إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع

فصل في ذكر أسمائه صلّى اللَّه عليه وسلّم
اعلم أن لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عدة أسماء: منها ما سماه اللَّه- عزل وجل- به في القرآن الكريم، ومنها ما سمي به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم نفسه، وقد سمّي بعدة أسماء كثيرة.
فذكر الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن وهبة بن عساكر- رحمه اللَّه- عشرين اسما.
وذكر الحافظ أبو الفرح عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي- رحمه اللَّه- ثلاثة وعشرين اسما [ (2) ] وقال الحافظ أبو الخطاب عمر بن حسن بن دحية- رحمه اللَّه- ثلاثمائة اسم في كتابه (المستوفي في أسماء المصطفى) [وقال] [ (3) ] : أنه إذا فحص عن جملتها من الكتب المتقدمة والقرآن العظيم والحديث النبوي بلغت ثلاثمائة اسم.
وذكر أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الحرالّي تسعة وتسعين اسما.
وذكر القاضي أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن العربيّ المعافري في شرح جامع الترمذي عن بعض الصوفية: أن للَّه تعالى ألف اسم، وللنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم ألف اسم، عرف منها أربعة وستون اسما فذكرها.
__________
[ (1) ] آخر النسخة (ط) وهو ما يقابل السطر الثالث والعشرين من ص 179 من النسخة (خ) .
[ (2) ] (صفة الصفوة لابن الجوزي) ج 1 ص 54، 55 باب ذكر أسماء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
[ (3) ] زيادة للسياق.

(2/138)


وأشهر أسمائه صلّى اللَّه عليه وسلّم (محمد) و (أحمد) ، وهما اسمان من أسماء الأعلام التي يراد بها التمييز بين الأشخاص، وكل منهما ومن بقية أسمائه يشتمل على معنى من معاني الفضل.
ومن تأمل علم أنه ليس من أسماء الناس اسم يجمع من [معاني صفات الحمد] [ (1) ] ما يجمعه هذان الاسمان، فأحمد اسم منقول من صفة لأفعل، وتلك الصفة- أفعل- التي يراد بها التفضيل، فمعنى أحمد: أي أحمد الحامدين لربه.
والأنبياء عليهم السلام كلهم حامدون للَّه تعالى، إلا أن نبينا صلّى اللَّه عليه وسلّم أكثرهم حمدا، فيكون هو الأحق بالحمد، ومحمد هو البليغ في الحمد، فمن سمّي بهذين الاسمين فقد سمّي بأجمع الأسماء لمعاني الفضل.
يقال رجل محمد ومحمود، إذا كثرت خصاله المحمودة، ومعنى الاسمين واحد، فإنّ وصف الشخص بأنه أحق بالحمد مبالغة في حمده، والمبالغة في حمده تقدير له في الحمد على من لا يبالغ في حمده، فأحمد على هذا هو محمد، ومحمد أحمد.
وقد ذكر اللَّه جل جلاله هذين في كتابه فقال تعالى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [ (2) ] ، وقال: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ [ (3) ] ، وقال: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [ (4) ] .
وخرّج الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البخاري- رحمه اللَّه- في صحيحه من حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: قال:
قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ألا تعجبون كيف يصرف اللَّه عني شتم قريش ولعنهم؟ - يشتمون مذمما، ويلعنون مذمما، وأنا محمد [ (5) ] .
وخرّج النسائي أيضا، وذكر أبو الربيع بن سالم أنه روي عن عبد المطلب إنما سماه صلّى اللَّه عليه وسلّم محمدا لرؤيا رآها، زعموا أنه رأى في منامه سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف في السماء وطرف في الأرض، وطرف المشرق وطرف في
__________
[ (1) ] ما بين القوسين غير واضح في التصوير من النسخة (خ) ولعل ما أثبتناه هو المناسب.
[ (2) ] من الآية 29/ الفتح.
[ (3) ] من الآية 144/ آل عمران.
[ (4) ] من الآية 6/ الصف.
[ (5) ] (صحيح البخاري) ج 2 ص 270 باب ما جاء في أسماء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.

(2/139)


المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها في نور وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها فقصها. فعبّرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمدا، مع ما حدثته آمنة به [ (1) ] .
وقال أبو القاسم السهيليّ [ (2) ] : لا يعرف في العرب من تسمى بهذا الاسم قبله صلّى اللَّه عليه وسلّم إلا ثلاثة طمع آباؤهم حيث سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يبعث بالحجاز، أن يكون ولدا لهم، ذكرهم ابن فورك في كتاب الفصول، وهم: محمد ابن سفيان بن مجاشع جد [ (3) ] الفرزدق الشاعر، والآخر: محمد بن أحيحة بن الجلاح ابن الحريش بن جمحي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن مالك بن الأوس، والآخر:
محمد بن حمران بن ربيعة.
وكان آباؤهم الثلاثة قد وفدوا على بعض الملوك، وكان عنده علم من الكتاب الأول، فأخبرهم بمبعث النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وباسمه، وكان كل واحد منهم قد خلّف امرأته حاملا، فنذر كل واحد منهم: إن ولد له ذكر أن يسميه محمدا، ففعلوا ذلك.
وذكر القاضي عياض: من تسمي بمحمد في الجاهلية فبلغوا ستة، ثم قال في هذين الاسمين من عجائب خصائصه وبدائع آياته شيء آخر، هو أن اللَّه جلّ اسمه حمى أن يسمّى بهما أحد قبل زمانه، أما أحمد الّذي أتى في الكتاب وبشرت به الأنبياء. فمنع اللَّه تعالى بحكمته أن يسمّى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله، حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب، أو شك [ (4) ] .
وكذلك محمد أيضا لم يسمّ به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده صلّى اللَّه عليه وسلّم وميلاده، أن نبيا يبعث اسمه محمد، فسمّى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك، رجاء أن يكون أحدهم هو، واللَّه أعلم حيث يجعل رسالته، وهم: محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن برّاء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمران الجعفي، ومحمد
__________
[ (1) ] (الروض الأنف) ج 1 ص 182 «مع ما حدثته به أمه حين قيل لها: إنك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وضعتيه فسميه محمد» .
[ (2) ] (المرجع السابق) ج 1 ص 182.
[ (3) ] في (خ) «جد الفرزدق» وما أثبتناه من (السهيليّ) ج 1 ص 182.
[ (4) ] (الشفاء للقاضي عياض) ج 1 ص 145.

(2/140)


ابن خزاعيّ السلمي، لا سابع لهم.
ويقال: أول من سمى محمدا، محمد بن سفيان، واليمن تقول: بل محمد ابن اليحمد من الأزد، ثم حمى اللَّه كل من تسمى به أن يدّعي النبوة، أو يدعيها أحد له، أو يظهر عليه سبب يشك أحدا في أمره حتى تحققت السمتان له صلّى اللَّه عليه وسلّم ولم ينازع فيهما.
قال كاتبه. وذكر محمد بن مسلمة الأنصاري فيهم، فيه نظر من حيث أنه ولد بعد ولادة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بنحو عشر سنين، ولكنه صحيح من حيث أنه لم تكن النبوة ظهرت- واللَّه أعلم.
وذكر ابن سعد فيهم: محمد الجشمي في بني سراة، ومحمد الأسيدي، ومحمد الفقيمي.
وقال أبو العباس المبرد: فتش المفتشون فما وجدوا بعد نبينا صلّى اللَّه عليه وسلّم من اسمه أحمد قبل أبي الخليل بن أحمد.
وللبخاريّ من حديث الزهري، أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول [ (1) ] : إن لي أسماء، أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الّذي يمحو اللَّه بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الّذي ليس بعدي أحد، وقد سماه اللَّه رءوفا رحيما، ذكره البخاري في التفسير، وانتهى حديثه عند قوله: وأنا العاقب.
وذكره مسلم أيضا من حديث عقيل، قال: قلت: لابن شهاب وما العاقب؟
قال: الّذي ليس بعده نبي [ (2) ] .
ومن حديث معمر وعقيل: وأنا الماحي الّذي يمحو اللَّه بي الكفر [ (3) ] ،
وللبخاريّ من حديث مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: لي خمسة أسماء: أنا محمد وأحمد، وأنا الماحي الّذي
__________
[ (1) ]
في رواية (البخاري) ج 2 ص 220 «سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: لي أسماء» .
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 106.
[ (3) ] في (خ) «الكفرة» .

(2/141)


يمحو اللَّه بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب.
وذكره البخاري في المناقب في باب ما جاء في أسماء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: تفرد برفعه عن مالك جويرية بن أسماء، ورواه عبد اللَّه ابن وهب، وبشر بن عمرو الزهراني، ويحيى بن عبد اللَّه بن بكير المصري عن مالك مرسلا لم يذكر فيه جبيرا، ورفعه صحيح عن الزهري، فقد وصله عنه يونس ابن زيد، وشعيب بن أبي حمزة الحمصي، وسفيان بن عيينة (انتهى) .
وقد رفعه عن مالك غير جويرية بن أسماء قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر:
وقد ذكر حديث مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم أن النبي هكذا روي هذا الحديث [رواه] [ (1) ] يحيى مرسلا لم يقل عن أبيه، وتابعه على ذلك أكثر رواة الموطأ، وممن تابعه على ذلك القيعي وابن بكير، وابن وهب وابن القاسم، وعبد اللَّه بن يوسف، وابن أبي أويس، وعبد اللَّه بن مسلم الدمشقيّ، وأسنده عن مالك معن بن عيسى، ومحمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن عبد الرحيم، وابن شروس الصنعاني، وإبراهيم بن طهمان، وحبيب ومحمد بن وهب، وأبو حذافة، وعبد اللَّه بن نافع، وأبو المعتب الزهري، كل هؤلاء رواه عن مالك مسندا عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه.
وخرجه مسلم من حديث سفيان عن الزهري، سمع محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: أنا أحمد، وأنا محمد، وأن الماحي الّذي يمحي بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب، والعاقب الّذي ليس بعده نبي [ (2) ] .
وخرجه عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: إن لي أسماء: أنا أحمد وأنا محمد، وأنا الماحي الّذي يمحو اللَّه بي الكفر، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، قال: قلت للزهري: وما العاقب؟ قال: الّذي ليس بعده نبي.
وخرجه مسلم أيضا عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق، وأخرجه أيضا من
__________
[ (1) ] زيادة للسياق.
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 104.

(2/142)


حديث يونس بن يزيد عن الزهري، وقال في الحديث: وأنا العاقب الّذي ليس بعده أحد، وقد سمّاه اللَّه رءوفا رحيما [ (1) ] ،
ويحتمل أن تكون تفسير العاقب من قول محمد بن شهاب الزهري، كما بينه معمر، وقوله: وقد سماه اللَّه رءوفا رحيما، من قول الزهري، واللَّه أعلم.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: سألت سفيان- يعني ابن عيينة- عن العاقب فقال لي: آخر الأنبياء.
قال أبو عبيد: وكذلك كل شيء خلف بعد شيء فهو عاقب، وقد عقب يعقب عقبا، ولهذا قيل: ولد الرجل بعده عقبة، وكذلك آخر كل شيء عقبه.
وقوله يحشر الناس على قدمي: أي قدّامي وأمامي.
أي أنهم مجتمعون إليه، وينضمون حوله، ويكونون أمامه يوم القيامة ووراءه.
وقال الخليل بن أحمد حشرتهم السنة: إذا ضمتهم من البوادي، وهذا الحديث مطابق لقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [ (2) ] .
وقد روي: يحشر الناس على قدمي
بالإفراد مخفف الياء، وروي بتشديد الياء على التثنية [ (3) ] .
وقيل معناه أنه أول من يبعث من القبر، وكل من عداه إنما يبعثون بعده، وهو أول من يذهب به من المحشر ثم الناس في إثره.
وقيل معنى
قوله وأنا الماحي،
يعني تمحى به سيئات من اتبعه.
وخرج أبو داود الطيالسي من حديث جابر [عن] نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: أنا محمد وأنا أحمد والحاشر ونبي التوبة ونبي الملحمة.
ولمسلم من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يسمي لنا نفسه أسماء فقال:
__________
[ (1) ] المرجع السابق ص 105.
[ (2) ] من الآية 40/ الأحزاب.
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) ج 15 ص 105.

(2/143)


أنا محمد وأحمد [ (1) ] والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الملحمة [ (2) ] .
وقد روي من عدة طرق عن الليث بن سعد رحمه اللَّه قال: حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عتبة عن مسلم عن نافع بن جبير بن مطعم أنه دخل على عبد الملك بن مروان فقال له عبد الملك: أتحصي أسماء رسول اللَّه التي كان جبير بن مطعم يعدها؟ قال نعم، قال هي ستة: محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماحي، فأما حاشر: فبعث مع الساعة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، وأما عاقب، فإنه عقب الأنبياء، وأما ماحي، فإن اللَّه عزّ وجلّ محا به سيئات من اتبعه.
وذكره الحاكم في المستدرك وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد قيل إنه إنّما سمي نبي التوبة لأنه أخبر أن اللَّه يقبل التوبة من عباده إذا تابوا، وسمي نبي الملحمة لأن اللَّه فرض عليه قتل الكفار، وجعله شرعا باقيا إلى قيام الساعة، فما فتح مصرا من الأمصار إلا بالسيف أو خوفا من السيف، إلا المدينة النبويّة فإنّها فتحت بالقرآن.
وقيل معنى المقفى: المتبع للأنبياء عليهم السلام، يقال قفوته أقفوه، وقفيته أقفيه إذا اتبعته، وقافية كل شيء آخره، وقيل لأنه قفي إبراهيم عليه السلام.
وقيل المقفي لموسى وعيسى عليهما السلام، لنقل قومهما من اليهودية والنصرانية إلى الحنفية.
وقيل إنما اقتصر صلّى اللَّه عليه وسلّم على هذه الأسماء مع أن له أسماء غيرها، لأنها موجودة في الكتب المتقدمة، وعند الأمم السالفة.
وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إنما أنا رحمة مهداة، ورواه وكيع عن الأعمش عن أبي صالح منقطعا.
وروي الكلبي عن أبي صالح عن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما في قول اللَّه سبحانه: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى [ (3) ] ، يا رجل ما أنزلنا عليك
__________
[ (1) ] في (خ) «أنا محمد ومحمد وأحمد» .
[ (2) ] ونحوه (في سنن الترمذي) ج 4 ص 214 حديث رقم 2996 وفي (الشمائل المحمدية للترمذي) ص 196، 197.
[ (3) ] أول سورة طه.

(2/144)


القرآن لتشقى، وكان يقوم الليل على رجليه، فهي لعلك [ (1) ] ، إن قلت لعكيّ يا رجل، لم يلتفت، فإذا قلت له طه، التفت إليك [ (2) ] .
وقال الخليل بن أحمد: خمسة من الأنبياء ذوو اسمين: محمد وأحمد نبينا صلّى اللَّه عليه وسلّم، وعيسى والمسيح، وإسرائيل ويعقوب، ويونس وذو النون، وإلياس وذو الكفل، عليهم السلام [ (3) ] .
وقال أبو زكريا بن محمد العنبري: ولنبينا محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم خمسة أسماء في القرآن:
محمد، وأحمد، وعبد اللَّه، وطه ويس، قال اللَّه تعالى في ذكر محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وقال: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [ (4) ] وقال:
وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [ (5) ] : يعني النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة الجن كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً [ (5) ] . وإنما كانوا يقعون بعضهم على بعض كما أن اللبد تتخذ من الصوف فيوضع بعضه على بعض فيصير لبدا.
قال تعالى: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى، والقرآن إنما نزل على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم دون غيره.
وقال تعالى: يس يعني يا إنسان، والإنسان ها هنا: هو محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، وقد سماه اللَّه تعالى في القرآن الكريم رسولا ونبيا أميا، وسماه شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى اللَّه بإذنه وسراجا منيرا، وسماه رءوفا رحيما، وسماه نذيرا مبينا، وسماه مذكّرا، وجعله رحمة [للعالمين صلّى اللَّه عليه وسلّم] [ (6) ] .
وعن كعب الأحبار قال: قال اللَّه تعالى لمحمد صلّى اللَّه عليه وسلّم: عبدي المختار.
وعن سفيان بن عيينة قال: سمعت على بن زيد يقول: اجتمعوا فتذاكروا أي بيت أحسن فيما قالت العرب؟ قالوا: الّذي قال أبو طالب، للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم:
__________
[ (1) ] لعلك: قبيلة يضاف إليها مخلاف باليمن (معجم البلدان) ج 4 ص 142.
[ (2) ] وفي (تفسير الطبري) في معنى قوله تعالى: طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى: «والّذي هو أولى بالصواب عندي من الأقوال فيه قول من قال: معناه: يا رجل، لأنها كلمة معروفة في لعك فيما بلغني، وأن معناها فيهم: يا رجل» (تفسير الطبري) ج 16 ص 136.
[ (3) ] ذكره (القرطبي) في (الجامع لأحكام القرآن) ج 1 ص 281.
[ (4) ] من الآية 6/ الصف.
[ (5) ] آية 19/ الجن.
[ (6) ] ما بين القوسين مطموس في (خ) بقدر كلمتين أو ثلاثة ولعل ما أثبتناه هو المناسب.

(2/145)


وشق له من اسمه يجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
ومن أسمائه: الضحوك القتال، والأمين، والقثم، وأحيد، لأنه يحيد أمته عن نار جهنم، فهو محمد وأحمد والأمين، والأمي والحاشر والخاتم، والرسول، ورسول اللَّه والشاهد والضحوك، والعاقب والفاتح، والقتال والقثم، والماحي والمصطفى، والمتوكل والمقفي، والنبي والنذير، ونبي الرحمة، ونبي الملاحم.