ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى

* (باب) * (في ذكر أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام) وقد بسطنا المقال وأوسعنا المجال في ذكر مناقبه في كتابنا الموسر الرياض النضرة في مناقب العشرة ونحن نأتى على جملة معاني ما ذكرناه ثم إن شاء الله تعالى.
(ذكر نسبة عليه السلام) هو على بن أبى طالب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
إلى هنا متفق عليه وما بعده مختلف فيه إلا انهم اتفقوا على ان النسب يرجع إلى إسماعيل بن ابراهيم ابن خليل الله صلى الله عليه وسلم.
وقريش هو فهر بن مالك وقيل النضر بن كنانة.
وعلى عليه السلام يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجد الا دنى لا يشاركه في هذه الفضيلة إلا بنو عمه وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فان أبا طالب وعبد الله أبا النبي صلى الله عليه وسلم أمهما فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران ابن مخزوم، وأمه عليه السلام فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، قال أبو عمر (1) النمري وهى أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وهاجرت وتوفيت بالمدينة
__________
(1) في الاصل (أبو عمرو) في كثير من المواضع، وهو خطأ.

(1/55)


وشهدها النبي صلى الله عليه وسلم وتولى دفنها ونزع قميصه وألبسها إياه واضطجع في قبرها فلما سوى عليها التراب سئل عن ذلك فقال ألبستها لتلبس من ثياب الجنة واضطجعت معها في قبرها لاخفف عنها من ضغطة القبر إنها كانت أحسن خلق الله صنيعا إلى بعد أبى طالب.
وروى أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليها وتمرغ في قبرها وبكى وقال جزاك الله من أم خيرا فلقد كنت خير أم، وسماها أما لانها كانت ربته صلى الله عليه وسلم، وولدت لابي طالب عقيلا وجعفرا وعليها وأم هانئ واسمها فاختة وجمانة، وكان على أصغر ولد أبى طالب، وكان أصغر من جعفر بعشر سنين.
وكان جعفر أصغر من عقيل بعشر سنين وكان عقيل أصغر من طالب بعشر سنين.
(ذكر اسمه عليه السلام وكنيته)
ولم يزل اسمه في الجاهلية والاسلام عليا وكان يكنى أبا حسن وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقا.
وعن معاذة العدوية قالت سمعت عليا على المنبر منبر البصرة بقول أنا الصديق الاكبر.
أخرجه ابن قتيبة.
وعن أبى ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى (أنت الصديق الاكبر وأنت الفاروق الذى يفرق بين الحق والباطل وأنت يعسوب الدين) .
أصل اليعسوب فحل النحل ثم أطلق على السيد والمعظم في قومه.
وروى أحمد بن حنبل في كتاب المناقب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل يس الذى قال (يا قوم اتبعوا المرسلين) وحزقيل مؤمن آل فرعون الذى قال (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله) وعلى بن أبى طالب وهو أفضلهم، وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبى الريحانتين.
وروى الامام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى ابن أبى طالب سلام عليك يا أبا الريحانتين فعن قليل يذهب ركناك والله خليفتي عليك فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على هذا أحد الركنين فلما ماتت فاطمة رضى الله عنها قال هذا الركن الآخر، وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبى تراب.
وعن سهل بن سعد قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة قال أين ابن

(1/56)


عمك فقالت هو ذا مضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فوجد النبي صلى الله عليه وسلم رداءه قد سقط عن ظهره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب والله ما كان اسم أحب إلى على منه لان ما سماه إياه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم والبخاري وقد جاء في الصحيح من شعره * أنا الذى سمتنى أمي حيدرة * وحيدرة اسم الاسد وكانت أمه فاطمة رضى الله عنها لما ولدته سمته باسم أبيها فلما قدم أبو طالب كره ذلك وسماه عليا وكان يلقب بيضة البلد وبالامين وبالشريف
والهادي والمهتدى وذى الاذن الواعي.
(ذكر صفته عليه السلام) وكان عليه السلام ربعة من الرجال أدعج العينين عظيمهما حسن الوجه كأنه قمر ليلة البدر عظيم البطن إلى السمن عريض مابين المنكبين لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضارى لا يبين عضده من ساعده قد أدمج إدماجا، شثن الكفين عظيم الكراديس أغيد كأن عنقه إبريق فضة أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه كثير شعر اللحية وكان لا يخضب وقد جاء عنه الخضاب والمشهور أنه كان أبيض اللحية وكان إذا مشى تكفأ شديد الساعد واليد وإذا مشى إلى الحروب هرول ثبت الجنان قوى ما صارع أحدا إلا صرعه شجاع منصور عند من لاقاه.
(شرح) : ربعة: لا طويل ولاقصير، والدعج: شدة سواد العين مع سعتها، والاغيد: المائل العنق والغيد النعومة وامرأة غيداء وغادة ناعمة، والمشاش: رؤس العظام اللينة الواحد مشاشة، وأدمج يقال أدمج الشئ في الشئ إذا أدخله فيه يريد والله أعلم ان عظمي عضده وساعده للينهما قد اندمجا وهكذا صفة الاسد، والضارى: المعود الصيد، وتكفأ تمايل في مشيته.
(ذكر إسلامه وسنة يوم أسلم عليه السلام) عن أبى الاسود محمد بن عبد الرحمن انه بلغه ان على بن أبى طالب والزبير

(1/57)


أسلما وهما ابنا ثمان سنين، وقال ابن اسحق أسلم على بن أبى طالب وهو ابن عشر سنين وقيل ابن ثلاث عشرة وقيل أربع عشرة وقيل خمس عشرة أوست عشرة.
وعن مجاهد بن جبير قال كان من نعمة الله تعالى على على بن أبى طالب ان قريشا أصابتهم شدة وكان أبو طالب ذا عيال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس (إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى فانطلق بنا فلنخفف من
عياله فقال العباس نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لى عقيلا فاصنعا ما شئتما فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فضمه إليه وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه فلم يزل على مع النبي عليه السلام حتى بعثه الله عزوجل فتابعه وآمن به وصدقه ولم يزل جعفر مع العباس.
(ذكر أنه عليه السلام اول من اسلم) عن زيد بن ارقم قال: كان أول من أسلم على بن أبى طالب.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: على أول من اسلم بعد خديجة.
وعن عمر رضى الله عنه قال كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة إذ ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم منكب على من أبى طالب فقال يا على أنت أول المؤمنين إيمانا وأنت أول المسلمين إسلاما وأنت منى بمنزلة هرون من موسى.
وعن ابى ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى (أنت اول من آمن بى وصدق) وعن معاذة العدوية قالت سمعت عليا على المنبر يقول انا الصديق الاكبر آمنت قبل ان يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل ان يسلم أبو بكر.
وعن سلمان رضى الله عنه انه قال اول هذه الامة ورودا على نبيها الحوض اولها إسلاما على بن ابى طالب.
وقد روى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: السباق ثلاثة سبق يوشع بن نون إلى موسى وصاحب يس إلى عيسى وعلى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد وردت احاديث في ان أبا بكر رضى الله عنه اول من

(1/58)


اسلم وهى محمولة على انه اول من اظهر إسلامه وعلى اول من بدر إلى الاسلام.
وقد استوفينا الكلام في هذا الفصل في كتابنا الرياض النضرة في فضائل العشرة.
(ذكر أنه عليه السلام اول من صلى)
عن ابن عباس انه قال: لعلى أربع خصال ليست لاحد غيره وذكر منها انه اول عربي وعجمي صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وعنه قال: أول من صلى على بن أبى طالب.
وعن أنس رضى الله عنه قال: استنبأ النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى على يوم الثلاثاء.
اخرجه الترمذي.
وفى بعض الطرق: بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلاثاء.
وعن الحكم بن عيينة قال: خديجة أول من صدق وعلى أول من صلى إلى القبلة.
وعن رافع قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلت خديجة آخر يوم الاثنين وصلى على يوم الثلاثاء.
من الغد قبل أن يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد.
وعن عفيف الكندى قال: كنت تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لابتاع منه بعض التجارة وكان امرأ تاجرا قال فوالله إنى عنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى السماء فلما رآها قام يصلى ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء فقامت خلفه فصلت ثم خرج غلام قد راهق فقام معه يصلى قال فقلت للعباس يا عباس من هذا قال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخى قال فقلت من هذه المرأة قال هذه امرأته خديجة بنت خويلد قال فقلت من هذا الفتى قال هذا ابن عمه على بن أبى طالب قال قلت ما الذى يصنع قال يصلى وهو يزعم انه نبى ولم يتبعه أحد على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى وهو يزعم انه ستفتح له كنوز كسرى وقيصر قال (1) فكان عفيف بن قيس يقول أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه لو كان الله رزقني لاسلم يومئذ فأكون ثانيا مع على بن أبى طالب.
أخرجه أحمد.
وعن على عليه السلام قال: عبدت الله
__________
(1) في نسخة (كان) في محل (قال) وهو خطأ.

(1/59)


من قبل أن يعبده أحد من هذه الامة خمس سنين.
خرجه أبو عمر.
وعنه عليه
السلام قال: صليت قبل أن يصلى الناس سبع سنين.
وفى رواية: أسلمت قبل أن يسلم الناس بسبع سنين.
أخرجهما أحمد.
وعنه انه كان يقول أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الاكبر ولقد صليت قبل الناس بسبع سنين.
خرجه الخلعي.
وعن حبه العرنى قال رأيت عليا على المنبر يقول اللهم لا أعرف لك عبدا من هذه الامة عبدك قبلى غير نبيك لقد صليت قبل أن يصلى الناس.
قال ابن إسحق: ذكر بعض أهل العلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه على بن أبى طالب مستخفيا عن عمه أبى طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلوات فيها فإذا أمسيا رجعا فمكثا على ذلك ما شاء الله أن يمكثا ثم ان أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخى ما هذا الذى أراك تدين به قال أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله وبعثنى الله عزوجل به رسولا إلى العباد وأنت يا عم أحق من بذلك له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابنى إليه وأعانني عليه فقال أبو طالب أي ابن أخى إنى والله لا أستطيع أن أفارق دين آبائى وما كانوا عليه ولكن والله لا يخلص إليك شئ تكرهه ما بقيت وذكر أنه قال لعلى أي بنى ما هذا الذى أنت عليه قال يا أبت آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت بما جاء به وصليت معه واتبعته، فزعموا أنه قال له أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.
أخرجه ابن إسحق.
(ذكر هجرته عليه السلام) قال ابن إسحق وأقام على بمكة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم الودائع التى كانت عنده للناس حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن الهذم (1) ولم يقم بقباء إلا ليلة أو ليلتين.
__________
(1) في الاصل (الهزم) والتصويب من الاصابة وهو ابن امرئ القيس الانصاري.
(*)

(1/60)


(ذكر أفضلية منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن عبد الله بن الحرث قال قلت لعلى بن أبى طالب أخبرني بأفضل منزلتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بينا أنا نائم عنده وهو يصلى فلما فرغ من صلاته قال يا على ما سألت الله عزوجل من الخير شيئا إلا سألت لك مثله ولا استعذت الله من الشر إلا استعذت لك مثله.
أخرجه الامام المحاملى.
(ذكر أنه ما اكتسب مكتسب مثل فضله) عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما اكتسب مكتسب مثل فضل على يهدى صاحبه إلى الهدى ويردده عن الردى) أخرجه الطبراني.
(ذكر فضيلة اختصاصه بتزويج فاطمة عليها السلام) وقد تقدمت أحاديث هذا الذكر مستوفاة في باب مناقب فاطمة عليها السلام.
(ذكر أنه اول من يقرع باب الجنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم) عن على عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا على إنك أول من يقرع باب الجنة فتدخلها بغير حساب بعدى) أخرجه على بن موسى الرضا.
(ذكر أنه أحب الخلق إلى الله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال اللهم ائتنى بأحب خلقك إليك ليأكل معى هذا الطير فجاء على بن أبى طالب فأكل معه.
خرجه الترمذي والبغوى في المصابيح في الحسان وأخرجه الحربى وقال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير وكان مما يعجبه أكله ثم ذكر الحديث.
وخرجه الامام أبو بكر محمد بن عمر بن بكير النجار وقال عن أنس بن مالك: قدمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا فسمى وأكل لقمة ثم قال اللهم ائتني
بأحب الخلق إليك وإلى فأتى على فضرب الباب فقلت من أنت قال على قلت

(1/61)


ان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ثم أكل لقمة وقال مثل الاولى فضرب على فقلت من أنت قال على قلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ثم أكل لقمة وقال مثل الاولى فضرب على فقلت من أنت قال على قلت إن رسول الله على حاجة ثم أكل لقمة وقال مثل ذلك قال فضرب على ورفع صوته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس افتح الباب قال فدخل فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم تبسم ثم قال الحمد لله الذى جعلك فانى أدعو في كل لقمة أن يأتيني بأحب الخلق إليه وإلى فكنت أنت قال والذى بعثك إنى لاضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم رددته قلت كنت أحب معه (1) رجلا من الانصار فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما يلام الرجل على قومه.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن عليا دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه وعانقه وقبل بين عينيه فقال له العباس أتحب هذا يا رسول الله فقال يا عم والله لله أشد حبا له.
خرجه أبو الخير القزويني.
(ذكر أنه احب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم) عن عائشة رضى الله عنها سئلت أي الناس أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة قيل من الرجال قالت زوجها إن كان ما علمت صواما قواما.
أخرجه الترمذي وقال حسن غريب.
وعنها وقد ذكر عندها على فقالت: ما رأيت رجلا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ولا من امرأة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأته.
أخرجه المخلص الذهبي والحافظ أبو القاسم الدمشقي.
وعن معاذة الغفارية قالت دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وعلى خارج من عنده فسمعته يقول يا عائشة إن هذا أحب الرجال
إلى وأكرمهم على فاعرفي له حقه وأكرمي مثواه.
أخرجه الخجندى.
وعن معاوية بن ثعلبة قال جاء رجل إلى ابى ذر رضى الله عنه وهو في مسجد رسول
__________
(1) في نسخة (معه أحب) .

(1/62)


الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا ذر ألا تخبرني بأحب الناس اليك فانى أعرف ان أحب الناس إليك أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وإى ورب الكعبة أحبهم إلى أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ذاك الشيخ فأشار إلى على.
خرجه الملا في سيرته.
(ذكر أنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة الرأس من الجسد) عن البراء بن عازب رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (على منى بمنزلة رأسي من جسدي) أخرجه الملا في سيرته.
* (ذكر أنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة هرون من موسى) * عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى (أنت منى بمنزلة هرون من موسى إلا انه لا نبى بعدى) أخرجه البخاري ومسلم.
وعنه قال خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا في غزوة تبوك فقال يا رسول الله خلفتني في النساء والصبيان (فقال أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى إلا انه لانبى بعدى) خرجه مسلم وأبو حاتم.
وفى رواية أخرجها ابن إسحق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل الجرف (1) طعن رجال من المنافقين في أخرة على وقالوا إنما خلفه استثقالا فخرج على فحمل سلاحه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالجرف فقال يا رسول الله ما تخلفت عنك في غزاة قط قبل هذه قد زعم ناس من المنافقين انك خلفتني استثقالا قال كذبوا ولكن خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلى أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى إلا انه لا نبى بعدى.
وعن
أسماء بنت عميس رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم إنى أقول كما قال أخى موسى واجعل لى وزيرا من أهلى أخى عليا أشدد به أزرى وأشركه في أمرى كى نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا) أخرجه احمد في المناقب، والمراد بالامر غير النبوة بدليل ما تقدم.
__________
(1) موضع قريب من المدينة.

(1/63)


وعنها قالت هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك على منك بمنزلة هرون من موسى لكن لا نبى بعدك.
اخرجه الامام على بن موسى الرضا.
* (ذكر أنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم من الله عزوجل) * عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جاء أبو بكر وعلى يزوران قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بستة ايام قال على لابي بكر تقدم يا خليفة رسول الله قال ابو بكر رضى الله عنه ما كنت لاتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (على منى بمنزلتي من ربى) أخرجه السمان في كتاب الموافقة.
* (ذكر انه رضى الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أو مثله) * عن المطلب بن عبد الله بن حنطب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد ثقيف حين جاؤه (لتسلمن أو لابعثن عليكم رجلا منى - أو قال مثل نفسي ليضربن أعناقكم وليسبين ذراريكم وليأخذن أموالكم) قال عمر رضى الله عنه فوالله ما تمنيت الامارة إلا يؤمئذ فجعلت أنصب صدري رجاء أن يقول هو هذا قال فالتفت إلى على فأخذ بيده وقال هو هذا هو هذا.
أخرجه عبد الرزاق في جامعه وأبو عمر النمري وابن السمان.
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من نبى إلا وله نظير في أمته وعلى نظيرى) أخرجه أبو حسن الخلعي.
* (ذكر صلاة الملائكة عليه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم) * عن أبى أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفد صلت الملائكة على وعلى على لانا كنا نصلى ليس معنا أحد يصلى غيرنا) أخرجه أبو الحسن الخلعي.
* (ذكر أن الله عزوجل يقبض روحه وروح النبي صلى الله عليه وسلم) * * (بمشيئته دون ملك الموت) * عن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما أسرى بى

(1/64)


مررت بملك جالس على سرير من نور واحدى رجليه في المشرق والاخرى في المغرب وبين يديه لوح ينظر فيه والدنيا كلها بين عينيه والخلق بين ركبتيه ويده تبلغ المشرق والمغرب فقلت يا جبريل من هذا فقال هذا عزرائيل تقدم فسلم عليه فتقدمت فسلمت عليه فقال وعليك السلام يا أحمد ما فعل ابن عمك على فقلت وهل تعرف ابن عمى عليا قال كيف لا أعرفه وقد وكلنى الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح بن عمك على بن أبى طالب فان الله يتوفاكما بمشيئته.
أخرجه الملا في سيرته.
(ذكر أنه من آذاه فقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم ومن ابغضه) فقد أبغضه ومن سبه فقد سبه ومن أحبه فقد أحبه ومن تولاه فقد تولاه ومن عاداه فقد عاداه ومن أطاعه فقد أطاعه ومن عصاه فقد عصاه عن عمرو بن شاس (1) الاسلمي وكان من أصحاب الحديبية قال خرجت مع على إلى اليمن فجفاني في سفري حتى وجدت في نفسي عليه فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه فلما رأني أبدنى عينيه - يقول حدد إلى النظر - حتى إذا جلست قال يا عمرو والله لقد آذيتنى قلت أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله فقال بلى
من آذى عليا فقد آذانى.
أخرجه أحمد.
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحب عليا فقد أحبنى ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن آذى عليا فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله عزوجل) أخرجه أبو عمر النمري.
وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت اشهد انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من احب عليا فقد احبني ومن احبني فقد احب الله ومن ابغض عليا فقد ابغضنى ومن ابغضنى فقد ابغض الله عز وجل) اخرجه المخلص الذهبي.
واخرجه غيره من حديث عمار بن ياسر رضى الله عنه وزاد فيه: ومن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله.
وعن ابن
__________
(1) في الاصل (شاش) بمعجمتين وهو غلط والتصويب من معجم الشعراء للمرزباني.

(1/65)


عباس رضى الله عنهما قال اشهد بالله لسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من سب عليا فقد سبنى ومن سبنى فقد سب الله ومن سب الله عزوجل اكبه الله على منخريه) اخرجه أبو عبد الله الحلانى، وخرج الامام احمد منه من حديث ام سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من سب عليا فقد سبنى) وعن ابى ذر الغفاري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى (من اطاعك فقد اطاعني ومن اطاعني اطاع الله ومن عصاك فقد عصاني) اخرجه الامام أبو بكر الاسماعيلي في معجمه، وخرجه الخجندى وزاد: ومن عصاني فقد عصى الله.
وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يا على من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني) خرجه احمد في المناقب.
* (ذكر إخائه للنبى صلى الله عليه وسلم) * عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فجاء على تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تواخ بينى وبين احد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنت أخى في الدنيا والآخرة)
أخرجه الترمذي وقال حديث حسن، وأخرجه البغوي في المصابيح في الحسان.
وفى رواية من حديث الامام احمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما قال آخيت بين أصحابك وتركتني قال ولم تراني تركتك إنما تركتك لنفسي أنت أخى وأنا أخوك.
وعن على عليه السلام قال طلبني النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني في حائط نائم فضربني برجله وقال قم فوالله لارضيك أنت أخى وأبو ولدى تقاتل على سنتى من مات على عهدي فهو في كنز الجنة ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه ومن مات على دينك بعد موتك ختم الله له بالامن والايمان ما طلعت شمس أو غربت.
خرجه احمد.
وعن جابر رضى الله عنه قال: على باب الجنة مكتوب لاإله إلا الله محمد رسول الله على أخو رسول الله.
وفى رواية: مكتوب على باب الجنة محمد رسول الله على أخو رسول الله قبل أن تخلق السموات والارض

(1/66)


بألفى سنة - أخرجهما احمد في المناقب.
(ذكر ان الله عزوجل جعل ذرية نبيه صلى الله عليه وسلم) في صلب على عليه السلام تقدم في الفصل قبله قوله صلى الله عليه وسلم (أنت أخى وأبو ولدي) وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال كنت أنا والعباس جالسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل على بن أبى طالب فسلم فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام وقام إليه وعانقه وقبل بين عينيه وأجلسه عى يمينه فقال العباس يا رسول الله أتحب هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عم والله لله اشد حبا له منى ان الله جعل ذرية كل نبى في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا) اخرجه ابو الخير الحاكمى في الاربعين.
(ذكر انه من كان النبي صلى الله عليه وسلم مولاه فعلى مولاه)
عن البراء بن عازب رضى الله عنهما قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم (1) فنودى فينا الصلاة جامعة وكسح (2) لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد على وقال ألستم تعلمون انى أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى فأخذ بيد على وقال اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئا لك يا ابن أبى طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة) أخرجه أحمد في مسنده، وأخرجه في المناقب من حديث عمر وزاد بعد قوله وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحب من أحبه.
قال شعبة أو قال وأبغض من بغضه.
وعن زيد بن أرقم قال استنشد على بن أبى طالب الناس فقال أنشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه عليه وسلم يقول (من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلا فشهدوا.
وعن زياد بن أبى زياد قال سمعت على بن أبى
__________
(1) موضع بين مكة والمدينة.
(2) أي ك؟ س.

(1/67)


طالب ينشد الناس فقال أنشد الله رجلا مسلما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا.
وعن عمر رضى الله عنه وقد جاءه أعرابيان يختصمان فقال لعلى اقض بينهما يا أبا الحسن فقضى على بينهما فقال أحدهما هذا يقصى بيننا فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه (1) وقال ويحك ما تدري من هذا هذا مولاى ومولى كل مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
خرجه ابن السمان في كتاب الموافقة.
(ذكر انه من النبي صلى الله عليه وسلم وانه ولى كل مؤمن من بعده) تقدم طرف من أحاديث هذا الذكر أنه من النبي صلى الله عليه وسلم عن عمران بن حصين رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان عليا
منى وانا منه وهو ولى كل مؤمن بعدى) اخرجه احمد والترمذي وقال حسن غريب وابو حاتم.
وعن بريدة رضى الله عنه انه كان يبغض عليا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (تبغض عليا قال نعم قال لا تبغضه وان كنت تحبه فازدد له حبا قال فما كان احد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم احب إلى من على، وفى رواية انه قال له النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقع في على فانه منى وأنا منه وهو وليكم بعدى) خرجهما احمد.
(ذكر ان جبريل من على عليهما السلام) عن ابى رافع قال لما قتل على اصحاب الالوية يوم احد قال جبريل عليه السلام يارسول الله ان هذه لهى المواساة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انه منى وانا منه فقال جبريل عليه السلام وانا منكما يا رسول الله.
خرجه احمد في المناقب.
(ذكر سلام الملائكة عليه) قال لما كان ليلة يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يستسقى لنا من الماء فأحجم الناس فقام على فاحتضن قربة فأتى بئرا بعيدة القعر مظلمة فانحدر
__________
(1) يقال لببت الرجل تلبيبا إذا جمعت ثيابه عند ظهره ونحره في الخصومة.

(1/68)


فيها فأوحى الله عزوجل إلى جبريل وميكائيل وإسرافيل تأهبوا لنصر محمد صلى الله عليه وسلم وحزبه فهبطوا من السماء لهم لغط يذعر من سمعه فلما حاذوا بالبئر سلموا عليه من عند آخرهم إكراما وتبجيلا.
اخرجه احمد في المناقب.
(ذكر تأييد الله عزوجل نبيه بعلى عليهما السلام) عن ابى الخميس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسرى بى إلى السماء فنظرت إلى ساق العرش الايمن فرأيت كتابا فهمته محمد رسول الله أيدته بعلى ونصرته به) خرجه الملا في سيرته.
(ذكر اختصاصه بالتبليغ عن النبي صلى الله عليه وسلم) عن أبى سعيد أو أبى هريرة رضى الله عنهما قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الحج فلما بلغ ضجنان (1) سمع بغام ناقة على فعرفه فأتاه فقال ما شأنك فقال خيرا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنى ببراءة فلما رجعنا انطلق أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله مالى قال خيرا أنت صاحبي في الغار غير أنه لا يبلغ عنى غيرى أو رجل منى يعنى عليا.
أخرجه ابو حاتم.
وفى رواية عنده من حديث جابر أن أبا بكر رضى الله عنه قال له أمير أم رسول فقال بل رسول أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة اقرؤها على الناس في مواقف الحج.
وفى رواية من حديث أحمد عن على ان النبي صلى الله عليه وسلم لما راجعه أبو بكر رضى الله عنه قال له جبريل جاءني فقال لن يؤدى عنك الا أنت أو رجل منك.
(شرح) : بغام الناقة: صوت لا تفصح به تقول منه بغمت تبغم بالكسر وبغمت للرجل إذا لم تفصح له عن معنى ما تحدثه به، وضجنان جبل بناحية مكة.
وقد روى أن عليا رضى الله عنه أدرك أبا بكر بالعرج (2) وهو منزل بطريق مكة.
وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يبلغ عنى غيرى أو رجل منى) أي من أهل بيتى
__________
(1) بين مكة والمدينة.
(2) في التيمورية (الفرخ) وهو تحريف.

(1/69)


وهذا التبليغ والاداء يختص بهذه الواقعة لسبب اقتضاه وذلك ان عادة العرب في نقض العهود أن لا يتولى ذلك إلا من تولى عقدها أو رجل من قبيلته وكان النبي صلى الله عليه وسلم ولى أبا بكر ذلك جريا على عادته في عدم مراعاة العوائد الجاهلية فأمره الله تعالى أن لا يبعث في نقض عهودهم إلا رجلا منه قطعا لحججهم وإزاحة لعللهم لئلا يحتجوا بعوائدهم والدليل على أنه لا يختص التبليغ عنه بأهل بيته انه
قد علم بالضرورة ان رسله صلى الله عليه وسلم لم تزل مختلفة إلى الآفاق في التبليغ عنه وأداء رسالته وتعليم الاحكام والوقائع يؤدون عنه صلى الله عليه وسلم (ذكر اختصاصه بسيادة العرب وحث الانصار على حبه) عن الحسن بن على عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ادعو إلى سيد العرب يعنى عليا قالت عائشة رضى الله عنها ألست سيد العرب فقال أنا سيد ولد آدم وعلى سيد العرب فلما جاء أرسل صلى الله عليه وسلم إلى الانصار فأتوه فقال لهم يا معشر الانصار ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدا قالوا بلى يا رسول الله قال هذا على فأحبوه بحبي وأكرموه بكرامتي فان جبريل أخبرني بالذى قلت لكم عن الله عزوجل.
(ذكر اختصاصه بسيادة المسلمين وولاة المتقين) عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى بى انتهيت إلى ربى عزوجل فأوحى إلى أو أمرنى شك الراوى في أيهما في على ثلاثا انه سيد المسلمين وولى المتقين وقائد الغر المحجلين) أخرجه المحاملى وأخرجه الامام على بن موسى الرضا من حديث على وزاد: ويعسوب الدين.
(ذكر اختصاصه بأن النبي صلى الله عليه وسلم) * (أقامه مقامه في نحر بقية بدنه وأشركه في هديه) * عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما حديثه الطويل في مناسك الحج وفيه

(1/70)


فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة (1) بيده وأعطى عليا فنحر ما عتر منها وأشركه في هديه (2) ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.
أخرجه مسلم.
(ذكر اختصاصه بأنه لا يجوز أحد الصراط إلا من)
كتب له على الجواز عن قيس بن أبى خازم قال التقى أبو بكر وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما فتبسم أبو بكر في وجه على فقال له مالك تبسمت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له على الجواز) أخرجه ابن السمان في كتاب الموافقة.
(ذكر اختصاصه بالوصاية والارث) عن بريدة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لكل نبى وصى ووارث وان عليا وصيى ووارثى) أخرجه الحافظ أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة وإن صح هذا الحديث فالتوريث محمول على ما رواه معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال على يا رسول الله ما أرث منك قال ما يرث النبيون بعضهم من بعض كتاب الله وسنة نبيه.
والوصية محمولة على ما رواه أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وصيى ووارثى يقضى ديني وينجز موعدى على به أبى طالب رضى الله عنه.
أخرجه أحمد في المناقب أو على ما رواه حبة العرنى عن على قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا على أوصيك بالعرب خيرا.
أخرجه أحمد في المناقب وخرجه ابن السراج، أو على ما رواه حسين بن على عن أبيه عن جده قال أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يغسله فقال على يا رسول الله أخشى أن لا أطيق ذلك قال إنك ستعان على فقال على رضى الله عنه والله ما أردت أن أقلب من رسول الله صلى
__________
(1) البدنة تفع على جمل والناقة والبقرة، وهى بالابل أشبه وسميت بدنة لعظهما وسمنها.
(2) الهدى هو ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لتنحر.

(1/71)


الله عليه وسلم عضوا إلا قلب لى.
ويعضد هذا التأويل بما ورد من الاحاديث الصحيحة في نفى التوريث ولايصاء وانه لم يعهد إليهم عهدا غير ما في كتاب
الله وما في صحيفة فيها شئ من أسنان الابل ومن العقل على ما قررناه في كتاب الرياض النضرة في فضائل العشرة رضى الله عنهم.
(ذكر انه ادخله النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبه يوم توفى) واحتضنه إلى أن قبض عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة (ادعوا لى حبيبي فدعوا له أبا بكر رضى الله عنه فنظر إليه ثم وضع رأسه فقال ادعوا لى حبيبي فدعوا له عمر رضى الله عنه فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال ادعوا لى حبيبي فدعوا له عليا رضى الله عنه فلما رآه أدخله معه في الثوب الذى كان عليه فلم يزل يحتضنه حتى قبض صلى الله عليه وسلم) أخرجه الرازي.
(ذكر انه أقرب الناس عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم مات) عن أم سلمة رضى الله عنها قالت والذى أحلف ان كان على لاقرب الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة بعد غداة يقول جاء على وأظنه كان بعثه في حاجة فجاء بعد فظننت ان له حاجة فخرجنا من البيت قعدنا عند الباب فكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه على فجعل يساره ويناجيه ثم قبض صلى الله عليه وسلم يومه ذلك فكان من أقرب الناس به عهدا.
أخرجه الامام احمد.
(ذكر إختصاصه باعطائه الراية يوم خيبر وفتحها على يديه) عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لاعطين غدا الراية رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله على يديه قال فبات الناس يدوكون (1) ليلتهم أيهم يعطى فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو
__________
(2) أي يخوضون ويمرجون فيمن بدفعها إليه.
وفى نسخة (يدودون) وهو خطأ.

(1/72)


أن يعطاها فقال صلى الله عليه وسلم أين على بن أبى طالب فقالوا يشتكى عينيه
يا رسول الله قال فأرسلوا إليه فلما جاء بصق صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع وأعطاه الراية فقال على يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا قال أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لان يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) أخرجه البخاري ومسلم.
وفى رواية من حديث سلمة بن الاكوع لاعطين الراية أو ليأخذن الراية - غدا رجلا يحبه الله ورسوله - أو قال يحب الله ورسوله - يفتح الله على يديه، ثم ذكر معنى ما بقى.
أخرجه مسلم أيضا من حديث أبى هريرة ولفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر (لاعطين هذه الراية رجلا يحب الله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه قال عمر رضى الله عنه فما أحببت الامارة إلا يومئذ فشارفت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فأعطاه إياها) ثم ذكر معنى ما بقى.
وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية وهزها ثم قال من يأخذها بحقها فجاء فلان فقال أنا فقال صلى الله عليه وسلم والذى يكرم وجه محمد لاعطينها رجلا لا يفر هاك يا على فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك وجاء بعجوتها وقديدها.
أخرجه أحمد.
وعن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع على حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود وطرح ترسه فتناول على رضى الله عنه بابا كان عند الحصن فترس به نفسه فلم يزل في يده حتى فتح الله عزوجل عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتنى في نفر معى سبعة أنا ثامنهم نجتهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.
اخرجه أحمد في المسند.
(ذكر انه لم ترمد عيناه بعد أن تفل فيهما النبي صلى الله عليه وسلم) عن على رضى الله عنه قال: مارمدت عيناى منذ تفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في

(1/73)


عينى.
أخرجه أحمد.
وعنه قال: مارمدت عيناى منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهى وتفل في عينى يوم خيبر حين أعطاني الراية.
أخرجه أبو الخير القزويني.
(ذكر إختصاصه بأنه كان لا يجد حراولا بردا) عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال كان أبى يسمر مع على وكان على يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف فقيل له لو سألته فسأله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت يا رسول الله إنى أرمد العين فتفل في عينى فقال اللهم أذهب عنه الحر والبرد فما وجدت حرا ولا بردا منذ يومئذ.
أخرجه أحمد.
(ذكر انه كان صلى الله عليه وسلم يعطيه الراية) فلا ينصرف حتى يفتح عليه عن عمر بن حبيش قال خطبنا الحسن بن على حين قتل على فقال لقد فارقكم رجل ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح الله عليه ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لاهله.
أخرجه أحمد.
(ذكر انه كان يبعثه النبي صلى الله عليه وسلم على السرية) جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فلا ينصرف حتى يفتح عليه عن الحسن انه قال حين قتل على لقد فارقكم رجل ما سبقه الاولون بعلم ولا أدركه الآخرون كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالسرية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح عليه.
أخرجه أحمد.
وخرجه أبو حاتم ولم يقل بعلم.
(ذكر ملك كان ينوه باسمه يوم بدر) عن أبى جعفر محمد بن على قال نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان أن لا سيف الا ذو الفقار ولافتى إلا على.
خرجه الحسن بن عرفة العبدرى.
ذو الفقار اسم سيف النبي صلى الله عليه وسلم سمى بذلك لانه كانت فيه حفر
صغار قال أبو عبيد والمفقر من السيوف الذى في متنه حزوز.

(1/74)


(ذكر انه حمل رأيه النبي صلى الله عليه وسلم) يوم بدر وكان يحملها في المشاهد كلها عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان على أخذ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال الحكم يوم بدر والمشاهد كلها.
أخرجه أحمد في المناقب.
وعن على قال كسرت يد على رضى الله عنه يوم أحد فسقط اللواء من يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعوه في يده اليسرى فانه صاحب لوائى في الدنيا والآخرة.
أخرجه ابن الحضرمي.
وعن مالك بن دينار سألت سعيد بن جبير وإخوانه من القراء من كان حامل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا كان حاملها على رضى الله عنه.
أخرجه أحمد في المناقب.
(ذكر إختصاصه بحمل لواء الحمد في ظل العرش) بين ابراهيم والنبى صلى الله عليه وسلم وانه يكسى إذا كسى النبي صلى الله عليه وسلم عن مخدوع الذهلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى أما علمت يا على انى أول من يدعى به يوم القيامة فأقوم عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض فيقومون سماطين عن يمين العرش ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة ألا وانى أخبرك يا على ان أمتى أول الامم يحاسبون يوم القيامة ثم أبشر انك أول من يدعى بك لقرابتك منى وميزتك ومنزلتك عندي فيدفع اليك لوائى وهو لواء الحمد تسير به بين السماطين آدم وجميع خلق الله تعالى مستظلون بظل لوائى يوم القيامة فتسير باللواء الحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بينى وبين ابراهيم في ظل العرش ثم تكسى حلة من الجنة ثم ينادى مناد تحت العرش نعم الاب أبوك إبراهيم ونعم
الاخ أخوك على ابشر يا على أنك تكسى إذا كسيت وتدعى إذا دعيت وتحيا إذا حييت.
أخرجه أحمد في المناقب.
والسماطان من الناس والنخل الجانبان يقال مشى بين السماطين، وقوله وميزتك لعله ومنزلتك فغلط الناسخ وان صح فالمعنى فلتميزك

(1/75)


عندي عن الناس من مزت الشئ أميزه إذا عزلته وأفردته وكذلك ميزته فانماز وتميز.
* (ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم هدد قريشا يوم الحديبية ببعثه عليهم) * عن على رضى الله عنه قال لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين منهم سهيل من عمرو واناس من رؤساء المشركين فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا وليس بهم فقه في الدين وإنما خرجوا فرارا من اموالنا وضياعنا فارددهم إلينا فان كان بهم فقه في الدين سنفقههم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين فقد امتحن الله قلبه على الايمان فقالوا من هو يا رسول الله وقال أبو بكر من هو يا رسول الله وقال عمر من هو يا رسول الله قال هو خاصف النعل وكان أعطى عليا نعله يخصفها ثم التفت على إلى من عنده وقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح.
* (ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله) * صلى الله عليه وسلم على تنزيله عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله قال أبو بكر رضى الله عنه أنا هو يا رسول الله قال لا ولكن خاصف النعل في الحجرة وكان أعطى عليا نعله يخصفها) أخرجه أبو حاتم.
وأصل الخصف الضم والجمع وخصف النعل
إطباق طاق على طاق ومنه قوله تعالى (يخصفان عليهما من ورق الجنة) .
* (ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الابواب الشارعة في المسجد) * إلا باب على عليه السلام عن زيد بن ارقم رضى الله عنه قال كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابواب شارعة في المسجد قال فقال يوما سدوا هذه الابواب إلا باب

(1/76)


على قال فتكلم في ذلك ناس قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فانى ما أمرت بسد هذه الابواب غير باب على فقال فيه قائلكم وانى والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته.
أخرجه أحمد.
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال لقد أوتى ابن أبى طالب ثلاث خصال لان يكون لى واحدة منهن أحب إلى من حمر النعم زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له وسد الابواب إلا بابه في المسجد واعطاه الراية يوم حنين.
أخرجه أحمد ولعله سقط قال عمر فان هذا مروى عنه وكذلك رواه بريدة ان عمر قال يعنى هذا الحديث الاول.
* (ذكر اختصاصه بالمرور في المسجد جنبا) * عن أبى سعيد رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا على لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد غيرى وغيرك) قال على بن المنذر قلت لضرار بن صرد ما معنى هذا الحديث قال لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيرى وغيرك.
أخرجه الترمذي وقال حديث حسن.
* (ذكر أنه حجة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته يوم القيامة) * عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عليا مقبلا فقال يا انس قلت لبيك قال هذا المقبل حجتى على أمتى يوم القيامة.
أخرجه النقاش.
* (ذكر أنه باب دار الحكمة) *
عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا دار الحكمة وعلى بابها) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن.
* (ذكر أنه باب دار العلم وباب مدينة العلم) * عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا دار العلم وعلى بابها) أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان وخرجه أبو عمر وقال: أنا مدينة العلم، وزاد فمن أراد العلم فليأته من بابه.

(1/77)


* (ذكر أنه أعلم الناس بالسنة) * عن عائشة رضى الله عنها انها قالت: من أفتاكم بصوم عاشوراء قالوا على قالت أما إنه أعلم الناس بالسنة.
أخرجه أبو عمر.
* (ذكر أنه أكبر الامة علما وأعظمهم حلما) * عن ابن عباس رضى الله عنهما وقد سئل عن على رضى الله عنه فقال رحمة الله على أبى الحسن كان والله علم الهدى وكهف التقى وطود النهى ومحل الحجا وغيث الندى ومنتهى العلم للورى ونورا أسفر في الدجى وداعيا إلى المحجة العظمى مستمسكا بالعروة الوثقى أتقى من تقمص وارتدى وأكرم من شهد النجوى بعد محمد المصطفى وصاحب القبلتين وأبو السبطين وزوجته خير النسا فما يفوقه أحد لم تر عيناى مثله ولم أسمع بمثله فعلى من بغضه لعنة الله ولعنة العباد إلى يوم التناد.
أخرجه أبو الفتح القواس.
قوله طود هو الجبل العظيم، استعير منه التعظيم، والنهى: العقول والحجا العقل أيضا، والنجوى: المشاورة وإلمسارة، وختنه وزوجته أي ابنه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الجوهرى الختن بالتحريك عند العرب كل ما كان من قبل المرأة مثل الاب والاخ هذا أصله عند العرب ثم اطلق في عرف الناس على زوج البنت.
وعن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة
وهى شاكية فقال كيف تجدينك قالت لقد اشتدت فاقتي وطال سقمى.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل وجدت بخط أبى في هذا الحديث قال أو ما ترضين انى زوجتك أكرمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما، أخرجه أحمد.
وعن عطاء وقيل له أكان في أصحاب محمد أحد أعلم من على قال ما أعلم.
أخرجه القلعى.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: والله لقد أعطى على تسعة أعشار العلم وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر.
أخرجه أبو عمر.
وعن على رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له (ليهنك العلم أبا الحسن لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا) أخرجه الرازي، ونهلت هنا بمعنى شربت وكرر لاختلاف اللفظ ان يعدى

(1/78)


بمن تقول نهلت منه نهلا أي رويت منه ريا فيجوز أن يكون لما أقامه مقام شربت عداه إلى المفعول بنفسه.
وعن عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة وقد سئل عن على فقال كان له والله ما شاء من ضرس قاطع السطة في النسب وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصاهرته والسابقة في الاسلام والعلم بالقرآن والفقه والسنة والنجدة في الحرب والجود في الماعون.
أخرجه المخلص الذهبي.
وعن الحسن بن أبى الحسن وقد سئل عن على قال كان والله سهما صائبا من مرامي الله عزوجل على عدوه ورباني هذه الامة وذا فضلها وذا سابقتها وذا قرابتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن بالنؤمة عن أمر الله ولا بالملومة في دين الله ولا بالسروقة لمال الله عزوجل اعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ذاك على ابن أبى طالب رضى الله عنه.
أخرجه القلعى.
وقوله ربانى هو العالم الراسخ في العلم والدين أو الذى يبتغى بعلمه وجه الله وقيل العالم العامل المعلم ونسب إلى الرب لذلك والنون فيه زائدة، وقيل منسوب إلى الرب بمعنى التربية كأنه يربى بصغار العلم قبل كباره، وذكر في الصحاح الربانى هو المتأله العارف بالله عزوجل.
* (ذكر ان جمعا من الصحابة لما سالوا احالوا في السؤال عليه) * عن أذينة العبدى قال أتيت عمر فسألته من أين أعتمر فقال ائت عليا فاسأله.
خرجه أبو عمر.
وعن أبى حازم قال جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال سل عنها عليا فهو أعلم فقال يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلى من جواب على قال بئس ما قلت لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزه بالعلم غزا ولقد قال له (أنت منى بمنزلة هرون من موسى إلا انه لا نبى بعدى) وكان عمر إذا أشكل عليه شئ أخذ منه.
أخرجه الامام أحمد في المناقب.
قوله يغزه غزا الغزارة الكثرة وقد غزر الشئ بالضم كثر.
وعن عائشة رضى الله عنها وقد سئلت عن المسح على الخفين فقالت ائت عليا فاسأله.
أخرجه مسلم.
وعن حنش بن المعتمر أن رجلين أتيا امرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار وقالا لها لا تدفعيها

(1/79)


إلى أحد منا دون صاحبه حتى نجتمع فلبثا حولا ثم جاء أحدهما إليها وقال إن صاحبي قد مات ادفعي لى الدنانير فأبت فثقل عليها باهلها فلم يزالوا بها حتى دفعتها إليه ثم لبث حولا آخر فجاء الآخر فقال ادفعي إلى الدنانير فقالت إن صاحبك جاءني وزعم انك قد مت فدفعتها إليه فاختصما إلى عمر رضى الله عنه فأراد أن يقضى عليها فقالت أنشدك الله أن لا تقضى بيننا وارفعنا إلى على بن أبى طالب فرفعها إلى على فعرف انهما قد مكرا بها فقال أليس قلتما لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه قال بلى قال فان مالك عندنا فاذهب فجئ بصاحبك حتى ندفعها إليكما.
وعن محمد بن يحيى بن حبان قال إن حبان بن منقذ كانت تحته امرأتان هاشمية وأنصارية فطلق الانصارية ثم مات على رأس الحول فقالت لم تنقض عدتي فارتفعوا إلى عثمان فقال هذا ليس لى به علم فارتفعوا إلى على قال على تحلفي عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك لم تحيضي ثلاث حيضات ولك الميراث فحلفت وأشركت في الميراث.
(ذكر رجوع ابى بكر وعمر رضى الله عنهما) إلى قول على عليه السلام (1) عن ابن عمر رضى الله عنه ان اليهود جاءوا إلى أبى بكر رضى الله عنه فقالوا صف لنا صاحبك فقال معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كأصبعى هاتين ولقد صعدت معه جبل حراء وان خنصرى لفى خنصره ولكن الحديث عنه صلى الله عليه وسلم شديد وهذا على بن أبى طالب فأتوا عليا فقالوا يا أبا الحسن صف ابن عمك فوصفه لهم صلى الله عليه وسلم.
وعن زيد بن على عن أبيه عن جده قال أتى عمر رضى الله عنه بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها فتلقاها على فقال ما بال هذه قالوا امر عمر برجمها فردها على وقال هذه سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها ولعلك انتهرتها أو أخفتها قال قد كان ذلك قال أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاحد على معترف بعد بلاء انه من قيد
__________
(1) في هامش الاصل (قضاياه العجيبة رضى الله عنه وكرم وجهه) .

(1/80)


أو حبس أو تهدد فلا إقرار له فخلى سبيلها.
وعن عبد الله بن الحسن قال دخل على على عمر وإذا إمرأة حبلى تقاد ترجم قال ما شأن هذه قالت يذهبون بى يرجمونى فقال يا أمير المؤمنين لاى شئ ترجم إن كان لك سلطان عليها فما لك سلطان على ما في بطنها فقال عمر رضى الله عنه كل أحد أفقه منى ثلاث مرات فضمنها على حتى ولدت غلاما ثم ذهب بها إليه فرجمها، وهذه المرأة غير تلك والله أعلم لان إعتراف تلك كان بعد تخويف فلم يصح فلم ترجم وهذه رجمت كما تضمنه الحديث.
وعن أبى عبد الرحمن السلمى قال أتى عمر بامرأة أجهزها العطش فمرت على راع فاستسقته فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت فشاور الناس في رجمها فقال له على هي مضطرة إلى ذلك فخل سبيلها
ففعل.
وهذا محمول على أنها أشرفت على الهلاك لو لم تفعل ومع ذلك ففيه نظر وربما يتخيل من قول على هذا أنه جوز لها الفجور بسبب ذلك ولا أرى أنه جوز ذلك وإنما أسقط الحد لمكان الشبهة والله أعلم.
وعن أبى ظبيان قال شهدت عمر بن الخطاب رضى الله عنه أتى بامرأة قد زنت فأمر برجمها فذهبوا بها ليرجموها فلقيهم على (1) فقال ما لهذه قالوا زنت فأمر عمر برجمها فانتزعها على من أيديهم فردهم فرجعوا إلى عمر فقالوا ردنا على قال ما فعل هذا على إلا لشئ فأرسل إليه فجاءه فقال مالك رددت هؤلاء قال أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المبتلى حتى يعقل) فقال بلى فقال هذه مبتلاة بنى فلان فلعله أتاها وهو بها فقال عمر لا أدرى قال فأنا أدرى فترك رجمها.
وعن مسروق أن عمر أتى بامرأء قد نكحت في عدتها ففرق بينهما وجعل مهرها في بيت المال وقال لا يجتمعان أبدا فبلغ عليا فقال إن كانا جهلا فلها المهر بما استحل من فرجها ويفرق بينهما فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب فخطب عمر رضى الله عنه وقال ردوا الجهالات إلى السنة فرجع إلى قول على.
أخرج جميع هذه الاحاديث ابن النعمان في كتاب الموافقة،
__________
(1) من هنا إلى قوله (قال ما فعل) ساقط من نسخة.

(1/81)


واخرج حديث أبى ظبيان أحمد، وروى أن عمر أراد رجم المرأة التى ولدت لستة أشهر فقال له على إن الله عزوجل وعلا يقول (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال تعالى (وفصاله في عامين) فالحمل ستة أشهر والفصال في عامين فترك عمر رجمها وقال لولا على هلك عمر.
خرجه القلعى.
أخرجه ابن السمان.
وعن سعيد بن المسيب قال كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن.
أخرجه أحمد وأبو عمر.
وعن محمد ابن الزبير قال دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بشيخ قد التوت ترقوتاه من الكبر
فقلت يا شيخ من أدركت قال عمر رضى الله عنه فقلت فما غزوت معه قال غزوت اليرموك قلت فحدثني شيئا سمعته قال خرجت مع فتية حجاجا فأصبنا بيض نعام وقد أحرمنا فلما قضينا نسكنا ذكرنا ذلك لامير المؤمنين عمر فأدبر وقال إتبعونى حتى انتهى إلى حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب حجرة منها فأجابته إمرأة فقال أثم أبو حسن قالت لا فمر في المقتاة فأدبر وقال إتبعونى حتى انتهى إليه وهو يسوى التراب بيده فقال مرحبا يا أمير المؤمنين فقال إن هؤلاء أصابوا بيض نعام وهم محرمون فقال ألا أرسلت إلى قال أنا أحق باتيانك قال يضربون الفحل قلائص (1) أبكارا بعدد البيض فما نتج منها أهدوه قال عمر فان الابل تخدج قال على والبيض يمرض فلما أدبر قال عمر اللهم لا تنزل بى شديدة إلا وأبو الحسن إلى جنبى.
وعن محمد بن زياد قال كان عمر يطوف بالبيت وعلى يطوف أمامه إذ عرض رجل لعمر فقال يا أمير المؤمنين خذلى حقى من على بن أبى طالب قال وما باله قال لطم عينى قال فوقف عمر حتى مر به على فقال ألطمت عين هذا يا أبا الحسن قال نعم يا أمير المؤمنين قال ولم قال لانى رأيته يتأمل حرم المؤمنين في الطواف فقال عمر أحسنت يا أبا الحسن.
وعن يحيى بن عقيل قال كان عمر يقول لعلى إذا سأله ففرج عنه لا أبقاني الله بعدك يا على.
وعن أبى سعيد الخدرى أنه سمع عمر يقول لعلى وقد سأله عن شئ فأجابه: أعوذ بالله أن أعيش في يوم لست فيه يا أبا الحسن.
وعن موسى بن طلحة أن عمر اجتمع عنده مال
__________
(1) جمع قلوص وهى الناقة الشابة.

(1/82)


فقسمه ففضل منه فضلة فاستشار أصحابه في ذلك الفضل فقالوا نرى أن تمسكه فإذا احتجت إلى شئ كان عندك وعلى في القوم لا يتكلم فقال عمر مالك لا تتكلم يا على قال قد أشار عليك القوم قال وأنت فأشر قال فانى أرى أنك تقسمه ففعل.
وعن يحيى بن عقيل عن على أنه قال لعمر يا أمير المؤمنين إن سرك أن تلحق بصاحبيك فأقصر الامل وكل دون الشبع وأقصر الازار وارفع القميص واخصف النعل تلحق بهما.
أخرج جميع ذلك السمان والله أعلم.
(ذكر أنه لم يكن احد من الصحابة يقول سلونى غيره) عن سعيد بن المسيب قال لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سلونى إلا عليا.
أخرجه أحمد في المناقب والبغوى في المعجم وأبو عمر ولفظه ما كان أحد من الناس يقول سلونى غير على بن أبى طالب.
وعن أبى الطفيل قال شهدت عليا يقول سلونى فوالله لا تسألونى عن شئ إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل.
أخرجه أبو عمر.
(ذكر أنه أقضى الامة) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أقضى أمتى على) أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان.
وعن عمر رضى الله عنه قال: أقضانا على.
أخرجه الحافظ السلفي.
وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى (تخصم الناس بسبع ولا يحاجك أحد من قريش أنت أولهم إيمانا بالله وأوفاهم بعهد الله وأقومهم بأمر الله وأقسمهم بالسوية وأعدلهم في الرعية وأبصرهم بالقضية وأعظمهم عند الله مزية) أخرجه الحاكمى.
ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له حين ولاه قضاء اليمن عن على عليه السلام قال: لما بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا وأنا حديث السن فقلت يارسول الله تبعثني إلى قوم تكون بينهم أحداث

(1/83)


ولاعلم لى بالقضاء قال إن الله سيهدي لسانك ويثبت قلبك قال فما شككت في
قضاء بين إثنين.
خرجه أحمد، وأراد بالاحداث الامور الحادثة.
(ذكر بعض أقضيته عليه السلام) عن زيد بن حبيش قال جلس إثنان يتغديان ومع أحدهما خمسة أرغفة والآخر ثلاثة وجلس إليهما ثالث واستأذنهما في أن يصيب من طعامهما فأذنا له فأكلوا على السواء ثم ألقى ثمانية دراهم قال هذا عوض ما أكلت من طعامكما فتنازعا في قسمتها فقال صاحب الخمسة لى خمسة ولك ثلاثة وقال صاحب الثلاثة بل نقسمها على السواء فترافعا إلى على عليه السلام فقال لصاحب الثلاثة اقبل من صاحبك ما عرض عليك فأبى وقال ما أريد إلا مر الحق فقال على لك في مر الحق درهم واحد وله سبعة قال وكيف ذلك يا أمير المؤمنين قال لان الثمانية أربعة وعشرون ثلثا لصاحب الخمسة خمسة عشر ولك تسعة وقد استويتم في الاكل فأكلت ثمانية وبقى لك واحد وأكل صاحبك ثمانية وبقى له سبعة وأكل الثالث ثمانية سبعة لصاحبك وواحد لك.
أخرجه القلعى.
وعن على عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فوجد أربعة وقعوا في حفرة ليصطاد فيها الاسد سقط أول رجل تعلق بآخر وتعلق الآخر بالآخر حتى تساقط الاربعة فجرحهم الاسد وماتوا من جراحته فتنازع أولياؤهم حتى كادوا يقتتلون فقال على أنا أقضى بينكم فان رضيتهم فهو القضاء وإلا حجزت بعضكم عن بعض حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقضى بينكم إجمعوا من القبائل الذين حفروا البئر ربع الدية وثلثها ونصفها ودية كاملة فللاول ربع الدية لانه أهلك من فوقه وللذى يليه ثلثها لانه أهلك من فوقه وللثالث النصف لانه أهلك من فوقه وللرابع الدية الكاملة فأبوا أن يرضوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصوا عليه قضاء على فأجازه.
أخرجه أحمد في المناقب.
وعن الحارث عن على رضى الله عنه أنه جاءه رجل بامرأة فقال يا أمير المؤمنين دلست على هذه وهى مجنونة قال فصعد على
بصره وصوبه وكانت إمرأة جميلة فقال ما يقول هذا فقالت والله يا أمير المؤمنين ما بى

(1/84)


جنون ولكني إذا كان ذلك الوقت أي وقت الجماع غلبتني غشية فقال خذها ويحك وأحسن إليها فما أنت لها بأهل.
أخرجه الحافظ السلفي.
وعن زيد بن أرقم قال أتى على بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد فولدت ولدا فادعوه فقال على لاحدهم تطيب به نفسا لهذا قال لا قال للآخر تطيب به نفسا لهذا قال لا قال للآخر تطيب به نفسا لهذا قال لا قال أراكم شركاء متشاكسون إنى أقرع بينكم فأيكم أصابته القرعة أغرمته ثلثى القيمة وألزمته الولد فذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال ما أجد فيها إلا ما قال على رضى الله عنه.
وعن حميد بن عبد الله بن يزيد قال ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قضاء قضى به على بن أبى طالب فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحمد لله الذى جعل فينا الحكمة أهل البيت.
خرجه أحمد في المناقب.
(ذكر اختصاصه بنجوى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الطائف) عن جابر قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم (عليا يوم الطائف فانتجاه فقال الناس لقد طال نجواه مع ابن عمه فقال صلى الله عليه وسلم) ما انتجيته ولكن الله انتجاه (1) أخرجه الترمذي وقال الحديث حسن.
(ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمله على منكبه في بعض الاحوال) عن على عليه السلام قال انطلقت أنا والنبى صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس وصعد على منكبي فذهبت لانهض به فرأى منى ضعفا فنزل وجلس لى نبى الله صلى الله عليه وسلم وقال اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه قال فنهض بى قال فخيل إلى أنى لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت
أزاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا
__________
(1) أي ان الله أمرنى ان اناجيه، أي اسر إليه.

(1/85)


بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس.
خرجه أحمد وصاحب الصفوة.
والتمثال: الصورة وجمعه تماثيل، وأزاوله: أحاوله وأعالجه.
(ذكر أن الله امره صلى الله عليه وسلم ان يتخذه صهرا) عن على عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يا على إن الله أمرنى أن أتخذك صهرا) أخرجه ابن السمان في الموافقة.
(ذكر اختصاصه باربع ليست لاحد غيره) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال لعلى أربع خصال ليست لاحد غيره هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذى كان لواؤه معه في كل زحف وهو الذى صبر معه يوم فر عنه غيره وهو الذى غسله وأدخله قبره.
أخرجه أبو عمر.
(ذكر اختصاصه بخمس) عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعطيت في على خمسا هن احب إلى من الدنيا وما فيها أما واحدة فهو تكأتى بين يدى الله عزوجل حتى يفرغ من الحساب وأما الثانية فلواء الحمد بيده آدم ومن ولده تحته وأما الثالثة فواقف على عقر (1) حوضى يسقى من عرف من أمتى وأما الرابعة فساتر عوراتي ومسلمي إلى ربى عزوجل وأما الخامسة فلست أخشى أن يرجع زانيا بعد إحصان ولا كافرا بعد إيمان) أخرجه أحمد في المناقب.
وقوله صلى الله عليه وسلم تكأتى التكأة بزنة الهمزة ما يتكأ عليه ويقال أيضا لكثير الاتكاء،
وعقر الحوض بضم العين وإسكان القاف: آخره، وضم القاف لغة فيه.
(ذكر اختصاصه بعشر) عن عمرو بن ميمون قال إنى لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه سبعة رهط فقالوا يا ابن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلو من هؤلاء قال بل أقوم معكم، وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال فانتدوا يتحدثون ثم جاء ينفض ثوبه
__________
(1) عقر الحوض - بالضم - موضع الشاربة منه.

(1/86)


ويقول أف وتف وقعوا في رجل له عشر وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم لابعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله قال فاستشرف لها من استشرف فقال أين على قالوا هو يطحن قال فما كان أحدكم يطحن فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فأعطاه إياها فجاء (1) بصفية بنت حيى قال ثم بعث أبو فلان بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذها منه وقال لا يذهب بها إلا رجل منى وأنا منه قال وقال لبنى عمه أيكم يوالينى في الدنيا والآخرة قال وعلى معه جالس فأبوا قال على أنا أواليك في الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال أيكم يوالينى في الدنيا والآخرة قال قال على أنا أواليك في الدنيا والآخرة قال أنت وليى في الدنيا والآخرة قال وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة قال وأخذ صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على على وفاطمة وحسن وحسين فقال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال وشرى نفسه ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه قال فكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلى نائم قال أبو بكر يحسب أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال له على إن نبى الله قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار قال وجعل على
يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا إنك للئيم كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت تتضور (2) وقد استكثرنا ذلك.
قال وخرج بالناس في غزوة تبوك قال فقال له على أخرج معك قال فقال له نبى الله صلى الله عليه وسلم لا فبكى على فقال أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى إلا أنك ليس بنبى إنه ينبغى أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت ولى كل مؤمن بعدى، قال وسد أبواب المسجد إلا باب على
__________
(1) (فجاء) ساقطة من نسخة.
(2) التضور التلوى والتقلب ظهرا لبطن ; وقيل إظهار الضور بمعنى الضر.

(1/87)


قال فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره وقال من كنت مولاه فعلى مولاه قال وأخبر الله عزوجل أنه قد رضى عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم هل حدثنا أنه سخط عليهم بعد قال وقال عمر يا نبى الله ائذن لى أن أضرب عنقه يعنى حاطبا قال وكنت فاعلا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم.
أخرجه بتمامه احمد وأبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفى الاربعين الطوال وأخرج النسائي بعضه.
وقوله انتدوا أي جلسوا في النادى وكذلك تنادوا، والنادى والندى والمنتدى والندوة مجلس القوم ومتحدثهم فاستعير للمكان الذى يتحدثون فيه لانهم اتخذوه لذلك ولعله كان معدا لذلك.
وقوله شرى نفسه أي باعها ومنه قوله تعالى (وشروه بثمن بخس) الآية.
هذه القصة مشهورة ذكرها ابن اسحق وغيره وقد ذكرناها في كتاب الرياض، وقوله أف وتف أي قذر له يقال أفا له وتفا وأفة وتفة والتنوين فيه ست لغات حكاها الاخفش أف أف أوف بالكسر والفتح والضم دون تنوين وبالثلاثة مع التنوين وقفا اتباع
قاله الجوهرى، والتضور الصياح والتلوى عند الضرب.
(ذكر ما نزل فيه من الآى) منها ماروى عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) قال نزلت في على بن أبى طالب كان معه أربعة دارهم فأنفق بالليل درهما وبالنهار درهما وفى السر درهما وفى العلانية درهما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على هذا فقال أن استوجب على الله تعالى ما وعدني فقال ألا إن لك ذلك فنزلت.
ومنها ما روى عنه في قوله تعالى (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) الآية نزلت في على بن أبى طالب والوليد بن عقبة بن أبى معيط لامر بينهما.
أخرجه الحافظ السلفي.
ومنها قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) نزلت فيه.
أخرجه الواحدى.
ومنها قوله تعالى (أفمن شرح الله صدره للاسلام) نزلت فيه وفى حمزة وكان أبو لهب ممن قسا قلبه ذكره الواحدى.
ومنها ماروى عن مجاهد في قوله تعالى (أفمن وعدناه وعدا

(1/88)


حسنا فهو لاقيه) الآية نزلت في على وحمزة وكان الممتنع أبو جهل.
ومنها ما روى عن ابن الحنفية في قوله تعالى (سيجعل لهم الرحمن ودا) قال لا يبقى مؤمن إلا وفى قلبه ود لعلى وأهل بيته.
أخرجه الحافظ السلفي.
ومنها ما روى عن أبى ذر وأنه كان يقسم لنزلت هذه الآية في هؤلاء الرهط يوم بدر (هذان خصمان اختصموا في ربهم) إلى قوله (وهدوا إلى صراط الحميد) نزلت في على وحمزة وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
أخرجه مسلم في صحيحه.
ومنها ما روى عن ابن عباس في قوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) قال نزلت في على بن أبى طالب رضى الله عنه.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال ليس من آية في القرآن (يا أيها الذين آمنوا)
إلا وعلى رأسها وأميرها وشريفها فلقد عاتب الله أصحاب محمد في القرآن وما ذكر عليا إلا بخير.
ذكره احمد في المناقب.
(ذكر أنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصره في الجنة) عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى (أنت معى في قصرى في الجنة مع فاطمة ابنتى) ثم تلا (إخوانا على سرر متقابلين) أخرجه احمد في المناقب.
(ذكر أنه يوم القيامة يدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث يدخل) عن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى (يا على يدك في يدى تدخل معى يوم القيامة حيث أدخل) أخرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي.
(ذكر أنه ممن تشتاق له الجنة) عن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الجنة تشتاق إلى ثلاثة على وعمار وسلمان) وفى رواية (بلال) مكان سلمان وفى رواية والمقداد.
(ذكر أنه من سادات اهل الجنة) عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة أنا وحمزة وعلى وجعفر والحسن والحسين والمهدى) أخرجه ابن السرى

(1/89)


(ذكر أنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في مكان واحد في الجنة) تقدم في باب بيان أهل البيت في ذكر ما جاء أن الاربعة معه صلى الله عليه وسلم في مكان واحد يوم القيامة ما يدل عليه.
وعن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى (أما ترضى أنك معى في الجنة والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرياتنا وأشياعنا عن أيماننا وعن شمائلنا) أخرجه أحمد في المناقب.
(ذكر ما لعلى في الجنة) عن على عليه السلام قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض
طرق المدينة فأتينا على حديقة فقلت ما أحسن هذه الحديقة قال لك في الجنة أحسن منها ثم أتينا على حديقة أخرى أحسن منها فقلت يا رسول الله ما أحسنها قال لك في الجنة أحسن منها حتى أتينا على سبع حدائق أقول يا رسول الله ما أحسنها فيقول لك في الجنة أحسن منها.
أخرجه احمد في المناقب.
ذكر وصف حوريته في الجنة عن على قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما أسرى بى إلى السماء أخذ جبريل بيدى وأقعدني على درنوك من درانيك الجنة (1) وناولني سفرجلة فكنت أقلبها إذ انفلقت وخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها فقالت السلام عليك يا محمد قلت وعليك السلام من أنت قالت أنا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أصناف أعلاى من عنبر ووسطى من كافور وأسفلى من مسك وعجننى بماء الحيوان (2) ثم قال كونى فكنت خلقني لاخيك وابن عمك على ابن أبى طالب.
أخرجه الامام على بن موسى الرضا.
ذكر قصره في الجنة عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا فقصرى في الجنة وقصر ابراهيم في الجنة متقابلان وقصر على بين قصرى
__________
(1) الدرنوك: سترله خمل.
(2) أي الحياة.

(1/90)


وقصر ابراهيم فياله من حبيب بين خليلين) أخرجه أبو الخير الحاكمى.
ذكر أن له يوم القيامة ناقة من نوق الجنة يركبها عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعلى يوم القيامة ناقة من نوق الجنة يركبها وركبتك مع ركبتي وفخذك مع فخذي حتى تدخل الجنة) أخرجه احمد في المناقب.
ذكر أنه يذود المنافقين يوم القيامة عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم عن أبى سعيد الخدرى (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا على معك يوم القيامة عصا من عضي الجنة تزود (2) بها المنافقين عن الحوض) أخرجه الطبراني.
(ذكر الحث على محبته والزجر عن بغضه) وقد تقدم طرف من ذلك في فصل من أحبه فقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ابغضه فقد أبغضه.
وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحبنى وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معى في درجتي يوم القيامة) أخرجه أحمد والترمذي.
وعنه أنه قال: (والذى فلق الحبة وبرأ النسمة انه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبنى إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
أخرجه مسلم.
وعن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وعن الطيب بن عبد الله بن حنطب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس أوصيكم بحب أخى وابن عمى على بن أبى طالب فانه لايحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) أخرجه أحمد في المناقب.
وعن جابر بن عبد الله قال ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم عليا.
أخرجه أحمد، وعند الترمذي معناه.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حب على يأكل
__________
(1) في هامش الاصل (ابو سعيد الخدرى هو سعيد بن مالك بن سنان الانصاري له ولابيه صحبة، الخدرى نسبة لخدرة قبيلة من الانصار.
انتهى.
(2) أي تمنع.

(1/91)


الذنوب كما تأكل النار الحطب) أخرجه الملا.
وعن أنس قال دفع على رضى الله عنه إلى بلال درهما ليشترى به بطيخة فوجدها مرة فقال يا بلال رد هذا إلى صاحبه وائتنى بالدرهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لى إن الله أخذ حبك
على البشر والشجر والثمر والبذر فما أجاب إلى حبك عذب وطاب وما لم يجب خبث ومر وإنى أظن هذه مما لم يجب.
خرجه الملا في سيرته.
وفيه دلالة على أن الحادث من العيب إذا اطلع به على عيب قديم لم يمنع من الرد.
وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب عليا في حياته وبعد موته) أخرجه أحمد.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يا على طوبى لمن أحبك وصدق فيك وويل لمن أبغضك وكذب فيك) أخرجه الحسن بن عرفة العبدى (ذكر لعنة الله والنبى صلى الله عليه وسلم على من ابغضه) عن أنس بن مالك قال صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فذكر قولا كثيرا ثم قال أين على بن أبى طالب فوثب إليه فقال ها أنا ذا يا رسول الله فضمه إلى صدره وقبل بين عينيه وقال بأعلى صوته معاشر المسلمين هذا أخى وابن عمى وختنى هذا لحمى ودمى وشعرى هذا أبو السبطين الحسن والحسين سيدى شباب أهل الجنه هذا مفرج الكروب عنى هذا أسد الله وسيفه في أرضه على أعدائه على مبغضه لعنة الله ولعنة اللاعنين والله منه برئ وأنا منه برئ فمن أحب أن يبرأ من الله ومنى فليبرأ من على وليبلغ الشاهد الغائب ثم قال اجلس يا على قد عرف الله لك ذلك أخرجه أبو سعيد في شريف النبوة.
(ذكر أن فيه مثلا من عيسى عليهما السلام) عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيك مثل من عيسى عليه السلام أبغضه يهود حتى بهتوا أمته وأحبته النصارى حتى نزلوه بالمنزلة التى ليس بها ثم قال يهلك في رجلان محب مفرط بما ليس في ومبغض

(1/92)


يحمله شنآنى على أن يبهتني.
أخرجه أحمد في مسنده.
وعنه أنه قال (لتحبني
أقوام حتى يدخلوا النار في حبى ويبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضى.
أخرجه أحمد في المناقب.
وهذا محمول على من حمله حبه حتى اتخذه إلها من دون الله أو قال ما يقول بعض الرافضة غلط الامين فصدها عن حيدر فليكفر بذلك.
والبهت الكذب، والشنآن بالهمزة وبتحريك النون بالفتح لغتان وباسكانها لغتان، والشنان بالتحريك دون همز البغض تقول منه شنيته شنا بفتح الشين وضمها وكسرها ثلاث لغات وشنا وشنانا بالتحريك والاسكان كما تقدم.
ذكر إحراق على قوما اتخذوه إلها عن عبد الله بن شريك العامري عن أبيه قال أتى على بن أبى طالب فقيل له إن ههنا قوما على باب المسجد يزعمون أنك ربهم فدعاهم فقال لهم ويلكم ما تقولون قالوا أنت ربنا وخالقنا ورازقنا قال ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون وأشرب كما تشربون إن أطعته أثابني إن شاء الله تعالى وإن عصيت خشيت أن يعذبنى فاتقوا الله وارجعوا فأبوا فطردهم فلما كان من الغد غدوا عليه فجاء قنبر فقال والله رجعوا يقولون ذاك الكلام قال أدخلهم على فقالوا له مثل ما قالوا وقال لهم مثل ما قال وقال لهم إنكم ضالون مفتونون فأبوا فلما أن كان اليوم الثالث أتوه فقالوا له مثل ذلك القول فقال والله لئن قلتم ذلك لاقتلنكم أخبث قتلة فأبوا إلا أن يتموا على قولهم فخد لهم أخدودا (1) بين باب المسجد والقصر وأوقد فيه نارا وقال إنى طارحكم فيها أو ترجعون فأبوا فقذف بهم فيها.
أخرجه المخلص الذهبي.
وترديدهم محمول على الاستتابة.
ذكر تشبيه على بخمسة من الانبياء عليهم السلام عن أبى الحمراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى ابراهيم في حلمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى في بطشه فلينظر إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه) أخرجه أبو الخير
__________
(1) أي شق لهم حفرة.

(1/93)


الحاكمى.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أراد أن ينظر إلى ابراهيم في حلمه وإلى نوح في حكمه وإلى يوسف في جماله فلينظر إلى على بن أبى طالب) أخرجه الملا في سيرته.
ذكر رؤية على جبريل عليهما السلام وكلام جبريل له عن على قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض فإذا رأسه في حجر رجل أحسن ما رأيت من الخلق والنبى صلى الله عليه وسلم نائم فلما دخلت عليه قال ادن إلى ابن عمك فأنت أحق به منى فدنوت منهما فقام الرجل وجلست مكانه فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهل تدرى من الرجل قلت لا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك جبريل يحدثنى حين خف عنى وجعى فنمت ورأسي في حجره.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما وقد ذكر عنده على قال إنكم لتذكرون رجلا كان يسمع وطئ جبريل فوق بيته.
أخرجه أحمد في المناقب.
ذكر شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على على رضى الله عنه ودعائه له عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة بن رافع عن ابيه عن جده قال أقبلنا من بدر ففقدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادت الرفاق بعضها بعضا أفيكم رسول الله فوقفوا حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه على بن ابى طالب فقالوا يا رسول الله صلى الله عليك وسلم فقدناك فقال إن أبا حسن وجد مغصا في بطنه فتخلفت عليه.
اخرجه أبو عمر.
وعن أم عطية قالت: بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم على فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يقول (اللهم لا تمتنى حتى ترينى عليا) أخرجه الترمذي وقال حسن غريب.
وعن على رضى الله عنه قال: كنت إذا سألت النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني وإذا سكت ابتدأنى.
أخرجه
الترمذي وقال حديث حسن.
وعنه قال كنت شاكيا فمر بى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول اللهم إن كان أجلى قد قرب فأرحني وإن كان متأخرا فارفع عنى وإن كان بلاء فصبرني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت فأعدت عليه فضربني برجله وقال اللهم

(1/94)


عافه أو اشفه - شعبة الشاك - قال فما اشتكيت وجعى ذلك بعد.
أخرجه أبو حاتم.
وعن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا ثم بعث رجلا خلفه وقال ادعه ولا ترعه من ورائه.
وعن على رضى الله عنه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياك ودعوة المظلوم فانما يسأل الله حقه وان الله لا يمنع ذا حق حقه) اخرجه أبو الحسن الخلعي.
ذكر أحقيته بالنبي صلى الله عليه وسلم عن حذيفة قال كان على أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ظهره فقلت لعلى هلم أراوحك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحق به.
أخرجه الحافظ أبو نعيم.
ذكر أن النظر إليه عبادة عن عائشة رضى الله عنها قالت رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه على فقلت يا أبت رأيتك تكثر النظر إلى وجه على فقال يا بنية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (النظر إلى وجه على عبادة) أخرجه ابن السمان في الموافقة.
وعن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النظر إلى وجه على عبادة) أخرجه أبو الحسن الحربى.
وعن عمرو بن العاص مثله.
أخرجه الابهري.
وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى عد عمران بن حصين فانه مريض فأتاه وعنده معاذ وأبو هريرة فأقبل عمران يحد النظر إلى على فقال له معاذ لم تحد النظر إليه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (النظر إلى على عبادة) فقال معاذ وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو هريرة وأنا سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن أبى الفرات.
(ذكر اشتياق اهل السماء والانبياء الذين في الجنة إليه) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما مررت بسماء إلا وأهلها يشتاقون إلى على بن أبى طالب وما في الجنة نبى إلا وهو يشتاق إلى على بن أبى طالب) أخرجه الملا في سيرته.

(1/95)


(ذكر أنه من خير البشر) عن عقبة بن سعد العوفى قال دخلنا على جابر بن عبد الله وقد سقط حاجباه على عينيه فسألناه عن على قال فرفع حاجبيه بيديه فقال ذاك من خير البشر.
أخرجه أحمد في المناقب.
(ذكر مباهاة الله عزوجل به حملة العرش) عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صف المهاجرين والانصار وقال هبط على جبريل عليه السلام بأن الله عزوجل باهى بالمهاجرين والانصار أهل السموات العلى وباهى بى وبك يا على وبك يا عباس حملة العرش.
أخرجه أبو القاسم في فضائل العباس.
ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مغفور له عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أعلمك كلمات إن قلتهن غفر الله لك مع أنه مغفور لك لا إله إلا الله الحكيم الكريم لا إله إلا الله العلى للعظيم لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين) اخرجه أحمد والنسائي وأبو حاتم.
ذكر اتباعه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر حديثه الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه ان عليا قدم من اليمن
ببدن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إنى أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجاه.
وعن على قال: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا يعني في الجنازة.
أخرجه مسلم.
وعن أبى ساسان حصين بن المنذر قال: شهدت عثمان بن عفان وقد أتى بالوليد وقد شرب الخمر فقال يا على قم فاجلده فقال على قم يا حسن فاجلده فقال الحسن ول حارها من تولى قارها (1)
__________
(1) أي ول الجلد من يلزم الوليد امره ويعنيه شأنه، والقار ضد الحار.

(1/96)


فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلى يعد حتى بلغ أربعين فقالت أمسك ثم قال جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلى، أخرجه مسلم.
وعن أبى منتظر البصري قال رأيت عليا اشترى ثوبا بثلاثة دراهم فلما لبسه قال الحمد لله الذى رزقني من اللباس ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتى ثم قال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أحمد في المناقب.
وعن على عليه السلام انه كان يقول ألا إنى لست بنبى ولا يوحى إلى ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت فما أمرتكم به من طاعة الله فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم.
أخرجه أحمد في المناقب.
وعنه وقد شاوره أبو بكر في قتال أهل الردة بعد أن شاور الصحابة فاختلفوا عليه فقال ما تقول يا أبا الحسن فقال إن تركت شيئا مما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم فأنت على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما لان قلت ذلك لا قاتلنهم ولو منعوني عقالا.
أخرجه ابن السمان.
(ذكر ما ظهر له من الكرامات) عن الاصبغ قال أتينا مع على فمررنا بموضع قبر الحسين فقال على ههنا مناخ
ركابهم وههنا موضع رحالهم وههنا مهراق دمائهم فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكى عليهم السماء والارض.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال عرض لعلى رجلان في خصومة فجلس في أصل جدار فقال رجل يا أمير المؤمنين الجدار يقع فقال له على امض كفى بالله حارسا فقضى بين الرجلين وقام فسقط الجدار.
وعن الحارث قال: كنت مع على بن أبى طالب بصفين فرأيت بعيرا من إبل الشام جاء وعليه راكبه وثقله فألقى ما عليه وجعل يتخلل الصفوف حتى انتهى إلى على فوضع مشفره ما بين رأس على ومنكبه.
فقال على والله إنها لعلامة بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجد الناس في ذلك اليوم واشتد قتالهم.
وعن على بن زادان أن عليا عليه السلام حدث حديثا فكذبه رجل فقال على أدعوا عليك إن كنت صادقا

(1/97)


قال نعم فدعا عليه فلم ينصرف حتى ذهب بصره.
وعن أبى ذر قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لى عد إليه ادعه فانه في البيت قال فعدت إليه فسمعت صوت رحا تطحن فشارفت فإذا الرحا تطحن وليس معها أحد فناديتة فخرج إلينا منشرحا فقلت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فجاء ثم لم أزل أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وينظر إلى ثم قال يا أبا ذر ما شأنك فقلت يا رسول الله عجبت من العجب رأيت رحا تطحن في بيت على ليس معها أحد يديرها فقال يا أبا ذر أما علمت أن لله ملائكة سياحين في الارض وقد وكلوا بمعونة آل محمد صلى الله عليه وسلم.
أخرج هذه الاحاديث الملا في سيرته.
وأخرج أحمد في المناقب حديث على بن زادان خاصة.
وعن فضالة بن أبى فضالة قال خرجت مع أبى إلى ينبع عائدا لعلى وكان مريضا فقال له أبى ما يمسكك بمثل هذا المنزل لو هلكت لم يلك إلا الاعراب أعراب جهينة احتمل إلى المدينة فان أصابك بها قدر وليك أصحابك وصلوا عليك، وكان أبو فضالة من أهل بدر
فقال له على إنى لست بميت من وجعى هذا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى أن لا أموت حتى أضرب ثم تخضب هذه - يعنى لحيته - من هذه - يعنى هامته - فقتل أبو فضالة معه بصفين.
خرجه ابن الضحاك.
(ذكر شجاعته عليه السلام) تقدم في ذكر اختصاصه بدفع الراية إليه يوم خيبر طرف منه، وشهرة إبلائه ببدر وأحد وخيبر وأكثر المشاهد قد بلغت حد التواتر حتى صارت شجاعته معلومة لكل أحد بالضرورة بحيث لا يمكنه دفع ذلك عن نفسه، وتقدم في ذكر أنه أعلم الناس بالسنة حديث عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة وفيه طرف منه.
وعن صعصعة بن صوحان قال خرج يوم صفين رجل من أصحاب معاوية يقال له كريز بن الصباح الحميرى فوقف بين الصفين وقال من يبارز فخرج إلى رجل من أصحاب على فقتل ووقف عليه ثم قال من يبارز فخرج إليه آخر فقتله وألقاه على الاول ثم قال من يبارز فخرح إليه الثالث فقتله وألقاه على الآخرين وقال من يبارز فأحجم الناس وأحب

(1/98)


من كان في الصف الاول أن يكون في الآخر فخرج على رضى الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فشق الصفوف فلما انفصل منها نزل عن البغلة فسعى إليه فقتله وقال من يبارز فخرج إليه رجل فقتله ووضعه على الاول ثم قال من يبارز فخرج إليه رجل فقتله ووضعه على الآخرين ثم قال من يبارز فخرج إليه رجل فقتله ووضعه على الثلاثة ثم قال يا أيها الناس إن الله عزوجل يقول (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص) وقد سأله رجل أكان على يباشر القتال يوم صفين فقال والله ما رأيت رجلا أطرح لنفسه في متلف من على ولقد كنت أراه يخرج حاسر الرأس بيده السيف إلى الرجل الدارع فيقتله.
أخرجهما الواقدي.
وقال ابن هشام: حدثنى من أثق به من أهل العلم أن على بن
أبى طالب صاح وهم محاصرو بنى قريظة يا كتيبة الايمان وتقدم هو والزبير بن العوام وقال والله لاذوقن ماذاق حمزة أولا فتحن حصنهم فقالوا يا محمد ننزل على حكم سعد بن معاذ.
(ذكر شدته في دين الله عزوجل) عن سويد بن غفلة قال قال على إذا حدثتكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فوالله لان أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب عليه.
وفى رواية أحب إلى من أن أقول عليه ما لم يقل.
أخرجه البخاري ومسلم.
وعن أبى سعيد رضى الله عنه قال اشتكى الناس عليا يوما فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فسمعته يقول (أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله انه لاخشن في ذات الله أو قال في سبيل الله) أخرجه أحمد.
وعن كعب بن عجرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن عليا مخشوشن في ذات الله) خرجه أبو عمر.
اخشوشن أي اشتدت خشونته.
والاخشن مثل الخشن.
قاله الجوهرى.
(ذكر رسوخ قدمه في الايمان) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن عليا كان يقول في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إن الله

(1/99)


عزوجل يقول (أفائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذا هدانا الله ولئن مات أو قتل لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت والله إنى لاخوه ووليه وابن عمه ووارثه ومن أحق به منى.
أخرجه أحمد في الماقب.
وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته وهو يقول (لو أن السموات السبع والارضين السبع وضعت في كفة ووضع إيمان على في كفة لرجح إيمان على) خرجه ابن السمان في الموافقة والحافظ السلفي في المشيخة البغدادية.
(ذكر زهده رضى الله عنه)
روى أن معاوية قال لضرار الصدى صف لى عليا فقال اعفنى يا أمير المؤمنين قال لتصفنه لى قال أما إذ لابد من وصفه كان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهوتها ويأنس إلى الليل ووحشته وكان غزير العبرة طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويثيبنا إذا استثبناه ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لانكاد نكلمه هيبة له يعظم أهل الدين ويقرب المساكين لا يطمع القوى في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكى بكاء الحزين يقول يا دنيا غرى غيرى إلى تعرضت أو إلى تشوقت هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيا فعمرك قصير وخطرك قليل آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكى معاوية وقال رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرارا قال حزن من ذبح واحدها في حجرها.
أخرجه الدولابى وأبو عمر وصاحب الصفوة.
وعن عمار بن ياسر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى (إن الله عزوجل قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها وهى زينة الابرار عند الله الزهد في الدنيا فجعلك لاترزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئا ووصب إليك المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما) أخرجه أبو الخير الحاكمى.
وقوله

(1/100)


صلى الله عليه وسلم ترزأ أي تصيب، ووصب أي أدام ومنه قوله تعالى (وله الدين واصبا) .
وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف أنت إذا زهد الناس في الآخرة ورغبوا في الدنيا وأكلو التراث أكلا لما وأحبوا المال حبا جما واتخذوا دين الله دغلا ومال الله دولا قلت أتركهم وما اختاروا
وأختار الله ورسوله والدار الآخرة وأصبر على مصائب الدنيا وتقواها حتى ألحق بك إن شاء الله تعالى قلت صدقت اللهم افعل ذلك به) أخرجه الحافظ الثقفى في الاربعين.
والدغل بالتحريك الفساد مثل الدخل.
وعن على بن أبى ربيعة أن على ابن أبى طالب جاءه ابن التياح فقال يا أمير المؤمنين امتلا بيت المال من صفراء وبيضاء قال الله أكبر فقام متوكئا على ابن التياح حتى قام على بيت المال فنودى في الناس فأعطى جميع ما في بيت المال المسلمين وهو يقول يا صفراء يا بيضاء غرى غيرى هاوها حتى ما بقى منه دينار ولا درهم ثم أمر بنضحه فصلى فيه ركعتين.
أخرجه أحمد في المناقب وصاحب الصفوة (1) الصفوة.
وعن عبيد الله بن أبى الهذيل قال: رأيت عليا خرج وعليه قميص غليظ رازى إذا مد كم قميصه بلغ الظفر وإذا أرسله صار إلى نصف الساعد.
وعن الحسن بن جرموز عن أبيه قال رأيت على بن أبى طالب يخرج من مسجد الكوفة وعليه قطريتان مؤترزا بواحدة مرتديا بالاخرى وإزاره إلى نصف الساق وهو يطوف بالاسواق ومعه درة يأمرهم بتقوى الله عزوجل وحسن الحديث وحسن البيع والوفاء للكيل والميزان.
خرجهما القلعى.
القطر والقطرية ضرب من البرود.
وعن ابن عباس قال اشترى على بن أبى طالب قميصا بثلاثة دارهم وهو خليفة وقطع كمه من موضع الرسغين وقال الحمد لله هذا من رياشه.
أخرجه الحافظ السلفي.
والرسغ موصل الوظيف من اليد والرجل تمكن سينه وتحرك بالضم كعشر، والوظيف مستدق الذراع والساق من الخيل والابل ثم استعمل الرسغ في الآدمى اتساعا، والريش والرياش اللباس الفاخر كالحزم والحزام واللبس واللباس.
وعن على بن ربيعة قال كان لعلى
__________
(1) في الاصل (وصاحب) ولعل الصواب (وصاحب الصفوة) .

(1/101)


امرأتان فكان إذا كان يوم هذه اشترى لحما بنصف درهم وإذا كان يوم هذه
اشترى لحما بنصف درهم.
وعن ابن أبى مليكة قال لما أرسل عثمان إلى على في اليعاقيب وجده متزرا بعباءة متحجزا بعقال وهو يهنئ بعيرا له بهناء أي يطليه بالهناء وهو القطران.
وعن عمر بن قيس قال قيل لعلى يا أمير المؤمنين لم ترفع قميصك قال يخشع القلب ويقتدى به المؤمن.
وعن زيد بن وهب أن الجعد ابن بعجة عاب عليا في لبوسه فقال مالك وللبوسى إن لبوسى أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدى به المسلم.
عن الضحاك بن عمير قال رأيت قميص على بن أبى طالب الذى أصيب فيه كرباس سنبلانى ورأيت أثر دمه فيه كأنه دردى.
والكرباس: القطن، والسنبلانى أي سابغ الطول.
وعن حبة العرنى أن عليا رضى الله عنه أتى بالفالوذج فوضع قدامه فقال والله إنك لطيب الريح حسن.
اللون طيب المطعم ولكني أكره أن أعود نفسي ما لم تعتد.
أخرج جميع هذه الاحاديث أحمد في المناقب.
(ذكر تعبده رضى الله عنه) وقد تقدم في حديث ضرار في أول الفصل قبله طرف منه.
وعن سعد بن أبى وقاص قال كان لعلى بيت في المسجد يتحنث فيه كما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن الحضرمي.
والتحنث التعبد.
(ذكر صدقته رضى الله عنه) عن عبد الله بن سلام قال أذن بلال لصلاة الظهر فقام الناس يصلون فمن بين راكع وساجد وسائل يسأل فأعطاه على خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنو الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أخرجه الواقدي وأبو الفرج بن الجوزى.
وعن ابن عباس في قوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) قال أجر على نفسه نخلا بشئ من شعير الرملة

(1/102)


حتى أصبح فلما أصبح قبض الشعير وطحن منه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الحريرة دقيق بلا دهن فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأطعموه إياه ثم صنعوا الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه إياه ثم صنعوا الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه إياه وطووا يومهم فنزلت، وهذا قول الحسن وقتادة أن الاسير كان من المشركين، قال أهل العلم يدل على أن الثواب مرجو فيهم وإن كانوا من غير أهل الملة، وهذا إذا أعطوا من غير الزكاة والكفارة.
وقال سعيد بن جبير الاسير المحبوس من أهل القبلة.
ذكره الواحدى.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر رضى الله عنه أقطع عليا ينبع ثم اشترى عليا أرضا إلى جنب قطعه فحفر فيها عينا فبينما هم يعملون فيها إذ انفجر عليهم مثل عنق الجزور من الماء فأتى على رضى الله عنه فبشر بذلك فقال بشروا الوارث ثم تصدق بها على الفقراء والمساكين وابن السبيل وفى سبيل الله ليوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه ليصرف الله بها وجهى عن النار وليصرف النار عن وجهى.
أخرجه ابن السمان في الموافقة.
(ذكر فكه رهان ميت) عن على بن أبى طالب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بجنازة لم يسأل عن شئ من عمل الرجل ويسأل عن دينه فان قيل عليه دين كف عن الصلاة عليه وإن قيل ليس عليه دين صلى عليه فأتى بجنازة فلما قام ليكبر سأل صلى الله عليه وسلم أصحابه هل على صاحبكم دين قالوا ديناران فعدل صلى الله عليه وسلم وقال صلوا على صاحبكم فقال على رضى الله عنه هما على برئ منهما فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم قال لعلى جزاك الله خيرا فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك انه ليس من ميت إلا وهو مرتهن بدينه ومن فك رهان ميت فك الله رهانه يوم القيامة فقال بعضهم
هذا لعلى خاصة أم للمسلمين عامة فقال صلى الله عليه وسلم بل للمسلمين عامة.
أخرجه الدارقطني.
(ذكر أنه كان من أكرم الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن أبى إسحق السبيعى قال سألت أكثر من أربعين رجلا من أصحاب

(1/103)


رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان أكرم الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا الزبير وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما.
أخرجه الفضائلى.
(ذكر ما كان فيه من ضيق العيش مع استصحاب الصبر الجميل) عن على عليه السلام قال أصبت شارفا (1) من مغنم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا فأنختهما عند باب رجل من الانصار أريد أن احمل عليهما اذخرا (2) وأبيعه أستعين به على وليمة فاطمة ومعى رجل صانع من بنى قينقاع وحمزة بن عبد المطلب في البيت وقينته تغنيه: ألا ياحمز للشرف النواء وهن معقلات بالفناء فثار عليهما بالسيف فجب أسنمتهما وبقر (3) خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال فنظرت إلى أمر أفظعني فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة فخرجت معه حتى قام على حمزة فتغيظ عليه فرفع حمزة بصره وقال هل أنتم إلا عبد عبيد آبائى فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقهقر عنه.
أخرجه البخاري ومسلم.
الشرف بتسكين الراء جمع شارف وهى الكبيرة السن من الابل، والنواء السمان يقال نوت الناقة تنوى نواية ونيا فهى ناوية.
والفظيع الشديد الشنيع.
وعنه قال جعت بالمدينة جوعا شديدا فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا (4) فظننتها تريد بله فأتيتها فعاطعيتها كل دلو بتمرة فمددت ستة عشر ذنوبا حتى مجلت يدى ثم أتيتها فقلت بكلتا يدى (5) هكذا بين يديها وبسط إسمعيل راوي الحديث يديه جميعا فعدت لى ست عشرة
تمرة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأكل معى منها وقال لى خيرا ودعا لى.
أخرجه أحمد وصاحب الصفوة.
وعن أسماء بنت عميس عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوما فقال أين ابناى يعنى حسنا وحسينا قالت قلت أصبحنا وليس في بيتنا شئ يذوقه ذائق فقال
__________
(1) من هنا إلى قوله (شارفا) ساقط من نسخة.
(2) حشيش طيب الرائحة.
(3) أي شق.
(4) المدر: الطين المتماسك.
(5) في نسخة (فللتابين) والتصحيح من التيمورية.

(1/104)


على أذهب بهما فانى أتخوف أن يبكيا عليك وليس عندك شئ فذهب بهما إلى فلان اليهودي فوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما يلعبان في مشربة بين أيديهما فضل من تمر فقال يا على ألا تقلب ابني قبل أن يشتد الحر عليهما قال فقال على أصبحنا وليس في بيتنا شئ فلو جلست يا رسول الله حتى أجمع لفاطمة تمرات فجلس رسول الله صلى الله عليه سلم وعلى ينزع لليهودي كل دلو بتمرة حتى اجتمع له شئ من تمر فجعله في حجزته ثم اقبل فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما وحمل على الآخر.
أخرجه الدولابى في الذرية الطاهرة في مسند أسماء بنت عميس عن فاطمة رضى الله عنها.
وعن سهل بن سعد أن على بن أبى طالب رضى الله عنه دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان فقال ما يبكيهما قالت الجوع فخرج على فوجد دينارا في السوق فجاء إلى فاطمة فأخبرها فقالت اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا به دقيقا فجاء إلى اليهودي فاشترى به دقيقا فقال اليهودي أنت ختن (1) هذا الذى يزعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال فخذ دينارك وخذ الدقيق فخرج على حتى جاء فاطمة فأخبرها فقالت اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحما فذهب فرهن الدينار بدرهم في لحم فجاء به فعجنت وخبزت وطبخت وأرسلت إلى أبيها صلى الله عليه وسلم فجاءهم وقالت يا رسول الله أذكر لك.
فان رأيته حلالا أكلنا وأكلت: من شأنه كذا وكذا فقال كلوا باسم الله فأكلوا فبينما هم بمكانهم وإذا بغلام ينشد الله والاسلام الدينار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يا على اذهب إلى الجزار فقل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ارسل إلى بالدينار ودرهمك على فأرسل به فدفعه إليه.
أخرجه أبو داود.
وعن على عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورحاتين وسقاء وجرتين فقال على لفاطمة ذات يوم والله لقد سنوت (2) حتى لقد اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه فقالت أنا والله قد طحنت حتى مجلت (3) يداى فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما جاء بك يا بنية قالت جئت لاسلم عليك واستحت أن تسأله ورجعت فقال ما فعلت فقالت
__________
(1) أي صهر.
(2) أي استقيت.
(3) أي ظهر فيهما ما يشبه البثور.

(1/105)


استحييت أن أسأله فأتيناه جميعا فقال على يا رسول الله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري وقالت فاطمة وقد طحنت حتى مجلت يداى وقد جاء الله بسبي وسعة فخدمنا قال والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكني أبيعه وأنفق عليهم أثمانهم فرجعا فأتاهما صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطت رؤوسهما انكشفت أقدامهما وإذا غطت أقدامهما انكشفت رؤوسهما فثارا فقال مكانكما ثم قال أولا أخبركما بخير مما سألتماني قالا بلا قال كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام فقال تسبحان دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا آويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين قال على رضى الله عنه فما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له ولا ليلة صفين قال ولا ليلة صفين (1) ، أخرجه أحمد.
والخميلة لعله أراد بها القطيفة ويقال لها الخمل.
وسنوت أي استقيت
والسانية الناضحة التى يستقى عليها، ومجلت نفطت من العمل.
وفى رواية فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا قطيفة إذا لبسناها طولا خرجت منها جنوبنا وإذا لبسناها عرضا خرجت منها أقدامنا ورؤوسنا فقال أولا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم يخدمكما إذا أخذتما مضاجعكما ثم ذكر معناه.
اخرجه أبو حاتم.
(ذكر حيائه من رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن على قال كنت رجلا مذاء فكنت أستحى من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته منى فأمرت المقداد بن الاسود فسأله فقال يغسل ذكره ويتوضأ.
أخرجه البخاري.
ومسلم.
(ذكر غيرته على النبي صلى الله عليه وسلم) عن على عليه السلام قال قلت يا رسول الله مالك تتوق (2) في قريش وتدعنا قال وعندكم شئ قلت نعم بنت حمزة فقال صلى الله عليه وسلم إنها لا تحل لى فانها
__________
(1) في هامش الاصل: قوله ولا ليلة صفين بالتشديد يعنى ليلة غزوة صفين لما فيها من الشدة.
(2) من التوق وهو الشوق، اراد لم تتزوج في قريش وتدعنا، يعنى بنى هاشم.
ويروى (تنوق) بالنون، وهو من التنوق في الشئ إذا عمل على استحسان.

(1/106)


ابنة أخى من الرضاعة.
أخرجه مسلم.
وقوله تتوق لعله بمعنى تأنق أو معناه تتخذ نوقا وكنى بها النساء.
(ذكر ورعه رضى الله عنه) عن عبيد الله بن رويس قال دخلت على على بن ابى طالب يوم الاضحى فقرب الينا حريرة فقلنا اصلحك الله لو قربت الينا من هذا البط يعنى الاوز فان الله قد اكثر الخير فقال يا بن رويس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لخليفة من مال الله إلا قصعتان قصعة يأكل فيها هو وأهله
وقصعة يضعها بين أيدى الناس.
أخرجه أحمد.
والحريرة أن ينصب القدر ويقطع فيها اللحم قطعا صغارا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الد قيق وعصد، وإن لم يكن فيها لحم فهى عصيدة.
وعن ابن عمر قال حدثنى رجل من ثقيف أن عليا قال له إذا كان عند الظهر فرح على قال فرحت إليه فلم أجد عنده حاجبا يحبسنى دونه ووجدته جالسا وعنده قدح وكوز من ماء فدعا بظبية (1) فقلت في نفسي لقد أمننى حتى يخرج إلى جوهرا ولا أدري ما فيها فإذا عليها خاتم فكسر الخاتم فإذا فيها سويق فأخذ منها قبضة في القدح وصب عليها ماء فشرب وسقاني فلم أصبر فقلت يا أمير المؤمنين تصنع هذا بالعراق وطعام العراق أكثر من ذلك قال أما والله ما أختم عليه بخلا عليه ولكني أبتاع بقدر ما يكفيني فأخاف أن يفنى فيصنع فيه من غيره وإنما حفظى لذلك وأكره أن أدخل بطني إلا طيبا.
أخرجه في الصفوة.
وعن أبى حيان التيمى على أبيه قال رأيت على بن أبى طالب على المنبر يقول من يشترى منى سيفى هذا فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته فقام إليه رجل وقال أسلفك ثمن إزار.
وقال عبد الرزاق وكانت الدنيا كلها بيده رضى الله عنه إلا ما كان من الشام.
أخرجه أبو عمر.
وأخرج معناه صاحب الصفوة.
وعن على ابن الارقم عن أبيه، ولفظه قال رأيت عليا وهو يبيع سيفا له في السوق ويقول من يشترى منى هذا السيف فو الذى فلق الحبة لطالما كشفت به الحروب عن وجه
__________
(1) الظبية: جراب صغير عليه شعر، وقيل هي شبه الكيس.

(1/107)


رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته (1) وعن هرون بن عنترة عن أبيه قال دخلت على على بن أبى طالب بالخورق وهو يرعد تحت شمل قطيفة فقلت يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولاهل بيتك في هذا المال وأنت تصنع بنفسك ما تصنع فقال ما أزراكم من مالكم وإنها لقطيفتي
التى خرجت بها من منزلي أو قال من المدينة والشمل الخلق، والقطيفة دثار ومخمل والجمع قطايف وقطف أيضا كصحيفة وصحف، وأرزاكم أصب منكم.
وعن أبى مطرف قال: رأيت عليا مؤتزرا بازار ومترديا برداء ومعه الدرة كأنه أعرابي بدوى حتى بلغ سوق الكرابيس فقال يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم فلما عرفه لم يشتر منه شيئا فأتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ثم جاء أبو الغلام فأخبره فأخذ أبوه درهما ثم جاء به فقال هذا الدرهم يا أمير المؤمنين فما شأن هذا الدرهم قال كان قميصي ثمن درهمين قال باعنى برضاى وأخذ رضاه.
أخرجهما صاحب الصفوة.
والكرباس هو القطن فارسي عرب بكسر الكاف والكرباسة أخص منها والجمع كرابيس وهى ثياب خشنة.
وعن عمرو بن يحيى عن أبيه قال أهدى أخى إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه ازقاق سمن وعسل فرآها قد نقصت فسأل فقيل بعثت أم كلثوم فأخذت منه فبعث إلى المقومين فقوموا خمسة دراهم فبعث إلى أم كلثوم ابعثى لى بخمسة دراهم.
أخرجه في الصفوة.
وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال قدم على على بن أبى طالب مال من أصبهان فقسمه سبعة أسباع ووجد فيه رغيفا فقسمه سبع كسر وجعل على كل جزء كسرة ثم أقرع بينهم أيهم يعطى أولا.
أخرجه أحمد والقلعى.
وعن أبى صالح قال دخلت على أم كلثوم بنت على وإذا هي تمشط في ستر بينها وبيني فجاء حسن وحسين فدخلا عليها وهى جالسة وهى تمتشط فقال ألا تطعمون أبا صالح شيئا قال فأخرجوا لى قصعة فيها مرق بحبوب
__________
(1) في هامش الاصل: يرد هذا الحديث ما سبق في حديث قصة خيبر وأنه رفع عنه شكوى الحمر والبرد فلينظر فيه انتهى.

(1/108)


قال فقلت تطعمون هذا وأنتم أمراء فقالت أم كلثوم يا أبا صالح كيف لو رأيت
أمير المؤمنين تعنى عليا وأتى بأترج فذهب حسين فأخذ أترجة فأخذها من يده ثم أمر به فقسم بين الناس.
(ذكر عدله في رعيته) تقدم في الفصل.
الاول قبله وفى فصول متقدمة طرف منه.
وعن كريمة بنت همام الطائية قالت كان على يقيم فينا الورس بالكوفة قال فضالة حملناه على العدل منه.
أخرجه أحمد في المناقب.
(ذكر تفقده أحوالهم) عن أبى الصهباء قال رأيت على بن أبى طالب بشط الكلا يسأل عن الاسعار.
(ذكر شفقته على محمد صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والاسلام) وتخفيف الله عزوجل عن الامة بسببه عن على عليه السلام قال لما نزلت (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة) قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى دينارا قال لا يطيقونه قال فكم قلت شعيرة قال إنك لزهيد فنزلت (أأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات) الآية قال نبى الله خفف الله عن هذه الامة.
أخرجه أبو حاتم.
(ذكر إسلام همذان على يديه) عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام وكنت فيمن سار معهم فأقام عليهم ستة أشهر لا يجيبونه إلى شئ فبعث النبي صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب وأمره أن يرسل خالدا ومن معه إلا من أراد البقاء مع على فيتركه قال البراء وكنت فيمن عقب مع على فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر فجمعوا له فصلى على رضى الله عنه بنا الفجر فلما فرغ صفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همذان كلها في يوم واحد

(1/109)


وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ كتابه خر ساجدا وقال السلام على همذان السلام على همذان.
اخرجه أبو عمر.
(ذكر قتله للخوارج) عن عبيدة السلمانى قال ذكر على الخوارج فقال: فيهم رجل مخدج اليد أو مودن اليد لولا أن تبطروا لاخبرتكم بما وعد الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لمن قتلهم فقال فقلت لعلى أسمعته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أي روب الكعبة ثلاثا.
أخرجه مسلم.
والبطر الاشر وهو شدة المرح.
ومخدج اليد أي ناقصها ومنه حديث الصلاة فهى خداج، ومودن اليد وروى مودون اليد ومعناهما ناقصها أيضا تقول العرب ودنت الشئ وأودنته إذا نقصته.
وعن عبد الله بن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الحرورية لما خرجت وهو مع على فقالوا لاحكم إلا لله فقال على كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أناسا إنى لاعرف وصفهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إلى الله فيهم أسود إحدى يديه حلمة ثدى.
فلما قتلهم على رضى الله عنه قال انظروا فنظروا فلم يجدوا فقال ارجعو فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله وانا حاضر ذلك أمره وقول على فيه.
أخرجه أبو حاتم.
الحرورية قوم ينسبون إلى حرورا وهى بلدة الخوارج.
وعن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرق مارقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالله عزوجل.
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزل أم سلمة فجاء على فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أم سلمة هذا قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدى) أخرجهما الحاكمى.
والقاسطون الجائرون من القسط بالفتح والقسوط الجور والعدول عن
الحق وأما القسط بالكسر فهو العدل.
(ذكر بيعته رضى الله عنه) عن محمد بن الحنيفة قال أتى رجل عليا وعثمان رضى الله عنهما محصور فقال

(1/110)


إن أمير المؤمنين مقتول ثم جاء آخر فقال إن أمير المؤمنين مقتول الساعة قال فقام على قال محمد فأخذت بوسطه تخوفا عليه فقال خل لا أم لك قال فأتى على الدار وقد قتل الرجل فأتى داره فدخلها وأغلق عليه بابه فأتاه الناس فضربوا عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا إن هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من خليفة ولا نعلم أحدا أحق بها منك فقال لهم على رضى الله عنه لا تريدوني فانى لكم وزير خير منى لكم أمير فقالوا والله لا نعلم أحدا أحق بها منك قال فان أبيتم على فان بيعتى لا تكون سرا ولكن أئتوا المسجد فمن شاء أن يبايعني قال فخرج إلى المسجد فبايعه الناس.
أخرجه أحمد في المناقب.
قال ابن إسحق إن عثمان لما قتل بويع على بن أبى طالب بيعة العامة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع له أهل البصرة وبايع له بالمدينة طلحة والزبير، قال أبو عمر: واجتمع على بيعته المهاجرون والانصار وتخلف عن بيعته نفر فلم يكرههم وسئل عنهم فقال أولئك قوم قعدوا عن الحق ولم يقوموا مع الباطل، وتخلف عنه معاوية ومن معه بالشام وكان منه في صفين ما كان غفر الله لهم ولنا أجمين.
ثم خرج عليه الخوارج وكفروه وكل من تبعه إذ رضى بالتحكيم في دين الله تعالى بينه وبين أهل الشام فقالوا حكمت الرجال في دين الله والله تعالى يقول (إن الحكم إلا لله) ثم اجتمعوا وشقوا عصا المسلمين ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل فخرج إليهم فمن معه ورام رجعتهم فأبوا إلا القتال فقاتلهم بالنهروان فقتلهم واستأصل جمهورهم ولم ينج منهم إلا القليل: وقال أبو عمر: وبايع له أهل اليمن بالخلافة يوم قتل عثمان.
(ذكر ابتداء شخوصه من المدينة) وأنه لم يقم فيما قام فيه إلا محتسبا لله عزوجل عن مالك بن الجون قال قام على بن أبى طالب بالربذة فقال من أحب أن يلحقنا فليلحقنا ومن أحب أن يرجع فليرجع مأذون له غير حرج فقام الحسن بن على فقال يا أبت أو يا أمير المؤمنين: لو كنت في جحر وكان للعرب فيك حاجة

(1/111)


لاستخرجوك من جحرك فقال الحمد لله الذى يبتلى من يشاء بمن شاء ويعافى من يشاء بما يشاء أما والله لقد ضربت هذا الامر ظهرا لبطن أو ذنبا ورأسا فوالله إن وجدت له إلا القتال أو الكفر بالله فحلف بالله عليه اجلس يا بنى ولا تحن على حنين الجارية.
أخرجه أبو الجهم.
(ذكر مقتله وما يتعلق به) * (ذكر إخباره عن نفسه أن يقتل) * تقدم في ذكر كراماته حديث فضالة وطرف منه.
وعن زيد بن وهب قال قدم على على قوم من أهل البصرة من الخوارج فيهم رجل يقال له الجعد ابن بعجة قال له اتق الله يا على فانك ميت قال على بل مقتول ضربه على هذه تخضب هذه - يعنى لحيته من رأسه - عهد معهود وقضاء مقضى وقد خاب من افترى.
وعن عبد الله بن سبع قال خطبنا على فقال والذى فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه قال الناس أعلمنا لنبيره أو لنبيرن عترته قال أنشدكم بالله أن يقتل بى غير قاتلي قالوا إن كنت قد علمت ذلك فاستخلف إذن قال ولكن اكلكم إلى من وكلكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجهما أحمد.
وقوله نبيره نهلكه والبوار الهلاك وقوم بور أي هلك وبار فلان هلك.
وعن سكين بن عبد العزيز العبدى أنه سمع أباه يقول جاء عبد الرحمن بن ملجم ليستحمل عليا
فحمله ثم قال أما ان هذا قاتلي قيل فما يمنعك منه قال إنه لم يقتلنى بعد وقيل له إن ابن ملجم سم سيفه ويقول إنه سيقتلك به قتلة يتحدث بها العرب فبعث إليه وقال لم تسم سيفك قال لعدوى وعدوك فخلى عنه وقال ما قتلني بعد.
أخرجه أبو عمر وعن الحسين بن كثير عن أبيه وكان قد أدرك عليا قال: خرج على إلى الفجر فأقبل الاوز يصحن في وجهه فطردوهن فقال دعوهن فانهن نوائح فضربه ابن ملجم فقلت له يا أمير المؤمنين خل بيننا وبين مراد فلا تقوم لهم ثاغية ولا راغية أبدا قال لا ولكن احبسوا الرجل فان أنامت فاقتلوه وإن اعش فالجروح قصاص.
أخرجه أحمد في المناقب، وقوله ثاغية شاة راغية بغير يقال ثغت الشاة

(1/112)


تثغو ثغاء ورغا البعير يرغو رغاء.
(ذكر رؤياه في قتله ليلة موته) عن الحسن البصري عن الحسن بن على انه سمع اباه في سحر اليوم الذى قتل فيه يقول لهم يا بنى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في نومة نمتها فقلت يا رسول الله ما لقيت من أمتك من اللاواء واللدد (1) فقال ادع اللهم عليهم فقلت اللهم أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بى من هو شر منى ثم انتبه وجاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة فخرج فقتله ابن ملجم.
أخرجه أبو عمر.
(ذكر قاتله وما حمله على القتل وكيفية قتله وأين دفن) عن الزبير بن بكار قال كان من بقى من الخوارج تعاقدوا على قتل على ومعاوية وعمرو بن العاص فخرج لذلك ثلاثة فكان عبد الرحمن بن ملجم هو الذى التزم لهم قتل على فدخل الكوفة عازما على ذلك واشترى سيفا لذلك بألف وسقاه السم فيما زعموا حتى لفظه وكان في خلال ذلك يأتي عليا يسأله ويستحمله فيحمله إلى أن وقعت عينه على قطام امرأة رائقة جميلة كانت ترى رأى الخوارج وكان على قد
قتل أباها وإخوتها بالنهروان فخطبها ابن ملجم فقالت له آليت أن لا أتزوج إلا على مهر لاأريد سواه فقال ما هو قالت ثلاثه آلاف دينار وقتل على بن أبى طالب فقال والله لقد قصدت لقتل على رضى الله عنه والفتك به وما أقدمني هذا المصر غير ذلك ولكني لما رأيتك آثرت تزويجك فقالت ليس إلا الذى قلت لك قال وما يغنيك أو يغنينى منك قتل على وأنا أعلم انى إن قتلته لم أفت فقالت إن قتلته ونجوت فهو الذى أردت فتبلغ شفاء نفسي ويهنيك العيش معى وإن قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها فقال لك ما اشترطت فقالت له سألتمس لك من يشد ظهرك فبعثت إلى ابن عم لها يدعى وردان بن مجالد فأجابها ولقى ابن ملجم شبيب بن بجرة الاشجعى فقال يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة قال وما هو قال تساعدني على قتل على بن أبى طالب قال ثكلتك أمك لقد جئت شيئا
__________
(1) اللاواء: الشدة.
واللدد: الخصومة الشديدة.

(1/113)


إدا كيف تقدر على ذلك قال إنه رجل لا حارس له ويخرج إلى المسجد منفردا دون من يحرسه فنكمن له في المسجد فإذا خرج إلى الصلاة قتلناه فان نجونا نجونا وإن قتلنا سعدنا بالذكر في الدنيا وبالجنة في الآخرة فقال ويلك إن عليا ذو سابقة في الاسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم والله ما ينشرح صدري لقتله قال ويلك إن حكم الرجال في دين الله وقتل إخواننا الصالحين فنقتله ببعض من قتل ولا تشكن في دينك فأجابه وأقبلا حتى دخلا على قطام وهى معتكفة في المسجد الاعظم في قبة ضربتها لنفسها فدعت لهم وأخذوا أسيافهم وجلسوا قبالة السدة حتى يخرج منها على فخرج على إلى الصلاة صلاة الصبح فبدره شبيب فضربه فأخطأه وضربه ابن ملجم على رأسه وقال الحكم لله يا على لا لك ولا لاصحابك فقال على لا يفوتكم الكلب فشد الناس عليه من كل جانب فأخذوه وهرب شبيب خارجا من باب كندة فلما أخذ
قال على احبسوه فان مت فاقتلوه ولا تمثلوا به وإن لم أمت فالامر إلى في العفو والقصاص أو القصاص.
أخرجه أبو عمر.
والفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل حتى يشتد عليه فيقتله وفيه ثلاث لغات فتح الفاء وضمها وكسرها مع إسكان التاء كود ورغم.
إدا الاد بالكسر والادة الداهية والامر الفظيع ومنه قوله تعالى (لقد جئتم شيئا إدا) فنكمن له أي نختفى تقول كمن كمونا ومنه الكمين في الحرب.
والسدة باب الدار وقد تقدم.
وعن الليث بن سعد أن عبد الرحمن بن ملجم ضرب عليا في صلاة الصبح على دهش بسيف كان سمه بسم ومات من يومه ودفن بالكوفة ليلا.
أخرجه البغوي في معجمه واختلفوا في أنه هل ضربه في الصلاة أو قبل الدخول فيها وهل استخلف (1) من أتم الصلاة أو هو أتمها والاكثر على أنه استخلف جعدة بن هبيرة فصلى بهم تلك الصلاة واختلفوا في موضع دفنه فقيل في قصر الامارة بالكوفة وقيل في رحبة الكوفة وقيل بنجف الحيرة موضع بطريق الحيرة قال الخجندى والاصح عندهم أنه مدفون وراء المسجد الذى يؤمه الناس اليوم، النجف والنجفة بالتحريك مكان لا يعلوه الماء مستطيل
__________
(1) في نسخة (اختلف) وهو خطأ ظاهر.

(1/114)


منقاد والجمع نجاف بالكسر والنجاف أيضا أسكفة الباب أيضا وهى عتبته العليا والحيرة بالكسر مدينة بقرب الكوفة والنسبة إليها حيرى وحارى أيضا على غير قياس كأنهم قلبوا الياء ألفا.
وعن أبى جعفر أن قبره جهل موضعه.
وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حكاه الخجندى.
وصلى عليه الحسن بن على وكبر عليه أربع تكبيرات قال الخجندى وقيل تسعا.
وروى هارون بن سعيد أنه كان عنده مسك أوصى أن يحنط به وقال فضل من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجه البغوي.
وعن عائشة رضى الله عنها لما بلغنا موت على قالت لتصنع العرب
ما شاءت فليس لها أحد ينهاها.
(ذكر تاريخ مقتله رضى الله عنه) وكان ذلك صبيحة يوم سبع عشرة من رمضان مثل صبيحة بدر وقيل ليلة الجمعة لثلاث عشرة وقيل لاحدى عشرة ليلة خلت وقيل بقيت من رمضان وقيل لثمان عشرة ليلة منه سنة أربعين.
ذكر ذلك كله أبو عمر.
(ذكر ما ظهر من الآية في بيت المقدس لموت على عليه السلام) عن ابن شهاب قال قدمت دمشق وأنا أريد العراق فأتيت عبد الملك لاسلم عليه فوجدته في قبة على فرش يفوت القائم وتحته سماطان فسلمت ثم جلست فقال يا ابن شهاب أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل على بن أبى طالب فقلت نعم قال هلم فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة وحول إلى وجهه وأحنى عليه فقال ما كان فقلت لم يرفع حجر من بيت المقدس إلا وجد تحته دم فقال لم يبق أحد يعلم هذا غيرى وغيرك فلا يسمعوا منك فما حدثت به حتى وتوفى.
أخرجه ابن الضحاك.
(ذكر وصف قاتله بأشقى الآخرين) عن على عليه السلام قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا على أتدرى من أشقى الاولين قلت الله ورسوله أعلم قال عاقر الناقة قال أتدرى من أشقى الآخرين قلت الله ورسوله أعلم قال قاتلك.
أخرجه أحمد في المناقب.
وخرجه بن الضحاك وقال

(1/115)


في أشقى الآخرين الذى يضربك على هذه فيبل منها هذه وأخذ بلحيته.
وعن صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى (من أشقى الاولين يا على قال الذى عقر ناقة صالح فقال صدقت فمن أشقى الآخرين قال الله ورسوله أعلم قال أشقى.
الآخرين الذى يضربك على هذه وأشار إلى يافوخه وكان على يقول لاهله والله وددت أن لو انبعث أشقاها.
أخرجه أبو حاتم.
(ذكر وصيته) روى أنه لما ضربه ابن ملجم أوصى إلى الحسن والحسين وصية طويلة في آخرها يا بنى عبد المطلب لا تخوضوا دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا يقتلن بى إلا قاتلي انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا تمثلوا به فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور) أخرجه الفضائلى.
وعن قثم مولى الفضل قال لما قتل ابن ملجم عليا قال للحسن والحسين عزمت عليكم لما حبستم الرجل فان مت فاقتلوه ولا تملثوا به.
فلما مات رضى الله عنه قام إليه حسين ومحمد فقطعاه وحرقاه فنهاهم الحسن.
أخرجه ابن الضحاك.
(ذكر سنه يوم مات ومدة خلافته) اختلف في ذلك فقيل سبع وخمسون وقيل ثمان وخمسون وقيل ثلاث وستون وقيل خمس وستون وقيل ثمان وستون.
ذكر ذلك كله أبو عمرو غيره، وذكر أبو بكر أحمد بن الدراع في كتاب مواليد أهل البيت أن سنه خمس وستون ولم يذكره غيره، صحب النبي صلى الله عليه وسلم منها بمكة ثلاث عشرة سنة وسنه يوم صحبه إثنتا عشرة سنة ثم هاجر فصحبه عشر سنين وعاش بعده ثلاثين سنة، وكانت خلافته أربع سنين وسبعة أشهر وستة أيام وقيل ثلاثة أيام وقيل أربعة عشر يوما.
(ذكر ولده) وكان له من الولد أربعة عشر ذكرا وثمان عشرة أنثى الحسن والحسين ومحسن

(1/116)


مات صغيرا أمهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحمد الاكبر أمه خوله بنت إياس ابن جعفر الحنفية.
ذكره الدارقطني وغيره وقيل بل كانت أمه من سبى اليمامة فصارت إلى على وانها كانت أمة لبنى حنيفة سندية سوداء ولم تكن من أنفسهم،
وقيل إن أبا بكر أعطى عليا الحنيفة أم محمد من سبى بنى حنيفة.
أخرجه ابن السمان، وعبيد الله قتله المختار، وأبو بكر قتل مع الحسين أمهما ليلى بنت معوذ ابن خالد النهشلي وهى التى تزوجها عبد الله بن جعفر خلف عليها بعد عمه جمع بين زوجة على وابنته فولدت له صالحا وغيره فهم إخوة عبيد الله وأبى بكر لامهما.
ذكره الدارقطني.
والعباس الاكبر وعثمان وجعفر وعبد الله قتلوا مع الحسين أيضا أمهم أم البنين بنت حزام بن خالد الوحيدية ثم الكلابية، ومحمد الاصغر قتل مع الحسين أمه أم ولد، ويحيى وعون أمهما أسماء بنت عميس فهما أخوا بنى جعفر وأخو محمد بن أبى بكر لامه، وعمر الاكبر أمه أم حبيب الصهباء التغلبية سبية سباها خالد في الردة فاشتراها على، ومحمد الاوسط أمه بنت أبى العاص وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى شقيقتا الحسن والحسين ورقية شقيقة عمر الاكبر وأم الحسن ورملة الكبرى أمهما أم سعد بنت عروة بن مسعود الثقفى وأم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الصغرى وام كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر وجمانة ونفيسة لامهات أولاد شتى.
ذكره ابن قتيبة وصاحب الصفوة، وعقبه من الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية والعباس وعمر، وتزوج بنات على بنو عقيل وبنو العباس ماخلا زينب بنت فاطمة كانت تحت عبد الله بن جعفر، وأم كلثوم بنت فاطمة كانت تحت عمر بن الخطاب رضى الله عنه فمات عنها فتزوجها بعده محمد بن جعفر بن أبى طالب فمات عنها وتزوجها بعده عون بن جعفر بن أبى طالب وماتت عنده، وأم الحسن تزوجها جعفر بن هبيرة الخزومى، وفاطمة تزوجها سعيد بن الاسود من بنى الحرث.
والله أعلم.
* * *

(1/117)