إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع

 [المجلد السابع]
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم

[تتمة فصل في ذكر لباس رسول اللَّه]

وأما الخرقة التي كان يتنشف بها
فخرج ابن مندة من حديث أبى معاذ عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة رضى اللَّه عنها، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، كانت له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء [ (1) ] .
وخرجه الدار قطنى في كتاب (السنن) ، من طريق ابن وهب عبد اللَّه قال: حدثني زيد بن الحباب، عن أبى معاذ، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة، قال: كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خرقة يتنشف بها بعد وضوئه. قال الدار قطنى: أبو معاذ هو سليمان بن أرقم، وهو متروك [ (2) ] .
قال مؤلفه [رحمه اللَّه تعالى] : هو أبو معاذ، سليمان بن أرقم البصري، يروى عن الحسن وابن سيرين، وعطاء بن أبى رباح، وعمر بن عبد العزيز، وابن شهاب، ويحيى بن أبى كثير.
ويروى عنه الزهري شيخه، والثوري، ويحيى بن حمزة، وزيد بن الحباب، وخلق [كثير] .
قال أحمد: ليس بشيء، قال ابن معين: ليس بسوى، قلنا: وقال البخاري: اتركوه، وقال ابن عدىّ: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال الترمذي وجماعة: متروك.
خرّج عنه أبو داود، والترمذي، والنّسائى، وله عندهم حديث: لا نذر
__________
[ (1) ] ، (2) قال العلامة أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي: والحديث أخرجه الترمذي، وفيه أبو معاذ وهو ضعيف، وقال الترمذي بعد أن روى الحديث: ليس بالقائم، ولا يصح فيه شيء، وأخرجه الحاكم، وأخرج الترمذي من حديث معاذ: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه، قال الحافظ: وإسناده ضعيف، وفي الباب عن سليمان أخرجه ابن ماجة، قال ابن أبى حاتم: وروى عن أنس ولا يحتمل أن يكون مسندا. (التعليق المغنى على الدار قطنى) : 1/ 110- 111.

(7/3)


في معصية، وحديث: الصدقات، وحديث: كان للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم خرقة يتنشف بها. وليس له عندهم غير ذلك.
وذكره ابن بطّال في شرح البخاري، من حديث زيد بن الحباب عن ابن شهاب، ثم قال: وبه قال عثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وابن عمر، وأنس بن مالك، وابن مسعود، والحسن، والشعبي، وابن سيرين، وعلقمة، والأسود، ومسروق، وهو قول مالك، والثوري وأبى حنيفة، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق.
وكره ذلك: جابر بن عبد اللَّه، وعطاء، وابن أبى ليلى، وابن المسيّب، والنخعي، وأبو العالية، وهو قول الحسن بن حيي.
وذكره محمد بن سعد من حديث أبى عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر الحنفي، قال: أخبرت أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كانت له خرقة يتنشّف بها عند الوضوء [ (1) ] .
ويقال: إن حكيم بن حزام قدم بتلك الحلّة في هدنة الحديبيّة وهو يريد الشام في عير، فأرسل الحلة إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فأبى أن يقبلها وقال: لا أقبل هدية مشرك،
قال حكيم: فجزعت من ذلك جزعا شديدا حيث ردّ هديتي، فبعتها بسوق النبط من سائم سامني، ودسّ إليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم زيد بن حارثة فاشتراها، فرأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يلبسها بعد، وذكر بقية الخبر.
__________
[ (1) ] (طبقات ابن سعد) : 1/ 386، لكن قال ابن القيم: ولم يكن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يعتاد تنشيف أعضائه بعد الوضوء، ولا يصح عنه في ذلك حديث البتة، بل الّذي صح عنه خلافه.
وأما حديث عائشة: «كان للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء» ، وحديث معاذ بن جبل:
«رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا توضأ مسح على وجهه بطرف ثوبه» [أخرجه الترمذي: (53) ، (54) ] فضعيفان، لا يحتج بمثلهما، في الأول سليمان بن أرقم متروك، وفي الثاني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، ضعيف، قال الترمذي: ولا يصح عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم في هذا الباب شيء. (زاد المعاد) :
1/ 197.

(7/4)


وخرّج أبو داود [ (1) ] والحاكم [ (2) ] ، عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] : لقد رأيت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل. وفيه قصة [ (3) ] .
وخرّج من حديث يونس بن يزيد عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه، أنه كان يشترى [ (4) ] لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولأصحابه الحلة بألف درهم، وبألف ومائتي درهم [ (5) ] . قال هذا حديث صحيح [على شرط الشيخين ولم يخرجاه] [ (6) ] .
وعن عمارة بن زاذان، عن ثابت عن أنس بن مالك رضى اللَّه عنه أن ملك ذي يزن أهدى للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم حلّة اشتريت بثلاثة وثلاثين بعيرا وناقة، فلبسها النبي صلى اللَّه عليه وسلم مرة. قال هذا حديث صحيح الإسناد [ (7) ] [ولم يخرجاه] [ (8) ] .
ولابن حيّان [ (9) ] من حديث قتادة، عن على بن زيد، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن الحارث، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم اشترى حلة بسبع وعشرين ناقة ولبسها.
__________
[ (1) ] (عون المعبود) : 11/ 84، كتاب اللباس، باب (20) في الرخصة في ذلك [أي في الحمرة] ، حديث رقم (4066) ولفظه: « ... ورأيته في حلة حمراء لم أر شيئا قط أحسن منه» صلى اللَّه عليه وسلم.
[ (2) ] (المستدرك) : 2/ 164، حديث رقم (2656) ، وقال في آخره: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال عنه الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط مسلم.
[ (3) ] ذكرها أبو أحمد الحاكم في (المرجع السابق) : 2/ 164- 165، قال محققه: وهي قصة طويلة أمسكنا عن ذكرها لطولها.
[ (4) ] كذا في (خ) ، وفي (المستدرك) : «يستحيك» .
[ (5) ] (المستدرك) : 4/ 207، حديث رقم (7385) ، وقال عنه الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (6) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (7) ] (المستدرك) : 4/ 2208 حديث رقم (7386) ، وقال عنه الحافظ الذهبي في (التلخيص) :
صحيح.
[ (8) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (9) ] هو أبو محمد، عبد اللَّه بن جعفر بن حيّان، المعروف بأبي الشيخ، توفى في المحرم سنة (369 هـ) .

(7/5)


وأما الحبرة
[فخرج] البخاري من حديث همام عن قتادة عن أنس، وخرّج مسلم عن هشام، أخبرنا قتادة قال: قلنا لأنس بن مالك: أي اللباس كان أحبّ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أو أعجب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: الحبرة [ (1) ] .
ولفظ البخاري: قال: قلت له: أي الثياب كان أحب إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن يلبسها؟ قال: الحبرة [ (2) ] .
وخرّجاه عن هشام عن قتادة عن أنس قال: كان أحب الثياب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن يلبسها الحبرة. لم يقل مسلم: أن يلبسها.
وللبخاريّ من حديث الزهري، أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أن عائشة رضى اللَّه عنها أخبرته أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين توفّي سجّى ببرد حبرة. وذكره في كتاب اللباس [ (3) ] .
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 300، كتاب اللباس، باب (5) ، فضل ثياب الحبرة، حديث رقم (32) ، (33) من أحاديث الباب. والحبرة: بكسر الحاء وفتح الباء، وهي ثياب من كتان أو قطن محبرة أي مزينة، والتحبير: التزيين والتحسين، يقال: ثوب حبرة على الوصف، وثوب حبرة على الإضافة، وهو أكثر استعمالا، والحبرة مفرد، والجمع حبر وحبرات، كعنبة وعنبات، ويقال: ثوب حبير على الوصف، فيه دليل لاستحباب لباس الحبرة، وجواز لباس المخطط وهو مجمع عليه، واللَّه تعالى أعلم. (المرجع السابق) .
[ (2) ] (فتح الباري) : 10/ 339، كتاب اللباس، باب (18) ، البرود والحبر والشملة، حديث رقم (5812) ، (5813) .
[ (3) ] (فتح الباري) : 10/ 339، كتاب اللباس، باب (18) ، البرود والحبر والشملة، حديث رقم (5814) .

(7/6)


وخرجه مسلم ولفظه: سجى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين مات بثوب حبرة [ (1) ] .
وخرّجه النسائي أيضا [ (2) ] .
وروى سعيد بن السكن، حدثنا ابن أبى داود، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي، أخبرنا سعيد بن الصّلت، أخبرنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده على بن الحسين، عن ابن عباس قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يلبس في العيدين بردي حبرة [ (3) ] .
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 7/ 13، كتاب الجنائز، باب (14) ، في تسجية الميت، حديث رقم (942) .
[ (2) ] وخرجه أيضا أبو داود في (السنن) ، 3/ 489، كتاب الجنائز، باب (23) ، في الميت يسجى، حديث رقم (3120) .
[ (3) ] (الدر المنثور) : 3/ 79.

(7/7)


وأما المرط
المرط: كساء من خزّ أو صوف أو كتان، وقيل: هو الثوب الأخضر وجمعه مروط وأمراط، وقيل: هو كساء يؤتز ربه، وقيل: لا يكون المرط إلا ذراعا ولا يلبسه إلا النساء، ولا يكون إلا أخضر، والأول أصحّ، وهو بكسر الميم وإسكان الراء، وقيل: المرط: كساء صوف ومربع سداه شعر [ (1) ] .
خرّج مسلم [ (2) ] وأبو داود [ (3) ] والترمذي [ (4) ] ، من حديث مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: خرج النبي صلى اللَّه عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود. لم يقل أبو داود: ذات غداة، ولم يقل الترمذي فيه: مرحّل، والمرحّل بالحاء المهملة المشدّدة المفتوحة: الموشى بمثل صور الرحال، والمرجّل بالجيم: الموشى بمثل صور الرجال، والمرويّ في هذا الحديث بالحاء المهملة [ (5) ] .
ولأحمد من حديث سفيان عن طلحة بن يحيى، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن عائشة قالت: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلى وعليه مرط وعليّ بعضه [ (6) ] .
__________
[ (1) ] (لسان العرب) : 7/ 401.
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) : 15/ 203- 204، كتاب فضائل الصحابة، باب (9) فضائل أهل بيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (2424) .
[ (3) ] (سنن أبى داود) : 4/ 315، كتاب اللباس، باب (6) في لبس الصوف والشعر، حديث رقم (4032) .
[ (4) ] (سنن الترمذي) : 5/ 110- 111، كتاب الأدب، باب (49) ما جاء في الثوب الأسود، حديث رقم (2813) ، وقال في آخره: هذا حديث حسن غريب صحيح.
[ (5) ] الرحال: جمع رحل.
[ (6) ] (مسند أحمد) : 7/ 233، حديث رقم (24767) .

(7/8)


وأما المصبوغ بالزعفران
فخرج الحاكم وغيره من حديث مصعب بن عبد اللَّه الزبيري، حدثني أبى عبد اللَّه بن مصعب، عن إسماعيل بن عبد اللَّه بن جعفر، عن أبيه قال:
رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران، رداء وعمامة [ (1) ] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح.
وروى قاسم بن أصبغ من حديث القعنبي أخبرنا عبد اللَّه بن زيد أسلم عن أبيه أن ابن عمر كان يصبغ ثيابه بالزعفران، فقيل له في ذلك فقال:
كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصبغ به، ورأيته أحبّ الطيب إليه [ (2) ] .
وذكر ابن وهب عن عمر بن محمد، عن زيد بن أسلم قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصبغ ثيابه كلها بالزعفران حتى العمامة [ (3) ] .
وذكر عن هشام بن سعد عن يحيى بن عبد اللَّه بن مالك الدار قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يبعث بقميصه وردائه إلى بعض أزواجه، فيصبغ له بالزعفران.
وقال الواقدي: عن عمر بن محمد عن أبى جعفر محمد بن على قال:
ترك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عشرة أثواب: ثوب حبرة، وإزارا عمانيا، وثوبين
__________
[ (1) ] (المستدرك) : 4/ 210، كتاب اللباس، حديث رقم (7295) ، وقال في آخره: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال عنه الذهبي في (التلخيص) : ولا واحد منهما، يعنى ليس على شرط أي أحد منهما.
[ (2) ] (سنن النسائي) : 8/ 517، كتاب الزينة، باب (17) ، الخضاب بالصفرة، حديث رقم (5100) .
[ (3) ] (سنن النسائي) : 8/ 529، كتاب الزينة، باب (30) الزعفران، حديث (5130) .

(7/9)


صحاريين، وقميصا سحوليا، وجبّة يمنة، وملحفة مورّسة كان يلبسها في بيوت نسائه، وخميصة، وكساء أبيض، وقلانس صفار لاطية ثلاثة.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا عباد بن عباد، عن هشام بن حسان، عن بكر بن عبد اللَّه المزنيّ قال: كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ملحفة مصبوغة بورس أو بزعفران، فإذا كان يوم إحداهن- يعنى نساءه- ذهب بها إليها، ورشّ عليها الماء لتوجد رائحتها [ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه الخطيب البغدادي بسند آخر ولفظ آخر عن أنس رضى اللَّه عنه قال: «كان للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم ملحفة مصبوغة بالورس والزعفران، يدور بها على نسائه، فإذا كانت ليلة هذه رشتها بالماء، وإذا كانت ليلة هذه رشتها بالماء» (تاريخ بغداد) : 13/ 320، ترجمة نوح بن حبيب رقم (7290) ، (كنز العمال) : 7/ 20، حديث رقم (18725) ، وقال الزبيدي: سنده ضعيف.
والورس: نبت أصفر يزرع باليمن يصبغ به، أو المراد صنف من الكركم أو يشبهه، وفيه حل لبس المزعفر، والمورس، وفيه اختلاف عند العلماء: (إتحاف السادة المتقين) : 8/ 251- 252، كتاب آداب المعيشة وأخلاق النبوة.

(7/10)


وأما الإزار والكساء
الإزار: ما يلتحف به، وهو يذكر ويؤنث، والجمع أزرة، وأزر، وهي الإزارة، وأنه يحسن الإزرة- بكسر الهمزة- وأنه يحسن الائتزار، وقد تأزرته وأزرته، والمئزر: الإزار [ (1) ] .
وخرج البخاري من حديث حميد بن هلال، عن أبى بردة قال: أخرجت إلينا عائشة رضى اللَّه عنها كساء وإزارا غليظا، فقالت: قبض روح النبي صلى اللَّه عليه وسلم في هذين [ (2) ] .
وخرجه مسلم ولفظه: أخرجت إلينا عائشة إزارا وكساء ملبدا فقالت:
في هذين قبض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [ (3) ] [قال ابن حاتم في حديثه: إزارا غليظا [ (4) ] .
وفي لفظ البخاري [ (5) ] ومسلم [ (6) ] وأبى داود عن أبى بردة قال: دخلت
__________
[ (1) ] (لسان العرب) : 4/ 17، وفيه: الإزار: العفاف، قال أبو عبيد: فلان خيف المئزر، وعفيف الإزار، إذا وصف بالعفة عما يحرم عليه من النساء، ويكنى بالإزار عن النفس وعن المرأة.
[ (2) ] (فتح الباري) : 10/ 341، كتاب اللباس، باب (15) ، الأكسية والخمائص، حديث رقم (5818) .
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 300- 301، كتاب اللباس والزينة، باب (6) ، التواضع في اللباس، والاقتصار على الغليظ منه ... حديث رقم (35) .
[ (4) ] زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .
[ (5) ] (فتح الباري) : 6/ 261، كتاب فرض الخمس، باب (5) ما ذكر من درع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، حديث رقم (3108) .
[ (6) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 301، باب (6) ، التواضع في اللباس، والاقتصار على الغليظ منه ...
حديث رقم (34) .

(7/11)


على عائشة رضى اللَّه عنها، فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن، وكساء من التي يسمونها الملبدة، قال: فأقسمت باللَّه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قبض في هذين الثوبين ذكره البخاري في كتاب الخمس، في باب ما ذكر من درع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه [ (1) ] [وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك، مما لم يذكر قسمته، ومن شعره ونعله وآنيته مما تبرك به أصحابه وغيرهم بعد وفاته] [ (2) ] .
وله
من حديث محمد بن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: صلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في خميصة له، لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما سلم [ (3) ] قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبى جهم، فإنّها ألهتنى آنفا عن صلاتي، وائتوني بانبجانية أبى جهم بن حذيفة بن غانم [من بنى عدي بن كعب] . ذكره البخاري في كتاب الصلاة، في باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها [ (4) ] ، وفي باب الالتفات في الصلاة [ (5) ] . وذكره في كتاب اللباس، في باب: الأكسية والخمائص [ (6) ] ،
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 6/ 261، كتاب فرض الخمس، باب (5) ، ما ذكر من درع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه ... حديث رقم (3108) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (صحيح البخاري) . (3) في (خ) : «فلما سلم» ، وما أثبتناه من (صحيح البخاري) .
[ (3) ] زيادة للسياق من (صحيح البخاري) .
[ (4) ] (فتح الباري) : 1/ 636، كتاب الصلاة، باب (14) ، إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، حديث رقم (373) .
[ (5) ] (فتح الباري) : 2/ 297، كتاب الأذان، باب (93) ، الالتفات في الصلاة، حديث رقم (752) ، ونبج موضع أعجمى تكلمت به العرب، ونسبوا إليه الثياب النبجانية أو الأنبجانية على خلاف في ذلك.
[ (6) ] (فتح الباري) : 10/ 340، كتاب اللباس، باب (19) الأكسية والخمائص، حديث رقم (5817) .

(7/12)


وألفاظه متقاربة. وخرجه مسلم أيضا [ (1) ] .
والخميصة: كساء أسود مربع له علمان، وقيل: الخمائص ثياب من خزّ تخان، سود وحمر، ولها أعلام تخان أيضا، والانبجانية. كساء من الصوف له خمل، وليس له علم، منسوب إلى نباج، وهما نباجان: نباج نبتل، ونباج ابن عامر.
وللبخاريّ [ (2) ] ومسلم [ (3) ] من حديث عبد اللَّه بن عون، عن محمد بن سيرين، عن أنس قال: لما ولدت أم سليم قالت لي: يا أنس، انظر هذا الغلام فلا يصيبن شيئا حتى تغدو به إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم يحنكه، فغدوت به، فإذا هو في حائط وعليه خميصة حريبية، وهو يسم الظهر الّذي قدم عليه في الفتح.
ذكره البخاري في باب الخميصة السوداء، وخرّج أبو عبد اللَّه الحاكم من حديث سعيد بن إياس الجريريّ، عن أبى السليل، عن أبى تميمة الهجيمي، عن جابر بن سليم الهجيمي قال: لقيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في بعض طرق المدينة، وعليه إزار من قطن منتشر الحاشية، فقلت: عليك السلام يا محمد يا رسول اللَّه، فقال: عليك السلام تحية الميت، سلام عليكم، أي
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 300- 301، كتاب اللباس والزينة، باب (6) التواضع في اللباس والاقتصار على الغليظ منه. حديث رقم (34) ، (35) ، (سنن الترمذي) : 4/ 196، كتاب اللباس، باب (10) ، ما جاء في لبس الصوف، حديث رقم (1733) ، قال أبو عيسى: وفي الباب عن على وابن مسعود، وحديث عائشة حديث حسن صحيح، (سنن ابن ماجة) : 2/ 1176، كتاب اللباس، باب (1) لباس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (3550) ، (3551) ، (مسند أحمد) : 7/ 50، حديث رقم (23517) .
[ (2) ] (فتح الباري) : 10/ 743، كتاب اللباس، باب (22) ، الخميصة السوداء، حديث رقم (5824) والحريثية: نسبة إلى حريث: رجل من قضاعة.
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 344، كتاب اللباس والزينة، باب (30) ، جواز وسم الحيوان غير الآدمي في غير الوجه، وندبه في نعم الزكاة والجزية، حديث رقم (2119) ، وقال: وعليه خميصة جونية.

(7/13)


هكذا فقل، فسألته عن الإزار، فأقنع ظهره، وأخذ بمعظم ساقه فقال: ها هنا، فإن أبيت فها هنا فوق الكعبين، فإن أبيت، فإن اللَّه لا يحب كل مختال فخور [ (1) ] .
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد [ولم يخرجاه] [ (2) ] .
وللترمذي [ (3) ] من حديث الأشعث بن سليم قال: سمعت عمتي تحدث عن عمها قال: بينما أنا أمشى فإذا إنسان خلفي يقول: ارفع إزارك فإنه أتقى، وأبقى، وأنقى، فإذا هو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقلت: يا رسول اللَّه إنما هي بردة ملحاء، قال: أما لك فىّ أسوة؟ فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه وخرجه النسائي [ (4) ] [أيضا] .
__________
[ (1) ] (المستدرك) : 4/ 207، كتاب اللباس، حديث رقم (7382) ، وقال عنه الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المستدرك) ، (سنن الترمذي) : 4/ 217، كتاب اللباس، باب (41) في مبلغ الإزار، حديث رقم (1783) بسياقة أخرى، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، رواه الثوري وشعبة وأبى إسحاق.
[ (3) ] (الشمائل المحمدية) : 108- 109، حديث رقم (121) .
[ (4) ] (السنن الكبرى) : كتاب الزينة، من طرق عن أشعث بن سليم به، ورجال إسناده ثقات، غير عمة الأشعث- وهي رهم بنت الأسود- فإنّها لا تعرف، وعمها هو عبيد اللَّه بن خالد المحاربي رضى اللَّه عنه.
والحديث أخرجه أحمد في (المسند) ، وأبو الشيخ في (أخلاق النبي) ، كلهم من طريق الأشعث عن عمته عن عمها، وقال الإمام أحمد: بسنده أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في أثره حتى أخذ ثوبه فقال: ارفع إزارك، قال: فكشف الرجل عن ركبتيه فقال: يا رسول اللَّه، إني أحنف وتصطك ركبتاي، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: كل خلق اللَّه عز وجل حسن، قال: ولم ير ذلك الرجل إلا وإزاره إلى أنصاف ساقيه حتى مات، (مسند أحمد) : 50/ 529، حديث رقم (18978) ، 6/ 501، حديث رقم (22576) ، (أخلاق النبي) : 108، (الإحسان) : 15/ 352، كتاب إخباره صلى اللَّه عليه وسلم عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم، حديث رقم (6917) .

(7/14)


وأما السّراويل
فخرج ابن حيّان من حديث الهيثم بن عدي، حدثنا دلهم بن صالح قال [حدثنا] عبد اللَّه بن يزيد عن أبيه قال: إن النجاشي كتب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: قد زوجتك امرأة [] ، وهي على دينك، أم حبيبة بنت أبى سفيان، وأهديت إليك هدية جامعة، قميصا وسراويل وعطافا وخفين ساذجين، فتوضأ النبي [ (1) ] صلى اللَّه عليه وسلم ومسح عليهما. قال الهيثم: العطاف:
الطليسان.
ومن حديث وكيع عن الثوري، عن سماك بن حارث، عن سويد عن قيس قال: جلبت أنا ومخرمة العبديّ بزا من هجر إلى مكة، فأتانا رسول اللَّه
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 133 من طريق آخر، (طبقات ابن سعد) : 1/ 482، (مسند أحمد) : 6/ 483- 484، حديث رقم (22472) ، (سنن أبى داود) : 1/ 108، كتاب الطهارة، باب (59) المسح على الخفين، حديث رقم (155) ، (سنن الترمذي) : 5/ 114- 115، كتاب الأدب، باب (55) ، ما جاء في الخف الأسود، حديث رقم (2820) ، (سنن ابن ماجة) : 1/ 82، كتاب الطهارة وسننها، باب (84) ما جاء في المسح على الخفين، حديث رقم (549) ، 2/ 1196، كتاب اللباس، باب (3) الخفاف السود، حديث رقم (3620) . وفيه من الفوائد: قبول هدية أهل الكتاب، وأن أصل الأشياء الطهارة، وجواز المسح على الخف.
ودلهم بن صالح ضعيف، وحجير بن عبد اللَّه الكندي وثقه ابن حبان وجهله ابن عدي والذهبي، ولذا قال عنه الحافظ ابن حجر: مقبول، يعنى عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، له ترجمة في: (الكامل في ضعفاء الرجال) : 3/ 108، ترجمة رقم (22/ 644) ، (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) : 2/ 28، ترجمة رقم (2680) ، (الضعفاء الكبير) : 2/ 44، ترجمة رقم (472) ، (المغنى في (الضعفاء) : 1/ 223، ترجمة رقم (2051) ، (الضعفاء والمتروكين) : 1/ 271، ترجمة رقم (1183) .
وللحديث شاهد: عن ابن عباس، ذكره ابن عدي في (الكامل) وقال: لعل هذا الطرق خير من ذلك الطريق.

(7/15)


صلى اللَّه عليه وسلم فاشترى سراويل، وثمّ وزان يزن بالأجر، فقال: إذا وزنت فأرجح.
وخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد [ (1) ] .
وخرجه أبو داود من حديث عبيد اللَّه بن معاذ، أخبرنا أبى أخبرنا سفيان عن سماك بن حرب، حدثني سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرفة [ (2) ] العبديّ بزا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يمشى، فساومنا بسراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: زن وأرجح [ (3) ] .
ومن حديث شعبة عن سماك بن حرب عن أبى صفوان بن عميرة قال:
أتيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بمكة قبل أن يهاجر. بهذا الحديث، ولم يذكر: «يزن بأجر» [ (4) ] .
__________
[ (1) ] (المستدرك) : 2/ 35- 36، كتاب البيوع، حديث رقم (2230) ، (2231) ، قال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : تابعه شعبة عن سماك لكن قال: سمعت أبا صفيان يقول: بعت من النبي صلى اللَّه عليه وسلم سراويل فوزن لي فأرجح. أبو صفوان هو سويد. وهو على شرط مسلم قال في التقريب: إن ما جزم به من أن كنيته أبو صفوان فيه نظر، والّذي يكنى أبا صفوان اسمه مالك.
[ (2) ] ويروى بالميم بدل الفاء، والأول أصح.
[ (3) ] (سنن أبى داود) : 3/ 631، كتاب البيوع والإجارات، باب (7) في الرجحان في الوزن والوزن بالأجر، حديث رقم (3336) ، والبز: الثياب، هجر: اسم بلد معروف بالبحرين وهو مذكر مصروف، وأما هجر التي تنسب إليها القلال الهجرية، فهي قرية من قرى المدينة.
وفي الحديث دليل على جواز هبة المشاع، وذلك أن مقدار الرجحان هبة منه للبائع، وهو غير متميز من جملة الثمن.
وفيه دليل على جواز أخذ الأجرة على الوزن والكيل، وما في معناهما أجرة القسام والحاسب، وكان سعيد بن المسيب ينهى عن أجرة القسام، وكرهها أحمد بن حنبل.
[ (4) ] (المرجع السابق) : 632، كتاب البيوع والإجارات، ذات الباب، حديث رقم (3337) .

(7/16)


قال أبو داود: رواه قيس كما قال سفيان، قال: والقول قول سفيان [ (1) ] ، وجاء في حديثه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم اشترى سراويل بأربعة دراهم، قال أبو هريرة:
فأردت حملها فمنعني وقال: صاحب الشيء أحق بحمله، قلت يا رسول اللَّه! وإنك لتلبس السراويل؟ قال نعم بالليل والنهار.
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) وأخرجهما النسائي في البيوع، حديث رقم (4596) ، (4597) ، وابن ماجة في التجارات، حديث رقم (2220) ، (2221) كلاهما في باب الرجحان في الوزن.

(7/17)


وأما لبس الصوف ونحوه
فخرج ابن حيّان من حديث بقية، حدثنا يوسف بن أبى كثير، عن نوح ابن ذكوان، عن الحسن، عن أنس قال: لبس النبي صلى اللَّه عليه وسلم الصوف، واجتنى المخصوف، ولبس خشنا، وأكل بشعا- يعنى غليظ الشعير- ما كان يسعه إلا تجرعه [ (1) ] .
ومن حديث يحى بن يعلى الأسلمي، عن مختار التميمي، عن كرز الحارثي، عن أبى أيوب قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يلبس الصوف، ويخصف النعل، يرقع القميص، ويركب الحمار، ويقول: من رغب عن سنتي فليس منى [ (1) ] .
وجاء عن محمد بن جعفر الوركانى، حدثنا سعيد بن ميسرة، عن أنس، لبس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم جبة من صوف ثلاثة أيام، فلما عرق وجد منها ريحا كرهها، فرمى بها [ (2) ] .
ولابن حيّان من حديث حماد بن زيد، حدثنا حلس بن أيوب قال:
دخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين، وعليه جبة صوف، وإزار
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 122.
[ (2) ] ونحوه باختلاف يسير في (سنن أبى داود) : 4/ 339، كتاب اللباس، باب (22) في السواد، حديث رقم (4074) ، وقال في آخره: وأحسبه قال: وكان تعجبه الريح الطيبة، (مسند أحمد) :
7/ 190، حديث رقم (24482) ، 208، حديث رقم (24593) ، 313، حديث رقم (25312) ، 355، حديث رقم (25586) ، من حديث قتادة عن مطرف، عن عائشة رضى اللَّه عنها وسنده صحيح.

(7/18)


صوف، وعمامة صوف، فاشمأز منه محمد [بن سيرين] [ (1) ] وقال: أظن أن أقواما يلبسون الصوف فيقولون: قد لبسه عيسى ابن مريم عليه السلام، وقد حدثني من لا أتهم، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [قد] [ (2) ] لبس الكتان، والقطن، [ويمنة] [ (3) ] ، وسنة نبينا أحق أن تتبع [ (4) ] .
وقال هشام بن الكلبي عن أبيه محمد بن السائب، عن أبى صالح عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] قال: كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أثواب صحارية، وسحولية، ويمنة.
وكان عبد اللَّه بن أبى الأسود بصريّ، يروى عن أنس، يروى عنه عنبسة ابن عبد الرحمن [ (5) ] ، وروى هذا الحديث عن عنبسة محمد بن عبد اللَّه ابن عثمان الخزاعي أبو عبد اللَّه، قال فيه أبو حاتم: هو ثقة، وقد روى عنه أبو داود، ورواه عن محمد بن عبد اللَّه بن عبد القدوس، عن عبد الكبير البصري، إلا أن عنبسة قال فيه ابن معين: هو لا شيء. وقال
__________
[ (1) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (2) ] زيادة للسياق من (زاد المعاد) .
[ (3) ] في (خ) فقط.
[ (4) ] (زاد المعاد) : 1/ 143، ذكره الشيخ أبو إسحاق الأصبهاني بإسناد صحيح عن جابر بن أيوب. ثم قال: ومقصود ابن سيرين بهذا أن أقواما يرون أن لبس الصوف دائما أفضل من غيره، فيتحرونه ويمنعون أنفسهم من غيره، وكذلك يتحرون زيّا واحدا من الملابس، ويتحرون رسوما وأوضاعا وهيئات يرون الخروج عنها منكرا، وليس المنكر إلا التقيد بها، والمحافظة عليها، وترك الخروج عنها.
والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم التي سنها، وأمر بها، ورغب فيها، ودوام عليها، وهي أن هديه في اللباس: أن يلبس ما تيسر من اللباس، من الصوف تارة، والقطن تارة، والكتان تارة (المرجع السابق) .
[ (5) ] هو عنبسة بن عبد الرحمن بن عيينة بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، وقال بعضهم: عنبسة بن أبى عبد الرحمن الأمويّ.

(7/19)


أبو حاتم: كان يضع الحديث [ (1) ] .
__________
[ (1) ] وقال ابن أبى خيثمة عن ابن معين: لا شيء، وقال أبو زرعة: واهي الحديث منكر الحديث، وقال أبو حاتم: متروك الحديث كان يضع الحديث، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو داود والنسائي والدار قطنى: ضعيف، وقال النسائي أيضا: متروك، وقال الترمذي: يضعف، وقال الأزدي: كذاب، وقال ابن حبان: هو صاحب أشياء موضوعة لا يحل الاحتجاج به.
قال الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) : وقال ابن البرقي عن ابن معين: ضعّف، وقال عثمان بن سعيد عن ابن معين: لا أعرفه أيضا منكر الحديث، وكذا قال ابن عدي، وقال أبو حاتم: كان عند أحمد بن يونس عنه شيء، فلم يحدث عنه على عمد. (تهذيب التهذيب) : 8/ 143، ترجمة رقم (288) .

(7/20)


وأما وقت لبسه صلى اللَّه عليه وسلم وما يقوله عند اللّبس
فخرج ابن حيّان من حديث عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، حدثنا عبد اللَّه بن أبى الأسود قال: سمعت أنسا يقول: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا استجدّ ثوبا لبسه يوم الجمعة [ (1) ] .
وخرج أبو عيسى الترمذي عن عبد اللَّه بن المبارك، عن سعيد الجريريّ، عن أبى بصرة، عن أبى سعيد قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا استجدّ ثوبا سمّاه باسمه، عمامة، أو قميصا، أو رداء، ثم يقول: اللَّهمّ لك الحمد كما كسوتنيه، أسألك خيره، وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شرّه، وشر ما صنع له [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (إتحاف السادة المتقين) : 8/ 256، (كنز العمال) : 7/ 119، حديث رقم (18268) ، وعزاه إلى الخطيب البغدادي عن أنس رضى اللَّه عنه، (تاريخ بغداد) : 4/ 136- 137 في ترجمة أحمد بن الخطاب بن الهيثم رقم (1817) ، قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، وعنبسة مجروح، قال ابن حبان: والأنصاري يروى عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به. (العلل المتناهية) :
2/ 682، حديث رقم (1134) في لبس الثوب الجديد يوم الجمعة.
[ (2) ] (سنن الترمذي) : 4/ 210، كتاب اللباس، باب (29) ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا، حديث رقم (1767) ، ثم قال: وفي الباب عن عمر وابن عمر: حدثنا هشام بن يونس الكوفي، حدثنا القاسم بن مالك المزني عن الجريريّ نحوه، وهذا حديث حسن غريب صحيح، (الشمائل المحمدية) : 70- 73، حديث رقم (61) ، (62) ، (كنز العمال) : 7/ 118- 119، حديث رقم (18267) ، وعزاه إلى الإمام أحمد وأبى داود والحاكم، (إتحاف السادة المتقين) : 8/ 256، كتاب آداب المعيشة وأخلاق النبوة، (مسند أحمد) : 3/ 448، حديث رقم (11077) من مسند أبى سعيد الخدريّ، (طبقات ابن سعد) : 1/ 460، ذكر قناعته صلى اللَّه عليه وسلم بثوبه ولباسه القميص وما كان يقول إذا لبس ثوبا عليه، ثم
قال بعد أن ذكر حديث الباب حديثا آخر: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه الأسدي، أخبرنا سفيان عن ابن أبى ليلة، عن عيسى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى، قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا لبس ثوبا، أو قال: إذا لبس أحدكم ثوبا فليقل: الحمد للَّه الّذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي، (سنن أبى داود) : 4/ 309، كتاب اللباس، باب (1) بدون ترجمة، حديث رقم (4020) ،
ثم قال: قال

(7/21)


__________
[ () ] أبو نضرة: فكان أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوبا جديدا قيل له: تبلى ويخلف اللَّه تعالى، (الإحسان) : 12/ 239، كتاب اللباس وآدابه، ذكر ما يقول المرء عند كسوته ثوبا استجده، حديث رقم (5420) ، (أخلاق النبي) : 102 من طريق حماد ابن أسامة، 103 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، 104 من طريق عبد اللَّه بن المبارك، (الإحسان) : 12/ 240، كتاب اللباس وآدابه، ذكر ما يجب على المرء أن يبتدئ بحمد اللَّه جلّ وعلا عند سؤاله ربه جلّ وعلا ما ذكرناه، حديث رقم (5421) .
وقد أعله أبو داود بقوله: «عبد الوهاب الثقفي لم يذكر فيه أبا سعيد، وحماد بن سلمة قال عن الجريريّ عن أبى العلاء عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وحماد بن سلمة والجريريّ سماعهما واحد، وقال الحافظ ابن حجر في (النكت الظراف) : والمقصد أن حماد بن سلمة وعبد الوهاب الثقفي سماعهما قديم قبل اختلاط الجريريّ، وقد أرسلا الحديث، أما باقي الرواة، فلم أر هذا الحديث موصولا من طريق القدماء عن الجريريّ، أمثال شعبة، والثوري، والحمادان، وابن عليه، ومعمر، وعبد الوارث، وعبد الوهاب الثقفي، وغيرهم، وكذلك كل من أدرك أيوب، فسماعه من الجريريّ جيد.
وقال الحافظ ابن حجر في (نتائج الأفكار) : وكل من ذكرناه سوى حماد والثقفي سمعوا من الجريريّ بعد اختلاطه، فعجب من الشيخ (النووي) كيف جزم بأنه حديث صحيح، ويحتمل أن يكون صحيح المتن لمجيئه من طريق آخر حسن أيضا.
وقد صحح بعضهم هذا الإسناد باعتبار أن خالد الواسطي روى له الشيخان في صحيحهما، لكن قال الحافظ ابن حجر في (هدى الساري مقدمة فتح الباري) عن رواية خالد الجريريّ: ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، لكن حديثه عنه بمتابعة بشر بن المفضل كلاهما عنه.
ثم ذكر في (نتائج الأفكار) ضمن الرواة في الحديث المذكور، ثم قال: «وكل من ذكرناه سوى حماد والثقفي سمعوا من الجريريّ بعد اختلاطه» ، ثم جزم الحافظ ابن حجر بأنه سمع من الجريريّ بعد الاختلاط، فقال في (الفتح) : عن سعيد الجريريّ: «واتفقوا على أن سماع المتأخرين منه كان بعد اختلاطه، وخالد منهم» .
وأخرجه ابن أبى شيبة في (الكتاب المصنف) : 5/ 198- 199 باب (54) ، ما يقول الرجل إذا لبس الثوب الجديد، بسياقات وروايات مختلفة، حديث رقم (25079) ، (25080) ، (25081) ، (25082) ، (25083) ، (25084) ، (25085) ، وأخرجه الحاكم في (المستدرك) : 4/ 213، كتاب اللباس، حديث رقم (7408) ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط مسلم، حديث رقم (7409) بسياقة أخرى وسند آخر، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : أبو مرحوم ضعيف، وهو عبد الرحيم بن ميمون.

(7/22)


وخرّج الحاكم من حديث إسحاق بن سعيد، حدثنا أبى، حدثتني أم خالد بنت خالد قالت: أتى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بثياب فيها خميصه سوداء صغيرة، فقال: من ترون أكسو هذه، فسكت القوم، فقال: ائتوني بأم خالد، قالت:
فأتى بى، فألبسنيها بيده وقال: أبلي وأخلقي- يقولها مرتين- وجعل ينظر إلى علم في الخميصة أصفر وأحمر ويقول: يا أم خالد، هذا سنا، والسنا بلسان الحبشة: الحسن [ (1) ] .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين [ولم يخرجاه] [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (المستدرك) : 4/ 209، كتاب اللباس، حديث رقم (7392) ، مختصرا عن (خ) ، وقال الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
وأخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب (32) ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا، حديث رقم (5845) ، وقال في آخره: قال إسحاق: حدثتني امرأة من أهلي أنها رأته على أم خالد.
قوله: «أبلى وأخلقي» ، «أبلى» بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر اللام، أمر بالإبلاء، وكذا قوله: «أخلقي» بالمعجمة والقاف أمر بالإخلاق، والعرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك، أي أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق.
قال الخليل: أبل وأخلق معناه: عش وخرق ثيابك وارقعها، وأخلقت الثوب أخرجت باليه ولفقته. ووقع في رواية أبى زيد المروزي عن الفريرى: «وأخلفى» بالفاء، وهي أوجه من التي بالقاف، لأن الأولى تستلزم التأكيد، إذا الإبلاء والإخلاق بمعنى، لكن جاز العطف لتغاير اللفظين، والثانية تفيد معنى زائدا، وهو أنها إذا أبلته أخلفت غيره، وعلى ما قال الخليل لا تكون التي بالقاف للتأكيد، لكن التي بالفاء أيضا أولى.
ويؤيدها ما أخرجه أبو داود [في السنن) : 4/ 311، كتاب اللباس، باب (2) فيما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا، حديث رقم (4024) ] بسند صحيح عن أبى نضرة قال: «كان أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوبا جديدا قيل له: تبلى ويخلف اللَّه» ووقع في رواية أبى الوليد «أبلى وأخلقي» مرتين.
والسنا بلسان الحبشية: الحسن، وفي رواية خالد بن سعيد: سنه سنه، وهي بالحبشية: حسن.
وذكره البخاري أيضا في باب (32) ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا من كتاب اللباس، حديث رقم (5845) ، وفي كتاب الأدب، باب (17) من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو

(7/23)


وخرّج الخطيب أبو بكر من حديث داود بن بكر، أخبرنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، أخبرنا عنبسة عن عبد اللَّه بن أبى الأسود، عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة [ (1) ] .
__________
[ () ] مازحها، حديث رقم (5993) ، وفي كتاب الجهاد، باب (188) من تكلم بالفارسية والرطانة، حديث رقم (3071) ، وفي كتاب مناقب الأنصار، باب (37) هجرة الحبشة، حديث رقم (3874) .
[ (1) ] (تاريخ بغداد) : 4/ 136- 137، في ترجمة أحمد بن الخطاب بن الهيثم، رقم (1817) ، وقد سبق تخريجه.

(7/24)


وأمّا الخفّ
فقد خرّج الترمذي في كتاب (الشمائل) ، من حديث وكيع عن دلهم بن صالح، عن حجين بن عبد اللَّه، عن أبى بريدة عن أبيه، أن النّجاشى، أهدى للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم خفين أسودين ساذجين، فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما [ (1) ] [وصلى] .
وقد ثبت في (صحيح البخاري ومسلم) ، و (سنن أبى داود) ، (والترمذي) ، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مسح على الخفين [ (2) ] .
فرواه عبد اللَّه بن عمر عن سعد أبى وقاص، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه مسح على الخفين، ورواه جعفر بن عمرو بن أمية الضّمرى، أن أباه أخبره أنه رأى النبي صلى اللَّه عليه وسلم يمسح على الخفين [ (2) ] .
ورواه أبو وائل عن حذيفة بن اليمان قال: كنت مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فبال على سباطة قوم- يعنى كناسة- ثم تنحى فأتيته بماء فتوضأ، ومسح على خفيه [ (2) ] .
ورواه إبراهيم عن همّام بن الحارث قال: رأيت جريرا بال ثم توضأ، ومسح على خفيه، ثم قام فصلى، فسئل فقال: رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم صنع مثل هذا. ورواه المغيرة بن شعبة كما تقدم، وبذلك يثبت أنه كان يلبس الخفين، صلى اللَّه عليه وسلم [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (الشمائل المحمدية) : 80 باب (10) ما جاء في خف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (74) ، وما بين الحاصرتين زيادة من (خ) ، وهو حديث حسن، سبق تخرجه في (إمتاع الأسماع) : 6/ 391- 393.
[ (2) ] راجع الجزء السادس من (إمتاع الأسماع) باب الجبة.

(7/25)


وعن الشعبي قال المغيرة بن شعبة: أهدى [دحية] [ (1) ] للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم خفين فلبسهما، [وقال إسرائيل عن جابر: وجبّة فلبّسهما حتى تخرقا لا يدرى النبي صلى اللَّه عليه وسلم أذكى هما أم [ (2) ] لا] . ذكره أبو عيسى في الشمائل [ (3) ] .
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (الشمائل) .
[ (2) ] في (خ) : «أذكاهما» وما أثبتناه من (الشمائل) .
[ (3) ] (الشمائل المحمدية) : 81، حديث رقم (75) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه، وقال أبو عيسى: وأبو إسحاق هذا هو أبو إسحاق الشيباني واسمه سليمان.
وأخرجه الترمذي أيضا في (السنن) ، كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الجبة والخفين، حديث رقم (1769) وقال: حسن غريب عن قتيبة بهذا الإسناد سواء.
ورجال الإسناد الأول ثقات، غير الحسن بن عياش، وثقه غير واحد، وقال عنه عثمان بن سعيد الدارميّ: هو من أهل الصدق والأمانة، والشيباني هو سليمان بن أبى سليمان، فالحديث صحيح، لكن الجزء الآخر منه ضعيف، فإنه من طريق جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف.
وأخرج الشطر الأول منه أبو الشيخ في (أخلاق النبي) : 133، من حديث الحسن بن عياش، عن الشيباني عن عامر به، ثم أخرجه بطوله ص 150، من طريق زهير بن معاوية عن جابر الجعفي، عن عامر، عن دحية الكلبي به.

(7/26)


وأمّا النّعل
فقد ثبت في (صحيح البخاري) و (سنن أبى داود) ، من حديث هشام عن قتادة عن أنس، أن نعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان له قبالان [ (1) ] .
وفي رواية للبخاريّ من حديث عيسى بن طهمان، قال: أخرج إلينا أنس بن مالك رضى اللَّه عنه نعلين لهما قابلان، فقال ثابت [البناني] : [ (2) ] [هذه] [ (2) ] نعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم [ (3) ] .
وقال في كتاب [فرض] الخمس من حديث ابن طهمان، أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين لهما قبالان، فحدثني ثابت البناني يعدّ أنهما نعلا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [ (4) ] . القبال: زمام النّعل.
__________
[ (1) ] (فتح) الباري) : 10/ 383، كتاب اللباس، باب (41) ، قبالان في نعل، ومن رأى قبالا واحدا واسعا، حديث رقم (5857) .
[ (2) ] زيادة للسياق من البخاري.
[ (3) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (5858) . القبال بكسر القاف وتخفيف الموحدة وآخره لام، هو الزمام وهو السير الّذي يعقد فيه الشّسع الّذي يكون بين إصبعي الرجل.
[ (4) ] (المرجع السابق) : 6/ 260- 261، كتاب فرض الخمس، باب (5) ما ذكر من درع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته ومن شعره ونعله وآنيته مما تبرك من أصحابه وغيرهم بعد وفاته، حديث رقم (3107) .
وأخرجه أبو داود في (السنن) ، كتاب اللباس، باب في الانتعال، حديث رقم (4134) ، والترمذي في (السنن) ، كتاب اللباس، باب ما جاء في نعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم حديث رقم (1772) ، (1773) ، وقال: حسن صحيح، وأخرجه أيضا في (الشمائل) ، 82، باب (11) ما جاء في نعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (76) ، وأخرجه النسائي في (السنن) ، كتاب الزينة باب صفة نعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (5367) ، وأخرجه ابن ماجة في (السنن) ، كتاب اللباس، باب صفة

(7/27)


وللإمام أحمد من حديث مطرف بين الشخير، قال: أخبرنى أعرابى لنا قال: رأيت نعل نبيكم صلى اللَّه عليه وسلم مخصوفة [ (1) ] .
ولابن حيّان من حديث ميمون بن بهزان، عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] قال: كانت لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نعلان لهما زمامان.
ومن حديث مالك عن سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج، أنه قال لعبد اللَّه بن عمر: رأيتك تلبس النّعال السبتية، قال: إني رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها. قلت: هكذا خرّج ابن حيان هذا الحديث مختصرا.
وقد رويناه في الموطّإ من حديث مالك، عن سعيد بن أبى سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد اللَّه بن عمر: يا أبا عبد الرحمن، رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، قال: ما هنّ يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السّبتية، ورأيتك تصبغ بالصّفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهلّ الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى كان يوم التروية.
فقال عبد اللَّه بن عمر: أما الأركان، فإنّي لم أر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [يمسّ منها إلا الركنين اليمانيين، وأما النعال السّبتية، فإنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم] [ (2) ] يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصّفرة، فإنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها، وأما
__________
[ () ] النعال، حديث رقم (3615) ، وابن سعد في (الطبقات) : 1/ 478، ذكر نعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأبو الشيخ في (أخلاق النبي) : 134.
[ (1) ] (مسند أحمد) : 5/ 628، حديث الأعرابي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم رقم (19554) .
[ (2) ] ما بين الحاصرتين سقط من الناسخ في (خ) ، وما أثبتناه من (ج) .

(7/28)


الإهلال، فإنّي لم أر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يهلّ حتى تنبعث به راحلته [ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في كتاب الطهارة، باب (30) غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على الخفين، حديث رقم (166) ، وكتاب الحج باب (2) قول اللَّه تعالى: يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ [الحج: 27] ، حديث رقم (1514) ، باب (28) من أهل حين استوت راحلته قائمة، حديث رقم (1552) ، باب (9) من لم يستلم إلا الركنين اليمانين، حديث رقم (1608) ، (1609) ، كتاب الجهاد والسير، باب (53) الركاب والغرز للدابة 7 حديث رقم (2865) ، كتاب اللباس، باب (37) النعال السبتية وغيرها، حديث رقم (5851) .
ومسلم في كتاب الحج، باب (5) الإهلال من حيث تنبعث الراحلة، حديث رقم (1187) .
وأبو داود في (السنن) ، كتاب المناسك، باب (21) في وقت الإحرام، حديث رقم (1772) ، كتاب الترجل، باب (19) ما جاء في خضاب الصفرة، حديث رقم (4210) .
والنسائي في (السنن) ، كتاب الطهارة، باب (95) الوضوء في النعل، حديث رقم (117) ، كتاب الزينة، باب (65) ، تصفير اللحية، حديث رقم (5258) ، كتاب الحج، باب (56) ، العمل في الإهلال، حديث رقم (2757) ، (2758) ، (2759) .
والترمذي في (الشمائل) ، باب (11) ما جاء في نعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (79) .
وابن ماجة في (السنن) ، كتاب اللباس، باب (34) الخضاب بالصفرة، حديث رقم (3626) .
ومالك في (الموطأ) ، كتاب الحج، باب العمل في الإهلال، حديث رقم (738) .
وابن سعد في (الطبقات) : 1/ 482 في ذكر نعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم «النعال السّبتيّة» بكسر السين المهملة وسكون الموحدة ففوقية، أي التي لا شعر فيها، مشتق من السّبت وهو الحلق، قاله الأزهري، أو لأنها سبتت بالدباغ أي لانت.
قال أبو عمرو الشيباني: السّبت كل جلد مدبوغ. وقال أبو زيد: جلود البقر مدبوغة أم لا، أو نوع من الدباغ يقلع الشعر. أو جلد البقر المدبوغ بالقرظ. وقيل بالسّبت بضم أوله، نبت يدبغ به. قاله صاحب (المنتهى) .
وقال الداوديّ: هي منسوبة إلى موضع يقال له: سوق السبت وقال ابن وهب: كانت سوداء لا شعر فيها، وقيل: هي التي لا شعر عليها أي لون كانت، ومن أي جلد، بأي دباغ دبغت.
وقال عياض في (الإكمال) : الأصح عندي أن اشتقاقها وإضافتها إلى السبت الّذي هو الجلد المدبوغ أو إلى الدباغة، لأن السين مكسورة، ولو كانت من السبت الّذي هو الحلق- كما قال الأزهري وغيره، لكانت النسبة سبتية بالفتح، ولم يروها أحد في هذا الحديث ولا غيره ولا في الشعر فيما علمت إلا بالكسر، وقال: وكان من عادة العرب لبس النعال بشعرها غير مدبوغة، وكانت المدبوغة تعمل بالطائف، ويلبسها أهل الرفاهيّة.
قوله: «ورأيتك تصبغ» بضم الموحدة، وحكى فتحها وكسرها «بالصفرة» ثوبك أو شعرك،

(7/29)


__________
[ () ] «ورأيتك إذا كنت» مستقرأ «بمكة أهل الناس» أي رفعوا أصواتهم بالتلبية للإحرام بحج أو عمرة «إذا رأوا الهلال» أي هلال ذي الحجة «ولم تهلل» بلامين بفك الإدغام «أنت حتى يكون» أي يوجد، وفي رواية كان أي وجد «يوم» بالرفع فاعل يكون التامة [غير مضارع كان الناقصة] ، والنصب خبر على أنها ناقصة «التروية» ثامن ذي الحجة، لأن الناس كانوا يروون فيه من الماء، أي يحملونه من مكة إلى عرفات ليستعملوه شربا وغيره، وقيل غير ذلك «فتهل أنت» وتبين من جوابه أنه كان لا يهل حتى يركب قاصدا إلى منى.
قوله: «فقال عبد اللَّه بن عمر: أما الأركان فإنّي لم أر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يمسّ» وفي رواية: «يستلم» منها «إلا» الركنين «اليمانيين» بالتخفيف لأنهما على قواعد إبراهيم، ومسهما واستلامهما مختلف.
فالعراقى مسّه وهو استلامه بالتقبيل لاختصاصه بالحجر الأسود إن قدر وإلا فبيده أو بعود، ثم وضعه على فيه بلا تقبيل.
واليماني مسه بيده، ثم يضعها على فيه بلا نقبيل، ولا يمسه بفيه بخلاف الشاميين، فليسا على قواعد إبراهيم، فلم يمسها فالعلة ذلك.
قال القابسي: لو أدخل الحجر في البيت حتى عاد الشاميان على قواعد إبراهيم استلما.
قال ابن القصار: ولذا لما بنى الزبير الكعبة على قواعده استلم الأركان كلها، والّذي قاله الجمهور سلفا وخلفا أن الشاميين لا يستلمان.
قال عياض: واتفق عليه أئمة الأمصار والفقهاء وإنما كان الخلاف في ذلك في العصر الأول من بعض الصحابة وبعض التابعين، ثم ذهب.
وقال بعض العلماء: اختصاص الركنين بيّن بالسنة، ومستند التعميم بالقياس. وأجاب الشافعيّ عن قول من قال: ليس شيء من البيت مهجور بأنا لم ندع استلامهما هجرا للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به؟ ولكنا نتبع السنة فعلا أو تركا، ولو كان ترك استلامهما هجرا لهما لكان استلام ما بين الأركان هجرا لها، ولا قائل به.
قوله: «وأما النعال السبتية، فإنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر» ، أشار إلى تفسيرها بذلك، وهكذا قال جماهير أهل اللغة والغريب والحديث: أنها التي لا شعر فيها.
قوله: «ويتوضأ فيها» ، أي النعال، أي يتوضأ ويلبسها ورجلاه رطبتان، قاله النووي، «فأنا أحب أن ألبسهما» اقتداء به «وأما الصفرة فإنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها» ، قال المازري: قيل: المراد صبغ الشعر، وقيل: صبغ الثوب، قال: والأشبه الثاني لأنه أخبر أنه صلى اللَّه عليه وسلم صبغ، ولم ينقل عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه صبغ شعره.

(7/30)


__________
[ () ] قال عياض: وهذا أظهر الوجهين، وقد جاءت آثار عن ابن عمر بين فيها تصفير ابن عمر لحيته، واحتج بأنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يصفّر لحيته بالورس والزعفران. رواه أبو داود، وذكر أيضا في حديث آخر احتجاجه بأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته.
وأجيب عن الأول باحتمال أنه كان مما يتطيب به، لا أنه كان يصبغ بها شعره.
وقال ابن عبد البر: لم يكن صلى اللَّه عليه وسلم يصبغ بالصّفرة إلا ثيابه، وأما الخضاب فلم يكن يخضب، وتعقبه في (المفهم) بأن في سنن أبى داود عن أبى رمثة قال: انطلقت مع. بى نحو النبي صلى اللَّه عليه وسلم فإذا هو ذو وفرة وفيها ردع من حنّاء، وعليه بردان أخضران. قال الولىّ العراقىّ: وكأنّ ابن عبد البر إنما أراد نفى الخضاب في لحيته صلى اللَّه عليه وسلم فقط.
قوله: «وأما الإهلال فإنّي لم أر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته» ، أي تستوي قائمة إلى طريقه، قال المازري: ما تقدم جواباته نصّ في عين ما سئل عنه، ولما لم يكن عنده نص في الرابع أجاب بضرب من القياس، ووجه أنه لما رآه في حجه من غير مكة إنما يهل عند الشروع في الفعل أخّر هو إلى يوم التروية، لأنه الّذي يبتدأ فيه بأعمال الحج من الخروج إلى منى وغيره.
وقال القرطبي: أبعد من قال: هذا قياس، بل تمسك بنوع الفعل الّذي رآه يفعله، وتعقب بأن ابن عمر ما رآه أحرم من مكة يوم التروية كما رآه استلم الركنين اليمانيين فقط، بل رآه أحرم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته، فقاس الإحرام من مكة على الإحرام من الميقات، لأنها ميقات الكائن بمكة فأحرم يوم التروية، لأنه يوم التوجه إلى منى، والشروع في العمل قياسا على إحرامه صلى اللَّه عليه وسلم من الميقات حين توجه إلى مكة، فالظاهر قول المازري.
وقد قال ابن عبد البر: جاء ابن عمر بحجة قاطعة نزع بها، فأخذ بالعموم في إهلاله صلى اللَّه عليه وسلم، ولم يخص مكة من غيرها، فكأنه قال: لا يهل الحاج إلا في وقت يتصل له عمله وقصده إلى البيت ومواضع المناسك والشعائر، لأنه صلى اللَّه عليه وسلم أهلّ واتصل له عمله، ووافق ابن عمر على هذا جماعة من السلف، وبه قال الشافعيّ وأصحابه، وهو رواية مالك. والرواية الأخرى: والأفضل أن يحرم من أول ذي الحجة.
قال عياض: وحمل شيوخنا رواية استحباب الإهلال يوم التروية على من كان خارجا من مكة، ورواية استحبابه أول الشهر على من كان في مكة، وهو قول أكثر الصحابة والعلماء ليحصل له من الشعث ما يساوى من أحرم من الميقات.
قال النووي: والخلاف في الاستحباب وكل منهما جائز بالإجماع، وكلام القاضي وغيره يدل ذلك.
قال ابن عبد البر: في الحديث دليل على أن الاختلاف في الأفعال والأقوال والمذاهب، كان

(7/31)


وخرّجه البخاري ومسلم وأبو داود، فذكره البخاري في كتاب الطهارة، في باب غسل الرجلين في النعلين، وفي كتاب اللباس في باب النعال السبتية، وذكره مسلم وأبو داود في الحج.
والنعال السّبتية: هي السوداء التي لا شعر لها، والسبت: الجلد المدبوغ بالقرظ، وقيل: هو كل جلد مدبوغ، وقيل: السبت هي جلود البقر خاصة، مدبوغة كانت أو غير مدبوغة، لا يقال لغيرها سبت، وجمعها سبوت.
وقيل: السبت نوع من الدباغ يقلع الشعر، والنعال السبتية كانت من لباس [وجوه] [ (1) ] الناس وأشراف العرب، وهي معروفة عندهم، قد ذكرها شعراؤهم.
وخرّج ابن حيّان من حديث شعبه، عن حميد بن هلال، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبى ذر رضى اللَّه عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلى في نعلين مخصوفتين من جلود البقر.
ومن حديث ثابت بن يزيد عن التيمي قال: أخبرنى من أبصر نعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم، له قبالان بعقبين.
ومن حديث عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا
__________
[ () ] موجودا في الصحابة، وهو عند العلماء أصح ما يكون من الاختلاف، وإنما اختلفوا بالتأويل المحتمل فيما سمعوه ورأوه، وفيما انفرد بعضهم بعلمه دون بعض، وما أجمع عليه الصحابة واختلط فيه من بعدهم، فليس اختلافهم بشيء.
وفيه أن الحجة عند الاختلاف السنة، وأنها حجة على من خالفها، وليس من خالفها حجة عليها، ألا ترى أن ابن عمر لم يستوحش من مفارقة أصحابه، إذ كان عنده في ذلك علم من النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ولم يقل له ابن جريج: الجماعة أعلم به منك، ولعلك وهمت كما يقول اليوم من لا علم به، بل انقاد للحق إذ سمعه، وهكذا يلزم الجميع. (شرح العلاقة الزرقانى على موطأ الإمام مالك) 2/ 329- 332.
[ (1) ] ما بين الحاصرتين سقط من الناسخ في (خ) ، وما أثبتناه من (ج) .

(7/32)


لبس نعليه بدأ باليمنى، وإذا خلع خلع اليسرى [ (1) ] .
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 136 ونحوه باختلاف في اللفظ والسياقة في: (فتح الباري) : 10/ 282- 283، كتاب اللباس، باب (40) ينزع نعله اليسرى، حديث رقم (5856) ، (مسلم بشرح النووي) : 14/ 319، كتاب اللباس والزينة، باب (19) استحباب لبس النعل في اليمنى أولا، والخلع من اليسرى أولا وكراهة المشي في نعل واحدة، حديث رقم (2097) ، (سنن أبى داود) : 4/ 377- 378، كتاب اللباس، باب (44) في الانتعال، حديث رقم (4139) ، (سنن الترمذي) 4/ 215، كتاب اللباس باب (37) ما جاء بأي رجل يبدأ إذا انتعل، حديث رقم (1779) ، (الشمائل المحمدية) : 86، باب ما جاء في نعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (85) ، (سنن ابن ماجة) : 2/ 1995، كتاب اللباس، باب (28) لبس النعال وخلعها، حديث رقم (3616) ، (مسند أحمد) :
2/ 463، حديث رقم (7139) ، 487، حديث رقم (9273) ، 229، حديث رقم (9677) ، 251، حديث رقم (9833) ، 287، حديث رقم (10080) .
أما فقه [الحديث] فقيه ثلاث مسائل:
* أحدها: يستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة، ونحو ذلك كلبس النعل والخف والمداس والسراويل والكم وحلق الرأس وترجيله، وقص الشارب ونتف الإبط والسواك، والاكتحال وتقلم الأظفار، والوضوء والغسل والتيمم، ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة، وتناول الأشياء الحسنة، ونحو ذلك.
* الثانية: يستحب البداءة باليسار في كل ما هو ضد السابق في المسألة الأولى، فمن ذلك خلع النعل والخف والمداس والسراويل والكم، والخروج من المسجد ودخول الخلاء والاستنجاء وتناول أحجار الاستنجاء، ومس الذكر والامتخاط والاستنثار، وتعاطى المستقذرات وأشباهها.
* الثالثة: يكره المشي في نعل واحدة، أو خفّ واحد، أو مداس واحد إلا لعذر، ودليله هذه الأحاديث [إذا انقطع نعل أحدكم فلا يمشى في الأخرى حتى يصلحها] التي رواها مسلم [وغيره] قال العلماء: وسببه أن ذلك تشويه ومثله، ومخالف للوقار، ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى فيعسر مشيه، وربما كان سببا للعثار.
وهذه الآداب الثلاثة التي في المسائل الثلاث مجمع على استحبابها، وأنها ليست واجبة (مسلم بشرح النووي) : 14/ 320، باختصار من شرح الحديث رقم (2098) .

(7/33)