سيرة ابن هشام ت السقا

تَحَيُّرُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فِيمَا يَصِفُ بِهِ الْقُرْآنَ

(اجْتِمَاعُهُ بِنَفَرِ مِنْ قُرَيْشٍ لِيَبِيتُوا ضِدَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتِّفَاقُ قُرَيْشٍ أَنْ يَصِفُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّاحِرِ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ) :
ثُمَّ إنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ذَا سِنٍّ فِيهِمْ، وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمَ فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّهُ قَدْ حَضَرَ هَذَا الْمَوْسِمُ، وَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتَقْدَمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ، وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَيَرُدَّ قَوْلُكُمْ بَعْضُهُ بَعْضًا، قَالُوا:
فَأَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ، فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا نَقُولُ [1] بِهِ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا أَسْمَعْ، قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ، قَالَ: لَا وَاَللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنِ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْكُهَّانَ فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ [2] الْكَاهِنِ وَلَا سَجْعِهِ، قَالُوا: فَنَقُولُ: مَجْنُونٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِمَجْنُونِ.
لَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ، فَمَا هُوَ بِخَنْقِهِ، وَلَا تَخَالُجِهِ، وَلَا وَسْوَسَتِهِ، قَالُوا:
فَنَقُولُ: شَاعِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرِ، لَقَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ كُلَّهُ رَجَزَهُ وَهَزَجَهُ وَقَرِيضَهُ وَمَقْبُوضَهُ وَمَبْسُوطَهُ، فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ، قَالُوا: فَنَقُولُ: سَاحِرٌ، قَالَ:
مَا هُوَ بِسَاحِرِ، لَقَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِمْ وَلَا عَقْدِهِمْ [3] ، قَالُوا: فَمَا نَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ؟ قَالَ: وَاَللَّهِ إنَّ لِقَوْلِهِ لَحَلَاوَةً، وَإِنَّ أَصْلَهُ لَعَذِقٌ [4] ، وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجُنَاةٌ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ لَغَدِقٌ [5]- وَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إلَّا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ فِيهِ لَأَنْ تَقُولُوا سَاحِرٌ، جَاءَ بِقَوْلٍ هُوَ سِحْرٌ يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَأَبِيهِ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَأَخِيهِ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ
__________
[1] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «نقل» .
[2] الزمزمة: الْكَلَام الخلفى الّذي لَا يسمع.
[3] إِشَارَة إِلَى مَا كَانَ يفعل السَّاحر بِأَن يعْقد خيطا ثمَّ ينفث فِيهِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: وَمن شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ 113: 4. يعْنى الساحرات.
[4] العذق (بِالْفَتْح) : النَّخْلَة. يُشبههُ بالنخلة الَّتِي ثَبت أَصْلهَا وقوى وطاب فرعها إِذا جنى.
[5] الغدق: المَاء الْكثير. وَمِنْه يُقَال: غيدق الرجل: إِذا كثر بصاقه. وَكَانَ أحد أجداد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسمى الغيدق، لِكَثْرَة عطائه.

(1/270)


وَزَوْجَتِهِ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَعَشِيرَتِهِ. فَتُفَرِّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ، فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ بِسُبُلِ النَّاسِ حِينَ قَدِمُوا الْمَوْسِمَ، لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إلَّا حَذَّرُوهُ إيَّاهُ، وَذَكَرُوا لَهُمْ أَمْرَهُ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَفِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: ذَرْنِي وَمن خَلَقْتُ وَحِيداً، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُوداً وَبَنِينَ شُهُوداً، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً 74: 11- 16: أَيْ خَصِيمًا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَنِيدٌ: مُعَانِدٌ مُخَالِفٌ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
وَنَحْنُ ضَرَّابُونَ رَأْسَ [1] الْعُنَّدِ [2]
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ.
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً، إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ. ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ 74: 17- 22.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَسَرَ: كَرَّهَ وَجْهَهُ. قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُضَبَّرُ اللَّحْيَيْنِ بَسْرًا مِنْهَسَا [3]
يَصِفُ كَرَاهِيَةَ وَجْهِهِ. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ:
ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ 74: 23- 25.

(مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ الْمُغِيرَةِ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى [4] : فِي النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ يُصَنِّفُونَ الْقَوْلَ
__________
[1] فِي أ: «هام» .
[2] فِي استشهاد ابْن هِشَام بِبَيْت رؤبة عقب تَفْسِيره لكلمة «العنيد» مَا يشْعر بِأَن «عِنْد» : جمع «لعنيد» . والّذي فِي اللِّسَان والراغب أَن عِنْد: جمع لعاند، وَهِي مماتة.
[3] المضبر: الشَّديد الْخلق. واللحيان: العظمان اللَّذَان فِي الْوَجْه، والمنهس: الّذي يَأْخُذ اللَّحْم بِمقدم أَسْنَانه، وَقد روى هَذَا الْبَيْت فِي اللِّسَان (مادتي ضبر ونهس) هَكَذَا:
مضبر اللحيين نسرا منهسا
وَنسبه ابْن مَنْظُور فِي مَادَّة (نهس) للعجاج، قَالَ: « ... وَفِي الحَدِيث: أَنه أَخذ عظما فنهس مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم» أَي أَخذه بِفِيهِ، ونسر منهس. قَالَ العجاج ثمَّ سَاق الْبَيْت.
[4] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «أنزل الله تَعَالَى فِي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيمَا جَاءَ بِهِ من الله تَعَالَى و ... إِلَخ» .

(1/271)


فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ. الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ. فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.
عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ 15: 90- 93.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاحِدَةُ الْعِضِينَ: عِضَةٌ، يَقُولُ: عَضَّوْهُ: فَرَّقُوهُ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
وَلَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالْمُعَضَّى
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ.

(تَفَرُّقُ النَّفَرِ فِي قُرَيْشٍ يُشَوِّهُونَ رِسَالَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَجَعَلَ أُولَئِكَ النَّفَرُ يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ لَقُوا مِنْ النَّاسِ، وَصَدَرَتْ الْعَرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْسِمِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَشَرَ ذِكْرُهُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ كُلِّهَا.

(شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي اسْتِعْطَافِ قُرَيْشٍ) :
فَلَمَّا خَشِيَ أَبُو طَالِبٍ دَهْمَاءَ الْعَرَبِ أَنْ يَرْكَبُوهُ مَعَ قَوْمِهِ، قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي تَعَوَّذَ فِيهَا بِحَرَمِ مَكَّةَ وَبِمَكَانِهِ مِنْهَا، وَتَوَدَّدَ فِيهَا أَشْرَافُ قَوْمِهِ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يُخْبِرُهُمْ وَغَيْرَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ شِعْرِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَارِكُهُ لِشَيْءِ أَبَدًا حَتَّى يَهْلِكَ دُونَهُ، فَقَالَ:
وَلَمَّا رَأَيْتُ الْقَوْمَ لَا وُدَّ فِيهِمْ ... وَقَدْ قَطَعُوا كُلَّ الْعُرَى وَالْوَسَائِلِ
وَقَدْ صَارَحُونَا بِالْعَدَاوَةِ وَالْأَذَى ... وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ الْمُزَايِلِ
وَقَدْ حَالَفُوا قَوْمًا عَلَيْنَا أَظِنَّةً ... يَعَضُّونَ غَيْظًا خَلْفَنَا بِالْأَنَامِلِ
صَبَرْتُ لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْرَاءَ سَمْحَةٍ ... وَأَبْيَضَ عَضْبٍ مِنْ تُرَاثِ الْمَقَاوِلِ [1]
__________
[1] المقاول: الْمُلُوك، يُرِيد بهم آباءه، وَلم يَكُونُوا ملوكا وَلَا كَانَ فيهم من ملك، بِدَلِيل حَدِيث أَبى سُفْيَان حِين قَالَ لَهُ هِرقل: هَل كَانَ فِي آبَائِهِ من ملك؟ فَقَالَ: لَا، وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا السَّيْف الّذي ذكره أَبُو طَالب من هبات الْمُلُوك لِأَبِيهِ، فقد وهب ابْن ذِي يزن لعبد الْمطلب هبات جزيلة حِين وَفد عَلَيْهِ مَعَ قُرَيْش يهنئونه بظفره بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ بعد مولد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعامين.

(1/272)


وَأَحْضَرْتُ عِنْدَ الْبَيْتِ رَهْطِي وَإِخْوَتِي ... وَأَمْسَكْتُ مِنْ أَثْوَابهِ بِالْوَصَائِلِ [1]
قِيَامًا مَعًا مُسْتَقْبِلِينَ رِتَاجَهُ ... لُدًى حَيْثُ يَقْضِي حَلْفَهُ كُلُّ نَافِلِ [2]
وَحَيْثُ يُنِيخُ الْأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ ... بِمُفْضَى السُّيُولِ مِنْ إسَافٍ وَنَائِلِ
مُوَسَّمَةُ الْأَعْضَادِ أَوْ قَصَرَاتُهَا ... مُخَيَّسَةٌ بَيْنَ السَّدِيسِ وَبَازِلِ [3]
تَرَى الْوَدْعَ فِيهَا وَالرُّخَامَ وَزِينَةً ... بِأَعْنَاقِهَا مَعْقُودَةٌ كَالْعَثَاكِلِ [4]
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِنْ كُلِّ طَاعِنٍ ... عَلَيْنَا بِسُوءٍ أَوْ مُلِحٍّ بِبَاطِلِ
وَمِنْ كَاشِحٍ يَسْعَى لَنَا بِمَعِيبَةٍ ... وَمِنْ مُلْحِقٍ فِي الدِّينِ مَا لَمْ نُحَاوِلْ
وَثَوْرٍ وَمَنْ أَرْسَى ثَبِيرًا مَكَانَهُ ... وَرَاقٍ لِيَرْقَى فِي حِرَاءٍ وَنَازِلِ [5]
وَبِالْبَيْتِ، حَقُّ الْبَيْتِ، مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ ... وباللَّه إنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِغَافِلِ
وَبِالْحَجَرِ الْمُسْوَدِّ إذْ يَمْسَحُونَهُ ... إذَا اكْتَنَفُوهُ بِالضُّحَى وَالْأَصَائِلِ [6]
وَمَوْطِئِ [7] إبْرَاهِيمَ فِي الصَّخْرِ رَطْبَةٌ ... عَلَى قَدَمَيْهِ حَافِيًا غَيْرَ نَاعِلِ
__________
[1] الوصائل: ثِيَاب حمر فِيهَا خطوط، كَانَ يكسى بهَا الْبَيْت.
[2] كل نافل: أَي كل متبرئ، يُقَال: انتفل من كَذَا، إِذا تَبرأ مِنْهُ، فَاسْتعْمل اسْم الْفَاعِل من الثلاثي غير الْمَزِيد. قَالَ الْأَعْشَى:
لَا تلفنا من دِمَاء الْقَوْم ننتفل
[3] موسمة: معلمة، وَيُقَال لذَلِك الوسم الّذي فِي الأعضاد: السطاع والرقمة أَيْضا، وللذي فِي الْفَخْذ: الْخياط، وللذي فِي الكشح: الكشاح، وَلما فِي قصرة الْعُنُق: العلاط. والقصرات: جمع قصرة، وَهِي أصل الْعُنُق، وخفضها بالْعَطْف على الأعضاد. والمخيسة: المذللة. والسديس من الْإِبِل:
الّذي دخل فِي السّنة الثَّامِنَة. والبازل: الّذي خرج نابه، وَذَلِكَ فِي السّنة التَّاسِعَة.
[4] الودع (بِالسُّكُونِ وَالْفَتْح) : خَرَزَات تنظم ويتحلى بهَا النِّسَاء وَالصبيان. قَالَ الشَّاعِر:
إِن الروَاة بِلَا فهم لما حفظوا ... مثل الْجمال عَلَيْهَا يحمل الودع
لَا الودع يَنْفَعهُ حمل الْجمال لَهُ ... وَلَا الْجمال بِحمْل الودع تنْتَفع
والرخام: أَي مَا قطع من الرخام. والعثاكل الأغصان الَّتِي ينْبت عَلَيْهَا الثَّمر وَاحِدهَا عثكول وَجَمعهَا.
عثاكيل، وحذفت الْيَاء للضَّرُورَة.
[5] ثَوْر وثبير وحراء. جبال بِمَكَّة، وَيُقَال إِن ثبيرا سمى كَذَلِك باسم رجل من هُذَيْل مَاتَ فِيهِ فَعرف بِهِ.
[6] اكتنفوه: أحاطوا بِهِ.
[7] يعْنى مَوضِع قَدَمَيْهِ، وَذَلِكَ فِيمَا يُقَال: حِين غسلت كنته رَأسه وَهُوَ رَاكب، فاعتمد بقدمه على الصَّخْرَة حَتَّى أمال رَأسه ليغسل، وَكَانَت سارة قد أخذت عَلَيْهِ عهدا حِين استأذنها فِي أَن يطالع تركته بِمَكَّة، فَحلف لَهَا أَنه لَا ينزل عَن دَابَّته، وَلَا يزِيد على السَّلَام واستطلاع الْحَال، غيرَة من سارة عَلَيْهِ من هَاجر، فحين اعْتمد على الصَّخْرَة أبقى الله فِيهَا أثر قدمه آيَة. (رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
18- سيرة ابْن هِشَام- 1

(1/273)


وَأَشْوَاطٌ بَيْنَ الْمَرْوَتَيْنِ إلَى الصّفَا ... وَمَا فِيهِمَا مِنْ صُورَةٍ وَتَمَاثُلِ [1]
وَمنْ حَجَّ بَيْتِ اللهِ مِنْ كُلِّ رَاكِبٍ ... وَمِنْ كُلِّ ذِي نَذْرٍ وَمِنْ كُلِّ رَاجِلِ
وَبِالْمُشْعِرِ [2] الْأَقْصَى إذَا عَمَدُوا لَهُ ... إلَالٌ إلَى مُفْضَى الشِّرَاجِ الْقَوَابِلِ [3]
وَتَوْقَافِهِمْ فَوْقَ الْجِبَالِ عَشِيَّةً ... يُقِيمُونَ بِالْأَيْدِي صُدُورَ الرَّوَاحِلِ
وَلَيْلَةِ جَمْعٍ [4] وَالْمَنَازِلِ مِنْ مِنًى ... وَهَلْ فَوْقَهَا مِنْ حُرْمَةٍ ومنازل
وَجمع إِذْ مَا الْمُقْرَبَاتِ أَجَزْنَهُ ... سِرَاعًا كَمَا يَخْرُجْنَ مِنْ وَقْعِ وَابِلِ [5]
وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى إذَا صَمَدُوا لَهَا ... يَؤُمُّونَ قَذْفًا رَأْسَهَا بِالْجَنَادِلِ
وَكِنْدَةُ إذَا هُمْ بِالْحِصَابِ عَشِيَّةً ... تُجِيزُ بِهِمْ حُجَّاجُ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ [6]
حَلِيفَانِ شَدَّا عَقْدَ مَا احْتَلَفَا لَهُ ... وَرَدَّا عَلَيْهِ عَاطِفَاتِ الْوَسَائِلِ
وَحَطْمِهِمْ [7] سُمْرَ [8] الصَّفَاحِ [9] وَسَرْحُهُ [10] ................
__________
[1] الشوط: الجرى إِلَى الْغَايَة مرّة وَاحِدَة، وَأَرَادَ بالأشواط السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة. والمروتين:
يُرِيد الصَّفَا والمروة، فغلب. والتماثيل: الصُّور، وَأَصلهَا تماثيل، وواحدها تِمْثَال، وَأسْقط الْيَاء ضَرُورَة.
[2] الْمشعر الْأَقْصَى: عَرَفَة.
[3] إلال (كسحاب وَكتاب) : جبل بِعَرَفَات، أَو جبل رمل عَن يَمِين الإِمَام بِعَرَفَة. قَالَ النَّابِغَة:
يزرن إلالا سيرهن التدافع
وسمى كَذَلِك لِأَن الحجيج إِذا رَأَوْهُ ألوا فِي السّير: أَي اجتهدوا فِيهِ ليدركوا الْموقف. قَالَ الراجز:
مهر أَبى الحبحاب لَا تشلى ... بَارك فِيك الله من ذِي أل
أَي من فرس ذِي سرعَة. والشراج: جمع شرج، وَهُوَ مسيل المَاء. والقوابل: المتقابلة.
[4] جمع: الْمزْدَلِفَة، معرفَة، وَسميت الْمزْدَلِفَة بذلك لِاجْتِمَاع النَّاس بهَا.
[5] المقربات: الْخَيل الَّتِي تقرب مرابطها من الْبيُوت لكرمها، والوابل: الْمَطَر الشَّديد.
[6] الحصاب: مَوضِع رمى الْجمار، مَأْخُوذ من الْحَصْبَاء، وَهُوَ مصدر نقل إِلَى مَكَان.
[7] الحطم: الْكسر.
[8] قَالَ أَبُو ذَر. والسمر: «من شجر الطلح، وَسكن الْمِيم تَخْفِيفًا، كَمَا قَالُوا فِي عضد: عضد (بالإسكان) . وَمن ضم السِّين فَإِنَّهُ نقل حَرَكَة الْمِيم إِلَيْهَا، ثمَّ أسكن الْمِيم. وَقَالَ السهيليّ:
«يجوز أَن يكون أَرَادَ بِهِ السمر، يُقَال فِيهِ سمر وَسمر (بِسُكُون الْمِيم) ، وَيجوز نقل ضمة الْمِيم إِلَى مَا قبلهَا إِلَى السِّين، كَمَا قَالُوا فِي حسن: حسن، وَكَذَا وَقع فِي الأَصْل بِضَم السِّين، غير أَن هَذَا النَّقْل إِنَّمَا يَقع غَالِبا فِيمَا يُرَاد بِهِ الْمَدْح أَو الذَّم نَحْو حسن وقبح، كَمَا قَالَ: وَحسن ذَا أدبا، أَي حسن ذَا أدبا.
وَجَائِز أَن يُرَاد بالسمر هَاهُنَا: جمع أسمر وسمراء، وَيكون وَصفا للنبات وَالشَّجر، كَمَا يُوصف بالدهمة إِذا كَانَ مخضرا. وَفِي التَّنْزِيل: مُدْهامَّتانِ 55: 64. أَي خضراوان إِلَى السوَاد.
[9] كَذَا فِي أوالصفاح: جمع صفح، وَهُوَ عرض الْجَبَل، وَيُقَال هُوَ أَسْفَله حَيْثُ يسيل مَاؤُهُ.
وَفِي سَائِر الْأُصُول: «الرماح» .
[10] السَّرْح: شجر عِظَام، وَقيل: كل شجر لَا شوك لَهُ.

(1/274)


.............. وَشَبْرِقَهٌ ... [1] وَخْدَ النَّعَامِ الْجَوَافِلِ [2]
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ مُعَاذٍ لِعَائِذٍ ... وَهَلْ مِنْ مُعِيذٍ يَتَّقِي اللَّهَ عَاذِلِ
يُطَاعُ بِنَا الْعُدَّى وَوَدُّوا لَوْ انَّنَا [3] ... تُسَدُّ بِنَّا أَبْوَابُ تُرْكٍ وَكَابُلِ [4]
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نَتْرُكُ مَكَّةَ ... وَنَظْعَنُ إلَّا أَمْرُكُمْ فِي بَلَابِلِ [5]
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا نُطَاعِنُ دُونَهُ وَنُنَاضِلْ [6]
وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ [7]
وَيَنْهَضُ قَوْمٌ فِي الْحَدِيدِ [8] إلِيْكُمُ ... نُهُوضَ الرَّوَايَا تَحْتَ ذَاتِ الصَّلَاصِلِ [9]
وَحَتَّى تَرَى ذَا الضِّغْنِ يَرْكَبُ رَدْعَهُ ... مِنْ الطَّعْنِ فِعْلَ الْأَنْكَبِ الْمُتَحَامِلِ [10]
وَإِنَّا لَعَمْرُ اللَّهِ إنْ جَدَّ مَا أَرَى ... لَتَلْتَبِسَنَّ أَسْيَافُنَا بِالْأَمَاثِلِ
بِكَفَّيْ فَتًى مِثْلَ الشِّهَابِ سَمَيْدَعِ ... أَخِي ثِقَةٍ حَامِي الْحَقِيقَةِ بَاسِلِ [11]
__________
[1] الشبرق: نَبَات يُقَال ليابسه الْحلِيّ، ولرطبه الشبرق.
[2] الوخد: السّير السَّرِيع. والجوافل: الذاهبة المسرعة.
[3] كَذَا ورد هَذَا الشّطْر فِي أ. والعدي: جمع عَاد، من عدا عَلَيْهِ يعدو. كَمَا قَالُوا: غاز وغزي، وعاف وَعفى. وَفِي سَائِر الْأُصُول:
يطاع بِنَا أَمر الْعَدَاوَة أننا
[4] ترك وكابل: جيلان من النَّاس. (رَاجع شرح السِّيرَة لأبى ذَر) .
[5] كَذَا فِي الْأُصُول. والبلابل: وساوس الهموم، وَاحِدهَا بلبال. ويروى: فِي «تلاتل» . أَي فِي حَرَكَة واضطراب.
[6] نبزى مُحَمَّدًا: أَي نسلبه ونغلب عَلَيْهِ. وَرِوَايَة اللِّسَان وَالنِّهَايَة: يبزى مُحَمَّد أَي يقهر ويغلب، أَرَادَ «لَا يبزى» فَحذف «لَا» من جَوَاب الْقسم وَهِي مُرَادة. ونناضل: نرامى بِالسِّهَامِ.
[7] الحلائل: الزَّوْجَات، واحدتها: حَلِيلَة.
[8] فِي أ: «فِي الْحَدِيد» .
[9] الروايا: الْإِبِل الَّتِي تحمل المَاء والأسقية، واحدتها: راوية. وأصل هَذَا الْجمع: رواوى، ثمَّ يصير فِي الْقيَاس روائى، مثل حوائل جمع حَائِل. وَلَكنهُمْ قلبوا الكسرة فَتْحة بعد مَا قدمُوا الْيَاء قبلهَا، وَصَارَ وَزنه فوالع. وَإِنَّمَا قلبوه كَرَاهِيَة اجْتِمَاع واوين: وَاو فواعل وَالْوَاو الَّتِي هِيَ عين الْفِعْل. وَوجه آخر:
وَهُوَ أَن الْوَاو الثَّانِيَة قياسها أَن تنْقَلب همزَة فِي الْجمع لوُقُوع الْألف بَين واوين، فَلَمَّا انقلبت همزَة قلبوها يَاء كَمَا فعلوا فِي خَطَايَا وبابه، مِمَّا الْهمزَة فِيهِ مُعْتَرضَة فِي الْجمع. والصلاصل: المزادات لَهَا صلصلة بِالْمَاءِ.
[10] الضغن: الْعَدَاوَة. وَركب ردعه: إِذا خر صَرِيعًا لوجهه. والأنكب: المائل إِلَى جِهَة، والّذي مَشى على شقّ.
[11] السميدع: السَّيِّد. والباسل: الشجاع.

(1/275)


شُهُورًا وَأَيَّامًا وَحَوْلًا مُجَرَّمًا [1] ... عَلَيْنَا وَتَأْتِي حَجَّةٌ بَعْدَ قَابِلِ
وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ، لَا أَبَا لَكَ، سَيِّدًا ... يَحُوطُ الذِّمَارَ غَيْرَ ذَرْبٍ مُوَاكِلِ [2]
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ [3]
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّافُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي رَحْمَة وفواضل
لَعَمْرِي لَقَدْ أَجْرَى أُسَيْدٌ وَبِكْرُهُ ... إلَى بُغْضِنَا وَجَزَّآنَا لِآكُلْ [4]
وَعُثْمَانُ لَمْ يَرْبَعْ عَلَيْنَا وَقُنْفُذٌ [5] ... وَلَكِنْ أَطَاعَا أَمْرَ تِلْكَ الْقَبَائِلِ
أَطَاعَا أُبَيًّا وَابْنَ عَبْدِ يُغِوثْهُمْ ... وَلَمْ يَرْقُبَا فِينَا مَقَالَةَ قَائِلِ
كَمَا قَدْ لَقِينَا مِنْ سُبَيْعٍ وَنَوْفَلٍ ... وَكُلٌّ تَوَلَّى مُعْرِضًا لَمْ يُجَامِلْ
فَإِنْ يُلْقِيَا [6] أَوْ يُمْكِنْ اللَّهُ مِنْهُمَا ... نَكِلْ لَهُمَا صَاعًا بِصَاعِ الْمُكَايِلِ
وَذَاكَ أَبُو عَمْرٍو أَبَى غَيْرَ بُغْضِنَا ... لِيَظْعَنَنَا فِي أَهْلِ شَاءٍ وَجَامِلِ [7]
يُنَاجِي بِنَا فِي كُلِّ مُمْسًى وَمُصْبَحٍ ... فَنَاجِ أَبَا عَمْرٍو بِنَا ثُمَّ خَاتِلِ [8]
وَيُؤْلَى [9] لَنَا باللَّه مَا إنْ يَغُشُّنَا ... بَلَى قَدْ نَرَاهُ جَهْرَةً غَيْرَ حَائِلِ
أَضَاقَ عَلَيْهِ بُغْضُنَا كُلَّ تَلْعَةٍ ... مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ أَخْشُبٍ فَمُجَادِلِ [10]
__________
[1] حولا مجرما: حولا كَامِلا، يُقَال: تجرم الْعَام، والشتاء، والصيف: تصرم. وجرمناه قطعناه، وأتممناه، وعام مجرم، وَفِي الْأُصُول: «محرما» بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ تَصْحِيف.
[2] الذمار: مَا يلزمك حمايته. والذرب (مخففا) : الْفَاحِش الْمنطق. والمواكل: الّذي لَا جد عِنْده، فَهُوَ يكل أُمُوره إِلَى غَيره.
[3] ثمال الْيَتَامَى: الّذي يثملهم وَيقوم بهم، يُقَال: هُوَ ثمال مَال: أَي يقوم بِهِ.
[4] سيعرض ابْن إِسْحَاق للْكَلَام على الْأَعْلَام الَّتِي وَردت فِي هَذِه القصيدة بعد الْفَرَاغ مِنْهَا.
[5] لم يربع: لم يقم وَلم يعْطف.
[6] كَذَا فِي أ. وَيُرِيد بالإلقاء: التَّسْلِيم والخضوع. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «يلفيا» بِالْفَاءِ.
[7] كَذَا فِي أ. وَالشَّاء: اسْم للْجمع. والجامل: اسْم لجَماعَة الْجمال، وَمثله الباقر، اسْم لجَماعَة الْبَقر. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «ليطغنا ... إِلَخ» .
[8] الختل: الخداع وَالْمَكْر.
[9] يُولى: يقسم وَيحلف.
[10] التلعة: المشرف من الأَرْض. وأخشب (بِضَم) الشين. جمع الأخشبين، وَهِي جبلان بِمَكَّة، جمعهَا مَعَ اتَّصل بهما على غير قِيَاس، إِذْ الْقيَاس: أخاشب، ويروى، بِفَتْح الشين على الْإِفْرَاد، وَيُرَاد بِهِ التَّثْنِيَة لشهرة الأخشبين. والمجادل: الْقُصُور والحصون فِي رُءُوس الْجبَال. كَأَنَّهُ يُرِيد مَا بَين جبال مَكَّة فقصور الشَّام وَالْعراق.

(1/276)


وَسَائِلْ أَبَا الْوَلِيدِ مَاذَا حَبَوْتَنَا ... بِسَعْيِكَ فِينَا مُعْرِضًا كَالْمُخَاتِلِ
وَكُنْتَ امْرَأً مِمَّنْ يُعَاشُ بِرَأْيِهِ ... وَرَحْمَتُهُ فِينَا وَلَسْتَ بِجَاهِلِ
فَعُتْبَةُ لَا تَسْمَعْ بِنَا قَوْلَ كَاشِحٍ [1] ... حَسُودٍ كَذُوبٍ مُبْغِضٍ ذِي دَغَاوِلِ [2]
وَمَرَّ أَبُو سُفْيَانَ عَنِّي مُعْرِضًا ... كَمَا مَرَّ قَيْلٌ [3] مِنْ عِظَامِ الْمَقَاوِلِ
يَفِرُّ إلَى نَجْدٍ وَبَرْدِ مِيَاهِهِ ... وَيَزْعُمُ أَنِّي لَسْتُ عَنْكُمْ بِغَافِلِ
وَيُخْبِرُنَا فِعْلَ الْمُنَاصِحِ أَنَّهُ ... شَفِيقٌ وَيُخْفِي عَارِمَاتِ [4] الدَّوَاخِلِ [5]
أَمُطْعِمُ لَمْ أَخْذُلْكَ فِي يَوْمٍ نَجْدَةٍ ... وَلَا مُعْظِمٍ عِنْدَ الْأُمُورِ الْجَلَائِلِ
وَلَا يَوْمَ خَصْمٍ [6] إذَا أَتَوْكَ أَلِدَّةً [7] ... أُولِي جَدَلٍ مِنْ الْخُصُومِ الْمَسَاجِلِ [8]
أَمُطْعِمُ إنَّ الْقَوْمَ سَامُوكَ خُطَّةً ... وَإِنِّي مَتَى أُوكَلْ فَلَسْتُ بِوَائِلِ [9]
جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا ... عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلِ
بِمِيزَانِ قِسْطٍ لَا يُخِسُّ [10] شَعِيرَةً ... لَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرَ عَائِلٍ [11]
__________
[1] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «كاسح» بِالسِّين، وَهُوَ تَصْحِيف.
[2] الدغاول: الْأُمُور الْفَاسِدَة، وَقيل: الدغاول: الغوائل.
[3] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «قبل» بِالْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ تَصْحِيف.
[4] كَذَا فِي الْأُصُول. والعارمات: الشديدات. ويروى: «عازمات» بالزاي. أَي الَّتِي عزم على إنقاذها.
[5] كَذَا فِي الْأُصُول. والدواخل: النمائم والإفساد بِهن بَين النَّاس. ويروى: «الذواحل» . والذواحل العداوات، مَأْخُوذ من الذحل. وَهُوَ الثأر.
[6] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «خسم» وَهُوَ تَحْرِيف.
[7] فِي أ: «أشدة» .
[8] كَذَا فِي الْأُصُول. والمساجل: الَّذين يعارضونه فِي الْخُصُومَة ويغالبونه، وَأَصله من المساجلة، وَهُوَ أَن يأتى الرجل بِمثل مَا أَتَى بِهِ صَاحبه. ويروى: «بالمساحل» بِالْحَاء الْمُهْملَة. والمساحل: الخطباء البلغاء، واحدهم: مسحل.
[9] ساموك خطة: كلفوك. وَلست بوائل: لست بناج. يُقَال: مَا وأل من كَذَا: أَي مَا نجا.
وَفِي الْخَبَر: فَلَا وألت نفس الجبان: أَي لَا نجت.
[10] كَذَا فِي أ. وأخس: أنقص. وَفِي سَائِر الْأُصُول: لَا يخيس، وَهُوَ من قَوْلهم: خاس بالعهد، إِذا نقضه وأفسده ويروى: «يحص» بالصَّاد. من حص الشّعْر: إِذا أذهبه.
[11] العائل: الحائر.

(1/277)


لَقَدْ سَفُهَتْ أَحْلَامُ قَوْمٍ تَبَدَّلُوا ... بَنِي خَلَفٍ قَيْضًا بِنَا وَالْغَيَاطِلِ [1]
وَنَحْنُ الصَّمِيمُ مِنْ ذُؤَابَةِ هَاشِمٍ ... وَآلِ قُصَيٍّ فِي الْخُطُوبِ الْأَوَائِلِ
وَسَهْمٌ وَمَخْزُومٌ تَمَالَوْا وَأَلَّبُوا ... عَلَيْنَا الْعِدَا مِنْ كُلِّ طِمْلٍ وَخَامِلٍ [2]
فَعَبْدُ مَنَافٍ أَنْتُمْ خَيْرُ قَوْمِكُمْ ... فَلَا تُشْرِكُوا فِي أَمْرِكُمْ كُلَّ وَاغِلِ [3]
لَعَمْرِي لَقَدْ وَهَنْتُمْ وَعَجَزْتُمْ ... وَجِئْتُمْ بِأَمْرٍ مُخْطِئٍ لِلْمَفَاصِلِ [4]
وَكُنْتُمْ حَدِيثًا حَطْبَ قِدْرٍ وَأَنْتُمْ ... الْآنَ حِطَابُ أَقْدُرٍ وَمَرَاجِلِ [5]
لِيَهْنِئْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ عُقُوقُنَا ... وَخِذْلَانُنَا وَتَرْكُنَا فِي الْمَعَاقِلِ
فَإِنْ نَكُ قَوْمًا نَتَّئِرْ مَا صَنَعْتُمْ [6] ... وَتَحْتَلِبُوهَا لِقْحَةً غَيْرَ بَاهِلِ [7]
وَسَائِطُ كَانَتْ فِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... نَفَاهُمْ إلَيْنَا كُلُّ صَقْرٍ حُلَاحِلِ [8]
وَرَهْطُ نُفَيْلٍ شَرُّ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى ... وَأَلْأَمُ حَافٍ مِنْ مَعَدِّ وَنَاعِلِ
فَأَبْلِغْ قُصَيًّا أَنْ سَيُنْشَرُ أَمْرُنَا ... وَبَشِّرْ قُصَيًّا بَعْدَنَا بِالتَّخَاذُلِ
وَلَوْ طَرَقَتْ لَيْلًا قُصَيًّا عَظِيمَةٌ ... إِذا مَا لَجَأْنَا دُونَهُمْ فِي الْمَدَاخِلِ
وَلَوْ صَدَقُوا ضَرْبًا خِلَالَ بُيُوتِهِمْ ... لَكُنَّا أُسًى عِنْدَ النِّسَاءِ الْمَطَافِلِ [9]
فَكُلُّ صَدِيقٍ وَابْنِ أُخْتٍ نَعُدُّهُ ... لَعَمْرِي وَجَدْنَا غِبَّهُ غَيْرَ طَائِلِ
__________
[1] قيضا: عوضا. والغياطل: بَنو سهم، قيل سموا كَذَلِك لِأَن رجلا مِنْهُم قتل جانا طَاف بِالْبَيْتِ سبعا، ثمَّ خرج من الْمَسْجِد فَقتله، فأظلمت مَكَّة حَتَّى فزعوا من شدَّة الظلمَة الَّتِي أَصَابَتْهُم. والغيطلة: الظلمَة الشَّدِيدَة.
[2] ألبوا: اجْتَمعُوا. والطمل: الرجل الْفَاحِش، وَالْفَقِير أَيْضا.
[3] الواغل: الدَّاخِل على الْقَوْم وهم يشربون وَلم يدع.
[4] مُخطئ للمفاصل: أَي بعيد عَن الجادة وَالصَّوَاب.
[5] حطب: اسْم للْجمع، مثل ركب، وَلَيْسَ بِجمع، لِأَنَّك تَقول فِي تصغيره: حطيب. وحطاب:
جمع حَاطِب. والمراجل: الْقُدُور، وَاحِدهَا: مرجل. وَقيل: هن الْقُدُور من النّحاس خَاصَّة، وَمعنى الْبَيْت: كُنْتُم متفقين لَا تحتطبون إِلَّا لقدر وَاحِدَة، فَأنْتم الْآن بِخِلَاف ذَلِك.
[6] كَذَلِك فِي الْأُصُول. ونتئر: نَأْخُذ بثأرنا مِنْكُم. ويروى: «نبتئر» أَي ندخره حَتَّى ننتصف مِنْكُم، يُقَال: ابتأرت الشَّيْء: إِذا خبأته وادخرته.
[7] اللقحة: النَّاقة ذَات اللَّبن. والباهل: النَّاقة الَّتِي لَا صرار على أخلافها، فَهِيَ مُبَاحَة الْحَلب.
[8] الحلاحل: السَّيِّد فِي عشيرته، الشجاع الركين فِي مَجْلِسه، وَهَذَا الْبَيْت والّذي بعده ساقطان من.
[9] الأسى: جمع أُسْوَة، أَي لاقتدى بَعْضنَا بِبَعْض فِي الدّفع عَنْهُم. والمطافل: ذَوَات الْأَطْفَال.

(1/278)


سِوَى أَنَّ رَهْطًا مِنْ كِلَابِ بْنِ مُرَّةٍ ... بَرَاءٌ [1] إلَيْنَا مِنْ مَعَقَّةِ خَاذِلِ
وَهَنَّا لَهُمْ حَتَّى تَبَدَّدَ جَمْعُهُمْ ... وَيَحْسُرَ عَنَّا كُلَّ بَاغٍ وَجَاهِلِ [2]
وَكَانَ لَنَا حَوْضُ السِّقَايَةِ فِيهِمْ ... وَنَحْنُ الْكُدَى مِنْ غَالِبٍ وَالْكَوَاهِلِ [3]
شَبَابٌ مِنْ الْمُطَيِّبِينَ وَهَاشِمٍ ... كَبِيضِ السُّيُوفِ بَيْنَ أَيْدِي الصَّيَاقِلِ
فَمَا أَدْرَكُوا ذَحْلًا وَلَا سَفَكُوا دَمًا ... وَلَا حَالَفُوا إلَّا شِرَارَ الْقَبَائِلِ
بِضَرْبٍ تَرَى الْفِتْيَانَ فِيهِ كَأَنَّهُمْ ... ضَوَارِي أُسُودٍ فَوْقَ لَحْمٍ خَرَادِلِ [4]
بَنِي أَمَةٍ مَحْبُوبَةٍ هِنْدِكِيَّةٍ [5] ... بَنِي جُمَحٍ عُبَيْدِ قَيْسِ بْنِ عَاقِلِ
وَلَكِنَّنَا نَسْلٌ كِرَامٌ لِسَادَةٍ ... بِهِمْ نُعِيَ الْأَقْوَامُ عِنْدَ الْبَوَاطِلِ
وَنِعْمَ ابْنِ أُخْتِ الْقَوْمِ غَيْرَ مُكَذَّبٍ ... زُهَيْرٌ حُسَامًا مُفْرَدًا مِنْ حَمَائِلِ
أَشَمُّ مِنْ الشُّمِّ الْبَهَالِيلِ يَنْتَمِي ... إلَى حَسَبٍ فِي حَوْمَةِ الْمَجْدِ فَاضِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ كُلِّفْتُ وَجْدًا بِأَحْمَدَ ... وَإِخْوَتِهِ دَأْبَ الْمُحِبِّ الْمُوَاصِلِ
فَلَا [6] زَالَ فِي الدُّنْيَا جَمَالًا لِأَهْلِهَا ... وَزِيَنًا لِمَنْ وَالَاهُ رَبُّ الْمَشَاكِلِ [7]
__________
[1] قَالَ السهيليّ: «يُقَال قوم برَاء، (بِالْفَتْح وبالكسر) . فَأَما برَاء (بِالْكَسْرِ) فَجمع بَرِيء، مثل كريم وكرام. وَأما برَاء (بِالْفَتْح) فمصدر مثل سَلام. والهمزة فِيهِ وَفِي الّذي قبله لَام الْفِعْل، يُقَال:
رجل برَاء ورجلان برَاء. وَإِذا كسرتها أَو ضممتها لم يجز فِي الْجمع. وَأما برَاء (بِضَم الْبَاء) فَالْأَصْل فِيهِ بُرَآء مثل كرماء، فاستثقلوا اجْتِمَاع الهمزتين فحذفوا الأولى، وَكَانَ وَزنه فعلاء، فَلَمَّا حذفوا الَّتِي هِيَ لَام الْفِعْل صَار وَزنه فعاء وَانْصَرف لِأَنَّهُ أشبه فعالا. وَالنّسب إِلَيْهِ، إِذا سميت بِهِ براوى. وَالنّسب إِلَى الآخرين: برائى وبرائى. وَزعم بَعضهم إِلَى أَن برَاء (بِضَم أَوله) من الْجمع الّذي جَاءَ على فعال» .
[2] هَذَا الْبَيْت والأبيات السِّتَّة الَّتِي بعده غير مَوْجُودَة فِي أ.
[3] الكدى: جمع كدية، وَهِي الصفاة الْعَظِيمَة الشَّدِيدَة. يشبههم بهَا فِي الْمَنْفَعَة والعزة، والكواهل:
جمع كَاهِل، وَهُوَ سَنَد الْقَوْم وعهدتهم.
[4] الخرادل: الْقطع الْعَظِيمَة.
[5] هندكى (بِكَسْر الْهَاء وَالدَّال) : من أهل الْهِنْد، وَلَيْسَ من لَفظه، لِأَن الْكَاف لَيست من حُرُوف الزِّيَادَة وَقد تكون عَلامَة للنسب من بعض اللُّغَات.
[6] هَذَا الْبَيْت سَاقِط فِي أ.
[7] كَذَا فِي الأَصْل، وَلَعَلَّه يُرِيد بهَا العظيمات من الْأُمُور. وَإِن صَحَّ أَن هَذَا اللَّفْظ من هَذَا الْبَيْت فَمَا أقربه بِهِ إِلَى أَنه مَصْنُوع، ويلاحظ أَن الأبيات الَّتِي استبعدتها «أ» وَلم تثبتها، على أَكْثَرهَا، إِن لم يكن كلهَا مسحة الضعْف والانحطاط عَن مستوى القصيدة، حَتَّى ليكاد يبلغ الظَّن بهَا إِلَى أَنَّهَا دخيلة، ويرجح ذَلِك عدم تعرض السهيليّ وأبى ذَر لَهَا بِشَيْء مِمَّا يدل على أَنَّهُمَا لم يقعا على شَيْء مِنْهَا.

(1/279)


فَمَنْ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ مُؤَمَّلٍ ... إذَا قَاسَهُ الْحُكَّامُ عِنْدَ التَّفَاضُلِ
حَلِيمٌ رَشِيدٌ عَادِلٌ غَيْرُ طائش ... يوالي إِلَهًا لَيْسَ عَنهُ بغافل
فو الله لَوْلَا أَنْ أَجِيءَ بِسُنَّةٍ [1] ... تَجُرُّ عَلَى أَشْيَاخِنَا فِي الْمَحَافِلِ
لَكِنَّا اتَّبَعْنَاهُ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ ... مِنْ الدَّهْرِ جِدًّا غَيْرَ قَوْلِ التَّهَازُلِ
لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ ابْنَنَا لَا مُكَذَّبٌ ... لَدَيْنَا وَلَا يُعْنَى بِقَوْلِ الْأَبَاطِلِ
فَأَصْبَحَ فِينَا أَحَمْدٌ فِي أَرُومَةٍ ... تُقَصِّرُ عَنْهُ سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ [2]
حَدِبْتُ بِنَفْسِي دُونَهُ وَحَمَيْتُهُ ... ودافعت عَنهُ بالذّرى وَالْكَلَاكِلِ [3]
فَأَيَّدَهُ رَبُّ الْعِبَادِ بِنَصْرِهِ ... وَأَظْهَرَ دِينًا حَقُّهُ غَيْرُ بَاطِلِ [4]
رِجَالٌ كِرَامٌ غَيْرُ مِيلٍ نَمَاهُمْ ... إلَى الْخَيْرِ آبَاءٌ كِرَامُ الْمَحَاصِلِ [5]
فَإِنْ تَكُ كَعْبٌ مِنْ لُؤَيٍّ صُقَيْبَةً [6] ... فَلَا بُدَّ يَوْمًا مَرَّةً مِنْ تَزَايُلِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذَا مَا صَحَّ لِي مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُ أَكْثَرَهَا.

(دَعَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ حِينَ أَقْحَطُوا، فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَوَدَّ لَوْ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَيٌّ، فَرَأَى ذَلِكَ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، قَالَ: أَقْحَطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَيْهِ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَاسْتَسْقَى، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ مِنْ الْمَطَرِ مَا أَتَاهُ أَهْلُ الضَّوَاحِي [7] يَشْكُونَ
__________
[1] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «بسبة» .
[2] السُّورَة «بِضَم السِّين» : الْمنزلَة. وَالسورَة (بِفَتْح السِّين) : الشدَّة والبطش.
[3] حدبت: عطفت ومنعت. والذرا: جمع ذرْوَة، وَهِي أَعلَى ظهر الْبَعِير. والكلاكل: جمع كلكل، وَهُوَ عظم الصَّدْر.
[4] هَذَا الْبَيْت والبيتان اللَّذَان بعده سَاقِطَة فِي أ.
[5] ميل: جمع أميل، وَهُوَ الجبان والّذي لَا يحسن الرّكُوب، أَو الّذي لَا يمِيل عَن الْحق.
[6] الصقب (بِوَزْن فَرح) الْقَرِيب.
[7] الضواحي: جمع ضاحية، وَهِي الأَرْض البرَاز الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَا يكن من الْمَطَر وَلَا منجاة من للسيول. وَقيل: ضاحية كل بلد: خَارِجَة.

(1/280)


مِنْهُ الْغَرَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا [1] ، فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنْ الْمَدِينَةِ فَصَارَ حَوَالَيْهَا كَالْإِكْلِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَدْرَكَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا الْيَوْمَ لَسَرَّهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: كَأَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتَ قَوْلَهُ:
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
قَالَ: أَجَلْ [2] .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَوْلُهُ «وَشَبْرِقَهٌ» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

(الْأَسْمَاءُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي قَصِيدَةِ أَبِي طَالِبٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْغَيَاطِلِ: مِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنُ هُصَيْصٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ ابْن حَرْبِ ابْن أُمَيَّةَ. وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَزُهَيْرُ
__________
[1] هُوَ من حسن الْأَدَب فِي الدُّعَاء: لِأَنَّهَا رَحْمَة الله وَنعمته الْمَطْلُوبَة مِنْهُ، فَكيف يطْلب مِنْهُ رفع نعْمَته وكشف رَحمته؟
[2] قَالَ السهيليّ: «فان قيل كَيفَ قَالَ أَبُو طَالب:
وأبيض يستسقى الْغَمَام بِوَجْهِهِ
وَلم يره قطّ استسقى وَإِنَّمَا كَانَت استسقا آته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْمَدِينَةِ فِي سفر وَحضر وفيهَا شوهد مَا كَانَ من سرعَة إِجَابَة الله لَهُ؟ فَالْجَوَاب: أَن أَبَا طَالب قد شَاهد من ذَلِك أَيْضا فِي حَيَاة عبد الْمطلب مَا دله على مَا قَالَ.
روى أَبُو سُلَيْمَان حمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البستي النيسابورىّ أَن رقيقَة بنت أَبى صَيْفِي بن هَاشم قَالَت: تَتَابَعَت على قُرَيْش سنو جَدب قد أقحلت الظلْف وأرقت الْعظم، فَبينا أَنا رَاقِدَة للهم أَو مهدمة ومعى صنوي. إِذا أَنا بهاتف صيت يصْرخ بِصَوْت صَحِلَ يَقُول: يَا معشر قُرَيْش: إِن هَذَا النَّبِي الْمَبْعُوث مِنْكُم، هَذَا إبان نجومه، فَحَيَّهَلا بالحيا وَالْخصب، أَلا فانظروا مِنْكُم رجلا طوَالًا عظاما أَبيض أَشمّ الْعرنِين لَهُ فَخر يَكْظِم عَلَيْهِ، أَلا فليخص هُوَ وَولده وليدلف إِلَيْهِ من كل بطن رجل فليشنوا من المَاء وليمسوا من الطّيب وليطوفوا بِالْبَيْتِ سبعا إِلَّا وَفِيهِمْ الطّيب الطَّاهِر لذاته، أَلا فَليدع الرجل وليؤمن الْقَوْم، إِلَّا فغثتم أبدا مَا عشتم. قَالَت:
فَأَصْبَحت مَذْعُورَة قد قف جلدي، وَوَلِهَ عَقْلِي، فَاقْتَصَصْت رُؤْيَايَ، فو الْحُرْمَة وَالْحرم، إِن بَقِي أبطحي إِلَّا قَالَ هَذَا شيبَة الْحَمد، وتتامت عِنْده قُرَيْش وانقض إِلَيْهِ النَّاس من كل بطن رجل فَشُنُّوا وَمَسُّوا واستلموا وطوفوا، ثمَّ ارْتَقَوْا أَبَا قبيس وطفق الْقَوْم يدقون حوله مَا إِن يدْرك سَعْيهمْ مهلة حَتَّى قروا بِذرْوَةِ الْجَبَل، واستكفوا جنابيه. فَقَامَ عبد الْمطلب فاعتضد ابْن ابْنه مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرفعه على عَاتِقه وَهُوَ يَوْمئِذٍ غُلَام قد أَيفع، أَو قد كرب ثمَّ قَالَ: اللَّهمّ سَاد الْخلَّة وَكَاشف الْكُرْبَة أَنْت عَالم غير معلم، وَمَسْئُول غير مبخل، وَهَذِه عبداؤك وإماؤك بِعَذِرَاتٍ حَرمك يَشكونَ إِلَيْك سنتهمْ فاسمعن اللَّهمّ وأمطرن علينا غيثا مريعا مُغْدِقًا. فَمَا راموا وَالْبَيْت حَتَّى انفجرت السَّمَاء بِمَائِهَا وكظ الْوَادي بثجيجه» .

(1/281)


ابْن أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَسِيدٌ، وَبِكْرُهُ: عَتَّابُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعَيْصِ بْنِ أُمَيَّةَ ابْن عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَعُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخُو طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ. وَقُنْفُذُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ. وَأَبُو الْوَلِيدِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَأُبَيٌّ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ الثَّقَفِيُّ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْأَخْنَسُ. لِأَنَّهُ خَنَسَ بِالْقَوْمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا اسْمُهُ أُبَيٌّ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عِلَاجٍ، وَهُوَ عِلَاجُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُقْبَةَ.
وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ. وَسُبَيْعُ ابْن خَالِدٍ، أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ. وَنَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْن قُصَيٍّ، وَهُوَ ابْنُ الْعَدَوِيَّةِ. وَكَانَ مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ الَّذِي قَرَنَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي حَبْلٍ حِينَ أَسْلَمَا، فَبِذَلِكَ كَانَا يُسَمَّيَانِ الْقَرِينَيْنِ، قَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبى طَالب عَلَيْهِ السَّلَام يَوْمَ بَدْرٍ.
وَأَبُو عَمْرٍو قَرَظَةُ بْنُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. «وَقَوْمٌ عَلَيْنَا أَظِنَّةٌ» : بَنُو بَكْرِ ابْن عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَدَّدَ أَبُو طَالِبٍ فِي شِعْرِهِ مِنْ الْعَرَبِ.

(انْتِشَارُ ذِكْرِ الرَّسُولِ فِي الْقَبَائِلِ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ) :
فَلَمَّا انْتَشَرَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرَبِ، وَبَلَغَ الْبُلْدَانَ، ذُكِرَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنْ الْعَرَبِ أَعْلَمَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذُكِرَ، وَقَبْلَ أَنْ يُذْكَرَ مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، وَكَانُوا لَهُمْ حُلَفَاءَ، وَمَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ. فَلَمَّا وَقَعَ ذِكْرُهُ بِالْمَدِينَةِ، وَتَحَدَّثُوا بِمَا بَيْنَ قُرَيْشٍ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ. قَالَ أَبُو قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ [1] . أَخُو بَنِي وَاقِفٍ.

(نَسَبُ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: نَسَبُ ابْنِ إسْحَاقَ أَبَا قَيْسٍ هَذَا هَاهُنَا إلَى بَنِي وَاقِفٍ، وَنَسَبُهُ
__________
[1] وَاسم الأسلت: عَامر.

(1/282)


فِي حَدِيثِ الْفِيلِ إلَى خَطْمَةَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَنْسِبُ الرَّجُلَ إلَى أَخِي جَدِّهِ الَّذِي هُوَ أَشْهَرُ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ: أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ مِنْ وَلَدِ نُعَيْلَةَ أَخِي غِفَارٍ. وَهُوَ غِفَارُ بْنُ مُلَيْلٍ، وَنُعَيْلَةُ بْنُ مُلَيْلِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ ابْن عَبْدِ مَنَاةَ، وَقَدْ قَالُوا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ السُّلَمِيُّ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ مَازِنِ بْنِ مَنْصُورٍ وَسُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَأَبُو قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ: مِنْ بَنِي وَائِلٍ، وَوَائِلٌ، وَوَاقِفٌ، وَخَطْمَةُ إخْوَةٌ مِنْ الْأَوْسِ.

(شِعْرُ ابْنُ الْأَسْلَتِ فِي الدِّفَاعِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ أَبُو قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ- وَكَانَ يُحِبُّ قُرَيْشًا، وَكَانَ لَهُمْ صِهْرًا، كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْنَبُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَكَانَ يُقِيمُ عِنْدَهُمْ السِّنِينَ بِامْرَأَتِهِ- قَصِيدَةً يُعَظِّمُ فِيهَا الْحُرْمَةَ، وَيَنْهَى قُرَيْشًا فِيهَا عَنْ الْحَرْبِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْكَفِّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَيَذْكُرُ فَضْلَهُمْ وَأَحْلَامَهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْكَفِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُذَكِّرُهُمْ بَلَاءَ اللَّهِ عِنْدَهُمْ، وَدَفْعَهُ عَنْهُمْ الْفِيلَ وَكَيْدَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ:
يَا رَاكِبًا إمَّا عَرَضَتْ فَبَلِّغْنَ ... مُغَلْغِلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبِ [1]
رَسُولُ امْرِئٍ قَدْ رَاعَهُ ذَاتُ بَيْنِكُمْ ... عَلَى النَّأْيِ مَحْزُونٍ بِذَلِكَ نَاصِبِ [2]
وَقَدْ كَانَ عِنْدِي لِلْهُمُومِ مَعَرَّسٌ ... فَلَمْ أَقْضِ مِنْهَا حَاجَتِي وَمَآرِبِي [3]
نُبَيِّتُكُمْ شَرْجَيْنِ كُلَّ قَبِيلَةٍ ... لَهَا أَزْمَلٌ مِنْ بَيْنِ مُذْكٍ وَحَاطِبِ [4]
__________
[1] المغلغلة. الرسَالَة. وَقَالَ السهيليّ: «المغلغلة: الدَّاخِلَة إِلَى أقْصَى مَا يُرَاد بُلُوغه مِنْهَا» .
[2] الناصب: المعيى التَّعَب.
[3] المعرس: الْمَكَان ينزل فِيهِ المسافرون فِي آخر اللَّيْل، يقفون فِيهِ وَقْفَة للاستراحة ثمَّ يرتحلون.
[4] شرجين: نَوْعَيْنِ. والأزمل: الصَّوْت الْمُخْتَلط. والمذكى: الّذي يُوقد النَّار. والحاطب: الّذي يحطب لَهَا. ضرب هَذَا مثلا لنار الْحَرْب. كَمَا قَالَ الآخر:
أرى خلل الرماد وميض نَار ... ويوشك أَن يكون لَهَا ضرام
فَإِن النَّار بالعودين تذكى ... وَإِن الْحَرْب أَولهَا كَلَام

(1/283)


أُعِيذُكُمْ باللَّه مِنْ شَرِّ صُنْعِكُمْ ... وَشَرِّ تَبَاغِيكُمْ وَدَسِّ الْعَقَارِبِ
وَإِظْهَارِ أَخْلَاقٍ وَنَجْوَى سَقِيمَةٍ ... كَوَخْزِ الْأَشَافِي وَقْعُهَا حَقُّ صَائِبِ [1]
فَذَكِّرْهُمْ باللَّه أَوَّلَ وَهْلَةٍ ... وَإِحْلَالِ أَحْرَامِ الظِّبَاءِ الشَّوَازِبِ [2]
وَقُلْ لَهُمْ وَاَللَّهُ يَحْكُمُ حُكْمَهُ ... ذَرُوا الْحَرْبَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ فِي الْمَرَاحِبِ [3]
مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً ... هِيَ الْغُولُ لِلْأَقْصَيْنَ أَوْ لِلْأَقَارِبِ [4]
تُقَطِّعُ أَرْحَامًا وَتُهْلِكُ أُمَّةً ... وَتَبْرِي السَّدِيفَ مِنْ سَنَامٍ وَغَارِبِ [5]
وَتَسْتَبْدِلُوا بِالْأَتْحَمِيَّةِ بَعْدَهَا ... شَلِيلًا وَأَصْدَاءً ثِيَابَ الْمُحَارِبِ [6]
وَبِالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ غُبْرًا سَوَابِغًا ... كَأَنَّ قَتِيرَيْهَا عُيُونُ الْجَنَادِبِ [7]
فَإِيَّاكُمْ وَالْحَرْبَ لَا تَعْلَقَنَّكُمْ ... وَحَوْضًا وَخِيمَ الْمَاءِ مُرَّ الْمَشَارِبِ
تَزَيَّنُ لِلْأَقْوَامِ ثُمَّ يَرَوْنَهَا ... بِعَاقِبَةٍ إذْ بَيَّنَتْ، أُمَّ صَاحِبِ [8]
تُحَرِّقُ لَا تُشْوِي ضَعِيفًا وَتَنْتَحِي ... ذَوِي الْعِزِّ مِنْكُمْ بِالْحُتُوفِ الصَّوَائِبِ [9]
أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ ... فَتَعْتَبِرُوا أَوْ كَانَ فِي حَرْبِ حَاطِبِ [10]
وَكَمْ قَدْ أَصَابَتْ مِنْ شَرِيفٍ مُسَوَّدٍ ... طَوِيلِ الْعِمَادِ ضَيْفُهُ غَيْرُ خَائِبِ
__________
[1] الأشافي: جمع إشفى، وَهِي المخرز.
[2] أحرام الظباء: هِيَ الَّتِي يحرم صيدها فِي الْحرم. يُقَال لمن دخل فِي الشَّهْر الْحَرَام، أَو فِي الْبَلَد الْحَرَام محرم. والشوازب: الضامرة الْبُطُون. أَي إِن بلدكم بلد حرَام تأمن فِيهِ الظباء الشوازب الَّتِي تَأتيه من بعد لتأمن فِيهِ، فَهِيَ شازبة ضامرة من بعد الْمسَافَة، وَإِذا لم تحلوا بالظباء فِيهِ فأحرى أَلا تحلوا بدمائكم.
[3] المراحب: الْمَوَاضِع المتسعة.
[4] الغول: الْهَلَاك.
[5] تبرى: تقطع. والسديف: لحم السنام. وَالْغَارِب: أَعلَى الظّهْر.
[6] الأتحمية: ثِيَاب رقاق تصنع بِالْيمن. والشليل: درع قَصِيرَة. والأصداء: جمع صدأ: الْحَدِيد.
[7] القتير: حلق الدرْع، شبهها بعيون الْجَرَاد. وَأخذ هَذَا الْمَعْنى التنوخي فَقَالَ:
كأثواب الأراقم مزقتها ... فخاطتها بأعينها الْجَرَاد
[8] بيّنت: اتضحت. وَأم صَاحب: أَي عجوزا كَأُمّ صَاحب لَك، إِذْ لَا يصحب الرجل إِلَّا رجل فِي سنه.
[9] لَا تشوى: لَا تخطئ. وتنتحى: تقصد.
[10] سيعرض ابْن إِسْحَاق للْكَلَام على داحس وحاطب بعد الِانْتِهَاء من القصيدة.

(1/284)


عَظِيمِ رَمَادِ النَّارِ يُحْمَدُ أَمْرُهُ ... وَذِي شِيمَةٍ مَحْضٍ كَرِيمٍ الْمَضَارِبِ [1]
وَمَاءِ هُرِيقَ فِي الضَّلَالِ [2] كَأَنَّمَا ... أَذَاعَتْ بِهِ رِيحُ الصَّبَا وَالْجَنَائِبِ [3]
يُخَبِّرُكُمْ عَنْهَا امْرُؤٌ حَقُّ عَالِمٌ ... بِأَيَّامِهَا وَالْعِلْمُ عِلْمُ التَّجَارِبِ
فَبِيعُوا الْحِرَابَ مِلْمُحَارِبِ وَاذْكُرُوا ... حِسَابَكُمْ وَاَللَّهُ خَيْرُ مُحَاسِبِ
وَلِيُّ امْرِئٍ فَاخْتَارَ دِينًا فَلَا يَكُنْ ... عَلَيْكُمْ رَقِيبًا غَيْرَ رَبِّ الثَّوَاقِبِ [4]
أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا فَأَنْتُمْ ... لَنَا غَايَةٌ قَدْ يُهْتَدَى بِالذَّوَائِبِ [5]
وَأَنْتُمْ لِهَذَا النَّاسِ نُورٌ وَعِصْمَةٌ ... تُؤَمُّونَ، وَالْأَحْلَامُ غَيْرُ عَوَازِبِ [6]
وَأَنْتُمْ، إذَا مَا حُصِّلَ النَّاسُ، جَوْهَرٌ ... لَكُمْ سُرَّةُ الْبَطْحَاءِ شُمُّ الْأَرَانِبِ [7]
تَصُونُونَ أَجْسَادًا كِرَامًا عَتِيقَةً ... مُهَذَّبَةَ الْأَنْسَابِ غَيْرَ أَشَائِبِ [8]
تَرَى طَالِبَ الْحَاجَاتِ نَحْوَ بُيُوتِكُمْ ... عَصَائِبَ هَلْكَى تَهْتَدِي بِعَصَائِبِ
لَقَدْ عَلِمَ الْأَقْوَامُ أَنَّ سَرَاتَكُمْ ... عَلَى كُلِّ حَالٍ خَيْرُ أَهْلِ الْجَبَاجِبِ [9]
وَأَفْضَلُهُ رَأْيًا وَأَعْلَاهُ سُنَّةً ... وَأَقْوَلُهُ لِلْحَقِّ وَسْطَ الْمَوَاكِبِ
فَقُومُوا فَصَلُّوا رَبَّكُمْ وَتَمَسَّحُوا ... بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الْأَخَاشِبِ [10]
فَعِنْدَكُمْ مِنْهُ بَلَاءٌ وَمَصْدَقٌ ... غَدَاةَ أَبِي يَكْسُومَ هَادِي الْكَتَائِبِ
كَتِيبَتُهُ بِالسَّهْلِ تُمْسِي وَرَجْلُهُ ... عَلَى الْقَاذِفَاتِ فِي رُءُوسِ الْمَنَاقِبِ [11]
__________
[1] كَذَا فِي الْأُصُول. يُرِيد أَن مضَارب سيوفه غير مذمومة وَلَا رَاجِعَة عَلَيْهِ إِلَّا بالثناء وَالْوَصْف بالمكارم. ويروى الضرائب. والضرائب: الطباع.
[2] كَذَا فِي الْأُصُول. ويروى: «فِي الصلال» . والصلال: جمع صلَة، وَهِي الأَرْض الَّتِي لَا تمسك المَاء.
[3] أذاعت بِهِ: بددته. والجنائب: جمع جنوب. يُرِيد ريح الشمَال وريح الْجنُوب.
[4] الثواقب: النُّجُوم.
[5] الذوائب: الأعالي.
[6] الأحلام: الْعُقُول. وعوازب: بعيدَة.
[7] سرة الشَّيْء: خَيره وَأَعلاهُ. وشم: مُرْتَفعَة. والأرانب: جمع أرنبة، وَهِي الَّتِي فِيهَا ثقب الْألف
[8] غير أشائب: غير مختلطة، يعْنى أَنَّهَا خَالِصَة النّسَب.
[9] الجباجب: الْمنَازل. وَاحِدهَا جبجبة.
[10] صلوا: ادعوا. والأخاشب: أَرَادَ الأخشبين، وهما جبلا مَكَّة، فجمعهما مَعَ مَا حولهما.
[11] القاذفات: أعالى الْجبَال. والمناقب: الطّرق فِي أعالى الجبالى، وَاحِدهَا: منقبة.

(1/285)


فَلَمَّا أَتَاكُمْ نَصْرُ ذِي الْعَرْشِ رَدَّهُمْ ... جُنُودُ الْمَلِيكِ بَيْنَ سَافٍ وَحَاصِبِ [1]
فَوَلَّوْا سِرَاعًا هَارِبِينَ وَلَمْ يَؤُبْ ... إلَى أَهْلِهِ مِلْحُبْشِ [2] غَيْرُ عَصَائِبِ
فَإِنْ تَهْلِكُوا نَهْلِكْ وَتَهْلِكْ مَوَاسِمٌ ... يُعَاشُ بِهَا، قَوْلُ امْرِئٍ غَيْرِ كَاذِبِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي بَيْتَهُ: «وَمَاءٌ هُرِيقَ» ، وَبَيْتَهُ: «فَبِيعُوا الْحِرَابَ» ، وَقَوْلَهُ: «وَلِيُّ امْرِئِ فَاخْتَارَ» ، وَقَوْلَهُ:
عَلَى الْقَاذِفَاتِ فِي رُءُوسِ الْمَنَاقِبِ
أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

(حَرْبٌ دَاحِسً) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ:
أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ
فَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ النَّحَوِيُّ: أَنَّ دَاحِسًا فَرَسٌ كَانَ لِقَيْسِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بْنِ قُطَيْعَةَ بْنِ عَبْسِ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ ابْن غَطَفَانَ، أَجْرَاهُ مَعَ فَرَسٍ لِحُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ [3] بْنِ جُؤَيَّةَ بْنِ لَوْذَانِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ فَزَارَةَ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ، يُقَالُ لَهَا: الْغَبْرَاءُ. فَدَسَّ حُذَيْفَةُ قَوْمًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوا وَجْهَ دَاحِسٍ إنْ رَأَوْهُ قَدْ جَاءَ سَابِقًا، فَجَاءَ دَاحِسٌ سَابِقًا فَضَرَبُوا وَجْهَهُ، وَجَاءَتْ الْغَبْرَاءُ. فَلَمَّا جَاءَ فَارِسُ دَاحِسٍ أَخْبَرَ قَيْسًا الْخَبَرَ، فَوَثَبَ أَخُوهُ مَالِكُ بْنُ زُهَيْرٍ فَلَطَمَ وَجْهَ الْغَبْرَاءِ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ بَدْرٍ فَلَطَمَ مَالِكًا. ثُمَّ إنَّ أَبَا الْجُنَيْدِبِ الْعَبْسِيَّ لَقِيَ عَوْفَ بْنَ حُذَيْفَةَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ مَالِكًا فَقَتَلَهُ، فَقَالَ حَمَلُ بْنُ بَدْرٍ أَخُو حُذَيْفَةَ ابْن بَدْرٍ:
__________
[1] السافي: الّذي أَصَابَهُ الْغُبَار. والحاصب الّذي أَصَابَته الْحَصْبَاء، وَهُوَ على معنى النّسَب، كَمَا قَالُوا:
تامر وَلابْن. وَقد يكون السافي: الّذي يثير الْغُبَار، والحاصب: الّذي يثير الْحَصْبَاء، أَي يقتلعها.
[2] فِي أ: «ملجيش» .
[3] فِي أ: « ... بن عَمْرو بن جؤية ... إِلَخ» .

(1/286)


قَتَلْنَا بِعَوْفٍ مَالِكًا وَهُوَ ثَأْرُنَا ... فَإِنْ تَطْلُبُوا مِنَّا سِوَى الْحَقِّ تَنْدَمُوا
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ الْعَبْسِيُّ:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بْنِ زُهَيْرٍ ... تَرْجُو النِّسَاءُ عَوَاقِبَ الْأَطْهَارِ [1]
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
فَوَقَعَتْ الْحَرْبُ بَيْنَ عَبْسٍ وَفَزَارَةَ، فَقُتِلَ حُذَيْفَةُ بْنُ بَدْرٍ وَأَخُوهُ حَمَلُ بْنُ بَدْرٍ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ جَذِيمَةَ يَرْثِي حُذَيْفَةَ، وَجَزِعَ عَلَيْهِ:
كَمْ فَارِسٍ يُدْعَى وَلَيْسَ بِفَارِسٍ ... وَعَلَى الْهَبَاءَةِ فَارِسٌ ذُو مَصْدَقِ [2]
فَابْكُوا حُذَيْفَةَ لَنْ تُرَثُّوا مِثْلَهُ [3] ... حَتَّى تَبِيدَ قَبَائِلٌ لَمْ تُخْلَقْ
وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ. وَقَالَ قَيْسُ (بْنُ) [4] زُهَيْرٍ:
عَلَى أَنَّ الْفَتَى حَمَلَ بْنَ بَدْرٍ ... بَغَى وَالظُّلْمُ [5] مَرْتَعُهُ وَخِيمُ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ زُهَيْرٍ أَخُو قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَرَكْتُ عَلَى الْهَبَاءَةِ غَيْرَ فَخْرٍ ... حُذَيْفَةُ عِنْدَهُ قَصْدُ الْعَوَالِي [6]
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: أَرْسَلَ قَيْسٌ دَاحِسًا وَالْغَبْرَاءَ، وَأَرْسَلَ حُذَيْفَةُ الْخَطَّارَ وَالْحَنْفَاءَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ. وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ مَنَعَنِي مِنْ اسْتِقْصَائِهِ قَطْعُهُ حَدِيثَ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(حَرْبُ حَاطِبٍ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «حَرْبُ حَاطِبٍ» . فَيَعْنِي حَاطِبَ بْنَ الْحَارِثِ
__________
[1] الْأَطْهَار: جمع طهر. وَهُوَ كَقَوْل الأخطل:
قوم إِذا حَاربُوا شدوا مآزرهم ... دون النِّسَاء وَلَو باتت بأطهار
[2] الهباءة: مَوضِع فِي بِلَاد غطفان.
[3] لن ترثوا: من الرثاء. وَمن رَوَاهُ: تربوا، (بِضَم التَّاء) فَهُوَ من التربية. وَمن رَوَاهُ:
تربوا (بِفَتْح التَّاء) فَمَعْنَاه تصيرونه رَبًّا عَلَيْكُم، أَي أَمِيرا.
[4] زِيَادَة عَن أ.
[5] فِي أ: «وَالْبَغي» .
[6] الْقَصْد: جمع قصدة، وَهِي الْقطعَة المتكسرة. والعوالي: الرماح.

(1/287)


ابْن قَيْسِ بْنِ هَيْشَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو ابْن عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، كَانَ قَتَلَ يَهُودِيَّا جَارًا لِلْخَزْرَجِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ يَزِيدُ [1] بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَحْمَرَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ- وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ابْنُ فُسْحُمٍ، وَفُسْحُمٌ [2] أُمُّهُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ الْقَيْنِ بْنِ جَسْرٍ- لَيْلًا فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَتَلُوهُ، فَوَقَعَتْ الْحَرْبُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَكَانَ الظَّفَرُ لِلْخَزْرَجِ عَلَى الْأَوْسِ، وَقُتِلَ يَوْمئِذٍ سُوَيْدُ بْنُ صَامِتِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ حَوْطِ ابْن حَبِيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، قَتَلَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ [3] ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، حَلِيفُ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ خَرَجَ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ مَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ ابْن صَامِتٍ، فَوَجَدَ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ غِرَّةً [4] مِنْ الْمُجَذَّرِ فَقَتَلَهُ بِأَبِيهِ. وَسَأَذْكُرُ حَدِيثَهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ مَنَعَنِي مِنْ ذِكْرِهَا وَاسْتِقْصَاءِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْتُ فِي (حَدِيثِ) [5] حَرْبِ دَاحِسٍ.

(شِعْرُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ فِي صَدِّ قَوْمِهِ عَنْ عَدَاوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَكِيمُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيُّ، حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَدْ أَسْلَمَ، يُوَرِّعُ [6] قَوْمَهُ عَمَّا أَجَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ عَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِيهِمْ شَرِيفًا مُطَاعًا:
__________
[1] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «زيد» . وَهُوَ تَحْرِيف. (رَاجع شرح الْقَامُوس مَادَّة: فسحم) .
[2] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «قسحم» بِالْقَافِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ تَصْحِيف. (رَاجع شرح الْقَامُوس مَادَّة: فسحم) .
[3] ضبط فِي شرح: أَسمَاء أهل بدر للجبرتى المخطوط وَالْمَحْفُوظ بدار الْكتب المصرية (تَحت رقم 1420 تَارِيخ) بِضَم الْمِيم وَفتح الْجِيم وَتَشْديد الذَّال الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة ثمَّ رَاء. وذياد: بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمُثَنَّاة من تَحت بعْدهَا ألف آخِره دَال مُهْملَة، وَيُقَال فِيهِ ذياد بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْمُثَنَّاة.
[4] غرَّة: غَفلَة.
[5] زِيَادَة عَن أ.
[6] يورع: يصرف وَيرد.

(1/288)


هَلْ قَائِلٌ قَوْلًا هُوَ [1] الْحَقُّ قَاعِدٌ ... عَلَيْهِ وَهَلْ غَضْبَانُ لِلرُّشْدِ سَامِعُ
وَهَلْ سَيِّدٌ تَرْجُو الْعَشِيرَةُ نَفْعَهُ ... لِأَقْصَى الْمَوَالِي وَالْأَقَارِبِ جَامِعُ
تَبَرَّأْتُ إلَّا وَجْهَ مَنْ يَمْلِكُ الصِّبَا ... وَأَهْجُرُكُمْ مَا دَامَ مُدْلٍ وَنَازِعُ [2]
وَأُسْلِمُ وَجْهِي لِلْإِلَهِ وَمَنْطِقِي ... وَلَوْ رَاعَنِي مِنْ الصَّدِيقِ رَوَائِعُ