السيرة
النبوية وأخبار الخلفاء السنة الثامنة من
الهجرة
حدثنا أحمد بن علي بن المثنى التميمي بالموصل ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا
حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد عن أنس قال: غلا «1» السعر على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! سعّر لنا، فقال: «إن الله
هو القابض والباسط المسعر «2» الرزاق، وإني أرجو أن ألقى الله وليس أحد
منكم يطالبني بمظلمة في نفس ولا مال» .
قال: في أول هذه السنة غلا «1» السعر على المسلمين فأتوا النبي صلى الله
عليه وسلم يسعر لهم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثم قال: «لا
تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا» ؛ ثم قال: «لا
يسوم الرجل على سوم أخيه. ولا يبيع حاضر لباد، دعو الناس يرزق بعضهم من
بعض» .
ثم طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة، فقعدت له على طريقه
بين المغرب والعشاء ثم قالت: يا رسول الله! ارجعني، فو الله ما بي حب
الرجال! لكني أحب أن أحشر في أزواجك ويومي لعائشة! فردها رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
ثم توفيت زينب بنت رسول الله، غسلتها سودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي أمية
زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي سرية إلى بني
ليث في بضعة
__________
بالنبل ولم يسمعوا قولهم، وقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه، فراموهم
ساعة، وجعلت الأمداد تأتي حتى أحدقوا بهم من كل ناحية، فقاتل القوم قتالا
شديدا حتى قتل عامتهم، وأصيب صاحبهم ابن أبي العوجاء جريحا مع القتلى، ثم
تحامل حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم- اه» وفي الطبري « ... فأصيب
بها هو وأصحابه جميعا، قال أبو جعفر: أما الواقدي فإنه زعم أنه نجا ورجع
إلى المدينة وأصيب أصحابه- اه» .
(1) في ف «علا» .
(2) في مجمع بحار الأنوار: وفيه: قالوا: سعر لنا، فقال: «إن الله هو
المسعر» ، أي إنه هو الذي يرخص الأشياء ويغلبها فلا اعتراض لأحد عليه. ط:
منع من التسعير مخافة أن يظلم في أموالهم، وفيه تحريك الرغبات والحمل على
الامتناع من البيع وكثيرا يؤدي إلى القحط.
(1/315)
عشر رجلا «1» ، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم
وساق نعمهم ومواشيهم إلى المدينة.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعبّاد «2»
ابني الجلندي «3» بعمان «4» ، فصدقا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأقرا بما
جاء به، وصدق عمرو بن العاص أموالهم، وأخذ الجزية من المجوس.
ثم صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن ساوى «5» العبدي «6» وكتب
إليه كتابا مع العلاء بن الحضرمي «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول
الله إلى المنذر ابن ساوى «5» ، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا
إله إلا هو، أما بعد فإن كتابك جاءني ورسلك، وأنه من صلى صلاتنا «7»
واستقبل قبلتنا فإنه مسلم، له ما للمسلم «8» وعليه ما على المسلم «9» ، ومن
أبى فعليه الجزية. فصالحهم «10» العلاء ابن الحضرمي [على] «11» أن على
المجوس «12» الجزية، لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم» .
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير «13» الغفاري سرية في
خمسة عشر رجلا
__________
(1) وفي الطبري «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي
كلب ليث إلى بني الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم ... »
(2) التصحيح من الطبري، وفي ف «عبرا» .
(3) التصحيح من الطبري، وفي ف «الجليد بن» خطأ.
(4) من الطبري، وفي ف «نعمان» خطأ.
(5) التصحيح من الطبري، وفي ف «شادي» .
(6) التصحيح من الطبري، وفي ف «العهدي» .
(7) زيد في الطبري بعده «وأكل ذبيحتنا» .
(8) في الطبري «للمسلمين» .
(9) في الطبري «المسلمين» .
(10) في الطبري «فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن على المجوس
الجزية ... »
(11) زيد من الطبري.
(12) من الطبري، وفي ف «المجوسي» كذا.
(13) في ف «كعب بن عمرو» وفي الطبري «عمرو بن كعب» كذا، والتصحيح من
الإصابة.
(1/316)
حتى انتهى إلى ذات أطلاح «1» من ناحية
الشام قريبا من مغار «2» وكانوا من قضاعة، فوجد بها جمعا كثيرا فدعاهم «3»
إلى الإسلام، فأبوا أن يجيبوا وقتلوا أصحاب كعب جميعا، ونجا هو بنفسه حتى
قدم المدينة «4» .
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب سرية إلى بني عامر قبل
نجد في أربعة وعشرين رجلا فأغار عليهم، فجاءوا نعما وشاء، فكانت سهمانهم
«5» اثني عشر «6» بعيرا، ونفلهم النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى مؤتة»
ناحية الشام، فأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا وقال: «إن أصيب زيد فجعفر بن
أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس» ، وتجهز
الناس معه فخرج معه قريبا من ثلاثة آلاف من المسلمين ومضى حتى نزل معان «8»
من أرض الشام، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب «9» من أرض البلقاء في مائة ألف
من الروم «10» ، فأقام المسلمون بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم، فشجّع الناس
عبد الله بن رواحة
__________
(1) في معجم البلدان «أطلاح- بالحاء المهملة ذات أطلاح، موضع من وراء ذات
القرى إلى المدينة أغزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير الغفاري
فأصيب بها هو وأصحابه» .
(2) مغار- بالضم وآخره راء: جبل فوق السوارقية في بلاد بني سليم في جوفه
أحساء- راجع المعجم.
(3) وفي الطبري «فدعوهم» .
(4) وفي الطبري «وتحامل حتى بلغ المدينة وقال الواقدي: وذات، أطلاح من
ناحية الشام وكانوا من قضاعة ورأسهم رجل يقال له سدوس» .
(5) في الطبري «سهامهم» .
(6) كذا في ف، وفي الطبري «خمسة عشر بعيرا لكل رجل» ويؤيده ما في المغازي
2/ 753.
(7) وفي الطبري «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى
الأولى من سنة ثمانية ... » .
(8) بالفتح وآخره نون، والمحدثون يقولونه الضم وإياه عني أهل اللغة ... قال
الأزهري: وميمه ميم مفعل، وهي مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من
نواحي البلقاء- معجم البلدان.
(9) من الطبري، وفي ف «مئاب» ، قال ياقوت: بعد الهمزة المفتوحة ألف وباء
موحدة بوزن معاب.. وهي مدينة في طرف الشام من نواحي البلقاء- معجم البلدان.
(10) من الطبري، وفي ف «القوم» .
(1/317)
وقال: يا قوم! والله إن التي تكرهون هي «1»
التي خرجتم من أجلها- الشهادة! ولا نقاتل «2» الناس بعدد ولا قوة، إنما
نقاتلهم بهذا الدين [الذي] «3» أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي «4» إحدى
الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة؛ فقال [الناس: قد والله] «3» صدق ابن رواحة!
ثم رحلوا، فلما كانوا بالقرب من بلقاء «5» لقيهم «6» جموع هرقل في الروم
«7» ، فلما دنا العدو انحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فتعبأ لهم
المسلمون وجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة، وعلى
ميسرتهم رجلا [من الأنصار] «8» من بني سعد بن هريم يقال له عبادة «9» ابن
مالك، ثم التقى الناس فاقتتلوا قتالا شديدا فقاتل «10» زيد بن حارثة «10»
براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى
«11» ألحمه القتال فاقتحم عن فرسه الشقراء وعرقبها وقاتل حتى قتل وفيه
اثنتان وسبعون ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، ثم أخذ عبد الله بن رواحة
الراية وتقدم بها وهو على فرسه فقاتل حتى قتل وأخذ الراية ثابت بن أقرم
«12» وقال: يا معشر المسلمين! اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما
«13» أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد،
__________
(1) في ف «هو» ، وفي الطبري «إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة» .
(2) من الطبري، وفي ف «يقاتل» كذا.
(3) زيد ما بين الحاجزين من الطبري.
(4) من الطبري، وفي ف «هو» .
(5) كذا في ف، وفي الطبري «حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء ... » .
(6) وفي الطبري «لقيتهم» .
(7) في الطبري «من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء ويقال لها مشارف» .
(8) زيد ما بين الحاجزين من الطبري.
(9) كذا في ف وهامش الطبري، وفي متن الطبري «عباية» وفي الإصابة: عباية بن
مالك الأنصاري ذكره ابن إسحاق وقال: إنه كان على ميسرة المسلمين يوم مؤتة
وقال ابن هشام: يقال هو عبادة.
(10- 10) من الطبري وهو الصواب، وفي ف «ابن رواحة» خطأ.
(11) زيد في الطبري «إذا» .
(12) في ف والطبري والمغازي «أرقم» ، والتصحيح من الإصابة والطبقات ج 3 ق 2
ص: 36.
(13) التصحيح من الطبري، وفي ف «إنما» خطأ.
(1/318)
فأخذ خالد الراية ودافع «1» القوم وحاشى
بهم «2» ثم انصرف بالناس فنعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس جعفر بن
أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة قبل أن يجيء خبرهم، ثم قال صلى
الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما، فإنه قد جاءهم ما يشغلهم» ؛ وقدم
خالد بن الوليد بالمسلمين فتلقاهم «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمسلمون «4» والصبيان «5» يحثون على الجيش التراب ويقولون: أفررتم «6» في
سبيل الله! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليسوا «7» بالفرارين «8»
ولكنهم الكرارون» «9» .
ثم بعث «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل
وهم قضاعة، وكانت أم العاص بن وائل قضاعية «11» فأراد رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن يتألفهم بذلك «12» فخرج في سراة «12» المهاجرين والأنصار، ثم
استمد «13» رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي عبيدة ابن الجراح على
المهاجرين والأنصار فيهم «14» أبو بكر وعمر فلما اجتمعوا واختلف
__________
(1) من الطبري، ووقع في ف «واقع» مصحفا.
(2) زيد في الطبري «ثم انحاز وتحيز عنه» .
(3) في الطبري «لما دنوا من دخول المدينة تلقاهم» .
(4) التصحيح من الطبري، وفي ف «المسلمين» .
(5) زيد في الطبري «ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول الله صلى الله عليه وسلم
مقبل مع القوم على دابة فقال: خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر،
فأتي بعبد الله بن جعفر فأخذه فحمله بين يديه، قال: وجعل الناس» .
(6) وفي الطبري، «يا فرّار» .
(7) التصحيح من الطبري، وفي ف «ليس» كذا.
(8) في الطبري «بالفرار» .
(9) في الطبري «ولكنهم الكرار إن شاء الله» وفي ف «ولكنهم بالكرارين» كذا.
(10) وفي الطبري 3/ 104 «فمما كان فيها من ذلك توجيه رسول الله صلى الله
عليه وسلم عمرو بن العاص في جمادى الآخرة إلى السلاسل من بلاد قضاعة في
ثلاثمائة» .
(11) من الطبري، وفي ف «قضاعة» كذا.
(12- 12) وفي الطبري فوجهه في أهل الشرف من» .
(13) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «استمر» مصحفا.
(14) التصحيح من الطبري، وفي ف «فهم» .
(1/319)
أبو عبيدة وعمرو بن العاص في الإمامة، فقال
المهاجرون: أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أميرنا، فأبى عمرو بن العاص وقال:
أنتم لي مدد، فقال أبو عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: إذا
قمت على أصحابك فتطاوعا «1» ؛ وإنك إن عصيتني لأطيعنك، فأطاعه أبو عبيدة بن
الجراح وكانوا يصلون خلف عمرو بن العاص؛ وفيها صلى بهم وهو جنب. فلما قدموا
على رسول الله أخبره الخبر، فقال عمرو:
لقيت من البرد شدة وإني لو اغتسلت خشيت الموت! فضحك رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال عمرو: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال الله وَلا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ»
- الآية.
وفي هذا الشهر كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خزاعة بن بديل وبشر
وسروات بني عمرو يدعوهم إلى الله ويعرض عليهم الإسلام.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة «3» سرية إلى غطفان في ستة
عشر رجلا، فبيتوهم وأصابوا نعما وشياه ورجعوا إلى المدينة.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة من
المهاجرين والأنصار قبل جهينة «4» وزودهم «5» جراب تمر، فأصابهم جوع شديد
وكان أبو
__________
(1) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 104 «لا تختلفا» ولفظه: فبعث إليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر
وعمر رضوان الله عليهم وقال لأبي عبيدة حين وجهه: لا تختلفا، فخرج أبو
عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو بن العاص: إنما جئت مددا لي، فقال له
أبو عبيدة: يا عمرو! إن رسول الله قد قال لي: لا تختلفا، وأنت إن عصيتني
أطعتك: قال: فأنا أمير عليك وإنما أنت مدد لي، قال: فدونك، فصلى عمرو بن
العاص بالناس.
(2) سورة 4 آية 29.
(3) وفي الطبري 3/ 106 «إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ابن أبي حدرد في
هذه السرية مع أبي قتادة وأن السرية كانت ستة عشر رجلا وأنهم غابوا خمس
عشرة ليلة وأن سهمانهم كانت اثني عشر بعيرا يعدل البعير بعشر من الغنم
وأنهم أصابوا في وجوههم أربع نسوة ... » .
(4) وفي الطبري 3/ 104 «قال الواقدي: وفيها كانت غزوة الخبط وكان الأمير
فيها أبو عبيدة بن الجراح، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب منها
في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار قبل جهينة فأصابهم فيها أزل شديد وجهد
حتى اقتسموا التمر عددا» .
(5) في ف «زودوهم» وفي الطبري «زودنا» .
(1/320)
عبيدة يعطيهم حفنة حفنة، ثم أعطاهم تمرة
تمرة، ثم ضرب لهم البحر بدابة «1» يقال لها العنبر فأكلوا منها شهرا، ثم
أخذ أبو عبيدة ضلعا «2» فنصبه فمر راكب البعير تحته؛ فلما رجعوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخبروه فقال: «هو رزق رزقتموه من الله، هل عندكم
منه شيء» ؟ وسمى هذا الجيش جيش الخبط «3» وذلك أنهم جاعوا فكانوا يأكلون
الخبط «4» حتى صارت أشداقهم كأشداق الإبل.
ثم استشار عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» أن لي «5» أرضا
بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس «6» عندي منه فما تأمرني؟ قال: «إن شئت حبست
أصلها وتصدقت بها» ، فحبس عمر أصلها وتصدق بها- ولا تباع ولا توهب ولا
تورث- في الفقراء والغرباء، وما بقي أنفق في سبيل [الله] وابن السبيل، لا
جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف وأن يعطي طريفا «7» عنه غير متمول
فيه.
ثم إن بكر بن عبد مناة بن كنانة خرجت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة
فقاتلوا، فلما «8» بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال للمسلمين:
«كأنكم بأبي سفيان قد قدم لتجديد العهد بيننا» ! وكان بديل بن ورقاء
بالمدينة فخرج إلى مكة
__________
(1) وقع في ف «براية» كذا مصحفا.
(2) في الأصل «ضلفا» كذا بالفاء خطأ.
(3) التصحيح من الطبري، وفي ف «الحنط» .
(4) من الطبري، ووقع في ف «الجنة» مصحفا.
(5- 5) في الأصل «إني» وقبله بياض بقدر كلمة.
(6) في ف «نفس» .
(7) في ف «طريقا» كذا بالقاف، والطرف والطريف والطارف: المال المستفاد-
لسان العرب.
(8) وفي الطبري 3/ 110 عن ابن إسحاق «قال ثم أقام رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالمدينة بعد بعثه إلى مؤتة جمادى الآخرة ورجبا ثم إن بني بكر بن عبد
مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له الوتير
وكان الذي هاج ما بين بني بكر وبني خزاعة رجل من بلحضرمي يقال له مالك بن
عباد وحلف الحضرمي يومئذ إلى الأسود بن رزن خرج تاجرا فلما توسط أرض خزاعة
عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه فعدت
خزاعة قبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن الديلي وهم منخر بني بكر
وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم» .
(1/321)
راجعا، فلما بلغ «1» عسفان لقيه أبو سفيان
وكانت قريش قد بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتجديد العهد، فقال
له أبو سفيان: من أين أقبلت يا بديل؟ قال: سرت إلى خزاعة، قال: جزت بمحمد؟
قال: لا، ثم خرج أبو سفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما
ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته «2» عنه، فقال: يا
بنيتي «3» ! ما أدري أرغبت بهذا «4» الفراش عني أم رغبت بي عنه؟ قالت:
هذا «5» فراش رسول الله «6» صلى الله عليه وسلم «6» وأنت رجل مشرك نجس! فلم
أحب أن تجلس على فراش «7» صلى الله عليه وسلم «7» ، ثم «8» خرج أبو سفيان
حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا، فذهب إلى أبي
بكر فكلمه أن يكلم «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنا بفاعل،
ثم خرج حتى أتى عمر فكلمه فقال عمر: أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم! والله لو لم أجد إلا الذرّ لجاهدتكم بهم «10» ! ثم خرج أبو
سفيان حتى دخل على علي بن أبي طالب وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعندها الحسن ابنها «11» يدبّ فقال: يا علي! إنك أمس القوم بي
رحما وأقربهم منى قرابة وقد جئت في حاجة فلا أرجعن كما
__________
(1) في ف «بلغا» ، وفي الطبري 3/ 112 «ومضى بديل بن ورقاء وأصحابه فلقوا
أبا سفيان بعسفان قد بعثته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشدد
العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذي صنعوا، فلما لقي أبو سفيان بديلا قال:
من أين أقبلت يا بديل؟ وظن أنه قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي، قال: أو ما أتيت محمدا؟
قال: لا» .
(2) من الطبري، ووقع في ف «طوعته» مصحفا.
(3) في الطبري «يا بنية والله» .
(4) في ف «هذا» ، وفي الطبري «أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني» !
(5) في الطبري «بل هو» .
(6- 6) ما بين الرقمين ليس في الطبري.
(7- 7) في الطبري «رسول الله» .
(8) زيد في الطبري «والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر» !
(9) زيد في الطبري «له» .
(10) ليس في الطبري.
(11) وفي الطبري «بن علي غلام» .
(1/322)
جئت «1» ، اشفع لي «2» إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، قال: ويحك يا أبا سفيان! لقد «3» عزم رسول الله صلى الله
عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه؛ فالتفت إلى فاطمة فقال: هل لك
أن تأمري «4» ابنك «5» هذا «6» أن يجير «6» بين الناس فيكون سيد العرب إلى
آخر الدهر، قالت: ما بلغ «7» ذلك ابني «7» أن يجير بين الناس «8» ، قال: يا
أبا الحسن! إني أرى الأمور قد اشتدت عليّ، «9» ما تنصح لي «9» ؟ قال:
والله! ما أعلم شيئا يغني 1»
عنك «11» ولكن قم «13» فأجر بين الناس و «12» الحق بأرضك «13» ، قال: و
«14» ترى ذلك يغني «15» عني شيئا؟ قال: والله «16» ما أدري «17» ! فقام أبو
سفيان في المسجد فقال:
أيها الناس! إني قد أجرت بين الناس- ثم خرج «18» . فلما قدم على قريش مكة
«19»
__________
(1) زيد في الطبري «خائبا» .
(2) في ف «بي» وفي الطبري «لنا» .
(3) زيد في الطبري «والله» .
(4) في ف «أن تأمرين» .
(5) كذا في ف، وفي الطبري «بنيك» .
(6- 6) وفي الطبري «فيجير» .
(7- 7) كذا في ف، وفي الطبري «بنيي ذلك» .
(8) زيد في الطبري «وما يجير على رسول الله أحد» .
(9- 9) كذا في ف غير أن فيه: يصح مكان: تنصح، وفي الطبري: فانصحني.
(10) من الطبري، وفي ف «يعني» كذا.
(11- 11) في الطبري «شيئا ولكنك سيد بني كنانة فقم» .
(12) في الطبري «ثم» .
(13) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «يرضاك» .
(14) زيد في الطبري «أ» .
(15) في ف «يعني» وفي الطبري «مغنيا» .
(16) زيد في الطبري «لا» .
(17) في الطبري «ما أظن ولكن لا أجد لك غير ذلك» .
(18) في الطبري «ثم ركب بعيره فانطلق» .
(19) ليس في الطبري.
(1/323)
قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدا فكلمته،
قال «1» : فو الله ما رد علي بشيء «2» ! ثم [جئت] «3» ابن أبي قحافة «4»
فلم أجد فيه «5» خيرا، ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أعدى «6» العدو «7» ، ثم
جئت عليا فوجدته ألين القوم، وقد أشار علي برأي «8» صنعته، فو الله! ما
أدري هل يغنيني «9» شيئا أم لا! قالوا: وبماذا أمرك؟
قال: أمرني أن أجير بين الناس، ففعلت؛ قالوا: فهل أجاز محمد ذلك؟ قال: لا،
قالوا: ويحك! والله إن زاد «10» علي بن أبي طالب على أن لعب بك! والله ما
يغني عنك «11» ما فعلت «12» !.
ثم عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مكة وأمرهم بالجد
والتهيؤ «13» وقال:
«اللهم! خذ «14» العيون والأخبار «14» عن قريش» «15» ، «16» فلما صح ذلك
منه ومن المسلمين «16» كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبر بالذي قد
أجمع عليه
__________
(1) ليس في الطبري.
(2) في الطبري «شيئا» .
(3) زيد من الطبري.
(4) من الطبري، ووقع في ف «محافة» كذا مصحفا.
(5) في الطبري «عنده» .
(6) من الطبري، وفي الأصل «أعداء» .
(7) في الطبري «القوم» .
(8) وقع في الطبري «بشيء» .
(9) من الطبري، وفي ف «يعني» .
(10) من الطبري، وفي ف «راد» .
(11) وفي الطبري «عنا» .
(12) وفي الطبري «قلت» وزيد فيه بعده» قال: لا والله ما وجدت غير ذلك» .
(13) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «النهي» مصحفا.
(14- 14) من الطبري، وفي ف «العيال والأخيار» .
(15) زيد بعده في الطبري «حتى نبغتها في بلادها» .
(16- 16) كذا في ف، وفي الطبري «لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
المسير إلى مكة» .
(1/324)
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعطاه
امرأة «1» من مزينة «2» وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا، فجعلته في رأسها
ثم فتلت عليه «3» قرونها ثم خرجت «4» ، وأخبر الله رسوله صلى الله عليه
وسلم بما فعل حاطب، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب
والزبير بن العوام وقال:
أدركا امرأة «5» من مزينة «5» قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما
«6» قدمنا عليه «6» ، فخرجا حتى أدركاها بالحليفة»
فاستنزلا «8» والتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي: إني أحلف
بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما كذب ولا كذبنا] «9» «10» إما أن
تخرجي الكتاب وإلا نكشفنك «10» فلما رأت الجد «11» قالت: أعرض عني، فأعرض
عنها علي، فحلت قرون رأسها واستخرجت الكتاب «11» فدفعته «12» إليه، فجاء به
«13» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
حاطبا فقال: «يا حاطب! ما حملك على هذا» ؟ قال. يا «14» رسول الله! والله
إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت «15» ولا بدلت ولكني كنت امرأ ليس لي في
القوم أصل ولا عشيرة وكان لي
__________
(1) زيد في الطبري «يزعم محمد بن جعفر أنها» .
(2) زيد في الطبري «وزعم غيره أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب» .
(3) من الطبري، وفي ف «عليها» .
(4) زيد في الطبري «به» .
(5- 5) ليس في الطبري.
(6- 6) كذا في ف، وفي الطبري «قد أجمعنا له في أمرهم» .
(7) التصحيح من الطبري، وفي ف «بالحامة» خطأ؛ وزيد بعده في الطبري «حليفة
ابن أبي أحمد» .
(8) في الطبري «فاستنزلاها» .
(9) زيد من الطبري ولفظه «ما كذب رسول الله ولا كذبنا» .
(10- 10) وفي الطبري «ولتخرجن إلى هذا الكتاب أو لكنكشفنك» .
(11) زيد في الطبري «منه» .
(12) من الطبري، وفي ف «ولا دفعته» كذا.
(13) زيد في الطبري «إلى» .
(14) زيد في ف «والله» ، وفي الطبري 3/ 114 «فقال: يا رسول الله! أما والله
إني لمؤمن بالله» .
(15) من الطبري، وفي ف «غرت» خطأ.
(1/325)
بينهم «1» أهل وولد «2» ، فقال عمر: دعني
«3» أضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وما
يدريك يا عمر! لعل الله قد اطلع «4» يوم بدر إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما
شئتم فقد غفرت لكم» «5» .
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة واستخلف على المدينة
أبارهم كلثوم بن حصين «6» بن عبيد «7» بن خلف «8» الغفاري، وذلك لعشر مضين
من رمضان، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام المسلمون، «9» ومع رسول
الله صلى الله عليه وسلم عشرة «9» آلاف من المسلمين، ولم يعقد الألوية ولا
نشر «10» الرايات، فلما بلغ الكديد- والكديد ما بين عسفان [وأمج] «11» أفطر
وأفطر المسلمون [وقد كان] «11» عيينة بن [حصن] «12» الفزاري [لحق رسول الله
بالعرج ولحقه الأقرع] «12» بن حابس التميمي «13» في نفر من أصحابهما فقال
عيينة: يا رسول الله! والله ما أرى آلة الحرب ولا تهيئة «14»
__________
(1) وفي الطبري «بين أظهرهم» .
(2) زيد في الطبري «فصانعتهم عليهم» .
(3) زيد في الطبري «يا رسول الله» .
(4) التصحيح من الطبري، وفي ف «اقطع» .
(5) زيد في الطبري «فأنزل الله عز وجل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ- إلى قوله: وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا- إلى آخر القصة» .
(6) في ف «الحصن» ، والتصحيح من الطبري والإصابة.
(7) ليس في الطبري، وفي ف «عيينة» .
(8) قال ابن حجر «اسمه كلثوم بن حصين بن خالد بن العميس بن زيد بن العميس
بن أحمس بن غفار، وقيل: ابن حصين بن عبيد بن خلف بن حماس بن غفار- الإصابة.
(9- 9) وفي الطبري «حتى إذا كان بالكديد ما بين عسفان وأمج أفطر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة ... » .
(10) في الطبري «ولم ينشر» .
(11) زيد ما بين الحاجزين من الطبري، وقد سقط من ف.
(12) زيد من الإصابة.
(13) زيد في الطبري «بالسقيا» .
(14) من الطبري، وفي ف «هيئة» .
(1/326)
الإجرام، فأين تتوجه «1» ؟ قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «حيث شاء الله» ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه
وسلم مر الظهران قد عمّيت الأخبار على «2» قريش فلا «3» يأتيهم خبر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو فاعل خرج «4» أبو سفيان بن حرب
وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون «5» الأخبار وينظرون هل يرون خبرا أو
يسمعون به، فقال العباس بن عبد المطلب: «6» يا صباح «6» قريش! والله لئن
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة قبل أن يأتوه فاستأمنوه إنه لهلاك
قريش إلى آخر الدهر! فركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم
البيضاء ومضى عليها حتى أتى الأراك وقال هل أجد «7» بعض الحطابة أو صاحب
لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليخرجوا إليه ويستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة، فبينما هو يسير إذ سمع «8»
كلام أبي سفيان «9» وهو يقول:
والله ما رأيت 1»
كالليلة نيرانا قط وعسكرا1»
! فقال بديل بن ورقاء: هذه والله [نيران] «11»
__________
(1) من الطبري، وفي ف «نتوجه» .
(2) في الطبري 3/ 114 «عن» .
(3) من الطبري، وفي ف «ولا» .
(4) زيد في الطبري «في تلك الليلة» .
(5) في الطبري «يتحسسون» وتجسس وتحسس بمعنى» .
(6- 6) في ف «وأشياخ» والتصحيح من الطبري 3/ 115 ولفظه «لما نزل رسول الله
صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس بن عبد المطلب وقد خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم من المدينة: يا صباح قريش! والله لئن بغتها رسول الله
في بلادها فدخل مكة عنوة إنه لهلاك قريش آخر الدهر ... » .
(7) في ف «أحد» كذا، وفي الطبري «أرى» ولفظه «فجلس على بغلة رسول الله صلى
الله عليه وسلم البيضاء وقال أخرج إلى الأراك لعلي أرى حطابا أو صاحب لبن
أو داخلا يدخل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(8) في ف «يسمع» كذا، وفي الطبري «سمعت» ولفظه «فخرجت فو الله إني لأطوف في
الأراك ألتمس ما خرجت له إذ سمعت» .
(9) في الطبري «صوت أبي سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء وقد
خرجوا يتحسسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت أبا سفيان» .
(10- 10) في الطبري «كاليوم قط نيرانا» .
(11) زيد من الطبري.
(1/327)
خزاعة «1» ! فقال أبو سفيان: خزاعة والله
الأم «2» وأذل «3» من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها! فلما عرف العباس «4»
صوتهم قال: يا أبا حنظلة! فعرف أبو سفيان صوته فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم،
«5» قال: ما لك؟ قال: فداك أبي وأمي ويحك يا أبا سفيان! هذا «5» رسول الله
صلى الله عليه وسلم «6» ! قال: واصباح قريش! قال: فما الحيلة- فداك أبي
وأمي؟ قال العباس: أما والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك! فاركب عجز هذه البغلة
«7» حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركب أبو سفيان خلف العباس
ورجع صاحباه إلى مكة؛ فكلما مر العباس بنار من نيران المسلمين قالوا:
من هذا؟ وإذا رأوه قالوا: بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس عليها
عمه، فلما مر بنار عمر ابن الخطاب قال: من هذا؟ وقام إليه فلما رأى أبا
سفيان «8» على عجز الدابة قال:
أبو سفيان عدو الله! الحمد لله الذي أمكن منك «9» من غير عقد ولا عهد! ثم
خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركض العباس بالبغلة فسبقه إلى
رسول الله فاقتحم العباس على «10» باب القبة «10» ودخل على رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله! هذا أبو
سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد!
__________
(1) زيد في الطبري بعده «حمشتها الحرب» .
(2) في الطبري «التم» ووقع في ف «بلام» مصحفا.
(3) من الطبري، وفي ف «أدل» خطأ.
(4) وقع في الأصل «الناس» وفي الطبري «فعرفت صوته» .
(5- 5) في الطبري «فقال لبيك فداك أبي وأمي فما وراءك فقلت هذا ... » .
(6) زيد في الطبري «ورائي قد دلف إليكم بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من
المسلمين» .
(7) وفي الطبري «تركب عجز هذه البغلة فاستأمن لك رسول الله، فو الله لئن
ظفر بك ليضر بن عنقك! فردفني فخرجت به أركض» .
(8) من الطبري، وفي ف «أبو سفيان» .
(9) التصحيح من الطبري، وفي ف «ملك» .
(10- 10) في ف «البغلة» والتصحيح من الطبري ولفظه «ثم اشتد نحو النبي صلى
الله عليه وسلم وركضت البغلة وقد أردفت أبا سفيان حتى اقتحمت على باب القبة
وسبقت عمر بما تسبق به الدابة البطيئة الرجل البطيء فدخل عمر على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله ... » .
(1/328)
فدعني أضرب عنقه، فقال العباس: يا رسول
الله! إني قد أجرته، ثم جلس العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «1»
وأكثر عمر في شأن أبي سفيان، فقال العباس: مهلا يا عمر! أما والله لو كان
من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد
مناف! فقال عمر: مهلا يا عباس! فو الله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلي من إسلام
الخطاب لو أسلم! «2» وما بي إلا أني عرفت «2» أن إسلامك كان أحب إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب «3» ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «اذهب به يا عباس إلى رحلك «4» ، إذا أصبحت فأتني به» «5» ،
فذهب به العباس إلى رحله «6» فبات عنده، فلما أصبح غدا به إلى «7» رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله» ؟ قال: بأبي
أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره
لقد أغنى «8» شيئا! قال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول
الله» ؟
قال: بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه فإن في النفس منها
شيئا «9» حتى الآن، فقال العباس: «10» ويحك! أسلم قبل أن يضرب «10» عنقك،
فتشهد أبو سفيان شهادة وأسلم؛ فقال العباس: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل
يحب الفخر فاجعل له شيئا «11» ، قال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن!
ومن أغلق
__________
(1) وفي الطبري «ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه
فقلت: والله لا يناجيه اليوم أحد دوني» .
(2- 2) في الطبري «وذلك لأني أعلم» .
(3) زيد في الطبري «لو أسلم» .
(4) في ف «رجلك» خطأ والتصحيح من الطبري.
(5) كذا، وفي الطبري «اذهب فقد آمناه حتى تغدو به على بالغداة، فرجع به إلى
منزله..»
(6) في ف «رجله» خطأ.
(7) كذا، وفي الطبري «على» .
(8) زيد في الطبري «عني» .
(9) في الطبري «شيء» كذا.
(10- 10) في الطبري «ويلك تشهد شهادة الحق قبل والله أن تضرب» .
(11) زيد في الطبري «يكون في قومه» .
(1/329)
عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو
آمن» ! فلما أراد أبو سفيان أن ينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يا «1» عباس! «2» احبسه، احبسه «2» بمضيق الوادي عند خطم «3» الجبل حتى
تمر به «4» جنود الله فيراها» «5» ، فخرج به العباس فحبسه حيث أمر به رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ومرت القبائل على راياتها؛ كلما مرت قبيلة قال
أبو سفيان: من هؤلاء يا عباس؟ فيقول العباس: سليم، فيقول أبو سفيان: مالي
ولسليم! ثم مرت به القبيلة «6» فقال: من هؤلاء؟ فقال العباس: مزينة، «7»
قال: مالي ولمزينة- حتى مرت القبائل، لا تمر به قبيلة إلا سأله عنها، فإذا
أخبره قال: مالي ولبني فلان «7» ، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الخضراء «8» كتيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها المهاجرون والأنصار
لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، قال: سبحان الله يا عباس! من هؤلاء؟ قال:
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار! قال: «9» ولا حد
بها ولا قبل ولا طاقة «9» يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة «5»
عظيما! فقال العباس: يا أبا سفيان! إنه 1»
لنبوة! قال: فنعم إذا «11» ، قال العباس: «12» أرحلك إلى قومك «12» ، فخرج
«13» أبو سفيان حتى إذا دخل مكة صرخ بأعلى صوته «13» : يا معشر
__________
(1) زيد في الطبري «انصرف» .
(2- 2) في الطبري «فاحبسه» .
(3) من الطبري، وفي ف «حطم» .
(4) في الطبري «عليه» .
(5) ليس في الطبري.
(6) كذا في ف، وفي الطبري «قبيلة» .
(7- 7) كذا في ف، وفي الطبري «فيقول من هؤلاء يا عباس؟ فأقول: أسلم فيقول:
ما لي ولأسلم! وتمر جهينة فيقول: مالي ولجهينة» . وفي ف «سالة» مكان «سالة»
.
(8) في ف «الحضراء» كذا.
(9- 9) كذا في ف، وليست في الطبري.
(10) في الطبري «ويحك إنها» .
(11) من الطبري، وفي ف «إذ» .
(12- 12) كذا في ف، وفي الطبري «الحق الآن بقومك فحذرهم» .
(13- 13) في الطبري «سريعا حتى أتى مكة فصرخ في المسجد» .
(1/330)
قريش! هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم
به! فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن! فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشار به
وقالت: اقتلوا «1» الحميت الدسم «1» الأحمش «2» ! فقال أبو سفيان: لا
يغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد جاءكم بما «3» لا قبل لكم به، من دخل دار
أبي سفيان فهو آمن! قالوا: قبحك الله! وما تغني «4» دارك؟ قال: ومن أغلق
عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى
المسجد.
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا طوى فرق جنوده، فبعث عليا من
ثنية المدنيين، وبعث الزبير من الثنية التي تطلع على الحجون «5» ، وبعث
خالد بن الوليد من الليط وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق أذاخر.
أمرهم أن لا يقاتلوا أحدا إلا من قاتلهم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن «6» صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن زمعة وسهيل ابن
عمرو «7» قد جمعوا جماعة من القريش والأحابيش بالخندمة «8» ليقاتلوا رسول
__________
(1- 1) من سمط النجوم 2/ 180، وفي ف «الحصيت الرسم» ، وفي لسان العرب (حمت)
: وفي حديث هند لما أخبرها أبو سفيان بدخول النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
اقتلوا الحميت الأسود؛ تعنيه استعظاما لقوله حيث واجهها بذلك.
(2) في ف «الأحميش» وفي اللسان (حمش) : وفي حديث هند قالت لأبي سفيان:
اقتلوا الحميت الأحمش- قالته في معرض الذم.
(3) في ف «ما» .
(4) زيد في ف «عن» ولم تكن الزيادة في السمط فحذفناها.
(5) وفي الطبري 3/ 117 «لما خرج أبو سفيان وحكيم من عند النبي صلى الله
عليه وسلم عامدين إلى مكة بعث في أثرهما الزبير وأعطاه رايته وأمره على خيل
المهاجرين والأنصار وأمره أن يغرز رايته بأعلى مكة بالحجون، وقال للزبير:
لا تبرح حيث أمرتك أن تغرز رايتي حتى آتيك، ومن ثم دخل رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وأمر خالد بن الوليد فيمن كان أسلم من قضاعة وبني سليم وأناس
إنما أسلموا قبيل ذلك أن يدخل من أسفل مكة وبها بنو بكر قد استنفرتهم قريش
وبنو الحارث بن عبد مناة ومن كان من الأحابيش، أمرتهم قريش أن يكونوا بأسفل
مكة، فدخل عليهم خالد بن الوليد من أسفل مكة، وحدثت أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال لخالد والزبير حين بعثهما: لا تقاتلا إلا من قاتلكما ... » .
(6) من الطبري 3/ 118، وفي ف «إلى» خطأ.
(7) زيد في ف «و» كذا.
(8) التصحيح من الطبري، وفي ف «وأبو الخندمة» خطأ.
(1/331)
الله صلى الله عليه وسلم، فلقيهم خالد بن
الوليد بمن معه من المسلمين «1» [ناوشوهم] «2» «3» فقتل منهم «3» خالد بن
الوليد ثلاثة وعشرين «4» رجلا وهو معهم «5» ، وقتل من المشركين كرز بن جابر
الفهري «6» ؛ فمن ههنا اختلف الناس في فتح مكة عنوة «7» كان أم صلحا.
__________
(1) وفي الطبري «فلما قدم خالد على بني بكر والأحابيش بأسفل مكة قاتلهم
فهزمهم الله عز وجل ولم يكن بمكة قتال غير ذلك غير أن كرز بن جابر أحد بني
محارب بن فهر وابن الأشعر رجلا من بني كعب كانا في خيل الزبير فسلكا كداء
ولم يسلكا طريق الزبير الذي سلك الذي أمر به، فقدما على كتيبة من قريش مهبط
كداء فقتلا ولم يكن بأعلى مكة من قبل الزبير قتال ومن ثم قدم النبي صلى
الله عليه وسلم وقام الناس إليه يبايعونه فأسلم أهل مكة وأقام النبي صلى
الله عليه وسلم عندهم نصف شهر لم يزد على ذلك حتى جاءت هوازن وثقيف فنزلوا
بحنين» .
(2) وقع في ف «فارشهم» مصحفا، والتصحيح من الطبري.
(3- 3) في الطبري «شيئا من قتال» .
(4) في ف «عشرون» وفي كتاب المغازي للواقدي 2/ 825 «أربعة وعشرين» وزيد فيه
بعده «من قريش، وأربعة من هذيل» .
(5) كذا في ف، ولعله «وهو منعهم» أي منعهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما
في المغازي 2/ 826 «ولما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية أذاخر
نظر إلى البارقة فقال: «ما هذه البارقة؟ ألم أنه عن القتال» ! قيل: يا رسول
الله! خالد بن الوليد قوتل، ولو لم يقاتل ما قاتل! فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: قضى الله خيرا» . وفي ص 838 «وجاء خالد بن الوليد إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: «لم قاتلت وقد نهيت عن القتال» ؟ فقال: هم يا
رسول الله بدأونا بالقتال ورشقونا بالنبل، ووضعوا فينا السلاح، وقد كففت ما
استطعت، ودعوتهم إلى الإسلام- إلخ» .
(6) في الأصل «النهري» خطأ، وفي الطبري «أحد بني محارب بن فهر» .
(7) وفي كتاب المغازي 2/ 825 «فلما دخل خالد بن الوليد وجد جمعا من قريش
وأحابيشها قد جمعوا له، فيهم صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن
عمرو فمنعوه الدخول وشهروا السلاح، وقالوا: لا تدخلها عنوة أبدا! فصاح خالد
بن الوليد في أصحابه وقاتلهم فقتل منهم- إلخ» . قال في الروض 2/ 272 ما نصه
«ونذكر هاهنا طرفا من أحكام أرض مكة فقد اختلف هل افتتحها النبي صلى الله
عليه وسلم عنوة أو صلحا ليبتني على ذلك الحكم هل أرضها ملك لأهلها أم لا؟
وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يأمر بنزع أبواب دور مكة إذا قدم
الحاج، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله بمكة أن ينهى أهلها عن كراء دورها
إذا جاء الحاج فإن ذلك لا يحل لهم، وقال مالك رحمه الله: إن كان الناس
ليضربون فساطيطهم بدور مكة لا ينهاهم أحد، وروي أن دور مكة كانت تدعى
السوائب؛ وهذا كله منتزع من أصلين: أحدهما قوله تبارك وتعالى:
وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ
(1/332)
فلما بلغ أبا قحافة قدوم النبي صلى الله
عليه وسلم مكة قال لابنة له من أصغر ولده: أي بنيتي! اظهري بي على ظهر قبيس
وكان نظره قد كف إذ ذلك، فقال: أي بنية «1» ! ما ترين؟
قالت: أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل؛ ثم قالت: والله قد انتشر السواد!
فقال: والله لقد دفعت الخيل سرعى إلى بيتي! فانحبطت به وتلقته الخيل قبل أن
يصل إلى بيته.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من «2» أذاخر مكة «2» على رأسه مغفر من
حديد عليه عمامة سوداء «3» ، ولم يلق أحد من المسلمين قتالا إلا ما كان من
خالد بن الوليد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ستة أنفس من
المشركين قبل قدومهم إلى مكة، وقال: «أي موضع رأيتم هؤلاء فاقتلوهم» : عبد
«4» الله بن سعد بن أبي سرح «5» وعبد الله بن خطل رجل من بني تميم بن غالب
«6» والحويرث بن
__________
فِيهِ وَالْبادِ، وقال ابن عمرو بن عباس: الحرم كله مسجد؛ والأصل الثاني أن
النبي صلى الله عليه وسلم دخلها عنوة غير أنه منّ على أهلها بأنفسهم
وأموالهم، ولا يقاس عليها غيرها من البلاد كما ظن بعض الفقهاء فإنها مخالفة
لغيرها من وجهين: أحدهما ما خص الله به نبيه فإنه قال: قُلِ الْأَنْفالُ
لِلَّهِ وَالرَّسُولِ والثاني ما خص الله تعالى به مكة فإنه جاء: لا تحل
غنائمها ولا تلتقط لقطتها وهي حرم الله تعالى وأمنه، فكيف تكون أرضها أرض
خراج! فليس لأحد افتتح بلدا أن يسلك به سبيل مكة، فأرضها إذا ودورها لأهلها
ولكن أوجب الله عليهم التوسعة على الحجيج إذا قدموها ولا يأخذوا منهم كراء
في مساكنها؛ فهذا حكمها فلا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحا، وإن كانت
ظواهر الحديث أنها فتحت عنوة. وذكر الهذلي الذي قتل وهو واقف فقال: أقد
فعلتموها يا معشر خزاعة! وروى الدارقطني في السنن أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «لو كنت قاتل مسلم بكافر لقتلت خراشا بالهذلي يعني بالهذلي قاتل
ابن أثوغ وخراش هو قاتله وهو من خزاعة» .
(1) وقع في ف «بينه» مصحفا.
(2- 2) في الطبري «من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة وضربت هنا لك قبته» .
(3) في ف «سوادا» كذا.
(4) زيد في الطبري «منهم» وزيد قبله «وإن وجدوا تحت أستار الكعبة» .
(5) زيد في الطبري «بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي
وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله أنه كان قد أسلم فارتد مشركا
ففر إلى عثمان- إلخ» .
(6) زيد في الطبري «وإنما أمر بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى
الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من
(1/333)
نقيذ «1» بن وهب بن عبد [بن] «2» قصي «3»
ومقيس بن صبابة «4» الليثي وسارة مولاة كانت لبعض بني عبد المطلب «5» ،
فأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح ففر «6» إلى عثمان بن عفان وكان أخاه في
الرضاعة فغيبه «7» عثمان حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمنه
«8» ، وأما الحويرث بن نقيذ فقتله علي بن أبي طالب؛ وأما [ابن] «9» خطل
«10» فتعلق بأستار الكعبة يلوذ بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«اقتلوه» ، فقتله «11» سعيد بن المخزومي وأبو بررة «12» تحت الأستار،
اشتركا في دمه؛ وأما مقسيس «13» فقتله
__________
الأنصار وكان معه مولى له يخدمه وكان مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح
له تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم
ارتد مشركا، وكانت له قينتان فرتنا وأخرى معها وكانتا تغنيان بهجاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه» .
(1) التصحيح من الطبري، وفي ف «النقيد» .
(2) زيد من الطبري.
(3) زيد في الطبري «وكان ممن يؤذيه بمكة» .
(4) من الطبري، وفي ف «صباية» كذا وزيد فيه بعده «وإنما أمر بقتله لقتله
الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مرتدا» .
(5) زيد في الطبري «وكانت ممن يؤذيه بمكة» وزيد فيه بعده بما لفظه «فأما
عكرمة بن أبي جهل فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام
فاستأمنت له رسول الله فآمنه فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله صلى الله
عليه وسلم- إلخ» .
(6) من الطبري، وفي ف: نفر.
(7) من الطبري، ووقع في ف «فبعثه» مصحفا.
(8) زيد في الطبري «فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صمت طويلا ثم
قال: نعم، فلما انصرف عثمان قال رسول الله لمن حوله من أصحابه: «أما والله
لقد صممت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه» ! فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت
إلي يا رسول الله؟ قال: «إن النبي لا يقتل بالإشارة» .
(9) زيد من الطبري 3/ 120، ولفظه «عبد الله بن خطل» واختلف في اسمه، وفي
سمط النجوم العوالي 1832 «وأما الجمع بين الأقوال في اسمه أنه كان يسمى عبد
العزى، فلما أسلم سمي عبد الله، وأما من قال: هلال، فألبس عليه بأخ له اسمه
هلال» .
(10) التصحيح من الطبري، وفي ف «اخطل» كذا.
(11) من الطبري، وفي ف «فقتلوه» .
(12) زيد في الطبري «الأسلمي» .
(13) زيد في الطبري «بن صبابة» .
(1/334)
نميلة «1» بن عبد الله «2» ، ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم» ! ونزل النبي صلى
الله عليه وسلم الأبطح وضرب لنفسه فيه قبة؛ وجاءته أم هانىء بنت أبي طالب
فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في جفنة فيها أثر العجين وفاطمة
ابنته تستره بثوب، فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به ثم صلى ثماني «3» ركعات من
الضحى، ثم انصرف إليها فقال:
مرحبا مرحبا وأهلا بأم هانىء! ما الذي جاء بك؟» قالت: رجلان من أصهاري من
بني مخزوم وقد أجرتهما «4» وأراد علي قتلهما «5» - وكانت أم هانىء تحت
هبيرة بن أبي وهب المخزومي- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجرنا من
أجرت يا أم هانىء» ! ثم إن عمير بن وهب «6» قال: يا رسول الله! إن صفوان بن
أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فآمنه «7» ، قال: «هو
آمن» ، قال: يا رسول الله! أعطني شيئا يعرف به أمانك، فأعطاه رسول الله صلى
الله عليه وسلم عمامته التي دخل بها «8» مكة، فخرج عمير بها حتى أدرك صفوان
بن أمية بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال: يا صفوان! فداك أبي وأمي! أذكرك
الله «9» في نفسك أن تهلكها! فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم
«10» جئتك به؛ قال: ويلك! اغرب عني «11» ، قال: أي «12» صفوان! فداك أبي
__________
(1) من الطبري، وفي ف «تميلة» خطأ.
(2) زيد في الطبري «رجل من قومه» .
(3) من سمط النجوم العوالي 2/ 185، وفي ف «ثمان» كذا.
(4) وفي السمط «وأجارت أم هانىء حموين لها ... والرجلان: الحارث بن هشام
وزهير بن أمية بن المغيرة.
(5) زيد في السمط: فأغلقت عليهما باب بيتها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه
وسلم.
(6) من الطبري 3/ 121، وفي ف «وهيب» .
(7) زيد في الطبري: صلى الله عليك.
(8) في الطبري «فيها» .
(9) في ف «له» والتصحيح من الطبري.
(10) زيد في الطبري «قد» .
(11) زيد في الطبري «فلا تكلمني» .
(12) التصحيح من الطبري، وفي ف «عمرو» خطأ.
(1/335)
وأمي! أوصل «1» الناس وأبر الناس وأحلم
الناس وخير الناس ابن عمتك «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» ، عزه عزك
وشرفه شرفك وملكه ملكك، قال صفوان: ويلك! إني «4» أخافه على نفسي، «5»
فأعطاه العمامة، وخرج «2» به معه، فلما وقف على رسول الله صلى الله عليه
وسلم «6» فقال: يا رسول الله «6» ! هذا [زعم أنك] «7» قد آمنتني «8» ، قال:
«صدق» ، قال: فاجعلني «9» بالخيار شهرين، قال: أنت بالخيار أربعة أشهر.
ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف بالبيت سبعا على بعيره يستلم
الركن بمحجنه، ثم طاف بين الصفا والمروة، ثم دعا عثمان بن «10» طلحة الحجبي
فأخذ مفتاح الكعبة وفتحه ثم دخله وصلى فيه ركعتين بين الأسطوانتين، بينه
وبين الجدار ثلاثة أذرع، ثم خرج فوقف على بابها وهو يقول: «لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا! كل مأثرة
أو دم أو مال يدّعى «11» فهو تحت قدميّ هاتين إلا سدانة البيت وسقاية
الحاج؛ ألا! وقتيل «12» الخطأ [مثل] «7» العمد بالسوط «13» والعصا، فيه
«14» الدية مغلظة «15» [مائة ناقة، منها
__________
(1) في الطبري «أفضل» .
(2) التصحيح من الطبري، وفي ف «عمرو» خطأ.
(3) ليس في الطبري من «رسول» إلى هنا.
(4) من الطبري، وفي ف «أنه» .
(5- 5) في الطبري «قال هو أحلم من ذلك أو أكرم فرجع» .
(6- 6) كذا، وفي الطبري قال «صفوان» .
(7) زيد من الطبري.
(8) من الطبري، وفي ف «أمني» .
(9) زيد في الطبري «في أمري» .
(10) في ف «ة» خطأ.
(11) التصحيح من الطبري 3/ 120، وفي ف «بدعا» خطأ.
(12) من الطبري، وفي ف «قيل» خطأ.
(13) في الطبري «السوط» .
(14) في الطبري «فيهما» .
(15) من الطبري، وفي ف «مغلطة» كذا.
(1/336)
أربعون] «1» في بطونها أولادها، يا معشر
قريش! إن الله قد أذهب عنكم نخوة «2» الجاهلية وتعظمها «3» بالآباء «4» ،
الناس من آدم وآدم «5» من تراب» - ثم تلا هذه الآية يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً
وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ
الآية] «6» ثم قال: «يا أهل مكة! ما ترون أني فاعل بكم؟» [قالوا: خيرا، أخ
كريم وابن أخ كريم] «7» ثم قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» «8» ! فقام إليه علي
بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله! اجعل الحجابة مع
السقاية فلتكن إلينا جميعا «9» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين
عثمان بن طلحة الحجبي؟» فدعاه «10»
__________
(1) زيد ما بين الحاجزين من كتاب المغازي للواقدي 2/ 836، وقد سقط من ف.
(2) التصحيح من الطبري والمغازي، وفي ف «عينة» مصحف.
(3) من الطبري، وفي ف «تعظيمها» وفي المغازي «تكبرها» .
(4) في المغازي «بآبائها» .
(5) زيد في الطبري «خلق» .
(6) سورة 49 آية 13.
(7) زيدت من الطبري، وزيد بعده في المغازي 2/ 835 «وقد قدرت» .
(8) من الطبري، وفي ف «طلقاء» وفي المغازي «فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ
يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» وزيد في الطبري
«فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة
وكانوا له فيئا، فبذلك يسمى أهل مكة الطلقاء» .
(9) وفي سمط النجوم العوالي 2/ 190 «فدخل صلى الله عليه وسلم البيت، فلما
خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له بين السقاية والسدانة» .
(10) في ف «فدعا له» كذا، وفي السمط 2/ 189 برواية ابن عمر رضي الله عنهما
«ثم دعا عثمان بن طلحة فقال: ائتني بالمفتاح، فذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه،
فقال: لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي! فأعطته إياه، فجاء به إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه ففتح الباب- رواه مسلم. وروى الفاكهي
... كان بنو طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة غيرهم، فأخذ رسول
الله صلى الله عليه وسلم المفتاح ففتحها بيده. وعثمان المذكور هو عثمان بن
طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى، ويقال له الحجبي- بفتح المهملة والجيم،
وبنوه يعرفون الآن بالشيبيين نسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن
عم عثمان، وعثمان هذا لا ولد له، وله صحبة ورواية، واسم أم عثمان سلافة-
بضم السين المهملة
(1/337)
فقال: «هل لك مفتاحك» «1» ؟ فدفعه إليه.
فلما كان الغد من فتح مكة عدت «2» خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك،
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا «3» فقال: «أيها الناس! إن
__________
وتخفيف الفاء. وفي الطبقات لابن سعد عن عثمان بن طلحة قال: كنا نفتح الكعبة
في الجاهلية يوم الاثنين والخميس، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم يوما
يريد أن يدخل الكعبة مع الناس، فأغلظت له ونلت منه فحلم علي ثم قال: «يا
عثمان! لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت» ، فقلت: لقد هلكت
قريش يومئذ وذلت! قال: بل عمرت وعزت يومئذ ودخل الكعبة فوقعت كلمته مني
موقعا ظننت أن الأمر يومئذ سيصير إلى ما قال، فلما كان يوم الفتح قال: «يا
عثمان! ائتني بالمفتاح» ، فأتيته به، فأخذه مني ثم دفعه إلي وقال: خذوها
خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان! إن الله استأمنكم على
بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف، فلما وليت ناداني، فرجعت
إليه فقال: «ألم يكن الذي قلت لك» ؟ قال: فذكرت قوله لي بمكة قبيل الهجرة:
لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت، قلت: بلى، أشهد أنك رسول
الله. وفي التفسير: إن هذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي، أمره
عليه الصلاة والسلام أن يأتيه بمفتاح الكعبة، فأبى عليه وأغلق باب البيت
وصعد إلى السطح وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه، فلوى عليّ يده وأخذ
منه المفتاح وفتح الباب ... وعن الكلبي: لما طلب عليه الصلاة والسلام
المفتاح من عثمان مد به يده إليه، فقال العباس: يا رسول الله! اجعلها مع
السقاية، فقبض عثمان يده بالمفتاح، فقال له صلى الله عليه وسلم: «إن كنت يا
عثمان تؤمن بالله واليوم الآخر فهاته» ، فقال: هاكه بالأمانة، فأعطاه إياه
ونزلت الآية- ولمزيد التفصيل راجع السمط.
(1) كذا في ف، ولعله: هل لك في مفتاحك، أي رغبة.
(2) في ف «غزت» كذا.
(3) وفي المغازي 2/ 843 «قالوا: خرج غزيّ من هذيل في الجاهلية وفيهم جنديب
بن الأدلع يريدون حي أحمر بأسا وكان أحمر بأسا رجلا من أسلم شجاعا لا يرام
... فلما جاءهم ذلك الغزي من هذيل قال لهم جنيدب بن الأدلع: إن كان أحمر
بأسا في الحاضر فليس إليهم سبيل؛ وإن كان له غطيط لا يخفى فدعوني أتسمع،
فتسمع الحس فسمعه، فأمه حتى وجده نائما فقتله ... ثم حملوا على الحي ...
فنالوا من الحاضر حاجتهم ثم انصرفوا فتشاغل الناس بالإسلام، فلما كان بعد
الفتح بيوم دخل جنيدب بن الأدلع معه يرتاد وينظر- والناس آمنون- فرآه جندب
بن الأعجم الأسلمي فقال: جنيدب بن الأدلع قاتل أحمر بأسا؟ فقال: نعم، فخرج
جندب يستجيش عليه، وكان أول من لقي خراش بن أمية الكعبي فأخبره فاشتمل خراش
على السيف ثم أقبل إليه ... فطعنه به في بطنه ... فجعلت حشوته تسايل من
بطنه وإن عينيه لتبرقان في رأسه وهو يقول: قد فعلتموها يا معشر خزاعة!
(1/338)
الله «1» حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض
«2» ، فهي «3» حرام إلى يوم القامة، لا «4» يحل «5» لامرىء يؤمن «5» بالله
واليوم الآخر أن يسفك بها «6» دما» ، «7» ثم قال: «إن الله حبس عن مكة
الفيل وسلك عليها رسوله وإنها «7» لم «8» تحل لأحد «9» قبلي، و «10» إنما
أحلت لي «10» ساعة من نهار «11» ، وإنها «12» لا تحل لأحد بعدي؛ «13» لا
ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها ولا يحل ساقطتها إلا لمنشد» ، فقال العباس:
إلا الإذخر! فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «إلا الإذخر» «13» . وكانت أم حكيم بنت الحارث بن
__________
فوقع الرجل فمات، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فقام خطيبا» .
وفي الطبري 3/ 121 «فيها قتل خراش ابن أمية الكعبي جنيدب بن الأدلع الهذلي.
وقال ابن إسحاق: ابن الأثوع الهذلي، وإنما قتله بذحل كان في الجاهلية فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خراشا قتال! إن خراشا قتال» ! يعيبه بذلك،
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم خزاعة أن يدوه» . وفي المغازي 845 «قتله
خراش بعد ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القتل فقال: «لو كنت قاتلا
مؤمنا بكافر لقتلت خراشا بالهذلي» .
(1) كذا في السمط 2/ 185، وزيد في المغازي «قد» .
(2) زيد في المغازي «ويوم خلق الشمس والقمر، ووضع هذين الجبلين» .
(3) من المغازي والسمط، وفي ف «وهي» .
(4) كذا في المغازي، وفي السمط «فلا» .
(5- 5) في المغازي «لمؤمن» .
(6) كذا في ف والسمط، وفي المغازي «فيها» .
(7- 7) ليست في المغازي، وفي ف: عكرمة- مكان: مكة.
(8) زيد قبله في المغازي «ولا يعضد فيها شجرا» وفي السمط «أو يعضد بها
شجرة» .
(9) زيد في المغازي كان» .
(10- 10) من السمط، وفي ف «أنها حلت لي» وفي المغازي «لم تحل لي إلا» .
(11) أخر هذه الجملة في المغازي عن «بعدي» وزيد فيه بعدها «ثم رجعت (وفي
السمط: وقد عادت حرمتها اليوم) كحرمتها بالأمس، فليبلغ شاهدكم غائبكم (وفي
السمط: الشاهد الغائب) فإن قال قائل: قد قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه
وسلم! فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لكم (وفي السمط: فإن أحد
ترخص فيها لقتال فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، يا معشر خزاعة!
ارفعوا أيديكم عن القتل، فقد والله كثر القتل إن نفع، وقد قتلتم هذا
القتيل، والله لأدينه! فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بالخيار، إن شاءوا فدم
قتيلهم، وإن شاءوا فعقله» .
(12) ليس في المغازي.
(13- 13) كذا في ف، وليست في المغازي في هذه الخطبة، بل هي في خطبة يوم
الفتح، وفيه: خلاها
(1/339)
هشام تحت عكرمة بن أبي جهل وفاختة بنت
الوليد تحت صفوان بن أمية «1» فلما أسلمتا قالت أم حكيم لرسول الله صلى
الله عليه وسلم وسألته أن يستأمن عكرمة، فآمنه وقد كان خرج إلى اليمن
فلحقته «1» باليمن حتى جاءت به، وأسلم [عكرمة و] «2» صفوان فأقرهما رسول
الله صلى الله عليه وسلم عندهما «3» على النكاح الأول الذي كانا عليه.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من كان في بيته صنم أن يكسره
فكسروا الأصنام كلها، وكسر خالد بن الوليد العزى ببطن نخلة «4» وهدم بيته
«4» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تلك العزى «5» لا تعبد «5» أبدا» .
وكسر عمرو بن العاص سواع «6» ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله «7»
. وكسر سعد «8» بن زيد الأشهلي «9» المناة بالمشلل.
__________
- مكان: شوكها، لا تحل لقطتها- مكان: لا يحل ساقطتها، وزيد بعد هذه العبارة
فيه: فإنه حلال ولا وصية لوارث- إلخ، راجع لهذه الخطبة خطبة يوم الفتح
بتمامها المغازي للواقدي 2/ 836 و «837.
(1- 1) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 122 «أسلمتا فأما أم حكيم فاستأمنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل فآمنه فلحقت به» .
(2) زيد ما بين الحاجزين من الطبري.
(3) من الطبري، وفي ف «عنده» .
(4- 4) وفي الطبري 3/ 123 «لخمس ليال بقين من رمضان وهو صنم لبني شيبان بطن
من سليم حلفاء بني هاشم، وبنو أسد بن عبد العزى يقولون: هذا صنمنا، فخرج
إليه خالد فقال: قد هدمته، قال: أرأيت شيئا؟ قال: لا، قال: فارجع فاهدمه؛
فرجع خالد إلى الصنم فهدم بيته وكسر الصنم، فجعل السادن يقول: أعزى! اغضبي
بعض غضباتك، فخرجت عليه امرأة حبشية عريانة مولولة، فقتلها وأخذ ما فيها من
حلية، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك» .
(5- 5) في الطبري «ولا تعبد العزى» .
(6) وفي الطبري «وفيها هدم سواع وكان برهاط لهذيل وكان حجرا وكان الذي هدمه
عمرو بن العاص، لما انتهى إلى الصنم قال له السادن: ما تريد؟. قال له عمرو
بن العاص: أنت في الباطل بعد! فهدمه عمرو ولم يجد في خزانته شيئا» .
(7) في الطبري «والله» .
(8) من الطبري، وفي ف «سعيد» وفي الإصابة «سعد بن زيد بن مالك بن عبد بن
كعب بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي ... وله ذكر في السيرة وأنه الذي هدم
المنار الذي كان بالمشلل- إلخ» .
(9) من الطبري، وفي ف «الأشهل» كذا، وزيد بعده في الطبري «وكان للأوس
والخزرج» .
(1/340)
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم «1»
حول مكة «2» الناس يدعون «2» إلى الله ولم يأمرهم بقتال، وكان ممن بعث خالد
بن الوليد وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعيا «3» ولم يبعثه مقاتلا ومعه «4»
سليم ومدلج وقبائل من غيرهم، فلما نزلوا بغميصاء «5» وهي «6» من مياه بني
جذيمة «7» وكانت بنو حذيمة قد أصابوا في الجاهلية عوف بن عبد «8» أبا عبد
الرحمن بن عوف والفاكه «9» بن المغيرة «10» كانا أقبلا تاجرين من اليمن حتى
إذا نزلا بهم قتلوهما وأخذوا أموالهما، فلما كان «11» الإسلام بلغ «12»
خالد «13» بن الوليد إليهم و «14» رآه القوم أخذوا السلاح، فقال لهم خالد:
ضعوا السلاح فإن القوم أسلموا «15» فوضع القوم السلاح لقول خالد، فلما
وضعوها «16» أمر بهم
__________
(1) زيد في الطبري «فيما» .
(2- 2) في الطبري «السرايا تدعو» .
(3) التصحيح من الطبري، وفي ف «واعيا» كذا بالواو.
(4) زيد في الطبري «قبائل من العرب» .
(5) في الطبري «على الغميصاء» .
(6) زيد في الطبري «ماء» .
(7) في ف «جديمة» كذا بالدال، والتصحيح من الطبري، وزيد فيه بعده «بن عامر
بن عبد مناة بن كنانة على جماعتهم» .
(8) زيد بعده في الطبري «عوف» .
(9) من الطبري، وفي ف «الفاكة» كذا.
(10) زيد في الطبري «و» .
(11) من الطبري، وفي ف «كانا» .
(12) في الطبري «وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(13) في ف «الخالد» كذا.
(14) في الطبري «فلما» .
(15) زيد في الطبري «عن رجل من بني جذيمة قال: لما أمرنا خالد بوضع السلاح
قال رجل منا يقال له جحدم: ويلكم يا بني جذيمة! إنه خالد، والله ما بعد وضع
السلاح إلا الإسار ثم بعد الإسار إلا ضرب الأعناق! والله لا أضع سلاحي
أبدا! قال: فأخذه رجال من قومه فقالوا: يا جحدم! أتريد أن تسفك دماءنا إن
الناس قد أسلموا ووضعت الحرب وأمن الناس فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه
ووضع القوم السلاح لقول خالد ... » .
(16) في الطبري «وضعوه» والسلاح يذكر ويؤنث.
(1/341)
خالد «1» فكتفوا ثم عرضهم على السيف «2» ؛
فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء و
«3» قال: «اللهم! أبرأ «2» إليك مما صنع خالد بن الوليد؛ ثم دعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال: يا علي! [اخرج] «4» إلى هؤلاء
القوم وانظر في أمرهم «5» واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك» ، فخرج عليّ حتى
جاءهم ومعه مال قد بعثه به «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم، «7» ثم ودى
«7» لهم الدماء وما أصيب من الأموال «8» حتى لم «9» يبق لهم شيء من دم ولا
مال إلا وداه، وبقيت معه بقية «10» فقال لهم عليّ «11» : بقي لكم من دم أو
مال لم يود إليكم؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية «12» من «13»
المال احتياطا رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل
ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره «14» ، قال «15» : «أصبت»
«16» .
__________
(1) زيد في الطبري «عنذ ذلك» .
(2) زيد في الطبري «فقتل من قتل منهم» .
(3) في الطبري «ثم» .
(4) زيد في الطبري «أني» .
(5) زيد من الطبري.
(6) ت الطبري «فانظر» .
(7) أخره في الطبري عن «وسلم» .
(8- 8) في الطبري «فودى» وفي ف «ثم تادى» كذا.
(9) زيد في الطبري «حتى أنه ليدى ميلغة الكلب» .
(10) زيد في الطبري «إذا» .
(11) زيد في الطبري «من المال» .
(12) زيد في الطبري «عليه السلام حين فرغ منهم هل» .
(12) من الطبري، وفي ف «لبقية» .
(13) زيد في الطبري «هذا» .
(14) زيد في الطبري «الخبر» .
(15) في الطبري «فقال» .
(16) زيد في الطبري «وأحسنت، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل
القبلة قائما شاهرا يديه حتى إنه ليرى بياض ما تحت منكبيه وهو يقول: اللهم!
إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد- ثلاث مرات» .
(1/342)
ثم إن هوازن لما سمعت بجمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم ودخوله مكة اجتمعت مع ثقيف «1» وجشم وسعد بن بكر، وكان في
بني جشم دريد بن الصمّة «2» وهو شيخ كبير ليس فيه «3» إلا التيمّن برأيه
«4» [و] «5» بعلمه «6» بالحرب، وفي [ثقيف] «7» قارب بن الأسود بن مسعود «8»
، وفي «9» بني بكر «9» سبيع «10» بن الحارث «11» ، وكان جماع أمر الناس إلى
مالك بن عوف «12» ، «13» فأجمع مالك بالناس على المسير إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فساروا حتى إذا أتوا بأوطاس ومعه الأموال والأبناء والنساء
فقال دريد بن الصمة «13» : بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس، قال: نعم مجال
«14» الخيل! لا حزن «15» ولا سهل دهس، مالي أسمع رغاء الإبل «16» ونهاق
الحمير وبكاء الصغير
__________
(1) وفي الطبري 3/ 125 «عن عروة قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة
عام الفتح نصف شهر لم يزد على ذلك حتى جاءت هوازن وثقيف فنزلوا بحنين وحنين
واد إلى جنب ذي المجاز وهم يومئذ عامدون يريدون قتال النبي صلى الله عليه
وسلم وكانوا قد جمعوا قبل ذلك حين سمعوا بمخرج رسول الله من المدينة- إلخ»
.
(2) في ف «الصماء» كذا، والتصحيح من الطبري 3/ 126.
(3) زيد في الطبري «شىء» .
(4) من الطبري، وفي ف «لراية» كذا.
(5) زيد من الطبري.
(6) في الطبري «معرفته» .
(7) زيد من الطبري وزيد فيه بعده «سيدان لهم في الأحلاف» .
(8) في ف «هود» والتصحيح من الطبري 3/ 126.
(9- 9) كذا في ف، وفي الطبري «بني مالك» .
(10) من الطبري وزاد قبله «ذو الخمار» ، وفي ف «سبع» كذا.
(11) زيد بعده في الطبري «وأخوه الأحمر بن الحارث في بني هلال.
(12) زيد بعده في الطبري «النصري» .
(13- 13) في الطبري «فلما أجمع مالك المسير إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه
الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به فلما نزل قال» .
(14) من الطبري، وفي ف «محال» كذا.
(15) زيد في الطبري بعده «ضرس» .
(16) في الطبري «البعير» .
(1/343)
«1» ويعار الشاء «1» ! قالوا: ساق مالك بن
عوف بأوطاس مع «2» الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فقال: أين «3» مالك؟
فقيل: هذا مالك «4» ، فقال «5» دريد:
يا مالك! إنك «6» أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم «7» له ما بعده من الأيام،
مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير «8» ، وبكاء الصغير، فقال مالك «9» :
سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم، ونساءهم قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل خلف
كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فانقض «10» به «11» فقال «12» : وهل «13»
يرد القوم «14» شيء! إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن
كانت عليك فضحت [في] «15» أهلك ومالك، ما فعلت كعب وكلاب؟ «16» «17» قال
مالك لم يشهد منهم أحد، قال: غاب «18» الحدّ والجدّ «18» ، لو كان «19»
علاء ورفعة لم
__________
(1- 1) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «وثفا الشاة» مصحفا.
(2) من الطبري، وفي ف «علي» .
(3) من الطبري، وفي ف «ابن» .
(4) زيد بعده في الطبري «فدعى له» .
(5) زيد في ف «ابن» خطأ.
(6) زيد في الطبري «قد» .
(7) زيد في الطبري «كائن» .
(8) زيد في الطبري «ويعار الشاء» .
(9) في ف «ملك» وليس في الطبري.
(10) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «فالقصر» مصحفا.
(11) كذا في ف، وفي كتاب المغازي 3/ 888 بيده.
(12) في الطبري «ثم قال: راعي ضأن» .
(13) زيد في الطبري «الله» .
(14) في الطبري «المنهزم» .
(15) زيد من الطبري.
(16) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «كلب» مصحفا.
(17- 17) في الطبري «قالوا» .
(18- 18) في الطبري الجد والحد» .
(19) زيد في الطبري «يوم» .
(1/344)
تغب «1» عنه كعب «2» ولا «3» كلاب «4» ، يا
مالك «5» ! لا «6» تصنع «7» بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى «8» نحور الخيل
«8» [شيئا] «9» ارفعهم في متمنّع «10» بلادهم وعليا قومهم ثم الق «11»
الصبّاء على متون الخيل، فإن [كانت] «9» لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك
ألفاك «12» ذلك وقد أحرزت مالك وأهلك، قال: تلك «13» والله [لا أفعل] «9»
لتطيعنني «14» يا معشر هوازن أو لأتكئن «15» على هذا السيف حتى يخرج «16»
من ظهري، وكره أن يكون فيها لدريد ذكر ورأي؛ «17» قالوا: أطعناك «17» ،
فقال مالك للقوم «18» :
__________
(1) من الطبري، وفي ف «تعب» .
(2) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «كلب» مصحفا.
(3) ليس في الطبري.
(4) زيد في الطبري «ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب، فمن شهدها منكم؟
قالوا: عمرو بن عامر وعوف بن عامر، قال: ذانك الجذعان من بني عامر لا
ينفعان ولا يضران» .
(5) زيد في الطبري «أنك» .
(6) في الطبري «لم» .
(7) من الطبري، وفي ف «يضيع» .
(8- 8) من الطبري، وفي ف «نحو الجبل.
(9) زيد من الطبري.
(10) التصحيح من الطبري، وفي ف «ممتنع» .
(11) في ف «ألقى» والتصحيح من الطبري.
(12) من الطبري 3/ 127 وفي ف «ألقاك» .
(13) زيد في الطبري بعده «إنك قد كبرت وكبر علمك والله» .
(14) التصحيح من الطبري، وفي ف «لتطيعني» .
(15) من الطبري، وفي ف «ولا تكين» كذا.
(16) من الطبري، وفي ف «اخرجه» .
(17- 17) في الطبري «قال دريد بن الصمة: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني:
يا ليتني فيها جذع ... أخبّ فيها وأضع
أقود وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع
وكان دريد رئيس بني جشم وسيدهم وأوسطهم ولكن السن أدركته حتى فنى، وهو دريد
بن الصمة ابن بكر بن علقمة بن جداعة بن غزية بن جشم بن معاوية بن بكر بن
هوازن» .
(18) في الطبري «للناس» .
(1/345)
إذا رأيتموهم «1» فاكسروا «2» جفون سيوفكم
«3» ثم «4» شدوا عليهم «5» شد «6» رجل واحد. وجاء الخبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فبعث عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي «7» ، فدخل في الناس فأقام
فيهم حتى سمع وعلم من كلام مالك وأمر هوازن ما كان وما أجمعوا له «8» ، ثم
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره.
فأجمع على المسير إلى هوازن
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عند صفوان بن أمية أدراعا، فأرسل
إليه، فقال:
«يا أبا أمية «9» ! أعرنا سلاحك «10» نلقى فيها «11» عدونا» «12» ، فقال
صفوان:
أغصبا؟ «13» قال: لا، بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال: ليس بهذا بأس،
فأعطاه مائة درع بما يصلحها من السلاح، «14» وسأله النبي صلى الله عليه
وسلم «14» أن يكفيه «15» حملها، فحملها صفوان لرسول الله صلى الله عليه
وسلم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة معه ألفان من أهل مكة
وعشرة آلاف من أصحاب الذين فتح الله بهم مكة، «16» واستعمل على مكة
__________
(1) في الطبري «أنتم رأيتم القوم» .
(2) التصحيح من الطبري، وفي ف «فأكثروا» .
(3) من الطبري، وفي ف «سيوفهم» كذا.
(4) في الطبري «و» .
(5) أخره في الطبري عن «واحد» .
(6) في الطبري «شدة» .
(7) زيد في الطبري «وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يأتيه بخبر منهم
ويعلم من علمهم» .
(8) زيدت الطبري «من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(9) زيد في الطبري «وهو يومئذ مشرك» .
(10) زيد في الطبري «هذا» .
(11) في الطبري «فيه» .
(12) زيد في الطبري «غدا» .
(13) من الطبري، وفي ف «اعصيا» خطأ؛ وزيد في الطبري بعده «يا محمد» .
(14- 14) في الطبري «فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(15) من الطبري، وفي ف «يكفيها» .
(16) زيد بعده في الطبري 3/ 127 «فكانوا اثني عشر ألفا» .
(1/346)
عتّاب بن أسيد بن أبي العيص «2» بن أمية
«3» أميرا، وكان مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة «4» خمس عشرة «4» ليلة يقصر
فيها الصلاة «5» ؛ فبينا الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسيرون إذ
مروا بسدرة قال أبو قتادة الليثي: يا رسول الله! اجعل هذه ذات أنواط، كما
للكفار ذات أنواط- وكان للكفار سدرة يأتونها كل سنة ويعلقون عليها أسلحتهم
ويعكفون عليها ويذبحون عندها- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله
أكبر! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل: اجْعَلْ لَنا إِلهاً
كَما لَهُمْ آلِهَةٌ «6» ! لتركبن سنن من قبلكم.
فلما بلغ «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي حنين وانحدر المسلمون في
الوادي قرب
__________
(2) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «العميص» مصحفا.
(3) زيد بعده في الطبري «بن عبد شمس على مكة» .
(4- 4) التصحيح من الطبري 3/ 125، وفي ف «خمسة عشر» .
(5) زيد بعده في الطبري «قال ابن إسحاق: وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من
شهر رمضان سنة ثمانية» .
(6) سورة 7 آية 138.
(7) وفي الطبري 3/ 128 «عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال: لما استقبلنا
وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه
انحدارا، قال: وفي عماية الصبح وكان القوم قد سبقوا إلى الوادي فكمنوا لنا
في شعابه وأحنائه ومضايقه، قد أجمعوا وتهيأوا وأعدوا، فو الله ما راعنا
ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد، وانهزم الناس أجمعون
فانشمروا لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات
اليمين ثم قال: «أين أيها الناس! هلم إلي أنا رسول الله! أنا محمد بن عبد
الله» ! قال: فلا شيء احتملت الإبل بعضها بعضا، فانطلق الناس إلا أنه قد
بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته،
وممن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب
والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل وأبو سفيان بن الحارث وربيعة بن الحارث
وأيمن بن عبيد وهو أيمن ابن أم أيمن وأسامة بن زيد بن حارثة، قال: ورجل من
هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام الناس وهوازن
خلفه، إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه،
ولما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل
مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان بن حرب:
لا تنتهي هزيمتهم دون البحر والأزلام معه في كنانته وصرح كلدة بن الحنبل
وهو مع أخيه صفوان بن أمية بن خلف وكان أخاه لأمه وصفوان يومئذ مشرك في
المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا! بطل السحر
اليوم، فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربني رجل
(1/347)
الصبح وهو واد أجوف، وقد كمن المشركون لهم
في شعابه ومفارقه فأعدوا للقتال، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحدر
والمسلمون بالوادي إذ اشتدت عليهم الكتائب من المشركين شد «1» رجل واحد،
وانهزم المسلمون راجعين، لا يعرج أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذات اليمين ثم قال: أين «2» أيها الناس! هلموا، أنا رسول الله! أنا محمد بن
عبد الله! واحتملت الإبل بعضها بعضا ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط
من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يعطفون على شيء قال: «يا عباس! اصرخ: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السمرة»
! فنادى العباس- وكان امرأ جسيما شديد الصوت: يا معشر الأنصار! يا أصحاب
السمرة! فأجابوا لبيك لبيك! وكان الرجل من المسلمين يذهب ليثني بعيره فلا
يقدر على ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ثم يأخذ سيفه وترسه ثم يقتحم عن
بعيره فيخلي سبيل بعيره ويؤم «3» الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، حتى اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل واستقبلوا
الناس وقاتلوا «4» وكانت «5» الدعوة أول ما كانت «5» : يا للأنصار «6» ! ثم
«7» جعلت أخيرا «7» فقالوا «8» : يا للخزرج! وكانوا صبرا عند الحرب، فأشرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركابه ونظر إلى مجتلد «9» القوم «10»
فقال: «الآن حمي
__________
من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة
أخو بني عبد الدار قلت: اليوم أدرك ثأري- وكان أبوه قتل يوم أحد- اليوم
أقتل محمدا! قال: فأردت رسول الله لأقتله فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي فلم أطق
ذلك وعلمت أنه منع مني» .
(1) في الطبري «شدة» .
(2) من الطبري، وفي ف «التي» .
(3) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «بام» مصحفا.
(4) في الطبري 3/ 129 «فاقتتلوا» .
(5- 5) في الطبري «الدعوى أولا» .
(6) من الطبري، وفي ف «آل الأنصار» .
(7- 7) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «خلصت أحربا» مصحفا.
(8) ليس في الطبري.
(9) من الطبري، وفي ف «محتلة» .
(10) زيد بعده في الطبري: «وهم يجتلدون» .
(1/348)
الوطيس» ! وإذا رجل من هوازن على جمل أحمر
في يده راية سوداء وفي رأسه رمح طويل أمام الناس وهوازن خلفه، فإذا أدرك
طعن برمحه، وإذا «1» فاته رفعه «1» لمن وراءه ويتبعونه، فأهوى إليه علي بن
أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه، «2» فأتاه عليّ «2» من خلفه فضرب «3»
الجمل فوقع على عجزه، [و] «4» وثبت الأنصار «5» على الرجل فضربوه «6» ضربة
أطنّ «7» بها قدمه بنصف ساقه «8» ، واختلف «9» الناس «10» ، وكان شعار
المهاجرين يومئذ: «11» يا بني «11» عبد الرحمن! وشعار الخزرج: «11» يا بني
«11» عبد «12» الله! وشعار الأوس: يا بني عبيد «13» الله.
وكانت أم سليم بنت ملحان مع زوجها أبي طلحة فالتفت رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهي «14» حازمة وسطها «14» ومعها جمل «15» أبي طلحة «16» فقالت: بأبي
أنت وأمي يا رسول
__________
(1- 1) في الطبري 3/ 128 «فاته الناس رفع رمحه» .
(2- 2) من الطبري 3/ 129 غير أن فيه «فيأتيه» وفي ف «فإنه عمل» .
(3) في الطبري «فيضرب» .
(4) زيد من الطبري.
(5) في الطبري «وثب الأنصاري» .
(6) في الطبري «فضربه» .
(7) من الطبري أي قطع، ووقع في ف «اظهر» مصحفا.
(8) زيد في الطبري «فانجعف عن رحله» .
(9) كذا في ف، أي اختلفوا في الضربات، وفي الطبري «اجتلد» يقال: تجالدوا
واجتلدوا بالسيوف: تضاربوا.
(10) زيد بعده في الطبري «فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى
وجدوا الأسارى مكتفين وقد التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي
سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وكان ممن صبر يومئذ مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكان حسن الإسلام حين أسلم وهو آخذ بثفر بغلته فقال: من هذا؟
قال: ابن أمك يا رسول الله.
(11- 11) من كتاب المغازي للواقدي 3/ 903، وفي ف «بابي» .
(12) وفي ف «عبيد» وهو شعار الأوس، كما في المغازي.
(13) في ف: عبد، والتصحيح من المغازي.
(14- 14) التصحيح من الطبري، ووقع في ف «جارية وطها» مصحفا، وزيد بعده في
الطبري «ببرد لها» .
(15) التصحيح من الطبري، وفي ف «جعل» كذا.
(16) زيد بعده في الطبري «وقد خشيت أن يعزها الجمل فأدنت رأسه منها فأدخلت
يدها في خزامته مع الخطام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم سليم» !
(1/349)
الله [صلى الله عليه وسلم] ! اقتل هؤلاء
الذين ينهزمون «1» عنك كما تقتل «2» هؤلاء الذين يقاتلونك «3» ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «أو يكفى الله يا أم سليم» ! وإنها يومئذ لحبلى
«4» بعبد الله بن أبي طلحة ومعها خنجر «5» فقال لها أبو طلحة: ما هذا
الخنجر معك يا أم سليم؟
قالت: خنجر أخذته «6» ، إن دنا مني أحد من المشركين «7» بعجت بطنه «7» ،
فقال أبو طلحة: يا رسول الله! ألا تسمع ما تقوله أم سليم.
ورأى أبو قتادة رجلين يقتتلان: مسلم ومشرك، فإذا رجل من المشركين يريد أن
يعين صاحبه، فأتاه أبو قتادة فضرب يده فقطعها، فاعتنقه المشرك بيده الثانية
وصدره «8» فقال أبو قتادة: والله! ما تركني حتى وجدت ريح الموت! فلولا أن
الدم «9» تزفه يقتلني «9» ، فسقط وضربته فقتلته، ثم انهزم المشركون وأخذ
المسلمون يكتفون الأسارى، فلما وضعت الحرب أوزارها قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «من قتل قتيلا «10» فله سلبه» . فقال رجل من أهل مكة: يا رسول
الله! لقد قتلت قتيلا ذا سلب وأجهضني عنه القتال فلا أدري من سلبه! فقال
رجل من أهل مكة: يا رسول الله! «11» أنا سلبته «11» فأرضه مني «12» «13» عن
سلبه «13» ؛ فقال أبو بكر الصديق «14» :
__________
(1) في الطبري «يفرون» .
(2) من الطبري، وفي ف «قتل» .
(3) زيد في الطبري «فإنهم لذلك أهل» .
(4) وقع في ف «لجنلي» كذا، وفي الطبري «لحامل» .
(5) زيد في الطبري «في يدها» .
(6) زيد في الطبري «معي» .
(7- 7) في الطبري «بعجته به» .
(8) في ف: حذره- كذا.
(9- 9) التصحيح من المغازي 3/ 908 ولفظه: كاد أن يقتلني لولا أن الدم نزفه.
(10) زيد في المغازي «له عليه بينة» .
(11- 11) كذا في الأصل، وفي المغازي: سلب ذلك القتيل عندي.
(12) من المغازي، وفي الأصل: عنى.
(13- 13) ليس في المغازي.
(14) زيد في المغازي: لاها الله إذا؛ وفي ابن الأثير: والصواب: لاها الله
ذا.
(1/350)
أيعمد «1» إلى أسد من «2» أسد الله يقاتل
عن الله «3» تقاسمه «4» سلبه! «5» رد عليه سلبه «5» ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «وصدق «6» أبو بكر رد عليه سلبه» «6» ، «7» فرد عليه «7» .
«8» قال أبو قتادة «8» : فبعته «9» فاشتريت به مخرفا «10» في المدينة «11»
لأنه أول مال «12» تأثلته «13» في الإسلام «14» .
وكان على راية الأحلاف من ثقيف يوم حنين قارب بن الأسود «15» ، فلما «16»
رأى الهزيمة أسند رايته إلى شجرة وهرب «16» . وكان على راية بني مالك ذو
الخمار «17» ، فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله وأقامها للمشركين، فقتل
عثمان وانحاز
__________
(1) في الأصل: يعهد، والتصحيح من المغازي 3/ 909 لكن فيه: لا تعمد.
(2) من المغازي، وفي الأصل: بن- كذا.
(3) زيد في المغازي: وعن رسوله.
(4) في المغازي: يعطيك.
(5- 5) ليس في المغازي.
(6- 6) في المغازي: فأعطه إياه.
(7- 7) في المغازي: قال أبو قتادة: فأعطانيه.
(8- 8) في المغازي: فقال لي حاطب بن أبي بلتعة: يا أبا قتادة! أتبيع
السلاح؟.
(9) في الأصل: فبعثه، والتصحيح من المغازي، وزيد فيه بعده: منه بسبع أواق،
فأتيت المدينة.
(10) أي حائطا من النخل.
(11) في المغازي: بني سلمة يقال له الرديني.
(12) في المغازي: فإنه لأول مال لي.
(13) أي اكتسبته، وفي المغازي: نلته.
(14) زيد في المغازي: فلم نزل نعيش منه إلى يومنا هذا.
(15) كذا في ف، وفي الطبري 3/ 130 «وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود
بن مسعود» .
(16- 16) في الطبري 3/ 130 «فلما هزم الناس أسند رايته إلى شجرة وهرب هو
وبنو عمه وقومه من الأحلاف فلم يقتل منهم إلا رجلان: رجل من بني غيرة يقال
له وهب، وآخر من بني كنة يقال له الجلاح، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين بلغه قتل الجلاح: قتل اليوم سيد شباب ثقيف إلا ما كان من ابن
هنيدة.. وابن هنيدة الحارث بن أوس» .
(17) التصحيح من المغازي 3/ 907، وفي الأصل: الحجاز- كذا.
(1/351)
المشركون منهزمين إلى الطائف وعسكر بعضهم
بأوطاس «1» .
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيول في آثارهم «2» ، فأدرك «3» ربيعة
بن رفيع دريد ابن الصمة وهو [في] «4» شجار «5» على راحلته «5» فأخذ «6»
بخطام جمله «6» وهو يظن أنه امرأة، فلما أناخه «7» إذا شيخ كبير «8» وإذا
هو دريد ولا يعرفه الغلام فكان ربيعة غلاما، قال دريد [ماذا تريد] «9» بي
«10» قال: أقتلك! قال: ومن أنت؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي و «11» ضربه
ربيعة بسيف «12» فلم يقدر «13» شيئا، فقال له دريد:
بئس ما أسلحتك «14» أمك! خذ سيفي هذا من مؤخر رحلي «15» في الشجار ثم أضرب
وأرفع عن العظام «16» وأخفض عن الدماغ، فإني كذلك كنت أقتل «17» ، الرجال،
__________
(1) في الطبري 3/ 130 «عن ابن إسحاق قال: ولما انهزم المشركون أتوا الطائف
ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة» .
(2) في الطبري «ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف فتبعت خيل
رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ولم تتبع من سلك
الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة ... » .
(3) من الطبري 3/ 130، وفي المغازي 3/ 914 «ويدرك» وفي الأصل «فأمر عرطة»
كذا.
(4) زيد من الطبري والمغازي، وزيد فيهما قبله «كان» ؛ والشجار: مركب مكشوف
دون الهوديج.
(5- 5) في الطبري والمغازي: له.
(6- 6) التصحيح من الطبري والمغازي، ووقع في ف: يخطم جعله- مصحفا.
(7) في الطبري والمغازي: أناخ به.
(8) زيد في المغازي: ابن ستين ومائة سنة.
(9) زيد من الطبري.
(10) وقع في ف «بني» مصحفا.
(11) في الطبري «ثم» .
(12) في الطبري «بسيفه» .
(13) في الأصل «فلم يقدر» كذا، وفي الطبري «فلم يغن» .
(14) في الطبري «سلحتك» .
(15) من الطبري، وفي ف «رجلي» خطأ.
(16) من الطبري، وفي المغازي «الطعام» كذا، ووقع في ف «العكام» مصحفا.
(17) من الطبري، وفي الأصل «اقتتل» .
(1/352)
ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن
الصمة «1» بسيفه.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال فجمعت بالجعرانة؛
وبعث في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري فأدرك الناس بعض من انهزم
فساروا يرمون «2» كل من لقوه ورمي أبا عامر بسهم فقتل، وأخذ برايته «3»
بعده أبو موسى فقاتلهم ففتح له وهزمهم الله «4» .
ثم بعث «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وفيها مالك بن عوف
وقد عسكر جماعة من المشكرين وعلى مقدمة خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم
خالد بن الوليد فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة فقال: «من
قتل هذه» ؟ قال: خالد بن الوليد، فقال لرجل:
«أدرك خالدا وقل «6» له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتلوا
امرأة ولا ولدا ولا عسيفا» «7» . فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
الطائف نزل قريبا، فلم يقدر المسلمون على
__________
(1) التصحيح من الطبري، وفي ف «ربيعة» خطأ.
(2) في ف «يرموا» كذا.
(3) في ف «براية» كذا.
(4) في الطبري 3/ 131 خطأ «قال أبو جعفر وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
في آثار من توجه قبل أوطاس ... لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من حنين
بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقتل دريدا وهزم الله
أصحابه. قال أبو موسى: فبعثني مع أبي عامر، قال: فرمى أبو عامر في ركبته،
رماه رجل من بني جشم بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم! من
رماك؟ فأشار أبو عامر لأبي موسى فقال: إن ذاك قاتلي تراه ذلك الذي رماني.
قال أبو موسى: فقصدت له فاعتمدته فلحقته فلما رآني ولى عني ذاهبا فاتبعته
وجعلت أقول له: ألا تستحي! ألست عربيا! ألا تثبت! فكر فالتقيت أنا وهو
فاختلفنا ضربتين فضربته بالسيف ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت: قد قتل الله
صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء؛ فقال: يا ابن أخي!
انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام وقل له إنه يقول
لك: استغفر لي، قال: واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرا ثم إنه مات.
(5) من الطبري، وفي ف «سأل» خطأ.
(6) في ف «قول» كذا.
(7) في المغازي 3/ 912 «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم سليما في
مقدمته عليها خالد بن الوليد؛ فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة
مقتولة والناس مجتمعون عليها فقال: ما هذا؟ قالوا: امرأة قتلها خالد بن
الوليد، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدرك خالدا فقال: إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ينهاك أن تقتل امرأة أو عسيفا. ورأى رسول
(1/353)
أن يدخلوا حائطا فضرب معسكره «1» رسول الله
صلى الله عليه وسلم عند «2» مسجده الذي بالطائف اليوم، وحاصرهم «3» بضع
عشرة «3» ليلة، وأمر بقطع أعنابهم، وقاد رجلا من هذيل من بني ليث، وهو أول
دم أقيد «4» في الإسلام، ثم نصب المنجنيق على حصنهم حتى فتحه الله عليه؛
وكان في أيامه يقصر الصلاة.
وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن
عائذ «5» يقال له ماتع «6» مخنث يدخل على نساء «7» رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخالد بن الوليد: «8»
يا خالد «8» ! إن فتح «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم «10» غدا فلا تفلتن
«11» منك بادية «12» بنت غيلان فإنها تقبل بأربع «13» وتدبر بثمان «14» ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا
__________
الله صلى الله عليه وسلم امرأة أخرى فسأل عنها فقال رجل: أنا قتلتها يا
رسول الله! أردفتها ورائي فأرادت قتلي فقتلتها، فأمر بها رسول الله صلى
الله عليه وسلم فدفنت» .
(1) في الطبري 3/ 144 «عسكره» .
(2) من الطبري، وفي ف «عنده» كذا.
(3- 3) في ف «بضعة عشر» ، وفي الطبري «بضعا وعشرين» وفي المغازي 3/ 927
«وقد اختلف علينا في حصاره فقال قاتل: ثمانية عشر يوما، وقال قائل: تسعة
عشر يوما، وقال قائل: خمسة عشر يوما» .
(4) زيد في الطبري «به» .
(5) من المغازي 3/ 933، وفي ف «عائد» .
(6) من المغازي، وفي الأصل «مانع» خطأ؛ وزيد بعده في المغازي «والآخر يقال
له: هيت» .
(7) في الأصل «النسا» .
(8- 8) في المغازي «ويقال لعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة» .
(9) في المغازي «افتتح» .
(10) زيد في المغازي «الطائف» .
(11) من المغازي، وفي ف «نتقتلتن» .
(12) من المغازي، وفي ف «مارية» كذا.
(13) يعني بذلك عكن بطنها فإنها تكون أربعا إذا أقبلت ثم تصير كل واحدة
ثنتين إذا أدبرت.
(14) زيد في المغازي «وإذا جلست تثنت، وإذا تكلمت تغنت، وإذا اضطجعت تمنت،
وبين رجليها مثل الإناء المكفوء، مع ثغر كأنه الأقحوان كما قال الخطيم:
(1/354)
يفطن «1» لما سمع به، ثم قال لنسائه: لا
يدخلن عليكن! فحجب «2» عن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف رسول
الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى الجعرانة فقال له سراقة بن جعشم «3»
المدلجي: يا رسول الله! ترد الضالة حوضي فهل فيه أجر إن أنا سقيتها؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «4» في كل كبد حرّي «4» أجر. ونهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن وطء الحبالى حتى يضعن. وبينما النبي صلى الله عليه
وسلم قاعد بالجعرانة ومعه ثوب وقد أظل به مع ناس من أصحابه إذ جاءه أعرابي-
عليه جبة- متضمخ «5» بطيب فقال: يا رسول الله! كيف ترى برجل «6» أحرم بعمرة
في جبة بعد ما تضمخ بطيب؟ وإذا النبي صلى الله عليه وسلم مخمر «7» الوجه
يغط، فلما سري عنه قال: «أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟» فأتي به فقال:
أما الطيب فاغسله عنك وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في
حجتك» «8» ؛
__________
بين شكول النساء خلقتها ... نصب فلا جبلة ولا قضف
تغترق الطرف وهي لاهية ... كأنما شف وجهها نزف
(1) في الأصل: يعكن- كذا، وفي المغازي «فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلامه فقال: «ألا أرى هذا الخبيث يفطن للجمال إذا خرجت إلى العقيق» !
والحيل لا يمسك لما أسمع! وقال: لا يدخل على نساء عبد المطلب! ويقال قال:
لا يدخلن على أحد من نسائكم، وغرّبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
الحمى، فشكيا الحاجة، فأذن لهما أن ينزلا كل جمعة يسألان ثم يرجعان إلى
مكانهما، إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم دخلا مع الناس، فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه قال:
أخرجكما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخلكما؟ قأخرجهما إلى موضعهما،
فلما مات أبو بكر رضي الله عنه دخلا مع الناس، فلما ولي عمر رضي الله عنه
قال: أخرجكما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وأدخلكما؟ اخرجا إلى
موضعكما! فأخرجهما إلى موضعهما، فلما قتل عمر دخلا مع الناس» .
(2) وقع في ف: محجب- كذا مصحفا.
(3) التصحيح من الإصابة، وفي ف «جعثم» كذا بالثاء؛ وهو «ابن مالك» .
(4- 4) في الأصل في «كبد كل حر» والتصحيح من المغازي 3/ 941 وزيد فيه بعد
«كل» «ذات» والمعنى أن في سقي كل ذات كبد حرى (أي الشديد العطش) أجرا.
(5) وفي مسند الإمام أحمد 4/ 222: متضمخا.
(6) في المسند: في رجل.
(7) في المسند: محمر.
(8) أخرج هذه الواقعة الإمام أحمد في مسنده بزيادة يسيرة على ما هنا، وألم
بها أيضا على الحلبي في سيرته- راجع إنسان العيون 3/ 181.
(1/355)
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم
بالجعرانة بين المسلمين، فأصاب كل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة، ومن كان
فارسا أخذ سهمه وسهمي فرسه «1» ، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرة
من سنام بعيره ثم قال: «أيها الناس! إني والله ما لي من فيئكم ولا هذه
الوبرة «2» إلا الخمس «2» ، والخمس مردود عليكم، فأدّوا «3» الخيط والمخيط،
فإن الغلول يكون على أهله نارا وشنارا «4» يوم القيامة» ! فجاءه رجل من
الأنصار بكبّة خيوط من شعر، قال: يا رسول الله! أخذت هذه الكبة أخيط بها
بردعة بعير لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما نصيبي منها فلك» ،
[فقال] «5» : أما إذا بلغت هذه فلا حاجة لي فيها «6» .
ثم أسلم مالك بن عوف وقال: يا رسول الله! ابعثني أضيق على ثقيف، فاستعمله
رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه من تلك القبائل ومن تبه
[من] «7» بني سليم، فكان يقاتل ثقيفا، لا يخرج لهم سرح»
إلا أغار عليهم.
ثم جاء وفد هوازن راغبين في الإسلام- بعد أن قسم لهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم السبي- فأسلموا «9» .
__________
(1) وفي السيرة النبوية للزيني- راجع هامش إنسان العيون 2/ 403: قال أهل
المغازي: أمر صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه وكان من أعظم
كتابه صلى الله عليه وسلم بإحضار الناس والغنائم ثم قسمها على الناس فكانت
سهامهم لكل رجل أربعة من الإبل وأربعين شاة، فإن كان فارسا أخذ اثني عشر من
الإبل ومائة وعشرين شاة، وإن كان معه أكثر من فرس لم يسهم للزائد- وراجع
أيضا الطبري 3/ 139.
(2- 2) من تاريخ الطبري 3/ 36 والمغازي للواقدي 3/ 943 وإنسان العيون 3/
170 وسيرة ابن هشام 3/ 28، وتقدم في الأصل على «ولا هذه الوبرة» وصار
«الخمس» فيه: الخميس- كذا.
(3) من المراجع الأربعة، وفي الأصل: فاذوا- كذا.
(4) من المراجع الأربعة، وفي الأصل: سعارا، والشنار: العيب- راجع النهاية.
(5) زيد من الطبري وإنسان العيون.
(6) في الطبري وإنسان العيون والسيرة: بها.
(7) زيد لاستقامة العبارة.
(8) في الأصل: سرج، والتصحيح من المراجع، راجع المغازي 3/ 955 وإنسان
العيون 3/ 181 والسيرة النبوية بهامش الإنسان 2/ 396.
(9) راجع لمزيد التفصيل الطبري 3/ 134 والمغازي 3/ 949 وسيرة ابن هشام 3/
26.
(1/356)
ثم أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم
المؤلفة قلوبهم تألفا، فأعطى حويطب بن عبد العزى مائة من الإبل، وأعطى
الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى صفوان ابن أمية مائة من الإبل، وأعطى
حكيم بن حزام مائة من الإبل، وأعطى مالك بن عوف مائة من الإبل، وأعطى عباس
بن مرداس السلمي شيئا دونهم، فقال فيه أبياتا «1» ، ولم يعط الأنصار منها
«2» شيئا فقال قائل الأنصار: ألا! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لقي
قومه، فانطلق سعد بن عبادة فدخل [على] «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال: يا رسول الله! الأنصار قد وجدوا في أنفسهم مما رأوك صنعت في هذه
العطايا، قال: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: ما أنا إلا رجل من قومي، قال:
«فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة» ، فخرج سعد فنادى في قومه: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تجتمعوا في هذه الحظيرة، فقاموا سراعا وقام
سعد على باب الحظيرة فلم يدخلها إلا رجل من الأنصار وقد رد أناسا «4» ، ثم
أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه الأنصار قد اجتمعت لك، فخرج إليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا معشر الأنصار! [ما] «5» مقالة «6»
بلغتني عنكم؟ أكثرتم فيها! ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله؟ ألم تكونوا عالة
فأغناكم الله؟
ألم تكونوا أعداء فألف الله بينكم» «7» ؟ قالوا: بلى، قال: «أفلا تجيبوني»
؟ قالوا:
__________
(1) زيد بعده في الأصل: قديده، ولا محل لهذه الزيادة هنا فحذفناها،
والأبيات مذكورة بتمامها في الطبري 3/ 135 وفي المغازي 3/ 946 و 947 وسيرة
ابن هشام 3/ 29؛ وفي إنسان العيون 3/ 170: وفي كلام بعضهم: كانت المؤلفة
ثلاثة أصناف: صنف يتألفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا كصفوان بن
أمية وصنف ليثبت إسلامهم كأبي سفيان بن حرب، وصنف لدفع شرهم كعيينة بن حصن
والعباس بن مرداس والأقرع بن حابس.
(2) واستوعب ذلك ابن هشام في سيرته- راجع 3/ 31 منها، وراجع أيضا الطبري 3/
138 وإنسان العيون 3/ 174.
(3) زيد من الطبري وإنسان العيون.
(4) وفي الطبري والسيرة: فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون
فردهم.
(5) زيد من إنسان العيون.
(6) في الطبري والسيرة: قالة.
(7) في الطبري والسيرة وإنسان العيون: بين قلوبكم.
(1/357)
إليك [المن] «1» والفضل «2» ، قال: «أما
والله لو شئتم لقلتم وصدقتم: جئتنا طريدا فآويناك، ومخذولا فنصرناك، وعائلا
فآسيناك، ومكذبا فصدقناك! أوجدتم في أنفسكم من لعاعة «3» من الدنيا تألفت
بها قوما أسلموا «4» ووكلتكم إلى إيمانكم، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة
والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم! فالذي نفس محمد بيده! لو سلك الناس
واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. ولولا الهجرة لكنت امرأ من
الأنصار، إن الأنصار كرشي وعيبتي «5» ، اللهم اغفر للأنصار وأبناء الأنصار
ولأبناء أبنائهم» ! فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا بالله
وبرسوله حظا وقسما ونصيبا! ثم تفرق الأنصار. وفي هذه المقالة قال ذو
الخويصرة «6» : يا رسول الله! اعدل «7» ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «شقيت إن لم أعدل» ، ثم علقت الأعراب برسول الله صلى الله عليه وسلم
يسألونه حتى ألجأوه إلى شجرة عظيمة وخطفت رداءه. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «ردوا علي ردائي، فو الذي نفس محمد بيده لو كانت عدد هذه العضاة
«8» نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدوني كذوبا ولا جبانا ولا بخيلا» «9» .
__________
(1) زيد من الطبري والسيرة وإنسان العيون.
(2) من الطبري وغيره، وفي الأصل: فضل.
(3) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: لفاعة.
(4) في الطبري والسيرة: ليسلموا.
(5) وراجع أيضا إنسان العيون 3/ 176.
(6) وهو التميمي كما صرح به في الطبري 3/ 137 والسيرة 3/ 30، وفي إنسان
العيون 3/ 73: وذكر بعضهم أن ذا الخويصرة أصل الخوارج وأنه صلى الله عليه
وسلم قال: «دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما
يخرج السهم من الرمية» .
(7) في الأصل: اعمل، والتصحيح من الطبري والسيرة فإن اللفظ فيهما: لم أرك
عدلت.
(8) من صحيح البخاري- الجهاد ومسند الإمام أحمد 4/ 84، وفي الأصل: العضاة،
وفي الطبري وغيره: شجر تهامة.
(9) وساقه أيضا في الطبري 3/ 136 والسيرة 3/ 28 وإنسان العيون 3/ 17.
(1/358)
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم «1»
من الجعرانة معتمرا فاعتمر منها فبات بالجعرانة واستخلف على مكة عتاب بن
أسيد أميرا وخلّف [معه معاذ] «2» بن جبل «3» يفقّه الناس ويعلمهم القرآن،
وكانت هذه العمرة في ذي القعدة.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة يريد المدينة فسلك في
وادي سرف «4» حتى خرج على سرف؛ ثم على مرّ الظهران حتى قدم المدينة في بقية
ذي القعدة «5» .
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية
فاستعاذت «6» ، من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «قد عذت «7» بعظيم! الحقي بأهلك» ، وفارقها «8» . وحج
بالناس عتاب بن أسيد «9» .
وولد إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية في ذي
الحجة فوقع في قلب النبي صلى الله عليه وسلم منه شيء، فجاء جبريل عليه
السلام فقال: «السلام عليك يا إبراهيم» ! فسرى عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وتنافست نساء الأنصار فيه أيتهن ترضعه،
__________
(1) وزيد في السيرة النبوية بهامش إنسان العيون 2/ 46: لخمس ليال خلون من
ذي القعدة، وقيل: لثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة.
(2) زيد من الطبري 3/ 139 والسيرة 3/ 32.
(3) من الطبري والسيرة، وفي الأصل: جبلة، وزاد في السيرة النبوية بهامش
إنسان العيون 3/ 406 والمغازي 3/ 959: وأبا موسى الأشعري.
(4) وفي المغازي 3/ 959: الجعرانة، ولفظها: فسلك في وادي الجعرانة، وسلك
معه حتى خرج على سرف.
(5) وقال ابن إسحاق: أو في أول ذي الحجة، وقال ابن هشام: وقدم رسول الله
صلى الله عليه وسلم المدينة لست ليال بقين من ذي القعدة فيما قال أبو عمرو
المدني- راجع السيرة 3/ 32.
(6) وفي المستعيذة اختلاف كثير قد استوعبه ابن حجر في الإصابة في ترجمة
فاطمة بنت الضحاك فراجعها.
(7) من صحيح البخاري- الطلاق، وفي الأصل: عوذت.
(8) وروى ابن سعد بسنده عن أبي وجزة قال: تزوجها رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ذي القعدة سنة ثمان منصرفة من الجعرانة- راجع الطبقات 8/ 102.
(9) راجع أيضا الطبري 3/ 139 والسيرة 3/ 32.
(1/359)
فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة «1» بنت المنذر بن زيد «2»
وزوجها ابن مبذول «3» فكانت ترضعه؛ وحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم
[رأسه] «4» يوم السابع وتصدق بوزن شعره فضة على المساكين وعق عنه بكبشين؛
وعاش ستة عشر أشهر. |