو سفيان
ليت شعري مسافر بن أبي عم ... رو، وليت يقولها المحزون
بورك الميت الغريب كما بو ... رك نضح الرمان والزيتون2
في شعر يرثيه به وكان مات من حب صعبة بنت الحضرمي.
وفي الشعر وننحر الدلافة الرفدا.
ـــــــ
1 الطرق: الماء الذي خوضته الإبل، وبولت فيه، والأجن: الماء المتغير
الطعم واللون.
2 ينسب هذا في "اللسان" إلى أبي طالب بن عبد المطلب في مادة نضح،
والنضح: تفطر الشجر بالورق.
(2/82)
ونلفى عند
تصريف المنايا شددا رفدا
فإن نهلك فلم نملك ... ومن ذا خالد أبدا
وزمزم في أرومتنا ... ونفقأ عين من جسد
قال ابن هشام: وهذه الأبيات في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي:
وساقي الحجيج ثم للخبز هاشم ... وعبد مناف ذلك السيد الفهري
طوى زمزما عند المقام فأصبحت ... سقايته فخرا على كل ذي فخر
قال ابن هشام: يعني عبد المطلب بن هاشم. وهذان البيتان في قصيدة لحذيفة
بن غانم سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
__________
الرفد: جمع رفود من الرفد وهي التي تملأ إناءين عند الحلب.
وقوله:
ونلفى عند تصريف المنايا شددا رفدا
هو جمع رفود أيضا من الرفد وهو العون والأول من الرفد بفتح الراء
[وبكسرها] وهو إناء كبير قال الشاعر:
رب رفد هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال1
وذكر أم عبد الله بن عبد المطلب، وهي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران2
هكذا قال ابن هشام. وقال ابن إسحاق: عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم،
والصحيح ما قاله ابن هشام ; لأن الزبيريين ذكروا أن عبدا هو أخو عائذ
بن عمران وأن بنت عبد هي صخرة امرأة عمرو بن عائذ على قول ابن إسحاق ;
لأنها كانت له
ـــــــ
1 جمع قتل بكسر القاف، وهو العدو أو الصديق والنظير وابن العم والشجاع
والقرن.
2 هي كذلك في "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم ص13.
(2/83)
ـــــــ
عمة لا بنت عم فتأمله فقد تكرر هذا النسب في السيرة مرارا، وفي كل ذلك
يقول ابن إسحاق: عائذ بن عبد بن عمران، ويخالفه ابن هشام. وصخرة بنت
عبد أم فاطمة أمها: تخمر بنت عبد بن قصي، وأم تخمر سلمى بنت عميرة1 بن
وديعة بن الحارث بن فهر. قاله الزبير.
ـــــــ
1 في "نسب قريش": سلمى بنت عامرة بن عميرة...الخ ص17.
(2/84)
|