تاريخ
الخميس في أحوال أنفس النفيس الخاتمة*
وفيها فصلان*
(الفصل الاوّل) * فى المتفرّقات
من رفقائه صلى الله عليه وسلم وحرسه وخدمه ومن كان يضرب الاعناق بين يديه
وذكر مواليه وكتابه ورسله وقضاته ومؤذنيه وخطبائه وشعرائه وحداته وذكر خيله
ولقاحه ودوابه وآلات حروبه ولباسه وذكر من وفد عليه* اما رفقاؤه النجباء
الذين لهم مزيد اختصاص بملازمته صلى الله عليه وسلم فأبو بكر وعمر وعثمان
وعلى وجعفر وأبو ذر والمقداد وسلمان وحذيفة وابن مسعود وعمار بن ياسر وبلال
بن رباح المؤذن* وأما حراسه فى غزواته فسعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ
القيس سيد الاوس أسلم بين العقبتين على يد مصعب ابن عمير وشهد بدرا وأحدا
والخندق فرمى فيه بسهم عاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات حرسه يوم بدر حين كان
فى العريش وذكوان بن عبد قيس ومحمد بن مسلمة الانصارى حرساه بأحد والزبير
بن العوّام حرسه يوم الخندق وعباد بن بشر وكان يلى حرسه وسعد بن أبى وقاص
وأبو أيوب الانصارى حرسه بخيبر ليلة بنى بصفية وبلال حرسه بوادى القرى وكان
أبو بكر الصدّيق يوم بدر فى العريش شاهرا سيفه على رأسه لئلا يصل اليه أحد
من المشركين رواه ابن السمان فى الموافقة ووقف المغيره بن شعبة على رأسه
بالسيف يوم الحديبية ولما نزل والله يعصمك من الناس ترك الحرس*
(وأما خدمه عليه السلام)
* فأنس ابن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد الانصارى الخزرجى يكنى أبا حمزة
خدمه تسع سنين أو عشر سنين ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
اللهمّ اكثر ماله وولده وأدخله الجنة* وقال أبو هريرة ما رأيت أحدا أشبه
صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم منه توفى سنة ثلاث وتسعين وقيل سنة
اثنتين وتسعين وقيل سنة احدى وتسعين وقد جاوز المائة وسيجىء وفاته وهند
وأسماء ابنا حارثة الاسليمان وربيعة بن كعب الاسلمى صاحب وضوئه وتوفى سنة
ثلاث وستين وأيمن بن امّ أيمن صاحب مطهرته واستشهد يوم حنين وعدّه مغلطاى
فى سيرته من الموالى كما سيجىء وعبد الله بن مسعود ابن غافل بالمعجمة
والفاء ابن حبيب الهذلى أحد السابقين الاوّلين شهد بدرا والمشاهد وكان صاحب
الوسادة والسواك والنعلين والطهور وكان يلى ذلك من النبىّ صلى الله عليه
وسلم اذا قام صلى الله عليه وسلم ألبسه نعليه واذا جلس جعلهما فى ذراعيه
حتى يقوم وتوفى بالمدينة وقيل بالكوفة سنة اثنتين وثلاثين وقيل ثلاث وعقبة
بن عامر بن عبس بن عمر والجهنى وكان صاحب بغلته يقود به فى الاسفار وكان
عالما بكتاب الله وبالفرائض فصيحا شاعرا ولى مصر لمعاوية سنة أربع وأربعين
ثم صرفه بمسلمة
(2/177)
ابن محمد وتوفى بها سنة ثمان وخمسين وبلال
بن رباح المؤذن وسعد مولى أبى بكر الصدّيق وقيل سعيد ولم يثبت وروى عنه ابن
ماجه كذا فى المواهب اللدنية وذو مخمرة ويقال ذو مخبرة بن أخى النجاشى وقيل
ابن أخته وبكر بن شداخ الليثى والاشدخ بن شريك بن عوف الاعوجى صاحب راحلته
وأبو السمح خادمه عليه السلام واسمه اياد وأبو ذر جندب بن جنادة الغفارى
أسلم قديما وتوفى بالربدة سنة احدى وثلاثين وصلى عليه عبد الله بن مسعود ثم
مات بعده فى ذلك اليوم قاله ابن الاثير فى معرفة الصحابة وفى التقريب لابن
حجر سنة اثنتين وثلاثين ومهاجر مولى أمّ سلمة وحنين والد عبد الله مولى
العباس كان يخدم النبىّ صلى الله عليه وسلم ثم وهبه لعمه العباس ونعيم بن
ربيعة الاسلمى وأبو الحمراء مولاه صلى الله عليه وسلم وخادمه واسمه هلال بن
الحارث أو ابن ظفر نزل حمص وتوفى بها وزاد فى سيرة مغلطاى فقال وازيد
والاسود وثعلبة بن عبد الرحمن الانصارى وجزو بن الحل وسالم وزعم بعضهم انه
ابن سلمى الداعى وسابق وأبو عبيدة وغلام من الانصار نحو أنس* ومن النساء
بركة أمّ أيمن الحبشية أمّ أسامة بن زيد ماتت فى خلافة عثمان وخولة جدّة
حفص وسلمى أمّ رافع زوج أبى رافع وميمونة بنت سعد وأمّ عياش مولاة رقية بنت
النبىّ صلى الله عليه وسلم* وزاد فى سيرة مغلطاى فقال وأمة الله بنت رزينة
وخضرة ورزينة أم علية ومارية أم الرباب ومارية جدّة المثنى بن صالح وصفية*
وكان يضرب الاعتاق بين يديه عليه السلام على بن أبى طالب والزبير بن
العوّام والمقداد بن عمرو ومحمد بن مسلمة وعاصم بن ثابت بن أبى الافلح
والضحاك بن سفيان* وكان قيس بن سعد بن عبادة بين يديه عليه السلام بمنزلة
صاحب الشرطة وأبو رافع واسمه أسلم وقيل غير ذلك قبطى كان على ثقله وكان
بلال على نفقاته ومعيقيب ابن أبى فاطمة الدوسى على خاتمه وابن مسعود على
سواكه ونعله كما تقدّم*
(وأما مواليه عليه السلام)
* فزيد بن حارثة بن شرحبيل استشهد بمؤتة سنة ثمان وابنه أسامة بن زيد وكان
يقال له حب رسول الله وابن حب رسول الله مات بالمدينة أو بوادى القرى سنة
أربع وخمسين وثوبان بن محمد ويكنى أبا عبد الله اشتراه رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأعتقه فلم يزل معه حتى قبض عليه السلام وسكن حمص بعد موت النبىّ
صلى الله عليه وسلم أصله من السراة وقيل سكن الرملة ولا عقب له ثم نزل حمص
فمات بها سنة أربع وخمسين كذا فى الصفوة* وقيل كان له نسب باليمن وابو كبشة
أوس ويقال سليم من مولدى مكة وقيل أرض دوس اشتراه النبىّ صلى الله عليه
وسلم وأعتقه شهد بدرا وتوفى فى أوّل يوم استخلف فيه عمر* وأنيسة ويكنى أبا
سرح من مولدى السراة اشتراه وأعتقه وسعيد بن تلزيد وشقران بضم الشين
المعجمة وسكون القاف واسمه صالح الحبشى ويقال فارس قيل ورثه من أبيه وقيل
اشتراه من عبد الرحمن بن عوف وقيل وهبه له صلى الله عليه وسلم وأعتقه شهد
بدرا وهو مملوك ثم أعتق قاله الحافظ ابن حجر وقال أظنه مات فى خلافة عثمان
كذا فى المواهب اللدنية ورباح بفتح الراء وباء موحدة وبالحاء المهملة اسود
نوبى اشتراه من وفد عبد القيس فأعتقه وكان يأذن عليه احيانا اذا انفرد وهو
الذى أذن لعمر بن الخطاب فى المسربة ويسار الراعى نوبى أصابه النبىّ صلى
الله عليه وسلم فى بعض غزواته وأعتقه وهو الذى قتله العرنيون وقطعوا يده
ورجله وغرزوا الشوك فى لسانه وعينيه واستاقوا لقاح رسول الله وأدخل المدينة
ميتا وقد مرّ ذكره فى الموطن السادس وأبو رافع اسمه أسلم القبطى وقيل
ابراهيم وقيل ثابت وقيل هرمز وقيل صالح كان على ثقله عليه السلام وكان عبدا
للعباس فوهبه للنبىّ عليه السلام فأعتقه حين بشره باسلام عمه العباس وزوّجه
سلمى مولاة له فولدت له عبيد الله وكان كاتبا لعلىّ فى خلافته كلها وتوفى
قبل قتل علىّ بيسير وأبو رافع أخوه وقيل رافع والد البهى كذا فى الصفوة*
وأبو مويهبة من مولدى مزينة اشتراه وأعتقه وزيد وهو ابن يسار وليس زيد بن
حارثة
(2/178)
والد أسامة ذكره ابن الاثير كذا فى المواهب
اللدنية وفى غيره وزيد جد هلال بن يسار بن زيد وفضالة اليمانى نزل الشام
ومات بها ورافع كان مولى لسعيد بن العاص فورثه أولاده فأعتقه بعضهم وأمسكه
بعضهم فجاء رافع الى النبىّ صلى الله عليه وسلم يستعينه فوهب له وكان يقول
أنا مولى النبىّ صلى الله عليه وسلم ومدعم بكسر الميم وفتح العين المهملة
عبد أسود وهب له* وفى المواهب اللدنية أهداء له زفاعة بن زيد الضبيبى بضم
الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة الاولى كذا فى المواهب اللدنية وقال غيره
الجذامى بدل الضبيبى وقتل مدعم بوادى القرى أصابه سهم غرب وهو الذى قال فيه
النبىّ صلى الله عليه وسلم انّ الشملة التى غلها تشتعل عليه نارا* وفى صحيح
البخارى عن أبى هريرة أنه قال فتحنا خيبر وتوجه رسول الله نحو وادى القرى
ومعه عبد له يقال له مدعم أهداه له رفاعة بن زيد فبينا هو يحط رحل رسول
الله اذ جاءه سهم غرب حتى أصاب ذلك العبد فقال الناس هنيئا له الجنة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذى نفسى بيده انّ الشملة التى أخذها
يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم تشتعل عليه نارا ورفاعة ابن زيد
الجذامى ذكره فى المواهب اللدنية وكركرة بفتح الكاف الاولى وكسرها والثانية
مكسورة فيهما كذا فى شرح المشكاة للطيبى ذكره أبو بكر بن حزم وكان نوبيا
أهداه له هوذة بن على الحنفى فأعتقه وكان على ثقله صلى الله عليه وسلم فمات
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو فى النار فذهبوا ينظرون اليه فوجدوا
عباءة قد غلها رواه البخارى وضمرة بن أبى ضمرة* وفى الصفوة قال مصعب أهدى
اليه المقوقس خصيا اسمه مأبور القبطى وواقد وأبو واقد وهشام وأبو ضمرة سعد
وقيل روح بن سندر ويقال ابن شيرزاد الحميرى كذا فى سيرة مغلطاى* وفى الكامل
قيل كان من الفرس من ولد كشتاسب الملك فأصابه رسول الله فى بعض وقائعه مما
أفاء الله عليه فأعتقه وأبو السمح وأبو عبيد واسمه سعيد وقيل عبيدة قال
ابراهيم الحربى ليس فى موالى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيد وانما هو
أبو عبيد وقيل عبيده وانما التيمى غلط فى الحديث فقال عبيد وذكر ابن أبى
خيثمة أنهما اثنان عبيد وأبو عبيد وفرق الحربى بين رافع وأبى رافع فجعلهما
اثنين* وحكى ابن قتيبة أنهما واحد كذا فى الصفوة وحنين وعسيب اسمه أحمر*
وفى سيرة مغلطاى وأبو عسيب ويقال بالميم واسمه أحمر وقيل مرّة وبادام وبدر
وحاتم وعبيد بن عبد الغفارى وزيد بن مولا وسعيد بن زيد وسعد وسندر وعبد
الله بن أسلم وغيلان وفقير وكيرب ومحمد بن عبد الرحمن ومحمد آخر* قال
المدينى كان اسمه ماهنة فسماه النبىّ صلى الله عليه وسلم محمدا وأبو مكحول
ونافع بن السائب وبنيه من مولدى السراة ونهيك وأبو اليسر وأبو قبيلة انتهى
من ذكرهم مغلطاى فى سيرته وسفينة واختلف فى اسمه فقيل طهمان ويكنى أبا عبد
الرحمن على قول ابراهيم الحربى وقيل اسمه كيسان وقيل مهران وقيل رومان وقيل
عبس وكان سفينة عبد الامّ سلمة فأعتقته وشرطت عليه أن يخدم النبى صلى الله
عليه وسلم حياته فقال ولو لم تشترطى علىّ ما فارقته قيل كان سفينة أسود من
مولدى الاعراب سمى سفينة لانه كان معهم فى سفر وكان كل من أعيا ألقى عليه
متاعه ترسا أو سيفا أو غير ذلك فمرّ به النبىّ صلى الله عليه وسلم قال أنت
سفينة* وروى عنه فى وجه تسميته أنه قال كنا مع رسول الله فى سفر فمررنا
بواد أو نهر وكنت أعبر الناس* وعن محمد بن المنكدر عن سفينة أنه قال ركبت
سفينة فى البحر فانكسرت فركبت لوحا فأخرجنى الى أجمة فيها أسد فأقبل الىّ
فقلت أنا سفينة مولى رسول الله فجعل يغمزنى بمنكبه حتى أقامنى على الطريق
ثم همهم فظننت انه السلام* وفى دلائل النبوّة للبيهقى عن ابن المنكدر أيضا
أنّ سفينة مولى رسول الله أخطأ الجيش بأرض الروم أو أسر فى أرض الروم
فانطلق هاربا
يلتمس الجيش فاذا هو بالاسد فقال له يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله كان
من أمرى كيت وكيت فأقبل الاسد يبصبص حتى قام الى جنبه كلما سمع صوتا أهوى
اليه ثم أقبل
(2/179)
يمشى الى جنبه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش
ثم رجع أوردهما فى حياة الحيوان* وفى الصفوة ذكر محمد بن حبيب الهاشمى من
موالى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة كان لبعض عماته فوهبته له
فأعتقه وأبو لقيط وأبو اليسر وأبو هند وهو الذى قال فيه زوّجوا أبا هند
وتزوّجوا اليه وكان اشتراه النبىّ صلى الله عليه وسلم منصرفه من الحديبية
وأعتقه وأنجشة الحادى وكان حاديا للجمال وهو الذى قال له رويدا أو رويدك يا
أنجشة رفقا بالقوارير وأنيسة وكان جسيما فصيحا شهد بدرا وأعتقه بالمدينة
ورويفع سباه من هوازن وأعتقه وقيصر وميمون وأبو بكرة نفيع وهرمز أبو كيسان
وأبو صفية وأبو سلمى واسود وسلمان الفارسى أبو عبد الله ويقال له سلمان
الخير أصله من أصبهان وقيل من رامهرمز أوّل مشاهده الخندق مات سنة أربع
وثلاثين ويقال بلغ عمره ثلثمائة سنة وشمعون بن زيد أبو ريحانة* قال الحافظ
ابن حجر حليف الانصار ويقال مولى رسول الله شهد فتح دمشق وقدم مصر وسكن بيت
المقدس وأيمن بن أمّ أيمن وأفلح وسابق* وفى سيرة مغلطاى أيمن بن أمّ أيمن
وسابق من الخدام كما مرّ وسالم وعبيد الله بن أسلم ونبيل ووردان وكيسان
وأبو أيلة*
(وأمّا مولياته عليه السلام)
* فسلمى أمّ رافع ويقال كانت مولاة لصفية عمته وهى زوجة أبى رافع وداية
فاطمة الزهراء وغاسلتها مع أسماء بنت عميس وقابلة ابراهيم بن النبىّ صلى
الله عليه وسلم وأمّ أيمن واسمها بركة الحبشية ورثها النبىّ صلى الله عليه
وسلم من أبيه وهى أمّ أسامة بن زيد كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب*
وقال سليمان بن أبى الشيخ كانت لأمّ النبىّ عليه السلام وكانت من الحبشة
فلما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما توفى أبوه كانت أمّ
أيمن تحضنه حتى كبر فأعتقها حين تزوّج خديجة وزوّجها عبيدة بن زيد بن
الحارث الحبشى فولدت له أيمن وكنيت به واستشهد أيمن يوم حنين ثم تزوّجها
زيد بن حارثة بعد النبوّة فولدت له أسامة وقيل أعتقها أبو النبىّ عليه
السلام وهى التى شربت بول النبىّ صلى الله عليه وسلم* وفى الشفاء روى أن
أمّ أيمن كانت تخدم النبىّ صلى الله عليه وسلم وكان له قدح من عيدان يوضع
تحت سريره يبول فيه من الليل فبال فيه ليلة ثم افتقده فلم يجد فيه شيئا
فسأل بركة عنه فقالت قمت وأنا عطشانة فشربته وأنا لا أعلم فقال لن تشتكى
وجع بطنك أبدا* وللترمذى لن تلج النار بطنك وصححه الدار قطنى وحمله
الاكثرون على التداوى* وأخرج حسن بن سفيان فى مسنده والحاكم والدار قطنى
وأبو نعيم والطبرانى من حديث أبى مالك النخعى يبلغه الى أمّ أيمن أنها قالت
قام رسول الله من الليل الى فخارة فى جانب البيت فبال فيها فقمت من الليل
وأنا عطشانة فشربت ما فيها وأنا لا أشعر فلما أصبح النبىّ صلى الله عليه
وسلم قال يا أمّ أيمن قومى فاهريقى ما فى تلك الفخارة قلت قد والله شربت ما
فيها قالت فضحك النبىّ حتى بدت نواجذه ثم قال اما والله لا يجعن بطنك أبدا*
وعن ابن جريج قال أخبرت ان النبىّ صلى الله عليه وسلم كان يبول فى قدح من
عيدان ثم يوضع تحت سريره فجاء فاذا القدح ليس فيه شئ فقال لامرأة يقال لها
بركة كانت تخدم أمّ حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة أين البول الذى كان فى
القدح قالت شربته قال صحة يا أمّ يوسف فما مرضت قط حتى كان مرضها الذى ماتت
فيه* وروى أبو داود عن ابن جريح عن حليمة عن أمّها أميمة بنت رقيقة وصحح
ابن دحية أنهما قصتان وقعتا لامر أتين وصح ان بركة أمّ يوسف غير بركة أم
أيمن وهو الذى ذهب اليه شيخ الاسلام البلقينى* وقال النبىّ صلى الله عليه
وسلم أمّ أيمن أمى بعد أمى وكان يزورها ثم أبو بكر ثم عمر* وقال الواقدى
حضرت امّ ايمن أحدا فكانت تسقى الماء وتداوى الجرحى وشهدت خيبر وتوفيت فى
أوّل خلافة عثمان كذا فى الصفوة واميمة وخصرة ورضوى وريحانة ومارية وقيصر
اخت مارية وميمونة بنت سعد وميمونة بنت ابى عسيب وامّ ضمرة وامّ عياش وقيل
عباس مولاة ابنته رقية كذا فى الصفوة وسيرة
(2/180)
مغلطاى وريحة ويقال هى الريحانة السرية
وسائبة وامّ ضميرة* قال ابو عبيدة وكانت ايضا سرية جميلة اصابها فى سبى
وسرية اخرى وهبتها له زينب بنت جحش* قال ابن الجوزى مواليه ثلاثة وأربعون
واماؤه احدى عشرة كذا فى المواهب اللدنية وهؤلاء لم يكونوا فى وقت واحد بل
كان كل بعض فى وقت
* (وامّا امراؤه عليه السلام)
* فمنهم باذان بن سامان من ولد بهرام أمره على اليمن وهو اوّل امير فى
الاسلام على اليمن واوّل من اسلم من ملوك العجم وأمّر على صنعاء خالد بن
سعيد وولى زياد بن لبيد الانصارى البياضى حضرموت وولى ابا موسى الاشعرى
زبيد وعدن وولى معاذ بن جبل الجند وولى ابا سفيان بن حرب نجران وولى ابنه
يزيد تيما وولى عتاب بفتح المهملة وتشديد المثناة الفوقية ابن أسيد بفتح
الهمزة وكسر السين المهملة مكة واقام الموسم والحج بالمسلمين سنة ثمان وولى
علىّ بن ابى طالب القضاء باليمن وولى عمرو بن العاص عمان وأعمالها وولى ابا
بكر الصدّيق امامة الحج سنة تسع وبعث فى أثره عليا فقرأ على الناس براءة
قيل لان أوّلها نزل بعد أن خرج أبو بكر الى الحج وقيل أردفه به عونا له
ومساعدا ولهذا قال الصدّيق أمير أو مأمور قال بل مأمور وأمّا الروافض
فقالوا بل عزله وهذا لا يبعد من بهتهم وافترائهم وقد ولى عليه السلام
الصدقات جماعة كثيرة*
(وأمّا كتابه عليه السلام)
* فالخلفاء الأربعة أبو بكر الصدّيق وكان اسمه فى الجاهلية عبد الكعبة وفى
الاسلام عبد الله وسمى الصدّيق لتصديقه النبىّ صلى الله عليه وسلم وقيل انّ
الله صدّقه ويلقب عتيقا لجماله أو لانه ليس فى نسبه ما يعاب به وقيل لانه
عتيق من النار ولى الخلافة سنتين ونصفا وقيل أربعة أشهر كما سيجىء وبلغ سنّ
المصطفى عليه السلام وتوفى مسموما وأسلم أبوه أبو قحافة يوم الفتح وتوفى فى
خلافة عمر وأسلمت أمّه أمّ الخير سلمى بنت صخر قديما فى دار الارقم* وعمر
بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى استخلفه أبو بكر فأقام عشر سنين وستة أشهر
وأربع ليال كذا فى المواهب اللدنية وقتله أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن
شعبة* وعثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية وكانت خلافته احدى عشرة سنة
وأحد عشر أو ثلاثة عشر يوما ثم قتل يوم الدار شهيدا* وروى عن عائشة مما
ذكره الطبرى فى فضائله انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اسند ظهره الىّ
وانّ جبريل ليوحى اليه القرآن وانه ليقول اكتب يا عثم رواه أحمد وكان كاتب
سرّ رسول الله* وعلى بن أبى طالب وأقام فى الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر
وثمانية أيام وتوفى شهيدا على يد عبد الرحمن بن ملجم واختص علىّ بكتابة
الصلح يوم الحديبية وطلحة بن عبيد الله أحد العشرة استشهد يوم الجمل سنة ست
وثلاثين وهو ابن ثلاث وستين سنة* والزبير ابن العوّام بن خويلد أحد العشرة
أيضا قتل أيضا سنة ست وثلاثين يوم الجمل* وسعد بن أبى وقاص ومحمد بن مسلمة
والارقم بن أبى الارقم وأبان بن سعيد بن العاص وأخوه خالد بن سعيد بن العاص
بن أمية وعبد الله بن الارقم مات فى خلافة عثمان وولاه عمر بيت المال وعبد
الله بن زيد بن عبد ربه والعلاء بن عقبة والمغيرة بن شعبة الثقفى أسلم قبل
الحديبية وولى امرة البصرة ثم الكوفة مات سنة خمسين على الصحيح والسحبل
وعامر بن فهيرة وأبىّ بن كعب بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة من سباق
الانصار كان يكتب الوحى له صلى الله عليه وسلم وهو أحد الستة الذين حفظوا
القرآن على عهده عليه السلام وأحد الفقهاء الذين كانوا يفتون على عهده عليه
السلام توفى بالمدينة سنة تسع عشرة وقيل سنة عشرين وقيل غير ذلك وهو الذى
كتب الكتاب الى ملكى عمان حيفر وعبد ابنى الجلندى وثابت بن قيس ابن شماس
استشهد باليمامة وهو الذى كتب كتاب قطن بن حارثة العليمى وحنظلة بن الربيع
الاسدى الذى غلته الملائكة حين استشهد بأحد وزيد بن ثابت بن الضحاك النجارى
مشهور بكتب الوحى مات سنة خمسين أو ثمان وأربعين وقيل بعد الخمسين وكان أحد
فقهاء الصحابة وهو أحد من جمع القرآن
(2/181)
فى خلافة أبى بكر ونقله فى المصحف فى زمن
عثمان وأبو سفيان صخر بن حرب وابنه معاوية بن أبى سفيان ولى لعمر الشام
وأقرّه عثمان* قال ابن اسحاق كان أميرا عشرين سنة وخليفة عشرين سنة* وروينا
فى مسند الامام أحمد من حديث العرباض قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول اللهمّ علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب وهو مشهور بكتاب
الوحى ومات فى رجب سنة ستين وقد قارب الثمانين* وفى الشفاء دعا لمعاوية
فقال اللهمّ مكنه فى البلاد فنال الخلافة وأخوه يزيد ابن أبى سفيان بن حرب
أمّره عمر على دمشق حتى مات بها بالطاعون وشرحبيل ابن حسنة وهى أمّه
والعلاء بن الحضرمى وخالد بن الوليد بن المغيرة المخزومى سيف الله أسلم بين
الحديبية وفتح مكة مات سنة احدى أو اثنتين وعشرين* وعمرو بن العاص بن وائل
السهمى أسلم عام الحديبية وولى مصر مرّتين وهو الذى فتحها ومات بها سنة نيف
وأربعين وقيل بعد الخمسين وعبد الله بن رواحة الخزرجىّ الانصارى أحد
السابقين الاوّلين شهد بدرا واستشهد بمؤتة ومعيقيب بقاف وآخره موحدة مصغر
ابن أبى فاطمة الدوسى من السابقين الاوّلين وشهد المشاهد مات فى خلافة
عثمان أو على وكتب له عليه السلام سعيد بن العاص كتاب ثقيف وحذيفة بن
اليمان من السابقين صح فى مسلم انه صلى الله عليه وسلم أعلمه بما كان وما
يكون الى أن تقوم الساعة وأبوه صحابى أيضا استشهد بأحد بأيدى المسلمين ومات
حذيفة فى أوّل خلافة علىّ سنة ست وثلاثين وحويطب بن عبد العزى العامرى أسلم
يوم الفتح عاش مائة وعشرين سنة ومات سنة أربع وخمسين كذا فى المواهب
اللدنية* وفى سيرة مغلطاى وبريدة وحصين بن نمير وعبد الله بن سعد بن أبى
سرح وأبو سلمة بن عبد الاسد وحاطب بن عمرو بن حنظلة وقيل كان كتابه نيفا
وأربعين وأكثرهم ملازمة له زيد بن ثابت ومعاوية بن أبى سفيان بعد الفتح كذا
فى مزيل الخفا كما قاله الحافظ الشريف الدمياطى وغيره* قال الحافظ بن حجر
وقد كتب له قبل زيد ابن ثابت أبى بن كعب وهو أوّل من كتب له بالمدينة وأوّل
من كتب له بمكة من قريش عبد الله بن أبى سرح ثم ارتدّ ثم عاد الى الاسلام
يوم الفتح كذا فى المواهب اللدنية*
(وأمّا رسله)
* فقد روى أنه عليه السلام بعث ستة نفر فى يوم واحد فى المحرّم سنة سبع
وذكر القاضى عياض فى الشفاء مما عزاه الواقدى أنه أصبح كل رجل منهم يتكلم
بلسان القوم الذين بعثه اليهم انتهى وكان أوّل رسول بعثه عمرو بن أمية
الضمرى الى أصحمة النجاشى ملك الحبشة وكتب اليه كتابين يدعوه فى أحدهما الى
الاسلام ويتلو عليه القرآن فأخذه النجاشى ووضعه على عينيه ونزل عن سريره
وجلس على الارض ثم أسلم وشهد شهادة الحق وقال لو كنت أستطيع أن آتيه
لاتيته* وفى الكتاب الاخر أمره أن يزوّجه أمّ حبيبة بنت أبى سفيان فزوّجه
اياها فدعا بحقة من عاج فجعل فيه كتابى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال
لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرهم وصلى عليه النبىّ صلى
الله عليه وسلم كذا قاله الواقدى وغيره وليس كذلك فانّ النجاشى الذى صلى
عليه رسول الله ليس هو الذى كتب اليه كذا فى المواهب اللدنية وقد مرّ فى
الموطن السادس* وبعث عليه السلام دحية بن خليفة الكلبى وهو أحد الستة الى
قيصر ملك الروم واسمه هرقل يدعوه الى الاسلام فهمّ بالاسلام ولم توافقه
الروم فخافهم على ملكه فأمسك* وبعث عبد الله بن حذافة السهمى الى كسرى ملك
فارس وهو الثالث فمزّق كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام
مزّق الله ملكه وملك قومه* وبعث حاطب ابن أبى بلتعة اللخمى وهو الرابع الى
المقوقس ملك مصر والاسكندرية فأكرمه وقارب الاسلام ولم يسلم وأهدى للنبىّ
صلى الله عليه وسلم مارية القبطية وأختها سيرين وأمتين أخريين وخصيا
والبغلة الشهباء المسماة بالدلدل وقيل وألف دينار وعشرين ثوبا فوهب سيرين
لحسان بن ثابت فولدت له
(2/182)
عبد الرحمن واستولد عليه السلام مارية
فولدت له ابراهيم وقد ذكر فى الموطن السادس* وبعث شجاع ابن وهب الاسدى وهو
الخامس الى الحارث بن أبى شمر الغسانى ملك البلقاء من أرض الشام وتغيظ ولم
يسلم* وبعث سليط بن عمرو العامرى وهو السادس الى اليمامة الى هوذة بن على
والى ثمامة بن أثال الحنفيين فأسلم ثمامة وكتب هوذة الى رسول الله ما أحسن
ما تدعو اليه وأجمله وأنا خطيب قومى وشاعرهم فاجعل لى بعض الامر أتبعك فأبى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسلم هوذة ومات زمن الفتح وقد مرّ فى
الموطن السادس* وبعث عمرو بن العاص فى ذى القعدة سنة ثمان الى حيفر وعبدا
بنى الجلندى بعمان وهما من الازد فأسلما وصدّقا وخليا بين عمرو والصدقة
والحكم فيما بينهم فلم يزل عمرو عندهم حتى توفى رسول الله صلى الله عليه
وسلم* وبعث العلاء الحضرمى الى المنذر ابن ساوى العبدى ملك البحرين قبل
منصرفه من الجعرانة وقيل قبل الفتح فأسلم وصدّق* وفى الصفوة كان اسم العلاء
الحضرمى عبد الله بن سلمى من حضر موت وولاه رسول الله البحرين ثم عزله عنها
وولاها أبان بن سعيد ثم أعاد أبو بكر العلاء الى البحرين ثم كتب اليه عمر
أن سر الى عتبة ابن غزوان فقد وليتك عمله يعنى البصرة فسار اليها فمات فى
الطريق سنة احدى وعشرين وقيل أربع عشرة وقيل خمس عشرة* وبعث المهاجرين أمية
المخزومى الى الحارث بن كلال الحميرى أحد مقاولة اليمن فقال سأنظر فى أمرى*
وبعث أبا موسى الاشعرى ومعاذ بن جبل الى اليمن بعد انصرافه من تبوك سنة عشر
فى ربيع الاوّل وكانا جميعا فى جملة اليمن داعيين الى الاسلام فأسلم غالب
أهلها ملوكهم وعامّتهم طوعا من غير قتال وقد مرّ فى الموطن العاشر ثم بعث
على بن أبى طالب بعد ذلك اليهم ووافاه بمكة فى حجة الوداع* وبعث جرير بن
عبد الله البجلى الى ذى الكلاع وذى عمر ويدعوهم الى الاسلام فأسلما وتوفى
صلى الله عليه وسلم وجرير عندهم* وبعث عمرو بن أمية الضمرى الى مسيلمة
الكذاب بكتاب وبعث الى فروة بن عمرو الجذامى وكان عاملا لقيصر يدعوه الى
الاسلام فأسلم وكتب الى النبى صلى الله عليه وسلم باسلامه وبعث اليه بهدية
مع مسعود بن سعد وهى بغلة شهباء يقال لها فضة وفرس يقال له الظرب وحمار
يقال له يعفور وبعث اليه أثوابا وقباء سندسا مذهبا فقبل هديته ووهب لمسعود
بن سعد اثنى عشر أوقية* وبعث المصدّقين لاخذ الصدقات هلال المحرّم سنة تسع
فبعث عيينة ابن حصن الفزارى الى بنى تميم وبعث بريدة ويقال كعب بن مالك الى
أسلم وغفار وبعث عباد بن بشر الى سليم ومزينة وبعث رافع بن مكيث الى جهينة
وبعث عمرو بن العاص الى فزارة وبعث الضحاك ابن سفيان الى بنى كلاب وبعث بشر
بن سفيان الكعبى ويقال النجار العدوى الى بنى كعب وبعث عبد الله بن اللتبية
الى ذبيان وبعث رجلا من سعد هذيم الى قومه*
(وأمّا قضاته)
* عليه السلام فأمير المؤمنين على ومعاذ بن جبل وأبو موسى الاشعرى ولى كل
منهم القضاء باليمن*
(وأمّا مؤذنوه عليه السلام)
* فأربعة اثنان بالمدينة بلال بن رباح وأمّه حمامة وهو مولى أبى بكر
الصدّيق وهو أوّل من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤذن بعده لاحد
من الخلفاء الا أنّ عمر لما قدم الشام حين فتحها أذن بلال فتذكر الناس
النبىّ صلى الله عليه وسلم قال أسلم مولى عمر فلم أر باكيا أكثر من يومئذ
وتوفى بلال سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة أو عشرين بداريا بباب كيسان وله بضع
وستون سنة وقيل دفن بحلب وقيل بدمشق* وعمرو بن أمّ مكتوم القرشى الاعمى*
وفى معالم التنزيل اسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهرى من بنى
عامر بن لؤى وكذا فى الكشاف وزاد فيه أمّ مكتوم أمّ أبيه هاجر الى المدينة
قبل النبىّ صلى الله عليه وسلم وسيجىء موت بلال وابن أمّ مكتوم فى الفصل
الثانى فى الخاتمة فى خلافة عمر بن الخطاب* وأذن له عليه السلام بقباء سعد
بن عائذ أو ابن
(2/183)
عبد الرحمن المعروف بسعد القرظى وبالقرظى
مولى عمار بقى الى ولاية الحجاج وذلك سنة أربع وسبعين* وبمكة أبو محذورة
واسمه أوس الجمحى المكى أبوه معير بكسر الميم وسكون المهملة وفتح التحتية
مات بمكة سنة تسع وخمسين وقيل تأخر بعد ذلك وكان أبو محذورة منهم يرجع
الاذان ويثنى الاقامة وبلال لا يرجع ويفرد الاقامة فأخذ الشافعى باقامة
بلال وأهل مكة أخذوا باذان أبى محذورة واقامة بلال وأخذ أبو حنيفة وأهل
العراق بأذان بلال واقامة ابى محذورة وأخذ أحمد وأهل المدينة بأذان بلال
واقامته وخالفهم مالك فى موضعين اعادة التكبير وتثنية لفظ الاقامة*
(وأمّا شعراؤه الذين يذبون عن الاسلام)
* فكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة الخزرجى الانصارى وحسان بن ثابت بن
المنذر ابن عمرو بن حزام الانصارى دعا له النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال
اللهمّ أيده بروح القدس فيقال أعانه جبريل بسبعين بيتا* وفى الحديث انّ
جبريل مع حسان ما نافح عنى وهو بالحاء المهملة أى دافع والمراد هجاء
المشركين ومجازاتهم على أشعارهم وعاش مائة وعشرين سنة ستين فى الجاهلية
وستين فى الاسلام وكذا عاش ابوه ثابت وجدّه المنذر وجدّ ابيه حزام كل واحد
منهم مائة وعشرين سنة وتوفى حسان سنة اربع وخمسين وكان اشدّهم على الكفار
حسانا وكعبا* وكان يحد وبين يديه عليه السلام فى السفر عبد الله بن رواحة*
وفى رواية الترمذى فى الشمائل عن أنس انه عليه السلام دخل مكة فى عمرة
القضاء وابن رواحة يمشى بين يديه عليه السلام وهو يقول
خلوا بنى الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
وعامر بن الاكوع بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الواو وبالعين المهملة وهو
عم سلمة بن الاكوع كذا فى المواهب اللدنية واستشهد يوم خيبر* وأنجشة العبد
الاسود بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الجيم وبالشين المعجمة وكان حسن
الحداء قال انس كان البراء بن مالك يحد وبالرجال وأنجشة يحد وبالنساء وقد
كان يحدو وينشد القريض والرجز فقال عليه السلام كما فى رواية البراء بن
مالك رويدك رفقا بالقوارير وفى المشكاة لا تكسر القوارير* قال قتادة يعنى
ضعفة النساء متفق عليه فشبههنّ بالقوارير من الزجاج لانه يسرع اليها الكسر
فلم يأمن عليه السلام ان يصيبهنّ او يقع فى قلوبهنّ حداؤه فأمره بالكف عن
ذلك* وفى المثل الغنارقية الزنا وقيل اراد أن الابل اذا سمعت الحداء أسرعت
فى المشى واشتدّ وأزعجت الراكب وأتعبته فنهاه عن ذلك لأن النساء يضعفن عن
شدّة الحركة*
(وامّا خيله ودوابه)
* فذكر له صلى الله عليه وسلم الدميرى فى حياة الحيوان اثنين وعشرين فرسا
فقال السكب والسبحة والمرتجز واللزاز والظرب واللحيف والورد وهذه السبعة
متفق عليها وامّا غيرها وهى الابلق وذو العقال وذو اللمة والمرتجل والسرحان
واليعسوب أو اليعبوب والبحر والادهم والملاوح والشحاء والمرواح والمقدام
والمندوب والطرف والضرمن فهذه الخمسة عشر مختلف فيها وقد بسط الكلام عليها
الحافظ الدمياطى وغيره انتهى كلام الدميرى* قال الحافظ عبد المؤمن الدمياطى
الخيل المتفق عليها لرسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة وقد نظمها القاضى
بدر الدين بن جماعة فى بيت فقال
الخيل سكب لحيف سبحة طرب ... لزاز مرتجز ورد لها اسرار
* مشكلات الافراس فى القاموس السكب اوّل فرس ملكه النبىّ صلى الله عليه
وسلم وكان كميتا محجلا طلق اليمين ويحرّك* وفى المواهب اللدنية يقال فرس
سكب اى كثير الجرى كأنما ينصب جريه صبا من سكب الماء يسكبه وهو اوّل فرس
ملكه اشتراه عليه السلام بالمدينة من اعرابى من بنى
(2/184)
فزارة بعشرة أواق واوّل فرس غزا عليه واوّل
غزاة غزاها عليه أحد* وفى نور العيون وكان عليه السلام عليه يوم أحد* وفى
المواهب اللدنية وكان أغر محجلا طلق اليمين كميتا* وقال ابن الاثير كان
أدهم وكذا فى حياة الحيوان* وفى القاموس السبحة بالفتح فرس للنبىّ صلى الله
عليه وسلم* وفى حياة الحيوان وهو الذى سابق عليه فسبق ففرح به وفى غيرهما
كان قد سبق فسبح عليه فسمى سبحة* وفى المواهب اللدنية سبحة بالموحدة من
قولهم فرس سابح اذا كان حسن مدّ اليدين فى الجرى* قال ابن بنين هى فرس
شقراء اشتراها من أعرابى من جهينة بعشر من الابل* وفى القاموس المرتجز بن
الملاءة فرس للنبىّ صلى الله عليه وسلم سمى به لحسن صهيله اشتراه من سواد
بن الحارث بن ظالم* وفى المواهب اللدنية المرتجز بضم الميم وسكون الراء
وفتح التاء وكسر الجيم بعدها زاى سمى به لحسن صهيله مأخوذ من الرجز وهو ضرب
من الشعر وكان أبيض وهو الذى شهد له فيه خزيمة بن ثابت فجعل شهادته شهادة
رجلين* وفى حياة الحيوان الفرس الذى اشتراه النبىّ صلى الله عليه وسلم من
الاعرابى وشهد له خزيمة اسمه المرتجز وقيل كان أبيض واسم الاعرابى سواد بن
الحارث بن ظالم المحاربى وكان عليه السلام ابتاعه منه واستتبعه النبىّ صلى
الله عليه وسلم ليقبض ثمنه وأسرع النبىّ صلى الله عليه وسلم المشى وأبطأ
الاعرابى فطفق رجال يعترضون الاعرابى فيساومون الفرس لا يشعرون أنّ النبىّ
صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابى فى السوم على ثمن الفرس
فنادى الاعرابى النبىّ عليه السلام فقال ان كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه
والابعته فقام النبىّ صلى الله عليه وسلم حين سمع صوت الاعرابى فقال أو ليس
قد ابتعته منك قال لا والله ما ابتعتك فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم قد
ابتعته منك فطفق الناس يلوذون برسول الله والاعرابى وهما يتراجعان فطفق
الاعرابى يقول هلم بشاهدك قال خزيمة أنا أشهد فأقبل النبىّ صلى الله عليه
وسلم على خزيمة فقال بم تشهد قال بتصديقك يا رسول الله فجعل النبىّ صلى
الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين أخرجه أبو داود والنسائى والحاكم*
وفى رواية قال خزيمة بأبى أنت وأمى يا رسول الله أصدّقك على أخبار السماء
وما يكون فى غدو لا أصدقك فى ابتياعك هذا الفرس فقال النبىّ صلى الله عليه
وسلم انك ذو شهادتين يا خزيمة وكان يقال له ذو الشهادتين وكان معه راية بنى
خطمة فى غزوة الفتح وشهد صفين مع علىّ وقتل يومئذ سنة سبع وثلاثين* قال
السهيلى فى مسند الحارث زيادة وهى أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم ردّ الفرس
على الاعرابى وقال لا بارك الله لك فيها فأصبحت من الغد شائلة برجليها أى
ماتت* وفى الصفوة وربما جعل بعضهم الاسمين يعنى السكب والمرتجز لواحد* وفى
القاموس اللزاز ككتاب فرس للنبىّ صلى الله عليه وسلم أهداها المقوقس مع
مارية* وفى المواهب اللدنية سمى به لشدّة تلززه واجتماع خلقه ولزبه الشئ
لزق به كأنه يلتزق بالمطلوب لسرعته أهداها له المقوقس الطرب بالطاء المهملة
والمعجمة ككتف فرس للنبىّ صلى الله عليه وسلم كذا فى القاموس* وفى المواهب
اللدنية الظرب بالظاء المعجمة آخره باء موحدة واحد الظراب سمى به لكبره
وسمنه وقيل لقوّته وصلابة حافره أهداها له فروة بن عمرو الجذامى* وفى
القاموس اللحيف كأمير وزبير فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم لانه كان
يلحف الارض بيديه أهداه له ربيعة بن أبى البراء وفى غيره فأثابه عليه فرائض
من نعم بنى كلاب أورد اللحيف فى القاموس بالحاء المهملة والجيم* وفى
المنتقى بالجيم وقال من قولهم سهم لجيف اذا كان سريع المرّ* وفى المواهب
اللدنية اللحيف بالمهملة أهداها له ربيعة بن أبى براء سمى به لسمنه وكبره
كأنه يلحف الارض أى يغطيها بذنبه لطوله فعيل بمعنى فاعل يقال لحفت الرجل
باللحاف طرحته عليه ويروى بالجيم وبالخاء المعجمة
(2/185)
رواه البخارى ولم يتحققه والمعروف بالحاء
المهملة قاله ابن الاثير فى النهاية والورد فرس أهداه له تميم الدارى
فأعطاه عمر فحمله فى سبيل الله ثم وجده يباع برخص فأراد أن يشتريه فسأل
النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال لا تشتره لا تعد فى صدقتك وان أعطيك بدرهم
فانّ العائد فى صدقته كالكلب يعود فى قيئه قاله ابن سعد كذا فى المواهب
اللدنية* وفى القاموس الورد من الخيل ما بين الكميت والاشقر (والابلق)
ذولونين فصاعدا (وذو العقال) بضم العين المهملة وتشديد القاف* وحكى بعضهم
تخفيفها يقال هوداء يأخذ الدواب فى الرجلين (وذو اللمة) بكسر اللام وتشديد
الميم ذكره ابن حبيب وهو الشعر المجاوز شحمة الاذن كذا فى القاموس
(والمرتجل) بكسر الجيم ذكره ابن خالويه من قولهم ارتجل الفرس ارتجالا اذا
خلط العنق بشىء من الهملجة (والسرحان) بكسر السين المهملة وسكون الراء ذكره
ابن خالويه وفى القاموس (اليعسوب) أمير النحل وذكرها (واليعبوب) الفرس
الطويل السريع أو الجواد السهل فى عدوه ذكرهما قاسم بن ثابت فى كتاب
الدلائل (والبحر) فرس كان اشتراه من تجر قدموا من اليمن فسبق عليه مرّات
فجثا صلى الله عليه وسلم على ركبتيه ومسح على وجهه وقال ما أنت الابحر فسمى
بحرا ذكره ابن بنين فيما حكاه الحافظ الدمياطى* قال ابن الاثير وكان كميتا
وكان سرجه دفتان من ليف كذا فى المواهب اللدنية* وفى سيرة اليعمرى وسبحة
اشتراه من تجار اليمن فسبق عليه ثلاث مرّات فمسح وجهه وقال ما أنت (الابحر)
(والادهم) (والملاوح) بضم الميم وكسر الواو ذكره ابن خالويه كان لابى بردة
بن نيار (والشحاء) أى الفاتحة فاها كذا فى القاموس (والمرواح) من أبنية
المبالغة كالمطعام مشتق من الريح لسرعته أو من الرواح لتوسعه فى الجرى
أهداه له قوم من بنى مذحج ذكره ابن سعد (والمقدام) (والمندوب) ذكره بعضهم
فى خيله عليه السلام (والطرف) بكسر الطاء المهملة وسكون الراء بعدها فاء
ذكره ابن قتيبة فى المعارف* وفى رواية أنه الذى اشتراه من الاعرابى وشهد له
خزيمة بن ثابت كذا فى المواهب اللدنية (والضرمن) ذكره السهيلى فى أفراسه
وفى القاموس الضرم الفرس العدّاء وفى غيره شديد العدو وكأنّ النون زائدة
وزاد فى المواهب اللدنية (السجل) بكسر السين المهملة وسكون الجيم ذكره على
بن محمد بن الحسين بن عبدوس الكوفى ولعله مأخوذ من قولهم سجلت الماء فانسجل
أى صببته فانصب (والنجيب) ذكره ابن قتيبة* وفى رواية أنه الذى اشتراه من
الاعرابى وشهد له به خزيمة*
(وأمّا بغاله عليه السلام)
* فدلدل بدالين مضمومتين وكانت شهباء أهداها له المقوقس ملك مصر
والاسكندرية وهى أوّل بغلة رؤيت فى الاسلام كذا فى الكامل وهى التى قال لها
يوم حنين اربضى دلدل فربضت وكان يركبها فى المدينة وفى الاسفار وكانت أنثى
كما أجاب به ابن الصلاح كذا فى حياة الحيوان* وفى حياة الحيوان أيضا قال
الحافظ قطب الدين البغلة بهاء للافراد يقع على الذكر والانثى كالجرادة
والتمرة ثم قال أجمع أهل الحديث على أنّ بغلة النبىّ صلى الله عليه وسلم
كانت ذكرا لا أنثى ثم عدّله خمس بغال انتهى وكانت الدلدل قد كبرت وزالت
أضراسها يجش لها الشعير وكان علىّ يركبها بعد النبىّ صلى الله عليه وسلم
وروى أنّ عتمان بن عفان أيضا كان يركبها ثم ركبها الحسن ثم ركبها الحسين
ومحمد بن على المشهور بابن الحنفية حتى عميت من الكبر فدخلت مبطحة لبنى
مدلج فرماها رجل بسهم فقتلها وقيل ماتت بينبع* وفى القاموس ينبع كينصر حصن
له عيون ونخيل وزرع بطريق حاج مصر* وفى خلاصة الوفاء ينبع الماء مضارع نبع
ظهر من نواحى المدينة على أربعة أيام منها وبغلة يقال لها (فضة) أهداها له
فروة بن عمرو الجذامى وهبها لابى بكر وبغلة أخرى يقال لها (الابلية) أهداها
له ملك أيلة كعتلة موضع بالبصرة كذا فى القاموس وكانت بيضاء محذوفة طويلة
كأنها تقوم على رماح وكانت حسنة السير فأعجبته وهى التى
(2/186)
قال فيها علىّ ان كانت أعجبتك هذه البغلة
فانا نصنع لك مثلها قال وكيف ذلك قال هذه أمّها فرس عربية وأبوها حمار
فلوانا أنزينا على فرس عربية حمارا لجاءت بمثل هذه البغلة فقال انما يفعل
ذلك الذين لا يعلمون رواه البخارى فى كتاب الجزية وأخرى أهداها له ابن
العلماء صاحب أيلة وأخرى من دومة الجندل وأخرى من عند النجاشى قيل وأهدى له
كسرى بغلة وفيه نظر لان كسرى مزّق كتابه صلى الله عليه وسلم*
(وأمّا حميره عليه السلام)
* فعفير بضم العين المهملة أهداه له المقوقس ويعفور أهداه له فروة بن عمر
والجذامى ويقال هما واحد وهما مأخوذان من العفرة وهو لون التراب فنغف يعفور
منصرف النبىّ عليه السلام من حجة الوداع وكان له حمار آخر أعطاه سعد بن
عبادة فركبه كذا فى المواهب اللدنية ومزيل الخفا* وروى ابن عساكر بسنده أنه
لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أصاب حمارا أسود فكلمه الحمار
فقال له رسول الله ما اسمك فقال يزيد بن شهاب أخرج الله من نسل جدّى سبعين
حمارا كلها لا يركبها الا نبىّ وقد كنت أتوقعك لتركبنى ولم يبق من نسل جدّى
غيرى ولا من الانبياء غيرك وقد كنت قبلك عند يهودى* وفى رواية اسمه مرحب
وكان اذا سمع اسمك يتكلم بما لا يليق بك وكنت أتعثر به عمدا وكان يجيع بطنى
ويركب ظهرى فقال له النبىّ صلى الله عليه وسلم فأنت يعفور يا يعفور تشتهى
الاناث قال لا* وفى رواية قال لم قال لان آبائى رووا عن آبائهم أنه سيركب
نسلنا سبعون من الانبياء والاخر من نسلنا سيركبه نبىّ اسمه محمد وأنا أرجو
أن أكون ذلك الاخر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبه وكان يوجهه الى
دور أصحابه فيضرب عليهم الباب ويدعوهم فلما قبض النبىّ عليه السلام* وفى
رواية ولما مضى ثلاثة أيام جاء الى بئر أبى الهيتم بن التيهان فتردّى فيها
جزعا على رسول الله فصارت قبره كذا فى حياة الحيوان*
(وأمّا ابله عليه السلام)
* فكان له من اللقاح (القصوى) وهى مقطوعة الاذن وهى التى تاجر عليها
(والعضباء) وهى مشقوقة الاذن (والجذعاء) وهى مقطوعة طرف الاذن ولم يكن بهما
عضب ولا جذع وانما سميت بذلك قاله أبو عبيدة وقيل كان بأذنها عضب وقيل
العضباء هى التى كانت لا تسبق قيل وكان اشتراها من أبى بكر بأربعمائة درهم
وعن الواقدى بستمائة درهم وقد مرّ أنه اشتراها بثمانمائة درهم وكانت حين
قدم المدينة رباعية وكان لا يحمله اذا نزل عليه الوحى غيرها وكانت تبرك
حينا من ثقل الوحى وهى التى كانت لا تسبق فجاء أعرابى على قعود له فسبقها
فشق ذلك على المسلمين فقال عليه السلام انّ حقا على الله أن لا يرفع من
الدنيا شيئا الا وضعه* وفى سيرة اليعمرى قيل المسبوق غيرها انتهى وكانت
صهباء وهى التى روى تكليمها النبىّ صلى الله عليه وسلم وتعريفها له نفسها
ومبادرة العشب اليها فى الرعى وتجنب الوحوش عنها ونداؤها له انك لمحمد
وانها لم تأكل ولم تشرب بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم حتى ماتت ذكره
الاسفراينى وقيل القصوى والعضباء غيرها وهى المسبوقة وقيل العضباء والجذعاء
والقصوى ثلاث نوق وقيل الجذعاء والقصوى واحدة والعضباء غيرها وهى المسبوقة
وقيل العضباء والجذعاء واحدة وقيل كانت له ناقة أخرى اشتراها من بنى قشير
بثمانمائة درهم وهى التى هاجر عليها وكانت اذ ذاك رباعية وهى المسبوقة وهى
الحاملة له اذا نزل عليه الوحى والله أعلم* وفى ذخائر العقبى عن أبى هريرة
عن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال تبعث الانبياء على الدواب ويحشر صالح على
ناقته ويحشر ابنا فاطمة على ناقتىّ العضباء والقصوى وأحشر أنا على البراق
خطوها عند أقصى طرفها ويحشر بلال على ناقة من نوق الجنة خرجه الحافظ السلفى
وكانت له عشرون لقحة بالغابة يراح اليه منها كل ليلة بقربتين عظيمتين من
اللبن وكان يفرّقها على نسائه وكان فيها تسع لقاح غرر الحناء والسمراء
والعريس والسعدية والبغوم والعسيرة والريا وكانت لقحة تدعى بردة أهداها له
الضحاك
(2/187)
ابن سفيان وكانت تحلب كما تحلب لقحتان
غزيرتان وكانت له مهرية أرسلها اليه سعد بن عبادة من نعم بنى عقيل* وفى
المواهب اللدنية وكانت له خمس وأربعون لقحة أرسل بها اليه سعد بن عبادة
منها اطلال واطراف وبردة وبركة والبغوم والحناء ورمزة والريا والسعدية
وسقيا والسمراء والشقراء وعجرة والعريس وغوثة وقيل وغيثة وقمر ومروة ومهرة
ورشة والعسيرة والحفدة وغنم صلى الله عليه وسلم يوم بدر جملا لابى جهل فى
أنفه برة من فضة وكان يغز وعليه ويضرب فى لقاحه فأهداه يوم الحديبية ليغيظ
بذلك الكفار كما مرّ ذكره* ولم ينقل انه صلى الله عليه وسلم اقتنى من البقر
شيئا وكانت له مائة شاة وكانت له سبع منائح عجزة وزمزم وسقيا وبركة ورشة
واطلال واطراف وكانت له ستة أو سبعة أعنز منائح ترعاها أمّ أيمن وكانت له
شاة يختص بشرب لبنها تدعى غبثة ويقال غوثه ويمن وقمر ذكرها ابن حبان وكان
له ديك أبيض ذكره أبو سعد كذا فى سيرة اليعمرى وحياة الحيوان ونقل فيها عن
معجم الطبرانى وتاريخ الاصبهانى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال انّ
لله ديكا أبيض جناحاه موشيان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ جناح بالمشرق وجناح
بالمغرب رأسه تحت العرش وقوائمه فى الهواء يؤذن فى كل سحر فيسمع تلك الصيحة
أهل السموات والارض الا الثقلين الجنّ والانس فعند ذلك تجيبه ديوك أهل
الارض فاذا دنا يوم القيامة قال الله تعالى ضم جناحيك وغض صوتك فيعلم أهل
السموات والارض الا الثقلين أنّ الساعة قد اقتربت صاح سبوح قدّوس فصاحت
الديكة* وفى رواية يقول سبحان الملك القدّوس ربنا الرحمن الملك لا اله
غيره* وفى رواية سبحانك ما أعظم شأنك*
(وأمّا أسلحته وآلات حربه عليه السلام)
* فكان له تسعة أسياف مأثور وهو أوّل سيف ملكه عليه السلام وهو الذى يقال
انه قدم به الى المدينة فى الهجرة والعضب أرسله اليه سعد بن عبادة حين سار
الى بدر وذو الفقار لانه كان فى وسطه مثل فقرات الظهر ويجوز فى فائه الفتح
والكسر صار اليه يوم بدر وكان للعاص بن منبه بن الحجاج السهمى كذا فى
المواهب اللدنية وغيره من الكتب* وفى سيرة اليعمرى تنفله من غنائم بدر وكان
لبنى الحجاج السهميين وكان لا يفارقه فى الحرب فيكون معه فى كل حرب يشهدها
وهو الذى رأى فيه الرؤيا يوم أحد رأى بذباب سيفه ثلمة فأوّلها هزيمة كما
مرّ* وفى القاموس ذو الفقار بالفتح سيف العاص بن منبه قتل يوم بدر كافرا
فصار الى النبىّ صلى الله عليه وسلم ثم صار الى علىّ وكانت قائمته أى مقبضه
وقبيصته كسفينة ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد وذؤابته أى ما يعلق من
القائمة وبكراته أى الحلقة التى فى حلية السيف ونعله أى الحديد فى أسفل عمد
السيف من فضة كذا فى القاموس وكانت له حلقتان فى الحمائل فى موضعهما من
الظهر* وعن أنس بن مالك قال كان نعل سيف رسول الله فضة وقبيصته فضة وما بين
ذلك حلق الفضة كذا فى نور العيون وللترمذى وكان سيفه حنفيا وكان له على
سيفه اذ دخل مكة يوم الفتح ذهب وكانت قبيصته فضة وثلاثة أسياف أصابها من
سلاح بنى قينقاع والقلعى بضم القاف وفتح اللام وهو الذى أصابه من قلع موضع
بالبادية والبتار أى القاطع والحتف أى الموت والمخذم أى القاطع والرسوب أى
يمضى فى الضربة ويغيب فيها وهو فعول من رسب فى الماء يرسب اذا ذهب الى أسفل
واذا ثبت أهداهما له زيد الخير* وفى المواهب اللدنية أصابهما من الفلس بضم
الفاء وسكون اللام صنم كان لطى وفى رواية أصابهما وثالثا علىّ ابن أبى طالب
من الفلس فاصطفاهما للنبىّ صلى الله عليه وسلم صفى المغنم* وفى القاموس أو
هو يعنى الرسوب من السيوف السبعة التى أهدت بلقيس لسليمان عليه السلام
والقضيب أى اللطيف أو القطاع كذا فى القاموس ويقال القضيب وذو الفقار واحد
ومأثور والعضب كذا فى سيرة مغلطاى قيل هو أوّل سيف تقلد به صلى الله عليه
وسلم وقيل كان له سيف آخر ورثه من أبيه فتكون السيوف
(2/188)
عشرة*
(وأمّا ادراعه عليه السلام)
* فسبع ذات الفضول بالضاد المعجمة لطولها وهى درع موشح بالنحاس أرسلها اليه
سعد بن عبادة حين سار الى بدر* وفى نور العيون لبسها يوم حنين وفى الهدى
لابن القيم انها التى رهنها النبىّ صلى الله عليه وسلم عند أبى الشحم
اليهودى على صاع من شعير وكان الدين الى سنة كذا فى المواهب اللدنية وذات
الوشاح وذات الحواشى والبتراء لقصرها والخرنق باسم ولد الارنب ودرعان
أصابهما من سلاح بنى قينقاع يقال لاحداهما السغدية بالسين المهملة ثم
بالغين المعجمة ويقال بالسين والعين المهملتين نسبة الى بلد تعمل فيه
الدروع كذا فى القاموس* وفى المواهب اللدنية وهى درع عكير القينقاعى قيل
وهى درع داود عليه السلام التى لبسها حين قتل جالوت كذا فى المواهب اللدنية
وخلاصة الوفاء وللاخرى الفضة* وعن محمد بن سلمة قال رأيت على رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم أحد درعين ذات الفضول والفضة ورأيت عليه يوم حنين ذات
الفضول والسعدية* وكان له مغفر من حديد وهو زرد ينسج على قدر الرأس يلبس
تحت القلنسوة ويسمى مغفره السبوغ أو ذا السبوغ لتمامه ومغفر آخر يسمى
الموشح وكان له أربعة أزواج خفاف خفان ساذجان وثلاث جبات يلبسهنّ فى الحرب
جبة سندس أخضر وجبة طيالسية كذا فى سيرة مغلطاى*
(وأمّا رماحه عليه السلام)
* فالمثوى سمى به لانه يثبت المطعون به من الثوى وهو الاقامة قاله ابن
الاثير والمثنى ورمحان آخران أصابهما من سلاح بنى قينقاع وكانت له حربة
كبيرة تسمى البيضاء وكانت له حربة أخرى صغيرة دون الرمح شبه العكاز يقال
لها العنزة* وفى بعض كتب السير تسمى اليمين كان يمشى بها فى يده يدعم عليها
وتحمل بين يديه فى الاعياد الى المصلى حتى تركز أمامه فيتخذها سترة يصلى
اليها يقال هذه الحربة كانت للنجاشى فوهبها للزبير بن العوّام وحربة يقال
لها النبعة وأخرى تسمى الهرّ كذا فى سيرة مغلطاى وكان له قضيب من شوحط يسمى
الممشوق رواه ابن عباس* القضيب العصا والشوحط بالشين المعجمة وبالحاء
والطاء المهملتين شجر تتخذ منه القسى أو ضرب من النبع وهو شجر القسى أيضا
وهما والشريان واحد ويختلف الاسم بحسب كرم منابتها فما كان فى قلة الجبل
فنبع وفى سفحه شريان وفى الحضيض شوحط كذا فى القاموس وكان له محجن وهو عصا
منعطفة يتناول بها الراكب ويحرّك بطرفها بعيره للمشى وكان قدر ذراع أو أكثر
يمشى به ويركب به ويعلقه بين يديه على بعيره وهو الذى استلم به الركن فى
حجة الوداع وكانت له مخصرة وهى خشبة تمسك باليد تسمى العرجون وكان له محجن
يسمى الوقر*
(وأمّا أقواسه عليه السلام)
* فكانت له ست أو سبع قسى قوس من شوحط تدعى الروحاء وأخرى من شوحط تدعى
البيضاء وأخرى من نبع تدعى الصفراء أصابها من بنى قينقاع وقوس تسمى الزوراء
وقوس تدعى الكتوم انكسرت يوم أحد فأخذها قتادة وقوس تدعى السداد وقوس تدعى
الشداد وكانت له جعبة وهى كنانة النشاب تدعى الكافور* وفى رواية وكانت له
كنانة بالكسر وهى جعبة من جلد لا خشب فيها أو بالعكس تسمى الجمع واسم نبله
المتصلة وقيل الموصلة سميت بها تفاؤلا بوصوله الى العدوّ*
(وأما اتراسه عليه السلام)
* فكان له ترس اسمه الزولق يزلق عنه السلاح وترس يقال له الفتق وترس فيه
تمثال* فى حياة الحيوان روى أبو سعيد فى طبقاته أنّ النبىّ صلى الله عليه
وسلم أهدى له ترس فيه تمثال كبش فكره النبىّ صلى الله عليه وسلم مكانه
فأصبح وقد أذهبه الله* وفى سيرة مغلطاى كان له ترس فيه تمثال رأس كبش ويقال
عقاب انتهى ويقال وضع النبىّ صلى الله عليه وسلم يده على ذلك التمثال
فأذهبه الله عنه*
(وأمّا راياته عليه السلام)
* فالعقاب وكانت سوداء من صوف من ستر باب عائشة وقد مرّ فى غزوة خيبر وكانت
له ألوية بيضاء وربما جعل فيها السوداء وربما جعلت من خمر نسائه وللترمذى
رايته سوداء مربعة
(2/189)
من نمرة ولمحيى السنة لواؤه أبيض مكتوب لا
اله الا الله محمد رسول الله ولأبى داود رؤيت رايته صفراء
* (وأمّا لباسه وثيابه ومتاعه عليه السلام)
* فكان له صلى الله عليه وسلم القلانس يلبسها تحت العمائم وبغير العمائم
ويلبس العمائم بغير القلانس وكان يلبس القلانس اليمانية من البيض المضربة
وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه ويصلى اليها وربما مشى بلا
قلنسوة ولا عمامة ولا رداء راجلا يعود المرضى كذلك فى أقصى المدينة كذا فى
خلاصة السير وكانت له قلانس صغار لاطية ثلاث أو أربع* وفى القاموس ونهاية
ابن الاثير كانت كمام الصحابة بطحاء أى لازقة بالرأس غير ذاهبة فى الهواء
والكمام القلانس* وفى مختصر الوفاء عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يلبس قلنسوة بيضاء* وعن أبى هريرة قال رأيت على رسول الله قلنسوة
بيضاء شامية* وعن ابن عباس قال كان لرسول الله ثلاث قلانس بيضاء مضربة
وقلنسوة برد حبرة وقلنسوة ذات آذان يلبسها فى السفر والحرب وكانت له عمامة
تسمى السحاب وكان يعتم بها فكساها عليا وربما طلع علىّ فيها فيقول أتاكم
علىّ فى السحاب* وللترمذى ان النبىّ صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح
وعليه عمامة سوداء وله خطب الناس وعليه عمامة سوداء ولمسلم انها كانت عليه
قد أرخى طرفها أو طرفيها بين كتفيه* وللترمذى اذا اعتمّ سدل عمامته بين
كتفيه وكذا فى مختصر الوفاء عن ابن عمر وذكر رزين انّ عمامته كانت بطحاء
يعنى لاطية* قال ابن القيم فى الهدى النبوى كان شيخ الاسلام ابن تيمية يذكر
فى سبب الذؤابة شيئا بديعا وهو انّ النبىّ صلى الله عليه وسلم انما اتخذها
صبيحة المنام الذى رآه بالمدينة لما رأى رب العزة فقال يا محمد فيم يختصم
الملأ الا على قلت لا أدرى فوضع يديه بين كتفىّ فعلمت ما فى السماء والارض
الحديث وهو فى الترمذى وسأله عنه البخارى فقال صحيح قال فمن ذلك الغداة
أرخى الذؤابة بين كتفيه قال وهذا من العلم الذى تنكره ألسنة الجهال وقلوبهم
قال ولم أر هذه الفائدة فى شأن الذؤابة لغيره انتهى وعبارة غير الهدى وذكر
ابن تيمية انه صلى الله عليه وسلم لما رأى ربه واضعا يده بين كتفيه أكرم
ذلك الموضع بالعذبة انتهى لكن قال العراقى بعد أن ذكره لم نجد لذلك أصلا
انتهى* وروى ابن ابى شيبة عن علىّ قال عممنى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعمامة سدل طرفها على منكبى وقال ان الله أمدّنى يوم بدر ويوم حنين بملائكة
معممين هذه العمة وقال ان العمامة حاجز بين المسلمين والمشركين قال عبد
الحق الا شبيلى وسنة العمامة بعد فعلها أن يرخى طرفها ويتحنك به فان كانت
بغير طرف ولا تحنيك فذلك يكره عند العلماء واختلف فى وجه الكراهة فقيل
لمخالفة السنة فيها وقيل لانها كذلك كانت عمائم الشيطان وجاءت الاحاديث فى
ارسال طرفها على أنواع منها ما تقدّم انه أرسل طرفها على منكب علىّ ومنها
انّ عبد الرحمن بن عوف قال عممنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسد لها بين
يدىّ ومن خلفى ذكره أبو داود كذا فى المواهب اللدنية وللترمذى خطب الناس
وعليه عصابة دسماء وللبخارى عصب على رأسه حاشية برد وللترمذى كان صلى الله
عليه وسلم يكثر القناع وكان له ثوبان للجمعة غير ثيابه التى يلبسها فى سائر
الايام وكان له منديل يمسح به وجهه من الوضوء وربما مسح بطرف ردائه
وللترمذى كان أحبّ الثياب اليه القميص وله كان كم قميصه الى الرسغ ولأبى
داود ان قميصه مطلق وللترمذى زر قميصه لمطلق ولأبى داود انه صلى الله عليه
وسلم ساوم أبا صفوان وصاحبه بسراويل فباعاه ولم يثبت انه صلى الله عليه
وسلم لبس السراويل ولكنه اشتراها ولم يلبسها* وفى الهدى لابن القيم انه
لبسها قالوا انه سبق فلم اشتراها بأربعة دراهم* وفى الاحياء انه اشتراها
بثلاثة دراهم وللشيخين كان عليه صلى الله عليه وسلم فى سفر جبة من صوف
ولهما جبة شامية ضيقة الكمين وللترمذى رومية ولمسلم أخرجت أسماء بنت أبى
بكر جبة طيالسية
(2/190)
كسراوية لها لينة ديباج مكفوفة الفرجين من
ديباج وقالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبى داود جبة طيالسية
مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج وكانت له منطقة من أديم مبشور فيها
ثلاث حلق من فضة والابزيم من فضة والطرف من فضة والحلق على صفة الفلك
المضروبة من فضة ولبس الفروة المكفوفة بالسندس* وعن أنس انّ ملك الروم أهدى
للنبىّ صلى الله عليه وسلم مسبغة من سندس أى فروة طويلة الكمين مكفوفة
بالسندس* وفى هدى ابن القيم كان رداؤه بردة طول ستة أذرع وشبر فى عرض ثلاثة
وشبر واسم ردائه الفتح* وفى سيرة مغلطاى وكان له رداء مربع انتهى وازاره من
نسج عمان طوله أربعة أذرع وشبر فى عرض ذراعين وشبر وكان له ازار طوله خمسة
أشبار وللترمذى خرج النبىّ صلى الله عليه وسلم وهو متوكىء على أسامة بن زيد
وعليه ثوب قطرى قد توشح به فصلى بهم ولبس صلى الله عليه وسلم ثوبا أبيض
وحلة حمراء وللشيخين خميصة جرثية أو خوتية أو جوينية وبردا نجرانيا غليظ
الحاشية وللبخارى وبردة منسوجة فيها حاشيتها ولمسلم ومرطا مرجلا من شعر
أسود* وفى سيرة مغلطاى وكان له كساء اسود وآخر أحمر ملبد وآخر من شعر* وروى
انه كان له صلى الله عليه وسلم كساء اسود كساه فى حياته فقالت له أمّ سلمة
بأبى أنت وأمى ما فعل كساؤك قال كسوته قالت ما رأيت شيئا قط كان أحسن من
بياضك فى سواده* ولأبى داود ولبس بردا أحمر وبردين أو ثوبين أخضرين*
وللترمذى ثوبين قطريين غليظين واسمال ملاءتين كانتا بزعفران وقد نفضت* وفى
سيرة اليعمرى كان يعجبه الثياب الخضر* وفى رواية لبس فى وقت حلة حمراء
وازار او رداء وفى وقت ثوبين أخضرين وفى وقت جبة ضيقة الكمين وفى وقت قباء
وفى وقت عمامة سوداء وأرخى طرفها بين كتفيه وفى وقت مرطا اسود من شعر أى
كساء* وفى المواهب اللدنية وكان له ثلاث جبات يلبسهنّ فى الحرب وجبة سندس
أخضر ولمسلم ألبس النبىّ صلى الله عليه وسلم حذيفة فى غزوة الخندق من فضل
عباءة كانت عليه يصلى فيها وللشيخين ارتدى بالرداء ولأبى داود وكان يأتزر
عليه السلام فيضع حاشية ازاره من مقدمه على ظهر قدميه ويرفع من مؤخره
وللترمذى كانت ازرته الى أنصاف ساقيه* وروى عن علىّ أنه قال لباس الصالحاء
الى نصف السوق ولباس السفهاء مكنسة السوق* وفى سيرة اليعمرى ربما لبس
الازار الواحد ليس عليه غيره ويعقد طرفيه بين كتفيه وقبض روحه صلى الله
عليه وسلم فى كساء ملبد وازار غليظ ولبس عليه السلام خفين ومسح عليهما*
وللترمذى خفين اسودين ساذجين أهداهما اليه النجاشى ملك الحبشة* وفى رواية
وكان ربما لبسهما النبىّ صلى الله عليه وسلم ومسح عليهما وكان يلبس النعال
التى فيها شعر ولبس صلى الله عليه وسلم نعلين جرداوين وكان لنعله قبالان*
وللترمذى مخصوفتين وصلى فيهما وله كان لنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبالان مثنىّ شراكهما* وفى رواية وكان له نعلان من السبت وكانت مخصرة ذات
قبالين وكانت صفراء* وعن ابن عمر أن النبىّ صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما
من فضة وكان يختم به ولم يلبسه* وعن أنس كان خاتم النبىّ صلى الله عليه
وسلم من ورق وكان فصه حبشيا* وعنه كان خاتم النبىّ صلى الله عليه وسلم من
فضة وفصه منه يجعله فى يمينه وقيل كان أوّلا فى يمينه ثم حوّله الى يساره*
وعنه كان نقش خاتم النبىّ صلى الله عليه وسلم محمد سطر ورسول سطر والله
سطر* وعنه ان النبىّ صلى الله عليه وسلم كتب الى كسرى وقيصر والنجاشى فقيل
له انهم لا يقبلون كتابا الا بخاتم فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
خاتما حلقته فضة ونقش فيه محمد رسول الله كما مرّ* وعن علىّ انّ النبىّ صلى
الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه فى يمينه* وعن ابن عمر انّ النبىّ صلى الله
عليه وسلم اتخذ خاتما
من فضة وجعل فصه مما يلى كفه ونقش فيه محمد رسول الله ونهى أن ينقش أحد
عليه وهو
(2/191)
الذى سقط من معيقيب فى بئرار يس* وفى رواية
اتخذ رسول الله خاتما من ورق وكان فى يده ثم كان بعد فى يد أبى بكر ثم كان
بعد فى يد عمر ثم كان بعد فى يد عثمان حتى وقع فى بئر أريس نقشه محمد رسول
الله وتختم صلى الله عليه وسلم فى خنصره الايمن وربما لبسه فى الايسر وعن
محمد كان الحسن والحسين يتختمان فى يسارهما ولأبى داود كان خاتمه صلى الله
عليه وسلم من حديد ملوى عليه فضة أو بفضة وكانت له ربعة اسكندرانية أهداها
له المقوقس ملك مصر يكون فيها مرآته المسماة بالمدلة ومشط عاج ومكحلة يكتحل
منها كل ليلة ومقراض يسمى الجامع وسواك وفى سيرة اليعمرى ولا تفارقه قارورة
الدهن فى سفره والمكحلة والمرآة والمشط والمقراض والسواك والابرة والخيط
وكان يستاك فى الليل ثلاث مرّات قبل النوم وبعده وعند القيام لورده وعند
الخروج لصلاة الصبح وكان يكتحل قبل أن ينام بالاثمد فى كل عين ثلاثا* وفى
سيرة اليعمرى وربما اكتحل ثلاثا فى اليمين واثنين فى اليسار وربما اكتحل
وهو صائم* وفى حياة الحيوان كان للنبىّ صلى الله عليه وسلم مشط من العاج
الذبل وهو شئ يتخذ من ظهر السلحفاة البحرية تتخذ منه الامشاط والاساور وفى
الحديث انّ النبىّ صلى الله عليه وسلم أمر ثوبان أن يشترى لفاطمة سوارا من
عاج المراد بالعاج الذبل لا العاج الذى هو ناب الفيل وكانت له ركوة تسمى
الصادر وقعب يسمى السعة كذا فى سيرة مغلطاى وكان له قدح يسمى الريان وآخر
يسمى مغيثا وكان له قدح مضبب فيه ثلاث ضباب من فضة فى ثلاثة مواضع وقيل من
حديد وفيه حلقة يعلق بها اكبر من نصف المد وأصغر من المد وفى رواية يسع كل
واحد منهما قدر مد وكان له قدح من عيدان وآخر من زجاج وفى المشكاة عن عبد
الله بن ياسر كان له صلى الله عليه وسلم قصعة يحملها أربعة رجال يقال لها
الغراء فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتى بتلك القصعة يعنى وقد ثرد فيها فالتفوا
عليها فلما كثروا جثا رسول الله فقال اعرابى ما هذه الجلسة فقال النبىّ صلى
الله عليه وسلم انّ الله قد جعلنى عبدا كريما ولم يجعلنى جبارا عنيدا ثم
قال كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها رواه أبو داود وكان له مغتسل
من صفر وكان له تور من حجارة يقال له المخضب يتوضأ منه وكان له مركز أو قال
مخضب من نحاس وقيل من شبه يعمل فيه الحناء والكتم ويوضع على رأسه اذا وجد
فيه حرارة وكان له سرير قوائمه من ساج وقطيفة وفراش من أدم حشوه ليف ومسح
تثنيه ثنيتين تحته وقصعة تسمى الغراء بأربع حلق* وفى سيرة مغلطاى وجفنة لها
أربع حلق ومدّ وصاع يخرج به زكاة الفطر وكان له فسطاط يسمى الكن ولابى داود
كان له صلى الله عليه وسلم سكة يتطيب منها وللنسائى كان صلى الله عليه وسلم
يتطيب بذكارة الطيب المسك والعنبر وفى سيرة اليعمرى وكان يتطيب بالغالية
والمسك ويتبخر بالعود والكافور*
(وأمّا من وفد عليه صلى الله عليه وسلم)
* فأقوام كثيرة وجماعات غزيرة وقد سرد محمد بن سعد فى الطبقات الوفود وتبعه
الدمياطى فى سيرته وابن سيد الناس ومغلطاى والحافظ زين الدين العراقى
ومجموع ما ذكروه يزيد على الستين قال النووى الوفد الجماعة المختارة
للتقدّم فى لقى العظماء واحدهم وافد انتهى وكان ابتداء الوفود عليه بعد
رجوعه عليه السلام من الجعرانة فى آخر سنة ثمان وما بعدها وقال ابن اسحاق
بعد غزوة تبوك وقال ابن هشام كانت سنة تسع تسمى سنة الوفود فقدم عليه صلى
الله عليه وسلم وفد هوازن كما ذكره البخارى وغيره فى شهر شوّال سنة ثمان
بعد انصرافه من الطائف الى الجعرانة فى الجعرانة وقدم عليه وفد ثقيف سنة
تسع بعد قدومه من تبوك وكان من أمرهم انه صلى الله عليه وسلم لما انصرف من
الطائف قيل له يا رسول الله ادع على ثقيف فقال اللهمّ اهد ثقيفا وائتنى بهم
ولما انصرف عنهم اتبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يدخل المدينة
فأسلم وسأله أن يرجع بالاسلام الى قومه فلما أشرف لهم على
(2/192)
علية له وقد دعاهم الى الاسلام وأظهر لهم
دينه رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله* وفى المنتقى أورد قدوم عروة
بن مسعود الثقفى واسلامه سنة تسع وكذا فى تاريخ اليافعى ثم أقامت ثقيف بعد
قتله شهرا ثم قدم وفدهم عليه صلى الله عليه وسلم وهم عبد ياليل بن عمرو بن
عمير واثنان من الاحلاف وثلاثة من بنى مالك وكتب لهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى المؤمنين ان عضاه
وج وصيده حرام لا تعضد فمن وجد يفعل شيئا من ذلك فانه يجلد وتنزع ثيابه فان
تعدّى فانه يؤخذ ويبلغ النبىّ وان هذا أمر النبى محمد رسول الله فكتب خالد
بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبد الله فلا يتعدّاه أحد فيظلم نفسه فيما أمر
به محمد رسول الله ووج بفتح الواو وتشديد الجيم واد بالطائف واختلف فيه هل
هو حرم يحرم صيده وقطع شجره فالجمهور على انه ليس فى البقاع حرم الاحرم مكة
والمدينة وخالفهم أبو حنيفة فى حرم المدينة* وقدم وفد بنى تميم عليه عطارد
ابن حاجب بن زرارة فى أشراف قومه منهم الاقرع بن حابس والزبرقان بن بدر
وعمرو بن الاهتم والحتات بن زيد ونعيم بن زيد وقيس بن الحارث وقيس بن عاصم
فى وفد عظيم من بنى تميم قيل كانوا تسعين أو ثمانين رجلا فلما دخلوا المسجد
نادوا رسول الله من وراء حجراته أن اخرج الينا يا محمد فاذى ذلك رسول الله
صلى الله عليه وسلم من صياحهم واياهم عنى الله سبحانه وتعالى بقوله انّ
الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون وقد مرّ فى الموطن التاسع*
وقدم وفد بنى عامر بن صعصعة* قال ابن اسحاق لما فرغ رسول الله صلى الله
عليه وسلم من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت ضربت اليه وفود العرب من كل وجه
فدخلوا فى دين الله أفواجا فوفد اليه بنو عامر فيهم عامر بن الطفيل واربد
بن ربيعة أخو لبيد الشاعر كذا فى حياة الحيوان* وفى المنتقى أورد قدومهم فى
سنة عشر* وفى المواهب اللدنية اربد بن قيس وخالد بن جعفر وحيان بن أسلم بن
مالك وكان هؤلاء النفر الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم فأقبل عدوّ الله عامر
بن الطفيل واربد يريدان أن يغدرا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا
رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك فقال عليه السلام دعه فان يرد
الله به خيرا يهده فأقبل حتى قام عليه فاستشرف الناس لجمال عامر وكان من
أجمل الناس فقال يا محمد مالى ان أسلمت فقال لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم
قال أتجعل لى الامر بعدك قال ليس ذلك الىّ انما ذلك الى الله يجعله حيث
يشاء وفى الحدائق قال ليس ذلك لك ولا لقومك قال فتجعلنى على الوبر وأنت على
المدر قال لا قال فماذا تجعل لى قال أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها قال أو
ليس ذلك الىّ اليوم وكان عامر قال لأربد اذا قدمنا على الرجل فانى شاغل عنك
وجهه فاذا رأيتنى أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف فدار أربد ليضربه فاخترط
من سيفه شبرا ثم حبسه الله فيبست يده على سيفه ولم يقدر على سله فعصم الله
نبيه فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع بسيفه فقال
اللهمّ اكفنيهما بما شئت فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة فى يوم حرّ قائظ
فأحرقته وبعيره وولى عامر هاربا فقال يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله
لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا ولا ربطن بكل نخلة فرسا كذا فى
الحدئق فقال رسول الله يمنعك الله من ذلك وأبناء قيلة يعنى الاوس والخزرج*
وفى المواهب اللدنية فلما خرجا قال عامر لاربد أين ما كنت أمرتك به فقال
والله ما هممت بالذى أمرتنى الا دخلت بينى وبينه أفأضربك بالسيف* وفى حياة
الحيوان فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم اللهمّ اكفنى عامر بن الطفيل بما
شئت وأخذ أسيد بن حضير الرمح وجعل يقرع رؤسهما ويقول اخرجا أيها الهجرسان
فقال عامر من أنت قال أسيد بن حضير قال أبوك خير منك قال بل أنا خير منك
ومن أبى مات أبى وهو كافر فنزل
عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم
(2/193)
عليه سلاحه وقد تغير لونه فجعل يركض فى
الصحراء ويقول ابرز يا ملك الموت ويقول الشعر ويقول واللات لئن أصحر محمد
الىّ وصاحبه يعنى ملك الموت لا نفدنهما برمحى فأرسل الله ملكا فلطمه بجناحه
فأثراه فى التراب وخرجت على ركبته فى الوقت غدة عظيمة كغدة البعير* وفى
حياة الحيوان فبعث الله له الطاعون فى عنقه فعاد الى بيت السلولية فقال غدة
كغدة البعير وموت فى بيت السلولية ثم ركب فرسه وكان يركضه فمات فى ظهر
الفرس فأنزل الله تعالى ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء* وقدم وفد عبد
القيس سنة عشر وهى قبيلة كبيرة يسكنون البحرين ينسبون الى عبد القيس بن
أفصى بسكون الفاء بعدها مهملة على وزن أعمى بن دعمى بضم المهملة وسكون
المهملة أيضا وكسر الميم بعدها تحتانية وقدم فى هذا الوفد الجارود بن عمرو
وكان نصرانيا فأسلم وقدم وفد بنى حنيفة فيهم مسيلمة الكذاب بن حبيب الحنفى
وكان منزلهم فى دار امرأة من الانصار من بنى التجار فأتوا بمسيلمة الى رسول
الله يستر بالثياب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه فى يده
عسيب من سعف النخل فلما انتهى الى رسول الله وهم يسترونه بالثياب كلمه
وسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سألتنى هذا العسيب الذى فى
يدى ما أعطيتكه وذكر حديثه ابن اسحاق على غير ذلك فقال حدّثنى شيخ من أهل
اليمامة من بنى حنيفة أتوا رسول الله وخلفوا مسيلمة فى رحالهم فلما أسلموا
ذكروا له مكانه فقالوا يا رسول الله انا قد خلفنا صاحبا لنا فى رحالنا
وركابنا يحفظها لنا فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أمر به لقومه
وقال لهم انه ليس بشركم مكانا يعنى لحفظه ضيعة أصحابه ثم انصرفوا ولما
قدموا اليمامة ارتدّ عدوّ الله وتنبأ وقال انى أشركت فى الامر معه ثم جعل
يسجع السجعات وقد سبق فى الموطن الحادى عشر وقدم وفد طى فى أوّل سنة عشر
كذا فى الوفاء أوفى شعبان سنة تسع وفيهم عدى بن حاتم وانّ حاتما هلك على
كفره وعدى كان نصرانيا فأسلم وأسلموا وفيهم زيد الخيل وكان سيد القوم وسماه
النبىّ صلى الله عليه وسلم زيد الخير وقال ما وصف لى أحد فى الجاهلية
فرأيته فى الاسلام دون تلك الصفة الا أنت فانك فوق ما قيل فانّ فيك لخصلتين
يحبهما الله ورسوله الاناءة والحلم وفى رواية الحياء والحلم فقال الحمد لله
الذى جبلنى على ما يحبه الله ورسوله وفى المواهب اللدنية قال عليه السلام
ما ذكر لى رجل من العرب بفضل ثم جاءنى الا رأيته دون ما يقال فيه الا زيد
الخيل فانه لم يبلغ كل ما فيه ثم سماه زيد الخير ومات محموما بعد رجوعه الى
قومه وفى المواهب اللدنية فلما انتهى الى ماء من مياه نجد أصابته الحمى
فمات قاله ابن عبد البر وقيل مات فى آخر خلافة عمر وكان صلى الله عليه وسلم
قال انه لنعم الفتى ان لم تدركه أمّ كلدة وفى رواية قال يا زيد تقتلك أمّ
كلدة يعنى الحمى فلما رجع الى أهله حم ومات كذا فى حياة الحيوان وكان له
ابنان مكيث وحريث أسلما وصحبا رسول الله عليه السلام وشهدا قتال أهل الردّة
مع خالد بن الوليد وقدم وفد كندة سنة عشر فى ثمانين أو ستين راكبا من كندة
وفيهم أشعث بن قيس الكندى فدخلوا عليه مسجده وقد تسلحوا ولبسوا جباب
الحبرات مكفوفة بالحرير فلما دخلوا قال صلى الله عليه وسلم أو لم تسلموا
قالوا بلى قال فما هذا الحرير فى أعناقكم فشققوه فنزعوه وألقوه وقدم فروة
بن مسيك المرادى مفارقا لملوك كندة مبايعا للنبىّ صلى الله عليه وسلم وكان
رجلا له شرف فلما قدم المدينة أنزله سعد بن عبادة عليه كذا فى الاكتفاء
وقدم الاشعريون وأهل اليمن الترجمة مشتملة على طائفتين وليس المراد
اجتماعهما فى الوفادة فان قدوم الاشعريين كان مع أبى موسى الاشعرى فى سنة
سبع عند فتح خيبر وقدوم حمير كان فى سنة تسع وهى سنة الوفود ولهذا اجتمعوا
مع بنى تميم وروى يزيد بن هارون عن حميد عن أنس انّ رسول الله قال يقدم
عليكم قوم هم أرق منكم قلوبا
فقدم الاشعريون فجعلوا
(2/194)
يرتجزون* غدا نلقى الاحبة* محمدا وحزبه*
وقدم وفد بنى الحارث بن كعب بن نجران فيهم قيس بن الحصين ويزيد بن المحمل
وشدّاد بن عبد الله وقال لهم عليه السلام بم كنتم تغلبون من قاتلكم قالوا
كنا نجتمع ولا نتفرّق ولا نبدأ أحدا بالظلم قال صدقتم وأمر عليهم قيس بن
الحصين فرجعوا الى قومهم فى بقية من شوّال أو من ذى القعدة فلم يمكثوا الا
أربعة أشهر حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم* وقدم وفد همدان فيهم
مالك بن النمط وأبو ثور وهو المشعار ومالك بن أيفع وضمام بن مالك السلمانى
وعمرو بن مالك الخارقى فلقوا رسول الله مرجعه من تبوك وعليهم مقطعات
الحبرات والعمائم العدنية على الرواحل المهرية والارحبية ومالك بن النمط
يرتجز بين يديه عليه السلام وذكر له كلاما كثيرا حسنا فصيحا فكتب لهم عليه
السلام كتابا أقطعهم فيه ما سألوا وأمّر عليهم مالك بن النمط واستعمله على
من أسلم من قومه وأمره بقتال ثقيف وكان لا يخرج لهم سرح الا أغار عليه* قال
ابن القيم فى الهدى النبوى لم تكن همدان تقاتل ثقيفا ولا تغير على سرحهم
فان همدان باليمن وثقيف بالطائف* وقدم وفد مزينة وهم أربعمائة رجل فأسلموا
فلما أرادوا أن ينصرفوا أمر النبىّ صلى الله عليه وسلم عمر حتى زوّدهم
تمرا* وقدم وفد دوس وكان قدومهم عليه بخيبر* وقدم وفد نصارى نجران سنة عشر
فى القاموس نجران موضع باليمن فتح سنة عشر من الهجرة* وفى مزيل الخفاء
نجران بفتح النون وسكون الجيم منزل للنصارى بين مكة واليمن على سبع مراحل
من مكة* وفى معجم ما استعجم نجران مدينة بالحجاز من شق اليمن معروفة سميت
بنجران بن زيد بن يشجب بن يعرب وهو أوّل من نزلها والاخدود الذى ذكره الله
فى القرآن فى قرية من قرى نجران وهى اليوم خراب ليس فيها الا المسجد الذى
أمر عمر بن الخطاب ببنائه* وفى أنوار التنزيل ولما تنصر نجران غزاهم ذو
نواس اليهودى من حمير فأحرق فى الاخاديد من لم يرتدّ انتهى* قال مقاتل كانت
الاخدود ثلاثة واحدة بنجران أرض العرب ليوسف ذى نواس بن شرحبيل اليهودى
وكان من ملوك حمير وكانت فى الفترة بين عيسى والنبىّ عليهما السلام قبل
مبعثه بسبعين سنة والآخرى بالشام لانطيانوس الرومى* والثالثة بفارس لبخت
نصر* فأمّا التى بالشام وفارس فلم ينزل الله فيهما قرآنا وأنزل فى التى
كانت بنجران كذا فى معالم التنزيل* قيل أطيب البلاد نجران من الحجاز وصنعاء
من اليمن ودمشق من الشام والرى من خراسان* ولما قدم وفد نجران ودخلوا
المسجد النبوى بعد العصر حانت صلاتهم فقاموا يصلون فيه فأراد الناس منعهم
فقال عليه السلام دعوهم فاستقبلوا المشرق وصلوا صلاتهم وكانوا ستين راكبا
وفيهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم* وفى معالم التنزيل أربعة عشر وفى
الاربعة والعشرين ثلاثة نفر اليهم يؤل أمرهم العاقب أمير القوم وذو رأيهم
وصاحب مشورتهم واسمه عبد المسيح والسيد صاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه الايهم
بتحتانية ساكنة ويقال شرحبيل وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل وكان أبو
حارثة أسقفهم وحبرهم وكان قد شرف فيهم ودرس كتبهم وكانت ملوك الروم من أهل
النصرانية قد شرفوه وموّلوه وكان يعرف أمر النبىّ صلى الله عليه وسلم وشأنه
وصفته مما علمه من الكتب المتقدّمة ولكن حمله الجهل والشقاء على الاستمرار
والبقاء على النصرانية لما يرى من تعظيمه وجاهه عند أهلها فدعاهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم الى الاسلام وتلى عليهم القرآن فامتنعوا فقال ان أنكرتم
ما أقول فهلم أبا هلكم* وفى البخارى من حديث حذيفة جاء السيد والعاقب صاحبا
نجران الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعنا يعنى يباهلا فقال
أحدهما لصاحبه لا تفعل* وعند أبى نعيم ان قائل ذلك هو السيد وعند غيره بل
الذى قال ذلك هو العاقب لانه كان صاحب رأيهم* وفى زيادات يونس بن بكير فى
المغارى ان الذى قال ذلك
(2/195)
شرحبيل فو الله لئن كان نبيا فلاعناه يعنى
باهلناه لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا أبدا* وفى أنوار التنزيل روى انهم
لما دعوا الى المباهلة قالوا حتى ننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا
رأيهم ماذا ترى فقال والله لقد عرفتم نبوّته ولقد جاءكم بالفصل فى أمر
صاحبكم والله ما باهل قوم نبيا الا هلكوا فان أبيتم الا الف دينكم فوادعوا
الرجل وانصرفوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غدا محتضنا الحسين
آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشى خلفه وعلىّ خلفها وهو صلى الله عليه وعلى آله
وذريّته يقول اذا أنا دعوت فأمّنوا فقال أسقفهم يا معشر النصارى انى لأرى
وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا عن مكانه لأزاله فلا تباهلوا
فتهلكوا فأذعنوا لرسول الله وبذلوا الجزية ألفى حلة حمراء وثلاثين درعا من
حديد فقال عليه السلام والذى نفسى بيده لو تباهلوا لمسخوا قردة وخنازير
ولاضطرم عليهم الوادى نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر
وهو دليل على نبوّته وفضل من أتى بهم من أهل بيته* وفى المواهب اللدنية ثم
قال العاقب والسيدانا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلا أمينا فقال لأبعثن
معكم أمينا حق أمين فاستشرف لها أصحاب رسول الله فقال قم يا أبا عبيدة يا
ابن الجراح فلما قام قال عليه السلام هذا أمين هذه الامّة* وفى رواية يونس
بن بكير صالحهم على ألفى حلة ألف فى رجب وألف فى صفر مع كل حلة أوقية من
الذهب وكتب فيه الكتاب وساق يونس الكتاب الذى بينهم مطوّلا* وذكر ابن سعد
أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك وأسلما وفى ذلك مشروعية مباهلة المخالف اذا
أصر بعد ظهور الحجة ووقع ذلك لجماعة من العلماء سلفا وخلفا ومما عرف
بالتجربة انّ من باهل وكان مبطلا لا تمضى عليه سنة من يوم المباهلة* وقدم
رسول فروة بن عمرو الجذامى وكان عاملا للروم وكان منزله معان أسلم وكتب الى
رسول الله صلى الله عليه وسلم باسلامه وبعث به مع رجل من قومه يقال له
مسعود بن سعد وبعث له ببغلة بيضاء وفرس يقال له الظرب وحمار يقال له يعفور
وأثواب وقباء سندس مرصع بالذهب وكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم* من
محمد رسول الله الى فروة بن عمرو أمّا بعد فقدم علينا رسولك وبلغ ما أرسلت
به وخبر عما قبلك وأتانا باسلامك وانّ الله قد هداك بهداه وأمر بلالا فأعطى
رسوله اثنتى عشرة أوقية ذهبا ونشا وبلغ ملك الروم خبر اسلام فروة فدعاه
فقال له ارجع عن دينك نملكك قال لا أفارق دين محمد فانك تعلم ان عيسى بشربه
ولكنك تضنّ بملكك فحبسه ثم أخرجه وصلبه على ماء بفلسطين وضرب عنقه على ذلك
الماء كما مرّ فى الموطن الحادى عشر بتغيير يسير* وقدم وفد ضمام بن ثعلبة
بعثه بنو سعد بن بكر وفى صحيح البخارى عن أنس بن مالك أنه قال بينما نحن
جلوس مع النبىّ صلى الله عليه وسلم فى المسجد دخل رجل على جمل فأناخه فى
المسجد ثم عقله ثم قال لهم أيكم محمد والنبىّ عليه السلام متكىء بين
ظهرانيهم فقلنا هذا الرجل الابيض المتكىء فقال له الرجل أين ابن عبد المطلب
فقال له النبىّ صلى الله عليه وسلم قد أجبتك فقال الرجل انى سائلك ومشدّد
عليك فى المسألة فلا تجد علىّ فى نفسك فقال سل عما بدالك فقال أسألك بربك
ورب من قبلك الله الذى أرسلك الى الناس كلهم فقال اللهمّ نعم قال أنشدك
بالله الله أمرك أن تصلى الصلوات الخمس فى اليوم والليلة قال اللهمّ نعم
قال أنشدك بالله الله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة قال اللهم نعم قال
أنشدك بالله الله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا وتقسمها على فقرائنا
قال اللهمّ نعم فقال الرجل آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائى من قومى
وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بنى سعد بن بكر* وقدم وفد طارق بن عبد الله وقومه*
وقدم وفد نجيب سنة تسع وهم من السكون ثلاثة عشر رجلا وقد ساقوا معهم صدقات
أموالهم التى فرض الله عليهم فسرّ عليه السلام بهم وأكرم منزلهم ومقرّهم
وأمر بلالا أن يحسن ضيافتهم* وقدم وفد بنى سعد هذيم من قضاعة فى سنة تسع
(2/196)
وفى المنتقى وهم من أهل اليمن* وقدم وفد
بنى فزارة سنة تسع قال أبو الربيع بن سالم فى كتاب الاكتفاء ولما رجع رسول
الله صلى الله عليه وسلم من تبوك قدم عليه وفد بنى فزارة بضعة عشر رجلا
فيهم خارجة بن حصن والجد بن قيس بن أخى عيينة بن حصن وهو أصغرهم فجاؤا
مقرّين بالاسلام* وقدم وفد بنى أسد عشرة رهط سنة تسع فيهم وابضة بن معبد
وطليحة بن خويلد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه فقال
متكلمهم يا رسول الله انا نشهد انّ الله وحده لا شريك له وانك عبده ورسوله
وجئناك ولم تبعث الينا بعثا فأنزل الله تعالى فيهم يمنون عليك أن أسلموا
الاية* وقدم وفد بهراء من اليمن سنة تسع وكانوا ثلاثة عشر رجلا ونزلوا على
المقداد بن عمرو وأقاموا أياما تعلموا الفرائض ثم ودّعوا رسول الله فأمر
لهم بالجوائز وانصرفوا الى بلادهم* وقدم وفد عذرة فى صفر سنة تسع وكانوا
اثنى عشر رجلا منهم حمزة بن النعمان فرحب بهم عليه السلام فأسلموا وبشرهم
بفتح الشام وهرب هرقل الى ممتنع من بلاده ثم انصرفوا وقد أجيزوا* وقدم وفد
بلى فى ربيع الاوّل سنة تسع فنزلوا على رو يفع بن ثابت البلوى فأسلموا فقال
صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذى هداكم للاسلام فكل من مات على غير
الاسلام فهو فى النار ثم ودّعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن
أجازهم* وقدم وفد بنى مرّة وكانوا ثلاثة عشر رجلا ورئيسهم الحارث بن عوف
فقال رسول الله كيف البلاد فقالوا والله انا لمسنتون فادع الله لنا فقال
عليه السلام اللهمّ اسقهم الغيث ثم أقاموا أياما ورجعوا بالجائزة فوجدوا
بلادهم قد أمطرت فى ذلك اليوم الذى دعا لهم فيه رسول الله صلى الله عليه
وسلم* وقدم وفد خولان فى شعبان سنة عشر وكانوا عشرة مسلمين فقال عليه
السلام ما فعل صنم خولان الذى كانوا يعبدونه قالوا أبد لنا الله ما جئت به
الا أنّ عجوزا وشيخا كبيرا يتمسكان به فان قدمنا عليه هدمناه ان شاء الله
تعالى ثم علمهم فرائض الدين وأمرهم بالوفاء بالعهد وأداء الامانة وحسن
الجوار وأن لا يظلموا أحدا ثم أجازهم ورجعوا الى قومهم وهدموا الصنم* وقدم
وفد محارب عام حجة الوداع وكانوا أغلظ العرب وأفظهم عليه أيام عرضه على
القبائل يدعوهم الى الله فجاءه منهم عشرة وأسلموا ثم انصرفوا الى أهليهم*
وفد صداء
وقدم وفد صداء فى سنة ثمان وذلك أنه لما انصرف من الجعرانة بعث قيس بن سعد
بن عبادة فى أربعمائة وأمره أن يطأ ناحية من اليمن فيها صداء فقدم رجل منهم
علم بالبعث على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اردد الجيش
فانى لك بقومى فردّ قيسا ورجع الصدائى الى قومه فقدم على رسول الله خمسة
عشر رجلا منهم فبايعوه على الاسلام ورجعوا الى قومهم ففشا فيهم الاسلام
فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة رجل فى حجة الوداع ذكره
الواقدى* وقدم وفد غسان فى شهر رمضان سنة عشر وكانوا ثلاثة نفر فأسلموا
وأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفوا راجعين*
وفد سلامان
وقدم وفد سلامان فى شوّال سنة عشر كما قال الواقدى وكانوا سبعة نفر فيهم
حبيب بن عمرو فأسلموا وشكوا اليه جدب بلادهم فدعا لهم ثم ودّعوه وأمر لهم
بالجوائز فرجعوا الى بلادهم فوجدوها قد أمطرت فى اليوم الذى دعا لهم فيه
رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الساعة* وقدم وفد بنى عبس سنة عشر فقالوا
يا رسول الله قدم علينا قرّاؤنا فأخبرونا أنه لا اسلام لمن لا هجرة له ولنا
أموال ومواش فان كان لا اسلام لمن لا هجرة له بعناها وهاجرنا فقال عليه
السلام اتقوا الله حيث كنتم فلن يلتكم من أعمالكم شيئا* وقدم وفد غامد فى
رمضان سنة عشر وكانوا عشرة فأقرّوا بالاسلام وكتب لهم كتابا فيه شرائع
الاسلام وأمر أبى بن كعب فعلمهم قرآنا وأجازهم عليه السلام وانصرفوا*
وفد الازد
وقدم وفد الازد سنة عشر وهم سبعة نفر* وفى المنتقى ورأسهم صرد بن عبد الله
الازدى فى بضعة عشر انتهى فأسلم وحسن اسلامه وأمّره على من أسلم من قومه
وأمره أن يجاهد بمن أسلم
(2/197)
أهل الشرك من قبائل اليمن*
رؤيا زرارة
وقدم وفد المنيفق لقيط بن عامر ومعه صاحب له يقال له نهيك بن عاصم ابن مالك
بن المنيفق* وقدم وفد النخع وهم آخر الوفود قد وما عليه وكان قدومهم فى نصف
المحرّم سنة احدى عشرة فى مائتى رجل فنزلوا دار الاضياف ثم جاؤا الى رسول
الله صلى الله عليه وسلم مقرّين بالاسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل
فقال رجل منهم يقال له زرارة بن عمرو يا رسول الله انى رأيت فى سفرى هذا
عجبا قال وما رأيت قال رأيت اتانا تركتها كأنها ولدت جديا أسفع أحوى فقال
له رسول الله هل تركت مصرة على حمل قال نعم قال فانها قد ولدت غلاما وهو
ابنك قال يا رسول الله فما باله أسفع أحوى قال ادن منى فدنا منه فقال هل بك
من برص تكتمه قال والذى بعثك بالحق نبيا ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرى
قال يا رسول الله ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ومسكتان قال ذلك ملك
العرب رجع الى أحسن زيه وبهجته قال يا رسول الله ورأيت عجوز اشمطاء خرجت من
الارض قال تلك بقية الدنيا قال ورأيت نارا خرجت من الارض فحالت بينى وبين
ابن لى يقال له عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فتنة تكون فى
آخر الزمان قال يا رسول الله وما الفتنة قال يقتل الناس امامهم وخالف رسول
الله بين أصابعه يحسب المسىء فيها أنه محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن
أحلى من شرب الماء ان مات ابنك أدركت الفتنة وان مت أنت أدركها ابنك فقال
يا رسول الله ادع الله أن لا أدركها فقال رسول الله اللهمّ لا يدركها فمات
فبقى ابنه فكان ممن خلع عثمان بن عفان انتهى ملخصا من الهدى النبوى نقل سرد
الوفود بهذا الترتيب من المواهب اللدنية للشيخ شهاب الدين أحمد القسطلانى*
وفى المنتقى زيادة على ما ذكره وهى* وقدم وفد زبيد على رسول الله سنة عشر
فيهم عمرو بن معدى كرب فأسلم فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدّ
عمرو ثم عاد الى الاسلام*
وفد بجيلة
وقدم وفد بجيلة سنة عشر فيهم جرير بن عبد الله البجلى ومعه من قومه مائة
وخمسون رجلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع عليكم من هذا السفح من
خير ذى يمن على وجهه مسحة ملك فطلع جرير على راحلته ومعه قومه فأسلموا
وبايعوا قال جرير وبسط رسول الله يده فبايعنى وقال وعلى أن تشهد أن لا اله
الا الله وأنى رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم شهر رمضان وتنصح
للمسلمين وتطيع الوالى وان كان عبدا حبشيا فقلت نعم فبايعته وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يسأله عما وراءه فقال يا رسول الله قد أظهر الله
الاسلام والاذان وهدمت القبائل أصنامها التى تعبد قال ما فعل ذو الخلصة قال
هو على حاله فبعثه رسول الله الى هدم ذى الخلصة وعقد له لواء فقال انى لا
أثبت على الخيل فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره فقال اللهمّ اجعله
هاديا مهديا فخرج فى قومه وهم زها مائتين فما أطال الغيبة حتى رجع قال رسول
الله هدمته قال نعم والذى بعثك بالحق وأحرقته بالنار فتركته كما يسوء أهله
فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها وفى البخارى روى
عن جرير بن عبد الله البجلى كان فى الجاهلية بيت باليمن لخثعم وبجيلة وفيه
نصب تعبد يقال له ذو الخلصة وكان يقال له الكعبة اليمانية والكعبة الشامية
فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنت مريحى من ذى الخلصة قال فنفرت
اليه فى خمسين ومائة فارس من أحمس فكسرناها وأحرقناها وقتلنا من وجدنا عنده
فأخبرناه فدعا لنا ولا حمس* وقدم وفد ثعلبة سنة ثمان مرجعه من الجعرانة وهم
أربعة نفر* وقدم وفد رهاوين سنة عشر* وقدم وفد بنى تغلب سنة عشر* وقدم وفد
الداريين من لخم وهم عشرة فى سنة تسع* وقدم وفد بنى كلاب فى سنة تسع معهم
لبيد ابن ربيعة بن حبان بن سلمى وقالوا انّ الضحاك بن سفيان سار فينا بكتاب
الله وسنتك ودعانا فاستجبنا له وانه أخذ الصدقة من أغنيائنا فردّها فى
فقرائنا* وقدم وفد البكائين سنة تسع
(2/198)
* |