دلائل
النبوة للبيهقي محققا بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ [ (111) ]
زَمْزَمَ، عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِصَارِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيُّ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ
عَبْدِ اللهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ
الْغَافِقِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ- يَقُولُ وَهُوَ يُحَدِّثُ حَدِيثَ زَمْزَمَ، قَالَ: بَيْنَا عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ أُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: احْفِرْ
بَرَّةً، فَقَالَ: وَمَا بَرَّةُ؟ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ
الْغَدُ نَامَ فِي مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ:
احْفِرِ الْمَضْنُونَةَ، قَالَ: [ (112) ] وَمَا مَضْنُونَةُ؟ ثُمَّ ذَهَبَ
عَنْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ عَادَ [ (113) ] فَنَامَ فِي
مَضْجَعِهِ ذَلِكَ فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: احْفِرْ طَيْبَةَ، فَقَالَ:
وَمَا طَيْبَةُ [ (114) ] ؟ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ
عَادَ فَنَامَ بِمَضْجَعِهِ، فأتي، فقيل
__________
[ (111) ] كلمة (حضر) سقطت من (ح) .
[ (112) ] في (ح) : «فقال» .
[ (113) ] في (هـ) : «عاد به» .
[ (114) ] في بعض الروايات: «ظبية» . سبل الهوى والرشاد (1: 217) .
(1/93)
لَهُ: احْفِرْ زَمْزَمَ، فَقَالَ: وَمَا
زَمْزَمُ؟ فَقَالَ: لَا تُنْزَفُ وَلَا تُذَمُّ [ (115) ] ثُمَّ نَعَتَ
لَهُ مَوْضِعَهَا. فَقَامَ يَحْفِرُ حَيْثُ نُعِتَ لَهُ، فَقَالَتْ لَهُ
قُرَيْشٌ: مَا هَذَا يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ؟
فَقَالَ: أُمِرْتُ بِحَفْرِ زَمْزَمَ. فَلَمَّا كَشَفَ عَنْهُ وَبَصُرُوا
بِالظَّبْيِ، قَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ لَنَا حَقًّا فِيهَا
مَعَكَ، إِنَّهَا لَبِئْرُ [ (116) ] أَبِينَا إِسْمَاعِيلَ. فَقَالَ: مَا
هِيَ لَكُمْ، لَقَدْ خُصِصْتُ بِهَا دُونَكُمْ، قَالُوا: فَحَاكِمْنَا [
(117) ] ، قَالَ [ (118) ] : نَعَمْ.
قَالُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كَاهِنَةُ بَنِي سَعْدِ بْنِ هُذَيْمٍ-
وَكَانَتْ بِأَشْرَافِ الشَّامِ- قَالَ:
فَرَكِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي أَبِيهِ، وَرَكِبَ
مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْ أَفْنَاءِ قُرَيْشٍ نَفَرٌ، وَكَانَتِ الْأَرْضُ
إِذْ ذَاكَ مَفَاوِزَ فِيمَا بَيْنَ الشَّامِ وَالْحِجَازِ، حَتَّى إِذَا
كَانُوا بِمَفَازَةٍ مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ فَنِيَ مَاءُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ وَأَصْحَابِهِ حَتَّى أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ،
فَاسْتَسْقَوَا [ (119) ] الْقَوْمَ، قَالُوا: مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ
نَسْقِيَكُمْ، وَإِنَّا لَنَخَافُ [ (120) ] مِثْلَ الَّذِي أَصَابَكُمْ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِأَصْحَابِهِ: مَاذَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: مَا
رَأْيُنَا إِلَّا تَبَعٌ لِرَأْيِكَ، فَقَالَ: إِنِّي [ (121) ] أَرَى أَنْ
يَحْفِرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ [ (122) ] حُفْرَةً [ (123) ] بِمَا بَقِيَ
مِنْ قُوَّتِهِ، فَكُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ دَفَعَهُ أَصْحَابُهُ
فِي حُفْرَتِهِ حَتَّى يَكُونَ آخِرُكُمْ يَدْفَعُهُ صَاحِبُهُ، فَضَيْعَةُ
رَجُلٍ أَهْوَنُ مِنْ ضَيْعَةِ جَمِيعِكُمْ. فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَالَ:
وَاللهِ إِنَّ إِلْقَاءَنَا بِأَيْدِينَا لِلْمَوْتِ- لَا نَضْرِبُ فِي
الْأَرْضِ وَنَبْتَغِي لَعَلَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يَسْقِيَنَا-
عَجْزٌ. فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: ارْتَحِلُوا، قَالَ: فَارْتَحَلُوا
وَارْتَحَلَ، فلما جلس
__________
[ (115) ] لا تذم لا يقل ماؤها. الروض الأنف (1: 98) .
[ (116) ] في (ح) : «سر» .
[ (117) ] في (ح) : «تحاكمنا» .
[ (118) ] في (ص) : «فقال» .
[ (119) ] في (ح) : «ثم استسقوا» .
[ (120) ] في (ح) : «نخاف» .
[ (121) ] في (ص) و (ح) : «فإني» .
[ (122) ] ليست في (هـ) .
[ (123) ] في (ص) و (ح) : «حفرته» .
(1/94)
عَلَى نَاقَتِهِ فَانْبَعَثَتْ بِهِ
انْفَجَرَتْ عَيْنٌ [ (124) ] مِنْ تَحْتِ خُفِّهَا بِمَاءٍ [ (125) ]
عَذْبٍ، فَأَنَاخَ وَأَنَاخَ أَصْحَابُهُ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا
وَاسْتَقَوْا، ثُمَّ دَعَوْا أَصْحَابَهُمْ: هَلُمُّوا إِلَى الْمَاءِ
فَقَدْ سَقَانَا اللهُ، تَعَالَى، فَجَاءُوا وَاسْتَقَوْا وَسَقَوْا، ثُمَّ
قَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَدْ وَاللهِ قُضِيَ لَكَ، إِنَّ الَّذِي
سَقَاكَ هَذَا [ (126) ] الْمَاءَ بِهَذِهِ الْفَلَاةِ لَهُوَ الَّذِي
سَقَاكَ زَمْزَمَ، انْطَلِقْ فَهِيَ لَكَ، فَمَا نَحْنُ بِمُخَاصِمِيكَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَانْصَرَفُوا، وَمَضَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ
فَحَفَرَ، فَلَمَّا تَمَادَى بِهِ الْحَفْرُ وَجَدَ غَزَالَيْنِ مِنْ
ذَهَبٍ، وَهُمَا الْغَزَالَانِ اللَّذَانِ كَانَتْ جُرْهُمٌ [ (127) ]
دَفَنَتْ فِيهَا حِينَ أُخْرِجَتْ مِنْ مَكَّةَ، وَهِيَ بِئْرُ [ (128) ]
إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، الَّذِي سَقَاهُ
اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، حِينَ ظمئ وهو صغير.
__________
[ (124) ] في (ح) : «عيون تحت» .
[ (125) ] في (ص) : «ماء» .
[ (126) ] «هذا» سقطت من (ح) .
[ (127) ] لما توفي إسماعيل- عليه السلام- ولي البيت بعده ابنه نابت بن
إسماعيل مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يليه، ثم ولي البيت مضاض بن عمرو الجرهمي،
وبنو إسماعيل، وبنو نابت مع جدهم مضاض وأخوالهم من جرهم، ثم نشر الله ولد
إسماعيل بمكة، وأخوالهم من جرهم ولاة البيت والحكام بمكة لا ينازعهم ولد
إسماعيل في ذلك لخؤولتهم وقرابتهم، وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغي أو
قتال.
ثم إن جرهما بغوا بمكة واستحلوا حلالا من الحرم، فظلموا من دخلها من غير
أهلها، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها، فرقّ أمرهم، فلما رأت بنو بَكْرِ
بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ من كنانة وغبشان من خزاعة ذلك، اجمعوا لحربهم وإخراجهم
من مكة، فآذنوهم، أي أعلموهم بالحرب، فاقتتلوا، فغلبهم بنو بكر وغبشان
فنفوهم من مكة، كانت مكة في الجاهلية لا تقرّ فيها ظلما ولا بغيا، ولا يبغي
فيها أحد إلا أخرجته، ولا يريدها ملك يستحلّ حرمتها إلا أهلكته مكانه. فخرج
عمرو بن الحارث بن مضاض بغزالي الكعبة وبحجر الركن، فدفن الغزالين في زمزم،
وردمها، ومرت عليها السنون عصرا بعد عصر إلى أن صار موضعها لا يعرف حتى
بوّأها الله لعبد المطلب جد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وانطلق عمرو بن
مضاض ومن معه من جرهم إلى اليمن.
[ (128) ] في (ح) : «من إسماعيل» .
(1/95)
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَوَجَدَ عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ أَسْيَافًا مَعَ الْغَزَالَيْنِ [ (129) ] ، فَقَالَتْ
قُرَيْشٌ: لَنَا مَعَكَ فِي هَذَا يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ شِرْكٌ وَحَقٌّ،
فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَلُمُّوا إِلَى أَمْرٍ نَصَفٍ بَيْنِي
وَبَيْنَكُمْ: نَضْرِبُ عَلَيْهَا بِالْقِدَاحِ. فَقَالُوا: فَكَيْفَ
نَصْنَعُ؟
قَالَ: اجْعَلُوا لِلْكَعْبَةِ قَدَحَيْنِ، وَلَكُمْ قَدَحَيْنِ، وَلِي
قَدَحَيْنِ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ شَيْءٌ كَانَ لَهُ. فَقَالُوا لَهُ [ (130)
] : قَدْ أَنْصَفْتَ، وَقَدْ رَضِينَا. فَجَعَلَ قد حين أصفرين للكعبة، وقد
حين أسودين لعبد المطلب [ (131) ] ، وقد حين أَبْيَضَيْنِ لِقُرَيْشٍ،
ثُمَّ أَعْطَوْهَا الَّذِي يَضْرِبُ بِالْقِدَاحِ، وَقَامَ عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ، ويقول:
لا همّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْمَحْمُودْ ... رَبِّي وَأَنْتَ [ (132) ]
الْمُبْدِئُ الْمُعِيدْ
وَمُمْسِكُ الرَّاسِيَةِ الْجُلْمُودْ ... مِنْ عِنْدِكَ الطَّارِفُ
وَالتَّلِيدْ
إِنْ شِئْتَ أَلْهَمْتَ لِمَا تُرِيدْ ... لِمَوْضِعِ الْحِلْيَةِ
وَالْحَدِيدْ
فَبَيِّنِ الْيَوْمَ لِمَا تُرِيدْ ... إِنِّي نَذَرْتُ عَاهِدَ [ (133) ]
الْعُهُودْ
اجْعَلْهُ رَبِّ لِي وَلَا [ (134) ] أَعُودْ
وَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ الْقِدَاحَ، فَخَرَجَ الْأَصْفَرَانِ عَلَى
الْغَزَالَيْنِ لِلْكَعْبَةِ، فَضَرَبَهُمَا، عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي
بَابِ الْكَعْبَةِ، فَكَانَا أَوَّلَ ذَهَبٍ حُلِّيَتْهُ. وَخَرَجَ
الْأَسْوَدَانِ عَلَى السُّيُوفِ وَالْأَدْرَاعِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ
فَأَخَذَهَا. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا اجْتَهَدُوا فِي الدُّعَاءِ سَجَعُوا، فَأَلَّفُوا
الكلام،
__________
[ (129) ] الأسياف والغزالان، كان ساسان ملك الفرس أهداها للكعبة، وقيل
سابور، وكانت الأوائل من ملوك الفرس تحجّها إلى ساسان أو سابور» . أ. هـ
الروض الأنف (1: 97) .
[ (130) ] ليست في (هـ) .
[ (131) ] في (ح) : «له» .
[ (132) ] في (ح) : «فأنت» .
[ (133) ] في (ح) : «العاهد» ، وكذا في البداية والنهاية (2: 246) .
[ (134) ] في (ح) : «فلا» .
(1/96)
وَكَانَتْ فِيمَا يَزْعُمُونَ قَلَّمَا
تُرَدُّ إِذَا دَعَا بِهَا دَاعٍ [ (135) ] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
فَلَمَّا حَفَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ زَمْزَمَ، وَدَلَّهُ اللهُ عَلَيْهَا،
وَخَصَّهُ بِهَا، زَادَهُ اللهُ، تَعَالَى، بِهَا شَرَفًا وَخَطَرًا فِي
قَوْمِهِ، وَعُطِّلَتْ كُلُّ سِقَايَةٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ حِينَ ظَهَرَتْ،
وَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا الْتِمَاسَ بَرَكَتِهَا، وَمَعْرِفَةِ
فَضْلِهَا، لِمَكَانِهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهَا سُقْيَا اللهِ، عَزَّ
وَجَلَّ، لإسماعيل [ (136) ] عليه السلام.
__________
[ (135) ] الخبر في «البداية والنهاية» (2: 246) : عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
[ (136) ] فِي (ح) و (ص) : «إسماعيل» .
(1/97)
بَابُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
* أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ [ (137) ] ، قَالَ:
وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ، فِيمَا يَذْكُرُونَ [ (138) ] ،
قَدْ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ مَا
لَقِيَ: لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ، ثُمَّ [ (139) ] بَلَغُوا
مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ- لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ لِلَّهِ، عَزَّ
وَجَلَّ، عِنْدَ الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا تَوَافَى بَنُوهُ عَشَرَةً:
الْحَارِثُ، وَالزُّبَيْرُ، وَحَجْلٌ، وَضِرَارٌ، وَالْمُقَوَّمُ، وَأَبُو
لَهَبٍ، وَالْعَبَّاسُ، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ،
وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ- جَمْعُهُمْ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ
بِنَذْرِهِ الَّذِي نَذَرَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الْوَفَاءِ لِلَّهِ، تعالى [
(140) ] ، بذلك [ (141) ] ، فأطاعوا
__________
[ (137) ] الخبر في سيرة ابن هشام (1: 164) ، وراجع طبقات ابن سعد (1: 88-
89) ، والبداية والنهاية (2: 248) .
[ (138) ] في سيرة ابن هشام: «فيما يزعمون، والله أعلم» .
[ (139) ] «ثم» ليست في: (هـ) .
[ (140) ] في (ص) : بدون «تعالى» .
[ (141) ] ليست في (هـ) .
(1/98)
لَهُ، وَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ:
يَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا، فَيَكْتُبُ فِيهِ اسْمَهُ، ثُمَّ
تَأْتُونِي. فَفَعَلُوا ثُمَّ أَتَوْهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي
دُخُولِهِ عَلَى هُبَلَ:
عَظِيمِ أَصْنَامِهِمْ.
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَبُو رَسُولِ
الله، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، أَصْغَرَ بَنِي أَبِيهِ، وَكَانَ هُوَ
وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو طَالِبٍ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَمْرِو بن عائد بن عبد
الله بن عمر ابن مَخْزُومٍ، وَكَانَ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- أَحَبَّ وَلَدِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [ (142) ] إِلَيْهِ. فَلَمَّا أَخَذَ صَاحِبُ القداح
القداح [ (143) ] ، لِيَضْرِبَ بِهَا، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ
هُبَلَ، يَدْعُو: أَلَّا يَخْرُجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَخَرَجَ
الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَأَخَذَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِيَدِهِ
وَأَخَذَ الشِّفْرَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إِلَى إِسَافٍ وَنَائِلَةَ-
الْوَثَنَيْنِ اللَّذَيْنِ تَنْحَرُ قُرَيْشٌ عِنْدَهُمَا ذَبَائِحَهُمْ-
لِيَذْبَحَهُ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا، فَقَالُوا:
مَاذَا تُرِيدُ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: أَذْبَحُهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَكَرُوا [ (144) ] أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اجْتَرَّهُ مِنْ تَحْتِ رِجْلِ أَبِيهِ حَتَّى خَدَشَ
وَجْهَ عَبْدِ اللهِ [ (145) ] خَدْشًا لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهِهِ حَتَّى
مَاتَ. فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: وَاللهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا
وَنَحْنُ أَحْيَاءٌ حَتَّى نُعْذَرَ فِيهِ، وَلَئِنْ فَعَلْتَ هَذَا لَا
يَزَالُ رَجُلٌ مِنَّا يَأْتِي ابْنَهُ [ (146) ] حَتَّى يَذْبَحَهُ، فَمَا
بَقَاءُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ؟! وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ- وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ-: وَاللهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا
حَتَّى نُعْذَرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فداء فديناه بأموالنا.
__________
[ (142) ] في (هـ) : «المطلب» .
[ (143) ] في (ص) : «القدح» .
[ (144) ] في (هـ) : «فذكروا» .
[ (145) ] في (هـ) : «عبد المطلب» ، خطأ.
[ (146) ] في (هـ) : «يأتي بابنه» .
(1/99)
وَذَكَرَ أَشْعَارَهُمْ فِي ذَلِكَ، إِلَى
أَنْ قَالَ:
فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ: لَا تَفْعَلْ، وَانْطَلِقْ إِلَى
الْحِجَازِ، فَإِنِّ بِهِ عَرَّافَةً يُقَالُ لَهَا: سَجَاحُ، لَهَا
تَابِعٌ، فَسَلْهَا، ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ. فَقَالَ: نَعَمْ.
فَانْطَلَقُوا حَتَّى جَاءُوهَا، وَهِيَ، فِيمَا يَزْعُمُونَ، بِخَيْبَرَ،
فَسَأَلُوهَا، فَقَالَتِ:
ارْجِعُوا عَنِّي الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي، فَأَسْأَلَهُ.
فَخَرَجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ.
قَالَ [ (147) ] : ثُمَّ غَدَوْا إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: نَعَمْ قَدْ
جَاءَنِي تَابِعِي بِالْخَبَرِ، فَكَمِ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟ فَقَالُوا:
عَشْرٌ [ (148) ] مِنَ الْإِبِلِ- وَكَانَتْ كَذَلِكَ- قَالَتْ:
فَارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ، فَقَدِّمُوا صَاحِبَكُمْ، وَقَدِّمُوا
عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، ثُمَّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا بِالْقِدَاحِ، فَإِنْ
خَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا مِنَ الْإِبِلِ حَتَّى
يَرْضَى رَبُّكُمْ، فَإِذَا خَرَجَتِ الْقِدَاحُ عَلَى الْإِبِلِ فَقَدْ
رَضِيَ رَبُّكُمْ، فَانْحَرُوهَا، وَنَجَا صَاحِبُكُمْ. فَخَرَجُوا حَتَّى
قَدِمُوا مَكَّةَ وَفَعَلُوا.
وَذَكَرَ [ (149) ] الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي سَجْعِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
ودَعَوَاتِهِ، وَخُرُوجِ السَّهْمِ عَلَى عَبْدِ اللهِ، وَزِيَادَةِ عَشْرٍ
عَشْرٍ، مِنَ الْإِبِلِ كُلَّمَا خَرَجَ السَّهْمُ عَلَيْهِ، حَتَّى
بَلَغَتِ الْإِبِلُ مِائَةً.
وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى [ (150) ] ، ثُمَّ
ضَرَبُوا، فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى الْإِبِلِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ
حَضَرَهُ: قَدِ انْتَهَى رِضَا [ (151) ] رَبِّكَ، وَخَلُصَ لك
__________
[ (147) ] ليست في (ح) .
[ (148) ] في (هـ) : «عشرة» .
[ (149) ] في (هـ) : «وذكروا» .
[ (150) ] «تعالى» : ليست في (ص) .
[ (151) ] في (ص) : رسمت «رضى» .
(1/100)
ابْنُكَ. فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: لَا
وَاللهِ حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
فَضَرَبُوا [ (152) ] ، فَخَرَجَ عَلَى الْإِبِلِ فِي الْمَرَّاتِ
الثَّلَاثِ، فَنُحِرَتْ، ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا أحد [ (153) ]
.
__________
[ (152) ] في (ح) : «فضرب» .
[ (153) ] جاء في هامش نسخة (هـ) عند اللوحة (13/ ب) ما يلي:
«بلغ سيدنا وشيخنا أبو الإقبال: مصطفى بن محمد الطائي الحنفي قراءة عليّ من
أوله إلى هنا، وثبت في يوم الأربعاء لثلاث عشرة مضين من رمضان (1191)
بمنزلي» .
«وكتب محمد مرتضى غفر له» .
ثم جاء تحتها هامش آخر كما يلي:
«بلغ سماع الجماعة عليّ وهم: عبد الرحمن محمد بن حلوات، وعبد الله بن أحمد
المقري، وعثمان بن إبراهيم الروزنجاني. وصح وثبت بقراءة السيد أبي الصلاح:
الحسين بن عبد الرحمن الشيخوني في يوم الأربعاء سادس شهر رمضان سنة (1191)
» وكتب محمد مرتضى الحسيني- غفر له-.
(1/101)
بَابُ تَزَوُّجِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ: أَبِي [ (154) ] النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِآمِنَةَ
بِنْتِ وَهْبٍ، وَحَمْلِهَا بِرَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَوَضْعِهَا إِيَّاهُ
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ آخِذًا بِيَدِ عَبْدِ اللهِ، فَمَرَّ
بِهِ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ
الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَهِيَ [ (155) ] عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَتْ
لَهُ حِينَ نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِهِ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا عَبْدَ اللهِ؟
فَقَالَ: مَعَ أَبِي. قَالَتْ: لَكَ عِنْدِي مِنَ الْإِبِلِ مِثْلُ الَّتِي
[ (156) ] نُحِرَتْ عَنْكَ، وَقَعْ عَلَيَّ الْآنَ. فَقَالَ لَهَا: إِنَّ
مَعِيَ أَبِي الْآنَ، لَا أَسْتَطِيعُ خِلَافَهُ وَلَا فِرَاقَهُ، وَلَا
أُرِيدُ أَنْ أَعْصِيَهُ شَيْئًا. فَخَرَجَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ
حَتَّى أَتَى بِهِ وَهْبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ- وَوَهْبٌ
يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي زُهْرَةَ نَسَبًا وَشَرَفًا- فَزَوَّجَهُ آمِنَةَ
بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ
أَفْضَلُ امْرَأَةٍ فِي [ (157) ] قُرَيْشٍ نَسَبًا وموضعا.
__________
[ (154) ] في (ح) : «أبو» .
[ (155) ] في (هـ) و (ص) : «وهو» .
[ (156) ] في (ح) : «الذي» .
[ (157) ] في (ح) : «من قريش» .
(1/102)
وَهِيَ لِبَرَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْعُزَّى
بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدار بن قصي. وَأُمُّ بَرَّةَ: أُمُّ حَبِيبٍ
بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. وَأُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ
أَسَدٍ: لِبَرَّةَ بنت عوف ابن عُبَيْدٍ- يَعْنِي [ (158) ] ابْنَ عُوَيْجِ
بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ.
قَالَ: وَذَكَرُوا أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا حِينَ مَلَكَهَا مَكَانَهُ،
فَوَقَعَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللهِ، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللهِ، صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا حَتَّى
أَتَى الْمَرْأَةَ الَّتِي قَالَتْ لَهُ مَا قَالَتْ- وَهِيَ أُخْتُ
وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى- وَهِيَ فِي
مَجْلِسِهَا، فَجَلَسَ إليها، وقال [ (159) ] لها: مالك لَا تَعْرِضِينَ
عَلَيَّ الْيَوْمَ مِثْلَ الَّذِي عَرَضْتِ أَمْسِ؟ فَقَالَتْ [ (160) ]
قَدْ فَارَقَكَ النُّورُ الَّذِي كَانَ فِيكَ، فَلَيْسَ لِي بِكَ الْيَوْمَ
حَاجَةٌ. وَكَانَتْ فِيمَا زَعَمُوا تَسْمَعُ مِنْ أَخِيهَا وَرَقَةَ بْنِ
نَوْفَلٍ، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَاتَّبَعَ الْكُتُبَ، يَقُولُ: إِنَّهُ
لَكَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ [ (161)
] . فَقَالَتْ فِي ذَلِكَ شِعْرًا، وَاسْمُهَا: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ نوفل
بن أسد:
آلْآنَ وَقَدْ ضَيَّعْتَ مَا كُنْتَ قَادِرًا ... عَلَيْهِ وَفَارَقَكَ
الَّذِي كَانَ جَاءَكَا
غَدَوْتَ عَلَيَّ حَافِلًا قَدْ بَذَلْتَهُ ... هُنَاكَ لِغَيْرِي
فَالْحَقَنَّ بِشَانِكَا
وَلَا تَحْسَبَنِّي الْيَوْمَ خِلْوًا وَلَيْتَنِي ... أَصَبْتُ جَنِينًا [
(162) ] مِنْكَ يَا عَبْدَ دَارِكَا
وَلَكِنَّ ذَاكُمْ صَارَ فِي آلِ زُهْرَةٍ ... بِهِ يَدْعَمُ اللهُ
الْبَرِيَّةَ نَاسِكَا
وَقَالَتْ أَيْضًا:
عَلَيْكَ بِآلِ زُهْرَةَ حَيْثُ كَانُوا ... وَآمَنَةَ الَّتِي حَمَلَتْ
غُلَامَا
تَرَى الْمَهْدِيَّ حِينَ تَرَى عَلَيْهِ ... وَنُورًا قَدْ تقدّمه أماما
__________
[ (158) ] «يعني» : ساقطة من نسخة (ص) .
[ (159) ] في (ح) : «فقال» .
[ (160) ] ليست في (ح) .
[ (161) ] في (ح) : «من إسماعيل» .
[ (162) ] في (هـ) و (ص) : «حبيبا» .
(1/103)
وَذَكَرَتْ أَبْيَاتًا، وَقَالَتْ فِيهَا:
فَكُلُّ الْخَلْقِ يَرْجُوهُ جَمِيعًا ... يَسُودُ النَّاسَ مُهْتَدِيًا [
(163) ] إِمَامَا
بَرَاهُ اللهُ مِنْ نُورٍ صَفَاءً ... فَأَذْهَبَ نُورُهُ عَنَّا
الظَّلَامَا
وَذَلِكَ صُنْعُ [ (164) ] رَبِّكَ إِذْ حَبَاهُ ... إِذَا مَا سَارَ
يَوْمًا أَوْ أَقَامَا
فَيَهْدِي أَهْلَ مَكَّةَ بَعْدَ كُفْرٍ ... وَيَفْرِضُ بَعْدَ ذَلِكُمُ
الصِّيَامَا
قُلْتُ: [ (165) ] وَهَذَا الشَّيْءُ قَدْ [ (166) ] سَمِعَتْهُ مِنْ
أَخِيهَا فِي صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ كَانَتْ أَيْضًا امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ مَعَ آمنة [
(167) ] .
__________
[ (163) ] في (ح) و (ص) : «مبتديا» .
[ (164) ] في (ح) : «وذاك صنيع» .
[ (165) ] في (ح) : «قال أحمد- رحمه الله-» .
[ (166) ] سقطت من (هـ) و (ص) .
[ (167) ] خبر غريب موضوع لا سند له، ولا منطق يؤيده، ويناقض الأحاديث
الصحيحة، تناقلته كتب السيرة بما دسه عليها أعداء الإسلام من يهود وسبئية
وشانئين ومنافقين.
1- فرغم ما عرف عن تمسك المؤرخين بالسند، وأن كل الاخبار الصحيحة وردت
بالسند القوي المتواتر، فهذا الخبر ليس له سند، فلا هو بمتصل، ولا بمرفوع.
لا بل نقله الطبري (2:
243) بقوله: «فيما يزعمون» .
2- إن متنه، وما تضمنه من حكاية المرأة التي عرضت الزنا على عبد الله، وهو
حديث عهد بزواج، تناقض الأحاديث الصحيحة من طهارة وشرف نسب الأنبياء، وأن
هذه الطهارة، وهذا الشرف من دلائل نبوتهم، وسيأتي في باب «ذكر شرف أصل رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم، ونسبته» ،
قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله- عز وجل- اصطفى بني كنانة من بني
إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من
بني هاشم» .
(1/104)
* وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العباس: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي: إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ،
قَالَ:
حُدِّثْتُ أَنَّهُ كَانَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
امْرَأَةٌ مَعَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مناف، فَمَرَّ
بِامْرَأَتِهِ تِلْكَ وَقَدْ أَصَابَهُ أَثَرٌ مِنْ طِينٍ عمل به، فدعا
[ها] [ (168) ] إِلَى نَفْسِهِ، فَأَبْطَأَتْ عَلَيْهِ لِمَا رَأَتْ مِنْ
أَثَرِ الطِّينِ، فَدَخَلَ، فَغَسَلَ عَنْهُ أَثَرَ الطِّينِ، ثُمَّ دَخَلَ
عَامِدًا إِلَى آمِنَةَ، ثُمَّ دَعَتْهُ صَاحِبَتُهُ الَّتِي كَانَ أَرَادَ
إِلَى نَفْسِهَا، فَأَبَى لِلَّذِي صَنَعَتْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ،
فَدَخَلَ عَلَى آمِنَةَ، فَأَصَابَهَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَدَعَاهَا إِلَى
نَفْسِهِ، فَقَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي بِكَ، مَرَرْتَ بِي وَبَيْنَ
عَيْنَيْكَ غُرَّةٌ، فرجوت أن أصيبها
__________
[ () ] وهذا الحديث في الترمذي ومسند أحمد، وأن الله طهّره من عهد
الجاهلية، وأرجاسها، ووالده عبد الله قد كان صورة طبق الأصل من عبد المطلب،
ولو أمهله الزمن لتولى مناصب الشرف التي كانت بيد عبد المطلب، وكان شعاره
الذي التزمه طيلة حياته: «أما الحرام فالممات دونه» لا بل قد شبه بالناسك.
رجل هذا شأنه هل نطمئن الى هذه الروايات المزعومة وأنه بعد أن دخل بزوجته
آمنة عاد فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت فقال لها: «مالك لَا
تَعْرِضِينَ عَلَيَّ الْيَوْمَ ما كنت عرضت عليّ بالأمس» ! 3- تخبطت
الروايات في اسم المرأة فهي مرة امرأة من خثعم، ومرة أم قتال أُخْتُ
وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ، ومرة هي ليلى العدوية، ومرة «كاهنة من أهل تبالة
متهورة» ومرة أنه كان متزوجا بامرأة أخرى غير آمنة ... إلخ هذا التخبط
الدال على الكذب، ولماذا اختار الرواة أُخْتُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ، أو
امرأة كانت قد قرأت الكتب؟! 4- إننا إذا نظرنا الى الشعر الوارد في هذا
الخبر على لسان المرأة، لوجدناه شعرا ركيكا، مزيفا، مصنوعا، ملفقا، مضطرب
القافية، محشورة الكلمات فيه بشكل مصطنع واضح الدلالة على تلفيقه وبهذا كله
يسقط هذا الخبر الواهي، ويدل على هذا قول ابن إسحاق، والطبري، وغيرهما ممن
نقلوا الخبر- فيما يزعمون- وهو زعم باطل.
[ (168) ] سقطت من (ح) .
(1/105)
مِنْكَ، فَلَمَّا دَخَلْتَ عَلَى آمِنَةَ
ذَهَبَتْ بِهَا مِنْكَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحُدِّثْتُ أَنَّ امْرَأَتَهُ تِلْكَ كَانَتْ
تَقُولُ: لَمَرَّ [ (169) ] بِي وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ لَنُورًا مِثْلَ
الْغُرَّةِ، وَدَعَوْتُهُ [ (170) ] لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ لِي،
فَدَخَلَ عَلَى آمِنَةَ، فَأَصَابَهَا، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللهِ، صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
* أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ
الْعَلَوِيُّ، رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْرَزِ:
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ جَمِيلٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حدثنا محمد ابن
يُونُسَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبَ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزُّهْرِيُّ [ (171) ] .
(ح) وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، إِمْلَاءً، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ: مُحَمَّدُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ
الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ
الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: قَدِمْتُ الْيَمَنَ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ،
فَنَزَلْتُ عَلَى حَبْرٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الزَّبُورِ: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى
بَدَنِكَ؟ [فَقُلْتُ: انْظُرْ] [ (172) ] مَا لَمْ يَكُنْ عَوْرَةٌ. قَالَ:
فَفَتَحَ إِحْدَى مِنْخَرَيَّ فَنَظَرَ فِيهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْآخَرِ،
فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ فِيَ إِحْدَى يَدَيْكَ مُلْكًا، وَفِي الْأُخْرَى
نُبُوَّةً، وَأَرَى ذَلِكَ فِي بَنِي زُهْرَةَ، فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ:
لَا أَدْرِي.
قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ شَاعَةٍ [ (173) ] ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَمَا
الشَّاعَةُ؟ قَالَ: زوجة. قلت:
__________
[ (169) ] في (ح) : «فمرّ» .
[ (170) ] في (ح) : «فدعوته» .
[ (171) ] ليست في (ح) .
[ (172) ] سقطت من (هـ) ، وثابتة في (ح) و (ص) .
[ (173) ] في (ح) «شاغة» ، وهو تصحيف، (والشاعة) : بشين معجمة وعين مهملة:
الزوجة، سميت بذلك لمتابعتها الزوج، وشيعة الرجل: أتباعه وأنصاره.
(1/106)
أَمَّا الْيَوْمَ فَلَا. قَالَ: إِذَا
قَدِمْتَ فَتَزَوَّجْ فِيهِنَّ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى
مَكَّةَ، فَتَزَوَّجَ هَالَةَ بِنْتَ وَهْبِ [ (174) ] بْنِ عَبْدِ
مَنَافٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ: حَمْزَةَ، وَصَفِيَّةَ، وَتَزَوَّجَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ، فَوَلَدَتْ
رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ حِينَ
تَزَوَّجَ عَبْدُ اللهِ آمِنَةَ: فَلَجَ [ (175) ] عَبْدُ اللهِ عَلَى
أَبِيهِ [ (176) ] . وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ
خَثْعَمٍ.
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ [ (177) ] بْنُ
عَلْقَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ:
كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَعْرِضُ نَفْسَهَا فِي مَوَاسِمِ
الْحَجِّ، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَكَانَ مَعَهَا أَدَمٌ تَطُوفُ بها
كأنها تَبِيعُهَا، فَأَتَتْ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المطلب،
فَأَظُنُّ أَنَّهُ أَعْجَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللهِ مَا أَطُوفُ
بِهَذَا الْأَدَمِ وَمَا لِي [ (178) ] إِلَى ثَمَنِهَا حَاجَةٌ،
وَإِنَّمَا أَتَوَسَّمُ الرَّجُلَ هَلْ أَجِدُ كُفُؤًا، فَإِنْ كَانَتْ
لَكَ إِلَيَّ حَاجَةٌ فَقُمْ. فَقَالَ لَهَا: مَكَانَكِ حَتَّى [ (179) ]
أَرْجِعَ إِلَيْكِ، فَانْطَلَقَ إِلَى رَحْلِهِ،
__________
[ (174) ] في (ح) : وهيب وهو تصحيف.
[ (175) ] (فلج) ظفر بما طلب.
[ (176) ] هذا الخبر جاء في (ح) متأخرا عن الخبر الآتي، وراجع الخبر في:
طبقات ابن سعد (1:
86) ، دلائل النبوة لأبي نعيم ص (88- 89) ، البداية والنهاية (2: 251) ،
الخصائص الكبرى للسيوطي (1: 40) ، الوفا (1: 84) ، سبل الهدى (1: 389) .
[ (177) ] في (ح) : سلمة، وهو تصحيف.
[ (178) ] في (ح) : «ومالي بها وإلى ثمنها» .
[ (179) ] ليست في (ح) .
(1/107)
فَبَدَأَ فَوَاقَعَ أَهْلَهُ، فَحَمَلَتْ
بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَجَعَ
إِلَيْهَا، قَالَ: أَلَا أَرَاكِ هَهُنَا؟ قَالَتْ: وَمَنْ كُنْتَ؟ قَالَ:
الَّذِي وَاعَدْتُكِ. قَالَتْ: لَا، مَا أَنْتَ هُوَ، وَلَئِنْ كُنْتَ هُوَ
لَقَدْ رَأَيْتُ بَيْنَ عَيْنَيْكَ نُورًا مَا أَرَاهُ الْآنَ [ (180) ] .
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ: عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ:
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ:
كَانَ يَهُودِيٌّ قَدْ سَكَنَ مَكَّةَ يَتَّجِرُ بِهَا، فَلَمَّا كَانَتِ
اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ فِي مَجْلِسٍ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ
وُلِدَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ مَوْلُودٌ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: وَاللهِ مَا
نَعْلَمُهُ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، أَمَا إِذْ أَخْطَأَكُمْ فَلَا بَأْسَ،
انْظُرُوا وَاحْفَظُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ: وُلِدَ فِيكُمْ [ (181) ]
هَذِهِ اللَّيْلَةَ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَخِيرَةِ، بَيْنَ
كَتِفَيْهِ عَلَامَةٌ فِيهَا شَعْرَاتٌ مُتَوَاتِرَاتٌ كَأَنَّهُنَّ عُرْفُ
فَرَسٍ، لَا يَرْضَعُ لَيْلَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ عِفْرِيتًا [ (182) ]
مِنَ الْجِنِّ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي فَمِهِ فَمَنَعَهُ الرَّضَاعَ.
فَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ مِنْ مَجْلِسِهِمْ وَهُمْ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ
قَوْلِهِ وَحَدِيثِهِ، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ أَخْبَرَ
كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمُ أَهْلَهُ، فَقَالُوا: لَقَدْ وُلِدَ لِعَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ غُلَامٌ سَمَّوْهُ مُحَمَّدًا. فَالْتَقَى
الْقَوْمُ، فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتُمْ حَدِيثَ هَذَا الْيَهُودِيِّ؟
بَلَغَكُمْ مَوْلِدُ هَذَا الْغُلَامِ؟ فَانْطَلَقُوا حَتَّى جَاءُوا
الْيَهُودِيَّ فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ. قَالَ:
فَاذْهَبُوا مَعِيَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَخَرَجُوا بِهِ حَتَّى
أَدْخَلُوهُ عَلَى آمِنَةَ، فَقَالَ:
أَخْرِجِي إِلَيْنَا ابْنَكِ، فَأَخْرَجَتْهُ [ (183) ] ، وَكَشَفُوا لَهُ
عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَأَى تلك الشّامة،
__________
[ (180) ] دلائل النبوة لأبي نعيم (صفحه 90) ، والخصائص الكبرى للسيوطي (1:
41) .
[ (181) ] من (هـ) ، ولم ترد في (ح) ولا في (ص) .
[ (182) ] في (ح) : «غريبا» ، وهو تصحيف.
[ (183) ] في (ح) : «فأخرجت» .
(1/108)
فَوَقَعَ الْيَهُودِيُّ مَغْشِيًّا
عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالُوا: وَيْلَكَ مالك؟ قَالَ: ذَهَبَتْ
وَاللهِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَفَرِحْتُمْ بِهِ يَا
مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟ أَمَا وَاللهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَخْرُجُ
خَبَرُهَا مِنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
وَكَانَ فِي النَّفْرِ الَّذِي قَالَ لَهُمُ الْيَهُودِيُّ مَا قَالَ:
هِشَامٌ، وَالْوَلِيدُ ابْنَا الْمُغِيرَةِ، وَمُسَافِرُ بْنُ أَبِي
عَمْرٍو، وَعُبَيْدَةُ بن الحارث، وعقبة بْنُ رَبِيعَةَ- شَابٌّ فَوْقَ
الْمُحْتَلِمِ- فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ
قُرَيْشٍ [ (184) ] .
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، عَنْ أَبِي
غَسَّانَ: مُحَمَّدِ بْنِ يحيى ابن عَبْدِ الْحَمِيدِ الْكِنَانِيِّ.
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
عَوْفٍ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ
الْمَعْنِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى.
(ح) [ (185) ] قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارٌ،
قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ، جَمِيعًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عن
__________
[ (184) ] أخرجه الحاكم في المستدرك (2: 601- 602) ، وقال: «صحيح الإسناد،
ولم يخرجاه» ، ولم يوافقه الذهبي.
[ (185) ] إشارة التحويل سقطت من نسخة (ح) . *
(1/109)
يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ [ (186) ] بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ
شِئْتُ [ (187) ] مِنْ رِجَالِ قَوْمِي مِمَّنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ
حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
إِنِّي لَغُلَامٌ يَفَعَةٌ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ، أَعْقِلُ
كلّما [ (188) ] رَأَيْتُ وَسَمِعْتُ، إِذَا يَهُودِيٌّ بِيَثْرِبَ
يَصْرُخُ ذَاتَ غَدَاةٍ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ
وَأَنَا أَسْمَعُ.
قَالُوا: ويلك مالك؟ قَالَ: طَلَعَ نَجْمُ أَحْمَدَ الَّذِي وُلِدَ بِهِ
فِي [ (189) ] هَذِهِ اللَّيْلَةِ [ (190) ] .
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ الَّذِي يُبْعَثُ فِيهِ. وَهُوَ
غَلَطٌ.
زَادَ الْقَطَّانُ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ:
فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ: ابْنُ كَمْ
كَانَ حَسَّانُ مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
الْمَدِينَةَ؟
قَالَ: ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ، صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
الْمَدِينَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، فَسَمِعَ حَسَّانُ
مَا سَمِعَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ.
* وأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ [ (191) ] بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا [ (192) ] مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو [بِشْرٍ] [ (193) ]
مُبَشِّرُ ابن الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ
__________
[ (186) ] في (ص) و (هـ) : «عبيد الله» وهو تصحيف.
[ (187) ] في (ح) : «نسبت» مصحفا.
[ (188) ] في نسخ دلائل النبوة «ما» ، وأثبت النص من سيرة ابن هشام.
[ (189) ] في: سقطت من (هـ) .
[ (190) ] سيرة ابن هشام (1: 171) ، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 486)
.
[ (191) ] في (هـ) : «ابن عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ» .
[ (192) ] فِي (ص) : «أخبرنا» .
[ (193) ] الزيادة من (ح) .
(1/110)
ابن عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ
بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ:
حَدَّثَتْنِي أُمِّي: أَنَّهَا شَهِدَتْ وِلَادَةَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ
رَسُولَ اللهِ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ لَيْلَةَ وَلَدَتْهُ. قَالَتْ:
فَمَا شَيْءٌ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْبَيْتِ إِلَّا نُورٌ، وَإِنِّي
لَأَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ تَدْنُو حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: لَيَقَعْنَ
عَلَيَّ [ (194) ] .
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ، قَالَ:
وَكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ أُمُّ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى الله عليه
وسلم، تُحَدِّثُ: أَنَّهَا أُتِيَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِمُحَمَّدٍ، صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ
هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِذَا وَقَعَ على الأرض فقولي.
أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدْ ... مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدْ [ (195) ]
وَذَكَرَ سَائِرَ الْأَبْيَاتِ كَمَا مَضَى [ (196) ] .
وَقَالَ: فَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ نُورٌ يملأ قُصُورَ
بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، فَإِذَا وَقَعَ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا،
فَإِنَّ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل: أحمد،
__________
[ (194) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8: 220) ، وقال: رواه الطبراني،
وفيه عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وهو متروك، وفي شرح المواهب (1:
163) : «الصحيح أن ولادته عليه الصلاة والسلام كانت نهارا لا ليلا» .
[ (195) ] في (هـ) : «من كل شر حاسد» .
[ (196) ] في (ح) : «مضين» .
(1/111)
يَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ
الْأَرْضِ [ (197) ] ، وَاسْمُهُ فِي الْقُرْآنِ [ (198) ] : مُحَمَّدٌ.
فَسَمَّتْهُ بِذَلِكَ. فَلَمَّا وَضَعَتْهُ بَعَثَتْ إِلَى عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ جَارِيَتَهَا- وَقَدْ هَلَكَ أَبُوهُ عَبْدُ اللهِ وَهِيَ
حُبْلَى، وَيُقَالُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ، وَالنَّبِيُّ، صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وسلم، ابن ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا، فَاللهُ
أَعْلَمُ [ (199) ] أَيُّ ذَلِكَ كَانَ- فَقَالَتْ، قَدْ وُلِدَ لَكَ
اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَانْظُرْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا جَاءَهَا خَبَّرَتْهُ
خَبَرَهُ، وَحَدَّثَتْهُ بِمَا رَأَتْ حِينَ حَمَلَتْ بِهِ، وَمَا قِيلَ
لَهَا فِيهِ، وَمَا أُمِرَتْ أَنْ تُسَمِّيَهُ. فَأَخَذَهُ عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ، فَأَدْخَلَهُ عَلَى هُبَلَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، فَقَامَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللهَ ويتشكّر اللهَ [عَزَّ وَجَلَّ] [ (200)
] ، الَّذِي أَعْطَاهُ إيّاه، فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَانِي ... هٌّذا الْغُلَامَ الطَّيِّبَ
الْأَرْدَانِ
قَدْ سَادَ فِي الْمَهْدِ عَلَى الْغِلْمَانِ ... أُعِيذُهُ بِالْبَيْتِ
ذِي الْأَرْكَانِ
حَتَّى يَكُونَ بُلْغَةَ الْفِتْيَانِ ... حَتَّى أَرَاهُ بَالِغَ
الْبُنْيَانِ
أُعِيذُهُ مِنْ كُلِّ ذِي شَنَآنِ ... مِنْ حَاسِدٍ مُضْطَرِبِ الْجَنَانِ
[ (201) ]
ذِي هِمَّةٍ لَيْسَتْ [ (202) ] لَهُ عَيْنَانِ ... حَتَّى أَرَاهُ رَافِعَ
اللِّسَانِ
أَنْتَ الَّذِي سَمَّيْتَ فِي الْفُرْقَانِ ... فِي كُتُبٍ ثَابِتَةِ
الْمَبَانِي
أَحْمَدَ مَكْتُوبٌ عَلَى اللسان [ (203) ]
__________
[ (197) ] في (ص) : «أهل السماء والأرض» .
[ (198) ] في (ح) : «الفرقان» .
[ (199) ] في (ص) : «والله أعلم» .
[ (200) ] ليست في (ص) .
[ (201) ] في (ص) : «العنان» ، وكذا في طبقات ابن سعد (1: 103) .
[ (202) ] في (ح) : «ليس» .
[ (203) ] الخبر في طبقات ابن سعد (1: 103) ، وتهذيب تاريخ دمشق الكبير (1:
284) ، والبداية والنهاية (2: 264- 265) .
(1/112)
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي،
شَفَاهًا: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيَّ حَدَّثَهُمْ [
(204) ] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ:
عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ،
عَنْ أَبِي الْحَكَمِ التَّنُوخِيِّ، قَالَ:
كَانَ الْمَوْلُودُ إِذَا وُلِدَ مِنْ [ (205) ] قُرَيْشٍ دَفَعُوهُ إِلَى
نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الصُّبْحِ، فَيَكْفِينَ [ (206) ] عَلَيْهِ
بُرْمَةً. فَلَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، دَفَعَهُ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى نِسْوَةٍ يَكْفِينَ عَلَيْهِ بُرْمَةً، فَلَمَّا
أَصْبَحْنَ أَتَيْنَ، فَوَجَدْنَ [ (207) ] الْبُرْمَةَ قَدِ انْفَلَقَتْ
عَلَيْهِ بِاثْنَتَيْنِ، فَوَجَدْنَهُ مَفْتُوحَ الْعَيْنَيْنِ، شَاخِصًا
بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَتَاهُنَّ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقُلْنَ
لَهُ: مَا رَأَيْنَا مَوْلُودًا مِثْلَهُ: وَجَدْنَاهُ قَدِ انْفَلَقَتْ
عَنْهُ الْبُرْمَةُ، وَوَجَدْنَاهُ مَفْتُوحَ الْعَيْنَيْنِ [ (208) ] ،
شَاخِصًا بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ. فَقَالَ:
احْفَظْنَهُ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُصِيبَ خَيْرًا. فَلَمَّا كَانَ
الْيَوْمُ السَّابِعُ [ (209) ] ذَبَحَ عَنْهُ، وَدَعَا لَهُ قُرَيْشًا،
فَلَمَّا أَكَلُوا قَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، أَرَأَيْتَ ابْنَكَ
هَذَا الَّذِي أَكْرَمْتَنَا عَلَى وَجْهِهِ، مَا سَمَّيْتَهُ؟ قَالَ:
سَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا. قَالُوا: فَلِمَ [ (210) ] رَغِبْتَ بِهِ عَنْ
أَسْمَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَحْمَدَهُ اللهُ،
تَعَالَى، فِي السَّمَاءِ، وَخَلْقُهُ في الأرض [ (211) ] .
__________
[ (204) ] في (ح) : «أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حدثه، يعني السلمي»
.
[ (205) ] في (ح) : «في» .
[ (206) ] في (ح) و (ص) : «فكفأن» .
[ (207) ] في (هـ) : «فوجدت» .
[ (208) ] في (هـ) و (ص) : «مفتوحا عينيه» .
[ (209) ] في (ح) : «يوم السابع» .
[ (210) ] في (هـ) و (ح) : فما، وأثبت ما في (ص) .
[ (211) ] الخبر في «تهذيب تاريخ دمشق الكبير» (1: 282) ، ونقله ابن كثير
في «البداية والنهاية» (2: 264) .
(1/113)
* أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ
الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ: مُحَمَّدُ [ (212) ] بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ حَاتِمٍ الدَّارَبْجِرْدِيُّ، بِمَرْوَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبُوشَنْجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ:
سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ
بْنُ عَطَاءٍ عَنْ [ (213) ] عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ زِيَادِ بْنِ
الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ [ (214) ] ، بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ
أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ
بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ:
وُلِدَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، مَخْتُونًا مَسْرُورًا.
قَالَ: فَأُعْجِبَ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ،
وَقَالَ: لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ. فَكَانَ لَهُ شَأْنٌ [ (215)
] .
__________
[ (212) ] ليست في (هـ) .
[ (213) ] في (ح) : «يونس بن عطاء بن عثمان..» ، وأثبت ما في (ص) .
[ (214) ] في (ح) و (هـ) : الصيداني، وأثبت ما في (ص) .
[ (215) ] الخبر رواه ابن سعد في الطبقات (1: 103) ، وابن عساكر في تاريخ
دمشق: تهذيب تاريخ دمشق الكبير (1: 282) وأورده له طرقا، ونقله الحافظ ابن
كثير في «البداية والنهاية» (2:
265) . وقال: «في صحته نظر» . أ- هـ.
قلت: وفي سنده: «سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ» حمصي، متروك
الحديث، وقال ابن الجنيد: «كان يكذب، ولا أحدّث عنه بعد هذا» ، وقال
النسائي: «ليس بشيء» وقال ابن عدي: «له غير حديث منكر» . الميزان (2: 210)
.
(1/114)
|