أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، ت: علي عمر
ج / 2 ص -3-
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الطواف:
باب ما جاء في فضل الطواف بالكعبة:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، حدثنا داود بن
عبد الرحمن حدثني معمر، عن عطاء بن السائب عن
عبيد بن عمير، عن ابن عمر أنه قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من طاف بالبيت كتب الله عز وجل له بكل خطوة
حسنة ومحا عنه سيئة".
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي، حدثني عيسى بن
يونس عن عبد الله بن أبي سليمان، حدثني مولى
أبي سعيد الخدري قال: رأيت أبا سعيد يطوف
بالبيت وهو متكئ على غلام له يقال له طهمان
وهو يقول: لأن أطوف بهذا البيت أسبوعًا لا
أقول فيه هجرًا، وأصلي ركعتين أحب إلي من أن
أعتق طهمان، وضرب بيده على منكبه.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي، أخبرنا الزنجي عن
ابن جريج، أخبرني قدامة بن موسى بن قدامة بن
مظعون أن أنس بن مالك قدم المدينة، فركب إليه
عمر بن عبد العزيز فسأله عن الطواف للغرباء
أفضل أم العمرة؟ قال: بل الطواف.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي عن الزنجي، عن أبي
الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قال:
"هذا البيت دعامة الإسلام
من خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر كان
مضمونًا على الله إن قبضه أن يدخله الجنة، وإن
رده أن يرده بأجر وغنيمة".
وعن العلاء المكي، عن جابر بن ساج الجزري قال:
جلس كعب الأحبار
ج / 2 ص -4-
أو سلمان الفارسي بفناء البيت، فقال: شكت الكعبة
إلى ربها عز وجل ما نصب حولها من الأصنام، وما استقسم به من الأزلام
فأوحى الله تعالى إليها أني منزل نورًا، وخالق بشرًا يحنون إليك حنين
الحمام إلى بيضه، ويدفون اليك دفيف النسور فقال له قائل: وهل لها لسان؟
قال: نعم وأذنان وشفتان.
حدثنا أبو الوليد حدثني يحيى بن سعيد، عن أخيه علي بن سعيد عن سعيد بن
سالم، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن مغيرة بن قيس التميمي عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه عن جده أنه قال من توضأ وأسبغ الوضوء، ثم أتى الركن
يستلمه خاض في الرحمة فإن استلمه فقال: بسم الله، والله أكبر أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، غمرته
الرحمة فإذا طاف بالبيت كتب الله عز وجل له بكل قدم سبعين ألف حسنة،
وحط عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة، وشفع في سبعين من أهل
بيته فإذا أتى مقام إبراهيم عليه السلام فصلى عنده ركعتين إيمانًا،
واحتسابًا كتب الله له كعتق أربعة عشر محررًا من ولد إسماعيل، وخرج من
خطيئته كيوم ولدته أمه، قال القداح: وزاد فيه آخر وأتاه ملك فقال له:
أعمل لما بقي فقد كفيت ما مضى.
حدثنا أبو الوليد حدثني يحيى بن سعيد بن سالم القداح، حدثنا خلف بن
ياسين عن أبي الفضل الفراء، عن المغيرة بن سعيد عن عمرو بن شعيب، عن
أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا خرج المرء يريد الطواف
بالبيت أقبل يخوض في الرحمة، فإذا دخله غمرته، ثم لا يرفع قدمًا ولا
يضع قدمًا إلا كتب الله عز وجل له بكل قدم خمسمائة حسنة، وحط عنه
خمسمائة سيئة، أو قال خطيئة ورفعت له خمسمائة درجة، فإذا فرغ من طوافه
فصلى ركعتين دبر المقام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وكتب له أجر عتق
عشر رقاب من ولد إسماعيل، واستقبله ملك على الركن فقال له: استأنف
العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى، وشفع في سبعين من أهل بيته".
ج / 2 ص -5-
قال أبو محمد الخزاعي: حدثنا يحيى بن سعيد بن
سالم بإسناده مثله، حدثنا أبو الوليد حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا محمد
بن عمر بن إبراهيم الجبيري، عن عثمان بن عبد الرحمن عن عمرو بن يسار
المكي، قال: إن الله تعالى إذا أراد أن يبعث ملكًا في بعض أموره إلى
الأرض، استأذنه ذلك الملك في الطواف ببيته الحرام فهبط مهلًا، وإن
البعير إذا حج عليه بورك في أربعين من أمهاته، وإذا حج عليه سبع مرار
كان حقًا على الله عز وجل أن يرعى في رياض الجنة.
حدثنا أبو الوليد، حدثني جدي حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج عن عطاء، عن
عبد الله بن عمرو بن العاص قال: من طاف بهذا البيت سبعًا، وصلى عنده
ركعتين كان له عدل عتق رقبة.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي، حدثنا عطاف بن خالد المخزومي، عن إسماعيل
بن نافع عن أنس بن مالك قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
مسجد الخيف فجاءه رجلان: أحدهما أنصاري، والآخر ثقفي، فسلما عليه ودعوا
له، فقالا جئناك يا رسول الله لنسألك فقال: إن شئتما أخبرتكما بما
جئتما تسألان عنه فعلت، وإن شئتما أسكت فتسألان فعلت فقالا: أخبرنا يا
رسول الله نزداد إيمانًا أو يقينًا -يشك إسماعيل بن نافع- فقال
الأنصاري للثقفي: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الثقفي: بل
أنت فاسأله فإني أعرف لك حقك قال: أخبرني يا رسول الله قال:
"جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه، وعن
طوافك بالبيت وما لك فيه، وعن الركعتين بعد الطواف وما لك فيهما، وعن
طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه، وعن موقفك عشية عرفة وما لك فيه،
وعن رميك الجمار وما لك فيه، وعن نحرك وما لك فيه، وعن حلقك رأسك وما
لك فيه، وعن طوافك بالبيت بعد ذلك وما لك فيه". قال: أي والذي بعثك بالحق نبيًا إنه الذي
جئت أسألك عنه، قال صلى الله عليه وسلم:
"فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام
ج / 2 ص -6-
ما تضع ناقتك خفًا ولا ترفعه الا كتب الله لك بذلك
حسنة ومحا عنك به خطيئة ورفع لك به درجة.
وأما طوافك بالبيت فإنك لا تضع رجلًا، ولا ترفعها إلا كتب الله عز وجل
لك به حسنة ومحا به عنك خطيئة ورفع لك درجة.
وأما ركعتاك بعد الطواف فعدل سبعين رقبة من ولد إسماعيل، وأما طوافك
بين الصفا والمروة فكعدل رقبة، وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله عز وجل
يهبط إلى السماء الدنيا، ثم يباهي بكم الملائكة ويقول: "هؤلاء عبادي
جاءوني شعثًا غبرًا من كل فج عميق، يرجون رحمتي فلو كانت ذنوبهم عدد
الرمل أو عدد القطر، أو زبد البحر لغفرتها أفيضوا فقد غفرت لكم ولمن
شفعتم له".
وأما رميك الجمار [فيغفر] لك بكل رمية [رميتها] كبيرة من الكبائر
الموبقات الموجبات.
وأما نحرك فمذخور لك عند ربك.
وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة، ويمحى عنك بها خطيئة" فقال: يا رسول الله: أرأيت إن كانت الذنوب أقل من ذلك؟ قال:
"يذخر لك في حسناتك. وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك،
يأتي ملك حتى يضع كفه بين كتفيك، فيقول لك: أعمل فيما تستقبل فقد غفر
لك ما مضى"1.
وقال الثقفي: أخبرني يا رسول الله قال:
"جئتني تسألني عن الصلاة"، قال: إي والذي بعثك بالحق نبيًا لعنها2 جئت
أسألك. قال:
"إذا قمت إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القرى ص35-36. وما بين حاصرتين منه.
2 كذا في الأصل، أ. ومثله لدى المحب الطبري في القرى ص36. وفي ب
"لعلمها".
ج / 2 ص -7-
الصلاة فأسبغ الوضوء، فإنك إذا تمضمضت انتثرت
الذنوب من شفتيك، وإذا استنشقت انتثرت الذنوب من منخريك، وإذا غسلت
وجهك انتثرت الذنوب من أشفار عينيك، وإذا غسلت يديك انتثرت الذنوب من
أظفار يديك، فإذا مسحت رأسك انتثرت الذنوب من رأسك، فإذا غسلت قدميك
انتثرت الذنوب من أظفار قدميك، فإذا قمت إلى الصلاة فاقرأ من القرآن ما
تيسر، فإذا ركعت فأمكن يديك على ركبتيك، وافرق بين أصابعك واطمأن
راكعًا، فإذا سجدت فأمكن رأسك من السجود حتى تطمئن ساجدا، وصل من أول
الليل وآخره" قال: فإن صليت الليل كله؟
قال:
"فأنت إذًا أنت"1.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني أحمد بن ميسرة المكي، حدثنا يحيى بن سليم
قال: حدثني محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من حج من مكة كان له بكل خطوة
يخطوها بعيره سبعون حسنة، فإن حج ماشيًا كان له بكل خطوة يخطوها
سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، تدري وما حسنات الحرم؟ الحسنة بمائة ألف
حسنة".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني ابن أبي عمر، حدثني إسماعيل بن إبراهيم
الصائغ قال: حدثني هارون بن كعب، عن زيد الحواري، عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس أنه جمع بنيه عند موته فقال. يا بني لست آسى على شيء كما آسى
أن لا أكون حججت ماشيًا فحجوا مشاة قالوا: ومن أين؟ قال من مكة حتى
ترجعوا إليها، فإن للراكب بكل قدم سبعين حسنة، وللماشي بكل قدم سبعمائة
حسنة من حسنات الحرم قالوا: وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بمائة ألف
حسنة، قال أبو محمد الخزاعي: حدثناه ابن أبي عمر بإسناده مثله.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن أخيه علي بن سعيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القرى ص 36-37.
ج / 2 ص -8-
ابن سالم القداح، عن أبيه قال: أخبرني المثنى بن
الصباح، عن عطاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: من طاف بالبيت
سبعًا لم يتكلم فيه، إلا بذكر الله تعالى ثم ركع ركعتين، أو أربعًا كان
كمن أعتق أربع رقاب. وبه عن سعيد بن سالم: أخبرنا إسرائيل بن يونس عن
عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: من
طاف بالبيت سبعًا كان له عدل عتق رقبة من تقبل منه.
ما جاء في الرحمة التي تنزل
على أهل الطواف، وفضل النظر إلى البيت:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي، حدثني داود بن عبد الرحمن قال:
حدثني أبو بكر المقدمي البصري، حدثنا إسماعيل بن مجاهد حدثنا الأوزاعي،
عن حسان بن عطية أن الله عز وجل خلق لهذا البيت عشرين ومائة رحمة
ينزلها في كل يوم فستون منها للطائفين، وأربعون للمصلين وعشرون
للناظرين، قال حسان: فنظرنا فإذا هي كلها للطائفين هو يطوف ويصلي
وينظر.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج
قال: أخبرني موسى بن عبيدة الربذي أخبرنا: عبد المجيد بن عمران العجلي،
عن إبراهيم النخعي، أو حماد بن أبي سلمة قال: الناظر إلى الكعبة
كالمجتهد في العبادة في غيرها من البلاد.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم، وسليم بن مسلم عن
ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ينزل الله عز وجل على هذا البيت كل يوم وليلة، عشرين ومائة رحمة
ج / 2 ص -9-
ستون منها للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون
للناظرين".
قال عثمان: وأخبرني ياسين، عن أبي الأشعث بن دينار، عن يونس بن خباب
قال: النظر إلى الكعبة عبادة فيما سواها من الأرض عبادة الصائم، القائم
الدائم القانت. قال عثمان: وأخبرني ياسين، عن رجل، عن مجاهد قال: النظر
إلى الكعبة عبادة، ودخول فيها دخول في حسنة وخروج منها خروج من سيئة.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي حدثنا سعيد عن عثمان، قال: أخبرني
ياسين، عن أبي بكر المدني عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: النظر إلى
الكعبة محض الايمان.
وبه حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، قال: أخبرني ياسين عن ابن
المسيب قال: من نظر إلى الكعبة إيمانًا، وتصديقًا خرج من الخطايا كيوم
ولدته أمه.
قال عثمان: وأخبرني زهير بن محمد، عن أبي السائب المديني قال: من نظر
إلى الكعبة إيمانًا، وتصديقًا تحاتت عنه الذنوب كما يتحات الورق من
الشجر.
قال عثمان: وأخبرني زهير بن محمد قال: الجالس في المسجد ينظر إلى البيت
لا يطوف به، ولا يصلي أفضل من المصلي في بيته لا ينظر إلى البيت قال
عثمان: وبلغني عن عطاء قال: النظر إلى البيت عبادة، والناظر إلى البيت
بمنزلة الصائم القائم، الدائم المخبت المجاهد في سبيل الله سبحانه.
ج / 2 ص -10-
ما جاء في القيام على باب
المسجد مستقبل البيت يدعو:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: حدثنا
سعيد، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني عثمان بن الأسود قال: كنت مع مجاهد
فخرجنا من باب المسجد، فاستقبلت الكعبة فرفعت يدي فقال: لا تفعل إن هذا
من فعل اليهود.
باب ما جاء في المشي في
الطواف:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج
قال: سألت عطاء عن مشي الإنسان في الطواف فقال: أحب له أن يمشي فيه
مشيه في غيره.
حدثني جدي قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير
يطوف بالبيت فيسرع المشي ما رأيت أحدًا أسرع مشيًا منه، قال الخزاعي:
حدثناه أبو عبيد الله قال: حدثنا سفيان عن عمرو بإسناده مثله.
حدثني جدي عن سليم بن مسلم، عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه، عن ابن
عباس قال: أسعد الناس بهذا الطواف قريش وأهل مكة، وذلك أنهم ألين الناس
فيه مناكب، وأنهم يمشون فيه التؤدة.
ج / 2 ص -11-
باب إنشاد الشعر والإقران في الطواف
الإحصاء، والكلام فيه وقراءة القرآن:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد
بن السائب، عن أمه أنها طافت مع عائشة ثلاثة أسبع فلم تفصل بينها
بصلاة، فلما فرغت ركعت ست ركعات، قالت: فذكر لها نسوة من قريش حسان بن
ثابت، وهي في الطواف فسبوه فقالت: أليس قد ذهب بصره؟ وهو القائل:
هجوت محمدًا فأجبت عنه
وعند اللّه في ذاك
الجزاء
فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء
أتهجوه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء1
قال أبو محمد إسحاق: حدثناه أبو عبيد الله قال: حدثنا سفيان
بإسناده مثله. حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي، عن فضيل بن عياض قال:
حدثنا منصور عن إبرهيم قال: القراءة في الطواف بدعة.
حدثني جدي، عن الزنجي عن ابن جريج، قال: قال عطاء: من طاف بالبيت فليدع
الحديث كله إلا ذكر الله تعالى وقراءة القرآن.
حدثني جدي قال حدثنا: يحيى بن سليم قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن
بن أبي حسين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو في الطواف:
"كم تعد يا فلان؟
ثم قال: "تدري لم سألتك؟" قال: الله ورسوله أعلم. قال:
لكي تكون أحصى لعددك".
حدثني جدي، عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح قال: كان أكثر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الفاكهي 1/ 223.
ج / 2 ص -12-
كلام عمر وعبد الرحمن بن عوف في الطواف،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
حدثني جدي قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة قال: كنت أطوف مع
طاوس فسألته عن شيء فقال: ألم أقل لك؟ قال: قلت: لا أدري. قال: ألم أقل
لك إن ابن عباس قال: إن الطواف صلاة فأقلوا فيه الكلام.
حدثنا إسحاق قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: حدثنا سفيان،
عن منصور عن إبراهيم، عن علقمة أنه قدم مكة فطاف سبعًا فقرأ فيه بالسبع
الطوال، ثم طاف سبعًا آخر فقرأ فيه بالمائتين ثم طاف سبعًا آخر، فقرأ
فيه بالمثاني، قال الخزاعي إسحاق بن أحمد: حدثناه أبو عبيد الله قال:
حدثنا سفيان بإسناده مثله وزاد ثم طاف سبعًا آخر، فقرأ بالحواميم ثم
طاف سبعًا آخر فقرأ إلى آخر القرآن. حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي
قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج عن عطاء قال: القراءة في الطواف شيء
أحدث.
حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: أخبرني زهير بن
محمد، عن عبد الله بن توبة، عن عبد الله بن عمر أنه قيل له: يا أبا عبد
الرحمن ما لنا نراك تستلم الركنين استلامًا، لا نرى أحدًا من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟، قال: إني رأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يستلمهما ويقول: استلامهما يمحو الخطايا، وسمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من طاف سبعًا يحصيه كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، وحطت عنه سيئة
ورفعت له درجة، ثم صلى ركعتين كان له كعتق".
حدثني جدي، عن عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن عبد الملك قال: رأيت سعيد
بن جبير يتكلم في الطواف ويضحك. قال أبو الوليد: كتب إلي عبد الله بن
أبي غسان رجل من رواة العلم من ساكن صنعاء، وحمل الكتاب
ج / 2 ص -13-
إلى رجل ممن أثق به وأملاه بمحضره يقول في
كتابه: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس، عن وهب بن الورد قال: كنت مع سفيان
الثوري بعد العشاء الآخرة في الحجر، فانصرف سفيان وبقيت تحت الميزاب
فسمعت من تحت الأستار، إلى الله أشكو وإليك يا جبريل ما ألقى من الناس
من التفكه حولي بالكلام، وقال في كتابه: وأخبرني يحيى بن سليم، عن
إسماعيل بن أمية قال: لئن عشت وطالت بك حياتك لترين الناس يطوفون حول
الكعبة ولا يصلون. قال: وسمعت غير واحد من الفقهاء يقولون: بني هذا
البيت على سبع وركعتين.
حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء عن ابن
عباس قال: حج آدم فطاف بالبيت سبعًا فلقيته الملائكة فقالوا: بر حجك يا
آدم إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. قال: فما كنتم تقولون في
الطواف؟ قالوا: كنا نقول: سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر قال آدم: فزيدوا فيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله قال:
فزادت الملائكة فيها ذلك قال: فلما حج إبراهيم عليه السلام بعد بنائه
البيت فلقيته الملائكة في الطواف، فسلموا عليه فقال لهم إبراهيم: ماذا
تقولون في طوافكم؟ قالوا: كنا نقول قبل أبيك آدم سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر فأعلمناه ذلك فقال: زيدوا فيها ولا
حول ولا قوة إلا بالله. فقال إبراهيم: زيدوا فيها العلي العظيم ففعلت
الملائكة.
ما جاء في القيام في الطواف:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني أحمد بن ميسرة المكي قال: حدثنا عبد
المجيد بن أبي رواد قال: سألت أبي عن القيام في الطواف فقال: كان عبد
ج / 2 ص -14-
الكريم، بن أبي المخارق أول من نهاني عن
ذلك قال: أخذت بيده فاحتبسته لأسأله عن شيء فأنكر علي ذلك نكرة شديدة،
ووعظني فيه بأشياء قال: فبعثني ذلك على مسألته، فأخبرت إن المطلب بن
أبي وداعة خرج نحو البادية، ثم قدم فرأى ناسًا قيامًا في الطواف
يتحدثون فأنكر ذلك ثم قال: اتخذتم الطواف أندية قال أبي: ثم سألت
نافعًا مولى ابن عمر فقلت: هل كان ابن عمر يقوم في الطواف؟ فقال: لا،
رأيته قائمًا فيه حتى يفرغ منه إلا عند الحجر والركن اليماني، فإنه لا
يدعهما إن يستلمهما في كل طواف طاف بهما.
ما جاء في النقاب للنساء في
الطواف:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي،
عن ابن جريج عن عطاء أنه كره أن تطوف المرأة بالكعبة، وهي متنقبة حتى
أخبرته صفية بنت شيبة أنها رأت عائشة تطوف بالبيت وهي متنقبة فرجع عن
رأيه ذلك وأرخص فيه.
حدثني أحمد بن ميسرة المكي، عن عبد المجيد عن أبيه قال: أخبرني عبد
الكريم بن أبي المخارق أنه كان يكره للنساء التنقب في الطواف.
من نذر أن يطوف على أربع ومن
كره الإقران والطواف راكبًا:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: حدثني سفيان عن عمرو بن
دينار، عن عطاء عن ابن عباس أنه سئل عن امرأة نذرت أن تطوف على أربع
قال: تطوف عن يديها سبعًا وعن رجليها سبعًا.
ج / 2 ص -15-
حدثني جدي قال: حدثنا مسلم بن خالد، عن عبد
الرحمن بن الحارث، عن ابن عياش بن أبي ربيعة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده قال: أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلين مقترنين، قد ربط
أحدهما نفسه إلى صاحبه بطريق المدينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما بال الإقران؟" قالا: يا نبي الله نذرنا أن نقترن حتى
نطوف بالبيت فقال:
"أطلقا قرانكما فلا نذر إلا ما ابتغي به وجه
الله".
حدثني جدي قال: حدثنا سفيان، عن أبي جريج عن عطاء أن أم سلمة زوج النبي
-صلى الله عليه وسلم- طافت بالبيت يوم النحر راكبة من وراء المصلين،
قال أبو الوليد: حدثني جدي قال: حدثنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة عن
أبيه أن أم سلمة طافت بالبيت على بعير.
حدثني جدي قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: طاف رجل بالبيت على
فرس فمنعوه فقال: أتمنعوني أن أطوف على كوكب؟ قال: فكتب في ذلك إلى عمر
بن الخطاب -رضي الله عنه- فكتب عمر أن امنعوه. حدثنا أبو الوليد قال:
حدثني جدي قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: طاف النبي
-صلى الله عليه وسلم- ليلة الإفاضة على راحلته، واستلم الركن بمحجنه
وقبل طرف المحجن وذلك ليلًا.
ما جاء في طواف الحية1:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج عن بشر بن
تيم، عن أبي الطفيل قال: كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى
وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره، وكانت تحبه حبًا شديدًا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أورده ابن ظهيرة في الجامع اللطيف ص 62.
ج / 2 ص -16-
وكان شريفًا في قومه، فتزوج وأتى زوجته
فلما كان يوم سابعه قال لأمه: يا أمت، إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعًا
نهارًا فقالت له أمه: أي بني، إني أخاف عليك سفهاء قريش فقال: أرجو
السلامة فأذنت له فولى في صورة جان، فلما أدبر جعلت تعوذه وتقول:
أعيذه بالكعبة المستوره
ودعوات ابن أبي محذوره،
وما تلا محمد من سوره
إني إلى حياته فقيره
وإنني بعيشه مسروره1
فمضى الجان نحو الطواف فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام
ركعتين ثم أقبل منقلبًا، حتى إذا كان ببعض دور بني سهم، عرض له شاب من
بني سهم أحمر أكشف أزرق أحول أعسر فقتله، فثارت بمكة غبرة حتى لم تبصر
لها الجبال، قال أبو الطفيل: وبلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت
عظيم من الجن قال: فأصبح من بني سهم على فرشهم موتي كثير من قتل الجن،
وكان فيهم سبعون شيخًا أصلع سوى الشباب قال: فنهضت بنو سهم وحلفاؤهم
ومواليها وعبيدها، فركبوا الجبال والشعاب بالثنية فما تركوا حية ولا
عقربًا ولا حكًا ولا عضاية، ولا خنفسًا ولا شيئًا من الهوام يدب على
وجه الأرض إلا قتلوه، فأقاموا بذلك ثلاثًا فسمعوا في الليلة الثالثة
على أبي قبيس هاتفًا يهتف بصوت له جهوري يسمع به بين الجبلين، يا معشر
قريش الله الله فإن لكم أحلامًا وعقولًا اعذرونا من بني سهم، فقد قتلوا
منا أضعاف ما قتلنا منهم ادخلوا بيننا وبينهم بالصلح نعطيهم، ويعطونا
العهد والميثاق أن لا يعود بعضنا لبعض بسوء أبدًا ففعلت ذلك قريش،
واستوثقوا لبعض من بعض فسميت بنو سهم الغياطلة قتلة الجن2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من قوله: "أعيذه" إلى قوله: "مسروره" ورد نثرا في أ، ب. وصوابه من
الجامع اللطيف ص 63، وإخبار الكرام بأخبار المسجد الحرام ص 107.
2 الجامع اللطيف ص 63.
ج / 2 ص -17-
حدثنا أبو الوليد قال: وأخبرني محمد بن
نبيهة السهمي، عن محمد بن هاشم السهمي قال: كنت بمال لي بتبالة أجد
نخلًا لي به، وبين يدي جارية لي فارهة فصرعت قدمي فقلت لبعض خدمنا: هل
رأيتم هذا منها من قبل هذا؟ قالوا: لا. قال: فوقفت عليها فقلت: يا معشر
الجن أنا رجل من بني سهم، وقد علمتم ما كان بيننا، وبينكم في الجاهلية
من الحرب، وما صرنا إليه من الصلح والعهد والميثاق أن لا يغدر بعضنا
ببعض، ولا يعود إلى مكروه صاحبه، فإن وفيتم وفينا، وإن غدرتم عدنا إلى
ما تعرفون. قال: فأفاقت الجارية ورفعت رأسها فما عيد إليها بمكروه حتى
ماتت.
حدثنا أبو محمد قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: حدثني داود
بن عبد الرحمن قال: حدثنا ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن
طلق بن خبيب قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو بن العاص في الحجر،
إذ قلص الظل وقامت المجالس، إذا نحن ببريق أيم طالع من هذا الباب، يعني
باب بني شيبة، فاشرأبت له أعين الناس فطاف بالبيت سبعًا وصلى ركعتين
وراء المقام فقمنا إليه فقلنا: ألا أيها المعتمر قد قضى الله نسكك، وإن
بأرضنا عبيدًا وسفهاء، وأنا نخشى عليك منهم فكوم برأسه كومة بطحاء،
فوضع ذنبه عليها فسما في السماء حتى مثل علينا فما نراه. قال أبو محمد
الخزاعي: الأيم: الحية الذكر1.
قال أبو الوليد: أقبل طاير أشف من الكُعَيْت2 شيئًا لونه لون الحبرة
بريشة حمراء وريشة سوداء دقيق الساقين طويلهما له عنق طويلة، دقيق
المنقار طويله كأنه من طير البحر، يوم السبت يوم سبع وعشرين من ذي
القعدة سنة ست وعشرين ومائتين حين طلعت الشمس، والناس إذ ذاك في الطواف
كثير من الحاج وغيرهم من ناحية أجياد الصغير، حتى وقع في المسجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجامع اللطيف ص61.
2 الكعيت: طائر من جنس البلبل.
ج / 2 ص -18-
الحرام وقريبًا من مصباح زمزم، مقابل الركن
الأسود ساعة طويلة، قال: ثم طار حتى صدم الكعبة في نحو من وسطها بين
الركن اليماني، والركن الأسود وهو إلى الأسود أقرب، ثم وقع على منكب
رجل في الطواف عند الركن الأسود من الحاج من أهل خراسان محرم يلبي، وهو
على منكبه الأيمن فطاف الرجل به أسابيع، والناس يدنون منه وينظرون
إليه، وهو ساكن غير مستوحش منهم، والرجل الذي عليه الطير يمشي في
الطواف في وسط الناس، وهم ينظرون إليه ويتعجبون، وعينا الرجل تدمعان
على خديه ولحيته1.
قال: وأخبرني محمد بن عبد الله بن ربيعة قال: رأيته على منكبه الأيمن،
والناس يدنون منه وينظرون إليه فلا ينفر منهم ولا يطير. وطفت أسابيع
ثلاثة كل ذلك أخرج من الطواف، فأركع خلف المقام ثم أعود وهو على منكب
الرجل، قال: ثم جاء إنسان من أهل الطواف فوضع يده عليه فلم يطر، وطاف
بعد ذلك به، ثم طار هو من قبل نفسه حتى وقع على يمين المقام ساعة
طويلة، وهو يمد عنقه ويقبضها إلى جناحه، والناس مستكفون له ينظرون إليه
عند المقام، إذ أقبل فتى من الحجبة فضرب بيده فيه، فأخذه ليريه رجلًا
منهم كان يركع خلف المقام فصاح الطير في يده أشد صياح وأوحشه، لا يشبه
صوته أصوات الطير ففزع منه، فأرسله من يده فطار حتى وقع بين يدي دار
الندوة خارجًا من الظلال في الأرض قريبًا من الأسطوانة الحمراء، واجتمع
الناس ينظرون إليه وهو مستأنس في ذلك كله غير مستوحش من الناس، ثم طار
هو من قبل نفسه فخرج من باب المسجد الذي بين دار الندوة، ودار العجلة
نحو قعيقعان2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجامع اللطيف ص 62 نقلًا عن المؤلف.
2 الجامع اللطيف ص 62 نقلًا عن المؤلف. |