الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل الثّاني حكم الصّلاة عليه
اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَرْضٌ عَلَى «1» الْجُمْلَةِ غَيْرُ مُحَدَّدٍ بِوَقْتٍ..
لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ.. وَحَمْلِ «2»
الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ لَهُ عَلَى الْوُجُوبِ.. وَأَجْمَعُوا
عَلَيْهِ.
وَحَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ «3» أَنَّ مَحْمِلَ الْآيَةِ عِنْدَهُ
عَلَى النَّدْبِ، وَادَّعَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ- وَلَعَلَّهُ فِيمَا زَادَ
عَلَى مَرَّةٍ.
وَالْوَاجِبُ مِنْهُ الَّذِي يَسْقُطُ بِهِ الْحَرَجُ وَمَأْثَمُ تَرْكِ
الْفَرْضِ مَرَّةً، كَالشَّهَادَةِ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، وَمَا عَدَا
ذَلِكَ فَمَنْدُوبٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ، وَشِعَارِ
أَهْلِهِ.
__________
(1) وفي نسخة (في الجملة) .
(2) يحتمل ان يكون مصدرا او فعل ماض كما في نسختين صحيحتين.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «2» .
(2/140)
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ «1» بْنُ
الْقَصَّارِ: «الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا «2» أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ
فِي الْجُمْلَةِ «3» على الإنسان وفرض «4» عليه عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ
بِهَا مَرَّةً مِنْ دَهْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ» .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ «5» بْنُ بُكَيْرٍ: «افْتَرَضَ اللَّهُ
عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ..
فَالْوَاجِبُ أَنْ يُكْثِرَ الْمَرْءُ مِنْهَا، وَلَا يَغْفُلَ عَنْهَا» .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ «6» بْنُ نَصْرٍ: «الصَّلَاةُ عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ»
.
قال القاضي أبو عبد الله محمد «7» بن سعيد: «ذهب
__________
(1) أبو الحسن بن القصار هو علي بن عمر بن أحمد الفقيه الثقة له كتاب في
الخلاف كثير الفوائد لم نصنف في بابه أحسن منه. وهو من ائمة المالكية منسوب
لصنعة قصار الثياب وهو تبييضها.
(2) اي المالكية.
(3) أي من دون تعيين وقت له على الانسان.
(4) اشارة الى ان الفرض والواجب بمعنى واحد عنده كالشافعية خلافا للحنفية.
(5) تقدمت ترجمته في ج 2 ص (138) رقم (4) .
(6) أبو محمد بن نصر المالكي وهو القاضي عبد الوهاب بن نصر بن أحمد بن حسين
وقيل: بن الحسن بن احمد بن هارون بن مالك أدركه الشيرازي وسمع منه في
النظر، كان فقيها شاعرا أديبا له شعر كثير وكتب كثيرة في كل فن، وارتحل في
آخر عمره لمصر فحصلت له ثروة، وتوفي سنة احدى وعشرين واربعمائة.
(7) القاضي ابو عبد الله محمد بن سعيد قيل: هو محمد بن سعيد بن شرحبيل
الفقيه. كتب في حداثته للقاضي مصعب بن عمران ثم رحل الى المشرق فلقي مالكا
رضي الله تعالى عنه، قرأ عليه ثم انصرف للاندلس والتزم ضيعقته ساحة الى ان
توفي سنة ثمان وتسعين ومائة كما قاله القاضي في المدارك.
(2/141)
مَالِكٌ «1» وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض
بالجملة بقصد الْإِيمَانِ، لَا يَتَعَيَّنُ فِي الصَّلَاةِ. وَأَنَّ مَنْ
صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ عُمُرِهِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ «2» : «الْفَرْضُ مِنْهَا الذي أمر الله
تعالى وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ»
. وَقَالُوا: «وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا، فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا غَيْرُ
وَاجِبَةٍ» .
وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَحَكَى الْإِمَامَانِ أَبُو جَعْفَرٍ
الطَّبَرِيُّ «3» وَالطَّحَاوِيُّ «4» وَغَيْرُهُمَا إِجْمَاعَ جَمِيعِ
الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى
أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
التَّشَهُّدِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَشَذَّ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ:
«مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ بَعْدِ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ قَبْلَ السَّلَامِ فَصَلَاتُهُ
فَاسِدَةٌ «5» ، وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تُجْزِهِ» .
وَلَا سَلَفَ لَهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَلَا سُنَّةَ يَتَّبِعُهَا،
وَقَدْ بَالَغَ فِي إِنْكَارِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عليه.. لمخالفته فيها
من تقدمته جماعة، وشنّعوا
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «340» رقم «7» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «155» رقم «8» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «2» .
(4) الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة وقد تقدم.
(5) لأنهار كن من أركان الصلاة فتفسد بتركها في التشهد الأخير فقط.
(2/142)
عَلَيْهِ الْخِلَافَ فِيهَا. مِنْهُمُ
الطَّبَرِيُّ «1» وَالْقُشَيْرِيُّ «2» ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ «3» : «يُسْتَحَبُّ أن لا يُصَلِّيَ
أَحَدٌ صَلَاةً إِلَّا صَلَّى فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ ترك ذلك تارك فصلاته مجزئة مَذْهَبِ مَالِكٍ «4»
وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسُفْيَانَ «5» الثَّوْرِيِّ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ
مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ «6» وَغَيْرِهِمْ.. وَهُوَ قَوْلُ جُمَلِ «7»
أَهْلِ الْعِلْمِ» .
وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ: «أَنَّهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ
مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَنَّ تَارِكَهَا فِي التَّشَهُّدِ مُسِيءٌ» وَشَذَّ
الشَّافِعِيُّ فَأَوْجَبَ عَلَى تاركها في في الصلاة الإعادة.
وأوجب إسحق «8» الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان «9» .
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «2» .
(2) القشيري قيل المراد به أبو ناصر بن صاحب الرسالة، وأبو بكر بن العلاء
القشيري المالكي واما الامام القشيري صاحب الرسالة فهو شافعي لم ينقل عليه
شيء مما ذكر
(3) ابو بكر بن المنذر هو الامام الأوحد ابو بكر محمد بن ابراهيم
النيسابوري الثقة الحجة إمام عصره، وشيخ الحرم، توفي بمكة سنة تسع او عشرة
وثلاثمئة.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «341» رقم «7» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «186» رقم «3» وقد صرح به لأنه مجتهد صاحب مذهب
(6) المراد بالرأي القياس في عرف الفقهاء، والمالكية والشافعية يريدون بهذه
العبارة اتباع أبي حنيفة.
(7) وفي نسخة (جل) .
(8) اسحق ابن ابراهيم بن مخلد، وهو الامام الجليل ابو يعقوب بن راهويه عالم
خراساني ومحدثها توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين وسنه سبع وتسعون سنة، روى
عنه الجماعة خلا ابن ماجة.
(9) ووافقه الحزقي من الحنابلة.
(2/143)
وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي «1»
زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ «2» أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِيضَةٌ
قَالَ أَبُو محمد «3» : «يريد ليست من فرائض الصلاة «4» » .
وقال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ «5» الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ وَحَكَى ابْنُ القصار
«6» وعبد الوهاب «7» : «أن محمد بن الموازيراها فَرِيضَةً فِي الصَّلَاةِ
كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ «8» »
وَحَكَى أَبُو يَعْلَى «9» الْعَبْدِيُّ الْمَالِكِيُّ عَنِ الْمَذْهَبِ
«10» فِيهَا ثَلَاثَةَ أقوال:
1- الوجوب 2- والسنة 3- والندب.
__________
(1) أبو محمد بن أبي يزيد هو صاحب الرسالة المشهورة، وهو من أئمة المالكية.
(2) محمد بن المواز هو الامام محمد بن ابراهيم، ومن أجل الأئمة في مذهب
مالك وعليه المعول فيه وهو اسكندراني «توفي ببعض حصون الشام وكان قد اختفى
به هربا من فتنة، ووفاته سنة احدى وثمانين ومائتين» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 2 ص (141) رقم (6) .
(4) بل هي فرض في الجملة كما تقدم وسيأتي ما يخالقه.
(5) محمد بن عبد الحكم هو أبو عبد الله محمد بن عبد الحكم المصري صاحب
الشافعي، لم يكن في عصره اجل منه ولا أعرف بأقوال الصحابة والتابعين ولد
سنة اثنين وثمانين ومئة، وتوفي لليلة خلت من ذي القعدة سنة ثمان او تسع
وستين ومئتين. واخرج له النسائي. يروي عن ابن وهب وظائفه، وعنه النسائي
وابن خزيمة والأصم وآخرون.
(6) تقدمت ترجمته في ج 2 ص «141» رقم «1» .
(7) عبد الوهاب من أئمة المالكية.
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «155» رقم «8» .
(9) أبو يعلى العبدي المالكي.
(10) أي مذهب مالك.
(2/144)
وَقَدْ خَالَفَ الْخَطَّابِيُّ «1» مِنْ
أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ «2» وَغَيْرُهُ الشَّافِعِيَّ فِي هَذِهِ
الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ «1» : «وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فِي الصَّلَاةِ..
وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا الشَّافِعِيَّ «2» وَلَا
أَعْلَمُ لَهُ فِيهَا قُدْوَةً» .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ عَمَلُ
السَّلَفِ الصَّالِحِ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَيْهِ، وقد
شنّع الناس عليه هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جِدًّا.
وَهَذَا تَشَهُّدُ ابْنِ «3» مَسْعُودٍ «4» الَّذِي اخْتَارَهُ «5»
الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهِ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ رَوَى التَّشَهُّدَ عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه
وسلم كأبي «6» هريرة،
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «64» رقم «6» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «155» رقم «8» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «214» رقم «2» .
(4) وتشهده هو أصح الفاظ التشهد حيث رواه اصحاب الكتب الستة ولهذا اختاره
بعض العلماء والمشايخ من الشافعية أيضا، وقد ذكر ابن الملقن التشهدات
الواردة عنه صلّى الله عليه وسلم في تخريج احاديث الرافعي فبلغت ثلاثة عشر
تشهدا. ثم اجمعوا على جواز جميع الفاظ التشهد الوارد. وإنما الخلاف في
الاختيار، فاختار أبو حنيفة تشهد ابن مسعود لكونه اصح سندا، واختار الشافعي
تشهد ابن عباس، واختار مالك تشهد عمر الذي قرأه فوق منبر النبي صلّى الله
عليه وسلم.
(5) بل اختار تشهد ابن عباس لأن فيه زيادة لفظ المباركات.
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5» .
(2/145)
وَابْنِ عَبَّاسٍ «1» ، وَجَابِرٍ «2» ،
وَابْنِ «3» عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ «4» الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي مُوسَى «5»
الْأَشْعَرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير «6» ، لم لَمْ يَذْكُرُوا
فِيهِ صَلَاةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «7» .
وَقَدْ قَالَ «8» ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا
السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ» .
ونحوه عن أبي سعيد الخدري.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَانَ «9» أَبُو بَكْرٍ «10» يُعَلِّمُنَا
التَّشَهُّدَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا يُعَلِّمُونَ الصِّبْيَانَ فِي
الْكُتَّابِ» .
وَعَلَّمَهُ أَيْضًا عَلَى الْمِنْبَرِ عُمَرُ بْنُ الخطاب «11» رضي الله
عنه.
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (52) رقم (6) .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (154) رقم (1) .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (182) رقم (1) .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (63) رقم (1) .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (118) رقم (2) .
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (157) رقم (4) .
(7) هذا لأنهم انما تعلموه قبل نزول الاية فلما نزلت (يا أيها الذين امنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما) امرهم به كما هو مصرح في الحديث وسيأتي نقله
قريبا.
(8) في حديث رواه مسلم عن ابن عباس، رواه الحاكم والنسائي عن جابر.
(9) كما رواه ابن شيبة في مصنفه.
(10) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (156) رقم (6) .
(11) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (113) رقم (4) .
(2/146)
وَفِي الْحَدِيثِ «1» : «لَا صَلَاةَ
لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» .
قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ «2» : مَعْنَاهُ (كَامِلَةً) . أَوْ لِمَنْ لَمْ
يُصَلِّ عَلَيَّ مَرَّةً فِي عُمُرِهِ وضعّف أهل الحديث كلهم هَذَا
الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي «3» جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «4» :
«مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يُصَلِّ فِيهَا عَلَيَّ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِي
لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ «5» : الصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي
جَعْفَرٍ «6» مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: «لَوْ «7»
صَلَّيْتُ صَلَاةً لَمْ أُصَلِّ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه
وسلم
__________
(1) رواه ابن ماجه، والحاكم في مستدركه وقال: وليس على شرطهما اذ لم
يخرجاه.. والطبراني والدارقطني.. قال: وليس عندهم بقوي.. واليعمري والبيهقي
بلفظ (لا صلاة لمن لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل
على نبيه، ولا صلاة لمن لم يحب الانصار) .
(2) ابن القصار هو ابو الحسن علي بن أحمد البغدادي قاضيها الفقيه الأصولي
النظار صاحب تصانيف وكان ثقة قليل الحديث مات سنة ثمان وتسعين وثلثمائة.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (413) رقم (1) .
(4) وقد روي موقوفا من قبل ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص (158) رقم (1) .
(6) تقدم آنفا.
(7) وعلى ذلك أي على كونه مرفوعا يكون منقطعا أيضا لأن أبا جعفر لم يدرك
ابن مسعود وزيد في بعض النسخ (وروايه) أي ناقل هذا الحديث عن أبي جعفر
(جابر الجعفي) (وهو ضعيف) . وعلى كل فقد ذكر القاضي رحمه الله كل أدلة
المانعين فرضية الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم في الصلاة ولم يذكر
أدلة الشافعي رحمه الله كاملة وافية. اذ ان للشافعي رحمه الله أدلة قوية
جدا اعتمد عليها في ايجاب فرضية الصلاة على رسول الله في الصلاة وهذه
الدلالة مبسوطة في كتبه رحمه الله. ولقد بسط الخفاجي رحمه الله كلاما طويلا
حول هذه المسألة سنختصر بعضه وهذا يوافق ما قاله الامام الشافعي ففيه تأييد
له دون ما قاله المصنف، واعلم أن الامام الخضري
(2/147)
وَلَا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ لَرَأَيْتُ
أَنَّهَا لَا تتم.
***
__________
صنف في هذه المسألة كتابا سماه (زهر الرياض في رد ما شنعه القاضي عياض)
طالعته بتمامة وتلخيصه أن الامام الشافعي رضي الله تعالى عنه قال في الأم:
(فرض الله تعالى الصلاة على رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم فقال جل
شأنه: (إن الله وملائكته يصلون على النبي الاية) فلم يكن فرض الصلاة عليه
في موضع أولى منه في الصلاة ووجدنا الدلالة بما وصفت عنه صلّى الله عليه
وسلم ثم ساق بإسناده إلى أبي هريرة أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك-
يعني في الصلاة- قال: تقولون اللهم صلي على محمد الخ.. وساق بسنده أيضا إلى
كعب بن عجرة عنه صلّى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الصلاة اللهم صلي على
محمد الخ.. فلما روي أنه كان يعلمهم التشهد في الصلاة وأنه علمهم كيف يصلون
عليه فيها لم يجز أن يقول التشهد واجب والصلاة غير واجبة والخبر فيها عنه
صلّى الله عليه وسلم فعلى كل مسلم وجبت عليه الفرائض أن يتعلم التشهد
والصلاة عليه فمن صلّى عليه ولم يتشهد ولم يصل عليه صلّى الله عليه وسلم
فعليه اعادتها انتهى. ثم ذكر ما قاله المصنف رحمه الله وقال: هذا قول لا
ينبغي الاعتماد عليه ولا الاستناد اليه وساق أدلة وبراهين تؤيد ما ذهب
اليه.
(2/148)
|