الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الفصل السّادس عشر عصمة الملائكة
فِي الْقَوْلِ فِي عِصْمَةِ الْمَلَائِكَةِ: أَجْمَعَ «1» الْمُسْلِمُونَ
عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ «2» مُؤْمِنُونَ فُضَلَاءُ، وَاتَّفَقَ
أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ حُكْمَ الْمُرْسَلِينَ مِنْهُمْ حُكْمُ
النَّبِيِّينَ سَوَاءً فِي الْعِصْمَةِ، مِمَّا ذَكَرْنَا عِصْمَتَهُمْ
مِنْهُ، وَأَنَّهُمْ فِي حُقُوقِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالتَّبْلِيغِ
إِلَيْهِمْ، كَالْأَنْبِيَاءِ مَعَ الْأُمَمِ..
وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ الْمُرْسَلِينَ مِنْهُمْ، فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ
إِلَى عِصْمَةِ جَمِيعِهِمْ عَنِ الْمَعَاصِي «3» ، وَاحْتَجُّوا
بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ
ما يُؤْمَرُونَ «4» » وبقوله: «وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ
__________
(1) وفي نسخة (اتفق) .
(2) الملائكة: جمع ملك والتاء لتأنيث الجمع وفي اشتقاق الملك خلاف لاهل
اللغة المشهورين من أنه من الالوكة وهي الرسالة لانهم رسل الله يرسلهم لما
يرى وأصله مألك ثم أخرت بدليل جمعه على ملائكة.
(3) لان الله تعالى لم يخلق فيهم شهوة ولا داعية لها.
(4) سورة التحريم آية «6» .
(2/397)
مَقامٌ مَعْلُومٌ، وَإِنَّا لَنَحْنُ
الصَّافُّونَ «1» وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ «2» »
وَبِقَوْلِهِ: «وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا
يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ» «3»
.
وَبِقَوْلِهِ: «إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبادَتِهِ «4» » الاية وبقوله: «كِرامٍ بَرَرَةٍ «5» » و: «لا يَمَسُّهُ
إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ «6» » وَنَحْوِهِ مِنَ السَّمْعِيَّاتِ «7» .
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ: إِلَى أَنَّ هَذَا خُصُوصٌ «8» لِلْمُرْسَلِينَ
مِنْهُمْ وَالْمُقَرَّبِينَ وَاحْتَجُّوا بِأَشْيَاءَ ذَكَرَهَا أَهْلُ
الْأَخْبَارِ وَالتَّفَاسِيرِ نَحْنُ نَذْكُرُهَا إِنْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
بَعْدُ، وَنُبَيِّنُ الْوَجْهَ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَالصَّوَابُ: عِصْمَةُ جَمِيعِهِمْ، وَتَنْزِيهُ نِصَابِهِمُ «9»
الرَّفِيعِ عَنْ جَمِيعِ مَا يَحُطُّ مِنْ رُتْبَتِهِمْ وَمَنْزِلَتِهِمْ
عَنْ جَلِيلِ مِقْدَارِهِمْ. وَرَأَيْتُ بَعْضَ شيوخنا أشار «10» بأن «11»
لَا حَاجَةَ بِالْفَقِيهِ إِلَى الْكَلَامِ فِي عِصْمَتِهِمْ «12» .
__________
(1) أي الواقفون صفوفا كصفوف الصلاة في المقام المعين لنا.
(2) سورة الصافات آية «165- 166» .
(3) سورة الانبياء آية «19- 20» .
(4) سورة الأعراف آية «206» ..
(5) سورة عبس آية «16» .
(6) سورة الواقعة آية «79» .
(7) السمعيات: أي ما هو مسموع من القرآن أو السنة.
(8) وفي نسخة (مخصوص) .
(9) أي تبرئة ساحة منصبهم وقدرهم.
(10) أشار: أى قال وهي تطلق بهذا المعنى كثيرا.
(11) وفي نسخة (إلى أن) .
(12) لأننالم نؤمر باتباعهم، ولأن الكلام فيهم أمر مشكل لا يتكلم فيه إلا
بدليل قطعي
(2/398)
وَأَنَا أَقُولُ إِنَّ لِلْكَلَامِ فِي
ذَلِكَ مَا لِلْكَلَامِ فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْفَوَائِدِ
الَّتِي ذَكَرْنَاهَا سِوَى فَائِدَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَقْوَالِ
وَالْأَفْعَالِ، فهي ساقطة ههنا «1» .
فَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُوجِبْ عِصْمَةَ جَمِيعِهِمْ «2»
قِصَّةُ هَارُوتَ وَمَارُوتَ «3» وَمَا ذَكَرَ فِيهَا أَهْلُ الْأَخْبَارِ
وَنَقَلَةُ الْمُفَسِّرِينَ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ «4» وَابْنِ
عَبَّاسٍ «5» فِي خَبَرِهِمَا وَابْتِلَائِهِمَا.
فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ- أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ لَمْ يُرْوَ
مِنْهَا شَيْءٌ لَا سَقِيمٌ وَلَا صَحِيحٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «6» . وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا يُؤْخَذُ
بِقِيَاسٍ.. وَالَّذِي مِنْهُ فِي الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ
فِي مَعْنَاهُ، وَأَنْكَرَ مَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ
السَّلَفِ كَمَا سنذكره.
__________
(1) أي في حق الملائكة عليهم الصلاة والسلام.
(2) وقال بوجوب عصمة الرسل منهم فقط.
(3) هاروت وماروت علمان للمكين ببابل ممنوعان من الصرف للعلمية والعجمة.
ولو كانا عربيين من الهرت والمرت صرفا.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «52» رقم «6» .
(6) وهذا الذي ذكره من إنه لم يرد فيه حديث ضعيف ولا صحيح ردوه كما نقله
السيوطي في مناهل الصفا في نخريج أحاديث الشفا بأنه ورد من طرق كثيرة منها
ما في مسند أحمد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعا، ورواه ابن حبان
والبيهقي وابن جرير وابن حميد في مسنده، وابن أبي الدنيا وغيرهم من طرق
عديدة.. وقال ابن حجر في شرح البخاري إن له طرقا تفيد العلم بصحته.. وكذا
في حواشي البرهان الحلبي وذكره مسندا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما..
وقد جمع الجلال السيوطي طرق هذا الحديث في تأويل مستقل فبلغت نيفا وعشرين
طريقا.
(2/399)
وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مِنْ كُتُبِ
الْيَهُودِ وَافْتِرَائِهِمْ، كَمَا نَصَّهُ اللَّهُ أَوَّلَ الْآيَاتِ
مِنَ افْتِرَائِهِمْ بِذَلِكَ عَلَى سُلَيْمَانَ وَتَكْفِيرِهِمْ إِيَّاهُ.
وَقَدِ انْطَوَتِ الْقِصَّةُ على شنع «1» عظيمة. وها نحن نحبر «2» فِي
ذَلِكَ مَا يَكْشِفُ غِطَاءَ هَذِهِ الْإِشْكَالَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَاخْتُلِفَ أَوَّلًا فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ.. هَلْ هُمَا مَلَكَانِ أَوْ
إِنْسِيَّانِ وَهَلْ هُمَا الْمُرَادُ بِالْمَلَكَيْنِ أَمْ لَا.. وَهَلِ
الْقِرَاءَةُ «مَلَكَيْنِ» «3» أَوْ «مَلِكَيْنِ» «4» .
وَهَلْ مَا فِي قَوْلِهِ «وَما أُنْزِلَ «5» » و «ما يُعَلِّمانِ مِنْ
أَحَدٍ «6» » نَافِيَةٌ أَوْ مُوجِبَةٌ..
فَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَحَنَ النَّاسَ
بِالْمَلَكَيْنِ لِتَعْلِيمِ السِّحْرِ وَتَبْيِينِهِ.. وَأَنَّ عَمَلَهُ
«7» كُفْرٌ.. فَمَنْ تَعَلَّمَهُ كَفَرَ وَمَنْ تركه آمن «8» » .
__________
(1) شنع: بضم الشين المعجمة وفتح النون وعين مهملة جمع شنعة أي قبيحة
شائعة. من شنع عليه أي أشاع قبائحه.
(2) أي تحرر تحريرا حسنا من صبره بمهملتين بينهما موحدة إذا حسنه وزينه
وفيه تورية لأنه يقال حبره إذا كتب بالحبر ففيه إيهام لمعنى نكتبه لنبينه.
(3) القراءة بالفتح قراءة السبعة.
(4) بالكسر قراءة شاذة منقولة عن الحسن البصري وغيره.
(5) سورة البقرة آية «102» .
(6) سورة البقرة آية «102»
(7) وفي نسخة (علمه) .
(8) وهو مذهب مالك وعزاه المصنف في شرح مسلم الى احمد بن حنبل أيضا فهو
عندهما كافر يقتل ولا يستتاب كالزنديق عنده، وعند الشافعي كبيرة ان لم يكن
فيه ما يقتضي الكفر فلا يقتل وتقبل توبته.. فان قتل بكفره قتل قصاصا عنده.
(2/400)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّما نَحْنُ
فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ «1» » وَتَعْلِيمُهُمَا النَّاسَ لَهُ تَعْلِيمُ
إِنْذَارٍ.. أَيْ يَقُولَانِ لِمَنْ جَاءَ يَطْلُبُ تَعَلُّمَهُ لَا
تَفْعَلُوا «2» كَذَا فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ،
وَلَا تَتَخَيَّلُوا «3» بِكَذَا فَإِنَّهُ سِحْرٌ. فَلَا تَكْفُرُوا.
فَعَلَى هَذَا: فِعْلُ الْمَلَكَيْنِ طَاعَةٌ، وَتَصَرُّفُهُمَا فِيمَا
أُمِرَا بِهِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ.. وَهِيَ لِغَيْرِهِمَا فِتْنَةٌ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ «4» عَنْ خَالِدِ «5» بْنِ أَبِي عِمْرَانَ: أَنَّهُ
ذُكِرَ عِنْدَهُ هَارُوتُ وَمَارُوتُ، وَأَنَّهُمَا يُعَلِّمَانِ السِّحْرَ
فَقَالَ: نَحْنُ نُنَزِّهُهُمَا عَنْ هَذَا.. فَقَرَأَ بَعْضُهُمْ «وَما
أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ «6» » فَقَالَ خَالِدٌ:
لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِمَا) .
فَهَذَا خَالِدٌ عَلَى جَلَالَتِهِ وَعِلْمِهِ نَزَّهَهُمَا عَنْ تَعْلِيمِ
السِّحْرِ الذي قد ذكره غَيْرُهُ أَنَّهُمَا «7» مَأْذُونٌ لَهُمَا فِي
تَعْلِيمِهِ بِشَرِيطَةِ أَنْ يُبَيِّنَا أَنَّهُ كُفْرٌ، وَأَنَّهُ
امْتِحَانٌ مِنَ اللَّهِ وَابْتِلَاءٌ.. فَكَيْفَ لَا يُنَزِّهُهُمَا عَنْ
كَبَائِرِ «8»
__________
(1) الاية 102 سورة البقرة وهي دليل مالك.
(2) وفي نسخة (لا تفعل)
(3) وفي نسخة (لا تتحيلوا) من الحيلة وهو الاحسن ويؤيده تعديها بالباء.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «332» رقم «1» .
(5) خالد بن أبي عمران: التجيبي التونسي قاضي افريقيا ومحدثها. توفي سنة
مائة وتسعة وثلاثين.. أخرج له اصحاب السنن ووثقوه، وهو مستجاب الدعوة. وله
تفسير
(6) الاية 102 سورة البقرة.
(7) وفي نسخة (انه) .
(8) كشرب الخمر وقتل النفس والزنا.
(2/401)
الْمَعَاصِي وَالْكُفْرِ الْمَذْكُورَةِ
فِي تِلْكَ الْأَخْبَارِ.
وَقَوْلُ خَالِدٍ: «لَمْ يُنْزَلْ» يُرِيدُ أَنَّ مَا «نَافِيَةٌ» وَهُوَ
قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ «1» .
قَالَ مَكِّيٌّ «2» : «وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ.. وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ-
يُرِيدُ بِالسِّحْرِ الَّذِي افتعلته عليه الشياطين واتبعتهم فِي ذَلِكَ
الْيَهُودُ» .
وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ. قَالَ مَكِّيٌّ «2» : «هُمَا
جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ.
ادَّعَى الْيَهُودُ عَلَيْهِمَا الْمَجِيءَ بِهِ كَمَا ادَّعَوْا عَلَى
سُلَيْمَانَ فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ.. «وَلكِنَّ الشَّياطِينَ
كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ. بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ «3»
» قِيلَ: «هُمَا رَجُلَانِ تَعلَّمَاهُ» .
قَالَ الْحَسَنُ «4» : «هَارُوتُ وَمَارُوتُ عِلْجَانِ «5» مِنْ أَهْلِ
بابل وقرأ «وما أنزل على الملكين «6» بِكَسْرِ اللَّامِ، وَتَكُونُ «مَا»
إِيجَابًا عَلَى هَذَا.
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «52» رقم «6» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «67» رقم «7» .
(3) الاية 102 سورة البقرة.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «60» رقم «8» .
(5) عنجان: مثنى علج وهو الغليظ من كفار العجم. من قولهم هو مستعلج الوجه
أي غليظة.
(6) وهي قراءة شاذة كما تقدم.
(2/402)
وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
«1» بْنِ أَبْزَى بِكَسْرِ اللام، ولكنه قال: «الملكان هنا داوود
وَسُلَيْمَانُ» .. وَتَكُونُ «مَا» نَفْيًا «2» عَلَى مَا تَقَدَّمَ..
وَقِيلَ: كَانَا مَلِكَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَسَخَهُمَا
اللَّهُ.. حَكَاهُ السَّمَرْقَنْدِيُّ «3» ، وَالْقِرَاءَةُ بِكَسْرِ
اللَّامِ شَاذَّةٌ فَمَحْمَلُ الْآيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ أَبِي مُحَمَّدٍ
مَكِّيٍّ حَسَنٌ.. يُنَزِّهُ الْمَلَائِكَةَ، وَيُذْهِبُ الرِّجْسَ
عَنْهُمْ..
وَيُطَهِّرُهُمْ تطهيرا..
وقد وصفهم الله بأنهم «مطهّرون «4» » و «كِرامٍ بَرَرَةٍ «5» » و «لا
يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ «6» » .
وَمِمَّا يَذْكُرُونَهُ: قِصَّةُ إِبْلِيسَ وَأَنَّهُ كَانَ مِنَ
الْمَلَائِكَةِ وَرَئِيسًا فِيهِمْ، وَمِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ.. إِلَى
آخِرِ مَا حَكَوْهُ وَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
بِقَوْلِهِ: «فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ «7» » .
__________
(1) عبد الرحمن بن ابزي: صحابي كما جزم به النووي والذهبي واختلف في أبيه
فقيل انه صحابي أدرك النبي صلّى الله عليه وسلم وصلّى خلفه، وقيل «انه
تابعي لم يدركه» . وأبزي أي أوسع خطوه.. وقد اخرج له الستة وغيرهم كأحمد في
مسنده. وهو خزاعي.
(2) ولا يجوز ان تكون موصوله لعصمتها كما تقدم.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «51» رقم «2» .
(4) على قول انهم الملائكة في (لا يمسه الا المطهرون) .
(5) سورة عبس اية «16» .
(6) سورة التحريم اية «6» .
(7) سورة البقرة اية «24» .
(2/403)
وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يُتَّفَقْ عَلَيْهِ..
بَلِ الْأَكْثَرُ ينفون ذلك، وأنه أبو الجن كما آدَمَ أَبُو الْإِنْسِ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ «1» وَقَتَادَةَ «2» ، وَابْنِ زَيْدٍ «3»
وَقَالَ شَهْرُ «4» بْنُ حَوْشَبٍ: «كَانَ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ
طَرَدَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي الْأَرْضِ حِينَ أَفْسَدُوا..
وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ «5» شَائِعٌ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ سَائِغٌ» .
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا
اتِّباعَ الظَّنِّ» ومما رووه في الْأَخْبَارِ «6» : «أَنَّ خَلْقًا
مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَصَوُا اللَّهَ فَحُرِّقُوا «7» ، وَأُمِرُوا
أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ فَأَبَوْا فَحُرِّقُوا، ثُمَّ آخَرُونَ
كَذَلِكَ، حَتَّى سَجَدَ لَهُ مَنْ ذَكَرَ اللَّهُ إِلَّا إِبْلِيسَ..
فِي أَخْبَارٍ لَا أَصْلَ لَهَا تَرُدُّهَا صِحَاحُ الْأَخْبَارِ..
فَلَا يُشْتَغَلُ بها والله أعلم.
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «60» رقم «8» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «62» رقم «3» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 2 ص «246» رقم «3» .
(4) شهر بن حوشب: بزمة فكر. وهو ممن رووا عنه ووثقوه، وضعفه بعضهم
وتوفي سنة احدى عشرة ومائة.. وقيل في تاريخ موته غير ذلك، وله ترجمة في
الميزان
(5) ويسمى الاستثناء المنقطع.
(6) كما رواه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن أبي حاتم
عن يحيى بن كثير.
(7) وفي نسخة (فحرفوا) اي طردوا وصرفوا عن مقامهم.
(2/404)
|