السيرة النبوية وأخبار الخلفاء

السنة الرابعة من الهجرة
أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أنا أحمد بن أبي بكر الزهري عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا، يدعو على رعل وذكوان وعصية، قال أنس: فأنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ «بلغوا عنا «7» قومنا إنا قد «7» لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا «8» عنه» .
__________
(1) زيد في ف: كنا.
(2) في ف «لنصطلهم» ، وفي الطبري 3/ 29: لنستأصل بقيتهم.
(3) في ف «رسول أبي سفيان» خطأ.
(4) سورة 4 آية 174.
(5) سورة 3 آية 175.
(6) زيد في ف: بالمسلمين ياتون الذي من الجراح الذي بهم- كذا، وفي المغازي: فأقام يداوي جرحه- إلخ.
(7) ليس في المغازي 1/ 350.
(8) من الطبري 3/ 36 والمغازي، وفي ف «رضيت» .

(1/231)


قال: في أول هذه السنة كانت غزوة بئر معونة، وذلك أن أبا براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة «1» قدم المدينة [فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرسين وراحلتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أقبل هدية مشرك» ، فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الإسلام] «2» فلم يسلم «3» وقال: يا محمد! لو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى نجد رجوت أن يستجيبوا لك؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أخاف عليهم من أهل نجد» ، فقال أبو براء: أنا لجار «4» فابعثهم فليدعوا «5» الناس إلى ما أمرك الله به، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو «6» الساعدي في أربعين راكبا، وقد قيل في سبعين رجلا من الأنصار، حتى نزلوا ببئر معونة- وهي بئر أرض بني عامر وحرة بني سليم، ثم بعثوا حرام بن ملحان من بني عدي بن النجار بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله، ثم استصرخ [عليهم] «7» بني عامر فأبوا أن يجيبوه بما دعاهم إليه وقالوا: لن نخفر «8» أبا براء إنه «9» قد عقد لهم عقدا. فاستصرخ [عليهم] «7» قبائل من سليم: رعلا وذكوان «10» وعصية، فأجابوه إلى ذلك، فخرج حتى غشي القوم في رحالهم فأحاطوا بهم، فلما رآهم المسلمون أخذوا أسيافهم ثم قاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد، فإنهم تركوه وبه رمق.
__________
(1) له ترجمة في الإصابة 4/ 16 وفيه «عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري الكلابي أبو براء المعروف بملاعب الأسنة ... »
(2) زيد من المغازي 1/ 346 ولا بد منه، انظر الطبري 3/ 33- 34.
(3) في ف «ولم يسلم» ؛ وزيد في الطبري والمغازي بعده: ولم يبعد.
(4) في الطبري والمغازي 1/ 346: لهم جار.
(5) في ف: يدعون إلى.
(6) في ف «عمر» .
(7) من الطبري والمغازي.
(8) من الطبري، ووقع في ف «نحقر» مصحفا.
(9) في ف: إن.
(10) من الطبري، وفي ف «وعلا» خطأ.

(1/232)


وكان في المسلمين عامر بن فهيرة طعنه «1» جبار بن سلمى الكلابي «1» بالرمح، ثم طلب في القتلى فلم يوجد جثته، فمن ذلك قيل: رفع عامر بن فهيرة إلى السماء.
وكان في سرحهم ابن أمية «2» ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف «3» فلم «4» ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا «4» الطير تحوم على العسكر، فقالا: إن لهذا الطير لشأنا! فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري «5» لعمرو بن أمية: ماذا ترى؟ قال: أرى أن نلحق «6» برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره، فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب عن موطن قتل فيه هؤلاء، ثم تقدم فقاتل حتى قتل «7» . ورجع عمرو «8» بن أمية حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان وعصية ثلاثين صباحا، فأنزل الله فيهم «بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه» «9» .

ثم كانت غزوة الرجيع في صفر
أميرها مرثد بن أبي مرثد، فيها قتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح «10» وخالد
__________
(1- 1) من الطبري والمغازي، وفي ف «جابر بن سليم الكلاعي» - خطأ.
(2) هو عمرو بن أمية، انظر الطبري 3/ 34 والمغازي 1/ 348.
(3) اسمه الحارث بن الصمة- كما في المغازي.
(4- 4) التصحيح من الطبري، وفي الأصل «بينهما بما صاب أصحابهم إلى» .
(5) من الطبري، وفي الأصل «الأنصار» ، وفي المغازي: الحارث بن الصمة.
(6) من الطبري وفي الأصل «تلحق» .
(7) انظر الطبري والمغازي، وفيهما تفصيل.
(8) في ف «عمر» خطأ.
(9) قد مضى ما فيه في ابتداء السنة الرابعة.
(10) من الطبري 3/ 30 والمغازي 1/ 355، وفي ف «الأفلح» خطأ.

(1/233)


ابن البكير؛ وأسر»
خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، وخرجوا «2» بهما إلى مكة وباعوهما «3» .

ثم كانت غزوة بني النضير
وكان السبب في ذلك أن عمرو بن أمية لما انفلت من رعل وذكوان وعصية وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بقتل أصحاب بئر معونة لقيه في الطريق رجلان من بني عامر، وقد كان معهم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار لا يعلم عمرو بذلك، فلما نزلا سألهما عمرو: من أنتما؟ قالا: رجلان من بني عامر، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه قد أصاب ثأرة «4» من بني عامر بما أصابوا من أصحاب بئر معونة. فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بئس ما عملت قد كان لهما مني جوار» . وكتب عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد قتلت رجلين لهما منك جوار فابعث بديتهما، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء ثم مال إلى بني النضير ليستعين في ديتهما ومعه نفر من المهاجرين، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلسهم فاستند إلى جدار هناك فكلمهم، فقالوا: أنى «5» لك أن تزورنا، يا أبا القاسم! «6» نفعل ما أحببت «6» ، فأقم عندنا حتى تتغدى «7» ، «8» وتآمروا «8» بينهم، فقال عمرو بن جحاش «9» بن عمرو بن كعب: يا معشر بني النضير! والله لا تجدونه أقرب منه الساعة! أرقى على ظهر هذا البيت فأدلي عليه صخرة فأقتله بها، فنهاهم سلام بن
__________
(1) في ف «استوى أسير» كذا.
(2) في ف «خرج» .
(3) اختصر هنا هذه الغزوة وذكر بطولها في الطبري 3/ 29 والمغازي 1/ 354.
(4) في الطبري 3/ 34 «ثؤرة» .
(5) في ف: إن، والتصحيح من المغازي 1/ 364.
(6- 6) من المغازي، وفي ف «بعقل» .
(7) في المغازي: نطعمك.
(8- 8) في ف «وتوامروا» ، وفي المغازي «فتناجوا» .
(9) من المغازي والطبري 3/ 37، وفي ف «حجاش» خطأ.

(1/234)


مشكم فعصوه «1» . وصعد عمرو بن جحاش ليدحرج الصخرة، وأخبر الله جلا وعلا رسوله فقام كأنه يريد حاجة، وانتظر أصحابه من المسلمين فأبطأ عليهم، وجعلت اليهود تقول: ما حبس أبا القاسم! فلما أبطأ على المسلمين انصرفوا، فقال كنانة ابن صوريا «2» : جاءه والله الخبر الذي هممتم به! فلقي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلا مقبلا من المدينة فقالوا: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رأيته داخلا المدينة، فانتهوا إليه وهو جالس في المسجد فقالوا: يا رسول الله! انتظرناك فمضيت وتركتنا، فقال: «همت اليهود بقتلي «3» ، ادعوا لي محمد بن مسلمة» ، فأتي بمحمد «4» ، فقال: «اذهب إلى اليهود فقل لهم: اخرجوا من المدينة، لا تساكنونني «5» وهممتم بما هممتم من الغدر» .
فجاءهم محمد بن مسلمة فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تظعنوا من بلاده، فقالوا: يا محمد! ما كنا نظن أن يجيئنا بهذا رجل من الأوس، فقال محمد ابن مسلمة: تغيرت القلوب ومحا الإسلام العهود، فقالوا: نتحمل؛ فأرسل إليهم عبد الله بن أبي: «6» لا تخرجوا فإن معي ألفي «6» رجل من العرب يدخلون معكم، وقريظة تدخل معكم. فبلغ الخبر كعب بن أسد «7» صاحب عهد بني قريظة، فقال، لا ينقض «8» العهد رجل من بني قريظة وأنا حي.
فأرسل حيي بن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من سادات بني النضير: إنا لا
__________
(1) وفي الطبري: نهاهم عن ذلك سلام بن مشكم وخوفهم الحرب وقال: هو يعلم ما تريدون، فعصوه.
(2) من الطبري، وفي ف «صويبر» خطأ؛ وفي المغازي 1/ 365؛ صويراء.
(3) زيد في الطبري «وأخبرنيه الله عز وجل» .
(4) أي محمد بن مسلمة، وفي الطبري «فأتى محمد بن مسلمة» .
(5) في ف: لا تساكنون، وفي الطبري 3/ 37: فلا تساكنوني.
(6- 6) وفي الطبري 3/ 38 «لا تخرجوا فإن معي من العرب وممن انضوى إلي من قومي ألفين فأقيموا فهم يدخلون معكم وقريظة تدخل معكم ... » .
(7) من الطبري، ووقع في ف «اسر» مصحفا.
(8) من الطبري والمغازي 1/ 369، وفي ف «لا ينقص» .

(1/235)


نفارق ديارنا فاصنع ما بدا لك! فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وقال: حاربت «1» يهود.
ثم زحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، حتى أتاهم فحاصرهم «2» خمسة عشر يوما، وقطع نخلهم وحرقها، وكان الذي حرق نخلهم وقطعها عبد الله بن سلام وعبد الرحمن بن كعب أبو ليلى الحراني من أهل بدر، فقطع أبو ليلى العجوة، وقطع ابن سلام اللون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم قطعتهم العجوة» ؟ قال أبو ليلى: يا رسول الله! كانت العجوة أحرق لهم وأغيظ، فنزل ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها «3» الآية، فاللينة ألوان النخل، والقائمة على أصولها العجوة، فنادوا: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما لك وقطع النخل وتحريقها.
ثم تربصت اليهود نصرة عبد الله بن أبي إياهم، فلما لم يجىء وقذف الله في قلوبهم الرعب صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحقن لهم دماءهم وله الأموال، وينجلون من ديارهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم. فاحتملوا ما استقلت به الإبل، حتى أن كان الرجل منهم يهدم بيته فيضع بابه على ظهر بعيره فينطلق به، وخرجوا إلى خيبر وذلك قوله يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ «4» الآية.
ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: «5» يامين بن عمير بن كعب «5» ، وأبو سعد «6» بن وهب، أسلما على «7» أموالهما، فأحرزاها «7» ؛ فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) من الطبري، ووقع في ف «رأيت» مصحفا.
(2) من الطبري، وفي ف «محاصرهم» .
(3) سورة 59 آية 5.
(4) سورة 59 آية 2.
(5- 5) من الطبري 3/ 39، وله ترجمة في الإصابة 6/ 333؛ وفي ف «يا من بن عمر بن وهب» .
(6) له ترجمة في الإصابة 7/ 83.
(7- 7) من الطبري، وفي ف «أموالها وأخذوها» .

(1/236)


غنائمهم على المهاجرين، فأنزل الله سورة الحشر إلى آخرها.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» أبا سلمة بن عبد الأسد «1» إلى ماء لبني أسد، فقتل عروة بن مسعود الأنصاري وغنم نعما وشاء، ورجع إلى المدينة «2» .
ومات عبد الله بن عثمان بن عفان وهو ابن ست سنين، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرته عثمان بن عفان. ثم ولد الحسين «3» بن علي بن أبي طالب لليالي خلون من شعبان.

ثم كانت بدر الموعد
وذلك أن أبا سفيان لما انصرف من أحد قال لرسول «4» الله صلى الله عليه وسلم: موعدك بدر الموسم، وكان بدر موضع سوق لهم في الجاهلية، يجتمعون إليها في كل سنة ثمانية أيام، فلما قرب الميعاد جهز «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزوة الموعد.
وكان نعيم بن مسعود الأشجعي «6» قد اعتمر وقدم على قريش «7» فقالوا: يا نعيم! من أين وجهك؟ قال: من يثرب، قالوا: هل رأيت لمحمد حركة؟ قال: نعم
__________
(1- 1) التصحيح من المغازي 1/ 342 والإصابة 7/ 90؛ ووقع في ف «إلى سلمة بن عبد الأشهل» مصحفا.
(2) فكر الواقدي في المغازي 1/ 342 هذه القصة بأسانيد مختلفة وفيه «فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة فخرج في أصحابه وخرج معه الطائي دليلا فأغذّوا السير، ونكب بهم عن سنن الطريق وعارض الطريق وسار بهم ليلا ونهارا فسبقوا الأخبار وانتهوا إلى أدنى قطن- ماء من مياه بني أسد ... » وفيه 1/ 345 «وحمل رجل من الأعراب على مسعود بن عروة، فحمل عليه بالرمح فقتله، وخاف المسلمون على صاحبهم أن يسلب من ثيابه فحازوه إليهم ... » .
(3) في ف «الحسن» خطأ.
(4) في ف «له رسول» .
(5) في ف «قرب» .
(6) من الطبري، وفي ف «شجعي» .
(7) من الطبري، وفي ف بياض.

(1/237)


تركته على هيئة الخروج ليغزوكم- وذلك قبل أن يسلم نعيم، فقال له [أبو] سفيان:
يا نعيم! إن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام غيداق «1» ترعى»
فيه [الإبل] «3» الشجر ونشرب «4» اللبن، وقد جاء أوان موعد محمد، فالحق بالمدينة فثبطهم وأخبرهم أننا في جمع كثير ولا طاقة لهم بنا «5» حتى يأتي «5» الخلف منهم «6» ، ولك عشر فرائض أضعها لك على يد سهيل بن عمرو! فجاء «7» نعيم سهيلا «7» فقال: يا أبا يزيد! تضمن «8» لي هذه الفرائض وانطلق إلى محمد فأثبطه؟ فقال: نعم.
فخرج نعيم حتى أتى المدينة، فوجد الناس يتجهزون «9» فجلس يتجسس «9» لهم ويقول: هذا ليس برأيي قدموا عليكم في عقر دوركم وأصابوكم فتخرجون إليهم، ليس هذا برأيي، ألم يجرح «10» محمد بنفسه «11» ! ألم يقتل عامة أصحابه! فثبط الناس عن الخروج حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «والذي نفسي بيده! لو لم يخرج معي أحد خرجت «12» وحدي» .
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في شهر رمضان «13» ، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، ومع المسلمين تجارات كثيرة، حتى وافوا بدر الموعد
__________
(1) وقع في ف «عنداق» مصحفا؛ وغيداق: واسع مخصب.
(2) من الطبري 3/ 42، وفي ف «برعى» .
(3) زيد من الطبري، وقد سقط من ف.
(4) زيد في الطبري «فيه» .
(5- 5) في الطبري «فيأتي» .
(6) زيد في الطبري «أحب إلى من أن يأتي من قبلنا» .
(7- 7) من الطبري والمغازي 1/ 386، وفي «سهيل نعيما» خطأ.
(8) في ف «تضعن» كذا، والتصحيح من الطبري والمغازي.
(9- 9) في الطبري «فتدسس» .
(10) من الطبري، وفي ف «يخرج» .
(11) في الطبري «في نفسه» .
(12) في الطبري «لخرجت» .
(13) في المغازي 1/ 387 «فانتهوا إلى بدر ليلة هلال ذي القعدة» .

(1/238)


فأصابوا بها سوقا عظيما، وربحوا لدرهم درهما، ولم يلقوا عدوا «1» . ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة بنت «2» أبي أمية في شوال، ودخل بها في ذلك الشهر، وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
ثم رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ويهودية تحاكما إليه وكانا محصنين.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود وقال: إني لا آمن «3» أن يبدلوا كتابي! فتعلم زيد بن ثابت ذلك في خمسة عشر يوما.

ثم كانت سرية الخزرج إلى سلام «4» بن أبي الحقيق
وذلك أنه «5» كان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين الحيين من الأنصار الأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين، لا تصنع الأوس شيئا فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غناء إلا قالت الخزرج: والله لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام! قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأس مثل ذلك «5» ، فلما أصابت الأوس كعب بن الأشرف قالت الخزرج: من رجل في العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ككعب بن الأشرف «6» ،
__________
(1) كذا في ف، وفي الطبري «ثم أنهج الله عز وجل للمسلمين بصائرهم فخرجوا بتجارات فأصابوا للدرهم درهمين ولم يلقوا عدوا وهي بدر الموعد، وكانت موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام» .
(2) التصحيح من الطبري 3/ 42، وفي ف «بن» خطأ.
(3) من الطبري، وفي ف «لا أشتهي» .
(4) من سيرة ابن هشام 2/ 209، وفي ف «سالم» .
(5- 5) من السيرة؛ وفي ف «جل علا مما صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم منا وأن الأوس والخزرج لأنهما كانا يتصاولا في تصاول الفحل لا يقل في أحد من الفريقين إلا التمس الإخوان أن يقتل مثله» كذا.
(6) في السيرة «قالت الخزرج: والله لا يذهبون بها فضلا علينا أبدا، قال: فتذاكروا من رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العداوة كابن الأشرف» .

(1/239)


فذكروا سلام بن أبي الحقيق «1» بخيبر، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله، فأذن لهم ونهاهم عن قتل النساء والولدان. فخرج «2» عبد الله بن عتيك وعبد الله «3» بن أنيس ومسعود بن سنان وأبو قتادة بن ربعي بن «4» بلدمة بن سلمة «4» وخزاعي بن أسود «5» حليف «6» لهم من أسلم، حتى «7» قدموا خيبر فدخلوا على سلام بن أبي الحقيق داره ليلا، ولم يبق في الدار بيت إلا أغلقوه، ثم صعدوا في درجة إلى علية له فضربوا عليه بابه، فخرجت امرأته وقالت: من أنتم؟ قالوا: نفر من العرب أردنا «8» الميرة، فقالت: هو ذاك «9» في البيت، فدخلوا عليه وغلّقوا الباب عليهم، فما دلهم عليه إلا بياضه في ظلمة البيت وكان أبيض وكأنه قبطي «10» ، فابتدروه بأسيافهم، وتحامل عليه عبد الله بن أنيس فوضع سيفه في بطنه «11» ، وهتفت «12» امرأته، وخرجوا. وكان عبد الله ابن عتيك أمير القوم وكان في بصره شيء، فسقط من الدرجة «13» فوثئت يده وثأ «13» شديدا.
فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه، واختلفوا في قتله وادعى كل واحد منهم أنه قتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتوا سيوفكم، فأعطوه، فنظر فقال: سيف
__________
(1) زيد في سيرة ابن هشام «وهو» .
(2) كذا، وفي سيرة ابن هشام «فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر» .
(3) من السيرة والمغازي 1/ 391، وفي ف «عبيد الله» خطأ.
(4- 4) ليس في سيرة ابن هشام، وفي ف «وبلدة ابن سلمة» كذا، والتصحيح من جمهرة أنساب العرب ص: 341 وتهذيب التهذيب 12/ 204.
(5) كذا في السيرة، وفي المغازي: الأسود بن خزاعي.
(6) وقع في ف مكررا.
(7) زيد هنا في سيرة ابن هشام «فخرجوا وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك» وسيأتي.
(8) في سيرة ابن هشام 2/ 210 «نلتمس» .
(9) من المغازي 1/ 392، وفي ف «ذلك» .
(10) كذا، وفي سيرة ابن هشام، «كأنه قبطية ملقاة» ، وفي المغازي «كأنه قطنة ملقاة» .
(11) زيد في سيرة ابن هشام «حتى أنفذه وهو يقول: قطني قطني، أي حسبي حسبي» .
(12) في ف «هنقت» خطأ، وفي سيرة ابن هشام «ولما صاحت امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكف يده ولولا ذلك لفرغنا منها بليل» .
(13- 13) من سيرة ابن هشام، وفي ف «فوتى وتيا» خطأ.

(1/240)


عبد الله بن أنيس هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام.