ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى

(الباب الثاني) * (في مناقب الاعمام أعمام النبي صلى الله عليه وسلم وفيه فصول) * (الفصل الاول في بيان (1) كميتهم) وكان له اثنا عشر عما بنو عبد المطلب أبوه صلى الله عليه وسلم ثالث عشرهم: الحارث وأبو طالب واسمه عبد مناف والزبير ويكنى أبا الحارث وحمزة وأبو لهب واسمه
__________
(1) في نسخة (شأن) مكان (بيان) وهو خطأ ظاهر.

(1/171)


عبد العزى والغيداق (1) والمقوم وضرار والعباس وقثم وعبد الكعبة وحجل ويسمى المغيرة، وقيل كانوا إحدى عشر فأسقط المقوم، وقيل هو عبد الكعبة، وقيل عشرة وأسقط الغيداق وحجلا، وقيل تسعة، ولم يذكر ابن قتيبة وابن إسحق وأبو سعيد غيره فأسقط قثم.
وأمهاتهم شتى فحمزة والمقوم وحجل لام هي هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، والعباس وضرار وقثم لام هي نثيلة بنت جناب بن كلب من النمر بن قاسط، والحارث من صفية بنت حنيذ من بنى عامر بن صعصعة وابو لهب من لبنى بنت هاجر من خزاعة وعبد الله ابو النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طالب والزبير وعبد الكعبة لام وهى فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم.
ولم يعقب منهم إلا أربعة الحارث والعباس وأبو طالب وأبو لهب وكان أكبرهم الحارث وبه كان يكنى عبد المطلب شهد معه حفر رمزم، ومن ولده وولد ولده جماعة لهم صحبة سيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى وذكر غيرهم ممن أسلم من بنى الاعمام ولم يدرك الاسلام منهم غير أربعة أبو طالب وأبو لهب حمزة والعباس ولم يسلم غير حمزة والعباس.
(الفصل الثاني في ذكر حمزة بن عبد المطلب) (ذكر نسبة ومعرفة آبائه مستفادة من نسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه من تقدم ذكرها)
وكان أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أرضعتهما وعبد الله بن عبد الاسد ثويبة بلبن ابنها مسروح وكانت ثويبة مولاة لابي لهب، وقال ابن قتيبة: امرأة من أهل مكة، ولا تضادد بين كونها مولاة وامرأة من أهل مكة.
وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، قال أبو عمر وهذا يرده ما تقدم ذكره آنفا من تقييد رضاع ثويبة بلبن ابنها مسروح إذ لارضاع إلا في حولين.
ولولا التقييد بذلك أمكن حمل الرضاع على زمنين مختلفين.
قلت ويمكن أن تكون أرضعت حمزة في آخر سنيه في أول رضاع ابنها وأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم في أول سنيه في آخر رضاع ابنها فيكون اكبر بأربع سنين وقيل كان أسن بسنتين.
__________
(1) اسمه مصعب وقيل نوفل، ولقب الغيداق لجوده، وأمه ممنعة بنت عمر ابن مالك من خزاعة.
قاله ابن سيد الناس - كما في حاشية الاصل.

(1/172)


(ذكر اسمه وكنيته رضى الله عنه) ولم يزل اسمه في الجاهلية والاسلام حمزة ويكنى أبا عمارة وأبا يعلى كنيتان له بابنيه عمارة ويعلى، وكان يدعى أسد الله وأسد رسوله.
عن يحيى بن عبد الرحمن ابن أبى لبيبة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (والذى نفسي بيده إنه لمكتوب عند الله عزوجل في السماء السابعة حمزة أسد الله وأسد رسوله) خرجه البغوي في معجمه.
(ذكر إسلامه رضى الله عنه) قال ابن اسحق حدثنى رجل من أسلم كان واعية ان أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه وقال فيه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لامره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان بن عمرو بن سعد بن كعب بن تيم بن مرة في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه
فعمد إلى نادى قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن اقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص (1) وكان إذا رجع من قنصه لم يصل اهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادمن قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد آنفا من أبى الحكم بن هشام وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته فخرج يسعى لم يقف على أحد معدا لابي جهل إذا لقيه أن يوقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة وقال أتشتمه فأنا على دينه أقول ما يقول فرد ذلك على إن استطعت فقامت رجال بنى مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فانى والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا وتم حمزة على إسلامة وعلى
__________
(1) أي صيد.

(1/173)


متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم.
وعند غير ابن إسحق أن كلام أبى جهل للنبى صلى الله عليه وسلم كان عند الحجون وأنه صب التراب على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ووطئ برجله على عاتقه وأن المرأة التى أخبرت حمزة سلمى مولدة صفية بنت عبد المطلب وأنه قال لها أنت رأيت هذا الذى تقولين قالت نعم فدخل سريعا فنظر في الخلق لا يتكلم يعرف في وجهه الغضب حتى وقف على أبى جهل فحمل عليه بالقوس فضربه ضربة أوضحت في رأسه وذكر معنى ما بعده وقال قال حمزة أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والله لاأنزع فامنعوني إن كنتم صادقين.
وخرج صاحب الصفوة منه ذكر الايضاح بالقوس حين بلغه ما نال أبو جهل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غير.
وكان إسلامه رضى الله عنه في السنة الثانية من المبعث وقيل كان إسلامه بعد دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الارقم في السادسة من المبعث ولم يذكر في الصفوة غيره، وذكر الحافظ أبو القاسم الدمشقي أن إسلامه كان يوم ضرب أبو بكر حين ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل إسلام عمر من دار الارقم، وروى أن ذلك كان قبل إسلام عمر بثلاثة أيام.
التوفيق بين الاحاديث كلها ممكن.
(أذكار تتضمن نبذا من فضائله) ذكر إسلامه يوم بدر شهد حمزة بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا قيل إنه قتل عتبة بن ربيعة مبارزة يوم بدر.
قاله موسى بن عقبة وقيل بل قتل شيبة بن ربيعة مبارزة.
قاله ابن إسحق وغيره، وقتل يومئذ طعيمة بن عدى أخا المطعم بن عدى وسباعا الخزاعى وقيل بل قتله يوم أحد قبل أن يقتل.
وعن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال لما كان يوم بدر ودنا القوم منا إذا رجل منهم على جمل أحمر يسير في القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناد حمزة وكان أقربهم من المشركين فجاء حمزة فقال

(1/174)


هو عتبة بن ربيعة قال فبرز عتبة وشيبة والوليد فقالوا من يبارزنا فخرج فتية من الانصار فقال عتبة لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بنى عمنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا على قم يا حمزة قم يا عبيدة بن الحارث فلما قاموا ودنوا منهم قالوا من أنتم قال عبيدة عبيدة وقال حمزة حمزة وقال على على قالوا نعم أكفاء كرام فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة وبارز حمزة شيبة بن ربيعة وبارز على
الوليد بن عتبة فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله وأما على فلم يمهل الوليد أن قتله واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبة فكبر على وحمزة على عتبة بأسيافهما فدففا عليه واحتملا صاحبهما فحاذاه إلى أصحابه.
خرجه ابن إسحق.
(شرح) : التدفيف الاجهاز على الجريح وانجاز قتله.
وعن ابراهيم بن سعيد قال حدثنى أبى عن أبيه قال قال أمية بن خلف يا عبد الاله من المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قلت ذاك حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم قال ذاك فعل بنا الافاعيل منذ اليوم.
خرجه المخلص.
وقال ابن اسحق وخرج الاسود بن عبد الاسد المخزومى وكان رجلا شرسا سيئ الخلق فقال أعاهد الله لاشربن من حوضهم أو لاهدمنه أو لاموتن دونه فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ثم حبا إلى الحوض فاقتحم فيه يريد أن يبر في يمينه فاتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض.
(شرح) : شرسا أي سيئ الخلق ضيقه.
فأطن قدمه أي جعلها تطن من صوت القطع من الطنين وهو صوت الشئ الصلب.
فاقتحم فيه أي وقع والاقتحام في الشئ الوقوع فيه.
ذكر أن أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحد من المسلمين كانت لحمزة بن عبد المطلب قال ابن إسحق بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الانصار أحد فلقى أبا جهل بذلك الساحل في ثلثمائة راكب من أهل مكة فحجر بينهما مجدي بن عمرو الجهنى وكان موادعا للفريقين قال وبعض الناس يقول كانت راية حمزة

(1/175)


أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحد من المسلمين.
قال المدايني أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب في ربيع الاول من سنة
اثنتين إلى سيف البحر (1) من أرض جهينة.
خرجه أبو عمر وصاحب الصفوة ولفظه اول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة حين قدم المدينة.
قال ابن إسحق ويقال إن ذلك لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وذلك لان بعثه وبعث عبيدة كانا معا فاشتبه ذلك على الناس فكل من قال ذلك في واحد منهما فهو صادق.
ذكر أنه أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم تقدم عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبى لبيبة عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذى نفسي بيده إنه مكتوب عند الله عزوجل في السماء السابعة حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله) خرجه المخلص.
قال ابن هشام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (جاءني جبريل فأخبرني أن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في اهل السموات السبع أسد الله وأسد رسوله) .
(ذكر أنه خير اعمام النبي صلى الله عليه وسلم) عن عبد الرحمن بن عابس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير أعمامي حمزة) خرجه الحافظ الدمشقي.
ذكر أنه سيد الشهداء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه) .
خرجه ابن السرى.
وفى رواية حمزة خير الشهداء.
وعن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بأفضل الشهداء عند الله بعد حمزة بن عبد المطلب قيل بلى يا رسول الله قال رجل أتى أميرا جائرا فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فان هو لم يقتله لم يجر عليه ذنب مادام حيا وإن هو قتله كان من أفضل الشهداء عند الله عزوجل بعد حمزة بن عبد المطلب.
خرجه الحلبي.
__________
(1) سيف البحر: ساحله.

(1/176)


(ذكر شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال دخلت البارحة الجنة فإذا حمزة مع أصحابه.
خرجه أبو عمر (ذكر آى نزلت فيه) عن السدى في قوله تعالى (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) قال نزلت في حمزة بن عبد المطلب (كمن متعناه) الآية نزلت في أبى جهل.
خرجه ابن السرى.
وعن بريدة في قوله تعالى (يا أيتها النفس المطمئنة) قال حمزة بن عبد المطلب.
خرجه السلفي.
وعن ابن عباس في قوله تعالى (فمنهم من قضى نحبه) قال حمزة بن عبد المطلب وأنس بن النضر وأصحابه، وقال ابو اسحق من استشهد يوم بدر وأحد.
(ذكر فضل حمزة وما يتعلق به) عن جعفر بن عمرو الضمرى قال خرجت مع عبيد الله بن عدى بن الخيار إلى الشام فلما قدمنا حمص قال لى عبيد الله هل لك في وحشى تسأله عن قتل حمزة وكان وحشى يكسن حمص فجئنا حتى وقفنا عليه فسلمنا عليه فرد السلام وعبيد الله معتجر بعمامته (1) ما يرى وحشى إلا عينيه ورجليه فقال عبيد الله يا وحشى أتعرفني قال فنظر إليه ثم قال لا والله إلا أنى أعلم أن عدى بن الخيار تزوج امرأة فولدت له غلاما فحملت ذلك الغلام مع أمه التى ترضعه فكأني نظرت إلى قديمه فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال ألا تخبرنا بقتل حمزة فقال نعم إن حمزة قتل طعيمة بن عدى فنذر لى مولاى جبير بن مطعم إن قتلت حمزة بعمى فأنت حر فلما خرج الناس عام عينين - وعينين (2) جبل تحت أحد بينه وبينه واد - خرجت مع الناس إلى القتال فلما اصطفوا للقتال خرج سباع فقال هل من مبارز فخرج إليه حمزة فقال يا سباع يا ابن أم انمار يا ابن أم مقطعه البظور أتحارب الله ورسوله ثم شد عليه فكان
__________
(1) الاعتجار بالعمامة هو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت
ذقنه.
(2) في نسخة في الموضعين (عنين) والتصويب من نسخة أخرى ومن معجم البلدان.

(1/177)


كامس الذاهب وكمنت لحمزة تحت صخرة حتى مر على فلما أن دنا منى رميته بحربتي فأوقعتها في ثنته (1) حتى دخلت من وركيه فكان ذلك آخر العهد به فلما رجع الناس رجعت معهم فأقمت بمكة حتى فشا فيها الاسلام ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وقالوا إنه لا يهيج الرسل فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأني قال أنت وحشى قلت نعم قال أنت قتلت حمزة قلت قد كان من الامر الذى بلغك يا رسول الله قال أما تستطيع أن تغيب وجهك عنى قال فرجعت فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج مسيلمة الكذاب قلت لاخرجن إلى مسيلمة لعلى أقتله وأكافئ به حمزة فخرجت مع الناس فكان من أمرهم ما كان قال وإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس قال فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه قال ودب إليه رجل من الانصار حتى ضربه السيف على هامته قال عبد الله بن الفضل أخبرني سليمان بن يسار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول فقالت جارية على ظهر بيت يا أمير المؤمنين قتله العبد الاسود.
أخرجه البخاري وأبو حاتم ولفظه خرجت أنا وعبيد الله بن عدى بن نوفل بن عبد مناف في زمن معاوية فلما وردنا حمص وكان وحشى قد سكنها.
ثم ذكر ما تقدم إلى قوله فأتيناه فإذا هو بفناء داره وإذا هو شيخ كبير على طنفسة (2) فلما انتهينا إليه سلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله فقال ابن لعدى بن الخيار قلت نعم قال والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية حين أرضعتك بذى طوى فانى ناولتها إياك وهى على بعيرها فأخذك فلمعت لى قدماك حين رفعتك إليها فوالله ما هو إلا أن وقف على فرأيتها فعرفتها فجلسنا إليه فقلنا جئناك لتحدثنا عن قتل حمزة كيف قتلته قال أما إنى سأحدثكما كما حدثت رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن ذلك ثم ذكر معنى ما تقدم إلى قوله فخرجت مع الناس وكنت حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئا فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة
__________
(1) الثنة ما ببن السرة والعانة من أسفل البطن.
(2) بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء: البساط الذى له خمل رقيق، جمعه طنافس.

(1/178)


حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الاورق (1) يهز الناس بسيفه هزا ما يقوم له شئ فوالله إنى لا تهيأ له إذ تقدمنى إليه سباع بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال هلم يا ابن مقطعة البظور قال ثم ضربه فوالله لكأنما أخطأ رأسه وهززت حربتى حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين وركيه فذهب لينوء نحوى فغلب وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتى ثم رجعت إلى الناس فقعدت في المعسكر لم يكن لى بعده حاجة إنما قتلته لاعتق فلما قدمت مكة عتقت.
وخرجه ابن اسحق بنحو ما خرجه أبو حاتم.
وعن عمرو بن أمية الضمرى قال كان وحشى يسكن حمص فمررت بها أنا وعبيد الله بن عدى بن الخيار فسألنا عنه فقيل لنا إنكم ستجدونه بفناء داره وهو رجل قد غلب عليه الخمر فان تجداه صاحيا تجدا رجلا غريبا وتجدا عنده بعض ما تريدان وتصيبان عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه وإن تجداه وبه بعض ما يكون به فانصرفا عنه ودعاه قال فأتيناه وإذا هو في فناء داره على قطيفة له وإذا شيخ كبير مثل البغاث - وهو ضرب من الطير فإذا هو صاح لا بأس به فسلمنا عليه وسألناه عن مقتل حمزة فذكر معنى ما تقدم.
خرجه ابن اسحق.
وعن غيره ابن اسحق قال كان حمزة يقاتل بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين فقال قائل أي أسد فبينا هو كذلك إذ عثر عثرة وقع منها على ظهره فانكشفت الدرع عن بطنه فطعنه وحشى الحبشى بحربة أو قال برمح فأنقذه.
وعن ثابت البنانى قال نظر حمزة يوم أحد فقال اللهم إنى أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء
يعنى المشركين وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعنى المسلمين ثم قام بسيفه فضرب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل.
خرجه ابن السنى.
وعن سعيد بن المسيب كان يقول كنت أعجب لقاتل حمزة كيف ينجو حتى بلغني أنه مات غريقا في الخمر.
خرجه الدارقطني على شرط الشيخين.
قال ابن هشام بلغني أن وحشيا لم يزل يجد في الخمر حتى خلع من الديوان وكان عمر رضى الله عنه يقول لقد علمت أن الله لم يكن ليدع قاتل حمزة.
__________
(1) أي الاسمر.

(1/179)


(ذكر بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على حمزة وحزنه عليه) وثنائه وذكر ما مثل به ومن مثل به وذكر نبذ من أخباره عن جابر بن عبد الله قال لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمزة قتيلا بكى فلما رأى ما مثل به شهق.
خرجه السلفي.
وعن أبى هريرة قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد قتل ومثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه فقال رحمك الله أي عم (1) فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لامثلن بسبعين منهم قال فما برح حتى نزلت (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) فقال صلى الله عليه وسلم بل نصبر فكفر عن يمينه.
خرجه أبو عمر وخرجه المخلص وصاحب الصفوة وقالا بعد قوله فعولا للخيرات: ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواه شتى أما والله مع ذلك لامثلن بسبعين منهم مكانك فنزل جبريل والنبى صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم النحل (وإن عاقبتم) إلى آخر الآية فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وأمسك عما أراد.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحمزة يوم أحد وقد جدع أنفه ومثل به فقال لولا أن تجد صفية لتركت دفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع،
وكفنه في نمرة إذا خمر رجليه بدا رأسه وإذا خمر رأسه بدت رجلاه فخمر رأسه.
خرجه المخلص.
قال ابن هشام لما وقف صلى الله عليه وسلم على حمزة قال لن أصاب بمثلك ابدا ما وقفت موقفا قط أغيظ لى من هذا.
وعن ابن عباس قال لما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتلى فرأى منظرا ساءه ورأى حمزة قد شق بطنه واصطلم أنفه (1) وجدعت أذناه فقال لولا أن تجزع النساء ويكون سنة بعدى لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير لامثلن مكانه بسبعين قتيلا.
ثم كفن ببردة كان إذا غطى بها وجهه خرجت رجلاه فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وجهه وجعل على رجليه شيئا من الاذخر (3) ثم قدم وصلى عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين
__________
(1) في نسخة (يا عم) .
(2) أي قطع.
(3) الاذخر: حشيشة طيبة الرائحة.

(1/180)


صلاة وكان القتلى سبعين فلما فرغ منهم نزل قوله تعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة) إلى قوله (واصبر وما صبرك إلا بالله) فصبر صلى الله عليه وسلم ولم يمثل بأحد.
خرجه الغساني.
وعن عبد الله بن مسعود قال ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب لما قتل وقتل إلى جنبه رجل من الانصار يقال له سهيل قال فجئ بحمزة وقد مثل به فجاءت صفية بنت عبد المطلب بثوبين لكفنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دونك المراة فردها فأتاها الزبير بن العوام فقال يا أمه ارجعي فقالت إليك عنى لاأم لك قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى أن أردك قال فانصرفت ودفعت إلى الثوبين قال فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سهيل فأصاب سهيلا أكبر الثوبين فكفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالصغير فكان إذا مده على وجهه خرجت قدماه وإذا مده على قدميه خرج وجهه فغطى النبي صلى الله عليه وسلم وجهه ولف على قدميه ليفا واذخرا ووضعه في القبلة ثم وقف صلى الله عليه
وسلم على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء يقول يا حمزة يا عم رسول الله وأسد الله وأسد رسوله يا حمزة يا فاعل الخيرات يا حمزة يا كاشف الكربات يا حمزة يا ذاب عن وجه رسول الله قال وطال بكاؤه قال فدعا برجل رجل حتى صلى عليه سبعين صلاة وحمزة على حالته.
خرجه ابن شاذان وقال غريب.
(شرح) : النشغ: الشهيق حتى يبلغ به الغشى.
وروى ابن اسحق أن الزبير لما قال لصفية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني انه قد مثل بأخى وذلك في الله فما أرضانا بما كان في ذلك لاحتسبن ولاصبرن إن شاء الله تعالى فلما جاء الزبير وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال خل سبيلها فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به صلى الله عليه وسلم فدفن.
وعن ابن مسعود قال إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ لرجوت أن أبر إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله تعالى (منكم من يريد الدنيا - الآية) فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة من الانصار ورجلين من قريش وهو

(1/181)


عاشرهم فلما رهقوه قال رحم الله رجلا ردهم عنا قال فقام رجل من الانصار فقاتل ساعة حتى قتل فلما رهقوه قال رحم الله رجلا ردهم عنا فلم يزل يقول ذلك حتى قتل السبعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه ما أنصفنا أصحابنا فجاء أبو سفيان فقال أعل هبل فقال صلى الله عليه وسلم قولوا الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان لنا العزى ولاعزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا والكافرون لا مولى لهم ثم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر: يوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر حبطة بخبطة وفلان بفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاسواء أما قتلانا فأحياء يرزقون
وقتلاكم في النار يعذبون قال أبو سفيان قد كانت في القوم مثلة وإن كان لعن غير ملا منا ما أمرت ولانهيت ولا أحببت ولاكرهت ولا ساءني ولاسرنى قال فنظروا فإذا حمزة رضى الله عنه قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلت منه شيئا قالوا لاقال ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه وجئ برجل من الانصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الانصاري وترك حمزة حتى صلى عليه ويومئذ سبعين صلاة.
خرجه أحمد، وقال ابن جريج مثل (1) الكفار يوم أحد بقتلى المسلمين كلهم إلا حنظلة بن الراهب لان أبا عمر الراهب كان يومئذ مع أبى سفيان فتركوا حنظلة لذلك.
وقال كثير بن زيد عن المطلب بن حنطب لما كان يوم أحد جعلت هند بنت عتبة والنساء معها يجد عن انف المسلمين ويبقرون (2) بطونم ويقطعن الآذان إلا حنظلة فان أباه كان مع المشركين وبقرت هند بطن حمزة وأخرجت كبده وجعلت تلوكها ثم لفظتها (3) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لو دخلت بطنها لم تدخل النار) قال ولم يمثل باحد ما مثل بحمزة قطعت هند يده وجدعت أنفه وقطعت أذنيه وبقرت بطنه فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال لئن ظفرت بقريش لامثلن بثلاثين منهم فأنزل الله تعالى
__________
(1) يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به، فأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة.
(2) أي يشقون.
(3) أي رمتها.

(1/182)


(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله) الآية.
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع نساء من بنى الاشهل يبكين على هلكانهن فقال لكن حمزة لا بواكي له فجاء نساء الانصار فبكين على حمزة عنده فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ويحهن أتيتن تبكين حتى الآن مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم.
أخرجه أحمد
وابن ماجه.
وذكر الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال إن حمزة لابواكى له لم تبك امرأة من الانصار على ميت بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى اليوم إلا بدأت بالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها.
خرجه أبو عمر عنه.
وعن أبى عامر الاشعري أن حمزة رضى الله عنه لما قتل مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم الناس فلما كان في اليوم الثالث أقبل على الناس بوجهه.
خرجه ابن الجراح.
(ذكر كفنه رضى الله عنه) وقد تقدم في الذكر قبله أن صفية جاءت بثوبين.
وعن عروة بن الزبير عن أبيه قال لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت تشرف على القتلى قال فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تراهم فقال المرأة المرأة قال الزبير فتوسمت أنها أمي صفية فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهى إلى القتلى قال فلدمت في صدري وكانت امرأة جلدة وقالت إليك لاأم لك فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك قال فوقفت وأخرجت ثوبين معها فقالت هذان ثوبان جئت بهما ليكفن فيهما حمزة فقد بلغني قتله فكفنوه بهما قال فجئنا بالثوبين ليكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبة رجل من الانصار قتيل قد فعل به كما فعل بحمزة قال فوجدنا غضاضة وحياء أن يكفن حمزة في ثوبين والانصاري لاكفن له فقلنا لحمزة ثوب وللانصاري ثوب فقدرناهما وكان أحدهما أكبر من الآخر فأقرعت بينهما فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذى صار له.
خرجه المخلص وصاحب الصفوة.
(شرح) : توسمت تفرست.
لدمت: ضربت ودفعت.
وجلدة أي قوية صابرة من الجلد.
وغضاضة يجوز أن يكون من غض طرفه إذا أغمضه وغض من صوته إذا

(1/183)


أنقصه أي الكفاف انقباض أو من قولهم ما عليك في هذا الامر غضاضة أي مذلة ومنقصة فكنى به عن المجازية إذ بها يحصلان.
وعن عبد الرحمن بن عوف رضى
الله عنه انه أتى بطعام وكان صائما فبكى وقال قتل حمزة فلم يوجد ما يكفن فيه إلا ثوب واحد (1) وقتل مصعب بن عمير فلم يوجد ما يكفن فيه إلاثوب واحد ولقد حمزة خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا قال وجعل يبكى.
خرجه أبو حاتم.
وعن يحيى بن عبد الرحمن بن أبى لبيبة عن جده قال لما كان يوم أحد وقتل حمزة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده كفن لحمزة فقال رجل من الانصار بأبى وأمى يا رسول الله عندي لابي شقتان من شعر فدعا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمدهما على وجهه فبرزت رجلاه ومدهما على رجليه فبرز وجهه فمدهما على وجهه رضى الله عنه وجعل على رجليه شئ من اذخر ثم قال لقد كان حمزة مكتوبا عند الله في السماء السابعة حمزة أسد الله وأسد رسوله.
أخرجه ابن السرى.
ويمكن أن يكون كان هذا في أول الامر قبل مجئ صفية ثم جاءت صفية قبل دفنه فكفن بما جاءت به من غير أن يكون بينهما تضادد والله أعلم.
(فصل نذكر فيه ذكر الصلاة عليه) قد تقدم في ذكر بكائه أنه صلى عليه صلى الله وسلم سبعين صلاة.
وعن انس بن مالك رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعا وأنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة.
خرجه صاحب الصفوة والبغوى في معجمه.
وعن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة يوم أحد فهيئ للقبلة ثم كبر عليه سبعا ثم جمع إليه الشهداء حتى صلى عليه سبعين صلاة.
أخرجه المحاملى.
وقد روى أنس بن مالك أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم.
خرجه أحمد وأبو داود والترمذي وخرجه البخاري من حديث جابر فيحمل أمر حمزة على التخصيص ومن صلى عليه في غيره على أنه جرح حال الحرب ولم يمت حتى انقضت الحرب، أما من مات حال الحرب فحكمه ما تضمنه
__________
(1) في نسخة (ثوبا واحدا) وهو غلط جلى.
(*)

(1/184)


هذا الحديث.
وقد خرج المخلص عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على أحد من الشهداء غير حمزة وقال أنا شهيد عليهم وكان صلى الله عليه وسلم يدفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد.
خرجه المخلص وهو محمول على الشهداء الذين قتلوا حال الحرب لم يصل على أحد منهم غير حمزة كما تقدم تقريره.
(ذكر غسل الملائكة حمزة رضى الله عنه) عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت حمزة تغسله الملائكة.
خرجه أبو مسلم البصري والانصاري.
(ذكر تاريخ مقتله وسنه يوم قتل رضى الله عنه) قتل على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة وكان يوم قتل له سبع وخمسون سنة ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد.
(ذكر وصيته) قال ابن اسحق أوصى حمزة فيما بلغنا إلى زيد بن حارثة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبينه أوصى إليه يوم أحد لما حضر القتال ان حدث به حادث الموت.
(ذكر ولد حمزة رضى الله عنه) كان له من الولد عمارة أمه خولة بنت قيس بن فهد بن مالك بن النجار ويعلى.
قال مصعب لم يعقب واحد من ولد حمزة وكان يعلى قد ولد له خمسة رجال وماتوا كلهم عن غير عقب وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل واحد منهما أعوام.
ولم يحفظ لواحد منهما رواية.
وكان له ابنة يقال لها أم أبيها.
قاله ابن قتيبة وقال صاحب الصفوة اسمها أمامة أمها زينب بنت عميس الخثعمية وكانت تحت عمر بن أبى سلمة المخزومى ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى التى اختصم في حضانتها على وجعفر وزيد فقال على ابنة عمى وقال جعفر ابنة عمى وخالتها تحتي وقال زيد ابنة أخى فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال الخالة
بمنزلة الام.
أخرجاه وفيه دلالة على ان من نكحت قريبا لا يسقط حقها من

(1/185)


الحضانة.
عن على رضى الله عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تزوج ابنة حمزة فانها أحسن فتاة في قريش فقال أليس قد علمت أنها ابنة أخى من الرضاعة وأن الله عزوجل قد حرم من الرضاعة ما حرم من النسب.
خرجه البغوي في معجمه.
(الفصل الثالث في ذكر العباس) * (ابن عبد المطلب بن هاشم القرشى.
وذكر نسبه ومعرفة آبائه رضى الله عنه) * يستفاد من معرفة نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه نثلة ويقال نثيلة وقد تقدم ذكرها ويقال إنها أول عربية كست البيت الحرام الديباج وأصناف الكسوة وذلك أن العباس ضاع وهو صبى فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت الحرام فوجدته ففعلت.
(ذكر اسمه وصفته) ولم يزل اسمه العباس ويكنى أبا الفضل وكان رضى الله عنه جميلا وسيما أبيض بضا له ضفيرتان معتدل القامة وقيل كان طوالا.
عن جابر أن الانصار لما أرادوا أن يكسوا العباس حين أسر يوم بدر فلم يصلح عليه قميص إلا قميص عبد الله بن أبى فكساه إياه فلما مات عبد الله بن أبى ألبسه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وتفل عليه من ريقه قال سفيان فظن أنه مكافأة لقميص العباس.
خرجه ابن الضحاك وأبو عمر.
وكان مولده رضى الله عنه قبل الفيل بثلاث سنين وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وقيل بثلاث.
عن أبى رزين قال قيل للعباس أيكما أكبر أنت أو النبي صلى الله عليه وسلم قال هو أكبر منى وأنا ولدت قبله.
خرجه ابن الضحاك.
وعن ابن عمر مثله خرجه البغوي في معجمه وغيره.
وكان العباس في الجاهلية رئيسا في قريش واليه عمارة المسجد الحرام والسقاية بعد أبى طالب أما السقاية فمعروفة وأما عمارة المسجد الحرام فكان لا يدع أحدا يشبب فيه ولا يقول فيه هجرا
وكانت قريش قد اجتمعت وتعاقدت على ذلك فكانوا له عونا عليه وأسلموا ذلك إليه.
ذكره الزبير بن بكار وغيره من علماء النسب.
حكاه أبو عمر.
(شرح) : التشبيب: ترقيق الشعر بذكر النساء وكأنه أراد إنشاد ذلك في المسجد، والهجر بالضم الهذيان وقول الباطل ويطلق على الكلام الفاحش.

(1/186)


(ذكر شفقته على النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والاسلام) عن جابر بن عبد الله قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة معهم للكعبة وعليه إزاره فقال له العباس يا ابن أخى لو حللت إزارك فجعلته على منكبيك دون الحجارة قال فحله وجعله على منكبيه فسقط مغشيا عليه فما رؤى بعد ذلك عريانا.
متفق على صحته.
وخرج ابن الضحاك معناه بزيادة ولفظه قال كنا ننقل الحجارة إلى البيت حين بنت قريش البيت وأفردت قريش رجلين رجلين ينقلون والنساء يبقلن الشيد (1) وكنت أنا وابن أخى فكنا ننقل على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة فإذا غشينا الناس اتزرنا فبينا أنا أمشى ومحمد قدامى ليس عليه يعنى إزار قال فخر فانبطح عليه وجهه فجئت أسعى وألقيت حجري وهو ينظر إلى السماء فوقفت فقلت ما شأنك قال فقام فأخذ إزاره وقال تبت أن أمشى عريانا قال قلت اكتمها الناس مخافة أن يقولوا مجنون.
(شرح) : الشيد ما يطلى على الحائط من جص أو غيره.
حكاه الهروي.
وعن أبى هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فقيل منعه ابن جميل وخالد والعباس بن عبد المطلب فقال صلى الله عليه وسلم ما ينقم ابن جميل وخالد والعباس بن عبد المطلب فقال صلى الله عليه وسلم ما ينقم ابن جميل إلا ان كان فقيرا فأغناه الله ورسوله وأما خالد فانكم تظلمون خالد وقد احتسب أدراعه وأعبده في سبيل الله وأما العباس بن
عبد المطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهى على مثلها معها.
أخرجاه في الزكاة.
وإنما تحمل عنه ذلك رفقا به لمكان معروفه وكثرة صدقته على اقاربه وكثرة ضيافته.
وهذا أحد التأويلين فيمن رواه على والثانى استلفتها منه ومثلها فالفضيلة على هذا مباردته بصدقته ومساعدته النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وفى بعض الطرق وهى عليه ومثلها معها أي إنها صدقة عليه وهو مسامح بها لاستحقاق ذلك ومثله معه لمكان ما ذكرناه.
__________
(1) في نسخة (السيد) وهو غلط على ما سيأتي في شرحه.

(1/187)


(ذكر شهود العباس رضى الله عنه بيعة العقبة) مع النبي صلى الله عليه وسلم ومناصحته له وهو على دينه قال ابن إسحق وابن قتيبة وأبو سعيد وأبو عمر وصاحب الصفوة كان العباس يوم العقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم يعقد له البيعة على الانصار وقام بذلك الامر وقالوا جاء قوم من أهل العقبة يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لهم هو في بيت العباس فدخلوا عليه فقال العباس إن معكم من قومكم من هو مخالف لكم فاخفوا أمركم حتى ينصدع هذا الحاج ونلتقى نحن وأنتم فنوضح لكم هذا الامر وتدخلوا على أمر بين فوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة التى في صبيحتها النفر الآخر أن يوافيهم أسفل العقبة وأمرهم أن لا ينبهوا نائما ولا ينتظروا غائبا فخرج القوم تلك الليلة يتسللون وقد سبقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه العباس ليس معه غيره وهو على دين قومه حينئذ وكان صلى الله عليه وسلم يثق به في أمره كله.
وقال ابن إسحق فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلا ومعنا امرأتان نسيبة بنت كعب من بنى النجار
وأسماء بنت عمرو من بنى سلمة قال فلما اجتمعنا في الشعب كان أول من تكلم العباس رضى الله عنه وقال يا معاشر الخزرج وكانت الاوس والخزرج تدعى الخزرج إنكم قد دعوتم محمدا إلى ما دعوتموه إليه ومحمد من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن يمنعه للشرف والحسب.
وقد أتى محمد الناس كلهم غيركم فان كنتم أهل قوة وجلد وبصيرة بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فانها سترميكم عن قوس واحدة فأروني رأيكم وأنتم وأمركم ولا تفرقوا إلا عن إجماع فان أحسن الحديث أصدقه، وأخرى صفوا لى الحرب كيف تقاتلون عدوكم فأسكت القوم وتكلم عبد الله بن عمرو بن حزام فقال نحن والله أهل الحرب وغذينا بها ومرينا ورثناها عن آبائنا كابرا فكابرا نرمى بالنبل حتى تفنى ونطاعن بالرماح حتى تكسر ثم نمشي بالسيوف فنضارب بها حتى يموت

(1/188)


الاعجل منا أو من عدونا قال العباس هل فيكم دروع قالوا نعم سابلة قال البراء ابن معرور قد سمعنا ما قلت إنا والله لو كان في أنفسنا غير ما ننطق به لقلناه ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والعباس آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد له البيعة تلك الليلة على الانصار.
وعن الشعبى قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بالعباس إلى الشعبين عند العقبة تحت الشجرة فقال العباس رضى الله عنه ليتكلم متكلمكم ولا يطيل الخطبة فان عليكم من المشركين عينا وإن يعلموا بكم يفضحوكم فقال قائلهم وهو أسعد يا محمد سل لربك ما شئت ثم سل لنفسك وأصحابك ما شئت ثم أخبرنا مالنا من الثواب إذا فعلنا ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسألكم لربى أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأسألكم لى ولاصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما وتمنعون منه أنفسكم قالوا فمالنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة قالوا فلك ذلك.
خرجه في الصفوة.
(سرور العباس بفتح خيبر على النبي صلى الله عليه وسلم) وشدة حزنه حين بلغه خلاف ذلك عن أنس بن مالك قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجاج بن علاظ يا رسول الله إن لى بمكة مالا وإن لى بها أهلا وإنى أريد أن آتيهم فأنا في حل إن أنا قلت فيك أو قلت شيئا فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء قال فأتى امرأته حين قدم فقال اجمعي لى ما كان عندك فانى أريد أن أشترى من غنائم محمد وأصحابه فانهم قد استبيحوا واصيبت أموالهم قال وفشا ذلك بمكة فأوجع المسلمين وأظهر المشركون فرحا وسرورا وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب فعقر في مجلسه وجعل لايستطيع أن يقوم قال فأخذ العباس ابنا له يقال له قثم وكان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول حبى قثم شبي هـ ذى الانف الاشم برغم من رغم قال ثم أرسل غلاما له إلى الحجاج بن علاط فقال ويلك ما جئت به وماذا تقوم فما وعد الله خير مما جئت به قال الحجاج لغلامه أقرأ باالفضل السلام وقل له

(1/189)


فليخل لى بعض بيوته لآتيه فان الخبر على ما يسره فجاء غلامه فلما بلغ الباب قال أبشر أبا الفضل فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه فأخبره ما قال الحجاج فاعتنقه ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم وجرت سهام الله في أموالهم واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيى بن أحطب فأعدها لنفسه وخيرها بين اثنين أن يعتقها وتكون زوجته أو تلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ولكني جئت لمال كان لى ههنا أردت أن أجمعه وأذهب به فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لى أن أقول ما شئت فاخف عنا ثلاثا ثم اذكر ما بدا لك قال فجمعت
امرأته ما كان عندها من حلى ومتاع فدفعته له ثم استمر به فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج فقال ما فعل زوجك فأخبرته أنه ذهب وقالت لا يحزنك الله أبا الفضل بعد شق علينا الذى بلغك قال أجل لا يحزنني الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببناه قد أخبرني الحجاج أن الله فتح خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرت فيها سهام الله واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه فان كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به قالت أظنك والله صادقا قال وإنني صادق والامر على ما أخبرتك قال ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون لا يصيبك إلا خير أبا الفضل قال لم يصبنى إلا خير بحمد الله قد أخبرني الحجاج أن خيبر فتحها الله على رسوله وجرت فيها سهام الله واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه وقد سألني أن أخفى عنه ثلاثا وإنما جاء ليأخذ ما كان له ثم ذهب فرد الله الكآبة التى كانت على المسلمين على المشركين فخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر فسر المسلمون بذلك ورد الله ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين.
خرجه أبو حاتم.
(شرح) : عقر في مجلسه العقر بفتحتين أن يفجأ الرجل الروع (1) فيدهش فلا يستطيع أن يتقدم أو يتأخر وقيل لاتحمله قوائمه من الخوف.
__________
(1) أي الفزع.

(1/190)


(ذكر ألم النبي صلى الله عليه وسلم لالم العباس لما شدوا وثاقه) عن سويد بن الاصم أن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ممن خرج مع المشركين يوم بدر فأسر فيمن أسر منهم وكانوا قد شدوا وثاقه فسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فقال له بعض أصحابه ما يسهرك يا رسول الله قال أسهر لانين العباس فقام رجل من القوم فأرخى من وثاقه فقال صلى الله عليه وسلم مالى
لا أسمع أنين العباس فقال رجل أنا أرخيت من وثاقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فافعل ذلك بالاسارى.
خرجه أبو عمر وصاحب الصفوة.
(ذكر اسلام العباس رضى الله عنه) قال أهل العلم بالتاريخ كان اسلام العباس قديما وكان يكتم إسلامه وخرج مع المشركين يوم بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم من لقى العباس فلا يقتله فانه خرج مستكرها فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو ففادي نفسه ورجع إلى مكة ثم أقبل إلى المدينة مهاجرا قال أبو سعيد وقيل انه أسلم يوم بدر فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بالابواء وكان معه حين فتح مكة وبه ختمت الهجرة.
وقال أبو عمر أسلم قبل فتح خيبر وكان يكتم اسلامه ويسره ما يفتح الله على المسلمين وأظهر إسلامه يوم فتح مكة وشهد حنينا والطائف وتبوك ويقال إن اسلامه كان قبل بدر وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون بمكة يثقون به وكان يحب القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مقامك بمكة خير لك.
وعن شرحبيل بن سعد قال لما بشر أبو رافع رسول الله صلى الله عليه وسلم باسلام العباس بن عبد المطلب أعتقه.
خرجه أبو القاسم السهمى في الفضائل.
(أذكار تتضمن نبذا من فضائله رضى الله عنه) قال أبو عمر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم العباس بعد اسلامه ويعظمه ويقول هذا عمى صنو (1) أبى.
وكان العباس جوادا مطعما وصولا للرحم ذا رأى حسن ودعوة مرجوة.
__________
(1) الصنو: المثل، يريد أن أصل العباس وأصل أبى واحد.

(1/191)


(ذكر ما جاء من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم له ولطفه به) عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة قالت يا ابن أخى لقد رأيت من تعظيم
رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أمرا عجبا.
خرجه البغوي في معجمه.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعثمان بين يديه وكان كاتب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا جاء العباس تنحى له أبو بكر رضى الله عنهم عن مكانه فجلس فيه.
خرجه أبو القاسم السهمى في الفضائل.
قال ابن اسحق اجتمع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه نساء من نسائه أم سلمة وميمونة من نساء المسلمين فيهن أسماء بنت عميس وعنده عمه العباس فأجمعوا أن يلدوه (1) وقال العباس لالدنه قال فلدوه فلما أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صنع هذا بى قالوا يا رسول الله عمك قال هذا دواء أتى به نساء جئن من نحو هذه الارض وأشار إلى أرض الحبشة قال ولم فعلتم ذلك قال العباس رضى الله عنه خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب فقال إن ذلك لداء ما كان الله ليعذبني به ولا يبقى في البيت أحد إلا لد إلا عمى ولقد لدت ميمونة وإنها لقائمة لقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوبة لهم بما صنعوا، هكذا خرجه ابن اسحق.
وفى الصحيح أن العباس لم يحضرهم فلذلك لم يلد.
وعن أنس ابن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس لطفا بالعباس.
خرجه أبو القاسم في الفضائل.
وعن أبى زيد بن كريب مولى ابن عباس أنه قال إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحل العباس محل الوالد والوالدة خاصة خص الله العباس من بين الناس.
(ذكر وصفه بالجود والصلة) عن سعد بن أبى وقاص قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهز بعثا في موضع بسوق النحاسين اليوم إذ طلع العباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم العباس عن نبيكم أجود قريش كفا وأوصلها.
خرجه أبو حاتم وخرجه أبو القاسم
__________
(1) اللدود بالفتح من الادوية ما يسقاه المريض في أحد شقى الفم.
(*)

(1/192)


في الفضائل ولفظه: هذا العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس كفا وأحناه عليهم.
وخرج عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى العباس مقبلا فقال هذا عمى أبو الخلفاء أجود قريش كفا وأجملها.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال جاء العباس يعود النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فرفعه وأجلسه في مجلسه على السرير وقال رحمك الله يا عم.
خرجه السلفي في المشيخة البغدادية.
(ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه إن عم الرجل صنو أبيه) (والزجر عن أذاه والايذان بأنه من النبي صلى الله عليه وسلم والنبى صلى الله عليه وسلم منه) عن على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضى الله عنه أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه وكان عمر رضى الله عنه.
كلمه فصدقته.
خرجه الترمذي وقال حديث حسن.
وعنه قال قلت لعمر أما تذكر حين شكوت العباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما علمت أن عم الرجل صنو أبيه.
وعن عطاء الخراساني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس عمى وصنو أبى من آذاه فقد آذانى.
خرجهما البغوي في معجمه وخرج معناه أبو القاسم السمرقندى عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما بال رجال يؤذوننى في عمى العباس إن عم الرجل صنو أبيه من آذى العباس فقد آذانى ومن آذانى يوشك أن يكبه الله عز وجل على منخريه في نار جهنم اللهم استر العباس وولده وذريته من بعده من النار.
خرجه السمرقندى.
وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس منى وأنا منه لا تؤذوا العباس فتؤذونني من سب العباس فقد سبنى.
خرجه.
البغوي في معجمه.
وعن المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد الطلب أن العباس دخل على رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا عنده فقال ما أغضبك قال يا رسول الله مالنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك؟ قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال
والذى نفسي بيده لايدخل قلب رجل الايمان حتى يحبكم لله ولرسوله ثم قال أيها الناس من آذى عمى فقد آذانى فانما عم الرجل صنو أبيه.
خرجه الترمذي وقال

(1/193)


حسن صحيح، وخرجه أحمد وقال بعد قوله حتى احمر وجهه وحتى استدر عرق بين عينيه وكان صلى الله عليه وسلم إذا غضب استدر فلما سرى عنه قال والذى نفسي بيده أو نفس محمد بيده لايدخل وذكر الحديث.
وفى بعض طرقه حتى يحبكم لله ولرسوله.
وخرج أبو حاتم منه أن عم الرجل صنو أبيه.
وعن ابن عباس أن رجلا من الانصار وقع في أب العباس وكان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا والله لنلطمنه كما لطمه فلبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقال يا أيها الناس أي أهل الارض أكرم على الله عزوجل قالوا أنت قال فان العباس منى وأنا منه لاتسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا فجاء القوم فقالوا يا رسول الله نعوذ بالله من غضبك.
خرجه احمد.
وعنه قال تناول رجل من قريش بعض أمهات العباس فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى استدر العرق بين عينيه ثم صعد المنبر فقال أيها الناس من آذى العباس فقد آذانى لا تؤذوا الاحياء بسب الاموات.
خرجه أبو القاسم السهمى في الفضائل.
(ذكر أنه رضى الله عنه وصيه صلى الله عليه وسلم ووارثه) عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس عمى ووصيي ووارثى.
خرجه النسائي في معجمه.
(ذكر وصيته صلى الله عليه وسلم به) عن على رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال احفظوني في العباس فانه عمى وصنو أبى.
(ذكر مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم به وشهادته له بالخيرية)
عن ابن عباس رضى الله عنهما عن أمه أم الفضل قالت أتى العباس النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قام إليه وقبل ما بين عينيه ثم أقعده عن يمينه ثم قال هذا عمى فمن شاء فليباه بعمه قال العباس نعم القول يا رسول الله ولم لا أقول هذا يا عم أنت عمى وصنو أبى وبقية آبائى ووارثى وخير من أخلف من أهلى.
خرجه أبو القاسم السهمى في الفضائل.

(1/194)


(ذكر أن الله عزوجل باهى بالعباس حملة العرش) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صف المهاجرين والانصار صفين ثم أخذ بيد على والعباس رضى الله عنهما فمر بين الصفين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من قريش ضحكت يا رسول الله فداك أبى وأمى قال هبط إلى جبريل عليه السلام بأن الله عزوجل باهى بالمهاجرين والانصار أهل السموات العلى وباهى بى وبك يا على وبك يا عباس حملة العرش.
خرجه أبو القاسم السهمى في الفضائل.
(ذكر دعائه صلى الله عليه وسلم للعباس رضى الله عنه ولولده وتجليلهم بكساء) تقدم طرف من الدعاء في ذكر عم الرجل صنو أبيه.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس إذا كان غداة الاثنين فائتني أنت وولدك حتى أدعو بدعوة ينفعك الله بها وولدك فغدا وغدونا فألبسنا كساء ثم قال اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا اللهم احفظه في ولده.
خرجه الترمذي وقال حسن غريب، وخرجه ابن السمان وقال كساء له.
وعن أبى أسيد الساعدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب يا أبا الفضل لاترم من منزلك أنت وبنوك غدا حتى آتيكم فان لى فيكم حاجة قال فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى النهار فدخل عليهم فقال السلام عليكم فقالوا
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قال كيف أصبحتم قالوا بخير نحمد الله تعالى فكيف أصبحت بأبينا وأمنا أنت يا رسول الله قال أصبحت بخير أحمد الله تعالى فقال تقدموا تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض حتى إذا مكنوه اشتمل عليهم بملاءته ثم قال يا رب هذا عمى وصنو أبى وهؤلاء أهل بيتى فاسترهم من النار كسترى اياهم بملاءتى هذه قال فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت آمين آمين آمين.
خرجه أبو القاسم السهمى وابن ناصر السلامى.
ورواه ابن غيلان.
(شرح) : لاترم: لاتزل ولاتبرح، أسكفة الباب عتبته العليا.
وعن عبد الله بن الغسيل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر بالعباس فقال يا عم اتبعنى ببنيك

(1/195)


فقال له أبو الهيثم بن عتبه بن أبى لهب يا عم انتظرني حتى أجيئك فلم يأته فانطلق بستة من بنيه الفضل وعبد الله وعبيد الله وقثم ومعبد وعبد الرحمن قال فأدخلهم النبي صلى الله عليه وسلم وغطاهم بشملة له سوداء مخططة بحمرة وقال اللهم إن هؤلاء أهل بيتى وعترتي فاسترهم من النار كما سترتهم بهذه الشملة (1) قال فما بقى في البيت مدرة (2) ولاباب إلا أمن.
خرجه ابن السرى.
وعن سهل بن سعد قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة فقام يغتسل فقام العباس يستره فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم استر العباس وولده من النار.
وعن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للعباس ولولد العباس ولمن أحبهم.
خرجه ابن عبد الباقي.
(ذكر أمره صلى الله عليه وسلم بسؤال العافية) عن العباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عم رسول الله سل الله العفو والمعافاة في الدنيا والآخرة.
أخرجه البغوي في معجمه.
(ذكر حثه صلى الله عليه وسلم على صلاة التسبيح) عن أبى رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس يا عم ألا أصلك
ألا أحبوك ألا أنفعك قال بلى يا رسول الله قال يا عم صل أربع ركعات تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة فإذا انقضت القراءة فقل الله أكبر والحمد لله وسبحان الله خمس عشرة مرة قبل أن تركع ثم اركع فقلها عشرا ثم ارفع رأسك فقلها عشرا ثم اسجد فقلها عشرا ثم ارفع رأسك فقلها عشرا ثم اسجد فقلها عشرا قبل أن تقوم فذلك خمس وسبعون في كل ركعة وهى ثلثمائة تسبيحة في أربع ركعات ولو كانت ذنوبك مثل رمل عالج غفرها الله لك قال يا رسول الله ومن يستطيع أن يقولها في كل يوم قال ان لم تستطع أن تقولها في كل يوم فقلها في كل جمعة فان لم تستطع أن تقولها في كل جمعة فقلها في كل شهر فلم يزل يقول له حتى قال فقلها في كل سنة.
خرجه الترمذي وأبو داود.
__________
(1) الشملة: كساء يتغطى به ويتلفف فيه.
(2) المدر الطين المتماسك.

(1/196)


(ذكر تبشير النبي صلى الله عليه وسلم العباس) بأن له من الله حتى يرضى وأنه لا يعذب بالنار ولا أحد من ولده عن أبى رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس لك يا عم من الله حتى ترضى.
خرجه البغوي.
وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لى وللعباس ألا أبشرك يا عم قال بلى بأبى أنت وأمى فقال صلى الله عليه وسلم إن لك من الله يعنى حتى ترضى وبعد الرضا.
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس إن الله عزوجل غير معذبك ولا أحد من ولدك.
أخرجهما أبو القاسم السهمى في الفضائل.
(ذكر منزله رضى الله عنه في الجنة) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم وإن منزلي في الجنة تجاه منزل إبراهيم عليه السلام ومنزل العباس بين منزلي ومنزل ابراهيم مؤمن بين خليلين) خرجه أبو القاسم السهمى وخرجه
ابن شاهين وقال بعد قوله كما اتخذ الله إبراهيم خليلا ومنزلي ومنزل إبراهيم في الجنة تجاهين والعباس بن عبد المطلب مؤمن بين خليلين.
وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا العباس وقال أي عم منزلي ومنزلك في الجنة.
أخرجه السهمى في الفضائل.
وعن ابن عبد عباس قال قال لى العباس لما انصرفت من بيعة الشجرة فرأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما كنت أرى منه من البشر والاعظام فلما مضت أيام قال الا أبشرك يا عم قلت بلى بأبى أنت وأمى يا رسول الله قال إن الله عزوجل بنى لابراهيم خليله قصرا من ياقوتة خضراء في الجنة وبنى لى قصرا من ياقوتة بيضاء وبنى لك قصرا من ياقوتة حمراء فأنت بين حبيب وخليل.
حديث حسن.
ذكر ملازمة العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بلجام بغلته يوم حنين عن كثير بن العباس عن أبيه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنه وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على

(1/197)


بغلة شهباء - وربما قال بيضاء - أهداها له فروة بن نفاثة الخزامى فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض على بغلته قبل الكفار قال العباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها وهو لا يألو مسرعا نحو المشركين وأبو سفيان بن الحارث آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس ناد يا أصحاب السمرة وكنت رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي يا أصحاب السمرة فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها يقولون يا لبيك يا لبيك وأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار فنادت الانصار يا معشر الانصار ثم قصرت الدعاوى على بنى الحارث
ابن الخزرج قال فنظرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حين حمى الوطيس ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار قال انهزموا ورب الكعبة انهزموا ورب الكعبة قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته فما أرى حدهم الا كليلا وأمرهم إلا مدبرا حتى هزمهم الله عزوجل قال وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض قبلهم على بغلته.
خرجه أبو حاتم.
(شرح) : الغرز ركاب الرجل من جلد فان كان من خشب أو حديد فهو ركاب.
والوطيس التنور يقال حمى الوطيس إذا اشتدت الحرب.
قال أبو عمر انهزم الناس يوم حنين غير العباس وعمر وعلى وأبى سفيان بن الحرث وقيل غير سبعة من أهل بيته قال ابن إسحق وهم على والعباس وابنه أبو الفضل وأبو سفيان بن الحارث وابنه جعفر وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وثامنهم أيمن بن عبيد، وجعل غير ابن إسحق عمر بن الخطاب مكان أبى سفيان والصحيح أبا سفيان كان يومئذ معهم لم يختلف فيه ووقع الخلف في عمر.
(ذكر استسقاء الصحابة رضى الله عنهم بالعباس رضى الله عنه) عن أنس بن مالك أنهم كانوا إذا قحطوا على عهد عمر خرج بالعباس فاستسقى

(1/198)


به وقال اللهم إنا كنا نتوسل بنبينا ادا قحطنا فتسقينا وإنا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا.
خرجه البخاري، وفى رواية نتوجه مكان نتوسل.
وعن ابن عمر أن عمر خطب الناس وقال أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله عزوجل فيما نزل بكم.
حديث حسن
صحيح تفرد به الزبير بن بكار.
خرجه الحافظ الدمشقي.
قال أبو عمر أجدبت الارض (1) على عهد عمر إجدابا شديدا سنة سبع عشرة فقال كعب يا أمير المؤمنين إن بنى إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة أنبيائهم فقال عمر هذا عم النبي صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه وسيد بنى هاشم فمشى إليه عمر فشكا إليه ما فيه الناس ثم صعد المنبر ومعه العباس وقال اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم نبينا صنو أبيه فاسقنا الغيث وتجعلنا من القانطين قال عمر يا أبا الفضل قم فادفع فقام العباس فقال بعد حمد الله وثناء عليه اللهم إن عندك سحابا وعندك ماء فانشر السحاب وأنزل الماء منه علينا واشدد به الاصل وأطل بن الزرع وأدر به الضرع اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب ولم تكشفه إلا بتوبة وقد توجه القوم بى إليك فاسقنا الغيث اللهم شفعنا في أنفسنا وأهلنا اللهم إنا شفعنا عما لا ينطق من بهائمنا وأنعامنا اللهم اسقنا سقيا نافعا طبقا سحا عاما اللهم لا نرجو إلا إياك ولا ندعو غيرك ولا نرغب إلا إليك اللهم إليك نشكو جوع كل جائع وعرى كل عار وخوف كل خائف وضعف كل ضعيف في دعاء طويل، وكل هذه الالفاظ لم تجئ في حديث واحد وإنما في أحاديث متفرقة جمعت واختصرت، وفى بعض الطرق فسقوا والحمد لله، وفى بعضها فأرخت السماء عزاليها (2) فجاءت بأمثال الجبال حتى استوت الحفر والآكام.
اخضرت الارض وعاش الناس فقال عمر هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه.
وعن ابن عمر قال استسقى عمر بن الخطاب رضى الله عنه عام الرمادة بالعباس وقال اللهم هذا عم نبيك صلى الله عليه وسلم نتوجه به
__________
(1) أي يبست ومحلت لانقطاع المطر عنها.
(2) العزالى: أفواه القرب.

(1/199)


إليك فاسقنا قال فما برحوا حتى سقاهم الله تعالى.
خرجه إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي.
(شرح) : عام الرمادة كان عام جدب وقحط على عهد عمر، وسمى بذلك
من رمده وأرمده إذا أهلكه وصيره كالرماد وأرمد إذا هلك بالرمد والرمادة الهلاك، وقيلى سمى بذلك لان الجدب صير ألوانهم كلون الرماد.
قال أبو عمر وروينا من وجوه عن عمر أنه خرج يستسقى وخرج معه العباس فقال اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك ونستسقى به فاحفظ فيه نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما وأتيناك مستغفرين ومستشفعين ثم أقبل على الناس وقال (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) إلى قوله تعالى (ويجعل لكم أنهارا) ثم قام العباس وعيناه تنضحان ثم قال اللهم أنت الراعى لا تهمل الضالة ولا تدع الكسير بدار مضيعة فقد تضرع الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى وأنت تعلم السر وأخفى أغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فانه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون فنشأت طريرة (1) من سحاب فقال الناس ترون ترون ثم تلاءمت ثم هرت ودرت فوالله ما برحوا حتى اعتلقوا الحداء وقطعوا المياذر.
وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه ويقولون هنيئا لك ساقى المؤمنين.
(ذكر تعظيم الصحابة العباس رضى الله عنهم أجمعين) قال ابن شهاب كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله فيقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه.
وعن أبى الزناد عن أبيه أن العباس ابن عبد المطلب لم يمر بعمر وعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس إجلالا ويقولون عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجه أبو عمر.
(ذكر شفقة العباس على أهل الاسلام) في الجاهلية والاسلام وحرمته في قريش عن ابن عباس قال ألا أخبركم باسلام أبى ذر قال قلنا بلى قال قال أبو ذر كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبى
__________
(1) الطريرة: تصغير الطرة وهى قطعة من السحاب تبدو من الافق مستطيلة.
(*)

(1/200)


فقلت لاخى انطلق إلى هذا الرجل كلمة وائتنى بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت ما عندك فقال والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر فقلت له لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة وجعلت لاعرفه وأكره أن أسأل عنه فأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد قال فمر بى على فقال كأن الرجل غريب قال قلت نعم قال فانطلق إلى المنزل فانطلقت معه لا يسألني عن شئ ولا أحدثه فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لاسأل (1) عنه وليس أحد يخبرني عنه بشئ قال فمر بى على فقال أما آن للرجل أن يعرف منزله قال قلت لاقال فانطلق معى فذهبت معه ولا يسأل أحد منا صاحبه عن شئ حتى إذا كان الثالث فعل به مثل ذلك فأقامه على معه قال له ألا تحدثني قال فقال ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة قال قلت ان كتمت على أخبرتك قال فانى أفعل قال قلت له بلغنا انه خرج ههنا رجل يزعم انه نبى فأرسلت أخى ليكلمه فرجع ولم يشفنى من الخبر فأردت أن ألقاه فقال أما انك قد رشدت هذا وجهى إليه فاتبعني أدخل حيث أدخل فانى ان رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأنى أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له اعرض على الاسلام فعرضه فأسلمت فقال لى يا أبا ذر اكتم هذا الامر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت والذى بعثك بالحق نبيا لاصرخن بها بين أظهرهم فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال يا معشر قريش إنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقالوا قوموا إلى هذا الصابى فقاموا فضربت حتى لاموت فأدركني العباس فأكب على ثم أقبل عليهم فقال ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عنى فلما أصبحت من الغد فغدوت فقلت مثل ما قلت بالامس فقالوا قوموا إلى هذا الصابى
فصنع بى مثل ما صنع بالامس وقال فكان هذا أول اسلام أبى ذر.
أخرجاه واللفظ للبخاري.
(شرح) : انى وان بمعنى أي حان وقته.
__________
(1) في نسخة (لا سألت) وهو تحريف.

(1/201)


ذكر احترام عثمان وعلى العباس وامتثالهما أمره وقبولهما إشارته عن صهيب مولى العباس بن عبد المطلب قال أرسلني العباس إلى عثمان بن عفان أدعوه فأتيته وهو يغدى الناس فغداهم ثم جاء فقال أفلح الوجه أبا الفضل قال العباس ووجهك قال ما هو إلا أن غديت الناس ثم أتيتك فقال أذكرك الله يا أمير المؤمنين في على ابن عمك وابن عمتك وأخيك في دينك وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرك بلغني أنك تريد أن تقوم به وبأصحابه فاعفني من ذلك فقال عثمان ان أول ما أجيبك به انى قد شفعتك وان عليا لو شاء ما كان أحد دونه ولكنه أبى إلا رأيه ثم انطلق فأرسلني إلى على فأتاه فقال إن عثمان ابن عمك وابن عمتك وأخوك في دينك وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وولى بيعتك فقال على لو أمرتنى أن أخرج من دارى لفعلت.
خرجه سعد بن نصر المخزومى.
(ذكر بر على به ودعائه له رضى الله عنهما) عن ابن عباس قال اعتل أبى العباس فعاده على فوجدني اضبط رجليه فأخذهما من يدى وجلس موضعي وقال أنا أحق بعمى منك ان كان الله عزوجل قد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمى حمزة وأخى جعفرا فقد أبقى لى العباس عم الرجل صنو أبيه وبره به كبره بأبيه اللهم هب لعمى عافيتك وارفع له درجة واجعله عندك في عليين.
خرجه الحافظ السلفي في مشيخته.
(ذكر عطاء النبي صلى الله عليه وسلم العباس السقاية) عن ابن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال له العباس ادفع
لى مفاتيح البيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا بل أنا أعطيكم شيئا لا يرزأكم ولا ترزءوا به.
خرجه ابن مخلد.
(ذكر رخصة النبي صلى الله عليه وسلم) له بترك المبيت بمنى لاجل السقاية إيثارا لنفع المسلمين عن ابن عمر رضى الله عنهما أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم

(1/202)


قال إن الله حرم مكة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها فقال العباس إلا الاذخر يا رسول الله فانه لقينهم ولبيوتهم فقال إلا الاذخر.
أخرجاه.
(شرح) : القين الحداد والصائغ واستدل بعضهم بهذا على انه صلى الله عليه وسلم يشرع في الدين باجتهاده ولا دليل فيه إذ يجوز أن يكون أوحى إليه هذا التشريع معذوقا بهذا السبب أو يكون أوحى إليه صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة ولابعد في ذلك والقدرة صالحة له.
(ذكر ثناء عبد الله بن عباس على أبيه العباس رضى الله عنهما) عن ابن عباس وقد سئل عنه قيل له ما تقول في الشيخ العباس بن عبد المطلب فقال وما عسيت أن أقول فيه رحمة الله على أبى الفضل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرة عين نبى الله وسيد الاعمام حوى أخلاق آبائه الاجواد وخلا مع أجداده مهذب الامداد يتبع رأيه كل مهذب صنديد ويتجنب رأيه كل مخالف عنيد وكيف لا يكون كذلك وقد ساسه خير من دب وهب وأفضل من مشى وركب قيل فيمن قلت ذا قال في صاحب الكوثر والمقام الاكبر والتاج الانور والاكليل الاحمر المشرق بالنور الطاهر القلب التقى اللسان صاحب الاجنحة الاربعة المكللة بنور الرحمن المنسوجة بالعبقرى والارجوان خليل جبريل وصفى رب العالمين صاحب الحوض والشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم.
خرجه الهاشمي.
(شرح) : العبقري منسوب إلى عبقري وقد قيل انه في الاصل قرية يسكنها
الجن فكلما رؤى شئ غريب يصعب عمله أو شئ عظيم نسب إليها وقيل هو الديباج والارجوان شجر له نور أحمر فكل لون هو يشبهه فهو أرجوان وقيل هو الصبغ الاحمر والذكر والانثى فيه سواء يقال له ثوب أرجوان وقطيفة أرجوان.
(ذكر فراسته رضى الله عنه) عن ابن عباس أن العباس قال لعلى في مرض النبي صلى الله عليه وسلم الذى مات فيه أنت والله بعد ثلاث عبد العصا وانى والله لارى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يتوفى من وجعه هذا لانى أعرف وجوه بنى عبد المطلب عند الموت اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسألنه فيمن هذا الامر بعده ان

(1/203)


كان فينا علمنا وان كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا فقال أما والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس بعد وانى والله لاأسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجه البخاري.
وعنه قال قال العباس إنى أعلم ما بقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا إلا قليلا قال فأتاه فقال يا رسول الله لو اتخذت مكانا تكلم الناس منه قال بل اصبر عليهم ينازعوني ردائي ويطؤون عنقي ويصيبني غبارهم حتى يكون الله هو الذى يريحني منهم.
حديث حسن صحيح ويصلح في ذكر شفقته على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن على أن العباس قال له إنى والله لاأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفين من وجعه هذا إنى لاعرف وجوه بنى عبد المطلب عند الموت.
(ذكر رياسته) عن ابن عباس قال قال لى العباس يا بنى إن أمير المؤمنين يعنى عمر يدعوك ويقدمك ويستشيرك فاحفظ عنى ثلاث خصال لايجربن عليك كذبة ولا تفش له سرا ولا تغتابن عنده أحدا قال فقلت لابن عباس يا أبا عباس كل واحدة خير من ألف قال كل واحدة خير من عشرة آلاف.
خرجه أبو محمد بن السقاء.
(ذكر صدقته بداره على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوسعه بها) عن كعب قال كان للعباس دار فلما أراد عمر أن يوسع المسجد طلبها من العباس فقال قد جعلتها صدقة منى على مسجد المسلمين.
حديث حسن.
(ذكر عتقه) عن مجاهد قال أعتق العباس بن عبد المطلب سبعين عبدا.
خرجه ابن الضحاك.
(ذكر آى نزلت فيه) عن السدى قال في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا) نزلت في العباس وخالد وكانا شريكين في الجاهلية فكانا يسلفان في الربا فجاء الاسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فلما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه

(1/204)


وسلم وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب.
ذكره الواحدى وأبو الفرج.
وعن عطية العوفى في قوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) الآية نزلت في جماعة من بنى هاشم منهم العباس بن عبد المطلب، وقيل نزلت في أسماء بنت أبى بكر قدمت عليها أمها المدينة فلم تنزلها ولم تقبل هديتها فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بانزالها وقبول هديتها.
خرجه أبو الفرج.
وعن الهيثم بن معاوية قال للعباس عدة في كتاب الله ليست لغيره وعده الله إياها فهى تقرأ إلى يوم القيامة تكون له ولولده من بعده قال الله تعالى (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس وفيت فوفى الله عزوجل لك.
أخرجه ابن البخترى.
ذكر ما جاء في ان الخلافة في ولده عن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه قال كنت عند النبي صلى الله عليه
وسلم ذات ليلة فقال انظر هل ترى في السماء نجما قلت نعم قال ما ترى قلت الثريا قال أما انه يلى هذه الامة بعددها من صلبك اثنان في فتنة.
خرجه أحمد.
وعن ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فوجد العباس بن عبد المطلب ساجدا فوقف حتى رفع رأسه فلما انفتل من صلاته قال صلى الله عليه وسلم ألا أبشرك يا عم قلت بلى بأبى أنت وأمى فقال صلى الله عليه وسلم إن من ذريتك الاصفياء ومن عترتك الخلفاء.
وعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس فيكم النبوة والمملكة.
وعن ابن عباس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إليه مقبلا فقال هذا عمى أبو الخلفاء أجود قريش كفا وأجملها وإن من ولده السفاح والمنصور والمهدى.
خرجهن الحافظ أبو القاسم السهمى.
وعن عقبة بن عامر الجهنى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيد العباس ثم قال يا عباس إنه لا يكون نبوة إلا وكانت بعدها خلافة وسيلى من ولدك في آخر الزمان سبعة عشر منهم السفاح ومنهم المنصور ومنهم المهدى ومنهم الجموح

(1/205)


ومنهم العاقب ومنهم الراهن من ولدك وويل لامتي منه كيف يهلكها ويذهب بأمرها.
وعن ابن عباس قال أقبل العباس يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل إلى أبى بكر فقال يا أبا بكر هذا العباس قد أقبل وعليه ثياب بيض وسيلبس ولده من بعده السواد ويتملك منهم اثنا عشر رجلا - يعنى ملكا - ولا ينازع فيه.
خرجهما ابن حبان والملا في سيرته.
وعن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليكونن في ولده يعنى العباس ملوك يكونون أمراء أمتى يعز الله بهم الدين.
قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني هذا حديث غريب من حديث عمرو بن دينار عن جابر خرجه الاصفهانى.
ذكر ما جاء أن المهدى من ولده
تقدم آنفا أيضا في الذكر قبله حديث يتضمنه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس منك المهدى في آخر الزمان به ينتشر الهدى وبه تطفأ نيران الضلالات إن الله عزوجل فتح بنا هذا الامر وبذريتك يختم.
وعن عثمان رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المهدى من ولد العباس عمى.
وعن عبد الصمد بن على عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم راكبا إذ التفت فرأى العباس فقال يا عباس فقال لبيك يا رسول الله قال يا عم النبي قال لبيك يا رسول الله قال إن الله عزوجل ابتدأ الاسلام بى وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذى يتقدم عيسى بن مريم.
وعن أبى هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فتلقاه العباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أبشرك يا أبا الفضل فقال بلى يا رسول الله فقال إن الله تعالى افتتح بى هذا الامر وبذريتك يختمه.
خرجهن الحافظ أبو القاسم السهمى ذكر وفاته وما يتعلق بها توفى رضى الله عنه في خلافه عثمان قبل مقتله بسنتين بالمدينة يوم الجمعة لاثنتى عشرة - وقيل لاربع عشرة ولم يذكر صاحب الصفوة غيره - خلت من رجب وقيل من رمضان سنة اثنتين وقيل ثلاث وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة وقيل سبع

(1/206)


وثمانين أدرك منهما في الاسلام اثنتين وثلاثين سنة.
وصلى عليه عثمان ودفن في البقيع ودخل في قبره ابنه عبد الله.
ذكر ولده وكان له من الولد تسعة ومن الاناث ثلاث: الفضل وعبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وقثم ومعتد وأم حبيب أمهم أم الفضل لبابة بنت الحارث بن حرب الهلالية، وتمام وكثير ابنا العباس لام ولد والحارث أمه هزلية وأمينة وام كلثوم وصفية
لامهات أولاد.
قال هشام بن الكلبى: وصبيح ومسهر ابنا العباس، ولم يتابع على ذلك، وقال ابراهيم المزني: ولبابة وأمينة.
ذكر ذلك كله الدارقطني في كتاب الاخوة والاخوات وتابعه غيره على أكثره.