الروض الأنف ت السلامي

وفاة آمنة وحال رسول الله صلى الله عليه مع جده عبد المطلب بعدها
...
وفاة آمنة وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بعدها
وفاة أمنة:
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أمه آمنة بنت وهب، وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا، لما يريد به من كرامته فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب.
ـــــــ
موت آمنة وزيارته لها:
فصل: وذكر موت أمه آمنة بالأبواء، وهو موضع معروف بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب كأنه سمي بجمع بو وهو جلد الحوار المحشو بالتبن وغيره وقيل سمي بالأبواء لتبوء السيول فيه وكذلك ذكر عن كثير. ذكره قاسم بن ثابت.
وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – زار قبر أمه بالأبواء في ألف مقنع فبكى وأبكى وهذا حديث صحيح1 وفي الصحيح أيضا أنه قال "استأذنت ربي في زيارة قبر أمي، فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها، فلم يأذن لي"
وفي مسند البزار من حديث بريدة أنه - صلى الله عليه وسلم - حين أراد أن يستغفر لأمه ضرب جبريل عليه السلام في
ـــــــ
1 رواه أحمد وفيه: "ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمرو بن الخطاب، وفداه بالأب والأم، وقال: رسول الله، مالك؟ قال: إني سألت ربي عز وجل في الاستغار لأمي فلم يأذن لي فدمعت رحمة من النار".

(2/119)


قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمنة توفيت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن ست سنين بالأبواء، بين مكة والمدينة، كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار، تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة.
سبب خولة بني عدي بن النجار لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال ابن هشام: أم عبد المطلب بن هاشم: سلمى بنت عمرو النجارية فهذه الخؤولة التي ذكرها ابن إسحاق لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم.
إكرام عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم وهو صغير:
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع جده عبد المطلب بن هاشم، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له قال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي، وهو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم دعوا ابني، فوالله إن له لشأنا، ثم يجلسه معه على الفراش ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع.
__________
صدره وقال له لا تستغفر لمن كان مشركا، فرجع وهو حزين.
وفي الحديث زيادة في غير الصحيح أنه سئل عن بكائه فقال: "ذكرت ضعفها وشدة عذاب الله" إن كان صح هذا.
وفي حديث آخر ما يصححه وهو "أن رجلا قال له يا رسول الله أين أبي؟ فقال "في النار", فلما ولى الرجل قال عليه السلام إن أبي وأباك في النار" 1 وليس لنا أن نقول نحن هذا2 في أبويه - صلى الله عليه وسلم - لقوله عليه السلام: "لا تؤذوا الأحياء
ـــــــ
1 في رواية مسلم: فلما قفا: دعاه، فقال: إن أبي وأباك في النار، والحديث رواه أبو داود أيضاً.
2 إذا سئلنا صدعنا بالحق.

(2/120)


....................................................
ـــــــ
بسب الأموات" والله عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [الأحزاب: 75]. وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك الرجل هذه المقالة لأنه وجد في نفسه وقد قيل إنه قال أين أبوك أنت؟ فحينئذ قال ذلك وقد رواه معمر بن راشد بغير هذا اللفظ فلم يذكر أنه قال له "إن أبي وأباك في النار" ولكن ذكر أنه قال له "إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار"1 وروي حديث غريب لعله أن يصح. وجدته بخط جدي أبي عمران أحمد بن أبي الحسن القاضي - رحمه الله - بسند فيه مجهولون ذكر أنه نقله من كتاب انتسخ من كتاب معوذ بن داود بن معوذ الزاهد يرفعه إلى [عبد الرحمن بن] أبي الزناد عن [هشام بن] عروة، عن [أبيه عن] عائشة - رضي الله عنها - أخبرت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه أن يحيي أبويه فأحياهما له وآمنا به ثم أماتهما" والله قادر على كل شيء وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء ونبيه عليه السلام أهل أن يخصه بما شاء من فضله وينعم عليه بما شاء من كرامته - صلوات الله عليه وآله وسلم - قال القرطبي في تذكرته: جزم أبو بكر الخطيب في كتاب السابق واللاحق وأبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ له في الحديث بإسناديهما عن عائشة - رضي الله عنها - قالت حج بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فمر على قبر أمه وهو باك حزين مغتم، فبكيت لبكائه - صلى الله عليه وسلم - ثم إنه نزل فقال "يا حميراء استمسكي". فاستندت إلى جنب البعير فمكث عني طويلا مليا، ثم إنه عاد إلي وهو فرح متبسم فقالت له بأبي أنت وأمي يا رسول الله نزلت من عندي، وأنت باك حزين مغتم. فبكيت لبكائك. ثم عدت إلي وأنت فرح مبتسم فمم ذا يا رسول الله فقال "ذهبت لقبر آمنة أمي، فسألت أن يحييها، فأحياها فآمنت بي" ; أو قال فآمنت. وردها الله عز وجل".
ـــــــ
1 رواه البيهقي والبزار والطبراني في "الكبير".

(2/121)