الفصول في السيرة

فصل ـ أخلاقه الطاهرة
وأما أخلاقه الطاهرة، فقد قال الله سبحانه: {ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لأجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم} ، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن.
ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن، ولا يترك إلا ما نهاه عنه القرآن، فصار امتثال أمر ربه خلقاً له

(1/264)


وسجية، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
وقد قال الله تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} فكانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم أشرف الأخلاق وأكرمها وأبرها وأعظمها:
فكان أشجع الناس وأشجع ما يكون عند شدة الحروب.
وكان أكرم الناس، وأكرم ما يكون في رمضان.
وكان أعلم الخلق بالله، وأفصح الخلق نطقاً، وأنصح الخلق للخلق، وأحلم الناس.
وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعاً في وقار، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.
قالت قيلة بنت مخرمة في حديثها عند أبي داود: فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في جلسته أرعدت من الفرق.
وفي السيرة أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم الفتح جعل يطأطئ رأسه من التواضع، حتى إن مقدم رحله ليصيب عثنونه، وهو من شعر اللحية.
وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، ومع ذلك فأشد الناس بأساً في أمر الله، وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: «أنا الضحوك القتال» .

(1/265)


وهكذا مدح الله عز وجل أصحابه حيث قال تبارك وتعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} .
وستأتي إن شاء الله تعالى بقية أوصافه الجميلة مستقصاة فيما نورده من الأحاديث بعد هذا إن شاء الله تعالى وبه المستعان.

فصل ـ الأماكن التي حلها
في ذكر الأماكن التي حلها صلوات الله وسلامه عليه.
وهي الرحلات النبوية.
قدم الشام مرتين:
الأولى مع عمه أبي طالب في تجارة له، وكان عمره إذ ذاك ثنتي عشرة سنة، وكان من قصة بحيرا وتبشيره به ما كان من الآيات الي رآها، مما بهر العقول، وذلك مبسوط في الحديث الذي رواه الترمذي مما تفرد به قراد أبو نوح، واسمه

(1/266)


عبد الرحمن بن غزوان، وهو إسناد صحيح، ولكن في متنه غرابة قد بسط الكلام عليه في موضع آخر، وفيه ذكر الغمامة ولم أرها ذكراً في حديث ثابت أعلمه سواه.
القدمة الثانية في تجارة لخديجة بنت خويلد وصحبته مولاه ميسرة، فبلغ أرض بصرى، فباع ثم التجارة ورجع، فأخبر ميسرة مولاته بما رأى عليه صلى الله عليه وسلم من لوائح النبوة، فرغبت فيه وتزوجته، وكان عمره حين تزوجها ـ على ما ذكره أهل السيرـ خمساً وعشرين سنة.
وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فاجتمع بالأنبياء وصلى بهم فيه، ثم ركب إلى السماء ثم إلى ما بعدها من السموات سماء سماء، ورأى الأنبياء هناك على مراتبهم، ويسلم عليهم ويسلمون عليه، ثم صعد إلى سدرة المنتهى فرأى هناك جبريل عليه السلام على الصورة التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح، ودنا الجبار رب العزة فتدلى كما يشاء على ما ورد في الحديث الشريف، فرأى من آيات ربه الكبرى كما قال تعالى: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} ، وكلمه ربه سبحانه وتعالى على أشهر قولي أهل الحديث، ورأى ربه عز وجل ببصره على قول بعضهم، وهو اختيار الإمام أبي بكر بن خزيمة من أهل الحديث، وتبعه في ذلك جماعة من المتأخرين.
وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رآه بفؤاده مرتين.
وأنكرت عائشة أم المؤمنين رضي

(1/267)


الله عنها رؤية البصر، وروى مسلم عن أبي ذر قلت: يا رسول الله، رأيت ربك؟ فقال: «نور، أنى أراه؟» وإلى هذا مال جماعة من الأئمة قديماً وحديثاً اعتماداً على هذا الحديث، واتباعاً لقول عائشة رضي الله عنها.
قالوا: هذا مشهور عنها، ولم يعرف لها مخالف من الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس أنه رآه بفؤاده، ونحن نقول به، وما روي في ذلك من إثبات الرؤيا بالبصر فلا يصح شيء من ذلك لا مرفوعاً، بل ولا موقوفاً، والله أعلم.
ورأى الجنة والنار والآيات العظام، وقد فرض الله سبحانه عليه الصلاة ليلتئذ خمسين ثم خففها إلى خمس، وتردد بين موسى عليه السلام وبين ربه جل وعز في ذلك، ثم أهبط إلى الأرض إلى مكة إلى المسجد الحرام، فأصبح يخبر الناس بما رأى من الآيات.
فأما الحديث الذي رواه النسائي في أول كتاب الصلاة «أخبرنا عمرو بن هشام حدثنا مخلد هو ابن يزيد عن سعيد بن عبد العزيز، حدثنا يزيد بن أبي مالك، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بدابة فوق حمار ودون البغل، خطوها عند منتهى طرفها، فركبت ومعي جبريل عليه السلام، فسرت، فقال: انزل فصل، ففعلت، فقال: أتدري أين صليت صليت بطيبة، وإليها المهاجر.
ثم قال: انزل فصل، فصليت، فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء، حيث كلم الله موسى.
ثم قال: انزل فصل، فصليت فقال:

(1/268)


أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى.
ثم دخلت بيت المقدس، فجمع لي الأنبياء، فقدمني جبريل حتى أممتهم، ثم صعد بي إلى السماء الدنيا..» وذكر بقية الحديث، فإنه حديث غريب منكر جداً وإسناده مقارب.
وفي الأحاديث الصحيحة ما يدل على نكارته، والله أعلم.
وكذلك الحديث الذي تفرد به بكر الله زياد الباهلي المتروك، «عن عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليلة أسري بي قال لي جبريل: هذا قبر أبيك إبراهيم انزل فصل فيه» لا يثبت أيضاً، لحال بكر بن زياد المذكور.
وهكذا الحديث الذي رواه ابن جرير في أول تاريخه من حديث أبي نعيم عمر بن الصبح، أحد الكذابين المعترفين بالوضع عن مقاتل بن حيان، عن

(1/269)


عكرمة، عن ابن عباس، أنه صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ذهب إلى يأجوج ومأجوج، فدعاهم إلى الله عز وجل فأبوا أن يجيبوه، ثم انطلق به جبريل عليه السلام إلى المدينتين ـ يعني [جابلق] ، وهي مدينة بالمشرق وأهلها من بقايا عاد، ومن نسل من آمن منهم، ثم إلى جابرس، وهي بالمغرب، وأهلها من نسل من آمن من ثمود ـ فدعا كل منهما إلى الله عز وجل، فأمنوا به.
وفي الحديث أن لكل واحدة من المدينتين عشرة آلاف باب، ما بين كل بابين فرسخ، ينوب كل يوم على باب عشرة آلاف رجل يحرسون، ثم لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في الصور، فو الذي نفس محمد بيده لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هدة وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب ومن ورائهم ثلاث أمم: منسك وتافيل، وتاريس، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم دعا هذه الثلاث أمم، فكفروا وأنكروا، وهم مع يأجوج ومأجوج.
وذكر حديثاً طويلاً لا يشك من له أدنى علم أنه موضوع، وإنما نبهت عليه ها هنا ليعرف حاله فلا يغتر به، ولأنه من ملازم ما ترجمنا الفصل به، ومن توابع ليلة الإسراء، والله أعلم.

(1/270)


فصل ـ سماعاته
قد قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم سمع كلام ربه عز وجل وخطابه له ليلة الإسراء، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «فنوديت أن قد أتممت فريضتي وخففت عن عبادي، يا محمد: إنه لا يبدل القول لدي، هي خمس، وهي خمسون» .
فمثل هذا لا يقوله إلا رب العالمين كما في قوله تعالى لموسى: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} ، قال علماء السلف وأئمتهم: هذا من أدل الدلائل على أن كلام الله غير مخلوق، لأن هذا لا يقوم بذات مخلوقة، وقال جماعة منهم: من زعم أن قوله تعالى: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} مخلوق، فهو كافر، لأنه بزعمه يكون ذلك المحل المخلوق قد دعا موسى إلى عبادته، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
وقد روى صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أحاديث كثيرة، كحديث: «يا عبادي، كلكم جائع إلا من أطعمته..» الحديث وقد رواه مسلم، وله أشباه كثيرة.
وقد أفرد العلماء في هذا الفصل مصنفات في ذكر الأحاديث

(1/271)


الإلهية، فجمع زاهر بن طاهر في ذلك مصنفاً، وكذلك الحافظ الضياء أيضاً، وجمع علي بن بلبان مجلداً رأيته، يشتمل على نحو من مائة حديث.
وقد ذهب جماعة من أهل الحديث والأصول أن السنة كلها بالوحي لقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى} وهذه المسألة مقررة في كتب الأصول، وقد أتقنها الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه المدخل إلى السنن.
واختلفوا هل رأى ربه سبحانه كما قدمنا.
وقد رأى جبريل عليه السلام هناك علىصورته، وكان قد رآه قبل ذلك منهبطاً من السماء إلى الأرض على الصورة التي خلق عليها، وذلك في ابتداء الوحي، وهو المعني بقوله تعالى: {علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى} فالصحيح من قول المفسرين ـ بل المقطوع به ـ أن المتدلي في هذه الآية هو جبريل عليه السلام، كما

(1/272)


أخرجاه في الصحيحين «عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ذاك جبريل» فقد قطع هذا الحديث النزاع وأزاح الإشكال.
وقد قدمنا أنه اجتمع بالأنبياء ورآهم على مراتبهم، ورأى خازن الجنة وخازن النار، وشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، وتلقاه المقربون في الأخرى.
وفي السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا: يا محمد! مر أمتك بالحجامة» .
تفرد به عباد بن منصور.
وفي حديث آخر إلا قالوا: «مر أمتك يستكثروا من غراس الجنة: سبحان الله والحمد لله ...
» الحديث.
وهما غريبان.
ونزل عليه جبريل عليه السلام بالقرآن عن الله عز وجل على قلبه الكريم، وفي الصحيحين أنه أتاه ملك الجبال يوم قرن

(1/273)


الثعالب برسالة من الله تعالى فقال: إن شاء أن يطبق عليهم الأخشبين فقال: بل أستأني بهم.
وفي صحيح مسلم أن ملكاً نزل بالآيتين من آخر سورة البقرة.
وفي مغازي الأموي عن أبيه قال: وزعم الكلبي «عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الأقباض وجبريل عن يمينه، إذ أتاه ملك من الملائكة قال: يا محمد، إن الله يقرأ عليك السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام فقال الملك: إن الله يقول لك: إن الأمر: الذي أمرك به الحباب بن المنذر، فقال صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام أتعرف هذا؟ قال: ماكل أهل السماء أعرف، وإنه لصادق وما هو بشيطان» .
وهذا وإن كان إسناده ليس بذلك إلا أن له شاهداً، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل على أدنى مياه بدر قال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله، إن كنت نزلت هذا المنزل بأمر الله فذاك، وإن كنت إنما نزلته للحرب والمكيدة فليس بمنزل.
قال: بل للحرب والمكيدة قال: فانطلق حتى تجلس على أدنى المياه من القوم ونعور

(1/274)


ما وراءنا من المياه، كما تقدم في قصة بدر.
وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم حدث عن قس بن ساعدة الإيادي بما سمعه يقول بسوق عكاظ، وفي سنده نظر.
وفي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أنه صلى الله عليه وسلم حدث على المنبر عن تميم الداري بقصة الدجال.

فصل ـ السماع منه
وسمع منه أصحابه بمكة والمدينة وغيرهما من البلدان التي غزا إليها وحلها، وبعرفة، ومنى، وغير ذلك.

(1/275)


وقد سمع منه الجن القرآن وهو يقرأ بأصحابه بعكاظ، وجاؤوه فسألوه عن أشياء، ومكث معهم ليلة شهدها عبد الله بن مسعود، إلا أنه غير مباشر لهم.
لكنه كان ينتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان محوط عليه لئلا يصيبه سوء، فأسلم منهم طائفة من جن نصيبين رضي الله عنهم أجمعين.
وقد روينا في الغيلانيات خبراً من حديث رجل منهم يقال له عبد الله سمحج، وفي إسناده غرابة.
وقد جاءه جبريل في صورة رجل أعرابي فحدثه عن الإسلام والإيمان والإحسان وأمارات الساعة.

(1/276)


فصل ـ عدد المسلمين حين وفاته، وعدد من روى عنه من الصحابة
قال الإمام أبو عبد الله الشافعي رحمه الله: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفاً، ثلاثون ألفاً بالمدينة، وثلاثون ألفاً في غيرها.
وقال الحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي رحمه الله تعالى: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف.
وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري: روى عنه صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف صحابي.
قلت: قد أفرد الأئمة أسماء الصحابة في مصنفات على حدة، كالبخاري في أول تاريخه الكبير، وابن أبي خيثمة، والحافظ أبي عبد الله بن مندة، والحافظ

(1/277)


أبي نعيم الأصبهاني، والشيخ الإمام أبي عمر بن عبد البر، وغيرهم.
وقد أفرد أبو محمد بن حزم أسماءهم في جزء جمعه من الإمام بقي بن مخلد الأندلسي، رحمه الله تعالى، وذكر ما روى كل واحد منهم.
وسنفرد ذلك في فصل بعد إن شاء الله تعالى، ونضيف إليه ما ينبغي إضافته، وإن يسر الكريم الوهاب ذكرت من المسانيد والسنن ما روى كل صحابي من الأحاديث، وتكلمت على كل منهما، وبينت حاله من صحة وضعف إن شاء الله تعالى وبه الثقة وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.

فصل ـ خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ
في ذكر شيء من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم يشاركه فيها غيره.
وقد أكثر أصحابنا وغيرهم من ذكر هذا الفصل في أوائل كتب النكاح من مصنفاتهم،

(1/278)


تأسياً بالإمام أبي عبد الله صاحب المذهب، فإنه ذكر طرفاً من ذلك هنالك وحكى الصيمري عن أبي علي بن خيران أنه منع من الكلام في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام النكاح، وكذا في الإمامة، ووجهه أن ذلك قد انقضى فلا عمل يتعلق به، وليس فيه من دقيق العلم ما يقع به التدريب، فلا وجه لتضييع الزمان برجم الظنون فيه.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بعد حكايته ذلك: وهذا غريب مليح، والله أعلم.
وقال إمام الحرمين: قال المحققون: وذكر الخلاف في مسائل الخصائص خبط لا فائدة فيه، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس الحاجة إليه، وإنما يجري الخلاف فيما لا نجد بداً من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص، وما لا نص فيه فالخلاف فيه هجوم على الغيب من غير فائدة.
وقال الشيخ أبو زكريا النووي: الصواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيداً إذ لم يمنع منه إجماع، وربما رأى

(1/279)


جاهل بعض الخصائص ثابتاً في الصحيح فيعمل به أخذاً بأصل التأسي، فوجب بيانها لتعرف، فلا يشاركه فيها، وأي فائدة أعظم من هذه؟ ! وأما ما يقع في أثناء الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم فقليل جداً لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتدرب ومعرفة الأدلة.
وأما جمهور الأصحاب فلم يعرجوا على ما ذكره ابي خيران وإمام الحرمين، بل ذكروا ذلك مستقصى لزيادة العلم، لا سيما الإمام أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن القاص الطبري صاحب كتاب التلخيص.
وقد رتب الحافظ أبو بكر البيهقي على كلامه في ذلك سننه الكبير، ولكن فرع كثيراً من ذلك على أحاديث فيها نظر، سأذكرها إن شاء الله تعالى.
وقد رتبوا الكلام فيها على أربعة أنحاء:
الأول: ما وجب عليه دون غيره.
الثاني: ما حرم عليه دون غيره.
الثالث: ما أبيح له دون غيره
الرابع: ما اختص به من الفضائل دون غيره.

(1/280)


فذكروا في كل منها أحكام النكاح وغيرها، وقد رأيت أن أرتبها على نوع آخر أقرب تناولاً مما ذكروا إن شاء الله تعالى، فأقول وبالله التوفيق:
الخصائص على قسمين:
أحدهما: ما اختص به عن سائر إخوانه من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
الثاني: ما اختص به من الأحكام دون أمته.

القسم الأول ـ ما اختص به دون غيره من الأنبياء ـ
أما القسم الأول: ففي الصحيحين «عن جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» .
فقوله صلى الله عليه وسلم: «نصرت بالرعب مسيرة شهر» ، قيل: كان إذا هم بغزو قوم أرهبوا منه قبل أن يقدم عليهم بشهر، ولم يكن هذا لأحد سواه.
وما روي في صحيح مسلم في قصة نزول عيسى عليه الصلاة والسلام إلى الأرض، وأنه

(1/281)


لا يدرك نفسه كافراً إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي بصره، فإن كان ذلك صفة له لم تزل من قبل أن يرفع: فليست نظير هذا، وإلا فهو بعد نزوله إلى الأرض أحد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يعني أنه يحكم بشرعه ولا يوحي إليه، بخلافها.
والله تعالى أعلم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» فمعنى ذلك في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده: «إن من كان قبلنا كانوا لا يصلون في مساكنهم، وإنما كانوا يصلون في كنائسهم» .
وقوله [وطهوراً] يعني به التيمم، فإنه لم يكن في أمة قبلنا، وإنما شرع له صلى الله عليه وسلم ولأمته توسعة ورحمة وتخفيفاً.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وأحلت لي الغنائم» ، فكان من قبله إذا غنموا شيئاً أخرجوا منه قسماً فوضعوه ناحية، فتنزل نار من السماء فتحرقه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وأعطيت الشفاعة» يريد بذلك صلوات الله وسلامه عليه المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، والمقام الذي يرغب إليه الخلق كلهم ليشفع لهم إلى ربهم، ليفصل بينهم ويريحهم من مقام المحشر، وهي الشفاعة التي يحيد عنها أولو العزم، لما خصه الله به من الفضل والتشريف، فيذهب إلى الجنة قبل الأنبياء، وقول الخازن له: بك أمرت، لا أفتح لأحد

(1/282)


قبلك.
وهذه خصوصية أيضاً ليست إلا له من البشر كافة، فيدخل الجنة فيشفع إلى الله تعالى في ذلك كما جاء في الأحاديث الصحاح، وهذه هي الشفاعة الأولى التي يختص بها دون غيره من الرسل.
ثم تكون له بعدها شفاعات في إنقاذ من شاء الله من أهل الكبائر من النار من أمته، ولكن الرسل يشاركونه في هذه الشفاعة، فيشفعون في عصاة أممهم، وكذلك الملائكة، بل والمؤمنين كما في الصحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعد فيقول الله تعالى [شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين] وذكر الحديث.
وقد استقصى هذه الشفاعات الإمام أبو بكر بن خزيمة في آخر كتاب التوحيد.
وكذلك أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة له، وكذلك هي مبسوطة بسطاً حسناً في حديث الصور الذي رواه الطبراني في المطولات، وأبو موسى

(1/283)


المدني الأصبهاني، وغيرهما ممن صنف في صنف في المطولات.
وقد جمع الوليد بن مسلم عليه مجلداً، وقد أفردت إسناده في جزء، فأما رواية أصحاب الكتب الستة كالصحيحين وغيرها، فإنه كثيراً ما يقع عندهم اختصار في الحديث أو تقديم وتأخير، ويظهر ذلك لمن تأمله، والله أعلم.
ثم رأيت في صحيح البخاري شيئاً من ذكر الشفاعة العظمى، فإنه قال في كتاب الزكاة [باب من سأل الناس تكثراً] : «حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم.
وقال: إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك، استغاثوا بآدم ثم موسى ثم بمحمد» .
وزاد عبد الله بن يوسف «حدثني الليث عن أبي جعفر: فيشفع ليقضى بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً، يحمده أهل الجمع كلهم» .
فهذه هي الشفاعة العظمى التي يمتاز بها عن جميع الرسل أولي العزم، بعد أن يسأل كل واحد منهم أن يقوم فيها، فيقول: لست هناكم، اذهبوا إلى فلان، فلا يزال الناس من رسول إلى رسول حتى ينتهوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع في أهل الموقف كلهم عند الله تعالى، ليفصل بينهم، ويريح بعضهم من بعض.

(1/284)


ثم له بعد ذلك شفاعات أربع أخر، منها في إنقاذ خلق ممن أدخل النار.
ثم هو أول شفيع في الجنة، كما رواه الإمام أحمد في مسنده، «عن المختار بن فلفل عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول شافع في الجنة» .
وهو شفيع في رفع درجات بعض أهل الجنة، وهذه الشفاعة اتفق عليها أهل السنة والمعتزلة ودليلها: ما في صحيح البخاري من رواية «أبي موسى أن عمه أبا عامر لما قتل بأوطاس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك» .
«وقال عليه الصلاة والسلام لما مات أبو سلمة بن عبد الأسد: اللهم ارفع درجته» .
وسنفرد إن شاء الله تعالى في الشفاعة جزءاً لبيان أقسامها وتعدادها وأدلة ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» ، فمعناه في الكتاب العزيز، وهو قوله عز وجل: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} ، وقوله تعالى: {وإن من أمة إلا خلا

(1/285)


فيها نذير} ، فكان النبي ممن كان قبلنا لا يكلف من أداء الرسالة إلا ما يدعو به قومه إلى الله، وأما محمد صلوات الله وسلامه عليه فقال الله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} وقال تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ} وقال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} وقال تعالى: {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد} .
وفي آي كثير من القرآن تدل على عموم رسالته إلى الثقلين، فأمره الله تعالى أن ينذر جميع خلقه إنسهم وجنهم، وعربهم وعجمهم، فقام صلوات الله وسلامه عليه بما أمر، وبلغ عن الله رسالته.
ومن خصائصه على إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين أنه: أكملهم، وسيدهم، وخطيبهم، وإمامهم، وخاتمهم، وليس نبي إلا وقد أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمر أن يأخذ على أمته الميثاق بذلك، قال الله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} يقول تعالى: مهما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول بعد هذا كله فعليكم الإيمان به ونصرته.
وإذا كان هذا الميثاق شاملاً لكل منهم تضمن أخذه لمحمد صلى الله عليه وسلم من جميعهم، وهذه خصوصية ليست لأحد منهم سواه.

(1/286)


ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم ولد مسروراً مختوناً كما وردفي الحديث الذي جاء من طرق عديدة لكنها غريبة وقد قيل إنه شاركه فيها غيره من الأنبياء كما ذكره أبو الفرج الجوزي في كتاب تلقيح الفهوم.
ومن ذلك أن معجزة كل نبي انقضت معه ومعجزته صلى الله عليه وسلم باقية بعده إلى ما شاء الله، وهو القرآن العزيز المعجز لفظه ومعناه، الذي تحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثله، فعجزوا، ولن يمكنهم ذلك أبداً إلى يوم القيامة.
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أسري به إلى سدرة المنتهى، ثم رجع إلى منزله في ليلة واحدة، وهذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم، إلا أن يكون في الحديث من قوله بحيث يقول جبريل للبراق حين جمح لما أراد صلى الله عليه وسلم أن يركبه: [اسكن فو الله ما ركبك خير منه] ، وكذا قوله في الحديث: «فربطت الدابة في الحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء» ، ما يدل على أنه قد كان يسرى بهم، إلا أننا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم لن يشاركه أحد منه في المبالغة في التقريب والدنو منه، للتعظيم، ولهذا كانت منزلته في الجنة أعلاها منزلة وأقربها إلى العرش كما جاء في الحديث: «ثم سلوا الله

(1/287)


لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لاتنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو» صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك أن أمته إذا اجتمعت على قول واحد في الأحكام الشرعية، كان قولها ذلك معصوماً من الخطأ، بل يكون اتفاقها ذلك صواباً وحقاً كما قرر ذلك في كتب الأصول، وهذه خصوصية لهم بسببه لم تبلغنا عن أمة من الأمم قبلها.
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض.
ومن ذلك أنه عليه الصلاة والسلام إذا صعق الناس يوم القيامة يكون هو أولهم إفاقة، كما أخرجاه في الصحيحين «من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة اليهودي لما قال: لا والذي اصطفى موسى على العالمين، فلطمه رجل من المسلمين، وترافعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا تفضلوني على موسى فإن الناس يسعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فأجدوا موسى باطشاً بقائمة العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله» وفي رواية: أم جوزي بصعقة الطور.
وقد حمل بعض من تكلم على هذا الحديث هذه الإفاقة على القيام من القبر.
وغيره في ذلك ما وقع روايات البخاري «من حديث يحيى ابن عمرو المديني عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1/288)


لا تخيروني على الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان ممن صعق أم جوزي بصعقته الأولى» .
وهذا اللفظ مشكل، والمحفوظ رواية البخاري «عن يحيى بن قزعة، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة وعبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكر قصة اليهودي إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق، فأجدوا موسى..» وذكر الحديث فهذا نص صريح لا يحتمل تأويلاً: أن هذه الإفاقة عن صعق لا عن موت، وهذا حقيقة الإفاقة، ثم من تأمل قوله: «فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور» جزم بهذا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ومن ذلك أنه صاحب اللواء الأعظم يوم القيامة، ويبعث هو وأمته على نشز من الأرض دون سائر الأمم، يأذن الله له ولهم بالسجود في المحشر دون سائر الأمم، كما رواه ابن ماجه «عن جبارة بن المغلس الحماني: حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة، أذن لأمة محمد في السجود، فيسجدون له طويلاً، ثم يقال: ارفعوا رؤوسكم فقد جعلنا عدتكم فداءكم من النار» .
وجبارة

(1/289)


ضعيف.
وقد صح من غير وجه أنهم أول الأمم يقضى بينهم يوم القيامة.
ومن ذلك أنه صاحب الحوض المورود، وقد روى الترمذي وغيره: أن لكل نبي حوضاً.
ولكن نعلم أن حوضه صلى الله عليه وسلم أعظم الحياض وأكثرها وارداً.
ومن ذلك أن البلد الذي بعث فيه أشرف بقاع الأرض، ثم مهاجره على قول الجمهور، وقيل: إن مهاجره أفضل البقاع كما هو مأثور عن مالك بن أنس رحمه الله وجمهور أصحابه.
وقد حكى ذلك عياض السبتي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه والله أعلم، ونقل الإتفاق على أن قبره الذي ضم جسده بعد موته أفضل بقاع الأرض.
وقد سبقه إلى حكاية هذا الإجماع القاضي أبو الوليد الباجي وابن بطال وغيرهما، وأصل ذلك ما روي أنه لما مات صلى الله عليه وسلم اختلفوا في موضع دفنه فقيل بالبقيع، وقيل بمكة، وقيل ببيت المقدس، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن الله لم يقبضه إلا في أحب البقاع إليه.
وذكره عبد الصمد بن عساكر في كتاب تحفة الزائر.
ولم أره بإسناد.

(1/290)


ومن ذلك أنه لم يكن ليورث بعد موته «كما رواه أبو بكر وأبو هريرة رضي الله عنهما، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا نورث ما تركنا فهو صدقة» .
أخرجاه من الوجهين ولكن روى الترمذي بإسناد جيد في غير الجامع «عن أبي بكر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: نحن معشر الأنبياء لا نورث» فعلى هذا يكونون قد اشتركوا في هذه الصفة دون بقية المكلفين.
فصل:
ومما يشترك فيه هو والأنبياء أنه صلى الله عليه وسلم كان تنام عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء.
وجاء في الصحيح: «تراصوا في الصف فإني أراكم من وراء ظهري» فحمله كثير على ظاهره، والله أعلم، وقال أبو نصر بن الصباغ: كان ينظر من ورائه كما ينظر من قدامه، ومعنى ذلك التحفظ والحس وجاء في حديث رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده «عن أنس مرفوعاً: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون» .

(1/291)