إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع

عمرة القضية
ثم كانت عمرة القضية، وتسمى عمرة القضاء، وغزوة القضاء، وعمرة الصّلح، ويقال لها: عمرة القصاص، قال الغريابيّ: أخبرنا [ (1) ] ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله تعالى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ [ (2) ] قال: فحزنت قريش لردها [ (3) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم الحديبيّة محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام، فأدخله اللَّه مكة من العام القابل فقضى عمرته، وأقصّه [ (4) ] ما حيل بينه وبين يوم الحديبيّة.

أول الجمع للعمرة
وذلك أن ذا القعدة لما أهلّ في سنة سبع، أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم وألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبيّة، فلم يتخلف من أهلها أحد هو حي، وخرج سوى أهل الحديبيّة رجال عمّار. وكان المسلمون في عمرة القضية ألفين. وقال جماعة من العرب: واللَّه يا رسول اللَّه ما لنا زاد، وما من
__________
[ (1) ] في (خ) «نا» وهي اختصار «أخبرنا» ، كما أن «ثنا» اختصار «حدثنا» .
[ (2) ] الآية 194/ البقرة.
[ (3) ] في (خ) «بردها» .
[ (4) ] أعطاه القصاص.

(1/330)


أحد يطعمنا.
فأمر المسلمين أن ينفقوا في سبيل اللَّه، وأن يتصدقوا، وألا يكفّوا أيديهم فيهلكوا [ (1) ] . فقالوا: يا رسول اللَّه! بم نتصدق وأحدنا لا يجد شيئا؟
فقال: بما كان، ولو بشق تمرة، ولو بمشقص [ (2) ] يحمل به أحدكم في سبيل اللَّه.
فأنزل اللَّه تعالى في ذلك: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [ (3) ] يعني: ترك النفقة في سبيل اللَّه.

الهدي ومسير المسلمين
وساق عليه السلام ستين بدنة، وجعل عليها ناجية بن جندب الأسلميّ ليسير أمامه يطلب الرعي في الشجر، ومعه أربعة فتيان من أسلم. وكان أبو رهم كلثوم ابن حصين الغفاريّ ممن يسوقها ويركبها. وقلد صلّى اللَّه عليه وسلّم هديه بيده وحمل السلاح فيها البيض والدّروع، وقاد مائة فرس عليها محمد بن مسلمة، وقدّم الخيل والسلاح، واستخلف على المدينة أبا ذرّ الغفاريّ، وأحرم من باب المسجد، لأنه سلك طريق الفرع [ (4) ] ، ولولا ذلك لأهلّ من البيداء، وسار يلبّي والمسلمون معه يلبون، فلما انتهى محمد بن مسلمة بالخيل إلى مرّ الظهران [ (5) ] ، وجد بها نفرا من قريش، فسألوه عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يصبّح هذا المنزل إن شاء اللَّه.

بلوغ الخبر إلى قريش
ورأوا سلاحا كثيرا مع بشير بن سعد، فأسرعوا إلى مكة وأخبروا قريشا ففزعوا، وقالوا: واللَّه ما أحدثنا حدثا، ففيم يغزونا: محمد؟ ولما نزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مرّ [ (6) ] الظهران قدم السلاح إلى بطن يأجج [ (7) ] ، وترك معه مائتين من أصحابه، عليهم أوس بن خوليّ. وخرج مكرز بن حفص في نفر حتى لقوا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ببطن يأجج [ (7) ] ،
فقالوا: يا محمد! واللَّه ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر! تدخل بالسلاح الحرم! وقد شرطت ألا تدخل إلا بسلاح المسافر، السيوف في القرب؟ فقال: إني لا أدخل عليهم السلاح.
فعاد [مكرز] [ (8) ] إلى مكة، فخرجت قريش إلى رءوس الجبال، وقالوا: لا ننظر إليه ولا إلى أصحابه.
__________
[ (1) ] في (خ) «فهلكوا» .
[ (2) ] المشقص: السهم العريض.
[ (3) ] 195/ البقرة.
[ (4) ] في (خ) «الفروع» .
[ (5) ] في (خ) «من الظهران» .
[ (6) ] في (خ) «من الظهران» .
[ (7) ] في (خ) «ياحج» .
[ (8) ] زيادة للإيضاح.

(1/331)


دخول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مكة
وحبس الهدي بذي طوى، ودخل عليه السلام مكة من الثنيّة [ (1) ] التي تطلع على الحجون، وقد ركب القصواء، وأصحابه حوله متوشحو السيوف يلبّون، وعبد اللَّه بن رواحة آخذ بزمام راحلته، فلم يزل عليه السلام يلبي حتى استلم الركن. وقيل: لم يقطع التلبية حتى جاء عروش مكة.

طواف المسلمين بالكعبة
وتحدثت قريش أن المسلمين في جهد، ووقفت منهم جماعات عند دار الندوة،
فاضطبع [ (2) ] عليه السلام بردائه، وأخرج عضده اليمنى، ثم قال: رحم اللَّه امرأ أراهم اليوم قوة!
فلما انتهى إلى البيت- وهو على راحلته، وابن رواحة آخذ بزمامها، وقد صف له المسلمون- دنا من الركن فاستلمه بمحجنه [ (3) ] وهو مضطبع بثوبه، وهرول هو والمسلمون في الثلاثة الأشواط الأول، وكان ابن رواحة يرتجز [ (4) ] في طوافه، وهو آخذ بزمام الناقة،
فقال عليه السلام: إيها [ (5) ] يا بن رواحة! قل: لا إله إلا اللَّه وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده! فقالها الناس.
فلما قضى طوافه خرج [ (6) ] إلى الصفا فسعى على راحلته، والمسلمون يسترونه من أهل مكة أن يرميه أحد منهم أو يصيبه بشيء.

نحر الهدي عند المروة
ووقف عند فراغه قريبا من المروة- وقد وقف الهدي عندها- فقال: هذا المنحر، وكل فجاج مكة منحر. ونحر عند المروة.
وكان قد اعتمر معه قوم لم يشهدوا الحديبيّة فلم ينحروا، وشركه في الهدي من شهد الحديبيّة، فمن وجد بدنة من الإبل نحرها، ومن لم يجد بدنة رخّص له في البقرة، وكان قد قدم رجل ببقر فاشتراه الناس منه. وحلق عليه السلام عند المروة، حلقه معمر بن عبد اللَّه
__________
[ (1) ] في (خ) «البنية» .
[ (2) ] الاضطباع: هو أن يدخل الطائف بالبيت رداءه من تحت إبطه الأيمن ويغطى به الأيسر من جهتي صدره وظهره.
[ (3) ] المحجن: عصا معقّفة الرأس.
[ (4) ] ارتجز: ترنم بالرّجز من الشعر.
[ (5) ] إيه طلب الاستزادة من الكلام إيها: طلب السكوت.
[ (6) ] في (خ) «وخرج» .

(1/332)


العدويّ.

دخول رسول اللَّه الكعبة
ثم دخل البيت، ولم يزل فيه حتى أذن بلال بالظهر فوق ظهر الكعبة، فقال عكرمة بن أبي جهل: لقد أكرم اللَّه أبا الحكم! لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول!! وقال صفوان بن أميّة: الحمد للَّه الّذي أذهب أبي قبل أن يرى هذا! وقال خالد ابن أسيد: الحمد للَّه الّذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم، حين يقوم ابن أم بلال ينهق فوق الكعبة!! وغطى سهيل بن عمرو ورجال معه وجوههم حين سمعوا.
وقيل: لم يدخل عليه السلام الكعبة، بل أرسل إليهم فأبوا، وقالوا: لم يكن في شرطك! فأمر بلالا فأذّن فوق الكعبة مرّة ولم يعد بعد، وهو الثبت.

زواجه صلّى اللَّه عليه وسلّم ميمونة رضي اللَّه عنها
وخطب ميمونة، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب، فتزوجها وهو محرم، وقيل: تزوجها لما أحل.
وكلم عليّ بن أبي طالب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في عمارة بنت حمزة- وكانت مع أمها سلمى بنت عميس بمكة- فقال: علام نترك بنت عمنا يتيمة بين ظهراني المشركين!
فخرج بها، حتى إذا دنوا من المدينة، أراد زيد ابن حارثة- وكان وصيّ حمزة وأخاه إخوة المهاجرين- أن يأخذها من عليّ، وقال: أنا أحق بها، ابنة أخي! فقال جعفر بن أبي طالب: الخالة والدة، وأنا أحق بها لمكان خالتها عندي، أسماء بنت عميس [ (1) ] .
فقال عليّ رضوان اللَّه عليه: ألا أراكم في ابنة عمي، وأنا أخرجتها [ (2) ] من بين أظهر المشركين، وليس لكم إليها نسب دوني، وأنا أحق بها منكم. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أحكم بينكم: أما أنت يا زيد فمولى اللَّه ورسوله، وأما أنت يا عليّ فأخي وصاحبي، وأما أنت يا جعفر فتشبه خلقي وخلقي، وأنت يا جعفر أولى بها، تحتك [ (3) ] خالتها، ولا تنكح المرأة على خالتها ولا عمتها. فقضى بها لجعفر، فقام جعفر فحجل حول النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال:
ما هذا يا جعفر؟ قال: يا رسول اللَّه، كان النجاشيّ إذا أرضى أحدا قام فحجل حوله. فقال علي رضي اللَّه عنه: تزوجها يا رسول اللَّه! قال: هي ابنة أخي من
__________
[ (1) ] في (خ) «عميش» .
[ (2) ] في (خ) «أخرجها» .
[ (3) ] في (خ) «تحبك» .

(1/333)


الرضاعة.

طلب قريش خروج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من مكة
ولما كان عند الظهر يوم الرابع، أتى سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم- في مجلس الأنصار، وهو يتحدث مع سعد بن عبادة- فقال:
قد انقضى أجلك، فاخرج عنا.
فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم [ (1) ] : وما عليكم لو تركتموني فأعرست [ (2) ] بين أظهركم، وصنعت طعاما؟ فقالا: لا حاجة لنا في طعامك،
اخرج عنا، ننشدك [ (3) ] اللَّه والعهد الّذي بيننا وبينك إلا خرجت من أرضنا! فهذه الثلاث قد مضت! فغضب سعد بن عبادة وقال لسهيل [بن عمرو] [ (4) ] كذبت لا أم لك! ليست بأرضك ولا أرض أبيك، واللَّه لا يبرح منها إلا طائعا راضيا!
فتبسم صلّى اللَّه عليه وسلّم ثم قال: يا سعد، لا تؤذ قوما زارونا في رحالنا.
فأسكت الرجلان [ (4) ] عن سعد. وروي أنهم بعثوا عليا إلى النبي عليه السلام ليخرج عن بلدهم.

الرحيل والبناء بميمونة
وأمر عليه السلام أبا رافع بالرحيل، وقال: لا يمسينّ بها أحد من المسلمين.
وركب حتى نزل سرف، وخلّف أبا رافع ليحمل إليه ميمونة حين يمسى، فخرج بها مساء، ولقي عنتا [ (5) ] من سفهاء المشركين. فبنى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم على ميمونة بسرف.

منزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
ولم ينزل بمكة بيتا، وإنما ضربت له قبة من أدم بالأبطح، وكان هناك حتى سار منها. وبعث بمائتي رجل ممن طافوا بالبيت إلى بطن يأجج [ (6) ] ، فأقاموا عند السلاح حتى أتى الآخرون فقضوا نسكهم، وقدم المدينة في ذي الحجة.
__________
[ (1) ] زيادة للإيضاح.
[ (2) ] بزواج ميمونة رضي اللَّه عنها.
[ (3) ] ننشدك اللَّه: نستحلفك باللَّه.
[ (4) ] أسكت الرجل: سكت سكوتا طويلا على غضب.
[ (5) ] في (خ) «عينا» .
[ (6) ] في (خ) «ياجح» .

(1/334)


سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم
وكانت سرية ابن أبي العوجاء السّلمي إلى بني سليم، في ذي الحجة سنة سبع.
بعثه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في خمسين رجلا إلى بني سليم، وقد أنذروا به فجمعوا [ (1) ] له، فقاتلوا حتى قتل عامة أصحاب ابن أبي العوجاء، وأثخنوه بالجراح، ثم تحامل إلى المدينة فقدمها أول يوم من صفر.

إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن أبي طلحة
وفي صفر سنة ثمان، خرج عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيّ القرشي السهمي من مكة- بعد مرجعه من الحبشة- يريد المدينة، فهاجر، فوجد في طريقه خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر [ (2) ] بن مخزوم القرشي المخزوميّ، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبد اللَّه بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدريّ، وقد قصدا قصده، فقدموا المدينة، ودخلوا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: فبايعه خالد أولا، ثم بايعه عثمان، ثم عمرو على الإسلام،
فقال عليه السلام: إن الإسلام يجب [ (3) ] ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها.

سرية غالب بن عبد اللَّه إلى الكديد
وفي صفر هذا كانت سرية غالب بن عبد اللَّه بن [مسعر بن جعفر بن] [ (4) ] كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكير [ (5) ] بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان الكنانيّ ثم الليثي- إلى الكديد لغير على بني الملوح من بني ليث، في ربيع الأول منها. فخرج في بضعة عشر رجلا حتى [إذا] [ (6) ] كان بقديد لقي الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ [ (7) ] بن جابر بن عبد مناف بن شجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة
__________
[ (1) ] في (خ) «وجمعوا له» .
[ (2) ] في (خ) «عمرو» .
[ (3) ] يمحو ما كان قبله من المعاصي والذنوب.
[ (4) ] هكذا سياق النسب.
[ (5) ] في (خ) «بكر» .
[ (6) ] زيادة للسياق.
[ (7) ] في (خ) «عوف» .

(1/335)


ابن كنانة، [وكان يقال لمالك بن قيس: ابن البرصاء] فأخذه فشده وثاقا، [البرصاء هي أم قيس بن عوذ [ (1) ] ، واسمها: ريطة بنت ربيعة بن رباح بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر] ، وخلف عليه سويد بن صخر. وأتى الكديد عند غروب الشمس، فكمن في ناحية الوادي، وبعث جندب بن مكيث الجهنيّ ربيئة، فأتى تلا مشرفا على الحاضر [ (2) ] فعلاه وانبطح، فخرج رجل من خباء فقال [لامرأته] [ (3) ] : إني أرى على هذا التل سوادا ما رأيته عليه [أول يومي هذا] [ (3) ] .
ورماه بسهم ثم آخر، فما أخطأه، وثبت مكانه، فقال: لو كان زائلة [ (4) ] لقد تحرك بعد! لقد خالطه سهماي!! ثم دخل خباءه. وراحت ماشية الحي من إبلهم وأغنامهم، فحلبوا وعطنوا، حتى إذا اطمأنوا شن المسلمون عليهم الغارة، فقتلوا المقاتلة، وسبوا/ الذرية، واستاقوا النعم والشاء. وكان شعارهم: أمت أمت. ثم انحدروا بها نحو المدينة، واحتملوا ابن البرصاء معهم، فجاء القوم بما لا قبل لهم به، وبينهم وبين الوادي، فجاء اللَّه بالسيل حتى ملأ جنبتيه [ (5) ] ، ولم يستطع أحد أن يجوزه، فوقف المشركون ينظرون إليهم، حتى فاتوهم ولا يقدرون على طلبهم، إلى أن قدموا المدينة. فبعثه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في مائتي رجل إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد، وذلك في صفر سنة ثمان كما تقدم.

سرية كعب بن عمير إلى ذات أطلاح
ثم كانت سرية كعب بن عمير الغفاريّ إلى ذات أطلاح من أرض الشأم، وراء وادي القرى، في خمسة عشر رجلا، فقاتلهم حتى قتلوا، وأفلت منهم رجل جريح، فتحامل حتى أتى المدينة فشقّ ذلك على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.

سرية شجاع بن وهب إلى السيّ
وكانت سرية شجاع بن وهب [الأسدي] [ (6) ] إلى السّيّ- وهو ماء من
__________
[ (1) ] في (خ) «عوف» .
[ (2) ] الحاضر: الحي الّذي يسكنه القوم.
[ (3) ] زيادة من (ابن سعد) ج 2 ص 124.
[ (4) ] في (خ) «ذابلا» وفي رواية المسند ج 3 ص 468 «لو كان دابة» وفي (ابن سعد) «ربيئة» وكلها بمعنى.
[ (5) ] جنبة الوادي: ناحيته وشاطئه.
[ (6) ] زيادة للبيان.

(1/336)


ذات عرق إلى وجرة، على ثلاث مراحل من مكة إلى البصرة، وخمس من المدينة- يريد بني عامر بناحية ركبة في ربيع الأول أيضا، على أربعة وعشرين رجلا. فخرج حتى أغار على القوم وهم غارّون فأصابوا نعما وشاء، وقدموا المدينة. وكانت سهمانهم خمسة عشر بعيرا كلّ رجل، وعدلوا البعير بعشرة من الغنم. وغابوا خمس عشرة ليلة، وقدموا بسبايا، فيهن جارية وضيئة. فقدم وفدهم مسلمين، فردوهنّ إليهم، واختارت الجارية الوضيئة شجاع بن وهب، وكان قد أخذها بثمن، فأقامت عنده حتى قتل باليمامة.

سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بتبالة
ثم بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلا إلى حيّ ابن خثعم بناحية تبالة. فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، فوجد رجلا فسأله فلم يجبه عن القوم، وجعل يصيح بالحاضر، فضرب عنقه، وشنّ الغارة ليلا فقاتله القوم قتالا شديدا حتى أتى قطبة عليهم، وساق النّعم والشاء والنساء حتى قدم المدينة. فكانت سهامهم أربعة أبعرة لكل رجل أو عدلها: عشرة من الغنم عن كل بعير.