المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي

وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامر بن الْأسود الطَّائِي

قَالَ ابْن سعد وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعامر بن الْأسود بن عَامر بن جُوَيْن الطَّائِي إِن لَهُ ولقومه طىء مَا أَسْلمُوا عَلَيْهِ من بِلَادهمْ ومياههم مَا أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وفارقوا الْمُشْركين وَكتب الْمُغيرَة

(2/277)


حرف الْفَاء

وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرْوَة الجذامي

روى ابْن الْجَوْزِيّ عَن زامل بن عَمْرو الجذامي قَالَ كَانَ فَرْوَة بن عَمْرو بن النافرة الجذامي ثمَّ النفاثي عَاملا فِي الرّوم فَأسلم وَكتب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَامِهِ وَبعث بِهِ مَعَ رجل من قومه وَبعث إِلَيْهِ ببغلة بَيْضَاء وَفرس وحمار وأثواب وقباء سندس مخوص بِالذَّهَب فَكتب إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى فَرْوَة بن عَمْرو أما بعد فقد قدم علينا رَسُولك وَبلغ مَا أرْسلت بِهِ وَخبر عَمَّا قبلكُمْ وأتانا بِإِسْلَامِك وَإِن الله هداك بهداه

(2/278)


وَأمر بِلَالًا فَأعْطى رَسُوله اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونشا قَالَ الْجَوْهَرِي النش عشرُون درهما وَهُوَ نصف أُوقِيَّة وَبلغ ملك الرّوم إِسْلَام فَرْوَة فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ ارْجع من دينك قَالَ لَا أُفَارِق دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإنَّك تعلم أَن عِيسَى قد بشر بِهِ وَلَكِنَّك تضن بملكك فحبسه ثمَّ أخرجه فَقتله وصلبه
قَالَ ابْن إِسْحَاق وَكَانَ فَرْوَة عَاملا للروم على من يليهم من الْعَرَب وَكَانَ منزله معَان بِضَم أَوله وَمَا حولهَا من أَرض الشَّام فَلَمَّا بلغ الرّوم إِسْلَامه أَجمعُوا على قَتله وصلبه فصلبوه على مَاء يُقَال لَهُ عفري بفلسطين بِكَسْر الْفَاء وَفتح اللَّام فَقَالَ
(أَلا هَل أَتَى سلمى بِأَن حَلِيلهَا ... على مَاء عفري فَوق إِحْدَى الرَّوَاحِل)
(على نَاقَة لم يضْرب الْفَحْل أمهَا ... مشذبة أطرافها بالمناجل)
فَلَمَّا قدموه ليقتلوه قَالَ
(بلغ سراة الْمُسلمين بأنني ... سلم لرَبي أعظمي ومقامي)
ثمَّ ضربوا عُنُقه وصلبوه على ذَلِك المَاء

(2/279)


حرف الْمِيم

وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنْذر بن ساوي ملك الْبَحْرين

روى صَاحب الْهدى المحمدي عَن عِكْرِمَة قَالَ وجدت هَذَا الْكتاب فِي كتب ابْن عَبَّاس بعد مَوته ففتحته فَإِذا فِيهِ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْمُنْذر بن ساوي وَكتب إِلَيْهِ كتابا يَدعُوهُ فِيهِ إِلَى الْإِسْلَام فَكتب الْمُنْذر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما بعد يَا رَسُول الله فَإِنِّي قَرَأت كتابك على أهل الْبَحْرين فَمنهمْ من أحب الْإِسْلَام وَأَعْجَبهُ وَدخل فِيهِ وَمِنْهُم من كرهه وبأرضي مجوس ويهود فأحدث إِلَيّ فِي ذَلِك أَمرك
فَكتب إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/280)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى الْمُنْذر بن ساوي سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أما بعد فَإِنِّي أذكرك الله عز وَجل فَإِنَّهُ من ينصح فَإِنَّمَا ينصح لنَفسِهِ وَإنَّهُ من يطع رُسُلِي وَيتبع أَمرهم فقد أَطَاعَنِي وَمن نصح لَهُم فقد نصح لي وَإِن رُسُلِي قد أثنوا عَلَيْك خيرا وَإِنِّي قد شفعتك فِي قَوْمك فاترك للْمُسلمين مَا أَسْلمُوا عَلَيْهِ وعفوت عَن أهل الذُّنُوب فَأقبل مِنْهُم وَإنَّك مهما تصلح فَلَنْ نعزلك عَن عَمَلك وَمن أَقَامَ على يَهُودِيَّة أَو مَجُوسِيَّة فَعَلَيهِ الْجِزْيَة
مُخَاطبَة الْعَلَاء للمنذر

قَالَ السُّهيْلي فَقَالَ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ يَا مُنْذر إِنَّك عَظِيم الْعقل فِي الدُّنْيَا فَلَا تصغرن عَن الْآخِرَة إِن هَذِه الْمَجُوسِيَّة شَرّ دين لَيْسَ فِيهَا تكرم الْعَرَب وَلَا علم أهل الْكتاب ينْكحُونَ مَا يستحيا من نِكَاحه ويأكلون مَا يتكرم عَن أكله ويعبدون فِي الدُّنْيَا نَارا تأكلهم يَوْم الْقِيَامَة وَلست بعديم عقل وَلَا رَأْي فَانْظُر هَل يَنْبَغِي لمن

(2/281)


.. أَعْلَاهُ صُورَة كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُنْذر بن ساوي من مَجْمُوعَة الوثائق السياسية للدكتور مُحَمَّد حميد الله

(2/282)


لَا يكذب أَن لَا تصدقه وَلمن لَا يخون أَن لَا تأمنه وَلمن لَا يخلف أَن لَا تثق بِهِ فَإِن كَانَ هَذَا هَكَذَا فَهُوَ هَذَا النَّبِي الْأُمِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي وَالله لَا يَسْتَطِيع ذُو عقل أَن يَقُول لَيْت مَا أَمر بِهِ نهى عَنهُ أَو مَا نهى عَنهُ أَمر بِهِ أَو ليته زَاد فِي عَفوه أَو نقص من عِقَابه إِن كل ذَلِك مِنْهُ على أُمْنِية أهل الْعقل وفكر أهل الْبَصَر فَقَالَ الْمُنْذر قد نظرت فِي هَذَا الَّذِي فِي يَدي فَوَجَدته للدنيا دون الْآخِرَة وَنظرت فِي دينكُمْ فَوَجَدته للآخرة وَالدُّنْيَا فَمَا يَمْنعنِي من قبُول دين فِيهِ أُمْنِية الْحَيَاة وراحة الْمَوْت وَلَقَد عجبت أمس مِمَّن يقبله وَعَجِبت الْيَوْم مِمَّن يردهُ وَإِن من إعظام مَا جَاءَ بِهِ أَن يعظم رَسُوله وسأنظر
قَالَ ابْن سعد وَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْصَرفه من الْجِعِرَّانَة الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْمُنْذر بن ساوي الْعَبْدي وَهُوَ بِالْبَحْرَيْنِ يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام وَكتب إِلَيْهِ كتابا فَكتب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْلَامِهِ وتصديقه وَإِنِّي قد قَرَأت كتابك على أهل هجر فَمنهمْ من أحب الْإِسْلَام وَأَعْجَبهُ وَدخل فِيهِ وَمِنْهُم من كرهه وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مجوس هجر يعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام فَإِن أَبَوا أخذت مِنْهُم الْجِزْيَة

(2/283)


وَبِأَن لَا تنْكح نِسَاؤُهُم وَلَا تُؤْكَل ذَبَائِحهم وَكتب فَرَائض الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَالثِّمَار وَالْأَمْوَال فَقَرَأَ الْعَلَاء كِتَابه على النَّاس فَأخذ صَدَقَاتهمْ
وَكتب إِلَى الْمُنْذر بن ساوي كتابا آخر أما بعد فَإِنِّي قد بعثت إِلَيْك قدامَة وَأَبا هُرَيْرَة فادفع إِلَيْهِمَا مَا اجْتمع عنْدك من جِزْيَة أَرْضك وَالسَّلَام وَكتب أبي
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطرف بن الكاهن الْبَاهِلِيّ

هَذَا كتاب من مُحَمَّد رَسُول الله لمطرف بن الكاهن وَلمن سكن بيشه من باهلة إِن من أَحْيَا أَرضًا مواتا بَيْضَاء فِيهَا مناخ الْأَنْعَام مراح فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِم فِي كل ثَلَاثِينَ من الْبَقر فارض وَفِي كل أَرْبَعِينَ من الْغنم عتود وَفِي كل خمس من الْإِبِل ثاغية مُسِنَّة وَلَيْسَ للمصدق أَن يصدقها إِلَّا فِي مراعيها وهم آمنون بِأَمَان الله

(2/284)


الفارض المسن من الْبَقر والثاغية الشَّاة والثغاء صَوتهَا إِذا صاحت قَالَه الْجَوْهَرِي