الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل الحادي والعشرون الوقار والصّمت والتؤدة والمروءة وحسن الهدي
وَأَمَّا وَقَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَمْتُهُ وتؤدته ومروءته وحسن هديه.
فعن «1» عُمَرَ «2» بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ وُهَيْبٍ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ «3» بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم أو قر النَّاسِ فِي مَجْلِسِهِ، لَا يَكَادُ يُخْرِجُ شَيْئًا من أطرافه.
وروى «4» أبو سَعِيدٍ «5» الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ صلّى الله عليه وسلم
__________
(1) رواه أبو داوود مرسلا.
(2) عمر بن عبد العزيز بن وهيب وهو أنصاري مولى لزيد بن ثابت أخرج له أبو داوود في المراسيل قال الذهبي في الميزان: لا يعرف..
(3) خارجة بن زيد بن ثابت الانصاري المدني التابعي أحد فقهاء المدينة السبعة توفي سنة 99 هـ.
(4) رواه أبو داوود والترمذي في شمائله.
(5) تقدمت ترجمته في ص «63» رقم «1» .

(1/274)


إذا جلس في المجلس احتبى بيديه، وكذلك كان أكثر جلوسه صلى الله عليه وسلم محتبيا.
وعن «1» جابر «2» بن سمره وهو «3» في حديث قيلة «4» : أنه تربع، وربما جلس القرفصاء، وَكَانَ كَثِيرَ السُّكُوتِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ. يُعْرِضُ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ جَمِيلٍ.
وَكَانَ «5» ضحكه تبسما، وكلامه فصلا، لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ.
وَكَانَ ضَحِكُ أَصْحَابِهِ عِنْدَهُ التَّبَسُّمُ تَوْقِيرًا لَهُ وَاقْتِدَاءً بِهِ.
مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَخَيْرٍ وَأَمَانَةٍ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ وَلَا تُؤْبَنُ «6» فِيهِ الْحُرَمُ إِذَا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطَّيْرُ.
وَفِي صِفَتِهِ «7» : يَخْطُو تَكَفُّؤًا «8» ، وَيَمْشِي هَوْنًا، كأنما ينحط من صبب «9» .
__________
(1) رواه مسلم وأبو داوود.
(2) تقدمت ترجمته في ص «146» رقم «8» .
(3) رواه الترمذي.
(4) قيلة بنت مخرمة العنبرية وقيل الغنوية، روت عنها حنفية ودحيبية ابنتا عليبة.
(5) شمائل الترمذي.
(6) تؤبن: لا ترمى بصريح ولا تذكر بقبيح.
(7) كما في الشمائل.
(8) تكفؤا: أي مائلا للامام.
(9) صبب: منحدر.

(1/275)


وفي الحديث الآخر: إذا مَشَى مُجْتَمِعًا، يُعْرَفُ فِي مِشْيَتِهِ أَنَّهُ غَيْرُ غَرَضٍ «1» وَلَا وَكِلٍ «2» . أَيْ غَيْرِ ضَجِرٍ وَلَا كَسْلَانَ.
وَقَالَ «3» عَبْدُ اللَّهِ «4» بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وعن «5» جابر «6» بن عبد الله: كَانَ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ترتيل وترسيل «7» .
قَالَ ابْنُ أَبِي هَالَةَ «8» : كَانَ سُكُوتُهُ عَلَى أَرْبَعٍ.
عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفَكُّرِ.
قَالَتْ «9» عائشة «10» رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحدّث حديثا لو عدّه العادّ أحصاه.
__________
(1) الغرض: الضجر والملال.
(2) وكل: عاجز.
(3) رواه البخاري موقوفا.
(4) تقدمت ترجمته في ص «214» رقم «2» .
(5) رواه أبو داوود، والامام أحمد في الزهد.
(6) تقدمت ترجمته في ص «154» رقم «1» .
(7) ترسيل؛ عطف تفسير لترتيل. وفي نسخة صحيحة ب (أو) على شك من الراوي.
(8) هو هند بن ابي هالة تقدمت ترجمته في ص «146» رقم «6» .
(9) رواه الشيخان.
(10) تقدمت ترجمتها في ص «146» رقم «5» .

(1/276)


وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الطِّيبَ والرائحة الحسنة، ويستعملها كَثِيرًا وَيَحُضُّ عَلَيْهِمَا وَيَقُولُ «1» : «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» .
- وَمِنْ مُرُوءَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيُهُ «2» عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْأَمْرِ «3» بِالْأَكْلِ مِمَّا يَلِي، وَالْأَمْرِ بِالسِّوَاكِ، وَإِنْقَاءِ الْبَرَاجِمِ «4» والرواجب «5» ، واستعمال خصال الفطرة «6» ..
***
__________
(1) كما رواه النسائي والحاكم في مستدركه من حديث أنس باسناد جيد. وضعفه العقيلي وليس فيه لفظ (ثلاث) وهي خطأ فاحش يبطله سياق الحديث «وجعلت قرة عيني في الصلاة» ايماء انها ليست من الدنيا.
(2) رواه احمد ... ولأبي داوود وابن ماجه والترمذي وصححه؛ نهيه عن النفخ في الإناء وللترمذي في الشراب.
(3) لحديث الشيخين: قل باسم الله، وكل بيمينك مما يليك.
(4) البراجم: جمع برجمة، مفصل الأصابع من ظاهر الكف.
(5) رواجب: جمع راجبة مفصل الأصابع من باطن الكف.
(6) وهي فيما رواه الشيخان خمس: الختان- والاستحداد- وقص الشارب- وتقليم الأظافر- ونتف الأبط- (زاد مسلم) .. المضمصه- وإعفاء اللحية- والاستنجاء. (وابو داوود) من حديث عمار، الانتضاح. ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما فرق الرأس. - هذا والاستنشاق في معنى المضمضة.

(1/277)