دلائل النبوة للبيهقي محققا

بَابُ ذِكْرِ إِسْلَامِ الْجِنِّ وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ. قالُوا يَا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ [ (11) ] وَمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الْآيَاتِ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً [ (12) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ (13) ] يَحْيَى بْنُ محمد بْنِ يَحْيَى وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ [ (14) ] عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا [ (15) ] أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ،
__________
[ (11) ] الآية الكريمة (29) من سورة الأحقاف.
[ (12) ] الآية الكريمة (2) من سورة الجن.
[ (13) ] في (م) و (ص) : «حدثنا» .
[ (14) ] في (ح) : «أبو الحسين» .
[ (15) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «قال: أخبرنا» .

(2/225)


عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: [مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رآهم] [ (15) ] انطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظَ [ (16) ] وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا حَالَ [ (17) ] بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ [ (18) ] فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا [ (19) ] وَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ [ (20) ] وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ.
فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَبْتَغُونَ مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدًا إِلَى سُوقِ عُكَاظَ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خبر السماء، فهنا لك حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ قَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً [ (21) ] ، فَأَنْزَلَ اللهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى نَبِيِّهِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [ (22) ] وَإِنَّمَا أُوحِيَ إليه قول الجن.
__________
[ (15) ] من صحيح مسلم، ولم ترد في البخاري.
[ (16) ] سوق عكاظ: موضع بقرب مكة، كانت تقام به في الجاهلية سوق يقيمون فيه أياما هلال ذي القعدة، وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعاكظون، أي يتفاخرون ويتناشدون.
[ (17) ] كذا في (ح) ، وفي بقية النسخ: ما جبل.
[ (18) ] في صحيح مسلم: «مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شيء حدث»
[ (19) ] أي سيروا فيها كلها.
[ (20) ] في الصحيح: «بيننا» .
[ (21) ] [سورة الجن- 2] .
[ (22) ] أول سورة الْجِنِّ.

(2/226)


رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (23) ] عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ [ (24) ] عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا هُوَ فِي أَوَّلِ مَا سَمِعَتِ الْجِنُّ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وَعَلِمَتْ بِحَالِهِ، وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَرَهُمْ، كَمَا حَكَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ دَاعِيَ الْجِنِّ مَرَّةً أُخْرَى فَذَهَبَ مَعَهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، كَمَا حَكَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَرَأَى آثَارَهُمْ، وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ [ (25) ] حَفِظَ الْقِصَّتَيْنِ جَمِيعًا فَرَوَاهُمَا:
__________
[ (23) ] صحيح البخاري: 65- كتاب التفسير، تفسير سورة الجن، فتح الباري (8: 669) .
[ (24) ] صحيح مسلم في: 4- كتاب الصلاة (33) باب الجهر بالقراءة، ح (149) ، ص (331) .
كما أخرجه الترمذي في تفسير سورة الجن، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عن ابي الوليد، عن أبي عوانة، وقال: حسن صحيح.
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى في كتاب التفسير، عن أبي داود الحراني، عن أبي الوليد، مقطعا، وعن عمرو بن منصور، عن محمد بن محبوب عن أبي عوانة ... تحفة الاشراف (4:
397) .
[ (25) ] حديث ابن مسعود في هذا المجال له روايات وطرق كثيرة. يستخلص من بعضها انه لم يشهد هذه الليلة مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم. ومن بعضها الآخر أنه شهدها معه. ومن الروايات الأخرى أنهم افتقدوه صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكة.
ويتلخص ذلك فيما يلي:
1- ما رواه احمد بسنده عن علقمة ... قال «قلت لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه ... هل صحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة الجن منكم أحد فقال ما صحبه منا أحد ... ولكنا فقدناه ذات ليلة بمكة» إلى آخر الخبر.
2- وفي مسلم عن عامر «سألت علقمة هل كان ابن مسعود رضي الله عنه شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة الجن فقال علقمة ... انا سألت ابن مسعود رضي الله عنه فقلت هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة الجن فقال لا ولكنا كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية» إلى آخره.
3-
ومن طريق أخرى أوردها ابن جرير قال ابن مسعود (سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: بت الليلة أقرأ على الجن واقفا بالحجون) .

(2/227)


(أَمَّا الْقِصَّةُ الْأُولَى) فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا، عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَلَمَّا سَمِعُوهُ، قَالُوا: أَنْصِتُوا، قَالُوا: صَهٍ، وَكَانُوا سَبْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ فأنزل الله [تبارك و] [ (26) ] تعالى وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا- الْآيَةَ- إِلَى ضَلالٍ مُبِينٍ [ (27) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يعقوب
__________
[ () ] 4-
طريق أخرى عند ابن جرير وفيها أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ معه ليلة الجن ... قَالَ (قَالَ- رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ الجن الليلة فَلْيَفْعَلْ) فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ غيري.
قال فانطلقنا ... إلخ.
5- وعند أبي نعيم بسنده عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ (اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم فانطلقنا) ... إلخ.
6- وعند ابن جرير ايضا من طريق عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي.
7- وأخرج المصنف أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الجوزاء عن ابن مسعود وفيه قال (انطلقت مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلّم) .
وهناك روايات أخرى كثيرة كلها عن ابن مسعود.
ويمكن للباحث أن يرجع إليها في تفسير ابن كثير في سورة الأحقاف وقد أشار الى أكثرها القرطبي مختصرا لها، ثم نقل عن الدارقطني قوله: وقيل أن ابن مسعود لم يشهد مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلّم ليلة الجن.
كذلك رواه علقمة بن قيس وأبو عبيدة بن عبد الله وغيرهما عنه أن قال (ما شهدت ليلة الجن) .
حدثنا أبو محمد بن صاعد حدثنا أبو الأشعث حدثنا بشر بن المفضل حدثنا داود بن أبي هند عن عامر عن علقمة بن قيس قال قلت لعبد الله بن مسعود: أشهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أحد منكم ليلة أتاه ساعي الجن؟ قال: لا) .
قال الدارقطني هذا إسناد صحيح لا يختلف في عدالة راويه وعن عمرو بن مرة قال قلت لأبي عبدة حضر عبد الله بن مسعود ليلة الجن؟ فقال ... لا. ابن كثير والقرطبي في تفسير سورة الأحقاف.
[ (26) ] ليست في (ح) .
[ (27) ] [الأحقاف- 29- 31] .

(2/228)


إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا [أَبُو عَمْرٍو] [ (28) ] الْمُسْتَمْلِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللهِ ابن سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ مَعْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ:
«سَأَلْتُ مَسْرُوقًا مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ. فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ- يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّهُ آذَنَتْهُ [ (29) ] بِهِمْ شَجَرَةٌ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [ (30) ] وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي قُدَامَةَ.
(وَأَمَّا الْقِصَّةُ الْأُخْرَى) فَفِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنِ الشعبي وابن أبي زايدة، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: «قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ هَلْ صَحِبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا اغْتِيلَ، اسْتُطِيرَ [ (31) ] مَا فَعَلَ؟ قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ أَوْ قَالَ فِي السَّحَرِ إذا نحن يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! فَذَكَرُوا الَّذِي كَانُوا فِيهِ فَقَالَ: إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِيَ الْجِنِّ، فَأَتَيْتُهُمْ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ، قَالَ فَانْطَلَقَ فَأَرَانَا آثَارَهَمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ.
قَالَ: وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: سَأَلُوهُ الزَّادَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ عَامِرٌ:
سَأَلُوهُ لَيْلَتَئِذٍ الزَّادَ وَكَانُوا مِنْ جِنِّ الْجَزِيرَةِ فَقَالَ: كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ قَالَ: فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» .
__________
[ (28) ] في (ح) : «عمرو» .
[ (29) ] (من آذن) : أي اعلم.
[ (30) ] أخرجه البخاري، في: 63- كتاب مناقب الأنصار، (32) باب ذر الجن، فتح الباري (7: 171) ، ومسلم في: 4- كتاب الصلاة (33) باب الجهر بالقراءة في الصبح، حديث (153) ، ص (333) .
[ (31) ] (استطير) : طارت به الجن، (اغتيل) : قتل سرا.

(2/229)


رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (32) ] عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ عن إسماعيل بن عُلَيَّةَ وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَإِنَّمَا كَانَ مَعَهُ حِينَ انْطَلَقَ بِهِ وَبِغَيرِهِ وَيُرِيَهُمْ آثَارَ الْجِنِّ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ لَيْلَتَئِذٍ مِنْهَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَلْخِيِّ بِبَغْدَادَ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: [حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ] [ (33) ] قَالَ:
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ- وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ- أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ:
«إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ أَنْطَلَقُوا فَطَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ، وَفَزِعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مَعَ الْفَجْرِ فَانْطَلَقَ فَبَرَزَ، ثُمَّ أَتَانِي، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الرَّهْطُ؟ فَقُلْتُ هم أولئك يا رسول اللهِ، فَأَخَذَ عَظْمًا وَرَوْثًا فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ زَادًا، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ بِرَوْثٍ» .
قُلْتُ: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ أَرَادَ بِهِ فِي حَالِ ذَهَابِهِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ، إِلَّا أَنَّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إِعْلَامِهِ أَصْحَابَهُ بِخُرُوجِهِ إِلَيْهِمْ يُخَالِفُ مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ فُقْدَانِهِمْ إِيَّاهُ
__________
[ (32) ] أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي: 4- كتاب الصلاة، (33) باب الجهر بالقراءة في الصبح، حديث (150) ، ص (332) .
[ (33) ] ليست في (هـ) .

(2/230)


حَتَّى قِيلَ اغْتِيلَ اسْتُطِيرَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِمَنْ فَقَدَهُ غَيْرَ الَّذِي عَلِمَ بِخُرُوجِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ وَأَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البوسنجي، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ صَلَاحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ خَمْسَةَ عَشَرَ بَنِي إِخْوَةٍ وَبَنِي عَمٍّ يَأْتُونَنِي اللَّيْلَةَ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ، فَخَطَّ لِي خَطًّا، وَأَجْلَسَنِي فِيهِ وَقَالَ:
لِي: لَا تَخْرُجْ مِنْ هَذَا، فَبِتُّ فِيهِ حَتَّى أَتَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَعَ السَّحَرِ فِي يَدِهِ عَظْمٌ حَائِلٌ وَرَوْثَةٌ وَحُمَمَةٌ، فَقَالَ لِي: إِذَا ذَهَبْتَ إِلَى الْخَلَاءِ فَلَا تَسْتَنْجِي بِشَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ لَأَعْلَمَنَّ عِلْمِي حَيْثُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ فَذَهَبْتُ فَرَأَيْتُ مَوْضِعَ مَبْرَكِ سِتِّينَ بَعِيرًا» [ (34) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَبْصَرَ زُطًا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: هَؤُلَاءِ الزُّطُّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شِبْهَهُمْ إِلَّا الْجِنَّ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَكَانُوا مُسْتَنْفَرِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» [ (35) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ- هُوَ الْأَصَمُّ- قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «انْطَلَقْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ حَتَّى إِذَا أَتَى الْحَجُونَ، فَخَطَّ عَلَيَّ خَطًّا ثُمَّ تَقَدَّمَ إليهم
__________
[ (34، 35) ] راجع الحاشية (25) من هذا الباب.

(2/231)


فَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ سَيِّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: وَرْدَانُ: إِنِّي أَنَا أُرَحِّلُهُمْ عَنْكَ فَقَالَ إِنِّي [ (36) ] لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ» [ (37) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ محمد ابن الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «الرَّحْمَنُ» [ (38) ] عَلَى النَّاسِ سَكَتُوا، فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: لَلْجِنُّ، كَانُوا أَحْسَنَ جَوَابًا مِنْكُمْ، لَمَّا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [ (39) ] قالوا ولا بشيء من آلَائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ» .
وحَدَّثَنَا الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم البوسنجي، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ سُورَةَ الرَّحْمَنُ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ سُكُوتًا؟ لَلْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ مِنْكُمْ رَدًّا. مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ مَرَّةٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ إِلَّا قَالُوا وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ» [ (40) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْبُرْجُلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ:
__________
[ (36) ] في (ح) : «إنه» .
[ (37) ] راجع الهامش (25) من هذا الباب.
[ (38) ] أول سورة الرحمن.
[ (39) ] الآية الكريمة (13) من سورة الرحمن.
[ (40) ] تراجع الحاشية (25) من هذا الباب.

(2/232)


حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابن مَسْعُودٍ «أَيْنَ قَرَأَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ بِشِعْبٍ يُقَالُ لَهُ الْحَجُونُ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ هُوَ ابْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِإِدَاوَةٍ لِوُضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَأَدْرَكَهُ يَوْمًا فَقَالَ مَنْ هَذَا قَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: ائْتِنِي بِأَحْجَارٍ أَسْتَنْجِي بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثَةٍ، فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ فِي ثَوْبِي فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ، حَتَّى إِذَا فَرِغَ وَقَامَ اتَّبَعْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ فَقَالَ أَتَانِي [وَفْدُ جِنِّ] [ (41) ] نَصِيبِينَ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَدَعَوْتُ اللهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلَا بِعَظْمٍ إِلَّا وَجَدُوا طَعَامًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (42) ] عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَمْرٍو.
__________
[ (41) ] في (ح) : «أتاني وفد» .
[ (42) ] أخرجه البخاري في: 63- كتاب مناقب الأنصار، (32) باب ذكر الجن، حديث (3860) ، صفحة (7: 171) .

(2/233)


بَابُ بَيَانِ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ قَوْلُ الْكُهَّانِ عَلَيْهِ حَقًّا ثُمَّ بَيَانِ [ (1) ] أَنَّ ذَلِكَ انْقَطَعَ بِظُهُورِ نبينا صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَوِ انْقَطَعَ أَكْثَرُهُ
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ [ (2) ] .
وَقَالَ: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ [ (3) ] .
وَقَالَ: وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ. إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ [ (4) ] .
وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنِ الْجِنِّ: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً [ (5) ] .
__________
[ (1) ] في (م) : «البيان» .
[ (2) ] الآيات [6- 10] من سورة الصافات.
[ (3) ] الآية الكريمة (5) من سورة الملك.
[ (4) ] الآيات [16- 18] من سورة الحجر.
[ (5) ] الآيتان [8- 9] من سورة الجن.

(2/234)


أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى ابن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللهُ عَنْهَا] [ (6) ] قَالَتْ:
«قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْكُهَّانَ قَدْ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّيْءِ فَيَكُونُ حَقًّا. قَالَ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ فَيَزِيدُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كِذْبَةٍ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (7) ] عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرٍ عَنْ مَعْمَرٍ [ (8) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، قَالَ: بشر ابن مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ [عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ] [ (9) ] أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ «إِنَّ نبي الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا قَضَى اللهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبْتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكم قالوا
__________
[ (6) ] ليست في (م) ولا في (ص) .
[ (7) ] أخرجه مسلم في: 39- كتاب السلام، (35) باب تحريم الكهانة، حديث (122) ، ص (1750) ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ. وحديث (123) أيضا مطولا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ.
[ (8) ] أخرجه البخاري في: 76- كتاب الطب، (46) باب الكهانة، حديث (5762) ، فتح الباري (10:
216) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله المديني، عن هشام بن يوسف، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:
كما أخرجه البخاري أيضا في: 78- كتاب الأدب (117) باب قول الرجل للشيء: «ليس بشيء» ، حديث (6213) ، فتح الباري (10: 595) ، عن محمد بن سلام، عن مخلد بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ جريج، عن الزهري.
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (6: 87) .
[ (9) ] ما بين الحاصرتين ليست في (ح) .

(2/235)


[لَلَّذِي قَالَ:] [ (10) ] الْحَقُّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِْقُ السّمع- ومسترقوا السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ وَوَصَفَ سُفْيَانُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ- قَالَ:
فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كِذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا: يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ [ (11) ] .
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ من الأنصار «أنهم بيناهم جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: مَا كُنْتُمْ [ (12) ] تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالُوا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ وَمَاتَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لحياته ولكن
__________
[ (10) ] ليست في (ح) ، وثابتة في جميع النسخ، وفي صحيح البخاري.
[ (11) ] الحديث أخرجه البخاري، في: 65- كتاب التفسير، أول تفسير سورة الحجر، حديث (4701) ، فتح الباري (8: 380) عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله المديني، عن سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ أبي هريرة.
وأما عن الحميدي، فقد خرّجه البخاري (أيضا) في كتاب التفسير، تفسير سورة سبأ، (1) باب حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قلوبهم، حديث (4800) ، فتح الباري (8: 537) .
والحديث أخرجه ابن ماجة أيضا في المقدمة (13) باب في الجهمية، حديث (194) ، صفحة (1:
69- 70) ، عن يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كاسب، عَنْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[ (12) ] فِي صحيح مسلم: «ماذا كنتم» .

(2/236)


رَبُّنَا- عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَتْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ [ (13) ] الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ فَيَسْتَخْبِرُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَتَخْطَفُ [ (14) ] الْجِنُّ السَّمْعَ فَيُلْقُونَهُ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيرْمَوْنَ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ الْحَقُّ وَلَكِنَّهُمْ يَقْذِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ» .
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ [ (15) ] فِيهِ أَيْ يَزِيدُونَ [ (16) ] .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ [ (17) ] .
ورَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ فِي آخِرِهِ: «ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَجَبَ الشَّيَاطِينَ عَنِ السَّمْعِ بِهَذِهِ النُّجُومِ فَانْقَطَعَتِ الْكَهَنَةُ فَلَا كِهَانَةَ» .
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ: فَقُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ أَوَ كَانَ يُرْمَى بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ
__________
[ (13) ] في (ح) : ثم سبحت ملائكة أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» .
[ (14) ] في (م) : «فتختطف» ، وفي (ص) و (ح) : فيختطف. وأثبت ما في (هـ) وهو موافق لرواية مسلم.
[ (15) ] في (م) ضبطت هكذا: «يرقّون» ، وفي (ح) و (هـ) : «يرقون» ، وأثبتّ ما في صحيح مسلم، ومعنى (يقرفون) : يخلطون فيه الكذب، اما رواية (يرقون) ، فقد قال القاضي عياض: «ضبطناه عن شيوخنا بضم الياء وفتح الراء وتشديد القاف» ، وهذا موافق لرواية (م) ، وفي رواية مسلم الثانية (يرقون) .
[ (16) ] في (ح) : «يتزيدون» .
[ (17) ] صحيح مسلم، 39- كتاب السلام (35) باب تحريم الكهانة، ح (124) ، ص (1751) .
والحديث أخرجه الترمذي ايضا في تفسير سورة (34) ، والإمام أحمد في «مسنده» (1: 218) .

(2/237)


مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً [ (18) ] قَالَ غُلِّظَتْ وَاشْتَدَّ أَمْرُهَا حِينَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ جَالِسٌ إِذْ رُمِيَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْمَرٌ لِلزُّهْرِيِّ وَهَذَا يُوَافِقُ ظَاهَرَ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ قَالَ خيرا عَنِ الْجِنِّ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً [ (19) ] فَأَخْبَرَتِ [ (20) ] الْجِنُّ أَنَّهُ زِيدَ فِي حِرَاسَةِ السَّمَاءِ [ (21) ] وَشُهُبِهَا حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهَا وَمِنْهُمْ.
فَذَلِكَ دَلِيلٌ [ (22) ] عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهَا حُرَّاسٌ [ (23) ] وَشُهُبٌ مُعَدَّةٌ مَعَهُمْ وَالشِّهَابُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ النَّارُ الْمُتَوَقِّدَةُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان ابن فَرُّوخَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رآهم. انطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرَجَعْتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قومهم فقالوا مالكم قَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شيء
__________
[ (18) ] الآية (6) من سورة الجن.
[ (19) ] الآية الكريمة (5) من سورة الجن.
[ (20) ] كذا في (ح) ، وفي بقية النسخ (وأخبرت) .
[ (21) ] كذا في (ح) ، وفي بقية النسخ (حرّاس) .
[ (22) ] في (ح) : «وذلك دليل» .
[ (23) ] في (ح) : «منها حرس» .

(2/238)


حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظَ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وقَالُوا [ (24) ] : يَا قَوْمَنَا إِنَا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِهِ أَحَدًا، فَأَوْحَى اللهُ [تَعَالَى] [ (25) ] إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ [ (26) ] مُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِ.
فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَا عَلِمُوا بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَإِنَّمَا أَرَادُوا بِمَا زِيدَ فِي الْحُرَّاسِ وَالشُّهُبِ.
وَهَكَذَا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانُوا يَصْعَدُونَ إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ مِنَ الْوَحْيِ فَيَهْبِطُونَ [بِهَا] [ (27) ] إِلَى الْأَرْضِ فَيَزِيدُونَ مَعَهَا تِسْعًا فَيَجِدُ أَهْلُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْكَلِمَةَ حَقًّا وَالتِّسْعَ بَاطِلًا، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَمُنِعُوا تِلْكَ الْمَقَاعِدَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبْلِيسَ، فَقَالَ: لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ فَبَعَثَهُمْ، فَوَجَدُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلّم يتلو الْقُرْآنَ بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلٍ، قَالُوا هَذَا وَاللهِ لَحَدَثٌ، وإنهم ليرمون
__________
[ (24) ] في (ح) : «فقالوا» .
[ (25) ] ليست في (ح) .
[ (26) ] فتح الباري (8: 669) ، صحيح مسلم (1: 331) .
[ (27) ] ليست في (ح) .

(2/239)


فَإِذَا تَوَارَى النَّجْمُ عَنْكُمْ فَقَدْ أَدْرَكَهُ لَا يُخْطِئُ أَبَدًا لَا يَقْتُلُهُ يحْرِقُ وَجْهَهُ، جَنْبَهُ [ (28) ] يَدَهُ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السايب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [ (29) ] قَالَ:
«كَانَ لِكُلِّ قَبِيلٍ مِنَ الْجِنِّ مَقْعَدٌ مِنَ السَّمَاءِ يَسْتَمِعُونَ مِنْهُ الْوَحْيَ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَإِمْرَارِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ، فَلَا يَنْزِلُ عَلَى أَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا صُعِقُوا [حَتَّى إِذَا] [ (30) ] فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا:
الحق وهو الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. ثُمَّ يَقُولُ: يَكُونُ الْعَامُ كَذَا وَيَكُونُ كَذَا، فَيَسْمَعُهُ الْجِنُّ فَيُخْبِرُونَ الْكَهَنَةَ بِهِ، وَالْكَهَنَةُ النَّاسَ يَكُونُ كَذَا وَكَذَا فَيَجِدُونَهُ كَذَلِكَ فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ [عَزَّ وَجَلَّ] [ (31) ] مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دُحِرُوا، فَقَالَتِ الْعَرَبُ حِينَ لَمْ تُخْبِرْهُمُ الْجِنُّ بِذَلِكَ هَلَكَ مَنْ فِي السَّمَاءِ فَجَعَلَ صَاحِبُ الْإِبِلِ يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ بَعِيرًا، وَصَاحِبُ الْبَقَرِ يَنْحَرُ كُلَّ يَوْمٍ بَقَرَةً، وَصَاحِبُ الْغَنَمِ شَاةً، حَتَّى أَسْرَعُوا فِي أَمْوَالِهِمْ، فَقَالَتْ ثَقِيفٌ وَكَانَتْ أَعْقَلَ الْعَرَبِ: أَيُّهَا النَّاسُ أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ [ (32) ] أَمْوَالَكُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَمُتْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِانْتِثَارٍ، أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ مَعَالِمَكُمْ مِنَ النُّجُومِ كَمَا هِيَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، قَالَ: فَقَالَ إِبْلِيسُ: لَقَدْ حَدَثَ الْيَوْمَ فِي الْأَرْضِ
__________
[ (28) ] في (ص) : «جنبيه» أخرجه احمد في المسند، ونقله ابن كثير في البداية والنهاية (3: 18- 20) .
[ (29) ] الآية الكريمة (33) من سورة سبأ.
[ (30) ] في (ص) و (م) و (هـ) : «فإذا» .
[ (31) ] الزيادة من (م) و (هـ) :
[ (32) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «أمسكوا على» .

(2/240)


حَدَثٌ فَأْتُونِي مِنْ تُرْبَةِ كُلِّ أَرْضٍ، فَأَتَوْهُ بِهَا فَجَعَلَ يَشُمُّهَا فَلَمَّا شَمَّ تُرْبَةَ مَكَّةَ، قَالَ: مِنْ هَاهُنَا جَاءَ الْحَدَثُ، فَنَصَتُوا، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَدْ بُعِثَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَانَتِ النُّجُومُ لَا تُرْمَى حَتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَرُمِيَ بِهَا فَسَيَّبُوا أَنْعَامَهُمْ وَأَعْتَقُوا رَقِيقَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ يَالِيلَ انْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتِ النُّجُومُ الَّتِي تُعْرَفُ فَهِيَ [ (33) ] عِنْدَ فَنَاءِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْرَفُ فَهُوَ مِنْ أَمْرٍ حَدَثَ، فَنَظَرُوا فَإِذَا هِيَ لَا تُعْرَفُ، قَالَ: فَأَمْسِكُوا وَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَهُمْ خُرُوجُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ» .
وَأَمَّا الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَحَمَّدٍ الْعَوْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عمر الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمْ تَكُنْ سَمَاءُ الدُّنْيَا تُحْرَسُ فِي الْفَتْرَةِ بين عيسى وَمُحَمَّدٌ [ (34) ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ [ (35) ] ، وَكَانُوا يَقْعُدُونَ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ- عَزَّ وَجَلَّ- مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حُرِسَتِ السَّمَاءُ حَرَسًا شَدِيدًا، وَرُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالُوا: لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ رَبُّهُمْ رَشَدًا.
فَقَالَ إِبْلِيسُ: لَقَدْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ حَدَثٌ فَاجْتَمَعَتْ [ (36) ] إِلَيْهِ الْجِنُّ، فَقَالَ: تَفَرَّقُوا فِي الْأَرْضِ فَأَخْبِرُونِي مَا هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي حَدَثَ فِي السَّمَاءِ وَكَانَ
__________
[ (33) ] في (ح) : «فهو» ، والخبر في البداية والنهاية (3: 19) .
[ (34) ] في (م) و (ص) : «بين عيسى وبين محمد» .
[ (35) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «صلّى الله عليه وآله وسلّم» .
[ (36) ] هكذا في (ح) ، وفي بقية النسخ: «واجتمعت» .

(2/241)


أَوَّلَ بَعْثٍ بُعِثَ رَكْبٌ فِي [ (37) ] أَهْلِ نَصِيبِينَ وَهُمْ أَشْرَافُ الْجِنِّ وَسَادَتِهِمْ [ (38) ] فَبَعَثَهُمْ إِلَى تِهَامَةَ فَانْدَفَعُوا حَتَّى بَلَغُوا الْوَادِيَ وَادِيَ نَخْلَةَ فَوَجَدُوا نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَاسْتَمَعُوا فَلَمَّا سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآنَ، قَالُوا: أَنْصِتُوا وَلَمْ يَكُنْ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُمُ اسْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلَمَّا قَضَى يَقُولُ فَلَمَّا [ (39) ] فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ يَقُولُ: مُؤْمِنِينَ» [ (40) ] .
فَهَذَا يُوَافِقُ الْحَدِيثَ الثَّابِتَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةً يَنْفَرِدُ بِهَا عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَهِيَ قَوْلُهُ «لَمْ تَكُنْ سَمَاءُ الدُّنْيَا تُحْرَسُ فِي الْفَتْرَةِ بين عيسى محمد صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ» .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُحْرَسُ الْحِرَاسَةَ الشَّدِيدَةَ حَتَّى بُعِثَ نَبِيُّنَا صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَمُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وشهبا والله أعلم [ (41) ] .
__________
[ (37) ] في (ح) : «من» .
[ (38) ] في (ص) و (ح) : «وساداتهم» .
[ (39) ] في (ح) : «لما» .
[ (40) ] سبل الهدى والرشاد (2: 267) ، البداية والنهاية (3: 19- 20) .
[ (41) ] السيرة لابن هشام (2: 31) ، الدّرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر، ص (59- 61) ، صحيح البخاري (5: 46) ، عيون الأثر (1: 169- 171) . وتفسير ابن كثير.

(2/242)


بَابُ إِعْلَامِ الْجِنِّيِّ صَاحِبَهُ بِخُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَمَا سُمِعَ مِنَ الْأَصْوَاتِ بِخُرُوجِهِ دُونَ رُؤْيَةِ قَائِلِهَا
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ فِي «الْمُسْتَدْرَكِ» ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَا سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (1) ] ، يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ إِنِّي لَأَظُنُّ كَذَا وَكَذَا» [ (2) ] . وأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبِسْطَامِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
«مَا سَمِعْتُ عمر رضي الله عنه لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ، بَيْنَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ أَنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ عَلَيَّ الرَّجُلَ فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لقد أخظأ ظَنِّي أَوْ إِنَّكَ عَلَى دِينِكِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كُنْتَ كَاهِنَهُمْ. فَقَالَ: ما
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) .
[ (2) ] هكذا في (ح) ، وهي توافق ما في صحيح البخاري، وفي (م) و (هـ) : «إِنِّي لَأَظُنُّ كَذَا وَكَذَا إلا كان كذا وكذا» ، وأخرج الحديث البخاري في الصحيح. فتح الباري (7: 177) ومعناها أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كان من المحدثين الملهمين، والملهم: الذي يلقى في نفسه الشيء فيخبر به حدسا وفراسة.

(2/243)


رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي.
قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ.
قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي سُوقٍ [ (3) ] جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ قَالَتْ [ (4) ] :
أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا ... وَيَأْسَهَا بَعْدُ وَإِبْلَاسَهَا
وَإِيَاسَهَا مِنْ إِمْسَاكِهَا ... وَلُحُوقِهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا [ (5) ]
قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ [ (6) ] فَذَبَحَهُ فَصَرَخَ مِنْهُ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ، يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ. رَجُلٌ فَصِيحْ [ (7) ] يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. فَوَثَبَ الْقَوْمُ، قُلْتُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحْ. أَمْرٌ نَجِيحْ. رَجُلٌ يَصِيحْ [ (8) ] يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. قُلْتُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحْ أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ يَصِيحْ يَقُولُ لا إليه إِلَّا اللهُ. فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ» .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ هَكَذَا [ (9) ] .
__________
[ (3) ] في الصحيح: «في السوق» .
[ (4) ] في الصحيح: «فقالت» .
[ (5) ] كذا في (ح) ، وفي (م) و (ص) ، و (هـ) .:
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها ... وإياسها من انساكها
وفي صحيح البخاري:
أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا ... ويأسها من بعد إنكاسها
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
[ (6) ] في (ح) : «بفحل» ، وأثبت ما في بقية النسخ، وهو موافق لما في صحيح البخاري.
[ (7) ] في نسخ الدلائل: «يصيح» ، وأثبت ما في البخاري.
[ (8) ] في البخاري: «فصيح» .
[ (9) ] أخرجه البخاري في: 63- كتاب مناقب الأنصار (35) باب إسلام عمر بن الخطاب. حديث (3866) ، صفحة (7: 177) .

(2/244)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ شَاكِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، فَذَكَرَهُ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُوهِمُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بِنَفْسِهِ سَمِعَ الصَّارِخَ يَصْرُخُ مِنَ الْعِجْلِ [ (10) ] الَّذِي ذُبِحَ وَكَذَلِكَ هُوَ صَرِيحٌ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ عُمَرَ فِي إِسْلَامِهِ وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَاهِنَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ رُؤْيَتِهِ وَسَمَاعِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا [ (11) ] أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ إِمْلَاءً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيْمٍ [ (12) ] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «بَيْنَمَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَالِسٌ إِذْ رَأَى رَجُلًا فَقَالَ قَدْ كُنْتُ مَرَّةً ذَا فِرَاسَةٍ وَلَيْسَ لِي رَأْيٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَنْظُرُ وَيَقُولُ فِي الْكِهَانَةِ ادْعُوهُ لِي فَدَعَوْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ مِنَ الشَّامِ. قَالَ: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَرَدْتُ هَذَا الْبَيْتَ وَلَمْ أَكُنْ أَخْرَجُ حَتَّى آتِيَكَ، فَقَالَ: عُمَرُ أَلَا تُخْبِرُنِي عَنْ شَيْءٍ أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: هَلْ كُنْتَ تَنْظُرُ فِي الْكِهَانَةِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ بَعْضِ مَا رَأَيْتَ. قَالَ: إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ بِوَادٍ إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا جَلِيحْ خَبَرَ نَجِيحْ رَجُلٌ يَصِيحْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لِلْجِنِّ وَإِيَاسِهَا وَالْإِنْسِ وَإِبْلَاسِهَا وَالْخَيْلِ وَأَحْلَاسِهَا. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا إِنَّ هَذَا لَخَبَرٌ يَئِسَتْ مِنْهُ الْجِنُّ وَأَبْلَسَتْ منه الإنس
__________
[ (10) ] في (ح) : «الفحل» .
[ (11) ] في (ص) : «أخبرنا» .
[ (12) ] كذا في (ح) ، وفي بقية النسخ: «سليمان» .

(2/245)


وأعلمت فِيهِ الْخَيْلُ، فَمَا حَالَ [ (13) ] الْحَوْلُ حَتَّى بُعِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ» [ (14) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مزيد، قال:
أخبرني أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مِسْكِينٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: «بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَالِسٌ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ لِجُلَسَائِهِ:
لَقَدْ كَانَ هَذَا فِيمَا أَظُنُّ كَاهِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَجُلًا فَدَعَاهُ. فَقَالَ:
أَنْشُدُكَ [ (15) ] بِاللهِ هَلْ كُنْتَ كَاهِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ [ (16) ] يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَنَا وَلِذِكْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِسْلَامِ. فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ أَكُنْتَ كَاهِنًا؟ قَالَ: اللهُمَّ نَعَمْ. قَالَ فَمَا أَعْجَبُ أَتَتْكَ بِهِ شَيْطَانَتُكَ؟ قَالَ: اللهُمَّ نَعَمْ، بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ يَوْمًا إِذْ قَالَتْ لِي: أَلَمْ تَرَ إِلَى الشَّيَاطِينِ وَإِبْلَاسِهَا. وَإِيَاسِهَا مِنْ نُسَّاكِهَا. وَلُحُوقِهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا. قَالَ: عُمَرُ اللهُ أَكْبَرُ. قَالَ: أَتَيْتُ مَكَّةَ فَإِذَا بِرَجُلٍ عِنْدَ بَعْضِ تِلْكَ الْأَنْصَابِ يَذْبَحُ عِجْلًا فَوَقَفْتُ رَجَاءَ أَنْ أُصِيبَ مِنْ لَحْمِهِ فَلَمَّا ذَبَحَهُ صَاحَ مِنْ جَوْفِهِ شَيْءٌ. فَقَالَ: يَا آلَ ذَرِيحْ. أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ يَصِيحْ، يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. قَالَ: فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي حَتَّى وَقَعْتُ» .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابن مَحْمَوَيهِ الْعَسْكَرِيُّ بِالْأَهْوَازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ غَيْلَانَ النَّرْسِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو حَاضِرُ بْنُ مُطَهَّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا، قَالَ:
حَدَّثَنِي رُزَيْقٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «إِنَّ بَنِي غِفَارٍ قَرَّبُوا عِجْلًا لِيَذْبَحُوهَ عَلَى نُصُبٍ مِنْ أَنْصَابِهِمْ فَبَيْنَا هُوَ مَوْقُوفٌ إِذْ صَاحَ فَقَالَ يَا آلَ ذَرِيحْ. أَمْرٌ نَجِيحْ صائح يصيح
__________
[ (13) ] في (هـ) : «حان» ، وفي (ص) و (م) : «حار» .
[ (14) ] أخرجه البزار، والطبراني، عن أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الخطاب عنه.
[ (15) ] في (م) و (ص) و (هـ) : «وقال: نشدتك» .
[ (16) ] هكذا في (ح) ، وفي بقية النسخ: «قال» .

(2/246)


بِلِسَانٍ فَصِيحْ يَدْعُو بِمَكَّةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: فَكَفُّوا عَنْهُ وَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قَدْ بُعِثَ» .
قَالَ الْمُعْتَمِرُ: فَسَأَلْتُ عَنْهُ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ، فَقَالَ، سَمِعْتُهُ مِنْ مُجَاهِدٍ وَحَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بِبَعْضِهِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ الدَّارِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْخٌ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَنَحْنُ فِي غَزْوَةِ رُودِسَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عِيسَى، قَالَ: «كُنْتُ أَسُوقُ لِآلٍ لَنَا بَقَرَةً، قَالَ فَسَمِعْتُ مِنَ جَوْفِهَا يَا آلَ ذَرِيحْ. قَوْلٌ فَصِيحْ. رَجُلٌ يَصِيحْ. أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ» .
وَهَذَا فِيمَا أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ [ (17) ] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَفِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ: هَذَا حَدِيثٌ غريب بإسناد جيد.
__________
[ (17) ] في (ص) : «الأززي» ، وفي (م) و (هـ) : «الأرزّي» .

(2/247)