الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل الرابع والعشرون مَا أَطَّلَعَ
عَلَيْهِ مِنَ الْغُيُوبِ وَمَا يَكُونُ
وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْغُيُوبِ وَمَا يَكُونُ
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ بَحْرٌ لَا يُدْرَكُ قَعْرُهُ وَلَا
يَنْزِفُ «1» غَمْرُهُ «2» .. وَهَذِهِ الْمُعْجِزَةُ مِنْ جُمْلَةِ
مُعْجِزَاتِهِ الْمَعْلُومَةِ عَلَى الْقَطْعِ.. الْوَاصِلِ إِلَيْنَا
خَبَرُهَا عَلَى التَّوَاتُرِ لِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا واتفاق معانيها على
الاطلاع على الغيب.
عَنْ «3» حُذَيْفَةَ «4» قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا.. فَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي
مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَهُ حَفِظَهُ مَنْ
حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ.. قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ..
وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَأَعْرِفُهُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا
يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ ثُمَّ إذا رآه
عرفه ثم قال حذيفة:
__________
(1) ينزف بمعجمة وفاء مبني للمفعول او للفاعل والنزف والنزح بمعنى واحد أي
لا يفنى.
(2) غمره: بفتح الغين المعجمة وسكون الميم قبل راء مهملة وهو الماء الكثير
جدا
(3) رواه أبو داود والشيخان. وفي رواية أبي داود الموجودة هنا زيادة على
رواية الشيخين.
(4) تقدمت ترجمته في ص «64» رقم «6» .
(1/650)
مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي أَمْ
تَنَاسَوْهُ ... وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الدنيا
يبلغ من معه ثلاثمئة فَصَاعِدًا إِلَّا قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ
وَاسْمِ أَبِيهِ وَقَبِيلَتِهِ.
وَقَالَ «1» أَبُو ذَرٍّ «2» لَقَدْ تَرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُحَرِّكُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ فِي
السَّمَاءِ إِلَّا ذَكَّرَنَا مِنْهُ عِلْمًا.
وَقَدْ خَرَّجَ أَهْلُ الصَّحِيحِ وَالْأَئِمَّةُ مَا أَعْلَمَ بِهِ
أَصْحَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا وَعَدَهُمْ بِهِ
مِنَ الظُّهُورِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَفَتْحِ مَكَّةَ «3» ، وَبَيْتِ
الْمَقْدِسِ «4» وَالْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ «5» وَظُهُورِ
الْأَمْنِ حَتَّى تَظْعَنَ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحِيرَةِ «6» إِلَى مَكَّةَ
لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ «7» ..
وأن المدينة ستغزى وتفتح خيبر «8» على يد عَلِيٍّ فِي غَدِ يَوْمِهِ «9» ..
وَمَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِهِ مِنَ الدُّنْيَا وَيُؤْتَوْنَ مِنْ
زَهْرَتِهَا «10» ..
__________
(1) رواه أحمد والطبراني وغيرهما بسند صحيح.
(2) تقدمت ترجمته في ص «285» رقم «1» .
(3) كما رواه الشيخان وغيرهما.
(4) كما رواه البخاري وغيره.
(5) كما في الصحيحين عن سفيان بن أبي زهير.
(6) الحيرة: بكسر الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الراء المهملة
والهاء مدينة بقرب الكوفة واسم بلدة أخرى بقرب نيسابور.
(7) على ما رواه البخاري عن عدي بن حاتم.
(8) كما رواه الشيخان.
(9) كما رواه الشيخان عن سهل بن سعد بلفظ لاعطين الراية غدا لرجل يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فدعا عليا وكان أرمد فبصق في
عينيه فبرأ وفتح الله على يديه» .
(10) رواه الشيخان من طرق صحيحة.
(1/651)
وَقِسْمَتِهِمْ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ
«1» ، وَمَا يَحْدُثُ بَيْنَهُمْ مِنَ الْفُتُونِ وَالِاخْتِلَافِ
وَالْأَهْوَاءِ «2» ، وَسُلُوكِ سَبِيلِ مَنْ قَبْلَهُمْ «3» ..
وَافْتِرَاقِهِمْ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً.. النَّاجِيَةُ منها
فرقة وَاحِدَةٌ «4» ..
وَأَنَّهَا «5» سَتَكُونُ لَهُمْ أَنْمَاطٌ «6» وَيَغْدُو «7» أَحَدُهُمْ
فِي حُلَّةٍ «8» وَيَرُوحُ «9» فِي أُخْرَى وَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ
صَحْفَةٌ «10» وَتُرْفَعُ أُخْرَى وَيَسْتُرُونَ بُيُوتَهُمْ كَمَا
تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ «11» ثُمَّ قَالَ آخِرَ الْحَدِيثِ وَأَنْتُمُ
الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ.. وَإِنَّهُمْ «12» إِذَا مَشَوُا
المطيطاء «13» وخدمتهم
__________
(1) كما في الصحيحين عن طرق أبي هريرة وغيره.
(2) على ما رواه الشيخان من طرق.
(3) كما رواه الشيخان عن أبي سعد بلفظ «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر
وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم» .
(4) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم.
(5) رواه الشيخان عن جابر رضي الله تعالى عنه.
(6) أنماط: جمع نمط كسبب أسباب وهو البساط يعني ان أمته صلّى الله عليه
وسلم يتوسعون في الدنيا حتى يتخذوا الفرش النفيسة لبسط الله لهم الرزق بعد
ما كانوا فيه من الفقر وضيق المعيشة.
(7) الغدو: بغين معجمة ودال مهملة سير اول النهار.
(8) الحلة: الثوب النفيس.
(9) الرواح: السير آخر النهار.
(10) صحفة: بزنة قصعة وهي إناء الطعام.
(11) رواه الترمذي عن علي وحسنه
(12) رواه الترمذي عن ابن عمر كما قاله الدلجي وأما ما ذكره الحلبي من ان
الحديث رواه الذهبي في ميزانه من ترجمة محمد بن خليل الحنفي الكرماني ولفظه
وروى عن ابن المبارك عن ابن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي
صلّى الله عليه وسلم فذكر الحديث ثم قال لا يصح فلا يعارض ما تقدم فان عدم
صحته يحمل على روايته مع أنه لا يلزم من عدم الصحة نفي الثبوت بطريق الحسن
وهو كاف في الحجة.
(13) المطيطاء: بضم الميم وفتح الطاء المهملة ومثناة تحتية ساكنة وألف
ممدودة كما في النهاية وهو مبني على التصغير كالكميت وهي مشية فيها مد
اليدين والمراد به التبختر
(1/652)
بَنَاتُ فَارِسَ وَالرُّومِ رَدَّ اللَّهُ
بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ.. وسلط شرارهم على خيارهم وقتالهم الترك «1»
وَالْخَزَرَ «2» وَالرُّومَ وَذَهَابِ كِسْرَى وَفَارِسَ..
حَتَّى لَا كِسْرَى وَلَا فَارِسَ بَعْدَهُ.. وَذَهَابِ قَيْصَرَ حَتَّى
لَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ «3» .. وَذَكَرَ أَنَّ الرُّومَ ذَاتُ قُرُونٍ «4»
إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ..
وَبِذَهَابِ الْأَمْثَلِ «5» فَالْأَمْثَلِ من الناس «6» .. وتقارب الزمان
«7» ..
__________
(1) كما في الصحيحين «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك أقواما نعالهم
الشعر وحتى تقاتلوا الترك صغار الاعين حمر الوجوه دنف الانوف كأن وجوههم
المجان المطرقة
(2) خزر: بضم الخاء وسكون الزاي جمع أخزر والخزر بفتحتين ضيق العين وصغرها
وهم طائفة من الترك.
(3) رواه الشيخان بدون فارس وذكر الحارث عن ابن مخيرير مرفوعا فارس.
(4) ذات قرون: القرون: جمع قرن وهم الجماعة في عصر واحد أي كلما مضى قرن
خلفه قرن مكانه.
(5) الأمثل: أي الأشرف.
(6) ورد في البخاري «يذهب الصالحون الاول فالاول وتبقى حثالة كحثالة الشعير
او التمر لا يباليهم الله بالة» أي لا يرفع الله لهم وزنا والحثالة بالحاء
المهملة والثاء المثلثة من كل شيء رديئه.
(7) كما في حديث رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه: «لا تقوم الساعة حتى
يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم
كالساعة والساعة كالضرمة بالنار» الضرمة بضاد مفتوحة معجمة وراء مهملة
مفتوحة وهو حشيش يحترق بسرعة، والتقارب تفاعل من القرب والمراد قصره وقلته
لأن القصير يقرب بعضه من بعض وقد اختلف في معنى التقارب: فقيل المراد به
آخر الزمان وقتراب الساعة والظاهر أنه زمن عيسى عليه السلام فانه لكثرة
الخيرات تستقصر الأوقات للاستلذاذ بالمسرات وقيل زمن الدجال فانه لكثرة
اهتمام الناس بما يدهمهم من هموهم لا يدرون كيف تنقضي أيامهم أو أريد به
تسارع الازمنة فيتقارب زمانهم في النحر أو المحنة، وقيل اريد به قلة البركة
في أعمالهم مع كثرة الحركة في أحوالهم
(1/653)
وَقَبْضِ الْعِلْمِ «1» .. وَظُهُورِ
الْفِتَنِ وَالْهَرْجِ «2» .. وَقَالَ «3» :
«وَيْلٌ «4» لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ» . وَأَنَّهُ «5»
زُوِيَتْ «6» لَهُ الْأَرْضُ فَأُرِيَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا.
وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أمته ما زوي له منها..
ولذلك كَانَ امْتَدَّتْ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ مَا بَيْنَ أَرْضِ
الْهِنْدِ أَقْصَى الْمَشْرِقِ إِلَى بَحْرِ طَنْجَةَ «7» حَيْثُ لَا
عِمَارَةَ «8» وَرَاءَهُ وَذَلِكَ مَا لَمْ تملكه
__________
(1) الحديث «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من العباد ولكنه يقبض
العلم بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا
فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» كما رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجة
عن أبي هريرة.
(2) الهرج بفتح الهاء فسكون الراء فجيم قيل لغة حبشية ومعناها القتل وأصل
معناه لغة الكثرة وقد ورد في الحديث روي في الصحيحين عن أبي هريرة «يتقارب
الزمان بقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشج ويكثر الهرج قالوا وما الهرج قال
القتل»
(3) كما في حديث الشيخين عن أم المؤمنين زينب والحديث: أوله قالت زينب رضي
الله تعالى عنها استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه
وهو يقول: «لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح من ردم يأجوج
ومأجوج بمقدار هكذا.
(4) ويل: كلمة تفجع وتعجب فتعجب النبي صلّى الله عليه وسلم مما ينالهم من
المشقة والهلاك بفتن تقع بين المسلمين كقطع الليل المظلم.
(5) فيما رواه مسلم عن ثوبان.
(6) زويت: بالبناء للمجهول اي جمعت وضم بعضها لبعض حتى يصير في محل يحيط به
الناظر اليه سريعا أي أراه الله جميع ذلك
(7) طنجة: بفتح طاء مهملة وسكون نون وفتح جيم مدينة مشهورة بساحل بحر
المغرب وطنجة لفظ بربري وهي مدينة عظيمة فتحت في الاسلام ثم استولى عليها
الصليبيون في سنة (807 هـ) بعد قتال عظيم فلما رأى المسلمون أن لا معين لهم
ولا مغيث سلموها لهم ولم تزل الصليبية ظاهرة ثمة حتى تملكت أكثر البلاد
فعاد الاسلام غريبا كما بدا ودفنت آثار الحضارة الاسلامية التي لا تزال
واضحة في بعض معالم المدينة الأثرية.
(8) عمارة: بكسر العين أي بلاد معمورة.
(1/654)
أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ.. وَلَمْ تَمْتَدَّ
فِي الْجَنُوبِ وَلَا فِي الشَّمَالِ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ «1» «لَا يزال أهل الغرب ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى
تَقُومَ السَّاعَةُ» .
ذَهَبَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ «2» إِلَى أَنَّهُمُ الْعَرَبُ لِأَنَّهُمُ
الْمُخْتَصُّونَ بِالسَّقْيِ بِالْغَرْبِ «3» وَهِيَ الدَّلْوُ.
وَغَيْرُهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُمْ أَهْلُ الْمَغْرِبِ وَقَدْ وَرَدَ
«الْمَغْرِبُ» كَذَا فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ.
وَفِي حَدِيثٍ «4» آخَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُمَامَةَ «5» لَا تَزَالُ
طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ قَاهِرِينَ
لِعَدُوِّهِمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.. وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ
وأجيز «6»
__________
(1) رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه مرفوعا.
(2) وهو علي بن عبد الله بن جعفر بن خزع أبو الحسن إمام أهل الحديث في عصره
قال النسائي: كأن الله لم يخلقه إلا لهذا الشأن وقال البخاري ما استصغرت
نفسي الا بين يدي علي بن المديني وينسب الى مدينة رسول الله صلّى الله عليه
وسلم نوفي سنة اربع وثلاثين ومائتين وله ثلاث وسبعون سنة.
(3) الغرب بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة هي الدلو.
(4) رواه الطبراني وعبد الله بن أحمد بن حنبل.
(5) تقدمت ترجمته في ص «262» رقم «4» .
(6) في حديث رواه الترمذي والحاكم عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما.
ورواه البيهقي عن سعيد بن المسيب مرسلا وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو
ضعيف وعن أبي هريرة وفي سنده الزنجي وهو غير معروف ذاتا وحالا.
(1/655)
بِمُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ وَوِلَايَةِ
مُعَاوِيَةَ «1» وَوَصَّاهُ «2» . وَاتِّخَاذِ بَنِي أُمَيَّةَ مَالَ
اللَّهِ دُوَلًا «3» وَخُرُوجِ «4» وَلَدِ الْعَبَّاسِ بِالرَّايَاتِ
السُّودِ «5» وَمُلْكِهِمْ أَضْعَافَ مَا مَلَكُوا «6» وخروج «7» المهدي
«8» ... وما ينال
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «359» رقم «2» .
(2) أي ان النبي صلّى الله عليه وسلم وصي سيدنا معاوية رضي الله تبارك
وتعالى عنه وذلك فيما رواه البيهقي عن معاوية بلفظ «ما حملني على الخلافة
إلا قول النبي صلّى الله عليه وسلم «يا معاوية إن ملكت وفي رواية إذا وليت
فأحسن» وضعفه البيهقي ثم قال غيره «ان له شواهد منها حديث سعد بن العاص «أن
معاوية أخذ الادارة فتبع النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم فقال له يا
معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل» ومنها حديث راشد بن سعد سمعت رسول
الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت
أن تفسدهم» يقول أبو الدرداء: «كلمة سمعها معاوية منه صلّى الله عليه وسلم
فنفعه الله بها» . وهذا من جملة ما أخبر به صلّى الله عليه وسلم من
المغيبات
(3) كما ورد في حديث رواه الترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله
تعالى عنه «اذا بلغ بنو أبي العاص اربعين او ثلاثين اتخذوا دين الله دغلا
وعباد الله خولا ومال الله دولا» . دولا: بضم الدال المهملة وفتح الواو
ولام جمع دولة. بضم الدال وتفتح وسكون الواو وهو ما يتداول أي يأخذه واحد
بعد واحد، والمراد أنهم استأثروا به ومنعوا حقوقه فأسرفوا وبذروا وضيعوا
بيت مال المسلمين او هم اول من فعل ذلك في الاسلام.
(4) كما ورد في حديث رواه احمد والبيهقي بسند فيه ضعف.
(5) أي الاعلام الملونة بالسواد تفاؤلا بغلبتهم على العباد.
(6) رواه العقيلي في الضعفاء عن أبي بكر رضي الله عنه.
(7) كما ورد في حديث رواه أصحاب السنن وغيرهم من طرق كثيرة جدا.
(8) في آخر الزمان كما ورد في حديث رواه أصحاب السنن وغيرهم من طرق كثيرة
لا تخلو من ضعف قيل: ان المهدي عباسي وقيل: علوي وانه يملك سبع سنين وكنيته
أبو القاسم واسمه محمد بن عبد الله ويبسط العدل والامن في زمنه وقيل:
المراد به عيسى بن مريم عليه السلام وذكره النبي عليه الصلاة والسلام باسمه
وصفته وهو ممن يملك الارض كلها.
(1/656)
أَهْلَ بَيْتِهِ «1» وَتَقْتِيلِهِمْ
وَتَشْرِيدِهِمْ وَقَتْلِ «2» عَلِيٍّ «3» .. وَأَنَّ أَشْقَاهَا «4»
الَّذِي يُخَضِّبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ- أَيْ لِحْيَتِهِ مِنْ رَأْسِهِ-
وَأَنَّهُ قَسِيمُ «5» النَّارِ يَدْخُلُ أَوْلِيَاؤُهُ الْجَنَّةَ
وَأَعْدَاؤُهُ النَّارَ.. فَكَانَ فِيمَنْ عَادَاهُ الْخَوَارِجُ «6»
وَالنَّاصِبَةُ «7» .. وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ
__________
(1) كما في حديث رواه الحاكم «إن اهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا
وتشريدا» وضعفه الذهبي. والتشريد الطرد والتفريق من شرد البعير إذا ند.
(2) كما رواه احمد عن عمار بن ياسر والطبراني عن علي وصهيب وجابر بن سمرة
وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.
(3) تقدمت ترجمته في ص «54» رقم «4» .
(4) أي أشقى الخلائق.
(5) يقول الخفاجي في شرح الشفاء: «ظاهر كلامه أن هذا مما أخبر به النبي
صلّى الله تعالى عليه وسلم إلا أنهم قالوا لم يرده أحد من المحدثين، إلا ان
ابن الأثير قال في النهاية إلا ان عليا رضي الله عنه قال: أنا قسيم النار
يعني اراد ان الناس فريقان فريق معي فهم على هدى وفريق علي فهم على ضلال
فنصف معي في الجنة ونصف على في النار انتهى قلت ابن الاثير ثقة وما ذكره
علي لا يقال من قبل الرأي فهو في حكم المرفوع إذ لا مجال فيه للاجتهاد
ومعناه أنا ومن معي قسيم لاهل النار أي مقابل لهم لأنه من أهل الجنة وقيل
القسيم القاسم كالجليس والسمير. وقيل أراد بهم الخوارج ومن قاتله كما في
النهاية.
(6) الخوارج هم الذين خرجوا على سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه.
عند التحكيم فكانوا اثني عشر ألفا أصحاب صلاة وصيام وقد أخبر عنهم النبي
صلّى الله عليه وسلم وذكرهم بصفاتهم فقال فيهم «يحضر أحدكم صلاته في جنب
صلاتهم وصومه في جنب صومهم لا تجاوز قراءتهم حناجرهم يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية» وكان لعلي رضي الله عنه معهم وقائع مدونه في
التواريخ وهم من الفرقة الضالة، ولهم اعتقادات فاسدة وأعمال كاسدة والواحد
منهم خارج وخارجي.
(7) أي الفرقة أو الطائفة الناصبة ويقال لهم النواصب وهم قوم تدينوا ببغض
علي كرم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه قال ابن السيد: «من نصبت الشرك
والحبالة فاستعير ذلك لكل من يكيد ويوقع المكروه واشتق منه هذا الاسم» .
وفي الكشاف النصب بغض علي وعداوته وهو بالصاد المهملة وهم من الخوارج أيضا.
(1/657)
الروافض «1» كفّروه «2» ..
وقال «3» بقتل عُثْمَانُ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ وَأَنَّ «4»
اللَّهَ عَسَى أَنْ يُلْبِسَهُ قَمِيصًا «5» .. وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ
خَلْعَهُ «6» .. وأنه «7» سيقطر دمه على قوله تعالى «فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللَّهُ «8» » .
__________
(1) الروافض: من الرفض وهو الترك سموا بذلك لتركهم السنة والجماعة وخروجهم
على الخليفة.
(2) كفروه لتركه الخلافة وهي حقه وهو زعم فاسد وحماقة وهم المنكرون للتحكيم
وقولهم لا حكم إلا لله وهي كلمة حتى أريد بها باطل وقد كفروا غيره من
الصحابة أيضا.
(3) رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه ورواه الترمذي عن ابن عمر
ولفظه «ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتنته فقال يقتل هذا مظلوما-
يعني عثمان- رضي الله تعالى عنه وحسنه الترمذي أيضا وهو من جملة ما أخبر به
من المغيبات فكان كما قال.
(4) رواه ابن ماجة والترمذي عن عائشة رضي الله عنها وهو حديث حسن ولفظه:
«يا عثمان لعل الله أن يقمصك قميصا فان أرادوك على خلعة فلا تخلعه لهم» .
ورواه البيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهم.
(5) استعار القميص هنا للخلافة وهذا على سبيل الاستعاره التصريحية التبعية
الترشيحية
(6) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه- أي عثمان- أصبح يحدث الناس فقال: «رأيت
النبي صلّى الله عليه وسلم فقال يا عثمان أفطر عندنا فأصبح صائما وقتل في
يومه» .
(7) رواه الحاكم عن ابن عباس قال الذهبي: «إنه موضوع» وتبعه السيوطي ولكن
نقل المحب الطبري في الرياض النضرة إن أكثرهم يروي أن قطرة من دمه أو قطرات
سقطت على قوله تعالى «فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ» في المصحف، ونقل عن حذيفة
قال: «أول الفتن قتل عثمان وآخرها خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت
أحد وفي قلبه مثقال حبة من حب قتلة عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه وان لم
يدركه آمن به في قبره» أخرجه السقلي الحافظ.
(8) سورة البقرة آية 137.
(1/658)
وَأَنَّ الْفِتَنَ لَا تَظْهَرُ مَا دَامَ
عُمَرُ «1» حَيًّا «2» وَبِمُحَارَبَةِ «3» الزُّبَيْرِ «4» لِعَلِيٍّ «5»
وَبِنُبَاحِ كِلَابِ الْحَوْأَبِ «6» عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ «7»
وَأَنَّهُ «8» يُقْتَلُ حَوْلَهَا قَتْلَى كَثِيرٌ وَتَنْجُو بَعْدَ مَا
كَادَتْ.. فَنَبَحَتْ عَلَى عَائِشَةَ «9» عِنْدَ خُرُوجِهَا إِلَى
الْبَصْرَةِ.
وَأَنَّ عَمَّارًا «10» تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ «11» -
فَقَتَلَهُ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ «12» وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ «13» بْنِ
الزُّبَيْرِ: «وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ وويل لك
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «113» رقم «4»
(2) رواه البيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما والشيخان عن حذيفة.
(3) رواه البيهقي في دلائله من طرق.
(4) تقدمت ترجمته آنفا.
(5) تقدمت ترجمته في ص «54» رقم «4» .
(6) الحوأب: بحاء مهملة وواو ساكنة وهمزة مفتوحة وموحدة اسم ماء او موضع
بين البصرة ومكة نزلته عائشه لما توجهت للصلح بين علي ومعاوية رضي الله
تعالى عنهم
(7) رواه أحمد والبزار والبيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها بسند صحيح
(8) رواه البزار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بسند صحيح.
(9) تقدمت ترجمته في ص «146» رقم «5» .
(10) هو عمار بن ياسر بن عامر الكناني المذحجي العشي القطماني، ابو اليقظان
صحابي من الولاة الشجعان ذوي الرأي، أحد السابقين الى الاسلام والجهر به،
هاجر الى المدينة وشهد بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان وكان النبي صلّى
الله عليه وسلم يلقبه الطيب المطيب وهو اول من بنى مسجدا في الاسلام (بناه
في المدينة وسماه مباء) وولاه عمر الكوفة فأقام زمنا ثم عزله عنها وشهد
الجمل وصفين مع علي وقتل في صفين وعمره ثلاث وتسعون سنة.
(11) رواه الشيخان وغيرهما من طرق.
(12) تقدمت ترجمته في ص «359» رقم «2» .
(13) تقدمت ترجمته في ص «157» رقم «4» .
(1/659)
مِنَ النَّاسِ» . وَقَالَ «1» فِي
قُزْمَانَ «2» وَقَدْ أَبْلَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ
النَّارِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ..
وَقَالَ «3» فِي جَمَاعَةٍ فِيهِمْ أَبُو هُرَيْرَةَ «4» وَسَمُرَةُ «5»
بْنُ جُنْدُبٍ وَحُذَيْفَةُ «6» آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ «7» ..
فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَسْأَلُ عَنْ بَعْضٍ فَكَانَ سَمُرَةُ آخِرَهُمْ
مَوْتًا هَرِمَ وَخَرِفَ فَاصْطَلَى بِالنَّارِ فَاحْتَرَقَ فِيهَا.
وَقَالَ «8» فِي حَنْظَلَةَ «9» الْغَسِيلِ «10» .. سَلُوا زوجته عنه فإني
__________
(1) رواه الشيخان عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
(2) وهو مولى لبعض الأنصار وكان شجاعا لكنه منافق وكان قاتل قتالا شديدا
اعجب الصحابة رضي الله تعالى عنهم الا أن ذلك لم يكن خالصا لله وقد أطلع
الله رسوله صلّى الله تعالى عليه وسلم على حاله.
(3) رواه البيهقي والطبراني من طرق عن أبي هريرة موصولة ومنقطعة ومرسلة
وروي قضية احتراقه بلاغا عن بعض أهل العلم وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن
محمد ابن سيرين أن سمرة كان أصابه كراز شديد وكان لا يكاد يدفا فأمر بقدر
عظيمة فملئت ماء وأوقد تحتها واتخذ فوقها مجلسا وكان لم يصل اليه بخارها
فيدفئه فبينما هو كذلك إذ خسف به فاحترق.
(4) تقدمت ترجمته في ص «30» رقم «5» .
(5) تقدم آنفا.
(6) تقدمت ترجمته في ص «64» رقم «6» .
(7) المقصود بالاحتراق أن يحترق في الدنيا احتراقا يموت به فيها لا انه
يدخل نار جهنم للرواية التي سيفت لموت سمرة فيما تقدم.
(8) رواه ابن اسحاق عن عاصم عن عمر بن قتادة.
(9) هو حنظلة بن أبي عامر بن صيفي بن مالك المعروف بغسيل الملائكة وكان
أبوه في الجاهلية يعرف بالراهب واسمه عمرو ويقال عبد عمرو وكان يذكر البعث
ودين الحنيفية فلما بعث النبي صلّى الله عليه وسلم عائده وحده وخرج عن
المدينة وشهد مع قريش وقعة أحد ثم رجع مع قريش الى مكة ثم خرج الى الروم
فمات بها سنة تسع، وأسلم ابنه حنظلة فحسن اسلامه واستشهد بأحد.
(10) الغسيل: فعيل بمعنى مفعول من الغسل سمي بذلك لأن الملائكة غسلته لما
استشهد بأحد وكان جنبا فقتله ابو سفيان بن حرب.
(1/660)
رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ..
فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ: إِنَّهُ خَرَجَ جُنُبًا وَأَعْجَلَهُ الْحَالُ
عَنِ الْغُسْلِ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ «1» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَوَجَدْنَا رَأْسَهُ
يَقْطُرُ مَاءً.
وَقَالَ «2» الْخِلَافَةُ فِي قُرَيْشٍ.. وَلَنْ «3» يَزَالَ هذا لأمر فِي
قُرَيْشٍ مَا أَقَامُوا الدِّينَ. وَقَالَ «4» يَكُونُ فِي ثَقِيفٍ
كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ «5» فَرَأَوْهُمَا «6» الْحَجَّاجُ «7» وَالْمُخْتَارُ
«8» .
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «63» رقم «1» .
(2) رواه احمد والترمذي.
(3) ورد في حديث رواه البخاري عن معاوية رضي الله تعالى عنه.
(4) رواه مسلم والبيهقي.
(5) مبير: بضم الميم فكسر الباء الموحدة التحتية فياء مثناة تحتية فراء
مهملة أي مهلك من أبار أي اهلك مأخوذ من البوار وهو الهلاك.
(6) فرأوهما: من الرأي أي رأي العلماء أن المراد بهما الحجاج بن يوسف
الثقفي وهو المبير والكذاب المختار بن عبيد الثقفي. وهذا مما أخبر به صلّى
الله تعالى عليه وسلم من المغيبات ففي حديث أسماء رضي الله تعالى عنهما من
طريق مسلم أنها قالت للحجاج «ان في ثقيف كذابا ومبيرا» أما الكذاب فقد
رأيناه وأما المبير فلا اخالك إلا إياه، وقال النووي: «أجمع العلماء على ان
المبير هو الحجاج» وقال الترمذي في جامعه: «ويقال الكذاب المختار والمبير
الحجاج ثم ذكر بسنده الى هشام بن حسان قال أخصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ
مائة وعشرين ألفا.
(7) الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أبو محمد: قائد، داهية، سفاك، خطيب.
ولد ونشأ في الطائف (بالحجاز) وانتقل الى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب
عبد الملك بن مروان، فكان في عديد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قلده عبد
الملك أمر عسكره، وأمره بقتال عبد الله بن الزبير وثبتت له الامارة عشرين
سنة وبنى مدينة واسط سفاكا سفاحا باتفاق معظم المؤرخين ومات بواسط وأجرى
على قبره الماء فاندرس
(8) هو المختار بن عبيد الثقفي بن مسعود بن عمر بن عمير وأبوه أسلم في حياة
النبي عليه السلام ولم يره فلم يعد من الصحابة والمختار هذا كان يزعم أن
جبريل عليه الصلاة-
(1/661)
وَأَنَّ «1» مُسَيْلِمَةَ «2» يَعْقِرُهُ
«3» اللَّهُ وَأَنَّ «4» فَاطِمَةَ «5» أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ
وَأَنْذَرَ «6» بِالرِّدَّةِ وَبِأَنَّ «7» الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ
ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا فَكَانَتْ كذلك بِمُدَّةِ «8»
الْحَسَنِ «9» بْنِ عَلِيٍّ.
وَقَالَ «10» إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَدَأَ نُبُوَّةً وَرَحْمَةً ثُمَّ
يَكُونُ رَحْمَةً
__________
- والسلام يأتيه وكان يظهر مدح ابن الزبير ومحمد بن الحنفية واستحوذ على
الكوفة وأظهر التشيع واجتمع عليه ناس كثيرون وطلب الأخذ بثأر الحسين فقتل
كثيرا من قتلته وعظم أمره وكان يتكهن ويزعم أنه يوحي اليه وله كرسي يضاهي
به تابوت بني اسرائيل فهو ضال مضل واستمر على ذلك مدة حتى قتله مصعب ابن
الزبير.
(1) رواه الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) تقدمت ترجمته في ص «506» رقم «3» .
(3) يعقره: بكسر القاف أي يهلكه.
(4) رواه الشيخان عن عائشة رضي الله تعالى عنهما.
(5) تقدم آنفا.
(6) كما في حديث الشيخين «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعصكم رقاب بعض» وفي
حديث مسلم «لا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد
قبائل من أمتي الاوثان» فوقعت الردة في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه.
(7) رواه أصحاب الكتب الستة مسندا.
(8) أي بمعنى مدة خلافته وهي ستة أشهر تقريبا وفيه دلالة على ان معاوية لم
يحصل له ولاية الخلافة ولو بعد فراغ الحسن له بالامارة ويشير اليه ما رواه
البخاري في تاريخه والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة بلفظ «الخلافة بالمدينة
والملك بالشام» ثم أعلم ان خلافة أبي بكر كانت سنتين وثلاثة أشهر وعشرين
يوما وخلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام وخلافة عثمان احدى عشرة
سنة وأحد عشر شهرا وثمانية عشر يوما وخلافة علي أربع سنين وعشرة أشهر او
تسعة وبتمامها خلافة الحسن.
(9) تقدمت ترجمته في ص «192» رقم «2» .
(10) رواه البزار عن أبي عبيدة رضي الله تعالى عنه والبيهقي عن معاذ بن جبل
رضي الله تعالى عنه.
(1/662)
وَخِلَافَةً ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا
عَضُوضًا «1» .. ثُمَّ يَكُونُ عُتُوًّا «2» وَجَبَرُوتًا «3» وَفَسَادًا
فِي الْأُمَّةِ..
وَأَخْبَرَ «4» بِشَأْنِ أويس «5» القربي وبأمراء «6» يؤخرون الصلاة وفي
«7» حديث آخر: ثلاثون دجالا كذابا.. أحدهم الدَّجَّالُ الْكَذَّابُ «8»
كُلُّهُمْ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
__________
(1) عضوضا: بفتح العين المهملة وضمها صيغة مبالغة جمع عض بكسر العين
المهملة وهو الشرير الخبيث والمراد هنا سلطنة خالية عن الرحمة والشفقة على
الرعية فكأنهم يعضون بالنواجذ فيه عضا حرصا على الملك. وهذا من باب
الاستعارة التصريحية او المكنية بتشبيه ظلمهم وتعديهم على الرعية بعض حيوان
مفترس.
(2) عتوا: بضم العين المهملة وتشديد التاء المثناة الفوقية وضمها أي تكبرا.
(3) جبروتا: بفتحتين فعلوت من الجبر بمعنى القهر مبالغة أي تجبرا وقهرا.
(4) رواه مسلم.
(5) هو أويس بن عامر المرادي نسبة لمراد قبيلة مشهورة و (القرني) بفتحتين
نسبة لقرن بن ردمان بن ناجية بن مراد في طبقات الاولياء للشرجي انه خير
التابعين مطلقا بشهادة النبي صلّى الله عليه وسلم له وكان أدرك زمن النبي
صلّى الله تعالى عليه وسلم ولم يره باشتغاله ببر أمه وتوفي بصفين على ما
قيل عام سبع وثلاثين شهيدا مع أصحاب علي رضي الله تعالى عنهم.
(6) رواه مسلم من طرق عن أبي ذر رضي الله عنه ولفظه «كيف انت إذا كنت وعليك
أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها قلت فما تأمرني قال: صل الصلاة لوقتها فان
أدركتها فصل فانها لك نافلة» قال النووي «المراد تأخيرها عن وقتها
الاختياري لا عن وقتها مطلقا بشهادة أمره صلّى الله تعالى عليه وسلم
باعادتها معهم بعد أدائها منفردا إذ لا اعادة بعد خروج وقت الصلاة» .
(7) رواه الشيخان عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(8) أي الدجال الاعور الذي يظهر في آخر الزمان ويقتله عيسى بن مريم عليه
الصلاة والسلام وفي تذكرة القرطبي «انه ابن صياد يدعي الألوهية ويظهر أمورا
خارقة للعادة ولا يدخل مكة والمدينة والقدس معه جنة ونار وجبال من خبز» .
(1/663)
وَقَالَ «1» يُوشِكُ أَنْ يَكْثُرَ فِيكُمُ
الْعَجَمُ يَأْكُلُونَ فَيْئَكُمْ «2» ، وَيَضْرِبُونَ رِقَابَكُمْ. وَلَا
«3» تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُوقَ النَّاسَ بِعَصَاهُ «4» رَجُلٌ مِنْ
قَحْطَانَ «5» وَقَالَ «6» : خَيْرُكُمْ قَرْنِي.. ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ
قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا «7» يُسْتَشْهَدُونَ وَيُخَوَّنُونَ وَلَا
يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ
«8»
وَقَالَ «9» : لَا يَأْتِي زمان إلّا والذي بعده شر منه.
__________
(1) رواه البزار والطبراني بسند صحيح من حديث طويل.
(2) فيئكم: بفتح الفاء وسكون الياء مهموز أي أموالكم.
(3) رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(4) أي يملك الناس ويسخرهم كما يريد من غير مانع ولاكد وتعب وفيه استعارة
تمثيلية لتشبيهه براع لغنم يسوقها بعصاه يهش بها عليها وفيها اشارة الى ضعف
الناس وجهلهم فكأنهم غنم سائمة همها أن ترعى والعصا فيه كما هو قولهم فلان
تحت عصا فلان أي منقاد لأمره وحكمه وهم عبيد العصا.
(5) وهذا الرجل يسمى الجهجاه كما ورد في الحديث.
(6) رواه الشيخان.
(7) أي يؤدون الشهادة قبل أن تطلب منهم ومثله لا يقبل وهذا لا ينافي ما ورد
في الحديث «ان خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل ان تطلب منهم» فان هذا حمل
على من كان عنده علم بامر وشهادة فيه وصاحبها لا يدري أنها عنده فيخبره بما
عنده ليستشهده عند حاجته ولكل مقام مقال.
(8) أي عظم البدن بكثرة لحمه وهذا علامة على كثرة أكلهم وشربهم وترفههم
وعدم خوفهم من الله وعدم تفكرهم في عواقب الأمور وروي «يأتي في آخر الزمان
قوم يتسمنون» وفي التوراة «إن الله يبغض الحبر السمين» وفي الغالب من سمن
وكثرت رطوبة بدنه كان بليدا مغفلا غير مكترث بدينه ودنياه فجعل هذا كناية
عما ذكر لأنه من لوازمه غالبا فلا ينافيه ما يشاهد من كون بعض العلماء
والصلحاء سمين الجثة خلقة أنشأه الله عليها، وقيل المذموم منه ما يكتسب دون
الخلقي.
(9) رواه البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه.
(1/664)
وقال «1» : «هلاك أمتي على يد أغيلمة «2»
من قريش» .
وقال أبو هريرة «3» رواية «4» : «لَوْ شِئْتُ سَمَّيْتُهُمْ لَكُمْ بَنُو
فُلَانٍ وَبَنُو فلان»
وأخبر «5» بظهور القدرية «6» و «7» الرافضة «8» وسب «9» آخر
__________
(1) رواه الشيخان.
(2) أغيلمة: تصغير أغلمة وهو جمع قلة يجوز فيه التصغير على لفظه وهو في حكم
المفرد وهو تصغير تحقير.
(3) تقدمت ترجمته في ص «30» رقم «2» .
(4) لكنه لم يسمهم تسمية صريحة خوف الفساد والفتنة.
(5) رواه الترمذي وأبو داوود والحاكم ولفظه «القدرية مجوس هذه الأمة» .
(6) يقول القدرية إن الأمور كلها ليست بقضاء الله وقدره وإن الانسان خالق
لأفعاله وأنها بقدرته سموا قدرية لاثباتهم للعبد قدرة لا لانكار قدرة الله
على أفعاله وشبههم بالمجوس لأنهم أثبتوا خالقين خالق الخير وهو النور الذي
سموه (يزدان) وخالق الشر الظلمة سموها (أهرمن) وهؤلاء لما نسبوا أفعال
العباد لهم قالوا بتعدد الخالق على ما تقرر في علم الأصول وأما معنى القضاء
والقدر فعند السلف القضاء ارادة الله الأزلية المتعلقة بجميع الأشياء خيرها
وشرها والقدر إيجاده إياها على ما معناه أولا وعند الفلاسفة القضاء علمه
بما عليه الوجود حتى يكون على أحسن نظام ويسمونه العناية والقدر خروجها على
دفعة وهؤلاء القدرية هم المعتزلة وأما القدرية الذين أنكروا القدر وأن
الأمر أنف أي مستأنف لا يعلمه إلا الله إلا بعد وجوده فليس المراد بالحديث
هم لأنهم انقرضوا ولم يبق منهم أحد.
(7) رواه البيهقي من طرق كلها ضعيفة إلا أنها يتقوى بعضها ببعض ويعضدها ما
رواه البزار بلفظ «يكون في أمتي قوم في آخر الزمان يسمون الرافضة يرفضون
الاسلام وروي يلفظونه- فاقتلوهم فانهم مشركون» .
(8) الرفض معناه لغة الترك أي أنهم قوم يرفضون الاسلام بالكلية لأنهم
يستحلون سب الصحابة ويكفرون أهل السنة والجماعة.
(9) رواه أبو القاسم البغوي عن عائشة مرفوعا بلفظ «لا تذهب الأمة حتى يلعن
آخرها أولها» وقد وقع هذا كثيرا من الرافضة فأظهروا سب الشيخين وسب عائشة
ومعاوية وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عليهم. وكذلك للترمذي من حديث
طويل عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «ولعن آخر هذه الأمة أولها فارتقبوا
عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتابع كنظام قطع سلكه» .
(1/665)
هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا وَقِلَّةِ
«1» الْأَنْصَارِ «2» حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فَلَمْ
يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَتَبَدَّدُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ جَمَاعَةٌ..
وَأَنَّهُمْ سَيَلْقَوْنَ بَعْدَهُ أَثَرَةً «3» .
وَأَخْبَرَ «4» بِشَأْنِ الْخَوَارِجِ «5» وَصِفَتِهِمْ وَالْمُخَدَّجِ «6»
الذي
__________
(1) لما رواه الشيخان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قَالَ: خَرَجَ
عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه
فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فان الناس يكثرون
ويقل الأنصار» أي بعدي.
(2) وهم الأوس والخزرج وسموا أنصارا لأنهم نصروا الرسول صلّى الله عليه
وسلم وأيدوه وهو جمع ناصر أو نصير غلب على هذه القبيلة ولذا نسب إليهم
أنصاري.
(3) أثرة: بفتح الهمزة والمثلثة والراء المهملة قيل ويجوز كسر الهمزة وسكون
المثلثة وهما بمعنى واحد وهو الاستبداد والمراد أنهم يلقون بعده صلّى الله
عليه وسلم من يؤثر عليهم غيرهم ويقدمه عليهم في العطاء من الديوان ويقل
نصيبهم من الفيء فتضيق معيشتهم وفي نفسهم شرف وحمية فيتشتتوا ويتبدد
أمرهم..
(4) رواه الشيخان.
(5) الخوارج: هم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه بالنهر
وهم نحو أربعة آلاف فقاتلهم حتى قتلهم واستشهد بحربهم لبعض أصحابه وقيل
كانوا أكثر من ذلك بكثير
(6) وهو بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة ويروي بفتح
الخاء وتشديد الدال والمعنى واحد وروى المخدوج وهو الناقص خلفه ومنه الخداج
وهو إشارة لما في حديث الصحيحين من أن صلّى الله عليه وسلم قسم في بعض
الأيام قسمة فقال له رجل من تميم وهو ذو الخويصرة اعدل يا رسول الله فقال
ويحك ومن يعدل إذا لم اعدل خبت وخسرت فقال عمر رضي الله عنه ائذن لي اضرب
عنقه فقال له دعه ان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته إلى آخره وآيتهم رجل أسود
احدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ولما كانت وقعتهم وقتال علي
لهم خطب الناس وذكر الحديث وقال اطلبوا ذا الثدية فطلبوه فوجدوه تحت القتلى
فجاؤا به فقال شقوا قميصه فشقوه فلما رأى احدى ثدييه مثل المرأة عليه شعرات
سجد شكر الله تعالى اذ صدق نبيه صلّى الله عليه وسلم وعلم أنه على الحق وهم
على الباطل.
(1/666)
فيهم وأنّ سيماهم «1» التحليق «2» ويرى «3»
راء الغنم «4» رؤوس النَّاسِ وَالْعُرَاةُ الْحُفَاةُ يَتَبَارَوْنَ فِي
الْبُنْيَانِ «5» .. وَأَنْ «6» تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا «7» وَأَنَّ
«8» قُرَيْشًا وَالْأَحْزَابَ لَا يَغْزُونَهُ أَبَدًا وَأَنَّهُ هُوَ
يَغْزُوهُمْ «9» .
وَأَخْبَرَ «10» بِالْمَوْتَانِ «11» الذي يكون بعد فتح بيت المقدس
__________
(1) سيماهم: بكسر السين المهملة وهي العلامة.
(2) التحليق: أي يحلقون شعور رؤوسهم ولم يكن في الصدر الأول حلق الرؤوس إلا
في النسك وقيل جلوسهم حلقا حلقا.
(3) هذا الحديث في الصحيحين بمعناه وبعض ألفاظه فالمصنف رحمه الله تعالى
رواه من طريق آخر ورواه بالمعنى.
(4) وفي نسخة المشاد.
(5) أي أن أرباب الجهالة والقلة والذلة يتفاخرون في البنيان وإشادته
ويتغلبون على أهل العلم والغنى والعزة.
(6) وهذا مأخوذ من حديث صحيح مشهور رواه الشيخان وغيرهما.
(7) ربتها: بتاء التأنيث وربت ورب بمعنى سيد وسيدة والرب لغة لها معان:
السيد والمالك والمدبر والمربي والقيم والمنعم ويطلق على الله تبارك
وتعالى. والمراد هنا السيد ذكرا كان او أنثى وفي معنى هذا الحديث اختلاف
كثير فقيل معناه أن الإماء يلدن الملوك فتكون أمه أمة من جملة رعيته وقيل
وهو عبارة عن فساد أحوال الناس في آخر الزمان وكثرة بيع أمهات الاولاد وقيل
هو كناية عن كثرة العقوق وقلة تأدية الحقوق
(8) رواه البخاري عن سليمان بن صرد.
(9) أي أن كفار قريش وسائر طوائف الكفار لا يغزونه أبدا بل هو الذي يبدؤهم
بالمحاربة كما وقع له ولأصحابه بفتح مكة.
(10) رواه البخاري عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه.
(11) الموتان: بضم الميم وتفتح وسكون الواو وهو مصدر بمعنى الموت الكثير او
الوباء الخطير، وكان هذا الوباء في خلافة عمر رضي الله عنه بعمواس وهي قرية
من قرى بيت المقدس نزل بها عسكره وهو اول طاعون وقع في الاسلام مات فيه
سبعون ألفا في ثلاثة أيام وكان ذلك سنة ست عشرة من الهجرة وقد مات في عمواس
سيدنا أبو عبيدة بن الجراح.
(1/667)
وَمَا «1» وَعَدَ مِنْ سُكْنَى الْبَصْرَةِ
«2» وَأَنَّهُمْ «3» يَغْزُونَ فِي الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى
الْأَسِرَّةِ «4» وَأَنَّ «5» الدِّينَ لو كان منوطا في الثريا لَنَالَهُ
رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ. وَهَاجَتْ «6» رِيحٌ في غزاته «7»
فَقَالَ:
هَاجَتْ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ «8» فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ
وَجَدُوا ذَلِكَ.
وَقَالَ «9» لِقَوْمٍ مِنْ جُلَسَائِهِ: ضِرْسُ أَحَدِكُمْ فِي النَّارِ
أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ «10» قال أبو هريرة فذهت القوم- يعني ماتوا- وبقيت
أنا
__________
(1) لما رواه أبو داود عن أنس رضي الله تعالى عنه انه صلّى الله تعالى عليه
وسلم قال له: يا أنس إن الناس يمصرون أمصارا وان مصرا فيها يقال له البصرة
فان أنت مررت بها او دخلتها فاياك وسباخها وكلاؤها وسوقها وباب أمرائها
وعليك بضواحيها فانه يكون بها خسف وقذف ورجف وقوم يبيتون ويصبحون قردة
وخنازير» ولعل هذه الامور وردت معنوية او ترد بعد ذلك صورية.
(2) ص اعلام.
(3) رواه الشيخان.
(4) الأسرة جمع سرير وهو مقعد يعد للملوك مرتفع يجلسون عليه ترفعا وتعظما
ومؤخر المراكب المعدة للغزو الذي يقعد عليه رئيسهم يعمل على هيئة سرير
الملك بعينه كما يعرفه من شاهد فهو من الاخبار العجيبة لأنه لم يكن ذلك
بديار العرب ولم يره أحد منهم فهذا من خوارق العادات والاخبار بالمغيبات.
(5) رواه الشيخان عن أبي هريرة.
(6) رواه مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه.
(7) ذكر الدلجي أنها غزوة تبوك وقرر الحلبي وهو الأولى بالاعتماد أنها غزوة
بني المصطلق.
(8) وهو رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع وكان من عظماء اليهود
وكهناء المنافقين.
(9) رواه الطبراني عن رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه.
(10) المراد ان احدهم يموت كافرا كما في حديث آخر «ضرس الكافر قبل أحد» .
(1/668)
وَرَجُلٌ فَقُتِلَ مُرْتَدًّا «1» يَوْمَ
الْيَمَامَةِ «2» .
وَأَعْلَمَ «3» بِالَّذِي غَلَّ «4» خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ
فَوُجِدَتْ فِي رَحْلِهِ وَبِالَّذِي «5» غَلَّ الشَّمْلَةَ «6» وَحَيْثُ
هِيَ «7» .
وَنَاقَتِهِ «8» حِينَ ضَلَّتْ وَكَيْفَ تَعَلَّقَتْ بِالشَّجَرَةِ
بِخِطَامِهَا «9» وَبِشَأْنِ «10»
__________
(1) وهو الرجال بن عفوة أسلم فلما ادعى مسيلمة النبوة ارتد وشهد له بذلك.
(2) وهي الحرب التي كانت باليمامة واليمامة اسم ارض معروفة شرقي الحجاز
ومدينتها العظمى الحجر ويسمى حجر اليمامة
(3) رواه ابو داود والنسائي عن زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه.
(4) غل: بغين معجمة ولام مشددة من الغلول وهو السرقة خفية.
(5) رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ولفظه أهدى رجل لرسول
الله صلّى الله تعالى عليه وسلم غلاما اسمه مدعم فبينما هو يحط رحل رسول
الله صلّى الله عليه وسلم جاءه سهم عائر- أي لا يدرى راميه- فقتله فقالوا
هنيئا له الجنة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «كلا والذي نفسي بيده
ان الشملة التي اخذها يوم خيبر من الغنائم قبل القسمة لتشتعل عليه نارا» .
(6) الشملة: وهي المرة من الشمول وكساء صغير يشتمل به الانسان.
(7) أي وبالمكان الذي هي فيه.
(8) رواه البيهقي عن عروة مرسلا.
(9) بخطامها: بكسر الخاء المعجمة وهو زمامها ومقصودها. وكان صلّى الله عليه
وسلم لما ضلت فقال رجل من المنافقين كيف يزعم محمد أنه يعلم الغيب ولا يعلم
مكان ناقته ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي فأتاه جبريل وأخبره بقول المنافق
وبمكان ناقته فقال صلى الله عليه وسلم «ما أزعم أني اعلم الغيب وما اعلمه
ولكن الله تعالى أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي وهي في الشعب وقد تعلق
زمامها بشجرة كذا فخرجوا يسعون قبل الشعب فوجدوها حيث قال وكما وصف فجاؤوا
بها وآمن ذلك المنافق وهو زيد بن اللصيب.
(10) رواه الشيخان عن علي كرم الله وجهه.
(1/669)
كِتَابِ حَاطِبٍ «1» إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ
«2» .
وَبِقَضِيَّةِ «3» عُمَيْرٍ «4» مَعَ صَفْوَانَ «5» حِينَ سَارَّهُ
وَشَارَطَهُ عَلَى قَتْلِ
__________
(1) هو حاطب بن ابي لمتعة اللخمي: صحابي شهد الوقائع كلها مع رسول الله
صلّى الله عليه وسلم وكان من أشد الرماة، في الصحابة، وكانت له تجارة
واسعة. بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم بكتابه الى المقوقس صاحب
الاسكندرية. ومات في المدينة. وكان أحد فرسان قريش وشعرائها في الجاهلية.
(2) وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلم لما تجهز لفتح مكة ولم يعلم أحدا
بتوجهه ومقصده فكتب حاطب اليهم كتابا فيه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم
قد توجه اليكم بجيش كالليل يسير كالسيل وأقسم بالله لو سار اليكم وحده نصره
الله عليكم فانه منجز له ما وعده فعليكم الحذر فقال رسول الله صلّى الله
عليه وسلم لعلي وبعض أصحابه رضي الله تعالى عليهم اذهبوا الى روضه خاخ
ففيها جارية معها مكتوب فأتوني به وكان صلى الله عليه وسلم أخفى مسيره
فأتوا المحل فوجدوا الجارية فأنكرت ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا فهموا
بالرجوع ثم بدا لعلي رضي الله تعالى عنه ان خبره صلّى الله عليه وسلم صدق
فهدد الجارية فأخرجت الكتاب من عقصتها وهذا من جملة المغيبات التي أخبر بها
النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه.
(3) رواه ابن اسحاق والبيهقي والطبراني.
(4) هو عمير بن وهب بن خلف الجمحي، أبو أمية: صحابي، من الشجعان. أبطا في
قبول الاسلام، وشهد وقعة بدر مع المشركين فأسر المسلمون ابنا له، فرجع الى
مكة فخلا به صفوان بن أمية بالحجر وقال له: دينك علي، وعيالك علي، أمونهم
ما عشت، واجعل لك كذا وكذا إن أنت خرجت إلى محمد فقتلته، فوافقه عمير ورحل
الى المدينة فدخل بسيفه على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو في المسجد،
فسأله: لم قدمت قال: أريد فداء ابني فقال: مالك والسلاح؟ قال نسيته علي لما
دخلت، قال فما جعل لك صفوان بن أمية في الحجر؟ فأنكر، فأخبره النبي صلّى
الله عليه وسلم بما كان، فدهش وأسلم، وعاد إملى كة وأشهر إسلامه ثم هاجر
إلى المدينة، وشهد مع المسلمين أحدا وما بعدها.
(5) هو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب الجمحي القرشي المكي، أبو وهب: صحابي،
فصيح جواد، كان من أشراف قريش في الجاهلية والاسلام. قال أبو عبيدة: إن
صفوان «قنطر في الجاهلية، وقنطر أبوه» أي صار له قنطار ذهبا، أسلم بعد
الفتح، وكان من المؤلفة قلوبهم، وشهد اليرموك، ومات بمكة، له في الصحيحين
13 حديثا.
(1/670)
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ عمير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَاصِدًا لِقَتْلِهِ وَأَطْلَعَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الْأَمْرِ وَالسِّرِّ أَسْلَمَ وَأَخْبَرَ «1» بِالْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ
عَمُّهُ الْعَبَّاسُ «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ «3»
بَعْدَ أَنْ كَتَمَهُ فَقَالَ: مَا عَلِمَهُ غَيْرِي وَغَيْرُهَا.
فَأَسْلَمَ. وَأَعْلَمَ «4» بِأَنَّهُ سَيَقْتُلُ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ «5»
.
وَفِي عُتْبَةَ بْنِ «6» أَبِي لَهَبٍ أنه يأكله كلب من كلاب «7» اللَّهِ
وَعَنْ «8» مَصَارِعِ أَهْلِ بَدْرٍ فَكَانَ كَمَا قَالَ.
وَقَالَ «9» فِي الْحَسَنِ «10» : «إِنَّ ابْنِي هَذَا سيد وسيصلح لله به
__________
(1) رواه أحمد عن ابن عباس والحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها بسند
صحيح.
(2) تقدمت ترجمته في ص «181» رقم «1» .
(3) هي لبابة بنت الحارث بن حرب الهلالية كنيت باسم ابنها الفضل كما كني
العباس أبو الفضل وهي من أشراف الصحابة رضي الله تعالى عنها يقال أنها أول
امرأة أسلمت بعد خديجة.
(4) رواه البيهقي عن عروة وسعيد بن المسيب مرسلا.
(5) تقدمت ترجمته في ص «278» رقم «7» .
(6) تقدمت ترجمته آنفا.
(7) فأكله الأسد وهو ذاهب إلى الشام والأسد يسمى كلبا وهو يشبهه صورة.
(8) كما ورد في صحيح مسلم وغيره أنه صلّى الله عليه وسلم قام ببدر قبل
قتالهم وقال هذا مصرع فلان ووضع يده على الأرض ثم قال هذا مصرع فلان ووضع
يده عليها وعدهم واحدا واحدا مشيرا لمصارعهم فلم يتجاوز أحدهم موضعه فصرعوا
كذلك ثم جروا بأرجلهم وطرحوا في القليب ثم جاء رسول الله صلّى الله عليه
وسلم حتى وقف عليهم وقال يا فلان بن فلان يناديهم بأسمائهم واحدا بعد واحد
هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فقال الصحابة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم
أتكلم أجسادا لا أرواح لها فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع منهم لكلامي
ولكنهم لا يستطيعون أن يردوا.
(9) كما ورد في حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما.
(10) تقدمت ترجمته في ص «192» رقم «2» .
(1/671)
بين فئتين» . و «1» لسعد «2» : «لَعَلَّكَ
تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيَسْتَضِرَّ بِكَ آخَرُونَ
«3» » وَأَخْبَرَ «4» بِقَتْلِ أَهْلِ مُؤْتَةَ «5» يَوْمَ قُتِلُوا «6»
وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ أَوْ أَزْيَدُ.
وَبِمَوْتِ «7» النَّجَاشِيِّ «8» يَوْمَ مَاتَ «9» وَهُوَ بِأَرْضِهِ.
وَأَخْبَرَ «10» فَيْرُوزَ «11» إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِ رَسُولًا مِنْ
كِسْرَى «12» بِمَوْتِ كسرى ذلك اليوم فلما تحقق فيروز القصة أسلم.
وأخبر «13» أباذر «14» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَطْرِيدِهِ «15» كَمَا
كَانَ وَوَجَدَهُ
__________
(1) رواه الشيخان.
(2) تقدمت ترجمته في ص «215» رقم «1» .
(3) في هذا الحديث من المعجزات تحقق ما أخبر به فإنه عاش ونفع الله به
المسلمين لما كان على يديه من الفتوح وهدى الله به ناسا أسلموا على يديه
وغنموا معه وضر الله به ناسا من الكفار وجاهدهم وقتل منهم وسبى وليس المراد
بضرر ضرر المسلمين.
(4) كما ورد في حديث صحيح رواه البخاري عن أنس.
(5) مؤنة: بضم الميم وسكون الواو والهمزة فإن فيها لغتين كما في القاموس
وهي اسم موضع بالشام كان فيه غزوه مشهورة.
(6) أي امراء الغزوة فكان النبي صلّى الله عليه وسلم بين أصحابه فقال لهم:
«أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب ثم جعفر بن أبي طالب فأصيب ثم عبد الله بن
رواحة فأصيب ثم خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح الله عليه على يديه» .
(7) كما رواه الشيخان عن أبي هريرة
(8) تقدمت ترجمته في ص «164» رقم «2»
(9) أي سنة تسع من الهجرة وهو بأرضه وصلّى عليه صلاة الغائب عن أصحابه وقد
أحضرت جنازته لديه.
(10) كما رواه البيهقي.
(11) وزير كسرى ملك فارس.
(12) كسرى لقب لكل من يملك الفرس واسم هذا أبرويز وهو الذي كتب اليه رسول
الله صلّى الله عليه وسلم كتابا فمزق فمزق الله ملكه استجابة لدعاء رسول
الله صلّى الله عليه وسلم
(13) رواه أحمد في مسنده.
(14) تقدمت ترجمته في ص «285» رقم «1» .
(15) بإخراجه من المدينة إلى الربذة.
(1/672)
فِي الْمَسْجِدِ نَائِمًا فَقَالَ لَهُ:
كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ قَالَ: أَسْكُنُ الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ قَالَ: فَإِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ؟ .. الْحَدِيثَ «1» .
وَبِعَيْشِهِ «2» وَحْدَهُ وَأَخْبَرَ «3» أَنَّ أَسْرَعَ أَزْوَاجِهِ بِهِ
لُحُوقًا أَطُولُهُنَّ يَدًا فَكَانَتْ زَيْنَبَ «4» لِطُولِ يَدِهَا
بِالصَّدَقَةِ.
وَأَخْبَرَ «5» بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ «6» بِالطَّفِّ «7» وَأَخْرَجَ
بِيَدِهِ تُرْبَةً وَقَالَ:
فِيهَا مَضْجَعُهُ «8» . وَقَالَ «9» فِي زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ «10» :
«يسبقه
__________
(1) تتمة الحديث: «قال: ألحق بالشام أرض الهجرة والمحشر وأرض الأنبياء
فأكون رجلا من أهلها قال، فاذا أخرجوك عن الشام قال: أرجع اليه فيكون منزلي
قال: فكيف بك اذا أخرجوك منه الثانية قال آخذ سيفي وأقاتل حتى اموت فوكزه
صلى الله عليه وسلم بيده وقال: خير لك منه أن تنقاد حيث قادوك حتى تلقاني
وانت على ذلك» .
(2) كما روى ذلك أحمد وابن راهويه وابن أبي أسامة والبيهقي.
(3) رواه البخاري ومسلم ورواه الشعبي مرسلا. ولفظ مسلم عن أم المؤمنين
عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «أسر
عكن لحوقا بي أطولكن يدا» فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا فكانت زينب أطولنا
يدا لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق.
(4) تقدمت ترجمته في ص «259» رقم «4» .
(5) رواه البيهقي من طرق.
(6) تقدمت ترجمته في ص «309» رقم «2» .
(7) الطف: بفتح الطاء المهملة وتشديدها وهو مكان بناحية الكوفة على شط نهر
الفرات واشتهر الآن بكربلاء. كأنه مركب من الكرب والبلاء وحذفت الباء
الاولى تخفيفا.
(8) مضجعه: بفتح الميم والجيم المعجمة وتكسر والاول أقيس وأفصح أي مصرعه
(9) كما ورد في حديث رواه ابن عدي والبيهقي مسندا.
(10) بضم الصاد المهملة وواو ساكنة وحاء مهملة والف ونون وهو زيد بن صوحان
ابن حجر بن الحارث العبدي أخو صعصعة وله وفادة على النبي صلّى الله عليه
وسلم وقيل انه تابعي وقال الذهبي ومن خطه نقلت كان زيد بن صوحان مواخيا
لسلمان-
(1/673)
عُضْوٌ مِنْهُ إِلَى الْجَنَّةِ فَقُطِعَتْ
يَدُهُ «1» فِي الْجِهَادِ «2» » .
وَقَالَ «3» فِي الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ عَلَى حِرَاءٍ: «اثْبُتْ
فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدٌ فَقُتِلَ عَلِيٌّ «4»
وَعُمَرُ «5» وَعُثْمَانُ «6» وَطَلْحَةُ «7» وَالزُّبَيْرُ «8» وَطُعِنَ
سعد رضي الله عنهم «9» وقال «10» لسراقة «11» كيف بك إذا لبست سِوَارَيْ
«12» كِسْرَى «13» فَلَمَّا أُتِيَ بِهِمَا عُمَرُ أَلْبَسَهُمَا إياه
وقال: الحمد لله الذي سلبها كسرى وألبسهما سراقة «14»
__________
- وكان زاهدا عابدا ذكر له مناقب كثيرة وعده من الصحابة وصوحان معناه
اليابس يقال صوح النبت اذا صار هشيما ولفظ الحديث «من سره ان ينظر الى رجل
يسبقه بعض أعضائه الى الجنة فلينظر الى زيد بن صوحان» وفي سنده هذيل بن
بلال وهو ضعيف.
(1) قطعت يده اليسرى كما رواه الذهبي.
(2) قيل كان هذا يرم نهاوند وقيل في قتال المشركين.
(3) رواه مسلم وغيره
(4) تقدمت ترجمته في ص «54» رقم «4» .
(5) تقدمت ترجمته في ص «113» رقم «4» .
(6) تقدمت ترجمته في ص «569» رقم «6»
(7) تقدمت ترجمته في ص «591» رقم «4»
(8) تقدمت ترجمته في ص «591» رقم «5» .
(9) لفظ مسلم «ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر
وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحرك فقال اهدا فما عليك الا نبي وصديق
وشهيد» زاد بعضهم سعدا مكان علي.
(10) كما رواه البيهقي.
(11) تقدمت ترجمته في ص «130» رقم «5» .
(12) سواري: مثنى سوار بضم السين وكسرها ويقال أسوار بضم الهمزة وكسرها
أيضا وهذا مما كان يتزين به العجم والملوك.
(13) تقدمت ترجمته في ص «631» رقم «8» .
(14) وليس في هذا استعمال للذهب وليس الرجال له وهو من المحرمات لأنه لا
يفعله إلا تحقيقا وتصديقا لقوله صلّى الله عليه وسلم من غير ان يقرها ومثله
لا يعد استعمالا
(1/674)
وَقَالَ «1» تُبْنَى مَدِينَةٌ بَيْنَ
دِجْلَةَ «2» وَدُجَيْلٍ «3» وَقُطْرُبُلَّ «4» وَالصَّرَاةِ «5» تُجْبَى
إِلَيْهَا خَزَائِنُ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِهَا. - يَعْنِي بَغْدَادَ-
وَقَالَ «6» : «سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ
الْوَلِيدُ «7» هُوَ شَرٌّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ «8»
لِقَوْمِهِ» وَقَالَ «9» : لَا تَقُومُ الساعة
__________
(1) كما روا ابو نعيم في الدلائل عن جرير بن عبد الله والخطيب في تاريخه
لكن قال احمد بن حنبل: «ولم يحدث به- بحديث بغداد ثقة ومداره على عمار بن
سيف وهو مغفل وقال الذهبي في ميزانه حديثه منكر.
(2) دجلة: بدال مهملة مفتوحة او مكسورة من دجله اذ غطاء ومنه الدجال لخفاء
أمره بتخليطه في أموره وهو علم لنهر مشهور بالعراق ولا يجوز دخول الالف
واللام عليه لأنه علم مرتجل.
(3) دجيل: مصغر علم نهر بالاهواز حفره أردشير بن بابك اول ملوك بني ساسان
بالمدائن عليه قرى كثيرة ومخرجه من أصبهان وقيل إنه خليج متشعب من دجلة.
(4) قطربل: بضم القاف وسكون الطاء المهملة وضم الراء المهملة وضم الباء
الموحدة المشددة وقد تخفف وتشدد اللام وهو موضع بالعراق تنسب اليه الخمر.
(5) الصراة: بفتح الصاد المشددة والراء المخففة المهملتين ثم الف وهاء وهو
نهر بالعراق أيضا مشهور وهو الاصح المعروف وفي بعض النسخ الهراة بالهاء بدل
الصاد وهي بلدة بالعجم وقد ضرب عليه وصحح الصراة وهو المعتمد.
(6) رواه الامام أحمد والبيهقي عن سعيد بن المسيب مرسلا وحسنه قال الدلجي
الحديث في مسند أحمد من حديث سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله تعالى عنه
وسعيد اختلف في سماعه من عمر وقد ذهب أحمد إلى أنه سمع منه ذكر هذا الحديث
ابن الجرزي في موضوعاته من طريق أحمد ثم نقل عن ابن حبان أنه خبر باطل.
(7) قال الأوزاعي: «كانوا يرون أنه الوليد بن عبد الملك ثم رأوا أنه ابن
أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك الجبار الذي كان مفتاح أبواب الفتن على
هذه الأمة وكان ماجنا سفيها مدمنا للخمر» . وكنيته أبو العباس من ملوك
الدولة المروانية بالشام كان من فتيان بني أمية وظرفائهم وشجعانهم
وأجوادهم، يعاب بالانهماك في اللهو وسماع الغناء وكان يضرب بالعود والطبل
والدف وقال السيد المرتضى: «كان مشهورا بالالحاد متظاهرا بالعناد» ولي
الخلافة سنة (125 هـ) بعد وفاة عمه هشام بن عبد الملك، فمكث سنة وثلاثة
أشهر ونقم عليه الناس حبه للهو. فبايعوا سرا ليزيد بن الوليد بن عبد الملك.
(8) فرعون لقب يطلق على كل من ملك مصر والذي كان عدوا لسيدنا موسى عليه
السلام كان اسمه الوليد كما ذكر الخفاجي وغيره وقصته في القرآن معروفة.
(9) كما ورد في الصحيحين.
(1/675)
حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا
وَاحِدَةٌ «1» » . وَقَالَ «2» لِعُمَرَ فِي سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو «3» :
«عَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا يَسُرُّكَ يَا عُمَرُ» فَكَانَ كَذَلِكَ..
قَامَ بِمَكَّةَ مَقَامَ أَبِي بَكْرٍ «4» يَوْمَ بَلَغَهُمْ مَوْتُ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَطَبَ بِنَحْوِ
خُطْبَتِهِ وَثَبَّتَهُمْ وَقَوَّى بَصَائِرَهُمْ.
وَقَالَ «5» لِخَالِدٍ «6» حِينَ وَجَّهَهُ لِأُكَيْدِرَ «7» : إِنَّكَ
تَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ فَوُجِدَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا فِي
حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
إِلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ جُلَسَاءَهُ مِنْ أَسْرَارِهِمْ وَبَوَاطِنِهِمْ
وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ وَكُفْرِهِمْ
وَقَوْلِهِمْ فيه وفي المؤمنين.. حتى إن
__________
(1) كما وقع في صفين في وقعة علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما.
(2) كما ورد في حديث رواه البيهقي والحاكم عن الحسن بن محمد مرسلا.
(3) هو سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود أبو يزيد العامر القرشي أحد خطباء
قريش اسلم يوم الفتح واستشهد باليرموك وقيل توفي بالشام سنة ثمان عشرة وقال
الواقدي «توفي سنة تسع عشرة في طاعون عمواس» وكان يقوم خطيبا يحرض المشركين
على قتال النبي صلى الله عليه وسلم فلما أسر يوم بدر قال عمر يا رسول الله
انه رجل مفوه فدعني أنتزع ثنيتيه السفليتين فلا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم.
(4) تقدمت ترجمته في ص «156» رقم «1» .
(5) كما رواه ابن اسحق والبيهقي.
(6) تقدمت ترجمته في ص «637» رقم «9» .
(7) أكيدر بضم الهمزة وكاف مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة ودال مكسورة وراء
مهملتين، مصغر أكدر وهو ملك كندة اختلف في إسلامه وصحبته قال الخطيب «كان
نصرانيا ثم أسلم» وقيل بل مات نصرانيا وجمع بينهما بانه اسلم ثم ارتد قال
ابن مندة وأبو نعيم الأصبهاني في كتابيهما معرفة الصحابة أن أكيدر أسلم
وأهدى للنبي صلّى الله عليه وسلم حلة سيراء فوهبها العمر قال ابن الأثير:
«أما الهدية والمصالحة فصحيحان وأما الاسلام فغلطا فيه فانه لم يسلم بلا
خلاف بين علماء السير وكان أكيدر نصرانيا فلما صالحة علمه الصلاة والسلام
عاد الى حصنه وبقي فيه ثم إن خالدا حاصره زمن أبي بكر فقتله مشركا نصرانيا
لنقض العهد.
(1/676)
كان بعضهم ليقول لصاحبه اسكت فو الله لَوْ
لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ لَأَخْبَرَتْهُ حِجَارَةُ
الْبَطْحَاءِ «1» .
وَإِعْلَامُهُ «2» بِصِفَةِ السِّحْرِ الَّذِي سَحَرَهُ بِهِ لَبِيدُ «3»
بْنُ الْأَعْصَمِ.
وَكَوْنِهِ فِي مُشْطٍ «4» وَمُشَاقَةٍ «5» فِي جُفِّ «6» طَلْعِ نَخْلَةٍ
ذَكَرٍ وَأَنَّهُ أُلْقِيَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ «7» فَكَانَ كَمَا قَالَ
ووجد على تلك الصفة.
وإعلامه «8» قريشا بأكل الْأَرَضَةُ «9» مَا فِي صَحِيفَتِهِمُ الَّتِي
تَظَاهَرُوا بِهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ «10» وَقَطَعُوا بِهَا رَحِمَهُمْ
وَأَنَّهَا أَبْقَتْ فِيهَا كُلَّ اسْمٍ لِلَّهِ.
فَوَجَدُوهَا كَمَا قَالَ. وَوَصْفُهُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ بَيْتَ
الْمَقْدِسِ حِينَ
__________
(1) البطحاء: هي أرض مستوية يسيل فيها الماء والمراد بحجارتها ما فيها من
الحصباء.
(2) كما في الصحيحين عن عائشة.
(3) تقدمت ترجمته في ص «224» رقم «4» .
(4) مشط: بضم الميم وكسرها وسكون الشين المعجمة وطاء مهملة اسم آلة معروفة
يسرح بها الشعر ويقال له ممشط أيضا.
(5) مشاقة: وفي نسخة مشاطة بضم الميم وهو ما يسقط من الشعر اذا سرح.
(6) جف: بضم الجيم وتشديد الفاء وهو وعاء الطلع الذي يكون عليه كالغشاء وفي
نسخة جب بباء موحدة بمعنى داخل وجوف منه ومنه جب البئر.
(7) ذروان: بفتح الذال المعجمة وسكون الراء وهي بئر بالمدينة لبني زريق
ويقال له بئر ذي أروان كذا في مسلم وكلاهما صحيح وما في مسلم أصح وأدعى أنه
الصحيح ذكره النووي.
(8) كما رواه البيهقي عن الزهري في الدلائل.
(9) الأرضة: بفتح الهمزة والراء دويبة تأكل الخشب.
(10) هو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة، من قريش، أحد من انتهت
اليهم السيادة في الجاهلية، ومن بنيه النبي صلّى الله عليه وسلم قال
مؤرخوه: «اسمه عمرو، وغلب عليه لقبه «هاشم» لأنه أول من هشم الثريد لقومه
بمكة في احدى المجاعات. وهو أول من سن الرحلتين لقريش» .
(1/677)
كَذَّبُوهُ فِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ
وَنَعْتُهُ إِيَّاهُ نَعْتَ من عرفه وإعلامهم بعيرهم التي مر عليها في
طريقه وإنذارهم بِوَقْتِ وُصُولِهَا فَكَانَ كُلُّهُ كَمَا قَالَ.
إِلَى مَا أَخْبَرَ «1» بِهِ مِنَ الْحَوَادِثِ الَّتِي تَكُونُ وَلَمْ
تَأْتِ بَعْدُ مِنْهَا مَا ظَهَرَتْ مُقَدِّمَاتُهَا كَقَوْلِهِ: عُمْرَانُ
«2» بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ
الْمَلْحَمَةِ «3» . وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
«4» .
وَمِنْ «5» أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَآيَاتِ حُلُولِهَا وَذِكْرِ النَّشْرِ
والحشر «6»
__________
(1) كما في حديث رواه أبو داود في سنته.
(2) بمعنى كونه معمورا بتمام بنائه وكثرة سكانه وذلك باستيلاء الكفرة عليه
وتعميره هو السبب في خراب المدينة المشرفة.
(3) الملحمة: بميم مفتوحة ولام ساكنة وحاء مهملة وهي موضع المعركة والقتال
ويكون بمعنى الحرب نفسه والمراد هنا الفتن العظيمة والهرج الذي يكون في آخر
الزمان
(4) القسطنطينة: وفي نسخة قسطنطينية» بغير ألف ولام وهي مدينة عظيمة هي
قاعدة ديار الكفر وكرسيها وهي منسوبة لقسطنطين اسم أول ملك بناها وهو من
أظهر دين النصرانية ودونه وهي مدينة عظيمة الشكل منها جانبان في البحر
وجانب في البر ولها سبعة أسوار وسمك سورها الكبير احدى وعشرون ذراعا وفيه
مائة باب وبابها الكبير يسمى باب الذهب وهو باب مموه بالذهب وفيها منارة من
نحاس قد قلبت قطعة واحدة وليس لها باب وفيها منارة قريبة من مارستانها قد
ألبست كلها بالنحاس وعليها قبر قسطنطين وهو راكب على فرس وقوائمه محكمة
بالرصاص.
(5) ما ورد في الصحيحين «أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل
والزنا وشرب الخمر وتقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم
الواحد» .
(6) كما في حديث مسلم.
(1/678)
وَأَخْبَارِ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ
وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَعَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ.
وَبِحَسْبِ هَذَا الْفَصْلِ أَنْ يَكُونَ دِيوَانًا مُفْرَدًا يَشْتَمِلُ
عَلَى أَجْزَاءٍ وَحْدَهُ.
وَفِيمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ نُكَتِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي
ذَكَرْنَاهَا كِفَايَةٌ وَأَكْثَرُهَا في الصحيح وعند الأئمة والله ولي
التوفيق..
(1/679)
|