كتاب المغازي للواقدي سَرِيّةُ
شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ إلَى السّيّ مِنْ أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ مِنْ
نَاحِيَةِ رُكْبَةَ
فِي رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَرِيّةُ إلَى خَثْعَمَ
بِتَبَالَةَ 1
حَدّثَنِي الْوَاقِدِيّ قَالَ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ
إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا
إلَى جَمْعٍ مِنْ هَوَازِنَ بِالسّيّ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ
عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ فَكَانَ يَسِيرُ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ النّهَارَ
حَتّى صَبّحَهُمْ وَهُمْ غَارّونَ وَقَدْ أَوْعَزَ إلَى أَصْحَابِهِ
قَبْلَ ذَلِكَ أَلَا يُمْعِنُوا فِي الطّلَبِ فَأَصَابُوا نَعَمًا
كَثِيرًا وَشَاءَ فَاسْتَاقُوا ذَلِكَ كُلّهُ حَتّى قَدِمُوا
الْمَدِينَةَ [وَاقْتَسَمُوا الْغَنِيمَةَ] 2 ، وَكَانَتْ سِهَامَهُمْ
خمسة عشر بعيرا;
ـــــــ
1 تبالة: موضع بقرب الطائف، وهي لبنى مازن. [معجم ما استعجم، ص 191].
2 الزيادة من ابن سعد، عن الواقدي، [الطبقات، ج2، ص 92].
(2/753)
كُلّ رَجُلٍ
وَعَدَلُوا الْبَعِيرَ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ وَغَابَتْ السّرِيّةُ
خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
قَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: فَحَدّثْت هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمّدَ بْنَ
عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ فَقَالَ: كَانُوا قَدْ
أَصَابُوا فِي الْحَاضِرِ نِسْوَةً فَاسْتَاقُوهُنّ وَكَانَتْ فِيهِنّ
جَارِيَةٌ وَضِيئَةٌ فَقَدِمُوا بِهَا الْمَدِينَةَ. ثُمّ قَدِمَ
وَفْدُهُمْ مُسْلِمِينَ فَلَمّا قَدِمُوا كَلّمُوا رَسُولَ اللّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السّبْيِ فَكَلَمْ النّبِيّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُجَاعًا وَأَصْحَابَهُ فِي
رَدّهِنّ فَسَلّمُوهُنّ وَرَدّوهُنّ إلَى أَصْحَابِهِنّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: فَأَخْبَرْت شَيْخًا مِنْ الْأَنْصَارِ
بِذَلِكَ فَقَالَ أَمّا الْجَارِيَةُ الْوَضِيئَةُ فَكَانَ شُجَاعُ
بْنُ وَهْبٍ قَدْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ بِثَمَنٍ فَأَصَابَهَا، فَلَمّا
قَدِمَ الْوَفْدُ خَيّرَهَا، فَاخْتَارَتْ الْمَقَامَ عِنْدَ شُجَاعِ
بْنِ وَهْبٍ فَلَقَدْ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَهِيَ عِنْدَهُ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ. فَقُلْت لَابْنِ أَبِي سَبْرَةَ:
مَا سَمِعْت أَحَدًا قَطّ يَذْكُرُ هَذِهِ السّرِيّةَ. فَقَالَ ابْنُ
أَبِي سَبْرَةَ: لَيْسَ كُلّ الْعِلْمِ سَمِعْته. قَالَ: أَجَلْ
وَاَللّهِ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: لَقَدْ حَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ
اللّهِ سَرِيّةً أُخْرَى، قَالَ إسْحَاقُ: حَدّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ
مَالِكٍ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَعَثَ قُطْبَةَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ فِي عِشْرِينَ رَجُلًا
إلَى حَيّ مِنْ خَثْعَمَ بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ
يَشُنّ الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ وَأَنْ يَسِيرَ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ
النّهَارَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغَذّ السّيْرَ. فَخَرَجُوا عَلَى عَشَرَةِ
أَبْعِرَةً يَعْتَقِبُونَهَا، قَدْ غَيّبُوا السّلَاحَ فَأَخَذُوا
عَلَى الْفَتْقِ 1 حَتّى انْتَهَوْا إلَى بَطْنِ مَسْحَبٍ2 فَأَخَذُوا
رجلا فسألوه
ـــــــ
1 الفتق: من مخاليف الطائف. [معجم البلدان، ج6، ص338].
2 هكذا في الأصل. ولعله يريد "مسحاه" وهي من مخاليف الطائف. [معجم
البلدان، ج8، ص 51].
(2/754)
فَاسْتَعْجَمَ
عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَصِيحُ بِالْحَاضِرِ فَقَدّمَهُ قُطْبَةُ
فَضَرَبَ عُنُقَهُ. ثُمّ أَقَامُوا حَتّى كَانَ سَاعَةٌ مِنْ اللّيْلِ
فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ طَلِيعَةً فَيَجِدُ حَاضِرَ نَعَمٍ فِيهِ
النّعَمُ وَالشّاءُ فَرَجَعَ إلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ
فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ يَدِبّونَ دَبِيبًا يَخَافُونَ الْحَرَسَ حَتّى
انْتَهَوْا إلَى الْحَاضِرِ وَقَدْ نَامُوا وَهَدَءُوا; فَكَبّرُوا
وَشَنّوا الْغَارَةَ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رِجَالُ الْحَاضِرِ
فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا حَتّى كَثُرَتْ الْجِرَاحُ فِي
الْفَرِيقَيْنِ. وَأَصْبَحَ وَجَاءَ الْخَثْعَمِيّونَ الدّهْمَ1
فَحَالَ بَيْنَهُمْ سَيْلٌ أَتِيّ، فَمَا قَدَرَ رَجُلٌ وَاحِدٌ
مِنْهُمْ يَمْضِي حَتّى أَتَى قُطْبَةُ عَلَى أَهْلِ الْحَاضِرِ
فَأَقْبَلَ بِالنّعَمِ وَالشّاءِ 2 وَالنّسَاءِ إلَى الْمَدِينَةِ،
فَكَانَ سِهَامُهُمْ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً وَالْبَعِيرُ بِعَشَرَةٍ
مِنْ الْغَنَمِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ الْخُمُسُ. وَكَانَ فِي صَفَرٍ
سَنَةَ تِسْعٍ.
ـــــــ
1 الدهم: العدد الكثير. [النهاية، ج2، ص 38].
2 في الأصل: "فأقبل من النعم والشاء".
(2/755)
|