بهجة
المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل [الباب الخامس في ذكر بنيه صلى الله عليه
وسلّم وأزواجه وأعمامه وعمّاته إلى آخره]
(الباب الخامس) في ذكر بنيه صلى الله عليه وسلم وبناته وازواجه وأعمامه
وعماته ومرضعاته وأخواته من الرضاعة واخوته وذكر مواليه وخدمه من الاحرار
ومن كان يحرسه ورسله الى الملوك وكتّابه ورفقائه العشرة النجباء وأصحابه
النقباء وأهل الفتوى في حياته: وفيه فصول حسبما تضمن من التراجم.
[فصل في ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم]
(الفصل الاول في ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم) وكان له من الولد القاسم
وبه كان يكنى وعبد الله وهو الطيب والطاهر وقيل اسمه الطيب فقط والطاهر آخر
وابراهيم والبنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وهلك البنون قبل النبوة الا
ابراهيم وماتوا وهم يرضعون وقيل بلغ القاسم ان يركب على الدابة ويسير على
النجيبة. وأما البنات فأدركن الاسلام وهاجرن وتوفين بالمدينة وأكبر بنيه
صلى الله عليه وسلم القاسم ثم الطيب ثم الطاهر ثم ابراهيم وأكبر بناته زينب
ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة وفيه خلاف واسع والله أعلم وكل أولاده من
خديجة الا ابراهيم فانه من مستولدته مارية القبطية وكلهم مات قبله الا
فاطمة فانها عاشت بعده ستة أشهر لم تفتر فيها ضاحكة وكانت زينب تحت أبى
العاص بن الربيع العبشمي وهو ابن خالتها وفرق الاسلام بينهما فلما أسلم أبو
العاص ردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالنكاح الأول وهذا موضع تنازع
بين العلماء في كيفية رده صلى الله عليه وسلم لزينب على أبى العاص بن
الربيع لان تلاحقهما قبره فقال له الى الآن تصلى فقال أو قد آمنت* الباب
الخامس- (وذكر مواليه) بالكسر (ورسله) بالكسر أيضا فيه وفيما بعده* ذكر
أولاده صلى الله عليه وسلم (كان له من الولد الى آخره) عن ابن عباس رضى
الله عنهما قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أولاد ذكور أربعة
من خديجة عبد الله وهو أكبرهم والطاهر وقيل هو عبد الله فهم ثلاثة والطيب
والقاسم وابراهيم من مارية وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع بنات زينب
ورقية وأم كلثوم وفاطمة أخرجه رزين (وتوفين بالمدينة) ودفن كلهن بالبقيع
كما مر (وأكبر بنيه القاسم) هذا خلاف ما أخرجه رزين عن ابن عباس انه عبد
الله (الا ابراهيم) بالنصب (لم تفتر) بالفاء وتشديد الراء أى لم تتبسم (وهو
ابن خالتها) هالة بنت خويلد (العبشمى) نسبة الى بني عبد شمس كما مر (لان
تلاحقهما
(2/137)
في الاسلام كان بعد انقضاء العدة وزمن طويل
قدر ست سنين والصحيح انه ردها عليه بنكاح جديد وتأولوا الحديث الوارد في
ردها عليه بالنكاح الأول ان معناه على مثله والله أعلم وولدت زينب من أبى
العاص أمامة وعلى وكان علىّ بن أبى طالب تزوج أمامة بعد موت خالتها فاطمة
وكانت رقية وأم كلثوم تحت عتبة وعتيبة ابني أبى لهب فطلقاهما في خبر يطول
ذكره وتزوجهما عثمان واحدة بعد واحدة وماتا عنده وتزوج البتول فاطمة الوصى
على ابن أبى طالب رضى الله عنهما فنشر منهما الخير الكثير ولا يعلم للنبى
ذرية الا من جهتهما وقد ذكرت أولادهم وتنزيل بطونهم في كتابى الرياض
المستطابة في جملة من روي في الصحيحين من الصحابة.
في الاسلام (كان بعد انقضاء العدة) والنكاح ينفسخ بانقضائها أى يتبين به
الانفساخ من يوم اختلاف الدين قال ابن شهاب لم يبلغنا ان امرأة هاجرت الى
الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر الا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها
الا ان يقدم زوجها مهاجرا قبل ان تنقضى عدتها وانه لم يبلغنا ان امرأة فرق
بينها وبين زوجها اذا قدم وهي في عدتها (والصحيح انه ردها عليه بنكاح جديد)
قال المحققون لا حاجة الى هذا التأويل لان النكاح يومئذ لم يكن موقوفا على
انقضاء العدة لان هذا الحكم انما شرع بانه تحريم المسلمات على المشركين بعد
صلح الحديبية فلما نزلت الآية توقف نكاح زينب على انقضاء عدتها من حين نزول
الآية فلم يلبث أبو العاص بعد ذلك الايسيرا حتى جاء مسلما قبل انقضاء العدة
من حين نزول الآية وان كان بين اسلامها وهجرتها ست سنين (امامة) بضم الهمزة
وهي التي كان يحملها صلى الله عليه وسلم في الصلاة (وعليا) وهو الذي مات في
حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه ونفسه تقعقع كأنها في شنة
(وكان على بن أبي طالب تزوج امامة بعد موت خالتها فاطمة) بوصية من فاطمة
رضى الله عنها وتزوجت بعد على المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب
بوصيته من على (عتبة) بضم المهملة وسكون الفوقية ثم موحدة (وعتيبة)
بالفوقية والموحدة مصغر واختلف في الذي دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم
ان يسلط الله عليه كلبا من كلابه هل هو عتبة أو عتيبة والمشهور انه عتيبة
وأما عتبة فاسلم هو وأخوه معتب يوم الفتح ولم يهاجرا من مكة وعلى الاول بنى
عياض كلامه في الشفاء (البتول) بفتح الموحدة وضم الفوقية سميت بذلك لتبتلها
وانقطاعها عن النساء بالفضيلة وتسمى الزهراء أيضا وسبب تسميتها بذلك انها
لم تحض أخرجه الغساني والخطابي بلفظ ابنتى فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم
تطمث (فنشر) بالنون والمعجمة (منهما الخير الكثير) كان أولاد على من فاطمة
ثلاثة ذكور حسن وحسين ومحسن وبنتين زينب وأم كلثوم وكلهم أعقبوا ما عدا
محسنا وكانت زينب تحت عبد الله بن جعفر وأم كلثوم زوجها على من عمر رضى
الله عنهما كما أخرجه رزين عن ابن عباس وأمهرها عمر أربعين ألف دينار وذكر
ابن المعلى ان عمر
(2/138)
[فصل في ذكر
أزواجه صلى الله عليه وسلم]
(فصل) في ذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم وقد تقدم ذكر كثير منهم متفرقا في
حوادث السنين ونذكرهم هنا جملة وبالله التوفيق* أولهن وأولاهن بالذكر خديجة
بنت خويلد الأسدية وأمها فاطمة بنت زائدة العامرية تزوجها وهي بكر عتيق بن
عايذ المخزومى فولدت له جارية ثم هلك عنها فتزوجها بعده أبو هالة النباش
ابن زرارة التميمى فولدت له ابنا وبنتا ثم هلك عنها فتزوجها بعده رسول الله
صلى الله عليه وسلم وماتت عنده في التاريخ المتقدم ولم يتزوج عليها حتى
ماتت ومذهب المحققين انها أفضل من عائشة وان فاطمة أفضل من الجميع* ثم تزوج
صلى الله عليه وسلم بعدها سودة بنت زمعة العامرية وكانت قبله تحت السكران
بن عمر والغامري أخى سهيل بن عمرو وانفردت بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد
موت خطبها الى على فقال هي صغيرة فقال عمر أريدها فارسل اليه بها وقال قد
زوجته ان قبل فلما أقبلت اليه رفع طرف ثوبها فقالت أرسل الثوب فلولا انك
أمير المؤمنين للطمت وجهك قال وكانت وفاتها هى وابنها زيد بن عمر في يوم
واحد وكانت ولادتها في حياته صلى الله عليه وسلم (تنبيه) في تزويج سيدنا
عمر اياها مع كونها صغيرة اشكال من حيث ان الاب لا يزوج الصغيرة جبرا الا
بكفوء وسيدنا عمر وان كان أفضل منها بل ومن أبيها فليس كفؤ لها من حيث
النسب والجواب انهما كانا يريان صحة النكاح ثم تخير بعد البلوغ كما ذهب
اليه كثير من العلماء وهي لما بلغت لم تخير الفسخ أو كانا يريان صحة
التزويج مطلقا بحسب اجتهادهما
(فصل) في ذكر أزواجه (بنت زائدة) بالزاي والتحتية (عتيق بن عايذ) بالتحتية
والمعجمة بن عمران بن مخزوم (المخزومي) أخو عمرو بن عائذ أبي فاطمة أم عبد
الله والد النبى صلى الله عليه وسلم (فولدت له جارية) اسمها هند قاله
الزبير بن بكار وولدت له ذكرا يسمي عبد مناف بن عتيق قاله ابن أبي خيثمة
(أبو هالة) قال السهيلى اسمه هند بن زرارة بن النباش ولقبه النباش بالنون
والموحدة المشددة والشين المعجمة أيضا (النباش) اسمه هند قال السهيلي مات
بالطاعون طاعون البصرة وقد مات ذلك اليوم نحو من سبعين ألفا فشغل الناس
بجنائزهم عن جنازته فلم يوجد من يحملها فصاحت نادبته واهبل بن هنداه واربيب
رسول الله فلم يبق جنازة الا تركت وحملت جنازته على أطراف الاصابع ذكره
الدولابي (و) ولدت له أيضا بنتا قال السهيلي اسمها هالة وولدت له أيضا ابنا
آخر اسمه الطاهر لم يذكره المصنف (ومذهب المحققين انها أفضل من عائشة)
استدل له أبو بكر بن أبي داود بان خديجة جاءها السلام من ربها وعائشة من
جبريل (وأن فاطمة أفضل من الجميع) لحديث فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبنى
رواه البخاري عن المسور وروى أحمد والحاكم عنه فاطمة بضعة منى يقبضنى ما
يقبضها وينشطني ما ينشطها وأن الانساب تنقطع يوم القيامة غير نسبى ونسبتى
وصهرى وقد مر حديث أما ترضين أن تكونى سيدة نساء أهل الجنة (سودة بنت زمعه)
بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن نضر بن مالك بن حسان ابن عامر بن لوئ
(السكران) بفتح المهملة وسكون الكاف وهو أحد الذين ماتوا على القبلة الاولى
بمكة كما
(2/139)
خديجة ثلاثة أعوام ولما أحست ان النبي صلى
الله عليه وسلم رغب عنها وأراد طلاقها وهبت نوبتها من القسم لعائشة تبتغي
بذلك مرضات رسول الله صلى الله عليه وسلم والبقاء في عصمة نكاحه فكانت احدى
التسع التى مات عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت في خلافة عمر وقيل
ماتت سنة خمس وخمسين وهو الصحيح* وتزوج صلى الله عليه وسلم أم عبد الله
عائشة بنت أبى بكر التيمية وكان عقد بها قبل الهجرة وهى بنت ست سنين وقيل
سبع ودخل بها المدينة وهى ابنة تسع سنين ودفع أبو بكر في صداقها عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة أوقية ونشا وتوفي صلى الله عليه وسلم
عنها وهى ابنة ثمانية عشرة سنة وكانت أحظى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
عنده ولم يتزوج بكرا غيرها وعنها قالت تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم
فأتتني أمى فأدخلتني الدار فاذا نسوة من الانصار في البيت فقلن لى على
الخير والبركة وعلى خير طائر فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ضحى رواه البخاري توفيت بالمدينة سبق (وهبت نوبتها) كما رواه الشيخان
وغيرهما (من القسم) بفتح القاف وسكون المهملة مصدر (لعائشة) زاد المحب
الطبري وقالت لا رغبة لى في الرجال وانما أريد أن أحشر في أزواجك (تبتغي
بذلك مرضات رسول الله صلى الله عليه وسلم) فكان يقسم لعائشة يومها ويوم
سودة (وهي بنت ست سنين وقيل بنت سبع) هما روايتان في الحديث والاولى أكثر
قال النووي الجمع بينهما انه كان لها ست وكسر فاقتصرت في رواية على الست
وعدت الكسر في الاخرى وفي الحديث جواز تزويج الاب الصغيرة بشرطه والجد
كالاب عندنا (وهي بنت تسع) أخذ أحمد وأبو عبيد بظاهره فقالا يجبر الولى علي
تسليم بنت تسع سنين دون من دونها وذلك عندنا كمالك وأبي حنيفة منوط باقامة
الجماع وذلك مختلف باختلاف النساء ولا ينضبط بسن قال الداوودي وكانت عائشة
يومئذ قد شبت شبابا حسنا (اثنتى عشر أوقية ونشا) أخرجه مسلم وأبو داود
والنسائى عن عائشة وفيه أنها قالت للسائل أتدرى ما النش قال قلت لا قالت
نصف أوقية وهو بفتح النون وتشديد المعجمة ومقدار ذلك خمسمائة درهم لان
الاوقية اربعون درهم قال العلماء يستحب أن لا يزاد علي هذا القدر وأن لا
ينقص من عشرة دراهم وما جاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون صداقا عندنا لما روى
الطبراني ولو قضيبا من اراك وقدره أبو ثور وأبو حنيفة ومالك بنصاب السرقة
وهو عند أبي ثور خمسة وعند أبي حنيفة عشرة وعند مالك ثلاثة (احظى) باهمال
الحاء واعجام الظاء أى أرفع منزلة (فاتتني أمى) أم رومان زاد في رواية في
الصحيح واني لفي أرجوحة ومعى صواحب لى فاتيتها لا أدري ما تريد مني فاخذت
بيدى فأوقفتنى علي باب الدار (فاذا نسوة من الانصار في البيت فقلن علي
الخير والبركة وعلى خير طائر) فأسلمتنى اليهن فأصلحن من شأنى (فلم يرعنى
الا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحي) فأسلمتنى اليه وأنا يومئذ بنت تسع
سنين (رواه البخارى) ومسلم وأبو داود والنسائي وفي هذا الحديث ندب الدخول
(2/140)
سنة ثمان وخمسين عن خمس وستين سنة ودفنت في
البقيع ليلا وصلى عليها أبو هريرة قيل انها أسقطت من النبي صلى الله عليه
وسلم سقطا ولا يصح ذلك وانما كناها النبي صلى الله عليه وسلم بابن أختها
عبد الله بن الزبير كما رواه أبو داود وكانت قد تبنته ودعاها أما والله
أعلم* وتزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية وكانت قبله تحت خنيس بن حذافة
السهمى البدري توفي عنها بالمدينة وقد سبق ان النبي صلى الله عليه وسلم
طلقها فأمره جبريل بمراجعتها توفيت سنة خمس وأربعين وقيل توفيت حين بويع
لمعاوية وذلك سنة احدى وأربعين وصلى عليها مروان ونزل في قبرها أخواها عبد
الله وعاصم وابن أخيها سالم* وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة رملة
بنت ابى سفيان الاموية وكانت قبله تحت عبد الله بن جحش الاسدي وهاجرت معه
الى الحبشة وتنصر هناك وأتم لها الله هجرتها وتزوجها النبي صلى الله عليه
وسلم بأرض الحبشة وأصدقها عنه النجاشى قيل كان المتولى نكاحها عثمان بن
عفان وقيل خالد بن سعيد بن العاص وكانا من عشيرتها وقيل النجاشى وكان للنبي
صلى الله عليه وسلم خصائص في النكاح لا تختص لغيره ثم جدد النبي صلى الله
عليه وسلم نكاحها ثانيا من في شوال فان ذلك في الصحيحين وغيرهما وكذا
التزويج لانه صلى الله عليه وسلم تزوجها في شوال وفيه استحباب الدعاء
بالخير والبركة لكل من الزوجين وفيه يستحب تنظيف العروس وزينتها لزوجها
واجتماع النساء لذلك وفيه جواز الزفاف نهارا وفيه جواز اللعب باللعب المسمي
بالبنات ففي رواية زفت اليه وهي بنت تسع سنين ولعبها معها وأما الارجوحة
وهي بضم الهمزة أحسبه يلعب عليها يكون وسطها على مكان مرتفع ويجلسون على
طرفيها ويحركونها فيرتفع جانب وينزل آخر ومعنى قولها لم يرعني بالراء أي لم
يفاجأني ويأتيني بغتة الا هذا (توفيت بالمدينة سنة ثمان وخمسين) وقيل سنة
ست وخمسين (قيل أنها أسقطت من النبي صلى الله عليه وسلم سقطا) فسمي عبد
الله وكنيت به كما خرج ابن الاعرابي في ذلك حديثا مرفوعا ولا يصح ذلك
الحديث قال السهيلى لانه يدور على داود بن المحبر وهو ضعيف (خنيس) باعجام
الخاء واهمال السين وبالنون مصغر (وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم
طلقها) كما رواه أبو داود والنسائى عن عمر (فأمره جبريل أن يراجعها) كما في
تفسير البغوى فراجعها قال المحب الطبري ولما بلغ عمر طلاقها حثي على رأسه
التراب وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد هذا (توفيت سنة احدى وأربعين)
وقيل سنة خمس وأربعين وقيل غير ذلك (رملة) بفتح الراء وسكون الميم (وأصدقها
عنه النجاشى) أربعمائة دينار كما مر (ثم جدد النبى صلى الله عليه وسلم
نكاحها) أخذ ذلك من ظاهر سؤال أبي سفيان ذلك كما في صحيح مسلم قال
(2/141)
ابيها أبى سفيان تطييبا لقلبه والله أعلم
توفيت أم حبيبة بالمدينة سنة أربع وأربعين* وتزوج صلى الله عليه وسلم أم
سلمة هند ابنة ابى امية بن المغيرة المخزومية وكانت قبله تحت ابى سلمة عبد
الله ابن عبد الاسد المخزومي وولدت له عمر وسلمة وزينب ودرة وتوفي عنها
بالمدينة وثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله انا لله وانا اليه
راجعون اللهم أجرنى في مصيبتي واخلف لى خيرا منها الا أخلف الله له خيرا
منها قالت فلما مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خير من أبى سلمة أول بيت هاجر
الى الله ثم انى قلتها فأخلف الله لى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت
فأرسل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبى بلتعة يخطبني له فقلت
ان لى بنتا واني غيور فقال اما ابنتها فتدعو الله ان يغنيها عنها وادعو
الله ان يذهب بالغيرة عنها وتوفيت ام سلمة بالمدينة سنة اثنين وستين وقيل
سنة تسع وخمسين ودفنت بالبقيع وتزوج* صلى الله عليه النووي ولم ينقل وقد
مضي الكلام على ذلك في محله (وتزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة) قال ابن
اسحاق وأصدقها محبسه وهي الرحبى وذكر مع «1» الرجى أشياء لا تعرف قيمتها
منها خفيه وفراش وأخرج البزار من حديث أنس أصدقها متاعا قيمته عشرة دراهم
قال ويروى أربعون درهما (درة) بضم المهملة وتشديد الراء وصحف من أعجم الذال
(فيقول ما أمره الله) فيه دليل على أن المندوب مأمور به لانه صلى الله عليه
وسلم سماه مأمورا به والا أنها يقتضى ندبه (اللهم أجرنى) بالقصر على
المشهور وحكى صاحب الافعال المد أيضا أى اعطنى أجر صبري على هم المصيبة
(واخلف لى) بقطع الهمزة وكسر اللام اي رد على يقال اخلف لمن ذهب له ما
يتوقع حصول مثله وخلف بغير الف لما لا يتوقع مثله كأب (وأنا غيور) بفتح
المعجة ويقال في المرأة غيرى أيضا (أن يذهب بالغيرة) يقال ذهب الله بالشيء
قال تعالي ذهب الله بنورهم وأذهبه والغيرة بفتح المعجمة الانفة (ودفنت
بالبقيع) وهى آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم موتا (فائدة) أخرج
النسائي عنها قالت لما انقضت عدتي بعث الىّ أبو بكر يخطبني فلم أتزوجه فبعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب يخطبها عليه فقالت أخبر رسول
الله صلى الله عليه وسلم انى امرأة غيرى واني مصبية وليس أحد من أوليائي
شاهد فذكر ذلك له فقال ارجع اليها فقل لها أما غيرتك فسأدعو الله تعالى أن
يذهبها عنك وأما صبيتك فستكفين أمرهم وأما أولياؤك فليس أحد منهم شاهد ولا
غائب يكره ذلك فقالت لابنها يا عمر قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فزوجه واستدل بهذا الحديث الأئمة الثلاثة والمزني على ان الابن يزوج أمه
بالبنوة وأجاب عنه أصحابنا بان عمر كان صغيرا يومئذ لانه ولد بارض الحبشة
للسنة الثانية من الهجرة وزواج النبى صلى الله عليه وسلم بامه كان في
الرابعة ولو صح انه زوجها وانه كان بالغا فانما ذلك ببنوة العم فانه ابن
ابن عم ابنها مع أن نكاحه صلى الله عليه وسلم لا يفتقر الى
__________
(1) كذ في الاصل وكذا عند قوله والا انها يقتضى ندبه
(2/142)
وسلم زينب بنت جحش الاسدية وهى ابنة عمته
أميمة بنت عبد المطلب وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة وكان لزواجها
الشأن العظيم والخطب الجسيم وقد سبق ذكر ذلك توفيت بالمدينة سنة عشرين*
وتزوج صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار الخزاعية
المصطلقية وكان اسمها برة فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها وسماها
جويرية وكانت قبله عند مسافع بن صفوان الخزاعى وكانت حين سبيت وقعت في سهم
ثابت بن قيس بن شماس فكاتبها فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في
كتابتها فأدى عنها وتزوجها وذلك سنة ست من الهجرة توفيت بالمدينة في ربيع
الأول سنة خمس أوست وخمسين** وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت
حي بن أحطب النضرية وأمها برة بنت سموال أخت رفاعة بن سموال وهي من سبط
لاوي بن يعقوب ثم من ولد هرون بن عمران أخي موسى بن عمران صلى الله عليه
وسلم عليهما وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم تحت كنانة بن أبي الحقيق
فقتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر واصطفاها لنفسه وأعتقها وتزوجها
وقد تنوزع في كيفية زواجها توفيت سنة ست وثلاثين وقيل سنة خمس وثلاثين*
وتزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث الهلالية وكانت قبله تحت أبى
رهم العامري وهي خالة ابن عباس وخالد بن الوليد وقد سبق أن النبي صلى الله
عليه وسلم تزوجها في عمرة القضاء بسرف ودخل بها فيه وماتت ودفنت فيه سنة
احدى وخمسين فهؤلاء غير خديجة جملة من مات عنهن النبي صلى الله عليه وسلم*
وتزوج صلى الله عليه وسلم أم المساكين زينب بنت خزيمة الهلالية وأقامت عنده
شهرين أو ثلاثة وماتت معه وكانت قبله تحت عبد الله ولي وأجاب ابن الجوزي
بانها أرادت عمر بن الخطاب فظن بعض الرواة أنها أرادت ابنها (أميمة)
بالتصغير (توفيت بالمدينة سنة عشرين) في خلافة عمر رضى الله عنه (جويرية
بنت الحارث) قال ابن اسحاق أسلم الحارث وأسلم ابناه وهما الحارث وعمرو بن
الحارث (وكان اسمها برة) كما كان اسم زينب أيضا وهو بفتح الموحدة وتشديد
الراء (وسماها جويرية) تفاديا من التزكية في برة (مسافع) بضم الميم واهمال
السين والعين وكسر الفاء (توفيت بالمدينة سنة خمس أوست وخمسين) أو سنة
خمسين أقوال أصحها الثالث (بنت سموال) بكسر المهملة بوزن غربال (لاوى بن
يعقوب) بكسر الواو وتخفيف التحتية (تحت كنانة بن أبي الحقيق) وكانت قبل
كنانة تحت سلام بن مشكم (توفيت سنة ست وثلاثين) وقيل سنة خمسين في امارة
معاوية وهذا هو الصحيح (تحت ابى رهم) بضم الراء وسكون الهاء (سنة احدى
وخمسين) على الصحيح وقيل سنة تسع
(2/143)
ابن جحش وقيل الطفيل بن الحارث* وتزوج صلى
الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك ولما نزلت آية التخيير فارقها وكانت ممن
اختارت الدنيا ثم ندمت فلم يحل لها الرجوع اليها: قيل وتزوج صلى الله عليه
وسلم اساف أو شراف بنت خليفة أخت دحية بن خليفة ولم تقم عنده الا يسيرا حتى
توفيت وقيل هلكت قبل أن يدخل بها* وذكر في أزواجه صلى الله عليه وسلم عالية
بنت ظبيان وطلقها حين أدخلت عليه* وذكر في أزواجه خولة وقيل خويلة بنت حكيم
يقال هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وقيل الواهبة أم شريك
ويجوز أن يكونا معا* وذكر فيهن بنت الصلت وماتت قبل أن يدخل بها* وتزوج
امرأة من بنى غفار فلما نزعت ثيابها رأى بها بياضا فقال الحقى بأهلك
واتفقوا على نكاح الجونية ثبت في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم
لما دخل عليها قال هبي نفسك لى قالت وهل تهب الملكة نفسها لسوقة فأهوى بيده
ليضع يده عليها لتسكن فقالت أعوذ بالله منك فقال عذت بمعاذ وثلاثين (أساف)
كاسم الصنم (أو شراف) بفتح المعجمة وتخفيف الراء آخره فاء (عالية) بالمهملة
والتحتية (بنت ظبيان) بفتح المعجمة وضمها وتقديم الموحدة على التحتية
(وطلقها حين أدخلت عليه) لانه رأي بكشحها بياضا أي بجنبها كذا قال ابن
باطيس أنها هي وسيأتي الخلاف فيها (خولة) بفتح المعجمة وسكون الواو (وقيل
خويلة) بالتصغير (وقيل الواهبة) ميمونة بنت الحارث وقيل زينب امرأة من
الانصار وقيل (أم شريك) بنت دودان ويقال بنت جابر وأخرج ذلك النسائي عن
عائشة وأم شريك بفتح المعجمة وكسر الراء اسمها غزية وقيل غزيلة (بنت الصلت)
بفتح المهملة وسكون اللام ثم فوقية (وتزوج امرأة من بنى غفار) قال الحاكم
اسمها أسماء بنت النعمان الغفارية (رأى بها) أى بكشحها (بياضا) أي برصا
فردها على أهلها (فقال الحقي باهلك) وقال لاهلها دلستم علىّ رواه أبو نعيم
في الطب والبيهقي والحاكم باسناد ضعيف ففي ذلك ثبوت الخيار في النكاح
بالبرص وان قل قال أصحابنا ولم يذكر الشافعي هذا الحديث لانه ضعيف وبتقدير
صحته فيحتمل انه ردها بطلاق لافسخ وانما ذكر بسند صحيح الى عثمان ايما رجل
تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص الى آخره (علي نكاح الجونية) اسمها
أسماء وقيل عميرة وقيل أميمة بنت النعمان وقيل بنت يزيد وقيل بنت كعب بن
الجون بن شراحيل وقيل ابن الاسود بن الحارث بن شراحيل بن النعمان من كندة
(ثبت في صحيح البخاري) وسنن النسائي عن عائشة (وهل تهب الملكة نفسها لسوقة)
بضم المهملة وسكون الواو بعدها قاف يقال ذلك للواحد من رعية والجمع سموا
سوقة لان الملك يسوقهم قال ابن المنير وهذا من بقية ما كان من عزهم في
الجاهلية يسمون من ليس بملك سوقة وقيل إنها لم تعرفه (فأهوى بيده) اى امال
بها (فقال قد عذت) أي استعذت (بمعاذ) بفتح الميم اسم لما يستعاذ به وفي
رواية أخرى في الصحيح لقد عذت بعظيم ألحقى باهلك وهذا من خصائصه صلى الله
عليه وسلم انه يجب عليه مفارقة من كرهت
(2/144)
ثم قال صلى الله عليه وسلم يا أبا أسيد
أكسها رازقتين وألحقها بأهلها قيل وكان قولها ذلك على تعليم زواجه قلن لها
انه يحب ذلك* وخطب صلى الله عليه وسلم امرأة فقال أبوها ازيدك انها لم تمرض
يصفها بذلك فتركها* وخطب امرأة الى أبيها فقال ان بها برص ولم يكن بها وجع
فرجع فاذا هى برصاء (وذكر ابن هشام) وغيره تبعا لابن اسحاق ان جملة أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة زوجة ست قرشيات وسبع عربيات واسرائيلية
وذكر ابن سعد في شرف النبوة ان جملتهن احدى وعشرون واتفقوا على انه صلى
الله عليه وسلم دخل باحدى عشرة مات ثنتان قبله وتوفي عن تسع وكان يقسم
لثمان وكان أكثر صداق عقد به صلى الله عليه وسلم لنفسه وبناته خمسمائة درهم
فهى سنة فينبغى تحريها والوقوف عليها والارتسام بها والله أعلم
[فصل في ذكر الأعمام والعمات]
(فصل) في ذكر الأعمام والعمات: ولم يذكر أحد له صلى الله عليه وسلم خالة
ولا خالات ولا اخوة وكان عمومته صلى الله عليه وسلم أحد عشر ذكر وست نسوة
(أولاهم بالذكر) أولا أسد الله وأسد رسوله وأخوه من الرضاعة أبو يعلي وقيل
أبو عمارة حمزة بن المقام عنده (يا أبا أسيد) بالتصغير واسم أبي أسيد مالك
بن ربيعة (أكسها) بضم الهمزة والسين (رازقتين) برا فزاي فقاف والرازقية
نياب بيض طوال من الكتان يكون في لونها زرقة في هذا الحديث وجوب المتعة
للمفارقة قبل الدخول كما قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا
نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ الى قوله
فَمَتِّعُوهُنَّ وفيه جواز كونها من غير النقد وجواز التوكيل في ادائها
(وألحقها) بفتح الهمزة وكسر الحاء (أزبدك) في وصفها (فتركها) زاد المحب
الطبري وقال ما لهذه عند الله من خير (فاذا هى برصاء) بالمد (مات ثنتان
قبله) وهما خديجة وزينب بنت خزيمة (وتوفي عن تسع) وهي عائشة وحفصة وزينب
بنت جحش وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وأم سلمة هند بنت أبى أمية
المخزومية وجويرية بنت الحارث وميمونة بنت الحارث وسودة بنت زمعة وصفية بنت
حي وقد نظمتهم فقلت
توفي خير الخلق عن تسع نسوة ... فخذ عدهن نظما واصغ له السمعا
فناة أبي بكر وحفصة زينب ... ورملة هند ثم ميمونة تدعا
جويرية مع سودة وصفية ... كملن بهذا النظم يا سائلي تسعا
وكان يقسم لثمان وهن ما عدا سودة وقع في مسلم ما عدا صفية وهو وهم بالاتفاق
(تحريها) بالمهملة وتشديد الراء أى قصرها (والارتسام بها) أي الاحتباس
عندها لا تتجاوزها.
(فصل) في ذكر الاعمام والعمات (أسد الله وأسد رسوله) سماه بذلك النبي صلى
الله عليه وسلم في حديث الديلمى في مسند الفردوس عن ابن عباس (وأخوه من
الرضاعة) من ثويبة ومن حليمة أيضا فقد أخرج ابن سعد عن ابن عباس وأم سلمة
حمزة بن عبد المطلب أخي من الرضاعة (أبو عمارة) بضم العين شهد مع
(2/145)
عبد المطلب أسلم قديما وعز الاسلام باسلامه
وشهد بدرا وأبلى فيها واستشهد بأحد ولم يخلف الا ابنة واحدة ذكر ذلك المحب
الطبري ولا يصح ذلك فقد ذكر مصعب الزبيرى ان ابنه يعلى الذى كنى به أعقب
خمسة من البنين ثم انقرضوا وذكر غيره ان له ابنة اسمها عمارة كنى بها أيضا
وجرى ذكرها في العتق في سنن الدار قطنى ولها قصة وابنته أمامة وهى التى جرى
ذكرها في عمرة القضاء وتنازع فيها على وجعفر وزيد وقيل للنبي صلى الله عليه
وسلم الا تتزوج بنتا الحمزة والله أعلم (ثانيهم) أبو الفضل العباس كان اسن
من النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين أسلم يوم بدر وقيل لم يتعين وقت
اسلامه لانه كان من أول أمره مسددا مقاربا شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم
العقبة وشهد له العقد مع الانصار ولما أسلم استأذن النبي صلى الله عليه
وسلم في الهجرة فقال له مقامك بمكة خير لك فكان عونا للمستضعفين من
المسلمين وكان يكتب الى النبى صلى الله عليه وسلم بأخبار المشركين ثم لقى
النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا في سفر الفتح فرجع معه فشهد معه الفتح
وحنينا وابلى فيها وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعظمه ويبجله وكذلك
الخلفاء بعده مات سنة اثنين وثلاثين في خلافة عمر بعد ان كف بصره وكان له
من الولد عشرة بنين وثلاث بنات وعد من الصحابة منهم الفضل وعبد الله وعبيد
الله وقثم ومعبد ولا يعلم بنو أم تباعدت قبورهم كبني العباس فقبر الفضل
باليرموك من أرض الشام وعبد الله بالطائف وعبيد الله بالمدينة وقثم بسمرقند
ومعبد بأفريقية رضى الله عنهم أجميعن (ثالثهم أبو طالب) واسمه عبد مناف وهو
أخو عبد الله ابى النبي صلى الله عليه وسلم لامه أمهم وأم عاتكة فاطمة بنت
عمرو المخزومية وله من الولد أبو طالب وعقيل وجعفر وعلىّ كلهم صحابيون الا
طالبا اختطفته الجن فذهب ولم يعلم باسلامه قيل ومن العجائب ان بين كل واحد
منهم وبين أخيه في السن عشر سنين وكان له من البنات النبى صلى الله عليه
وسلم العقبة وهو على دين قومه كما مر (ومات) بالمدينة الشريفة ليلة الجمعة
لثنتى عشر خلت من ربيع الاول (سنة اثنين وثلاثين) أو أربع وثلاثين عن ثمان
وثمانين سنة (في خلافة عثمان) وكان هو الذي صلى عليه (وكان له من الولد
عشرة بنين) وقد سبق ذكرهم (باليرموك) بالتحتية (بافريقية) بكسر الهمزة
والراء والقاف وسكون الفاء وتشديد التحتية (عاتكة) بالمهملة والفوقية اختلف
في اسلامها
(2/146)
أم هانئ واسمها فاختة وقيل هند وذكر من
بناته أيضا جمانة والله أعلم* رابعهم الحارث وهو أكبرهم في السن وانما قدمت
حمزة والعباس عليه لشرف الاسلام وقدمت أبا طالب لشرف كفالة النبي صلى الله
عليه وسلم ولا مزية لبقيتهم ومن ولد الحارث أبو سفيان أسلم في سفر الفتح
وحسن اسلامه وعاد يمدح النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان كان يهجوه ولم يكن
له عقب ونوفل بن الحارث أسلم أيام الخندق وهاجر وله عقب وعبد شمس بن الحارث
وسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله عقبه بالشام* خامسهم قثم بن عبد
المطلب مات صغيرا وهو أخو الحارث لامه* سادسهم الزبير وكان من أشرف قريش
وهو الذي سعي في حلف الفضول وابنه عبد الله بن الزبير شهد حنينا وثبت يومئذ
واستشهد بأجنادين وجد الى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتل ومن ولده ضباعة بنت
الزبير صحابية وأم الحكم لها صحبة ورواية* سابعهم عبد الكعبة* ثامنهم
الغيداق سمى بذلك لسخائه وجوده* تاسعهم حجل واسمه المغيرة* عاشرهم ضرار أخو
العباس لأمه* الحادي عشر أبو لهب واسمه عبد العزى كنى بأبى لهب لحسن وجهه
وكان من أسوأ أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم حالا فيه وكفاه من الذم ما
ورد في حقه في التنزيل وفي صحيح البخاري انه أريه بعض أهله بشر هيئة أي حال
فقال (أم هاني) اسمها فاختة وقيل هند تزوجها هبيرة ابن أبي وهب بن عايذ بن
عمرو بن مخزوم فولدت له جعدة وهانئا وماتت في زمن معاوية (جمانة) بضم الجيم
وتخفيف الميم (أبو سفيان) اسمه المغيرة على الصحيح كما مر ابن الحارث بن
عبد المطلب سبق ذكره عند ذكر اسلامه وقيل قال النبي صلى الله عليه وسلم أبو
سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة رواه الحاكم بسند صحيح عن عروة مرسلا
(ونوفل) بفتح النون والفاء بينهما واو ساكنة (قثم) بضم المقاف وفتح المثلثة
(الزبير) وهو شقيق عبد الله وأبي طالب كما مر (باجنادين) بفتح الهمزة وسكون
الجيم بعدها نون فألف فمهملة مفتوحة ومكسورة موضع بقرب بيت المقدس كانت
غزوته في أوائل خلافة عمر رضى الله عنه (ضباعة) بضم المعجمة بعدها موحدة
واهمال العين هى التى قال لها النبى صلى الله عليه وسلم احرمي وأشترطى
وقولى اللهم محلي حيث حبستنى (وأم الحكم) بفتح الحاء والكاف اسمها كنيتها
(الغيداق) بفتح المعجمة وسكون التحتية بعدها مهملة (سمى بذلك لسخائه وجوده)
مأخوذ من الماء الغدق وهو الكثير ويسمى كريم الخلق غيداقا قاله في القاموس
(حجل) بمهملة مفتوحة فجيم ساكنة كذا في القاموس وضبطه ابن عبد البر بتقديم
الجيم وصححه ابن الاثير (واسمه المغيرة) ولقب جحلا بتقديم الجيم لحسنه
وعظمه (ضرار) بكسر المعجمة (أخو العباس لامه) واسمها نتيلة بالنون والفوقية
مصغر بنت حباب النمرية قيل وهى أول اعرابية كست الكعبة الحرير وسببه أن
العباس ضاع وهو صغير فنذرت ان وجدته أن تكسوها (ان أريه بعض أهله) هو
العباس كما مر (هيئة) بفتح المهملة وكسرها وتقديم التحتية على الهمزة
(2/147)
لم ألق بعدكم خيرا لكني شفيت في هذه يعني
نقرة الابهام بعتقى ثويبة وقد سبق ذكر ذلك مبينا عند ذكر مولده صلى الله
عليه وسلم ومن أولاد أبى لهب عتبة ومعتب ثبتا مع النبى صلى الله عليه وسلم
يوم حنين ودرة صحابية أيضا وأما عتيبة فقتلته الأسد بالزوراء من أرض الشام
على كفره بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم. وأما العمات فست أولهن صفية أم
الزبير وهى أخت حمزة لامه أسلمت وهاجرت وتوفيت بالمدينة في خلافة عمر
ثانيتهم عاتكة اختلف في اسلامها وهى صاحبة الرؤيا في يوم بدر وكانت عند أبى
أمية المخزومي فولدت له أم المؤمنين أم سلمة وعبد الله وله صحبة وزهيرا
وقريبة الكبرى. ثالثتهم أروى وكانت تحت عمير بن وهب العبدرى فولدت له طليب
بن عمير وكان من المهاجرين الأولين شهد بدرا واستشهد بأجنادين ولا ولد له.
رابعتهم أميمة كانت تحت جحش بن رباب فولدت له زينب أم المؤمنين وعبد الله
واستشهد بأحد ودفن مع خاله الحمزة وأبا أحمد الأعمى الشاعر وأم حبيبة وحمنة
كلهم لهم صحبة وعبيد الله أسلم ثم تنصر بالحبشة ومات بها. خامستهم برة
وكانت عند عبد الاشهل بن هلال المخزومي فولدت له أبا سلمة زوج أم سلمة قبل
النبي صلى الله عليه وسلم. سادستهم أم حكيم واسمها البيضاء وهى تؤمة عبد
الله أبى النبي صلى الله عليه وسلم وكانت عند كريز بن ربيعة العبشمى فولدت
له أروى بنت كريز أم عثمان ابن عفان.
(درة) بضم المهملة وتشديد الراء (بالزوراء) بتقديم الزاى على الراء وبالمد
(بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم) قال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك وقد مر
الخلاف فيه هل هو عتبة أو عتيبة (أخت حمزة لامه) وهي هالة بنت وهب بن عبد
مناف بن زهرة (ابي أمية المخزومى) اسمه حذيفة كما مر مرات (وعبد الله) الذى
أسلم هو وأبو سفيان بن الحارث في غزوة الفتح (وزهيرا) عده ابن مندة وأبو
نعيم في الصحابة وكان من المؤلفة وهو أحد الخمسة المتمالئين على نقض
الصحيفة كما مر (وقريبة) بالقاف والموحدة مصغر (أروى) بفتح الهمزة وسكون
الراء وفتح الواو والقصر (عمير بن وهب) بالتصغير بن عبد مناف بن عبد الدار
(طليب) باهمال الطاء مصغر (وأبا أحمد) قال ابن عبد البر اسمه عبد بن جحش
(وأم حبيبة بنت جحش) لا يعرف اسمها (وحمنة) بفتح المهملة والنون بينهما ميم
ساكنة (برة) بفتح الموحدة والراء المشددة (عبد الاسد) بالمهملة وقيل
بالمعجمة كما مر (أم حكيم) بفتح الحاء وكسر الكاف (اسمها البيضاء) بالمد
سميت بذلك لفرط جمالها (كريز) بتقديم الراء على الزاى مصغر (ابن ربيعة) بن
عبد شمس وهو أخو عتبة وشيبة ابنا ربيعة (أروي) تقدم ضبطها قريبا (أم عثمان
بن عفان) وأم الوليد وخالد وعمارة وأم كلثوم بنى عقبة بن أبي معيط بن أبي
عمرو ابن أمية بن عبد شمس.
(2/148)
[فصل في
مرضعاته وأخواته من الرضاعة]
(فصل) في مرضعاته وأخواته من الرضاعة أرضعته أولا ثويبة مولاة أبى لهب فكان
اخوته منها عمه حمزة وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وعبد الله
بن جحش وابنها مسروح وهو صاحب اللبن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعرف ذلك لثويبة ويصلها من المدينة ولما افتتح مكة سأل عنها وعن ابنها
مسروح فأخبر أنهما ماتا فسأل عن قرابتها فلم يجد أحدا منهم حيا وسبق قريبا
ما حصل لأبى لهب بعتقه ثويبة ثم أرضعته صلى الله عليه وسلم حليمة بنت أبى
ذؤيب السعدية وكان بنوها اخوته وهم عبد الله والشيماء وأنيسة بنو الحارث بن
عبد العزى أسلموا كلهم وبسبب هذا الرضاع أعتق صلى الله عليه وسلم سبي هوازن
وكانوا ستة آلاف وذكر أهل السير ان حليمة ردته الى أمه صلى الله عليه وسلم
وهو ابن خمس سنين وشهر ثم لم تره بعدها الا مرتين احداهما بعد تزويجه
لخديجة جاءته تشكو اليه جدب بلادهم فاستوهب لها من خديجة عشرين رأسا من
الغنم وبكران والثانية يوم حنين وذكر بعضهم في اخوته من حليمة ابن عمه أبا
سفيان بن الحارث والله أعلم.
(فصل) في ذكر مواليه صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء أما الذكور فأحد
وثلاثون. أولهم زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي وكان من سبى العرب فاشتراه
حكيم ابن جزيمة لعمته خديجة ثم وهبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأعتقه
وتبناه فكان يدعى زيد ابن محمد وفيه نزل قوله تعالى ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ
وثبت له منقبة لم تثبت لغيره من الصحابة وهي انه ذكر في القرآن العظيم
باسمه العلم فقال تعالى فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها
وقد سبقت الاشارة الى ذلك مع ما ثبت له في الاسلام من المشاهد الجميلة
الجليلة وختم الله له بالشهادة فاستشهد بمؤتة سنة ثمان رضي الله عنه. ثم
ابنه اسامة بن زيد حبّ رسول الله (فصل) في مرضعاته (وابنها مسروح) بالمهملة
أو بالجيم كما مر (وأنيسة) بالنون وبالتحتية والمهملة مصغر وبقي من مرضعاته
خمس بعد أمه ذكرتهم أول الكتاب عند ذكر رضاعه صلى الله عليه وسلم.
(فصل) في ذكر مواليه (الكلبي) سبق ذكر نسبه في بدء الوحي (زيد بن محمد)
بالفتح (فلما قضي زيد منها) أى من زينب وقد تقدم ذكر زيد وترجمته وفائدة
تتضمن كرامة له في أول الكتاب (حب رسول الله)
(2/149)
صلى الله عليه وسلم وابن حبه وابن أمه وابن
أمته الخليق للامارة ابن الخليق لها توفي اسامة بوادي القرى وحمل الى
المدينة سنة أربع وخمسين وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله عشرون
سنة. ثم ثوبان بن بجدد قيل انه من حمير أصابه سبأ في الجاهلية فاشتراه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه ولازمه حتى توفي وبعده انتقل الى الشام
وتوفي سنة خمس وأربعين وقيل سنة أربع وخمسين. ثم أبو كبشة وكان من مولدى
مكة وقيل أرض «1» دوس اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه وشهد
بدرا توفي أول يوم استخلف عمر. ثم أنيسة من مولدى السراة اشتراه رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأعتقه. ثم شقران واسمه صالح قيل ورثه من أبيه وقيل
اشتراه من عبد الرحمن بن عوف وأعتقه. ورباح اسود نوبى اشتراه من وفد عبد
القيس وأعتقه. ثم يسار توفي أيضا أصابه في بعض الغزوات وهو الذى قتله
العرنيون ومثلوا به وحمل الى المدينة ميتا. ثم أبو رافع القبطى واسمه أسلم
وقيل ابراهيم وهبه العباس للنبى صلى الله عليه وسلم فأعتقه حين بشره باسلام
العباس وزوجه مولاته سلمى فولدت له عبيد الله كاتب على توفي ابو رافع بعد
عثمان وحديثه مع أبى لهب في خبر يوم بدر وانتصار أم الفضل له مشهور والله
أعلم. أبو مويهبة من مولدى مزينة اشتراه صلى الله عليه وسلم وأعتقه. فضالة
نزل الشام ومات بها. رافع كان لسعيد بن العاص فورثه ولده فأعتقه بعضهم بكسر
الحاء أي محبوبة (وابن أمه) الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم لانه كان يقول
أم أيمن أمى بعد أمي كما رواه ابن عساكر عن سلمان بن أبي سلخ مفصلا
(الخليق) بالمعجمة والقاف الحقيق وزنا ومعنى (توفي أسامة) بالمدينة أو
(بوادي القري) أو بالجرف (وحمل الى المدينة) أقوال وكانت وفاته (سنة أربع
وخمسين) أو سنة أربعين بعيد على قولان وقال ابن عمر عجلوا بحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم قبل أن تطلع الشمس كما نقله ابن عبد البر وغيره (وله
عشرون سنة) وقيل دون ذلك ثم ثوبان بفتح المثلثة والموحدة بينهما واو ساكنة
وآخره نون (ابن بجدد) بموحدة مضمومة فجيم ساكنة فمهملة مكررة الاولى منهما
مضمومة مصروف (ولازمه) حضرا وسفرا (انتقل الى الشام) فنزل الرملة ثم انتقل
الى حمص فابتنى بها دارا (أبو كبشة) بفتح الكاف والمعجمة بينهما موحدة
ساكنة لا يعرف اسمه (ثم أنيسة) بالنون والتحتية والمهملة مصغر (السراة)
بفتح المهملة والراء آخره هاء مثقلة موضع بنجد اليمن (شقران) بضم المعجمة
وسكون القاف كما مر (رباح) بفتح الراء والموحدة (نوبي) بضم النون وكسر
الموحدة وتشديد التحتية (يسار) بتحتية فمهملة مفتوحتين (ومثلوا به)
بالتخفيف والتشديد قال المحب الطبرى قطعوا يديه ورجليه وغرزوا في عينيه
الشوك (أبو رافع اسمه أسلم) بوزن أحمد (وقيل ابراهيم) وقيل ثابت وقيل هرمز
(سلمى) بفتح السين كما مر (أبو مويهبة) بالموحدة مصغر لا يعرف اسمه (فضالة)
بفتح الفاء والمعجمة
__________
(1) كذا في الاصل.
(2/150)
وتمسك بعضهم فوهب له النبي صلى الله عليه
وسلم ما أدى قيمته فكان يقول أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. مدعم
وهبه له رفاعة بن زيد الجزامي فقتل بوادى القرى وهو الذى قال فيه النبي صلى
الله عليه وسلم ان الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا. كركرة وكان على ثقل
النبي صلى الله عليه وسلم وكان نوبيا أهداه له هوذة بن علي الحنفي فأعتقه.
زيد جد هلال بن يساف ابن زيد. عبيدة. طهمان. مأبور القبطى من هدايا المقوقس
وكان خصيا وهو ابن عم مارية أم ابراهيم. واقد أبو واقد. هشام بن ضميرة كان
من الفيء فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين. عسيب واسمه أحمر.
أبو عبيد. سفينة واسمه مهران وكنيته أبو أحمد لقب سفينة لانه حمل متاع
النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأسفار قيل وعبر بها بعض الانهار فقال له
النبي صلى الله عليه وسلم انما أنت سفينة قال فلو حمل على بعدها وقر سبعة
أبعرة ما ثقل علي الا ان تحفو وجرى له مع الأسد معجزة لرسول الله صلى الله
عليه وسلم وذلك انه ركب سفينة فانكسرت قال فركبت لوحا منها فطرحنى الى
الساحل فلقيني الأسد فقلت يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال فطأطأ رأسه وجعل يرفعني بجنبه حتى (مدعم) بكسر الميم وسكون
الدال وفتح العين المهملتين (وهبه له رفاعة بن زيد الخزامي) وهو أحد بني
الضبيب بضم المعجمة وفتح الموحدة ثم تحتية ساكنة ثم موحدة كما في الصحيحين
وغيرهما (فقيل بوادي القرى) عند انصرافهم من خيبر رمي بسهم وهو يحل رحل
رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيه حتفه فقال الناس هنيئا له الشهادة
يا رسول الله (وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم) جوابا لما قالوا
كلا والذي نفس محمد بيده (ان الشملة التى غلها) بخيبر لم تصبها المقاسم
(لتشتعل عليه نارا) كذا في الموطأ انه مدعم وفي صحيح البخاري في رواية انه
مدغم وفي أخرى انه كركرة وفي هذا الحديث تغليظ حرمة الغلول وانه ينفي عن
الشهيد اسم الشهادة بالنسبة الي الآخرة وفيه ان الشهادة لا تكفر تبعات
الخلق وهو كذلك كما جاء في الحديث الصحيح الا الذين كذلك قال لي جبريل
(كركرة) بكسر الكاف الثانية مع كسر الاولى وفتحها (هوذة) بفتح الهاء
والمعجمة بينهما واو ساكنة (ابن على الحنفي) صاحب اليمامة (ابن يساف) بفتح
التحتية والمهملة آخره فاء وربما ابدلوا أوله بهمزة مكسورة (عبيدة)
بالتصغير (طهمان) بفتح المهملة وسكون الهاء (مأبور) بالموحدة (واقد) بالقاف
(أبو واقد) كذلك أيضا (حنين) بالتصغير (عسيب) على لفظ عسيب النخل (سفينة)
على لفظ السفينة المعروفة (واسمه مهران) بكسر الميم وقيل بجران بالموحدة
المضمومة وسكون الجيم (الا ان تحفو) أي تعظم حفيه (وجري له مع الاسد معجزة)
ذكرها عياض في الشفاء بصيغة تمريض فقال ومن هذا الباب ما روى من تسخير
الاسد سفينة (فطرحنى الى الساحل) وفي الشفاء فخرج الي جزيرة (يرفعنى) بضم
(2/151)
أوقفني على الطريق وهمهم وظننت انه يودعني
وكان سفينة من مولدى العرب وقيل من أبناء فارس اشتراه النبي صلى الله عليه
وسلم فأعتقه وقيل أعتقته ام سلمة وشرطت عليه خدمة النبي صلى الله عليه وسلم
مات سفينة مع جابر بعد سبعين من الهجرة ذكر البخارى في التاريخ انه بقى الى
زمن الحجاج وفيه نظر. ابو هند ابتاعه النبي صلى الله عليه وسلم عند منصرفه
من الحديبية واعتقه وهو الذى قال في حقه زوجوا ابا هند وتزوجوا اليه. انجشه
حادى القوارير.
انسة وكان حبشيا فصيحا شهد بدرا وما بعدها واعتقه النبي صلى الله عليه وسلم
بالمدينة ومات في خلافة ابى بكر. ابو لبابة كان لبعض عماته فوهبته له
فأعتقه. رويفع سباه من هوازن فأعتقته هؤلاء من ذكر المحب الطبرى وفي بعضهم
تجوز وقد زدنا في تراجم بعضهم ونقصنا من بعضهم والله أعلم: وأما الاماء
فسبع احداهن سلمى أم رافع وسلمى هي قابلة فاطمة وابراهيم ابن النبي صلى
الله عليه وسلم وهي أم ولد أبى رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم. بركة
أم أيمن وهي أم اسامة بن زيد ورثها من أبيه فحضنته بعد وفات أمه فلما كبر
صلى الله عليه وسلم أعتقها وزوجها مولاه زيد بن حارثة وكانت قبله عند عبيدة
الحبشي فولدت له أيمن الذى كنيت به وله في الاسلام مشاهد جميلة وهو الذى
قال فيه حسان يوم خيبر معتذرا حين تغيب عن أوله وفتح الراء وكسر الفاء
المشددة (وهمهم) أى صوت علي هيئة المتنحنح (وظننت انه يودعني) في رواية في
الشفاء ان هذه القضية وقعت له اذ وجهه النبي صلى الله عليه وسلم الى معاذ
باليمن في ذهابه وفي منصرفه أيضا (وشرطت عليه خدمة النبى صلى الله عليه
وسلم) زاد المصنف في الرياض عشر سنين (أبو هند) بكسر الهاء وسكون النون
(أنجشة) بفتح الهمزة والجيم والمعجمة وسكون النون بوزن علقمة كان حبشيا
يكنى أبا مارية (حادى القوارير) الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم
رويدك بالقوارير وفي رواية لمسلم لا تكسر بالقواير وظاهر كلامه ان المراد
بالقوارير في الحديث الابل وهذا ضعيف والصواب ان المراد بالقوارير النساء
شبههن بقوارير الزجاج في ضعفها واسراع الانكسار اليها ومقصود الحديث الرفق
في السير لان الابل تسرع في المشي عند سماع الحداء مستلذة به فيخاف منها
ازعاج الراكب واتعابه فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لان النساء
يضعفن عن شدة الحركة ويخاف ضررهن وقيل كان انجشة حسن الصوت وكان يحدو وينشد
شيأ من القريض والرجز وما فيه تشبيب فلم يأمن صلى الله عليه وسلم تعنيهن
بحسن صوته ويقع في قلوبهن حداؤه فامره بالكف عن ذلك ومن أمثالهم الغثاء
رقية الزنا وهذا ما قال عياض انه أشبه بمقصوده صلى الله عليه وسلم وبمقتضي
اللفظ وجزم به الهروى وصاحب التحرير في الآخرين (أنسة) بفتح الهمزة والنون
والمهملة بوزن حسنة (أبو لبابة) بضم اللام وتكرير الموحدة (رويفع) بالراء
والفاء والعين المهملة مصغر (عبيد الحبشى)
(2/152)
خيبر وعيرته أمه فقال:
على حين ان قالت لا يمن أمه ... جبنت ولم تشهد فوارس خيبر
وأيمن لم تجبن ولكن ممهرة ... أضرّ به شرب المديد المخمر
ولام أيمن مناقب جليلة منها انها حضنت النبى صلى الله عليه وسلم ونشأ في
حجرها وكان يقول أم أيمن أمي بعد أمى وهاجرت على قدميها من مكة الى المدينة
منفردة في حر شديد وعطشت فسمعت خفيقا فوق رأسها فالتفتت فاذا دلو قد أدليت
اليها من السماء فشربت منها فلم تظمأ أبدا وكان لها على النبى صلى الله
عليه وسلم بسطة وادلال كثير وكان يزورها الى بيتها وكذلك أصحابه بعده وكانت
أول أهله لحوقا به بعد فاطمة ولم يحصل لامامة وابنه الحظوة من النبي صلى
الله عليه وسلم الا بسببها ومناقبها كثيرة شهيرة وكان أصلها من سبي الحبشة
أصحاب الفيل والله أعلم* مارية القبطية من هدايا المقوقس وهي أم ابراهيم بن
النبي صلى الله عليه وسلم ماتت سنة ست عشر في خلافة عمر* ريحانة بنت عمر
والقرظية اصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم من سبي بنى قريظة* ميمونة بنت
سعد* خضرة* رضوى
بالتصغير (جبنت) بفتح الجيم وتثليث الموحدة أى ضعف قلبك وعلاك الخورك
(مهرة) هو الفتى من الخيل (المديد) بفتح الميم وكسر المهملة وسكون التحتية
(المخمر) بالمعجمة والمديد ما يحسن من الحنطة أي وغيرها من الحبوب ثم يبل
ويترك حتى يخمر ثم يسقى الخيل (خفيقا) باعجام الخاء وتقديم الفاء على القاف
أى صوتا (فاذا دلو قد أدليت اليها من السماء) ذكر ذلك الواقدى وغيره من أهل
السير وفيه اثبات كرامات الاولياء وقد روي مثل قصتها عن أم شريك الرومية
انها عطشت في سفر فلم تجد ماء الا عند يهودى وأبا أن يسقيها الا أن تدين
بدينه فأبت الا أن تموت عطشا فدليت اليها دلو من السماء فشربت ثم رفعت
الدلو وهى تنظر ذكر قصتها ابن اسحاق في السيرة من غير رواية ابن هشام (فلم
تظمأ أبدا) قال السهيلي وكانت تتعمد الصوم في حراره القيظ لتظمأ فلا تظمأ
ولا ينافي ذلك ما رواه ابن جريج عنها أنها قامت ذات ليلة وهى عطشا فشربت
بوله صلى الله عليه وسلم وهي لا تعلم اذ لعل ذلك كان بمكة قبل الهجرة
(وادلال) بكسر الهمزة وسكون المهملة أي اجترأ (وكان يزورها الى بيتها) قضاء
لما عليه لها من حق التربيه (وكانت) أم أيمن (أول أهله) بالنصب خبر كانت
(وأبيه) زيد (خضره) بفتح المعجمة والراء بينهما ضاد معجمة مكسورة (رضوي)
بتثليث الراء والضم أشهر وسكون المعجمة وفتح الواو
(2/153)
[فصل في ذكر
خدمه من الأحرار صلى الله عليه وسلم]
(فصل) في ذكر خدمه من الأحرار صلى الله عليه وسلم وهم أحد عشر أولهم أولاهم
بالذكر أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجى أهدته أمه أم سلمة للنبي صلى
الله عليه وسلم فقبله وخدمه من حين قدم المدينة الى أن توفي. روي عنه قال
خدمته تسع سنين فما قال لى لشيء فعلته يا أنس لم فعلته وقالت أمه أم سلمة
يا رسول الله خادمك أنس فادع الله له فقال اللهم أكثر ماله وولده وبارك له
فيما أعطيته قال فانى لمن أكثر الانصار مالا وحدثتني أمينة ابنتي انه قال
دفن لصلبي الى مقدم الحجاج خمس وعشرون وماية سوى ولد ولدي وان نخلى لتثمر
في العام مرتين وعمر كثيرا وكان له وجه عند الخلفاء وغيرهم بخدمة رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى جرى له مع الحجاج واقعة تضمنت منقبة لعبد الملك بن
مروان وروى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكثر وتوفي بالبصرة سنة
تسعين وقيل احدى وتسعين وقيل ثلاث وتسعين وقدم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة وهو ابن عشر سنين* هند وأسماء ابنا حارثة الأسلميان* ربيعة بن كعب
الاسلمى (فصل) في ذكر خدمه من الاحرار (روى عنه قال خدمته تسع سنين) في
أكثر الروايات في الصحيحين وغيرهما عشر سنين وكلتا الروايتين صحيح لانه
خدمه تسع سنين وأشهرا ففي رواية التسع العي الكسر وفي رواية العشر حسب
الكسر سنة (فما قال لى لشيء فعلته الى آخره) فيه بيان كمال خلقه صلى الله
عليه وسلم وحسن معاشرته وحلمه (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما
أعطيته) في الحديث فضيلة لانس رضى الله عنه وفيه جواز الدعاء بالدنيا
ونحوها لكن لمن لا يخاف عليه منها فتنة ومنه اذا دعى بشيء له تعلق بالدنيا
يضم الى دعائه طلب البركة فيه ليكون رحمة وخيرا ونفعا لا ضرر فيه دنيوى ولا
أخروي (أمينة) بالنون مصغر (الى مقدم الحجاج) البصرة وكان مقدم الحجاج سنة
خمس وسبعين (خمس وعشرون ومائة) في رواية البخارى عشرون ومائة هذا وقد ولد
له بعد مقدم الحجاج أولاد كثيرة وكان من أكثر الناس أولادا لصلبه ومثله
المهلب بن أبي صفرة فانه وقع الى الارض من صلبه ثلاثمائة ولد قاله ابن
قتيبة وقال ابن خلكان ان المعمر بن ادريس خلف مائة ذكر وستين انثي (وان
نخلي لتثمر في العام مرتين) زاد الترمذي وكان فيه ريحان يجيء منه ريح المسك
(وعمر كثيرا) كان عمره مائة سنة وثلاث سنين أو وعشر سنين أو وسبع سنين أو
بضعا وتسعين سنة أقوال قال ابن عبد البر وأصح ما فيه ان عمره مائة سنة الا
سنة (حتى جرى له مع الحجاج واقعة) وذلك انه ختم في عنقه بالحديد أراد ان
يذله بذلك (تضمنت منقبة لعبد الملك بن مروان) حيث كتب الى الحجاج يأمره بفك
أنس ويذكره انه كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان (وقيل ثلاث
وتسعين) وهو الصحيح كما قاله خليفة بن خياط وغيره وقال مورق العجلي يوم
موته ذهب اليوم نصف العلم كان أهل الاهواء اذا خالفونا في الحديث قلنا لهم
هلم الى من سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم (ابنا حارثة) بالمهملة
والمثلثة (ربيعة بن كعب الاسلمى) هو الذى سأل النبي صلى الله عليه وسلم
مرافقته
(2/154)
كان من أصحاب الصفة توفي سنة ثلاث وستين*
عبد الله بن مسعود الهذلى وكان صاحب نعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا
قام ألبسه اياهما واذا جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم وكذلك كان يخبأله
سواكه حتى يحتاجه وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعرى قال قدمت أنا وأخى من
اليمن فمكثنا حينا ما نرى ابن مسعود وأمه الا من أهل بيت النبى صلى الله
عليه وسلم من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات
عبد الله بالكوفة وقيل بالمدينة سنة ثلاثين عن بضع وستين سنة عقبة بن عامر
الجهني كان صاحب نعل النبى صلى الله عليه وسلم يراعيه ويقود به في الأسفار
وتنبل بذلك فيما بعد فصار من سادة الصحابة أميرا شريفا ولى مصر لمعاوية
ومات بها سنة ثمان وخمسين بلال بن رباح ويقال له أيضا ابن حمامة وهى أمه
اشتراه أبو بكر حين كان يعذب في الله وأعتقه فخدم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولازمه حضرا وسفرا وتولى الأذان وهو أول من أذن في الاسلام في الجنة
فقال أعنى على نفسك بكثرة السجود (كان من أصحاب الصفة) زاد في الرياض ولزم
النبي صلى الله عليه وسلم حضرا وسفرا روى عنه قال كنت أتيت على باب النبى
صلى الله عليه وسلم وأعطيه الوضوء فاسمعه الهون من الليل يقول سمع الله لمن
حمده واسمعه الهون من الليل يقول الحمد لله رب العالمين (توفي سنة ثلاث
وستين) بعد الحرة (وكان صاحب نعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي صحيح
البخاري أليس فيكم صاحب النعلين والوسادة أو قال والسواد بكسر المهملة أي
السوار والمطهرة (وفي الصحيحين) وسنن الترمذى (أنا وأخي) سبق ذكر اخوته عند
ذكر مجيئهم (فمكنا حينا) أي قطعة من الزمان (ما نرى) بالضم أي ما يظن (ابن
مسعود وأمه) اسمها أم عبد بنت عبدود هذلية أيضا (ولزومهم له) فيه جمع
الاثنين وهو جائز بالاتفاق قال فقد صغت قلوبكما بل الاثنان أقل الجمع عند
طائفة من أهل اللغة لكن الجمهور يقولون أقل الجمع ثلاثة وعليه فجمع الاثنين
مجاز وكان قصيرا جدا كما مر وركب يوما شجرة فضحك الصحابة من حموشة ساقيه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لساقه في الميزان أثقل من أحد (سنة ثلاثين)
أو اثنين وثلاثين أو ثلاثة وثلاثين سنة أقوال (عن بضع وستين سنة) ودفن
بالبقيع وصلى عليه عثمان أو الزبير أو عمار أقوالا وخلف تسعين ألف دينار ما
عدا المواشى والرقيق (عقبة) بضم المهملة وسكون القاف (ابن عامر) بن عبس
(الجهنى) القضاعي (وتنبل) بفوقية فنون فموحدة أى صار تنبلا أي عظيما قال
الذهبى فيه صحابى كبير أمير شريف فصيح مقري فرضى شاعر ولي غزو البحر وقال
ابن حجر اختلف في كنيته على سبعة أقوال أشهرها أبو حماد (ولى مصر) لمعاوية
سنة أربع وأربعين وكان قبل ذلك بدمشق (ابن رباح) بن خلف الجمحي بفتح الراء
والموحدة (ابن حمامة) على لفظ الحمامة الطائر المعروف ووقع في الصحاح بن
حمام وهو وهم (اشتراه أبو بكر) من أمية بن خلف الجمحي بخمس أواق
(2/155)
وكان المؤذنون سواه ابن أم مكتوم وأبا
مخدورة قال عمر أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا ولما توفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم ذهب الى الشام للجهاد وقدم مرة المدينة زائرا فطلبوا منه ان يؤذن
لهم فأذن ولم يتم أذانه فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم مات بدمشق سنة
عشرين عن أربع وستين سنة سعد مولى أبى بكر ذو مخمر ويقال ذو مخبر ابن اخى
النجاشى وقيل ابن اخته بكير بن شداخ الليثي أبو ذر الغفارى سيد الصحابة
وأصدقهم بلفظ المصطفي اسلم رضي الله عنه قديما وقصة اسلامه مشهورة في
الصحيح ثم رجع الى بلده فأقام بها حتى مضت الخندق وما قبلها ثم قدم على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزمه حتى توفي سيره عثمان الى الربذة ومات
بها سنة اثنين وثلاثين وصلى عليه ابن مسعود رضى الله عنهم
أو ببردة وعشر أواق أو بغلام اسمه بسطاس وكان كافرا أقوال (ابن أم مكتوم
وأبا مخدورة) وسعيد القرط كما سبق (قال عمر) هنا لنفسه وتواضعا (أبو بكر
سيدنا واعتق سيدنا) يعني بلالا رواه البخارى عن جابر قال في التوشيح
السيادة لا تقتضى الافضلية فقد قال ابن عمر ما رأيت أسود من معاوية مع انه
رأي أبا بكر وعمر (بدمشق) بكسر الدال وفتح الميم وسكون المعجمة بعدها قاف
(سنة عشرين) أو احدي وعشرين عن أربع وستين أو ثلاث وستين ودفن بباب الصعيد
أو بباب كيسان ولم يعقب قال في الاستيعاب ولبلال أخ اسمه خالد وأخت اسمها
عفيرة وهى مولاة عبد الله مولا عفيرة (ذو مخمر) بفتح الميمين بينهما معجمة
ساكنة (ذو مخبر) كالاول الا ان فيه بدل الميم الثانية موحدة (بكير) مصغر
(ابن شداخ) بفتح المعجمة وتشديد المهملة آخره معجمة أيضا ويقال بكسر أوله
مخفف (أبو ذر) اسمه جندب وقيل بربر بتكرير الراء مصغر واسم أبيه جنادة أو
عبد الله أو السكن أقوال (في) الحديث (الصحيح) في الصحيين وغيرهما (سيره
عثمان) من المدينة (الى الربذة) بفتح الراء والموحدة والمعجمة وهو مكان بين
مكة والمدينة وكان نزول أبي ذر الربذة باختياره وذلك ان عثمان أمره أن يخرج
من المدينة لرفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه وهو تحريم امساك ما
فضل عن الحاجة من الاموال ووجوب التصدق به فاختار هو الربذة لانه كان
يأتيها في زمنه صلى الله عليه وسلم فسيره عثمان اليها وكان المغضبون على
عثمان تسعون عليه بنفي أبى ذر حتى ان ناسا من أهل الكوفة قالوا لابى ذر وهو
بالربذة ان هذا الرجل فعل بك وفعل هل أنت ناصب لنا راية يعني فنقاتله قال
لا لو أن عثمان سير بي من المشرق الى المغرب لسمعت وأطعت أخرجه ابن سعد في
الطبقات وقيل له بعد ان قتل عثمان ألا ترجع الى المدينة قال لا والله لا
طيعنه حيا وميتا وليس لابي ذر رضى الله عنه عقب
(2/156)
[فصل فيمن كان
يحرسه صلى الله عليه وسلم في غزواته]
(فصل) فيمن كان يحرسه صلى الله عليه وسلم في غزواته وهم ثمانية سعد بن معاذ
سيد الانصار وأبركهم اسلاما حرسه يوم بدر حين نام في العريش ذكوان بن عبد
الله بن قيس محمد بن مسلمة الانصاري حرسه بأحد الزبير بن العوام حرسه يوم
الخندق عباد بن بشير سعد بن أبي وقاص أبو أيوب الانصار حرسه بخيبر حين دخل
بصفية بلال حرسه بوادي القرى قال عبد الله بن شقيق عن عائشة كان النبي صلى
الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
النَّاسِ فلما نزلت أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال
لهم يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمنى الله.
[فصل في رسله صلى الله عليه وسلم الى الملوك]
(فصل) في رسله صلى الله عليه وسلم الى الملوك وهم أحد عشر وقد سبق بعضهم في
تاريخ السنة السادسة وذكرنا هناك ما ثبت من ذلك في الصحيح ونذكرهم هنا جملة
لتتم الفائدة* ذكر ابن اسحاق في خبر متداخل ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التي صد عنها يوم الحديبية فقال
أيها الناس ان الله بعثني رحمة وكافة فأدوا عنى يرحمكم الله ولا تختلفوا
على كما اختلفت الحواريون على عيسى بن مريم قالوا يا رسول الله وكيف كان
اختلافهم على عيسى بن مريم قال دعاهم لمثل ما دعوتكم له فأما من قرب به
فأحب وأسلم وأما من بعد به فكره وأبي فشكى ذلك عيسى منهم الى الله عز وجل
فأصبحوا وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذى وجه اليهم* فارسل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري الى النجاشي وقد سبق انه لما ورد
عليه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم نزل عن سريره وأنصف كل الانصاف وأن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه يوم مات وروي انه لا يزال يرى على قبره
النور* وأرسل دحية بن خليفة الى قيصر وقد قدمنا (فصل) فيمن كان يحرسه (في
العريش) الذى ضرب له ببدر ومحله الآن مسجد يسمى مسجد العريش (ذكوان) بفتح
المعجمة (محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام ابن سلمة (الانصاري) الاوسي
الحارثى توفي بالمدينة سنة ثلاث وأربعين وهو في عشر الثمانين (ابن بشر)
بكسر الموحدة وسكون المعجمة (ابن شقيق) بفتح المعجمة وكسر القاف الاولى (عن
عائشة) أخرجه عنها الترمذي في السنن (تحرس) زاد الترمذي ليلا (حتى نزلت هذه
الآية) وكان نزولها عام تبوك كما مر (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ) أى يحفظك
ويمنعك (مِنَ النَّاسِ) من ان يقتلوك وقيل والله يخصك بالعصمة من بين
الناس.
(فصل) في رسله الى الملوك (يرحمكم الله) بالجزم على جواز الأمر ويجوز الرفع
على القطع (من قرب به) أي رزق القرب الى الله عز وجل بسببه (وأما من بعد
به) أي شقى بالبعد من الله بسببه
(2/157)
ما ثبت من ذلك في الصحيح وانه قارب الاسلام
فلما رأى نفرة الروم غلب عليه حب الرئاسة فتقعدد اليها. وروى انه وضع كتاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصبة من ذهب فهم يتوارثونه ويستفتحون به
وروى انه أرسل الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع دحية اني مسلم
ولكنى مغلوب فكذبه رسول الله صلى الله عليه وسلم* وبعث صلى الله عليه وسلم
عبد الله بن حذافة الى كسرى فمزق كتابه فدعى النبي صلى الله عليه وسلم أن
يمزقوا كل ممزق واسم كسرى الذي مزق الكتاب أبرويز بن هرمز بن أنوشروان
ومعنى أبرويز بالعربية المظفر. وروي ابن هشام عن الزهرى ما معناه أن كسرى
كتب الى باذان عامله على صنعاء وهو الرابع من ملوكها وهو يأمره أن يسير الى
النبي صلى الله عليه وسلم ويستتيبه فان تاب والا بعث اليه برأسه فبعث باذان
بكتاب كسرى الى النبى صلى الله عليه وسلم فكتب اليه النبي صلى الله عليه
وسلم ان الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا فلما ورد الكتاب على باذان
فوقف مترقبا صدق ذلك فقتله ابنه شبرويه في ذلك اليوم فحينئذ بعث باذان الى
رسول الله صلى الله عليه وسلم باسلامه واسلام من معه والله أعلم* وبعث حاطب
بن أبي بلتعة اللخمى الى المقوقس واسمه جريج ابن مينا وهو والى مصر
والاسكندرية وكان متحكما لهرقل ولما ورد عليه حاطب قال له انه قد كان قبلك
رجل يزعم انه الرب (نفرة) بتثليث النون وسكون الفاء أي نفورهم (فتقعدد)
يتعلل من القعود أي اخلد وركن (وروى انه وضع كتاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم في قصبة من ذهب فهم يتوارثونه ويستفتحون به) ذكر ذلك السهيلى وزاد حتى
كان عند ادنوس الذي تغلب على طليطلة وما أحد أخذها من بلاد الاندلس ثم كان
عند ابن نبيه المعروف بالسلطتين قال وحدثنى بعض أصحابنا انه حدثه من سأله
رؤيته من قواد أجناد المسلمين كان يعرف بعبد الملك بن سعيد قال فاخرجه الى
فاستعرت وأردت تقبيله فاخذ بيدي ومنعنى عن ذلك صيانة له وضنا به على انتهى
(ابرويز) بفتح الهمزة والراء بينهما تحتية ساكنة وبكسر الواو وسكون التحتية
الثانية آخره زاي كذا ذكره السهيلي وغيره وقيل فيه برويز بفتح الموحدة
وسكون الراء وكسر الواو (انوشروان) بالنون وفتح المعجمة كما مر (باذان)
بالموحدة والمعجمة (وهرز) بفتح الواو وسكون الهاء وكسر الراء ثم زاي
(شبرويه) بفتح المعجمة وسكون الموحدة فيه الوجهان اللذان قرأ في نفطويه
وريحويه وسحنويه وراهويه (جريج) بالجيمين مصغر (ابن ميناء) بكسر الميم
وسكون التحتية ثم نون ثم مد (قبلك رجل) يريد فرعون
(2/158)
الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى
فانتقم به ثم أنتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر بك فان لك دينا لن تدعه الا
لما هو خير منه وهو الاسلام الكافي به الله فقد ما سواه ان هذا النبي صلى
الله عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له اليهود وأقربهم
منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى الا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله
عليه وسلم وآله والأنبياء أجمعين وما دعانا إياك الى القرآن الا كدعائك أهل
التوراة الى الانجيل وكل نبي أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه
فانت ممن أدرك هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به فلما
قال له ذلك قارب وسدد وأهدى أنواعا من الهدايا وأرسل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عمرو بن العاص الى الجلندي وأخيه ملكي عمان وهما من الازد فقال
الجلندى بعد ان وعظه عمرو وأبلغ انه والله قد دلني على هذا النبي الأمي انه
لا يأمر بخير الا كان أول من أخذ به ولا ينهى عن شر الا كان أول تارك له
وانه يغلب ولا يبطر ويغلب فلا يضجر ثم أسلما وخليا بين عمرو وبين الصدقة
والحكم فيما بينهم فلم يزل عندهم حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو العامرى الى هوذة بن على الحنفي
فلما ورد عليه أكرمه وكتب الى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ما تدعوا
اليه وأجمله وأنا خطيب قومي وشاعرهم فاجعل لى بعض الامر فابى عليه النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يسلم ومات زمن الفتح وبعث صلى الله عليه وسلم شجاع
ابن وهب الاسدي الى الحارث بن أبي شمر الغسانى ملك البلقى قال شجاع انتهيت
اليه وهو بغوطة دمشق فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمى به وقال
أنا سائر اليه وعزم على ذلك فمنعه قيصر. ثم بعث أيضا شجاع بن وهب الى جبلة
بن الايهم الغسانى فقال جبلة والله لوددت ان الناس اجتمعوا على هذا النبي
الامى اجتماعهم على خلق السموات والارض ولقد سرنى اجتماع قومي له وأعجبني
قتل أهل الاوثان واليهود واستبقاء النصاري ولقد (نكال) عقوبة (فانتقم به)
من بني اسرائيل (ثم انتقم منه) فاغرقه في اليم (ولا يعتبر) بالنفي والنهى
(أشدهم) خبر كان (قريش) اسمها (الجلندى) بضم الجيم وفتح اللام وسكون النون
وفتح المهملة (عمان) بضم المهملة مخفف صقع عند البحرين وقال السهيلي قرية
باليمن سميت بنعمان بن سنان (يبطر) بالموحدة والمهملة أي لا ناشر (فلا
يضجر) أي لا يمل (سليط ابن عمرو) بالمهملتين مكبر (شجاع بن وهب) بضم
المعجمة (بغوطة دمشق) بضم الغين المعجمة واهمال الطاء وصحف من اعجمها وهي
بلدة بدمشق قال
(2/159)
دعاني قيصر الى قتال الصحابة يوم مؤته
فابيت عليه فانتدب ملك بن رافلة من سعد العشيرة فقتله الله ولكني لست أرى
حقا ينفعه ولا باطلا يضره والذى يمدنى اليه أقوي من الذي يختلجنى عنه
وسأنظر وأسلم جبلة بعد ثم تنصر من أجل لطمة حاكم فيها الى أبى عبيدة فحكم
عليه بالقصاص فانف واستكبر ومات على نصرانيته وله في ذلك خبر يطول وكان طول
جبلة اثنى عشر ذراعا وكان يمسح برجليه الارض وهو راكب. وبعث صلى الله عليه
وسلم المهاجر ابن أبي أمية المخزومى الى الحارث بن عبد كلال الحميري أحد
مقاولة اليمن فقال له المهاجر يا حارث انك كنت أول من عرض عليه النبي صلى
الله عليه وسلم فحظيت عنه وكنت أعظم الملوك قدرا فاذا نظرت في غلبة الملوك
فانظر في غالب الملوك واذا سرك يومك فخف غدك وقد كان قبلك ملوك ذهبت آثارها
وبقيت أخبارها عاشوا طويلا وأملوا بعيدا وتزودوا قليلا منهم من أدركه الموت
ومنهم من أكلته النقم فتردد الحارث ولم يسلم وبعث النبي صلى الله عليه وسلم
العلاء بن الحضرمى الى المنذر بن ساوى العبدى ملك البحرين فدفع اليه كتاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له يا منذر ان هذه المجوسيه شر دين
تنكحون ما يستحى من نكاحه وتأكلون ما يتكرم عن أكله وتعبدون في الدنيا نارا
تاكلهم في الآخرة فقال المنذر قد نظرت في هذا الدين الذي في يدي فوجدته
للدنيا دون الآخرة ونظرت في دينكم فوجدته للآخرة والدنيا فما يمنعنى من دين
فيه أمنية الحياة وراحة الموت ولقد عجبت أمس ممن يقبله وعجبت اليوم ممن
يرده ثم أسلم. وبعث صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل الى
اليمن داعيين الى الاسلام فأسلم عامة اليمن ملوكهم وسوقتم طوعا من غير قتال
الواحدى جنان الارض أربع غوطة دمشق وشعب بوان وايلة البصرة وسعد سمرقند
(ابن رافلة) بالراء والفاء المكسورة (العشيرة) بفتح المهملة وكسر المعجمة
(يختلجنى) بالمعجمة قبل الجيم أي يأخذني عنه ويمسكني (ومات على نصرانيته)
كما قاله الجمهور وقالت طائفة عاد الى الاسلام (المهاجر) على صفة اسم
الفاعل (مقاوله) بفتح الميم والقاف وكسر الواو (كنت) اسمها مضمر (أول)
بالنصب خبرها (فحظيت) باهمال الحاء واعجام الظاء أى كنت ذا رتبة علية عند
الناس من الحظوة (العلي) بفتح المهملة والمد (ابن ساوي) باهمال السين
والامالة في أكدا (أمنية الحياة) أي ما يتمنى ويشتهي فيها (أمس) مبنى على
الكسر
(2/160)
[فصل في كتّابه صلى الله عليه وآله وسلم]
(فصل) في كتّابه صلى الله عليه وآله وسلم وهم خمسة وعشرون علي وأبو بكر
وعمر وعثمان وعامر بن فهر وعبد الله بن الأرقم وأبى بن كعب وثابت بن قيس بن
شماس وخالد بن سعيد ابن العاص واخوه حبان وحنظلة بن أبي عامر الاسيدى وزيد
بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعبد الله بن عبد الله بن
أبىّ بن سلول والزبير بن العوام ومعيقيب بن أبى فاطمة الدوسى والمغيرة بن
شعبة وخالد بن الوليد والعلاء بن الحضرمي وعمرو بن العاص وجهيم بن الصلت
وعبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن سعد بن ابى سرح.
(فصل) في رفقائه صلى الله عليه وسلم العشرة النجباء الذي اخبر انهم في
الجنة هم ابو بكر عبد الله بن عثمان التيمى ابو حفص عمر بن الخطاب العدوى
ابو عمرو عثمان بن عفان الاموي ابو الحسن على بن ابى طالب الهاشمي أبو محمد
طلحة بن عبد الله التيمى أبو عبد الله الزبير بن العوام الاسدي أبو اسحاق
سعد بن أبى وقاص مالك بن أهيب (فصل) في كتابه (ابن الارقم) بالقاف (وأبى بن
كعب) كان أول من كتب له بالمدينة (الأسيدي) بضم الهمزة وفتح المهملة وكسر
التحتية المشددة واسكانها مخففة منسوب الى بني أسد بطن من علم (وشرحبيل)
بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة وكسر الموحدة ثم تحتية (ابن حسنة)
بفتح المهملتين والنون (ومعيقيب) بضم الميم وفتح المهملة وسكون التحتية
وكسر القاف بعدها تحتية ثم موحدة هو الذي أصابه علة الجذام (وجهيم)
بالتصغير (وعبد الله بن سعد بن أبي سرح) .
(فصل) في رفقائه العشرة (أخبر أنهم في الجنة) أى جمعهم كلهم في حديث وهو ما
رواه أحمد بسند صحيح والضياء عن سعيد بن زيد ورواه الترمذى عن عبد الرحمن
بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر في الجنة وعمر في
الجنة وعثمان في الجنة وعلى في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد
الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة
وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة ولا ينافي ما أخبر به بالنسبة الى غيرهم
كعبد الله بن سلام والحسن والحسين وأبي سفيان بن الحارث وفي هذا الحديث
تفضيل هؤلاء العشرة على من سواهم من الصحابة وأفضلهم الخلفاء الاربعة
بترتيبهم المشهور عند أهل السنة ثم باقيهم في الفضل سواء (التيمى) نسبة الى
تيم بن مرة ويشاركه في هذا النسب طلحة أيضا كما مر (العدوى) نسبة الى عدى
بن كعب ويشاركه في ذلك سعيد بن زيد (الاموي) نسبة الى أمية بن عبد شمس بن
عبد مناف (الهاشمى) نسبة الى هاشم بن عبد مناف فعبد مناف يجمع عثمان وعليا
(الاسدي) نسبة الى أسد بن عبد العزى بن قصى يسمونه أسد قريش ليفرقوا بذلك
بينه وبين أسد
(2/161)
الزهري أبو محمد عبد الرحمن بن عوف الزهري
أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوى أبو عبيدة عامر بن عبد الله
بن الجراح الفهري وقد جمعهم بعض الفضلاء في بيتين فقال:
علىّ والثلاثة وابن عوف ... وسعد منهم وكذا سعيد
كذاك أبو عبيدة فهو منهم ... وطلحة والزبير ولا مزيد
وأنشدنا فيهم أيضا الفاضل الناسك الأصيل أبو بكر محمد الصوفي فقال:
عتيق والفتى عمر النقى ... وعثمان ومولانا علىّ
وطلحة وابن عوف وابن زيد ... وسعد من بهم فخرت لؤي
كذاك أبو عبيدة فهو منهم ... وليثهم الحواري الكمىّ
أولاك السابقون الى المعالى ... فدع قول الروافض فهو غي
[فصل في أنصاره الإثني عشر النقباء]
(فصل) في أنصاره الاثني عشر النقباء وقد سبق ذكرهم وما قيل فيهم من الشعر
وقد جمعهم أيضا الشيخ الهمام سيد الحفاظ وقدوة النبهاء الايقاظ علىّ بن أبى
ذكريا الداودى الحسينى فقال:
أبيات شعر في أسامي النقبا ... أنصار هذا الدين لما نصبا
عينهم جبريل للرسول ... كذا عن الزهرى في المنقول
فاسعد نقيبهم لا يجهل ... فتى ذرارة فذاك الأول
خزيمة الذي ينسب اليه عبد الله بن جحش (الزهري) نسبة الى زهرة بن كلاب
ويشاركه في ذلك عبد الرحمن بن عوف (أبو الاعور) بالراء (الفهري) نسبة الى
فهر بن مالك فهم تيميان وعدويان ومنافيان وزهريان وأسدى وفهري وقد نظمتهم
على مقتضي هذا فقلت:
أبو بكر وطلحة نجل تيم ... وفاروق سعيد من عدى
وعثمان التقى كذا على ... لعبد مناف ذي الشرف العلي
وسعد ذو الفضائل وابن عوف ... لزهرة وهو صاح أخو قصى
ومن أسد زبير وابن جرا ... حهم من فهر فاحفظ يا أخي
(والثلاثة) يعني أبا بكر وعمر وعثمان (ولا مزيد) بالضم لضرورة الشعر (أبو
بكر) كنيته و (محمد) اسمه و (الصوفي) لقبه وهو من بنى عبد الرحمن سكنه
القراض (عتيق) سمى بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم له أنت عتيق الله من
النار أخرجه الترمذى عن عائشة (فاسعد) بالصرف لضرورة الشعر
(2/162)
وابن الربيع وفتى رواحه ... ورافع بن مالك جناحه
ثم ابن معرور وذاك البرا ... ثم أبو جابر فيهم ذكرا
ثم عبادة سليل الصامت ... الخزرجي زاكي المنابت
وابن عبادة وذاك سعد ... والمنذر بن عمرهم من بعد
وابن حصين ثم سعد خيثمه ... ثم رفاعة أتت منظمه
فالتسعة الاولى صميم الخزرجي ... تليهم الأوس كرام المهج |