الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الْفَصْلُ الْخَامِسُ بِرُّ آلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ
وَمِنْ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِرِّهِ بِرُّ آلِهِ «1» وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَزْوَاجِهِ.. كَمَا حَضَّ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَكَهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ..
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ «2» أَهْلَ الْبَيْتِ.» «3» الاية.
وقال تعالى: «وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ «4» » .
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «5» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «6» :
__________
(1) في آله خلاف فقيل: أنهم ذوو القربى، ومن تحرم عليهم الصدقة، وهم المؤمنون من بني هاشم وبني المطلب دون غيرهم كما بينه الفقهاء.
(2) الرجس: أصل معناه القذر الحسي ثم استعير للاثم والذنب.
(3) (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .. الاحزاب آية (33) .
(4) الاحزاب آية (6) .
(5) تقدمت ترجمته في ج 2 ص (404) رقم (12) .
(6) هذا الحديث صحيح في مسلم أخرجه في الفضائل. وأخرجه النسائي في المناقب ولو اخرجه القاضي من مسلم لوقع له اعلى من الطريق الذي ساقه، وكذا لو

(2/104)


«أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَهْلَ بَيْتِي- ثَلَاثًا- قُلْنَا لِزَيْدٍ: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟. قَالَ: آلُ عَلِيٍّ «1» وَآلُ جَعْفَرٍ «2» وَآلُ عَقِيلٍ «3» . وَآلُ الْعَبَّاسِ «4» .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» : «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَمْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي «6» أَهْلَ بَيْتِي.. فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا.»
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «7» «مَعْرِفَةُ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَحُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ جَوَازٌ عَلَى الصِّرَاطِ والولاية لال محمد أمان من العذاب «8» .»
__________
اخرجه من النسائي الا انه أراد التنويع في الروايات، لان من شأن الحفاظ ان الحديث اذا كان في الكتب الستة أو احدها يخرجونه من غيرها لكن في العالب إنما يصنعون هذا طلبا للعلو او الزيادة فيه. او تصريح مدلس بالسماع، أو الاخبار أو التحديث أو لكون الطريق أسلم، أو لغير ذلك مما هو معروف عند أربابه.
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .
(2) جعفر بن أبي طالب صحابي هاشمي من شجعانهم يقال له «جعفر الطيار» وهو أخو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكان أسن من علي بعشر سنين وهو من السابقين الى الاسلام حضر وقعة مؤتة ووقع بهما شهيدا وفي جسمه تسعون طعنة ورمية فقيل ان الله عوضه عن يديه جناحين في الجنة: توفي سنة 8 هـ.
(3) عقيل: بفتح اوله وهو ابن أبي طالب خو علي وجعفر وكان الاسن يكنى أبا يزيد تأخر إسلامه الى عام الفتح وهاجر في اول سنة ثمان، وكان أسر يوم بدر ففداه عمه العباس وكان عالما بأنساب قريش وماثرها ومثالبها. وكان من ذوي المشورة وفي تاريخ البخاري الاصغر بسند صحيح أنه مات في اول خلافة يزيد قبل الحرة وقيل مات في خلافة معاوية.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «181» رقم «1» .
(5) في حديث رواه الترمذي عن زيد بن أرقم وجابر وحسنه.
(6) عترتي: أهل البيت.
(7) في حديث لم يخرجوه.
(8) وقد الف السمهودي كتابا خاصا في فضائل أهل البيت.

(2/105)


قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: «مَعْرِفَتُهُمْ.. هِيَ مَعْرِفَةُ مَكَانِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا «1» عَرَفَهُمْ بِذَلِكَ عَرَفَ وُجُوبَ حَقِّهِمْ وَحُرْمَتِهِمْ بِسَبَبِهِ» وَعَنْ «2» عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ «3» : (لَمَّا نَزَلَتْ «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ..» «4» الاية وَذَلِكَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ «5» دَعَا فَاطِمَةَ «6» وَحَسَنًا «7» وَحُسَيْنًا «8» فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِيٌّ «9» خَلَفَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا) ..
وَعَنْ سَعْدِ «10» بْنِ أبي وقاص: لما «11» نزلت آية المباهلة «12»
__________
(1) وفي نسخة (فاذا) .
(2) كما رواه الترمذي.
(3) عمر بن أبي سلمة: هو الصحابي المخزومي ربيبه صلّى الله عليه وسلم وابن أخيه من الرضاع أرضعتهما ثويبة مولاة عمه أبي لهب أمه أم سلمة أم المؤمنين ولد بالحبشة في السنة الثانية وقيل قبل ذلك وقبل الهجرة الى المدينة. ولي البحرين زمن علي وكان قد شهد معه الجمل ووهم من قال إنه قتل فيها قاله أبو عمر بل مات بالمدينة سنة ثلاث وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان.
(4) سورة الاحزاب آية «33» .
(5) أم سلمة: أي زوجه عليه الصلاة والسلام وهي آخر امهات المؤمنين موتا توفيت في امارة يزيد.. والجملة معترضة من الراوي.
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «63» رقم «12» .
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (192) رقم (2) .
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (309) رقم (2) .
(9) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (54) رقم (4) .
(10) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (215) رقم (1) .
(11) الحديث رواه مسلم في صحيحه.
(12) المباهلة: مفاعلة من البهلة وهي اللعنة أي الملاعنة وهي أن يقول كل من المتخاصمين في المجادلة لعنة الله على الظالم منا والمراد من اية المباهلة قوله تعالى (فمن حاجك

(2/106)


دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا وَفَاطِمَةَ.. وَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» فِي عَلِيٍّ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ «2» مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.»
وَقَالَ فِيهِ «3» : «لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ.»
وَقَالَ «4» لِلْعَبَّاسِ «5» : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.. وَمَنْ آذَى عَمِّي فَقَدْ آذَانِي وَإِنَّمَا عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ «6» أَبِيهِ» .
وَقَالَ «7» لِلْعَبَّاسِ: «اغْدُ عَلَيَّ يَا عَمِّ مَعَ وَلَدِكَ «8» .. فَجَمَعَهُمْ
__________
من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) سورة ال عمران اية (61) وذلك لما وفد عليه نصارى نجران ودعاهم الى الاسلام فلم يسلموا.
(1) رواه احمد عن أبي أيوب الانصاري.
(2) وكان السبب في هذا الحديث أن أسامة بن زيد قال لعلي لست مولاي انما مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلّى الله عليه وسلم الحديث.
(3) كما في مسلم.
(4) أي وقال صلّى الله عليه وسلم. والحديث صحيح رواه الترمذي وابن ماجة
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (180) رقم (1) .
(6) صنو: اي مثل. بكسر الصاد المهملة وضمها وهو هنا بمعنى المثل.
(7) في حديث رواه البيهقي.
(8) كان للعباس عشرة ذكور منهم الفضل- وعبد الله- وقثم- وعبيد الله- ومعبد- وعبد الرحمن- واشهرهم عبد الله ترجمان القرآن وحبر الأمة وابو الخلفاء.

(2/107)


وجلّلهم بملاءته «1» .. وقال: هذا عمي وصنوا أَبِي.. وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي.. فَاسْتُرْهُمْ مِنَ النَّارِ كَسَتْرِي إِيَّاهُمْ..» فَأَمَّنَتْ أُسْكُفَّةُ «2» الْبَابِ وَحَوَائِطُ الْبَيْتِ آمين آمين..»
وكان «3» يأخذ بيد أُسَامَةَ «4» بْنَ زَيْدٍ وَالْحَسَنَ «5» وَيَقُولُ:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ «6» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «ارْقُبُوا مُحَمَّدًا فِي أَهْلِ بَيْتِهِ» .
وَقَالَ «7» أَيْضًا: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي» .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «8» : «أحبّ الله من أحب حسنا «9» .
__________
(1) بملاءته: بضم الميم ولام وهمزة ممدودة وهو رداء او ملحفة.
(2) أسكفة: بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم الكاف وتشديد الفاء بزنة طرطبة ويقال أسكوفة فأبدل أحد حرفي التضعيف واوا وتخفف فاؤه أيضا وفسر بالعتبا التي في أسفل الباب وتطلق على ما يقابلها من أعلاه أيضا.
(3) كما في حديث رواه البخاري.
(4) أسامة بن زيد بن حارثة الحب بن الحب يكنى أبا محمد ويقال أبو زيد وأمه أم أيمن حاضنة النبي صلّى الله عليه وسلم ولد في الاسلام ومات النبي وله عشرون سنة وكان أمره على جيش عظيم وأنفذ ابو بكر ذلك ومات في سنة أربع وخمسين.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «192» رقم «2» .
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «156» رقم «6» .
(7) كما في الصحيحين.. والقائل ابو بكر رضي الله عنه.
(8) كما روى الترمذي وحسنه وابن ماجه عن يعلى بن مرة.
(9) وفي رواية (وحسينا) .

(2/108)


وَقَالَ «1» : «مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ- وَأَشَارَ إِلَى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ- وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ..»
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «2» : «مَنْ أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللَّهُ» .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» : «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا «4» » .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» لِأُمِّ سَلَمَةَ «6» : «لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ.»
وَعَنْ «7» عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ «8» : «رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَعَلَ الْحَسَنَ عَلَى عُنُقِهِ وَهُوَ يَقُولُ بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِي لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِي» وَعَلِيٌّ رضي الله عنه يضحك.
__________
(1) تقدم تخريجه.
(2) رواه الترمذي وحسنه عن سهل بن أبى وقاص بلفظ (من يرد هوان قريش أهانه الله) .
(3) كما روى البزار عن علي وابن أبي شيبة عن سهل بن ابي خيثمة.
(4) لا تقدموها: بفتح المثناة والدال المهملة المشددة واصله تتقدموا بتامين حذفت إحداهما تخفيفا وهو فعل مؤكد للامر قبله.
(5) كما في البخاري.
(6) أم سلمة: تقدم ذكرها.. وروي ان الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ نساء النبي صلّى الله عليه وسلم كن حزبين، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الاخر ام سلمة وسائر نسائه عليه الصلاة والسلام، فكلم حزب أم سلمة أم سلمة ان كلمي رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول للناس من أراد ان يهدي الى النبي صلّى الله عليه وسلم فليهده حيث كان فكلمته فقال: «لا تؤذوني في عائشة فان الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة الا عائشة» وتمام الحديث في المصابيح.
(7) كما في البخاري.
(8) عقبة بن الحارث: مكي قرشي: أسلم يوم الفتح روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم مات في خلافة ابن الزبير.

(2/109)


وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «1» بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: «أَتَيْتُ عُمَرَ «2» بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ في حاجة.. فقال لي: «إذا كان لَكَ حَاجَةٌ فَأَرْسِلْ إِلَيَّ أَوِ اكْتُبْ فَإِنِّي أستحيي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَاكَ «3» عَلَى بَابِي» ..
وَعَنِ «4» الشَّعْبِيِّ «5» قَالَ: صَلَّى زَيْدُ «6» بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جِنَازَةِ أُمِّهِ «7» ثُمَّ قُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَتُهُ لِيَرْكَبَهَا فَجَاءَ ابْنُ «8» عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِرِكَابِهِ فَقَالَ زَيْدٌ خلّ عنك يا ابن عم رسول الله.. فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ.. فَقَبَّلَ زَيْدٌ يَدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا «9» أَنْ نَفْعَلَ بأهل بيت نبينا..
__________
(1) عبد الله بن الحسن بن حسين: بن علي بن أبي طالب يروي عن أبيه وأمه فاطمة بنت الحسين وعنه: مالك وابن علية، اخرج له أصحاب السنن الاربعة. مات سنة خمس وأربعين ومئة.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «30» رقم «1» .
(3) وفي نسخة (ان أراك) .
(4) فيما رواه الحاكم وصححه البيهقي وغيره.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «553» رقم «8» .
(6) زيد بن ثابت: بن قيس بن شماس الانصاري الصحابي المشهور كان كاتب الوحي ورأس القضاء والفتوى والقراءة والفرائض بالمدينة توفي سنة 45 هـ.
(7) وأمه هي النوار بنت مالك بن معاوية بن عدي بن عامر الانصارية. روت عن النبي صلّى الله عليه وسلم. تزوجها بعد ثابت عمارة بن حزم فولدت له مالكا.
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «52» رقم «6» .
(9) قول الصحابي (أمرنا) له حكم المرفوع في مصطلح الحديث على كلام فيه.

(2/110)


وَرَأَى ابْنُ «1» عُمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ «2» أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ «3» : لَيْتَ هَذَا عَبْدِي «4» فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ.. فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ وَنَقَرَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ وَقَالَ: لَوْ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّهُ..
وَقَالَ «5» الْأَوْزَاعِيُّ «6» دَخَلَتْ بِنْتُ «7» أُسَامَةَ «8» بْنِ زَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ «9» عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَعَهَا مَوْلًى لَهَا يُمْسِكُ بِيَدِهَا.. فَقَامَ لَهَا عُمَرُ وَمَشَى إليها حتى جعل يديها بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَدَاهُ فِي ثِيَابِهِ، وَمَشَى بِهَا حَتَّى أَجْلَسَهَا عَلَى مَجْلِسِهِ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهَا وما ترك لها حاجة «10» إلا قضاها.
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «1» .
(2) محمد بن اسامة بن زيد: بن حارثة مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى عن أبيه توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك.
(3) الحديث في صحيح البخاري.
(4) وفي نسخة (عندي) وهي الاصح.. أي ليعلمه ويؤدبه، ولان الرسول صلّى الله عليه وسلم نهى ان يقول الانسان عبدي وأمتي بل يقول فتاي وفتاتي.
(5) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.
(6) الأوزاعي: الامام العابد الزاهد الحافظ، صاحب المذهب الذي كان عليه أهل المغرب قبل اتباع مذهب الامام مالك.. سكن الشام حتى مات مرابطا في ثغر بيروت.. وهو منسوب للاوزاع بطن من حمير او همدان.
(7) وابنته تسمى فاطمة وكانت تسكن المزه بالشام كما ذكره ابن عبد البر.
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «412» رقم «3» .
(9) تقدمت ترجمته في ج 2 ص «30» رقم «1» .
(10) قال لها: ما حاجتك يا فاطمة؟ قالت: تحملني الى أخي. فجهزها وحملها اليه

(2/111)


وَلَمَّا فَرَضَ «1» عُمَرُ بْنُ «2» الْخَطَّابِ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ «3» فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَلِأُسَامَةَ «4» بْنِ زَيْدٍ في ثلاثة آلاف وخمسمئة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَبِيهِ لِمَ فَضَّلْتَهُ؟ .. فَوَاللَّهِ مَا سَبَقَنِي إِلَى مَشْهَدٍ.. فَقَالَ لَهُ: لِأَنَّ زَيْدًا «5» كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِيكَ، وَأُسَامَةَ «6» أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْكَ، فَآثَرْتُ حُبَّ «7» رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُبِّي.
وَبَلَغَ «8» مُعَاوِيَةَ «9» أَنَّ كَابِسَ «10» بْنَ رَبِيعَةَ يُشَبَّهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الدَّارِ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَلَقَّاهُ وقبّل بين عينيه وأقطعه المرغاب «11» لِشَبَهِهِ صُورَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
(1) رواه الترمذي وحسنه.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «113» رقم «4» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «1» .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «412» رقم «3» .
(5) زيد بن حارثة بن شراحيل (أو شرجيل) الكلبي: صحابي اختطف في الجاهلية صغيرا واشترته خديجة بنت خويلد فوهبته إلى النبي صلّى الله عليه وسلم حين تزوجها، فتبناه- قبل الاسلام- واعتقه وزوجه بنت عمته، واستمر الناس يسمونه «زيد بن محمد» حتى نزلت آية «دعوهم لابائهم» وهو من أقدم الصحابة: إسلاما، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم لا يبعثه في سرية الا أمره عليها، وكان يحبه ويقدمه، وجعل له الامارة في غزوة مؤتة، فاستشهد فيها.
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «412» رقم «3» .
(7) حب: بكسر الحاء فيها بمعنى المحبوب ويجوز أن تكون مضمومة مصدر حب
(8) رواه ابن عساكر.
(9) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «359» رقم «2» .
(10) كابس بن ربيعة: بن مالك بن لؤي السامي البصري.
(11) أرض بمرو الشاهجان: او قرية بهراة كانت ذات غلة كثيرة يرغب فيها وهو بكسر الميم وغين معجمة وألف وياء موحدة قبلها راء مهملة.

(2/112)


وَرُوِيَ أَنَّ مَالِكًا «1» رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ جَعْفَرُ بْنُ «2» سُلَيْمَانَ، وَنَالَ مِنْهُ مَا نَالَ «3» ، وَحُمِلَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَأَفَاقَ فَقَالَ «4» : أُشْهِدُكُمْ أَنِّي جَعَلْتُ ضَارِبِي فِي حِلٍّ.. فَسُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: خِفْتُ أَنْ أَمُوتَ فَأَلْقَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَحِي مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ بَعْضُ آلِهِ النَّارَ بِسَبَبِي.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ أَقَادَهُ «5» مِنْ جَعْفَرٍ فَقَالَ لَهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، وَاللَّهِ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا سَوْطٌ عَنْ جِسْمِي إِلَّا وَقَدْ جَعَلْتُهُ فِي حِلٍّ لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ «6» بْنُ عَيَّاشٍ: لو أتاني أبو بكر «7»
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «341» رقم «7» .
(2) جعفر بن سليمان. ابن علي بن عبد الله بن عباس. فهو ابن عم أبي جعفر المنصور وكان واليا على المدينة من قبل أبي جعفر المنصور.
(3) ضرب حتى خلعت يده وذلك لان بعضهم قال له ان مالكا لا يرى الايمان لبيعتكم شيئا لان يمين المكره لا تلزم فغضب جعفر ودعاه وجرده.
(4) وفي نسخة (وقال) .
(5) اقاده: أي طلب منه ان يقتص منه.
(6) ابو بكر بن عياش: ابن سالم الاسدي الحناط المقرىء أحد ألاعلام.. اختلف في اسمه على احد عشر قولا.، وصحح أبو زرعة ان اسمه شعبة ووافقه الشاطبي.. وصحح ابن الصلاح والمزي ان اسمه كنيته.. يروي عن حبيب ابن أبي ثابت وعاصم وأبي اسحق.. وعنه: أحمد وعلي واسحق. وابن معين، والعطاردي، قال أحمد: صدوق ثقة ربما غلط.. وقال أبو حاتم: هو وشريك في الحفظ سواء.. وفي الميزان اثنان غيره يقال لكل منهما ابو بكر بن عياش.. قال الانطاكي: مات في جمادى الاولى سنة ثلاث وتسعين ومئتين وله ست وتسعون سنه، اخرج له البخاري والاربعة.
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «156» رقم «6» .

(2/113)


وَعُمَرُ «1» وَعَلِيٌّ «2» لَبَدَأْتُ بِحَاجَةِ عَلِيٍّ قَبْلَهُمَا لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولئن أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ من أن أقدمهما عليه «3» .
وَقِيلَ «4» لِابْنِ عَبَّاسٍ «5» . مَاتَتْ فُلَانَةُ- لِبَعْضِ «6» أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَجَدَ فَقِيلَ لَهُ: أَتَسْجُدُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟. فَقَالَ: أَلَيْسَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إذا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا.. وَأَيُّ آيَةٍ أَعْظَمُ مِنْ ذَهَابِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَزُورَانِ أُمَّ أَيْمَنَ «7» مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولَانِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزورها..
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «113» رقم «4» .
(3) هذا الرأي لابن عياش.. والا فالجمهور على ان الافضلية في السبق للاسلام وفي التقوى.. ولذا أذن عمر رضي الله عنه بالدخول لبلال وسلمان قبل العباس وأبي سفيان رضي الله تعالى عنهم حين اجتمعوا على بابه فقال أبو سفيان للعباس: أتريد ان يقدم علينا الموالي؟! فقال العباس: الذنب منا حيث تأخرنا فيما كان يجب التقدم علينا.
(4) رواه ابو داود والترمذي وحسنه.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «52» رقم «6» .
(6) قيل هي ميمونة وقيل زينب.
(7) تقدمت ترجمتها في ج 1 ص «158» رقم «5» .

(2/114)


وَلَمَّا وَرَدَتْ «1» حَلِيمَةُ «2» السَّعْدِيَّةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَقَضَى حَاجَتَهَا.. فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَفَدَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وعمر فصنعا بها مثل ذلك.
__________
(1) كما روى ابن سعد عن عمرو بن سعد بن أبي وقاص مرسلا.
(2) حليمة السعدية: من بني سعد أمه صلّى الله عليه وسلم من الرضاعة. وأنكر الدمياطي اسلامها وقال: هذه الفصة بحق الشيماء ابنتها.. فرد عليه مفلطاي بتأليف كتاب سماه (التحفة الجسيمة في اسلام حليمة) . وقد تقدمت ترجمتها في ج 1 ص «727» رقم «9» .

(2/115)