إمتاع
الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع فصل في ذكر غنم رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم
اعلم أنه كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من الغنم مائة، وكان له
منائح سبع وقيل عشر.
خرج الحاكم من حديث لقيط بن صبرة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال:
لنا غنم مائه [ (1) ]
وسيأتي بطوله إن شاء اللَّه تعالى.
وخرجه البخاري في (الأدب المفرد) من حديث إسماعيل، عن عاصم بن لقيط بن
صبرة، عن أبيه، قال ابن سعد عن الواقدي، عن إبراهيم بن سويد الأسلمي، عن
عباد بن منصور، عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال:
كانت للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم سبعة أعنز ترعاهن أم أيمن [ (2) ] وقال
الواقدي: عن عبد الملك بن سليمان بن أبي المغيرة، عن محمد بن عبد اللَّه بن
الحصين قال: كانت منائح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ترعى بأحد وتروح
في كل ليلة على البيت الّذي يدور فيه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [
(3) ] ، قالوا: وكانت منائح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من الغنم
سبعا: عجوة، وزمزم، وسقيا، وبركة، وورسة، وإطلال، وإطراف. وعن وجيهة: كان
لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أعنز سبع، فكان الراعي يبلغ بهن مرة
الجماز.
ومرة أحدا، وتروح علينا. وقد روي أنه كان له صلى اللَّه عليه وسلم شاة يختص
بشرب لبنها ترعى عيينة، وكان له ديك أبيض، ولم ينقل أنه اقتنى من البقر
شيئا. وقيل:
كانت له شاة تسمى غوثة، وعنز تسمى اليمن، وشاه تسمى قمر، ماتت. فقال: ما
فعلتم بإهابها قالوا: ميتة! قال: دباغها طهورها [ (4) ] .
__________
[ (1) ] (المستدرك) : 4/ 123، كتاب الأطعمة، حديث رقم (7094) .
[ (2) ] (طبقات ابن سعد) : 1/ 495.
[ (3) ] (طبقات ابن سعد) : 1/ 496.
[ (4) ] (طبقات ابن سعد) : 1/ 496، وأخرجه ابن سيد الناس في (عيون الأثر) :
2/ 323.
(14/271)
فصل في ذكر حمى رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم
خرج البخاري من حديث ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن
ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- أن الصعب بن جثامة قال: إن رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: لا حمى إلا للَّه ولرسوله،
وقال: بلغنا أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حمى النقيع، وأن عمر- رضي
اللَّه تبارك وتعالى عنه- حمى السرف والرَّبَذَة.
ذكره في كتاب الشرب [ (1) ] .
وخرجه أبو داود قبله، وفي لفظ آخر له: أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حمى
النقيع وقال: لا حمى إلا للَّه عز وجل [ (2) ] ، وخرجه النسائي ولفظه: لا
حمى إلا للَّه ولرسوله.
وقال الحافظ أبو نعيم: صحيح متفق عليه، رواه عن الزهري صفوان، أن ابن سليم،
وعمرو بن دينار، ومحمد بن عمرو، ومعمر، وعقيل، ويونس الزبيدي، وإسحاق ابن
راشد، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه ابن خالد، وأبو المغيرة بن عبد الرشيد
الخزامي في آخر، يرويه عن الزهري.
ولابن حبان من حديث عبد اللَّه بن نافع، حدثنا عاصم ابن عمر، عن عبد اللَّه
بن دينار، عن ابن عمران، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حمى النقيع لخيل
المسلمين.
وقال الواقدي: حدثني ابن أبى سبرة، عن شعيب بن شداد، قال: لما مر رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالنقيع منصرفه من المريسيع، ورأى سعة، وكلا،
وغدرا كثيرة تتناخس، وخبر بمراءته وبراءته، فسأل عن الماء فقيل: يا رسول
اللَّه، إذا صفنا قلت المياه، وذهبت الغدر، فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم حاطب بن أبى بلتعة أن يحفر
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 5/ 56، كتاب المساقاة، باب (11) لا حمى إلا للَّه
ولرسوله، حديث رقم (2370) في (الأصل) : «كتاب الشرب» وأثبتناه من كتاب
المساقاة وأخرجه أيضا في كتاب الجهاد، باب (146) أهل الدار يبيتون، فيصاب
الولدان والذراري، حديث رقم (3012) ، وهو جزء من حديث طويل.
[ (2) ] (سنن أبي داود) : 3/ 460- 462، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب
(39) في الأرض يحميها الإمام أو الرجل، حديث رقم (3083) ، (3084) ، وأخرجه
أيضا الدار الدّارقطنيّ في (السنن) : 4/ 238، حديث رقم (121) عن عمر بن
شعيب عن أبيه، عن جده، وحديث رقم (122) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
أيضا وأخرجه أيضا أبو عبيد في كتاب (الأموال) : 271، باب حمى الأرض ذات
الكلإ والماء، حديث رقم (728) .
(14/272)
بئرا، وأمر بالنقيع أن يحمى، واستعمل عليه
بلال بن الحارث المزني، فقال بلال:
يا رسول اللَّه، وكم أحمى منه؟ قال: أقم رجلا صيتا إذ اطلع الفجر على هذا
الجبل- يعنى مقملا- فحيث انتهى صوته فاحمه لخيل المسلمين وإبلهم التي يغزون
عليها. قال بلال: يا رسول اللَّه، أفرأيت ما كان من سوائم المسلمين؟
فقال: لا تدخلها. قلت: يا رسول اللَّه، أرأيت المرأة والرجل الضعيف تكون له
الاشية اليسيرة وهو يضعف عن التحول؟ قال: دعه يرعى.
فلما كان زمان أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حماه على ما كان رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حماه، ثم كان عمر فكثرت به الخيل، وكان [زمن]
عثمان فحماه أيضا [ (1) ] .
وقال عمر بن شيبة: حدثنا معن، حدثنا عبد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن
عمر أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حمى النقيع للخيل، وحمى الرَّبَذَة
للصدقة. وحدثنا هارون ابن معروف قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن رجاء بن جميل
أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حمى وادي نخلة للخيل المضمرة [ (2) ]
.
وخرج الحاكم من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عباس بن أبى
ربيعة، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس، عن الصعب بن
جثامة: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حمى النقيع وقال: لا حمى إلا
للَّه ولرسوله [ (3) ] .
قال: وهو صحيح الإسناد.
بلال بن الحارث [ (4) ] بن عصم بن سعد بن قرة المزني، أبو عبد الرحمن وفد
سنة خمس في وفد مزينة، وكان أحد من حمل ألوية مزينة يوم الفتح وهو في
الطبقة الثالثة من المهاجرين، وله سماع من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم ورواية عنه، روى عنه. ابنه الحارث [ (5) ] بن بلال وعلقمة بن وقاص
وغيرهما، وخرج له أبو داود،
__________
[ (1) ] (مغازي الوافدي) : 2/ 425- 426.
[ (2) ] الواقدي (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) : 3/ 1420.
[ (3) ] (المستدرك) : 2/ 70، كتاب البيوع، حديث رقم (2358) وقال الحافظ
الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم، وأخرجا منه آخره.
[ (4) ] (تهذيب التهذيب) : 1/ 440، ترجمة رقم (929) .
[ (5) ] (المرجع السابق) : 2/ 119، ترجمة قم (231) .
(14/273)
والترمذي، والنسائي وابن ماجة. توفى سنة
ستين من ثمانين سنه. والنقيع بالنون [ (1) ] على عشرين فرسخا عن المدينة
عرضه ميل في طول يزيد رقبة شجر وهو أخصب واد هناك، وهو عور في صدر وادي
العقيق، قال الخطابي: من قاله بالباء، فقد صحفه، وقال الكبرى: وهو بالباء
مثل بقيع الغرقد، ووقع في كتاب (الأصيل) بالفاء بدلا من القاف بعد النون
وهو تصحيف ومعنى حمى النقيع جعله محظورا ألا يقرب مرعاه.
فصل في ذكر ديك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إن صح الحديث
قال عبد المنعم بن شيرانا بن وهب حدثنا عبد اللَّه بن سعيد، حدثنا أبي،
حدثنا أبو الدرداء، حدثنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: ما زلت
بالأشواق وإلى الديك الأبيض مذ رأيت ديك اللَّه تعالى تحت عرشه ليلة أسرى
بى ديكا أبيض زغبة أخضر كالزبرجد، وعرفه ياقوتة حمراء، وعيناه من ياقوتتين
حمراءين، ورجلاه من ذهب أحمر في تخوم الأرض السفلى، وتحت العرش عنقه، أحسن
هي، رأينه ومنقاره من ذهب يتلألأ نورا، فإذا كان في الثلث الأول نشر جناحيه
يخفق بهما، وقال: سبحان ذي الملك والملكوت، يقول ذلك ثلاث مرات من أول
الليل، فإذا خفق خفقت الديوك في الأرض، وصرخت كصراخه، فإذا كان في الثلث
الأوسط فعل مثل ذلك، وقال: سبحان من هو دائم قيوم، سبحان من نامت العيون
وعين سيدي لا تنام، سبحان الدائم القيوم، سبحان من خلق الصباح بإذنه، لا
إله إلا هو سبحانه. قال: فاتخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ديكا
أبيض، قال: الديك الأبيض صديقي، وصديق صديقي، وعدوه عدوى، واللَّه تعالى
يحرس دار صاحبه وعشرا عن يمينها، وعشرا عن يسارها، وعشرا من بين يديها،
وعشرا من خلفها، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يبيته معه في البيت
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] (معجم البلدان) : 5/ 348- 349، موضع رقم (12121) .
[ (2) ] (الموضوعات لابن الجوزي) : 3/ 6- 7) مع اختلاف يسير في اللفظ،
وأخرجه أيضا في (الأسرار المرفوعة) الأخبار الموضوعة) لعلي القاري: 430-
431. قلت: وعلامات الوضح لائحة عليه!! وقد أدرك المقريزي يرحمه اللَّه- ذلك
وتحفظ في عنوان الفصل بقوله: «إن صح الحديث» .
(14/274)
|