الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الْبَابُ الثَّانِي فِي لُزُومِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم وفيه ستّة فصول

(2/41)


الفصل الأوّل لُزُومِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها.» «1» الْآيَةَ فَكَفَى بِهَذَا حَضًّا وَتَنْبِيهًا وَدَلَالَةً وَحُجَّةً على التزام مَحَبَّتِهِ وَوُجُوبِ فَرْضِهَا، وَعِظَمِ خَطَرِهَا، وَاسْتِحْقَاقِهِ لَهَا صلّى الله عليه وسلم، إذ قرّع الله تَعَالَى مَنْ كَانَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَوْعَدَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى «فتربصوا حتّى يأتي الله بأمره» ثُمَّ فَسَّقَهُمْ بِتَمَامِ الْآيَةِ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ ضل ولم يهده الله.
عَنْ أَنَسٍ «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلم قال «3» :
__________
(1) سورة التوبة آية «25» وتتمتها (وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) .
(2) أنس بن مالك تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(3) فيما رواه البخاري ومسلم والنسائي.

(2/43)


«لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ «1» حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» .
وَعَنْ أَبِي هريرة «2» رضي الله عنه: نَحْوَهُ «3» .
وَعَنْ أَنَسٍ «4» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» : «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ:
- أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا «6» سِوَاهُمَا.
- وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ.
- وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ وَعَنْ عُمَرَ «7» بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «8» : أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ.. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَنْ يُؤْمِنَ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ..
فَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ.. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْآنَ يا عمر» .
__________
(1) وفي رواية مسلم (عبد) وفي رواية غيرهما (أحد) . وفي رواية ابن حبان (لا يكمل إيمان أحد
(2) أبو هريرة تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5»
(3) أي روي عن أبي هريرة حديث بمعناه.
(4) أنس تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(5) كما في الصحيحين.
(6) استعمل عليه الصلاة والسلام (مما) ولم يستعمل ممن لعموم (ما) أي من كل شيء
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «113» رقم «4»
(8) كما رواه البخاري عن عبد الله بن هشام.

(2/44)


قَالَ سَهْلٌ «1» : مَنْ لَمْ يَرَ وِلَايَةَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَيَرَى نَفْسَهُ فِي مِلْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَذُوقُ حَلَاوَةَ سُنَّتِهِ.. لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أحب اليه من نفسه..» الحديث
__________
(1) سهل بن عبد الله التستري تقدمت ترجمته في ج 1 ص «58» رقم «6» .

(2/45)