ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى

 (الباب التاسع في ذكر الحسن والحسين)
ابني على بن أبى طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذكر ميلادهما) ولد الحسين في منتصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
قال أبو عمر هذا أصح ما قيل فيه، وقال الدولابى لاربع سنين وستة أشهر من الهجرة، وحكى الاول عن الليث بن سعد، قال الواقدي: وحملت فاطمة رضى الله عنها بالحسين من بعد مولد الحسن بخمسين ليلة وولدته لخمس خلون من شعبان سنة أربع، قال الزبير بن بكار في مولده مثل ذلك.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد.
وقال قتادة ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من الهجرة.
وقال ابن الدارع في كتاب مواليد أهل البيت لم يكن بينهما إلا حمل البطن وكان مدة حمل البطن ستة أشهر.
وقال لم يولد مولود قط لستة أشهر فعاش إلا الحسين وعيسى بن مريم عليهما السلام.
(ذكر عقه صلى الله عليه وسلم عنهما وأمره بحلق رؤوسهما) عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا.
خرجه أبو داود وخرجه النسائي وقال كبشين كبشين.
وعن أبى رافع أن حسن ابن على لما ولد أرادت أمه أن تعق عنه بكبشين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتعقى عنه ولكن احلقى رأسه فتصدقي بوزنه من الورق ثم ولد الحسين فصنعت مثل ذلك.
خرجه أحمد وإنما صرفها صلى الله عليه وسلم عن العقيقة لتحمله عنها ذلك لاتركه (1) بالاصالة يدل عليه حديث على عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن وقال يا فاطمة احلقى رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة فوزناه فكان وزنه درهما أو بعض درهم.
خرجه الترمذي.
وقد روى عن فاطمة أنها عقت عنهما وأعطت القابلة فخذ شاة ودينارا واحدا.
أخرجه الامام على بن موسى الرضا.
ولعل فاطمة باشرت الاعطاء.
وكان مما عق به
__________
(1) في نسخة (تركا) .
(*)

(1/118)


صلى الله عليه وسلم عنهما وأسند إلى فاطمة لتحمله صلى الله عليه وسلم عنها ويدل عليه ماروت أسماء بنت عميس قالت عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن يوم سابعه بكبشين أملحين وأعطى القابلة الفخذ وحلق رأسه وتصديق بزنة الشعر ثم طلى رأسه بيده المباركة بالخلوق ثم قال يا أسماء الدم من فعل الجاهلية، فلما كان بعد حول ولد الحسين فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ففعل مثل الاول قالت وجعله في حجره فبكى صلى الله عليه وسلم قلت فداك أبى وأمى مم بكاؤك فقال إبنى هذا يا أسماء إنه تقتله الفئة الباغية من أمتى لا أنالهم الله شفاعتي يا أسماء لا تخبري فاطمة فانها قريبة عهد بولادة.
خرجه الامام على بن موسى الرضا.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن فاطمة حلقت حسنا وحسينا يوم سابعهما فوزنت شعرهما فتصدقت بوزنه فضة.
خرجه الدولابى.
(ذكر ختانهما لسابعهما) عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام.
خرجه الطبراني.
وعن محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسين لسبعة أيام.
خرجه الدولابى.
ذكر تسميتهما يوم سابعهما عن على رضى الله عنه قال لما ولد الحسن سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أرونى ابني ما سميتموه قلنا حربا قال بل هو حسن فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم قال أرونى ابني ما سميتموه فقلنا سميناه حربا فقال بل هو حسين فلما ولد الثالث سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أرونى ابني ما سميتموه فقلنا سميناه حربا فقال بل هو محسن ثم قال انما سميتهم بولد هرون شبر وشبير ومشبر.
خرجه أحمد وأبو حاتم.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتق اسم حسين من حسن وسمى حسنا وحسينا
يوم سابعهما.
خرجه الدولابى.
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الحسن والحسين يوم سابعهما واشتق اسم حسين من حسن.
خرجه البغوي.
وعن عمران بن سليمان قال الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية.
خرجه الدولابى.

(1/119)


ذكر أن تسميتهما الحسن والحسين كانتا بامر الله تعالى وتأذينه صلى الله عليه وسلم في أذنهما عن على رضى الله عنه قال لما ولد الحسن سماه حمزة فلما ولد الحسين سماه باسم عمه جعفر قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنى أمرت أن أغير إسم هذين فقلت الله ورسوله أعلم فسماهما حسنا وحسينا، ولعله رضى الله عنه سماهما باسمين حربا وحمزة وجعفر وأظهر للنبى صلى الله عليه وسلم أولا من أحدهما ثم علم النبي صلى الله عليه وسلم بالآخر فقال ذلك.
وعن أسماء بنت عميس قالت قبلت فاطمة بالحسن فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أسماء هلمى ابني فدفعته إليه في خرقة صفراء فألقاها عنه قائلا ألم أعهد إليكن أن لاتلفوا مولودا بخرقة صفراء فلفيته بخرقة بيضاء فأخذه وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم قال لعلى أي شئ سميت ابني قال ما كنت لاسبقك بذلك فقال ولا أنا أسابق ربى فهبط جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك على منك بمنزلة هارون من موسى لكن لانبى بعدك فسم ابنك هذا باسم ولد هرون فقال وما كان إسم ابن هرون يا جبريل قال شبر فقال صلى الله عليه وسلم إن لساني عربي فقال سمه الحسن ففعل صلى الله عليه وسلم فلما كان بعد حول ولد الحسين فجاء نبى الله صلى الله عليه وسلم، وذكرت مثل الاول وساقت قصة التسمية مثل الاول من أن جبريل عليه السلام أمره أن يسميه باسم ولد هارون شبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الاول فقال سمه حسينا.
خرجه الامام على بن موسى الرضا.
وعن أبى رافع قال رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن حين ولدته فاطمة بالصلاة.
خرجه أبو داود والترمذي وصححه.
ذكر رضاع ام الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب الحسن رضى الله عنه بلبن ابنها قثم عن قابوس بن المخارق أن أم الفضل قالت يا رسول الله رأيت كأن عضوا

(1/120)


من اعضائك في بيتى فقال خيرا رأيتينه تلد فاطمة غلام فترضعينه فكبر قثم فولدت الحسن وأرضعته بلبن قثم.
خرجه الدولابى والبغوى في معجمه وخرجه ابن ماجه وقال فولدت حسينا أو حسنا فأرضعته بلبن قثم قالت فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوما فوضعته في حجره فبال فضربت كتفه فقال صلى عليه وسلم أوجعت ابني رحمك الله.
(ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أب اولاد فاطمة وعصبتهم) عن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل ولد أب فان عصبتهم لابيهم ما خلا ولد فاطمة فأنى انا أبوهم وعصبتهم) خرجه أحمد في المناقب.
(ذكر محبة النبي صلى الله عليه وسلم لهما ودعائه لهما ولمن أحبهما) عن أسامة بن زيد قال طرقت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في بعض الحاجة فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشتمل على شئ لاأدرى ما هو فلما فرغت من حاجتى قلت ما هذا الذى أنت مشتمل عليه فكشف فإذا حسن وحسين على وركيه فقال هذان ابناى وابنا ابنتى اللهم إنى أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما.
خرجه الترمذي وقال حسن غريب.
وعن عطاء عن رجل أخبره انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يضم الحسن والحسين ويقول اللهم إنى أحبهما.
خرجه أحمد والترمذي وصححه وأبو حاتم واللفظ لاحمد.
وعن ابن عباس قال استأذن على
النبي صلى الله عليه وسلم والعباس عنده فأذن له فدخل ومعه الحسن والحسين فقال العباس هؤلاء ولدك يا رسول الله قال نعم ولدى قال أتحبهم قال أحبك الله كما أحبهم.
خرجه السلفي في المشيخة البغدادية وخرجه الطبراني وقال بعد قوله هؤلاء ولدك يا رسول الله قال وهم ولدك يا عم ثم ذكر ما بعده.
(ما جاء مختصا بالحسن من ذلك) عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسن (اللهم إنى أحبه فأحبه وأحب من أحبه) خرجه مسلم وأبو حاتم وزاد فما كان أحد أحب إلى من الحسن بن

(1/121)


على بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال.
وخرجه أبو بكر الاسماعيلي في معجمه مستوعبا عن أبى هريرة قال لاأزال أحب هذا الرجل يعنى الحسن بن على بعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع به ما يصنع قال رأيت الحسن في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدخل أصابعه في لحية النبي صلى الله عليه وسلم والنبى صلى الله عليه وسلم يدخل لسانه في فيه ثم يقول اللهم إنى أحبه وذكر الحديث.
وعنه قال ما رأيت الحسن بن على قط إلا فاضت عيناى دموعا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما وانا في المسجد فأخذ بيدى واتكأ على حتى جئنا سوق قينقاع فنظر فيه ثم رجع ورجعت معه حتى جلس في المسجد ثم قال ادعوا ابني قال فأتى الحسن بن على يشتد حتى وقع في حجره ثم جعل يقول بيده هكذا في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح فمه في فمه ويقول اللهم إنى أحبه فأحبه وأحب من يحبه ثلاث مرات يقولها.
خرجه الحافظ السلفي.
(شرح) سوق قينقاع وهم بطن من يهود المدينة أضيف السوق إليهم وهو بفتح القاف وضم النون وقد يكسر ويفتح.
وعن البراء بن عازب قال رأيت الحسن بن على على عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول اللهم إنى أحبه فأحبه.
اخرجاه
وأبو حاتم.
وعن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه والحسن ويقول اللهم إنى أحبهما فأحبهما أوكما قال.
خرجه البخاري.
(ما جاء من ذلك مختصا بالحسين) عن أبى هريرة قال أبصرت عيناى وسمعت أذناى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفى حسين وقدماه على قدمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ترق عين بقه قال فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم افتح فاك ثم قبله ثم قال اللهم إنى أحبه فأحبه.
خرجه أبو عمر.
(ذكر ما جاء في أنهما أحب أهل بيته إليه) عن أنس بن مالك قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن والحسين وكان يقول لفاطمة ادعى لى ابني فيشمهما

(1/122)


ويضمهما إليه.
خرجه الترمذي وقال حسن غريب، والحافظ الدمشقي في الموافقات.
(ذكر ما لمن أحبهما وأحب أبويهما) عن على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال من أحبنى وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معى في درجتي يوم القيامة.
خرجه أحمد والترمذي وقال كان معى في الجنة، وقال حديث غريب.
وعنه قال أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين قلت يا رسول الله فمحبونا قال من ورائكم.
خرجه أبو سعد.
(ذكر ما جاء متضمنا للامر بمحبتهما) عن يعلى بن مرة قال جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أحدهما قبل الآخر فجعل يده في عنقه فضمه إلى بطنه صلى الله عليه وسلم وقبل هذا ثم قبل هذا ثم قال إنى أحبهما فأحبوهما أيها الناس الولد مبخلة مجبنة مجهلة.
خرجه أحمد والدولابى.
(ذكر ما جاء ان محبة النبي صلى الله عليه وسلم مقرونة بمحبتهما) عن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى والحسن والحسين يتواثبان على ظهره فباعدهما الناس فقال صلى الله عليه وسلم دعوهما بأبى هما وأمى من أحبنى فليحب هذين.
خرجه أبو حاتم.
(ذكر ما جاء من ذلك مختصا بالحسن) عن أبى زهير بن الارقم رجل من الازد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحسن بن على من أحبنى فليحبه فليبلغ الشاهد منكم الغائب ولولا عزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثتكم.
أخرجه أحمد.
ذكر أن محبتهما ومقرونة بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وبغضهما كذلك عن اسرائيل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب الحسن والحسين فقد أحبنى ومن أبغضهما فقد أبغضني.
خرجه أبو سعيد في شرف النبوة.
وعن

(1/123)


أبى هريرة مثله خرجه ابن حرب الطائى والسلفى وأبو طاهر البالسى.
وعن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذان ابناى من أحبهما فقد أحبنى يعنى الحسن والحسين.
خرجه ابن السرى وصاحب الصفوة.
ذكر دعائه صلى الله عليه وسلم للحسن بالرحمة عن أسامة بن زيد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الاخرى ويقول اللهم انى أرحمهما فارحمهما.
خرجه أبو حاتم.
وعن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة مولى بنى هاشم ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى الحسن مقبلا فقال اللهم سلمه وسلم منه.
خرجه الدولابى.
ذكر ما جاء أنهما ريحانتاه من الدنيا عن ابن عمر وقد سئل عن المحرم يقتل الذباب فقال أهل العراق يسألونى
عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هما ريحانتاى من الدنيا) .
خرجه البخاري.
وعن عبد الرحمن ابن أبى نعيم أن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض فقال يسألونى عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحسن والحسين هما ريحانتاى من الدنيا.
خرجه الترمذي وصححه.
وعن سعيد بن راشد قال جاء الحسن والحسين يسعيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ أحدهما فضمه إلى إبطه وأخذ الآخر فضمه إلى إبطه الاخرى وقال هذان ريحانتاى من الدينا.
خرجه الترمذي وصححه.
وعن سعيد بن راشد قال جاء الحسن والحسين يسعيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ أحدهما فضمه إلى إبطه ثم جاء الآخر فضمه إلى إبطه الاخرى وقال هذان ريحانتاى من الدنيا من أحبنى فليحبهما ثم قال الولد مجبنة مبخلة مجهلة.
خرجه ابن بنت منيع.
وعن خولة بنت حكيم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول إنكم لتجبنون وتبخلون وتجهلون وإنكم لمن ريحان الله عزوجل.
خرجه سعيد بن منصور في سننه.

(1/124)


ذكر ما جاء من ذلك مختصا بالحسن وأنه سيد وعسى الله يصلح بن بين فئتين عن أبى بكرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بنا وكان الحسن يجئ وهو صغير فكان كلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب على رقبته وظهره فيرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه رفعا رفيقا حتى يضعه فقالوا يا رسول الله رأيناك تصنع بهذا الغلام شيئا ما رأيناك تصنعه بأحد قال إنه ريحانتي من الدنيا إن ابني هذا سيد وعسى أن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين.
خرجه أبو حاتم وخرج
أحمد معناه ولم يقل ريحانتي من الدنيا وزاد قال الحسن بن أبى الحسن والله بعد أن ولى لم يهراق في خلافته ملء محجمته دم.
وعنه سمت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة واليه مرة ويقول ابني هذا سيد ولعل الله يصلح بن بين فئتين من المسلمين.
خرجه البخاري.
وعنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب أصحابه إذ جاء الحسن بن على فصعد المنبر فضمه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (إن ابني هذا سيد وإن الله يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين.
خرجه السلفي بهذا السياق (1) وخرجه المخلص ولم يذكر أنه صلى الله عليه وسلم ضمه (2) .
ذكر ما جاء في ضمه صلى الله عليه وسلم لهما وتقبيله وشمه إياهما تقدم في كثير من الاذكار ضمهما إليه صلى الله عليه وسلم إلى بطنه تارة وإلى إبطه أخرى والى صدره أخرى، وتقدم في ذكر ما جاء متضمنا للامر بمحبتهما تقبيله لكل واحد منهما، وفى ذكر محبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن والدعاء لمن احبه انه كان صلى الله عليه وسلم يدخل لسانه في فيه، وفى ذكر محبته للحسين انه قال له افتح فاك وقبله، وفى ذكر ما جاء أنهما أحب أهل بيته إليه إنه كان يشمهما ويضمهما.
وعن أبى هريرة قال دخل الاقرع بن حابس على النبي صلى الله عليه وسلم فرآه يقبل إما حسنا وإما
__________
(1) في نسخة (البيان) .
(2) (ضمه) ساقطة من نسخة.

(1/125)


حسينا فقال تقبله ولى عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه من لا يرحم لا يرحم) اخرجاه.
وعن يعلى بن مرة ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الحسين وقنع رأسه ووضع فاه على فيه فقبله.
خرجه أبو حاتم وسعيد ابن منصور.
(ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يمص لسانه أو شفته)
عن معاوية قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسان الحسن أو شفته وانه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجه أحمد.
(ذكر تقبيله صلى الله عليه وسلم سرة الحسن) عن أبى هريرة أنه لقى الحسن بن على في بعض طرق المدينة فقال له اكشف لى عن بطنك فداك أبى حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله قال فكشف عن بطنه فقبل سرته.
خرجه أبو حاتم.
ثم قال لو كانت من العورة ما كشفتها.
ذكر دلعه صلى الله عليه وسلم لسانه للحسين عن أبى هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدلع لسان الحسين فيرى الصبى حمرة لسانه فيهش إليه فقال عيينة بن بدر الا أراه يصنع هذا بهذا فوالله إنه ليكون لى الولد قد خرج وجهه وما قبلته قط فقال صلى الله عليه وسلم (من لا يرحم لا يرحم) .
خرجه أبو حاتم.
هكذا قيدناه من أصلنا المسموع للحسين فيهش ولعله للحسن فيبهش بالباء الموحدة وكذلك خرجه أبو عبيد القاسم بن سلام ولفظه فإذا رأى الصبى حمرة لسانه يهش إليه.
(شرح) : دلع لسانه: أخرجه ودلع لسان الرجل خرج يتعدى ولا يتعدى، ويهش إليه أي يخف إليه ويرتاح والهشاشة الخفة والارتياح المعروف، وهذا على التقييد بالياء المعجمة باثنتين من تحت وأما على ما رواه أبو عبيد الله بالباء الموحدة فقال في تفسيره يقال للانسان إذا رأى شيئا فأعجبه واشتهاه فتناوله وأسرع إليه فرح به فقد بهش إليه.
ذكر تقبيله ثغر الحسين عن أنس بن مالك قال لما قتل الحسين بن على جئ برأسه إلى ابن زياد

(1/126)


فجعل ينكث بقضيب على ثناياه وقال إن كان لحسن الثغر فقلت في نفسي لاسوءنك.
لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.
خرجه ابن الضحاك.
ذكر تقبيله صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين عن أبى ظبيان قال والله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفرج رجليه يعنى الحسين فيقبل زبيبته.
خرجه ابن السرى.
ذكر شبههما بالنبي صلى الله عليه وسلم عن أنس قال لم يكن أحد أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن على.
خرجه البخاري والترمذي.
وعنه قال كان الحسن بن على من أشبههم وجها بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وعنه كان الحسن من أشبه أهل بيته برسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجهما ابن الضحاك.
وعن عقبة بن الحرث قال رأيت أبا بكر حمل الحسن على رقبته وهو يقول * بأبى شبيه بالنبي ليس شبيها بعلى * وهو يضحك.
خرجه البخاري.
وفى رواية خرجت مع أبى بكر رضى الله عنه من صلاة العصر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى يمشى إلى جانبه فمر الحسن يلعب مع الصبيان فاحتمله على رقبته يعنى أبا بكر وهو يقول الحديث.
وعن أبى جحيفة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن على يشبهه.
خرجه ابن الضحاك.
وعن عبد الله بن الزبير وقد دخل على قوم يتذاكرون شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنا أخبركم بأشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن ابن على.
خرجه الضحاك وأبو بكر الشافعي من رواية ابن غيلان.
وعن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك.
خرجه الترمذي وقال حسن غريب، وأبو حاتم.
وهذا الحديث قاض على الحديثين جامع بينهما من غير أن يكون بينهما تضادد.
وكان الحسن أبيض مشربا بحمرة أدعج العينين سهل الخدين دقيق المسربة كث اللحية ذا وفرة كأن عنقه إبريق فضة عظيم الكراديس بعيد ما بين المنكبين ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير من أحسن الناس وجها

(1/127)


وكان يخضب بالسواد وكان جعد الشعر حسن البدن.
ذكره الدولابى غيره.
وعن زادان بن منصور قال رأيت الحسن بن على يخصب بالحناء والكتم (1) وعن عبد الرحمن بن برزج قال كان الحسن والحسين يخضبان بالسواد إلا أن الحسن ترك عنفقته (2) بيضاء.
خرجه ابن الضحاك.
وخرج أيضا عن أبى بكر بن أبى شيبة أن الحسين كان يخضب بالحناء والكتم.
وخرج عن أنس أن الحسين كان يخضب بالوسمة.
(شرح) : أدعج العينين أي شديد سوادهما، والمسربة (3) ما دق من شعر الصدر سائلا إلى البطن، الوفرة: شعر الرأس إذا وصل شحمة الاذن، الكراديس رؤوس العظام وقيل ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين والمنكبين واحدهما كردوس (4) ، والوسمة بكسر السين وقد تسكن: نبت وقيل شجر باليمن يخضب بورقه الشعر فيسود.
ذكره في نهاية الغريب.
وعن أنس قال كنت عند أبى زياد وجئ برأس الحسين قال فجعل يقول بقضيبه في أنفه ويقول ما رأيت مثل هذا حسنا قلت أما انه كان من أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجه أبو حاتم وخرج البخاري معناه وزاد: وكان مخضوبا بالوسمة يعنى الرأس.
ذكر انتقام الله عزوجل من ابن زياد في فعله ذلك عن عمارة بن عمير قال لما جئ برأس ابن زياد وأصحابه نضدت في المسجد في الرحبة فانتهيت إليهم وهم يقولون قد جاءت قد جاءت فإذا حية قد جاءت تتخلل الرؤس حتى دخلت في منخر عبيد الله بن زياد فمكثت هنيهة ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا قد جاءت قد جاءت ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا.
خرجه الترمذي وقال حسن صحيح.
__________
(1) نبت يخلط مع الوسمة ويصبغ به الشعر أسود، وقيل هو الوسمة.
(2) العنفقة
الشعر الذى في الشفة السفلى، وقيل الشعر الذى بينها وبين الذقن، وأصل العنفقة خفة الشئ وقلته.
(3) بضم الراء، وفى الاصل (المشربة) بالشين المعجمة هنا وفيما سبق، وهو غلط.
(4) أراد أنه ضخم الاعضاء.

(1/128)


(ذكر توريثهما بعض وصفه صلى الله عليه وسلم) عن زينب بنت أبى رافع عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أتت بالحسن والحسين أباها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه التى مات فيها فقالت تورثهما يا رسول الله صلى الله عليك وسلم فقال أما الحسن فله هيبتى وسؤددي وأما الحسين فله جرأتي وجودي.
خرجه ابن الضحاك.
(ذكر أنهما سيدا شباب أهل الجنة) عن حذيفة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال من هذا حذيفة قلت نعم قال إن هذا ملك لم ينزل الارض قط قبل هذه الليلة إستأذن ربه أن يسلم على ويبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
خرجه أحمد والترمذي وقال حسن غريب وخرج أبو حاتم معناه.
وعنه قال رأينا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتباشر بالسرور وقال ومالى لا أسر وقد أتانى جبريل فبشرني أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما.
خرجه أبو على بن شاذان.
وعن ابن عمر نحوه إلا انه قال وأبوهما خير منهما.
وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) خرجه ابن السمان في الموافقة.
وعن عمر مثله.
خرجه صاحب فضائل عمر.
وعن أبى سعيد الخدرى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن
زكريا) .
خرجه أبو حاتم والمخلص الذهبي وغيرهما.
(ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره) أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين عن جابر بن عبد الله قال من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن على فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.
خرجه أبو

(1/129)


حاتم.
وعنه قال من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا.
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ذكر حملهما على كتفيه صلى الله عليه وسلم وقوله نعم الراكبان) أنتما، وشهادته لهما بالجنة، في فضائل أخر روى ابو سعيد في شرف النبوة عن عبد العزيز باسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فأقبل الحسن والحسين فلما رآهما صلى الله عليه وسلم قام لهما واستبطأ بلوغهما إليه فاستقبلهما وحملهما على كتفيه وقال نعم المطى مطيكما ونعم الراكبان أنتما.
وعن ابن عباس قال بينا نحن ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت فاطمة تبكى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فداك أبوك ما يبكيك قالت إن الحسن والحسين خرجا ولا أدري أين باتا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبكين فان خالقهما ألطف بهما منى ومنك، ثم رفع يديه فقال اللهم احفظهما وسلمهما فهبط جبريل وقال يا محمد لا تحزن فانهما في حظيرة بنى النجار نائمين وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه حتى أتى الحظيرة فإذا الحسن والحسين عليهما السلام معتنقين نائمين وإذا الملك الموكل بهما قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما يظلهما فأكب النبي صلى الله عليه وسلم عليهما يقبلهما حتى انتبها من نومهما ثم جعل الحسن على عاتقه الايمن والحسين على عاتقه الايسر
فتلقاه أبو بكر وقال يا رسول الله ناولنى أحد الصبيين أحمله عنك فقال صلى الله عليه وسلم نعم المطى مطيهما ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما حتى أتى المسجد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدميه وهما على عاتقيه ثم قال معاشر المسلمين ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبى طالب وعمتها أم هانئ بنت أبى طالب

(1/130)


أيها الناس ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالتهما زينت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اللهم إنك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة ومن احبهما في الجنة ومن أبغضهما في النار.
خرجه الملا في سيرته وغيره.
(ذكر ما ورد من ذلك مختصا بالحسن) قد تقدم في ذكر محبة النبي صلى الله عليه وسلم له من حديث الشيخين عن البراء أنه حمل الحسن على عاتقه.
وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملا الحسن على عاتقه فقال الرجل نعم الركب ركبت يا غلام فقال صلى الله عليه وسلم نعم الراكب هو.
خرجه الترمذي وقال غريب، والبغوى في المصابيح.
(ذكر نزوله صلى الله عليه وسلم من المنبر حين رآهما) يمشيان ويعثران وحملهما عن بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء الحسن والحسين رضى الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم
من المنبر وحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثى ورفعتهما.
خرجه الترمذي وقال حسن غريب وأبو داود وأبو حاتم.
(ذكر توثبهما على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة) ومكث ضوء البرق لهما حتى مشيا فيه تقدم في ذكر أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم مقرونة بمحبتهما طرف من الاول وفى ذكر أن الحسن ريحانته صلى الله عليه وسلم طرف منه أيضا يخص الحسن.
وعن أبى هريرة قال كنا نصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذا رفيقا فيضعهما على الارض فإذا عاد

(1/131)


عادا حتى قضى صلاته فأقعدهما على فخديه قال فقمت إليه فقلت يا رسول الله أردهما فبرقت برقة فقال لهما الحقا بأمكما قال فمكث ضوؤها حتى دخلا.
خرجه أحمد.
وعن أنس بن مالك قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم لرجل عهدا فدخل الرجل يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى فرأى الحسن والحسين يركبان على عنقه مرة ويركبان على ظهره مرة ويمران بين يديه ومن خلفه فلما فرغ صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال له الرجل ما يقطعان الصلاة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ناولنى عهدك فأخذه فمزقه ثم قال (من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا ولا أنا منه) .
خرجه ابن أبى الفرابى.
وعن جابر قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين على ظهره وهو يقول نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أو الحملان أنتما.
خرجه الغساني.
وعن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى حتى إذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما قال دعوهما فلما أن صلى وضعهما في حجرة وقال (من أحبنى فليحب هذين) خرجه الحافظ الدمشقي في معجم
النساء (1) .
وعن أبى هريرة قال كان الحسن أو الحسين عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان يحبه حبا شديدا فقال اذهب إلى أمي فقلت أذهب معه فقال لا فجاءت برقة من السماء فمشى في ضوئها حتى بلغ.
خرجه أبو سعيد.
ذكر ما جاء من التوثب مختصا بالحسن رضى الله عنه عن عبد الله بن الزبير قال رأيت الحسن بن على يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فيركب على ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذى ينزل ويأتى وهو را كع فيفرج له رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر.
رواه ابن غيلان عن أبى بكر الشافعي.
(ذكر ما ورد من النزو على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مختصا بالحسين) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال خلونا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل حسين بن على فجعل ينزو (2) على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بطنه قال فبال فقمنا إليه فقال دعوه ثم دعا بماء فصبه على بوله.
خرجه ابن بنت منيغ.
__________
(1) في نسخة (النسائي) وهو غلط ظاهر.
(2) أي يثب.

(1/132)


(ذكر حملهما معه صلى الله عليه وسلم على بغلته) عن أبى إياس قال لقد قدت بالنبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بلغته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه وهذا خلفه.
خرجه مسلم.
(ذكر ما ورد في كل واحد منهما أنه من النبي صلى الله عليه وسلم) عن خالد بن معدان قال وفد المقدام بن معدى كرب وعمرو بن الاسود إلى معاوية فقال معاوية للمقدام أعلمت أن الحسن بن على توفى فرجع المقدام فقال له معاوية أتراها مصيبة فقال ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره وقال هذا منى وحسين من على.
خرجه أحمد.
وعن يعلى بن مرة العامري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من
الاسباط) خرجه الترمذي وقال حسن، وسعيد في سننه.
وعنه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام دعوا له فإذا الحسين مع الصبيان يلعب فاشتمل امام القوم ثم بسط يده فطفق الصبى يفر ههنا مرة وههنا مرة وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والاخرى تحت قفاه ثم قنع رأسه ووضع فاه على فيه فقبله وقال حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الاسباط.
خرجه أبو حاتم وسعيد بن منصور.
(شرح) : قوله يفر يجوز أن يكون بالفاء وراء مهملة ومعناه معروف ويجوز أن يكون بالقاف وزاى معجمة ومعناه يثب، وقنع رأسه رفعه ومنه حديث الدعاء (ويقنع يديه) أي يرفعهما، وهكذا المنقول قنع رأسه وانما هو أقنعه يقنعه إقناعا، وسبط من الاسباط أي أمة من الامم في الخير والاسباط في أولاد إسحق بن إبراهيم عليه السلام، والقبائل في ولد إسماعيل، واحدهم سبط.
وعن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن أو الحسين هذا منى وأنا منه وهذا يحرم عليه ما يحرم على.
خرجه الحربى.
(ذكر ما جاء في تعويذ النبي صلى الله عليه وسلم إياهما) عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين: أعوذ بكلمات الله

(1/133)


التامة من كل شيطان وهامة (1) ومن كل عين لامة ويقول هكذا كان يعوذ ابراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام.
خرجه أبو سعيد في شرف النبوة وغيره.
وعن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن ألا أعلمك عوذة كان إبراهيم يعوذ بها ابنيه إسماعيل وإسحاق وأنا أعوذ بها ابني الحسن والحسين: كفى بسمع الله واعيا لمن دعا ولا مرمى وراء أمر الله لرام رمى.
خرجه المخلص الذهبي.
(ذكر أنه كان في تمائمهما من ريش جبريل عليه السلام) عن أم عثمان أم ولد لعلى قالت كانت لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة يجلس عليها جبريل عليه السلام لا يجلس عليها غيره فإذا عرج رفعت وكان إذا عرج انتفض فسقط من زغب (2) ريشه فتقوم فاطمة فتتبعه فتجعله في تمائم الحسن والحسين.
خرجه الدولابى.
ذكر مصارعتهما بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبى هريرة قال كان الحسن والحسين يصطرعان بين يدى النبي صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هن يا حسن فقالت فاطمة يا رسول الله لم تقول هن يا حسن فقال إن جبريل عليه السلام يقول هن يا حسين.
خرجه ابن المثنى في معجمه.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين كانا يصطرعان فاطلع على على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ويها الحسن فقال على يا رسول الله على الحسين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل عليه السلام يقول ويها الحسين.
خرجه ابن بنت منيع.
(شرح) : ويه كلمة تقال للاستحثاث.
ذكره الجوهرى قال وإذا تعجبت من طيب شئ قلت واها له ما أطيبه، وإذا أغريته بالشئ قلت ويها يا فلان وهو تحريض.
كما يقال دونك يا فلان.
__________
(1) الهامة: كل ذات سم يقتل، واما ما يسم ولا يقتل فهو السامة (2) الزغب صغار الريش

(1/134)


(ذكر جعل عمر عطاءهما مثل عطاء أبيهما) عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب جعل عطاء حسن وحسين مثل عطاء أبيهما.
خرجه ابن بنت منيع.
ذكر أنهما يحشران يوم القيامة على ناقتيه العضباء والقصواء
عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تبعث الانبياء على الدواب ويحشر صالح على ناقته ويحشر ابنا فاطمة على ناقتي العضباء (1) والقصواء وأحشر أنا على البراق خطوها عند أقصى طرفها ويحشر بلال على ناقة من نوق الجنة.
خرجه الحافظ السلفي.
ذكر أنهم يوم القيامة على خيل موصوفة بصفات عن على قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان يوم القيامة كنت أنت وولدك على خيل بلق متوجة بالدر والياقوت فيأمر الله بكم إلى الجنة والناس ينظرون.
خرجه الامام على بن موسى الرضا.
ولا تضادد بينهم وبين حشرهم على العضباء والقصواء إذ يكون الحشر أولا عليهما ثم ينقلون إلى الخيل أو يحمل ولده على غير الحسن والحسين منهم.
ذكر ما جاء أن المهدى في آخر الزمان منهما عن على بن الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحالة التى قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتى ارتفع صوتها فرفع صلى الله
__________
(1) هو علم لها منقول من قولهم: ناقة عضباء أي مشقوقة الاذن.
ولم تكن مشقوقة الاذن، وقال بعضهم انها كانت مشقوقة الاذن، والاول أكثر، وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم ناقة عضباء وهى القصيرة اليد.
والقصواء: لقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقصواء: الناقة التى قطع طرف أذنها، وكل ما قطع من الاذن فهو جدع فإذا بلغ الربع فهو قصع فإذا جاوزه فهو عضب فإذا استؤصلت فهو صلم، يقال قصوته قصوا فهو مقصو والناقة قصواء ولا يقال بعير أقصى.
ولم تكن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم قصواء وانما هو لقب لها، وقيل كانت مقطوعة الاذن.

(1/135)


عليه وسلم طرفه إليها حبيبتي فاطمة ما الذى يبكيك فقالت أخشى الضيعة
من بعدك فقال يا حبيبتي ما علمت أن الله اطلع على أهل الارض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إلى أن أنكحك إياه يا فاطمة ونحن أهل بيت فقد أعطانا الله سبع خصال لم تعط أحدا قبلنا ولا تعط أحدا بعدنا وأنا خاتم النبيين وأكرمهم على الله عزوجل وأحب المخلوقين إلى الله عزوجل وأنا أبوك ووصيي خير الاوصياء وأحبهم إلى الله عزوجل وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله عزوجل وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك وعم بعلك ومنا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنة حيث يشاء مع الملائكة وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبط هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذى بعثنى بالحق خير منهما.
يا فاطمة والذى بعثنى بالحق إن منهما مهدى هذا الامة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيرا ولا صغير يوقر كبيرا فيبعث الله عزوجل عند ذلك من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملا الارض عدلا كما ملئت جورا.
خرجه الحافظ أبو العلاء الهمذانى في أربعين حديثا في المهدى وقد تقدم مختصرا في مناقب فاطمة من حديث الطبراني عن أبى أيوب الانصاري.
(شرح) : الهرج والمرج الاقتتال والاختلاط، غلف أي في غلاف عن سماع الحق.
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يولد منهما يعنى الحسن والحسين مهدى هذه الامة) .
وعن الحسين بن على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة (المهدى من ولدك) وعن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المهدى من ولدى وجهه كالكوكب الدرى.
وقد روى عن أبى سعيد الخدرى وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما أنه من عترته صلى الله عليه وسلم.
(ذكر ما جاء من ذلك مختصا بالحسين) عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله
ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من ولدى إسمه كاسمى فقال سلمان من أي ولدك

(1/136)


يا رسول الله قال من ولدى هذا وضرب بيده على الحسين.
فيحمل ما ورد مطلقا فيما تقدم على هذا المقيد.
(ذكر ما ورد من حجهما ماشيين) عن محمد بن على قال قال الحسن إنى لاستحيى من ربى أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه.
وعن على بن زيد قال حج الحسن خمس عشرة مرة ماشيا.
خرجه أبو عمر وخرجه صاحب الصفوة والبغوى في معجمه عن عبيد الله بن عبيد بن عمير وزاد ونجائبه تقاد معه.
(ذكر ما ورد في سخائهما) عن حرملة مولى أسامة قال أرسلني أسامة بن زيد إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه قال لى إنه سيسألك ويقول لك ما خلف صاحبك فقل له يقول لك لو كنت في شدق الاسد لاحببت أن أكون معك فيه ولكن هذا أمر لم أره قال فأتيت عليا فلم يعطنى شيئا فذهبت إلى حسن وحسين وعبد الله بن جعفر فأوقروا (1) لى راحلتي.
خرجه البخاري وتابعه الهزانى.
(ذكر ما جاء مختصا بالحسن) عن سعيد بن عبد العزيز أن الحسن بن على سمع رجلا يسأل ربه أن يرزقه عشرة آلاف فانصرف حسن رضى الله عنه فبعث بها إليه.
خرجه في الصفوة.
(ذكر فضيلة لهما) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال والسابق السابق إلى الجنة قال فبلغني أنه كان بين الحسن والحسين هجران وتشاجر فقلت للحسين الناس يقتدون بكما فلا
تتهاجرا واقصد أخاك الحسن وادخل عليه وكلمه فانك أصغر سنا منه فقال لولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول السابق السابق إلى الجنة لقصدته
__________
(1) أي حملوها وقرا، وهو الحمل.

(1/137)


ولكن أكره أن أسبقه إلى الجنة فذهبت إلى الحسن فأخبرته بذلك فقال صدق أخى وقام وقصد أخاه الحسين وكلمه واصطلحا رضى الله عنهما.
خرجه ابن أبى الفرابى أذكار تتضمن نبذا من فضائل وأخبار تختص بالحسن (ذكر علمه رضى الله عنه) عن محمد بن سعد اليربوعي قال قال على رضى الله عنه للحسن بن على كم بين الايمان واليقين؟ قال أربع أصابع قال بين: قال اليقين ما رأته عينك والايمان ما سمعته اذنك وصدقت به قال أشهد أنك من من أنت منه ذرية بعضها من بعض.
خرجه ابن أبى الدنيا في كتاب اليقين.
ذكر خطبته يوم قتل أبوه على بن أبى طالب عن زيد بن الحسن قال خطب الحسن الناس حين قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون ولا يدركه الآخرون وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه رايته فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فما يرجع حتى يفتح الله عليه ولاترك على وجه الارض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لاهله ثم قال أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن على وأنا ابن الوصي وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله باذنه والسراج المنير وأنا من أهل البيت الذى اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأنا من أهل البيت الذى افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال الله تعالى
لنبيه صلى الله عليه وسلم (قل لاأسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودتنا اهل البيت.
خرجه الدولابى.
ذكر بيعته وخروجه إلى معاوية وتسليمه الامر له قال أبو عمر لما قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه بايع الحسن اكثر من أربعين ألفا كلهم قد بايع أباه قبله على الموت وكانوا أطوع للحسن وأحب فيه منهم

(1/138)


في أبيه فبقى سبعة أشهر خليفة بالعراق وما وارء النهر من خراسان ثم سار إلى معاوية وسار معاوية إليه فلما تراءى الجمعان بموضع يقال له لمسكين بناحية الانبار من أرض السواد علم أن لن تغلب احدى الفئتين حتى يذهب أكثر الاخرى فكتب إلى معاوية يخبره انه يصير الامر إليه على أن يشترط عليه أن لا يطلب أحدا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشئ مما كان في أيام ابيه فأجابه معاوية إلا أنه قال عشرة أنفس فلا أو منهم فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول إنى قد آليت اننى متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده فراجعه الحسن إنى لا أبايعك أبدا وأنت تطلب قيسا أو غيره بتبعة قلت أو كثرت فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض قال أكتب ما شئت فيه فأنا التزمه فاصطلحا على ذلك واشترط عليه الحسن أن يكون له الامر من بعده فالتزم ذلك كله معاوية واصطلحا على ذلك وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) وكان رضى الله عنه يقول ما أحببت منذ علمت ما ينفعني ويضرني ان ألى أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة (1) دم.
وروى أنه قال كان ناس من أصحاب الحسن يقولون له لما صالح معاوية يا عار المؤمنين فيقول العار خير من النار.
وعن أبى العريف قال كنا في مقدمة الحسن ابن على اثنى عشر ألفا مستميتين حرصا على قتال أهل الشام فلما جاء الحسن
الكوفة أتاه شيخ منا يكنى أبا عمر وسفيان بن أبى ليلى فقال السلام عليك يا مذل المؤمنين قال لا تقل يا أبا عمرو فانى لم أذل المؤمنين ولكن كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.
خرجه أبو عمر.
وعن جبير بن نفير قال قدمت المدينة فقال الحسن ابن على كانت جماجم العرب بيدى يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء لوجه الله تعالى وحقن دماء المسلمين.
خرجه الدولابى.
قال
__________
(1) يقال أراق الماء يريقه، وهراقه يهريقه، يقال فيه اهرقت الماء اهرقه اهراقا فيجمع بين البدل والمبدل - كما في النهاية.
وفى (فتاوى السبكى) بحث مبسوط عن ذلك.
والمحجم بالكسر الآلة التى يجتمع فيها دم الحجامة عند المص.

(1/139)


أبو عمر وبايع الناس معاوية فاجتمعوا عليه في منتصف جمادى الاولى سنة اثنتين وأربعين قال ومن قال ست وأربعين فقد وهم، وحج المغيرة بالناس سنة أربعين من غير أن يؤمره أحد وكان بالطائف، وروى انه لما جرى الصلح بين معاوية والحسن قال له معاوية قم فاخطب الناس واذكر ما كنت فيه فقام الحسن فخطب فقال الحمد لله الذى هدى بنا اولكم وحقن بنا دماءكم ألا إن أكيس الكيس التقى وأعجز العجز الفجور وان هذا الامر الذى اختلفت فيه أنا ومعاوية إما أن يكون كان أحق به منى أو يكون حقى وتركته لله ولصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم قال ثم التفت فقال (وان أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) ثم نزل فقال عمرو بن العاص لمعاوية ما أردت إلا هذا.
وروى أبو سعد أنه قال في خطبته أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن على بن أبى طالب أنا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن السراج المنير أنا ابن مزنة السماء أنا ابن من بعث رحمة للعالمين أنا ابن من بعث إلى الجن والانس أنا ابن من قاتلت معه الملائكة أنا ابن من جعلت له الارض مسجدا
وطهورا أنا ابن من أذهب اللهم عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أنا ابن من كان مستجاب الدعوة أنا ابن الشفيع المطاع أنا ابن أول من تنشق عنه الارض ومن يقرع باب الجنة أنا ابن أول من ينفض التراب عن رأسه أنا ابن من رضاه رضا الرحمن وسخطه سخط الرحمن أنا ابن من لا يسامى كرما فقال معاوية حسبك يا أبا محمد ما أعرفنا بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معاوية إن الخليفة من سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بطاعته وليس الخليفة من دان بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا أما وأبا.
(ذكر عطاء معاوية الحسن وإكرامه له) عن عبد الله بن بريدة أن الحسن دخل على معاوية فقال لاجيزنك بجائزة لم أجزها أحدا قبلك ولا أجيز بها أحدا بعدك فأجازة بأربعمائة ألف ألف فقبلها.
خرجه ابن الضحاك في الآحاد والمثاني.

(1/140)


(ذكر وفاة الحسن بن على رضى الله عنهما) قال أبو عمرو غيره توفى الحسن بالمدنية سنة تسع وأربعين وقيل خمسين في ربيع الاول وقيل إحدى وخمسين وهو يومئذ ابن سبع وأربعين سنة منها سبع سنين مع النبي صلى الله عليه وسلم وثلاثون سنة مع أبيه وعشر سنين بعدها وقيل مات وهو ابن خمس وأربعين.
وغسله الحسين ومحمد والعباس بنو على بن أبى طالب.
ودفن بالبقيع وروى أنه أوصى أن يدفن إلى جنب أمه فاطمة بالمقبرة فدفن بالمقبرة إلى جنبها.
المقبرة بضم الباء.
فتحها.
وقال سيعد بن محمد بن جبير رأيت قبر الحسن بن على ابن أبى طالب عند فم الزقاق الذى بين دار نبيهة بن وهب وبين دار عقيل بن أبى طالب وقيل انه دفن عند قبر أمه وروى قايد مولى عبادل قال حدثنى الحفار أنه حفر لقبره فوجد قبرا عى سبع أذرع مشرفا عليه لوح مكتوب: هذا
قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر ذلك كله ابن النجار في أخبار المدينة وذكر أنه دفن معه في قبره ابن أخيه على بن الحسين زين العابدين وأبو جعفر محمد بن على الباقر وابنه جعفر الصادق.
وقبره يعرف بقبة العباس.
وصلى عليه سعيد بن العاص وكان أميرا بالمدينة قدمه الحسين للصلاة على أخيه وقال لولا أنها سنة ما قدمتك.
وقد كانت عائشة أباحت له أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها وكان سألها ذلك في مرضه فلما مات منع من ذلك مروان وبنو أمية.
قال قتادة وأبو بكر بن حفص مات مسموما سمته امرأته بنت الاشعث بن قيس الكندى وكان لها ضرائر.
وعن قتادة قال دخل الحسين على الحسن فقال يا أخى إنى سقيت السم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه المرة إنى لاضع كبدي فقال الحسين من سقاك يا أخى فقال ما سؤالك عن هذا تريد أن تقتلهم أكلهم إلى الله عزوجل.
وعن عمر بن إسحاق قال كنا عند الحسن فدخل المخدع (1) ثم خرج فقال لقد سقيت السم مرارا ما سقيته مثل هذه المرة ولقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبها
__________
(1) هو البيت الصغير الذى يكون داخل البيت الكبير، وتضم ميمه وتفتح.
وأصله من الخدع وهو الاخفاء.

(1/141)


بعود فقال له الحسين أي أخ من سقاك قال وما تريد إليه أتريد أن تقتله قال نعم قال لئن كان الذى أظن فاالله أشد نقمة وان كان غيره فلا أريد أن يقتل برئ.
(ذكر وصيته لاخيه الحسين رضى الله عنهما) قال أبو عمر روينا من وجوه أن الحسن بن على لما حضرته الوفاة قال للحسين أخيه يا أخى إن أباك حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم استشرف لهذا الامر ورجا أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه ووليها أبو بكر فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوف لها أيضا فصرفت عنه إلى عمر فلما قبض عمر جعلها شورى بين
ستة هو أحدهم فلم يشك أنها لا تعروه فصرفت عنه إلى عثمان فلما هلك عثمان بويع له ثم نوزع حتى جرد السيف وطلبها فما صفا له شئ منها وإنى والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك، وقد كنت طلبت إلى عائشة إذا مت أن أدفن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت نعم وانى لاأدرى لعله كان ذلك منها حياء فإذا أنا مت فاطلب ذلك إليها فان طابت نفسها فادفني في بيتها وما أظن إلا القوم سيمنعونك إذا أردت ذلك فان فعلوا فلا تراجعهم في ذلك وادفني في بقيع الغرقد (1) فان لى بمن فيه أسوة فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة يطلب ذلك إليها فقالت نعم حبا وكرامة فبلغ ذلك مروان فقال مروان كذب وكذبت والله لا يدفن هناك أبدا منعوا عثمان من دفنه في المقبرة ويريدون دفن حسن في بيت عائشة فبلغ ذلك حسينا فدخل هو ومن معه في السلاح فبلغ ذلك مروان فاستلام في الحديد أيضا فبلغ ذلك أبا هريرة فقال والله ما هو إلا ظلم يمنع حسن أن يدفن مع أبيه والله انه لابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق إلى حسين فكلمه وناشده الله وقال له أليس قد قال أخوك ان خفت أن يكون قتال فردني إلى مقبرة المسلمين ولم يزل به حتى فعل وحمله إلى البقيع ولم يشهده يومئذ من بنى أمية إلا سعيد بن العاص
__________
(1) بقيع الغرقد هو مقبرة أهل المدينة، وسمى بذلك لانه كان فيه غرقد وهو ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك.

(1/142)


وكان يومئذ أميرا على المدينة قدمه الحسين في الصلاة عليه هي السنة وخالد ابن الوليد بن عقبة ناشد بنى أمية أن يخلوه يشهد الجنازة فتركوه فشهد دفنه في المقبرة.
ودفن إلى جنب أمه فاطمة رضى الله عنها وعنهم أجمعين.
ولما مات ورد البريد إلى معاوية بموته ودخل عليه ابن عباس فقال له يا أبا عباس احتسب الحسن
لا يحزنك الله ولا يسوؤك فقال أما ما أبقاك الله يا أمير المؤمنين فلا يحزننى الله ولا يسؤنى قال فأعطاه على كلمته ألف ألف وعروضا وأشياء وقال خذها واقسمها على أهلك.
خرجه أبو عمر.
(ذكر ولد الحسن بن على رضى الله عنهما) وخلف الحسن من الولد حسن بن حسن وعبيد الله وعمرا وزيدا وإبراهيم.
ذكره الدولابى وذكر ابن الذراع أبو بكر بن أحمد في كتاب مواليد أهل البيت أنه ولد له أحد عشر ابنا وبنت: عبد الله والقاسم والحسن وزيد وعمر وعبيد الله وعبد الرحمن وأحمد وإسماعيل والحسين وعقيل وأم الحسين.
أذكار تتضمن فضائل وأخبارا تختص بالحسين عليه السلام * (ذكر فضيلة له رضى الله عنه) * روى الامام على بن موسى الرضا أن الحسين بن على دخل الخلاء فوجد لقمة ملقاة فدفعها إلى غلام له فقال يا غلام اذكرنيها إذا خرجت فأكلها الغلام فلما سأله عنها قال أكلتها يا مولاى قال إذهب فأنت حر لوجه الله تعالى ثم قال سمعت جدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من وجد لقمة ملقاة فمسح أو غسل ثم أكلها أعتقه الله من النار) فلم أكن أستعبد رجلا أعتقه الله من النار.
ذكر تأذى النبي صلى الله عليه وسلم ببكائه عن يزيد بن أبى زياد قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكى.
فقال ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني.
خرجه ابن بنت منيع.

(1/143)


ذكر كرامات له وآيات ظهرت لمقتله رضى الله عنه عن رجل من كليب قال صاح الحسين بن على اسقونا ماء فرمى رجل بسهم
فشق شدقه فقال لاأرواك الله فعطش الرجل إلى أن رمى نفسه في الفرات فشرب حتى مات.
خرجه الملا.
وعن العباس بن هشام بن محمد الكوفى عن أبيه عن جده قال كان رجل يقال له زرعة شهد قتل الحسين فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه وذلك أن الحسين دعا بماء ليشرب فرماه فحال بينه وبين الماء فقال اللهم اظمئه قال فحدثني من شهد موته وهو يصيح من الحر في بطنه ومن البرد في ظهره وبين يديه الثلج والمراوح وخلفه الكانون وهو يقول اسقوني أهلكني العطش فيؤتى بالعس العظيم فيه السويق والماء واللبن لو شربه خمسة لكفاهم فيشربه ثم يعود فيقول اسقوني أهلكني العطش قال فانقد بطنه كانقداد البعير.
خرجه ابن أبى الدنيا.
(شرح) : العس القدح الكبير وجمعه عساس.
وعن علقمة بن وائل أو وائل بن علقمة أنه شهد ما هنا لك قال قام رجل فقال أفيكم الحسين فقالوا نعم قال أبشر بالنار قال أبشر برب رحيم وشفيع مطاع من أنت قال انا جريرة قال اللهم جره إلى النار فنفرت به الدابة فتعلقت رجله بالركاب فوالله ما بقى عليها منه إلا رجله.
خرجه ابن بنت منيع.
وعن أبى معشر عن بعض مشيخته ان قاتل الحسين لما جاء ابن زياد وحكى عليه كيفية قتله وما قال له الحسين اسود وجهه.
خرجه ابن بنت منيع أيضا.
وعن سفيان قال حدثتني جدتى أنها رأت رجلين ممن شهدا قتل الحسين وقالت أما أحدهما فانه طال ذكره حتى كان يلفه وأما الآخر فانه كان يستقبل الراوية (1) فيشربها إلى آخرها فما يروى.
أخرجه الملا.
وعن سفيان أيضا أن رجلا ممن شهد قتل الحسين كان يحمل ورسا (2) فصار ورسه رمادا.
أخرجه الملا في سيرته.
وخرجه منصور بن عمار أكمل من هذا عن أبى محمد الهلالي قال شرك منا رجلان في دم الحسين بن على رضى الله عنهما فأما أحدهما فابتلى بالعطش فكان لو شرب راوية ماروى وقال وأما الآخر فابتلى بطول ذكره وكان
__________
(1) آلة كبيرة يستقى بها الماء.
(2) الورس نبت أصفر يصبغ به.
(*)

(1/144)


إذا ركب يلويه على عنقه كأنه حبل.
وعن أبى رجاء أنه كان يقول لاتسبوا عليا ولا أهل هذا البيت إن جارا لنا من بنى الهجيم قدم من الكوفة فقال ألم تروا هذا الفاسق ابن الفاسق إن الله قتله يعنى الحسين رضى الله عنه فرماه الله بكوكبين في عينيه وطمس الله بصره.
خرجه أحمد في المناقب.
وعن السدى قال أتيت كربلاء لابيع التمر بها فعمل لنا شيخ من طى طعاما فتعشينا عنده فذكرنا قتل الحسين فقلت ما شرك أحد في قتل الحسين إلا مات بأسوأ موتة قال وآيات ظهرت لمقتله قال ما أكذبكم يا أهل العراق أنا ممن شرك في ذلك فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو متقد بنفط فذهب يخرج الفتيلة بأصبعه فأخذت النار فيها فذهب يطفئها بريقه فأخذت النار في لحيته فغدا فألقى نفسه في الماء فرأيته كأنه جمجمة.
خرجه ابن الجراح.
وعن ابن لهيعة عن أبى قبيل قال لما قتل الحسين ابن على بعث برأسه إلى يزيد فنزلوا أول مرحلة فجعلوا يشربون ويتحيون بالرأس فبينما هم كذلك إذ خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد فكتبت سطرا بدم: أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب فهربوا وتركوا الرأس.
خرجه ابن منصور بن عمار.
وذكر أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة عن نضرة الازدية انها قالت لما قتل الحسين بن على أمطرت السماء دما فأصبحنا وجبابنا (1) وجرارنا مملوءة دما.
وعن مروان مولى هند بنت المهلب قال حدثنى بواب عبد الله بن زياد أنه لما جئ برأس الحسين بين يديه رأيت حيطان دار الامارة تسايل دما.
خرجه ابن بنت منيع.
وعن جعفر ابن سليمان قال حدثتني خالتي أم سالم قالت لما قتل الحسين مطرنا مطرا كالدم على البيوت والخدر قالت وبلغني أنه كان بخراسان والشام والكوفة.
خرجه ابن بنت منيع.
وعن أم سلمة قالت لما قتل الحسين مطرنا دما.
وعن ابن شهاب قال
لما قتل الحسين رضى الله عنه لم يرفع أولم يقلع حجر بالشام إلا عن دم.
خرجهما ابن السرى.
__________
(1) جمع جب وهو البئر.

(1/145)


(ذكر مقتل الحسين رضى الله عنه) * (وذكر قاتله وأين قتل ومتى قتل) * قتل رضى الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة ستين وقيل إحدى وستين بموضع يقال له كربلاء من أرض العراق بناحية الكوفة ويعرف الموضع أيضا بالطف.
قتله سنان بن أنس النخعي وقيل رجل من مذحج وقيل من شمر بن ذى الجوشن وكان أبرص، وأجهز عليه حولي بن يزيد الاصبحي من حمير حز رأسه وأتى بها عبيد الله بن زياد.
وما نقل من أن عمر بن أبى سعيد بن أبى وقاص قتله فتاه فلا يصح، وسبب نسبته إليه أنه كان أمير الخيل التى أخرجها عبيد الله بن زياد لقتاله ووعده إن ظفر أن يوليه الرى وكان في تلك الخيل والله أعلم قوم من أهل مصر وأهل اليمن، ويروى أنه قتل معه في ذلك اليوم سبعة وعشرون رجلا من ولد فاطمة.
وعن الحسن بن أبى الحسن البصري أصيب مع الحسين ستة عشر رجلا من أهل بيته ما على وجه الارض لهم شبيه.
وقيل قتل معه من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.
واختلف في سنه يوم قتل فقيل سبع وخمسون ولم يذكر ابن الدراع في كتاب مواليد أهل البيت غيره قال أقام منها مع جده صلى الله عليه وسلم سبع سنين إلا ما كان بينه وبين الحسن.
ومع أبيه ثلاثين سنة ومع أخيه الحسن عشر سنين وبعده عشر سنين فجملة ذلك سبع وخمسون سنة وقيل أربع وخمسون سنة وقيل ست وخمسون سنة.
(ذكر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين والحث على نصرته)
عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن ابني هذا يعنى الحسين يقتل بأرض من العراق فمن أدركه منكم فلينصره قال فقتل أنس مع الحسين.
خرجه الملا في سيرته.
(ذكر إخبار الملك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين) * (وإيرائه تربة الارض التى يقتل بها) * عن أنس بن مالك قال استأذن ملك القطر ربه ان يزور النبي صلى الله عليه

(1/146)


وسلم فأذن له وكان يوم أم سلمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة احفظي علينا الباب لايدخل أحد فبينا هي على الباب إذ دخل الحسين بن على طفر فاقتحم فدخل فوثب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثمه ويقبله فقال له الملك أتحبه قال نعم وقال إن أمتك ستقتله وإن شئت أريك المكان الذى يقتل به فأراه فجاء بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها قال ثابت كنا نقول إنها كربلاء.
خرجه البغوي في معجمة وخرجه أبو حاتم في صحيحه وقال إن شئت أريك المكان الذى يقتل فيه قال نعم فقبض قبضة من المكان الذى قتل فيه فأراه إياه فجاءه بسهلة، ثم ذكر باقى الحديث.
وخرجه أحمد في مسنده وقال قالت فجاء الحسين بن على يدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وعلى منكبه وعلى عاتقه قالت فقال الملك وذكر الحديث وقال فضرب بيده على طينة حمراء فأخذتها أم سلمة فصرتها في خمارها قال ثابت فبلغنا أنها كربلاء.
(شرح) : طفر أي وثب.
واقتحم أي أوقع نفسه ورماها.
السهلة بالكسر رمل خشن ليس بالدقاق الناعم.
ذكره كذلك في نهاية الغريب.
وعنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسح رأس الحسين ويبكى فقلت ما بكاؤك
فقال إن جبريل أخبرني أن ابني هذا يقتل بأرض يقال لها كربلاء قالت ثم ناولنى كفا من تراب أحمر وقال إن هذا من تربة الارض التى يقتل بها فمتى صار دما فاعلمي أنه قد قتل قالت أم سلمة فوضعت التراب في قارورة عندي وكنت أقول إن يوما يتحول فيه دما ليوم عظيم.
خرجه الملا في سيرته.
وعن أم سلمة قالت كان جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم والحسين معه فبكى فتركته فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له جبريل أتحبه يا محمد قال نعم قال إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك من تربة الارض التى يقتل بها فبسط جناحه إلى الارض فأراه أرضا يقال لها كربلاء.
خرجه ابن بنت منيع.
وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطجع ذات يوم فاستيقظ وهو خاثر فرجع فرقد فاستيقظ وهو خاثر دون

(1/147)


ما رأيت منه ثم رجع فاستيقظ وفى يده تربة حمراء فقلت ما هذه يا رسول الله قال أخبرني جبريل أن ابني هذا يقتل بأرض العراق يعنى الحسين فقلت لجبريل أرنى من تربة الارض التى يقتل بها قال فهذه تربتها.
خرجه ابن بنت منيع.
(شرح) : خاثر أي ثقيل النفس (1) غير طيب ولا نشيط.
وعن على رضى الله عنه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان قلت يا نبى الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان قال قام من عندي جبريل عليه السلام قبل وحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات قال فقال هل لك إلى أن أشمك من تربته قلت نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عينى ان فاضتا.
خرجه أحمد وخرجه ابن الضحاك.
وعن عبد الله بن يحيى عن أبيه أنه سافر مع على وكان على مطهرته فلما حاذى بيوتنا وهو منطلق إلى صفين فنادى على صبرا أبا عبد الله صبرا أبا عبد الله صبرا أبا عبد الله بشاطئ الفرات فقلت له ماذا أبا عبد الله فقال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان ثم
ذكر الحديث إلى آخره.
(ذكر رؤيا أم سلمة وابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم) في منامهما وإخباره إياهما انه شهد قتل الحسين عن سلمى قالت دخلت على أم سلمة هي تبكى فقلت ما يبكيك قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت مالك يا رسول الله قال شهدت قتل الحسين آنفا.
خرجه الترمذي وقال حديث غريب، والبغوى في الحسان.
وعن ابن عباس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار وهو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم فقلت بأبى أنت وأمى يا رسول الله ما هذا قال هذا دم الحسين لم أزل التقطه منذ اليوم فوجد قد قتل في ذلك اليوم.
خرجه ابن بنت منيع وأبو عمر الحافظ السلفي وقال دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه الحديث.
__________
(1) في الاصل (خبيث النفس) وفى النهاية (ثقيل النفس) .

(1/148)


(ذكر كيفية قتله رضى الله عنه) عن عبد ربه أن الحسين بن على رضى الله عنهما لما أرهقه القتال وأخذ السلاح قال ألا تقبلون منى ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين قال كان إذا جنح أحدهم للسلم قبل منه قالوا لا قال فدعوني أرجع قالوا لا قال فدعوني آتى أمير المؤمنين فأخذ له رجل السلاح وقال ابشر بالنار قال ابشر إن شاء الله تعالى برحمة ربى وشفاعة نبيى صلى الله عليه وسلم فقتل وجئ برأسه إلى بين يدى ابن زياد فنكته بقضيب وقال لقد كان غلاما صبيحا ثم قال أيكم قاتله فقام رجل فقال أنا قتلته فقال ما قال لك فأعاد الحديث فاسود وجهه.
وعن أبى جعفر عن بعض مشيخته قال قال الحسين بن على رضى الله عنهما حين نزلا كربلاء ما هذه الارض
قالوا كربلاء قال كرب وبلاء وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعيد فقاتلهم فقال يا عمر اختر منى إحدى ثلاث خصال إما أن تتركني أرجع كما جئت فان أبيت هذه فسيرني إلى يزيد فأضع يدى في يده فيحكم فيما رأى فان أبيت هذه فسيرني إلى الترك فأقتلهم حتى أموت فأرسل إلى ابن زياد بذلك فهم أن يسيره إلى يزيد فقال له شمر بن جوشن لا إلا أن ينزل على حكمك فأرسل إليه بذلك فقال والله لا افعل وأبطأ عمر عن قتاله فأرسل إليه ابن زياد شمر بن جوشن فقال ان تقدم عمر فقاتل وإلا فاقتله وكنت أنت مكانه وكان مع عمر قريب من ثلاثين رجلا من أهل الكوفة فقالوا يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خصال فلا تقبلون منها شيئا فتحولوا مع الحسين فقاتلوا.
خرجه ابن بنت منيع هو ابو القاسم البزى.
وعن المطلب قال لما أحيط بالحسين قال ما اسم هذه الارض فقيل كربلاء فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها أرض كرب وبلاء.
خرجه الضحاك.
(ذكر خطبته رضى الله عنه حين أيقن بالقتل) قال الزبير بن بكار وحدثني محمد بن الحسن قال لما أيقن الحسين بأنهم قاتلوه.
قام خطيبا فحمد الله عزوجل واثنى عليه ثم قال قد نزل ما ترون من الامر وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر خيرها ومعروفها واستمرت حتى لم يبق فيها إلا

(1/149)


صبابة كصبابة (1) الاناء وخسيس عيش كبيس الرعا للوثيل ألا ترون الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن إلى لقاء الله عزوجل وانى لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا ندامة.
أخرجه ابن بنت منيع.
(ذكر نوح الجن لقتل الحسين رضى الله عنه) عن أم سلمة قالت لما قتل الحسين ناحت عليه الجن ومطرنا دما.
خرجه ابن السرى.
وعنها سمعت الجن تنوح على الحسين.
خرجه ابن الضحاك.
وعنها
ما سمعت نوح الجن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليلة قتل الحسين فقالت للجارية اخرجي فوالله ما أرى ابني إلا قد مات اخرجي فاسألى فخرجت فسألت فقيل انه قتل.
خرجه الملا في سيرته.
(ذكر ما جاء فيما يقتل به) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان جبريل أخبرني ان الله عزوجل قتل بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا وهو قاتل بدم ولدك الحسين سبعين ألفا) خرجه الملا في سيرته.
(ذكر من عذل الحسين في خروجه إلى ذلك الوجه) واجتهد على معنه ورده فأبى عليه رضى الله عنهم عن الشعبى قال بلغ ابن عمر وهو بمال (2) له أن الحسين بن على توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة يومين أو ثلاثة فقال له إلى أين فقال له هذه كتب أهل العراق وبيعتهم فقال له لا تفعل فأبى فقال له ابن عمر إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يختر الدنيا وانكم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يريد منكم فأبى فاعتنقه وقال أستودعك الله والسلام.
خرجه أبو حاتم وعن ابن عباس قال استأذنني الحسين في الخروج فقلت لولا أن يزرى
__________
(1) الصبابة: البقية اليسيرة من الشراب تبقى في اسفل الاناء.
(2) المال: كل ما يقتنى ويملك من الاعيان، وأكثر ما يطلق عند العرب على الابل.

(1/150)


ذلك بن أو بك لقلت بيدى في رأسك قال فكان الذى قال لى لان أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلى من أن يستحل بى قال فذاك سلى نفسي عنه.
خرجه ابن بنت منيع.
وعن بشر بن غالب قال عبد الله بن الزبير يقول للحسين بن على تأتى قوما قتلوا أباك وطعنوا أخاك فقال الحسين لان أقتل بموضع كذا وكذا أحب إلى من أن يستحل بى يعنى الحرم.
(ذكر ما جاء في زيارة قبر الحسين بن على رضى الله عنهما) عن موسى بن على الرضا بن جعفر قال سئل جعفر بن محمد عن زيارة قبر الحسين فقال أخبرني أبى أن من زار قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه كتب الله له في عليين وقال إن حول قبر الحسين سبعين ألف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم القيامة.
خرجه أبو الحسن العتيقي.
(ذكر ولد الحسين رضى الله عنه) ولد له ست بنين وثلاث بنات على الاكبر واستشهد مع أبيه وعلى الامام زين العابدين وعلى الاصغر ومحمد وعبد الله الشهيد مع أبيه وجعفر وزينب وسكينة وفاطمة.