الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل السادس توقير أصحابه وبرّهم وَمَعْرِفَةُ حَقِّهِمْ
وَمِنْ تَوْقِيرِهِ وَبِرِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيرُ أَصْحَابِهِ وَبِرُّهُمْ، وَمَعْرِفَةُ حَقِّهِمْ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَحُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ، وَالْإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ «1» وَمُعَادَاةُ مَنْ عَادَاهُمْ، والإضطراب عَنْ أَخْبَارِ الْمُؤَرِّخِينَ، وَجَهَلَةِ الرُّوَاةِ، وَضُلَّالِ الشِّيعَةِ وَالْمُبْتَدِعِينَ الْقَادِحَةِ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ.. وَأَنْ يُلْتَمَسَ لَهُمْ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْفِتَنِ أَحْسَنُ التَّأْوِيلَاتِ «2» . ويخرّج لهم أصوب المخارج، إذهم أَهْلُ ذَلِكَ. وَلَا يُذْكَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِسُوءٍ، ولا يغمص «3» عَلَيْهِ أَمْرٌ.. بَلْ تُذْكَرَ حَسَنَاتُهُمْ وَفَضَائِلُهُمْ وَحَمِيدُ سيرهم.. ويسكت عما وراء ذلك.
__________
(1) ففي الحديث فيما رواه الطبراني وابن اسامة (اذا ذكر أصحابى فأمسكوا) . وفي حديث آخر (اياكم وما شجر أصحابي) تخريج الحديث.
(2) لان الصحابة كلهم عدول بشهادة الله لهم (وكذلك جعلنا كم أمة وسطا) أي عدولا.
(3) يغمص: يعاب. وفي نسخة (يغمض) . والظاهرة أنه تصحيف.

(2/116)


كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» : «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا» .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ.. «2» » إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وَقَالَ «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ «3» » وقال تَعَالَى: «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ «4» » .
وقال تَعَالَى: رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ «5» » الاية.
عن حذيفة «6» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «7» : «اقتدوا
__________
(1) فيما رواه الطبراني وابن أسامة عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(2) سورة الفتح آية «29» وتتمتها (تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ.. وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كزرع أخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما.
(3) سورة التوبة آية «100» وتتمتها (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ. وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(4) سورة الفتح آية «18» وتسمى بيعة الرضوان.
(5) الاحزاب آية «23» تتمتها (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) .
(6) حذيفة: ابن اليمان أبو عبد الله العبسي أسلم هو وأبوه روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم وعن عمر استعمله عمر على المدائن وكان صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ومناقبه كثيرة وسكن الكوفة ومات بعد سته 36.
(7) اخرجه المصنف من عند الترمذي واخرجه الترمذي في المناقب به ورواه أيضا من طريق اخرى واخرجه ابن ماجه في السنة من طريقين، وقد أخرجه ابن حبان والحاكم من حديث حذيفة. ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم وصحح اسناده.

(2/117)


بالّذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» .
وَقَالَ «1» : «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ.»
وَعَنْ أَنَسٍ «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» :
«مَثَلُ أَصْحَابِي «4» كَمَثَلِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ لَا يَصْلُحُ الطَّعَامُ إِلَّا بِهِ «5» »
وَقَالَ «6» : اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه» .
__________
(1) كما روى عبد بن حميد عن ابن عمر وقال البزار منكر لا يصح. ورواه ابن عدي في الكامل باسناده عن نافع عن ابن عمر بلفظ (فأيهم أخذتم بقوله) بدل اقتديتم واسناده ضعيف.. ورواه البيهقي في المدخل من حديث عمر، ومن حديث ابن عباس بنحوه. ومن وجه آخر مرسلا وقال: متنه مشهور واسانيده ضعيفة.. قال الحلبي: وكان ينبغي للقاضي ان لا يذكره بصيغة الجزم لما عرف عند أهل الصناعة، وقد سبق له مثله مرارا أقول: يحتمل انه ثبت باسناد عنده، أو حمل كثرة الطرق على ترقيه من الضعيف الى الحسن بناء على حسن ظنه مع ان الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الاعمال. ولكن لا وجه هنا لفضائل الاعمال.. بل انه امر بالاتباع في كل شيء.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «47» رقم «1» .
(3) في رواية البزار وأبي يعلى.
(4) زاد البغوي في المصابيح وشرح السنة (في امتي) .
(5) وهذا الحديث رواه ابن ابي حاتم وغيره من طرق مختلفة.. وقال الحسن البصري: قد ذهب ملحنا فكيف يصلح..
(6) في حديث تقدم.

(2/118)


وَقَالَ «1» : «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي.. فَلَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ «2» أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ «3» » .
وَقَالَ «4» : «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.. لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا «5» وَلَا «6» عَدْلًا..»
وَقَالَ «7» : «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا» .
وَقَالَ «8» فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «9» : «إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ سِوَى النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَاخْتَارَ لِي مِنْهُمْ أَرْبَعَةً: أبا بكر «10» ، وعمر «11» ، وعثمان «12» وعليا «13» .. فجعلهم
__________
(1) في حديث رواه مسلم وغيره.
(2) المد هو ربع صاع عادة وهو اقل ما يتصدق به وهو عند الشافعي رطل عراقي وثلث عراقي ورطلان عند أبي حنيفة.
(3) نصيفه: بفتح النون وكسر الصاد المهملة بمعنى النصف بتثليث النون وقيل النصيف مكيال معروف وهو دون المد.
(4) رواه الديلمي وأبو نعيم في الحلية عن جابر.
(5) صرفا: بفتح الصاد المهملة وسكون الراء أي توبة أو نافلة.
(6) عدلا: بفتح العين المهملة وسكون الدال أي فدية أو فريضة.
(7) رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
(8) رواه البزار والديلمي.
(9) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «154» رقم «1» .
(10) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «156» رقم «6» .
(11) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «113» رقم «4» .
(12) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «569» رقم «6» .
(13) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .

(2/119)


خَيْرَ أَصْحَابِي. وَفِي أَصْحَابِي كُلِّهِمْ خَيْرٌ» وَقَالَ «1» : «مَنْ أَحَبَّ عُمَرَ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَبْغَضَ عُمَرَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي» .
وَقَالَ مَالِكُ «2» بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ «3» : مَنْ أَبْغَضَ الصَّحَابَةَ وَسَبَّهُمْ فَلَيْسَ لَهُ فِي فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَقٌّ.. وَنَزَعَ بِآيَةِ الْحَشْرِ «وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ» «4» الْآيَةَ.
وَقَالَ مَنْ غَاظَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فَهُوَ كَافِرٌ «5» . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
«لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ «6» » وقال عبد «7» الله بن المبارك: خصلتان
__________
(1) رواه الطبراني في الاوسط بسند حسن.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «341» رقم «7» .
(3) لم يسبق الى هذا الاستنباط بل سبقه اليه ابن عباس كما نقل ابن تيمية في كتاب رد الروافض.
(4) الحشر آية «10» تتمتها (يقولون: ربنا اغفر لنا ولا خواننا الذين سبقونا بالايمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا الذين آمنوا. ربنا انك رؤوف رحيم) . والمراد أن الله تعالى قد بين له الحد في الفيء في هذه الاية ورتبهم على ثلاث منازل للفقراء المهاجرين، والذين تبوؤا الدار يعني المدينة وهم الانصار والذين جاؤوا من بعدهم يعني التابعين الذين يجيئون بعد المهاجرين والانصار الى يوم يقولون ربنا اغفر لنا الى قوله تعالى ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا أي بغضا قال فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجا من أقسام المؤمنين.
(5) هذا رواه الخطيب البغدادى عن عروة الزبيري قال: كنا عند مالك بن أنس فذكر عنده رجل انتقص الصحابة فتلا قوله تعالى (محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار.. الخ) . وقال: من أصبح في قلبه غيظ على اصحاب محمد فقد أصابته هذه الاية لانها صدرت بلام التعليل (ليغيظ بهم الكفار) .
(6) سورة الفتح آية «29» .
(7) عبد الله بن المبارك أحد الأئمة الاعلام كانت أمه خوارزمية وأبوه تركيا كان رجلا صاحب حديث وفقه وأدب ونحو ولغة وشعر وفصاحة وزهد وورع وانصات وقيام ليل وعبادة وحج وغزو وفروسية وشجاعة وله تصانيف كثيرة توفي سنة 181

(2/120)


مَنْ كَانَتَا فِيهِ نَجَا، الصِّدْقُ وَحُبُّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَيُّوبُ «1» السَّخْتِيَانِيُّ: مَنْ أَحَبَّ أَبَا بَكْرٍ فَقَدْ أَقَامَ الدِّينَ.
وَمَنْ أَحَبَّ عُمَرَ فَقَدْ أَوْضَحَ السَّبِيلَ، وَمَنْ أَحَبَّ عُثْمَانَ فَقَدِ اسْتَضَاءَ بِنُورِ اللَّهِ، وَمَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ أَخَذَ «2» بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى.. وَمَنْ أَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وسلم فقد برىء مِنَ النِّفَاقِ، وَمَنِ انْتَقَصَ «3» أَحَدًا مِنْهُمْ فَهُوَ مبتدع مخالف للسنة والسلف الصالح..
وأخاف أن لا يَصْعَدَ لَهُ عَمَلٌ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى يُحِبَّهُمْ جَمِيعًا وَيَكُونَ قَلْبُهُ «4» سَلِيمًا.
وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ «5» سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَاضٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ «6» فَاعْرِفُوا لَهُ ذَلِكَ.. أَيُّهَا النَّاسُ.. إني
__________
(1) وفي نسخة (أبو أيوب) وهي غير صحيحة.
(2) وفي نسخة (فقد استمسك) .
(3) وفي نسخة (ابغض) .
(4) وفي نسخة (لهم سليما)
(5) خالد بن سعيد: ابن العاص بن أمية بن عبد شمس الصحابي وهو ثالث او رابع أو خامس من أسلم وسبق غيره.. وليس في الصحابة من أسمه خالد بن سعيد غيره.. ولم يرو عنه حديثا في الكتب الستة. وهذا الحديث رواه الطبراني وابن منده وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب.. وخالد بن سعيد ان كان غير المذكور (لانه لم يشتهر عنه الرواية) فالحديث مرسل والا فمعضل.. وأول هذا الحديث انه صلّى الله عليه وسلم لما قدم من حجة الوداع المدينة صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: أيها الناس. الخ
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «156» رقم «6» .

(2/121)


رَاضٍ عَنْ عُمَرَ «1» وَعَنْ عَلِيٍّ «2» وَعَنْ عُثْمَانَ «3» وَطَلْحَةَ «4» وَالزُّبَيْرِ «5» وَسَعْدٍ «6» وَسَعِيدٍ «7» وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ «8» بْنِ عَوْفٍ فَاعْرِفُوا «9» لَهُمْ ذَلِكَ.. أَيُّهَا النَّاسُ.. إِنَّ الله غفر لأهل بدر والحديبة «10» .. أَيُّهَا النَّاسُ احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي وَأَصْهَارِي «11» ، وَأَخْتَانِي «12» .. لَا يُطَالِبَنَّكُمْ «13» أَحَدٌ مِنْهُمْ بِمَظْلَمَةٍ «14» فَإِنَّهَا مَظْلَمَةٌ
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «113» رقم «4» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «569» رقم «6» .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «591» رقم «4» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «59» رقم «5» .
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «25» رقم «1» .
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «591» رقم «10» .
(8) عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي صحابي من أكابرهم وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى وأحد السابقين الى الاسلام وكان من الاجواد الشجعان العقلاء توفي سنة 32 هـ.
(9) ولم يذكر أبا عبيدة مع انه عاشرهم ولعله سقط من الراوي.
(10) هي قرية سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة.، بينها وبين مكة مرحلة. وقد جاء في الحديث وهي بئر.. قال ابو حنيفة ومالك: وهي من الحرم.. وخالفهما الشافعي رحمهم الله تعالى.. وقال ابن القصار والواحدي: بعضها من الحل.. وفي صحيح البخاري: والحديبية خارج الحرم.. أي باعتبار بعضها فلا ينافي ما تقدم.
(11) اصهاري: مثل أبي بكر وعمر وأبي سفيان رضي الله عنهم والاصهار جمع صهر بكسر الصاد المهملة وهم أهل المرأة.
(12) اختاني: هم أزواج بناته عثمان وعلي، وأبو العاص بن ربيعة وأختاني جمع ختن بفتحتين.
(13) أي لا يكون لاحد منهم عليكم حق يستحق ان يطالبكم به ويدعيه عليكم.
(14) مظلمة: بكسر اللام وفتحها وهي ما يؤخذ ظلما وجورا فيطالب به ويشكي ممن أخذه والكسر فيها أكثر وأشهر.

(2/122)


لَا تُوهَبُ «1» فِي الْقِيَامَةِ غَدًا «2» » .
وَقَالَ رَجُلٌ «3» لِلْمُعَافَى «4» بْنِ عِمْرَانَ: أَيْنَ عُمَرُ «5» بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ «6» مُعَاوِيَةَ «7» ؟! .. فَغَضِبَ وَقَالَ: لَا يُقَاسُ بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ.. مُعَاوِيَةُ صَاحِبُهُ وَصِهْرُهُ «8» وَكَاتِبُهُ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِ اللَّهِ..
وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «9» بِجِنَازَةِ رَجُلٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَقَالَ: كَانَ يُبْغِضُ عُثْمَانَ «10» فَأَبْغَضَهُ اللَّهُ.»
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «11» فِي الْأَنْصَارِ: اعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ. وَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ. وَقَالَ «12» : «احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي وأصهاري فإنه من
__________
(1) أي لا يهبها الله لانها حق العبد ما لم يرض صاحبها.
(2) الحديث رواه الطبراني في معجمه الكبير من رواية علي بن محمد بن يوسف بن شيبان بن مسمع.
(3) الرجل القائل غير معروف.
(4) المعافي بن عمران: ابو مسعود الأزدي الموصلي أحد الاعلام، يروي عنه بشر الحافي وغيره. قال شيخه الثوري رحمه الله: هو ياقوتة العلماء. أخرج له البخاري وغيره توفي سنة خمس وثمانين ومئة.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «274» رقم «2» .
(6) والسائل يطلب معرفة أيهما أفضل.
(7) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «43» رقم «6» .
(8) صهره لانه اخو زوجته ام حبيبة بنت أبي سفيان ام المؤمنين رضي الله عنها
(9) كما رواه الترمذي عن جابر وضعفه.
(10) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «569» رقم «5» .
(11) رواه الشيخان. وفي البخاري (اوصى الخليفة من بعدي بالمهاجر والانصار أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.)
(12) حديث رواه ابو تعيم والديلمي عن عياض الانصاري وابن منيع عن أنس.

(2/123)


حَفِظَنِي فِيهِمْ حَفِظَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه، ومن تخلى الله عنه يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ..»
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» : «مَنْ حَفِظَنِي فِي أَصْحَابِي كُنْتُ لَهُ حَافِظًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.» وَقَالَ «2» : «مَنْ حَفِظَنِي فِي أَصْحَابِي وَرَدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْنِي فِي أَصْحَابِي لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَلَمْ يَرَنِي إِلَّا مِنْ بَعِيدٍ.»
قَالَ مَالِكٌ «3» رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا النَّبِيُّ مُؤَدِّبُ الْخَلْقِ الَّذِي هَدَانَا اللَّهُ بِهِ وَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، يَخْرُجُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ «4» فَيَدْعُو لَهُمْ، وَيَسْتَغْفِرُ لهم كَالْمُوَدِّعِ لَهُمْ «5» . وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ اللَّهُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ بِحُبِّهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ، وَمُعَادَاةِ مَنْ عَادَاهُمْ.
وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ «6» : لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لَهُ شَفَاعَةٌ يَوْمَ القيامة.
__________
(1) فيما روى سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح مرسلا.
(2) كما رواه الطبراني بسند ضعيف.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «341» رقم «7» .
(4) البقيع: في الاصل اسم لكل مكان متسع فيه شجر. وبقيع المدينة يقال له بقيع الفرقد والفرقد نوع من شجر العضاة كان به ثم أزيل.. وفي البقيع أحاديث مشهورة بفضله.. وهو مقبرة أهل المدينة ودفن فيه كثير من الصحابة رضوان الله عليهم
(5) كما في حديث عائشة رضي الله عنها.
(6) كعب الاحبار كما ذكره الحلبي وهو التابعي المشهور وتقدمت ترجمته في ج 1 ص «58» رقم «3» . وهذا رواه عنه بن سعد.

(2/124)


وَطَلَبَ «1» مِنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ «2» نَوْفَلٍ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ «3» اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ: لَمْ يُؤْمِنْ بِالرَّسُولِ مَنْ لَمْ يوقّر أصحابه ولم يعزّ أوامره..
__________
(1) وطلب كعب الاحبار. وهذا يدل على صحة اعتقادة فيهم.
(2) لمغيرة بن نوفل: ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الصحابي.. ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وكان من أنصار علي رضى الله عنه. وقيل: انه لم يدرك من حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم الا ست سنين، وكان قاضيا في خلافة عثمان رضي الله عنه وعد من الصحابة رضي الله عنه.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «58» رقم «6» .

(2/125)