الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل الثّاني ثواب محبّته صلّى الله عليه
وسلّم
عَنْ أَنَسٍ «1» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ «2» رَجُلًا «3» أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ .. قَالَ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ ..
قَالَ:
مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَلَا صَدَقَةٍ..
وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.. قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أحببت
«4» » .
__________
(1) أنس تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(2) رواه البخاري وهذه الطريق التي اخرجها القاضي عن البخاري هي في الادب
واخرجه من طريق اخرى في الاحكام أيضا.. واخرجه مسلم في الادب، وليس لسالم
ابن ابي الجعد في الكتب الستة عن أنس رضي الله تعالى عنه غير هذا الحديث.
(3) قيل هو عمر بن الخطاب وقيل ابو موسى وقيل ابو ذر وقيل غيرهم.. والله
تعالى أعلم.
(4) وقال الصحابة رضوان الله عليهم: ما فرحنا بعد الاسلام بشيء فرحنا بهذا
الحديث. وقد نظم الحافظ ابن حجر رحمه الله معنى الحديث في بيتين من بحر
الرجز هما:
وقائل هل عمل صالح ... أعددته ينفع عند الكرب
فقلت حسبي خدمة المصطفى ... وحبه فالمرء مع من أحب
وقال الخفاجي صاحب شرح الشفا بيتين من بحرهما الوافر:
وحق المصطفى لي فيه حب ... إذا مرض الرجاء يكون طبا
ولا أرضى سوى الفردوس مأوى ... إذا كان الفتى مع من أحبا
(2/46)
وَعَنْ صَفْوَانَ «1» بْنِ قُدَامَةَ:
هَاجَرْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَتَيْتُهُ..
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.. نَاوِلْنِي يَدَكَ أُبَايِعْكَ..
فَنَاوَلَنِي يَدَهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ..
قَالَ: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ «2» .»
وَرَوَى هَذَا اللَّفْظَ «3» عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ «4» بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مُوسَى «5» وَأَنَسٌ
«6» .. وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ «7» بِمَعْنَاهُ.
وَعَنْ عَلِيٍّ «8» : «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَقَالَ «9» مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ
هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة «10» ..»
__________
(1) صفوان بن قدامة: الصحابي التميمي المرادي كما قاله الذهبي.. وله ولابنه
عبد الرحمن صحبة وقيل ان الابن تابعي ولابيه صفوان صحبة.
(2) رواه الترمذي والنسائي.
(3) في الجامع الصغير (المرء مع من أحب) رواه احمد والشيخان وأبو داود
والترمذي والنسائي عن أنس رضي الله عنه، وفي الصحيحين عن ابن مسعود في
رواية الترمذي (المرء مع من أحب وله ما اكتسب) وفي هذه الزيادة اشارة الى
ان قرب المعية على قدر كسب الجمعية كما يشير اليه قوله تعالى في سورة
النساء آية (68) «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً» فلناقص في الصلاح مع محبة أكمل الصالحين يحشر معهم كما نظم بعضهم
بيتين من الشعر من بحر الوافر هما:
أحب الصالحين ولست منهم ... لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من بضاعته المعاصي ... ولو كنا سواء في البضاعة
(4) عبد الله بن مسعود تقدمت ترجمته في ج 1 ص «214» رقم «2» .
(5) ابو موسى تقدمت ترجمته في ج 1 ص «118» رقم «4» .
(6) أنس تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1» .
(7) ابو ذر تقدمت ترجمته في ج 1 ص «285» رقم «1»
(8) علي بن أبي طالب تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4»
(9) وفي نسخة (وقال) .
(10) رواه عنه الترمذي.
(2/47)
وَرُوِيَ»
أَنَّ رَجُلًا «2» «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي
وَمَالِي.. وَإِنِّي لَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى أَجِيءَ
فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ.. وَإِنِّي ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ فَعَرَفْتُ
أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَإِنْ
دَخَلْتُهَا لَا أَرَاكَ..
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى» وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ
أُولَئِكَ رفيقا» «3» .. فَدَعَا بِهِ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «4» «كَانَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لَا يَطْرِفُ فَقَالَ: مَا بالك؟ قال
«5» : بأبي أنت وَأُمِّي أَتَمَتَّعُ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْكَ فَإِذَا
كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رَفَعَكَ اللَّهُ بِتَفْضِيلِهِ..» فَأَنْزَلَ
اللَّهُ الْآيَةَ «6» ..
وَفِي حَدِيثِ «7» أَنَسٍ «8» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «من أحبني كان معي في
الجنة..»
__________
(1) روى الطبراني وابن مردودية عن عائشة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم
(2) قال البغوي في تفسيره انه ثوبان مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وقيل هو صاحب الاذان أي عبد الله بن زيد بن
ثعلبة بن عبد ربه الانصاري الحارثي.
(3) سورة النساء أية «68» .
(4) لا يعرف مخرجه.
(5) وفي نسخة (فقال) .
(6) أي المذكورة يعني قوله تعالى «من يطع الله والرسول»
(7) كما رواه الاصفهاني في ترغييه.
(8) أنس بن مالك تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(2/48)
|