الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل الخامس حظر مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ
وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وبدعة متوعّد من
الله عليه بالخذلان والعذاب.
قال الله تعالى: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ «1»
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» «2» .
وَقَالَ «وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ
الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما
تَوَلَّى..» «3» الاية
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «4» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم
«5» : خرج إلى المقبرة
__________
(1) الضمير في أمره يعود على النبي صلى الله عليه وسلم كما أراد المؤلف
بذكر الاية
(2) سورة النور آية «63» .
(3) النساء آية «114» وتتمتها (ونصله جهنم وساءت مصيرا) . واستدل بهذه
الاية في كتب الاصول على حجية الاجماع مأخوذا من قوله تعالى: (ويتبع غير
سبيل المؤمنين) .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5»
(5) رواه مسلم والامام مالك مسندا وأبو داود والنسائي.
(2/36)
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي صِفَةِ «1»
أُمَّتِهِ وَفِيهِ- «فَلَيُذَادَنَّ «2» رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا
يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ فأناديهم: ألا هلمّ، أَلَّا هَلُمَّ، أَلَّا
هَلُمَّ «3» ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بدلوا بعدك «4» .. فأقول:
فَسُحْقًا «5» فَسُحْقًا» وَرَوَى أَنَسٌ «6» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله
عليه وسلم قال «7» : «فمن رَغِبَ «8» عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي..»
وَقَالَ «9» «مَنْ أَدْخَلَ «10» فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ
رَدٌّ «11» » .
وَرَوَى ابْنُ أَبِي «12» رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ «13» عن «14» النبي صلى
الله عليه وسلم
__________
(1) يعني قوله: (لكم سيما ليست لاحد من الامم.. تردون علي غرا محجلين من
آثار الوضوء.
(2) يذادن: مبني للمجهول مع نون توكيد بذال معجمة وألف بعدها دال مهملة
ونون توكيد مشددة والذود هنا بمعنى الطرد والمنع وهذه رواية ابن القاسم
ورواية غيره فلا يذادن ولا نافية او ناهية أي لا يفعل أحدكم فعلا يطرد
بسببه عن حوضي على معنى التحذر والاشفاق.
(3) هلم: اسم فعل أمر بمعنى اقبل ... وكررت هنا لاظهار شدة العناية والرحمة
المحمدية وهلم: بفتح الهاء وضم اللام وقد تفتح.
(4) وفي نسخة إنهم قد تبدلوا بعدك.
(5) وفي نسخة بحذف الفاء من (فسحقا) وهو بضم السين والحاء المهملتين وتسكن
تخفيفا فنصبه على المصدرية او هو مفعول به واذا كان دعاء فعامله محذوف
وجوبا تعقرا وجدعا.
(6) أنس بن مالك تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(7) رواه الشيخان.
(8) اذا تعدى فعل رغب (بعن) يكون للترك واذا تعدي (بفي) يكون للميل الى
الشيء.
(9) صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الشيخان.
(10) وروي (من احدث) . وفي رواية مسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا) وفي
رواية (من ادخل في ديننا) .
(11) وهذا الحديث من قواعد الدين، وقال الطوفي إنه نصف الدين.
(12) ابن أبي رافع: واسمه عبيد الله.
(13) ابو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
(14) وفي نسخة: ان النبي صلى الله عليه وسلم.
(2/37)
قال «1» «لا ألقينّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا
عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ
أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ
الله اتبعناه..»
زاد «2» في الحديث المقدام «3» أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ «4» .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» وَجِيءَ بِكِتَابٍ فِي
كَتِفٍ «6» «كَفَى بِقَوْمٍ حُمْقًا أَوْ قَالَ- ضَلَالًا «7» - أَنْ
يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهُمْ أَوْ كِتَابٍ غَيْرِ
كِتَابِهِمْ.. فَنَزَلَتْ «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ
الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ» »
الاية.
__________
(1) أخرجه ابو داود والترمذي وابن ماجه.
(2) اي الراوي ابو داود والترمذي والحاكم.
(3) المقدام بن معدي كرب الكندي.. المكنى بابي صالح ممن وفد عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كنده، وتوفي بالشام سنة
سبع وثمانين وهو ابن احدى وسبعين سنة
(4) فيه اشارة الى ان الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم في أقواله وأفعاله
من ناحية التبليغ.
(5) كما رواه أبو داود في مراسيله والدارمي والفرباني وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن يحي بن جعده.
(6) عظم الكتف اذ كان يكتب عليه. والجائي به عمر او ابنته حفصه او عائشة
رضي الله تعالى عنهم.
(7) والشك من الراوي. والحمق الغباوة وعدم الفهم والضلال ضد الهداية.
(8) سورة العنكبوت آية «51» قيل في أسباب نزولها ان بعض المشركين طلبوا
معجزات وآيات مثل ايات الانبياء فنزلت الاية.
(2/38)
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«1» : «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ «2» .»
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ «3» الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «4» : لَسْتُ
تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ.. إِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ
شَيْئًا مِنْ أمره أن أزيغ «5» .
__________
(1) رواه مسلم عن ابن مسعود.
(2) المتنطعون: أصلها من النطع وهو الفك الاعلى من الفم.. والمتنطع من
يبالغ ويعالي في الامور ويتشدق بالكلام. وقال الخطابي: «المتنطع» المتعمق
المتكلف للبحث عن مذاهب أهل الكلام الخائض فيما لم يبلغه عقله ومناسبته لما
نحن فيه أن من تنطع خرج عن ظاهر السنة.
(3) ابو بكر الصديق تقدمت ترجمته في ج 1 ص «156» رقم «6»
(4) كما رواه ابو داود والبخاري وغيرهما.
(5) الزبغ: الميل عن الاستقامة (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم)
(2/39)
|