الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل الرابع عَلَامَةِ مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا آثَرَهُ وَآثَرَ مُوَافَقَتَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ صَادِقًا فِي حُبِّهِ، وَكَانَ مُدَّعِيًا»
..
فَالصَّادِقُ فِي حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَظْهَرُ عَلَامَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ..
1- وَأَوَّلُهَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَاسْتِعْمَالُ سُنَّتِهِ وَاتِّبَاعُ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَامْتِثَالُ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ وَالتَّأَدُّبُ «2» بِآدَابِهِ فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ وَمَنْشَطِهِ «3» وَمَكْرَهِهِ
وَشَاهِدُ هَذَا قوله تعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» «4» .
__________
(1) كما قال الشاعر من بحر (الوافر) :
وكل يدعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقر له بذاكا
وقال غيره من بحر (الطويل) :
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني ... فما لي أرى الاعضاء منك كواسيا
فما الحب حتى يلصق القلب الحشا ... وتذهل حتى لا تجيب المناديا
(2) الادب هو حسن تناول الامور والتلطف فيها.
(3) منشطه: أي نشاطه.
(4) سورة آل عمران آية «31» .

(2/56)


2- وَإِيثَارُ مَا شَرَعَهُ وَحَضَّ عَلَيْهِ عَلَى هَوَى نَفْسِهِ وَمُوَافَقَةِ شَهْوَتِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ «1» مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ» «2» .
3- وإسخاط العباد في رضا الله تعالى.
قَالَ أَنَسُ «3» بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «4» : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ» .. ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي.. وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ» . فَمَنِ اتَّصَفَ لهذه الصفة فهو كامل المحبة لله وَمَنْ خَالَفَهَا فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ فَهُوَ نَاقِصُ الْمُحَبَّةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنِ اسْمِهَا.
وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» : لِلَّذِي «6» حَدَّهُ في الخمر فلعنه بعضهم «7»
__________
(1) جعل الايمان كالدار يتبوأ فيه وذلك لتمكنهم منه واستيطانهم فيه.
(2) الخصاصة: الحاجة والفاقة سورة الحشر اية «9» .
(3) أنس بن مالك تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(4) رواه الترمذي.
(5) في حديث رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه.
(6) قيل هو عبد الله الملقب (بحمار) . وقيل هو ابن نعيمان او نعيمان نفسه بن عمرو بن رفاعة البدري الذي حد في الخمر مرارا وهو صاحب الدعابة والذي كان صلّى الله عليه وسلم يضحك منه توفي في زمن معاوية.
(7) هو عمر بن الخطاب على ما رواه البيهقي.

(2/57)


وَقَالَ: مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ!! .. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ «1» » .
4- وَمِنْ عَلَامَاتِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثْرَةُ ذِكْرِهِ له «2» .. فمن أحب شيئا أكثر من ذِكْرَهُ..
5- وَمِنْهَا كَثْرَةُ شَوْقِهِ إِلَى لِقَائِهِ.. فَكُلُّ حَبِيبٍ يُحِبُّ لِقَاءَ حَبِيبِهِ «3» .
وَفِي حَدِيثِ الْأَشْعَرِيِّينَ «4» عِنْدَ قُدُومِهِمُ الْمَدِينَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْتَجِزُونَ (غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّةْ مُحَمَّدًا وَصَحْبَهْ) وَتَقَدَّمَ قَوْلُ بِلَالٍ «5» .
ومثله قال عمار «6» قبل قتله «7» ..
__________
(1) فيه دليل على أن المسلم وان ارتكب الكبائر لا يجوز لعنه. وفيه أن محبة الله ورسوله من أعظم المنجيات.. وفيه رد على المعتزلة في أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار
(2) ومنه يعلم فضل المحدثين وأهل الحديث لكثرة ذكرهم له صلّى الله عليه وسلم في علمهم.
(3) وعلى هذا قول ابن رواحة
ان كان يحلو لديك ظلمي ... فزد من الهجر في عذابي
عسى يطيل الوقوف بيني ... وبينك الله في الحساب
(4) يعني ابا موسى الاشعري واصحابه المنسوبين الى أشعر أبو قبيلة باليمن وكانوا قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة.. وكان صلّى الله عليه وسلم قال لاصحابه (يقدم عليكم قوم أرق قلوبا منكم) فقدم الاشعريون.
(5) تقدمت ترجمته في ج 2 ص «52» رقم «6»
(6) عمار بن ياسر تقدمت ترجمته في ج 1 ص «659» رقم «10»
(7) قتله أهل الشام اذ كان يقاتل مع علي بصفين. وكان مقتله سنة ست وثلاثين فيما رواه ابن سلمة قال: كأني انظر الى عمار يوم صفين وقد استسقى.. فأتته امرأة بشربة من لبن فشربها ثم قال: اليوم القى الاحبه.. ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم عهد إلي أن آخر شربة اشربها من الدنيا شربة لبن.. ثم قاتل حتى قتل.. رضي الله عنه.

(2/58)


وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِصَّةِ خَالِدِ «1» بْنِ مَعْدَانَ.
6- وَمِنْ عَلَامَاتِهِ مَعَ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ تَعْظِيمُهُ لَهُ وَتَوْقِيرُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَإِظْهَارُ الْخُشُوعِ وَالِانْكِسَارِ مَعَ سماع اسمه.
وقال إسحق «2» التُّجِيبِيُّ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ لَا يَذْكُرُونَهُ إِلَّا خَشَعُوا وَاقْشَعَرَّتْ جُلُودُهُمْ وَبَكَوْا.. وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَحَبَّةً لَهُ وَشَوْقًا إِلَيْهِ.. وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُهُ تَهَيُّبًا وَتَوْقِيرًا.
7- وَمِنْهَا مَحَبَّتُهُ لِمَنْ أَحَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ هُوَ بِسَبَبِهِ مِنْ آلِ بَيْتِهِ وَصَحَابَتِهِ «3» مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.. وَعَدَاوَةُ مَنْ عَادَاهُمْ وَبُغْضُ مَنْ أَبْغَضَهُمْ وَسَبَّهُمْ.. فَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَحَبَّ من يحب..
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ «4» : «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْحَسَنِ «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ» .
__________
(1) خالد بن معدان مر ذكره وذكر قصته حين يأوي الى فراشه في ج 2 ص «50»
(2) امام المحدثين أبو ابراهيم اسحق بن ابراهيم النجيبي توفي في ذي القعدة سنه اثنين وخمسين وثلاثمئة. وهو منسوب لقبيلة من كندة تدعى تجيب.
(3) الصحابي: هو كل من لقي النبي صلّى الله عليه وسلم مسلما ومات على ذلك.. والصحابة لا يحصون كثرة.. وقيل ان الرسول صلّى الله عليه وسلم قبض وعدد الصحابة مئة واربعة وعشرين الفا.
(4) رواه البخاري.

(2/59)


وَقَالَ: «مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي. وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ.
وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ.»
وَقَالَ «1» : «اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي.. لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا «2» بَعْدِي فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني.. ومن آذاني فَقَدْ آذَى اللَّهَ.. وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ «3» » .
وَقَالَ «4» فِي فَاطِمَةَ «5» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي، يُغْضِبُنِي مَا أَغْضَبَهَا» .
وَقَالَ «6» لِعَائِشَةَ «7» فِي أُسَامَةَ «8» بْنِ زَيْدٍ: «أَحِبِّيهِ فَإِنِّي أُحِبُّهُ.»
وَقَالَ «9» : «آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُهُمْ» .
وَفِي حَدِيثِ «10» ابْنِ عُمَرَ: 1»
«من أحب العرب فبحبي أحبهم ومن
__________
(1) فيما رواه الترمذي.
(2) الغرض: هو الهدف الذي ترمي اليه السهام.
(3) ولذا ذهب بعض المالكية كما سيأتي الى قتل من سبهم لانه كسبه صلّى الله عليه وسلم
(4) في حديث رواه البحاري وغيره.
(5) تقدمت ترجمتها في ج 1 ص «63» رقم «12»
(6) في حديث رواه الترمذي عن عائشة وحسنه.
(7) تقدمت ترجمتها في ج 1 ص «147» رقم «5»
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «412» رقم «3»
(9) فيما رواه الشيخان.
(10) أخرجه البيهقي في دلائله.
(11) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «1»

(2/60)


أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ «فَبِالْحَقِيقَةِ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَحَبَّ كُلَّ شَيْءٍ يُحِبُّهُ، وَهَذِهِ سِيرَةُ السَّلَفِ حَتَّى فِي الْمُبَاحَاتِ وَشَهَوَاتِ النَّفْسِ.
وَقَدْ قَالَ أَنَسٌ «1» حِينَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ «2» مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ «3» .. «فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ «4» » .
وَهَذَا الْحَسَنُ بْنُ «5» عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ «6» بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ «7» جَعْفَرٍ أَتَوْا سَلْمَى «8» وَسَأَلُوهَا أَنْ تَصْنَعَ لَهُمْ طعاما مما كان يعجب رسول
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1»
(2) الدباء: بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة والمد والهمزة في اخره للالحاق والواحدة دباء وهو اليقطين او القرع والدباء نوح خاص منه مستدير.
(3) السنة في الطعام أن يأكل الانسان مما يليه. الا في الفاكهة فله ان يتخير (وفاكهة مما يتخيرون) والا في الدباء. وكان الذي دعا الرسول صلّى الله عليه وسلم الى طعام الدباء خباط. وقال ابن حجر: ولم اقف على اسمه.
(4) هذا الحديث اخرجه الشيخان. وروي عن أنس أنه ما صنع له طعاما ويوجد الدباء ألا وقد جعل فيه. وقد روي في مجلس أبي يوسف انه عليه الصلاة والسلام كان يحب الدباء.. فقال رجل: أنا لا أحب الدباء. فسل السيف وقال: جدد الاسلام وإلا قتلتك.. نظرا إلى ظاهر معارضته له عليه الصلاة والسلام.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «192» رقم «2»
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «52» رقم «6»
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «600» رقم «8»
(8) سلمى: خادمته صلّى الله عليه وسلم ومولاة عمته صفية زوجة أبي رافع قابلة ابنه ابراهيم، وداية ابنته فاطمة وغاسلتها مع أسماء بنت عميس.. قال الحلبي: في الصحابياب وسلمى غير هذه خمس عشرة امرأة. وأنما يدل على انها المراد هنا.. ما اخرجه الترمذي في الشمائل بسنده عنها أنهم أتوها

(2/61)


اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ «2» يَلْبَسُ النِّعَالَ «3» السَّبْتِيَّةَ «4» وَيَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ «5» إِذْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ نَحْوَ ذَلِكَ.
6- وَمِنْهَا بُغْضُ مَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمُعَادَاةُ مَنْ عَادَاهُ وَمُجَانَبَةُ مَنْ خَالَفَ سُنَّتَهُ وَابْتَدَعَ فِي دِينِهِ، وَاسْتِثْقَالَهُ كُلَّ أَمْرٍ «6» يخالف شريعته
قال تَعَالَى: «لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..» «7»
وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَتَلُوا «8» أَحِبَّاءَهُمْ وَقَاتَلُوا آبَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ فِي مَرْضَاتِهِ «9» ..
__________
(1) وتتمة الحديث (فقالت: يا بني لا تشتهيه اليوم. فقالوا بل اصنعيه لنا، فقامت وطبخت شيئا من شعير وجعلته في قدر وصبت عليه شيئا من زيت وفلفل وتوابل وقربته إليهم) .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «82» رقم «1»
(3) الحديث رواه الشيخان.
(4) السبتية: بكسر السين المهملة وسكون الموحدة وتاء مثناة فوقية وياء نسبة الى السبت وهو جلد البقر دبغ بالقرظ وازيل شعره من سبته اذا قطعه لازالة شعره.
(5) نقل عن مالك جواز ليس ما صبغ بالزعفران وفيه أحاديث كثيرة صحيحة اما ما ورد من النهي عنه ففي الحج وعممه بعضهم.
(6) وفي نسخة (واستثقال كل من يخالف شريعته) .
(7) سورة المجادلة آ «22»
(8) وروي (قلوا) أي أبغضوا.
(9) أبو عبيدة بن الجراح قتل والده في بدر وعمر قتل خاله العاص. ومصعب بن عمير قتل أخاه.. وغيرهم.

(2/62)


وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ «1» بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: «لَوْ شِئْتَ لَأَتَيْتُكَ بِرَأْسِهِ» - يَعْنِي أَبَاهُ «2» -
8- وَمِنْهَا أَنْ يُحِبَّ الْقُرْآنَ الَّذِي أَتَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَدَى بِهِ وَاهْتَدَى وَتَخَلَّقَ بِهِ..
حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ «3» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ خَلْقُهُ الْقُرْآنُ «4» » .
- وَحُبُّهُ لِلْقُرْآنِ تِلَاوَتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَتَفَهُّمُهُ وَيُحِبُّ سُنَّتَهُ وَيَقِفُ عِنْدَ حُدُودِهَا.
قَالَ سَهْلُ «5» بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ: «حُبُّ الْقُرْآنِ.. وَعَلَامَةُ حُبِّ الْقُرْآنِ حُبُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،.. وَعَلَامَةُ حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبُّ السُّنَّةِ.. وَعَلَامَةُ حُبِّ السُّنَّةِ حُبُّ الْآخِرَةِ.. وَعَلَامَةُ حُبِّ الْآخِرَةِ بُغْضُ الدُّنْيَا.. وَعَلَامَةُ بُغْضِ الدنيا ألا يدّخر منها إلا زادا «6»
__________
(1) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ: الابن من الصحابة المخلصين والوالد كان زعيم المنافقين
(2) رواه البخاري.. والقصة جرت في أعقاب غزوة بني المصطلق لما تكلم عبد الله بن أبي وقال (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الاذل) .. ونقل زيد بن أرقم الخبر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلم عبد الله ولده فقال للرسول صلّى الله عليه وسلم لو شئت اتيتك برأسه.. والقصة في السير مطولة
(3) تقدمت ترجمتها في ج 1 ص «146» «5»
(4) في تفسير قوله تعالى (وانك لعلى خلق عظيم) سوره القلم آية «4»
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «58» رقم «6»
(6) كما قال ابو العتاهية:
(يكفيك مما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت) ..

(2/63)


وَبُلْغَةً إِلَى الْآخِرَةِ» وَقَالَ «1» ابْنُ مَسْعُودٍ «2» : «لَا يَسْأَلُ أَحَدٌ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا الْقُرْآنَ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآنَ فَهُوَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .
وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
9- شَفَقَتُهُ عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحُهُ لَهُمْ وَسَعْيُهُ فِي مَصَالِحِهِمْ وَرَفْعُ الْمَضَارِّ عَنْهُمْ، كَمَا كَانَ صلّى الله عليه وسلم عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفا رَحِيمًا..
وَمِنْ عَلَامَةِ تَمَامِ مَحَبَّتِهِ:
10- زُهْدُ مُدَّعِيهَا في الدنيا وإيثاره الفقر واتصافه به «3» .
وقد قال صلّى الله عليه وسلم «4» لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «5» : «إِنَّ الْفَقْرَ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنْكُمْ أَسْرَعُ مِنَ السَّيْلِ «6» مِنْ أَعْلَى الْوَادِي «7» - أَوِ الْجَبَلِ إِلَى أَسْفَلِهِ»
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «8» . قَالَ رَجُلٌ»
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ.. فَقَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ.. قَالَ:
__________
(1) وفي نسخه (وعن) .. والحديث رواه البيهقي في الأدب وابن الضريس في فضل القرآن.
(2) ابن مسعود تقدمت ترحمته في ج 1 ص «214» رقم «2»
(3) وسئل الزهري عن الزهد فقال: «هو أن لا يغلب الحلال شكره ولا الحرام صبره» .
(4) هذا بعض من الحديث الذي بعده وقد رواه الترمذوي حسنه.
(5) ابو سعيد الخدري مر ذكره أنفا.
(6) اذا انحدر ونزل
(7) الوادي: وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء من ودى بمعنى سال ويسمى لفرجة بين جبلين واديا ويستعار للطريقة والمذهب كما قال تعالى: (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) لسرعة افتقارهم
(8) عبد الله بن مغفل: بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء المفتوحة ولام وهو صحابي مزني من اصحاب الشجرة.. روى عنه الحسن البصري وغيره وتوفي بالبصرة سنة ستين.. قال الحسن رحمه الله تعالى: «ما نزل البصرة أشرف منه» .
(9) لم يذكر اسمه.

(2/64)


وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- قَالَ: إِنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا «1» ثُمَّ ذَكَرَ نحو حديث «2» أبي سعيد «3» بمعناه.
__________
(1) تجفافا: بكسر المثناة الفوقية وسكون الجيم وفائين بينهما ألف وتاء مزيدة من جف إذا يبس وهو شيء يوضع على الخيل ليقيها أذى الحرب. أي أعد للفقر وقاية لأن النفوس لا تتحمله وروي (جلبابا) بدل تجفافا.
(2) يعني قوله في الحديث السابق: «ان الفقر إلى من يحبني منكم أسرع من السيل من أعلى الوادي» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «63» رقم «1»

(2/65)