دلائل النبوة للبيهقي محققا

بَابُ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ
ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ [ (13) ] إِلَى أَنَّهُ مَسْجِدُ قُبَاءٍ،
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ صَخْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، قَالَ: فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا. يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (14) ] عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الله بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ [ (15) ] ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ سَحْبَلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أن
__________
[ (13) ] أخرجه النسائي في كتاب المساجد (باب) اتخاذ البيع مساجد، عن هناد، عن ملازم، عن عبد الله ابن بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقِ، عَنْ أَبِيهِ.
[ (14) ] في مناسك الحج، باب بيان إِنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هُوَ مَسْجِدُ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالمدينة، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة، وسعيد بن عمرو الأشعثي، كلاهما عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حميد الخراط.
[ (15) ] في (ص) و (هـ) : «مسرة» .

(2/544)


رَجُلَيْنِ تَلَاحَيَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ، فَذَهَبَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هُوَ مَسْجِدِي هَذَا [ (16) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَقْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسن ابن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ سَلْمَانَ الْأَغَرَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ «أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّمَا يُسَافِرُ الْمُسَافِرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ وَمَسْجِدِي وَمَسْجِدِ إِيلِيَاءَ وَالصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِي أحب إليّ من الصلاة [أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ] [ (17) ] .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ [ (18) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَيَّارِ، بْنِ الْمَعْرُورِ، قَالَ:
«خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَصَلُّوا فِيهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْكُمْ مَكَانًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ» .
__________
[ (16) ] مسند أحمد (5: 116) .
[ (17) ] من (ص) و (هـ) .
[ (18) ]
الحديث في مسلم بإسناده عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأيلي، عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جعفر، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ، حَدَّثَهُ، أَنَّ سَلْمَانَ الْأَغَرَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا يُسَافِرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ إِيلِيَاءَ» ...
والزيادة الواردة جاءت من أحاديث اخرى بنفس الباب في صحيح مسلم (2: 1015) (وإيليا) بيت المقدس.

(2/545)


بَابُ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عِنْدَ بِنَاءِ مَسْجِدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ صِدْقُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَفِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِابْنِهِ عَلِيٍّ: «انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، قَالَ عِكْرِمَةُ فَانْطَلَقْنَا [ (1) ] فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ يُصْلِحُهُ فَلَمَّا رَآنَا أَخَذَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ احْتَبَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدَّثَنَا حَتَّى أَتَى عَلَى ذِكْرِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَنْفُضُ عَنْهُ التُّرَابَ وَيَقُولُ:
وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ: يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ. قَالَ:
يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ» .
ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، إِلَّا إِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الباغية» [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (ح) : «فانطلقا» .
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 8- كتاب الصلاة، (63) باب التعاون في بناء المسجد، فتح الباري (1:
541) ، عن مسدد، وأخرجه البخاري في كتاب الجهاد عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى.
وانظر حول نفس الموضوع. مسلم في كتاب الفتن (4: 2335- 2336) ، والترمذي في مناقب عمار ابن ياسر (5: 669) ، ومسند أحمد (2: 161) .

(2/546)


وَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبِسْطَامِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيَّ قَالَ وحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ [قَالَ أَخْبَرَنَا] [ (3) ] إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِي وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ «انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ لَهُ فَلَمَّا رَآنَا جَاءَنَا فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ثُمَّ قَعَدَ فَأَنْشَأَ يحَدِّثُنَا حَتَّى أَتَى عَلَى ذِكْرِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ قَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِ عَمَّارٍ وَيَقُولُ: يَا عَمَّارُ أَلَا تَحْمِلُ كَمَا يَحْمِلُ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ الْأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَيَقُولُ وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ: يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ. قَالَ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنَ الْفِتَنِ» [ (4) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ [ (5) ] عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَلَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: انْطَلِقْ مَعَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ، فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ، فَأَتَيْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ فَمَرَّ بِهِ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [ (6) ] عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن
__________
[ (3) ] من (ص) فقط.
[ (4) ] نقله الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» ، وقال: «لكن روى هذا الحديث الإمام البخاري عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ المختار، عن خالد الحذاء، وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ خالد الحذاء، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قوله: «تقتلك الفئة الباغية» .
[ (5) ] (ص) : «أبو حسين» ، (هـ) : «أبو حفيص» .
[ (6) ] انظر الحاشية (2) من هذا الباب.

(2/547)


مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ
وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَهَا لِمُخَالَفَةِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِكْرِمَةَ فِي ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنًّى.
(ح) قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارٍ حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ جَعَلَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ يَقُولُ: بَؤُسَ ابْنُ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ [ (7) ] فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، ومحمد بن بشار.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد ابْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن إبراهيم وإسحاق بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو قَتَادَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بُؤْسًا لَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي [ (8) ] الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وإسحاق بن منصور، وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ أُرَاهُ يَعْنِي أَبَا قَتَادَةَ، وَرَوَاهُ داود بن أبي هند عَنْ أَبِي نَضْرَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبي سعيد
__________
[ (7) ] صحيح مسلم (4: 2336) في كتاب الفتن.
[ (8) ] صحيح مسلم في كتاب الفتن (4: 2335) .

(2/548)


الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَمَّا حَفَرَ الْخَنْدَقَ وَكَانَ النَّاسُ يَحْمِلُونَ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ نَاقِهٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ، فَجَعَلَ يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحَدَّثَنِي أَصْحَابِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَقُولُ: وَيْحَكَ ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» [ (9) ] .
وَقَدْ بُيِّنَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا سُمِعَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَنُقِلَ فِيهَا حَمْلُ اللَّبِنَةِ وَاللَّبِنَتَيْنِ كَمَا نَقَلَهَا عِكْرِمَةُ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ الْخَنْدَقَ وَهُمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ أَوْ كَانَ قَدْ قَالَهَا عِنْدَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ بْنِ خَلَفٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» [ (10) ] وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ بِنَحْوِهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدٍ وَالْحَسَنِ عَنْ أمهما [ (11) ] .
__________
[ (9) ] مسلم في الفتن، باب لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تعبد دوس ذا الخلصة، (4: 2335) ، والإمام أحمد في «مسنده» (3: 5) .
[ (10) ] أخرجه مسلم في الفتن (4: 2336) ، والإمام أحمد في «مسنده» (6: 289) .
[ (11) ] راجع الحواشي (7) ، (8) ، (9) من هذا الباب.

(2/549)


وأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمَّارٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ الْحِجَارَةَ: وَيْحٌ لَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (12) ] مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ. دُونَ ذِكْرِ الْخَنْدَقِ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أخبرنا معمر عمن سَمِعَ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَبْنُونَ الْمَسْجِدَ، جَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يَحْمِلُ كُلُّ رَجُلٍ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ: عَنْهُ لَبِنَةً، وَعَنِ النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ظَهْرَهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ سُمَيَّةَ! لِلنَّاسِ أَجْرٌ وَلَكَ أَجْرَانِ، وَآخِرُ زَادِكَ شَرْبَةٌ مِنْ لَبَنٍ، وَتَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» [ (13) ] .
وَأَخْبَرَنَا أبو صالح العتر بْنُ الطَّيِّبِ بْنِ مُحَمَّدٍ العتري، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أنس ابن مَالِكٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ» قَالَ أَبُو التَّيَّاحِ وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ «أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ كَانَ رَجُلًا ضَابِطًا وَكَانَ يَنْقُلُ حَجَرَيْنِ حَجَرَيْنِ فَتَلَقَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [وَدَفَعَ] [ (14) ] فِي صَدْرِهِ
__________
[ (12) ] صحيح مسلم (4: 2335) .
[ (13) ] جزء الحديث الآخر أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 389) ، وقال: «صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه» ، وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (4: 319) .
[ (14) ] (ص) و (هـ) : «فدفع» .

(2/550)


فقام، فجعل بنفث التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، ويَقُولُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» [ (15) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَصَدْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوسٍ [ (16) ] عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ «لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ دخل عمرو ابن حَزْمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أَكَانَ مَعَهُ أَمْ أَخْبَرَهُ أَبُوهُ، فَقَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .
قَالَ: فَقَامَ عَمْرٌو فَزِعًا يَرْتَجِعُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قُتِلَ عَمَّارٌ، فَمَاذَا؟ قَالَ عَمْرٌو:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ دَحَضْتَ فِي بَوْلِكَ [ (17) ] أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ جَاءُوا بِهِ حَتَّى أَلْقَوْهُ بَيْنَ رِمَاحِنَا، أَوْ قَالَ: سُيُوفِنَا» [ (18) ]
وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ أخبرنا عطاء
__________
[ (15) ] البداية والنهاية (3: 217) .
[ (16) ] في (ص) : «ابن أبي طاوس» .
[ (17) ] (دحضت في بولك) : زللت، وزلقت.
[ (18) ] مسند أحمد (4: 199) ، ومجمع الزوائد (7: 242) ، (9: 297) .

(2/551)


ابن مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ «شَهِدْنَا صِفِّينَ فَكُنَّا إِذَا تَوَادَعْنَا دَخَلَ هَؤُلَاءِ فِي عَسْكَرِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ فِي عَسْكَرِ هَؤُلَاءِ فَرَأَيْتُ أَرْبَعَةً يَسِيرُونَ، مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَابْنُهُ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ لِأَبِيهِ عَمْرٍو: وَقَدْ قَتَلْنَا هَذَا الرَّجُلَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِيهِ مَا قَالَ، قَالَ أَيُّ رَجُلٍ؟ قَالَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ بَنَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ. فَكُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ وَأَنْتَ تَرْحَضُ أَمَا إِنَّكَ سَتَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَدَخَلَ عَمْرٌو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: قَتَلْنَا هَذَا الرَّجُلَ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا قَالَ. فَقَالَ أسكت، فو الله مَا تَزَالُ تَدْحَضُ فِي بَوْلِكَ! أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ جَاءُوا بِهِ حَتَّى أَلْقَوْهُ بَيْنَنَا» .
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ قُرَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ بِصِفِّينَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ وَهُوَ يُنَادِي أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ، وَزُوِّجْتُ الْحُورَ الْعِينِ، الْيَوْمَ نَلْقَى حَبِيبَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا مَنِيحٌ مِنَ اللَّبَنِ» [ (19) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ [ (20) ] قَالَ: «أُتِيَ عَمَّارٌ يَوْمَ قُتِلَ بِلَبَنٍ فَضَحِكَ فَقِيلَ له
__________
[ (19) ] (ص) و (هـ) : «ابن النمري» ، وهو تصحيف شديد.
[ (20) ] المستدرك (3: 389) ، ومسند أحمد (4: 319) .

(2/552)


مَا يُضْحِكُكَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ آخِرُ شَرَابٍ تَشْرَبُهُ حِينَ تَمُوتُ لَبَنٌ» .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ [ (21) ] ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَشْرَجُ ابْنُ نُبَاتَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: «لَمَّا بَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَضَعَ حَجَرًا، ثُمَّ قَالَ: لِيَضَعْ أَبُو بَكْرٍ حَجَرَهُ إِلَى جَنْبِ حَجَرِي، ثُمَّ لِيَضَعْ عُمَرُ حَجَرَهُ إِلَى جَنْبِ حَجَرِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ لِيَضَعْ عُثْمَانُ حَجَرَهُ إِلَى جَنْبِ حَجَرِ عُمَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِي» [ (22) ] .
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا بَنَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِحَجَرٍ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بِحَجَرٍ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ بِحَجَرٍ، فَوَضَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: هَؤُلَاءِ وُلَاةُ الْأَمْرِ من بعدي» [ (23) ] .
__________
[ (21) ] في (ص) : «تمام» .
[ (22) ] نقله الحافظ ابن كثير عن المصنف (3: 218) ، وقال: «هذا الحديث غريب جدا بهذا السياق، والمعروف ما
رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ حَشْرَجِ بْنِ نُبَاتَةَ الأشجعي، وعن بهز، وزيد بن الحباب، وعبد الصمد، وحماد بن سلمة، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم، يقول: «الخلافة ثلاثون عاما، ثم يكون من بعد ذلك الملك» .
ثم قال سفينة:
خلافة ابي بكر سنتين، وَخِلَافَةَ عُمَرَ عَشْرُ سِنِينَ، وخلافة عثمان اثنتا عشرة سنة، وخلافة علي ست سنين، هذا لفظ أحمد، ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي من طرق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، وقال الترمذي: «حسن» .
[ (23) ] انظر الحاشية السابقة.

(2/553)