السيرة النبوية وأخبار الخلفاء

السنة السابعة من الهجرة
أخبرنا محمد بن حسن بن قتيبة نا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس حدثني أبو سفيان بن حرب من فيه إلى فيّ قال: انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، جاء به دحية الكلبي فدفعه إلى عظيم بصرى [فدفعه عظيم بصرى] «5» إلى هرقل، [قال] : هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم، فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه فأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه فقال: قل لهم: إني سائل هذا الرجل عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذبوه، قال أبو سفيان «6» : والله! لولا مخافة أن يؤثروا عني كذبا لكذبته؛ ثم قال لترجمانه: سله
__________
(1) في ف «تسابق» كذا.
(2- 2) ليس في الطبري.
(3) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «فاصط» مصحفا.
(4) لها ترجمة ممتعة في الإصابة 8/ 232 وذكر ابن حجر الأقوال المختلفة في سنة وفاتها.
(5) زيد من صحيح البخاري 1/ 4.
(6) وفي الطبري 3/ 86 «قال أبو سفيان: فو الله إنا لبغزة إذ هجم علينا صاحب شرطته فقال: أنتم من قوم هذا الرجل الذي بالحجاز؟ قلنا: نعم، قال: انطلقوا بنا إلى الملك، فانطلقنا معه، فلما انتهينا إليه قال: أنتم من رهط هذا الرجل؟ قلنا: نعم، قال: فأيكم أمسّ به رحما؟ قلت: أنا؛ قال أبو سفيان: وأيم الله! ما رأيت من رجل أرى أنه كان أنكر من ذلك الأغلف- يعني هرقل! فقال: ادنه، فأقعدني بين يديه وأقعد أصحابي خلفي ثم قال: إني سأسأله فإن كذب فردوا عليه، فو الله لو كذبت ما ردوا

(1/292)


كيف حسبه «1» فيكم؟ قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان [من] «2» آبائه من ملك؟ فقلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت:
لا، قال: من يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم، قال:
فهل يزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت:
نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: يكون الحرب بيننا وبينه سجالا، يصيب منا ونصيب منه «3» ؛ قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في مدة «4» لا ندري ما هو صانع فيها! قال: والله فما أمكنني من كلمة أدخل «5» فيها شيئا غير هذه «6» ! قال: فهل قال هذا القول «7» أحد «8» قبله؟ قال: قلت: لا. ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم «9» قلت: إنه «9» ذو حسب «10» ، وكذلك [الرسل] «11»
__________
علي ولكني كنت امرأ سيدا أتكرم عن الكذب، وعرفت أن أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوا ذلك علي ثم يحدثوا به عني فلم أكذبه، فقال: أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج بين أظهركم يدعي ما يدعى، قال: فجعلت أزهّد له شأنه وأصغر له أمره وأقول له: أيها الملك! ما يهمك من أمره؟ إن شأنه دون ما يبلغك. فجعل لا يلتفت إلى ذلك، ثم قال: انبئني عما أسألك عنه من شأنه، قلت: سل عما بدا لك، قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: محض، أوسطنا نسبا. قال: فاخبرني هل كان أحد من أهل بيته يقول مثل ما يقول فهو يتشبه به؟ قلت: لا، قال: فهل كان له فيكم ملك فاستلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردوا عليه ملكه؟ قلت: لا ... » .
(1) في صحيح البخاري 1/ 4 نسبه.
(2) زيد من صحيح البخاري.
(3) في الصحيح: ينال منا وننال منه.
(4) هكذا في الصحيح، وفي الطبري: هدنة.
(5) من الصحيح، وفي ف: دخل- كذا.
(6) زيد في الصحيح: الكلمة.
(7) زيد في الصحيح: منكم.
(8) زيد في الصحيح: قط.
(9- 9) في الصحيح: فذكرت أنه فيكم.
(10) في الصحيح: نسب.
(11) زيد من صحيح البخاري.

(1/293)


تبعث في أحساب «1» قومها؛ وسألتك: هل كان «2» في آبائه ملك «2» ؟ فزعمت «3» أن لا، فقلت: إن «4» كان «2» في آبائه ملك «2» قلت: رجل يطلب ملك آبائه «5» ؛ وسألتك عن أتباعه ضعفاء الناس أم أشرافهم قلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل «6» ؛ وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت «3» أن لا، فقد عرفت «7» أنه لم يكن ليدع «8» الكذب على الناس «9» فيذهب فيكذب «9» على الله؛ وسألتك «10» : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطه له؟
فزعمت «11» أن لا، فكذلك «12» الإيمان «13» إذا خالط «13» بشاشته القلوب؛ وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت «11» أنهم يزيدون، وكذلك [أمر] «14» الإيمان حتى يتم؛ وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه، فزعمت أن الحرب بينكم
__________
(1) في الصحيح: نسب.
(2- 2) في الصحيح: من آبائه من ملك.
(3) في الصحيح: فذكرت.
(4) في الصحيح: فلو.
(5) في الصحيح: أبيه.
(6) هكذا في الصحيح، وفي الطبري «وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان» .
(7) في الصحيح: أعرف.
(8) كذا في ف. وفي الصحيح والخصائص الكبرى 2/ 3 «ليذر» .
(9- 9) في الصحيح: ويكذب.
(10) وفي الطبري «وسألتك عمن يتبعه أيحبه ويلزمه أم يقليه ويفارقه؟ فزعمت أن لا يتبعه أحد فيفارقه، وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبا فتخرج منه؛ وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا؛ فلئن كنت صدقتني عنه ليبلغني على ما تحت قدمي هاتين ولوددت أني عنده فأغسل قدميه! انطلق لشأنك. قال: فقمت من عنده وأنا أضرب إحدى يدي بالأخرى وأقول: أي عباد الله! لقد أمر أمر ابن أبي كبشة! أصبح ملوك بني الأصفر يهابونه في سلطانهم بالشام» .
(11) في الصحيح: فذكرت.
(12) في الصحيح: وكذلك.
(13- 13) في الصحيح: حين تخالط.
(14) زيد من الصحيح والخصائص الكبرى.

(1/294)


وبينه سجال «1» تنالون منه وينال منكم، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم «2» العاقبة؛ وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت «3» أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر؛ وسألتك: هل قال هذا القول قبله أحد؟ فزعمت «3» أن لا، فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله لقلت «4» : رجل يأتم «5» بقول قيل قبله، ثم «6» سألتك بما «6» يأمركم؟
قلت: بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف، قال: إن يكن «7» ما تقول «8» فيه فإنه نبي «8» . وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، ولو «9» أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت «10» لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، «11» وليبلغن ملكه ما تحت قدمي «11» . فقال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد «12» رسول الله- صلى الله عليه وسلم «12» - إلى هرقل ملك «13» الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد! فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت «14» فإن عليك إثم «15» الأريسين «16» قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا-
__________
(1) في ف: سجالا- كذا.
(2) في ف: له- كذا.
(3) في الصحيح: فذكرت.
(4) من الصحيح، وفي ف: قلت.
(5) كذا في ف، وفي الصحيح والخصائص» يأتسي.
(6- 6) من الصحيح والخصائص، وفي الأصل «قال ما» كذا.
(7) في الصحيح فإن كان، وفي ف: أن يكون- كذا.
(8- 8) ليس في الصحيح.
(9) في الصحيح: فلو.
(10) في الصحيح: لتجشمت.
(11- 11) قدم في الصحيح والخصائص هذه العبارة على «فيه فإنه نبي» ولفظها «فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين» .
(12- 12) في الصحيح: عبد الله ورسوله.
(13) في الصحيح: عظيم.
(14) كذا في ف وصحيح البخاري 1/ 5، وفي الطبري «وإن تتول» .
(15) التصحيح من الطبري والصحيح، ووقع في ف «اسم» كذا بالسين مصحفا.
(16) في ف: الأريسين، والتصحيح من هامش الصحيح بعلامة النسخة، وفي متنه «اليريسين» ،

(1/295)


إلى قوله: بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» «1» . فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط «2» وأمر بنا فأخرجنا، فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام.
قال: في أول هذه السنة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وبعث إليهم بالرسل يدعوهم إلى الله، فقيل: إنهم لا يقرأون كتابا إلا بخاتم، فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة نقش فيه «محمد رسول الله» ليختم به الصحف، فكان يلبسه تارة في يمينه وتارة في يساره.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى بكتاب فأمره «4» أن يدفعه إلى عظيم البحرين ليدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. وبعث دحية «5» بن خليفة الكلبي إلى قيصر وهو هرقل ملك الروم وأمره أن يدفع الكتاب إلى عظيم بصرى [فدفعه عظيم بصرى] «6» إلى هرقل. وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية. وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى «7» أصحم بن أبحر «7» النجاشي، وبعث شجاع بن وهب الأسدي «8» إلى [المنذر بن] «9» الحارث
__________
واليريسين بفتح التحتانية وكسر الراء ثم بالياء الساكنة جمع يريس بوزن فعيل وقد يقلب الياء الأولى همزة فيقال الأريسين. وروى أيضا بياءين بعد السين جمع يريسي منسوب إلى يريس، وروى الإريسين بكسر الهمزة وكسر الراء المشددة وياء واحدة بعد السين وهم الأكارون الزارعون- كرماني.
(1) سورة 3 آية 64.
(2) في الصحيح «عنده الصخب» .
(3) في الصحيح «أنه» .
(4) وقع في ف «فاجره» مصحفا.
(5) راجع لترجمته الإصابة 4/ 161.
(6) زيد من الصحيح.
(7- 7) التصحيح من الطبري، وفي ف «أصحمة بن بحري» كذا.
(8) زيد في الطبري «أخابني أسد بن خزيمة» .
(9) زيد من الطبري.

(1/296)


ابن أبي شمر الغساني صاحب دمشق «1» . وبعث عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة.
فأما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه ذلك:
«مزق الله ملكه، إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» .
وأما قيصر فسأل أبا «2» سفيان عما سأل ثم قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلا بدحية الكلبي وقال: إني لأعلم أن صاحبكم نبي مرسل، وأنه الذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا، ولكن أخاف الروم على نفسي ولولا ذاك لاتبعته، ولكن اذهب إلى ضغاطر «3» الأسقف فاذكر له أمر صاحبكم وانظر ماذا يقول، فجاء دحية وأخبره مما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وبما يدعو إليه، فقال ضغاطر «4» : صاحبك والله نبي مرسل! نعرفه بصفته ونجده في كتابنا باسمه، ثم دخل فألقى ثيابا كانت عليه سوداء ولبس ثيابا بيضا ثم أخذ عصاه وخرج على الروم وهم في الكنيسة فقال للروم: إنه قد أتانا كتاب من أحمد يدعو فيه إلى الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا «5» عبده ورسوله، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وضربوه حتى قتلوه، فرجع دحية إلى هرقل وأخبره الخبر، قال: قلت لك «6» : إنا نخافهم على أنفسنا فضغاطر كان والله [أعظم] «7» عندهم وأجوز قولا مني.
__________
(1) زيد في الطبري «وقال محمد بن عمر الواقدي: وكتب إليه معه: سلام على من اتبع الهدى وآمن به، إني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملكك، فقدم به شجاع بن وهب فقرأه عليهم، فقال: من ينزع مني ملكي! أنا سائر إليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: باد ملكه» .
(2) في ف «أبو» كذا.
(3) من الطبري، وفي ف: سقاطر- كذا.
(4) من الطبري، وفي ف: صنفاطر.
(5) كذا في ف، وفي الطبري: أحمد.
(6) من الطبري، وفي ف: لكم.
(7) زيد من الطبري.

(1/297)


وأما النجاشي «1» فكان «2» كتابه «من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم «3» ملك الحبشة، سلم أنت، فأني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن «4» العزيز الجبار المتكبر «4» ، وأشهد أن عيسى «5» روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول «6» الطيبة الحصينة «7» فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله «8» ، وقد بعثت «9» إليك ابن عمي جعفرا «10» ومعه نفر «11» من المسلمين، فدع «12» التجبر فإني أدعوك «13» إلى الله «14» وقد «15» بلغت ونصحت «16» فاقبل نصيحتي «16» والسلام على من اتبع الهدى» فقرأ النجاشي الكتاب وكتب جوابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله «17» صلى الله عليه وسلم «17» ، من النجاشي «18» الأصحم بن أبحر «18» ، سلام عليك يا
__________
(1) وفي الطبري: ... قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه وكتب معه كتابا بسم الله الرحمن الرحيم.
(2) في الأصل «فكانه» .
(3) من الطبري، وفي نسخة من «الأضحم» كذا، وفي ف «الأصخم» .
(4- 4) ليس في الطبري.
(5) زيد في الطبري: بن مريم.
(6) من الطبري، وفي ف: البتولة- كذا.
(7) التصحيح من الطبري، وفي ف «الحصيونة» .
(8) زيد في الطبري «وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإن رسول الله» .
(9) من الطبري، وفي ف: بعث.
(10) من الطبري، وفي ف جعفر.
(11) وزيد بعده في الطبري: فإذا جاءك فأقرهم.
(12) في الطبري: ودع.
(13) زيد في الطبري: وجنودك.
(14) زيد بعده في ف: وقد بعثت إليك ابن عمي، ولم تكن الزيادة في الطبري وقد مرت آنفا فحذفناها.
(15) في الطبري: فقد.
(16- 16) في الطبري: فاقبلوا نصحي.
(17- 17) ليس في الطبري.
(18- 18) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «الأضخم بن نجوي» مصحفا.

(1/298)


نبي الله ورحمة الله وبركاته [من الله] «1» الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، أما بعد فقد بلغني «2» كتابك يا رسول الله فيما «3» ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى لا «4» يزيد على ما [ذكرت ثفروقا، إنه كما] «1» قلت، ولقد «5» عرفنا ما بعثت «6» به إلينا، وقد قربنا «7» ابن عمك وأصحابه، وأشهد «8» أنك رسول الله «9» صلى الله عليه وسلم «9» صادقا مصدقا، وقد [بايعتك و] «1» بايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وبعثت إليك بابني «10» أرها بن الأصحم «10» ، فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئت [أن] «1» آتيك «11» يا رسول الله فعلت «12» ، فإني أشهد أن ما تقوله «13» حق- والسلام عليك يا رسول الله! فخرج ابنه في ستين نفسا من الحبشة «14» في سفينة البحر، فلما توسطوا ولججوا «15» أصابتهم شدة وغرقوا كلهم «16» .
وأما المقوقس فأهدى [إلى] رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار فيهن مارية القبطية أم
__________
(1) زيد من الطبري.
(2) من الطبري، وفي ف «أبلغني» كذا.
(3) من الطبري، وفي ف «مما» .
(4) في الطبري «ما» .
(5) في الطبري: وقد.
(6) من الطبري، وفي ف «بعث» .
(7) من الطبري، وفي ف «قربنا» .
(8) في الطبري: فأشهد.
(9) ليس في الطبري.
(10) من الطبري، وفي ف «أو ما ابن الأضخم» .
(11) من الطبري، وفي ف «أتيتك» .
(12) قدمه الطبري على «يا رسول الله» .
(13) في الطبري «نقول» .
(14) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «الخبث» مصحفا.
(15) أي ركبوا اللجة أي معظم الماء، وفي ف: لحجوا- كذا.
(16) راجع الطبري 3/ 89.

(1/299)


إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سائر الملوك أهدى إليه الهدايا فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقبل الهدية ويثيب عليها.

ثم كانت غزوة خيبر
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية المحرم «1» إلى خيبر، واستعمل «2» على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وقدم عينا له ليجيئه بالخبر، وأخرج من نسائه أم سلمة، وخرج على الأموال بجيشه «3» فلا يمر بمال إلا أخذه ويقتل من فيه و [يفتتحها] «4» حصنا حصنا، فأول ما أصاب منها حصن ناعم «5» ثم حصن الصعب بن معاذ «6» ثم حصن القموص «7» فلما [افتتح] «8» رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» أتى حصنهم الوطيح والسلالم «9» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا «10» أصبح قوما أو غزا «10» لم يغر عليهم «11» حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلهم عمال خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) من سنة سبع، كما صرح به الطبري.
(2) في الطبري «استخلف» .
(3) في ف «بحبسه» كذا.
(4) زيد من الطبري، وفي ف «باما» كذا.
(5) وفي الطبري «فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة ألقيت عليه رحى منه فقتلته.
(6) في ف «معاد» وزاد في الطبري «وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وردكا منه» .
(7) في ف: الغموص- كذا، وفي الطبري: ثم القموص حصن ابن أبي الحقيق وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا منهم صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وابنتي عم لها- إلخ.
(8) زيد من الطبري.
(9- 9) زيد في ف «و» وزيد في الطبري: لا من حصونهم ما افتتح وحاز من الأموال ما حاز انتهوا إلى حصنهم الوطيح والسلالم وكان آخر حصون خيبر افتتح حاصرهم رسول الله بضع عشرة ليلة» .
(10- 10) كذا في ف، وفي صحيح البخاري 2/ 603 «أتى قوما بليل» .
(11) وفي متن الصحيح «لم يقر بهم» وبهامشه «لم يغربهم» وفي ف «إذا سالم يقر عليهم» .

(1/300)


والجيش قالوا: محمد والله والخميس! وأدبروا هرابا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر الله أكبر! خربت خيبر! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» ! فخرج مرحب اليهودي من الحصن يرتجز «1» ويطلب البراز، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لهذا» ؟ «2» فقال محمد بن مسلمة «2» : أنا يا رسول الله «3» ! فلما دنا أحدهما من صاحبه بادر مرحب بالسيف، فاتقاه «4» محمد بن مسلمة بدرقته، فوقع سيفه فيها وعضّت به الدرقة فأمسكت «5» ، فضربه محمد بن مسلمة فقتله، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا «6» يقاتل فمر ورجع ولم يكن فتحا «7» ، ثم بعث آخر يقاتل فمر ورجع ولم
__________
(1) زيد في الطبري: ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرّب
أطعن أحيانا وحينا أضرب ... إذا الليوث أقبلت تحرّب
كان حماي للحمى لا يقرب
(2- 2) في الطبري «فقام محمد بن مسلمة فقال» .
(3) في الطبري «أنا له يا رسول الله أنا والله الموتور الثائر! قتلوا أخي بالأمس، قال: «فقم إليه، اللهم! أعنه عليه» ، فلما أن دنا كل واحد منهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه، فكلما لاذ بها اقتطع بسيفه منها ما دونه منها حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما بينهما فنن» .
(4) من الطبري، وفي ف «فألقاه» .
(5) وفي الطبري «فأمسكته» .
(6) في ف «رجالا» كذا.
(7) زيد في الطبري «ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني ياسر ... شاك السلاح بطل مغاور
إذا الليوث أقبلت تبادر ... وأحجمت عن صولتي المغاور
إن حماي فيه موت حاضر
عن هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب: أيقتل ابني يا رسول الله؟ قال: بل ابنك يقتله إن شاء الله! فخرج الزبير وهو يقول:
قد علمت خيبر أني زبّار ... قرم لقوم غير نكس فغرار
ابن حماة المجد وابن الأخيار ... ياسر لا يغررك جمع الكفار
فجمعهم مثل السراب الجرّار
ثم التقيا فقتله الزبير» .

(1/301)


يكن فتحا، وحمى الحرب بينهم وتقاعسوا «1» ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله! ويحبه الله ورسوله! «2» «3» يفتح الله على يديه، ليس بفرار، فلما أصبح دعا عليا «3» وهو أرمد، فتفل في عينيه «4» فبرأ، ثم قال: خذ هذه الراية واقبض بها حتى يفتح الله عليك» «4» ، فخرج عليّ يهرول والمسلمون خلفه حتى ركز رايته في رضم «5» من حجارة، فاطلع عليه يهودي من رأس الحصن وقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى! فلم يزل عليّ يقاتل حتى سقط ترسه من يده، ثم تناول بابا صغيرا كان عند الحصن فاترس به، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلما
__________
(1) في ف «تكاعسوا» كذا.
(2) وفي الطبري برواية بريدة الأسلمي «قال: لما كان حين نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصن أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجبنه أصحابه ويجبنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين اللواء غدا.. وفيه برواية بريدة أيضا «قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس وأن أبا بكر أخذ راية رسول الله ثم نهض فقاتل قتالا شديدا ثم رجع فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول، ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله فقال: أما والله لأعطينها غدا رجلا ... » .
(3- 3) في الطبري «فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليا» وفي رواية من الطبري «فتطاولت لها قريش ورجا كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك ... » .
(4- 4) في الطبري «وأعطاه اللواء ونهض معه من الناس من نهض قال: فلقي أهل خيبر فإذا مرحب يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
اطعن أحيانا وحينا أضرب ... إذا الليوث أقبلت تلهب
فاختلف هو وعليّ ضربتين فضربه عليّ على هامته حتى عض السيف منها بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته فما تتام آخر الناس مع عليّ عليه السلام حتى فتح الله له ولهم» .
(5) في النهاية: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أتى رضمة جبل، هي واحدة الرضم والرضم والرضام وهي دون الهضاب، وقيل: صخور بعضها على بعض.

(1/302)


أيقن اليهود بالهلكة «1» سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن «2» دماءهم «3» وأن يسيرهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك «4» ، فنزلوا على ذلك وقالوا: يا محمد! إنا نحن أرباب الأموال ونحن أعلم بها منكم «5» فعاملناها، فعاملهم «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيبر على النصف «7» . فلما فعل ذلك أهل خيبر سمع بذلك أهل فدك، بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محيصة «8» بن مسعود، فنزلوا على ما نزلت عليه اليهود بخيبر على أن يسيرهم «9» ويحقن دماءهم، فعاملهم «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل معاملة «11» أهل خيبر «12» ، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، وذلك أنه لم يوجف «13» عليها بخيل ولا ركاب، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر على ألف وثمانمائة سهم، وكان الرجال بها ألف «14»
__________
(1) في الطبري 3/ 95 «وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة» .
(2) من الطبري، وفي الأصل «بحقن» .
(3) وفي الطبري 3/ 95 «ويحقن لهم دماءهم ففعل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين، فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم ويحقن دماءهم لهم ويخلوا الأموال ففعلوا» .
(4) زيد في الطبري «وكان فيمن مشى بينهم وبين رسول الله في ذلك محيصة بن مسعود أخو بني حارثة» .
(5) زيد في الطبري «واعمر لها» .
(6) في الطبري «فصالحهم» .
(7) زيد في الطبري «على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم» .
(8) التصحيح من الطبري، وفي ف «محيصنة» خطأ.
(9) في ف: يسرهم- كذا.
(10) في ف «فأمرهم» كذا.
(11) وقع في ف «بعليلة» مصحفا.
(12) وفي الطبري «وصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت خيبر فيئا للمسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(13) من السيرة 2/ 248 وفي الأصل «يوحف» ، وفي الطبري «لأنهم لم يجلبوا عليهم بخيل ولا ركاب» .
(14) في ف: ألف- كذا.

(1/303)


وأربعمائة والفرس مائتي فرس، فقسم للفارس ثلاثة أسهم: سهمين لفرسه وسهما له، وللرّجل «1» سهما، فكان للأفراس أربعمائة ولركابها، «2» ولرجالهم «2» ألف وأربعمائة سهم، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عاصم بن عدي؛ ثم أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل فدك في الصلح، وأعطى محيّصة ابن مسعود ثلاثين وسقا من شعير وثلاثين وسقا من تمر، وقسم «3» سهم ذوي «3» القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب؛ فكانت قسمة خيبر على ما وصفنا. وكانت صفية «4» بنت حيي بن أخطب في السبي، أخرجوها من حصن القموص «5» ، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آنية المشركين، فقال:
اغسلوها وكلوا فيها وأطعموا، وأطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا «6» من نسائه اللاتي توفي وهن عنده تسعمائة وسق تمر ومن القمح مائة وثمانين وسقا. فلما فرغوا من الغنائم وقسمها أكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية [فأمر مناديا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم] «7» عن المتعة، وأمر بالقدور أن تكفأ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أي الراجل.
(2- 2) وفي ف: لجمالهم- كذا، وفي السيرة: وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف سهم وثمانمائة سهم برجالهم وخيلهم، الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتا فرس، فكان لكل فرس سهمان ولفارسه سهم، وكان لكل راجل سهم، فكان لكل سهم رأس جمع إليه مائة رجل فكانت ثمانية عشر سهما جمع» .
(3- 3) في ف: بينهم ذي- كذا.
(4) وفي الطبري «عن ابن إسحاق قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص حصن ابن أبي الحقيق أتى رسول الله بصفية بنت حيي بن أخطب وبأخرى معها فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى يهود، فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها، فلما رآها رسول الله قال: اغربوا عني هذه الشيطانة، وأمر بصفية فحيزت خلفه وألقى عليها رداؤه، فعرف المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفاها لنفسه» .
(5) من الطبري، وفي ف «الغموص» .
(6) في ف: تسعة.
(7) من صحيح البخاري 2/ 604 و 606، وزيد في الأصل «و» .

(1/304)


فيهم خطيبا فقال: «لا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره- يعني إتيان الحبائل من السبايا، ولا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة «1» ثيبا من السبي «1» حتى يستبرئها، ولا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر [أن] «2» يبيع مغنما «3» حتى يقسم، ولا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من غنيمة المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيها؛ ولا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده» ؛ ثم اطمأن الناس.
وأهدت «4» زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية وأكثرت فيها من السم، فلما وضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا «5» العظم يخبرني «6» أنه مسموم» ! ثم دعاها «7» فاعترفت، فقال: «ما حملك على ذلك» ؟ فقالت: بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت: إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر؛ فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بشر بن البراء بن معرور يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منها قطعة وكان ذلك سبب موته.

وقتل من المسلمين بخيبر
ربيعة بن أكثم بن سخبرة «8» وثقف بن عمرو بن سميط «9» ورفاعة بن مسروح
__________
(1- 1) من مسند الإمام أحمد، وفي الأصل: ثيب من السيب.
(2) زيد من السيرة.
(3- 3) التصحيح من السيرة. وفي ف «بيع مغنما» .
(4) في ف «اهتزت» خطأ، وفي البخاري أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(5) من السيرة، وفي ف «هذه» .
(6) في السيرة «ليخبرني» .
(7) في السيرة «دعا بها» .
(8) في السيرة «صخيرة» كذا- راجع الإصابة.
(9) ليس في السيرة «بن سميط» .

(1/305)


وعبد الله بن الهبيب «1» ومسعود بن «2» قيس بن خلدة ومحمود بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة وأبو الضياح «3» بن ثابت بن النعمان بن أمية «4» ومبشر بن عبد المنذر بن الزنبر «5» بن [زيد بن] «6» أمية بن سفيان بن الحارث والحارث بن حاطب وعروة بن مرة بن سراقة، و «7» أوس بن القائد «8» وأنيف بن حبيب «9» وثابت ابن أثلة «10» وعمارة بن عقبة بن حارثة بن غفار وبشر بن البراء بن معرور، وكان سبب موته أكله من الشاة المسمومة.
وعند فراغ المسلمين من خيبر قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله! ما أدري بأي الأمرين أنا أشد فرحا بفتح خيبر أو قدوم جعفر» ! ثم قام إليه فقبّل ما بين عينيه.
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى وادي القرى، فحاصر أهله ليالي «11» ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له أهداه رفاعة بن زيد الجذامي «12» ، فبينا هو يضع رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم غرب فقتله، فقال المسلمون: هنيئا له الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا والذي نفسي بيده! إن شملته الآن تحترق «13» عليه في النار،
__________
(1) من السيرة، وفي ف «الذهيب» .
(2) زيد في السيرة «سعد بن» .
(3) في السيرة 2/ 244 «أبو ضياح» وفي ف «أبو الصياح» كذا بالصاد المهملة.
(4) من السيرة، وفي ف «أكية» كذا.
(5) التصحيح من الإصابة، وفي «الزبير» .
(6) زيد من الإصابة.
(7) من السيرة، وفي ف «بن» خطأ.
(8) في السيرة «الفائد» وفي ف «القائدة» والتصحيح من الإصابة، وفيه: وقيل: ابن فاتك وابن الفاكه.
(9) من السيرة، وفي ف «خبيب» .
(10) من السيرة، وفي ف «واثلة» .
(11) التصحيح من الطبري 3/ 56: وفي ف «ليال» كذا.
(12) من الطبري: وفي ف «الجزامي» كذا بالزاي.
(13) وفي الطبري «لتحرق» .

(1/306)


وكان غلّها من فيء المسلمين» ، فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أصبت شراكين لنعلين لي «1» ! وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبدلك الله مثلها في النار» .
ثم استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط السلمي «2» وقال: يا رسول الله! إن «3» لنا مالا بمكة فأذن لي «3» ، فأذن له، فقال: يا رسول الله! وأن أقول «4» ؟ قال:
فقل، «5» قدم الحجاج بمكة وإذا قريش بثنية البيضاء «5» يستمعون الأخبار «6» ، وقد بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سار إلى خيبر، وقد كانوا عرفوا أنها «7» أكثر أرض «7» الحجاز «8» ريفا ومنعة «8» ورجالا «9» ، فلما رأوه «10» قالوا: يا «11» حجاج! أخبرنا «11» فإنه قد بلغنا أن القاطع سار إلى خيبر، فقال الحجاج: عندي من الخبر ما يسركم! قالوا:
ما هي يا حجاج «12» ؟ فقال هزم هزيمة لم تسمعوا «13» بمثلها قط «14» وأسر محمدا أسرا «15» ،
__________
(1) كذا في ف، وفي المغازي 2/ 710 «فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: شراك من نار أو شرا كان من نار» .
(2) زيد في السيرة «ثم البهزي» .
(3- 3) في السيرة «لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة وكانت عنده له منها معرض بن الحجاج ومال متفرق في تجار أهل مكة فأذن لي يا رسول الله» .
(4) في السيرة «إنه لا بد لي من أن أقول» .
(5- 5) في السيرة «قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالا من قريش» .
(6) زيد في السيرة «ويسألون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(7- 7) في السيرة «قرية» .
(8- 8) التصحيح من السيرة، وفي ف «ريعا وسعة» كذا.
(9) زيد في السيرة «فهم يتجسسون الأخبار ويسألون الركبان» .
(10) في السيرة «رأوني» .
(11- 11) في السيرة «لحجاج بن علاط قال: ولم يكونوا علموا بإسلامي عنده- والله الخبر أخبرنا يا أبا محمد» .
(12) في السيرة «قال: فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون: إيه يا حجاج» .
(13) من السيرة، وفي ف «لم يسمعوا» .
(14) زيد في السيرة «وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط» .
(15) من السيرة، وفي ف «أسر» .

(1/307)


فقالوا: لن «1» نقتله حتى نبعث به إلى مكة فيقتلونه «2» بين أظهرهم بمن كان قتل «3» من رجالهم؛ فقاموا «4» وصاحوا بمكة: جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون «5» أن يقدم به عليكم «6» ، فقال الحجاج: أعينوني على «7» مالي بمكة [و] «8» على غرمائي. فإني «9» أقدم خيبر فأصيب من فيء «10» محمد وأصحابه قبل أن يسبقني «11» التجار «12» . فلما سمع العباس بن عبد المطلب الخبر أقبل حتى وقف على جنب الحجاج بن علاط «13» ، قال: يا حجاج! ما هذا الخبر الذي جئتنا به؟ قال: وهل عندك حفظا لما «14» وضعت عندك؟ قال: نعم، قال: استأخر عني حتى ألقاك على خلاء «15» فإني في جمع مالي كما ترى، فانصرف، حتى [إذا] «16» فرغ الحجاج من جمع «17»
__________
(1) في السيرة «لا» .
(2) في السيرة «فيقتلوه» .
(3) في السيرة «أصاب» .
(4) زيد في السيرة «قال» .
(5) من السيرة، وفي ف «ينتظرون» .
(6) زيد في السيرة «فيتصل بين أظهركم» .
(7) زيد في السيرة «جميع» .
(8) زيد من السيرة.
(9) في السيرة «فإني أريد أن» .
(10) في السيرة «فل ... قال ابن هشام: ويقال: من فيء محمد. قال ابن إسحاق قال: فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به، قال: وجئت صاحبتي فقلت: مالي؟ وقد كان لي عندها مال موضوع لعلي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار قال» .
(11) من السيرة، وفي ف «يستفني» .
(12) زيد في السيرة «إلى ما هنالك» .
(13) زيد في السيرة «وأنا في خيمة من خيام التجار» .
(14) من السيرة، وفي ف: بما.
(15) من السيرة، وفي ف «خلى» .
(16) كذا في ف، وفي السيرة «فانصرف عني حتى أفرغ» .
(17) من السيرة، وفي ف «جميع» .

(1/308)


ماله «1» وأراد الخروج لقي العباس فقال: احفظ عليّ حديثي «2» فإني أخشى الطلب «3» ، قال، افعل، قال: والله! إني تركت ابن أخيك عروسا على ابنة ملكهم صفية بنت حيي، ولقد افتتح خيبر «4» فصارت له ولأصحابه، قال: ما تقول يا حجاج! قال: أي والله! فاكتم «5» عليّ ثلاثا «5» ، ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا [من] «6» أن أغلب عليه فإذا مضى «7» ثلاث «8» فأظهر أمرك فإن الأمر والله على ما تحب! ثم خرج الحجاج بماله، فلما كان اليوم الثالث من خروجه لبس العباس حلة وتخلق وأخذ عصاه ثم خرج حتى طاف بالكعبة، فلما رأوه قالوا: يا أبا الفضل! هذا والله التجلد لحر المصيبة! قال، كلا و «9» الذي حلفتم به! لقد افتتح محمد خيبر وأصبح «10» عروسا على ابنة ملكهم وأحرز «11» أموالهم وما فيها «12» ، قالوا: من جاء «13» بهذا الخبر؟ قال: الرجل الذي جاءكم بما جاءكم به ولقد دخل عليكم وأخذ «14» ما له وانطلق «15» فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه ويكون «15» معه؛ [قالوا: يا لعباد الله] «6» انفلت عدو الله، والله «16» لو علمنا لكان لنا وله
__________
(1) في السيرة «كل شيء كان لي بمكة» .
(2) زيد في السيرة «يا أبا الفضل» .
(3) زيد في السيرة «ثلاثا ثم قل ما شئت» .
(4) زيد في السيرة «وانتثل ما فيها» .
(5- 5) كذا، وفي السيرة «عني» .
(6) زيد من السيرة.
(7) في السيرة «مضت» .
(8) من السيرة، وفي ف «ثلاثا» كذا.
(9) زيد بعده في السيرة «الله» .
(10) في السيرة «ترك» .
(11) من السيرة، وفي ف «أحوز» .
(12) زيد في السيرة «فأصبحت له ولأصحابه» .
(13) في السيرة «جاءك» .
(14) في السيرة «فأخذ» وزاد قبله «مسلما» .
(15- 15) في السيرة «ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون» .
(16) زيد في السيرة «أما» .

(1/309)


شأن «1» ! فلم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجوعه من خيبر إلى المدينة نزل بعض المنازل ثم قال: من يكلؤنا «2» الليلة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله! فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وناموا، وقام بلال يصلي فصلى ما شاء الله أن يصلي ثم استند إلى بعيره «3» واستقبل الفجر يرمقه، فغلبته عيناه فنام فلم يوقظهم إلا حر «4» الشمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول أصحابه هبّا «5» فقال: «ماذا صنعت يا بلال» ! فقال: يا رسول الله! أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، قال: «صدقت» ، ثم اقتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيره غير كثير ثم أناخ فتوضأ وتوضأ الناس معه، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس، فلما سلم أقبل على الناس فقال: «إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا «6» ذكر تموها فإن الله يقول:
أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي «7» .
ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة و «8» أبو هريرة أسلم وقدم المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وعليها سباع بن عرفطة الغفاري فصلى مع سباع الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا «9» - الآية. وكان عمرو بن أمية الضمري خطب أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى النجاشي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بأرض الحبشة حيث حمل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها النجاشي من رسول الله صلى الله عليه وسلم على مهر
__________
(1) من السيرة، وفي ف «شأنا» خطأ.
(2) في الطبري «قال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وكان ببعض الطريق قال من آخر الليل: من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام ... » .
(3) من الطبري، وفي ف «العنزة» .
(4) في الطبري «مس الشمس» .
(5) في الطبري «هب من نومه» .
(6) من الطبري، وفي ف «إذ» .
(7) سورة 20 آية 14.
(8) من الهامش، وفي متن الأصل «مع» .
(9) سورة 83 آية 2.

(1/310)


أربعمائة من عنده، وكان الذي زوجها خالد بن سعيد بن العاص وبعثها النجاشي مع من بقي المسلمين بأرض الحبشة إلى المدينة في سفينتين، فلما بلغوا الجار «1» ركبوا الظهر حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من خيبر «2» . ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته «3» على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول. وقدم عمرو بن العاص زائرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومسلما عليه من عند النجاشي وكان قد أسلم بأرض الحبشة ومعه عثمان بن طلحة العبدري «4» وخالد بن الوليد بن المغبرة.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد «5» سرية إلى بني مرّة في ثلاثين رجلا
__________
(1) بتخيف الراء وهو الذي تجيره أن يضام، مدينة على ساحل بحر القلزم: بينها وبين المدينة يوم وليلة ... وهي فرضة ترفأ إليها السفن من أرض الحبشة ومصر وعدن والصين وسائر بلاد الهند- معجم البلدان.
(2) وفي الطبري 3/ 89 «عن محمد بن عمر قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ليزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان ويبعث بها إليه مع من عنده من المسلمين، فأرسل النجاشي إلى أم حبيبة يخبرها بخطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها جارية له يقال لها أبرهة، فأعطتها أوضاحا لها وفتخا سرورا بذلك، وأمرها أن توكل من يزوجها، فوكلت خالد بن سعيد بن العاص فزوجها، فخطب النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب خالد فأنكح أم حبيبة؛ ثم دعا النجاشي بأربعمائة دينار صداقها فدفعها إلى خالد بن سعيد، فلما جاءت أم حبيبة تلك الدنانير، قال: جاءت بها أبرهة فأعطتها خمسين مثقالا وقالت: كنت أعطيتك ذلك وليس بيدي شيء وقد جاء الله عز وجل بهذا، فقالت أبرهة: قد أمرني الملك أن لا آخذ منك شيئا وأن أراد إليك الذي أخذت منك فردته وأنا صاحبة دهن الملك وثيابه وقد صدقت محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنت به، وحاجتي إليك أن تقرئيه مني السلام! قالت: نعم، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بما عندهن من عود وعنبر؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه عليها وعندها فلا ينكره؛ قالت أم حبيبة: فخرجنا في سفينتين وبعث معنا النواتي حتى قدمنا الجار ثم ركبنا الظهر إلى المدينة فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فخرج من خرج إليه وأقمت بالمدينة حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت إليه فكان يسائلني عن النجاشي، وقرأت عليه من أبرهة السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها؛ ولما جاء أبا سفيان تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه» .
(3) أي زينب وهي أكبر بناته صلى الله عليه وسلم، تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع العبشمي وأمه هالة بنت خويلد، هاجرت مع أبيها وأبى زوجها أن يسلم ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم- راجع الإصابة.
(4) وفي ف «الغنوي» والتصحيح من الإصابة والثقات.
(5) من الطبري، وفي ف «سعيد» .

(1/311)


فقتلوا ورجع وحده إلى المدينة.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق سرية إلى نجد ومعه سلمة بن الأكوع.
وبعث صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح في رمضان في مائة وثلاثين رجلا فأغاروا عليهم واستاقوا النعم والشاء «1» «2» وجاءوا بها «2» إلى المدينة، ونذروا لخروج «3» العدو خلفهم، فجاء السيل وحال الوادي بينهم وبين المسلمين، ورجعوا إلى المدينة بالغنائم.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب سرية في ثلاثين رجلا إلى أرض هوزان «4» فخرج، «5» معه بدليل «5» من بني هلال، فكانوا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى «6» ملكوا هوازن ونذر القوم «6» وهربوا، ولم يلق عمر كيدا ثم رجع.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد إلى جناب «7» في شوال معه حسيل بن نويرة «8» فأصابوا نعما «9» ، وانهزم جمع عيينة بن حصن إلى المدينة «10» .
__________
(1) من الطبري، وفي ف «الشاة» كذا.
(2- 2) في الطبري «وحدروها» .
(3) وقع في ف «لمخزوج» كذا مصحفا.
(4) كذا، وفي الطبري «إلى عجز هوازن بتربة» .
(5- 5) كذا في ف، وفي الطبري «بدليل له» .
(6- 6) كذا في ف، وفي الطبري «فأتى الخبر هوازن» .
(7) وقع في ف «الجبار» مصحفا عن «جناب» وفي الطبري «يمن وجناب» .
(8) زيد في الطبري «الأشجعي وكان دليل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما وراءك؟ قال: تركت جمعا من غطفان بالجناب قد بعث إليهم عيينة بن حصن ليسيروا إليكم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد وخرج معه الدليل حسيل بن نويرة» .
(9) وفي الطبري زيد بعده «وشاء ولقيهم عبد لعيينة بن حصن فقتلوه ثم لقوا جمع عيينة فانهزم فلقيه الحارث بن عوف منهزما فقال: قد آن لك يا عيينة أن تقصر عما ترى» .
(10) وفي السيرة «قال ابن إسحاق: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من خيبر أقام بها شهري ربيع وجماديين ورجبا وشعبان ورمضان وشوالا يبعث فيما بين ذلك من غزوة سراياه صلى الله عليه وسلم» .

(1/312)


ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمر في ذي القعدة عمرة القضاء «1» لما فاتهم من العام الأول من عمرة الحديبية وعزم «2» أن ينكح ميمونة فبعث أبا رافع ورجلا من الأنصار من المدينة إلى ميمونة ليخطبها له ثم أحرم وساق سبعين بدنة في سبعمائة رجل، واستعمل على المدينة «3» ناجية بن جندب الأسلمي «3» ، وتحدثت قريش أن محمدا وأصحابه في عسر وجهد وحاجة، فقدم صلى الله عليه وسلم مكة وعبد الله بن رواحة أخذ بخطام ناقته [يقول] «4» :
خلوا بني «5» الكفار عن سبيله ... خلوا فكل «6» الخير في رسوله
يا رب إني مؤمن بقيله «7» ... أعرف حق الله في قبوله
نحن قتلناكم على تأويله ... كما قتلناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله «8»
واصطفت «9» قريش عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل
__________
(1) وفي الروض ويقال عمرة القصاص، وهذا الاسم أولى بها لقوله تعالى الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ.
(2) في ف «عز» .
(3- 3) كذا في ف، وفي السيرة «قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عويف بن الأضبط الديلي» . وفي الإصابة «قال ابن الكلبي: أسلم عام الحديبية، وقال غيره: كان النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة في عمرة الحديبية، وحكى البلاذري ذلك قال وقيل: أبو ذر، وقال ابن ماكولا: استخلفه لما اعتمر عمرة القضية، قال ويقال فيه: عوث- بمثلثة بدل الفاء- اه» .
(4) زيد من سيرة ابن هشام، وقد سقط من ف.
(5) من السيرة، وفي ف «بنو» .
(6) من السيرة، وفي ف «وكل» .
(7) من السيرة، وفي ف «بقبله» خطأ.
(8) في السيرة «قال ابن هشام: نحن قتلناكم على تأويله- إلى آخر الأبيات لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم، والدليل على ذلك أن ابن رواحة إنما أراد المشركين والمشركون لم يقروا بالتنزيل، وإنما يقتل على التأويل من أقر بالتنزيل» .
(9) وفي السيرة «عن ابن عباس قال: صفوا له عند دار الندوة ... » .

(1/313)


رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع «1» بردائه وأخرج عضده اليمنى وقال: «رحم الله امرأ أراهم «2» اليوم من نفسه قوة» ! ثم استلم الركن فخب ثلاثا ومشى أربعا، وخب المسلمون معه، واستلم الركن، وهرول بين الصفا والمروة ليرى المشركون، أن به قوة، ثم حلق ونحر البدن، فكانت البدنة عن عشرة. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، وتزوج ميمونة بها وهي حل وهو حرام «3» ، فأتاه حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود في نفر من قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وقالوا: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا «4» ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة بالمسلمين وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة حتى أتاه بها بسرف «5» فبنى بها وهما حلالان ثم رجع إلى المدينة «6» .
ثم بعث «7» صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من مكة بخمسين رجلا «8» ابن «9» أبي العوجاء السلمي في سرية إلى بني سليم «10» فلقيهم بنو «11» سليم على حرة فأصيب أصحابه، ونجا هو بنفسه فقدم المدينة «12» .
__________
(1) وقع في السيرة «اضطجع» كذا مصحفا.
(2) من السيرة، وفي ف «رأهم» كذا.
(3) من السيرة، وفي ف «حلال» كذا.
(4) من السيرة، وفي ف «وأخرج» وزيد بعده في السيرة «.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعاما فحضرتموه، قالوا: لا حاجة لنا في طعامك فأخرج عنا» .
(5) هو بكسر راء موضع من مكة بعشرة أميال- مجمع بحار الأنوار.
(6) زيد في السيرة «قال ابن هشام: فأنزل الله عز وجل عليه فيما حدثني أبو عبيدة لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً يعني خيبر» .
(7) كذا، وفي الطبري «وفيها كانت غزوة ابن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم في ذي القعدة بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما رجع من مكة في خمسين رجلا» .
(8) التصحيح من الطبري 3/ 101 والمغازي للواقدي 2/ 741، ووقع في ف «يوما» مصحفا.
(9) زيد قبله في الأصل «عروة» كذا.
(10) زيد في الطبري «في ذي القعدة» .
(11) من الطبري، وفي ف «بني» كذا.
(12) وفي المغازي «فلما رآهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا جمعهم دعوهم إلى الإسلام، فرشقوهم

(1/314)