دلائل النبوة للبيهقي محققا

جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ، وَدَلَالَاتِ الصِّدْقِ.

(7/161)


بَابُ مَا جَاءَ فِي نَعْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ إِلَى أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَاهُ [ (1) ] ، وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهُ بِمَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ فِيمَا خُيِّرَ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ [بْنِ حُنَيْنٍ] مَوْلَى الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَنْبَهَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا [ (2) ] الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: لِيَهْنَ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا، وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا، وَالْخُلْدَ فِيهَا. ثُمَّ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: وَاللهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ
__________
[ (1) ] أبو مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ من مولدي مزينة، وشهد غزوة المريسيع، وكان ممن يقود لعائشة جملها، له ترجمة في الإصابة (4: 188) .
[ (2) ] في (ف) و (ك) : «أتيت» .

(7/162)


ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللهُ فِيهِ [ (3) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الرِّيَاحِيُّ [ح] [ (4) ] وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْحَمَامِيِّ الْمُقْرِئُ رَحِمَهُ اللهُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النِّجَّادُ،، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الوهاب الرباحي، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ فَذَكَرَاهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ [ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طاووس، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ الْخَزَائِنَ وَخُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَبْقَى حَتَّى أَرَى مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِي، وَبَيْنَ التَّعْجِيلِ فَاخْتَرْتُ التَّعْجِيلَ.
هَذَا مُرْسَلٌ، وَهُوَ شَاهِدٌ لحديث أبي مويهبة [ (6) ] .
__________
[ (3) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 55- 56) ، وقال: «صحيح على شرط مسلم» ، وقال الذهبي: «صحيح» .
[ (4) ] اشارة تحويل الإسناد ليست في (ف) .
[ (5) ]
هذه الرواية أخرجها الإمام احمد في «مسنده» (3: 488) قَالَ: «أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أن يصلي على أهل البقيع، فصلّى عليهم ثلاث مرات، فلما كانت الليلة الثانية، قال: يا أبا مويهبة! أسرج لي دابتي، قال: فركبت ومشيت حتى انتهى إليهم، فنزل عن دابته، وأمسكت الدابة، ووقف عليهم، فقال: ليهنكم ما أنتم فيه مما فيه الناس، أتت الفتن كقطع الليل يركب بعضها بعضا الآخرة أشد من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ! إني قد أعطيت او قال:
خيّرت مفاتيح مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِي من بعدي والجنة، او لقاء ربي، فقلت: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ فاخترنا، قال: لأن ترد على عقبها ما شاء الله فاخترت لقاء ربي، فما لبث- بعد ذلك- إلا سبعا أو ثمانيا حتى قبض.
[ (6) ] نقله ابن كثير في «البداية والنهاية» (5: 224) عن المصنف.

(7/163)


بَابُ مَا جَاءَ فِي نَعْيِهِ نَفْسَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِهِ بِهِ لُحُوقًا، فَكَانَ كَمَا قَالَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَعَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ. فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ فَبَكَيْتُ. قَالَتْ: ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ أَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ
[ (1) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ
__________
[ (1) ] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب منقبة فاطمة- عليها السلام- (5: 65) ط. ميمنية، وأخرجه البخاري ايضا في كتاب المغازي باب مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ووفاته (6: 12) صحيح البخاري ط. ميمنية.
وأخرجه مسلم فِي 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (15) باب فضائل فاطمة وأخرجه الإمام احمد في «مسنده» (6: 77) و (6: 240) ، واخرج مثله ابن سعد في الطبقات (2: 247) .

(7/164)


[عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [ (2) ] لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي، مَا تُخْطِئُ، مِشْيَتُهَا مِشْيَةَ أَبِيهَا. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي فَأَقْعَدَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ. فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ.
فَقُلْتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ وَتَبْكِينَ! فَلَمَّا قُدِّمَ، قُلْتُ لَهَا:
أَخْبِرِينِي بِمَا سَارَّكِ. مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ قُلْتُ لَهَا: أَسْأَلُكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ، لَمَا أَخْبَرْتِينِي بِمَا سَارَّكِ فَقَالَتْ: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ.
قَالَتْ: سَارَّنِي فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كل سنة مرة، وأنه عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ اقْتِرَابِ أَجَلِي.
فَاتَّقِي اللهَ، وَاصْبِرِي فَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ. ثُمَّ سَارَّنِي فَقَالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَعْنِي فَضَحِكْتُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كَامِلٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ [ (3) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ.
إِذْ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ، قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قال:
__________
[ (2) ] ما بين الحاصرتين ليست في (ف) .
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 79- كتاب الاستئذان، (43) باب من ناجى بين يدي الناس ومن لم يخبر بسرّ صاحبه.
وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (15) باب فضائل فاطمة، حديث (99) ص (1905) .
واخرج مثله الإمام احمد في «مسنده» (6: 282) ، وابن سعد في الطبقات (2: 247) .

(7/165)


حَدَّثَنَا ابْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّ أُمَّهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ، حَدَّثَتْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ لِفَاطِمَةَ: يَا بُنَيَّةُ أَحْنِي عَلَيَّ، فَأَحْنَتْ عَلَيْهِ، فَنَاجَاهَا سَاعَةً، ثُمَّ انْكَشَفَتْ عَنْهُ، وَهِيَ تَبْكِي وَعَائِشَةُ حَاضِرَةٌ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ: أَحْنِي عَلَيَّ يَا بُنَيَّةُ فَأَحْنَتْ عَلَيْهِ فَنَاجَاهَا سَاعَةً، ثُمَّ انْكَشَفَتْ تَضْحَكُ.
قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ. أَيْ بُنَيَّةُ أَخْبِرِينِي مَاذَا نَاجَاكِ أَبُوكِ؟ قالت فاطمة، أو شكت رَأَيْتِهِ نَاجَانِي عَلَى حَالِ سِرٍّ! وَظَنَنْتِ أَنِّي أُخْبِرُ بِسِرِهِ وَهُوَ حَيٌّ! قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ سِرًّا دُونَهَا. فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ: أَلَا تُخْبِرِينِي بِذَلِكَ الْخَبَرِ؟ قَالَتْ: أَمَّا الْآنَ، فَنَعَمْ. نَاجَانِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَأَنَّهُ عَارَضَنِي بِالْقُرْآنِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ. وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ كَانَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ إِلَّا عَاشَ بَعْدَهُ نِصْفَ عُمُرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، وَأَخْبَرَنِي، أَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَاشَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، فَلَا أَرَانِي إِلَّا ذَاهِبًا عَلَى رَأْسِ السِّتِّينَ، فَأَبْكَانِي ذَلِكَ. وَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ رَزَنَةً مِنْكُمْ، فَلَا تَكُونِي مِنْ أَدْنَى امْرَأَةٍ صَبْرًا. وَنَاجَانِي فِي الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ، فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ. وَقَالَ: إِنَّكِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ. إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْبَتُولِ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.
كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ [ (4) ] .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ المسيب أن عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ كَانَ ابْنَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً.
وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سَنَةً.
فَإِنْ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَوَهْبٍ فَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ، والله أعلم،
__________
[ (4) ] في إسناده مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بن عفان قال البخاري «لا يكاد يتابع في حديثه» .
الميزان (3: 593) .

(7/166)


بِمَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ، بَعْدَ نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبيد الصفار، فال: حَدَّثَنَا الْأَسْفَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي. فَبَكَتْ، ثُمَّ ضَحِكَتْ، قَالَتْ: وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ نُعِيَ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: اصْبِرِي. فَإِنَّكِ أَوَّلُ اهلي لا حقا بِي فَضَحِكْتُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، أَتَسْأَلُهُ، وَلَنَا بَنُونَ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعَلَّمَ قَالَ: فَسَأَلَهُمْ عَنْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قَالَ: فَقُلْتُ أَنَا: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَرَأَ السُّورَةَ إِلَى آخِرِهَا إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ عَنْ شُعْبَةَ [ (5) ] .
قُلْتُ: مَجْمُوعُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى: أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ هَذِهِ السُّورَةَ. فَكَانَتْ عَلَامَةً لِاقْتِرَابِ أَجَلِهِ. وَعَارَضَهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِالْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ مَرَّتَيْنِ، فَكَانَتْ عَلَامَةً أُخْرَى لِأَجَلِهِ، وَأَخْبَرَهُ بِعُمْرِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَتْ عَلَامَةً أُخْرَى لِأَجَلِهِ، وَخَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِيمَا رُوِّينَا، وَفِيمَا نَرْوِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ. فَكَانَتْ عَلَامَةً أُخْرَى لِأَجَلِهِ.
فَأَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّوَاةِ مَا سمع.
__________
[ (5) ] أخرجه البخاري في: كتاب التفسير، تفسير سورة النصر (4) باب قوله: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ، الحديث (4970) ، فتح الباري (8: 734- 735) .

(7/167)


بَابُ مَا جَاءَ فِي إِشَارَتِهِ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ بِمَا يُشْبِهُ النَّعْيَ، ثُمَّ إِخْبَارِهِ إِيَّاهَا بِحُضُورِ أَجَلِهِ وَمَا فِي حَدِيثِهَا مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ شَهِيدًا
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدُوسِ بْنِ مَحْفُوظٍ الْفَقِيهُ الْجَنْزَرُوذِيُّ، وأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ التُّرْكِيُّ.
ح وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ،، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ:
وا رأساه. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكَ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ، وَأَدْعُوَ لَكِ. فقالت عائشة: وا ثكلياه! وَاللهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: بل أنا وا رأساه، لَقَدْ هَمَمْتُ، أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِهِ، فَأَعْهَدَ، أنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ، أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ [ (1) ] ، فَقُلْتُ: يَأْبَى اللهُ، وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ.
أَوْ يَدْفَعُ اللهُ، وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى
[ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا
__________
[ (1) ] أي لئلا يقول يقول او كراهة ان يقول.
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 75- كتاب المرضى (16) باب ما رخص للمريض ان يقول: إني وجع، أو: وا رأساه ... ، الحديث (5666) ، فتح الباري (10: 123) .

(7/168)


أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَدِّعُ، وَأَنَا أَشْتَكِي رَأْسِي، فقلت: وا رأساه. فَقَالَ بَلْ أَنَا وَاللهِ يا عائشة وا رأساه. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم:
وَمَا عَلَيْكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فُوُلِّيتُ أَمْرَكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ، وَوَارَيْتُكِ فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ، لَقَدْ خَلَوْتَ بِبَعْضِ نِسَائِكَ فِي بَيْتِي آخِرَ النَّهَارِ، فَأَعْرَسْتَ بِهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَمَادَى بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ فَاسْتَقَرَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّا لَنَرَى بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْجَنْبِ، فَهَلُمُّوا فَلْنَلُدَّهُ، فَلَدُّوهُ [ (3) ] ، وَأَفَاقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: عَمُّكَ الْعَبَّاسُ تَخَوَّفَ أَنْ تَكُونَ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَهُ عَلَيَّ، لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لَدَدْتُمُوهُ، إِلَّا عَمِّي الْعَبَّاسَ،
فَلُدَّ أَهْلُ الْبَيْتِ كُلُّهُمْ، حَتَّى مَيْمُونَةُ. وَإِنَّهَا الصَّائِمَةُ يَوْمَئِذٍ، وَذَلِكَ بِعَيْنِ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِي، وَهُوَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ- لَمْ تُسَمِّهِ- تَخُطُّ قَدَمَاهُ بِالْأَرْضِ إِلَى بَيْتِ عائشة [ (4) ] .
__________
[ (3) ] (اللدود) ما يسقاه المريض من الأدوية في احد شقي فمه.
[ (4) ]
أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي من حديث عائشة: لددناه في مرضه، فجعل يشير إلينا ان لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق، قال: الم أنهكم أن تلدوني؟ قلنا:
كراهية المريض للدواء، فقال: لا يبقى احد في البيت إلا لد وأنا انظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم» فتح الباري (8: 147) .
أخرجه البخاري ايضا في: 76- كتاب الطب، (21) باب اللدود، الفتح (10: 166) ، وفي،

(7/169)


قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي مَعَ الْعَبَّاسِ، لَمْ تُسَمِّهِ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا! قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عنه [ (5) ] .
__________
[ () ] 87، - كتاب الديات (14) باب القصاص بين الرجال والنساء في الجرحات، الفتح (12: 214) ، وفي (21) باب إذا أصاب قدم من رجل هل يعاقب ... الفتح (12: 227) .
وهو عند مسلم في: 39- كتاب السلام (27) باب كراهية التداوي باللدود، حديث (85) ، ص (1733) ، وأخرجه الإمام احمد في «مسنده» (6: 53) .
والحديث أخرجه ايضا الترمذي (4: 391) من طريق عباد بن منصور، وهذا دليل على ان ليس كل ما روى الضعيف ضعيف، فهذا حديث صحيح، أخرجه الترمذي من طريق به عباد بن منصور وهو ضعيف، والحديث له روايات صحيحة.
[ (5) ] لم تسمّه عائشة، فهي لا تقدر على ان تذكره بخير وهي تستطيع.
وتعود هذه المسألة الى الماضي الذي نختزن فيه ذكرياتنا وآلامنا وتسيرنا هذه الذكريات والآلام فيما نستقبل من اعمال من حيث نشعر أو لا نشعر.
وللأستاذ سعيد الأفغاني في كتاب «عائشة والسياسة» ص (76- 82) تحليلا ذكيا لا بأس ان نسوق مقتطفات منه:
«حيث اننا خاضعون في تصرفاتنا لهذا الحاكم القاهر المسمى ب (الماضي) نختزن منه ذكرياتنا ومفارحنا وآلامنا وتسيرنا هذه المفارح والآلام والذكريات فيما نستقبل من اعمال رضينا ام أبينا، من حيث نشعر ولا نشعر.
وهنا نجد الأمر مختلفا كل الاختلاف عما كان بين عائشة وعثمان قبل خلافته، فلئن كانت عائشة منطوية لعثمان على خير ومحبة وتوقير،.. وبالجملة على الرضى، إنها لعلى خلاف ذلك مع علي، إنها لم تكن تطيب نفسها له بخير، وفي الوسع ان نقول إن الجفاء هو الذي ساد علائقهما قبل الخلافة في الأعم الأغلب.
لنرجع ثلاثين سنة قبل ان بويع لعلي بالخلافة، فسنجد ثمة نقطة التحول التي فرضت على عائشة اتجاهها الذي اتجهته مع علي ولم تستطع الإفلات منه، ولا من عاطفتها العنيفة التي لم يخفف تتابع الأيام والسنين من حدتها، فلنمعن في هذه الأمور التاليات.
1- لم يجتمع ازواج النبي صلّى الله عليه وسلم على شيء اجتماعهن على الغيرة الشديدة من السيدة عائشة، لما خصها به النبي من محبة إذ حلت من قلبه في المنزلة التي لا تسامى، والغيرة بين الضرائر امر فطري مألوف قل أن تتنزه عنه امرأة، وكان علي وزوجه السيدة فاطمة بنت الرسول يحاولان حمل الرسول صلّى الله عليه وسلم، على التخفيف من حبه لعائشة، ويسفران لبقية أزواجه بما يرضيهن ويغضب عائشة، وأظن ان مثل هذه السفارة مما لا تغفره أنثى البتة.

(7/170)


__________
[ () ] ذكر الرواة أن الغيرة اشتعلت يوما في صدر ام سلمة لمشهد لمست فيه شدة حب النبي صلّى الله عليه وسلم لعائشة، فأخذتها الغيرة وجعلت تسب عائشة وجعل النبي صلّى الله عليه وسلم ينهاها فتأبى وعاين النبي غليانا في صدر عائشة على هذا العدوان، فرأى من الحكمة ان ينفس عنه القصاص العادل، فأمر عائشة بسبها كما سبتها، فانطلقت ام سلمة إلى علي وفاطمة- وكانا يخصانها بعطف ورعاية وبقيت أم سلمة في حزب علي حتى ماتت- فقالت: إن عائشة سبتها، وقالت لكم، وقالت لكم، فكره ذلك علي وقال لفاطمة اذهبي إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقولي: إن عائشة قالت لنا، وقالت لنا ... فأتته فذكرت ذلك له، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: إنها حبة أبيك، ورب الكعبة.
وكان هذا الدرس لم يرق لعلي، فقال للنبي صلّى الله عليه وسلم: أما كفاك الآن قالت لنا عائشة وقالت لنا، حتى أتتك فاطمة فقلت لها: إنها حبة أبيك ورب الكعبة.
ولعل مثل هذه السفارة قد تكرر، فحفظت عائشة ذلك كله لعلي وفاطمة. وينبغي ألا ننسى ... أن نشير الى أمر آخر مهم كانت السيدة (عائشة) نفسها هي التي تغار. ذلك انها على شدة حظوتها عند الرسول وكثير محبته لها، لم ترزق منه الولد، وكان- عليه الصلاة والسلام- كبير الشفق والفرح بأولاد بنته فاطمة، كثير الرعاية لهم والخوف عليهم فتشتعل الغيرة في صدرها من الحسن والحسين لتمتد إلى علي وفاطمة.
2- موقف علي من عائشة في حادث الإفك.
3- إشارات عارضة استخرجتها من مواطنها لأنها عظيمة الدلالة على رأيها (عائشة) في علي وعاطفتها نحوه.
الأولى فقد
رواها عطاء بن يسار قال جاء رجل فوقع في علي وعمار رضي الله عنهما عند عائشة، فقالت: اما علي فلست قائلة لك فيه شيئا واما عمار فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: لا يخير بين أمرين إلا اختار ارشدهما
(مسند أحمد 6/ 113) .
الثانية نبه إليها داهية بني هاشم: عبد الله بن عباس، روى عن عائشة أنها قالت: لما اشتد بالرسول وجعه دعا نساءه فاستأذنهن ان يمرض في بيتي، فأذنّ له، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم، بين رجلين من اهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر تخط قدماه الأرض عاصبا رأسه حتى دخل بيتي» قال راوي الحديث: فحدثت بهذا الحديث عبد الله بن عباس فقال هل تدري من الرجل الآخر؟ قلت: لا، قال: علي بن ابي طالب، ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع.
حتى بعد انقضاء حرب الجمل وانتهاء الأمر بينهما على خير وتبادل ثناء لم يزل ما بنفسها نحوه، فقد ذكروا انه لما انتهى إلى عائشة قتل علي قالت متمثلة.
فألقت عصاها واستقر بها النوى، كما قر عينا بالإياب المسافر فمن قتله؟ فقيل رجل من مراد فقالت:
فإن يك نائيا فلقد نعاه* غلام ليس في فيه التراب وأنا أجد هذا الخبر مفصحا عن طويتها نحو علي خير إفصاح، وشارحا ما قدمت لك من انها تخضع

(7/171)


أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى الْأَشْقَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، قال: حدثنا يونس، عن بن شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ- الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ-، «يَا عَائِشَةُ، لَمْ أَزَلْ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ» .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، فَقَالَ: وَقَالَ يُونُسُ
[ (6) ] .
وأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَأَنْ أَحْلِفَ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ قَتْلًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ. وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ نَبِيًّا، واتّخذه شهيدا.
__________
[ () ] من حيث لا تريد لتوجيه عاطفتها اللاشعورية، ولست أشك انها كانت حينئذ شاردة وان عقلها الباطن هو الذي تمثل بهذين البيتين. ا. هـ. 82.
[ (6) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي (83) باب مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ووفاته، الحديث (4428) ، فتح الباري (8: 131) وأخرجه الإمام احمد في «مسنده» (6: 18) .

(7/172)


بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِئْذَانِهِ [أَزْوَاجَهُ] [ (1) ] فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، ثُمَّ مَا جَاءَ فِي اغْتِسَالِهِ وَخُرُوجِهِ إِلَى النَّاسِ، وَصَلَاتِهِ بِهِمْ وَخُطْبَتِهِ إِيَّاهُمْ وَنَعْيِهِ نَفْسَهُ إِلَيْهِمْ، وَإِشَارَتِهِ إِلَى أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي صُحْبَتِهِ، وَمَالِهِ لِيَدُلَّهُمْ بِذَلِكَ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهِ وَكِبَرِ محله [عَلَيْهِ السَّلَامُ]
[ (2) ] أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ مِلْحَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ.
(ح) وأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى ابن مَنْصُورٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ السَّدُوسِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَتْ:
لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وَاشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ الْعَبَّاسِ، وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ؟
فَقَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّهِ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا! قَالَ:
عَلِيٌّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم لما أُدْخِلَ بَيْتِي، فَاشْتَدَّ وَجَعُهُ،
__________
[ (1) ] ليست في (أ) .
[ (2) ] الزيادة من (ح) .

(7/173)


قَالَ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أوليتهنّ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ ضَبَطَهُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ [ (3) ] .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، وَيَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُثَنَّى (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الشَّعْرَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ سَالِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللهِ، فَاخْتَارَ الرَّجُلُ مَا عِنْدَ اللهِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ. أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ يُخَيَّرُ، فَكَانَ الْمُخَيَّرُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، فَقَالَ: لَا تَبْكِ يَا أَبَا بَكْرٍ. إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا لا تخدته، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ
__________
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي (83) باب مرض رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ. الحديث (4442) ، فتح الباري (8: 141) .
[ (4) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة، (21) باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، الحديث (92) ، ص (1: 312- 313) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ...

(7/174)


بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ.
لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدَانَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ فُلَيْحٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ
[ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم خَطَبَ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا خَيَّرَهُ رَبُّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- بَيْنَ أَنْ يَعِيشَ فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَعِيشَ فِيهَا، وَيَأْكُلَ مِنَ الدُّنْيَا [ (6) ] مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّهِ- عَزَّ وَجَلَّ-، فَاخْتَارَ لِقَاءَ رَبِّهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [ (7) ] ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ أَنْ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا صَالِحًا، خَيَّرَهُ رَبُّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- بَيْنَ أَنْ يَعِيشَ فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ أَنْ يَعِيشَ، وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- فَاخْتَارَ لِقَاءَ رَبِّهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولُ اللهِ! بَلْ نَفْدِيكَ بِأَمْوَالِنَا، وَأَبْنَائِنَا.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنُّ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ، وَذَاتِ يَدِهِ مِنِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا من أمتي خليلا لا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ.
وَلَكِنْ وُدٌّ، وَإِخَاءٌ وَإِيمَانٌ، وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ»
[ (8) ] .
__________
[ (5) ] أخرجه البخاري في: 63- كتاب مناقب الأنصار (45) باب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
وأخرجه مسلم فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (1) باب من فضائل أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عنه.
[ (6) ] في (ف) : «ويأكل منها» .
[ (7) ] الزيادة من (ف) .
[ (8) ] أخرجه الترمذي في: 50- كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ..

(7/175)


وَهَذَا الَّذِي رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو الْمُعَلَّى الْأَنْصَارِيُّ فِي خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ حِينَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ، بعد ما اغْتَسَلَ لِيَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنُّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ. سُدُّوا عَنِّي كل خوجة في المسجد غير خوجة أَبِي بَكْرٍ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ وَهْبِ ابن جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ
[ (9) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو الدُّقِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى بِخَمْسٍ يَقُولُ: «قَدْ كَانَ لِي مِنْكُمْ إِخْوَةٌ وَأَصْدِقَاءُ، وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ [ (10) ] ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. وَإِنَّ رَبِّي اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. وَإِنَّ قَوْمًا مِمَّنْ كانوا قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم
__________
[ (9) ] أخرجه البخاري فِي: 62- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، باب من فضائل ابي بكر.
[ (10) ] (أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ من خلته) يعني امتنع من هذا وأنكره، والخليل هو المنقطع اليه، وقيل:
المختص بشيء دون غيره، قيل هو مشتق من الخلّة، وهي الحاجة، وقيل الخلّة وهي تخلل المودة في القلب.

(7/176)


وصلحائهم مساجدا، فلا تتخذوا القبور مساجدا فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
[ (11) ] .
قُلْتُ: وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رُسْتُمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابن حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ، مُلْتَحِفًا بِمِلْحَفَةٍ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ، حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ مِثْلَ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا، وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ، قَالَ: فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ فِيهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ
[ (12) ] .
وَوَصِيَّتُهُ بِالْأَنْصَارِ، - «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا» - إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنْ لَا حَقَّ لِلْأَنْصَارِ فِي الْخِلَافَةِ بَعْدَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ- «دَسْمَاءَ» أَرَادَ بِهِ سَوْدَاءَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ، وأبو سَعِيدِ بْنُ عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ، أن رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ: «أَفِيضُوا عَلَيَّ سَبْعَ قِرَبٍ مِنْ سَبْعِ آبَارٍ شَتَّى، حَتَّى أَخْرُجَ فَأَعْهَدَ إلى النَّاسِ» ،
__________
[ (11) ] أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي: 5- كتاب المساجد، (3) باب النهي عن بناء المساجد على القبور، الحديث (23) ص (1: 378) .
[ (12) ] أخرجه البخاري في: 63- كتاب مناقب الأنصار (11) بَابُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم «اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» الحديث (3800) . فتح الباري (7: 121) .

(7/177)


ففعلوا، فَخَرَجَ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ أَوَّلُ مَا ذَكَرَ، بعد حمد الله وثناء عَلَيْهِ، ذِكْرَ أَصْحَابِ أُحُدٍ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَدَعَا لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ، وَالْأَنْصَارُ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا تَزِيدُ، وَإِنَّهُمْ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا، فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللهِ قَدْ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللهِ» ، فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: بَلْ نَحْنُ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ.
انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْبُيُوتِ الشَّارِعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَسُدُّوهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصُّحْبَةِ مِنْهُ»
[ (13) ] .
هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَفِيهِ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ تَارِيخِ هَذِهِ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ بعد ما اغْتَسَلَ، لِيَعْهَدَ إِلَى النَّاسِ، وَيَنْعِيَ نَفْسَهُ إِلَيْهِمْ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدِ بْنِ طُوسَا، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنِ أُمِّ ذَرَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ، فَأَحْدَقَ النَّاسُ بِالْمِنْبَرِ، [وَاسْتَكْفَوْا] ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَقَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ السَّاعَةَ» ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، فَلَمَّا قَضَى تَشَهُّدَهُ، كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنِ اسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِأُحُدٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللهِ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللهِ، فَاخْتَارَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللهِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي، نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا، وَأُمَّهَاتِنَا، وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: على رسلك [ (14) ] .
__________
[ (13) ] نقله ابن كثير (5: 229) عن المصنف، وقال: «هذا مرسل وله شواهد كثيرة» .
[ (14) ] نقله ابن كثير في «البداية» (5: 229) عن المصنف.

(7/178)


بَابُ مَا رُوِيَ فِي خُطْبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم من بَذْلِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِحَقٍّ إِنْ كَانَ لِأَحَدٍ قِبَلَهُ حَتَّى يَلْقَى اللهَ تَعَالَى، وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ، وما ذكر بها لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي قُمَاشٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَبَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى القزاز، عن الحارث ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِيَاسٍ اللَّيْثِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ فَقَالَ:
خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ. قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، حَتَّى قَعَدَ على المنبر، قم قَالَ: نَادِ فِي النَّاسِ يَا فَضْلُ. فَنَادَيْتُ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. قَالَ: فَاجْتَمَعُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ.. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، وَلَنْ تَرَوْنِي فِي هَذَا الْمَقَامِ فِيكُمْ، وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَنَّ غَيْرَهُ غَيْرَ مُغْنٍ عَنِّي حَتَّى أَقُومَهُ فِيكُمْ، أَلَا فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَعِدْ، وَمَنْ كُنْتُ أَخَذْتُ لَهُ مَالًا، فَهَذَا مَالِي فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَعِدْ، وَلَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: أَخَافُ الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَلَا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ شَأْنِي، وَلَا مِنْ خُلُقِي. وَإِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ مَنْ أَخَذَ حَقًّا، إِنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ، وَحَلَّلَنِي، فَلَقِيتُ اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ- وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلَمَةٌ.

(7/179)


قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! لِي عِنْدَكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. فَقَالَ:
«أَمَّا أَنَا فَلَا أُكَذِّبُ قَائِلًا. وَلَا مُسْتَحْلِفُهُ عَلَى يَمِينٍ فِيمَ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي؟ قَالَ:
أَمَا تَذْكُرُ أَنَّهُ مَرَّ بِكَ سَائِلٌ فَأَمَرْتَنِي، فَأَعْطَيْتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ. قال: أعطيه يَا فَضْلُ. قَالَ: فَأَمَرْتُهُ فَجَلَسَ.
ثُمَّ عَادَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي مَقَالَتِهِ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْغُلُولِ شَيْءٌ فَلْيَرُدَّهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عِنْدِي ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ غَلَلْتُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: وَلِمَ غَلَلْتَهَا؟ قَالَ: كُنْتُ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا، فَقَالَ: خُذْهَا مِنْهُ يَا فَضْلُ.
ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه سلم فِي مَقَالَتِهِ الْأُولَى وَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أحسّ نفسه شيئا فليقم، أدعوا اللهَ- عَزَّ ذِكْرُهُ لَهُ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي لَمُنَافِقٌ وَإِنِّي لَكَذُوبٌ، ولنؤوم. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَيْحَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ تَعَالَى. لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: مه يا بن الْخَطَّابِ! فَضُوحُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ فَضُوحِ الْآخِرَةِ. اللهُمَّ ارْزُقْهُ صِدْقًا وَإِيمَانًا، وَأَذْهِبْ عَنْهُ النَّوْمَ إِذَا شَاءَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم عُمَرُ مَعِي، وَأَنَا مَعَ عُمَرَ، وَالْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عمر»
[ (1) ] .
__________
[ (1) ] نقله الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (5: 231) عن المصنف، وقال: «في إسناده ومتنه غرابة شديدة» .

(7/180)


بَابُ مَا جَاءَ فِي هَمِّهِ بِأَنْ يَكْتُبَ لِأَصْحَابِهِ كِتَابًا حِينَ اشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا وَعَدَهُ اللهُ- تَعَالَى- مِنْ حِفْظِ دِينِهِ، وَإِظْهَارِ أَمْرِهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
[ (1) ]
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنِ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: (ح) : وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ يَذْكُرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمَ الْخَمِيسِ.. وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ، قَالَ [ (2) ] : اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَجَعُهُ قَالَ: ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا.
قَالَ: فَتَنَازَعُوا- وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ [ (3) ]- فَقَالُوا مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ، اسْتَفْهِمُوهُ. قَالَ: فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ. قَالَ: دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مما
__________
[ (1) ] من (ح) فقط.
[ (2) ] في (ف) : «ثم بكى وقال» .
[ (3) ] في البخاري: «نزاع» .

(7/181)


تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [ (4) ] . قَالَ: وَأَوْصَاهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ فَقَالَ:
أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ [ (5) ] ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ [ (6) ] بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ. قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ. أَوْ قَالَهَا، فَنَسِيتُهَا [ (7) ] . هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَهُوَ أَتَمُّ زَادَ عَلِيٌّ: قَالَ سُفْيَانُ إِنَّمَا زَعَمُوا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهَا اسْتِخْلَافَ أَبِي بَكْرٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ عَنْ سفيان
[ (8) ] .
__________
[ (4) ] (الذي أنا فيه خير) : معناه: دعوني من النزاع واللفظ الذي شرعتم فيه، فالذي أنا فيه من مراقبة الله تعالى والتأهب للقائه، والفكر في ذلك ونحوه أفضل مما أنتم فيه.
[ (5) ] (جزيرة العرب) قال أبو عبيد: قال الأصمعي: جزيرة العرب ما بين أقصى عدن اليمن إلى ريف العراق في الطول وأما في العرض فمن جدة وما والاها إلى أطراف الشام. وقال أبو عبيدة: هي ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأما في العرض فما بين رمل ببرين الى منقطع السماوة. قالوا: وسميت جزيرة لإحاطة البحار بها من نواحيها وانقطاعها عن المياه العظيمة. وأصل الجزر، في اللغة، القطع. وأضيفت إلى العرب لأنها الأرض التي كانت بأيديهم قبل الإسلام وديارهم التي هي أوطانهم وأوطان أسلافهم.
[ (6) ] (وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم) قال العلماء: هذا أمر منه صلّى الله عليه وسلم بإجازة الوفود وضيافتهم وإكرامهم تطييبا لنفوسهم وترغيبا لغيرهم من المؤلفة قلوبهم ونحوهم، وإعانة لهم على سفرهم.
[ (7) ] (وسكت عن الثالثة، أو قالها فأنسيتها) الساكت هو ابن عباس والناسي هو سعيد بن جبير، قال المهلب: الثالثة هي تجهيز جيش أسامة رضي الله عنه.
[ (8) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي (83) باب مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووفاته، الحديث (4431) ، فتح الباري (8: 132) .
وأخرجه مسلم في: 25- كتاب الوصية، (5) باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه.
الحديث (20) ، ص (3: 1257) .
قال النووي: (فقال ائتوني أكتب لكم كتابا..) أعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلم معصوم من الكذب، ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه. ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه. وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها، مما لا نقص فيه لمنزلته، ولا فساد لما تمهد من شريعته. وقد سحر صلّى الله عليه وسلم حتى صار يخيل إليه أنه فعل

(7/182)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا، فَقَالَ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قد غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ القرآن، حسبنا كتاب
__________
[ () ] الشيء ولم يكن فعله. ولم يصدر منه صلى الله عليه وسلم في هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها. فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي همّ النبي صلى الله عليه وسلم به فقيل: أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع فيه نزاع وفتن وقيل: أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها ويحصل الإنفاق على المنصوص عليه. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم همّ بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة. أو أوحى إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه. أو أوحى إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول. وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمرو فضائله ودقيق نظره. لأنه خشي أن يكتب صلّى الله عليه وسلم أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها. فقال عمر: حسبنا كتاب الله، لقوله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء، وقوله: اليوم أكملت لكم دينكم، فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة. وأراد الترفيه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه.
قال الحطابي: ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال. لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الوجع وقرب الوفاة، مع ما اعتراه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقول المريض مما لا عزيمة فيه، فيجد المنافقون بذلك سبيلا الى الكلام في الدين، وقد كان أصحابه صلّى الله عليه وسلم يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها.
بتحتيم، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش فأما إذا أمر النبي صلّى الله عليه وسلم بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم وقال القاضي عياض: قوله:
أهجر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، هكذا هو في صحيح مسلم وغيره: أهجر؟ على الاستفهام وهو أصح من رواية من روى: هجر يهجر: لأن هذا كله لا يصح منه صلّى الله عليه وسلم لأن معنى هجر هذي. وإنما جاء هذا من قائله استفهاما للإنكار على من قال: لا تكتبوا أي لا تتركوا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه لأنه صلّى الله عليه وسلم لا يهجر. وقول عمر رضي الله عنه: حسبنا كتاب الله، ردّ على من نازعه، لا على أمر النبي صلّى الله عليه وسلم.

(7/183)


اللهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُمُ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: قُومُوا.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ، كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ لِاخْتِلَافِهِمْ، وَلَغَطِهِمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ.
عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ وَغَيْرِهِ. عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ [ (9) ] .
وَإِنَّمَا قَصَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) بِمَا قَالَ التَّخْفِيفَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ، قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَلَوْ كَانَ مَا يُرِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ شَيْئًا مَفْرُوضًا، لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ. لَمْ يَتْرُكْهُ بِاخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ «بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» [ (10) ] كَمَا لَمْ يَتْرُكْ تَبْلِيغَ غَيْرِهِ بِمُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَهُ، وَمُعَادَاةِ مَنْ عَادَاهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا حَكَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَهُ، أَنْ يَكْتُبَ اسْتِخْلَافَ أَبِي بَكْرٍ. ثُمَّ ترك كتبته اعْتِمَادًا عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ تَقْدِيرِ اللهِ تَعَالَى، ذَلِكَ كَمَا هَمَّ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ حِينَ قال: وا رأساه، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَكْتُبَ، وَقَالَ: يَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ نَبَّهَ أُمَّتَهُ عَلَى خِلَافَتِهِ، بِاسْتِخْلَافِهِ إِيَّاهُ فِي الصَّلَاةِ حِينَ عَجَزَ عَنْ حُضُورِهَا، وَإِنْ كَانَ المراد به
__________
[ (9) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي (83) باب مرض رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ، الحديث (4432) فتح الباري (8: 132) .
وأخرجه مسلم في: 25- كتاب الوصية، (5) باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، الحديث (22) ، ص (3: 1259) .
[ (10) ] من الآية الكريمة (67) من سورة المائدة.

(7/184)


رَفْعُ الْخِلَافِ فِي الدِّينِ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلِمَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَكْمَلَ دِينَهُ بِقَوْلِهِ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ..) [ (11) ] وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا تَحْدُثُ وَاقِعَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِلَّا وَفِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُهَا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً.
وَفِي نَصِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، مَعَ شِدَّةِ وَعْكِهِ، مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَرَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ نَصًا، أَوْ دَلَالَةً، تَخْفِيفًا عَلَى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِكَيْ لَا تَزُولَ فَضِيلَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الِاسْتِنْبَاطِ، وَإِلْحَاقِ الْفُرُوعِ بِالْأُصُولِ، بِمَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَيْهِ. وَفِيمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم [إذا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ، فَلَهُ أجران. وإذا اجتهد فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ] [ (12) ] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَ بَيَانَ بَعْضِ الْأَحْكَامِ إِلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّهُ أَحْرَزَ مَنْ أَصَابَ مِنْهُمُ الْأَجْرَيْنِ الْمَوْعُودَيْنِ، أَحَدُهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَالْآخَرُ بِإِصَابَةِ الْعَيْنِ الْمَطْلُوبَةِ بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الدَّلَالَةِ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ، وَإِنَّهُ أَحْرَزَ مَنِ اجْتَهَدَ، فَأَخْطَأَ أَجْرًا وَاحِدًا بِاجْتِهَادِهِ، وَرَفَعَ إِثْمَ الْخَطَأِ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَمْ يَأْتِ بَيَانُهَا نَصًا، وَإِنَّمَا وَرَدَ خَفِيًّا.
فَأَمَّا مَسَائِلُ الْأُصُولِ، فَقَدْ وَرَدَ بَيَانُهَا جَلِيًّا، فَلَا عُذْرَ لِمَنْ خَالَفَ بَيَانَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ فَضِيلَةِ الْعُلَمَاءِ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِلْحَاقِ الْفُرُوعِ بِالْأُصُولِ بِالدَّلَالَةِ، مَعَ طَلَبِ التَّخْفِيفِ عَلَى صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، وَفِي ترك رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى اسْتِصْوَابِهِ رَأْيَهُ، وبالله التوفيق.
__________
[ (11) ] الآية الكريمة (3) من سورة المائدة.
[ (12) ] أخرجه البخاري في: 96- كتاب الاعتصام بالسنة (21) باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو اخطأ، الحديث (7352) فتح الباري (13: 318) .
وأخرجه مسلم في: 30- كتاب الأقفية (6) باب بيان اجر الحاكم إذا اجتهد، الحديث (15) ، ص (3: 1342) وغيرهما.

(7/185)


بَابُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِهِ، حِينَ اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ- أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد ابن إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَجَعُهُ قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ، لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَعَاوَدَتْهُ مِثْلَ مَقَالَتِهَا. فَقَالَ: أَنْتُنَّ صُوَيْحِبَاتُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:
لَقَدْ عَاوَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ذَلِكَ. وَمَا حَمَلَنِي عَلَى مُعَاوَدَتِهِ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ، [وَإِلَّا أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ أَحَدٌ إِلَّا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ] [ (1) ] ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سليمان [ (2) ] .
__________
[ (1) ] هذه العبارة ما بين الحاصرتين مكرر في (ف) ، وليست موجودة في (أ) و (ك) و (ح) .
[ (2) ] أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ،

(7/186)


أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بَيْتِي قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ. إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ. فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: وَاللهِ مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فِي مَقَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ. فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
[ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: مَرِضَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ:
يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ. مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ لَا يَسْتَطِيعُ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ.
قَالَ: فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ [ (4) ] . قال:
__________
[ () ] عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وقال: «تابعه الزبيدي، وابن أخي الزهري، وإسحاق ابن يحيى الكلبي، عن الزهري» .
وراوي الحديث حمزة بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
[ (3) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة (21) باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما من يصلي بالناس..، الحديث (94) ، ص (1: 313) .
[ (4) ] (أنكن صواحب يوسف) : أراد في التظاهر على ما تردن، وكثرة الحاحكن في طلب ما تردنه وتملن إليه.

(7/187)


فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيِّ
[ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ، لَمْ يَفْهَمِ النَّاسُ قُرْآنَهُ مِنَ الْبُكَاءِ. فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ.
فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقُلْتُ لِحَفْصَةَ: قُولِي لَهُ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَفْهَمِ النَّاسُ قُرْآنَهُ مِنَ الْبُكَاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ. فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْكُتُنَّ لَعَمْرِي إِنَّكُنَّ صَاحِبَاتُ يُوسُفَ. فَقَالَتْ لِي حَفْصَةُ: لَعَمْرِي مَا كُنْتُ لِأُصِيبَ مِنْكِ خَيْرًا، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ
[ (6) ] .
__________
[ (5) ] أخرجه البخاري في: 10- كتاب الأذان، (46) باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، الحديث (678) ، فتح الباري (2: 164) .
وأخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام، الحديث (101) ، ص (1:
316) .
[ (6) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق، فتح الباري (2: 164) ، الحديث (679) .

(7/188)


بَابُ مَا جَاءَ فِي آخِرِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، وَأَوَّلِ صَلَاةٍ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِالنَّاسِ، وَالصَّلَاةِ الَّتِي حَضَرَهَا حِينَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً وَصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ بِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَيَّامًا
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ، وأَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَيْبٍ مِنْ أَصْلِهِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ إِمْلَاءً، قَالَ: حدثنا عبيد ابن شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ بن خالد، عن بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يقرأ في المغرب (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) .. مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا، حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (1) ] عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ الله ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ:
خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ، فَصَلَّى بِنَا
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ في: 64- كتاب المغازي (83) باب مرض رسول الله ووفاته، الحديث (4429) فتح الباري (8: 130) .

(7/189)


المغرب، فقرأ (ب الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً..) فَمَا صَلَّى بَعْدَهَا حَتَّى لَقِيَ اللهَ [ (2) ] .
قُلْتُ: وَإِنَّمَا أَرَادَتْ- وَاللهُ أَعْلَمُ- بالناس مبتدأ بِهَا. فَإِنَّمَا تُوُفِّيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَارًا.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: بَلَى! ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ [ (3) ] ، قَالَتْ:
فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ [ (4) ] فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟
فَقُلْنَا: لَا. هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ، قَالَتْ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا. هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ. قَالَتْ: فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا. وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَالنَّاسُ عُكُوفٌ [ (5) ] فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ. قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَتْ: فَأَتَاهُ الرَّسُولُ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا، يَا عُمَرُ صلّ
__________
[ (2) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة، (35) باب القراءة في الصبح، الحديث (173) ، ص (1: 338) .
[ (3) ] (المخضب) : إناء يغسل فيه.
[ (4) ] (لينوء) : أي ليقوم وينهض.
[ (5) ] (عكوف) : مجتمعون منتظرون لخروج النبي صلى الله عليه وسلم.

(7/190)


بِالنَّاسِ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّي. قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ، لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ. وَقَالَ لَهُمَا: أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ، فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هَاتِ. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِيثَهُمَا. فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الْآخَرَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ [ (6) ] .
وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَعَلَّقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَابْنُ أُخْتِهَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ: قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قَاعِدًا، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن الأعمش.
__________
[ (6) ] الحديث أخرجه البخاري في: 51- كتاب الهبة، (14) باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها، ومسلم في: 4- كتاب الصلاة، (21) باب استخلاف الامام. الحديث (91) ص (1: 312) .

(7/191)


أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَكَذَلِكَ رَوَى حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَيُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ. وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
كَذَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جعفر بن أبي كَثِيرٍ. وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ثَوْبٍ واحد برد مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ. فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، قَالَ: ادْعُ لِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَجَاءَ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى نَحْرِهِ. فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا. وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ. الَّتِي صَلَّاهَا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ صَلَاةُ

(7/192)


الصُّبْحِ. فَإِنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، وَهِيَ الَّتِي دَعَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ فَرَغَ مِنْهَا، فَأَوْصَاهُ فِي مَسِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْمَغَازِي.
قُلْتُ: فَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم صَلَّى خَلْفَهُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ مَرَّةً. وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ مَرَّةً.
وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُمَا الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ) فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَغَيْرِهِ، بَيَانُ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بَعْضَهَا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ.
وَفِيمَا رُوِّينَا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ بَيَانُ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا أَبُو بَكْرٍ خلفه بعد ما افْتَتَحَهَا بِالنَّاسِ. وَهِيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ، أَوِ الْأَحَدِ، فَلَا يَتَنَافَيَانِ.

(7/193)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى آخِرِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ فِي حَيَاتِهِ وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ بِإِتْمَامِهَا خَلْفَهُ. وَارْتِضَائِهِ صَنِيعَهُمْ، وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَقَوْلِ مِنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ، فَصَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ بعد ما أَمَرَهُ بِالتَّقَدُّمِ ثُمَّ صَلَّى لِنَفْسِهِ أُخْرَى
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسحاق الصَّغَانِيُّ، وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ- وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ- كَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم سِتْرَ الْحُجْرَةِ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ [ (1) ] ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يضحك، قال: فهمنا أَنْ نُفْتَتَنَ وَنَحْنُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَحٍ بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ:
فَأَشَارَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ.
لَفْظُ حَدِيثِ الْقَطَّانِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ [ (2) ] ،
__________
[ (1) ] عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته.
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 10- كتاب الأذان، (45) باب من صلّى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، الحديث (680) عن أبي اليمان، فتح الباري (2: 164) .

(7/194)


وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَمَعْمَرٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ثَلَاثًا [ (4) ] فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ. فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ. فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْهُ، حِينَ وَضَحَ لَنَا وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَيُومِئُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ.
فَأَرْخَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ. فَلَمْ يُوصَلْ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ [ (5) ] .
فَهَذَانِ عَدْلَانِ شَهِدَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُؤَكِّدُ رِوَايَةَ أَنَسٍ، وَيَشْهَدُ لَهَا بِالصِّحَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا
__________
[ (3) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة، (21) باب استخلاف الإمام، الحديث (98) ، ص (1:
315) .
[ (4) ] (ثلاثا) أي ثلاثة أيام. جرى اللفظ على التأنيث لعدم المميز. كما في قوله تعالى: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً.
[ (5) ] أخرجه البخاري في: 10- كتاب الأذان، (46) باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة.
وأخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة (21) باب استخلاف الإمام، الحديث (100) ، ص (1:
315- 316) .

(7/195)


سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشَفَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لم يبق من مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا. فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ. فَقَمِنٌ [ (6) ] أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ
[ (7) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، مَوْلَى الْعَبَّاسِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسِ، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ السِّتْرَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم مَعْصُوبٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. فَقَالَ: اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا، يَرَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي قَدْ نُهِيتُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. فَإِذَا رَكَعْتُمْ فَعَظِّمُوا اللهَ، وَإِذَا سَجَدْتُمْ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ. فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ
[ (8) ] .
__________
[ (6) ] (قمن) : جدير وحقيق.
[ (7) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة (41) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، الحديث (207) عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، ص (1: 348) .
وأخرجه أبو داود في الصلاة، والنسائي في التطبيق، والإمام أحمد في «مسنده» (1: 155) .
[ (8) ] أخرجه مسلم في: 4- كتاب الصلاة (41) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، الحديث (207) ، ص (1: 348) .

(7/196)


الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ، ثُمَّ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. ثُمَّ حَدِيثُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةَ، لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ. ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَوْمَ السَّبْتِ، ثُمَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْأَحَدِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ- حِينَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً- لِصَلَاةِ الظُّهْرِ إِمَّا يَوْمَ السَّبْتِ، وَإِمَّا يَوْمَ الْأَحَدِ، بعد ما افْتَتَحَ أَبُو بَكْرٍ صَلَاتَهُ بِهِمْ. فَافْتَتَحَ صَلَاتَهُ، وَعَلَّقُوا صَلَاتَهُمْ بِصَلَاتِهِ، وَهُوَ قَاعِدٌ وَهُمْ قِيَامٌ، وَصَلَّى مَرَّةً أُخْرَى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي رِوَايَةِ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدَ وَمَنْ تَابَعَهُ، فَيَكُونُ جُمْلَةُ مَا صَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا افْتَتَحَهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ كَمْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ؟ قَالَ:
سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً. قُلْتُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ: أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، فِي مَغَازِيهِ، إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، حَتَّى وَقَفَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ أَتَمَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ. وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَغَازِي أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ.
وَذَلِكَ يُوَافِقُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَرِوَايَةُ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَا يُنَافِي مَا رَوَيْنَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِ مَحْمُولًا عَلَى

(7/197)


أَنَّهُ رَآهُمْ وَهُمْ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ مَا حَكَى هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، أَوْ خَرَجَ فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ مَا حَكِيَا، فَنَقَلَا بَعْضَ الْخَبَرِ، وَنَقَلَ غَيْرُهُمَا مَا تَرَكَاهُ، كَمَا نَقَلَ أَحَدُهُمَا فِيمَا رَوَيَاهُ ما ترك صَاحِبُهُ. وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ [ (9) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ (ح) .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ:
__________
[ (9) ] نقل الخبرين ابن كثير في «البداية» (5: 235) ، وعقب عليهما بقوله:
«والعجب أن الحافظ البيهقي أورد هذين الحديثين من هاتين الطريقين، ثم قال ما حاصله: فلعله- عليه السّلام- احتجب عنهم في أول ركعة، ثم خرج في الركعة الثانية، فصلّى خلف أبي بكر، كما قال عروة وموسى بن عقبة وخفي ذلك عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ أنه ذكر بعض الخبر وسكت عن آخره. وهذا الذي [ذكره] أيضا بعيد جدا لان أنسا قال: فلم يقدر عليه حتى مات. وفي رواية قال: فكان ذلك آخر العهد به. وقول الصحابي مقدم على قول التابعي والله أعلم. والمقصود أن رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ أبا بكر الصديق أماما للصحابة كلهم في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام العملية. قال الشيخ ابو الحسن الأشعري: وتقديمه له امر معلوم بالضرورة من دين الإسلام. قال:
وتقديمه له دليل على أنه أعلم الصحابة وأقرؤهم لما ثبت في الخبر المتفق على صحته بين العلماء. أن
رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأكبرهم سنا، فإن كانوا في السن سواء فأقدمهم مسلما
قلت وهذا من كلام الاشعري رحمه الله مما ينبغي أن يكتب بماء الذهب ثم قد اجتمعت هذه الصفات كلها في الصديق رضي الله عنه وأرضاه وصلاة الرسول صلّى الله عليه وسلم خلفه في بعض الصلوات كما قدمنا بذلك الروايات الصحيحة لا ينافي ما روى في الصحيح ان أبا بكر ائتم به عليه السّلام لأن ذلك في صلاة أخرى كما نص على ذلك الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله عز وجل.

(7/198)


قدم رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، يَعْنِي مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَعَاشَ بِالْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَهَا. بَعْدَ صَدَرَةِ الْمُحَرَّمِ، وَاشْتَكَى فِي صَفَرٍ، فَوَعِكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ يُمَرِّضْنَهُ. وَقَالَ نِسَاؤُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَيَأْخُذُكَ وَعْكٌ مَا وَجَدْنَا مِثْلَهُ عَلَى أَحَدٍ قَطُّ [غَيْرَكَ] [ (10) ] . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَمَا يُعَظَّمُ لَنَا الْأَجْرُ، كَذَلِكَ يَشْتَدُّ عَلَيْنَا الْبَلَاءُ.
وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَعْكُ أَيَّامًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَنْحَازُ إِلَى الصَّلَوَاتِ حَتَّى غُلِبَ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَأَذَّنَهُ بِالصَّلَاةِ فَنَهَضَ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنَ الضَّعْفِ، وَنِسَاؤُهُ حَوْلَهُ، فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأْمُرْهُ فَلْيُصَلِّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ: وَإِنَّهُ إِنْ أَقَامَ فِي مَقَامِكَ بَكَى فَأْمُرْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَعُدْتُ فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ.
قَالَتْ: فَصَمَتُّ عَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، حَتَّى كَانَتْ لَيْلَةُ الْإِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقْلَعَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَعْكُ، فَأَصْبَحَ مُفِيقًا، فَغَدَا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ يَتَوَكَّأَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَغُلَامٍ لَهُ يُدْعَى نُوبَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ سَجَدَ النَّاسُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأُخْرَى، فَتَخَلَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّفُوفَ، يُفْرِجُونَ لَهُ، حَتَّى قَامَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبِهِ، فَقَدَّمَهُ فِي مُصَلَّاهُ فَصَفَّا جَمِيعًا، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم جَالِسٌ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ قُرْآنَهُ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَّ فَرَكَعَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ [ (11) ] ، ثُمَّ جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ قَضَى سُجُودَهُ، يَتَشَهَّدُ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ، أَتَمَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ انصرف إلى جزع من جزوع الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ سَقْفُهُ من جريد،
__________
[ (10) ] سقطت من (ف) .
[ (11) ] في (ف) : «الأخيرة» .

(7/199)


وَخُوصٍ، لَيْسَ عَلَى السَّقْفِ كَثِيرُ [ (12) ] طِينٍ، إِذَا كَانَ الْمَطَرُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ طِينًا، إِنَّمَا هُوَ كَهَيْئَةِ الْعَرِيشِ.
وَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ، وَخَرَجَ فِي نَقْلِهِ إِلَى الْجُرُفِ، فَأَقَامَ تِلْكَ الْأَيَّامَ بِشَكْوَى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَدْ أَمَّرَهُ عَلَى جيش عامتهم الْمُهَاجِرُونَ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم أَنْ يُغِيرَ عَلَى مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلَسْطِينَ- حَيْثُ أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ- فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُونَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ ابن زَيْدٍ فَقَالَ: اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللهِ، وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ، ثُمَّ أَغِرْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ أَنْ تُغِيرَ. قَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَصْبَحْتَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يكون اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عافاك، فائذن لِي، فَأَمْكُثَ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللهُ، فَإِنِّي إِنْ خَرَجْتُ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، خَرَجْتُ وَفِي نَفْسِي مِنْكَ قُرْحَةٌ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْكَ النَّاسَ، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَقَامَ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: قَدْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يكون اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَفَاهُ، ثُمَّ رَكِبَ فلحق بأهله بالسّناح، وَهُنَالِكَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَانْقَلَبَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهَا. وَذَلِكَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَوَعِكَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ أَشَدَّ الْوَعْكِ. وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ، وَأَخَذَ بِالْمَوْتِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ يُغْمَى، زَعَمُوا عَلَيْهِ السَّاعَةَ، ثُمَّ يَفِيقُ، ثُمَّ يَشْخَصُ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً قَالَ ذَلِكَ- زَعَمُوا مِرَارًا- كُلَّمَا أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ، فَظَنَّ النِّسْوَةُ أَنَّ الْمَلَكَ خَيَّرَهُ فِي الدُّنْيَا، وَيُعْطَى
__________
[ (12) ] في (أ) و (ح) «كبير» .

(7/200)


فِيهَا مَا أَحَبَّ، وَبَيْنَ الْجَنَّةِ فَيَخْتَارُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم الْجَنَّةَ، وَمَا عِنْدَ اللهِ مِنْ حُسْنِ الثَّوَابِ.
وَاشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَجَعُ، فَأَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَرْسَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ إِلَى حَمِيمِهَا، فَلَمْ يَرْجَعُوا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم عَلَى صَدْرِ عَائِشَةَ فِي يَوْمِهَا: يَوْمِ الِاثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ لِهِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: صَدَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ حَجَّةِ التَّمَامِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَى فِي صَفَرٍ، وَوَعَكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ، فَذَكَرَ مَعْنَى مَا رُوِّينَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ [ (13) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: صَلَّى أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَصَلَّى، وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ، أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ رَافِعًا صَوْتَهُ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَابُ الْمَسْجِدِ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ سُعِّرَتِ النَّارُ، وَأَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ.
وَهَذَا الْمُرْسَلُ شَاهِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَمَا سَبَقَهُ بِهِ، وَهُوَ فِيمَا تَقَدَّمَ- وَاللهُ أَعْلَمُ-.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ:
__________
[ (13) ] حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ نقل بعضه ابن عبد البر في كتاب «الدرر في اختصار المغازي والسير» صفحة (269) وما بعدها.

(7/201)


أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّبَذِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم سِتْرًا، أَوْ فَتْحَ بَابًا، لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا، قَالَ مُصْعَبٌ: فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ يُصَلُّونَ، فَحَمِدَ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُرَّ بِالَّذِي رَأَى مِنْهُ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا مِنْ نَبِيٍّ يَتَوَفَّاهُ اللهُ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ، أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّمَا عَبْدٌ مِنْ أُمَّتِي أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ مِنْ بعدي، فليتعزا بِمُصِيبَتِهِ بِي عَنْ مُصِيبَتِهِ الَّتِي يُصَابُ بِهَا مِنْ بَعْدِي، فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي، أَشَدَّ مِنْ مُصِيبَتِهِ بِي» .
قُلْتُ: مَعْنَى مَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ مَوْجُودٌ فِيمَا رُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا آخِرُ الْحَدِيثِ، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا صَحِيحًا، وَاللهُ أَعْلَمُ.

(7/202)


بَابُ مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ أَلْفَاظِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَمَا جَاءَ فِي حَالِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ.
قَدْ مَضَى قَوْلُهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ «حِينَ كَشَفَ السِّتْرَ، وَمَضَى قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ» .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ مِلْحَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَائِشَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَا: لَمَّا نَزَلَ [ (1) ] بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، طَفِقَ [ (2) ] يَطْرَحُ خَمِيصَةً ( [3) ] لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغَتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ [ (4) ] : لَعْنَةُ [ (5) ] اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجدا- يحذّر مثل ما صنعوا [ (6) ]-.
__________
[ (1) ] (لما نزل) بصيغة المعلوم، وفي رواية اخرى بضم النون، وكسر الزاي (نزل) على صيغة المجهول.
[ (2) ] (طفق) : جواب لمّا، وهو من أفعال المقاربة، ومعناها هنا: «جعل» .
[ (3) ] (الخميصة) : كساء له أعلام أو علمان أسود مربع.
[ (4) ] (فقال وهو كذلك) : أي في تلك الحال.
[ (5) ] (اللعنة) : الطرد والابعاد عن الرحمة.
[ (6) ] (يحذر ما صنعوا) : هذه الجملة مقول الراوي لا مقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهي أيضا جملة مستأنفة يحذرهم من ذلك الصنيع لئلا يفعل بقبره مثله، ولعل الحكمة فيه أنه يصير بالتدريج شبيها بعبادة الأصنام.

(7/203)


رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بكير، وأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: كَانَ مِنْ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدا لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ رَجَاءٍ الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: «أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللهِ- عَزَّ وَجَلَّ» [ (7) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ،
__________
[ (7) ] أخرجه البخاري عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ في: 77- كتاب اللباس، (19) باب الاكسية والخمائص، الحديث (5815) ، فتح الباري (10: 277) ، وأخرجه البخاري أيضا في كتاب الصلاة (باب) حدثنا أبو اليمان، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، وَفِي المغازي عن سعد بْنِ عُفَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ، عن عقيل، وفي ذكر بني إسرائيل في كتاب الأنبياء عَنْ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدِ، عن ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ، أربعتهم عن الزهري.
وأخرجه مسلم في: 5- كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (3) باب النهي عن بناء المساجد على القبور، الحديث (22) ، ص (1: 377) .

(7/204)


قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. (ح) .
وأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدْلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ. كَذَا قَالَ [ (7) ] [ (8) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَفِينَةَ مَوْلَى أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ-، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ. حَتَّى جَعَلَ يُلَجْلِجُهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيضُ بِهَا بِلِسَانِهِ. كَذَا قَالَ.
وَالصَّحِيحُ مَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: «اللهَ اللهَ الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، قَالَتْ: فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ به، وما يفيض [ (9) ] .
__________
[ (7) ] تقدم الحديث، وانظر فهرس الأحاديث في السفر الثامن من هذا الكتاب.
[ (8) ] أخرجه ابن ماجة في: 22- كتاب الوصايا، (1) باب هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، الحديث (2697) ص (2: 900- 901) ، وإسناده حسن.
[ (9) ] أخرجه ابن ماجة في الجنائز عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ.

(7/205)


وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ أُمِّ مُوسَى، عَنْ عَلِيٍّ، مُخْتَصَرًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ علي الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَيَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ. فَذَهَبْتُ ادْعُوا بِهِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى.. [فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى] [ (10) ] وَدَخَلَ عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ، وَبِيَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً. قَالَتْ: فَأَخَذْتُهَا، فَنَقَضْتُهَا وَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا أَحْسَنَ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ. قَالَتْ: فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ
[ (11) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ بِبُخَارَى، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو ابن زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَبَا عمرو ذكر أنّ مَوْلَى عَائِشَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى جَمَعَ بَيْنَ ريقي وريقه عند
__________
[ (10) ] ليست في (ك) ولا في (ف) .
[ (11) ] الْبُخَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ في: 64- كتاب المغازي، (83) باب مرض رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ. الحديث (4451) ، فتح الباري (8: 144) .

(7/206)


الْمَوْتِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَخِي بِسِوَاكٍ مَعَهُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم إلى صَدْرِي فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ وَيَأْلَفُهُ. فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ، أَيْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ لَهُ فَأَمَرَّهُ عَلَى فِيهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى، فَجَعَلَ يَقُولُ: فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى.. فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ
[ (12) ] .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ، حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجِسَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُوتُ، وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ:
اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكْرَةِ الْمَوْتِ
[ (13) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ
__________
[ (12) ] الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد في الموضع السابق الحديث (4149) .
[ (13) ] أخرجه الترمذي في: 8- كتاب الجنائز، (8) بَابُ مَا جَاءَ فِي التشديد عند الموت الحديث (978) عن قتيبة، ص (3: 299) .
وقال أبو عيسى: «هذا حديث حسن غريب» وأخرجه ابن ماجة في: 6- كتاب الجنائز (64) بَابُ مَا جَاءَ فِي ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث (1623) .
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (6: 64، 70، 77، 151) .

(7/207)


الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ مَرَضُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَرَضَتْ لَهُ بُحَّةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» ،
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَظَنَنَّا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَيَّرُ [ (14) ] .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِي الْجَنَّةِ.
ثُمَّ يُخَيَّرَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي- غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفٍ وَقَالَ: اللهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى.
فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنَا. وَهُوَ صَحِيحٌ أَنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ، حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ. ثُمَّ يُخَيَّرَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الرَّفِيقُ الْأَعْلَى.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ بِشْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ،
__________
[ (14) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي، (83) باب مرض رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ، الحديث (4435) عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ غندر، عن شعبة، عن سعد، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ فتح الباري (8: 136) .

(7/208)


قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ:
أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عَائِشَةَ (زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ، زَادَ فِيهِ: قُلْتُ إِذًا لَا تَخْتَارُنَا. وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، وأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ [ (15) ] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو طَاهِرٍ] [ (16) ] الْفَقِيهُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابن الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْنَدٌ إِلَى صَدْرِهَا يَقُولُ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ.
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
[ (17) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَاكِهِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عبد الله بن
__________
[ (15) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق، الحديث (4437) .
[ (16) ] سقطت من (ف) .
[ (17) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي (83) باب مرض رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ، الحديث (4440) ، فتح الباري (8: 138) .

(7/209)


: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي حِجْرِي، فَجَعَلْتُ أَمْسَحُ وَجْهَهُ وَأَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ، فَقَالَ: «لَا:.. بَلْ أَسْأَلُ اللهَ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى الْأَسْعَدَ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ [ (18) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَكِ شَكْوَى إِلَّا سَأَلَ اللهَ الْعَافِيَةَ. حَتَّى كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْعُو بِالشِّفَاءِ، وَيَقُولُ: «يَا نَفْسُ مَا لَكِ تَلُوذِينَ كُلَّ مَلَاذٍ» ، قَالَ: وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي مَرَضِهِ وَيَقُولُ إِنَّ رَبَّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللهِ، وَيَقُولُ: إِنْ شِئْتَ شَفَيْتُكَ وَكَفَيْتُكُ، وَإِنْ شِئْتَ تَوَفَّيْتُكَ وَغَفَرْتُ لَكَ. قَالَ: ذَلِكَ إِلَى رَبِّي يَصْنَعُ بِي مَا يَشَاءُ وَكَانَ لَمَّا نُزِلَ بِهِ، دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ، وَيَقُولُ اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى كُرَبِ الْمَوْتِ.
ادْنُ مِنِّي يَا جِبْرِيلُ ادْنُ مِنِّي يَا جِبْرِيلُ ادْنُ مِنِّي يَا جِبْرِيلُ.
هَذَا إِسْنَادٌ مُنْقَطِعٌ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَحْمَسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ اللَّخْمِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ، هَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ، وَتَفْضِيلًا لَكَ وخاصة لك.
__________
[ (18) ] أخرجه النسائي في الوفاة في السنن الكبرى وفي اليوم والليلة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بن ميمون، عن الفريابي، عن سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي بردة، تحفة الأشراف (12:
340) ، ونقله ابن كثير في «البداية» (5: 240) .

(7/210)


يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ: يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّانِي، هَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا» ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، هَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ مَعَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَمَعَهُمَا مَلَكٌ فِي الْهَوَاءِ يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ، كُلُّ مَلَكٍ مِنْهُمْ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ. قَالَ: فَسَبَقَهُمْ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ [ (19) ] . إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ، وَتَفْضِيلًا لَكَ، وَخَاصَّةً لَكَ، يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ. يَقُولُ: كَيْفَ نجدك؟ قَالَ: «أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا» ، قَالَ: وَاسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: يَا أَحْمَدُ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ عَلَى آدَمِيٍّ قَبْلَكَ، وَلَا يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمِيٍّ بَعْدَكَ، فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ يَا جِبْرِيلُ» ، فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَحْمَدُ، إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ، فِيمَا أَمَرْتَنِي، إِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْبِضَ نَفْسَكَ، قَبَضْتُهَا، وَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَتْرُكَهَا، تَرَكْتُهَا، قَالَ: وَتَفْعَلُ ذَلِكَ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ! قَالَ: نَعَمْ! بِذَلِكَ أُمِرْتُ. قَالَ جِبْرِيلُ: يَا أَحْمَدُ إِنَّ اللهَ قد اشتقاك إِلَى لِقَائِكَ. قَالَ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، امْضِ لَمَّا أُمِرْتَ بِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُمْ آتٍ، يَسْمَعُونَ حِسَّهُ، وَلَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ، فَقَالَ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، لِأَهْلَ الْبَيْتِ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، إِنَّ فِي اللهِ خَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَعَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاللهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فا أرجو فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ، حُرِمَ المصاب الثَّوَابَ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ إِنَّ الله قد اشتقاك إِلَى لِقَائِكَ، إِنْ صَحَّ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ قَدْ أَرَادَ فِي قُرْبَتِكَ وَكَرَامَتِكَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، مُحَمَّدُ بن يعقوب، حدثنا
__________
[ (19) ] في (ف) : «يا مُحَمَّدٍ» .

(7/211)


أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لِفَاطِمَةَ: يَا بُنَيَّةُ، وَاللهِ لَقَدْ حَضَرَ أَبَاكِ مَا لَيْسَ اللهُ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، لِمُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمُفَسِّرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا قَالَتْ:
فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: وا كرباه. قَالَ لَهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكِ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا لِمُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
[ (20) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يونس بن حبيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ. قَالَ: ثَابِتٌ: وَقَالَتْ فَاطِمَةُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فِي الْمَوْتِ، أَوْ قَالَتْ وَهُوَ ثَقِيلٌ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جِنَانُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ
[ (21) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْجَلَّابُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لَمَّا ثَقُلَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ يَعْنِي الْكَرْبَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وا كرب أَبَتَاهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَلَمَّا مَاتَ بَكَتْ فَاطِمَةُ. فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ أَنْعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ.
__________
[ (20) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (3: 141) .
[ (21) ] أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (3: 64، 80) .

(7/212)


قَالَ أَنَسٌ: فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ أطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ؟
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ
[ (22) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فَلَمَّا خَرَجَتْ نَفْسُهُ لَمْ أَجِدْ رِيحًا قَطُّ، أَطْيَبَ مِنْهَا [ (23) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عن بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا فَمِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِي، وَحَدَاثَةِ سِنِّي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فِي حِجْرِي، فَأَخَذْتُ وِسَادَةً، فَوَسَّدْتُهَا رَأْسَهُ، وَوَضَعْتُهُ مِنْ حِجْرِي، ثُمَّ قُمْتُ مَعَ النِّسَاءِ أَبْكِي وألدم [ (24) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حدثنا
__________
[ (22) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي، (83) باب مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ووفاته، وابن سعد في الطبقات (2: 311) .
[ (23) ] أخرجه الامام أحمد في «مسنده» ونقله ابن كثير في «البداية» (5: 241) ، وقال: «إسناده صحيح على شرط الصحيحين، ولم يخرجه احد من اصحاب الكتب الستة» .
[ (24) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ونقله ابن كثير في «البداية» (5: 240) .

(7/213)


مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ [ (25) ] ، أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بحجري أَلْقَى إِلَيَّ الْكَلِمَةَ، تَقَرُّ بِهَا عَيْنِي، فَمَرَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَعَصَبْتُ رَأْسِي، وَنِمْتُ عَلَى فِرَاشِي فَمَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مالك يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ: أَشْتَكِي رَأْسِي، فَقَالَ: بَلْ أَنَا وا رأساه أَنَا الَّذِي أَشْتَكِي رَأْسِي، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّهُ مَقْبُوضٌ، فَلَبِثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِيءَ بِهِ يُحْمَلُ فِي كِسَاءٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، فَأُدْخِلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَرْسِلِي إِلَى النِّسْوَةِ، فَلَمَّا جِئْنَ، قَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَخْتَلِفَ بَيْنَكُنَّ فَائْذَنَّ لِي فَأَكُونَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، قُلْنَ: نَعَمْ. فَرَأَيْتُهُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ، وَيَعْرَقُ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَقَالَ أَقْعِدِينِي، فَأَسْنَدْتُهُ إِلَيَّ،
وَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ، فَقَلَبَ رَأْسَهُ، فَرَفَعْتُ يَدِي عَنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْ رَأْسِي فَوَقَعَتْ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ عَلَى تُرْقُوَتِي أَوْ صَدْرِي، ثُمَّ مَالَ فَسَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ، فَسَجَّيْتُهُ بِثَوْبٍ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَعَرَفْتُ الْمَوْتَ بِغَيْرِهِ، فَجَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ وَمَعَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، وَمَدَدْتُ الْحِجَابَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَائِشَةُ. مَا لِنَبِيِّ اللهِ؟ قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ مُنْذُ سَاعَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وجهه، فقال:
وا غماه، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْغَمُّ، ثُمَّ غَطَّاهُ، وَلَمْ يَتَكَلَّمِ الْمُغِيرَةُ. فَلَمَّا بَلَغَ عَتَبَةَ الْبَابِ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عُمَرُ، فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ، مَا مَاتَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَأْمُرَ بِقِتَالِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ أَنْتَ تَحُوشُكَ فِتْنَةٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم يَا عَائِشَةُ، قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ مُنْذُ سَاعَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ على صدغيه، ثم
__________
[ (25) ] يزيد بن بابنوس ذكره الدولابي فقال: هو من الشيعة الذين قاتلوا عليا، وقال أبو داود: «كان شيعيا» الميزان (4: 420) ما حدّث عنه سوى أبي عمران الجوني.

(7/214)


قال: وا نبياه! وا صفياه! وا خليلاه! صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ. إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [ (26) ] .
وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [ (27) ] .
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [ (28) ] .
ثُمَّ غَطَّاهُ، وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ إِلَى قَوْلِهِ ... ذَائِقَةُ الْمَوْتَ.، فَقَالَ عُمَرُ: أَفِي كِتَابِ اللهِ هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ:
نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَبَايِعُوهُ، فَحِينَئِذٍ، بَايَعُوهُ [ (29) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ،، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ ب ن ابراهيم، هو بْنِ مِلْحَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحي بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ، حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولُ اللهِ، وَاللهِ لَا يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، أَمَا الْمَوْتَةُ الَّتِي كتبت عليك فقدمتّها، قَالَ:
وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خرج، وعمر يكلم
__________
[ (26) ] الآية الكريمة (30) من سورة الزمر.
[ (27) ] الآية الكريمة (34) من سورة الأنبياء.
[ (28) ] الآية الكريمة (185) من سورة آل عمران.
[ (29) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ونقله ابن كثير في «البداية» (5: 241) .

(7/215)


النَّاسَ- فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللهَ، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ ماتَ، أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [ (30) ] فَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لم يعلمون أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ، حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلَّا يَتْلُوهَا. قَالَ: وحَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا، فَعَرَفْتُ، أَوْ قَالَ: فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، وَعَرَفْتُ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ [ (31) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، مِنِ الْغَدِ حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قُلْتُ لكم أمس: مقالة، وإنهما لَمْ تَكُنْ كَمَا قُلْتُ: وَإِنِّي وَاللهِ مَا وَجَدْتُ الْمَقَالَةَ، الَّتِي قُلْتُ لَكُمْ، فِي كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللهُ، وَلَا فِي عَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيَّ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم،
__________
[ (30) ] الآية الكريمة (144) من سورة آل عمران.
[ (31) ] فتح الباري (8: 145) في: 64- كتاب المغازي (83) باب مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ووفاته. الحديث (4454) .

(7/216)


وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو، أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَدْبُرَنَا، يُرِيدُ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَنَا. فَاخْتَارَ اللهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي عِنْدَهُ، عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَهُ، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا بِمَا هَدَى اللهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ [ (32) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُلَاثَةَ، مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ،، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ فِي ذِكْرِ وَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، قَالَ: وَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيُوعِدُ مَنْ قَالَ: قَدْ مَاتَ بِالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، ويَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَشْيَتِهِ لَوْ قَدْ قَامَ، قَطَعَ وَقَتَلَ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسِ بْنِ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَائِمٌ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ يَقْرَأُ وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ... إِلَى قَوْلِهِ.. وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَالنَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ ملؤه، وَيَبْكُونَ، وَيَمُوجُونَ لَا يَسْمَعُونَ، فَخَرَجَ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ: هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفَاتِهِ فَلْيَحْدُنَا قَالُوا: لَا. قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ يَا عُمَرُ مِنْ عِلْمٍ؟
قَالَ: لَا. قَالَ الْعَبَّاسُ: أَشْهَدُ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيْهِ فِي وَفَاتِهِ، وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَقَدْ ذَاقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَوْتَ.
قَالَ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ السُّنْحِ [ (33) ] عَلَى دَابَّتِهِ حَتَّى نَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَقْبَلَ مَكْرُوبًا حَزِينًا فَاسْتَأْذَنَ فِي بَيْتِ ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قد تُوُفِّيَ عَلَى الْفِرَاشِ وَالنِّسْوَةُ حَوْلَهُ، فَخَمَّرْنَ وُجُوهَهُنَّ، وَاسْتَتَرْنَ من أبي
__________
[ (32) ] فتح الباري (13: 245) في كتاب الاعتصام بالسنة.
[ (33) ] (السنح) مكان بيت أبي بكر الصديق.

(7/217)


بَكْرٍ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَائِشَةَ. فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَنَا عَلَيْهِ، يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي، وَيَقُولُ: لَيْسَ مَا يَقُولُ ابْنُ الْخَطَّابِ شَيْءٌ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا، وَمَا أَطْيَبَكَ مَيِّتًا، ثُمَّ غَشَّاهُ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ خَرَجَ سَرِيعًا إِلَى الْمَسْجِدِ، يَتَوَطَّأُ رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى آتَى الْمِنْبَرَ، وَجَلَسَ عُمَرُ حَتَّى رَأَى أَبَا بَكْرٍ مُقْبِلًا إِلَيْهِ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ نَادَى النَّاسَ، فَجَلَسُوا وَأَنْصَتُوا فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، بِمَا عَلَّمَهُ مِنَ التَّشَهُّدِ، وَقَالَ:
إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَعَى نَبِيَّكُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَنَعَاكُمْ إِلَى أَنْفُسِكُمْ، فَهُوَ الْمَوْتُ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إِلَى قَوْلِهِ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ فَقَالَ عُمَرُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقُرْآنِ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَقَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَقَالَ: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ، وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وَقَالَ: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّرَ مُحَمَّدًا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَبْقَاهُ، حَتَّى أَقَامَ دِينَ اللهِ، وَأَظْهَرَ أَمْرَ اللهِ، وَبَلَّغَ رِسَالَةَ اللهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللهَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ تَرَكَكُمْ عَلَى الطَّرِيقَةِ. فَلَنْ يَهْلِكَ هَالِكٌ إِلَّا مِنْ بَعْدِ الْبَيِّنَةِ وَالشِّفَاءِ فَمَنْ كَانَ اللهُ رَبَّهُ، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا وَيُنَزِّلُهُ إِلَهًا، فَقَدْ هَلَكَ إِلَهُهُ، وَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَاعْتَصِمُوا بِدِينِكُمْ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ قَائِمٌ، وَإِنَّ كَلِمَةَ اللهِ تَامَّةٌ، وَإِنَّ اللهَ نَاصِرُ مَنْ نَصَرَهُ وَمُعِزُّ دِينَهُ، وَإِنَّ كِتَابُ اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ- بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَهُوَ النُّورُ وَالشِّفَاءُ، وَبِهِ هَدَى اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَفِيهِ حَلَالُ اللهِ وَحَرَامُهُ، وَاللهِ لَا نُبَالِي مَنْ أَجْلَبَ عَلَيْنَا مِنْ خَلْقِ اللهِ، إِنَّ سُيُوفَ اللهِ لَمَسْلُولَةٌ، مَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ وَلَنُجَاهِدَنَّ مَنْ خَالَفَنَا كَمَا جَاهَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَلَا يُبْقِيَنَّ أَحَدٌ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(7/218)


وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِنْ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَدَفْنِهِ.
وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [ (34) ] . فو الله إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّهُ سَيَبْقَى فِي أُمَّتِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهَا بِآخِرِ أَعْمَالِهَا، وَأَنَّهُ لَلَّذِي حَمَلَنِي عَلَى أَنْ قُلْتُ مَا قُلْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، هُوَ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ذَكَرَ لَهُ مَا حَمَلَهُ عَلَى مَقَالَتِهِ، الَّتِي قَالَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ هَذَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، عَنْ شُيُوخِهِ، قَالُوا: أَوْ لَمَّا شُكَّ فِي مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَعْضُهُمْ، قَدْ مَاتَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَمُتْ، فَوَضَعَتْ أَسْمَاءُ، بِنْتُ عُمَيْسٍ يَدَهَا بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: قَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ رُفِعَ الْخَاتَمُ مِنْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَكَانَ هَذَا الَّذِي عُرِفَ بِهِ مَوْتُهُ [ (35) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ،، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: وَضَعْتُ يَدِي عَلَى صَدْرِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ، فَمَرَّ بِي جُمَعٌ آكُلُ، وَأَتَوَضَّأُ، مَا تَذْهَبُ رِيحُ المسك من يدي.
__________
[ (34) ] الآية الكريمة (143) من سورة البقرة.
[ (35) ] قال ابن كثير: «ضعيف» البداية (5: 244) .

(7/219)


أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَبِي عَمْرٍو، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يونس عن الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ، عَنْ طَلْحَةَ مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَمِيصُ الْبَطْنِ.

(7/220)


بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ، فِي أَمْرِ أُمَّتِهِ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ، بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عروة، عن أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، فَقَالَ: رَاغِبٌ، وَرَاهِبٌ [ (1) ] .
قَالُوا: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وميتا! لوددت أنّ خطّتي مِنْكُمُ الْكَفَافَ. لَا عَلَيَّ وَلَا لِي. إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي [ (2) ] ،
__________
[ (1) ] (راغب وراهب) أي راج وخائف. ومعناه: الناس صنفان أحدهما يرجو والثاني يخاف. أي راغب في حصول شيء مما عندي أو راهب مني. وقيل: راغب في الخلافة فلا أحب تقديمه لرغبته وراهب لها فأخشى عجزه عنها.
[ (2) ] (فإن أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي) حاصله ان المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت، وقبل ذلك، يجوز له الاستخلاف ويجوز له، فإن تركه فقد افتدى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم في هذا. وإلا فقد اقتدى بأبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد والإنسان، إذا لم يستخلف الخليفة. وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة، كما فعل عمر بالستة. وفي هذا الحديث دليل عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ ينص على خليفة. وهو إجماع أهل السنة وغيرهم. قال القاضي: وخالف في ذلك بكر، ابن أخت عبد الواحد، فزعم انه نص على أبي بكر. وقال ابن الراوندي: نص على العباس.
وقالت الشيعة والرافضة، على علي، وهذه دعاوى باطلة، وجسارة على الافتراء ووقاحة في مكابرة الحس. وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم اجمعوا على اختيار ابي بكر، وعلى تنفيذ عهده الى

(7/221)


يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ، فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي. رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مُسْتَخْلِفٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمر، قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ، وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مسالم عن ابن عمر [ (4) ] .
__________
[ () ] عمر، وعلى تنفيذ عهد عمر بالشورى. ولم يخالف في شيء من هذا أحد. ولم يدّع عليّ ولا العباس ولا أبو بكر وصية في وقت من الأوقات. وقد اتفق عليّ والعباس على جميع هذا من غير ضرورة مانعة، من ذكر وصية لو كانت فمن زعم انه كان لأحد منهم وصية فقد نسب الامة الى اجتماعها على الخطأ واستمرارها عليه. وكيف يحل لأحد من اهل القبلة ان ينسب الصحابة الى المواطأة على الباطل في كل هذه الأحوال. ولو كان شيء لنقل. فإنه من الأمور المهمة.
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 93- كتاب الأحكام، 51- باب الاستخلاف، فتح الباري (13: 205) .
وأخرجه مسلم في: 33- كتاب الإمارة (2) باب الاستخلاف وتركه، الحديث (11) ، ص (1454) .
[ (4) ] أخرجه الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ في الموضع السابق، فتح الباري (13: 205- 206) ، وأخرجه مسلم عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: دخلت على حفصة فقالت: أعلمت أن أباك غير مستخلف؟ قال قلت: ما كان ليفعل. قالت: إنه فاعل. قال: فحلفت أني أكلمه في ذلك. فسكت حتى غدوت. ولم أكلمه. قال: فكنت كأنما احمل بيميني جبلا.
حتى رجعت فدخلت عليه. فسألني عن حال الناس. وانا أخبره. قال: ثم قلت له: إني سمعت الناس يقولون مقالة. فآليت أن أقولها لك: زعموا انك غير مستخلف. وإنه لو كان لك راعي إبل او راعي غنم ثم جاءك وتركها رأيت ان قد ضيع. فرعاية الناس أشد. قال: فوافقه قولي. فوضع رأسه

(7/222)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ بِهَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأسود بن قسيس، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجَمَلِ، قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ. إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي هَذِهِ الْإِمَارَةِ شَيْئًا، حَتَّى رَأَيْنَا مِنَ الرَّأْيِ أَنْ نَسْتَخْلِفَ أَبَا بَكْرٍ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَأَى مِنَ الرَّأْيِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ، فَأَقَامَ، وَاسْتَقَامَ، حَتَّى ضَرَبَ الدِّينَ بِجِرَانِهِ، ثُمْ إِنَّ أَقْوَامًا طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْيَا، فَكَانَتْ أمور يفضي اللهُ فِيهَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي بِمَرْوَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فَأَسْتَخْلِفَ وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللهُ بِالنَّاسِ خَيْرًا، فَسَيَجْمَعُهُمْ بَعْدِي عَلَى خَيْرِهِمْ، كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ.
قُلْتُ: شَاهِدُهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، فِي الْفَوَائِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خَلِيٍّ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
__________
[ () ] ساعة ثم رفعه الي. فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وجل يحفظ دينه. وإني لئن لا استخلف فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يستخلف. وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف..
قال: فو الله! مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بكر. فعلمت انه لم يكن ليعدل بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أحدا وانه غير مستخلف.
الحديث (12) ، من كتاب الإمارة ص (1455) .

(7/223)


الْأَنْصَارِيُّ. وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ. كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارِئًا قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ: أَنْتَ وَاللهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ: عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّي وَاللهِ لَأَرَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَوْفَ يَتَوَفَّاهُ اللهُ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا إِنِّي أَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ.
فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا، كَلَّمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عنه إِنَّا وَاللهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَنَاهَا، لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَبَدًا. وَإِنِّي، وَاللهِ، لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ [ (5) ] .
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن كعب ابن مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ يَوْمَ تَبَطَّنَ فِيهِ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ فِي الْعَصَا وَزَادَ فِي آخِرِهِ.. فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ
[ (6) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن منصور
__________
[ (5) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي، (83) باب مرض النبي ووفاته، الحديث (4447) فتح الباري (8: 142) .
[ (6) ] سيرة ابن هشام (4: 262) .

(7/224)


الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ مِنْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَقِيَهُمَا رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ بَارِئًا. قَالَ، فَقَالَ: الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ أَنْتَ بَعْدَ ثَلَاثٍ. عَبْدُ الْعَصَا. قَالَ: ثُمَّ خَلَا بِهِ. فَقَالَ: إِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَنِّي خَائِفٌ أَنْ لَا يَقُومَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم مِنْ وَجَعِهِ هَذَا. فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْنَا عَلِمْنَاهُ، وَإِنْ لَا يَكُنْ إِلَيْنَا، أَمَرْنَاهُ أَنْ يَسْتَوصِيَ بِنَا. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْنَاهُ فَسَأَلْنَاهُ فَلَمْ يُعْطِنَاهَا؟ أَتَرَى النَّاسَ يُعْطُونَاهَا؟ وَاللهِ لَا أَسْأَلُهَا إِيَّاهُ أَبَدًا.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فَكَانَ مَعْمَرٌ يَقُولُ لَنَا: أَيُّهُمَا كَانَ أَصَوْبَ عِنْدَكُمْ رَأَيَا؟
فَنَقُولُ: الْعَبَّاسُ. فَيَأْبَى، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَهُ عَنْهَا، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَمَنَعَهُ النَّاسُ كَانُوا قَدْ كَفَرُوا.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَهُ عَنْهَا كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السُّنِّيُّ بِمَرْوَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، هُوَ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، حِينَ مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي أَكَادُ أَعْرِفُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوْتَ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ، نَسْأَلْهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُ، فَإِنْ يَسْتَخْلِفْ مِنَّا فَذَاكَ، وَإِلَّا أَوْصَى بِنَا. قَالَ:
فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْعَبَّاسِ كَلِمَةً فِيهَا جَفَاءٌ. فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ:
ابْسُطْ يَدَكَ فَلْنُبَايِعْكَ. قَالَ: فَقَبَضَ يَدَهُ، فَقَالَ عَامِرٌ: لَوْ أَنَّ عَلِيًّا أَطَاعَ الْعَبَّاسَ فِي أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ، كَانَ خَيْرًا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ.

(7/225)


قَالَ عَامِرٌ: لَوْ أَنَّ الْعَبَّاسَ شَهِدَ بَدْرًا مَا فَضَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَأْيًا، وَلَا عَقْلًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ، عن بْنُ عَوْنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ. فَقَالَتْ بِمَا أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ دَعَا بِطَسْتٍ لِيَبُولَ فِيهَا، وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي- فَانْخَنَسَ، أَوْ قَالَ:
فَانْخَنَثَ. فَمَاتَ، وَمَا شَعَرْتُ- فِيمَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ- أَنْ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ أَزْهَرَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ [ (7) ] ، وَإِبْرَاهِيمُ هَذَا، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ابن شَرِيكٍ التَّيْمِيُّ.
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُهُ أَكَانَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى: فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:
ادْعُوا لِي عَلِيًّا، فَقَالَتْ عائشة ألا ندعوا لَكَ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: ادْعُوهُ قالت حفصة ألا ندعوا عُمَرَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ادْعُوهُ. قَالَتْ أُمُّ الفضل: ألا ندعوا الْعَبَّاسَ عَمَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ادْعُوهُ. فَلَمَّا حَضَرُوا رَفَعَ رَأْسَهُ، فَلَمْ
__________
[ (7) ] أخرجه البخاري في كتاب الوصايا (4: 3) ط. بولاق، ومثله في باب مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ووفاته (6:
18) ط بولاق وأخرجه مسلم في: 25- كتاب الوصية (5) باب، حديث (19) ، ص (1257) ، والإمام أحمد في «مسنده» (6: 32) .
(انخنث) اي: مال.

(7/226)


يَتَكَلَّمْ، فَقَالَ عُمَرُ: قُومُوا بِنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتْ، لَهُ إِلَيْنَا حَاجَةٌ ذَكَرَهَا، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: لِيُصَلِّ بِالنَّاسَ أَبُو بَكْرٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: فَمَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُوصِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ الإسفرائنيّ بِهَا، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا. قُلْتُ:
فَلِمَا أَمَرَنَا بِالْوَصِيَّةِ. قَالَ: أُوصِي بِكِتَابِ اللهِ. قَالَ طَلْحَةُ وَقَالَ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ: أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عن الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِ، عَنْ مَالِكٍ [ (8) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَأُهُ، لَيْسَ كِتَابَ اللهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ مُعَلَّقَةٌ فِي سَيْفِهِ، فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، فَقَدْ كَذَبَ.
وَفِيهَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عِيرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فيها
__________
[ (8) ] أخرجه البخاري في: 55- كتاب الوصايا (1) باب الوصايا، وَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: وصية الرجل مكتوبة عنده وأخرجه مسلم في: 25- كتاب الوصية، (5) باب ترك الوصية لمن ليس له شيء.
يوصي فيه.
وأخرجه ابن ماجة في: 22- كتاب الوصايا (1) باب هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، الحديث (2696) ، ص (2: 900) .

(7/227)


يَعْنِي حَدَثًا، أَوْ أَوَى مُحْدِثًا. فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا. وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ والناس أجمعين، لا يقبل اللهُ مِنْهُ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ
[ (9) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا تَمْتَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَأْمُرُ بِالْأَمْرِ، فَيُقَالُ قَدْ فَعَلْنَا كَذَا، وَكَذَا، فَيَقُولُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَشَيْءٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ، إِلَّا شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فِي صَحِيفَةٍ، فِي قِرَابِ سَيْفِي قَالَ: فلما نَزَلْ بِهِ حَتَّى أَخْرَجَ الصَّحِيفَةَ، فَإِذَا فِيهَا، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ أَوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ. وَإِذَا فِيهَا إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ. وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ المدينة ما بين حرّيتها وحماها. لا يختلا خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقْطَتُهَا، إِلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا. يَعْنِي مُنْشِدًا، وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرًا وَلَا يُحْمَلُ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ، وَإِذَا فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ يُكَافَأُ، دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ. أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عهده
[ (10) ] .
__________
[ (9) ] أخرجه البخاري في 58- باب ذمة المسلمين (4: 122) ط. بولاق، وفي باب اثم من عاهد ثم غدر (4: 124) ط. بولاق، وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (1: 81) ، وأبو داود في المناسك (2: 216) .
[ (10) ] أخرجه أبو داود في المناسك، الحديث (2035) (2: 216- 217) وأبو حسان الأعرج تابعي ثقة.

(7/228)


وَأَمَّا
الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَحْيَى بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يَا عَلِيُّ أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْهَا؟ فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا حَفِظْتَ وَصِيَّتِي يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ.
الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالزَّكَاةُ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الرَّغَائِبِ وَالْآدَابِ،
وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدْ شَرَطْتُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَلَّا أُخَرِّجَ فِي هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثًا أَعْلَمُهُ مَوْضُوعًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى ابن مَعِينٍ يَقُولُ: حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ [ (11) ] مِمَّنْ يَكْذِبُ. وَيَضَعُ الْحَدِيثَ، وَفِيمَا قَرَأْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحَافِظِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْمَدْخَلِ، حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ يَرْوِي عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الثقات. أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً. وَهُوَ سَاقِطٌ بِمَرَّةٍ قُلْتُ وَلِحَمَّادِ بْنِ عُمَرَ قِصَّةٌ أُخْرَى بِإِسْنَادٍ آخَرَ مُسْنَدٍ مُرْسَلٍ. أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ، بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ قَالَ: هَذَا مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ
__________
[ (11) ] حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ: يضع الحديث وضعا على الثقات «التاريخ الكبير» (3: 28) ، «الضعفاء الكبير للعقيلي» (1: 308) ، «المجروحين» (1: 252) ، الميزان (1: 598) .

(7/229)


سُورَةُ النَّصْرِ. فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الْفِتْنَةِ، وَهُوَ أَيْضًا حَدِيثٌ، مُنْكَرٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ.
وَفِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كِفَايَةٌ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، بْنِ الْفَضْلِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حدنا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: لَمْ يُوصِ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ إلا بثلاث للرهابيين بجادّ مائة واسق عَنْ خَيْبَرَ، وَلِلدَّارِيِّينَ بِجَادِّ مائة وسق، وللشانيئين بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ خَيْبَرَ وَلِلْأَشْعَرِيِّينَ بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ خَيْبَرَ، وَأَوْصَى بِتَنْفِيذِ بَعْثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ.

(7/230)


بَابُ ذِكْرِ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (1) ] عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فِي نَعْيِهِ نَفْسَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ. وَمَا أَوْصَاهُمْ بِهِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِالْمَرَّةِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعَقَبِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ الطَّوِيلُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ طَلِيقٍ، عَنْ مُرَّةَ بْنِ شراحيل، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعْنَا فِي بَيْتِ أُمِّنَا عَائِشَةَ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: قَدْ دَنَا الْفِرَاقُ. وَنَعَى إِلَيْنَا نَفْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ، حَيَّاكُمُ اللهُ، هَدَاكُمُ اللهُ، نَصَرَكُمُ اللهُ، نَفَعَكُمُ اللهُ، وَفَّقَكُمُ اللهُ، سَدَّدَكُمُ اللهُ، وَقَاكُمُ اللهُ، أَعَانَكُمُ اللهُ، قَبِلَكُمُ اللهُ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَأُوصِي اللهَ بِكُمْ، وَأَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ، إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللهِ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى:
ذِكْرُهُ: قَالَ: ذَكَرَهُ لِي وَلَكُمْ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً. وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [ (2) ] ، وَقَالَ: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [ (3) ] ، قُلْنَا: فَمَتَى أَجَلُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «قَدْ دنا الأجل
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) .
[ (2) ] الآية الكريمة (83) من سورة القصص.
[ (3) ] الآية الكريمة (68) من سورة العنكبوت.

(7/231)


وَالْمُنْقَلَبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَالْكَأْسِ الْأَوْفَى، وَالْفَرْشِ الْأَعْلَى، قُلْنَا فَمَنْ يُغَسِّلُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى مَعَ مَلَائِكَةٍ كَثِيرَةٍ يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ، قُلْنَا: فَفِيمَ نُكَفِّنُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: فِي ثِيَابِي هَذِهِ إِنْ شِئْتُمْ أَوْ فِي يَمِنَةٍ، أَوْ فِي بَيَاضِ مِصْرَ» ، قُلْنَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَبَكَى وَبَكَيْنَا، فَقَالَ: «مَهْلًا غَفَرَ اللهُ لَكُمْ، وَجَزَاكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ خَيْرًا، إِذَا غَسَّلْتُمُونِي، وَحَنَّطْتُمُونِي، وَكَفَّنْتُمُونِي فَضَعُونِي عَلَى شَفِيرِ قَبْرِي، ثُمَّ اخْرُجُوا عَنِّي سَاعَةً، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ، خَلِيلَايَ، وَجَلِيسَايَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ، مَعَ جُنُودٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَلْيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، ثُمَّ نِسَاؤُهُمْ، ثُمَّ ادْخُلُوهَا أَفْوَاجًا وَفُرَادَى، وَلَا تُؤْذُونِي بِبَاكِيَةٍ، وَلَا بِرَنَّةٍ، وَلَا بِصَيْحَةٍ وَمَنْ كَانَ غَائِبًا مِنْ أَصْحَابِي فَأَبْلِغُوهُ عَنِّي السَّلَامَ وَأُشْهِدُكُمْ بِأَنِّي قَدْ سَلَّمْتُ عَلَى مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَابَعَنِي على ديني هذا مند الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، قُلْنَا: فَمَنْ يُدْخِلُكَ قَبْرَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: «رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِي الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى، مَعَ مَلَائِكَةٍ كَثِيرَةٍ، يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ» [تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ سَلَّامٍ الطَّوِيلِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ سَلَّامٌ الطَّوِيلُ]
[ (4) ] .
__________
[ (4) ] ليست في (أ) .

(7/232)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوَقْتِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ [وَالسَّنَةِ] [ (1) ] الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي مُدَّةِ مَرَضِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، قَالَ: إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَمُوتَ فِيهِ، فَمَاتَ فِيهِ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ بِطُوسَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ:
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَنُبِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَفَتَحَ مَكَّةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وتوفي يوم الإثنين [ (3) ] .
__________
[ (1) ] سقطت من (ح) .
[ (2) ] فتح الباري (3: 252) .
[ (3) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 270) عن الإمام أحمد، وعن المصنف.
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (1: 277) .

(7/233)


وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، زَادَ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَنُبِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ قُلْتُ: وَقَدْ خُولِفَ فِي قَوْلِهِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَزَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، يَوْمَ عَرَفَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قال: حدثنا بن لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَا: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم الْوَجَعُ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ إِلَى عُمَرَ، وَأَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيٍّ، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم عَلَى صَدْرِ عَائِشَةَ، وَفِي يَوْمِهَا يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ. زَادَ إِبْرَاهِيمُ: حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ بِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرِضَ لِاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً مِنْ صَفَرٍ، وَبَدَأَهُ وَجَعُهُ عِنْدَ وَلِيدَةٍ لَهُ، يُقَالُ لَهَا رَيْحَانَةُ، كَانَتْ مِنْ سَبْيِ الْيَهُودِ، وَكَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مَرِضَ فِيهِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ، يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، لِتَمَامِ عَشْرِ سِنِينَ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ

(7/234)


الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ شَكْوَى شَدِيدَةً، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ نِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ، اشْتَكَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ [ (4) ] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْأَبْيَضِ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بُدِئَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ زَوْجَتِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ اشْتَكَى رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَانَ إِذَا وَجَدَ خِفَّةً صَلَّى، وَإِذَا ثَقُلَ، صَلَّى أَبُو بَكْرٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، الْيَوْمَ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، فَاسْتَكْمَلَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِجْرَتِهِ عشر سنين كوامل.
__________
[ (4) ] مغازي الواقدي (3: 1120) .

(7/235)


بَابُ مَا جَاءَ فِي مَبْلَغِ سِنِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم يَوْمَ تُوُفِّيَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْخَيْرِ جَامِعُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الْوَكِيلُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدْ أَبَاذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ فِيمَ قَرَأَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ، وَلَا بِالْأَدَمِ وَلَا بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلَا بِالسَّبْطِ، بَعَثَهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَتَوَفَّاهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى وَفِي رِوَايَةِ الْقَعْنَبِيِّ: وَلَيْسَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ، وَلَيْسَ بِالسَّبْطِ، وَالْبَاقِي مِثْلَهُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن يوسف، وغيره عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى [ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 61- كتاب المناقب (23) باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(7/236)


أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إِذْ بُعِثَ، قَالَ: كَانَ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: ثُمَّ كَانَ مَاذَا؟ قَالَ: كَانَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، فَتَمَّتْ لَهُ سِتُّونَ سَنَةً يَوْمَ قَبَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ، قَالَ: بِسِنِّ أَيِّ الرِّجَالِ هُوَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: كَأَشَبِّ الرِّجَالِ، وَأَحْسَنِهِ، وَأَجْمَلِهِ، وَأَلْحَمِهِ، قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! هَلْ غَزَوْتَ مَعَهُ؟ قَالَ: نعم! غزوت معه حنين.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَنْطَرِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ الطَّيَالِسِيُّ وَلَقُبُهُ زُنَيْجٌ، قَالَ:
حدثنا حكام بن سالم، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ، قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُبِضَ أبو بكر وهو بن
__________
[ () ] وأخرجه مسلم فِي: 43- كِتَابِ الْفَضَائِلِ (31) بَابُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ومبعثه وسنه، الحديث (113) ، ص (1824) .
ربعة: أي مربوعا، والتأنيث باعتبار النفس. أزهر اللون: ابيض مشربا بحمرة، والإشراب خلط لون بلون كأن احد اللونين سقى الآخر، يقال بياض مشرب بحمرة (بالتخفيف) فإذا شدّد كان للتكثير والمبالغة، وهو احسن الألوان. امهق: اي ليس بأبيض شديد البياض كلون الجص، وهو كريه المنظر، وربما توهمه الناظر أبرص. آدم: شديد السمرة، وإنما يخالط بياضه الحمرة، والعرب تطلق عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ كذلك أسمر. بجعد: جعد الشعر جعودة إذا كان فيه التواء وتقبض فهو جعد، وذلك خلاف المسترسل. قطط: القطط الشديد الجعودة، وفي التهذيب القطط شعر الزنجي. سبط: من السبوطة، ضد الجعودة، اي ولا مسترسل، فهو متوسط بين الجعودة والسبوطة. رجل: قال ابن الأثير «أي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد السبوطة، بل بينهما» . فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ ينزل عليه: الصحيح انه أَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سنة، ولكنه لم ينزل عليه إلا في العشر، ولا يخفى ان الوحي فتر في ابتدائه سنتين ونصفا، وانه قام ستة أشهر في ابتدائه يرى الرؤيا الصالحة، فهذه ثلاث سنين لم يوح إليه في بعضها أصلا.

(7/237)


ثلاث وستين، وقبض عمرو هو بن ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي غَسَّانَ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وهو بن ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، قَالَ بن شهاب:
وأخبرنا بن الْمُسَيِّبِ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ اللَّيْثِ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَطَرِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَوْحٍ [ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر محمد بن عمرو
__________
[ (2) ] أخرجه مسلم فِي: 43- كِتَابِ الْفَضَائِلِ (32) بَابُ كم سنّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض، الحديث (114) ، ص (4: 1825) .
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 61- كتاب المناقب، (19) باب وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم.
وأخرجه مسلم في الموضع السابق (4: 1825) .
[ (4) ] حديث ابن عباس أخرجه البخاري في: 63- كتاب مناقب الأنصار، (45) باب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وأصحابه الى المدينة.
وأخرجه مسلم فِي: 43- كِتَابِ الْفَضَائِلِ (33) بَابُ كم أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بمكة والمدينة، الحديث (117) ، ص (4: 1826) .

(7/238)


الرذاذ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْمُنَادِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِ وَسِتِّينَ سَنَةً.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ بِشْرِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ [ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطَّبَرَانِيُّ بِهَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، وأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مَطَرِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ [ (6) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وستين، وعمرو هو ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
__________
[ (5) ] أَخْرَجَهُ مسلم في الموضع السابق الحديث (118) ، ص (4: 1826) .
[ (6) ] أخرجه البخاري، في: 63- كتاب مناقب الأنصار (45) باب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وأصحابه الى المدينة، الحديث (3902) ، فتح الباري (7: 227) .

(7/239)


أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ [ (7) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ الْجَارُودِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ وَهُوَ ابْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: ابْنُ كَمْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا شَدِيدٌ عَلَى مِثْلِكَ أَنْ لَا يَعْلَمَ مِثْلَ هَذَا مِنْ قَوْمِهِ، تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ [ (8) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عماد ابن أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا يَحْسَبُ؟ قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا يَرَى الضَّوْءَ وَيَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَثَمَانِيًا يُوحَى إِلَيْهِ، وَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ، عَنْ حَمَّادٍ [ (9) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، قُلْتُ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ عَنْ هُشَيْمٍ، وَقِيلَ عَنْ هُشَيْمٍ: ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ،
__________
[ (7) ] أخرجه مسلم فِي: 43- كِتَابِ الْفَضَائِلِ، (33) بَابُ كم أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بمكة والمدينة الحديث (120) ، ص (4: 1827) .
[ (8) ] مسلم في الموضع السابق، الحديث (122) ، ص (4: 1827) .
[ (9) ] أخرجه مسلم في الموضع السابق، الحديث (123) ص (4: 1827) .

(7/240)


قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عبد الله، قال: حدثنا معاذ ابن هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عن دعقل بْنِ حَنْظَلَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم- قُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَهَذَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ عَمَّارٍ، وَمَنْ تَابَعَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ أَصَحُّ، فَهُمْ أَوْثَقُ وَأَكْثَرُ، وَرِوَايَتُهُمْ تُوَافِقُ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَنَسٍ، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) .

(7/241)


بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أبيه عباد، ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَاللهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثِيَابِهِ، كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا، أَمْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا، أَلْقَى الله عَزَّ وَجَلَّ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ، أَنِ اغْسِلُوا النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وَيُدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَهُ أَيْدِيهِمْ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي، مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ [ (1) ] .
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَشَاهِدُهُ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
__________
[ (1) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 59- 60) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» .
ونقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 275) وعزاه لابن سعد، ولأبي داود، والبيهقي.

(7/242)


أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَدَمِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُمْ بِمُنَادٍ مِنَ الدَّاخِلِ، لَا تُخْرِجُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ:
غَسَّلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه، وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصُهُ، وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ خِرْقَةٌ يُغَسِّلُهُ بِهَا، فَأَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ، وَغَسَّلَهُ، وَالْقَمِيصُ عَلَيْهِ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالَا:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: قُلْتُ مَنْ غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: غَسَّلَهُ عَلِيٌّ، وَأُسَامَةُ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: وَأَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ، وَهُوَ يُغَسِّلُهُ: بِأَبِي وَأُمِّي- طَيِّبًا حَيًّا وَمَيِّتًا
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: غَسَّلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ، فَلَمْ أر شيئا.
__________
[ (2) ] الخصائص الكبرى (2: 275) عن ابن ماجة، وعن البيهقي.
[ (3) ] نقله السيوطي في الخصائص (2: 275) عن ابن سعد، وعن المصنف.
[ (4) ] الخصائص الكبرى. الموضع السابق.

(7/243)


وَكَانَ طَيِّبًا حَيًّا وَمَيِّتًا صلى الله عليه وسلم، وولي دفنه، وإجنانه دون النَّاسِ أَرْبَعَةٌ عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَلُحِدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لَحْدًا، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا.
وَرَوَى أَبُو عُمَرَ بْنُ كَيْسَانَ [الْقَصَّارُ يَرْوِي عَنْ مَوْلَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ بِلَالٍ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَسْبَاطٌ. قَالَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ] [ (5) ] عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِنَّهُ لَا يرى لحد عَوْرَتِي إِلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ.
قَالَ عَلِيٌّ، فَكَانَ الْعَبَّاسُ، وَأُسَامَةُ يُنَاوِلَانِ الْمَاءَ وَرَاءَ السِّتْرِ. قَالَ عَلِيٌّ فَمَا تَنَاوَلْتُ عُضْوًا إِلَّا كَأَنَّمَا يُقَلِّبُهُ مَعِي ثَلَاثُونَ رَجُلًا حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ غُسْلِهِ [ (6) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عمر ابن كَيْسَانَ فَذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كَانَ الَّذِي غَسَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. قَالَ: فَمَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَرْفَعَ مِنْهُ عُضْوًا، لِنَغْسِلَهُ، إِلَّا رُفِعَ لَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى عَوْرَتِهِ، فَسَمِعْنَا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ صَوْتًا لَا تَكْشِفُوا عَنْ عَوْرَةِ نَبِيِّكُمْ [ (7) ] .
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنِ الْعَلْبَاءِ بْنِ أَحْمَرَ، قال:
__________
[ (5) ] ما بين الحاصرتين من (أ) فقط.
[ (6) ] طبقات ابن سعد (2: 277) ، ونقله السيوطي في الخصائص (2: 276) .
[ (7) ] نقله السيوطي في الخصائص (2: 276) عن المصنف.

(7/244)


كَانَ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يُغَسِّلَانِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَنُودِيَ عَلِيٌّ: ارْفَعْ طَرْفَكَ إِلَى السَّمَاءِ [ (8) ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جعفر عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَبَا جَعْفَرٍ، قَالَ: غُسِّلَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثَلَاثًا بِالسِّدْرِ، وَغُسِّلَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا الْغَرْثُ بِقُبَاءٍ، كَانَتْ لِسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْرَبُ مِنْهَا، وَوَلَّى سَفْلَتَهُ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ مُحْتُضِنُهُ، وَالْعَبَّاسُ يَصُبُّ الْمَاءَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَقُولُ:
أَرِحْنِي قُطِعَتْ وَتِينِي إِنِّي لَأَجِدُ شَيْئًا يَتَسَطَّلُ عَلَيَّ [ (9) ] .
__________
[ (8) ] نقله السيوطي في الموضع السابق وعزاه للمصنف.
[ (9) ] طبقات ابن سعد (2: 278) .

(7/245)


بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَنُوطِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ ابن يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٍ (ح) وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ هَاشِمُ بْنُ يَعْلَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَهُوَ خَالُهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ.
لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي أُوَيْسٍ [ (1) ] .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 23- كتاب الجنائز، (19) باب الثياب البيض للكفن.
وأخرجه مسلم في: 11- كتاب الجنائز (13) باب كفن الميت، الحديث (45) .
وأخرجه مالك في الموطأ في: 16- كتاب الجنائز (2) بَابُ مَا جَاءَ فِي كفن الميت الحديث (5) ص (1: 223) .
وأخرجه النسائي وابن ماجة في الجنائز والإمام أحمد في «مسنده» (6: 40، 93، 118، 123، 165، 231) .

(7/246)


الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، وَلَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ [ (2) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، هو بن غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ، يَمَانِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ، قَالَ فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ قَوْلَهُمْ: فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدٍ حِبَرَةٍ. فَقَالَتْ: قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ، وَلَكِنَّهُمْ رُدُّوهُ، وَلَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ [ (3) ] عَنْ حَفْصٍ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ، سُحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ.
فَأَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ حُلَّةٌ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الْحُلَّةَ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: لَأَحْبِسَنَّهَا لِنَفْسِي حَتَّى أُكَفَّنَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَفَّنَهُ فِيهَا، فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ [ (4) ] .
وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ،
__________
[ (2) ] راجع الحاشية السابقة.
[ (3) ] مسلم في: 11- كتاب الجنائز (13) باب كفن الميت.
[ (4) ] مسلم في الموضع السابق.

(7/247)


قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بُرْدَيْنِ حِبَرَةٍ كَانَا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بَكْرٍ، وَلُفَّ فِيهِمَا ثُمَّ نُزِعَا عَنْهُ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَدْ أَمْسَكَ تِلْكَ الْحُلَّةَ لِنَفْسِهِ، حَتَّى يُكَفَّنَ فِيهَا إِذَا مَاتَ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهَا: مَا كُنْتُ أُمْسِكُ لِنَفْسِي شَيْئًا مَنَعَ اللهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَبْدُ اللهِ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُلَّةَ كَانَتْ لِعَبْدِ اللهِ، وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُدْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بكر، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ [ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُدْرِجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ، ثُمَّ أُخِّرَ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَحْسَنَهُمْ طَاعَةً، وَأَحَبَّهُمْ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم، كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، أَحَدُهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ، وَأَنَّهُمْ لَحَدُوا لَهُ فِي الْقَبْرِ، ولم يشقوه.
__________
[ (5) ] السنن الكبرى (3: 399) .

(7/248)


قُلْتُ: وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيمَا رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ، بَيَانُ سَبَبِ الِاشْتِبَاهِ عَلَى النَّاسِ، وَأَنَّ الْحِبَرَةَ أُخِّرَتْ عَنْهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ، بُرُودٍ، يَمَنِيَّةٍ، غِلَاظٍ، إِزَارٍ، وَرِدَاءٍ، أَوْ لِفَافَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ الْعَبْدَوِيُّ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّوَاسِيُّ، عَنْ حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ هَارُونَ ابن سَعْدٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِسْكٌ، فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ، قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، هَذَا حَدِيثُ الدَّوْرَقِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِسْكٌ، فَذَكَرَهُ.

(7/249)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يونس عن بن بكير، عن بن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بن عبيد ابن عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُدْخِلَ الرِّجَالُ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِمَامٍ، أَرْسَالًا، حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ أَدْخَلُوا النِّسَاءَ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الْعَبِيدُ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ، أَرْسَالًا، لَمْ يَؤُمَّهُمْ عَلَى رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدٍ [ (1) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي ابْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَمَّا أُدْرِجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْفَانِهِ، وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، ثُمَّ وُضِعَ عَلَى شَفِيرِ حُجْرَتِهِ، ثُمَّ كَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ، رُفَقًا رُفَقًا، لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ. قَالَ:
الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: وَجَدْتُ صَحِيفَةً كِتَابًا بِخَطِّ أَبِي، فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعَ عَلَى سَرِيرِهِ، دَخَلَ أبو بكر وعمر،
__________
[ (1) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 271) .

(7/250)


وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قَدْرُ مَا يَسَعُ الْبَيْتُ، وَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، كَمَا سَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ صَفُّوا صُفُوفًا، لَا يَؤُمُّهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ: حِيَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، حَتَّى أَعَزَّ اللهُ [تَعَالَى] [ (2) ] دِينَهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتَهُ، وَأُومِنَ بِهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، فَاجْعَلْنَا إِلَهَنَا، مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وبينه، حتى يعرّفه بِنَا، وَتُعَرِّفَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً. لَا نَبْغِي بِالْإِيمَانِ بَدَلًا، وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا، فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ، آمِينَ فَيَخْرُجُونَ، وَيَدْخُلُ آخَرُونَ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ الرِّجَالُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الصبيان [ (3) ] .
__________
[ (2) ] الزيادة من (ح) .
[ (3) ] الخبر رواه الواقدي في نهاية كتابه (3: 1120) .

(7/251)


بَابُ مَا جَاءَ فِي حَفْرِ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفُرُوا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، يَضْرَحُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْمٍ يَلْحَدُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَدَعَا الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ، فَأَخَذَ بِأَعْنَاقِهِمَا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ أَنْتَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاذْهَبْ أَنْتَ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ، اللهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ أَيَّهُمَا جَاءَ حَفَرَ لَهُ، وَوَجَدَ صَاحِبُ أَبِي طَلْحَةَ أَبَا طَلْحَةَ، فَجَاءَ بِهِ، وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَبَا عُبَيْدَةَ. فَلُحِدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم. قُلْتُ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ بُنِيَ عَلَيْهِ، فِي لَحْدِهِ اللَّبِنُ، وَيُقَالُ هِيَ تِسْعُ لِبَنَاتٍ عددا [ (1) ] .
__________
[ (1) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 270- 271) .

(7/252)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دَفْنِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ التُّسْتَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: غَسَّلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَكَانَ طَيِّبًا حَيًّا وَمَيِّتًا، وَوَلِيَ دَفْنَهُ وَإِجْنَانَهُ دُونَ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْفَضْلُ وَصَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وَلُحِدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لحد، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا
[ (1) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، عَنِ الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم مَوْضُوعًا عَلَى سَرِيرِهِ، مِنْ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ إِلَى أَنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، يُصَلِّي النَّاسُ عَلَيْهِ، وَسَرِيرُهُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُقْبِرُوهُ، نَحَّوَا السَّرِيرَ، قِبَلَ رِجْلَيْهِ، فَأُدْخِلَ مِنْ هُنَاكَ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب، وقثم
__________
[ (1) ] تقدم الحديث في الأبواب السابقة، وهو في طبقات ابن سعد (2: 272) .

(7/253)


ابن الْعَبَّاسِ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَشُقْرَانُ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا زياد ابن خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
دَخَلَ قَبْرَ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَسَوَّى لَحْدَهُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ الَّذِي سَوَّى لُحُودَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ابن الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الَّذِينَ نَزَلُوا فِي قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أبي طالب، وَالْفَضْلُ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَقُثَمِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وشُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَقَدْ قَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ: يَا عَلِيُّ: أَنْشُدُكَ اللهَ، وَحَظَّنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ انْزِلْ، فَنَزَلَ مَعَ الْقَوْمِ، فَكَانُوا خَمْسَةً، وَقَدْ كَانَ شُقْرَانُ حِينَ وُضِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُفْرَتِهِ، أَخَذَ قَطِيفَةً، قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، وَيَفْتَرِشُهَا فَدَفَنَهَا مَعَهُ فِي الْقَبْرِ وَقَالَ وَاللهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ فَدُفِنَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ (3) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ، أُلْقِيَ فِي قَبْرِهِ، أَوْ قَالَ فِي لَحْدِهِ، قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ [ (4) ] .
__________
[ (2) ] مغازي الواقدي (3: 1120) .
[ (3) ] سيرة ابن هشام (4: 271) .
[ (4) ] مسلم في الجنائز، الحديث (91) ، وأحمد في «مسنده» (1: 228، 355) وغيرهما.

(7/254)


أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المحمدآبادي، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْحَبٍ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أَرْبَعَةً أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين ابن الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَكَّارٍ السُّلَمِيُّ مِنْ أَهْلِ بَيْرُوتَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، لِثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَنِصْفٍ، وَكَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَاسْتَخْفَى عَشْرَ سِنِينَ، وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ يُقَاتِلُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً وَنِصْفًا، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْفَنُ، يَدْخُلُ عَلَيْهِ النَّاسُ أَرْسَالًا أَرْسَالًا، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَطَهَّرَهُ ابْنُ عَمِّهِ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ يُنَاوِلُهُمُ الْمَاءَ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ رِيَاطٍ بِيضٍ، يَمَانِيَّةٍ، فَلَمَّا كُفِّنَ وَطُهِّرَ دَخَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، صَلَّوْا عَلَيْهِ، عُصَبًا، عُصَبًا تَدْخُلُ الْعُصْبَةُ تُصَلِّي وَتُسَلِّمُ، لَا يُصَفُّونَ وَلَا يُصَلِّي بين أيديهم، مصلّى، حَتَّى فُرَغَ مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ، ثُمَّ دُفِنَ فَأَنْزَلَهُ فِي الْقَبْرِ عَبَّاسٌ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَشْرِكُونَا فِي مَوْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ قَدْ أَشْرَكَنَا فِي حَيَاتِهِ، فَنَزَلَ مَعَهُمْ فِي الْقَبْرِ، وَوَلِيَ ذَلِكَ مَعَهُمْ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا فَرَغُوا مِنْ غَسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَتَكْفِينِهِ، وَضَعُوهُ حَيْثُ تُوُفِّيَ، وَصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ،

(7/255)


وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَكَانَتْ صَلَاةُ النَّاسِ، عَنْ غَيْرِ إِمَامٍ. بَدَأَ الْمُهَاجِرُونَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ الْمُهَاجِرُونَ، أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ، يَفْعَلُونَ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَلَبِثَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَتِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فِي الضُّحَى يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ الْغَدَ فِي الضُّحَى، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي الزُّهْرِيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ لِثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَدْخَلَنِي عَلَيْهَا قَالَ: حَتَّى تَسْمَعَهُ مِنْهَا، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَامِي فِي جَوْفِ لَيْلَةِ الأربعاء [ (5) ] .
__________
[ (5) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 271) .

(7/256)


بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ كَانَ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَدَّعِي، قَالَ: أَخَذْتُ خَاتَمِي فَأَلْقَيْتُهُ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقُلْتُ حِينَ خَرَجَ الْقَوْمُ: إِنَّ خَاتَمِي قَدْ سَقَطَ فِي الْقَبْرِ، وَإِنَّمَا تَرَكْتُهُ عَمْدًا، لِأَمَسَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَأَكُونَ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِهِ [ (1) ] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ مِقْسَمٍ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ مَوْلَاهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: اعْتَمَرْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فِي زَمَانِ عُمَرَ، [أَوْ زَمَانِ عُثْمَانَ] [ (2) ] فَنَزَلَ عَلِيٌّ عَلَى أُخْتِهِ أُمِّ هَانِئٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ رَجَعَ، فسكبت له غسل، فَاغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ، دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْحَسَنِ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرٍ نُحِبُّ أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ، قَالَ: أَظُنُّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ أَحْدَثَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ قَالُوا: أَجَلْ. عَنْ ذَلِكَ جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ، فَقَالَ: كَذَبَ، كَانَ أَحْدَثَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُثَمُ بن العباس
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 272) .
[ (2) ] ليست في (ف) .
[ (3) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 272) .

(7/257)


أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: أَلْقَى الْمُغِيرَةُ فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّمَا أَلْقَيْتَهُ لِنَقُولَ نَزَلْتَ فِي قَبْرِ النبي صلى الله عليه وسلم خَاتِمَهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فنزل فأعطاه أوامر رجلا فأعطاه
[ (4) ] .
__________
[ (4) ] مغازي الواقدي (3: 1121) .

(7/258)


بَابُ مَا جَاءَ فِي مَوْضِعِ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ ابن بُكَيْرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَقِيلَ لَهُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: نَعَمْ فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قيل ويصلي عليه! وكيف يصلي عَلَيْهِ؟ قَالَ: تَجِيئُونَ عُصَبًا، عُصَبًا، فَتُصَلُّونَ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ: قَالُوا: هَلْ يُدْفَنُ؟ وَأَيْنَ؟ فَقَالَ: حَيْثُ قَبَضَ اللهُ رُوحَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ. فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ [ (1) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَمِيرَوَيْهِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي أَمْرِهِ أَبَا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي مَوْتِهِ، ثُمَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ فِي دَفْنِهِ، بِمَعْنَى حَدِيثِ يونس بن بكير.
__________
[ (1) ] رواه ابن سعد (2: 275) ، نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 278) .

(7/259)


زَادَ: ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُغَسِّلُوهُ بَنُو أَبِيهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قال: حدثنا حسين ابن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفُرُوا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي مَضَى فِي حَفْرِ قَبْرِهِ. قَالَ: فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ جِهَازِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: فدفنه في سجدة، وَقَالَ قَائِلٌ: يُدْفَنُ مَعَ أَصْحَابِهِ،
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ، فَرُفِعَ فِرَاشُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي تُوُفِّيَ عَلَيْهِ، فَحُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ،
ثُمَّ دَعَا النَّاسَ، إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، أَرْسَالًا الرِّجَالُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ منه، أَدْخَلَ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنَ النِّسَاءِ، دَخَلَ الصِّبْيَانُ. وَلَمْ يَؤُمَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ. ثُمَّ دُفِنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم مِنْ أَوْسَطِ اللَّيْلِ، لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ [ (2) ] .
هَكَذَا وَجَدْتُهُ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.
وَكَذَلِكَ
رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ [ (3) ] ، حَدِيثَ الدَّفْنِ وَاخْتِلَافَهُمْ فِي مَوْضِعِهِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، أَوْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَدْفِنُهُ، مَعَ النَّاسِ، أَوْ فِي بُيُوتِهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا قَبَضَ اللهُ نَبِيًّا،
__________
[ (2) ] نقله السيوطي في الخصائص (2: 278) عن المصنف.
[ (3) ] سيرة ابن هشام (4: 271) .

(7/260)


إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ قُبِضَ. فَدُفِنَ حَيْثُ كَانَ فِرَاشُهُ، رُفِعَ الْفِرَاشَ، وَحُفِرَ لَهُ تَحْتَهُ [ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ رَوَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. فَقَدْ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ داود ابن الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا، كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ قَبْرِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: فِي الْبَقِيعِ، فَقَدْ كَانَ يُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ، وَقَالَ قَائِلٌ: عِنْدَ مِنْبَرِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: فِي مُصَلَّاهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا خَبَرًا وَعِلْمًا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
مَا قبض نبيّ إلّا قبض حَيْثُ تُوُفِّيَ.
وَهُوَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيُّ بِهَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد ابن بَالَوَيْهِ الْعَفْصِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ، قَالَ: حدثنا
__________
[ (4) ] نقله السيوطي (2: 278) عن ابن سعد، وعن البيهقي، وقال: له عدة طرق موصولة ومرسلة.

(7/261)


سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: عَرَضَتْ عَائِشَةُ عَلَى أَبِيهَا رؤيا، وكان أعير النَّاسِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ وَقَعْنَ فِي حِجْرِي، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ دُفِنَ فِي بَيْتِكِ، خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا عَائِشَةُ هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ [ (5) ] .
__________
[ (5) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 60) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» .

(7/262)


بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ
أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ (ح) .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن داسة، قال:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهُ، اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطَيَّةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الحمراء هـ.
قبر النبي صلى الله عليه وسلم قبر أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَبْرِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الرَّوذْبَارِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَدَّمًا، وَأَبَا بَكْرٍ رَأْسُهُ بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَعُمَرَ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلِ النَّبِيِّ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُبُورَهُمْ مُسَطَّحَةٌ لِأَنَّ الْحَصْبَاءَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى الْمُسَطَّحِ.

(7/263)


وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عياشى، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [ (1) ] ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَسْطُوحًا.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: رُشَّ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ رَشًّا، قَالَ:
وَكَانَ الَّذِي رَشَّ الْمَاءَ عَلَى قَبْرِهِ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ بِقِرْبَةٍ بَدَأَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِالْمَاءِ إِلَى الْجِدَارِ، لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَدُورَ مِنَ الْجِدَارِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حدثنا الْحَجَبِيُّ وسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ الْوَزَّانُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ.
وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزَ قَبْرَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَافَ وَخِيفَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عن موسى ابن إِسْمَاعِيلَ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 23- كتاب الجنائز (96) بَابُ مَا جَاءَ فِي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتح الباري (3:
255) .
[ (2) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق، الحديث (1390) ، فتح الباري (3: 255) من كتاب الجنائز.

(7/264)


بَابُ مَا جَاءَ فِي عِظَمِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَانْجَانَ الصَّرَّامُ بِهَمَذَانَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، أضار مِنْهَا كُلَّ شَيْءٍ، وَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ، ما رَفَعْنَا أَيْدِيَنَا عَنْ دَفْنِهِ، حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا [ (1) ] .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْكَرِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ، حَتَّى لَمْ يَنْظُرْ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ أَحَدُنَا يَبْسُطُ يَدَهُ، فَلَا يُبْصِرُهَا، فلما فَرَغْنَا مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ، قال: حدثنا حماد
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 278) وعزاه لابن سعد والحاكم والبيهقي.

(7/265)


ابن سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ الْيَوْمَ الَّذِي تُوُفِّيَ، فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَرَ يَوْمًا، كَانَ أَقْبَحَ مِنْهُ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ زَائِرًا، وَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ شَرَابًا، فَإِمَّا كَانَ صَائِمًا، وَإِمَّا كَانَ لَا يُرِيدُهُ، فَرَدَّهُ فَأَقْبَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: انْطَلِقَ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا، بَكَتْ، فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ. قَالَتْ: وَاللهِ مَا أَبْكِي، أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ، وَلَكِنْ أَبْكِي، أَنَّ الْوَحْيَ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ [ (3) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَتَّابٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي قِصَّةِ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وَخُطْبَةِ أَبِي بَكْرٍ فِيهَا، قَالَ: وَرَجَعَ النَّاسُ حِينَ فرع أَبُو بَكْرٍ مِنْ خُطْبَتِهِ، وَأُمُّ أَيْمَنَ قَاعِدَةٌ تَبْكِي، فَقِيلَ لَهَا: مَا يُبْكِيكِ يَا أُمَّ أَيْمَنَ؟ قَدْ أَكْرَمَ اللهُ (عَزَّ وَجَلَّ) نَبِيَّهُ صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ، وَأَرَاحَهُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ، كَانَ يَأْتِينَا غَضًّا جَدِيدًا، كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَقَدِ انْقَطَعَ وَرُفِعَ وَعَلَيْهِ أبكي
__________
[ (2) ] الخصائص الكبرى (2: 278) عن الحاكم والبيهقي.
[ (3) ] أخرجه مسلم فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، (18) من فضائل ام ايمن، الحديث (103) ، ص (4: 1907) .

(7/266)


فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ الْحُلَيْسِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قالت: نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ نَبْكِي، لَمْ نَنَمْ، وَرَسُولُ اللهِ فِي بُيُوتِنَا وَنَحْنُ نَسْكُنُ لِرُؤْيَتِهِ عَلَى السَّرِيرِ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ الْكَرَازِينَ فِي السَّحَرِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَصِحْنَا وَصَاحَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ صَيْحَةً وَاحِدَةً وَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالْفَجْرِ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ بَكَى، فَانْتَحَبَ، فَزَادَنَا حُزْنًا، وَعَالَجَ النَّاسَ الدُّخُولُ إِلَى قَبْرِهِ، فَغُلِّقَ دُونَهُمْ، فَيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ! مَا أُصِبْنَا بَعْدَهَا بِمُصِيبَةٍ إِلَّا هَانَتْ إِذَا ذَكَرْنَا مُصِيبَتَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: حدثنا يحيى ابن آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَافِعُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ الْمُزَنِيُّ، قَالَ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عن القاسم ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ دَخَلُوا عَلَى أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: بَلَى، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ، قَالَ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، تَكْرِيمًا لَكَ، وَتَشْرِيفًا لَكَ، وَخَاصَّةً لَكَ، أَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ. يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ:
«أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا» ، ثُمَّ جَاءَهُ الْيَوْمَ الثَّانِيَ، وَقَالَ لَهُ: ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَدَّ أَوَّلَ يَوْمٍ، ثُمَّ جَاءَهُ الْيَوْمَ

(7/267)


الثَّالِثَ فَقَالَ لَهُ: كَمَا قَالَ أَوَّلَ يَوْمٍ، وَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ. وَجَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ، يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ، كُلُّ مَلَكٍ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ، يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، مَا اسْتَأْذَنَ عَلَى آدَمِيٍّ قَبْلَكَ، وَلَا يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمِيٍّ بَعْدَكَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ائْذَنْ لَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، فَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْبِضَ رُوحَكَ قَبَضْتُهُ، وَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَتْرُكَهُ تَرَكْتُهُ، فقال: أو تفعل يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟
قَالَ: نَعَمْ! بِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأُمِرْتُ أَنْ أُطِيعَكَ. فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم إِلَى جِبْرِيلَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ اشْتَاقَ إِلَى لِقَائِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: «امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ» ، فَقَبَضَ رُوحَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، سَمِعُوا صَوْتًا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، إن في الله عزاء مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاللهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّمَا الْمُصَابُ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ هَذَا الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
لَقَدْ رُوِّينَا هَذَا فِي الْخَبَرِ الَّذِي قَبْلَهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللهَ اشْتَاقَ إِلَى لِقَائِكَ، أَيْ أَرَادَ رَدَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ إِلَى آخِرَتِكَ لِيَزِيدَ فِي كَرَامَتِكَ، وَنِعْمَتِكَ وَقُرْبَتِكَ [ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ ابن يَعْقُوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، سَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: إِنَّ فِي اللهِ عزاء من كل مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ، فَبِاللهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ.
وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جعفر البغدادي، قال:
__________
[ (4) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 273) وعزاه لأبن سعد والبيهقي.

(7/268)


حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُرْتَعِدِ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جابر ابن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، يَسْمَعُونَ الْحِسَّ، وَلَا يَرَوْنَ الشَّخْصَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، إِنَّ فِي الله عزاء من كل مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاللهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فأرجو، فَإِنَّمَا الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ، (وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ)
هَذَانِ الْإِسْنَادَانِ وَإِنْ كَانَا ضَعِيفَيْنِ، فَأَحَدُهُمَا يَتَأَكَّدُ بِالْآخَرِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عباد ابن عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَبَكَوْا حَوْلَهُ، وَاجْتَمَعُوا فَدَخَلَ رَجُلٌ أَشْهَبُ اللِّحْيَةِ جَسِيمٌ، صَبِيحٌ، فَتَخَطَّى رِقَابَهُمْ، فَبَكَى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ فِي اللهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مصيبة وَعِوَضًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، فَإِلَى اللهِ فَأَنِيبُوا، وَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا، وَنَظَرُهُ إِلَيْكُمْ فِي الْبَلَاءِ، فَانْظُرُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ لَمْ يَجْبُرْهُ، فَانْصَرَفَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، تَعْرِفُونَ الرجل، قالوا: أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا) نَعَمْ هَذَا أَخُو رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ضَعِيفٌ [ (5) ] ، وَهَذَا منكر بمرّة.
__________
[ (5) ] عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: بصري رواه، قال البخاري: «منكر الحديث» ، ووهّاه ابن حبان، والعقيلي، وابو حاتم. الميزان (2: 369) .

(7/269)


بَابُ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَبْلَ وُقُوعِ الْخَبَرِ إِلَيْهِمْ بِمَا يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، بِصِفَتِهِ، وَصُوَرَتِهِ، ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ، فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، ذَا كُنَاعٍ، وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَا لِي: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَقَدْ مَضَى صَاحِبُكَ عَلَى أَجَلِهِ، مُنْذُ ثَلَاثٍ، قَالَ: فأقبلت وأقبل مَعِي، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ. قَالَ: فقال لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا، وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ- إن شاء الله- ورجع إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ، فَقَالَ: أَفَلَا جِئْتَ بِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ،، قَالَ لي: ذو عمر يَا جَرِيرُ، إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ، لَمْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كنت إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ، تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ، كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ، وَيَرْضَوْنَ رِضَى الْمُلُوكِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة [ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي، (64) باب ذهاب جرير إلى اليمن، الحديث (4359) ، فتح الباري (8: 76) .
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (4: 363) .

(7/270)


وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي حَبْرٌ بِالْيَمَنِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ صَاحِبَكُمْ نَبِيًّا فَقَدْ مَاتَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عمروا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كثير ابن عفير بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ التَّنُوخِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ التَّنُوخِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ نَاعِمِ بْنِ أُجَيْلٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَقْبَلْتُ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، فَعَرَضَ عَلَيْنَا الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمْنَا ثُمَّ انْصَرَفْنَا إِلَى الْحِيرَةِ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ جَاءَتْنَا وَفَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَارْتَابَ أَصْحَابِي، وَقَالُوا: لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ يَمُتْ، فَقُلْتُ: قَدْ مَاتَ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ، وَثَبَتُّ عَلَى إِسْلَامِي، ثُمَّ خَرَجْتُ، أُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَمَرَرْتُ بِرَاهِبٍ، كُنَّا لَا نَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَمْرٍ أَرَدْتُهُ، لَقَحَ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ:
ائْتِ بِاسْمِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ، فَأَتَيْتُهُ بِكَعْبٍ، فَقَالَ: أَلْقِهِ فِي هَذَا الشَّعْرِ لِشَعْرٍ أَخْرَجَهُ، فَأَلْقَيْتُ الْكَعْبَ فِيهِ، فَصَفَّحَ فِيهِ، فَإِذَا بِصِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا رَأَيْتُهُ وَإِذَا بِمَوْتِهِ فِي الْحِينِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَدَّتْ بَصِيرَتِي فِي إِيمَانِي، وَقَدِمْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَعْلَمْتُهُ، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَوَجَّهَنِي إِلَى الْمُقَوْقِسِ، فَرَجَعْتُ، فَوَجَّهَنِي أَيْضًا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ بِكِتَابِهِ، فَأَتَيْتُهُ وَقْعَةَ الْيَرْمُوكِ، وَلَمْ أَعْلَمْ بِهَا، فَقَالَ لِي: عَلِمْتَ أَنَّ الرُّومَ قَتَلْتِ الْعَدُوَّ، وَهَزَمَتْهُمْ، قُلْتُ: كَلَّا، قال:
ولما، قُلْتُ: إِنَّ اللهَ وَعَدَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ يُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَيْسَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، قَالَ: إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ صَدَقَكُمْ، قُتِلَتِ الرُّومُ، وَاللهِ قَتْلَ عَادٍ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ وُجُوهِ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَهْدَى إِلَى، عمرو إليهم، وَكَانَ مِمَّنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرُ، وَأَحْسَبُهُ ذَكَرَ الْعَبَّاسَ، قَالَ: كعب، قَالَ

(7/271)


كَعْبٌ: وَكُنْتُ شَرِيكًا لِعُمَرَ فِي الْبَزِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا فَرَضَ الدِّيوَانَ، فَرَضَ لِي فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ [ (2) ] .
__________
[ (2) ] نقله ابن حجر في الإصابة (3: 298) في ترجمة كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ التَّنُوخِيُّ، وقال: أخرجه البغوي.
ونقله ابن كثير في «البداية» (5: 278) وقال: «هذا اثر غريب وفيه نبأ عجيب وهو صحيح» .

(7/272)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَرِكَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبِسْطَامِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجور، قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَ: لَا وَاللهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ، دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ، الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ [ (1) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد ابن الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا شَاةً، وَلَا بَعِيرًا، ولا أوصى بشيء [ (2) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 57- كتاب فرض الخمس، (3) باب نفقة نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بعد وفاته، الحديث (3097) ، فتح الباري (6: 209) .
[ (2) ] أخرجه مسلم في: 25- كتاب الوصية، (5) باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه.
الحديث (18) ، ص (1256) .

(7/273)


رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ.
أَخْبَرَنَا أبو زكريا ابن أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله محمد ابن يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عن ذر، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: تَسْأَلُونِي عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا وَلِيدَةً، قَالَ مِسْعَرٌ: أَرَاهُ قَالَ: وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ:
قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قال: أخبرنا أبو سعيد ابن الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ:
وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي بَيْتِي إِلَّا شَطْرٌ مِنْ شَعِيرٍ، فَكِلْتُهُ، فَفَنِيَ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَكِلْهُ.
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّقِيقِيُّ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شعير.
__________
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 81- كتاب الرقاق (16) باب فضل الفقر، الحديث (6451) ، فتح الباري (11: 274) .
وأخرجه مسلم في: 53- كتاب الزهد والرقائق، الحديث (27) ، ص (2282- 2283) .
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (6: 108) .

(7/274)


رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ [ (4) ] .
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بن محمد بن إبراهيم الموسآيّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حدثنا عبيس ابن مَرْحُومٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي دِرْعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، فِي مَوْضِعِ الصَّدْرِ، وَحَلَقَتَانِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي: فَلَبِسْتُهَا، فَجَعَلْتُ أَخُطُّهَا فِي الْأَرْضِ شَيْئًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابن مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقَدْ دُعِيَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، قَالَ أَنَسٌ، ولَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَصْبَحَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ بُرٍّ وَلَا صَاعُ تَمْرٍ» ، وَإِنَّ لَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَ نِسْوَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ دِرْعًا له، عن يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ، أَخَذَ مِنْهُ طعاما كما وَجَدَ لَهَا، مَا يَفْتَكُّهَا بِهِ. حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا، مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِنْ تِلْكَ الَّتِي تُدْعَى الْمُلَبَّدَةُ، فَأَقْسَمَتْ بِاللهِ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ الثوبين.
__________
[ (4) ] أخرجه البخاري في: 56- كتاب الجهاد، (89) باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث (2916) ، فتح الباري (6: 99) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ.

(7/275)


أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ [ (5) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ ابن زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ إِزَارًا غَلِيظًا مما يصنع باليمن وكبسا مِنْ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةُ، فَقَالَتْ: مِنْ هَذَيْنِ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ [ (6) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ،، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ بِهَا، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ، وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ، سَطْرٌ مُحَمَّدٌ وَسَطْرٌ رَسُولٌ وَاللهُ سَطْرٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْأَنْصَارِيِّ [ (7) ] .
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، قَالَ:
__________
[ (5) ] أخرجه البخاري في: 77- كتاب اللباس، (19) باب الأكسية والخمائص، ومسلم في: 37- كتاب اللباس والزينة، (6) باب التواضع في اللباس الحديث (34) ، وأخرجه البخاري أيضا في:
57- كتاب الخمس، (5) بَابُ مَا ذُكِرَ فِي درع النبي الحديث (3108) . الفتح (6: 212) .
[ (6) ] البخاري ومسلم في الموضعين السابقين.
[ (7) ] أخرجه البخاري في: 57- كتاب فرض الخمس (5) باب ما ذكر من دِرْعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم، الحديث (3106) . فتح الباري (6: 212) .

(7/276)


حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْوَلِيدِ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد ابن عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ الدُّوَلِيُّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ أنّ عليّ ابن الْحُسَيْنِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟
قَالَ: فَقُلْتُ: لَا! قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِي سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيَّ، وَايْمُ اللهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ،، لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، حَتَّى تَبْلُغَ نَفْسِي، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ ابن حَنْبَلٍ [ (8) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَسْدِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ، قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ، جَرْدَاوَيْنِ لهما قبلان، قَالَ: فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ بَعْدُ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ الْأَسَدِيِّ [ (9) ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ شَاكِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
__________
[ (8) ] أخرجه البخاري في: 57- كتاب فرض الخمس (5) باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم فِي:
44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، (15) باب فضائل فاطمة.
[ (9) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق.

(7/277)


وكان قد أتصدع، فثلثه بِفِضَّةٍ، قَالَ: هُوَ قَدَحٌ جبير، عَرِيضٌ، مِنْ نِضَارٍ، قَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذَا الْقَدَحِ أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا قَالَ: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكَهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا، وَأَمَّا الْبُرْدُ الَّذِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ، فَقَدْ رُوِّينَا، عَنْ محمد ابن إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي قِصَّةِ التَّبُوكِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أَعْطَى أَهْلَ أَيْلَةَ بُرْدَةً، مَعَ كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ، أَمَانًا لَهُمْ، فَاشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ.
أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُرْشِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَرْتِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ:
الْمُرْتَجِزُ، وَحِمَارٌ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ، وَبَغْلَةٌ يُقَالُ لَهَا: دُلْدُلُ، وسيفه ذو الفقار، وورعه ذُو الْفُضُولِ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ الْبُرْجُمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بن الجرار، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم نَحْوَهُ، وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَسْمَاءَ أَفْرَاسِهِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ السَّاعِدِيِّينَ: لِزَازُ، وَاللَّحِيفُ، وَقِيلَ اللُّحَيْفُ، وَالظِّرْبُ، وَالَّذِي رَكِبَهُ لِأَبِي طَلْحَةَ، يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ، وَنَاقَتُهُ القسواء، وَالْعَضْبَاءُ، وَالْجَدْعَاءُ، وَبَغْلَتُهُ الشَّهْبَاءُ، وَالْبَيْضَاءُ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْهُنَّ إِلَّا مَا رُوِّينَا، فِي بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَسِلَاحِهِ، وَأَرْضٍ

(7/278)


جَعَلَهَا صَدَقَةً، وَمَنْ ثِيَابِهِ، وَنَعْلِهِ، وَخَاتَمِهِ،
وَمَا رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللهُ أَعْلَمُ [ (10) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، وَأَخْبَرَنَا ابْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَلَهُ بردان في الحقّ، يُعْمَلَانِ هَذَا مُنْقَطِعٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عُصَيَّةٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ فَدُفِنَتْ مَعَهُ، بَيْنَ جَنْبِهِ، وَبَيْنَ قَمِيصِهِ.
مخول ابن إِبْرَاهِيمَ مِنَ الشِّيعَةِ يَأْتِي بِإِفْرَادٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ لَا يَأْتِي بِهَا غَيْرُهُ، وَالضَّعْفُ عَلَى رِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْيَمَانِ:
أَخْبَرَكَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ: مِيرَاثَهَا مِنْ
__________
[ (10) ] نقله ابن كثير في «البداية» (6: 9) .

(7/279)


رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَفَاطِمَةُ حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا، صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ!، يَعْنِي مَالَ اللهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ، وَإِنِّي وَاللهِ لأغير صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا، بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا.
فَوَجَدْتُ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، فَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَإِنِّي لَا آلُو فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأَتْرُكَ فِيهَا أَمْرًا، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا، إِلَّا صَنَعْتُهُ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ إسحاق بن البغدادي بهراة، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ وَنَحْوِهِ، بِزِيَادَاتٍ كَثِيرَةٍ فَكَانَ فِيمَا زَادَ، قَالَ: فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، وَقَالَ: قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ، وَمَا قَدْ أَعْطَاكَ اللهُ، وَإِنَّا لَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا، سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِأَمْرٍ، وَكُنَّا نَرَى أَنَّ لَنَا حَقًّا وَذَكَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَحَقَّهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ يَتَكَلَّمُ، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ [ (11) ] ، وَذَكَرَ بَعْضَهَا رُوِّينَا فِي هَذَا
__________
[ (11) ] أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس (4: 96) ط. بولاق واخرج مثله ابن سعد في الطبقات (2: 315) .

(7/280)


الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَتَكِيُّ بِنِيسَابُورَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ، أَتَاهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا فَاطِمَةُ هذا أبو بكر يستئذن عَلَيْكِ، فَقَالَتْ: أَتُحِبُّ أَنْ أأذن، قَالَ: نَعَمْ! فَأَذِنَتْ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: وَاللهِ مَا تَرَكْتُ الدَّارَ وَالْمَالَ وَالْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ إِلَّا لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللهِ، وَمَرْضَاةِ رَسُولِهِ، وَمَرْضَاتِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ تَرَضَّاهَا حَتَّى رَضِيَتْ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ دَاوُدَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، قَالَ: زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحسين ابن عَلِيٍّ، أَمَّا أَنَا فَلَوْ كُنْتُ مَكَانَ أَبِي بَكْرٍ لَحَكَمْتُ بِمِثْلِ مَا حَكَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فِي فَدَكَ.
قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْتُ فِي كتاب و «قسم الْفَيْءِ» مِنْ كِتَابِ السُّنَنِ، مِمَّا وَرَدَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، فَاقْتَصَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى هَذَا وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

(7/281)


بَابُ تَسْمِيَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَوْلَادِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنْبَعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي، وَهُوَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الرُّصَافِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدُ بْنُ أَسَدٍ، فَوَلَدَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: الْقَاسِمَ، بِهِ كَانَ يُكْنَى، وَالطَّاهِرَ وَزَيْنَبَ، وَرُقَيَّةَ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةَ.
فَأَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا أَبُو الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، بْنِ عَبْدِ شَمْسِ، بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَوَلَدَتْ لِأَبِي الْعَاصِ جَارِيَةً اسْمُهَا: أُمَامَةُ فَتَزَوَّجَهَا عَلِيُّ بْنُ أبي طالب، بعد ما تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعِنْدَهُ أُمَامَةُ.
فَخَلَفَ عَلَى أُمَامَةَ بَعْدَهُ، الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابن هَاشِمٍ، فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ.
وَأُمُّ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، وَخَدِيجَةُ خَالَتُهُ، أُخْتُ أُمِّهِ.
وَأَمَّا رُقَيَّةُ بِنْتُ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَوَلَدَتْ

(7/282)


لَهُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُثْمَانَ، بِهِ كَانَ يُكْنَى عُثْمَانُ أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى كُنِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَمْرِو ابن عُثْمَانَ، وَبِكُلٍّ قَدْ كَانَ يُكْنَى، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ رُقَيَّةُ زَمَنَ بَدْرٍ، فَتَخَلَّفَ عُثْمَانُ عَلَى دَفْنِهَا، فَذَلِكَ مَنَعَهُ أَنْ يَشْهَدَ بَدْرًا، وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَهَاجَرَتْ مَعَهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُوُفِّيَتْ رُقَيَّةُ بنت رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا بِفَتْحِ بَدْرٍ.
فَأَمَّا أُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَزَوَّجَهَا أَيْضًا عُثْمَانُ، بَعْدَ أُخْتِهَا رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ لَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا.
وَأَمَّا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْأَكْبَرَ وَحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَهُوَ الْمَقْتُولُ بِالْعِرَاقِ، بِالطَّفِّ، وَزَيْنَبَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ فَهَذَا مَا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ مِنْ عَلِيٍّ.
فَأَمَّا زَيْنَبُ فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَمَاتَتْ عِنْدَهُ، وَقَدْ وَلَدَتْ لَهُ علي بن عبد الله، وَأَخًا لَهُ آخَرَ يُقَالُ لَهُ عَوْفٌ، وَأَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَوَلَدَتْ لَهُ زَيْدَ ابن عُمَرَ، ضُرِبَ لَيَالِيَ قِتَالِ ابْنِ مُطِيعٍ ضَرْبًا لَمْ يَزَلْ يَنْهَمُ مِنْهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بَعْدَ عُمَرَ عَوْنُ بْنُ جَعْفَرٍ، فَلَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بَعْدَ عَوْنِ بْنِ جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا بُثَيْنَةُ، بُعِثَتْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، عَلَى سَرِيرٍ فَلَمَّا قَدِمْتِ الْمَدِينَةَ تُوُفِّيَتْ ثُمَّ خَلَفَ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَوْنِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَلَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ.
وَتَزَوَّجَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ قَبْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ، الأول منهم عتيق ابن عَائِدِ بْنِ مَخْزُومٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ جَارِيَةً فَهِيَ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ بَعْدَ عَتِيقِ بْنِ عَائِدٍ، أَبُو هَالَةَ التَّمِيمِيُّ، وَهُوَ مِنْ بَنِي أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ بْنَ هِنْدَ بْنِ أَبِي هَالَةَ، وتُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ بِمَكَّةَ،

(7/283)


قَبْلَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ. وَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم مِنَ النِّسَاءِ، فَزَعَمُوا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا.. فَقَالَ:
لَهَا بَيْتٌ مِنْ قَصَبِ اللُّؤْلُؤِ، لَا صَخَبٌ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.
ثُمَّ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَدْ أُرِيَ فِي النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ يُقَالُ لَهُ هِيَ امْرَأَتُكُ، وَعَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ سِتٍّ فَنَكَحَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بنى بعائشة بَعْدَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَعَائِشَةُ يَوْمَ بَنَى بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ، وَهِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، بْنِ عَامِرِ، بْنِ كَعْبِ، بْنِ سَعْدِ، بْنِ تَيْمِ بْنِ مرة، بن لؤي، ابن غَالِبِ، بْنِ فِهْرٍ، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بٌكرا.
وَاسْمُ أَبِي بَكْرٍ عَتِيقٌ، وَاسْمُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانُ وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ، ابن عَبْدِ الْعُزَّى، بْنِ رَبَاحِ، بْنِ عَبْدِ اللهِ، بْنِ قِرَاطِ، بْنِ رِزَاحِ، بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ، بْنِ غَالِبِ، بْنِ فِهْرٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ ابن حزاقة ابن قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حُزَاقَةَ، بْنِ سَهْمِ، بْنِ عمرو ابن هَصِيصِ، بْنِ كَعْبِ، بْنِ لُؤَيِّ، بْنِ غَالِبِ، بْنِ فِهْرٍ، مَاتَ عَنْهَا مُؤْمِنًا.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ، وَاسْمُهَا هِنْدَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ابْنَ عَبْدِ اللهِ، بْنِ عُمَرَ، بْنِ مَخْزُومٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ أَبِي سَلَمَةَ، وَاسْمُهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ، ابْنَ عَبْدِ اللهِ، بْنِ عُمَرَ، بْنِ مَخْزُومٍ، فَوَلَدَتْ لِأَبِي سَلَمَةَ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَزَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ آخِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاةً بَعْدَهُ، وَدُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ، بْنِ عبد ودّ، ابن نَصْرِ، بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ، بْنِ عَامِرِ، بْنِ لُؤَيِّ، بْنِ غَالِبِ، بْنِ فِهْرٍ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرِو، بْنِ عَبْدِ شَمْسِ، بْنِ عَبْدِ وائل، ابن

(7/284)


نَصْرِ، بْنِ مَالِكِ، بْنِ حِسْلِ، بْنِ عَامِرِ، بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، بْنِ حَرْبِ، بْنِ أُمَيَّةَ، بْنِ عَبْدِ شَمْسِ، بْنِ عَبْدِ مَنَافِ، بْنِ قُصَيِّ، بْنِ كِلَابِ، بْنِ مُرَّةَ، بْنِ كَعْبِ، بْنِ لُؤَيِّ، بْنِ غَالِبِ، بْنِ فِهْرٍ. كَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ جَحْشِ، ابن رياب، بْنِ بَنِي أُسَيْدِ، بْنِ خُزَيْمَةَ، مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ نَصْرَانِيًّا، وَكَانَتْ مَعَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَوَلَدَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ لِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ جَارِيَةً يَقُولُ لَهَا: حَبِيبَةُ، وَاسْمُ أُمِّ حَبِيبَةَ رَمْلَةُ أَنْكَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ حَبِيبَةَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ أُمُّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، وَصَفِيَّةُ عَمَّةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أُخْتُ عَفَّانَ لِأَبِيهِ، وَأُمِّهِ، وَقَدِمَ بِأُمِّ حَبِيبَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم شرحبيل بن حَسَنَةَ.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، ابن رِيَابِ، بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ عَمَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الْكَلْبِيِّ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ اسْمَهُ، وَشَأْنُهُ وشَأْنَ زَوجِهِ. وَهِيَ أَوَّلُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَاةً بَعْدَهُ.
وَهِيَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ جُعِلَ عَلَيْهَا النَّعْشُ، جَعَلَتْ لَهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ، وَهِيَ أم عبد الله ابن جَعْفَرٍ كَانَتْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَإِنَّهُمْ يَصْنَعُونَ النَّعْشَ، فَصَنَعَتْهُ لِزَيْنَبَ يَوْمَ تُوُفِّيَتْ.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَةَ، وَهِيَ أُمُّ الْمَسَاكِينِ، وَهِيَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. كَانَتْ قَبْلَهُ تَحْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جحش بن رياب، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَتُوُفِّيَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ، لَمْ تَلْبَثْ مَعَهُ إِلَّا يَسِيرًا.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَرْبِ بْنِ بَحِيرِ، بْنِ الْهَرَمِ رُوَيْبَةَ، بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالِ، بْنِ عَامِرِ، بْنِ صَعْصَعَةَ، وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ

(7/285)


نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَزَوَّجَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ، الْأَوَّلُ منهما، بن عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ، مَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ خلف عليها أبو دهم، بن عبد العزّى، ابن أَبِي قَيْسِ، بْنِ عَبْدِ وُدِّ، بْنِ نَصْرِ، بْنِ مَالِكِ، بْنِ حِسْلِ، بْنِ عَامِرِ، بْنِ لُؤَيِّ، بْنِ غَالِبِ، بْنِ فِهْرٍ.
وَسَبَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارِ، بْنِ الحارث، ابن عَائِدِ، بْنِ مَالِكِ، بْنِ الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ. وَالْمُصْطَلِقُ اسْمُهُ خُزَيْمَةُ، يَوْمَ وَاقَعَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، بِالْمُرَيْسِيعِ، وَسَبَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، يَوْمَ خَيْبَرَ، وَهِيَ عَرُوسٌ، بِكِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَهَذِهِ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً دَخَلَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَسَمَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي خِلَافَتِهِ لِنِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، لِكُلِّ امْرَأَةٍ، وَقَسَمَ لِجَوْيَرِيَّةَ، وَصَفِيَّةَ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُمَا كَانَتَا سبي. وقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قَسَمَ لَهُمَا وَحَجَبَهُمَا.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَالِيَةَ بِنْتَ طِبْيَانَ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ، فَدَخَلَ بِهَا، فَطَلَّقَهَا.
قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ حَجَّاجُ: وَحَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، يَعْنِي الزهريّ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَتْ: فَدَلَّ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ عَلَيْهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: وَبَيْنِي وَبَيْنَهَا الْحِجَابُ، يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ لَكَ فِي أُخْتِ أُمِّ شَبِيبٍ؟ وَأُمُّ شَبِيبٍ امْرَأَةُ الضَّحَّاكِ.
وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عُمَرَ بْنِ كِلَابٍ، أَخِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ، وَهُمْ رَهْطُ زُفَرَ بْنِ الْحَارِثِ، فَأُنْبِئَ أَنَّ بِهَا بَيَاضًا فَطَلَّقَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا.

(7/286)


وَتَزَوُّجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ الْكِنْدِيِّ، وَهُمْ حُلَفَاءُ فِي بَنِي فَزَارَةَ، فاستعازت مِنْهُ، فَقَالَ: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. قَالَ: وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم سُرِّيَّةٌ يُقَالُ لَهَا مَارِيَةُ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا اسْمُهُ إِبْرَاهِيمَ، فَتُوُفِّيَ وَقَدْ مَلَأَ الْمَهْدَ، وَكَانَتْ لَهُ وَلِيدَةٌ، يُقَالُ لَهَا رَيْحَانَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ بَنِي خَنَاقَةَ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، أَعْتَقَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا قَدِ احْتَجَبَتْ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ كَعْبٍ الْجُونِيَّةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ زَيْدٍ، إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي كِلَابٍ، ثُمَّ بَنِي الْوَحِيدِ وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَطَلَّقَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا. فَسَمَّى الْمَرْأَتَيْنِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّهِمَا الزُّهْرِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَالِيَةَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ زَكَرِيَّا بن أبي زائدة، عن الشَّعْبِيِّ قَالَ: وَهَبْنَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ نِسَاءٌ أَنْفُسَهُنَّ، فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ، وَأَرْجَأَ بَعْضَهُنَّ فَلَمْ يَقْرَبْهُنَّ حَتَّى تُوُفِّيَ. وَلَمْ يَنْكِحْنَ بَعْدَهُ، مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ، وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ، وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ. قُلْتُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ خَوْلَةُ مِنَ اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ، وَرُوِّينَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي قِصَّةِ الْجُونِيَّةِ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ، فَأَلْحَقَهَا بِأَهْلِهَا، أَنَّ اسْمَهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ لِابْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ هِيَ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ الْجُونِيَّةُ. قَالَ: وَيُقَالُ:

(7/287)


إِنَّ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا مُلَيْكَةُ اللَّيْثِيَّةُ، قُلْتُ:
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمَيْمَةُ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْكِلَابِيَّةَ اسْمُهَا عَمْرَةُ، وَهِيَ الَّتِي وَصَفَهَا أَبُوهَا بِأَنَّهَا لَمْ تَمْرَضْ قَطُّ، فَرَغِبَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمُقْرِئُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ المعلّا الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، قَالَ: فَذَكَّرَهُنَّ وَزَادَ أَنَّ رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمَّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَوَّجَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ غَيْرَتَهُنَّ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَتَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ الصَّلْتِ مِنْ بَنِي حَرَامٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا. وَخَطَبَ جَمْرَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةُ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَزَادَ فِيهِنَّ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ، وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ، قَالَ: وَلَمْ تَكُنْ قَدِمَتْ عَلَيْهِ، وَلَا رَآهَا، وَلَا دَخَلَ بِهَا، وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ تُخَيَّرَ قُتَيْلَةُ إِنْ شَاءَتْ يُضْرَبْ عَلَيْهَا الْحِجَابُ، وَتَحْرُمُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ شَاءَتْ فَلْتَنْكِحْ مَنْ شَاءَتْ، فَاخْتَارَتِ النِّكَاحَ، فَتَزَوَّجَهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بِحَضْرَمَوْتَ، فَبَلَغَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُحَرِّقَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا هِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا دَخَلَ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَلَا ضَرَبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ. قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ لَمْ يُوصِ فِيهَا بِشَيْءٍ وَأَنَّهَا ارْتَدَّتْ، فَاحْتَجَّ عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِارْتِدَادِهَا. فَلَمْ تَلِدْ لِعِكْرِمَةَ إِلَّا وَلَدًا وَاحِدًا. وَزَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا فِي الْعَدَدِ فَاطِمَةَ بِنْتَ شُرَيْحٍ، وَسَنَا بِنْتَ أَسْمَاءَ السُّلَمِيَّةَ وَذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهٍ أَنَّ الَّتِي ارْتَدَّتْ، هِيَ الْبَرْصَاءُ مِنْ بَنِي عَوْفِ ابن سَعْدِ بْنِ ذِبْيَانَ.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَهْدِيٍّ الْقُشَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا

(7/288)


أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ بْنُ قَتَادَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَدَخَلَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ وَقُبِضَ عَنْ تِسْعٍ، فَأَمَّا اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ فَأَفْسَدَهُمَا فَطَلَّقَهُمَا، وَذَاكَ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِإِحْدَاهُمَا: إِذَا دَنَا مِنْكِ، فَتَمَنَّعِي. فَتَمَنَّعَتْ فَطَلَّقَهَا، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَلَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ قَالَتْ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا مَاتَ ابْنُهُ فَطَلَّقَهَا، مِنْهُنَّ خَمْسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَحَفْصَةُ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَأُمُّ حبيبة بنت أبي سفيان، وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الْخَيْبَرِيَّةُ.
قُبِضَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَؤُلَاءِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ: وَلَدَتْ، خَدِيجَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةً، غُلَامَيْنِ وَأَرْبَعَ نِسْوَةٍ، وَلَدَتْ لَهُ فَاطِمَةَ، وَرُقَيَّةَ، وَزَيْنَبَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ، وَالْقَاسِمَ، وَعَبْدَ اللهِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مات إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ يُتِمُّ رَضَاعَهُ، وَلَوْ عَاشَ لَكَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَلَوْ عَاشَ لَأَعْتَقْتُ أخواله من القبط.

(7/289)