الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل العشرون إحياء الموتى في احياء
الموتى وكلامهم وكلام الصِّبْيَانِ وَالْمَرَاضِعِ وَشَهَادَتِهِمْ لَهُ
بِالنُّبُوَّةِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
عَنْ «1» أَبِي «2» هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ يَهُودِيَّةً
أَهْدَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ شَاةً
مَصْلِيَّةً «3» سَمَّتْهَا فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَأَكَلَ الْقَوْمُ ... فقال: ارفعوا أيديكم
فإنّها أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ.. فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ
الْبَرَاءِ «4» .. وَقَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا
صَنَعْتِ؟ ..
قَالَتْ: إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ الَّذِي صنعت.. وإن كنت ملكا
__________
(1) وقع هذا الحديث في رواية سعيد عن ابن الاعرابي عن أبي داود مسندا
موصولا وعند باقي الرواة عن أبي سلمة وليس فيه أبو هريرة فهو مرسل.
(2) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «5» .
(3) مصلية: بفتح الميم وكسر اللام وياء تحتية مشددة وأصلها مصلوية فقلبت
الواو ياء وأدغمت وكسر ما قبلها أي مشوية من صلاه بالنار إذا شواه.
(4) بشر بن البراء صحابي خزرجي شهد العقبة وبدرا سودة النبي صلّى الله عليه
وسلم على بني نضله، قيل انه مات في الحال وقيل بعد أن مرض سنة.
(1/607)
أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ ... قَالَ:
فَأَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ ... وَقَدْ رَوَى «1» هَذَا الْحَدِيثَ أَنَسٌ
«2» وَفِيهِ:
قَالَتْ: أَرَدْتُ قَتْلَكَ ... فَقَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ
عَلَى ذَلِكَ..
فَقَالُوا نَقْتُلُهَا قَالَ: لَا «3» ...
وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ وَهْبٍ «4»
قَالَ:
«فَمَا عَرَضَ لَهَا» .
وَرَوَاهُ «5» أَيْضًا جابر بن «6» عبد الله وفيه «أخبرتني به هَذِهِ
الذِّرَاعُ» .. قَالَ: «وَلَمْ يُعَاقِبْهَا» .
وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ «7» .. «أَنَّ فَخِذَهَا تُكَلِّمُنِي أَنَّهَا
مَسْمُومَةٌ» ..
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ «8» بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَتْ:
«إني مسمومة»
__________
(1) كما في الصحيحين.
(2) تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(3) أي لا تقتلوها: لعل هذا كان قبل موت بشر بن البراء وبهذا يجمع بين هذه
الرواية وبين رواية أبي هريرة أنه قتلها وبه يجاب عما قيل انه مشكل لأنه
كيف يعفي عنها مع قتلها للبراء إلا أن يقال أن البراء عفا عنها أو على أنه
لا يقتل بالسم وإنما يستحق الدية على ما فصل في كتب الفقه.
(4) تقدمت ترجمته في ص «162» رقم «1» .
(5) روى مثله أبو داود والبيهقي.
(6) تقدمت ترجمته في ص «154» رقم «1» .
(7) تقدمت ترجمته في ص «6» رقم «8» .
(8) تقدمت ترجمته في ص «286» رقم «3» .
(1/608)
وكذلك ذكر الخبر ابن اسحق «1» وَقَالَ
فِيهِ: «فَتَجَاوَزَ عَنْهَا» .
وَفِي الْحَدِيثِ «2» الْآخَرِ عن أنس «3» انه قَالَ: «فَمَا زِلْتُ
أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ «4» رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ» .
وَفِي حَدِيثِ «5» أَبِي هُرَيْرَةَ «6» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلم قال في مرجعه:
الَّذِي مَاتَ فِيهِ: مَا زَالَتْ أَكْلَةُ «7» خَيْبَرَ تعادّني «8» ..
فالآن أوان قطعت أبهري «9» .
وقال ابن إسحق إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَيَرَوْنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ شَهِيدًا مَعَ مَا أَكْرَمَهُ
اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ..
وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ «10» أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ
الله صلّى الله عليه وسلم
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «73» رقم «7» .
(2) رواه الشيخان.
(3) تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(4) لهوات: بفتح اللام والهاء جمع لهاة وهي اللحمة المعلقة في سقف أفصى
الفم.
(5) رواه ابن سعد وهو الصحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
(6) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «5» .
(7) أكلة: بصم الهمزة وفتح الكاف واللام.
(8) تعادني: بضم التاء وتشديد الدال أي يرادوني ويراجعني وياودني ألم سمها
في أوقات معينه لها وهو مأخوذ من العداد بكسر العين وهو اهنياج وجع اللديغ
لوقت معلوم فانه اذا تمت له سنة من حين اللدغ هاج به الألم.
(9) أبهري: بفتح الهمزة وسكون التاء الموحدة وفتح الهاء وكسر الراء عرق
يكتنف الصلب والقلب اذا قطع لم يبق معه حياة وهو الذي يمند الى الحلق فيسمى
الوريد والى الطهر فيسمى الوتين.
(10) محمد بن عبد السلام بن سعيد التنوخي فقيه مالكي مناظر كثير التصانيف
توفي بالساحل ونقل الى القيروان فدفن فيها سنة 256 هـ ورثي بثلاثمائة
مرثية.
(1/609)
قَتَلَ الْيَهُودِيَّةَ الَّتِي سَمَّتْهُ
«1» .
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ. عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ وَفِي رِوَايَةِ «2» ابْنِ عَبَّاسٍ «3»
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا» أَنَّهُ دَفَعَهَا لِأَوْلِيَاءِ بِشْرِ بْنِ
الْبَرَاءِ «4» فقتلوها» وكذلك قد اختلف في قتله الذي سَحَرَهُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ «5» «وَعَفْوُهُ عَنْهُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا» .. وَقَدْ
رُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ قَتَلَهُ» ..
وَرَوَى الْحَدِيثَ الْبَزَّارُ «6» عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «7» فَذَكَرَ
مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ «فَبَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ: كلوا
بسم الله ... فأكلنا..
***
__________
(1) رواه أبو داود عن أبي سلمة مرسلا ووصله البيهقي عن أبي هريرة.
(2) رواه ابن سعد.
(3) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .
(4) تقدمت ترجمته في ص «607» رقم «4» .
(5) تقدمت ترجمته في ص «155» رقم «3» .
(6) تقدمت ترجمته في ص «355» رقم «4» .
(7) تقدمت ترجمته في ص «63» رقم «1» .
(1/610)
وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ- فَلَمْ تَضُرَّ
مِنَّا أَحَدًا «1» » .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ: وَقَدْ خَرَّجَ حَدِيثَ الشَّاةِ
الْمَسْمُومَةِ أَهْلُ الصَّحِيحِ.. وَخَرَّجَهُ الْأَئِمَّةُ ... وَهُوَ
حديث مشهور ... واختلف أئمة أهل النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ.
- فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: هُوَ كَلَامٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي
الشَّاةِ الْمَيِّتَةِ، أَوِ الْحَجَرِ، أَوِ الشَّجَرِ. وَحُرُوفٌ
وَأَصْوَاتٌ يُحْدِثُهَا اللَّهُ فِيهَا وَيُسْمِعُهَا مِنْهَا دُونَ
تَغْيِيرِ اشكالها ونقلها عن هيئتها وهو مذهب أَبِي الْحَسَنِ «2»
وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ «3» رَحِمَهُمَا اللَّهُ- وَآخَرُونَ ذَهَبُوا
إِلَى إِيجَادِ الْحَيَاةِ بِهَا أَوَّلًا ثم الكلام بعده.
__________
(1) قال ملا علي القارىء في شرح الشفاء «عن الحافظ ابن حجر أنه منكر ذكره
الدلجي ولعل وجه الانكار عموم نفي الاضرار مع أنه ثبت في الصحيح موت البراء
منه كما سبق به التصريح وكذا تقدم أنه صلّى الله عليه وسلم تضرر منها الى
ان توفي بسببها وحصل له مرتبة الشهادة بها هذا والحديث رواه الجزري أيضا في
الحصن الحصين بلفظ وأمر الصحابة في الشاة المسمومة التي أهدتها اليه
اليهودية أن أذكروا اسم الله وكلوا فأكلوا ولم يصب أحدا منهم شيء وأسنده
الى مستدرك الحاكم قال صاحب السلاح رواه الحاكم في مستدركه عن ابي سعيد
الخدري وقال صحيح الاسناد انتهى لكن قال بعض مشايخنا وفيه تأمل لا يخفى إذ
المشهور بين أصحاب الحديث وأرباب السير أنه لم يأكل من تلك الشاة المسمومة
أحد من الصحابة إلا بشر بن البراء أكل منها لقمة ومات منها وأمر النبي صلّى
الله عليه وسلم باحراق تلك الشاة ودفنها تحت التراب واحتجم رسول الله صلّى
الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة حجمه أبو هند بالقرن
والشفرة وهو مولي لبني بياضة من الانصار والله سبحانه وتعالى أعلم» أهـ.
(2) تقدمت ترجمته في ص «381» رقم «2» .
(3) تقدمت ترجمته في ص «385» رقم «1» .
(1/611)
وَحُكِيَ هَذَا أَيْضًا عَنْ شَيْخِنَا
أَبِي الْحَسَنِ ... وَكُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ..
إِذْ لَمْ نَجْعَلِ الْحَيَاةَ شَرْطًا لِوُجُودِ الْحُرُوفِ
وَالْأَصْوَاتِ إِذْ لَا يَسْتَحِيلُ وَجُودُهَا مَعَ عَدَمِ الْحَيَاةِ
بِمُجَرَّدِهَا ... فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِبَارَةً عَنِ الْكَلَامِ
النَّفْسِيِّ.. فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْحَيَاةِ لَهَا ... إِذْ لَا
يُوجَدُ كَلَامُ النَّفْسِ إِلَّا مِنْ حَيٍّ خِلَافًا للجبّائي «1» من بيز
سَائِرِ مُتَكَلِّمِي الْفِرَقِ فِي إِحَالَةِ وُجُودِ الْكَلَامِ
اللَّفْظِيِّ وَالْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ إِلَّا مِنْ حَيٍّ مُرَكَّبٍ
عَلَى تَرْكِيبِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ النُّطْقُ بِالْحُرُوفِ والأصوات
والتزم ذلك في الحصا وَالْجِذْعِ وَالذِّرَاعِ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ
خَلَقَ فِيهَا حياة وخرو لَهَا فَمًا وَلِسَانًا وَآلَةً أَمْكَنَهَا بِهَا
مِنَ الْكَلَامِ.
- وَهَذَا لَوْ كَانَ لَكَانَ نَقْلُهُ وَالتَّهَمُّمُ «2» بِهِ آكَدُ «3»
مِنَ التَّهَمُّمِ بِنَقْلِ تَسْبِيحِهِ «4» أَوْ حنينه «5» ...
__________
(1) أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام من متقدمي أئمة المعتزلة كان بارعا
في علم الكلام. اخذ عنه الاشعري لمدة أربعين سنة ثم انقلب عليه وصار امام
أهل السنة وله معه مناظرات مستحسنة توفي الجبائي سنة 303 هـ.
(2) أي الاهتمام بنقله.
(3) لكونه أغرب وأعجب فنقله أهم.
(4) أي تسبيح الحصى في يديه صلّى الله عليه وسلم.
(5) أي حنين الجذع.
(1/612)
- وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ
السِّيَرِ وَالرِّوَايَةِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى سُقُوطِ
دَعْوَاهُ..
- مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ فِي النَّظَرِ «1» ...
وَالْمُوَفِّقُ اللَّهُ. وَرَوَى «2» وَكِيعٌ «3» ... رَفْعَهُ عَنْ فَهْدِ
بْنِ عَطِيَّةَ «4» : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أُتِيَ بِصَبِيٍّ قَدْ شَبَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ ... فَقَالَ: مَنْ
أَنَا؟ .. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ.
وَرُوِيَ «5» عَنْ مُعَرِّضِ بْنِ «6» مُعَيْقِيبٍ رَأَيْتُ مِنَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجَبًا ... جِيءَ بصي يوم
ولد فذكر مثله. وهو مُبَارَكِ الْيَمَامَةِ «7» وَيُعْرَفُ بِحَدِيثِ
شَاصُونَةَ «8» اسْمُ رَاوِيهِ وَفِيهِ
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقْتَ
بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ.. ثُمَّ إِنَّ الغلام لم
__________
(1) أي في نظر العقل وخبر النقل إذ المقام مقام خرق العادة وهو انما يكون
على وفق القدرة والارادة وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.
(2) حديث رواه البيهقي.
(3) وكيع بن الجراح بن ملح الرواسي ابو شعبان حافظ ثبت، محدث العراق في
عصره امتنع ورعا عن قضاء الكوفة حين أراد الرشيد على ذلك توفي سنة 197 هـ.
(4) صرح العلماء بعدم معرفته.
(5) رواه البيهقي وابن عساكر وقال ابن دحبة إنه موضوع وقال الخفاجي في معرض
ذكره عن وضع الحديث «هذا لم يسلم» .
(6) تقدمت ترجمته في ص «147» رقم «1» .
(7) كان ذلك الولد يسمى مبارك اليمامة لقوله صلّى الله عليه وسلم له بارك
الله فيك.
(8) شاصونه بن عبيد ابو محمد اليمامي.
(1/613)
يَتَكَلَّمْ بَعْدَهَا حَتَّى شَبَّ
فَكَانَ يُسَمَّى مُبَارَكَ «1» اليمامة ... وكانت هذه الفصة بِمَكَّةَ فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَعَنِ «2» الْحَسَنِ «3» أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَذَكَرَ له أَنَّهُ طَرَحَ بُنَيَّةً لَهُ فِي وَادِي كَذَا..
فَانْطَلَقَ مَعَهُ إِلَى الْوَادِي.. وَنَادَاهَا بِاسْمِهَا يَا
فُلَانَةُ.. أَجِيبِي بِإِذْنِ اللَّهِ.. فَخَرَجَتْ وَهِيَ تَقُولُ:
لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ.. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ أَبَوَيْكِ قَدْ
أَسْلَمَا.. فَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أَرُدَّكِ عَلَيْهِمَا.. قَالَتْ: لَا
حَاجَةَ لِي فِيهِمَا ... وَجَدْتُ اللَّهَ خَيْرًا لي منهما ...
__________
(1) سمي مبارك اليمامة لكونه صلّى الله عليه وسلم دعا له بالبركة ضيف الى
اليمامة لانه كان من أهلها، وفي القاموس أن اليمامة جارية زرقاء كانت تبصر
الراكب من مسيرة ثلاثة أيام وبلاد الجوف منسوبة اليها سميت باسمها وهي اكثر
نخيلا من سائر الحجاز وهي دون المدينة في وسط الشرق عن مكة هذا وقد جمع
الجلال السيوطي رحمه الله تعالى جميع من تكلم وهو صغير في هذه الابيات:
تكلم في الهد النبي محمد ... ويحي وعيسى والخليل ومريم
ومبري جريج ثم شاهد يوسف ... وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم
وطفل عليه مربا لأمه التي ... يقال لها تزني ولا تتكلم
وما شطة في عهد فرعون طفلها ... وفي زمن الهادي المبارك يختم
(2) ذكر الدلجي أن الحديث عن الحسن لم يعلم من رواه ويذكر ملا علي القاري
في شرح الشفاء «رأيت الحديث في دلائل البيهقي صريحا في إحيائها حيث ذكر أنه
صلّى الله عليه وسلم دعا رجلا الى الاسلام فقال لا أومن بك حتى تحيي لي
ابنتي فقال صلّى الله عليه وسلم: «أرني قبرها» فأراه إياه فقال صلّى الله
عليه وسلم: «فلانة» قالت: «لبيك وسعديك» فقال صلّى الله عليه وسلم: «أتحبين
أن ترجعي الى الدنيا» فقالت: «لا والله يا رسول الله إني وجدت جوار الله
خيرا لي من جوار أبوي، ووجدت الآخرة خيرا من الدنيا» .
(3) الحسن هو البصري تقدمت ترجمته في ص «60» رقم «8» .
(1/614)
وَعَنْ «1» أَنَسٍ «2» أَنَّ شَابًّا مِنَ
الْأَنْصَارِ تُوُفِّيَ وَلَهُ أُمٌّ عَجُوزٌ عَمْيَاءُ..
فَسَجَّيْنَاهُ «3» وَعَزَّيْنَاهَا.. فَقَالَتْ: مَاتَ ابْنِي؟ ..
قُلْنَا: نَعَمْ..
قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كنت تعلم أني هاجرت إليك وإلى رسولك رَجَاءَ أَنْ
تُعِينَنِي عَلَى كُلِّ شِدَّةٍ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَيَّ هَذِهِ
الْمُصِيبَةَ ... فَمَا بَرِحْنَا أَنْ كَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ
فَطَعِمَ وَطَعِمْنَا «4» .
وَرُوِيَ «5» عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ
«6» كُنْتُ فِيمَنْ دَفَنَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ «7» بْنِ شَمَّاسٍ. وَكَانَ
قُتِلَ بِالْيَمَامَةِ.. فَسَمِعْنَاهُ حِينَ أَدْخَلْنَاهُ الْقَبْرَ
يَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.. أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عُمَرُ
الشَّهِيدُ، عُثْمَانُ الْبَرُّ الرَّحِيمُ «8» .. فَنَظَرْنَا فإذا هو
ميت.
__________
(1) رواه ابن عدي والبيهقي وابن أبي الدنيا وأبو نعيم.
(2) أنس بن مالك تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(3) سجيناه: بفتح السين المهملة وتشديد الجيم. غطيناه.
(4) في هذا إشارة الى ان الكرامات نوع من المعجزات بل هي ابلغ منها حيث حصل
للتابع ما حصل للمتبوع من خوارق العادات هذا وليس فيه صريح دلالة على
إحيائه بعد إماتته لاحتمال اغمائه مع وجود سكنة لكن زال الغم بدعاء الأم.
(5) رواه البيهقي.
(6) لم نعثر على ترجمته.
(7) ثابت بن قيس بن مالك بن زهير خزرجي أنصاري وكان خطيب الانصار» جهوري
الصوت وشهد له رسول الله بأنه من أهل الجنة وكانت وفاته في وقعة اليمامة
سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق.
(8) هذا الحديث دليل كلام الموتى لا إحيائهم كما لا يخفى.
(1/615)
وَذَكَرَ عَنِ «1» النُّعْمَانِ بْنِ
بَشِيرٍ «2» أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَارِجَةَ «3» خَرَّ مَيِّتًا فِي بَعْضِ
أَزِقَّةِ المدينة فرفع وسجّي إذ سمعوه بين العشائين وَالنِّسَاءُ
يَصْرُخْنَ حَوْلَهُ.. يَقُولُ: أَنْصِتُوا أَنْصِتُوا.. فَحَسَرَ عَنْ
وَجْهِهِ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.. النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ
وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ..
كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ «4» ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ صَدَقَ
وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ... ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ
عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ... ثُمَّ
عاد ميتا كما كان.
__________
(1) رواه الطبراني وابو نعيم وابن منده في تقدمة الصحابة وأخرجه ابن أبي
الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم.
(2) النعمان بن بشير هو الصحابي الانصاري الخزرجي البدري، اول من بايع أبا
بكر واستشهد مع خالد بن الوليد بعين النهر بعد انصرافه من اليمامة سنة 64
هـ والنعمان اول مولود بعد الهجرة ولد بعد اربعة أشهر منها، وولاه معاوية
حمصا والكوفة.
(3) هذا أصح مما وقع في بعض النسخ من أنه ابن حارثة وهو الذي عليه ابن عبد
البر وابن الاثير والذهبي وأبو نعيم الاصبهاني. وزيد بن خارجة أنصاري خزرجي
شهد بدرا، قال ابن السكن: تزوج أبو بكر أخته فولدت له أم كلثوم بعد وفاته.
(4) أي كونه رسولا نبيا أميا وخاتما كليا في الكتاب الاول أي اللوح المحفوظ
الذي كل ما فيه لا يبدل.
(1/616)
|